إرم نيوز
كشفت مصادر سياسية عراقية خاصة لـ"إرم نيوز" أن الاجتماعات الأخيرة داخل الإطار التنسيقي شهدت أعلى درجات التوتر منذ بدء مفاوضات تشكيل الحكومة، بعدما أصبح واضحًا أن الصراع على رئاسة الوزراء خرج من إطار التوافق التقليدي إلى مواجهة مباشرة بين رئيس الوزراء المنتهية ولايته محمد شياع السوداني، وزعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي.
وتقول المصادر إن اللجنة الخاصة التي شُكلت داخل الإطار لتقريب وجهات النظر "لم تتقدم خطوة واحدة نحو الحسم"، مشيرةً إلى أن "كل اجتماع ينتهي بتصلّب أكبر في مواقف الطرفين، وبروز إشارات إلى أن أي تنازل سيكون مكلفًا سياسيًّا".
وبحسب المصادر، فإن الأطراف الوسطية داخل الإطار – مثل الفتح والعصائب – حاولت دفع الأمور نحو توافق مشروط يقوم على الإبقاء على السوداني مقابل ضبط ملف الفصائل تحت إشراف المالكي، أواختيار اسم ثالث توافقي، إلا أن كلا المقترحين اصطدم برفض قاطع من الطرفين؛ السوداني يصرّ على ولاية ثانية، والمالكي يعتبر اللحظة "فرصة سياسية لا تتكرر" للعودة إلى رئاسة الوزراء.
معادلات قوة مختلفة وضغوط متعاكسة
تشير المعلومات التي حصل عليها "إرم نيوز" من مصادر سياسية مطلعة على أجواء الاجتماعات الأخيرة، إلى أن موازين القوة داخل الإطار ليست محسومة خلافًا لِما يروج له كل فريق.
فالسوداني يحظى بدعم واضح من ائتلاف الإعمار والتنمية، وفصائل تميل إلى خيار "التهدئة" مع واشنطن، وشخصيات ترى أنه نجح في تحسين الخدمات والتوازن الدبلوماسي. وتؤكد المصادر أن رئيس الوزراء المنتهية ولايته "تلقى إشارات إيجابية من عواصم غربية وإقليمية" بأنه خيار مناسب للمرحلة الحالية؛ ما عزّز تمسكه بالمنصب.
أما المالكي، فيعتمد من جهته، على ثلاث ركائز حاسمة؛ وهي دعم جزء كبير من الفصائل المسلحة التي ترى فيه "ضمانة إستراتيجية"، وشبكة نفوذ راسخة داخل الإطار، وقناعة بأن العودة إلى السلطة تمنحه القدرة على إدارة ملف دمج السلاح من موقع قوة وليس من موقع تفاوضي.
وتقول المصادر إن "المالكي مقتنع أن الأمريكيين لا يملكون هامشًا لفرض رئيس وزراء، وأن حساباتهم الأمنية قد تجعلهم يقبلون بالأمر الواقع إذا حُسم داخل الإطار".
السنّة والأكراد.. لاعب حاسم
تؤكد مصادر خاصة من بغداد لـ"إرم نيوز" أن القوى السنّية والكردية باتت تمثل وزن الترجيح في هذه المعركة الداخلية الشيعية، وأن الطرفين لا ينويان إعلان موقف نهائي قبل اتضاح ميزان القوة الفعلي داخل الإطار.
تكشف المصادر أن غالبية القوى السنّية تميل إلى السوداني، "بسبب التجربة الإيجابية في إدارة الملفات المشتركة وتقديم ضمانات اقتصادية". لكن عددًا من القيادات بدأ يفتح قنوات تواصل مع المالكي، في حال بدا أن عودته باتت أمرًا واقعًا، مقابل "تعهدات سياسية واسعة".
وتضيف المصادر أن السنّة "لن يدخلوا في مواجهة مع أي طرف شيعي"، وأنهم سيعلنون موقفهم "بعد لحظة الحسم داخل الإطار وليس قبلها".
أما القوى الكردية، وخاصة الحزب الديمقراطي الكردستاني، فترى في السوداني "شريكًا أكثر قابلية للتفاهم"، بينما يفضّل الاتحاد الوطني "التريث"، مع استعداد للتعامل مع المالكي إذا كان هو المرشح النهائي.
وبحسب المصادر، فإن أربيل "لن تخسر علاقتها مع واشنطن عبر دعم مرشح قد يُقرأ أنه تحدّ للإدارة الأمريكية"، في إشارة غير مباشرة إلى المالكي.
اسم ثالث أم مواجهة مفتوحة؟
توضح المصادر المقربة من "الإطار التنسيقي" أن الإطار أمام 3 سيناريوهات: الأول، هو استمرار السوداني، وهو الأكثر ترجيحًا وفق تقدير المصادر، إذا ما شعر الإطار أن السنّة والأكراد سيذهبون باتجاه دعمه، خاصةً إذا ترافقت ولايته الثانية مع ضمانات واضحة للفصائل حول "عدم المساس بالتوازن الأمني".
السيناريو الثاني، يتمثل بعودة المالكي، وهو سيناريو يعتمد على قدرة المالكي على جذب دعم شيعي واسع، ثم انتزاع صمت أو حياد إقليمي ودولي. لكنه يبقى محفوفًا بمخاطر داخلية كبرى، وقد يفتح مواجهة سياسية بين القوى الشيعية نفسها.
أما السيناريو الثالث، فيكمن في اسم ثالث توافقي، وهو خيار بدأ يُناقَش بجدية، خاصة إذا استمرت المفاوضات في طريق مسدود، وقد يشمل أسماء من الصف الثاني داخل الإطار.
وتخلص المصادر إلى أن قرار الإطار لن يُحسم قبل مصادقة المحكمة الاتحادية على نتائج الانتخابات، وأن هناك ضغوطًا حقيقية لتأخير التصديق بهدف إطالة أمد التفاوض وكسب الوقت لإعادة ترتيب التحالفات.