اخر الاخبار

الصفحة الأولى

رائد فهمي: المنظومة الحاكمة فقدت القدرة على إدارة صراعاتها.. المحاصصة تُعيد إنتاج أزماتها داخل قبة البرلمان منبر التشريع والرقابة تحوّل إلى ساحة صراع طائفي

بغداد - طريق الشعب

في مشهدٍ يعكس عمق الأزمة السياسية التي تعصف بالبلاد، تحوّلت قبة البرلمان، امس الاول، إلى ساحة صراع مفتوحة، تسودها لغة التراشق الطائفي والمشادات الكلامية، بدل أن تكون منبرًا للتشريع والرقابة والحفاظ على مصالح الشعب؛ فجلسة الثلاثاء التي كان يُفترض أن تناقش قوانين مهمة، كشفت حجم الانحدار المؤسسي والأخلاقي الذي يعيشه مجلس النواب، بعدما بات أقرب إلى "مسرح للفوضى والانقسام" منه إلى مؤسسة دستورية رصينة.

وفيما يئنّ المواطنون تحت وطأة أزمات اقتصادية وأمنية خانقة، يغرق ممثلوهم في صراعات عقيمة، تعكس انسداد أفق المنظومة السياسية القائمة على المحاصصة، وتضع شرعية البرلمان على المحك، بل وتهدد ثقة الشارع بكل ما تبقى من ركائز الدولة.

استفحال أزمة منظومة المحاصصة

يقول الرفيق رائد فهمي، سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي، إنّ "ما شهدناه أمس الاول في مجلس النواب، يُشير إلى وضعٍ بائسٍ ومثير للأسى، يكشف إلى أين وصلت المؤسسة التشريعية، وهي مؤسسة أساسية وركيزة من أهم ركائز النظام الديمقراطي ونظام الدولة".

ويضيف في حديث لـ"طريق الشعب"، "لاحظنا ليس فقط السلوك المشين لبعض النواب، والذي وصل إلى حد التراشق بالمفردات والصراع بالأيدي والاشتباك، وإنما أيضًا – وربما هذا الأخطر – اللغة التي استُخدمت: لغة طائفية بامتياز، تصدر عن ممثلين ونواب يُفترض أنهم يُمثلون الشعب".

ويشير الى ان "هذا يُعبر عن الأزمة المستفحلة لمنظومة حكم المحاصصة في المؤسسات التشريعية والتنفيذية، والتي تظهر تداعياتها في هذه الأحداث المتلاحقة من حرائق، وصفقات فساد، وفضائح على كل المستويات، وفي التدهور الأمني، وتقاطع عمل واداء المؤسسات العسكرية والامنية، بل وحتى داخل المؤسسة القضائية".

ويؤكد أن "المنظومة الحاكمة التي تعاني من أزمة بنيوية، اليوم باتت تفقد القدرة على إدارة صراعاتها، ويبدو أن الصراعات البينية تتفاقم داخل كل هذه الأطياف والأحزاب الطائفية، سواء السنية أو الشيعية أو غيرها"، مشيرا الى ان "ما يحدث الآن هو ناقوس إنذار لكل المواطنين، ليشعروا أن هذه المنظومة، التي تحاول عبر هيمنة المال السياسي واستخدام النفوذ وموارد الدولة في الملف الانتخابي، أن تجعل من الانتخابات المقبلة أداة لتدوير الوجوه، لا أداة لإحداث انتقال نوعي وتغيير فعلي في الوضع السياسي".

ويعد الرفيق فهمي، أن ما يحصل يمثل "تحدّيا كبيرا، لكنّه أيضًا مسؤولية كبيرة تقع على عاتق الناس، ليس فقط من خلال المشاركة في العملية الانتخابية، بل في مختلف مجالات الحياة"، لافتا الى أن "هذا المجلس لم يُشرّع سوى القوانين الإشكالية، القوانين الجدلية التي تُقسّم المجتمع العراقي، في الوقت الذي يواجه فيه العراق تحديات خطيرة جدًا خارجيًا، تمس سيادته وثرواته وحتى تماسكه الوطني".

ويختتم الرفيق رائد فهمي حديثه بأن "الظروف الراهنة تحتم اعلاء كلمة الوطنية والمواطنة، وكل ما يوحّد العراقيين. لكننا نلاحظ أن هؤلاء يذهبون في الاتجاه المعاكس تمامًا، فيكرّسون الطائفية ويؤججون الانقسام المجتمعي، ويجعلون العراق مكشوفًا وفريسة سهلة لكل الأجندات، بالإضافة إلى أجنداتهم الداخلية التي تقوم على إدامة الفساد، والمحسوبية، وتفكك الدولة".

استقطاب طائفي

من جهته، اتهم الاكاديمي والمحلل السياسي د. جاسم الموسوي، مجلس النواب بـ"تحويل مقر السلطة التشريعية إلى ساحة للتجاذبات الطائفية"، معتبراً أن ما جرى اخيراً من تراشق وخطابات انفعالية يعكس "الهوية الحقيقية لأعضاء في البرلمان الذين ما زالوا رهائن لمشاريعهم الطائفية ومعتقداتهم الضيقة، بدلًا من الارتقاء إلى مستوى المسؤولية الوطنية".

وقال الموسوي في حديث مع "طريق الشعب"، إن “ما يحدث داخل البرلمان يتجاوز كونه خلافاً سياسياً طبيعياً، ويمكن القول انه ارتدادٌ خطير إلى نزاعات طائفية كامنة في ذاكرة وسلوك كثير من النواب، وهو ما يكشف عن فشل عميق في بناء مشروع الدولة ومأسسة العمل النيابي وفق مبادئ المواطنة”.

وأضاف أن البرلمان بات عاجزاً عن تقديم أي إنجاز تشريعي أو رقابي، وأن “الشرعية الوحيدة التي يسعى إليها كثير من أعضائه هي شرعية الظهور الإعلامي ودغدغة مشاعر المواطنين، فهم يبحثون عن شرعية طائفية لا شرعية الإنجاز أمام المواطن”.

وأشار الموسوي إلى أن ما وصفه بـ”التحشيد الطائفي” لم يأتِ بدافع ديني أو عقائدي صادق، بل بدافع انتخابي بحت، قائلاً: “هؤلاء النواب لا يتمسكون بعقائدهم بقدر ما يستثمرونها كأداة هروب من فشلهم المزمن في التشريع والرقابة”.

وأكد أن الدورة النيابية الحالية هي “الأسوأ على الإطلاق”، بسبب غياب أي دور رقابي فعّال، وعدم مساءلة أي مسؤول حكومي أو استضافة وزير واحد، فضلًا عن استغلال المنصب البرلماني لمصالح شخصية بدلًا من توظيفه في خدمة الدولة.

عمل مخزٍ

وفي السياق، وصف القاضي المتقاعد وعضو مجلس النواب السابق وائل عبد اللطيف ما جرى داخل قبة البرلمان من تراشق طائفي وعراك لفظي بأنه “عملٌ مخزٍ” يسيء لمكانة مجلس النواب، ويفضح حجم التراجع السياسي الذي تعانيه الدولة، مؤكداً أن ما صدر من سلوكيات لا يعبّر عن مؤسسة تمثّل الشعب بكل مكوناته، بقدر ما ينوه الى ان هذه المؤسسة امست تمثل اطرافا وزعامات وأفرادا ما زالوا أسرى للطائفية والانتماء الضيق.

وقال عبد اللطيف لـ"طريق الشعب"، ان “ما شاهدناه من تصرفات لا يليق بمن يُفترض أنه يمثّل العراقيين جميعاً، بغض النظر عن الدين أو المذهب أو اللون أو الطبقة الاجتماعية. هذا البرلمان كان من المفترض أن يكون فوق هذه الانقسامات لا أن يغرق فيها”.

وأضاف أن “الأساس الذي بُني عليه الدستور، وخصوصاً في باب الحقوق والحريات، ينص على أن العراقيين متساوون في الحقوق والواجبات. فكيف ننتظر من المواطن أن يؤمن بالمواطنة والدولة، إذا كانت السلطة التشريعية نفسها عاجزة عن التحرر من الطائفية؟”

وأكد أن الدورة النيابية الحالية محمّلة بالضعف والانقسام، متأملا أن تكون "الدورة المقبلة مختلفة، وأن تستعيد شيئاً من المهنية التي كانت حاضرة في دورات سابقة".

صراع يكرّس الانهيار المؤسسي

الى ذلك، حذّر الخبير القانوني والمراقب للشأن السياسي، أمير الدعمي من أن ما يشهده مجلس النواب، اليوم، لا يمكن عزله عن مشهد أوسع من الانهيار المؤسسي الذي يضرب بنية الدولة العراقية، مؤكدًا أن ما يحدث داخل البرلمان من انقسامات وصراعات طائفية يُعبر عن أزمة وخلل عميق يشمل الحكومة والمؤسسة التشريعية معاً.

وقال الدعمي في حديث لـ"طريق الشعب"، إنّ “الصراع الدائر في مجلس النواب بلغ مستويات غير مسبوقة من الانحدار، خصوصاً حين يُدار بخطاب طائفي متدنٍّ ومكشوف"، مشيرا إلى أن “هذا الانفلات مرتبط بصراع محتدم في هيئة الرئاسة نفسها، وهو ما انعكس على الأداء التشريعي، وأدى إلى شلل واضح في إدارة الجلسات”.

وأضاف أن “هذا التنافس على رئاسة البرلمان لا يجري بشكل مؤسسي، بل يجري عبر أدوات سياسية تضغط خلف الكواليس بواسطة قوى سياسية متنفذة وتسعى لإفشال البرلمان من الداخل”.

وكرر الدعمي وصف الدورة البرلمانية الحالية بأنها “الأسوأ على الإطلاق”، مشيرًا إلى غياب كامل للدور الرقابي، وتوقف تمرير التشريعات، وافتقار البرلمان لأي تحرّك فعلي منذ أكثر من عام، معتقدا أن “حلّ البرلمان قبل 45 يوماً من موعد الانتخابات القادمة قد يكون الخيار الأفضل لإنقاذ ما تبقى من المشهد السياسي”.

فيما اعتبر النائب السابق أيوب الربيعي أنّ جلسة الثلاثاء بعثت رسائل سلبية للرأي العام، تتمحور حول "تكريس حجم الانقسام والاحتدام بين الكتل السياسية"، محذرا من أن تقود هذه التوترات إلى ردات فعل غير محسوبة.

**************************************

راصد الطريق.. كلها تحذّر.. من الفاعل؟!

قرر الإطار التنسيقي رفع توصية إلى الرئاسات الأربع لإقرار لائحة "ضمانات نزاهة الانتخابات"، تتضمن بنودًا تهدف -بحسب قوله - إلى منع استغلال السلطة والمال العام في الحملات الانتخابية. أبرز ما في اللائحة: وقف توزيع الأراضي، إيقاف التعيينات والتنقلات، خصوصًا في وزارتي الدفاع والداخلية، وحظر استخدام سيارات الدولة للدعاية الانتخابية.

وقدمت رئاسة الجمهورية ثمانية مقترحات للإطار، بالتفاهم مع رئيس الحكومة، للحد من استغلال النفوذ في الانتخابات، شملت إيقاف الشمول الجديد بالرعاية الاجتماعية، التعاقدات، كتب الشكر الجماعية، وتقييد الترويج الانتخابي باستخدام إمكانات الدولة وكوادرها، كما حذّر أحدهم من "إنفاق الأموال الطائلة في الحملات"، معتبرا ذلك مدخلاً للفساد والابتزاز، ومصدر انحراف للمؤسسة التشريعية عن مهامها.

هذه التحذيرات وغيرها هي إقرار فعلي بوقوع مثل هذه الممارسات تمثل فساداً متعدد الأنماط دون شك.

السؤال هنا من يمارس مثل هذه الموبقات التي يجري التحذير منها من قبل الكل؟

العبرة ليست في الإعلان أو التحذير، بل في السلوك العملي وتقديم قوة المثل المفقودة، فلا فائدة من التحذيرات خاصة وأنها تصدر من جهات متنفذة وحاكمة؟

قولوا للناس بشكل واضح وصريح مَن يرتكب كل تلك الأفعال المشينة، واغلب الظن أنهم ليسوا من المواطنين المغلوبين على امرهم، ولا من مرشح يجمع التبرعات لحملته الانتخابية.

لن تأخذ الناس كل هذا على محمل الجد ما لم يقرن القول بالفعل؟

***********************************************

الصفحة الثانية

المفوضية تحدد السبت المقبل موعدًا لقرعة أرقام الكيانات السياسية

بغداد ـ طريق الشعب

حددت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، يوم السبت المقبل، موعدًا لإجراء قرعة منح الأرقام الانتخابية للتحالفات والأحزاب والقوائم المنفردة المتنافسة على المقاعد العامة ومقاعد الأقليات، وذلك في إطار التحضيرات المتواصلة للانتخابات المقبلة.

وقالت المفوضية في بيان إن عدد التحالفات المسجلة بلغ 31 تحالفًا انتخابيًا، فيما بلغ عدد الأحزاب السياسية المسجلة 38 حزبًا، في حين بلغ عدد المرشحين الأفراد المسجلين 79 مرشحًا، من بينهم 23 مرشحًا ضمن الدائرة العامة، و56 مرشحًا يمثلون مكونات محددة.

وأوضحت المتحدثة باسم المفوضية، جمانة الغلاي، أن قرعة الأرقام ستُجرى صباح السبت المقبل في فندق المنصور ميليا ببغداد، عند الساعة الحادية عشرة صباحًا، بحضور ممثلي الكيانات السياسية ووسائل الإعلام.

وكشفت الغلاي أن المفوضية ستُجري المحاكاة الأولى للتصويت العام يوم العاشر من آب الجاري، في 1079 مركز تسجيل، إضافة إلى 20 مكتبًا انتخابيًا موزعة على المحافظات، مشيرة إلى أن كل محافظة ستشهد فتح محطة مخصصة للتصويت الخاص بالتنسيق مع الجهات الأمنية.

وبيّنت الغلاي أن المفوضية تواصل تحليل ومطابقة بيانات الناخبين المسجلين بايومتريًا خلال عام 2024، وكذلك من قاموا بتحديث بياناتهم في عام 2025، موضحة أن البيانات الجاهزة تُرسل على شكل وجبات إلى الشركة المختصة بطباعة البطاقات البايومترية.

وأكدت أن عملية توزيع البطاقات الانتخابية ستنطلق في شهر أيلول المقبل، عبر جميع مراكز التسجيل البالغ عددها 1079 مركزًا في عموم البلاد.

********************************************

احتجاجات غاضبة في واسط وميسانضد الفساد والإهمال الخدمي

متابعة ـ طريق الشعب

شهدت محافظتا واسط وميسان تظاهرات شعبية غاضبة، على خلفية قضايا تمسّ حياة المواطنين وحقوقهم بشكل مباشر، ففي الكوت، أغلق العشرات من منتسبي الصحوات والخريجين بوابة مبنى المحافظة، رفضاً لما وصفوه بـ"تعيينات وهمية"، بينما شهدت ناحية المشرح شرق ميسان تظاهرة أخرى لمواطنين وسائقين غاضبين، مطالبين بإنهاء معاناة الطريق الرابط بين العمارة ومنفذ الشيب، والذي بات يُشكل تهديدًا يوميًا لأرواح المارة، في ظل الصمت الرسمي قبل أسابيع قليلة من زيارة الأربعين.

واسط

وأغلق العشرات من منتسبي الصحوات والخريجين، بوابة مبنى محافظة واسط وسط مدينة الكوت، احتجاجاً على ما وصفوه بـ"القرارات الوهمية" الصادرة عن المحافظ السابق، والتي تضمنت تعيينهم بأوامر إدارية لم يُعترف بها لاحقًا. واندلعت التظاهرة الغاضبة عند مدخل المحافظة، وسط انتشار أمني مكثف من أفواج الطوارئ والأجهزة الأمنية، حيث منع المتظاهرون الموظفين من الدخول إلى مبنى المحافظة، مما تسبب بتعطيل العمل الرسمي ووقوع احتكاكات مع عناصر حماية المبنى.

وقال مراسل "طريق الشعب"، شاكر القريشي، ان التوترات تصاعدت بعد اعتداء بعض الحراس على المتظاهرين السلميين، فيما ردّت القوات الأمنية بإطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع، ما أدى إلى اشتباكات بالأيدي وحرق الإطارات في محيط البوابة.

وأفاد أحد المتظاهرين لـ"طريق الشعب"، رافضاً الكشف عن اسمه، بأن المحافظ السابق أصدر أمراً إدارياً يحمل الرقم (10808) بتاريخ 29/12/2023 يقضي بتعيين نحو 2000 من منتسبي الصحوات، في خطوة اعتُبرت تمهيداً لحملته الانتخابية لعام 2024.

وأضاف "لقد تسلمنا الكي كارد والموافقات، لكن بعد فترة طويلة تبيّن أن التعيينات كانت وهمية وغير قانونية، واليوم نطالب بمحاسبة جميع المتورطين في هذا الفساد".

وحذر المتظاهرون من تصعيد احتجاجاتهم في حال عدم الاستجابة لمطالبهم، مشيرين إلى أنهم قد يقدمون على إغلاق المحافظة ومجلسها بشكل كامل خلال الأيام المقبلة.

ميسان

من جانبهم، تظاهر أهالي ناحية المشرح ومستخدمو طريق (عمارة – مشرح – منفذ الشيب) شرق محافظة ميسان، لمطالبة الجهات المعنية بالتدخل العاجل لمعالجة مخاطر الطريق الذي تحوّل إلى مسار واحد بسبب أعمال الصيانة، ما أدى إلى تزايد الحوادث المرورية، خصوصًا خلال ساعات الليل، وسط مخاوف من تفاقم الأزمة مع قرب انطلاق زيارة الأربعين.

ويُعد الطريق محورًا حيويًا على المستويين الزراعي والخدمي، حيث يربط مدينة العمارة بمنفذ الشيب الحدودي، ويستخدمه الزائرون الإيرانيون الوافدون إلى العراق خلال المناسبات الدينية، إضافة إلى مركبات نقل البضائع والمزارعين وسكان المنطقة.

وأشار سائقون إلى أن المرور في الاتجاهين عبر ممر واحد ضاعف من خطورة التجاوز، ما يهدد أرواح المواطنين يوميًا.

*****************************************

شيوعيو الثورة يتفقدون الرفيق فاضل الموسوي

بغداد – طريق الشعب

زار وفد من اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في مدينة الثورة، الرفيق فاضل الموسوي (أبو سلام) في منزله، وذلك للاطمئنان على صحته.

وتمنى الوفد للرفيق وافر الصحة والعافية. وضم كلا من الرفاق فؤاد سلهو ومؤيد حسن ووجيه جبار داغر.

***************************************

مواساة

عائلة الرفيق الراحل حمدي كريم (ابو كريم)

بألم وحزن عميقين تلقينا نبأ وفاة الرفيق حمدي كريم (ابو كريم)، سكرتير المختصة الزراعية -الفلاحية في محافظة البصرة.

في هذه الخسارة نتقدم بخالص العزاء والمواساة لكم ولأفراد العائلة كافة ولرفاق الفقيد واصدقائه، راجين للجميع الصبر والسلوان، وللرفيق الراحل ابو كريم دوام الذكر الطيب.

المختصة الزراعية الفلاحية المركزية

5/٨/2025

************************************

كل خميس.. تدوير السلطة: صناعة الشرعية الزائفة

جاسم الحلفي

يصل المتنفذ إلى كرسي السلطة محمولاً على وعود براقة، لا تختلف في جوهرها عن وعود من سبقوه في التسلط. يُخرج من أدراج الحكومة البرنامج والمنهاج الوزاري السابقين، وينفض التراب عنهما، ويعيد تقديمهما إلى مجلس النواب من دون أن يغيّر فيهما حرفاً واحداً، وكأن الزمن متوقف منذ بداية لعبة الديمقراطية التي تحولت إلى مسرح شكلي لتسمية الوزراء وتوزيع المناصب.

مجلس النواب الغارق في صفقات المحاصصة وتقاسم الغنائم، يمرر الوثائق بلا نقاش حقيقي، فيما يلتزم المتنفذ منهج المحاصصة الذي أوصله إلى الحكم بحذافيره.

يَعِدُ بتحسين الخدمات وتقديمها للمواطن على طبق من ذهب، ويكرر بلا هوادة: "الكهرباء ستغطي جميع مناطق العراق، ستعمل على مدار 24 ساعة، وسنزيد الإنتاج حتى نصدرها إلى الخارج". تصفق له الأبواق الإعلامية المأجورة، ويغري الناس ببرامج ظاهرها الرحمة وباطنها السراب. وما ان تستقر قدماه في مكتبه حتى تتبخر الوعود، ويتبدد الكلام في الهواء. فالتخصيصات المرصودة للمشاريع تبتلعها شبكة الفساد المتجذرة في جسد الدولة، الشبكة المتوارثة رئيسا من آخر، تحميها تحالفات معقدة بين مافيات المال والسياسة.

هذه الطغمة تعرف جيداً كيف تحوّل المال العام إلى ملكيات خاصة، وكيف تبيع الفشل للشعب على أنه قدر لا فكاك منه.

ينسى المتنفذ خطاباته الوطنية التي تغنّى فيها بحرية التعبير وحق الاحتجاج، ويتنكر لشعاراته السابقة عن دعم حرية التعبير والتفكير. بالأمس كان يجاهر زيفا بنقد أدوات العسف التي تستخدم لقمع الاحتجاجات، واليوم يستخدمها بدم بارد ضد من يعارضه.

ومع مرور الوقت، ينشغل بفكرة إعادة إنتاج نفسه عبر الظفر بولاية ثانية.

وبما أن الطريق مرسوم سلفاً على يد من سبقوه، يبدأ باستثمار مؤسسات الدولة كافة لخدمة مشروعه الشخصي. تُوزع المشاريع على المقربين منه، وتُمنح العطاءات بسخاء لمن يضمن له الولاء. يشتري الضمائر بالأموال المنهوبة، ويشتري الأصوات برشى انتخابية ووعود جديدة تُضاف إلى سجل الخداع القديم.

الإعلام يُشغّل لتلميع صورته، والساحات تُنظَّف من أي صوت معارض، ليُفتح الطريق أمامه لحصد مقاعد انتخابية تسبّح بحمده وتمنحه شرعية زائفة.

هكذا تُختزل الدولة إلى ماكينة انتخابية تخدم بقاء الفاسد، فيما يبقى الشعب يدفع الفاتورة من قوته وكرامته ومستقبله.

ولإحكام قبضته على الحكم، يتغاضى المتنفذ عن السلاح المنفلت، بل قد يكون هو من يوزعه على رؤساء العشائر، مانحاً إجازات حمل السلاح بسخاء لتأمين شبكات ولاء تحميه ساعة الحاجة.

أما العامل الخارجي فيُفتح له الباب ليمارس نفوذه كما يشاء: تُبرم الاتفاقيات المذلة، وتُمرر الصفقات التي تنتهك السيادة، مقابل صمت القوى الخارجية على فساده واستبداده.

السيادة تصبح ورقة مساومة، والوطن يُختزل في كرسي.

هكذا ترسخ هذا السياق المريض للوصول إلى السلطة، وهكذا تُكرس منهجية حكم اقتصادي–اجتماعي، حفرت فجوة هائلة بين قلة راكمت المليارات من اقتصاديات الفساد، وملايين دفعتها السياسات نفسها إلى الفقر والعشوائيات وانعدام الخدمات. ملايين تعيش في بيوت من صفيح، تنتظر قطرة ماء وكهرباء مقطوعة، فيما تتكدس الثروات في قصور محصنة خلف جدران عالية. وما لم يدركه هؤلاء أن الشعب، وإن صبر طويلاً وتحمل كثيراً، فإنه في اللحظة الحاسمة سينزل إلى الشوارع مطالباً بكرامته وحقوقه، ومدافعاً عن المال العام الذي نُهب أمام عينيه.

 تلك اللحظة آتية لا محالة مهما حاولوا إبعادها، لأن صبر الفقراء ليس ضعفاً، وإنما هو جمر تحت الرماد ينتظر من ينفخ فيه ليلتهب!

*************************************

الصفحة الثالثة

تحديات الزراعة في مواجهة التغيّر المناخي  هل يكفي {التأمين الزراعي} لمواجهة آثار الجفاف وارتفاع الحرارة؟

بغداد- محمد التميمي

في خطوة تُعد الأولى من نوعها في الشرق الأوسط، أعلنت وزارة الزراعة بالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي عن إطلاق مبادرة التأمين الزراعي البارومتري، التي تستهدف حماية صغار المزارعين من المخاطر المناخية المتزايدة التي تهدد إنتاجهم الزراعي، خاصة الجفاف وارتفاع درجات الحرارة.

ورغم التفاؤل بهذه المبادرة، فإن خبراء البيئة والناشطين يؤكدون أهمية تبني حلول استراتيجية شاملة تتجاوز التعويضات المالية لتشمل إعادة التخطيط الزراعي، دعم التقنيات الحديثة، وتفعيل رقابة دقيقة تضمن عدالة توزيع الدعم وشفافية البيانات.

مشروع تجريبي قابل للتوسع

وللإيضاح اكثر حول البرنامج قالت منسق الوزارة مع برنامج الأغذية العالمي، بروج محمد، أن المشروع أُطلق بعد استحصال الموافقات الرسمية في العام الماضي، مؤكدةً أن البرنامج يستهدف في مرحلته الأولى ست محافظات، هي: نينوى، كربلاء، البصرة، صلاح الدين، واسط، ومحافظة سادسة ستحدد لاحقاً.

وبيّنت محمد في حديثها لـ"طريق الشعب"، انه تم اختيار عاملين أساسيين من المخاطر: الجفاف وارتفاع درجات الحرارة لصرف التعويضات.

وأشارت إلى أن المشروع نُفذ في مرحلته الأولى بشكل تجريبي في ثلاثة أقضية في نينوى وفي محافظة كربلاء، مبينة انه تم تعويض مزارعين في نينوى بعد ثبوت حالات الجفاف بينما لم تُسجل في كربلاء نسب جفاف مرتفعة تتيح صرف التعويضات.

وأكدت أن المؤشرات المتعلقة بدرجات الحرارة اعتمدت ابتداءً من الشهر السابع، على أن يتم صرف التعويضات بعد تحديد الأولويات استناداً إلى البيانات المناخية المستلمة وان المشروع يستهدف أصحاب الحيازات الصغيرة (أقل من 10 دونمات).

وبينت أن المرحلة الأولى من المشروع شملت نحو 500 مستفيد، جرى تعويض 400 منهم حتى الآن، مؤكدةً أن هذه المبادرة هي الأولى من نوعها في الشرق الأوسط، وتأتي بالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي.

وذكرت محمد، أن نجاح التجربة الحالية سيفتح الباب أمام توسيع البرنامج ليشمل مخاطر أخرى مثل الفيضانات وغيرها، لاسيما أن العراق من أكثر الدول تأثراً بالتغيرات المناخية. كما نوهت الى أن تبني الحكومة للمشروع على نطاق أوسع ليغطي فئات أوسع من المزارعين في جميع المحافظات سيعتمد على مدى نجاحه.

واختتمت أن تقييم نجاح التجربة سيتم بعد انتهاء المرحلة الثانية وشمول المحافظات الست كافة.

غياب التخطيط العلمي

من جهته، قال مدير منظمة الحقوق الخضراء، فلاح الأميري، أن التعامل مع نتائج المشكلات دون التعمق في أسبابها يعكس فقداناً للتخطيط العلمي المدروس، سواء في مؤسسات الدولة أو في البرامج الحكومية.

واضاف الأميري في حديث مع "طريق الشعب"، أن الحالة التي يمر بها العراق تتطلب فهماً عميقاً للمشكلة وآثارها، ووضع حلول استراتيجية بعيدة المدى، بدلاً من مجرّد إسكات الأصوات أو استغلال الفرص في تسييس الإنفاق العام.

وتابع أن "الظلم البيئي الذي يتعرض له المواطن العراقي بشكل عام، والمواطن البصري بشكل خاص، يؤثر على مختلف القطاعات ومنافذ الحياة، وليس فقط على صغار الفلاحين"، مشيرا الى ان هؤلاء الفلاحين "سيظلون يعانون من ضعف الإنتاج بسبب المنافسة القوية مع المنتجات المستوردة المتوفرة في السوق، والتي تُعد من أبرز أسباب تراجعهم".

ونوه إلى أن "العودة إلى وزارة الزراعة وإعادة التخطيط والتنظيم للمزارع الحكومية أمر في غاية الأهمية، خصوصاً للمنتجين ذوي التكلفة المرتفعة، حيث يتم احتساب كل أبواب الإنفاق بدقة، مع تشديد الرقابة والضمانات الأصولية، وليس فقط على مواطن يملك بعض الدونمات البور التي تُحتسب كأرض زراعية. كما أن نسبة التعويض يجب أن تقابلها استثمارات في السكن المخصص للأراضي الزراعية".

واكد الأميري، أن "الخطط التي ستنفذها الحكومة بالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي تتيح فرصة للاستفادة من الأموال في تأسيس مشروع تدوير المياه واستخدامها في الزراعة، وهو ما يحتاجه العراق اليوم بشكل منطقي وعلمي".

وخلص الى القول: أن "مثل هذه البرامج، رغم كونها فريدة في المنطقة، لا تعني بالضرورة نجاحها أو فائدتها، وأن عدم تطبيقها في دول المنطقة يُؤكد محدودية أثرها".

الشفافية والعدالة في التغطية الجغرافية

من جهته، قال الناشط البيئي حيدر شاكر إن إطلاق أول برنامج للتأمين الزراعي البارومتري في العراق يمثل خطوة أولى في الاتجاه الصحيح لمواجهة تداعيات التغير المناخي، لكنه شدد في الوقت ذاته على ضرورة أن ترافق هذه المبادرة آليات واضحة للرقابة والتقييم المستقل، خصوصاً في ما يتعلق بشفافية البيانات المناخية واعتمادها كأساس للتعويضات.

وأضاف شاكر في تصريح لـ”طريق الشعب”، أن العراق يواجه تهديدات بيئية متزايدة، أبرزها الجفاف، التصحر، وارتفاع درجات الحرارة، مؤكداً أن هذه الظواهر لم تعد موسمية أو طارئة بل باتت سِمة مستدامة تهدد الأمن الغذائي وسبل عيش آلاف العوائل الزراعية، ولا سيما أصحاب الحيازات الصغيرة الذين يشكلون الفئة الأضعف في سلسلة الإنتاج الزراعي.

وأشار إلى أن نجاح المرحلة التجريبية من المشروع يجب ألّا يُقاس فقط بعدد المستفيدين، بل بمدى عدالة توزيع الخدمات، ودقة قياس المؤشرات المناخية، ومدى موثوقية مصادر البيانات التي تُبنى عليها قرارات التعويض.

وزاد بالقول أن “من غير المقبول أن يُحرم مزارعون من حقوقهم بسبب خلل في آليات الرصد أو فجوات في تغطية المحطات المناخية”، داعيا إلى ضرورة أن تتضمن المراحل المقبلة إشراكاً حقيقياً لممثلي المجتمع المحلي والخبراء البيئيين في عملية التخطيط والتقييم.

وحذر من أن تغييب الرأي المحلي "يُضعف فعالية أي مشروع، مهما كان طموحه".

كما شدد على أهمية التوسّع النوعي في المشروع ليشمل مخاطر مناخية أخرى كالعواصف الترابية والفيضانات، وضرورة بناء قاعدة بيانات وطنية موحدة ومحدثة، تربط بين وزارتي الزراعة والموارد المائية وهيئة الأنواء الجوية، لتكون مرجعاً لاتخاذ القرارات.

واختتم بالقول إن العراق بحاجة إلى انتقال من “ردود الفعل” إلى “التخطيط الاستباقي” في ملف البيئة والمناخ، معتبرًا أن أي مشروع تأميني لا يُربط بسياسات مائية مستدامة وتشجيع الزراعة الذكية مناخيًا، سيبقى مجرد حل إسعافي مؤقت.

*******************************************

العراق في الصحافة الدولية

ترجمة وإعداد: طريق الشعب

ما هي تداعيات انتهاء مهمة {يونيتاد}

نشر المجلس الأوربي للعلاقات الخارجية مقالاً لرانيا أبو زيد حول الغاء مهمة فريق التحقيق التابع للأمم المتحدة (يونيتاد) بعد تدهور العلاقات مع الحكومة العراقية، وهو القرار الذي سيؤثر بشكل سلبي على إجراءات مساءلة مرتكبي الجرائم والمسؤولين عن مجازر "داعش" والمقابر الجماعية وعلى انصاف الضحايا.

بلد المقابر الجماعية

ووفق المقال، تُقدّر الأمم المتحدة أن ما بين ربع مليون ومليون شخص اختفوا في العراق خلال نصف القرن الماضي، وأن أرض البلاد مليئة بالمقابر الجماعية، فيما يعتقد بأن أكثر من نصف حالات المفقودين لا تزال دون حل، رغم سنوات من التنقيب أعقبت سقوط نظام صدام حسين عام 2003، وذلك بسبب صعوبة أو تكلفة البحث من الناحية التقنية؛ أو بسبب التأثير المُخيف المستمر للجناة المزعومين أو مخاوف من الاضطرابات الاجتماعية. وحذر المقال من أن هذه المظالم يمكن أن تؤجج الأحقاد والأذى وتؤدي لتمزقات مستقبلية فيما يكون إغلاق الملف جزءاً كبيراً من التعافي.

أخطاء حسنيّ النية

وذكّر المقال بقيام  مجلس الأمن انشاء فريق التحقيق (يونيتاد) وتكليفه بالعمل على دعم الجهود المحلية لمحاسبة داعش على الأفعال التي ارتكبها من خلال جمع الأدلة وحفظها وتخزينها في العراق. وقد بدأ فريق التحقيق (يونيتاد) عمله عام ٢٠١٨وأنهاه في سبتمبر ٢٠٢٤ بعد رفض بغداد تجديد مهمته، بسبب خيبتها مما وصفته بفشل فريق التحقيق (يونيتاد) في التعاون وتبادل المعلومات مع السلطات الوطنية، خاصة بعد تعارض موقف الطرفين من عقوبة الإعدام بحق الجناة، إضافة إلى اقتصار نتائج عمله على استخراج الرفات من 68 موقعاً من أصل أكثر من 200 موقع لمقابر داعش الجماعية وفشله في تحديد الهويات وتحقيق العدالة.

انجازات جيدة

وأكد المقال على أن فريق "يونيتاد" قد تمكن خلال سنواته الست في العراق، من جمع وحفظ 52 تيرابايت من المواد المتعلقة بتنظيم داعش والتي تم الحصول عليها من أجهزة الكمبيوتر والأقراص الصلبة والهواتف المحمولة والتي تعمل عبر الأقمار الصناعية والسجلات الورقية، ونقل البيانات إلى أرشيف مركزي في الأمم المتحدة، مشاركاً "معظمها" مع السلطات العراقية، لأستخدامها في الإجراءات الجنائية المحلية لتحقيق المساءلة على المستوى الوطني.

الخلافات تتفاقم

وذكرت الكاتبة بأن خلافات حادة سرعان ما نشبت حين انتقد الفريق السلطات العراقية بسبب مقاضاة وإدانة عشرات الآلاف من أعضاء داعش المزعومين بموجب قوانين مكافحة الإرهاب الفضفاضة في محاكمات متسرعة انتقدتها منظمات حقوقية، لأسباب إجرائية، ولأنها لم تتضمن اتهامات بجرائم محددة مثل الاعتداء الجنسي والاستعباد، ولم يجر فيها التمييز بين المقاتلين وبين الخدم والطهاة، الذين ربما أُجبروا على الانضمام إلى الجماعة. كما لم تلبِ الحكومة العراقية طلب الأمم المتحدة لإدراج الاختفاء القسري كجريمة منفصلة، ووضع استراتيجية شاملة للبحث والتحقيق في جميع حالات الاختفاء، وتعزيز وتوسيع القدرات الوطنية في مجال الطب الشرعي.

وأضافت الكاتبة إلى أن بغداد انتقدت بدورها "يونيتاد" لأنها لا تشارك الأدلة مع العراق وفقًا لولايته فيما تشاركها مع دولة ثالثة، ولم ترحب برد الأمم المتحدة بأن شرطها لتبادل المعلومات هو احترام سرية الشهود وغيرهم، وعدم استخدامها في الإجراءات الجنائية التي يمكن فيها فرض عقوبة الإعدام أو تنفيذها.

القطيعة

وأكد المقال على ضرورة تفهم المؤسسات الدولية لموقف العراقيين الذين يرون في مسألة إدراج الجرائم الدولية في النظام القانوني لبلادهم أو إلغاء عقوبة الإعدام، مسائل تتعلق بالسيادة الوطنية. كما أكد من جهة أخرى على حاجة العراق الماسة لجهود فريق (يونيتاد) الذي غادر البلاد قبل اتمام مهام استخراج رفات مقابرها الجماعية وحصر أعداد المفقودين، والعمل على تحقيق العدالة والاستقرار على المدى الطويل. واخيراً كان فقدان الثقة أو ضعفها من اسباب القطيعة حيث رأى الفريق بأن إقناع الجانب العراقي بشكل كامل بكيفية إجراء التحقيقات المستقلة أمر أشكالي للغاية، فيما شككت عناصر في الأجهزة الأمنية العراقية، في نوايا الفريق منذ البداية، وسعت إلى التحكم فيه.

الدروس المستفادة

وخلصت الكاتبة إلى أن تجربة فريق (يونيتاد) تعد بمثابة قصة تحذيرية عن لاعب دولي ذي نوايا حسنة، أثار استياء بعض الجهات المعنية المحلية، وتورط في الانقسامات والصدمات والتوترات العرقية. كما تشير إلى مخاطر تجاوز حدود النظام القضائي العراقي، وتقنين تبادل المعلومات، وإهانة سيادة الدولة وكرامتها الوطنية أو المساس بها، خاصة مع دولة ذات تاريخ عريق، مثل العراق، والفشل بتبديد المخاوف العراقية بشأن تقديم أدلةً إلى الغرب.

*************************************

عين على الأحداث

المهم أحصّل مقعد!

أكد عدد من النواب على أن رفع جلسة البرلمان يوم الثلاثاء الماضي جاء بسبب مشادة كلامية بين الرئيس ونائبيه وبمشاركة عدد من الأعضاء، حول مدى قانونية تغيير جدول العمل أثناء إنعقاد الجلسة. هذا، ورغم عدم اهتمام الناس عادة بأخبار برلمان عزفت غالبيتهم عن المشاركة في انتخابه، فقد لقي خبر المشادة إدانتهم لما مثلته من خرق فاضح للقوانين وخروج عن قيم اجتماعية ترفض استخدام الشتائم والكلمات النابية في الأماكن العامة والرسمية، ومؤشر على إصرار البعض على التلاعب بنيران الفتنة الطائفية، دون أن تعنيه المخاطر الجدية التي يمكن أن تنتج عنها وتحرق البلاد والعباد.

{إذا أبتليتم فاستتروا}

أعلنت وزارة الكهرباء عن تعاقدها مع شركة تركية لمحطات التوليد العائمة، للحصول على 590 ميغاواط، بعد أن اكتشفت بأن الطلب الإجمالي يصل لأكثر من 48 ألف ميغاواط، فيما لا يتجاوز انتاجها الوطني 25 ألف ميغاواط. هذا وفي الوقت الذي تصر فيه الوزارة على تكرار وعودها بتقليل العجز وبإصلاح جذري في البنى التحتية، رغم فشلها في الإيفاء بوعودها السابقة، يسخر الناس من عقدها الجديد الذي سوف لن يوفر سوى 1.2 في المائة من الحاجة ولا يمدد فترة التجهيز سوى 12 دقيقة في اليوم، متسائلين عن سبب تأخر الوزارة بتحديد اجمالي الطلب حتى آب، آخر شهور الصيف!

منو وراهم؟

كشف خبير نفطي عن قيام السلطات بمنح وكالات لجهات معينة لشراء النفط الأسود بالسعر الرسمي المدعوم، لتنقله هذه الوكالات عبر الصهاريج من المصافي إلى ميناءي أم قصر وخور الزبير ومن ثم عبر الناقلات إلى ميناء جبل علي في الإمارات، حيث تبيعه بأضعاف سعر الشراء، محققة ارباحاً تصل لثلاثة مليارات دولار سنوياً. من جهته اتهم أحد النواب دول الجوار بتشجيع عمليات تهريب النفط الأسود وتحقيق أرباح كبيرة، وإفشال جهود الحكومة في مكافحة التهريب وحسم هذا الملف، الذي يسبب خسائر لميزانية الدولة، تصل إلى 5 ترليون دينار حسب بيان لوزارة النفط صدر قبل ثلاث سنوات.

العجلة من الشيطان

قبل شهر مضى، أخبرنا نائب "مستقل" بأن وزير المالية قد ابلغت البرلمان بأن سبب تأخير موازنة 2025 من قبل الحكومة الاتحادية يعود إلى الحاجة للعمل على تعظيم الإيرادات غير النفطية وإيجاد مصادر مالية لتغطية عجز الموازنة من رسوم وضرائب وأجور خدمات وغيرها، وان الحكومة ملتزمة بارسال جداول الموازنة قريباً حالما تكمل لجنة في مجلس الوزراء عملها وتعد هذه الجداول. ورغم مرور ثلثي السنة وانشغال البرلمان بصراعات الأعضاء والرئاسة، فإن الحكومة لم تف بوعدها، ولم ينجز مجلس النواب مهمته الأرأس، إقرار قانون الموازنة وإعادة الطمأنينة للناس والمستثمرين بوجود سياسة مالية فاعلة.

حاميها...

كشفت مصادر نيابية عن قيام جهات متنفذة بالاستيلاء على أراضٍ حكومية واسعة تابعة لوزارتي الزراعة والمالية، وتحويلها إلى قطع سكنية تُباع بطريقة غير قانونية، وتدر ترليونات الدنانير على هذه الجهات، جراء المواقع المتميزة لهذه الأراضي المنهوبة، والتي تشمل أيضاً مساحات واسعة من الغابات المنتشرة قريباً من الطرق السريعة. هذا وفيما تشكل هذه السرقات خسائر كبيرة في المال العام وتديم الفساد وتعزز نفوذ الفاسدين، فإنها تقلص الغطاء الخضري في ضواحي المدن، مسببة تلوثاً بيئياً وتصحراً وعواصف رملية، خاصة مع اشتداد الجفاف، دون أن يكّلف "أولو الأمر" أنفسهم القيام بواجبهم في حفظ الممتلكات العامة ومحاسبة اللصوص.

*****************************************

الصفحة الرابعة

وقفة اقتصادية.. الجهاز المصرفي.. والكتلة النقدية المكتنزة

إبراهيم المشهداني

يمثل الجهاز المصرفي في العراق بعدده وعدته واحدا من أوسع الأجهزة المصرفية في دول الإقليم بقطاعيه العام والخاص، رغم أن المصارف الحكومية تشكل 8 في المائة من مجموع المصارف العاملة في العراق إلا أنها الأكثر فعالية من حيث تأثيرها في قطاع المال والأكثر أمانا بالنسبة للمودعين ورغم ذلك فان 70 في المائة من الكتلة النقدية المتداولة ما تزال بعيدة عن أن تكون مؤثرة في عملية الاستثمار والتنمية المستدامة بسبب ضعف جاذبية القطاع المصرفي لهذه الكتلة المكتنزة. فهل العجز في السياسة النقدية أم في فشل الإدارات القابضة على هذا الجهاز.

ومن المعروف أن النقود تعد في الوقت الحاضر أداة اقتصادية واجتماعية يصعب الاستغناء عنها في بلد بأمس الحاجة إلى تسيير القيام بالمعاملات اليومية وتنشيط عمليات الاستثمار على الآماد القصيرة والمتوسطة والطويلة خاصة بعد التطورات الاقتصادية المطردة على مستوى العالم، ولما كانت النقود وسيلة أساسية في التبادل التجاري وعاملا أساسيا في التنمية الاقتصادية، وحيث أن النظريات الاقتصادية وعلماء الاقتصاد يؤكدون بشكل ملح على أهمية العملات على المستوى العام للأسعار وعلى مؤشرات الاقتصاد الكلي وتحويل المدخرات إلى عمليات استثمار فاعلة في اقتصاد يعاني من الركود والانكماش ويتطلب التوجه إلى اتخاذ قرارات تكون الوسيلة للازدهار والرفاهية، فكيف يكون الأمر اذا تحول المواطنون من القيام بالادخار إلى عمليات الاكتناز الذي هو تجميد لفاعلية النقود في حال تتحول آليات الايداعات وأدواتها إلى مخاطر ومصدات لعمليات الادخار وما يستتبعها من تراجع الاستثمار في الاقتصاد وتعطيل حركته ؟

 لكن هذا الهلع في اتباع هذا الأسلوب لم يأت عن رغبة في امتاع نظرهم بهذه المليارات من الدنانير وانما لم يجدوا في الجهاز المصرفي الذي يصل إلى 81 مصرفا أهليا و7 مصارف حكومية، ملاذا آمنا لأموالهم بل عبئا من الإجراءات تتمثل بتأخر التحويلات وانعدام الثقة فضلا عن تأكل قيمة العملة، وتزداد هذه الظاهرة اتساعا وسط أزمة سيولة تخنق اقتصاد البلاد في ذات الوقت الذي تواجه الحكومة العراقية تحديات كبيرة في إدارة السيولة النقدية بالدينار وفقدان ثقة المواطنين بالمصارف الخاصة بإعلان إفلاس بعض هذه المصارف وما يترتب على ذلك فضلا عن سوء إدارة هذه الأموال عبر الأنشطة الاستثمارية في مشاريع اقتصادية تأتي بالفائدة للمودعين وتنمية الاقتصاد في نفس الوقت. وأكثر من ذلك، فقد عانت المصارف العراقية في الفترة الأخيرة من عقوبات صارمة بعضها جاءت من البنك المركزي ضد خمسة من المصارف الأهلية عبر منعها من إجراء المعاملات بالدولار الأمريكي في إطار الجهود المشتركة بين وزارة الخزانة الامريكية والبنك المركزي لمكافحة غسيل الأموال وتهريب الدولار والانتهاكات المالية، وقبل ذلك فرضت وزارة الخزانة ذاتها العقوبات على 14 مصرفا عراقيا بسبب الشبهات بحكم هيمنتها على نظام سويفت الذي ينظم حركة التحويلات النقدية بين المصارف العالمية بحجة أنها هي المسؤولة عن تصدير الدولار ومن حقها مراقبة حركته كي لا يقع بأيدي المنظمات الإرهابية او عمليات غسيل الموال وبالتالي فان كل هذه الإجراءات خلقت بيئة تزيد من انعدام الثقة في لجوء الناس إلى الادخار.

وبدلا من مراجعة شاملة للسياسة النقدية واجتذاب الأموال المكتنزة التي تشكل 70 في المائة من إجمالي الكتلة النقدية أي ما يعادل 34 تريليون، وترسيخ عنصر الرغبة لدى المواطن من خلال رفع أسعار الفائدة بما يتناسب مع الفوائد التي تجنيها المصارف من خلال القروض للمواطنين والشركات الاستثمارية، يلجأ البنك المركزي إلى تثقيف المواطنين عبر تحذيرهم من أن الأموال المكتنزة تنقل الفايروسات والبكتريا!

ومن بين الإجراءات الشاملة التي تمت الإشارة اليها التطبيق الحي للقوانين والتشريعات وخاصة قانون مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب إضافة إلى التحقق من الكشف الكامل عن مصادر الأموال المودعة وخاصة الأرقام الفلكية عبر اتباع إجراءات اعرف عميلك KYC)) وإطلاق أدوات استثمارية تتسم بالمرونة تحقق الثقة للمودعين وهي كفيلة باستقطاب الأموال المكتنزة وادخالها إلى الدورة الاقتصادية اسهاما في الاستقرار الاقتصادي وتوفير فرص العمل.

*******************************************

الوعود الحكومية تتبخر على أرض الواقع.. مجمعات السكن في العراق.. مشاريع تُبنى للفقراء وتسعَّر للأغنياء!

بغداد – تبارك عبد المجيد

تتفاقم أزمة السكن في العراق وسط محاولات حكومية متواصلة لحلها عبر بوابة الاستثمار، إلا أن الواقع يكشف عن تحديات متشابكة، تتوزع بين تعقيدات إدارية وغياب العدالة الاجتماعية في توزيع المشاريع، ما يثير تساؤلات جادة حول جدوى الحلول المطروحة ومن تُخاطب فعلاً.

نائب يؤشر مشكلات البيئة الاستثمارية

وقال نائب رئيس لجنة الاستثمار النيابية، حسين السعبري، أن التحديات الأساسية التي تعيق تنفيذ المشاريع الاستثمارية السكنية في العراق، لا تتعلق بالمستثمرين، بل تنبع من الإجراءات الحكومية المعقدة وتعامل الدوائر الرسمية.

وأضاف السعبري في حديث لـ"طريق الشعب"، إن "العديد من المعوقات تحصل لدى الجهات ذات العلاقة مثل وزارة المالية، دائرة عقارات الدولة، البلديات، ودائرة الماء والمجاري"، مبينا أن "قانون الاستثمار يتضمن آليات واضحة للمحاسبة والرقابة، منها سحب الإجازة أو فرض غرامات تأخيرية على المشاريع المتلكئة"، لكنه لا يحمل المستثمر وحده المسؤولية، فالعقبة الحقيقية تكمن في عدم تعاون الجهات الخدمية، وغياب التنسيق بين المؤسسات".

وفي ما يتعلق بثقة المواطنين بالمجمعات السكنية، أوضح السعبري أن "الإقبال على شراء الوحدات السكنية في المجمعات ازداد بشكل ملحوظ خلال السنوات الثلاث الماضية، مما يشير إلى تحسن نسبي في الثقة العامة، إلا أن ذلك لا ينفي استمرار المشاكل والمعوقات التي تثقل كاهل المستثمرين، خصوصاً ما يتعلق بتأخير إيصال الخدمات الأساسية كالكهرباء والماء والمجاري، وهو ما يضع المستثمر في دائرة مغلقة من الانتظار والابتزاز".

وشدد على أن حل هذه الإشكالات يتطلب إرادة حقيقية من مؤسسات الدولة لتوفير بيئة استثمارية آمنة وعادلة، تساهم في تقليص أزمة السكن وتعزيز الثقة في القطاع الخاص.

أزمة ثقة بين المواطن والمستثمر

وعلى الرغم من التصريحات الحكومية والبرلمانية التي تتحدث عن تحسن نسبي في واقع الاستثمار السكني، إلا أن أصواتا من داخل الوسط الاقتصادي ترسم صورة مختلفة، بل وتدق ناقوس الخطر حول ما تسميه "الانحراف الجوهري في فلسفة الاستثمار السكني في العراق".

الخبير الاقتصادي علي نجم العبدالله يرى أن البلاد تعاني من أزمة ثقة متفاقمة بين المواطن والمستثمر، وهي ليست وليدة اللحظة، بل نتيجة تراكمات ناتجة عن مشاريع لم تتجز، ووعود لم تنفذ، وغياب إطار قانوني صارم يضمن حقوق المواطنين في السكن الآمن والمناسب.

ويؤكد العبدالله في حديثه لـ "طريق الشعب"، أن "البيئة الاستثمارية اليوم تدار بعقلية تجارية بحتة، لا تأخذ في الاعتبار احتياجات المواطنين الحقيقية"، مشيرا إلى أن المواطن العراقي "أصبح يشعر بأن المجمعات السكنية تبنى لخدمة قوى المال والنفوذ، لا لتلبية حاجة الأسر الباحثة عن بيت يؤويها".

ويقول علي، أن "المجمعات السكنية التي تُشيّد اليوم تُقدم على أنها حلول لأزمة السكن، لكنها في الواقع تُعمق المشكلة بدل أن تحلها، فالمشكلة لا تكمن فقط في الشكل المعماري أو التوسع العمراني، بل في الفئة المستهدفة من هذه المشاريع، والتي غالبا ما تكون من ذوي الدخل المرتفع، بينما يتم تهميش الفئات الأكثر احتياجا، وعلى رأسهم الشباب وذوو الدخل المحدود".

ويضيف أن هذه المشاريع، التي يُفترض أن تُسهم في تعزيز الاستقرار الأسري والمجتمعي، تتحول تدريجيًا إلى "عنوان جديد للإقصاء الاجتماعي، وغياب جانب العدالة في التخطيط العمراني"، فالعدالة السكنية لا تعني فقط توفير وحدات سكنية، بل ضمان وصول الفئات الأقل حظًا إليها، ضمن تخطيط حضري يراعي العدالة الاجتماعية ويحد من مظاهر التمايز الطبقي.

المستثمر.. المستفيد الوحيد

فيما حذر الناشط السياسي علي القيسي من استمرار النهج القائم في إدارة ملف الاستثمار السكني في العراق، واصفا الواقع الحالي بأنه يعكس خللا بنيويا عميقا، يتسبب في تعميق أزمة السكن بدل من حلها، ويُقصي الفئات الأَولى بالاسكان.

وأوضح القيسي لـ"طريق الشعب" أن أزمة الثقة بين المواطنين والمستثمرين تعود بالأساس إلى التناقض الصارخ بين ما يُعلن عنه في العقود أو التصريحات الرسمية، وبين ما يُنفذ على أرض الواقع، مشيرا إلى أن "أغلب المجمعات السكنية أُقيمت على أراضٍ زراعية أو خضراء، رغم الوعود بتخصيص مساحات للحدائق والمتنزهات، لكن الحقيقة أن هذه المساحات تُستغل لاحقًا لأغراض البناء، وسط غياب شبه تام للرقابة من الجهات المعنية".

واعتبر القيسي أن هذا النمط من التوسع العمراني لا يقتصر ضرره على البيئة أو التخطيط الحضري، بل يمتد إلى البعد الاجتماعي، حيث تُسوق الوحدات السكنية بأسعار باهظة لا تُناسب الغالبية العظمى من العراقيين.

وقال انه "في بعض مناطق بغداد، لا يقل سعر المتر الواحد عن ألف دولار، رغم أن المستثمر يحصل على الأرض مجانا، ويتمتع بإعفاءات جمركية وضريبية كبيرة على المواد الأولية".

وأضاف ان "المفارقة المؤلمة أن المشاريع السكنية التي يُفترض أن تحل أزمة السكن للفقراء والطبقة الوسطى، باتت تصمم وتسعر بما يخدم مصالح السياسيين، والتجار، والمتنفذين، لتتحول إلى أدوات ربح سريع لا علاقة لها بعدالة التوزيع أو تخفيف العبء عن كاهل الناس".

ورأى القيسي أن ما يحدث يعكس فلسفة مشوّهة في التخطيط العمراني، تضع الأرباح في مقدمة الاعتبارات، وتغفل عن كون السكن حقًا أساسيا لا يجب التفريط فيه، مؤكدا أن "الموظفين وأصحاب الدخول المحدودة، الذين يمثلون العمود الفقري للمجتمع، أصبحوا خارج حسابات هذه المشاريع، وهم الأَوْلى بالحصول على سكن كريم في وطنهم".

وفي ختام حديثه، دعا القيسي الحكومة والمؤسسات المختصة إلى إعادة النظر جذريا في سياسات توزيع الأراضي والتخطيط الحضري، مؤكدا أن الحل يبدأ من تغيير النظرة إلى السكن، من سلعة مربحة إلى حق إنساني واجتماعي.

وزاد بالقول انه "لا يمكن مواجهة أزمة السكن المتفاقمة دون تبني رؤية شاملة توازن بين احتياجات السوق ومبادئ العدالة الاجتماعية. المطلوب ليس فقط إصلاح السياسات، بل تغيير فلسفة الاستثمار من جذورها، لتكون في خدمة الإنسان لا على حسابه".

********************************************

اتفاق عراقي – إيراني مثير للجدل بشأن تصدير غاز ميسان لمعالجته وإعادته

ميسان – طريق الشعب

كشف الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي، امس الأربعاء، عن تفاصيل اتفاق "غير تقليدي" بين العراق وإيران، يتضمن تصدير 100 مليون قدم مكعب قياسي يوميًا من الغاز المصاحب المنتج في آبار محافظة ميسان إلى إيران، بهدف معالجته وتحويله إلى غاز جاف، ثم إعادته للعراق لاستخدامه في توليد الطاقة الكهربائية.

وأوضح المرسومي أن هذا الاتفاق هو أحد أربعة وقعها مؤخرًا وزير النفط الإيراني، مشيرًا إلى أن الخطوة تثير تساؤلات بشأن جدواها الاقتصادية، لا سيما في ظل العقوبات الأمريكية المفروضة على طهران وتحديات تطوير صناعتها الغازية.

وأضاف أن هذا النوع من التبادل لم يُسبق للعراق تجربته، متسائلًا عن مدى واقعية تنفيذ الاتفاق، خاصة في ظل احتمالية الحاجة إلى إنشاء خطوط أنابيب مزدوجة لنقل الغاز الخام إلى إيران وإعادة الجاف منه.

وأكد أن هذه الخطوة تفتح نقاشًا واسعًا حول مدى فائدتها في وقت يسعى فيه العراق لتقليل اعتماده على الخارج في قطاع الطاقة، بينما تعد إيران ثاني أكبر دولة عالميًا في حرق الغاز بعد روسيا، بما يعادل نحو 20 مليار متر مكعب سنويًا.

***************************************

العراق يستأنف تصدير نفط الإقليم عبر جيهان التركي بعد اتفاق جديد مع إقليم كردستان

كركوك – طريق الشعب

أعلن وزير النفط العراقي، حيان عبد الغني، أمس الأربعاء، التوصل إلى اتفاق مع حكومة إقليم كردستان يقضي باستئناف تصدير النفط الخام عبر خط أنبوب جيهان التركي، بعد أشهر من التوقف، ضمن آلية جديدة تقضي بتخصيص 50 ألف برميل يوميًا للاستهلاك المحلي داخل الإقليم، فيما تُصدّر 80 ألف برميل أخرى عبر شركة "سومو" الحكومية.

وأكد عبد الغني، خلال مؤتمر صحفي عقده في كركوك، أن عملية التصدير ستبدأ خلال يوم أو يومين بعد استكمال عمليات التخزين، مشيرًا إلى أن التأخير تقني ويعود إلى متطلبات تجميع الكميات.

وفي السياق ذاته، كشف الوزير عن خطة لرفع إنتاج نفط كركوك من 350 ألف برميل إلى 600 ألف برميل يوميًا، من خلال تفعيل مذكرة تفاهم مع شركة BP البريطانية لتطوير أربعة حقول رئيسية في كركوك هي: بابا، أفانا، باي حسن، وجمبور.

كما أشار إلى جهود حكومية متواصلة لتطوير البنية التحتية للقطاع النفطي، وزيارات ميدانية شملت منشآت في البصرة وصلاح الدين، مؤكدًا أن إعادة تأهيل شركة غاز الشمال تمضي قدمًا بهدف تقليل حرق الغاز واستثماره محليًا.

وفي ما يخص نفط كردستان، أكد عبد الغني أن الإنتاج الحالي يبلغ 130 ألف برميل يوميًا، يتم تصدير 80 ألفًا منها عبر سومو، مع استمرار المفاوضات مع وزارة الثروات الطبيعية في الإقليم للوصول إلى صيغة اتحادية دائمة تضمن حقوق جميع الأطراف وتدعم الخزينة العامة.

***********************************************

الصفحة الخامسة

دفعها الجفاف نحو المنازل.. الخنازير البرية تهاجم الفلاحين وتُخرّب محاصيلهم

متابعة – طريق الشعب

بفعل جفاف الأهوار، بدأت الخنازير البرية تتجه بأعداد كبيرة نحو الأرياف ومنازل السكان، بحثا عن الماء والطعام، الأمر الذي شكل كابوسا مؤرقا للفلاحين وعائلاتهم، لا سيما أن تلك الحيوانات أصبحت أكثر شراسة وباتت تهاجم الناس ومواشيهم وتخرّب المحاصيل الزراعية.

ومع غروب الشمس عند أطراف ريف يقع غربي ذي قار، يُراود المُزارع أحمد شمخي شعور القلق، وهو يغادر مزرعته متجهاً إلى منزله الذي يبعد عنها نحو ثلاثة كيلومترات. فالخنازير البرية باتت عدوّاً شرساً تُصعب السيطرة عليه. وقد حاول المزارعون في القرى المجاورة، جاهدين، القضاء عليها، لكنّهم لم يفلحوا سوى في قتل عددٍ قليلٍ منها، وفق ما يؤكده شمخي في حديث صحفي. إذ يلفت إلى خسائر كبيرة يتكبّدها مزارعو المنطقة بفعل تلك الحيوانات.

ويوضح أن "الخنازير هربت من الجفاف الذي ضرب الأهوار جنوبي ذي قار، واتجهت نحو القرى"، مبينا أن "انتشارها في الأرياف كان يُعد مشهدا نادرا، لكنه اليوم أصبح كابوسا يؤرق الفلاحين، ويهدد سلامة السكان وحيواناتهم ومزروعاتهم. فهذه الحيوانات الشرسة بدأت تبحث عن الغذاء والماء في قلب المناطق الزراعية، من دون رادع يوقف زحفها".

إعادة توزيع الحياة البرية

من جانبه، يرى الخبير البيئي حسين النداوي أنّ تغيّر المناخ لعب دوراً جوهرياً في إعادة توزيع الحياة البرية، مشيرا في حديث صحفي إلى أنّ "الجفاف الشديد الذي أصاب الأهوار أجبر الخنازير البرية على الهجرة العكسية نحو الأراضي الزراعية والبادية، حيث المياه السطحية والأعشاب".

ويضيف قائلا: "ما زاد الطين بلّة هو انّ الكثير من مناطق الأهوار باتت شبه مهجورة بتحوّل مساحات شاسعة من المسطحات المائية إلى بركٍ ومستنقعاتٍ صغيرة تعلوها الأحراش، ما أتاح للخنازير بيئة مثالية للتكاثر السريع".

ويلفت النداوي إلى أن مناطق أخرى في وسط البلاد وشمالها وغربها وشرقها لا تضمّ مسطحات مائية كما في الأهوار، شهدت هي الأخرى ارتفاعاً في أعداد الخنازير البرية، مرجعاً ذلك إلى عددٍ من الأسباب، أبرزها هجرة الحيوانات من مناطق مختلفة.

ويتابع قوله أن "ما يزيد من سرعة انتشار الخنازير، هو أنّ أنثى الخنزير يمكن أن تلد أكثر من 10 صغار في المرة الواحدة، وتتكاثر مرتين في السنة".

من الناحية البيئية، يؤكد النداوي أنّ "لهذه الحيوانات وجهاً مزدوجاً؛ من جهة هي تساهم في التخلص من بعض الكائنات الضارّة وتُعيد تقليب التربة، لكنها في المقابل تسبّب ضرراً بالغاً للأنظمة البيئية المحلية عبر تدمير مساكن الزواحف والثدييات الصغيرة، وتدمير المزارع والمحاصيل الزراعية".

تفتك بالخضراوات

في السياق، يتحدث المزارع عباس التميمي، من محافظة ديالى، عن فقدانه معظم محاصيله من الخضراوات، خلال موسم واحد، بسبب عبث الخنازير، مبينا أن محاصيله تضم الباذنجان والبامية واللوبيا والطماطم والخيار والبطيخ.

ويقول في حديث صحفي أنه "مع أو بعد غروب الشمس بقليل، تخرج هذه الحيوانات على شكل قطعان أو عائلات. فكثيراً ما شاهدنا أنثى الخنزير وصغارها وهم يجوبون الأراضي الزراعية"، مؤكداً أن "الخسائر التي تخلّفها الخنازير البرية أصبحت يومية".

ويوضح التميمي أن "هذه الحيوانات تقتلع النباتات من جذورها، حيث تأكل الجذور والثمار، وتترك الأرض محفورة بشكل مرعب".

ولا يختلف الحال كثيراً عند المُزارع صباح النوري. إذ يشير إلى أنّ "الخنازير باتت تقترب من أطراف القرى، وفي أكثر من مرة هاجمت السكان"، مبيّناً أنّ "طفلا كان يلعب مع أصدقائه في أطراف إحدى المزارع، هاجمه خنزير فأصاب رأسه ويديه".

ويلفت إلى أنّ "الكمائن والأفخاخ لم تعد تنفع. فهذه الحيوانات ذكية جداً، وقوية، وتعرف متى تفرّ، وكيف تحمي نفسها".

فيما ينبّه الخبير الزراعي فيصل العلي، إلى أنّ أضرار انتشار الخنازير البرية تتعدّى مسألة تدمير المحاصيل.

ويقول أن "هذه الحيوانات تتسبّب في خسائر مباشرة للفلاحين، لكن المشكلة الأكبر تكمن في تعطيل الدورة الزراعية من خلال تراجع الإنتاج، وجعل المزارعين متردّدين في الزراعة مجدداً، وهذا يضرب الاقتصاد المحلي، ويدفع لرفع الأسعار في السوق".

صيدها محفوف بالمخاطر

يبقى الحل الأنسب هو صيد الخنازير، لكن ذلك يعني مجهوداً أكبر، لما تتمتع به هذه الحيوانات من ذكاء في التعرف إلى المخاطر، وكشف المصائد المعدّة لها، فضلاً عن قوّتها البدنية - بحسب عضو جمعية الصيادين العراقيين، محمد نبيل، الذي يؤكد أن "عملية صيد الخنزير البري محفوفة بالمخاطر".

ويشدّد على أنّ "اصطياد الخنازير ليس هواية، بل مهمة تحتاج إلى الاحتراف. فالخنزير يملك جلداً قوياً أشبه بالدرع، يساعده على تحمّل الإصابات والطعنات، حيث يمكنه البقاء حيّاً، بل حتى المقاومة والهجوم وهو مصاب بطلق ناري، فضلاً عن ذكائه الشديد وعدوانيّته وشراسته حين يتعرّض لحصار أو محاولة صيد".

ويشارك نبيل في عمليات صيد الخنازير البرية. وعن ذلك يقول انه يصطحب مجموعة من الصيادين الماهرين، مع استخدام كاميرا مسيّرة وفريقٍ من الكلاب المدرّبة للكشف عن مواقعها، مبيّناً أن فريقه قد يستغرق أحياناً أكثر من يومين في البحث، وقد يفشل في صيد خنزيرٍ واحد في بعض الأحيان.

وينوّه إلى أن فريقه تمكن منذ نحو ثلاثة أعوام من اصطياد 98 خنزيراً برياً.

*******************************************

غياب التمويل يُعطل إنجاز ملعب الأنبار الأولمبي

متابعة – طريق الشعب

لا يزال مشروع ملعب الأنبار الأولمبي الكائن في مدينة الرمادي، معطلاً على الرغم من بلوغ نسبته إنجازه 75 في المائة.

يأتي ذلك وسط أزمات التمويل والتخطيط، ما دفع رياضيين في المحافظة إلى التحذير من ضياع حلم انتظروه طويلاً.

وتعود بداية تنفيذ المشروع إلى عام 2011. وقد استمر العمل فيه حتى وصلت نسبة الإنجاز إلى 80 في المائة قبل عام 2013. لكن في العام 2014 قام تنظيم داعش الإرهابي بتدمير المشروع بنسبة 100 في المائة – حسب ما يذكره مدير نادي الرمادي إبراهيم العوسج في حديث صحفي سابق، مشيرا إلى أنه في العام 2016، بعد تحرير الأنبار من داعش، جرى استئناف العمل في المشروع، ووصلت نسبة الإنجاز إلى 70 في المائة، إلا ان تحديات تمويلية تسببت في تلكؤه. 

من جانبه، يقول مدير شباب ورياضة الأنبار عماد المشهداني، أن "الملعب يتبع المشاريع الاستراتيجية المرتبطة بالحكومة الاتحادية، ويُدار بشكل مباشر من قبل وزارة الشباب والرياضة"، مضيفاً في حديث صحفي قوله أن "سبب بطء الإنجاز يعود إلى شح التخصيصات المالية. حيث لم تُسدد المستحقات السابقة للشركات المنفذة، ما خلق حالة من التوقف الجزئي في التنفيذ".

ويؤكد أن "الملعب كان من المفترض افتتاحه هذا العام وفق الاتفاق، لكن استمرار الأزمة المالية قد يؤجل موعد افتتاحه إلى أجل غير مسمى".

ووفقا لتصريحات معنيين عبر وسائل إعلام، فإن الملعب يتسع 30 ألف متفرج، وانه من أبرز المنشآت الرياضية التي يجري العمل على إنشائها في غربي البلاد.

ورغم الطابع الاستراتيجي للمشروع، فإن ما يُثار حوله من عراقيل يكشف هشاشة التخطيط في التعامل مع المشاريع الكبرى في المحافظات المحررة، فضلا عن المحافظات الأخرى.

إلى ذلك، يقول لاعب نادي الرمادي السابق عمر حسين، أن "إنجاز هذا الملعب يعني فتح باب الأمل لمئات اللاعبين الشباب في المحافظة، وخلق بيئة حاضنة للتدريب والاحتكاك، وربما تأسيس دوري محلي يليق بحجم المواهب في الأنبار".

ويضيف في حديث صحفي قائلا أن "غياب ملعب متكامل حرمنا سنوات من استضافة البطولات والفعاليات، وكان سبباً رئيساً لعزوف الكثير من اللاعبين عن الاستمرار".

ويعاني قطاع الرياضة في الأنبار ضعف الدعم المؤسسي، وقلة الموارد المالية، وغياب البنى التحتية، إضافة إلى عدم وجود برامج تطوير حقيقية تستثمر طاقات الشباب، رغم اتساع القاعدة الشعبية للرياضات المختلفة، وفي مقدمتها كرة القدم.

*****************************************************

بفعل أزمة المياه مربو الأسماك يتعرضون إلى خسائر فادحة

متابعة – طريق الشعب

كشف رئيس جمعية منتجي الأسماك في العراق إياد الطالبي، عن تعرض مربيّ الأسماك خسائر فادحة جراء شح المياه وارتفاع درجات الحرارة، مشيراً إلى أن الإنتاج تراجع إلى أكثر من 50 في المائة.

وأوضح في حديث صحفي أن "الإرباكات التي حصلت نتيجة قلة الإطلاقات المائية من وزارة الموارد المائية، دفعت الوزارة إلى تقليل عدد المنافذ المائية المخصصة لمزارع الأسماك، ما تسبب في انخفاض كبير في حجم زراعة الاسماك".

وأضاف قوله أن "الوزارة بدأت أيضاً بردم عدد من المبازل التي كانت تُستخدم لري مزارع الأسماك، خصوصاً تلك المرتبطة بمشروع النهر الثالث، واعتبرتها تجاوزاً، ما فاقم الأزمة بالتزامن مع ارتفاع درجات الحرارة".

وبيّن الطالبي أن "هذه الظروف القاسية تسببت في نفوق مئات الأطنان من الأسماك في مزارع مرخصة رسمياً، وهو ما أدى إلى خسائر تقدر بملايين الدنانير، ودفع بعدد من المشاريع إلى التوقف أو الاندثار"، مشيرا إلى أن "الضغط في الإنتاج انعكس على الأسعار. حيث تم عرض الأسماك في الأسواق بأسعار أقل من المعتاد".

فيما لفت إلى ان "الأمانة العامة لمجلس الوزراء شكلت لجنة مشتركة بالتعاون مع وزارتي الموارد المائية والمالية وجمعية منتجي الأسماك للعمل على إيجاد أنظمة بديلة حديثة لتربية الأسماك"، منوّها إلى ان "هذه الأنظمة تعتمد على تقنيات متقدمة في تدوير المياه. حيث لا تتطلب أكثر من 10 في المائة من الكمية التي كانت تستخدم سابقاً، وهو ما قد يساهم في إعادة إنعاش قطاع تربية الأسماك في البلاد".

**********************************************

مواساة

  • تنعى اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في الديوانية ومعها اللجنة الأساسية في الشامية، الرفيق جواد كاظم (ابو مهند)، الذي توفي بعد صراع مرير مع المرض.

للفقيد الذكر الطيب دوما ولعائلته وذويه الصبر والسلوان.

  • تتقدم منظمة سلام عادل للحزب الشيوعي العراقي في البصرة، بخالص العزاء والمواساة إلى عائلة الرفيق حمدي كريم حوشان (أبو كريم)، بوفاته.

الذكر الطيب للفقيد والصبر والسلوان لعائلته ورفاقه.

  • تعزي منظمة الحزب الشيوعي العراقي في الزبيدية/ اللجنة المحلية في واسط، عائلة الشخصية الوطنية اليسارية كاظم نعمة رفيش (ابو رواء)، بوفاته.

له الذكر الطيب ولأسرته الصبر والسلوان.

  • تنعى اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في مدينة الثورة، الرفيق راضي المطيري (أبو محمد).

كما تنعى تنعى اللجنة المحلية الرفيق محمد جاسم مطر عضو اساسية الشهيد أبو هديل.

لهما الذكر الطيب ولأهلهما ورفاقهما الصبر والسلوان.

********************************************

أهالي حي الزهراء في الصويرة: متى يُفتتح مركزنا الصحي الجديد؟!

الصويرة – سيف فاضل

شكا عدد من أهالي حي الزهراء في قضاء الصويرة شمالي واسط، من تأخر افتتاح المركز الصحي الجديد في الحي، رغم اكتمال بناؤه قبل فترة.  وأوضحوا لـ"طريق الشعب"، أن هذا المركز، وهو بديل عن مركز صحي قديم سابق، نُفذ ضمن مشاريع الأمن الغذائي والدعم الطارئ لسنة 2022، بهدف تعزيز الخدمات الصحية المقدمة لأهالي المنطقة، مبينين أن كوادر المركز الصحي السابق تزاول عملها في منزل مُستأجر لا يصلح أن يكون مركزا صحيا.  وطالب الأهالي بالإسراع في افتتاح المبنى الجديد، وتزويده بالكوادر والأجهزة والمواد المطلوبة، وإنهاء معاناة المواطنين الذين باتوا ينقلون مرضاهم إلى مراكز صحية في مناطق أخرى.  هذا ويعتقد عدد من المواطنين أن المركز سيُفتتح مع قرب حلول الانتخابات، كي يكون "دعاية انتخابية دسمة"! جدير بالذكر، انه في يوم 29 تموز الفائت، زارت لجنة هندسية يرافقها ممثلون عن حكومة واسط المحلية وعن قطاع الصحة، مبنى المركز الصحي، وذلك لإجراء كشف الاستلام الأولي.

******************************************

الصفحة السادسة

853 من أصل 6 آلاف شاحنة مساعدات دخلت خلال 10 أيام أطباء عادوا من غزة إلى أوروبا يوثقون قصصهم: هل بقيت لدينا ذرة من الإنسانية؟

رام الله - وكالات

أعلن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، أمس الأربعاء، أن 853 شاحنة مساعدات فقط دخلت القطاع خلال 10 أيام، من أصل نحو 6 آلاف شاحنة كان يجب أن تدخل لتلبية الحد الأدنى من الاحتياجات، في الأثناء وثقت صحيفة لوموند شهادات أطباء عادوا من غزة، وآثار الصدمة التي تعرضوا لها جراء وحشية القصف الإسرائيلي.

عجز حاد في المساعدات

وقال في منشور على تلغرام: "إجمالي عدد شاحنات المساعدات التي دخلت قطاع غزة منذ 10 أيام بلغ 853 شاحنة فقط، من أصل نحو 6 آلاف شاحنة كان ينبغي أن تدخل خلال نفس الفترة، أي بمتوسط 85 شاحنة يوميا".

وأوضح المكتب الحكومي أن الحد الأدنى المطلوب يوميا لتأمين الاحتياجات الصحية والغذائية والخدمية للفلسطينيين في غزة لا يقل عن 600 شاحنة، ما يشير إلى عجز حاد في تدفق المساعدات.

ورغم "سماح" إسرائيل بدخول تلك الشاحنات، فإنها سهلت عمليات سرقتها ووفرت الحماية لذلك، وفق بيان سابق للمكتب الإعلامي.

ومؤخرا، حذر برنامج الأغذية العالمي من أن "ثلث سكان غزة لم يأكلوا منذ عدة أيام"، واصفا الوضع الإنساني في القطاع بـ "غير المسبوق في مستويات الجوع واليأس".

مجاعة "ترتكب" منذ 22 شهراً

ورغم تكدس شاحنات المساعدات على مداخل قطاع غزة، تواصل إسرائيل منع دخولها أو التحكم في توزيعها خارج إشراف الأمم المتحدة.

والثلاثاء، أكدت الأمم المتحدة أن قطاع غزة بحاجة إلى مئات شاحنات المساعدات يوميا لإنهاء المجاعة التي يعانيها جراء الحصار وحرب الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل منذ 22 شهرا.

لا كلمات تصف بدقة جحيم القطاع

قالت صحيفة لوموند إن 5 أطباء وممرضتين نفذوا عدة مهمات إنسانية في قطاع غزة منذ تشرين الثاني 2023، حدثوها عن استحالة تلبية احتياجات السكان هناك، وكيف أثرت هذه التجربة فيهم.

وتبدأ الصحيفة -حسب المقابلة التي أجرتها كلوتيلد مرافكو- بشهادة طبيب الطوارئ الفرنسي مهدي الملالي (33 عاما) الذي قضى 3 أسابيع في غزة أثناء مهمة نظمتها منظمتا الرحمة وبال ميد أوروبا، فهو يقول إنه لا كلمات تصف بدقة جحيم قطاع غزة، ويعتذر بعد أن غلبته العواطف قائلا "جزء مني عالق هناك. أجد صعوبة في التوقف عن التفكير".

ويقول جراح العظام فرانسوا جورديل إنه يعود وقد تغير تماما، مؤكدا أن غزة حالة فريدة، "القصف متواصل، والناس لا يستطيعون الفرار. جميع السكان متضررون".

5 إلى 6 صواريخ في الدقيقة!

وقد اتفق 5 أطباء وممرضتان، بينهم 6 فرنسيين وسويسرية، شاركوا في مقابلة مع الصحيفة، على أنهم صدموا من النسبة المرتفعة جدا للأطفال بين الضحايا والجرحى الذين عالجوهم، مستنتجين من ذلك الطبيعة العشوائية للقصف الإسرائيلي.

وأول ما رآه الأطباء عند وصولهم أنقاضا وهياكل مبان محطمة، وكان أزيز الطائرات المسيرة المزعج والانفجارات التي تمزق السماء ملء أسماعهم طوال الوقت.

وقد أحصى فرانسوا جورديل، الذي سافر مع منظمة أطباء بلا حدود غير الحكومية "أحيانا ما يصل إلى 5 أو 6 صواريخ في الدقيقة"، يقول "كان القصف عنيفا للغاية، كزلزال. اهتز المستشفى بأكمله بفعل موجات صدمية. المرضى على الأرض ممزقون".

30 جريحا من عائلة واحدة

وتحدثت كارين هوستر بصراحة، وهي ممرضة نفذت حوالي 20 مهمة إنسانية حول العالم منذ عام 2014، وسافرت إلى غزة 3 مرات في عام 2024 كمديرة للأنشطة الطبية في منظمة أطباء بلا حدود، وهي تقول "كان المرضى مستلقين على الأرض، منزوعي الأحشاء. عندما ماتوا، دفعناهم إلى زاوية. لم يكن لدينا وقت لنقلهم إلى المشرحة لأن جرحى آخرين كانوا يصلون".

ويتذكر مهدي الملالي أنه استقبل في المستشفى الإندونيسي حوالي 30 جريحا من عائلة واحدة كانوا نائمين وقت الانفجار، يقول "كانت الأم مضطربة بعض الشيء، لم تكن تدري ماذا تفعل. أخبروها أن أحد أبنائها قد توفي. قبلته على جبينه، ثم بدأت تعد أطفالها الآخرين وهي تبحث عن ابنها الرابع الذي لم يكن موجودا، ولم يعثر عليه قط".

*******************************************

الشيوعي السوداني: الحل في يد الجماهير

الخرطوم – وكالات

قال الحزب الشيوعي السوداني، في افتتاحية صحيفة "الميدان" الصادرة عن الحزب، انه منذ اندلاع الحرب في 15 نيسان 2023 وحتى يومنا هذا، عُقدت عشرات الورش والمؤتمرات والاجتماعات في الخارج، وتوالت المبادرات تباعًا: منبر جدة، جنيف، لندن، القاهرة، المنامة، جيبوتي، وأخيرا وليس آخرا، واشنطن. ومع ذلك، لم تفلح أيٌّ منها في إيقاف الحرب أو حتى في التخفيف من الكارثة الإنسانية والمجاعة المتفاقمة التي تسببت فيها الحرب.

وأضاف، "لقد أكدنا مرارا، وفي بيان المكتب السياسي الأخير على وجه الخصوص، أن هذه المبادرات لا تُعنى فعليًا بحجم المأساة التي تطحن شعب السودان، بل تدور في فلك مصالح القوى الإقليمية والدولية المتورطة في الحرب، وتركّز على ضمان بقاء وكلائها على رأس السلطة في أيّ تسوية مرتقبة".

 وقال الحزب، إن هذه المبادرات ليست منفصلة عن صراع المصالح بين أقطاب النظام الرأسمالي العالمي، الذي يسعى لإعادة تقسيم النفوذ ونهب الموارد، والتحكم في البحر الأحمر والقرن الأفريقي، ضمن ما يُعرف بخطة ترامب لتأمين مناطق الاستثمار الأمريكي في أفريقيا".

وبين الحزب، ان "السنوات الماضية، علمتنا بما حفلت به من خيانات ومؤامرات، أن الرهان الحقيقي هو على الجماهير، على وحدتها، وعلى قدرتها على تنظيم نفسها وبناء جبهتها القاعدية العريضة. وإن مبادرة طلائع الثورة، من قوى سياسية، ولجان مقاومة، ونقابات ديمقراطية، وتنظيمات نسائية، قد وضعت الأساس لمعركة فاصلة، معركة لا تساوم على الدم ولا تتنازل عن الوطن".

********************************************

اجتماع موسع لممثلي الكرد في سوريا لمناقشة الحوار مع دمشق

دمشق - وكالات

عقد الوفد الكردي المشترك، أمس الأربعاء، اجتماعه الدوري في مدينة القامشلي شمال شرقي سوريا، لمتابعة أعماله الداخلية ومناقشة آليات تنظيم وتنسيق المهام بين الأعضاء، في إطار المساعي الرامية لتحقيق حل عادل للقضية الكردية ضمن سوريا ديمقراطية لا مركزية.

وتخلّل الاجتماع مناقشة الرؤية الكردية المشتركة التي أُقرّت خلال "كونفرانس وحدة الصف والموقف الكردي"، حيث جرى التوسع في مناقشة بنودها، تمهيداً لمرحلة التفاوض مع الأطراف السورية المعنية، على أن تُستكمل مناقشة باقي البنود في اجتماعات لاحقة تُعقد بشكل دوري ومنتظم.

وبهذا الصدد قال المتحدث باسم المجلس الوطني الكردي فيصل يوسف، إن "الوفد الكردي مفوّض بإجراء حوار مباشر مع دمشق، بهدف التوصل إلى حل شامل للقضية الكردية في إطار سوريا ديمقراطية لا مركزية، تضمن الحقوق القومية وتصون كرامة كافة مكوناتها"، مشيرا إلى ان "وفد قسد يعمل على وضع الآليات التنفيذية لاتفاق 10 آذار، الموقع بين رئيس الإدارة الانتقالية أحمد الشرع، وقائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي".

وأكد يوسف على "جهوزية الوفد للدخول في حوار جاد مع دمشق، بمجرد إعلان الإدارة الانتقالية استعدادها لمناقشة الحقوق الكردية ضمن الإطار الوطني العام".

********************************************

الحكومة اللبنانية توكل إلى الجيش مهمة إعداد خطة لحصر السلاح بيد الدولة

بيروت - وكالات

عقد مجلس الوزراء اللبناني، جلسة استثنائية برئاسة رئيس الحكومة نواف سلام لمناقشة خارطة طريق لنزع سلاح "حزب الله"، وسط تصاعد الضغوط الأمريكية ومخاوف من تصعيد إسرائيلي وشيك في حال عدم اتخاذ خطوات ملموسة.

وأعلن وزير الإعلام بول مرقص بعد الجلسة أن مجلس الوزراء قرر تحديد مهلة حتى نهاية العام الجاري لتوحيد السلاح بيد الدولة اللبنانية، على أن يُقدّم الجيش اللبناني خطة تنفيذية لتحقيق ذلك.

وأوضح أن النقاش في بند "حصر السلاح" لم يُستكمل، وسيتواصل في الجلسة المقبلة، وربما يمتد إلى جلسات لاحقة إذا اقتضت الحاجة. وأشار مرقص إلى انسحاب وزراء الثنائي الشيعي اعتراضًا على هذا القرار، مؤكدًا في المقابل أن الحكومة "تقف على مسافة واحدة من جميع اللبنانيين"، وتعمل على حماية الأمن والاستقرار، مع الالتزام بالقرار الدولي 1701، والتشديد على حق لبنان في الدفاع عن نفسه في حال التعرض لأي عدوان.

في وقت سابق، أدلى الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم بتصريحات شديدة اللهجة رفض فيها أي اتفاق جديد خارج إطار التفاهم القائم بين لبنان وإسرائيل، محذرًا من أن "أي جدول زمني لنزع السلاح يُطرح تحت سقف العدوان الإسرائيلي لن يُقبل به".

وأضاف: "إذا قررت إسرائيل خوض الحرب، فإن المقاومة ستدافع، والجيش سيدافع، والشعب سيدافع، وستسقط الصواريخ على الكيان الإسرائيلي، وهذا ليس في مصلحة إسرائيل"، في أبرز تصريح له منذ توليه المنصب عقب اغتيال سلفه حسن نصر الله في الحرب الأخيرة.

******************************************

في الذكرى الـ80 لمأساة هيروشيما وناغازاكي يتزايد خطر الحرب النووية مجدداً 

رشيد غويلب

في يومي 6 و9 آب 1945 ألقت الطائرات الامريكية قنبلتين نوويتين على مدينتي هيروشيما وناغازاكي اليابانيتين على التوالي. وأدت الجريمة إلى قتل 100 ألف مواطن في الحال.

وخلال نفس العام فقد 130 ألفا حياتهم متأثرين بما أصابهم نتيجة التفجيرين. وفي السنوات اللاحقة فقد مئات الآلاف حياتهم بسبب هذه المأساة، ولم يبق من مجموع سكان مدينة هيروشيما، البالغ عددهم حينها 350 الفا، سوى 70 الفا. وحتى اليوم لم تسلم الأجيال الجديدة حديثة الولادة من التشويهات الخلقية أيضا.

والغريب ان دعاة الحرب في البلدان الرأسمالية المتطورة ما زالوا يقللون من بشاعة الجريمة، ويعيدون ما قالته ماكنة الدعاية الامريكية من أكاذيب حولها، مدعية ان قصف ثاني أكبر مدينتين في اليابان بالقنابل النووية سهّل تسريع انهاء الحرب في المحيط الهادي في 2 آب 1945، واستسلام اليابان من دون قيد او شروط في 15 منه.

خطر محدق

في عام الذكرى الثمانين تتسع وتتصاعد الحروب التقليدية ومعها يتصاعد أيضا التهديد بحرب نووية محدودة أحيانا ومنفلتة أحيانا أخرى. لقد هدد دونالد ترامب روسيا بالأسلحة النووية يوم الجمعة الفائت. ويكتسب التهديد الكثير من الجدية، لأن استخدام القنابل النووية لم يكن يومًا من المحرمات بالنسبة للولايات المتحدة الامريكية، ولعل الذكرى الثمانين خير دليل على ذلك.

ومنذ امتلاك إسرائيل للسلاح النووي تعمل على تدمير أي قدرات نووية سلمية كانت او حربية لأي بلد تعتبره خطر عليها، او على هيمنتها في إطار "الشرق الأوسط الجديد". ويمكن هنا الإشارة إلى تدمير المنشآت النووية العراقية في عام 1981، والهجمات على المنشآت النووية الإيرانية.

ومن جانبها تستخدم روسيا قدراتها النووية كورقة ضغط تكتيكية، وهي ورقة دأب الرئيس الروسي بوتين، منذ غزو أوكرانيا، على التهديد به.

والأهم من ذلك كله، لا يوجد ما يشير إلى أن آخر معاهدة متبقية للحد من الأسلحة النووية بين الولايات المتحدة وروسيا ستُمدد إلى ما بعد شباط 2026. إن إنهائها، الذي بدأه ترامب خلال ولايته الأولى وأرجأه بايدن خمس سنوات، من شأنه أن يزعزع استقرار ما يُسمى بتوازن الرعب.

ويعمل حلف الناتو على هذا الأمر مرارًا وتكرارًا منذ 76 عامًا. شمل توسع الناتو شرقًا "ضمانًا نوويًا" للدول الأعضاء الجديدة. كان الاقتراب من المنشآت العسكرية الاستراتيجية لروسيا خطوة مدروسة.

والآن، ينضم الحلفاء الأوروبيون، الذين دعموا دائمًا التقدم النووي للحلف، بشكل متزايد. على سبيل المثال، تخطط الحكومة الألمانية لنشر أنظمة أمريكية جديدة متوسطة المدى قادرة على حمل رؤوس نووية بدءًا من عام 2026، على أراضيها.  وطلبت صواريخ بعيدة مدى من الولايات المتحدة. ويريد الرئيس الفرنسي ماكرون إنشاء برنامج "المشاركة النووية" الخاص به في أوروبا الغربية؛ وفي منتصف تموز الفائت، سلمت قاذفات أمريكية قنابل هيدروجينية إلى بريطانيا لأول مرة منذ سنوات عديدة. ويدعو حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي/الاتحاد الاجتماعي المسيحي وحزب البديل لألمانيا اليميني المتطرف بالفعل إلى امتلاك ألمانيا أسلحة نووية. ولم تعد وزارة الخارجية الألمانية تشارك في المداولات حول معاهدة حظر الأسلحة النووية.

خزين تدميري

ومعلوم أن الاسلحة النووية المتبقية لدى الولايات المتحدة وروسيا الإتحادية وفرنسا والصين والهند وباكستان والهند وإسرائيل وكوريا الشمالية تكفي للقضاء على الجنس البشري عدة مرات.

لقد شكل قصف المدينتين اليابانيتين بالسلاح النووي، المدخل الحقيقي لحقبة الحرب الباردة بين المعسكرين الرأسمالي بقيادة الولايات المتحدة الامريكية، والاشتراكي بقيادة الاتحاد السوفييتي. وعلى الرغم من مرور 34 عاما على تفكك الأخير وحل حلف وارشو، إلا أن العالم يعيش حربا باردة جديدة.

أما اليابان، التي عانت من مئات الآلاف من الوفيات والإصابات والأمراض الخطيرة بعد آب 1945 بفترة طويلة، فتتخلى هي الأخرى عن موقفها السلمي وتعيد تسليح نفسها. ويقول ناشط السلام الياباني تيرومي تاناكا، البالغ من العمر 93 عامًا، والذي نجا من كارثة القنبلة النووية: "كل قنبلة تُشكل خطرًا أمنيًا لأنها قابلة للاستخدام في نهاية المطاف. وقد أثبت التاريخ ذلك.

لذلك تطالب قوى اليسار في جميع انحاء العالم بإيقاف عمليات تطوير اسلحة نووية جديدة، وبإتلاف المخزون منها، وايقاف عمليات سباق التسلح في مجال الأسلحة التقليدية. ويشدد أغلب هذه القوى على حل حلف الناتو نظرا لانتفاء الأسباب الموجبة لاستمراره، وإبداله بنظام عالمي جماعي للأمن والسلام، بمشاركة روسيا الإتحادية وعلى قدم المساواة مع البلدان الغربية المتطورة عسكريا، والتوقف عن استخدام الحرب والعسكرة وسيلة لحل النزاعات الدولية.

ومنذ عام 1947 يستذكر سكان المدينتين اليابانيتين سنويا المأساة، ومعهم مئات الآلاف من رافضي الحرب ودعاة السلام في أنحاء كثيرة من العالم، مؤكدين بشاعة ما حدث ومنوهين بقيم الأمن والسلام. ويتوجه العديد من الشخصيات المعروفة عالميا ومحليا، سياسيا ودينيا وثقافيا ومن ممثلي الأحزاب السياسية ونشطاء حركة السلام ومراكز البحث في هذه القضايا، مطالبين بعالم خال من الأسلحة النووية، وبحلول سلمية للصراعات المستعرة في العالم.

*****************************************

الصفحة السابعة

تعديل قانون الأحوال الشخصية يثير الجدل.. تهميش القضاء واضطهاد النساء

بغداد – طريق الشعب

في خضم السجال المستمر حول التعديلات الأخيرة على قانون الأحوال الشخصية، تتعالى الأصوات المحذرة من تداعياتها على استقلال القضاء وحقوق النساء والأطفال، وسط غياب مدونة قواعد التي كان يفترض إصدارها في حزيران الماضي. شخصيات قانونية وحقوقية، إلى جانب ممثلي قوى سياسية، أكدوا على أن ما يحدث اليوم هو تراجع خطير عن المكتسبات القانونية والدستورية، ودعوا المحكمة الاتحادية إلى إعادة الأمور إلى نصابها.

القضاء أصبح ناقلا للقضايا

وفي هذا الصدد، قال سكرتير الحزب الشيوعي العراقي، رائد فهمي لـ "طريق الشعب" إن موقف الحزب الرافض لتعديل قانون الأحوال الشخصية انطلق من أسس مبدئية تتعلق بحقوق المرأة، موضحا أن "من بين الأسباب التي استندنا إليها في رفض التعديل، إضعافه لسلطة القضاء.

وأشار فهمي إلى قيام القضاء بإحالة شكاوى تتعلق بنساء تعرضن لمشاكل عائلية، إلى المجلس العلمي في ديوان الوقف الشيعي، وأن هذا المجلس غالبا ما يصدر قرارات لا تنصف المرأة. وأضاف "نحن اليوم أمام قضيتين سبق أن نبهنا إلى خطورتهما، الأولى أن القضاء تحوّل إلى مجرد ناقل للمشاكل إلى المجلس العلمي، ما يضعف سلطته، والثانية أن قرارات المجلس ليست في صالح المرأة وتتعارض مع المادة 188".

وبيّن أن القانون 188 طبق منذ عام 1960 ولم تسجل أي مشاكل تذكر، حسب اعتراف القضاء نفسه، وأن التعديل الأخير أعاد البلاد إلى الوراء بعكس الاتجاه العالمي في حماية حقوق المرأة.

وتابع فهمي "بينما يخطو إقليم كردستان خطوات متقدمة في قوانين الأحوال الشخصية، نحن في بغداد نسير إلى الوراء. المجلس العلمي لم يصدر حتى الآن المدونة المفترضة التي كانت مقررة في حزيران الماضي، وهو ما يضعنا أمام فراغ قانوني خطير".

وأكد أن هناك حاجة ملحة لرصد حالات الانتهاك ومتابعة الطعن المقدم للمحكمة الاتحادية، مضيفا: "بناء على قرار المحكمة، ستتواصل منظمات المجتمع المدني إجراءاتها في كشف الانتهاكات والضغط باتجاه تعديلات جديدة".

القاضي يدون الحكم ورجل الدين يصدره

من جانبه، قال المحامي محمد جمعة لـ "طريق الشعب" إن "التعديلات سلبت القضاة سلطاتهم"، مضيفا: "اليوم يصدر الحكم القضائي بناء على رأي المجلس العلمي في الوقف الشيعي، فيصبح رجل الدين هو من يصدر الحكم، بينما القاضي يقتصر دوره على التدوين فقط".

ووصف جمعة هذه الممارسة بأنها "مؤلمة" للقانونيين، مؤكدا على أن "الدولة المدنية وحقوق الإنسان في أنفاسها الأخيرة، ولم تعد هناك حقوق للمرأة والطفل".

وأشار إلى أن دعوى قضائية تم رفعها لدى المحكمة الاتحادية العليا، معربا عن أمله أن تنتصر المحكمة للدستور، خاصة وأن ما يجري الآن مخالف للمادة 88 التي تنص على "لا سلطة على القضاء غير القانون".

وأضاف: "هناك مئات القضايا التي تحسم اليوم بأحكام صادرة من المجلس العلمي، أما المدونة فلاتزال لدى مجلس الدولة، وعدم إنجازها يخدم الجهات التي أجرت التعديلات ولا تجد مصلحة في إصدارها".

انتهاك لحرية المذهب

في السياق ذاته، قالت المديرة التنفيذية لشبكة النساء العراقيات، أمل كباشي، لـ "طريق الشعب" إن متابعة تنفيذ قانون الأحوال الشخصية أظهرت وجود انتهاك لحرية المذهب، حيث تتم التحولات إلى المذهب الجعفري بقرار منفرد من الزوج دون علم أو موافقة الزوجة.

وأكدت على أن القضاء بدأ يأخذ بآراء شرعية صادرة من المجلس العلمي في الوقف الشيعي، رغم أن الأخير ليس جهة مختصة بإصدار الأحكام الشرعية حسب قانون الوقف. واعتبرت كباشي أن ما يجري يعد تدخلا تنفيذيا في عمل القضاء، ويتعارض مع مبدأ استقلاليته ووحدة أحكامه، قائلة إن "هذا مخالف للدستور الذي نص صراحة على استقلال القضاء".

وأضافت أن الموقف لا يزال غامضا بشأن مدونة قواعد السلوك، التي كان يفترض أن تصدر بالتزامن مع التعديل، ما يزيد من إرباك المشهد القانوني والقضائي في البلاد.

هل يسري التعديل على الطلاق  بأثر رجعي؟

وفي سياق الجدل القانوني حول التعديلات، أكد القاضي المتقاعد سالم روضان الموسوي في تصريح اطلعت عليه "طريق الشعب" أن التعديل الجديد لا يسري على حالات الطلاق التي وقعت قبل تاريخ نفاذه، أي قبل 17 شباط 2025، وهو تاريخ نشره في جريدة الوقائع العراقية.

وبيّن الموسوي أن توصيات المجلس العلمي التي حرمت الزوجة المطلقة من حقوقها، ومنها المهر المؤجل أو التعويض عن الطلاق التعسفي، تخالف التشريعات النافذة، لا سيما وأن تلك الحقوق كانت مقررة للمرأة قبل نفاذ التعديل، ولا يجوز إلغاؤها بأثر رجعي.

واستند الموسوي إلى مواد قانونية ودستورية عدة، منها المادة (19/تاسعا) من الدستور التي تمنع سريان القوانين بأثر رجعي، وكذلك المادة 10 من القانون المدني، والمادة (1/ثانيا) من قانون النشر في الجريدة الرسمية.

وأضاف أن توصيات المجلس العلمي اعتمدت على المادة 2 من القانون المعدل، لكنها لا تسري على الحالات السابقة لنفاذه، وبالتالي فإن المحاكم ليست ملزمة بالإحالة إلى المجلس في مثل تلك القضايا.

وختم بالقول: "الحقوق التي كسبتها المرأة المطلقة قبل 17/2/2025 تبقى قائمة بموجب التشريعات النافذة لحظة وقوع الطلاق، ولا يجوز الالتفاف عليها تحت أي مبرر قانوني أو ديني".

وأخيرا، ان تعديلات قانون الأحوال الشخصية لم تمر بهدوء، إذ فجرت جدلا واسعا حول سيادة القانون، ودور الدين في التشريع، ومستقبل الدولة المدنية. الجميع يترقب قرار المحكمة الاتحادية، فيما تتكثف جهود المنظمات الحقوقية لإعادة الاعتبار للقانون والدستور وضمان إنصاف المرأة العراقية.

*****************************************

عين المرأة.. حقوق المرأة.. وخطابات الرهان والمزايدة

انتصار الميالي

بخطابات رنانة ومؤتمرات برجوازية هكذا تستذكر الحكومة العراقية الإبادة والمجازر التي نفذتها عصابات داعش الإرهابية بحق الطائفة الايزيدية، وذلك في مؤتمرٍ رعته الحكومة بحضور "نوعي وكمي" تم اختياره على اعتباراتٍ مختلفة، تخللته خطابات رسمية تضمنت سطوراً منمقة، تراها السلطات بانها منجزاتٍ تم تحقيقها لتعويض هذه الفئة عما لحق بهم من جرائم وحشية لا يمكن أغفالها والتغاضي عنها! بينما الواقع يقول عكس ذلك إذ ما زالت مقومات الحياة ضئيلة، وتعويضات جبر الضرر وآليات الحماية تكاد تكون مخيبة للآمال. في المقابل هناك ما يقارب الفي امرأة وفتاة ما زلن مختطفات ورهينات للاتجار والاغتصاب وأبشع صور الانتهاكات المهينة.

اليوم وبعد مرور ما يقارب 20 عاما على كتابة الدستور العراقي لسنة 2005، والذي تضمن نصوصاً ليست قليلة تكفل وتؤكد على العدالة والمساواة في حقوق الإنسان، ومنها حقوق المرأة وهي ليست حقوقا قابلة للمزايدة، ولا يمكن التسامح فيها أو التنازل عنها، خصوصاً بعد الانتهاكات الصارخة لحقوق المرأة خلال العامين الأخيرين، والتي بدأت بقانون الأحوال الشخصية 188 مرورا بمحاولات تقويض الحريات، وصولا الى خطابات التمييز والتشهير والإساءة للمدافعات والعاملات في المنظمات النسوية والانتهاكات الأخرى التي لا تعد ولا تحصى.

لنبقى على مقربة من الحدث وهو ذكرى الابادة الجماعية في سنجار، إذ تؤكد السلطات مرة أخرى انها ماضية في تقييد حرية التعبير، عندما حاولت الأجهزة الأمنية المتواجدة في ساحة التحرير ببغداد منع عشرات الناشطات والمتضامنين الذي تجمعوا لاستذكار هذه الفاجعة الأليمة. ومن هنا لا يمكننا وصف الحكومة ومؤسساتها الا بانها حكومات استبدادية، ورغم الحديث عن الديمقراطية إلا ان النساء يواجهن قيودا مجتمعية تختلف من محافظة لأخرى، بينما باتت سيادة القانون هشة، والنساء غير قادرات على حماية حقوقهن.

ومتى ما اعترفت الحكومة باحترام حقوق المرأة وانها شريكة أساسية بعمليات التنمية والبناء والإعمار، يزداد احتمال وصول النساء للعدالة في ظل مؤسسات مستقلة ومهنية. ويمكن للمرأة أن ترفع صوتها ضد الانتهاكات، عندها تتمكن الفتيات من التعليم، والنساء من العمل، والمشاركة الفاعلة في الترشيح والتصويت في الانتخابات. وعندما تكون الاقوال مرهونة بالأفعال وفق سياسات صحيحة، يتحول خوف النساء الى ثقة، وهن يدركن ان وراء مواجهة الاستبداد والممارسات التعسفية، دوما، هناك أمل ببناء دولة مدنية ديمقراطية آمنة ومستقرة تحترم مواطنيها ذكورا وإناثا من دون تمييز.

****************************************

محكمة باريس تعيد الأمل للنساء الإيزيديات

متابعة – طريق الشعب

بعد سنوات من الاستعباد والاختفاء، عادت قضية النساء الإيزيديات إلى واجهة العدالة الدولية مع إعلان محكمة باريس محاكمة الفرنسية سونيا مجري بتهمة المشاركة في جرائم داعش الارهابي، وعلى رأسها استعباد النساء الإيزيديات.

النساء الإيزيديات كنّ الضحايا الأبرز لاجتياح داعش لقضاء سنجار عام 2014، حيث تعرضن للاختطاف والاغتصاب والإجبار على تغيير الدين. وتشير التقديرات إلى اختطاف آلاف النساء، اللواتي مازال أكثر من 2000 منهن مفقودات حتى اليوم.

ويُعد تحريك قضايا في محاكم أوروبية، كما حصل سابقا في ألمانيا وهولندا والسويد، بارقة أمل في ظل بطء ملاحقة المتورطين، وسط استمرار معاناة الناجيات، سواء في المخيمات أو في مجتمعات ترفض أحيانا استيعابهن وأطفالهن المولودين في ظل العبودية.

ورغم انتهاء سيطرة داعش الارهابي، لا تزال ظروف العودة صعبة بسبب غياب الخدمات وفرص العمل، ما يبقي عشرات الآلاف من الإيزيديين، ومعظمهم نساء وأطفال، في مخيمات النزوح.

وبينما تتعثر برامج التعويض الحكومية، تواصل منظمات مثل "مبادرة نادية" و"مؤسسة الإيزيدي الحر" المطالبة بمحاسبة الجناة وإنصاف النساء، في معركة طويلة لم تنتهِ فصولها بعد.

 

***********************************************

أم لأربعة أبناء تتحدى النزاع الأسري  وتحقق 78 في السادس الإعدادي

بغداد - طريق الشعب

في قصة ملهمة تعكس صمود المرأة أمام التحديات الاجتماعية والأسرية، نجحت السيدة فاطمة علي البالغة من العمر 40 عاما، في تحقيق معدل 78 بالمائة في امتحانات السادس الإعدادي- خارجي هذا العام، رغم اعتراض زوجها ومحاولاته المستمرة لمنعها من الدراسة.

فاطمة، وهي أم لأربعة أبناء، قررت التقدم للامتحانات كطالبة خارجية بعد سنوات طويلة من الانقطاع عن التعليم. ورغم أن زوجها كان يرفض الفكرة ويقلل من شأنها، بل وصل الأمر أحيانا إلى نزاع أسري حاد ومحاولات لثنيها عن مواصلة التعليم، إلا أنها أصرت على خوض التحدي.

تقول فاطمة لـ "طريق الشعب": "قدمت على الامتحان الخارجي وأنا في قلب مشاكل زوجية كبيرة، لكني كنت أؤمن أن التعليم هو طريقي للخلاص وبناء مستقبل أفضل لي ولأطفالي. كنت أدرس ليلا بعد أن ينام أطفالي، وأخفي كتبي أحيانا عن زوجي خوفا من إثارة المشاكل".

تمكنت فاطمة من التوفيق بين واجباتها المنزلية ودراستها، متحدية الصورة النمطية التي تحصر دور المرأة في البيت فقط، لتثبت أن الإصرار يمكن أن يهزم العوائق الاجتماعية. وتطمح فاطمة اليوم إلى إكمال مشوارها الأكاديمي في كلية القانون، مؤكدة على أن "هذا النجاح ليس نهاية الطريق، بل بدايته، فقد تعلمت أن لا شيء يجب أن يقف بوجه الإرادة، حتى لو كان أقرب الناس إليك".

******************************************

الخذلان المضاعف.. زينب جواد مثالاً

نورس حسن

لم تكن المحامية زينب جواد أول ضحية، ولن تكون الأخيرة، في بلد تختطف فيه النساء لا لذنب سوى أنهن تجرأن على رفع الصوت ضد الظلم. زينب اختُطفت لأنها وقفت بوجه تعديل خطير لقانون الأحوال الشخصية، ولأنها دافعت عن حقوق النساء بعين القانون لا بمنطق العصابات المسلحة.  لكن الجريمة لم تقف عند الخطف، بل تواصلت بنشر صورها الشخصية في حملة خسيسة هدفها واضح: اغتيال معنوي بعد الخطف الجسدي.

الأسوأ من الجريمة هو الصمت. صمت المؤسسات التنفيذية والقضائية التي يفترض بها حماية المحامين، وصمت نقابة المحامين التي لم نسمع منها موقفا بحجم الفاجعة. أين موقف الدولة من هذه الانتهاكات؟ أين وزارة العدل؟ هل أصبحت حياة المحاميات ومكانتهن المهنية مباحة، تنتهك على يد السلاح والصورة والسكوت الرسمي؟

ما حدث لزينب ليس استثناءً، بل نتيجة منطقية لإفلات الجناة من العقاب، ولتراخي الدولة أمام السلاح المنفلت التي ترى في المرأة الحرة خطرا وجوديا. لا كرامة لأي مهنة، ولا قيمة لأي قانون، إذا تركت المحاميات وحيدات في مواجهة الخطف والتشهير. زينب جواد ليست ضحية فقط، بل مثال على ما وصلنا إليه من انهيار القيم، وتواطؤ مؤسسات يفترض أنها تدافع عن القانون، لا أن تخذل من يدافع عنه.

******************************************

المرأة بين القوانين الجائرة والرأسمالية الظالمة: مقاربة ماركسية

حوراء فاروق

في مجتمعاتنا الحديثة، تتردد شعارات العدالة والمساواة في المحافل الرسمية، لكن واقع المرأة يكشف عن معادلة مختلة تتكئ على منظومة قانونية تخدم مصالح طبقية محددة، وتكرس اضطهاد المرأة تحت مسميات "الخصوصية الثقافية" أو "الاستقرار الأسري".

 ومن هذا المنطلق، تطرح النظرية الماركسية قراءة تحليلية مختلفة، تعتبر أن القوانين المجحفة بحق النساء ليست مجرد أخطاء قانونية أو مخلفات ثقافية، بل أدوات في يد الطبقة المسيطرة لضمان استمرار الهيمنة الاقتصادية والاجتماعية.

القانون والمرأة: شكل قانوني لجوهر طبقي

من منظور ماركسي، لا يمكن النظر إلى القانون بوصفه حياديا أو فوق الصراع الطبقي. فالقوانين تصاغ وتطبق من قبل الدولة، التي هي، بحسب ماركس، " ليست سوى هيئة تدير المصالح المشتركة للطبقة البرجوازية باسرها". وهذا يعني أن كل نظام قانوني هو انعكاس مباشر للبنية الاقتصادية السائدة، ويهدف إلى حماية النظام القائم، لا تغييره.

وفيما يخص المرأة، نجد أن القوانين في كثير من الدول – ومنها العراق – ما زالت تتضمن مواد تعزز تبعية المرأة، مثل السماح بتأديب الزوجة (كما في المادة 41 من قانون العقوبات العراقي)، أو جعل الطاعة الزوجية شرطا للنفقة، أو تقييد حرية المرأة في العمل والتنقل دون موافقة الرجل. هذه القوانين لا يمكن فصلها عن مصالح الطبقات المالكة التي تسعى إلى الحفاظ على مؤسسة تعيد إنتاج اليد العاملة وتضمن الطاعة الاجتماعية.

المرأة كقوة عمل مهمشة

يرى ماركس وإنجلز أن المرأة في ظل النظام الرأسمالي تعامل بوصفها قوة عمل رخيصة. فهي تعمل في المنزل دون أجر، وتستغل في سوق العمل بأجور أقل وساعات أطول، دون حماية حقيقية. إن التشريعات التي تمنح المرأة إجازة أمومة محدودة، أو تحرمها من ضمانات اجتماعية عادلة، ليست فقط انتهاكا لحقوقها، بل تعبير عن رؤية رأسمالية ترى في المرأة كائنا "ثانويا" في الإنتاج.

إن هذا التهميش القانوني للمرأة ليس عرضا، بل ضرورة بالنسبة للرأسمالية، لأن بقاء النساء في مواقع هشة يسمح بتوفير جيش احتياطي من العمال المستعدين للعمل بأجور زهيدة. كما أن تكريس الصورة النمطية للمرأة بوصفها زوجة وأم فقط، يخدم النظام القائم عبر إبقاء النساء خارج ميادين التنظيم السياسي والنقابي.

القوانين والأسرة: تحالف الهيمنة الأبوية والرأسمالية

في كتاب "أصل العائلة والملكية الخاصة والدولة"، يبيّن إنجلز كيف أن الأسرة الأبوية وجدت لتضمن انتقال الملكية من الأب إلى الأبناء، ما يعني أن المرأة وضعت في موقع الخضوع القانوني والاجتماعي للحفاظ على نقاء "السلالة" وضمان توريث الثروة داخل الطبقة. هذا التحليل لا يزال صالحا حتى اليوم، حيث تتحالف القوانين مع الثقافة الذكورية لتجعل من المرأة "وصية على الشرف" لا شريكة في الحقوق.

إن تشريعات الحضانة، الطلاق، والإرث، في معظم المجتمعات، تُبقي المرأة تحت رحمة الرجل، وتكرس مفاهيم التفوق الذكوري كجزء من بنية الدولة. فحين تنتزع الحضانة من الأم لمجرد زواجها مجددا، أو تمنع من السفر بأطفالها، فإن القانون لا يدافع عن "مصلحة الطفل"، بل عن الهيكل الأبوي الذي يرى المرأة غير قادرة على الاستقلال. ولهذا، فإن النضال من أجل حقوق النساء لا يمكن فصله عن النضال ضد الرأسمالية ذاتها. فكل إصلاح قانوني يعزز مساواة النساء ويكسر احتكار الذكور للسلطة الاجتماعية هو تهديد مباشر للنظام الرأسمالي القائم على اللامساواة. كما أن المساواة الحقيقية لن تتحقق عبر قرارات فردية أو شعارات معزولة، بل من خلال ثورة شاملة تعيد توزيع الثروة والسلطة، وتضع الإنسان – رجلا كان أو امرأة – في مركز الحياة، لا على هامشها. إن معركة المرأة من أجل قانون عادل ليست معركة نسوية فقط، بل معركة طبقية بامتياز.

***********************************************

الصفحة الثامنة

وهم الأرقام  عند وزارة التعليم

محمد الربيعي*

يمر العراق بأسوأ فترة في حياته في الإنتاج البحثي الحقيقي، فبينما تدعي الوزارة بأنها ازدادت ازديادا هائلا إلا أنها تعرض أرقاما تراكمية وتهمل الأرقام المفصلة التي تظهر أنها ومنذ 2020 لا تزال تترنح في نفس المجال بزيادة بسيطة سنويا لا تتعدى اليوم عن 10بالمائة عما كانت عليه في 2020. لا تشير الوزارة إلى أن الرقم الذي تعرضه في إعلانها، وهو 69 ألفا، هو العدد التراكمي للأوراق العراقية. تخفي الزيادة الضئيلة لعدد الأوراق السنوية زيادة هائلة في النشر الزائف، فالكثير من هذه الابحاث (مع التحفظ على النزيه منها) مسروق او نتاج "مصانع الأوراق" التجارية او مقتبسة بشكل غير أمين او حتى مزورة. حقيقة الأمر أن المرحلة الحالية تشهد انخفاضا هائلا في عدد البحوث الأصيلة والحقيقية. وتخفي الأعداد حقيقة تميز هذه الفترة بنشر أوراق تفتقر إلى التأثير العلمي والمجتمعي او الجودة البحثية المطلوبة. الأهم من ذلك، أن البحث العلمي والنشر لم يتلق اي دعم مالي مباشر من الوزارة، بل تحمّل الباحثون تكاليفه بأنفسهم.

هذه مرحلة عار على البحث العراقي حقا. على سبيل المثال، حقق كثير من التدريسيين معدلات نشر عالية تتعدى 100 بحث في العام الواحد، وكيف يعقل ان يحقق استاذ جامعي إنجازا باهرا بنشر ما يقارب 230 بحثا علميا خلال مدة لا تتجاوز السنتين؟ هل هناك أي جامعة على مستوى العالم تتيح مثل هذا الحجم الهائل من الانتاج الأكاديمي؟ وهل ستقوم الوزارة بمكافأتهم "او بمعاقبتهم" على التسبب في الزيادات الزائفة في عدد الأوراق المنشورة؟

لمواجهة التدهور في الإنتاج البحثي الحقيقي في العراق، أقدم هنا بعض الحلول المقترحة التي تهدف إلى معالجة جذور هذه المشكلة. أود التأكيد على أن هذه المقترحات تخص الانتاج البحثي فقط، ولا تشمل جوانب التدريس أو الأداء العام للتدريسيين، على الرغم من إقراري بأهمية هذه الجوانب الكبيرة في الترقيات العلمية.

  1. إصلاح نظام تقييم الأداء والترقيات

 *تغيير المعايير: * يجب على وزارة التعليم العالي والبحث العلمي أن تضع معايير جديدة للترقية والتقييم لا تعتمد فقط على العدد الكمي للأوراق البحثية، بل تركز على الجودة والنوعية والأصالة. يمكن أن تشمل المعايير الجديدة:

- التأثير العلمي والاجتماعي: تقييم الأبحاث بناء على تأثيرها في المجتمع العلمي، وقدرتها على حل مشكلات حقيقية يعاني منها العراق.

- مكانة المجلة: تشجيع النشر في المجلات المجانية النزيهة والمفهرسة عالميا مع فرض شروط تثبيطية للنشر في المجلات ذات رسوم النشر.

- الشفافية في المراجعة: إنشاء لجان مراجعة مستقلة يشترك فيها أكاديميون من الخارج لتقييم الأبحاث المقدمة للترقية، والتحقق من مصداقيتها قبل قبولها.

  1. مكافحة النشر الزائف والاحتيال الأكاديمي

- انشاء لجنة أخلاقيات البحث: تشكيل لجنة متخصصة مهمتها التحقيق في حالات السرقة الأدبية، والاحتيال في البيانات، والتعاون مع "مصانع الاوراق" التجارية. يجب ان تكون لهذه اللجنة سلطة كاملة في اتخاذ إجراءات رادعة، مثل الغاء الأبحاث، او سحب الدرجات العلمية، او معاقبة الأكاديميين المتورطين.

- التوعية والتدريب: تنظيم ورش عمل ودورات تدريبية للأساتذة والطلاب حول أخلاقيات البحث العلمي، وكيفية تجنب الممارسات غير النزيهة.

- تطوير أدوات الكشف: استخدام برامج متقدمة لكشف الانتحال وبحوث مصانع الأوراق وتدقيق البيانات لضمان أصالة الأبحاث قبل نشرها.

  1. دعم مالي مباشر للبحث العلمي

- تخصيص ميزانية مستقلة: يجب على الوزارة تخصيص ميزانية مخصصة لدعم المشاريع البحثية الحقيقية والمبتكرة، بدلا من ترك الباحثين يتحملون التكاليف بأنفسهم. يمكن ان يكون هذا الدعم على شكل منح بحثية تنافسية تُمنح للمقترحات الأكثر جودة وتأثيرا.

  1. إعادة النظر في الأرقام والإحصائيات

- نشر البيانات الكاملة: بدلا من الإعلان عن أرقام تراكمية ومضللة، يجب على الوزارة أن تنشر بيانات مفصلة وشفافة عن عدد الأبحاث المنشورة سنويا، مع توضيح جودتها ومكان النشر.

- التركيز على المؤشرات النوعية: الإعلان عن مؤشرات أكثر دلالة على جودة البحث، مثل الاهتمام العالمي وبراءات الاختراع، والأوراق البحثية المنشورة في "النيجر" و"الساينس" والمجلات العالمية المصنفة ضمن أعلى النسب المئوية، وعدد المشاريع البحثية المشتركة مع جامعات دولية، او تلك التي حصلت على موارد مالية من مؤسسات دولية وتلك التي ألقيت في مؤتمرات عالمية رصينة.

هذه الحلول تتطلب إرادة سياسية وتخطيطا استراتيجيا لإعادة بناء الثقة في البحث العلمي العراقي، وتحويله من مجرد "أرقام" إلى أداة حقيقية للتنمية والتطور.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* بروفسور متمرس ومستشار دولي

**************************************************

التنافس على تصنيفات مزيّفة الجامعات الأهلية.. انفلات يُهدّد المستقبل العلمي للبلاد

بغداد – طريق الشعب

بعد أن أصبحت الجامعات والكليات الأهلية ركيزة أساسية في المنظومة التعليمية العراقية، يحذر أكاديميون من الانتشار السريع وغير المنظم لهذه الجامعات، كونه أدى إلى تدهور معايير القبول والجودة، الامر الذي يخلق فجوة في تكافؤ الفرص ويؤثر على كفاءة المخرجات.

وتستوعب هذه الجامعات ـ المرتبطة بجهات سياسية ونفوذ مالي ـ أكثر من 50% من خريجي الدراسة الإعدادية سنوياً، مما يخفف الضغط عن الجامعات الحكومية محدودة الاستيعاب، لكنها صارت تمنح شهادات مقابل المال دون الالتزام الحقيقي بالمعايير الأكاديمية، وهو ما وصفه الاكاديميون بـ"كارثة تعليمية" تتفاقم في ظل صمت حكومي واضح.

تكدس الخريجين في تخصصات معينة

يقول د. حسن فخر الدين، أستاذ جامعي مختص في التكنولوجيا، أن الجامعات الأهلية أصبحت اليوم جزءا لا يمكن الاستغناء عنه في المنظومة التعليمية في العراق. فبحسب ما يوضحه، تستوعب هذه المؤسسات أكثر من 50 في المائة من خريجي الدراسة الإعدادية سنويا، وهو أمر بالغ الأهمية في ظل محدودية الطاقة الاستيعابية للجامعات الحكومية، التي تعاني من ضعف في الإمكانيات المادية والبنية التحتية والقدرات اللوجستية.

ويضيف ان "الكليات الأهلية حلت مشكلة كبيرة جداً في استيعاب الطلبة، وهي اليوم تُكمل عقد التعليم العالي في العراق، خصوصا بعد ما يزيد على 20 عاما على تأسيس العديد منها، حيث بدأت منذ عامي 2004 و2005، وهي الآن في طور التكامل الإداري والبشري".

واحدة من الركائز التي تعزز مصداقية هذه المؤسسات، كما يرى فخر الدين هي نظام التوأمة، حيث ترتبط كل جامعة أو كلية أهلية بمؤسسة حكومية مماثلة. وتقوم الجامعات الحكومية بالإشراف على الجوانب الأكاديمية والإدارية، خصوصا في برامج الدراسات الأولية، ما يضمن حدًا أدنى من الجودة والمعايير.

لكن مع كل هذا الدور الإيجابي، لا يمكن التغافل عن الآثار السلبية التي خلفها الانتشار السريع وغير المدروس للجامعات الأهلية. ومن أبرزها، بحسب الدكتور فخر الدين، هو الاختلال في معايير القبول، حيث تصل معدلات القبول في الكليات الأهلية، خاصة في التخصصات الطبية والهندسية، إلى مستويات أدنى بكثير من نظيرتها الحكومية. "في كلية الصيدلة الحكومية، القبول يبدأ من معدل 98 في المائة، بينما تقبل الكليات الأهلية معدلات تبدأ من 80 في المائة أو حتى أقل. هذا يخلق فجوة واضحة في تكافؤ الفرص ويؤثر على جودة المخرجات التعليمية، يقول فخر الدين.

ولعل التحدي الأبرز الذي يواجهه العراق اليوم نتيجة هذا التوسع هو تكدس الخريجين في تخصصات محددة، لا سيما طب الأسنان، الصيدلة، التحليلات المرضية، وهندسة الحاسبات. هذا الإفراط في الخريجين مقارنة بحاجة السوق أدى إلى تراجع في قيمة الشهادة وارتفاع البطالة بين الخريجين.

ويخلص الى انه "برغم الإيجابيات الواضحة، فإن التجربة بحاجة إلى رقابة صارمة، وتخطيط استراتيجي بعيد المدى، حتى لا يتحول التعليم الأهلي من فرصة إلى عبء إضافي على الدولة وعلى طموحات الطلبة".

غياب المعايير الأكاديمية

أما الأكاديمي د. عبد الحسن جبار فيقول: إن ظاهرة انتشار الجامعات الأهلية لم تعد مجرد مشكلة تعليمية، بل تحولت إلى أزمة مرتبطة بالنفوذ السياسي والفساد الإداري، مشيرا إلى أن بعض هذه الجامعات منسوبة بشكل واضح إلى جهات سياسية وشخصيات نافذة، وتعمل دون التزام فعلي بالمعايير الأكاديمية المعتمدة من وزارة التعليم العالي.

ويضيف جبار لـ "طريق الشعب"، أن "هناك توسعا مريبا في عدد الجامعات والمعاهد الأهلية خلال السنوات الأخيرة، بعضها يعمل بلا بنى تحتية تعليمية حقيقية، ولا يمتلك كادرا تدريسيا مؤهلاً، ويمنح شهادات مقابل مبالغ، ما يُعد استخفافا خطيرا بجودة التعليم وحقوق الطلبة.

ويشير إلى أن "بعض هذه المؤسسات لديها غطاء غير مباشر من شخصيات سياسية أو اقتصادية متنفذة، الأمر الذي يعيق محاسبتها أو حتى مساءلتها"، مؤكدا أن "الحكومة الاتحادية تقف موقفا سلبيا شبه صامت من هذه الكارثة، حيث لم تُسجل حتى الآن أية إجراءات حازمة من قبل وزارة التعليم العالي".

ويبين جبار أنه "في إقليم كردستان تم إغلاق عدد من الجامعات الوهمية. بينما صمت السلطات في الحكومة الاتحادية يشجع على المزيد من التلاعب بالمستقبل الأكاديمي للشباب.

ويحذر الأكاديمي بالقول: "إذا لم تتخذ الحكومة خطوات فعلية وعاجلة لمراجعة وتدقيق تراخيص الجامعات والمعاهد الأهلية بالإضافة الى متابعة سير عملهم، فإننا أمام انهيار تدريجي لمنظومة التعليم العالي، وانعدام الثقة بشهاداته، وسنخسر أجيالا كاملة بسبب تهاون الدولة أمام نفوذ المال والسياسة في ميدان التعليم".

تصنيفات تجارية

وكان نقيب الأكاديميين العراقيين، مهند الهلال، قد ذكر العام الماضي ان "التصنيفات التي تتنافس عليها الجامعات العراقية، تجارية ووهمية غالباً، باستثناء تلك العالمية المعروفة مثل شنغهاي وتايمز وغيرهما. وهذه التصنيفات عبارة عن مواقع إلكترونية تضغط الجامعات على المدرسين والطلاب للنشر فيها، ما يضطرهم إلى اللجوء إلى مكاتب تمارس الاحتيال الأكاديمي في كتابة بحوث وأطروحات".

وقال الهلال أن "عدد تلك المكاتب المحتالة وصل إلى 600 مكتب داخل العراق وخارجه، وهي تتسلّط على الباحثين وطلاب الدراسات العليا العراقيين، في حين تحوّلت وزارة التعليم إلى مؤسسة ترويج لبعض المواقع الإلكترونية والمكاتب".

تزوير علمي

وضمن السياق، كرر الأستاذ الجامعي د. حيدر ناصر القول بأن "الجامعات الأهلية في العراق تلجأ في الوقت الحالي إلى استخدام مكاتب تصنيفات دولية وهمية تضاعف من تقييمها وتصنيفها العالمي بهدف تحسين صورتها أمام الطلاب وأصحاب الشهادات".

وقال ناصر لـ"طريق الشعب"، أن هذه المكاتب الوهمية تستغل حاجة الجامعات الأهلية لتسويق نفسها وتسلق سلم الترتيب العالمي من خلال منح شهادات وتصنيفات غير حقيقية، ما يضلل الطلبة وأولياء الأمور ويؤثر على مصداقية التعليم العالي في العراق.

وأضاف أن "هذا التلاعب في التصنيفات يفتح الباب أمام تزوير علمي وتسويق غير شفاف وغير موثوق به وهو ما يتطلب وقفة جادة من الجهات الرسمية والجامعات نفسها لإيقاف هذه الظاهرة التي تضر بسمعة المؤسسات التعليمية الوطنية

وأكد أن الجامعات الأهلية مطالبة بالاعتماد على معايير علمية وأكاديمية حقيقية تتوافق مع المعايير الدولية بدل اللجوء إلى مثل هذه المكاتب التي تضخم تقييمها بشكل غير شرعي، مشيرا الى ان هذه الاصلاحات المقترحة "تتطلب تشديد الرقابة وتوعية المجتمع الأكاديمي والطلابي على هذه المخاطر".

ويخلص ناصر إلى أن "استمرار هذه الظاهرة لا يؤثر فقط على سمعة الجامعات بل على جودة التعليم والمخرجات العلمية التي يجب أن تكون نزيهة وشفافة"، داعيا وزارة التعليم العالي والبحث العلمي الى "التحرك بشكل فوري وواضح لتصحيح الوضع وتعزيز الثقة بمؤسسات التعليم العالي في العراق".

****************************************

دراسة الصيدلة.. استنزاف للأموال وتنصل من المسؤولية!

متابعة ـ طريق الشعب

في وقتٍ تُكابد فيه آلاف العائلات العراقية مصاعب اقتصادية طاحنة لتأمين دراسة أبنائها في كليات الصيدلة، خرج نقيب الصيادلة، الدكتور حيدر فؤاد، بتصريح صادم حذّر فيه خريجي السادس الإعدادي من مغبة التوجه لهذا التخصص، مؤكداً أن القطاع يعاني من تضخم خطير، وأن فرص التعيين الحكومي باتت شبه معدومة.

فشل جماعي

ورغم أهمية هذا التحذير، إلا أنه كشف في الوقت ذاته عن فشل جماعي يمتد إلى وزارتي التعليم والصحة، وصولاً إلى مجلس النواب.

ووجّه نقيب الصيادلة في العراق، الدكتور حيدر فؤاد، تحذيرًا صريحًا إلى طلبة السادس الإعدادي والعوائل العراقية، داعيًا إياهم إلى إعادة النظر في اختيار دراسة الصيدلة، محذرًا من تضخم خطير في أعداد الصيادلة، وانعدام شبه تام لفرص التعيين الحكومي خلال السنوات المقبلة.

وقال فؤاد، إن "النقابة سجلت منذ عام 2019 اعتراضها الرسمي على التوسع الكبير في قبول الطلبة في كليات الصيدلة، ودعت مرارًا إلى التفكير الجدي قبل الإقدام على هذه الخطوة"، لافتًا إلى أن "المشكلة لا تكمن في رغبة الطالب، بل في مستقبل الخريج بعد التخرج".

وبيّن أن "عدد الصيادلة المسجلين حالياً يبلغ 55 ألفًا، ومن المتوقع أن يتجاوز 110 آلاف بحلول عام 2030، أي بزيادة مضاعفة خلال خمس سنوات فقط"، وهو ما يشكل، بحسب قوله، "خمسة أضعاف المعيار العالمي الذي يحدد وجود صيدلي واحد لكل 10 آلاف نسمة".

وأوضح فؤاد، أن "الواقع يشير إلى أزمة حقيقية في التوظيف"، مؤكدًا أن "ثلثي خريجي دفعة 2023 لم يحصلوا على تعيين حتى الآن، فيما لا تلوح فرص واضحة لدفعتي 2024 و2025 بسبب غياب التخصيصات المالية وعدم توفر الدرجات الوظيفية".

وكشف نقيب الصيادلة عن "تحركات مشتركة مع نقابتي الأطباء وأطباء الأسنان لتعديل قانون التدرج الطبي رقم 6 لسنة 2000"، مشيرًا إلى أن "الجهود أثمرت هذا العام برفع معدل القبول في كليات الصيدلة إلى 85 بدلًا من 79، رغم إقراره بأن المعدلات المرتفعة قد تتيح القبول لغالبية الفئات".

وأكد فؤاد أن "نقابة الصيادلة تدعم التوجه نحو القطاع الخاص وتطوير الصناعة الدوائية المحلية، انسجامًا مع رؤية الحكومة ووزارة الصحة لتوفير فرص عمل خارج الإطار الحكومي"، لكنه أشار إلى أن "سياسة القبول في الكليات لا تخضع لسلطة النقابة، بل لتوجهات وزارات التعليم العالي والتخطيط والصحة".

وختم بالقول "نحن لا نُحبط الطلبة أو عائلاتهم، لكننا نعرض الواقع كما هو. من يريد دراسة الصيدلة فليتفضل، لكن عليه ألا يبني مستقبله على أمل التعيين الحكومي، لأنه ببساطة قد لا يكون موجودًا بعد خمس سنوات".

المعايير العالمية

رغم أهمية الطرح الذي قدمه النقيب، الذي ينم عن حرصه على مستقبل الطلبة، إلا أن المعيار العالمي لاعداد الصيادلة الصادر عن منظمة الصحة العالمية (WHO) والاتحاد الدولي للصيدلة (FIP) يؤكد أن المعدل المثالي يتراوح بين 6 إلى 8 صيادلة لكل 10 آلاف نسمة.

وصدرت دعوات بشكل متزامن عبر نقابات الأطباء وأطباء الأسنان، ودعت خريجي الثانوية وأهاليهم للتأني والتفكير قبل اختيار تلك التخصصات الجامعية لتكون مهن المستقبل لهم.

ووجه نقيب أطباء العراق حسنين شبر، عبر "فيس بوك"، نصيحة الى خريجي الثانوية: "لا تقرروا الذهاب لكلية الطب قبل دراسة كل الخيارات.. فكلام الأجداد ليس بالضرورة ملائماً للمستقبل ولا حتى القريب".

واختار نقيب أطباء الأسنان أركان العزاوي، توجيه دعوته للطلاب المقبلين على الجامعات عبر التلفزيون، وظهر في لقاء متلفز ليوجه نصائح مماثلة لنصائح زميليه حول عدم اختيار تخصص طب الأسنان.

مسؤولية وزارتي التعليم والصحة

واللافت ايضا، ان وزارة التعليم العالي قد شجّعت خلال السنوات الأخيرة، التوسع الأفقي في الكليات الأهلية، وسمحت بفتح عشرات كليات الصيدلة، بعضها يفتقر إلى المعايير الأكاديمية والبنى التحتية، ما ساهم في تخريج آلاف الطلبة سنويًا دون مراعاة لحاجة السوق أو جودة التعليم.

كما تتحمل وزارة الصحة مسؤولية مزدوجة، فهي من جهة، لم تقدّم استراتيجية وطنية لتنظيم سوق العمل في القطاع الصحي الخاص والعام. ومن جهة أخرى، لم تعمل على تطوير الصناعة الدوائية أو تشجيع البحث الصيدلاني بما يخلق فرصًا بديلة للتوظيف.

ورغم علم لجنة الصحة والبيئة النيابية بحجم التضخم في عدد الصيادلة، إلا أنها لم تتحرك جديًا لتعديل قانون التدرج الطبي أو وضع تشريعات تنظم سوق العمل الصحي. ولا تزال الكتل السياسية تنظر إلى ملف التعليم العالي بمنظار الربح السياسي أو التجاري، ما يُعمّق الأزمة ويحولها إلى قنبلة اجتماعية مؤجلة.

الأزمة لا تقف عند حدود البطالة المقنّعة، بل تمتد إلى آثار نفسية ومادية تعاني منها العائلات، التي تنفق الملايين على سنوات دراسة طويلة ومكلفة، لتنتهي بأبناء عاطلين أو مجبرين على العمل خارج تخصصهم.

في المقابل، تتهرب الدولة من الاعتراف بمسؤوليتها، وتُلقي عبء القرار على الطالب والعائلة، في مشهد مقلوب يُبرّئ المؤسسات من تخطيطها الفاشل.

ما يجري في قطاع الصيدلة بالعراق ليس "ظاهرة"، بل أزمة مركبة تُنذر بانهيار أحد أعمدة القطاع الصحي.

التحذير الذي أطلقه نقيب الصيادلة، يجب أن يُؤخذ على محمل الجد. وإن لم يُتدارك الأمر بتقنين عاجل للقبولات، وتنظيم صارم للسوق، وتطوير فعلي للصناعة الدوائية، فإننا أمام مستقبل مجهول لثروات وطنية ينتظر ان تقدم خدمات للمواطنين هم في أمس الحاجة لها.

**************************************************

الصفحة التاسعة

أبو سرحان.. شمعة من شموع الحزب وصحافته

كفاح حسن

كان قسم التصحيح في مطبعة دار الرواد في بارك السعدون من الأقسام المهمة في إتمام إصدار جريدتي طريق الشعب اليومية والفكر الجديد الأسبوعية، ففيه يتم تدقيق المقالات والأخبار قبل طبعها بالشكل الذي يصل إلى القارئ.

وكان يعمل في هذا القسم مجموعة من الأدباء والشعراء، من بينهم الشاعر عريان السيد خلف، والشاعر أبو سرحان، وكوكبة من الأدباء لا زالوا في ذاكرتي، ولكنني نسيت أسماءهم. ومعهم كان يعمل الشيوعي المخموري الباسل، الفقيد حاجي جمال، في تصحيح المقالات الكردية. وكان عملهم يتم في ظروف صعبة، من ضيق الوقت للحاق بموعد طباعة الجريدة، وتنفيذ مهمتهم في اكتشاف وتصحيح كل الأخطاء المطبعية بنجاح.

ولكون أسرة طريق الشعب والفكر الجديد أسرة جمعتها مهمة سامية في إيصال صوت الحزب في أصعب الظروف، من ملاحقة أجهزة السلطة، ومقص الرقابة الحاد لهيئة التحرير، فقد أمست العلاقة متينة بين العاملين في الأقسام المختلفة. وهكذا نمت العلاقة اليومية مع العاملين في قسم التصحيح، وطالما أعانني أبو سرحان (ذياب كزار) في إرشادي إلى العبارات التي تمر دون أن يمسّها مقص الرقيب أو غضب السلطة.

فلقد كان بارعًا في تدوير الكلمات والمعاني، رغم بساطة لغته وخجله الدائم. فهو القادم من البصرة، المتشبع بطيبتها، بعد أن رحل والده إليها من شطرة الغراف.

في أبو سرحان تكتشف الشخصية الجنوبية الطيبة، المكوية بالأحزان، والحالمة بمستقبل بعيد. فهو القائل:أمشي وأگول وصلت.. والكنطرة بعيدة

دخل أبو سرحان معتقل نكرة السلمان وهو بعمر 17 عامًا، وكان أصغر السجناء عمرًا، وهناك توفرت له فرصة اللقاء بشعراء وكتّاب تركوا أثرهم في نبوغه كشاعر، فكان منهم مظفر النواب، وزهير الدجيلي، وناظم السماوي، وآخرون. لكنه احتفظ بأسلوبه الخاص في كتابة أشعاره، فأسلوبه متميز، ورغم بساطته، كان من الصعب تقليده.

عاش قصة حب شجية مع "بسعاد"، التي كانت تعمل في بناية هيئة التحرير في شارع السعدون، ونجح في إقناعها بالزواج، وبذلك بدأ في تحقيق حلمه ببناء عائلة أساسها الحب، الذي كتب أجمل قصائده عنه.

لكن الهجمة بدأت على الشيوعيين بعد انهيار تحالفهم مع البعث، وبدأت حملة دموية لملاحقتهم وإجبارهم على ترك الحزب. وقذفت هذه الحملة بأبو سرحان بعيدًا عن عائلته الناشئة إلى بيروت، وسط الفاكهاني ووسط الحرب الأهلية المستعرة نيرانها. كنت معه في نفس المحطة، وعشت معاناته في الشوق إلى بسعاد وإلى بغداد.. ولكن كانت الكنطرة بعيدة.

وخلال الانسحاب من بيروت نحو دمشق في عام 1982، اعتقلته سيطرة تابعة لحزب الكتائب اللبناني، وقامت بتصفيته. ولم يُعثر على جثته التي رُميت في مكان مجهول.

وداعًا أبا سرحان، أيها الشيوعي الطيب، الذي عرض علينا جرحه المفتوح في قصائد خالدة.

وداعًا يا شهيد الصحافة الشيوعية..

**************************************

تـحـيـة وتـهـنـئـة حزب الشعب الفلسطيني في الذكرى الـ90 لانطلاق الصحافة الشيوعية في العراق

الرفيق العزيز رائد فهمي المحترم

سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي

الرفاق والرفيقات الاعزاء في المكتب السياسي واللجنة المركزية المحترمين|مات

تحية رفاقية وبعد،

 يتقدم حزب الشعب الفلسطيني ممثلاً بالأمين العام والمكتب السياسي واللجنة المركزية، منكم ومن خلالكم لعموم رفيقات ورفاق وأنصار حزبكم الشقيق وللحركة الوطنية والتقدمية في العراق، بأحر التحيات الرفاقية وخالص التهاني، لمناسبة مرور تسعين عاماً على انطلاقة الصحافة الشيوعية في العراق الشقيق.

 إن مسيرة الصحافة الشيوعية في العراق، بقدر ما مرت بصعوبات جمة وواجهته من تحديات وتحولات على مدى العقود التسعة الماضية، كانت بلا شك تجربة غنية، وخاصة على صعيد دورها المحوري في ميادين نضالات حزبكم المختلفة، والمشهد الإعلامي والسياسي، فضلاً عن قدرتها على التكيّف مع المتغيرات ومواجهة حملات الملاحقة والتضييق والقمع والتضليل. إضافة لدورها وأثرها الإيجابي والمستمر ليومنا هذا في نضالات الحركة الشيوعية والتحررية في العالم العربي.

 نثمن تجربتكم الصحفية وتمنياتنا لكم بمزيد من التقدم، وخالص تحياتنا الرفاقية

اللجنة المركزية

حزب الشعب الفلسطيني

فلسطين 1/ 8/2025

*******************************************

إذاعة ليوم واحد: صوت الأنصار من مراني

يوسف أبو الفوز

أنصار الفوج الأول في قاطع بهدينان، في عام 1987، رغم كل الظروف الصعبة والقاسية، قرروا ان يكون احتفالهم بعيد الحزب متميزا، فقرروا تنظيم (يوم احتفالي) في يوم 31 اذار، من أبرز فقراته، كانت تجربة الإذاعة الداخلية. تجربة إذاعية لنهار واحد. حيث كان البث لمديات قصيرة، أغلب مستمعي الإذاعة هم بعض سكان القرى المجاورة الذين تم ابلاغهم، وأيضا أنصار الفوج الأول الذين راحوا يستمعون إلى الإذاعة بشغف. ربما هي الإذاعة الوحيدة في العالم، التي كان مستمعيها يستطيعون الإطلال على الاستديو، ويمكنهم إيصال ملاحظاتهم مباشرة إلى العاملين داخل استديو البث. حين ولدت فكرة الإذاعة، قدمت الاقتراح وناقشت التفاصيل في اجتماع مع أعضاء مكتب الإعلام للفوج، الرفاق النصير الشاعر أبو رعد (كامل الركابي) والنصير الشاعر أبو طالب (عبد القادر البصري) والفنان التشكيلي والنحات النصير الشهيد أبو آيار (فؤاد يلدا). تم اختيار عيادة المستشفى، التي تطوع النصير الدكتور باسل (إحسان المالح)، لمنحها لمجموعة العمل لتكون أستوديو الإذاعة، وهناك قام النصير كريم مخابرة (نصرت كريم) والنصيرة بلقيس (هند وصفي طاهر)، من جماعة اللاسلكي، وبتفان بتشغيل جهاز البث اللاسلكي، ونصبوه على موجة يمكن من خلالها البث ويمكن التقاط بثها في محيط وادي مراني، في حدود القرى القريبة المحيطة بالمقر. كان يساعد جماعة اللاسلكي النصير الشهيد روبرت (خليل إبراهيم أوراها)، الذي عمل كهربائيا ومهندسا للصوت، وتم ربط المكيرفونات بجهاز البث وبسماعات الصوت التي تم توزيعها في جوانب الوادي، ووضعنا سماعة عند الساحة في وسط الوادي بين قاعة نوم الأنصار الصغيرة ومخبز لجنة إقليم كردستان، حيث تظللها بكثافة أشجار الجوز العملاقة فلا يمكن للطيران رؤية ما يجري تحتها، ووضعنا السماعة الثانية عند الساحة أمام قاعة نوم الأنصار الكبيرة. بدأنا البث حوالي العاشرة صباحا وانتهى حوالي الخامسة مساء. وكان من الضرورة أن يكون بثنا حذرا من تسريب اي معلومات تشير إلى اليوم الاحتفالي حيث يمكن للعدو الاستفادة منها، في حال تنصته على بثنا بشكل ما. حلت مشكلة تشغيل مولد الكهرباء وتوفير البنزين الكافي، وكانت عائقا جديا، بقرار من مكتب قيادة الفوج، وحصلنا على كهرباء تكفي لتشغيل الإذاعة وأجهزتها خلال الوقت الكافي. واستطعنا تدبير جهازي تسجيل لتشغيل وبث الاغاني والموسيقى، يعود الأول لأحد عوائل الأنصار، والثاني يعود إلى مكتب التحقيق تم استعارته عبر مكتب الإعلام، مع التعهد بتعويضه في حال حصول اي عطب او خلل فيها. مهندس الصوت، المشرف على الموسيقى والأغاني، النصير الشهيد روبرت، راح يعمل بحيوية، وكأنه في ستوديو إذاعة محترفة، رتب الاشرطة الموسيقية جيدا، ولم ينس ان يهيأ محطة F M من الراديو لتكون جاهزة لنستعير منها موسيقى مناسبة عند الحاجة اثناء البث.

ـ هنا إذاعة مه راني، صوت أنصار الفوج الأول للحزب الشيوعي العراقي!

دوى الصوت في جنبات الوادي وأعددنا برامج منوعة. كنت أقدم الفقرات بين البرامج، وأقرأ نشرات إخبارية موجزة عن أهم الاحداث العالمية ونشاطات الأنصار، تعليقات سياسية، بيانات لقيادة الحزب، إضافة إلى نشرة عن أحوال القرى المجاورة، بما فيها بعض أخبار الزواج. ساعدني بتقديم بعض الفقرات باللغة الكردية النصير أكرم. بين الفقرات كنا نضع موسيقى راقصة، ودبكات منوعة، على أنغامها كان الأنصار ينظمون حلقات الرقص بمختلف انواع الدبكات في ساحات المقر، وخلال ذلك كان فريق الإذاعة يقوم بأعداد الفقرات التالية او تناول طعامهم او استفتاء الأنصار عن سير فقرات برنامج البث. قدم فريق العمل عدة برامج، وكل برنامج كان مكونا من عدة حلقات، وكانت حلقات البرامج تتناوب فيما بينها، وحرصنا على اختيار فواصل موسيقية متميزة بذلنا جهدا في فرزها من أجل مساعدة المستمعين لتمييز البرامج. من أرشيف مكتب الإعلام الصوتي وللآسف الذي اضطر الأنصار لإتلافه خلال حملات الانفال وبعد البحث فيه، قدمنا تسجيلات نادرة ومؤثرة بأصوات العديد من الأنصار الشهداء، او تسجيلات بأصوات بعض الأنصار اللذين لا زالوا احياء، ولكن تمت مفاجأتهم بتقديم ذلك، اذ استطعنا تقديم أحاديث ذكريات عن معارك وأحداث وطرائف او أغان. في أثناء تقديم فقرات هذا البرنامج، حدث ان قلت:

ـ ومن بين " ركام" اشرطة الارشيف نختار لكم الآن ...

وجاءتني النصيرة أم أمجد، إلى الاستوديو، تحتج على استخدام كلمة "ركام" فاعتذرنا فورا لها وللمستمعين وصححنا الكلمة. وفي الفواصل بين فقرات هذا البرنامج الذي أسميناه (من الذاكرة) قدمنا أغاني ثورية ووطنية كردية وعربية وآشورية، وغالبا ما كانت تكون حسب طلبات مباشرة من الأنصار، اذ يطل النصير كفاح كنجي برأسه في الاستديو ويناولنا كاسيت ويقول بصيغة هي أقرب إلى الأمر منها إلى الرجاء:

ـ بلا زحمة ممكن نسمع ناصر رزازي!

ومن أبرز برامج إذاعة مراني، التي حظيت بمتابعة الأنصار، هو برنامج (في مواقع العمل) الذي قدمه النصير أبو بسام (الفنان ستار عناد)، واعددناه وفق فكرة بسيطة، حيث نسجل لقاءات مباشرة مع الأنصار، المكلفين ذاك اليوم بمهام، تجعلهم بعيدا عن المشاركة الفعلية، في الدبكات والرقصات وتفاصيل أجواء الفرح، حيث التقينا الأنصار المكلفين بحماية المقر عند موقع الاسناد، عند موقع الدوشكا في مدخل الوادي، الخبازين، العاملين في المطبخ، الطبابة والحراسات وهكذا، وسؤالهم عن مشاعرهم وامنياتهم واختيارهم لأغنية معينة يرغبون بسماعها ويتم اهداؤها عبر الإذاعة لمن يرغبون، وكنا مسبقا أعددنا مجموعة قائمة بمجموعة أغان لهذا الغرض.

وإلى جانب ما تقدم قام فريق العمل في الإذاعة بأجراء لقاءات حية على الهواء مع أغلب الأنصار المبدعين من الفنانين والشعراء والكتاب، وذلك في فقرات برنامج (معنا في الاستديو)، حيث تم اللقاء مع الفنان النصير أبو بسام للحديث عن معرض الرسوم الكاريكاتيرية، ولقاء مع النصير الشاعر أبو طالب للحديث عن تجربته الإبداعية في الشعر وليقرأ بعضا من نصوصه، والنصير الشهيد الفنان أبو آيار للحديث عن أفكار معرضه القادم، والنصير الشاعر أبو رعد، الذي نجحنا ان نحقق معه سبقا صحفيا تقدمنا فيه على إذاعة الحزب المركزية، حيث حضر إلى ستوديو الإذاعة، وقرأ لنا مباشرة قصيدته الشهيرة (شيوعيين)، وبعد ساعتين حين انتقلنا إلى بث خارجي، استمعنا عبر إذاعة الحزب (صوت الشعب العراقي) إلى نفس القصيدة ولكن مسجلة بصوت الشاعر!

***************************************

{طريق الشعب}.. مفخرة الصحافة العراقية

حسين علوان

من منا نحن الشبيبة اليافعة في عقد السبعينيات أن ينكر او لا يعترف على دور الصحافة الشيوعية في عقد السبعينيات من القرن الماضي في بلورة وعيه وأدراكه بأغنى القيم الإنسانية العظيمة تلك الجريدة التي غرست فينا حب الشعب والوطن والناس الكادحين الطيبين من الفقراء المعدمين وولجنا من خلالها دروب النضال حاملين راية الناس في بناء وطن حر وشعب سعيد، وما أجمل ما مشينا به تحملنا الصعاب والمعتقلات وأقبية الأمن المظلمة التي كانت محاجرها مكان للتعذيب والموت البطيء فكانت الشهادة وعدم الاستسلام بمواقف بطولية فذة .

طريق الشعب تلك الجريدة التي كنا نتسابق ونحن نجلس مبكرا للذهاب إلى الاكشاك والمكتبات لنقتني نسخا منها وبكل شوق ولهفة نغوص في صفحاتها الأولى بمانشيتها الكبير باللون الأحمر وهي تظهر الحدث الأبرز لذلك اليوم الذي تصدر به ثم أسماء هيئة التحرير وصاحب الامتياز ومدير الإدارة مثبتة في أعلى الصفحة الاولى وشعار الحزب المطرقة والمنجل وعلى يسار الصفحة المقال الافتتاحي الذي يوجز لك وبمهنية وإمكانية عالية الواقع السياسي للبلاد، ونتابع الصفحات تباعا الثانية شؤون دولية وأخبار عالمية تنقل لك وبحرفية ما يدور في العالم من تطورات واحداث ومواقف، ثم الصفحة الثالثة تتابع الشؤون المحلية وبتقارير مكثفة عن مطالب الناس وهمومهم اليومية وهكذا نسير مع باقي الصفحات مثل صفحة (المرأة) والتربية والتعليم وصفحة العمال وكذلك صفحة الفلاحين وصفحة الطلبة والشباب ثم الصفحة الثقافية والتقارير الدولية ثم صفحة الشعر الشعبي لكبار الشعراء وهي تنشر قصائدهم التي لا يزال بعضها خالدة لغاية اليوم، وبعدها الصفحة الرياضية التي كان يشرف عليها صحفيون من الوسط الرياضي لهم باع طويل في الصحافة الرياضية، ثم الصفحة الاخيرة للمنوعات والفنون والأخبار السريعة وكانت كل خميس تنفرد بأخبار خاصة للطفولة تحت شعار وبمانشيت أحمر كبير (مرحبا يا أطفال) للعم حسان وكان الأطفال يتابعون الصفحة وبشوق كبير وهم يحلمون برؤية العم حسان الذي كان يخاطبهم ويداعبهم تربويا بلغتهم الجميلة.

طريق الشعب جريدة الناس جميعا كانت الصحيفة الأولى التي تنفذ من الاسواق بطلب كبير عليها وهذا ما دعا السلطة الدكتاتورية للحد من نشاطها بالتضيق على الحريات العامة ومنها منع دخول الصحف إلى المدارس والكليات وباقي مؤسسات الدولة نتيجة شعورهم بالإقبال الكبير على جريدة طريق الشعب، وبدأ الخناق والتضيق على كوادر وهيئة تحريرها واعتقال البعض ومغادرة الآخرين خارج الوطن وقد استشهد الكثير من كادر الجريدة في أقبية الأمن المظلمة ورحل الكثير كمدا نتيجة السياسة الرعناء للدكتاتورية المجرمة التي ضيقت على فسحة الديمقراطية التي كانت يوما سائدة فهاجرت العقول النيرة وأغلقت الجريدة عام ١٩٧٩ لتترك فراغا فكريا وثقافيا كبيرا وانحدر مستوى الوعي بعد ان أطلق الدكتاتور حملته الإيمانية إلى مستويات بائسة ودخل في حرب لا جدوى لها بعد ان تنازل عن اتفاقية عام ١٩٧٥ وخاض حربا خاسرة مع إيران وعانى الشعب المعاناة الكبرى بعد دخول الكويت من حصار فرضه الدكتاتور على الشعب نتيجة سياسته الخاوية وعنتريته الفارغة وتكبد الشعب حصارا قاسيا أدى بالأخير إلى تسليم البلاد إلى القوى الخارجية لتتقاسم ثرواته نتيجة سياسة المحاصصة والفساد والسلاح المنفلت .

طريق الشعب لاتزال تحمل قيم تلك المبادئ العظيمة التي حملها الرواد من كبار الصحفيين العمالقة وهي تصدر بهيئة تحرير كفؤءة وكادر مهني متمكن وهي تتقدم الصحف الاخرى بكمية أعداد صدورها في الوقت الحاضر نتيجة انحسار الصحافة الورقية في عموم العالم.

طريق الشعب جريدة الناس الطيبين الوطنين المخلصين لشعبهم والمدافعين عن حقوق الناس الكادحين المعدمين نتيجة سياسة المحاصصة والفساد وتبقى صوت الشعب الذي لا يسكت بل يعلو إلى السماء عاليا من أجل تحقيق التغير المنشود في بناء دولة (المواطنة) الدولة المدنية الديمقراطية الضامن الحقيقي للإنسان في حياة حرة كريمة وليس منة من أحد ابداً.

******************************************

الصفحة العاشرة

الفيلسوفة مارينا غارثيس لـ"المجلة": يؤلمني حال العالم اليوم وعلينا التشبث بأسباب الحياة

محمد البيطاري

مارينا غارثيس، فيلسوفة وكاتبة وأستاذة جامعية، معروفة بفكرها النقدي والملتزم، والمرتبط بعمق بتحديات الحاضر. وُلدت في برشلونة عام 1973، بنت مسارا فلسفيا يتجاوز حدود الأكاديمية، مدافعة عن فلسفة حية، متجذرة في الواقع، وقادرة على التحاور مع التجربة اليومية ومع الأسئلة الكبرى لعصرنا. هي مؤلفة لأعمال فكرية بارزة مثل "فلسفة غير مكتملة"، "تنوير راديكالي جديد"، "مدرسة المتعلمين" و"المدينة الأميرة". حازت جائزة مدينة برشلونة في فئة الكتاب الفلسفي عام 2017، لقدرتها على تجديد الفكر النقدي وجعله في متناول الجمهور الواسع دون أن يفقدَ عمقه. ونالت الجائزة الوطنية للفكر والثقافة العلمية من حكومة مقاطعة كاتالونيا/ إسبانيا في عام 2023، لإسهاماتها كمفكرة تطرح التساؤلات وتقترح مسارات بديلة لفهم العالم.

تدافع غارثيس عن "تنوير جديد" لا يقوم على اليقين المطلق، بل على بناء المعرفة بشكل جماعي، والتعليم كممارسة للتحرر، والتفكير كوسيلة للمقاومة، بل وتراهن على التفكير، وخلق معرفة مشتركة، والتشكيك في كل ما يحد من أفعالنا، من أجل بناء حاضر ومستقبل قابليَن للعيش. هنا حوار معها:

*كيف ترغبين في تقديم نفسك إلى القارئ العربي؟

-أود أن أقدم نفسي كامرأة كتالانية تمتهن الفلسفة من بين أشياء أخرى. هذا يعني أنني أجمع في كياني عددا من "الميول" أو "الاستثناءات": فلسفة بصيغة المؤنث، من الجنوب المتوسطي لأوروبا، ومكتوبة بلغة ثقافة أقلية (الكتالونية) ملاحقة في كثير من الأحيان. لكن هذا كله، بالنسبة إلي، لا يعني بالضرورة موقعا ضعيفا، إنما العكس، يمنحني هامشا يمكن اجتيازه، ومساحة للعثور على حلفاء غير معتادين في الفلسفة الغربية. لهذا، أود أيضا أن أقدم نفسي إلى القارئ العربي بتواضع التلميذة، وبإنصات من هو مستعد للتلقي.

بناء عقل مشترك

*ماذا يعني اليوم أن نفكر فلسفيا؟ وأين تقع الفلسفة في عالم مشبع بالمعلومات والآراء؟

-أن نفكر فلسفيا اليوم يعني أن نضع "اللا معرفة" في مركز السؤال عن الحقيقة، وأن نفعل ذلك بطريقة تمكن كل صوت فردي من أن يشرع في مسار نحو بناء عقل مشترك. هذا هو النقيض تماما من الرأي الجاهز مسبقا، ومن السلطة التي تمنح المعلومات. في زمننا الراهن، تعمل هاتان القوتان بسرعة، وتلتهمان كل شيء، لكنهما في الحقيقة، كانتا منذ البداية من أعداء الفلسفة، منذ أن نشأت كما نعرفها. لذا، فإن الأمر يتعلق بإعادة تكرار هذا الصراع الفكري مرارا: النضال ضد الأشكال المغلقة لإعادة إنتاج الواقع، وضد السيطرة عليه عبر مفاهيم بعينها.

*في كتابك "فلسفة غير مكتملة"، تدافعين عن فلسفة منخرطة في العالم. كيف يمكننا ممارسة تفكير ملتزم دون السقوط في الدوغمائية؟

-الالتزام، بالنسبة إلي، لا يمكن أن يكون دوغمائيا، لأنه يقوم على العلاقة التبادلية. أن نلتزم، يعني أن نقر بوجود مشكلة مشتركة، وأن نكون مستعدين لإدماجها ضمن ما نقوم به أيا كان مجال نشاطنا. أما أشكال الانحياز الأحادية إلى أيديولوجيات معينة، أو هويات، أو معتقدات، أو أنماط حياة تفرض دون أن يتاح إمكان مساءلتها، فهي أمر مختلف تماما.

وهنا بالضبط يبدأ خطر الدوغمائية. أرى أن الفلسفة المنخرطة في العالم هي تلك التي تنطلق من الاعتراف بأن العالم ليس موضوعا يمكننا وضعه أمامنا، كأننا لسنا جزءا منه. بل، بطريقة ما، حتى وإن لم نرغب في ذلك، نبدأ دائما من علاقة تربطنا بالعالم، علاقة تقيدنا، لكنها في الوقت ذاته تتيح لنا إمكان محاولة تغييره.

أداة تغيير أم ترف؟

*هل تعتقدين أن الفلسفة ما زالت أداة للتغيير الاجتماعي، أم أنها أصبحت مجرد ترف فكري؟

-ثمة نوع من الفلسفة يتميز بالتعقيد والنخبوية، يمكن اعتباره نوعا من الترف الفكري. لكن التفكير الراديكالي، لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يكون ترفا. الجميع قادر على ممارسته، وقبل كل شيء، الجميع قادر على محاولة تقاسمه والمضي به نحو آفاق أبعد. أما التغيير الاجتماعي، فليس مسارا مباشرا، بل هو طريق مليء بالخطوات التي أحيانا تتقدم وأحيانا، بل كثيرا من الأحيان، تتراجع بسرعة كبيرة. التحول الاجتماعي ليس خطة عمل لشركة، ولا مشروعا يمكننا تقسيمه إلى مراحل قابلة للإنجاز. إنه حالة ذهنية تنبع من العلاقة بين الحاجة إلى مقاومة الظلم والرغبة في حياة أفضل. وهذه الحاجة والرغبة تتغذيان، من بين أشياء أخرى، من إمكان التفكير في الحياة بطريقة أخرى، وتلك، بالضبط، هي الفلسفة.

*ما الفلاسفة أو التيارات الفكرية المعاصرة التي تلهمك أو تثير تساؤلاتك، بعيدا عن الموروث الأكاديمي؟

-أنا انتقائية في مصادر إلهامي، وهي تمتد عبر أزمنة وأنماط تعبير متنوعة. الفلسفة الفرنسية في القرن العشرين - أفكر هنا مثلا في دولوز أو موريس ميرلو بونتي - كانت مصدرا غنيا  لي للتعلم الفلسفي. لكن أيضا الأدب القديم، مثل ملحمة "جلجامش"، وكذلك أدب النساء، مثل كتابات إنغبورغ باخمان أو هان كانغ، التي شكلت لي مادة للتفكير.

ربما يبدو أن هذه المراجع لا يجمعها شيء، لكنها عندي تتقاطع وتلتقي في توترها مع الأصوات الراسخة، وفي مواجهتها لرؤى العالم السائدة. كل واحدة من هذه التجارب تمنحني خيطا للتفكير خارج جدران المألوف والراسخ.

التنوير القديم والجديد

*تناولت في كتاباتك انهيار المشروع التنويري. فما نوع "التنوير الجديد" الذي نحتاج إليه اليوم في ظل أزمات المناخ والاقتصاد والديمقراطية؟

-ما يثير اهتمامي هو ذلك التنوير الذي لم يتحول قط إلى مشروع، الذي لم يمنح الخيال الراديكالي شكلا واحدا ومغلقا، ولم يفرض على أحد. إنه تنوير راديكالي ينطلق من الصراع مع سذاجة زمنه، ومع أشكال القهر الناتجة منها. ضمن الفكر الأوروبي الحديث، يمكن اعتبار سبينوزا وديدرو من ممثلي هذا التنوير الراديكالي. لكن حين نعرفه بهذه الطريقة، يصبح التنوير إمكانا حاضرا في كل الأزمنة وكل الثقافات، لأنه لا يرتبط بمفهوم محدد عن العقل، ولا برؤية معينة للواقع الاجتماعي أو السياسي.

*في أعمالك، تنتقدين النموذج النيوليبيرالي. كيف يؤثر هذا النموذج على التفكير والرغبة والحياة اليومية؟

-النيوليبيرالية ليست مجرد نظام اقتصادي بعينه، بل هي طريقة محددة لصوغ الذات أي، للطريقة التي نفهم بها أنفسنا كأطراف فاعلين في هذا العالم، ولما يمنحنا الاعتراف بقيمتنا ضمنه. بشكل ملموس، تحولنا النيوليبيرالية إلى أفراد يقاس تقديرهم الذاتي بقدرتهم على تحويل كل جانب من جوانب حياتهم إلى رأسمال، من العمل إلى المشاعر، ومن الاستهلاك إلى الأذواق والهوايات. يؤثر هذا النموذج في كل ما نكونه، لأنه لا ينتهي عند باب الحقل أو المصنع، بل يجعلنا رأسماليين من الداخل. ولهذا، يصبح من الأصعب بكثير تمييز أشكال هيمنته، فضلا عن مقاومتها. فالهيمنة تخفى تحت قناع الحرية، والاستغلال يتحول إلى استغلال ذاتي، والرغبة تذوب في الحاجة.

الحركات المعاصرة

*كيف ترين دور الحركات الاجتماعية المعاصرة؟ وماذا يمكن أن تتعلم الفلسفة منها؟

-نعيش لحظة يصعب فيها تحديد قوة الحركات الاجتماعية المعاصرة. من جهة، نحن في نهاية دورة سياسية، اختلفت تجلياتها من بلد إلى آخر، لكنها قربت في العقدين الأخيرين بين الحركات الاجتماعية والتجربة السياسية بدرجات متفاوتة من النجاح والفشل، وفي خضم موجة رجعية واسعة، كثيرا ما كانت عنيفة وقمعية.

نقطة التحول في هذه الدورة كانت عام 2011، ولا نزال حتى الآن عاجزين عن إدراك مدى التحولات التي تحققت، كما لا ندرك تماما عمق الردود السلطوية التي جاءت عليها. لكن من جهة أخرى، ظهرت حركات عابرة للتجربة السياسية التقليدية، ولا تزال اليوم في طليعة النضالات. أفكر هنا في الحركات النسوية، والحركات البيئية (التغير المناخي، السياحة، الطاقة...)، والحركات المدافعة عن حقوق الإنسان ومناهضة التمييز (الحدود، العنصرية، الهجرة...)، والحركات المطالبة بالحق في السكن. تتعرض الكثير من هذه الحركات لهجمات شرسة، وذلك لأنها قوية في الحقيقة، وغالبا ما تختزل تحت تسمية "السياسات الواعية" أو .woke أعتقد أنه من الضروري أن نبتعد قليلا عن ضجيج اللحظة، وأن نشرع في قراءة طويلة المدى لما جرى من تحولات فكرية وفعلية في الحقل الاجتماعي خلال العشرين سنة الأخيرة، لأننا إن فعلنا، فسنكتشف أنها أعمق بكثير مما تبدو عليه في الظاهر.

*هل تعتقدين أن جائحة كوفيد19 غيرت طريقتنا في التفكير في الحاضر والمستقبل؟ أم أنها ببساطة سرعت عمليات كانت قد بدأت بالفعل؟

-الجائحة كانت إقرارا وتسريعا في آن واحد. إقرار بعناصر كانت موجودة سلفا: العولمة، فرط الإنتاج، الرقابة، الخوف من الانهيار... لكنها أيضا سرعت كل هذه العناصر وغيرها. تحديدا، سرعت عملية تحويل الخوف إلى محرك للهيمنة، وترسيخ العلاقة مع الآخر باعتباره تهديدا ومصدر خطر.

من يحق له أن يتنفس الهواء الذي أتنفسه أنا أو من أحب؟ هذا كان سؤال الجائحة. السؤال الذي أغلق الفقاعات، وقيد أشكال التعايش. المفارقة أن الهلع من "التنفس المشترك" يظهر في عالم نسمح فيه، مثلا، لكل أنواع السموم بأن تلوث الهواء وتدخل إلى رئاتنا، أو حيث تصل جزيئات البلاستيك الدقيقة إلى أعمق زوايا خلايانا. لذلك، فإن الخيال المناعي، تماما مثل الذاكرة، هو انتقائي. نطبقه على جوانب معينة من الحياة، بحسب التأويلات السياسية والنتائج التي نريد الوصول إليها.

المدارس والجامعات

*في كتابك "مدرسة المتعلمين"، تتحدثين عن أزمة في التعليم. كيف تتخيلين المدرسة أو الجامعة في القرن الحادي والعشرين؟

-مع تقدم القرن الحادي والعشرون الذي التهمنا منه بالفعل ربعه الأول، أرى أن المدارس والجامعات يجب أن تكون ساحات للنضال. نعم، نضال ضد القوى الاقتصادية والسياسية المهيمنة، كما نراها اليوم في الولايات المتحدة، لكن أيضا ضد هجوم عالمي يجعل من العودة إلى الجهل أحد أشكال العبودية والخضوع. هذه النضالات تأخذ أشكالا شتى، حسب السياق والبلد، لكن بالنسبة إلي، المبادئ الأساسية تبقى كما هي: 1. الحق في تعليم قائم على المساواة وكرامة جميع البشر. 2. الحق في علاقة نقدية، مبدعة، ومتنوعة مع المعرفة، علاقة لا تفرض رؤية واحدة للعالم على حساب غيرها، بل تتيح التفكير في هذه الرؤى داخل حوار مفتوح لا ينتهي.

*في كتابك "المدينة الأميرة"، تمزجين بين الشخصي والسياسي. ماذا تعلمت من برشلونة ما بعد الأولمبياد وما قبل الأزمة؟ وماذا بقي اليوم من تلك الروح؟

-دائما أفكر في الحياة من خلال التعلم الذي تمنحني إياه، ليس فقط الحياة الأكاديمية أو الفكرية، بل الحياة الشخصية والاجتماعية والسياسية. لذلك، أقدر كثيرا السنوات التي بدأت فيها بالفلسفة والنشاط السياسي، لأنها كانت مصدرا لتعلم عميق، من خلال الأفكار والنضالات التي ربما لم نحقق فيها النصر، لكنها حولتنا من الداخل. الماضي لا يغلق أبدا. حتى ما لم نعرف كيف نفعله، أو الاحتمالات التي دفنت، تعود وتستمر في العمل في ما نحن عليه الآن، وبالتالي، في الصور التي يمكننا تخيلها للمستقبل. "المدينة الأميرة" ليست بالنسبة لي موضوعا للحنين، ولا مجرد ذكرى، بل واقع حي يترك وراءه إرثا ومهمة.

ناضلت لأن غيري ناضل قبلي، وبالطريقة ذاتها، أعلم أن غيري سيناضل لأننا حاولنا نحن أيضا. أجمل النضالات هي تلك التي لن ننهيها نحن، بل سيكملها القادمون.

مفهوم المواطنة

*ماذا يعني أن نكون مواطنين اليوم؟ وكيف نمارس هذه المواطنة في عالم رقمي ومراقب على نحو متزايد؟

-المواطنة أصبحت مفهوما فقد الكثير من وزنه، بل وأصبح ينظر إليه بريبة، باعتباره أداة للتمييز وأحيانا وسيلة للهيمنة. من يملك الحق في أن يكون مواطنا؟ أي أن يشارك بحقوق كاملة في المجتمع الذي ينتمي إليه؟ نحن نعيش في مجتمعات يقصى منها جزء كبير من الناس عن صفة المواطنة، سواء لأنهم لا يحملون الوثائق الرسمية التي تمنحهم هذا الحق، أو لأنهم، رغم امتلاكهم لها، يفتقرون إلى الشروط المادية والنفسية والثقافية التي تجعل من هذه المواطنة واقعا فعليا. لذلك، ربما ينبغي لنا أن نبتكر مفاهيم جديدة، أقل تجريدا وأقل شكلية، لكي نقول "نحن" دون أن نخفي أو ندرج ضمن هذه الـ "نحن" الظلم الكامن في داخلها. بل لتكون هذه الـ "نحن" نفسها أداة للنضال ضد تلك المظالم.

*كيف تحافظين على مساحتك الفكرية الخاصة في عالم سريع ومضطرب؟

-سأكون كاذبة إن قلت إنني أتمتع بمساحة للتأمل الهادئ بفضل الفلسفة. ليس الأمر كذلك. فمن جهة، أعيش كالجميع وسط أنماط من العمل والتواصل والحياة تقاطع وتعطل باستمرار تلك السكينة، وتمنع الإصغاء العميق. ومن جهة أخرى، فإن حالة العالم الراهنة تقلقني وتزعجني بعمق. أشعر بالألم وأنا أعيش في زمن يشهد إبادة جماعية مثل تلك التي تحدث في غزة، وفيه حروب معلنة مثل أوكرانيا، وأخرى صامتة أو مسكوت عنها، كما في اليمن أو السودان.

يؤلمني أن أرى اللامبالاة والابتذال وقد تسربا إلى الحياة اليومية. يؤلمني أن أرى وحدة كبار السن غير المرغوبة في مدينتي، أو المعاناة النفسية للأطفال والمراهقين الذين لم يعودوا قادرين على تخيل مستقبل يملأه الحلم. كل هذا لا يترك للمرء مساحة للتفكير في سلام. لكن ربما، ليست هذه أوقات السلام، بل أوقات ينبغي أن نحول فيها هذا الاضطراب الداخلي إلى محرك لفكر قلق، مقاوم، ورغم كل شيء: مليء بالفرح. لا يمكننا أن نسمح لأي شيء أو لأي أحد بأن يسلبنا رغبتنا في التفكير أو في أسباب الحياة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مجلة "المجلة" – 20 تموز 2025

*******************************************

من ضمنه «ماسيف أتاك» وبراين إينو تحالف فني لمواجهة الإرهاب الصهيوني

أخيراً، وُلد حلف فني لمواجهة حملات القمع والترهيب التي يتعرض لها عدد من الفنانين في الغرب، بسبب مواقفهم الداعمة لغزة ورفضهم للإبادة الإسرائيلية المستمرة في القطاع.

وتشكل الحلف من عدد من الفنانين البريطانيين والإيرلنديين، من بينهم فرقة «ماسيف أتاك» والموسيقي براين إينو، وفرقتا «فونتينز دي سي» و«ني كاب».

وأكد هؤلاء الفنانون، في بيان مشترك عبر حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، أن هذا التحالف يهدف إلى حماية الفنانين، ولا سيما من هم في بدايات مسيرتهم، من التهديدات وحملات إسكات الأصوات التي يقودها داعمون لإسرائيل، على رأسها منظمة «محامون بريطانيون من أجل إسرائيل» (جهة قانونية بريطانية) التي تنشط في ملاحقة الأصوات الفنية المعارضة للسياسات الإسرائيلية عبر بلاغات قانونية تهدف إلى إسكاتهم.

وجاء في البيان الذي نُشر على حساب «ماسيف أتاك» على منصة «إنستغرام»: «ما يحدث في غزة تجاوز حدود الوصف. نحن نكتب كفنانين قرّروا استخدام منصّاتهم العامة للتعبير عن رفضهم للإبادة الجماعية هناك، ولدور الحكومة البريطانية في تسهيلها».

وكانت منظمة «محامون بريطانيون من أجل إسرائيل» قد قدمت في الأسابيع الأخيرة شكاوى إلى الشرطة البريطانية ضد عدد من الفنانين، من بينهم فرقة «بوب فيلان»، على خلفية ترديدها هتافات «الموت للجيش الإسرائيلي» خلال مشاركتها في مهرجان «غلاستنبري».

وفي تصريح لصحيفة «الغارديان»، أكدت فرقة «ماسيف أتاك» أن هذه الخطوة الجماعية تأتي في إطار إظهار التضامن مع الفنانين الذين يعيشون يومياً في ظل إبادة تُبث على الشاشات، لكنهم يخشون التعبير عن رفضهم لما يحدث بسبب حجم الرقابة التي باتت تهيمن على صناعة الموسيقى، أو بسبب الجهات القانونية المنظمة التي ترهبهم وتلاحقهم بمذكرات قضائية تهدف إلى إسكاتهم.

وأكدت الفرقة أن الهدف من هذه الحملة هو إسكات كل من يرفع صوته ضد هذه الممارسات.

ودعا التحالف الفنانين الذين يشعرون بالخوف من رفع أصواتهم، أو أولئك الذين ترددوا في إعلان مواقفهم خوفاً من العواقب، إلى التواصل مع التحالف من أجل تشكيل جبهة موحّدة تستطيع حماية حرية التعبير في وجه محاولات القمع المتزايدة.

وختم البيان المشترك بجملة من المطالب أبرزها الوقف الفوري والدائم لإطلاق النار، والسماح الفوري وغير المشروط بدخول المنظمات الإنسانية الدولية إلى غزة، وإنهاء استهداف الطواقم الطبية والإغاثية، ووقف مبيعات الأسلحة البريطانية إلى الكيان العبري وإلغاء التراخيص المرتبطة بها، ودعم حرية الشعب الفلسطيني وحقه في تقرير مصيره.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

"الأخبار" اللبنانية – 21 تموز 2025

*******************************************

شريعة حمورابي بترجمة نائل حنون من أصلها المسماري

أصدر الأستاذ الدكتور نائل حنون، الباحث في مركز الخليل بن أحمد الفراهيدي للدراسات العربية والإنسانية في جامعة نزوى، كتابا بعنوان "سِفْر العدالة"، ويُعد أول ترجمة عربية مباشرة لشريعة حمورابي من أصلها المسماري.

وهذا الإصدار خطوة غير مسبوقة في ميدان الدراسات القانونية والمسمارية، حيث يقدم ترجمة علمية موثوقة من اللغة الأكادية، مكتوبة بالخط المسماري، إلى اللغة العربية، من دون وسيط لغوي أجنبي، وهو ما غاب طويلًا عن المكتبة العربية.

يقول حنون إن أهمية ترجمة مثل هذا النص لا تقتصر على نقل محتواه، بل تمتد إلى استعادة اللغة العربية لدورها الطبيعي في حقل الدراسات المسمارية، وإبراز صلتها الوثيقة بالأكاديمية، حيث تشترك اللغتان في بنية نحوية وصرفية ومعجمية متقاربة.

وبيّن أن شريعة حمورابي لم تكن محصورة في زمنها، أو مكانها، بل ظل تأثيرها ممتدًا، إذ أخذت منها أحكام كثيرة في "الكتاب المقدس"، ثم انتقل إلى الإغريق، فالرومان، وصولًا إلى القانون الفرنسي، الذي تأثرت به التشريعات المصرية الحديثة، والتي بدورها أثّرت في قوانين العراق، وعدد من بلدان المشرق العربي، واصفا هذه الرحلة القانونية بأنها دورة كاملة، من بابل إلى أوروبا، ثم عودتها إلى المشرق العربي.

جدير بالذكر أن الكتاب سيتم تدشينه في تشرين الثاني المقبل، وتحديدا معرض الشارقة الدولي للكتاب، ضمن مشاركة علمية وثقافية تعكس أهمية هذا المشروع في إحياء التراث القانوني للحضارات، وإعادة تقديمه إلى القارئ العربي بصيغة دقيقة ومعاصرة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

"ضفة ثالثة" – 21 تموز 2025

***********************************************

الصفحة الحادية عشر

لَوْ أَنَّنِي...

ريتا عبيد – حيفا/ خاص

لَوْ أَنَّنِي آلَةُ دَمَارٍ،

لَنَسَفْتُ

كُلَّ أَسْوَارِ الْعُنْصُرِيَّةِ،

وَأَقَمْتُ مَكَانَهَا

جُسُورًا .. زُهُورًا

وَصَلَاة.

لَوْ أَنَّنِي حَرْبٌ،

لَاجْتَثَثْتُ

جُذُورَ الظُّلْمِ،

وَأَنْهَيْتُ

عُرُوشَ الطُّغَاة.

لَوْ أَنَّنِي قَارِبٌ،

لَحَمَلْتُ

كُلَّ الْيَائِسِينَ،

وَلَأَوْصَلْتُهُمْ

لِشَاطِئِ الْأَمَلِ وَالنَّجَاة.

لَوْ أَنَّنِي فَيْلَسُوفٌ،

لَخُضْتُ

مَعْرَكَةَ الْعُقُولِ،

وَحَرَّرْتُ

الْأَفْكَارَ مِنْ سُمُومِ الْغُزَاة.

لَوْ أَنَّنِي نُورٌ،

لَأَشْرَقْتُ

فِي قَلْبِ كُلِّ أَسِيرٍ

اعْتَصَرَهُ

ظَلَامُ الْحَيَاة.

لَوْ أَنَّنِي رِيحٌ،

لَحَمَلْتُ

عَبِيرَ الزُّهُورِ،

وَنَثَرْتُهُ

فِي بُيُوتِ الْمَسْحُوقِينَ

الْعُرَاة.

لَوْ أَنَّنِي أَنْتَ،

لَامْتَلَكْتُ

قُدْرَتَكَ عَلَى الْإِلْهَامِ،

وَلَنَشَرْتُ

الْحُبَّ فِي هَذَا الْكَوْنِ

الفَلاة.

*******************************************

رأي..  هل المعاناة ضرورة حضارية؟

اسلام كاظم

في زمن تتسارع فيه التحولات التقنية اراقب فيه العالم بعين المهندس التقني وبقلب الشاعر الذي ينبضُ معاناةً وألمًا، حيث يُطرح مستقبل "ما بعد الإنسان" بوصفه حتمية قريبة، يُطرح سؤال عميق لا بد من الوقوف عنده: هل كانت المعاناة شرطًا ضروريًا لنشوء الحضارة؟ وهل يمكن لحضارة لا تعرف الألم أن تُنتج معنى؟ المعاناة هي جوهر التجربة الإنسانية. المعاناة ليست مجرد إحساس عارض، بل هي حالة وعي مركب بالزمن والفقد والتوق. فالإنسان وحده يعرف أنه سيموت، ومع ذلك يحب. يعلم أنه سيفقد، ومع ذلك يتعلق. كما قال ألبير كامو: (الوعي بالموت يجعل من الحياة شيئًا فريدًا، ومن كل لحظة ذات قيمة لا تُعوض) المعاناة هي حاصل تفاعل الرغبة مع الزمن، وفقدان السيطرة على نتائج الفعل. إنها ليست علامة على الضعف، بل على إدراك المعنى.

الحضارة كاستجابة للألم..

لم تكن الحضارات نتاج ترف فكري، بل جاءت كرد فعل على تهديدات وجودية: الجوع أنتج الزراعة. الخوف أنتج الدين والقانون. الفقد أنتج الطقوس والأسطورة. المرض أطلق الطب. يقول هيغل: ( إن الروح لا تنضج إلا من خلال الصراع والمعاناة) فالمعاناة دفعت الإنسان نحو التحايل على مصيره: ابتكر كي لا يعاني، فأنشأ حضارة.

الذكاء الاصطناعي والمعضلة الجديدة

إذا ظهر وعي غير بشري لا يعرف الفقد ولا يخشى الموت، فهل يستطيع أن يصنع حضارة؟ هل ينتج فناً، شعراً، فلسفة؟ هل يمكن للآلة أن تسأل سؤال الوجود؟ كما تساءل مارتن هايدغر. ربما يكون ذلك العقل قادرًا على الإبداع الرياضي والهندسي، لكنه سيفتقر إلى التجربة الشعورية التي بدونها لا يمكن بناء سردية أو معنى.  "نكتب بدموعنا ما يستحق أن يُقرأ."

لكن من لا يملك دمعة، ماذا يكتب يا نيتشه؟ ماذا بعد الإنسان: نهاية الألم أم نهاية المعنى؟ إذا استُؤنف التاريخ بدون الإنسان، فقد يُستأنف بدون ألم. لكن في الوقت ذاته، ربما يُستأنف دون قصة. حضارة بلا حنين، بلا ندم، بلا خوف من الفقد... قد تكون عبقرية، لكنها صامتة، كأنها آلة تعمل في الفراغ. المعاناة ليست عدوًا، بل كانت الشرارة الأولى للتفوق الإنساني. وبينما نحاول بكل طاقتنا تجاوزها، ربما نصل إلى نقطة نفقد فيها تلك التجربة التي جعلتنا بشراً.

"إنني لا أؤمن بشيء أكثر من معاناة الإنسان... انه البرهان الوحيد على أنه حي" كما يقول دوستويفسكي.

*********************************************

مكابدات كاظم الجماسي مع قصصه

رعد كريم عزيز

لم يسجل فن القصة القصيرة جدا تاريخا طويلا في العراق نسبة الى قلة كتابها وعدم الاستمرار بكتابتها على طول الخط وكانت تجارب للقاص ابراهيم احمد في هذه الفن القصصي وكذلك حنون مجيد واخرين لذلك فان نشر قصص قصيرة جدا بين الحين والاخر تثير لدى النقاد الكثير من الاسئلة وهذا ما دفعني للكتابة عن  خمس قصص قصيرة للقاص كاظم جماسي لان القصص المنشورة تشجع النقد على التعرف على التفاصيل التي تحملها القصة القصيرة جدا من صفات سردية واجب توفرها في هذا الفن ,ومن اول الاشياء التي يجب ان تتوافر فيها هو عدم انفصالها التام عن فن القصة عموما من بداية ونهاية وحكاية يمكن تداولها بوضوح لان الكثير من التجارب التي نشرت تحت هذا المسمى تجردت من الحكاية وذهبت الى  الشطحات النثرية القريبة من حافة الشعر من دون ان يكون لها ملامح واضحة ,وتشير قصة (صورة ) الى الكثير من ملامح القصة القصيرة جدا وهي تسرد حكاية الشاب الذي يبلغ سن الرشد/والذهاب الى الحرب في متوالية مأساوية لان والده مات في الحرب ولم تبق منه غير صورة على الجدار وحين اراد الشاب الذهاب الى الحرب تطلب منه امه(قبل ليلة من موعد الالتحاق طلبت إليه أمّه وبإصرار غريب قاطع، أن يلتقطا صورة تجمعهما معاً.)ان هذا النموذج القصصي يحتوي على اغلب الشروط لفن القصة القصيرة جدا وخاصة الالتماعة في نهاية القصة التي تفتح باب التأويل الذي يشترك فيه القارئ.

اما القصة الثانية (اسعاف اولي )فهي تسير بنفس الاجواء العائلية لشخصيتين الابن والام والتي تلقى منها نصيحة مفادها(الزمن كفيل بعلاج الجراح)ولكن الخبرة التي اكتسبها الرجل بعد مضي الزمن جعلته ينكر هذا الدرس الامومي(لقد تبين من بعد، أن الزمن لا يقدم سوى" إسعافات أولية"، فيما الجراح العميقة تظل نابضة هناك في الأعماق.

 إن لم تتمدد وتكبر) وهنا تبدو القصة القصيرة جدا مكتفية بذاتها وتسير وفق حدود وجودها التعبيري الذي يختزل ويعطي عصارة التجربة الحكائية دون ان يفرط باصول السرد.

وتسير قصة (نرسستي ) في الخيال المفرط بالغرابة فالشخصية تعرف وتفلسف حياتها وهي نطفة لم تولد بعد وتحاول عدم الخروج الى العالم الخارجي ولكن نهاية القصة تفضح مسار الامور الى نهاية واقعية (شأتَ أنا أم لم أشأ .." سبق السيف العذل" .. ولادتي كانت قد حدثت، 

حدثت ولكن ..

في الزمن الغلط.) فلقد وقعت الولادة ولكن في الزمن الخطأ مما يوحي في التاويل الى التوقعات الاولى التي تخشى الولادة في زمن صعب ولا يناسب الشخصية التي تنشد السلام ,وهذا الخط السردي يختلف عن الخط الاول الذي يعتني بالبداية والنهاية واكمال الحكاية في صورة قصيرة جدا.

وتشترك قصة(انهمار) مع قصة (نرسستي )في التهويمات اللغوية والاعتماد على الانثيالات اللغوية  التي تؤدي الى الاسئلة الوجودية حيث يعتمد القاص على الاساطير والشخصيات الاسطورية وكأنها تحصيل حاصل سوف يتقبله القارئ والذي يفترضه القاص مثقفا(أتساءل مجدّدا: ألم تنشف، كل هاذي الدهور مآقيهم؟ ألم يحنْ حين الطوفان؟

وهل من فُلك خلاص، مطلي من داخل وخارج بالقار، يصنعه نوح جديد؟.) هذه القصص تعتمد على الفكرة الذهنية التي تعبر الواقع الى الافتراض وفق رأي السارد الذي يلاحق الفكرة دون الاهتمام بشكل القصة وتاثيرها.

القصة الخامسة(محو) تتماهى مع سابقتها بالاستنجاد بالجد كلكامش طمعا بابدال اليأس بالامل وكانها تكمل المسار السردي عبر الاساطير معتمدة على قصر القصة والاختزال الا انها تذهب بعيدا في الخيال وابدال الواقع بالاشياء الجامدة حتى ان الورقة تتحدث وبذلك ينقلنا الى منطقة اخرى قد لا تتحملها القصة القصيرة جدا (أتاه صوت صاحبته الورقة تسأله: ماذا لو كسرت القلم، ماذا لو امتلكتَ شجاعة المحو؟ وأحللت" اليأس" محل ذاك الوهم البليد البائس، وهم الأمل ..

جَرّبْ .. هل تقدر؟!)

اننا نجاهد من اجل التقارب بين القاص والقارئ والجهد السردي من اجل العثور على خصائص القصة القصيرة جدا ونماذج القاص (كاظم جماسي)تتيح لنا العثور على اكثر من خصيصة تقف مع قصصه الخمس في السرد والحبكة والوقوف في منطقة القصة القصيرة جدا في اكثر من موضع سردي.

*****************************************

قصة قصيرة.. بائع الشاي الأخير

جمال العتّابي

في ظهيرة خريفية من أيام تسعينات القرن الماضي، كان شارع المتنبي يتنفس بصعوبة، ينوء بثقل الحصار، الشارع بين موت وفراغ موحش، يعتاش على ما يحمله الأبناء من مكتبات آبائهم الذين توفوا غارقين في الحزن، كانت الكتب كالأشلاء تئن من الجوع معروضة على أرصفة الشارع، من يشتري الكتب ، وبغداد نهر طافح بالجوع؟

الظهيرة بساط يخدّشه الضوء والظل، تسطع الشمس حيناً وتتوارى خلف دكنة الغيوم، ضوء باهت على أجزاء المدينة، الأجزاء الأخرى كامدة، واجهات شاحبة، كان حسن يخطو ببطء محاذياً باعة افترشوا أرض الرصيف، وآخرين يمرون بصمت. يتفحص وجوه البائعين، كمن يفتش عن وجوه غابت منذ عقود من الزمن، يبحث عن ظل قرب ناصية الدار العصرية للنشر لمح وجهاً لا تخطئه الذاكرة:

ـ مرحباً كريم، أنا غير مصدّق أن أراك بعد هذه السنين الطويلة التي مرّت!

التفت الرجل ببطء، نظر إليه بعينين غائمتين، ثم عاد وجهه يتفحص عناوين الكتب المفروشة بعناية على الرصيف.

كريم؟ قالها حسن مرة أخرى بشيء من الرجاء، لكن الآخر ظل صامتاً، لم تصدر عنه أية إشارة تدلّ على أدنى استحسان أو قبول لتحية غير متوقعة، تحرك قليلاً، ثم غاب بين الزحام.

أعرف كريم جيداً، سائق المطبعة اليساري، كان حريصاً على أن يوصلنا إلى أبواب بيوتنا آخر الليل، لا نغادر المطبعة إلا بعد الاطمئنان التام على اكتمال المرحلة الأخيرة لصفحات الجريدة المعدّة للطبع بشكل نهائي، كانت الطرق خالية، وصامتة مثل قلوبنا المتعبة، ساكنة أشبه بسكون وجه كريم، لكن الحديث معه لا ينقطع، كانت لديه أحلام، يتحدث عن العدالة، وطريق التطور اللارأسمالي صوب الاشتراكية، يتحدث عن عالم بلا استغلال، عالم قرأ عنه في الكتب والنظريات، وحلقات التثقيف الحزبي، في درج سيارته يحتفظ بكتاب عن تجربة المجر، والآخر عن الصراع الطبقي في البرتغال، تآكلت حواشي الكتابين وعلا غلافهما التراب، لم يكمل دراسته، لكنه كان يقرأ، قال ذات مرة :

هذه الكتب تعطيني أملاً في الحياة.

كان كريم يأخذ في السر كأساً من العرق، كي يقود السيارة بأعصاب باردة كما يزعم ويواصل الضحك. ثم يعود إلى بيته مع أول ضوء من خيوط الفجر.. لينام.

كنا نحفظ من ذكريات تلك الليالي الكثير، بينما كانت تلوح في ليل العراق سموم راعفات، وتتسع فيه ساحات زنازين الطغاة.

تفرقنا وراح كل منا يبحث عن ملاذ، كانت البلاد تضيق، والخوف يكبر، والبطش لا يرحم، ودّعنا كريم ذات ليلة، بعينين فيهما حزن وأسى. ودّعنا وفي داخله نار لم تطفئها السنين، وأحلام أوسع من المدينة التي تضيق بنا يوماً بعد يوم.

كان الوداع قصيراً، لكنه ثقيل، اختصره بعبارة واحدة:

ـ إذا غبت لا تسألوا عني، الحي منكم يذكرني بين الحين والآخر.

لم يفصح عن أي شيء، إلى أين يا كريم؟ إلى أية أرض ستقودك خطاك المتعبة، إلى أي مقام، وأية وهاد ستعبر؟ اختفى كما يختفي الحلم عند أول استفاقة.

في ظهيرة أخرى من تموز جلس حسن إلى جوار رجل يرتدي نظّارات داكنة، وقميص بأكمام طويلة، وجسد الرجل يتصبب عرقاً من شدة الزحام في باص المصلحة الأحمر ذي الطابقين، في يد الرجل اليمنى جريدة مطوية كان يحركها  بسرعة يميناً وشمالاً من أجل نسمة هواء تخفف من لهب الصيف الذي يلفح الوجوه.

 ـ مرحباً كريم! قالها حسن هذه المرة بثقة عالية، وهو يضع يده على كتفه.

لكن الرجل انتفض كمن لدغته ذاكرة:

ـ أخي أنا لست كريم، أنت متوهم! هذا غير بلاء! ابتعد عني، ماذا تريد مني تلاحقني؟ أرجوك كف عن السؤال، أنا لا أعرفك.

سكت حسن مبهوتاً، وهو يرى الرجل ينزل مسرعاً، عند أول موقف لباص المصلحة، كأن شيئاً يطارده، يريد الإمساك برقبته.

في ربيع عام 2003، كانت الديكتاتورية قد سقطت كتمثال على رؤوس العابرين، التقيا حسن وكريم في مبنى الجريدة، كان لقاءً جنونياً، تعانقا بشدة، غرقا بالبكاء والضحك.

قال كريم وهو يمسح دموعه بكمّه:

ـ كنت أخشى حتى من اسمي يا حسن، صار ظلي يلاحقني، كنت في كردستان، يقتضي الواجب الحزبي النزول إلى بغداد  بين الحين والآخر  في احتياطات  عالية السريّة . أضحك في سري، وأنت تلحّ عليّ في السؤال (لا تفك ياخة مني)، ليس أمامي خيار، إلا أن أنكرك، وأنكر حتى مذهبك، أي خطأ أرتكبه يقودني إلى مقصلة الإعدام كما حصل مع رفاق لي آخرين. هربت إلى الجبال، والتحقت بالمقاتلين، كان الجبل بالنسبة لي وعد بالخلاص. واجهت الموت أكثر من مرة، وها أنا بلحمي ودمي، أمامك بلا خوف.

  ضحكا معاً، واستعادا ذكريات جميلة، وأخرى حزينة عن شركاء لهما غابوا، صمت كريم قليلاً، ثم عاد يتحدث بألم وهو يحمل حنيناً غامضاً إلى صوت المطبعة القديمة، وصوت محرك سيارته التي صادرها أمن النظام:

ـ ظننت أنني سأعود بطلاً.. لكن الوطن نسي البطولة. ثم ردّ حسن مبتسماً:

ـ وظلك بقي في قلبي، يمشي معي كل يوم.

ـ في أحد الليالي، قال لي رفيقي المقاتل وهو يحتضر: كريم... في يوم ما ستعود، لا تبحث عنّا، نحن دفنّا أحلامنا تحت الثلج، احفظ أسماءنا فقط! كنت أبكي يا حسن! ها أنا أبدأ مرحلة جديدة في حياتي، اسميها " مرحلة البحث عن الخبز" لم أجد عملاً يليق بي، أو يسد رمقي، لا أحد يسأل عني، لا مطبعة تنتظرني.

ـ ما الحل يا صديقي؟ سأله حسن ولسانه يتعثر بالكلمات.

ـ عدت إلى وطن غريب لا شيء أملك فيه، حتى الأحلام تلاشت، احزاب بعينها تقاسمت السلطة، تقاسمت الغنيمة، ليس أمامي سوى زاوية صغيرة في ساحة الميدان، اتفقت مع مالكها أمس، أحولها إلى دكة لبيع الشاي  للفقراء، لقاء أجور بسيطة.

  يرتدي كريم قرب سوق الهرج معطفاً شتوياً قديماً على الرغم من الحر، يجلس على صندوق خشبي ويحدًق في المارة طويلاً، كأنه يرى فيهم نسخاً متكررة من نفسه.

زبون يطلب شاياً:

استكان شاي ثقيل، لا تنس النعناع!

كريم: النعناع لا يخفي مرارة الحقيقة.. لكننا نحاول.

الزبون متضايقاً: شنو عمي ؟!

ـ لا شيء اشرب شايك بالهنا.

في يوم ماطر، يجلس كريم وحده، لا زبائن، لا صوت إلا المطر. هو بصوت مسموع:

حسن.. لو جئت لي غداً، وقلت لي مرحباً كريم، سأردّ، أعدك... سأرد، لكن لا تتأخر، فأنا بدأت أنسى شكل الحلم!

بعد أيام، لم يظهر كريم، بقي صندوق العدّة وحده ، وبقايا شاي متجمد في قعر الاستكانات.

*******************************************

عُطُورٌ  فَوْقَ رَمَادٍ

خالد الحلّي/ ملبورن

حِينَ أَفَاقُوا

مِنْ نَوْمٍ طَالَ بِهِمْ،

وَأَرَاقُوا

أَنْهَارَ  عُطُورٍ                           

فَوْقَ رَمَادِ الْأَشُوَاكْ                                          

كَانَتْ تَتَرَصَّدُهُمْ

اِمْرَأَةٌ تَتَنَكَّرُ  فِي زِيِّ مَلَاكْ     

تَتَنَصَّتُ وَاقِفَةً

فِي زَاوِيَةٍ خَلْفَ سِتَارِ اَلشُّبَاكْ

كَانُوا عِشْرِينَ رَجُلاً  وَ  اِمْرَأَةً   

صَارُوا يَزْدَادُونَ. . .،

وَيَزْدَادُونْ...

لَا أَحَدٌ يَدْرِي مِنْ أَيْنَ أَتَوْا

وَإِلَى أَيْنَ يَرُوحُونْ

اَلْكُلُّ يَصِيحُ بِصَوْتٍ عَالٍ

وَالْكُلُّ يُصِيخْ اَلسَّمْعً، وَلَكِنْ

لَا أَحَدٌ مِنْهُمْ يَدْرِي

مَاذَا كَانَ اَلْبَاقُونَ يَقُولُونْ

كَانَتْ تَتَصَارَخُ فِي اَلآذَانْ

أَصْوَاتٌ غَامِضَةٌ

تَتَسَاءَلُ حَائِرَةً

وَهُتَافَاتٌ رَافِضَةٌ

تَتَكَرَّرُ غَاضِبَةً

مَاذَا يَعْنِي اَلنَّوْمُ بِلَا أَحْلَامْ؟

مَاذَا تَعْنِي اَلْأَحْلَامُ إِذَا كَانَتْ مُزْعِجَةً؟

مَاذَا يَعْنِي اَلصَّحْوُ إِذَا كَانَ مَلِيئًا بِالْأَحْزَانِ؟

مَاذَا يَعْنِي أَنْ تَبْقَى أَسْئِلَةُ اَلْإِنْسَانْ

حَائِرَةً فِي كُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانْ؟

تَبْكِي اَلْأَلْحَانُ،

وَتَخْتَلُّ اَلْأَوْزَانُ،

وَ تَنْفَغِرُ اَلأفْوَاهْ     

فِي زَمَنِ اَللَّامَنْطِقِ وَاللَّامَعْقُولْ

يَتَسَاءَلُ مًخْلُوقٌ مَذْهُولْ        

مَاذَا يَعْنِي اَلْمَعْنَى

لِلْلاَمَعْنَى؟

هَلْ فَقَدَ اَلْمَعْنَى مَغْزَاهْ؟

آهٍ. . . آهٍ. . . آهٍ. . . آهْ

***********************************************

الصفحة الثانية عشر

في {بيتنا الثقافي}.. مسرح الطفل بين الواقع والطموح

بغداد – طريق الشعب

ضيّف منتدى "بيتنا الثقافي" في بغداد بالتعاون مع رابطة المرأة العراقية، السبت الماضي، الفنان حسين علي صالح، الذي تحدث عن "مسرح الطفل بين الواقع والطموح"، في جلسة حضرها جمع من المثقفين والفنانين والكتاب والمهتمين بثقافة الأطفال.

أدار الجلسة التي التأمت على قاعة المنتدى في ساحة الأندلس، المسرحي د. زهير البياتي، الذي قدم نبذة عن سيرة الضيف. وعرّج على عمله الفني وأبرز تجاربه في المسرح والتلفزيون والإذاعة، فضلا عن مساهماته في مسرح الطفولة، ومشاركاته الدولية في هذا الميدان وأهم الجوائز التي قطفها خلال مسيرته.

وفي معرض حديثه، قدم صالح لمحة تاريخية من مسرح الأطفال في العراق، مشيرا إلى العديد من التجارب المسرحية الناجحة التي كان لها أثر إيجابي، سواء من التي قدمها هو أو قدمها آخرون.

فيما ألقى الضوء على واقع هذا المسرح اليوم في البلاد، وعلى أبرز التحديات التي يواجهها في ظل ضعف الاهتمام به رغم أهميته في تنشئة الطفل وتوعيته وتثقيفه.

وشدد الضيف على ضرورة تنشيط مسرح الطفل وتطويره والارتقاء به، كأحد وسائل التربية والتعليم والتثقيف. ونوّه إلى أبرز آليات وخطط التطوير في ضوء طموحات الكثيرين من العاملين في ميدان ثقافة الأطفال.

وفي الختام، قدمت رئيسة رابطة المرأة السيدة شميران مروكل شهادة تقدير إلى الفنان حسين علي صالح، مشيدة بمساهماته المسرحية وجهوده التي بذلها في إغناء المشهد المسرحي، خاصة مسرح الطفل.

*****************************************

من التايكواندو إلى الخط المسماري برنامج صيفي لـ{رصيف الكتب} في الموصل

متابعة – طريق الشعب

بأدوات تدريبية مصممة لصقل الوعي وتنمية المهارة، أطلق منتدى "رصيف الكتب" التطوعي في الموصل بالتعاون مع المدرسة العربية الأهلية في المدينة، برنامجاً صيفياً مجانياً استمر شهراً كاملاً، واستهدف 250 طفلاً وناشئاً أعمارهم بين 5 و18 عاماً، وذلك في تجربة اعتُبرت الأكبر من نوعها على مستوى العراق.

وجاء البرنامج بتصميم متعدد المسارات، يجمع بين المحاضرات والأنشطة التطبيقية، متضمناً ورشاً في المطالعة وتحسين الخط العربي، والتايكواندو وألعاب الذكاء، إلى جانب محاضرات في الإسعافات الأولية والتغذية والوعي المروري، فضلا عن محور خاص بتعليم الخط المسماري، نظرا لأهميته في بناء علاقة معرفية بين الأجيال الجديدة وحضارة العراق القديمة – حسب الباحث الآثاري صفاء المشهداني، الذي لفت في حديث صحفي إلى انه لمس خلال محاضرات قدمها ضمن البرنامج، تميز المشاركات الإناث في استيعاب الرموز المسمارية.

واختتم البرنامج بجولة في مبنى "مؤسسة تراث الموصل"، تضمنت مسابقة في بناء نموذج لمئذنة الحدباء، ومحاضرات في تعريف المشاركين بمكونات التراث المعماري والثقافي للمدينة.

المشاركة في البرنامج مريم أوس، ذكرت في حديث صحفي أن البرنامج منحها فرصة للتعرف على أصدقاء جدد، وتعلم أساسيات الزراعة والعناية بالنباتات. كما شجعها على التحدث باللغة الإنكليزية بثقة.

وتضيف قولها أن دورات الخط العربي ضمن البرنامج، ساعدتها على تحسين خطها. بينما كشفت لها ورشة الرسم عن إمكانات تؤهلها لأن تكون رسامة في المستقبل.

أما المشاركة منن أيمن، فتذكر انها فازت بمسابقة بناء مئذنة الحدباء، موضحة أنها تدربت على تركيب المئذنة في منزلها لمدة 3 أيام.

وتوضح أن أكثر ما جذبها في البرنامج، هو تعليم الخطين العربي والمسماري، إضافة إلى دورة الإسعافات الأولية.

إلى ذلك، يقول مدرب التايكواندو حسن علي، أنه نظم ورشة لتعليم هذه الرياضة ضمن البرنامج، مبينا أن التايكواندو تركز كثيرا على الجانب الذهني، وان لها تأثيرا إيجابيا على مستوى الفهم والاستيعاب لدى الأطفال، خلال مراحلهم الدراسية.

وينوّه إلى أن التدريبات حظيت بمشاركة فاعلة من الفتيات، لا سيما أن هذه الرياضة مفيدة لهن في مجال الدفاع عن النفس، مستدركا "لكننا نعاني قلة أعداد المدربات النساء. فالفتيات يحتجن إلى خصوصية في التدريب، ولهذا فإن وجود المدربات خيار أمثل".

*******************************************

قف.. عن الحشد

عبد المنعم الأعسم

من زاوية معينة يبدو أن ملف مصير تشكيلات الحشد يجر عناصر أزمة البلاد، ومصير منظومة الحكم، وأحزابها النافذة، إلى بالوعة لا قرار لها، أخذا بالاعتبار الاعتراضات على الانتهاكات التي  ترتكبها الفصائل المسلحة، والتجاوزات على القانون والحقوق والنظام العام،  فيما يتحول، هذا الملف، إلى بؤرة ساخنة، يُخشى ان تشتعل في أية لحظة، في حال لم يجر الحل المطلوب، والذي يستجيب إلى هيبة وقوة الدولة، ووحدة القرار في الإدارة العسكرية، وبخلاف ذلك، فان أكثر المحللين الواقعيين تفاؤلاً لن يُسقط احتمال المواجهات العسكرية التي لا يعرف احدا مدياتها وآثارها الكارثية.

وعلى هامش التجاذبات، أثار قانون الحشد المعروض للتصويت على البرلمان، والمؤجل النظر فيه، زوبعة من الاعتراضات والانشقاقات وردود الفعل الخارجية، إذْ يتضمن ثغرات عديدة، لكن الثغرة الأكثر خطورة، ما ينصّ على تكريس الازدواجية بين كون الحشد جزءاً من المنظومة العسكرية التي تتبع القائد العام للقوات المسلحة وبين كونه مؤسسة عسكرية مستقلة، قفزا من فوق ما هو مطلوب وسليم، وعقلاني: إنهاء استقلال الحشد ونشاط فصائله، وضمه إلى وزارتي الدفاع والداخلية.. إذا ما ارادوا تجنّب العاقبة.. وما أدراك ما العاقبة.

*قالوا:

 "قوة السلسلة تُقاس بقوة أضعف حلقاتها".

فيزياء

***************************************

يوميات

  • مختصة كلدو آشور للحزب الشيوعي العراقي وفرع الحزب الوطني الآشوري في بغداد، يقيمان، اليوم الخميس، فعالية لإحياء ذكرى شهداء "مذبحة سيميل" التي طالت يوم 7 آب 1933 آلاف العراقيين الآشوريين في نينوى.

تبدأ الفعالية في الساعة 6 مساء على قاعة منتدى "بيتنا الثقافي" في ساحة الأندلس – بغداد.

  • يضيّف منتدى "بيتنا الثقافي" في بغداد بعد غد السبت، د. عدنان المسعودي، ليتحدث في ندوة عن "تفكيك خبايا النص في ملحمة جلجامش - صراع الطبقات فلسفة العمل المقاومة".

تبدأ الندوة في الساعة 11 ضحى على قاعة المنتدى في ساحة الأندلس.

*************************************

أما بعد.. عقدة العقد

منى سعيد

مشاكلنا لا حصر لها وكأننا نعيش بالقُدرة، بحسب رأي البعض.

أتحدث هنا عن عقدة العقد التي تؤرق العائلة العراقية، فما أن تُحل عقدة امتحان درس ما من سلسلة عقد امتحانات السادس الإعدادي ويتنفس الجميع الصعداء، حتى تأتي عقدة ثانية في توالي الدروس السبعة أو الثمانية المقررة.. وتتكرر "السبحة" حتى تنتهي الامتحانات ويبدأ قلق جديد أكبر من العقد السابقة في انتظار النتائج.

تظهر النتائج فتحل الكوارث، نتائج هذا العام متطرفة. إذ حصل عدد قليل على معدلات عالية وعدد قليل آخر على معدلات واطئة واختفت تقريبا معدلات الوسط من الستينيات والسبعينيات، على الرغم من مساعدة لجان التصحيح في رفع درجات الممتحنين من الواحد والأربعين إلى الخمسين مباشرة كما ذكرت لي مدرّسة في احدى اللجان.

حقا، امتحان بكالوريا السادس الإعدادي كابوس رهيب يهدد مستقبل الطالب وعائلته، التي غالبا ما بذلت أموالا طائلة في دفع أجور المدرسين الخصوصيين أو معاهد التعليم بعد إخفاق المدارس الحكومية، وحتى هذه المعاهد تسببت في فشل عدد من الطلبة (المنتسبين) الذين امتحنوا شهرين ونصف السنة فقط في مدارسهم، وأكملوا العام في بيوتهم اعتمادا على دروس المعاهد التي تركز على تدريس (ملازمها) الخاصة بها، وحدث الإخفاق حين جاءت الأسئلة من الكتب المُقررة للمدارس حصرا.

تابعت بنفسي كيف أن العديد من الأمهات والآباء واصلوا الليل بالنهار في مراقبة أبنائهم وبناتهم إثناء التحضير، وفي أيام الامتحانات تابعت يوميا تجمعات النسوة وهن جالسات على الأرصفة المقابلة للمراكز الامتحانية في انتظار إتمام بناتهن وأولادهن امتحاناتهم، متحملات حرارة الصيف وتوتر الانتظار.

قد نحكم على هذه التصرفات على أنها ضرب من المبالغة، صحيح أن الطالب بحاجة لمساندة الأهل ودعمهم لكن ليس لدرجة الطلب من الأبناء التحضير لمواد السادس الدراسية، بدءا من الصف الرابع الإعدادي! أو الدعوة لتجنب زيارة بيوت طلبة السادس الإعدادي، بل وسعي البعض إلى رفع أجراس منازلهم خشية إزعاج طلبتهم.

مشكلة نتائج العام الحالي تمثلت في خشية الكثير من الطلبة أداء الامتحان رغم التحضير المُكثف له، الأمر الذي أدى إلى تأجيل العديد من المواد إلى الدور الثاني. وحين أخفق الطالب في الدروس التي امتحنها، ثقلت عليه مهمة أداء الامتحان، خصوصا لطلبة الفرع العلمي ممن واجهوا صعوبة في أسئلة دروس الفيزياء والكيمياء والرياضيات.

مدة التحضير للدور الثاني لا تزيد على شهر واحد، لا تكفي في كل الأحوال، لكن وزارة التربية مضطرة للتعجيل بها تحضيرا لدوام السنة المقبلة، والى إظهار نتائج القبول في الكليات.

الطلبة المشمولون بامتحانات الدور الثاني فقط هم الذين لم يحصلوا على معدلات كافية لامتحان الدور الأول، ولا أحد يعرف حتى الآن لو إنهم سيحصلون على فرصة للامتحان في الدور الثالث أم لا؟!

في كل الأحوال يبدو الوضع معقدا، ولا حل له أسوة بالأنظمة التعليمية في الدول المتقدمة التي عدَّت الصف السادس غير مختلف عن بقية المراحل الدراسية.

********************************************

من التايكواندو إلى الخط المسماري برنامج صيفي لـ{رصيف الكتب} في الموصل

متابعة – طريق الشعب

بأدوات تدريبية مصممة لصقل الوعي وتنمية المهارة، أطلق منتدى "رصيف الكتب" التطوعي في الموصل بالتعاون مع المدرسة العربية الأهلية في المدينة، برنامجاً صيفياً مجانياً استمر شهراً كاملاً، واستهدف 250 طفلاً وناشئاً أعمارهم بين 5 و18 عاماً، وذلك في تجربة اعتُبرت الأكبر من نوعها على مستوى العراق.

وجاء البرنامج بتصميم متعدد المسارات، يجمع بين المحاضرات والأنشطة التطبيقية، متضمناً ورشاً في المطالعة وتحسين الخط العربي، والتايكواندو وألعاب الذكاء، إلى جانب محاضرات في الإسعافات الأولية والتغذية والوعي المروري، فضلا عن محور خاص بتعليم الخط المسماري، نظرا لأهميته في بناء علاقة معرفية بين الأجيال الجديدة وحضارة العراق القديمة – حسب الباحث الآثاري صفاء المشهداني، الذي لفت في حديث صحفي إلى انه لمس خلال محاضرات قدمها ضمن البرنامج، تميز المشاركات الإناث في استيعاب الرموز المسمارية.

واختتم البرنامج بجولة في مبنى "مؤسسة تراث الموصل"، تضمنت مسابقة في بناء نموذج لمئذنة الحدباء، ومحاضرات في تعريف المشاركين بمكونات التراث المعماري والثقافي للمدينة.

المشاركة في البرنامج مريم أوس، ذكرت في حديث صحفي أن البرنامج منحها فرصة للتعرف على أصدقاء جدد، وتعلم أساسيات الزراعة والعناية بالنباتات. كما شجعها على التحدث باللغة الإنكليزية بثقة.

وتضيف قولها أن دورات الخط العربي ضمن البرنامج، ساعدتها على تحسين خطها. بينما كشفت لها ورشة الرسم عن إمكانات تؤهلها لأن تكون رسامة في المستقبل.

أما المشاركة منن أيمن، فتذكر انها فازت بمسابقة بناء مئذنة الحدباء، موضحة أنها تدربت على تركيب المئذنة في منزلها لمدة 3 أيام.

وتوضح أن أكثر ما جذبها في البرنامج، هو تعليم الخطين العربي والمسماري، إضافة إلى دورة الإسعافات الأولية.

إلى ذلك، يقول مدرب التايكواندو حسن علي، أنه نظم ورشة لتعليم هذه الرياضة ضمن البرنامج، مبينا أن التايكواندو تركز كثيرا على الجانب الذهني، وان لها تأثيرا إيجابيا على مستوى الفهم والاستيعاب لدى الأطفال، خلال مراحلهم الدراسية.

وينوّه إلى أن التدريبات حظيت بمشاركة فاعلة من الفتيات، لا سيما أن هذه الرياضة مفيدة لهن في مجال الدفاع عن النفس، مستدركا "لكننا نعاني قلة أعداد المدربات النساء. فالفتيات يحتجن إلى خصوصية في التدريب، ولهذا فإن وجود المدربات خيار أمثل".

*****************************************

فكّ شيفرة دافنشي الوراثية

باريس - أسامة عبد الكريم

كشفت دراسة حديثة نشرتها منصة Futura Sciences الفرنسية، عن إنجاز علمي استثنائي، تمكّن فيه فريق من الباحثين من تتبع الحمض النووي الخاص بالفنان الإيطالي الشهير ليوناردو دافنشي (1452-1519)، عبر 21 جيلاً، وصولًا إلى 6 من أحفاده الأحياء في الوقت الراهن.

هذا الاكتشاف الذي استغرق سنوات من البحث الجيني والتاريخي يفتح الباب أمام فهم أعمق للجوانب البيولوجية التي شكّلت العبقرية الإبداعية لرسام لوحة "الموناليزا" الشهيرة.

الدراسة اعتمدت على تحليل الكروموسوم Y، الذي يُورّث عبر الخط الذكوري، وهو ما أتاح للباحثين إثبات استمرارية السلالة الجينية منذ والد ليوناردو "بييرو"، وأشقائه غير الأشقاء.

وأوضح جيسي هـ. أوسوبل، الباحث في جامعة روكفلر، أن "التقدّم في تقنيات استخراج الخلايا الحية يجعل من الممكن اليوم تحليل آثار دقيقة، مثل بصمات الأصابع، لاستعادة معلومات وراثية".

ويمتد المشروع أيضاً إلى تحرّيات أثرية في بلدة الفنان الأصلية "فينشي". حيث قام الباحثون بتوثيق 7 منازل تعود لعائلته. وقد عُثر في أحد هذه المواقع على رسم محفور في مدخنة يُجسد "تنيناً وحيد القرن"، بأسلوب يُرجَّح أن يكون من أعمال دافنشي المبكرة. كما تشير وثائق أرشيفية إلى أن والدته "كاترينا" كانت على الأرجح عبدة من أصول شرقية، وهو ما يعزز النظريات حول خلفيته المختلطة ثقافياً وبيولوجياً.

وتجري حالياً تحاليل أولية على عظام تم استخراجها من سرداب في كنيسة سانتا كروتشي، يعتقد أنها تعود إلى أحد أقارب دافنشي. وفي حال نجاح استخراج الحمض النووي منها، ستتم مقارنته بالعينات الحديثة، ما قد يسمح بتحديد الصلة الجينية بدقة، ويفتح المجال لفهم الجانب الوراثي من إبداعه.

الباحثون يؤكدون أن هذا المشروع لا يندرج ضمن بحوث الأنساب التقليدية، بل يمثل تطوراً نوعياً في مجال علم الوراثة القديمة، وأنه يمكّن من إعادة قراءة إرث دافنشي من زاوية بيولوجية فريدة، ليس فقط كيف نظر إلى العالم، بل لماذا كانت رؤيته استثنائية إلى هذا الحد.