اخر الاخبار

ان تحديد عبقرية الشاعر اتخذت مدخلاً مترابطاً ما بين الوراثة والبيئة فكلاهما يشترط وجود الآخر ، فلا وراثة بغير اكتساب ، ولا اكتساب بغير وراثة ، فكل ما هو موروث يمكن إدخال التغيير عليه ، وكل ما هو مكتسب لابد من أن يقوم على استعداد فطري ، وفي هذا يقول (سيرل بيرث) بأن السبب النوعي لعبقرية الشاعر هو سبب فطري فإن الفرق بينه وبين بنيٌ جلدته فرق في الدرجة وليس في النوع ، وهذا ما ذهب إليه (ديلاكرو) (De Laecrwa) في امتياز الشاعر بقدرات فطرية خاصة ، ويرى (سويف) أن تحديد عبقرية الشاعر إنما يرجع إلى الإطار باعتباره تنظيم الفعل المتجه من الذات إلى البيئة ، و قد لاحظ (نوفكا) بأن الخبرة لا تدخل أي شكل جديد على السلوك و كل ما هناك أنها تساهم في  الإتمام والترقية فحسب أي لا يزيد أثرها على إدخال التفصيلات والتعريفات على وظيفة موجودة أصلاً ، فثمة اختلاف بين اطلاع الشاعر على الأعمال الشعرية وبين اطلاع الشخص الاعتيادي عليها مما يميز بوضوح فكرة التنظيم لعملية الاطلاع لدى الشاعر ..ويرى  ليفين أن للشاعر القدرة الممتازة على إدراك الأبنية ومن ثم ازدياد القدرة على التجريد ولهذا توجد صلة متينة بين جهاز الإدراك والجهاز الحركي لكي يؤدي إلى ظهور البناء والتنظيم بشكل واضح من ناحية النشاط الحركي ، ويبرز ذلك في المناطق الأشد استعداداً لقبول الاستجابة ويبدو أن هناك إمكانية للافتراض بأن لدى الشاعر امتيازاً خاصاً من الصلة بين الجهاز الإدراكي والجهاز الحركي ، ولا شك في أن هناك نصيباً من الصحة للرأي الشائع عن الشعراء والقائل بأنهم مرهفون ، سريعو الانفعال ، ولهذا فأن العلاقة بين التهويم والواقع عند العبقري تتضمن ازدياد جانب التهويم، وبهذا يمكن تأليف الأساس الفطري للإطار الشعري الذي يكتسبه الشاعر كونه معنون تبعاً لمتغيرات مجتمعة ، فهو شخص تنتظم علاقته بمجاله الاجتماعي بحيث تبرز لديه ((الحاجة إلى النحن)) والتي تكون ناتجة عن أسباب بينية و أسباب شخصية... ويمكن أن يحدث الإبداع في فترات عمرية واسعة ، فقد يمتد سبعة عقود من عمر الإنسان بدءاً من سن الخامسة عشرة وحتى التسعين وعندما يتعلق الأمر بتعيين الحد الأدنى للعمر الذي يحصل فيه الإبداع ، فإن المشكلة التي يتم طرحها هي علاقة النتاج الإبداعي بالمرحلة العمرية في سن مبكرة ، وفي مجال النتاجات الإبداعية في مجال الشعر؛ يمكن أن تظهر في سن مبكرة ، ولقد بدأ  إيمينسكو في نشر قصائده وهو في سن السادسة عشرة ، أما  إينسكو  فقد ألف أسلوب القصيدة الرومانية وهو في الخامسة عشرة ، أما حالات الإبداع التي تحدث في سن متأخرة فيمكن الاستشهاد بكتابات (مارك توين وهو في سن الواحدة والسبعين وكتابات (غوته) وهو في الثانية والسبعين وبين الحد الأدنى والحد الأعلى للنتاج الإبداعي فأن هذا النتاج لا يتوزع على وفق قاعدة دقيقة ومنظمة ، فحسب فالمعطيات التي أوردها (ليمان وآخرون) تبين أن النتاجات الإبداعية تنمو باستمرار حتى عمر (30-40)  سنة، ثم تأخذ بعد ذلك  بالهبوط التدريجي. ولقد أعطى (ليمان) بعضاً من التفسيرات لنتاج أبحاثه ، فمثلاً أن هبوط الخط البياني للإنجازات المميزة مع تقدم العمر يمكن أن تكون بسبب تغير الدافعية ، أو إلى تناقص الحيوية والليونة مع تقدم العمر مثل الهبوط في النشاط الفيزيائي ، وانخفاض العقبات الحسية والصحة العامة.