اخر الاخبار

شهدت محافظات عدة في الوسط والجنوب وإقليم كردستان، خلال الأيام الماضية، سلسلة احتجاجات واسعة ومتنوعة المطالب، عكست حجم الضغوط الاقتصادية والاجتماعية التي يعانيها المواطنون بمختلف شرائحهم، من فلاحين وجرحى وذوي ضحايا تشرين وأهالي مناطق ريفية، وصولاً إلى أصحاب الأراضي المتنازع عليها مع المستثمرين. هذه التحركات الجماهيرية التي جرت في النجف والديوانية والسماوة وبابل والكوت والناصرية والبصرة والسليمانية، تمحورت حول قضايا أساسية مثل المياه والحقوق الزراعية، وتوزيع الأراضي، والخدمات الأساسية، إضافة إلى نزاعات ملكية متعثرة منذ أكثر من عقد.

احتجاجات الفلاحين

شهدت محافظات الفرات الأوسط والجنوب، وقفات احتجاجية حاشدة نظمها اتحاد الجمعيات الفلاحية أمام مديريات الزراعة، شارك فيها مئات الفلاحين من النجف والديوانية والسماوة وبابل والكوت والناصرية، مطالبين بتنفيذ حزمة من الحقوق والاستحقاقات المتأخرة.

وطالب المحتجون الحكومة بالضغط على تركيا من اجل إطلاق حصة العراق المائية وفق الاتفاقيات الدولية الخاصة بالمياه، وصرف التعويضات للفلاحين الذين مُنعوا من الزراعة خلال عام 2023 أسوة بما جرى في عام 2022. كما دعوا إلى تسديد مستحقاتهم عن محصول الحنطة للموسم الماضي، والإسراع في تحديد الخطة الزراعية للموسم الشتوي التي لم يُبت بها حتى الآن، مع احتساب الأضرار التي لحقت بالفلاحين المحرومين من الزراعة. كذلك شددوا على ضرورة مراعاة أوضاعهم فيما يتعلق بأجور السقي التي تُستقطع منهم رغم أن أراضيهم لم تُزرع، فضلاً عن إعفائهم من أجور الكهرباء وضمان تجهيزهم بالطاقة في فترات السقي وفق محددات زمنية منتظمة.

وقال محسن عبد الأمير، رئيس جمعية فلاحي النجف، "خرجنا أمام مديرية زراعة النجف لنطالب باستحقاقات مشروعة، منها إلزام الجانب التركي بإطلاق حصتنا المائية، وصرف التعويضات لعام 2023 كما حصل في العام السابق".

وأضاف أن "الفلاحين يواجهون أعباءً كبيرة، منها أجور الكهرباء المرتفعة، فضلاً عن رسوم استحصال أجور السقي من أراضٍ جافة متوقفة مضخاتها عن العمل"، مشيرا إلى أن "غياب خطة واضحة للزراعة هذا العام أدى إلى موجة هجرة متزايدة من الريف إلى المدن، وهو ما يعكس فشل السياسات الزراعية المتبعة".

واكد أن "الفلاحين يناشدون الحكومة المركزية والحكومات المحلية وأعضاء مجلس النواب للوقوف معهم وإنصافهم ورفع الحيف عنهم".

احتجاجات جرحى وذوي شهداء تشرين

وتظاهر العشرات من جرحى وذوي ضحايا تظاهرات تشرين، في ساحة الصدرين وسط مدينة النجف، للمطالبة بتوزيع قطع الأرض السكنية المخصصة لهم منذ أشهر دون حسم.

وقال عدد من المتظاهرين في حديث إلى وسائل الإعلام، إن "عدد الجرحى المسجلين يبلغ ستة، فيما يبلغ عدد الشهداء عشرين، وقد التقينا بمحافظ النجف الذي أبلغنا بأن عملية التخصيص من مسؤولية البلدية، فيما التوقيع النهائي من صلاحياته".

وأضافوا أن "البلدية بدورها ردت بأن المحافظ يجب أن يوقع أولاً حتى يتم إكمال معاملة التخصيص، الأمر الذي تسبب بتعطيل الملف منذ مطلع عام 2025 وحتى الآن".

وأشار المحتجون إلى أن "الأقضية والمدن الأخرى في المحافظة وزعت بالفعل الأراضي على مستحقيها، في حين بقي ملف جرحى وذوي شهداء تشرين في مركز مدينة النجف معطلاً من دون مبررات واضحة"، مطالبين الحكومة المحلية بالإسراع في حسم الموضوع وإنصافهم.

وأكد المتظاهرون أن تحركاتهم ستتواصل حتى نيل حقوقهم المشروعة، داعين الجهات المعنية إلى تحمل مسؤولياتها القانونية والإنسانية تجاه هذه الشريحة التي "قدمت تضحيات كبيرة من أجل المطالبة بالإصلاح والعدالة الاجتماعية".

احتجاجات أهالي المفاتي

ونظم العشرات من أهالي منطقة المفاتي في ناحية النشوة بمحافظة البصرة، وقفة احتجاجية عند الرقعة التاسعة من حقل الفيحاء النفطي، قاموا خلالها بمنع صهاريج الماء من الدخول إلى داخل الحقل.

وقال المحتجون، إن وقفتهم تأتي اعتراضاً على عدم إيصال أنبوب الماء من النهر الإروائي المار بأراضيهم عبر بوابة الحقل وربطه بمشروع ماء المفاتي، مؤكدين أن المشروع من شأنه أن يوفر المياه الصالحة للشرب لأكثر من 8 آلاف نسمة في المنطقة.

وطالب الأهالي الجهات الحكومية والشركة المشغلة للحقل بسرعة الاستجابة لمطالبهم، مشيرين إلى أن استمرار تجاهل هذا الملف سيجبرهم على تصعيد احتجاجاتهم.

احتجاجات أصحاب الأراضي

شهدت منطقة غرب السليمانية، تجمعاً لعشرات المواطنين المحتجين على ما وصفوه بـ"استيلاء" أحد المستثمرين على أراضيهم منذ أكثر من عشر سنوات، دون أن يحصلوا على أي حقوق مالية أو قانونية.

وقال ممثل المحتجين، سوركيو عمر، إن "نحو 780 دونماً من الأراضي تعود إلينا ولعوائلنا، جرى الاتفاق قبل أكثر من عقد مع أحد المستثمرين على استثمارها مقابل ضمان حقوقنا، إلا أن الأخير استولى على الأرض طوال هذه الفترة دون أن يعيد لنا أي مردود مادي أو قانوني".

وأضاف أن وفداً من الشركة أبلغهم مؤخراً بأن حقوقهم لن تُعاد، متسائلاً عن سقف زمني واضح يحدد كيفية استرجاع حقوقهم.

وأوضح عمر أن "مطالب المحتجين تنحصر في خيارين؛ إما إعادة الأراضي إليهم، أو استثمارها بطريقة تكفل حقوقهم عبر وجود ضامن رسمي يحمي مصالحهم".