الصفحة الأولى
خبراء يحذرون: السياسات الحكومية قد تدفع الاقتصاد نحو الانكماش استقطاع وضرائب وتوحيد الرواتب الحكومة تواجه الأزمات المالية والاقتصادية بـ{قرارات تقشفية}
بغداد - طريق الشعب
في مواجهة التحديات المالية المتصاعدة وتراجع الإيرادات غير النفطية، أقرت الحكومة مؤخرًا حزمة من القرارات الإدارية والضريبية، وصفت بأنها تهدف إلى تعظيم الإيرادات العامة ومعالجة الاختلالات البنيوية في الجهازين المالي والإداري.
لكن مراقبين وخبراء اقتصاديين يرون أن هذه الإجراءات، التي شملت استقطاعات جديدة وتعديلات في الرواتب وبعض مظاهر الإنفاق، تعكس في جوهرها استجابة اضطرارية لأزمة نقدية تلوح في الأفق، لا مشروع إصلاح مؤسسي حقيقي.
فبينما تؤكد الحكومة أنها ماضية في خطوات إصلاحية لضبط المالية العامة وتقليل الهدر، يشكك مختصون في جدوى هذه السياسات، التي وصفوها بـ”الترقيعية والمؤقتة”، محذرين من أنها قد تؤدي إلى انكماش اقتصادي أوسع إذا لم تُرفق بإرادة سياسية لمعالجة الخلل البنيوي وتبني إصلاحات عميقة وعادلة
حزمة قرارات حكومية جديدة
وأقر مجلس الوزراء، اخيراً، حزمة من القرارات الجديدة التي تهدف بحسب المعلن إلى تعظيم الإيرادات العامة ومعالجة الاختلالات في الجهازين المالي والإداري، وذلك في إطار مساعيه الرامية إلى احتواء الضغوط الاقتصادية المتزايدة وتطوير كفاءة الإنفاق العام.
وتضمنت الحزمة إلزام الشركات النفطية الحكومية باستقطاع نسبة 7 في المائة من مستحقات عقود المقاولين الثانويين في جولات التراخيص، مع قيام وزارة النفط بإرسال البيانات الخاصة بتلك الاستقطاعات إلى الهيئة العامة للضرائب، إلى جانب إخضاع الأرباح المتحققة من فروقات العقود الاستثمارية، وعقود التنازل أو البيع بين المستثمرين، للتقديرات الضريبية وفقاً للأصول القانونية.
كما قرر المجلس فرض ضرائب على العوائد المالية الناتجة عن إيجار الوحدات السكنية من شقق ودور، وشدد على إلزام جميع التشكيلات الحكومية بتحويل الاستقطاعات الضريبية الناتجة عن عقود المقاولات والتعهدات والإيجارات إلى الهيئة العامة للضرائب. وشملت القرارات كذلك توجيه وزارة الخارجية بالتنسيق مع الجهات المالكة للعقارات العراقية في الخارج من أجل استثمارها أو بيع الفائض منها، فيما تم تكليف وزارة المالية توحيد رواتب المديرين العامين ومن هم بدرجتهم، والعاملين ضمن الرئاسات الثلاث، لتصبح مساوية لرواتب نظرائهم في الوزارات والهيئات الأخرى.
وألزم مجلس الوزراء الرئاسات الثلاث بتطبيق قراره المرقم 333 لسنة 2015، المعدّل بالقرار 277 لسنة 2016، بشأن تقنين الامتيازات المالية، في محاولة لضبط الإنفاق الحكومي والحد من الفوارق في الرواتب والمخصصات.
وكان المستشار المالي لرئيس الوزراء، مظهر محمد صالح، قال إن العراق يعمل على بناء قاعدة إيرادات مستدامة بعيداً عن تقلبات أسعار النفط، من خلال إصلاحات مالية واقتصادية جوهرية تستهدف زيادة الإيرادات غير النفطية وتحقيق الاستقرار المالي.
وأشار إلى أن الاستقرار الداخلي يمهّد الطريق لجذب الاستثمار وتحقيق التنمية، بدليل تحسن التصنيف الائتماني للعراق وإطلاق مشاريع كبرى كانت متوقفة. وأضاف أن الحكومة شرعت في إصلاحات متعددة تشمل: أتمتة الجباية وتوسيع القاعدة الضريبية؛ رفع كفاءة تحصيل الرسوم الحكومية وتفعيل الدفع الإلكتروني؛ تحديث المنافذ الجمركية ومحاربة التهريب؛ إصلاح الشركات العامة وتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص؛ استثمار الأصول العامة غير المستغلة؛ وتحسين إيرادات قطاع الاتصالات وتفعيل أدوات التمويل المحلي.
وأكد صالح أن هذه الإجراءات تهدف إلى تقليل الاعتماد على النفط، ودعم خطط النمو الاقتصادي، وتمكين العراق من التحول إلى اقتصاد متنوع ومستقر في مواجهة التحديات الإقليمية والدولية.
إجراءات لتسكين الألم مؤقتاً
وفي هذا الصدد، أكد أستاذ الاقتصاد الدولي نوار السعدي، أن الحزمة الأخيرة من القرارات الصادرة عن الحكومة، والتي تمس الجهازين الإداري والمالي، لا ترقى إلى مستوى مشروع إصلاح مؤسسي مدروس، بل تأتي كرد فعل مباشر على ضغوط مالية متزايدة، في محاولة لتفادي أزمة نقدية تلوح في الأفق نتيجة تراجع الإيرادات غير النفطية وارتفاع فاتورة الرواتب والالتزامات التشغيلية.
وأضاف السعدي في حديث لـ"طريق الشعب"، أن هذه الإجراءات، رغم تقديمها تحت لافتة “الإصلاحات”، إلا أنها "تميل إلى كونها خطوات تقشفية تنفذ بشكل مستعجل، دون أن تستند إلى إطار استراتيجي متكامل، الأمر الذي يفقدها التأثير المستدام المطلوب لمعالجة الخلل المالي البنيوي".
وأشار إلى أن من أبرز الإخفاقات في هذه الحزمة، عدم معالجة التفاوت الكبير في الرواتب بين مؤسسات الدولة ووزاراتها، وهو ما اعتبره أحد أبرز مظاهر التشوه في الهيكل المالي. وقال: "لا يُعقل أن يتقاضى موظف في مؤسسة ما ضعف راتب نظيره في وزارة أخرى رغم تساوي المؤهلات وسنوات الخدمة، فمثل هذا التفاوت لا يكرس فقط شعوراً بالغبن، بل يضعف إنتاجية الجهاز الإداري ويغذي الفساد".
وأضاف السعدي، أن مظاهر الأزمة المالية "باتت تنعكس بوضوح، إذ يواجه المواطنون والتجار تأخيرات في التمويل الحكومي وشحاً في الإنفاق، ما يدل على أزمة ثقة وغياب إصلاح مالي فعلي".
"وبينما تحاول الحكومة تخفيف الضغط على الخزينة عبر مراجعة العقود وتقليص المصاريف وربما تأجيل التعيينات، فإنها لم تقترب بعد من جوهر الإصلاح المطلوب، والمتمثل في إعادة هيكلة الرواتب، وتحسين التحصيل الضريبي، وضبط الإنفاق غير المنتج، وتحفيز القطاعات غير النفطية" يقول السعدي.
وزاد أستاذ الاقتصاد الدولي حديثه بالقول: إن ما تقوم به الحكومة قد يسهم في “تسكين الألم” مؤقتاً، لكنه لن يعالج أصل المرض، محذرًا من أن استمرار هذه الإجراءات دون إصلاحات عميقة قد يؤدي إلى تفاقم الأزمة المالية، مشيرا الى ان البدائل متوفرة، لكنها تتطلب شجاعة سياسية وإرادة حقيقية.
واشار إلى ان أبرز تلك البدائل "تتمثل بتوحيد سلم الرواتب على أسس عادلة ومنصفة، وتفعيل الضرائب غير النفطية، لا سيما على أصحاب الدخول العالية والأنشطة التجارية الكبرى، اضافة لإصلاح نظام الدعم وتحويله إلى دعم نقدي مباشر للفئات المستحقة، علاوة على تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص لتوفير فرص العمل خارج الجهاز الحكومي، إطلاق مشاريع استثمارية حقيقية تسهم في زيادة الإيرادات الداخلية وتقليل الاعتماد على النفط".
حلول ترقيعية لن تصمد طويلاً
من جهته، أكّد الخبير الاقتصادي صالح الهماشي أن ما يجري اليوم من إجراءات حكومية متفرقة في الجانب المالي لا يحمل ملامح مشروع إصلاحي حقيقي، بقدر ما يعكس ارتباكاً في إدارة الموارد وعدم فهم كيفية التعامل مع التحديات.
وقال الهماشي في حديث لـ"طريق الشعب"، أن الدولة ما زالت تسلك الطريق الأسهل في مواجهة الضغوط المالية، عبر الضغط على النفقات التشغيلية ومحاولة كبح بعض بنود الإنفاق، دون أن تتجرأ على فتح الملفات الجوهرية التي تشكّل أصل الخلل، وعلى رأسها: فلسفة إعداد الموازنة، وغياب العدالة في التخصيصات، والجمود الذي يقيّد الإيرادات غير النفطية وملف تنويع الموارد الاقتصادية.
وأضاف، ان "الدولة تتعامل مع أزمتها كأنها دفتر حسابات يعاني من عجز، وليست كمنظومة اقتصادية تتطلب إعادة بناء"، مشيراً إلى أن أي خطوة "تتخذ خارج هذا الإدراك ستبقى محدودة الأثر، إن لم تكن عبئاً جديداً بحد ذاتها".
وبيّن الهماشي، أن البلاد دخلت بالفعل في "حلقة مفرغة، حيث تؤدي الأزمة المالية إلى إجراءات تقشف، تُفضي بدورها إلى مزيد من التراجع في الدورة الاقتصادية، خصوصاً مع انكماش الطلب العام، وشح السيولة لدى الأسواق، ما يؤثر حتى على قطاعات غير مرتبطة مباشرة بالموازنة".
ونبه الى أن “المالية العامة أصبحت أسيرة لمعادلة خطرة: اعتماد شبه كلي على النفط، مقابل كتلة إنفاق ثابتة تتزايد سنوياً دون رقابة فاعلة أو كفاءة في التوزيع”، مؤكداً أن هذا الاختلال البنيوي لن يُعالج بسياسات تقشف انتقائية. وهنا نحن بحاجة الى إصلاحات جذرية وحقيقية.
ورأى الهماشي أن الأزمة الحقيقية تكمن في غياب العدالة في توزيع الموارد، اضافة للفوضى التنظيمية وغياب التخطيط المالي الرشيد. وما لم يُعالج هذا الخلل بشكل منهجي، فإن أي خطوة مالية ستظل سطحية وغير مؤثرة.
كما حذر من أن "استمرار السياسات الحالية دون مراجعة جدية قد يفاقم أزمة الثقة بين الدولة والمجتمع، ويؤدي إلى انكماش اقتصادي حاد، لاسيما في ظل تقشف غير معلن يطال قطاعات حيوية ويؤثر سلبًا على حركة السوق".
ودعا الهماشي إلى ما سماه “مصارحة اقتصادية”، تشترك فيها الحكومة والخبراء وممثلو القطاعات الإنتاجية، تُفضي إلى خارطة طريق جديدة تعيد هيكلة الموازنة، وتعزز الإيرادات غير النفطية، وتُعيد النظر في أولويات الإنفاق.
وخلص الى القول: ان "العراق لا يفتقر إلى الموارد، بقدر ما يعاني من ضعف الإدارة وسوء التوزيع. وأي إصلاح لا ينطلق من هذه الحقيقة سيبقى سطحياً ومؤقتاً".
************************************************
الشيوعي العراقي: نحذر من التفريط بحقوق شعبنا في خور عبدالله
أثارت مصادقة مجلس النواب في عام 2013 على اتفاقية خور عبد الله التي وقعتها الحكومة العراقية حينئذ مع دولة الكويت بشأن تنظيم الملاحة البحرية في خور عبدالله تساؤلات مشروعة إزاء طريقة تعامل الحكومات المتعاقبة مع ملف سيادي حساس يمسّ جوهر مصالح العراق البحرية وحدوده الجغرافية، ويهدد منفذه الوحيد نحو المياه الدولية، وما شابها من مؤشرات تواطؤ وفساد. ويرافق تلك التساؤلات، غضبٌ شعبي واسع، يتردد صداه في كل مدن العراق.
لقد جرى ترسيم الحدود البحرية بين العراق والكويت في أعقاب حرب الخليج الثانية، استنادا إلى قرار مجلس الأمن للأمم المتحدة رقم 833 الصادر عام 1993، والذي كما قلنا ألحق غبنا بالعراق، وتضمن تفريطا بحقوقه السيادية. وصدر هذا القرار في ظل نظام دكتاتوري حُرم فيه الشعب العراقي من التعبير عن إرادته الوطنية الحرة، نظام ضعيف ومعزول دوليا بعد هزيمته في حرب تحرير الكويت. ورغم مرور السنين، ما زالت آثار تلك القرارات والاتفاقيات تطارد العراق، ويُعاد توظيفها في سياقات تضرّ بمصالحه وتحد من حركته البحرية.
ومن هذا المنطلق، نؤكد أن خور عبد الله ليس قضية فنية أو حدودية فحسب، بل هو شريان استراتيجي يرتبط بأمن العراق البحري والاقتصادي، وأن أي محاولة لتكريس واقع يقيّد حرية العراق في هذا الممر الحيوي يُعدّ مساسًا مباشرًا بالسيادة الوطنية.
وإن أي تفريط فيه تحت ذريعة «الالتزام بالقرارات الدولية» من دون العمل الجدي والنشيط للحكومة العراقية لحشد تأييد عربي ودولي من أجل مراجعة تلك القرارات وظروفها، يُعد تنازلًا غير مبرر عن حقوق العراق في المياه والموانئ.
إن القرارات الدولية، مهما كانت مرجعيتها، ليست فوق إرادة الشعوب ولا ثابتة خارج سياق الزمن. ولذا، فإن إعادة تقييم تلك القرارات، والنظر في ظروف صدورها، والمتغيرات التي طرأت بعد سقوط النظام السابق، تمثل خطوة ضرورية لضمان العدالة والإنصاف، في إطار علاقات متوازنة تحمي مصالح الطرفين.
وفي الوقت نفسه، نجدد حرصنا على إقامة علاقات مستقرة وبنّاءة مع دولة الكويت الشقيقة، تقوم على مبادئ حسن الجوار، والمصالح المشتركة، والاحترام المتبادل بين الشعبين. وقد عبرنا دائماً عن موقفنا الداعم لأية تفاهمات تحقق الأمن والاستقرار للبلدين، شريطة ألّا تُبنى على حساب حقوق العراق أو تُستغل ظروفه السياسية أو الأمنية.
وفي هذا السياق، ندعو إلى موقف وطني عراقي موحّد، يتجاوز الحسابات السياسية الضيقة والصراعات الآنية بين القوى، وينطلق من المصلحة العليا للعراق، وسيادته، وحقوقه غير القابلة للتصرف.
لذا ندعو إلى أن يسارع العراق بالتحرك سياسيا ودبلوماسيا على المستويين الإقليمي والدولي، وعلى الصعيد القانوني لحماية حقوق العراق في عملية ترسيم الحدود وتنظيم الملاحة البحرية في خور عبد الله، وتثبيت سيادته على ممراته المائية، ومخاطبة الأمم المتحدة والمنظمات ذات الصلة بلغة وطنية صريحة، تعيد تصحيح مسار الملفات المجحفة.
إنّ الصمت وغياب الشفافية في التعامل مع هذه القضية، وتجاهل مشاعر الغضب الشعبي المتزايد، لن يؤدي إلا إلى مزيدٍ من فقدان الثقة، وتوسيع فجوة الانقسام بين السلطة والشعب.
اللجنة المركزية
للحزب الشيوعي العراقي
26 تموز 2025
*********************************************
الصفحة الثانية
تحالف البديل يطعن في قرار استبعاد مرشحيه في المثنى
المثنى ـ طريق الشعب
أكد تحالف البديل اعتراضه على قرار مجلس المفوضين في المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، الصادر بتاريخ 16 تموز 2025، القاضي باستبعاد جميع مرشحيه في محافظة المثنى بدعوى عدم اكتمال متطلبات الترشيح.
وأوضح التحالف، في بيان أن جميع الوثائق المطلوبة تم تقديمها ضمن المهلة القانونية، باستثناء حالتين فقط تأخرت وثائقهما الدراسية لأسباب خارجة عن الإرادة، مؤكدًا أن ملفات باقي المرشحين مستوفاة للشروط.
وأعرب البيان عن استغرابه من الإجراء الذي وصفه بالمجحف وغير المبرر، لحرمانه مرشحين من حقهم الدستوري وناخبين من خياراتهم الانتخابية.
وأكد التحالف تمسكه بالطعن القانوني ضد القرار، مشيرًا إلى احتفاظه بحق التعبير عن شكوكه تجاه الانتقائية في تطبيق المعايير. كما جدّد دعمه للإجراءات التي تضمن نزاهة الانتخابات، مطالبًا المفوضية بمراجعة الطعن بموضوعية ومعالجة أية نواقص دون تعطيل الحقوق الأساسية، محذرًا من أن الانتقائية قد تُضعف الثقة بالعملية الديمقراطية.
***********************************
من الجنوب إلى الشمال.. الشارع يصرخ: {خور عبد الله عراقي.. والسيادة لا تُساوَم}
متابعة ـ طريق الشعب
شهدت مدن عراقية عدة خلال الأيام الماضية موجة احتجاجات متصاعدة ضد اتفاقية خور عبد الله، التي أثارت جدلًا واسعًا في الشارع العراقي بعد ما اعتبره المتظاهرون "تنازلًا صريحًا عن السيادة البحرية لصالح الكويت".
وانطلقت التظاهرات من النجف إلى بغداد، الكوت، البصرة، ميسان، وديالى، في تحرك شعبي موحد تحت شعار: "خور عبد الله عراقي.. والسيادة لا تُساوَم".
وفي ساحة التحرير ببغداد، احتشد العشرات رافعين الأعلام العراقية وشعار "خور عبد الله عراقي"، موجهين انتقادات لاذعة لعدم تفعيل قرار المحكمة الاتحادية رقم 105 لسنة 2023، الذي اعتبر الاتفاقية غير دستورية. في محافظة النجف، شهدت ساحة ثورة العشرين، وقفة احتجاجية حاشدة للناشطين والمواطنين، رفضًا لما وصفوه بتواطؤ في تمرير التنازل عن خور عبد الله.
كما عبّروا عن تضامنهم مع الكوت في فاجعة حريق الهايبر ماركت، مطالبين بالكشف عن المتورطين ومحاسبتهم.
في محافظة واسط (الكوت)، خرج العشرات مساء الجمعة في ساحة العامل، مطالبين بإلغاء الاتفاقية، ومؤكدين أن السكوت عنها خيانة للأجيال القادمة.
وهدد المحتجون بتصعيد التظاهرات بعد زيارة الأربعين في حال لم تُقدِّم الحكومة موقفًا رسميًا واضحًا.
وتجمّع مئات المحتجين أمام القنصلية الكويتية في البصرة، للتنديد بما اعتبروه "اتفاقية مذلة ومخالفة للدستور"، مطالبين الحكومة بإلغاء الاتفاق، ومؤكدين أن المسؤولين الداعمين له ارتكبوا "حنثًا باليمين الدستورية".
وقال الناشط علي العبادي: "الاتفاقية لا تمثل الشعب، والمحكمة الاتحادية أبطلتها، لكن تصريحات سياسية لاحقة حاولت الالتفاف على القرار". في ميسان، تظاهرت جموع أمام مبنى المحافظة، داعية لكشف الاتفاقيات السرية ومحاسبة المسؤولين.
وفي ديالى (بعقوبة)، رفع المحتجون لافتات تطالب بإعادة خور عبد الله إلى السيادة العراقية، وسط دعوات لحراك وطني واسع.
القاضي وائل عبد اللطيف أكد أن "القرار أودع في وزارة الخارجية وكان من المفترض إرساله للأمم المتحدة، إلا أن رئيس الوزراء امتنع عن ذلك، ما يستدعي استمرار الضغط الشعبي".
من جانبه، صرّح النائب عامر عبد الجبار بأنه جمع 194 توقيعًا نيابيًا لإجبار الحكومة على تنفيذ القرار، داعيًا رئيس الوزراء إلى الاستقالة إن لم يلتزم بتنفيذه. واتفاقية تنظيم الملاحة في خور عبد الله، الموقعة عام 2012، جاءت استنادًا إلى قرار مجلس الأمن 833 لعام 1993 لترسيم الحدود بعد غزو الكويت.
وقد صادق عليها البرلمان العراقي بموجب القانون رقم 42 لسنة 2013، ودخلت حيّز التنفيذ بعد إيداع وثائقها لدى الأمم المتحدة.
لكن المحكمة الاتحادية العليا أبطلت التصديق في قرارها الأخير لعام 2023، معتبرة الاتفاقية مخالفة للدستور، وهو ما فتح الباب أمام أزمة سياسية وقانونية مستمرة حتى اليوم.
ويرى مراقبون أن قضية خور عبد الله تحولت من نزاع قانوني إلى قضية سيادية وشعبية كبرى، باتت تهدد الاستقرار السياسي وتضع الحكومة أمام اختبار حقيقي بشأن الالتزام بإرادة الشعب وقرارات القضاء.
ووسط تنامي الغضب الشعبي، يبدو أن الملف مرشح للتصعيد خلال الأسابيع المقبلة، ما لم تتخذ الحكومة موقفًا واضحًا ينهي هذا الجدل المتفاقم.
******************************************
أزمات خدمية وبيئية ومعيشية تشعل الشارع الاحتجاجي في ست محافظات
بغداد ـ طريق الشعب
شهدت محافظات عدة، خلال الأيام الثلاثة الماضية، موجة من التظاهرات والوقفات الاحتجاجية، نظمها مواطنون غاضبون على خلفية تدهور الواقع الخدمي، وأزمات الجفاف، وغياب فرص العمل، واستمرار التهميش الإداري.
وشملت الاحتجاجات محافظات المثنى، ميسان، بابل، بغداد، أربيل، والبصرة، حيث تنوعت المطالب لكنها اشتركت في الإحباط العام من أداء الجهات الرسمية.
البصرة
وفي قضاء شط العرب، نظم أهالي منطقة الزريجي وقفة احتجاجية، طالبوا فيها بإقالة القائمقام، وإنشاء محطة تحلية لمواجهة ملوحة المياه، إضافة إلى استحداث ناحية مستقلة، وتوفير فرص عمل، ملوحين بخطوات تصعيدية تشمل إغلاق طريق حقل الفيحاء النفطي.
أما في قضاء الهارثة شمالي البصرة، فقد جدد العشرات من المواطنين تظاهراتهم أمام مبنى القائمقامية، مطالبين بتحسين الخدمات الأساسية، وتأهيل مستشفى القضاء المتوقف منذ عام 2013، ومنددين بتجاهل الحكومة لمطالبهم السابقة رغم زيارات المحافظ والمسؤولين بعد “فاجعة الهارثة”.
ميسان
في قضاء الميمونة، جنوب غرب محافظة ميسان، تظاهر عشرات السكان على جسر الميمونة احتجاجًا على اتساع رقعة الجفاف ونقص المياه في الأنهار الريفية، مشيرين إلى أن "تجفيف الأنهار بمثابة إبادة جماعية لعشائر القضاء".
وشهدت التظاهرة قطع الطريق وإحراق الإطارات قبل أن تتدخل القوات الأمنية وتعيد فتحه.
وفي السياق نفسه، نظم خريجو المهن الصحية في ميسان تظاهرة أمام مبنى دائرة الصحة، احتجاجًا على عدم إطلاق استمارات التعيين، مطالبين رئيس الوزراء بالتدخل وتفعيل قانون رقم 6 لضمان إدراجهم ضمن الموازنة الاتحادية.
المثنى
ونظّم العشرات من سكان مجمع لؤلؤة ساوة السكني في السماوة، وقفة احتجاجية ضد المستثمر المنفذ للمشروع، متهمين إياه بالإخلال ببنود العقد وعدم الالتزام بتوفير الخدمات الأساسية.
وقال المحتجون إنهم يفتقرون إلى مياه الشرب، ولا توجد شبكة مجارٍ، كما لم تُسلّم سندات الملكية (الطابو)، مؤكدين أن البنى التحتية للمجمع لم تُستكمل. وطالبوا الحكومة المحلية بالتدخل الفوري لإلزام المستثمر بتنفيذ التزاماته.
بابل
وشهدت قرية المجرية في الحلة (مركز محافظة بابل) تظاهرات غاضبة ليومين متتاليين، احتجاجًا على جفاف نهر المجرية، الذي يُعد شريان الحياة للمنطقة. وقام المتظاهرون بقطع طريق الحلة – الديوانية، مطالبين الحكومة بإيجاد حلول عاجلة لشح المياه الذي أدى إلى جفاف الأراضي وهلاك الحيوانات.
وشهدت التظاهرات حضورًا ميدانيًا من مسؤولي الموارد المائية وماء بابل الذين وعدوا بتقديم حلول عاجلة، فيما حذر السكان من أن استمرار الأزمة ينذر بكارثة بيئية.
بغداد
فيما نظّم موظفو الهيئة العامة للأنواء الجوية والرصد الزلزالي في بغداد، وقفة احتجاجية للمطالبة بإقالة المدير العام، متهمين الإدارة بممارسة "الظلم والإجحاف الوظيفي" لسنوات.
وأعلن الموظفون التوقف عن إرسال بعض الرصدات الجوية، مع الاستمرار بإرسال تقارير الطيران المدني، حفاظاً على سلامة الملاحة الجوية، مؤكدين أن احتجاجهم نتيجة تراكمات من الإهمال المؤسسي والتمييز الإداري.
أربيل
ونظم عدد من سائقي شاحنات نقل الوقود وقفة احتجاجية أمام محطة "لاناز" على طريق أربيل–گوير، بسبب منعهم من العمل داخل المحطة، رغم مطالباتهم المستمرة منذ أكثر من عامين.
وقال أحد السائقين إنهم يواجهون بطالة قاسية في الوقت الذي يُسمح فيه لسائقين من دول مجاورة بالعمل داخل المحطة. وطالبوا بفرص عمل متكافئة كحق مشروع لهم، كونهم من أبناء المناطق المحيطة بالمحطة.
*****************************************
محلية بابل للحزب الشيوعي العراقي: اعتداء مدان وغير مبرر على المطالبين بتوفير المياه
تدين محلية بابل للحزب الشيوعي العراقي بشدة ما جرى اليوم من اعتداء سافر على المتظاهرين في منطقة المچرية، الذين خرجوا للمطالبة بحقهم في الحصول على حصتهم من المياه.
إن هذا السلوك المدان يعد اعتداء آثما لا يستند إلى أي نص دستوري أو قانوني، وهو انتهاك صارخ لحقوق المواطنين، ومصادرة لحريتهم في المطالبة بحقوقه المشروعة.لقد عانت هذه المنطقة الزراعية من شحٍّ في المياه منذ أشهر، حتى إنها باتت تفتقر إلى المياه الصالحة للشرب، ما أدى إلى توقف الإنتاج الزراعي فيها بسبب الجفاف.
إن ما جرى اليوم من قمع للمحتجين لا يمكن فصله عن ممارسات مماثلة لمنظومة المحاصصة والفساد التي نهبت خيرات البلاد، وأوصلت الشعب العراقي إلى حدّ الحرمان من أبسط مستلزمات الحياة.
إننا في محلية بابل نؤكد تضامننا الكامل مع المتظاهرين السلميين، ونطالب بمحاسبة المسؤولين عن هذا الاعتداء، ومعالجة الأزمة المائية بشكل عادل وشامل.
محلية بابل
للحزب الشيوعي العراقي
24 تموز 2025
*******************************************
الشطرة تختنق.. أنقذوا سدة البدعة
في تطوّر بالغ الخطورة، يشهد قضاء الشطرة وجواره كارثة مائية غير مسبوقة بعد الانقطاع التام لتدفق المياه في سدة البدعة، أحد أقدم مشاريع الري في العراق، والمغذي الأساس لنهر الغراف وفروعه. إن جفاف هذا النهر التاريخي يمثل جريمة بيئية وإنسانية بحق عشرات آلاف المواطنين في شمال وشرق الناصرية، ويهدد الأمن الغذائي، والصحي، والاجتماعي للمنطقة بأكملها.
إن ما يجري اليوم ليس مجرد خلل فني أو طارئ عرضي، بل نتيجة مباشرة لسنوات من الإهمال، وسوء إدارة ملف المياه، والتقاعس عن مواجهة التدخلات الإقليمية في الحصص المائية للعراق. وها هي النتائج تظهر بأقسى صورها في ذي قار، المحافظة التي عانت طويلاً من التهميش والإهمال.
نحن في الحزب الشيوعي العراقي محلية الشطرة، نعلن موقفنا بوضوح:
- نحمّل الحكومة الاتحادية ووزارة الموارد المائية المسؤولية الكاملة عن هذا الانهيار في النظام الإروائي، ونطالبها بتدخل فوري لإنقاذ ما تبقى من الموسم الزراعي ومشاريع الإسالة.
- ندعو الحكومة المحلية في ذي قار والنواب عن المحافظة إلى مغادرة مواقعهم الصامتة، والتحرك العاجل لتشكيل خلية أزمة حقيقية بالتنسيق مع بغداد، والضغط على لجان التفاوض مع تركيا وإيران لاسترداد حقوقنا المائية.
- نوجه رسالة سياسية إلى جميع القوى والأحزاب في ذي قار، أن الكارثة لا تستثني أحدًا، والمزايدات السياسية لا تنقذ نهرًا جافًا، ولا طفلًا عطشانًا. إن الصمت الآن تواطؤ، والتقصير خيانة لأبناء المحافظة.
- ندعو أبناء الشطرة وناشطيها ومزارعيها إلى رفع الصوت والمطالبة بحقوقهم المشروعة، وتنظيم وقفات سلمية ومدنية للضغط على الجهات المعنية.
إن سدة البدعة تحتضر، والغراف يلفظ أنفاسه الأخيرة، وذي قار تُترك لمصير قاسٍ إن لم نتحرك جميعًا الآن.
محلية الشطرة
للحزب الشيوعي العراقي
٢٥ تموز ٢٠٢٥
***************************************
ومضة.. في غزة.. تجويع وقتل ممنهج
صبحي الجميلي
في هذا الزمن الرديء، زمن انحطاط القيم، عربيا واسلاميا ودوليا، ويخص هذا الوصف في المقام الأول المواقف الرسمية، بينما يتواصل حصار قطاع غزة وأهلها، الذي ينفذ بأدوات صهيونية، وبتواطؤ دولي ودعم سافر امريكي، ومنهج القتل العمد، والذي اتخذ من عملية ٧ أكتوبر ذريعة لا لمجرد التخلص من حماس وسلاحها كما يدعون، بل لتصفية القضية الفلسطينية، وطمس حق الفلسطينيين في إقامة دولتهم. ولا أدل على ذلك اليوم من قرار برلمان دولة الاحتلال بفرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية وغور الأردن، في تجاوز لكل الاتفاقات والقرارات الدولية ذات العلاقة منذ عام ١٩٤٨ حتى يومنا هذا.
وفي كل يوم تثبت الادارة الامريكية الحالية انحيازها غير المحدود والمطلق للقطعان الصهيونية وعلى رأسها الفاشي نتنياهو. فهي إذ تتحدث زورا وكذبا عن مساعيها لتحقيق السلام، إنما تقوض كل فرصة لاتخاذ قرارات في مجلس الامن، تهدف لوقف العدوان المتواصل والانتصار للحق والعدل والشرعية الدولية. وحين تتحدث عن تقديم المساعدات الغذائية والدوائية لأهالي غزة المنكوبين، تقوم في الواقع بإجازة استمرار قتلهم وإباحته وتيسيره، وفي أحسن الأحوال تعمد الى تهجيرهم، وجعل القطاع ارضا بلا بشر. وهذا ما يريدون عبره وفي مخطط خبيث وإجرامي، الإجهاز على كل ما يمت بصلة الى شعب فلسطين وقضيته العادلة.
يوم امس الاول الجمعة قدمت الإدارة الأمريكية دليلا اخر على انحيازها السافر، عندما علقت على مجرد إعلان فرنسا نيتها الاعتراف بدولة فلسطين، وعلى لسان رئيسها نفسه، بالقول ان "اعتراف ماكرون بدولة فلسطينية لا وزن له ولا ثقل". فيما ادعى وزير خارجيته روبيو ان ذلك "يقوض فرص السلام ويدعم دعاية حماس". فعن أي سلام تتحدثون، أيها الشركاء الفاعلون في منهج التجويع والقتل العمد؟!
وتؤشر التطورات الراهنة في سوريا وخاصة ما يتعلق بالوضع في السويداء، والدخول، الأمريكي على الخط لدعم مواقف إسرائيل وقصفها واعتداءاتها المستمرة على المدن السورية، وتوغل قواتها الى داخل أراضيها، إضافة الى تلك المساعي المحمومة لكسر شوكة أي محاولة للرفض والصمود والتحدي.. ان هذا كله وغيره يؤشر ما يُخطط لهذه المنطقة، وما يراد لها في المستقبل.
ولما كان الكتاب يُقرأ من عنوانه كما يقال، فان كل هذه المقدمات تؤشر عدم وجود من هو بمعزل عن هذا المخطط الأمريكي – الصهيوني للمنطقة، وإخضاعها له وتركيعها بالكامل، واطلاق يد الكيان الصهيوني في التحكم بشؤونها والهيمنة المطلقة على مقدراتها.
لذا فان ما يحصل لمليوني فلسطيني محاصرين في مساحة لا تزيد على ٣٦٥ كم٢، ليس ببعيد عن هذا المخطط الاجرامي في المنطقة، بل هو في صلبه، وفي المقدمة منه طمس أيّ معلم والتنكر لايّ حق من حقوق شعب فلسطين، الذي ترك لوحده يقاوم ويصمد ويتحدى ويصبر على الجوع، ويتحمل أطنان القنابل التي تلقى يوميا، وتستهدف كل شيء. والمضحك انهم يتحدثون خلال ذلك عن انسيابية غذائية ودوائية؟
لقد بات انقاد أهل غزةُ ورفض مشاريع التهجير والتوطين والتطبيعُ والانتصار لحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة، وفرض إقامة دولته الوطنية كاملة السيادة على أرضه، جزءا أساسيا ومحوريا لكسر حلقات هذا المشروع، ورفض الإملاءات التي تفرض تحت عناوين وصيغ مختلفة. وان أي نجاح يتحقق في هذا سيترك اثره البين على مدى القدرة للسير في تنفيذ الحلقات الأخرى من المشروع.
فكم من أحزاب وقوى الشعب الفلسطيني تعي أهمية ذلك، والحاجة الملحة لوحدة مواقفها ودفن ما هو صغير وثانوي تجاه الخطر الوجودي المحدق؟ وكم هي الدول العربية والإسلامية وشعوبها وقواها واحزابها السياسية، التي تدرك ان من مصلحتها هزيمة المشروع الشرق أوسطي الأمريكي - الصهيوني، والحفاظ على دولها الوطنية وتطورها الحر والمستقل، بعيدا عن الإتاوات والإملاءات؟
**********************************************
الصفحة الثالثة
المحافظة تواجه كوارث صامتة! صلاح الدين: الزراعة تنهار والمواشي تنفق وسكان القرى يفرون من العطش
بغداد – تبارك عبد المجيد
رغم مرور سنوات على الوعود الحكومية المتكررة بتحسين الواقع الخدمي في محافظة صلاح الدين، لا تزال الأزمات تتفاقم، وفي مقدمتها أزمة المياه التي باتت تهدد الحياة اليومية للسكان، وتعكس فشل مشاريع الإعمار في تلبية أبسط الاحتياجات الأساسية.
حيث تعاني مناطق واسعة من المحافظة من شح مائي حاد، وسط تهالك البنية التحتية، الى جانب المشاريع المتوقفة التي لم تستكمل منذ أعوام. فيما يؤكد الأهالي أن ما يُنجز لا يتعدى أعمالا ترقيعية لا ترقى إلى مستوى الأزمات المتراكمة.
وبين تراجع منسوب نهر دجلة، وغياب التخطيط الاستراتيجي، وضعف التنسيق بين الوزارات والحكومة المحلية، أصبح المواطن في المحافظة ضحية لتقاطع السياسات والإهمال، الامر الذي قاد الى تصاعد التحذيرات من تفاقم الأوضاع نحو كارثة خدمية ومعيشية تهدد الأمن البيئي والغذائي في المحافظة.
ازمة متفاقمة
وانتقد الناشط السياسي ثابت عامر، الأوضاع الخدمية المتردية في محافظة صلاح الدين، مؤكدا أن أزمة المياه في المحافظة لا تختلف عن باقي المحافظات، لكنها تتفاقم بسبب ضعف شبكات التوزيع وغياب مشاريع التطوير الحقيقية.
وقال عامر لـ "طريق الشعب"، انه "هناك عدة مناطق في صلاح الدين تعاني من شح مياه حاد، خصوصا منطقة الديوان في قضاء الشرقاط، إضافة إلى منطقة الشهابي، كما ان قنوات الري المتبقية التي يعتمد عليها الفلاحون أصبحت عاجزة عن تلبية حاجاتهم".
وأضاف أن "هذه الأزمة تتزامن مع انهيار كبير في منظومة الكهرباء، حيث لم يحصل المواطنون خلال الأيام الماضية على أكثر من ساعتين من التجهيز المتقطع يوميا"، مشيراً إلى أن ذلك يزيد من معاناة السكان ويعكس فشل الإدارة المحلية.
وتساءل عامر عن دور الحكومة المحلية في ظل هذه الظروف، قائلاً: "لا أعلم ما هو دورهم، وإلى ماذا يطمحون، ونحن على أبواب الانتخابات".
كما أبدى عامر شكوكه في أداء وزارة الإعمار والإسكان في المحافظة، قائلاً: “لا أعتقد أن الوزارة أنجزت شيئًا حقيقيًا في صلاح الدين. عجلة الإعمار متوقفة منذ سنوات، وما يتم الإعلان عنه لا يتعدى مشاريع بسيطة كإكساء بعض الشوارع، تُصدر على أنها إنجازات كبرى".
وأكد أن "الفساد بات ثقافة راسخة في مؤسسات الدولة داخل المحافظة، والمشاريع لا تُمرر إلا من خلال نسب معينة تُقتطع من داخل صلاح الدين نفسها"، في إشارة إلى تفشي الفساد الإداري والمالي في مختلف مفاصل العمل الحكومي.
وعلى أثر الغضب الشعبي في المنطقة، كان محافظ صلاح الدين بدر الفحل قد اكد أنه "يحاول معالجة أخطاء وزارة الإعمار التي أنجزت بالفعل مشروع ماء الدجيل الموحد، لكن بلا تفرعات"، مؤكدا ان المشروع بحاجة الى 6 مليارات دينار، وأن الحكومة المحلية تحاول إنهاء الأزمة بعد استكمال مد أنابيب بطول 50 كيلومتراً كانت قد باشرت بها قبل عدة أشهر.
يشار الى أن مشروع ماء الدجيل استأنف العمل فيه عام 2013 بعد أن كان متوقفا لمدة 11 عاما، وهو بإشراف وزارة الاعمار والإسكان بالتعاون مع المحافظة.
وتقدر طاقته التصميمة 4000 متر مكعب، ومن المتوقع ان يسد حاجة أهالي قضاء الدجيل والقرى المجاورة له من الماء الصالح للشرب.
تأثير شامل
تقول الصحفية سعاد النجفي من محافظة صلاح الدين، إن "أزمة شح المياه باتت من أخطر الأزمات التي تواجه سكان المحافظة في الوقت الحالي"، مشيرة إلى أن تأثيراتها لم تعد مقتصرة على الحياة اليومية فقط، بل امتدت لتشمل الزراعة والثروة الحيوانية، وتهدد مستقبل الاستقرار المعيشي في مناطق واسعة.
وتضيف النجفي لـ "طريق الشعب"، أن "الأزمة تفاقمت خلال الأشهر الأخيرة بشكل غير مسبوق، حيث سجلت حالات شح مائي حاد في عدد من الأقضية والنواحي، من بينها قضاء الضلوعية وناحية العلم، وكذلك الريف الشرقي لقضاء بيجي، فضلًا عن مناطق العوجة ومكيشيفة جنوب تكريت، إلى جانب القرى الزراعية المنتشرة على أطراف مدينة سامراء، والتي أصبحت تعاني يوميًا من تراجع حاد في مصادر المياه".
وتؤكد النجفي، أن هناك عدة أسباب تقف خلف هذا التدهور الخطر، في مقدمتها انخفاض مناسيب نهر دجلة، نتيجة تقليص الإطلاقات المائية من دول الجوار، إضافة إلى التغيرات المناخية وارتفاع درجات الحرارة التي أدت إلى زيادة معدلات التبخر، إلى جانب غياب التخطيط الاستراتيجي من قبل الجهات المعنية في إدارة الموارد المائية داخل المحافظة، مشيرة أيضًا إلى وجود تجاوزات على الحصص المائية من قبل بعض المحافظات المجاورة، فضلا عن تهالك مشاريع الري وقدم البنى التحتية، التي باتت غير قادرة على مواجهة هذه التحديات.
وتشير النجفي إلى أن "الفلاحين يعيشون حالة من القلق والخوف على مصير أرزاقهم، حيث عبّر أحد المزارعين في ناحية العلم عن خشيته من خسارة الموسم الزراعي بالكامل، نتيجة الانقطاع شبه التام للمياه وعدم وجود أية بدائل من الدولة، سواء عبر دعم مباشر أو توجيه تقني يخفف من حدة الأزمة".
وتنبه الى أن التداعيات لا تتوقف عند الزراعة فقط، بل تشمل جوانب أخرى من الحياة، إذ تسبب شح المياه في هجرة بعض العائلات من القرى إلى المدن، ونفوق أعداد كبيرة من المواشي بسبب الجفاف، كما ارتفعت أسعار المياه المعبأة بشكل كبير، مع اعتماد الأهالي بشكل متزايد على صهاريج المياه كحل مؤقت لا يمكن أن يستمر طويلاً.
وتختتم النجفي حديثها بالتأكيد على أن أهالي صلاح الدين يطالبون بتدخل حكومي عاجل، يتضمن التفاوض مع دول الجوار لزيادة الإطلاقات المائية، وتفعيل مشاريع التحلية وحفر الآبار، فضلا عن تقديم دعم فعلي للفلاحين بمستلزمات الزراعة والري الحديث، مؤكدة أن ما يحدث في المحافظة اليوم هو إنذار حقيقي بكارثة بيئية ومعيشية إذا ما استمر الإهمال وغياب الحلول الجادة.
تهديد للوجود
وفي هذا الصدد، قال إدريس العيساوي، مدير مكتب مفوضية حقوق الإنسان في المحافظة، إن "أزمة المياه المتفاقمة لم تعد مجرد مشكلة خدمية، بل تحوّلت إلى تهديد مباشر لحقوق الإنسان الأساسية"، مشيرا إلى أن هناك تداخلا واضحا بين شح المياه وتدهور الأوضاع المعيشية والصحية والاقتصادية للآلاف من المواطنين.
وأضاف لـ "طريق الشعب"، أن "الارتفاع الكبير في درجات الحرارة، إلى جانب التلوث الناتج عن تصريف مياه الصرف الصحي في الأنهار، ساهم بشكل مباشر في تفاقم الأزمة"، مؤكدا أن "النقص الحاد في المياه النظيفة انعكس على الحق في الحياة والحق في الصحة، حيث أدى الاعتماد على مصادر مياه غير صالحة للشرب في بعض المناطق الريفية إلى انتشار الأمراض، وسط غياب أي بدائل حقيقية".
وأوضح إدريس، أن الكثير من الأهالي، خصوصا في المناطق النائية، باتوا يعتمدون على مياه ملوثة وغير معالجة، سواء من الأنهار أو من مصادر سطحية محدودة، مشيرا إلى أن تراجع منسوب نهر دجلة وتزايد كميات الملوثات المرمية فيه زاد من تعقيد الوضع، حيث لا تتوفر مياه آمنة للاستخدام البشري.
وبيّن أن هذا الوضع لا يهدد الصحة العامة فحسب، بل يطال أيضًا الحق في الغذاء، باعتبار أن محافظة صلاح الدين تعتمد بنسبة تزيد على سبعين بالمئة على الزراعة، وبالتالي فإن أزمة المياه انعكست على انخفاض إنتاج المحاصيل الزراعية بشكل كبير، ما يهدد الأمن الغذائي للعائلات الفقيرة، خاصة تلك التي تعتمد بالكامل على الزراعة كمصدر دخل وحيد.
وتابع أن انخفاض مناسيب المياه وعدم توفر مصادر ري كافية أديا إلى تفاقم البطالة، وخلق موجة نزوح من المناطق الريفية إلى مراكز المدن، حيث اضطر كثير من الفلاحين إلى ترك أراضيهم بعد أن عجزوا عن الاستمرار في الزراعة.
وزاد بالقول أن هذه الهجرة خلقت مشكلات أخرى، حيث استقر العديد من النازحين في مناطق عشوائية تفتقر إلى الخدمات الأساسية، ما تسبب في انتهاكات إضافية لحقوقهم في السكن والتعليم والصحة، فبعض الأسر اضطرت إلى سحب أطفالها من المدارس بسبب الفقر أو الحاجة إلى العمل، بينما لجأ آخرون إلى مهن هامشية في الشوارع مثل بيع الحلوى أو الماء على التقاطعات لتأمين لقمة العيش.
وأكد إدريس، أن أزمة المياه لم تعد مجرد قضية تخص وزارة الموارد المائية أو الزراعة فقط، بل باتت قضية إنسانية بامتياز، تتطلب تدخلا حكوميا عاجلا واستراتيجية وطنية متكاملة تأخذ بنظر الاعتبار الأبعاد البيئية والاقتصادية والاجتماعية والحقوقية، داعياً إلى اعتبار المياه حق أساسي من حقوق الإنسان، والعمل على توفيره بشكل عادل وآمن لكل المواطنين.
*********************************************
بانتظار الاعتراف الرسمي والتمويل.. البراكية.. منطقة منكوبة خارج حسابات الحكومة
بغداد – طريق الشعب
في قلب محافظة النجف الأشرف، وعلى بُعد كيلومترات قليلة من مطار النجف الدولي، تقع ناحية البراكية، التي وُصفت على لسان سكانها بـ"المنطقة المنكوبة"، لما تعانيه من غياب شبه تام للخدمات الأساسية. ورغم قربها الجغرافي من أحد أهم المعالم الحيوية في المحافظة، إلا أن حالها يعكس تهميشا واضحا وإهمالا مستمرا من الجهات المسؤولة.
وعود انتخابية لم تُنفذ!
يقول محمود السعيدي، مراقب محلي من النجف، ان "ناحية البراكية هي إحدى النواحي الحديثة التابعة لمدينة النجف الأشرف، لكنها تفتقر إلى التخطيط والتصميم العمراني المناسب. الوضع هناك يوحي وكأن المنطقة خرجت توا من كارثة؛ لا وجود للمجاري، ولا أعمدة كهرباء، ولا حتى شبكات مياه صالحة للاستخدام البشري".
ويضيف السعيدي لـ "طريق الشعب"، أن "المنطقة كانت بالأصل أراضي زراعية، ثم جرى تحويلها إلى أراضٍ سكنية (طابو صرف) دون أي تخطيط مسبق أو بنية تحتية، ما جعلها أشبه بالعشوائيات، حيث بنى الأهالي منازلهم بجهود شخصية، واشتروا أعمدة كهرباء خشبية على نفقتهم الخاصة، ومدوا شبكات مياه بدائية لمسافات طويلة دون أي دعم حكومي.
ويذكر ان "المنطقة شهدت تظاهرات واحتجاجات متكررة خلال السنوات الماضية، طالب فيها الأهالي بتوفير الخدمات الأساسية، مثل التبليط، والمجاري، والكهرباء، والماء. ومع كل دورة انتخابية، تنهال الوعود من المرشحين بتحسين أوضاع الناحية وتوفير الخدمات، إلا أن الواقع لم يشهد أي تغيير يُذكر.
ويشر الى انه "في انتخابات 2021 لمجلس النواب، علقنا آمالاً كبيرة على التغيير، لكن لم يُنفذ شيء. وحتى بعد تشكيل مجالس المحافظات، كثرت الوعود مجددا دون أي تطبيق فعلي على الأرض".
ويعتقد انه "نتيجة لتراكم الإحباط، بات الكثير من أهالي المنطقة يرفضون المشاركة في الانتخابات المقبلة، تعبيرًا عن سخطهم من تكرار الوعود الكاذبة، وفقدان الثقة بالعملية السياسية"، مؤكدا بالقول: "اليوم أغلب سكان البراكية قرروا مقاطعة الانتخابات، لأن من يَعِد لا يفي، ومن يُنتخب لا يلتفت إلى معاناة الناس. نحن ندفع من جيوبنا لتوفير أبسط مقومات الحياة، والحكومة غائبة تمامًا عن المشهد"، يضيف السعيدي بغضب.
وختم بالقول: "نحن لا نطلب المستحيل، فقط أن نُعامل كمواطنين حقيقيين داخل هذا البلد".
أحلام متواضعة
فيما قال أحد سكان ناحية البراكية، عبد الأمير النجفي، ان منطقته "رغم بساطة سكانها وأحلامهم المتواضعة، ما زالت تعاني من تهميش مزمن"، مشيرا إلى أن الحد الأدنى من الخدمات الأساسية كالماء الصالح للشرب، الكهرباء المستقرة، والطرق القابلة للاستخدام، "لا تزال حلما بعيد المنال"، وفقا للنجفي.
وأضاف لـ "طريق الشعب"، "اننا لا نطلب مستشفيات متطورة أو مشاريع ضخمة، نريد فقط أن نعيش بكرامة. أن نعامل كمواطنين لنا نفس الحقوق كبقية المناطق. لكن للأسف، ناحية البراكية بقيت لسنوات طويلة خارج خارطة التنمية والخدمات، وكأنها غير مرئية للحكومات المتعاقبة، سواء المحلية أو المركزية."
وأشار إلى أن سكان المنطقة استبشروا خيرا حين تم الإعلان عن مباشرة الجهد الخدمي والهندسي التابع لرئاسة الوزراء بأعمال خدمية في الناحية، ضمن حملة رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني لتقديم الخدمات للمناطق المهمشة، خلال العام الماضي.
وأوضح أن العمل شمل ردم مبزل بطول 500 متر، ورفع نحو 1200 متر مكعب من الأنقاض وردم ثلاثة مستنقعات بمساحة كبيرة، إضافة إلى فتح وتسوية ثلاثة شوارع فرعية بطول 400 متر وعرض 8 أمتار".
لكنه تساءل بمرارة: "أين النتائج؟ كل هذه الأرقام لا نراها على أرض الواقع. الشوارع ما زالت محفرة، المستنقعات عادت بعد أيام من الردم، والماء لا يصل إلا في فترات متقطعة إن وصل أصلا"، مؤكدا ان "الخدمات لم تتحسن، وما زلنا ندور في دائرة الإهمال".
وأكد أن الأعمال التي نُفذت كانت محدودة ومؤقتة، أشبه بطلاء خارجي على جدار متصدع، مضيفا أن "الحلول الجذرية لا تأتي برفع الأنقاض يوما أو تسوية شارع واحد، بل بوضع خطة دائمة وشاملة للبنية التحتية، تبدأ من تصريف المياه وتنظيم الكهرباء، وتنتهي بتعبيد الشوارع وتوفير المدارس والمراكز الصحية".
وخلص الى القول ان "الناس هنا يشعرون بأنهم مواطنو الدرجة الثانية، محرومون من أبسط الحقوق".
الميزانية تؤخر التنفيذ
من جانبه، قال عضو مجلس محافظة النجف الأشرف، فاضل جابر، أن "الجهود مستمرة من قبل لجان المجلس ودوائر البلديات لمتابعة ملف تقديم الخدمات إلى الأقضية والنواحي، وبشكل خاص ناحية البراكية التي تم استحداثها حديثاً، وتواجه تحديات كبيرة في ظل الزيادة السكانية والضغط على البنى التحتية".
وأوضح جابر لـ "طريق الشعب"، أن "ناحية البراكية لا تزال قيد الاستحداث، وهي موزعة جغرافياً بين قضاء الكوفة وقضاء النجف"، مشيراً إلى أن اجتماعات متعددة عقدت في مجلس المحافظة، بحضور ممثلين عن دوائر البلديات والبيئة والآثار، إضافة إلى قائمقامية الكوفة والنجف، بهدف تسريع الإجراءات الخاصة باستكمال متطلبات الاعتراف الرسمي بالناحية".
وقال جاير إن الناحية ضُمِنت ايضا ضمن القرار 320، لافتاً إلى أن المحافظ كلف شخصية لإدارة شؤون الناحية لحين اكتمال الإجراءات الإدارية والرسمية.
وأضاف أن دوائر البلديات في كل من الكوفة والنجف بادرت بفتح أقسام خدمية لتقديم الخدمات الأساسية لسكان البراكية، مؤكداً أن الناحية تشهد اكتظاظاً سكانياً كبيراً، ما يتطلب جهوداً استثنائية لتأهيل البنى التحتية وتوفير الخدمات.
وبين جابر، أن استكمال الخدمات مرهون بتحويل البراكية إلى ناحية رسمية ويعتمد على إنجاز الجوانب الإدارية وتوفير المخصصات المالية، مشدداً على أن غياب الميزانية والعجز المالي أثرا بشكل واضح على واقع الخدمات في عموم محافظة النجف.
واختتم تصريحه بالدعوة إلى إطلاق موازنة 2025 في أقرب وقت، مشيراً إلى أن النجف تعد من المدن الجاذبة للسكان، وتستقبل ملايين الزوار سنوياً، ما يشكل ضغطاً كبيراً على المؤسسات الخدمية، ويستلزم دعماً مباشراً من الحكومة المركزية لتلبية احتياجات المحافظة وسكانها.
**********************************************
الصفحة الرابعة
البلدية أنذرت الباعة قبل يوم منها حملة حكومية تطيح بعشرات {البسطات} في الموصل!
الموصل – يوسف رعد
أثارت حملة إزالة البسطات التي نفذتها بلدية الموصل أخيرا في سوق النبي يونس وغيره من أسواق المدينة، موجة غضب بين الباعة. حيث بُلغوا بقرار الإزالة قبل يوم واحد من الحملة، في خطوة وصفوها بـ"المجحفة والمباغتة"، لم تمنحهم وقتا كافيا لإيجاد البدائل، ما تسبب في خسائر مادية فادحة طالت عشرات العائلات التي تعتمد على تلك البسطات كمصدر معيشة وحيد.
وكانت بلدية الموصل قد شرعت يوم الاثنين الماضي، بإزالة البسطات في أسواق مكتظة عدة داخل المدينة، استجابة لطلب الدفاع المدني، الذي رأى أن وجود تلك البسطات يعيق وصول سيارات الإطفاء في حال حصول حادث حريق، ما يهدد سلامة المواطنين. وقد شملت حملة الإزالة أسواق: "النبي يونس، الزهراء، سومر، الموصل الجديدة والقاهرة".
وبينما تقول البلدية عبر وسائل إعلام أن أصحاب البسطات بُلغوا مسبقا بقرار الإزالة، وأن العملية تمت من دون استخدام القوة، وبعد تأمين ثلاثة مواقع بديلة للباعة، يؤكد الكثيرون من الباعة أن المهلة التي منحتهم إياها البلدية قصيرة لا تتجاوز 24 ساعة، وبالتالي لم يتسن لهم تصفية بضائعهم ورفع بسطاتهم بشكل نظامي.
وجاءت هذه الحملة إضافة إلى حملات تفتيش ومتابعة لمدى الالتزام بمعايير السلامة في المباني الحكومية، على إثر فاجعة الحريق في مبنى "هايبر ماركت" بمدينة الكوت.
24 ساعة ليست كافية
في حديث لـ"طريق الشعب"، قال مصطفى العباسي، أحد أصحاب البسطات المتضررين، أن "البلدية أبلغتنا بقرار رفع البسطات قبل يوم واحد من تنفيذ حملة الإزالة. وفي صباح اليوم التالي باشرنا رفع بسطاتنا"، مضيفا قوله أن "24 ساعة ليست كافية لتصفية البضاعة وإيجاد البدائل. حيث كان هذا القرار بمثابة صدمة، ونحن نعتاش على مردودنا المالي اليسير من بسطاتنا، يوما بيوم".
وتحدث العباسي عن استمرار فرض الجبايات على أصحاب البسطات "رغم عدم وجود إطار قانوني واضح في هذا الشأن". وقال: "ندفع مبالغ شهرية تتراوح بين 150 و800 ألف دينار، حسب العقد الموقّع. بعضنا يحصل على وصولات مختومة لقاء الدفع، وبعض آخر يدفع دون أي أوراق ثبوتية، ما يثير الشكوك حول مصير الأموال التي تُجبى منا. فهل تدخل فعلًا في خزينة الدولة أم تذهب لجهات أخرى؟!".
وأشار إلى أن "هناك تمييزًا واضحًا في التعامل مع الباعة. فبعض المقربين من أصحاب النفوذ يملكون أكثر من بسطتين ولا يتم الاقتراب منهم، بينما يُستهدف الفقراء الذين لا حول لهم ولا قوة".
البلدية لم تُنظم السوق
بررت الجهات المعنية إطلاق حملتها المفاجئة هذه، بانتشار التجاوزات، وبأخطار الحرائق المحتملة التي قد تنجم عن التمديدات الكهربائية العشوائية في السوق، إلا أن العباسي اعتبر أن "البلدية نفسها تتحمل جزءًا كبيرًا من المسؤولية، بسبب تقاعسها عن تنظيم السوق منذ سنوات، وترك الفوضى تتراكم دون حلول جذرية".وأوضح أنه "لا أحد ينكر أن السوق بحاجة إلى تنظيم، لكن الحل لا يكون بمصادرة أرزاق الناس في يوم وليلة، بل بتهيئة بدائل واقعية وتخصيص مواقع قانونية تضمن حقوق الباعة وكرامتهم".
بينما تساءل عن دور الجهات الرقابية في متابعة الأموال التي جُبيت خلال السنوات الماضية: "أين ذهبت تلك الجبايات؟ ولماذا لم تُستثمر في تنظيم السوق بشكل حضاري بدلاً من فرض الغرامات والإزالات القسرية؟!".
تفرقة وتمييز
ومما ذكره العباسي في حديثه للجريدة، هو أن هناك أصحاب عربات يدخلون السوق بدون محاسبة قانونية، كان لهم دور أساسي في تضييق شارع النبي يونس، مبينا أن "هؤلاء لا تجري محاسبتهم، بل تتم محاسبة أصحاب البسطات فقط، ما يُعتبر تفرقة واضحة بين الفئتين، ويعني غياب العدالة في التعامل معهما".
وفي ختام حديثه، دعا العباسي الحكومة المحلية في نينوى وبلدية الموصل إلى "مراجعة أسلوب التعامل مع أصحاب البسطات"، مطالبًا بـ"بإجراء منصف جاد لتنظيم الأسواق الشعبية، دون اللجوء إلى القرارات الفجائية التي تلحق الأذى بالفئات الفقيرة".
وقال: "نحن لا نرفض التنظيم، بل نطالب به، لكننا نرفض أن نُعامل كمخالفين بلا حقوق، بينما نعيش على هذه البسطات في ظل غياب فرص العمل وارتفاع تكاليف المعيشة".
ويُعد سوق النبي يونس من الأسواق الشعبية العريقة في مدينة الموصل. إذ يؤمّن مصادر معيشة مئات العائلات وسط ظروف اقتصادية صعبة ونقص حاد في البدائل التشغيلية للفئات الهشة.
****************************************
500 حالة غرق خلال 3 سنوات!
متابعة – طريق الشعب
حذر رئيس المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان فاضل الغراوي، من تزايد حالات الغرق في العراق، خاصة خلال فصل الصيف، مؤكداً تسجيل أكثر من 500 حالة خلال السنوات الثلاث الأخيرة.
وقال الغراوي في بيان صحفي الخميس الماضي، في مناسبة اليوم العالمي للوقاية من الغرق، أن "العراق يشهد سنوياً عشرات حالات الغرق، لا سيما في الأنهار والمسطحات المائية غير المخصصة للسباحة، نتيجة لغياب الوعي المجتمعي، وضعف إجراءات السلامة، وقلة الأماكن المؤمنة للسباحة"، مشيرًا إلى أن "ارتفاع درجات الحرارة يدفع الكثيرين للجوء إلى مياه الأنهار والبرك دون أدنى التزام بإجراءات الوقاية".
وأضاف أن "ضعف الرقابة الرسمية وعدم وجود لافتات تحذيرية في المناطق الخطرة يساهم في تفاقم هذه الحوادث"، مؤكدًا أن "السباحة في أماكن غير مهيأة وغير خاضعة للرقابة تمثل خطراً حقيقياً على حياة المواطنين، خصوصاً في المحافظات التي يكثر فيها التلامس اليومي مع الأنهار والجداول".
وأكد أن "الإحصائيات المتوفرة تشير إلى تسجيل أكثر من 500 حالة غرق خلال السنوات الثلاث الأخيرة في العراق، كان أغلبها لأطفال وشباب تتراوح أعمارهم بين 10 و25 عامًا. كما سُجّل خلال موسم الصيف الماضي وحده أكثر من 180 حالة غرق، أغلبها في المحافظات الجنوبية والوسطى، وهو رقم يدق ناقوس الخطر ويتطلب استجابة عاجلة من الجهات الحكومية". كما أشار إلى "أهمية تفعيل حملات التوعية المجتمعية، لا سيما في المدارس والمراكز الشبابية، ودعم برامج الإسعاف المائي والإنقاذ"، مطالبًا وسائل الإعلام بلعب دور فاعل في نشر ثقافة الوقاية والسلامة، والتحذير من مخاطر السباحة في الأماكن المفتوحة.
وطالب الغراوي وزارتي الداخلية والشباب والرياضة، باتخاذ إجراءات سريعة لتشديد الرقابة على الأنهار والمسطحات المائية، ووضع لافتات تحذيرية في المناطق الخطرة، وتجهيز فرق إنقاذ مائي في المناطق الأكثر خطورة، اضافة الى فتح مسابح عامة مجانية أو مدعومة لتقليل اللجوء إلى الأماكن غير الآمنة.
****************************************
أزمة الكهرباء تفتك بـ 23 ألف دجاجة في الحويجة!
متابعة – طريق الشعب
أفاد عدد من مربي الدواجن في قضاء الحويجة جنوب غربي كركوك، الخميس الماضي، بنفوق أكثر من 23 ألف دجاجة داخل أحد الحقول، نتيجة توقف مراوح التهوية إثر انقطاع مفاجئ للتيار الكهربائي. وقال المربي عبد الله العبيدي في حديث صحفي، أن "التيار الكهربائي انقطع ساعات طويلة عن الحقل الواقع في ناحية العباسي. حيث توقفت مراوح التهوية في ظل ارتفاع درجات الحرارة داخل الحظائر، ما أدى إلى نفوق نحو 23 ألف دجاجة دفعة واحدة".
وأضاف أن "هذا الحادث سبب خسارة كبيرة، خصوصاً في ظل غياب أي دعم أو تعويض من الجهات الحكومية المعنية". من جانبه، قال مرب آخر يُدعى خالد جاسم، أن "مثل هذه الكوارث تتكرر في الحويجة بسبب ضعف تجهيز الطاقة الكهربائية، وعدم وجود خطوط طوارئ أو مصادر بديلة"، مشيراً إلى أن "مشاريع الدواجن أصبحت بيئة طاردة للمربين الصغار، بسبب الخسائر المتكررة وغياب الحماية الحكومية". ويُعد قضاء الحويجة من أبرز المناطق المنتجة للدواجن في كركوك. إذ يضم عشرات الحقول التي توفّر فرص عمل لمئات العائلات، وتساهم في سد جزء من حاجة السوق المحلية للحوم البيضاء. ويواجه هذا القطاع تحديات كبيرة نتيجة ضعف البُنى التحتية، وارتفاع كلف الإنتاج، وتراجع الدعم الحكومي.
****************************************
جفاف {البدعة} يثير سخط أهالي الشطرة
الشطرة – طريق الشعب
أبدى أهالي قضاء الشطرة في محافظة ذي قار، سخطهم من كارثة تحصل للمرة الأولى في القضاء منذ قرابة القرن، تمثلت في تعرض سدة البدعة، مشروعهم المائي الشهير، إلى الجفاف، بسبب شح المياه.
فيما أصدرت اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في الشطرة، بيانا حمّلت فيه الحكومة المركزية مسؤولية هذه الكارثة، وطالبت باتخاذ إجراء إنقاذي عاجل.
ونقلت وكالات أنباء عن ناشطين بيئيين ومواطنين، قولهم أن الإجراءات الحكومية المتبعة إزاء أزمة المياه، غير مجدية، ما تسبب في حلول كارثة بجفاف المياه في سدة البدعة، مشيرين إلى ان "الإطلاقات المائية في السدة كانت تبلغ سابقاً 95 متراً مكعباً في الثانية من سدة الكوت، أما اليوم فقد انخفضت إلى 50 مترا مكعبا في الثانية بعد تشغيل مشروع ماء البصرة".
وقال عضو مجلس ذي قار أحمد الخفاجي، انه قدم مقترحا إلى رئاسة المجلس يقضي بإبعاد الشركات التركية عن المنافسة على المشاريع الاستثمارية في المحافظة خلال الفترة المقبلة.
وقال في حديث صحفي: أن "المقترح الذي قدمه للمجلس كي يصدر قرار به، يأتي من أجل الضغط على الجانب التركي لزيادة الإطلاقات المائية نحو البلاد"، مشددا على "ضرورة تبني الحكومة المركزية قرارات مثل هذه، كورقة ضغط على الجانب التركي".
إلى ذلك، قال قائم مقام الشطرة حيدر غالب، أن "الحكومة المركزية استجابت للاتصالات التي أجراها مع الجهات العليا لزيادة مناسيب مياه نهر البدعة. حيث بدأت مناسيب المياه بالارتفاع في السدة المائية وهي في طريقها نحو الزيادة أكثر".
وأضاف قوله في حديث صحفي، أن "الجهات المتخصصة قامت برفع التجاوزات على الأنهار وإغلاق الجداول الفرعية، من أجل إيصال المياه إلى سدة البدعة المتضررة ".
***************************************
اگول.. تهريب الأموال بين الفساد والرقابة
أسامة عبد الكريم
في السنوات الأخيرة، أصبح الحديث عن مكافحة الفساد المالي وغسل الأموال جزءاً ثابتاً من الخطاب الرسمي. تصريحات، لجان، مؤتمرات، وبيانات متكررة حول "الضرب بيد من حديد". لكن الواقع لا يزال مختلفاً، بل وأكثر تعقيداً. فكلما كشفت شبكة تلاعب، برزت أخرى، وكلما أُحيلت قضية إلى المحكمة، ظهرت ضغوط على جهات التحقيق. أحدث ما تم الإعلان عنه يكشف عن إحالة قضايا تهريب العملة وغسل الأموال إلى محاكم الجنايات والجنح، وصدور أحكام بحق متورطين، بينهم موظفون في مديريات التسجيل العقاري ساهموا في تسهيل التلاعب بعقارات الدولة والمواطنين. بعض هذه القضايا ترتبط بشركات وهمية تفتح اعتمادات مصرفية دون أي بضائع حقيقية، في عملية تهريب منظمة تُنفّذ من داخل النظام المالي نفسه.
لكن السؤال الجوهري: كيف تستمر هذه الشبكات في العمل؟
الجواب، ولو جزئياً، يكمن في التواطؤ المستتر. فهناك ضغوط تمارس من "متنفذين في الدولة" على الأجهزة القضائية والرقابية. في كثير من الأحيان، تقف سلطات الادعاء العام بين مطرقة الاستقلال المنشود وسندان رقابة غير بريئة. وهذا ما يجعل خط الدفاع عن النزاهة هشاً ومهدداً من الداخل. لا يمكن إغفال الدور الذي تقوم به هيئة النزاهة ومكاتب التحقيق الخاصة، في كشف وملاحقة شبكات الفساد، لكن عملها يظل محدوداً ما لم تتكامل الإرادة السياسية مع الحماية القضائية الحقيقية. تجربة بلدان أخرى تعطينا دروساً واضحة: في إحدى زوايا العاصمة السنغافورية، تُعلّق لافتة تقول: "الراشي والمرتشي يلقى بهما في السجن لمدة 30 عاماً". الرسالة ليست قانونية فقط، بل ثقافية: الفساد لا يُساوَم عليه.
أما في العراق، فإن جزءاً من الحل يكمن في تعزيز التعاون الدولي، عبر اتفاقيات لتبادل المعلومات حول غسل الأموال وتهريب الثروات. وقد كشفت تقارير رسمية عن تورط جهات وشخصيات في شبكات إجرامية متخصصة في تهريب النفط والأموال عبر الحدود. الخطوة التالية يجب أن تكون واضحة: لا تهاون مع المصارف المخالفة، ولا حصانة لوهم الشركات الورقية، ولا خطوط حمراء على المتورطين، أياً كانت مواقعهم. فالحرب على الفساد ليست حرباً على أوراق مالية فقط، بل على منظومة كاملة من التلاعب المنظم. وإن لم تُكسر هذه المنظومة، فستظل أي إجراءات مجرد بيانات.. لا أكثر.
*****************************************
مواساة
- بألم وحزن عميقين، تنعى اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في الرصافة الثانية، الشخصية الوطنية الشيوعي الفذ عبد الحسين سعود (رائد).
الفقيد ولد عام 1936 في محافظة واسط، وكان منذ بداية شبابه أحد العناصر الفعالة في الحركات السياسية اليسارية والحراك الجماهيري. حيث انتمى للحزب الشيوعي العراقي ما بين عامي ١٩٥٥ و١٩٥٦، وقبل ذلك كان ضمن اتحاد الطلبة العام.
شارك في العديد من النشاطات السياسية والاحتجاجية مثل إضرابات العمال عام ١٩٥٦ وثورة ١٤ تموز ١٩٥٨، وواصل نضاله الوطني بطرق عديدة، وصولاً إلى يوم ٨ شباط عام ١٩٦٣؛ حيث ساهم في مساندة الثورة والزعيم عبد الكريم قاسم، وطورد من قبل البعث المنحل وحركة القوميين العرب. فهرب إلى أهوار ذي قار، وظل متخفيا سنوات بعد إعدام رفاقه، ثم عاد ليشارك في حركة حسن سريع. وكان من أبرز شخصيات الحركة، ويترأس مجموعة من الشيوعيين في منطقة الشاكرية، توجهت إلى معسكر الرشيد. وقد نجى بأعجوبة من قبضة البعثيين.
وتعرض الفقيد للسجن مرات عديدة. وفي العام 1973 اعتزل العمل السياسي حفاظا على عائلته، لكنه بقي متابِعا جيدا للأحداث السياسية، محافِظا على شيوعيته حتى آخر أنفاسه.
له الذكر الطيب ولأهله ورفاقه الصبر والسلوان.
- ببالغ الحزن والألم، تلقت منظمة الحزب الشيوعي العراقي في السويد نبأ رحيل الرفيق العزيز صلاح ياسين مطر، إثر تدهور حالته الصحية.
ينحدر الفقيد من عائلة شيوعية مرموقة (عائلة الشهيدة عائدة ياسين). وقد تعرض للملاحقة والاعتقال مرات عديدة. وكانت له نشاطات وطنية وحزبية في صفوف الحزب في مختلف المراحل والأزمنة، خاصة بعد انقلاب شباط الأسود. كما ساهم في تطوير المناهج الدراسية الابتدائية. واضطر إلى مغادرة البصرة والاستقرار في بغداد إبان ثمانينيات القرن الماضي، إثر الهجمة الشرسة على الحزب.
له الذكر الطيب، ولعائلته وشقيقته الرفيقة النصيرة العزيزة هناء ياسين (أم يسار) والرفيق النصير العزيز محيي العبيدي (أبو يسار)، التعازي الحارة.
***************************************
الصفحة الخامسة
لندن تحتضن أول مؤتمر عالمي لدعم فلسطين الأونروا: مجاعة مدبرة في غزة وتخدم أهدافا عسكرية وسياسية
رام الله - وكالات
استضافت العاصمة البريطانية لندن، أمس السبت، أول مؤتمر دولي شامل لتأسيس تحالف عالمي للتضامن مع فلسطين، يجمع أبرز شخصيات حركة التضامن العالمية ونشطاء وممثلي حملات شعبية من أكثر من 25 دولة، في خطوة تُعد الأولى من نوعها لتوحيد الجهود العالمية ضد الإبادة الجماعية المستمرة في غزة، وتعزيز الضغط على الحكومات والمؤسسات الدولية للاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني.
تحالف عالمي منظم ودائم
ويترأس اللجنة التوجيهية العليا للمؤتمر النائب البريطاني السابق جيرمي كوربين، إلى جانب شخصيات بارزة من مختلف أنحاء العالم، من بينهم السياسي الفلسطيني، مصطفى البرغوثي، والاقتصادي والسياسي اليوناني يانيس فاروفاكيس، والناشطة الدولية فارشا غانديكوتا نولتيلا، وغيرهم من قيادات الحركات التضامنية.
ويهدف المؤتمر إلى إطلاق تحالف عالمي منظم ودائم، ينسق حملات الضغط والدعم السياسي والإعلامي والقانوني للقضية الفلسطينية، ويضع استراتيجية جماعية لتعزيز فعالية حركة التضامن في مواجهة الجرائم الإسرائيلية والازدواجية الغربية في التعامل مع معاناة الفلسطينيين، خاصة بعد اتساع رقعة الغضب العالمي منذ أكتوبر 2023.
أجساد منهكة من الجوع
وقالت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا، مساء الجمعة، إن المجاعة الجماعية في قطاع غزة مُدبّرة ومُتعمّدة”، حيث يخدم نظام توزيع المساعدات المسمّى بمؤسسة غزة الإنسانية المدعوم إسرائيليا وأمريكيا أهدافا عسكرية وسياسية.
وأضافت الوكالة الأممية، في بيان، أن "مجاعة جماعية مُدبّرة ومُتعمّدة. مات اليوم المزيد من الأطفال، وأجسادهم منهكة من الجوع".
وأكدت أن "نظام توزيع المساعدات الخاطئ المسمّى بمؤسسة غزة الإنسانية غير مُصمّم على معالجة الأزمة الإنسانية"، مشددة على هذا النظام يخدم أهدافا عسكرية وسياسية”، واصفة إياه “بالقاسي لأنه يُزهق أرواحا أكثر مما يُنقذ.
تخفيف وطأة المجاعة
ولفتت الوكالة إلى أن الاحتلال وفق هذا النظام، يسيطر على جميع جوانب وصول المساعدات الإنسانية، سواءً خارج غزة أو داخلها.
وذكرت الأونروا أنها خلال فترة وقف إطلاق النار الذي سرى في وقت سابق من عام 2025 (بدأ في كانون الأول الماضي وتهرّبت إسرائيل منه في آذار الماضي)، نجحت في عكس مسار الجوع المُتفاقم.
وتابعت: "اليوم، لدى الأونروا وحدها ما يُعادل 6 آلاف شاحنة من المساعدات الغذائية والطبية عالقة في مصر والأردن".
كما طالبت الأونروا مرارا بإعادة تفعيل نظام توزيع المساعدات الذي تشرف عليه الأمم المتحدة من أجل التخفيف من وطأة المجاعة في القطاع.
مساعدات مكدّسة على الحدود
وبعيدا عن إشراف الأمم المتحدة والمنظمات الإغاثية الدولية، بدأت دولة الاحتلال في أيار الماضي تنفيذ خطة توزيع مساعدات عبر ما يُعرف بمؤسسة غزة للإغاثة الإنسانية، وهي جهة مدعومة إسرائيليا وأمريكيا، لكنها مرفوضة من قبل الأمم المتحدة.
ومنذ 2 آذار الماضي، تغلق إسرائيل معابر قطاع غزة أمام شاحنات مساعدات إغاثية وإنسانية وغذائية وطبية مكدّسة على الحدود.
وفي وقت سابق الجمعة، أعلنت وزارة الصحة بغزة استشهاد تسعة فلسطينيين بينهم طفلان خلال 24 ساعة جراء سياسة التجويع الإسرائيلية، ما يرفع عدد الوفيات الناجمة عن التجويع وسوء التغذية إلى 122 منذ 7 تشرين الأول 2023 بينهم 83 طفلا، وفق تصريح أدلى به المدير العام للوزارة منير البرش.
وتواصل إسرائيل بدعم أمريكي منذ 7 تشرين الأول 2023، حرب إبادة جماعية في غزة خلفت أكثر من 203 آلاف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 9 آلاف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين، ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين.
********************************************
ضحايا ومصابون في هجوم مسلح على محكمة جنوب شرقي إيران
طهران ـ وكالات
لقي 9 أشخاص على الأقل مصرعهم، أمس السبت، وأصيب 22 آخرون في هجوم مسلح على مبنى محكمة مدينة زاهدان جنوب شرقي إيران، حسبما نقل التلفزيون الرسمي الإيراني. وافادت وسائل إعلام إيرانية، بأن مسلحين هاجموا مبنى المحكمة، لافتة إلى إجلاء عدد من الجرحى من داخل مبنى المحكمة بمساعدة فرق الإسعاف، ونقلهم إلى المراكز الطبية. وقالت وكالة أنباء "فارس" شبه الرسمية، إن انتحارياً ربما شارك في الهجوم الذي وقع في زاهدان عاصمة الإقليم. واشارت الوكالة الى سماع دوي انفجارات وإطلاق نار، في محيط مبنى المحكمة، لافتة الى أن جماعة "جيش العدل" أعلنت في بيان لها مسؤوليتها عن الهجوم. ووفق وسائل إعلام إيرانية، فإن مسلحين من جماعة "جيش العدل" المنتمية للبلوش ، هاجموا المحكمة. وقالت منظمة "حال وش" لحقوق الإنسان التابعة للبلوش، نقلاً عن شهود، إن عدداً من موظفي المحكمة وأفراد الأمن لقوا مصرعهم أو أصيبوا عندما اقتحم المهاجمون غرف القضاة.
********************************************
نشطاء تونسيون يحتجون ضد انتهاكات حقوق الانسان
تونس - وكالات
في ذكرى العيد الـ68 لإعلان الجمهورية في تونس، والذي وافق أيضا الذكرى الرابعة لإعلان الرئيس قيس سعيّد قرارات عام 2021، تجمع وسط العاصمة مئات المحتجين في وقفة ومسيرة منددة بسياسات السلطة، التي يقودها سعيّد بشكل كامل منذ اعلانه التدابير الاستثنائية قبل أربعة أعوام. ورفع المحتجون شعار “الجمهورية سجن كبير” ونظموا مسيرة من أمام اتحاد الشغل باتجاه شارع الحبيب بورقيبة. كما طالبوا بالإفراج عن قادة المعارضة والصحفيين والمحاميين والنشطاء المسجونين. وتتزامن التظاهرة مع الذكرى الرابعة لسيطرة سعيد على أغلب مقاليد السلطة تقريبا، عندما حل البرلمان المنتخب في 2021 وبدأ الحكم بالمراسيم في خطوة وصفتها المعارضة بأنها انقلاب على الديمقراطية. وردد المتظاهرون شعارات منها “لا خوف.. لا رعب.. الشارع ملك الشعب”، و”الشعب يريد إسقاط النظام”، و”نظام كلاه (أكله) السوس.. هذه مش دولة.. هذه ضيعة محروس”. وقال المحتجون، الذين رفعوا صورا لمعتقلين، إن تونس في ظل سعيد انزلقت نحو حكم سلطوي، وسط حملات اعتقال ومحاكمات سياسية تهدف إلى إسكات المعارضين على حد تعبيرهم. وارتدى آخرون أقمصة سوداء عليها صور المحامي البارز أحمد صواب الذي اعتقل في وقت سابق هذا العام. وقالت منية إبراهيم زوجة السياسي المسجون عبد الحميد الجلاصي، لرويترز “هدفنا الأول هو مقاومة الاستبداد واستعادة الديمقراطية ثم المطالبة بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين”. وفي عام 2022، حل سعيد المجلس الأعلى للقضاء وأقال عشرات القضاة، في خطوة تقول المعارضة إنها تهدف إلى ترسيخ حكم الفرد وإخماد صوت المعارضة باستعمال القضاء. وينفي الرئيس أي تدخل في القضاء، لكنه يقول إن “لا أحد فوق المحاسبة، بغض النظر عن اسمه أو موقعه".
********************************************
لبنان.. المناضل جورج عبد الله يؤكد تمسكه بـالمقاومة بعد أربعين عاما في سجون فرنسا
بيروت - وكالات
عاد الناشط اللبناني المؤيد للقضية الفلسطينية جورج عبد الله، ليل الجمعة، إلى مسقط رأسه بلدة القبيات بقضاء عكار (شمال)، قادما من العاصمة بيروت، وسط استقبال حافل من عائلته وأصدقائه إلى جانب هيئات حزبية وشبابية ومدنية.
عبد الله (74 عاما)، كان قد وصل إلى مطار رفيق الحريري الدولي ببيروت، في وقت سابق بعد الإفراج عنه من السجون الفرنسية، حيث أمضى 41 سنة على خلفية قضية اغتيال دبلوماسيين إسرائيلي وأمريكي.
عشرات المواطنين، احتشدوا في المركز الثقافي التابع لبلدية القبيات لاستقبال عبد الله، الذي قال فور وصوله إلى بلدته، في تصريح مقتضب، إنه مع "وحدة لبنان بكل طوائفه ويجب أنه يكون للبلاد جيش قوي يقوم بصد المعتدين على الوطن".
وقال أيضا، وهو يضع وشاحا بألوان الكوفية الفلسطينية "المقاومة (من أجل فلسطين) يجب أن تستمر وتتصاعد، وتكون بمستوى الهياكل العظمية لأطفال غزة".
وشارك في الاستقبال الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني حنا غريب، إلى جانب هيئات حزبية وشبابية ومدنية، فيما رفعت في ساحة البلدة صور كبيرة له، بحسب ما أفادت وكالة الإعلام اللبنانية الرسمية.
وألقى الرئيس السابق لبلدية القبيات عبدو عبدو، كلمة، عبّر فيها عن الفخر "بعودة عبد الله إلى بلدته"، مشيدا بـ"مسيرته النضالية وصبره الطويل".
وقبيل وصوله الى بلدته، احتشد عند المدخل الجنوبي لمدينة طرابلس، عشرات المواطنين عند جسر شارع القدس، تلبيةً لدعوة من الأحزاب والقوى الوطنية اللبنانية، رافعين الأعلام اللبنانية والفلسطينية.
***************************************
رغم كل النكسات والصعوبات والحصار الأمريكي الجائر كوبا تحتفل بذكرى الثورة وتواصل نضالها من أجل الكرامة والسيادة
عادل محمد
نحتفل مع كوبا في ذكرى ثورتها الوطنية الديمقراطية الثانية والسبعين، واذا كان الاحتفال يكتسب للشعب الكوبي دوما أهمية إنسانية ووطنية واجتماعية، فانه ينطوي بالنسبة لأنصار الثورة الكوبية في بلدان منطقتنا، على أهمية معنى النضال وتجدد اشكاله وأساليبه، ومناسبة تؤكد فيها قوى السلام والديمقراطية في الشرق الأوسط، رفضها لمنطق الاستسلام والتراخي والخضوع للمشاريع الامريكية الإسرائيلية المبنية على الاخضاع عبر هيمنة امبريالية أحادية، تلعب فيها إسرائيل دور أداة تنفيذ بشعة، فيما يظل المشروع إمبرياليا بكل تفاصيله. وبالنسبة ليسار بلداننا، فإن الاحتفال بالثورة الكوبية يشكل أيضا مناسبة، لتأكيد جوهر مشروع اليسار في بناء الغد الأفضل الذي يحقق العدالة الاجتماعية وديمقراطية الأكثرية، بعيدا عن أوهام الليبرالية، والوسطية المفتعلة، التي تطرح بديلا للتحليل العلمي الموضوعي الذي يضمن لمشروع اليسار تطوره واستمراره بروح عصرية، بعيدا عن الانغلاق والتعصب والتمسك بالكثير من الموضوعات والآليات والهياكل التي أصبحت في أحسن الأحوال جزء من الماضي. إن الاحتفال بالثورة الكوبية وبرموزها التاريخية، لا يعني غض النظر عن المصاعب والاخطاء، بل يعني عدم تنازل الشعوب ومضطهدي العالم عن حقهم بحياة إنسانية. ويعني كذلك الاستفادة نهاية التجارب الاشتراكية السابقة، بكل مالها وما عليها، وأنه بعد مرور 35 عاما او أكثر، ليس هناك بديل تم بناؤه يتجاوز أخطاء التجربة السابقة ويرسي أسسا لتجربة جديدة لصالح الأكثرية. الرأسماليون والليبراليون والأوليغارشية، وشبكات الفساد، وحدها تعتبر تفكك التجربة الاشتراكية السابقة، نصرا طبقيا، لأنه فتح أبواب العالم لتحقيق مصالحها والعودة إلى عالم حروب الإبادة الجماعية وعصر بلطجة ترامب وعودة الفاشيين والنازيين الجدد بحلة اخرى.
كوبا تحتفل
رغم أسوأ أزمة اقتصادية منذ عقود،، تحتفل كوبا بيوم الثورة الوطنية. يُحيي يوم 26 يوليو ذكرى هجوم الثوار الشباب على ثكنات مونكادا في سانتياغو دي كوبا وثكنات كارلوس مانويل دي سيسبيديس في بايامو عام 1953 - والذي كان في البداية فشلاً عسكرياً، لكنه أثبت في النهاية أنه شرارة الثورة الكوبية الأولى.
من المتوقع أن يحضر أكثر من 10، آلاف مواطن إلى موقع الاحتفال المركزي في ساعات الصباح الباكر، مع وصول وفود من أكثر من 20 دولة للتعبير عن التضامن.
قبل 72 عامًا، قررت مجموعة من الشباب، بقيادة محامٍ يبلغ من العمر 26 عامًا يُدعى فيدل كاسترو، تحدي نظام الديكتاتور فولغينسيو باتيستا الموالي للولايات المتحدة. أراد الثوار الاستيلاء على الثكنات العسكرية في شرق الجزيرة، وبالتالي إطلاق شرارة انتفاضة شعبية تُنهي الفقر والأمية والقمع. فشلت الخطة؛ قُتل واعتقل وعُذّب الكثيرون. لكن خطاب الدفاع الشهير لكاسترو، "التاريخ سيُبرئني"، حوّل الهزيمة إلى لائحة اتهام سياسية - وأعاد الأمل. بعد خمس سنوات وخمسة أشهر وخمسة أيام، عاد الثوار، الذين سجنهم نظام باتيستا ثم عُفي عنهم لاحقًا إثر تظاهرات تضامنية من العمال والفلاحين والطلاب: ملتحين، يرتدون شارات حمراء وسوداء، مدعومين شعبيا، لكن هذه المرة منتصرين. لقد انتصرت الثورة.
بعد اثنين وسبعين عامًا، تواجه البلاد مجددًا معركةً ضد التضخم، ونقص الإمدادات، والحصار الأمريكي المستمر منذ أكثر من ستين عامًا. قارنت صحيفة "تراباخادوريس" النقابية الوضع قائلةً: "إن إعادة الاقتصاد إلى مساره الصحيح هو التحدي الأكبر. وعلينا خوض هذه المعركة بنفس العزيمة التي امتلكناها في ثكنات مونكادا". ويبدو أن الكثيرين يدعمون هذه الرؤية.
منذ أيام، علقت أعلام حركة 26 يوليو على المباني العامة والنوافذ والشرفات. يتجمع الناس في الساحات، احتفالاً بثورتهم، ليس كبادرة حنين إلى الماضي، بل كالتزام حي بالكرامة والسيادة والعدالة الاجتماعية. تقول أغنية للمغني الثوري كارلوس بويبلا: "بالنسبة لنا، إنه دائمًا يوم 26". ونشرت صحيفة منظمة الشباب الشيوعي، "جوفينتود ريبيلدي"، تقارير عن لقاءات مؤثرة بين ناشطين شباب وآخر المتبقيين من مجموعة الهجوم على بايامو، أغوستين دياز كارتايا، الذي كتب نشيد 26 يوليو. يقول الثوري المخضرم اليوم: "الجيل الجديد هو أملنا - سيُبقي الحلم حيًا".
حتى في الأوقات الصعبة، وربما بشكل خاص، تظل كوبا ملتزمة بتاريخها ومستقبلها. وقد عبّر الرئيس الكوبي والسكرتير العام للجنة المركزية للحزب الشيوعي الكوبي، ميغيل دياز كانيل، عن رؤيته بهذه المناسبة في البرلمان قبل أيام قليلة من العيد الوطني. وقال إن النموذج الاشتراكي الكوبي ليس في أزمة، بل هو جزء من الحل، مضيفًا: "الاشتراكية هي طريقنا نحو السيادة والعدالة والتقدم. لا أرى بديلًا لكوبا".
********************************************
الصفحة السادسة
ذكريات ملونة.. على اعتاب الذكرى الـ 90 للصحافة الشيوعية
صباح المندلاوي
في مثل هذه الايام ونحن نقترب شيئاً فشيئاً من الذكرى التسعين لصدور جريدة "كفاح الشعب" الناطقة باسم الحزب الشيوعي العراقي، وما تلاها من صحف ومنابر إعلامية مهمة، كانت المدافع الأمين عن تطلعات وطموحات أبناء شعبنا العراقي في السير قدماً نحو الحرية والديمقراطية وبناء مجتمع جديد.
نشعر بالفخر والزهو وعلى مدى تسعة عقود بأن هذه الصحف والمجلات كانت منبراً للكلمة الحرة الشريفة والصادقة ونبراساً يضئ الدرب أمام الكادحين والمقهورين من أبناء شعبنا الأبي وعن طريق الدفاع عن حقوقهم وحرياتهم ونشر الوعي من أجل النهوض ومقارعة الظلم والاستغلال والاستبداد.
قبل أيام وأنا اقلب أوراقي وارشيفي عثرت على مادة منشورة في جريدة "طريق الشعب" بتاريخ الثالث من تشرين الثاني عام 1973 بعنوان "I.P.C. بين جمود النص وجماليات الاخراج" وفيها قراءة نقدية لمسرحية كتبها الفنان معاذ يوسف وأخرجها الرائد المسرحي سعدون العبيدي، وتيمناً بقرار تأميم النفط التاريخي في بلدنا.
لم يمض وقت طويل على ما نشرته وأثر كتابات أخرى شبابية ومتنوعة حتى تم ترشيحي من قبل اتحاد الشبيبة الديمقراطي العراقي للعمل في صفحة الشبيبة في جريدة "طريق الشعب" التي كان يشرف عليها (ابو منهل/ شاكر الكحال) وهو من أهالي الحلة وفي أحايين يترجم من الانكليزية إلى العربية ويرفد الجريدة بما تحتاجه من مقالات مترجمة. كان طيب المعشر، دمث الأخلاق، نسعد بلقائه كل أسبوع وننتظر بلهفة مثل هذا اليوم لنلتقي ونفكر سوية ونتشاور فيما تحتاجه صفحة الشبيبة او لنرفدها بما لدينا من كتابات ومساهمات تعبر عن واقع الشبيبة ومعاناتها وطموحاتها وما تتعرض له من ضغوطات قوية.
كنت أنشر ما أكتبه بأسماء مستعارة أذكر منها (بافل وأبو سرور)، والمؤسف ان الكحال كان قد اعتقل عام 1980، ومنذ ذلك الحين فُقِد أثره، ولم يُعرف عنه شيء، إلا بعد زوال الدكتاتورية، حيث كشفت التقارير الأمنية أنه أُعدم عام 1983.
وعلى ما يبدو انه أصبح في عداد المفقودين. وأذكر ايضاً من بين المحررين الصديق الفنان هادي الخزاعي. بقيت أحرص على حضور اجتماعات صفحة الشبيبة والمساهمة في إعدادها رغم نقلي إلى مدينة حصيبة – القائم – على الحدود السورية- العراقية، إثر تقديمي مسرحية بعنوان "تعال معي إلى شيلي" عام 1975 والتي تم منعها ليلة "الجنرال بروفة" في بعقوبة ولصالح مركز شباب القناة وذلك عبر الإجازات الشهرية او العطل الرسمية رغم المسافات الطويلة التي تفصل بين بغداد والقائم، كذلك لن أنسى ابداً ما حدث لي يوم كنا طلاباً في معهد التدريب الاذاعي في المؤسسة العامة للإذاعة والتلفزيون، فرع السيناريو، وبعد تخرجي من أكاديمية الفنون الجميلة، يوم جاءنا محمد سعيد الصحاف رئيس المؤسسة إلى قاعة التدريس وهو يهدد ويرعد ويزبد قائلاً: لقد عرفنا من هو كاتب المقال.. وسنعاقبه أشد العقاب".
كانت جريدة "طريق الشعب" قد نشرت قبل أيام مقالاً بعنوان "أهكذا تعد الكوادر الفنية في معهد التدريب الاذاعي؟!" لم تكن المقالة مذيلة باسم كاتبها او الكاتبة وفيها انتقاد لما ورد على لسان إحدى التدريسيات في الدورة حول الموقف من انقلاب الشواف في الموصل وملاحظات اخرى يراد منها الارتقاء بالدورة. لم يكن الصحاف يعرف من هو الكاتب، ولو كان يعرف حقاً من هو الكاتب لما توانى من ضربه وركله وصفعه أمام الطلبة، وتشهد ممرات الاذاعة على توجيهه صفعة قوية لأحد المذيعين. هو يجهل من هو الكاتب، ولكنه يحاول ان يستدرج او يستنطق أحدهم ليرد او يبرر او يتلعثم وحينئذ سيتأكد مما جاء من أجله. الكل التزم الصمت وعبرت العاصفة بسلام.
أبلغني في اليوم التالي الدكتور لؤي القاضي انه التقى الصحاف إثر نشر المقالة وكانت شكوكه تحوم حولي وانه اتخذ قراراً بفصلي من المعهد، لكن الدكتور لؤي القاضي وهو العائد من برلين بعد ان أنهى دراسته السينمائية فيها، وهو من دعا لهذه الدورة وكان يحلم بتأسيس سينما عراقية بديلة ووضع برنامجاً طموحاً لهذه الدورة بالتنسيق مع الصحاف، حاول تهدئته وان قرار الفصل سيسيئ إلى سمعة الدورة، فما كان من الصحاف إلا ان يتريث على أمل تنفيذ القرار عند انتهاء الدورة، اي بعد عشرة اشهر، انتهت الدورة وجاءنا الصحاف يحمل بين يديه حزمة من الملفات ومما قاله: (انها متمسكات ضدكم، نحن لن نسمح لغير البعث العمل في الجيش والإعلام.. وهكذا نرى).
تم ابعاد الشيوعيين عن المؤسسات الاعلامية رغم المبالغ السخية التي صرفت على هذه الدورة والتفوق الذي تميز به الطلبة في شتى الاختصاصات السينمائية والاساتذة الكبار الذين تم استقدامهم من مصر ومنهم المخرج توفيق صالح وفؤاد التهامي وإبراهيم الصحن وإبراهيم عبد الجليل وسعد لبيب وكذلك من المانيا ونخبة من الاساتذة العراقيين.
كم هو مؤلم ومرير في ان تضيع الكفاءات والمهارات في بلد تتحكمه الدكتاتورية والاستبداد. كان على المبعدين او المفصولين ان يجدوا لهم مكاناً في وزارات اخرى ربما الفنون ليست من اولوياتها، بل في آخر القائمة.
تتصدع الجبهة الوطنية وتصل إلى طريق مسدود ويضطر الكثير من الشيوعيين والديمقراطيين لمغادرة الوطن هرباً من بطش النظام الدكتاتوري الدموي. أسافر إلى اسطنبول ومنها إلى بلغاريا ومنها إلى اليمن الديمقراطية ومنها إلى كردستان في أواخر عام 1980 لخوض تجربة الكفاح المسلح بعد تشكيل وحدات أنصارية مسلحة للشيوعيين، وتتواصل تحديات الأنصار الشجعان وبطولاتهم من أجل إضعاف النظام الدكتاتوري وإسقاطه. تعاود المنظمات الجماهيرية والمهنية نشاطاتها وإصداراتها ويتم إصدار جريدة "الشبيبة الديمقراطية" من قبل اتحاد الشبيبة الديمقراطي العراقي بعد معاودة حضوره وفعالياته ويتم اختيارنا لهيئة تحرير هذه الجريدة: (علي رفيق/ مخرج سينمائي يقيم حالياً في لندن/ محمد عنوز/ عضو مجلس النواب حالياً/ قاسم علي خضر صحفي عراقي مقيم اوكرانيا).
لقد لعبت هذه الجريدة دورها الإيجابي في التذكير بمهام الشبيبة الديمقراطية في تلك الايام عبر مقالات افتتاحية تدعو إلى وحدة الصف وتعرية ممارسات النظام القمعي والمشاركة النشطة والفاعلة في الاحتجاجات الجماهيرية والانتفاضات، فضلا عن الزوايا الاخرى المتنوعة التي تعكس مساهمات الشبيبة، ومن دون أن ننسى دور شهدائنا الأبطال من الشبيبة ونشر صورهم عبر الصفحة الاخيرة.
وخلال سنوات اقامتي في دمشق في تسعينيات القرن الماضي انشر بين الحين والآخر في مجلة الثقافة الجديدة وما زلت احتفظ وباعتزاز هوية الثقافة الجديدة كمحرر. واخيرا وبعد زوال الدكتاتورية وصدور جريدة "طريق الشعب" بصورة علنية في اعقاب نيسان 2003 في بغداد، لم أبخل بما اكتبه ليأخذ طريقه للنشر في رثاء الفنانين الذين ودعونا او الرفاق، واذكر ذات يوم وبمناسبة الذكرى السنوية لتأسيس اتحاد الشبيبة الديمقراطي العراقي نشرت صفحة كاملة من تاريخ هذا الاتحاد وأبرز المحطات التي مر بها في جريدة "طريق الشعب".
بطاقة حب واكبار لكل من غرس حرفاً مضيئاً في اعماقنا، وبطاقة حب واكبار لصحيفتنا وإعلامينا ممن أفنوا زهرة شبابهم في الدفاع عن القيم النبيلة والثورية.
المجد والخلود لشهداء الكلمة الحرة والشريفة.
***************************************
قصتي مع جريدة {طريق الشعب}
سامي سلطان
كنت بين الرابعة عشرة والخامسة عشرة من عمري أتردد مع بعض أصدقائي على المركز الثقافي السوفيتي في شارع أبي نؤاس، حيث كانت الأجواء مفعمة بالنشاط الثقافي المتنوع بين المسرح والندوات الثقافية، وبعضها كان يوفر إمكانية الاستماع إلى شخصيات سياسية وعلمية متنوعة منها من يتحدث عن العلاقات التجارية والسياسية بين العراق والاتحاد السوفيتي، او شؤون المسرح والسينما والأدب.
هذا الشغف للمعرفة الذي اجتاح كياني بالأدب والثقافة، دفعتني اليه القراءات المتنوعة للأدباء الروس والفرنسيين والإنجليز التعرف على الشخصيات الملهمة مثل مكسيم غوركي جاك لندن فكتور هوجو ولينين، وأسماء كبيرة مثل ماركس وإنجلز وغيرهم، كان يثير فضولي ويدفعني إلى البحث أكثر للمعرفة، لكن كان ينقصني التوجيه السليم، فكنت بحاجة إلى من يأخذ بيدي وفي هذا الاتجاه وجدت جريدة طريق الشعب الغراء التي أنارت الطريق أمامي ووضعتني على الدرب الصحيح وعرفت من خلالها دروب الكفاح في سبيل الوطن الحر والشعب السعيد وتعمق ذلك بعد انضمامي الى صفوف الحزب الشيوعي العراقي.
حين بدأتُ العمل في سن السادسة عشرة، في معمل الألمنيوم "عبد الحميد الصفار" لصناعة الأواني المنزلية في بغداد الجديدة، حيث كانت هناك مجموعة من المعامل المحيطة، منها معمل الشخاط، معمل السخانات، معمل للنسيج، معمل للثلج ومعامل صغيرة أخرى، ومن حسن حظي أن احتضنتني مجموعة من العمال الشيوعيين الأفذاذ، ومن بينهم الشهيد أبو نصير (عبد الكريم أحمد)، إذ حظيت باهتمامهم، وتبين لي لاحقا أن معمل عبد الحميد الصفار كان قلعة لمجموعة من المناضلين الشيوعيين الذين كنت أستمع إلى أحاديثهم أثناء فترة الغداء عن الاستغلال، السيادة الكاملة للبلاد، الحرص على ثروات الوطن وعن النزاهة وأداء العمل والانضباط.
وكانت اللحظة التي وصلت فيها لي جريدة طريق الشعب أشبه بلحظة من يلتقي بحبيبته لأول مرة، بين المكائن تدس قطعة ورقية ملفوفة بعناية في يدي، أحتضنها وأضعها في جيبي، وأنتظر لحظة مطالعتها وحين حدث ذلك رأيتها صادقة في كل ما تذهب إليه من معالجات، حين تتحدث عن جرائم سلطة البعث، وعن الظلم الذي تتعرض له الطبقة العاملة، وحجم الاستغلال الذي يمارس ضدها، كما أنها تتحدث عن الثروة الوطنية التي تتعرض للهدر عمدا، وعن أهمية توزيع تلك الثروة بشكل عادل على الشعب والقضاء على الفقر ليتمتع الجميع بحياة حرة كريمة.
هذا إلى جانب الحديث عن الأوضاع السياسية في المنطقة والعالم، إن جريدة طريق الشعب هي مدرسة تعلمت منها وخرجت أجيال، لا بل إنها أكاديمية لها الفضل في نشر العلم والثقافة الوطنية الحقة، هي الشعلة التي تنير الطريق وهي الناطقة باسم العمال والفلاحين، نساء ورجالا، وكل شغيلة الفكر واليد.
ألف تحية وإجلال لجريدة طريق الشعب الغراء، وهنيئا لنا ولها بمناسبة عيد الصحافة الشيوعية.
****************************************
قراءة سريعة للصحافة الشيوعية وعمل المرأة فيها
كريمة الربيعي
الصحافة الشيوعية من أعرق الصحافات في العالم، حيث بدأت مسيرتها منذ القرن التاسع عشر على يد الفيلسوف الخالد ماركس ومساهماته في الكتابة والنشر آنذاك، ثم صدرت عام 1917 صحيفة برافدا الناطقة بلسان الحزب الشيوعي الروسي وتطورت من خلال انتشارها في جميع أنحاء العالم وكانت تعكس الفكر الايديولوجي اليساري عبر صحف ومجلات شيوعية تهتم بقضايا العمّال والفقراء وتدعم الحركات الثورية، وأصبحت جريدة رسمية علنيا تحمل شعار (يا عمّال العالم اتحدوا) فصارت تتداول في الشارع وفي كل مكان.
أمّا الصحافة الشيوعية في العراق فقد بدأت بواكيرها على يد الكاتب حسين الرحال من خلال نشره لأفكار وطروحات يسارية في صحيفة أصدرها قبل مئة عام ثم توالى النشر والإصدار سرياً في صحف ومنشورات وكرّاسات تطرح الفكر التقدّمي المناهض للرجعية والاستعمار والعمالة، منها صحيفة الشرارة والقاعدة وغيرها، كانت تصدر بصورة سرية، ثم صدرت صحيفة اتحاد الشعب صحيفة اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي والتي أصبحت علنية بعد ثورة الرابع عشر من تموز 1958 وبعد انقلاب ثمانية شباط الاسود عام 1963 أغلقت من قبل الحكومة الانقلابية الفاشية، وفي سنة 1974 بعد إعلان الجبهة الوطنية صدرت باسم طريق الشعب ثم عادت سرية بعد الهجمة الفاشية على حزبنا من قبل نظام البعث المقبور وفي تلك الفترة صدر العديد من الصحف والدوريات والمنشورات بصورة سرية وفي شمال الوطن.
وبعد سقوط النظام الفاشي سنة 2003 صدرت رسميا باسم طريق الشعب وكانت أول صحيفة عراقية توزّع في الشوارع ليتلاقفها الناس، ولا تزال تتداول لحد الآن، اما الصحف الوطنية والتقدمية التي كانت تتعاطف مع الصحف الشيوعية مثل صحيفة الإنسانية لصاحبها محمد حسن الصوري وجريدة البلاد لفائق بطي وجريدة الرأي العام لمحمد مهدي الجواهري فقد تعطلت هذه الصحف استنادا للظروف التي مرت بالعراق ولم تبق إلاّ صحيفة طريق الشعب لسان حال العمال والفلاحين والمثقفين شامخة إلى الأبد.
ومن جانب آخر فقد ساهمت المرأة الشيوعية في مقالاتها الأدبية والاجتماعية والاقتصادية في خلق أفق جمالي وحضاري من خلال تنوّع المجالات التي كتبت فيها معبّرة عن معاناة المرأة وحياتها الأسرية والاجتماعية.
تنوّع عمل المرأة في عالم الصحافة الشيوعية حيث مرت بكثير من التجارب في عملها الصحفي وأشرفت على قضايا كبيرة في المجتمع كونها تعمل في مهنة المتاعب، كما حملت أعباء ومشاكل تخص المرأة العراقية بالنسبة للقوانين الظالمة التي تعاني منها (أسرية واجتماعية وغيرها).
كانت وهي تغطي كل الأحداث التي تجري في البلاد تؤسس نوعاً من الفردية وإشراك من يهمّه الأمر، أنها ليست صحفية فقط وإنما تعالج مشاكل المجتمع برمتها تسرق من حياتها جزءاً بسيطاً لكي توقظ حياة النساء من شلل همجية لطالما بقيت أسيرة الرجل.
هناك مشاكل عدة تتفرع بين أسلوب ونمط الحياة لهذا يجب على المرأة أن يكون لها كيان واحترام خاص لذاتها وهذا عمل ليس بالهين عندما تقوم المرأة في عالم الصحافة بهكذا عمل شاق من خلال اكتشاف حياة الناس ومشاكلهم والخوض معهم بها لغرض إيجاد الحلول الناجعة لها.
*********************************************
تسعون عاماً من النضال والوعي
وليد شلتاغ
يفتخر شعبنا العراقي، بمختلف قومياته وأديانه ومذاهبه، بالمسيرة النضالية الطويلة والدور الكبير والناجح الذي أدّته صحافة الحزب الشيوعي العراقي في حياة العراقيين، وما قدّمته للشعب من نقلٍ للحقيقة وتوعيتهم بحقوقهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية المشروعة. لقد عكست واقعهم، وسهرت على حماية مصالحهم، ولهذا استحقت وبجدارة لقب "صحافة الشعب"، وكانت بحق خير من مثّله.
صدرت صحافة الحزب، وأولها جريدة كفاح الشعب، وبدأت تشق طريقها النضالي منذ 31/7/1935 بصورة سرية ودون موافقات حكومية، شأنها شأن الحزب الذي لم يحتج إلى "ترخيص" لنشر أفكاره ومبادئه السياسية بين الناس.
ونحن نحتفل بالعيد التسعين لميلاد الصحافة الشيوعية، لا بد من التوقف عند نجاحها وسر بقائها طيلة هذه الحقبة الغنية بالإبداع والنشاط المستمر الذي لا يعرف الكلل أو الملل. بل على العكس، أبدع محرروها وكتّابها وكوادرها في نقل معاناة الناس وآلامهم، وأحسّوا بالجوع والبؤس والفقر والقمع وانعدام الحريات العامة، وجنّدوا أنفسهم لنشر الوعي بين الجماهير وتحدي السلطات القمعية وأكاذيبها، مطالبين بالحريات، والخبز، والعمل، والتعليم، وسنّ قوانين تُنصف الناس في الحقوق والواجبات، وحماية المرأة ومساواتها، وحقوق الطفل، وحماية الوطن وسيادته وثرواته. هذا هو سر نجاحها وديمومتها.
وفعلًا، وفي فترة وجيزة، استطاعت صحافة الحزب، صحافة الشعب، اختراق أسوار المعامل والمصانع والمدارس والجامعات والدوائر الحكومية وأسوار السلطة وثكنات الجيش والمدن والقرى والأرياف في جميع أنحاء العراق. كانت تتلقفها الأيدي بشغف وفرح لينهلوا من صفحاتها وعيهم ومعرفتهم بحقوقهم، إذ رأى الناس في هذه الجريدة منبرًا يمثّلهم ويدافع عنهم ببسالة ضد الاستغلال والاضطهاد الطبقي.
عنِيت صحافة الحزب، طيلة تسعين عامًا من عمرها المديد، بقضايا العراق وشعبه، وبكشْف ارتباط الحكومات المتعاقبة بالاستعمار وربط اقتصاد البلاد وسيادته وثرواته بالخارج منذ الثلاثينيات وحتى ثورة تموز المجيدة عام 1958. كما اهتمت صحافة الحزب، وعكست على صفحاتها، العديد من الأحداث والصراعات السياسية والاقتصادية والاجتماعية العالمية والعربية التي اندلعت من أجل تقاسم مناطق النفوذ والثروات بين الدول الاستعمارية الكبرى عبر الحروب، وزعزعة الأمن، وإثارة النعرات والصراعات الداخلية.
لهذا، وقفت جريدة طريق الشعب، ومنذ صدورها الأول، إلى جانب جبهات التحرر الوطني والسلام، وأدانت الحروب العدوانية، وتضامنت بشدة مع شعوب العالم والمنطقة العربية، وأيّدت نضالها التحرري، ودافعت عن مطالبها العادلة وحقوقها المشروعة. وبهذا، استحقّت تكريم الأحزاب الشيوعية والحركات والمنظمات الوطنية في العالم أجمع وشعوبها.
وخير مثال على ذلك، هو الموقف المشرّف لحزبنا الشيوعي ورفاقه وجريدته المعطاء طريق الشعب من القضية الفلسطينية، وما يجري من إبادة جماعية بحق الشعب الفلسطيني في غزة والمناطق الأخرى على أيدي قوات الاحتلال الصهيوني، إضافة إلى اعتداءاتها على لبنان وسوريا وإيران، والدعم الكامل لحقوق الشعب الفلسطيني في نيل كافة حقوقه السياسية المشروعة بإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، على حدود عام 1967.
تحية حب وتقدير لمدرسة الصحافة الوطنية العراقية، ولأصحاب الأقلام الحرة والكلمة الموثوقة، منيري الطريق لنا ولشعبنا العراقي.
تحية لجميع الرفاق من الكتّاب والصحفيين، روّاد الطريق، الذين غيّبهم الموت عنّا، ونستذكر منهم الشهداء الأبرار.
عاشت الذكرى التسعون لميلاد الصحافة الشيوعية العراقية، وإلى مزيدٍ من النجاحات والإبداع.
**********************************************
الصفحة السابعة
هل تنجو الجالية العراقية في أمريكا من سياسة ترامب تجاه المهاجرين؟
طريق الشعب- خاص
ما لا يختلف عليه اثنان من أن هناك اسبابا كثيرة دفعت العراقيين للهجرة خارج وطنهم، إن كان بسبب سياسات الأنظمة البائدة في الإرهاب والحروب أو التمييز الديني والقومي وصولا إلى الاحداث العاصفة بعد العام 2003، وما شهده العراق من حربا طائفية ضروس دفعت الأقليات القومية والدينية، ثمناً باهظا لها مع أنها لم تكن طرفا بها. هذه الخلفية تجعلنا أن نتوقف قليلا، ونراجع ظروف موجات الهجرة وخاصة إلى الولايات المتحدة.
معروف أن رحلة العراقيين الاوائل الذين قصدوا هذه البلاد بدأت منذ اواخر القرن التاسع عشر لكنها كانت بشكل افراد، وازدادت في الأربعينات بعد ان فُتح باب الهجرة الرسمية عن طريق السفارة الامريكية في بغداد، على أن تصاعد موجات الهجرة بدأ منذ السبعينيات واستمر لغاية اليوم عبر التقديم للجوء الديني (عن طريق المنظمات الكنسية في لبنان واليونان) أو من خلال مكاتب الأمم المتحدة في سوريا والأردن وتركيا ودولا اخرى.
وأدى تمركز العوائل العراقية في أمريكا إلى تشجيع الأهل والأقرباء للالتحاق بهم، لقناعة الكثيرين بأن فرصهم في أمريكا أفضل من العراق، وكان هذا بالتوازي مع تطبيق قانون لم شمل العوائل ولجوء البعض إلى الزواج من أمريكيات لغرض القدوم أو من خلال عقود العمل او حتى من خلال الدراسة الجامعية.
وعلى الرغم من أن النسبة العظمى من العراقيين المتواجدين في أمريكا لهم وضع قانوني صحيح، لكن ذلك لا يمنع بأن توجد شريحة اضطرت إلى اللجوء لأساليب ملتوية بغية البقاء، وكان قسم منهم عن طريق التهريب من كندا او المكسيك او من خلال البقاء حتى بعد انتهاء المدة القانونية للفيزا، ومما شجع على ذلك هو وجود مكاتب محاماة على استعداد لتبني مثل هذه المعاملات الصعبة مقابل أجور باهضة لكنها في اغلب الاحيان، كانت تفلح بإبقاء هؤلاء المواطنين في البلاد وحمايتهم من الترحيل.
إن وجود المواطن في هذه البلاد وبوضع ينطبق عليه القول (قانوني وغير قانوني) يضعهم دائما عرضة لمخاطر طبيعة العلاقات الرسمية بين العراق وأمريكا أولا، ولسلوكية المواطن صاحب الشأن، فإن قيامه بعمليات احتيال او مخالفات او اعتداء وتدخل الشرطة بعد ذلك، سيعرض هذا المواطن إلى خطر السجن، لا بل حتى إلى الترحيل، وشهدت الجالية حوادث بسيطة ومتفرقة جدا حدثت عبر السنين، لكن الضربة الكبرى كانت في الاتفاق الذي أبرمه رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي مع الرئيس ترامب في دورته الاولى باستقبال (سجناء) عراقيين مقابل رفع العراق من قائمة الدول التي لا يسمح لمواطنيها بالمجيء إلى امريكا، وكان عددهم في حينها حوالي 115 شخصا، ومعظمهم كان قد مضى عليه في هذه البلاد 20 سنة او اكثر ، ومنهم من تزوج وله اطفال، بل حتى أحفاد وبعضهم كانت له محلات أو مصالح.
إن ذاك السيناريو عاد ليلقي بظله على بعض الاشخاص في الجالية العراقية (وهؤلاء المعنيين) لهم أهل وأقرباء وربما زوجات وأطفال، إذ ان القضية لا تمس الشخص المعني فقط، بل تشمل امتداداته العائلية أيضا، خاصة مع تزايد تصريحات الرئيس ترامب ووزيرة الهجرة من تهديد المهاجرين غير الشرعيين، ليس بالسجن هنا في امريكا او ترحيلهم لبلادهم، بل الاسوأ من ذلك هو ترحيلهم لسجون ودول لا علاقة لهم بها مثل السلفادور وجنوب السودان!
واتبعت الإدارة الجديدة طرقاً جديدة لبعث الخوف والرعب في أوساط الجالية (ليس كلها بالطبع)، عن طريق التهديد بفتح الملفات القديمة والبحث عن أية مخالفة ممكنة (متعمدة أم غير متعمدة) وبالتالي اعتبار ذلك تزويرا، ومنها أيضا اتهام اي شخص يعارض سياسة الرئيس الجديد او يوجه انتقادا لها، بأنه معاد لأمريكا ولاختيار الشعب الأمريكي للرئيس! وإذا نجا الشخص المعني من هذين الأمرين، فإن أمراً ثالثا ينتظره وهو شعار (معاداة السامية)، وهذه التهمة يمكن أن تركب على اي شخص يبدى اعتراضا على سياسة إسرائيل أو يتعاطف مع الشعب الفلسطيني، ثم تأتي القضية ذات البعد الايديولوجي الخطر، وهي اتهام الشخص بأنه ليبرالي او اشتراكي أو يساري، وبالتالي فهو معاد للقيم الديمقراطية الأمريكية، وهذا مكانه خارج البلاد وبلا نقاش.
إن القضاء الأمريكي ممكن ان يتبنى الدفاع عن المواطن تجاه أي من تلك التهم (وهذه بالطبع يحتاج إلى فريق من المحامين ومبالغ طائلة) لكن فرص النجاح أصبحت ضئيلة في ظل هذه الحملة الاعلامية الشعواء ضد اليسار والاشتراكية، مذكرا البعض ممن يقرأ، بالأجواء التي سادت المانيا عشية فوز هتلر بالانتخابات عام 1933 او بالحملة التي قادها عضو مجلس الشيوخ الامريكي جوزيف مكارثي في عقد الخمسينيات من القرن الماضي.
من المحزن جدا، ألا ينتبه الكثير من ابناء الجالية العراقية إلى الشعارات التي أطلقها (المرشح ترامب) في حملته الانتخابية بمحاربة المواطنين غير الشرعيين في البلاد، وادعائهم بأنه لن يشملهم بسياساته، وهذا ما دفع قسما كبيرا منهم (ومن العرب أيضا) للتصويت له في انتخابات 2024، وها هي الأيام تثبت قصور النظرة السياسية لدى هؤلاء وانبهارهم بالوعود الكبيرة واندفاعهم نحو القائد الضرورة، وكأنهم لم يشبعوا بعد من القائد الضرورة الذين شردوا من نظامه بعد أن ملء البلاد بالسجون والمعتقلات والقبور.
لا أحد من المتابعين يمكن له أن يتنبأ بما ستؤول اليه الأحداث لو وجه الرئيس ترامب ووزيرة الهجرة لمراجعة أوضاع بعض العراقيين (غير القانونية او القانونية الضعيفة) وكيف سيكون رد هؤلاء المواطنين، أو رد الجالية العراقية، آخذين بنظر الاعتبار سياسة الرئيس تجاه المهاجرين (غير البيض) وإنزال الحرس الوطني إلى شوارع لوس انجلوس في كاليفورنيا مطلع حزيران 2025، وكيف يمكن لهذه البلاد ان تزلق إلى حرب شوارع او إعلان الأحكام العرفية حفاظا على أقوال وتصريحات الرئيس القائد.
حزيران 2025
**********************************************
دار الثقافة يحتفي بالكاتبة بيان سلمان
باريس- طه رشيد
ضيّف دار الثقافة في باريس، الدائرة الخامسة عشر، الكاتبة العراقية بيان سلمان بمناسبة صدور روايتها الأولى " الأسوار العالية" وذلك يوم 3/7/2025، أدار الأمسية الناقد والمترجم "فيليب دولاغب" مرحبا بالحضور وبضيفة الدار، ومذكرا بأن السيدة بيان من كردستان العراق، سبق وأن أصدرت أكثر من رواية باللغة الكردية والعربية، وأشاد بجهدها الإبداعي المتميز في روايتها، حديثة الصدور، "الأسوار العالية"، خاصة وأنها أول رواية تصدر لها باللغة الفرنسية.
بعد ذلك تحدثت الكاتبة بيان عن دور الأدب في تطوير شخصية الكاتب، مذكرة بأهمية النصوص الأدبية الفرنسية، وأشارت في حديثها إلى "محنة الانسان اليوم في خضم الأحداث العالمية التي تترك آثارا سلبية لرؤية القادم بوضوح، ولكن كل هذا لا يمنع أن نأمل بيوم أفضل يرفع من قيمة الانسان".
ومن جانبه أوضح المقدم بأن الراوي دخل في عالم، شبه راكد، خلف الأسوار التي تحمل في داخلها مدينة مصغرة، والأحداث تأخذ القارئ، منذ الصفحات الأولى، لحادث غامض بمقتل فتاة يصفها القاطنون في القرية بالمجنونة. فالراوية تطرح جدل العقل والجنون.
وهنا تؤكد بيان بأنها: تجبر القارئ للتساؤل: من هو المجنون الحقيقي؟! خاصة بعد أن نمسك خيوط الحدوتة بمقتل زكية!
ويتساءل الناقد/ المحاور فيليب : من ألقى بجثتها بين الأنقاض؟ الجزار؟ بائع الخردوات؟ النجار؟ الحلاق؟
وتجيب الكاتبة بيان: لفهم القصة، علينا أن نغوص في الشوارع والبيوت المحاطة بالأسوار، في أعماق العقول والأفكار. بطلة الرواية "زكية"، التي اعتُبرت مجنونة منذ ولادتها، وتخلى عنها الجميع، احتضنتها قابلة تُدعى ميم خونشه، واعتبرتها ابنتها. لكن زكية، التي انسابت من مراقبتها، تتعرض للاغتصاب بانتظام منذ سن الثالثة عشر، وينتفخ كرشها كل عام! ثم تستعين ميم خونشه بــ الاستاذ وردي، مدرس الرياضيات، لمساعدتها في حماية زكية. ورغم جهوده، يعثر على زكية مقتولة. فيقع الأستاذ وردي في يأس عميق، ويلذ بالجنون ويخطط للانتقام لمقتل زكية.
يسأل المقدم: من القاتل إذا؟!
فتجيب بيان: لا أعرف ولكن الذي أعرفه بأن سكان القلعة يغرقون في هاوية (بما فيهم الراوي والقارئ)، حيث سيضيع الجميع، متهمين بعضهم بعضا ذنب بجريمة القتل تلك!
ويطرح فيليب سؤالاً جديدا : هل الجنون حكمة؟ وما هو الفرق بين جنون زكية والأستاذ؟
فتجيب الكاتبة: جنون زكية منذ الطفولة، أما جنون الأستاذ وردي فكان بسبب شعوره بالأسى والحزن العميق والاحساس بالذنب لأنه لم يتمكن من الإيفاء بوعده لميم خونشه، في حماية زكية والانتقام لمقتلها. فيقع في متاهة الجنون!
ونشير هنا الى أن رواية " الأسوار العالية" سبق وان صدرت باللغة الكردية عام 2013 ثم قامت بترجمتها للغة الفرنسية وأشارت في هذا الصدد بأن تحت يدها أكثر من كتاب باللغة الفرنسية إلا انها لم تجرأ على نشرها! علما انه سبق وان أصدرت أكثر من رواية وديوان شعر ومجاميع قصصية موزعة بين اللغتين الكردية والعربية. وتم نشرها بين سوريا والعراق.
*********************************************
نشرة المنتدى العراقي في بريطانيا نافذة مفتوحة على النشاطات وهموم الجالية
طريق الشعب -خاص
صدر العدد 148حزيران / يونيو من نشرة المنتدى العراقي في بريطانيا، وتنوع كعادته بين أخبار الجالية ونشاطاتها المختلفة
إذ قدمت متابعة متنوعة لنشاطات منظمات الجالية من ندوات وأماس ثقافية ومعارض فنية، وقوانين الهجرة، وأوضاع المهاجرين.
ومتابعة الإصدارات في الخارج، وقضايا أطفال العراق ومنها مكتبة الطفل العراقي في الثورة، بالإضافة إلى المقالات المتنوعة والأبواب الثابتة ساهم فيها طيف واسع من الكتاب والكتابات وهم:
رشيد غويلب (أكثر من 80 مليون لاجئ ونازح داخل اوطانهم)، أمين زرواطي (فرنسا تخطط لنقل سجناء أجانب إلى الخارج)، الدكتور تحسين الشيخلي (ترانيم النهر.. معوزفة عراقية بالالوان في قلب لندن)، رحمن خضير عباس (مات موفق محمد اليوم.. مات أمير الفقراء)، كاظم الموسوي (أوكسجين فلسطين)، عبد جعفر (دعوة للمناقشة.. اللاجئ والبحث عن الإتجاه الصحيح، الدكتور محمد الربيعي (الفروق الحاسمة بين الجهل والغباء)، بير يوهانسون (عالم الاجتماع السويدي (الربع الأخير من العمر)، سارة صنبر (أزمة المناخ في العراق هي أزمة حقوق الانسان ـ شذى العاملي (حقوق الاطفال في العراق.. قوانين قوية وتطبيق هش).
وجاء في إفتتاحية العدد التي كرست من أجل انعقاد المؤتمر 35:
(من مظاهر الإصرار والمواصلة للحفاظ على عمل المنتدى العراقي في بريطانيا وتطويره، يلتئم قريبا لم شمل الأعضاء في المؤتمر الخامس والثلاثين. ... لمناقشة وإقرار تقاريره الإنجازية السنوية للعام الماضي وخططه للعام المقبل وانتخاب هيئة إدارية جديدة.
ومعروف للداني والقاصي، أن المنتدى منذ إنبثاقه عام1987 حرص على خدمة الجالية العراقية، وتسهيل أمورها وطلباتها مع الجهات البريطانية المسؤولة في اللجوء والسكن والمنفعة والصحة وغيرها، كما عمل المنتدى بتوثيق العلاقات مع أبناء الجاليات العربية الأخرى من خلال إقامة الحفلات الإجتماعية والندوات الثقافية والمعارض والأسواق الخيرية، وكان فاعلا مع منظمات المجتمع المدني العراقي الأخرى في إقامة النشاطات المشتركة.
وحرص المنتدى على إهتمام بإحوال الجالية والمساهمة بكل أفراحها وإتراحها، وكرس جهوده وجهد هيئته الإدارية لهذا الامر. وأفردت نشرته أبوابا للمتابعة القضايا الإجتماعية لها.
ومازالت أبواب المنتدى رغم الظروف الصعبة المالية التي يمر بها، مفتوحة لتلقي إستفسارات الجالية وتنظيم المواعيد لمراجعاتها المختلفة.
ونشط المنتدى في توفير ما يمكن توفير من نادي للكبار السن يلتقون به وأخر لنساء الجالية.
وبادر المنتدى بمشروع الطفل العراقي منذ عام 2007 ويجمع ما يمكن جمعه من تبرعات ويرسلها بين فترة وأخرى إلى مكتبة الطفل في الثورة (الصدر) في بغداد.
ويضع المنتدى نصب عينيه دائما في علاقاته مع السفارة العراقية من أجل تسهيل معاملات أبناء وبنات الجالية، والحث على تذليل الصعاب أمامهم.
ومنذ ولادته والمنتدى يحرص على إصدار نشرته الدورية التي تعكس نشاطات الجالية المتنوعة وإبداعاتها، ونشر كل ما يتعلق بكل جديد ما يتعلق بقوانين الهجرة وإبداء الإرشادات لهم.
مر أكثر من 38 عاما على ولادة المنتدى، وهو الآن يواجه صعوبات ليست بالقليلة، وأهمها الدعم المالي الذي أثر ومازال يؤثرعلى نشاطاته وادائه. وبهذا المناسبة يتمنى من جاليتنا الكرام الدعم المستمر له، لأنه كلما تحسن وضعه المادي، زادت إمكانياته في تقديم الأفضل).
والجدير بالذكر أن المنتدى عقد مؤتمر ال 35، يوم الثاني والعشرين من حزيران (يونيو) في لندن بحضور الكثير من الأعضاء والضيوف وممثلي المنظمات الثقافية والإجتماعية، وممثل السفارة العراقية في لندن، وإنتخب هيئىة ادارية جديدة ضمت كل من: نضال ابراهيم، وهاشم الموسوي، وسيف النفاخ، وكريم السبع، ومرتضى الموسوي، وسامي حارث، وفلاح فيلي، وحسين جاسم.
***********************************************
الهجرة العراقية إلى كندا: بين الانتماء والإندماج
كندا - فادي آدمز
منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة في عشرينيات القرن الماضي، لم تتوقف حركة الهجرة إلى الخارج، رغم أن جذورها تعود لما قبل ذلك بكثير، حتى إلى أيام الدولة العثمانية وما سبقها. فالهجرة سلوك بشري قديم، لا يقتصر على شعب أو جغرافيا بعينها.
في العقود الأولى من قيام الدولة العراقية، لم تكن الهجرة بالوتيرة التي رأيناها لاحقًا خلال الحروب أو الحصار أو الإنفلات الأمني. آنذاك، سافر بعض العراقيين بحثًا عن حياة مادية أفضل، خاصة في ظل ضعف البنية الاقتصادية لدولة خرجت للتو من قرون من الإهمال العثماني. وهاجر آخرون بسبب قناعات سياسية وفكرية تحررية اصطدمت بالأنظمة القائمة، بينما غادر أبناء العوائل الثرية للدراسة في جامعات مرموقة مثل (السوربون) وغيرها. من بين هؤلاء، أفراد من عائلتي هاجروا إلى كندا منذ ستينيات القرن الماضي.
الهجرة في تلك الفترة كانت مختلفة تمامًا. المهاجرون كانوا يواجهون صعوبات كبيرة، لكن إيجابيتها تمثلت في دفعهم نحو الإندماج. فالعراقي، خاصة حين يكون من جالية صغيرة، لا يجد أمامه إلا أن يتعلم اللغة ويشق طريقه. بخلاف بعض الجاليات الكبرى مثل الإيطالية، التي كانت محاطة بكثافة عددية سمحت للكبار بالسن من أفرادها بالبقاء ضمن دائرتهم الثقافية، حتى أن كثيرين منهم (والقصد الجيل الأول) لم يتعلموا الإنجليزية رغم مضي عقود على هجرتهم.
اليوم، تغيّرت الصورة كثيرًا. فبعد سقوط النظام السابق وما لحق به من فوضى أمنية، تزايد عدد العراقيين المهاجرين في كندا، لا سيما في المدن الكبرى مثل تورونتو ومسيساغا. وتطورت الحياة داخل الجالية وفتحت أسواقا، ومطاعم، وعيادات، ومراكز ترفيهية وغيرها، وكلها تدار من قبل أبناء الجالية أنفسهم. هذا مما وفّر بيئة مريحة للمهاجر الجديد، وسهّل على البعض (لا سيما كبار السن أو من لا يتقنون الإنجليزية) أن يعيشوا دون حاجة فعلية للتواصل خارج إطار المجتمع العربي.
لكن في المقابل، انخرط كثير من العراقيين في المجتمع الكندي بشكل إيجابي. درسوا وتخرجوا وعملوا في مؤسسات مهمة. إلا أن الجالية العراقية، على الرغم من طاقاتها، تفتقر في المجمل للعمل الجماعي المنظم، على عكس جاليات أخرى كالجالية الهندية، التي استطاعت أن تفرض وجودها في السياسة والمجتمع المدني من خلال العمل المنهجي والموحد.
هذا لا يعني أن الجالية العراقية سلبية أو غير فاعلة، لكنها تتصرف في الغالب بطريقة فردية. ربما يعود إلى أن التعليم الضعيف الذي تلقاه كثير من العراقيين في العقود الماضية، ساهم في ذلك، إلى جانب غياب الدعم المؤسسي أو البرامج التي تعزز الانخراط الفعّال في الحياة الكندية.
الشيء الإيجابي رغم كل الظروف القاسية التي مرت بالعراق والعراقيين، هناك ما يدعو للفخر، فالعراقيون في المهجر، وليس فقط في كندا، لم ينخرطوا في أي نشاطات متطرفة أو منظمات إرهابية، على عكس ما حدث مع فئات من بعض الجاليات الأخرى. فالعراقي بطبيعته محب للحياة، وغير مؤذٍ، ويحترم القوانين، وهو ما يعكس صورة إيجابية عنه أينما حل.
وأنا لا أكتب هذا لأدعو إلى عزلة ثقافية أو قومية داخل كندا. نحن هنا كنديون، نعيش ونعمل ونسهم في بناء هذا البلد. لكن في الوقت ذاته، من حقنا (بل من واجبنا) أن نحافظ على جذورنا وهويتنا، وأن نغني كندا بتنوعنا كما تفعل باقي الجاليات.
لهذا أتمنى أن تنشأ منظمات جادة داخل الجالية العراقية، تعمل على دعم أبنائها، وتشجع على الإندماج الحقيقي، وتوفر فرصا للتطوير والتمثيل السياسي والمجتمعي. فهذا سيعزز من تنوعها وتماسكها ويمنح الجالية العراقية المكانة التي تستحقها.
*********************************************************
ص8
حزبا اليسار الأوروبي: مسارات منفصلة واتجاه واحد
رشيد غويلب
يجري الحديث في السنوات والأشهر الأخيرة عن الملفات التي تتباين حولها مواقف قوى اليسار الأوربي، إلى جانب النجاحات المتحققة والتي قد تكون محدودة، ولكن أهميتها تكمن في تأكيد حقيقة ان الصراع مع اليمين بشقيه المحافظ والمتطرف صعب، ولا يسير خطه البياني الآن لصالح اليسار، إلا أن تحقيق النجاحات في هذا البلد او ذاك قائم، كما أن ساحة اليسار تعيش حراكا ما زال مفتوحا وممكنا إذا أدير بذهن مفتوح ان يؤدي إلى نتائج إيجابية.
في هذه المساهمة سنتناول الحراك المتحقق بانبثاق حزب يسار أوربي جديد باسم "تحالف اليسار الأوربي من أجل الشعوب والكوكب" إلى جانب حزب اليسار الأوربي الذي دخلت مسيرته عامها الحادي والعشرين، ولتسهيل المتابعة للقراء سنشير للحزب القديم باسمه المعروف "حزب اليسار الأوربي"، وسنكتفي بالإشارة للحزب الجديد بـ "تحالف اليسار الأوربي". بالإضافة إلى ذلك سنشير إلى أهم فعاليات اليسار الأوربي خلال حزيران 2025.
المؤتمر التأسيسي لتحالف اليسار الأوربي
احتضنت قاعة مركز المؤتمرات التابعة لمتحف النقل، والواقعة على ضفاف نهر دورو في مدينة بورتو البرتغالية الجميلة، اعمال المؤتمر التأسيسي لحزب "التحالف اليسار الأوروبي من أجل الشعوب والكوكب"(ELA) في 13حزيران، الذي استضافه حزب "كتلة اليسار" البرتغالي، أحد الأعضاء المؤسسين. وتوزعت جلسات المؤتمر بين جلسة مغلقة خاصة للجمعية العامة صباح اليوم الأول ومؤتمر مفتوح لمدة يوم ونصف، يومي الجمعة والسبت. لقد كان حزب كتلة اليسار البرتغالي من القوى الرئيسية التي دعت لانبثاق "لحالف اليسار الأوربي". ولهذا انتخبت زعيمة الحزب السابقة كاترينا مارتينز رئيسة للتحالف اليسار الأوربي . وعلى الرغم من أن هزيمة الانتخابات التي جرت في البرتغال في أيار الفائت، ما تزال حاضرة نسبياً في أذهان العدد الكبير من أعضاء الحزب المضيف، لكن المزاج، الذي ساد في بورتو كان إيجابيا.
بالإضافة إلى ممثلي الأحزاب السبعة المؤسسة لـ "التحالف اليسار الأوربي": حزب "كتلة اليسار" البرتغالي، وحزب "فرنسا الأبية" الفرنسي، وحزب اليسار السويدي، وحزب اليسار الفنلندي، وحزب "بوديموس" الإسباني، وحزب " تحالف الأحمر – الأخضر" الدنماركي، وحزب "رازم" البولندي. حضر المؤتمر ضيوف مثل حزب اليسار النرويجي، قبل انضمامه للحزب الجديد، بالإضافة إلى ممثلي أحزاب أخرى وحركات اجتماعية من جميع أنحاء أوروبا. وعلى عكس حزب اليسار الأوروبي، لا يُسمح بالانضمام إلى "حزب تحالف اليسار الأوربي" إلا للأحزاب الممثلة في البرلمانات الوطنية. ولدى غالبية الأحزاب الأعضاء أعضاء في البرلمان الأوروبي يعملون معًا في كتلة اليسار في البرلمان الأوربي. ومع ذلك، كان هناك حضور للعديد من الضيوف من التحالفات أو الأحزاب الصغيرة، وخاصة من دول وسط وجنوب شرق أوروبا. وبهذا يريد تحالف اليسار ان يعكس علاقاته الواسعة.
وفي هذا السياق، ألقى أبرز الضيوف السكرتير التنفيذي لحزب اليسار الألماني ينس إيهلنغ، خطابًا قصيرًا، في جلسة الافتتاح، ولكنه مميز، تناول فيه الانشقاق في حزب اليسار الألماني، مشيرا إلى أن الانشقاقات قد تكون ضرورية في بعض الأحيان، لاستمرار الحزب وتجديده.
يُمثل مؤتمر الحزب الجديد نهايةً مؤقتة لعملية طويلة. سجّلت الأحزاب الأوروبية السبعة، التي كانت غالبيتها أعضاءً سابقًا في حزب اليسار الأوروبي الحزب الجديد في 29 آب من العام الفائت وأعدّت توجهه السياسي. واجتمع قادة الأحزاب الأعضاء لأول مرة في بورتو. امتاز الحضور بكثافة وجود زعماء الأحزاب وقيادات الصف الأول. في الجلسات المفتوحة تحدث الجميع، راسمين صورةً مُوحّدةً بشكلٍ مُفاجئ عن رؤيتهم في ربط نضالاتهم السياسية الوطنية والتعاون على المستوى السياسي. كانت المواضيع التي طُرحت ليست مُفاجئة. الحزب الأوروبي الجديد مُؤيّد لأوكرانيا، مع وجود اختلاف بشأن الموقف من تسليم الأسلحة. وكذلك مؤيّد تمامًا للحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني.
في مقدمة لها، أكّدت عضوة البرلمان الأوربي، ورئيسة لجنة الشؤون الاجتماعية فيه "لي اندرسون" من حزب اليسار الفنلندي على أهمية القانون الدولي في توجهات التحالف، وشددت على: "إنّ أكبر تهديد للديمقراطية والسلام وحقوق الإنسان والقانون الدولي هو صعود السياسيين اليمينيين: بوتين، وترامب، ونتنياهو، وأردوغان، وأوربان".
اما أهم المواضيع التي تناولها المؤتمر فكانت: الحرب في أوكرانيا، وسياسة ترامب "أمريكا أولاً" وتفكيكه للديمقراطية في الولايات المتحدة، وصعود قوى اليمين المتطرف، وحروب الإبادة التي تشنها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني وشعوب الشرق الأوسط.
ينص النظام الداخلي، الذي وافقت عليه الجهات المسؤولة في الاتحاد الأوربي بوقت قصير، على أن "التحالف يوحد الأحزاب اليسارية والخضراء والنسوية بهدف بناء أوروبا مختلفة". وتشمل الأهداف المدرجة التقدم الاجتماعي وحقوق العمال، والسلام، والتضامن والمساواة، والعدالة المناخية، وحماية البيئة. وتؤكد ديباجة النظام الداخلي على أن الحزب الجديد يسعى إلى مكافحة "عقيدة الليبرالية الجديدة ".
قدّم بعض اللاعبين الأساسين أنفسهم بقوة مفاجئة. أولهم وأهمهم، السكرتير العام أدريان بومبارت ونائبة رئيس البرلمان الفرنسي كليمنس غيتي، وكلاهما من حركة فرنسا الأبية بزعامة ميلنتشون. كما اتسمت خطابات القيادية في حزب بوديموس إيرين مونتير، ورئيسة حزب "الكتلة الاشتراكية" البرتغالي، مارينا مورتاغوا، بالحماس. واتضح أن الحزب اليساري الأوروبي الجديد حزب شاب، نسوي، وذو توجه عملي. اتفق الجميع على رغبتهم في قرارات أقل وأنشطة مشتركة أكثر. إن فرص نجاح الحزب الجديد في الوفاء بهذا الوعد ليست ضئيلة، حيث أن التنسيق، لا سيما داخل المجموعة في البرلمان الأوروبي، يعمل بشكل جيد بالفعل. يبقى أن نرى ما إذا كانت الخلافات السياسية ستظهر مع مرور الوقت، أو ما إذا كانت المنافسة على المواقع القيادية داخل الحزب ومؤسسته البحثية، التي يجري إنشاؤها حاليًا، ستشكل تحديات كبيرة للتحالف الجديد.
لقد ظل الحزب الجديد غائبًا نسبيًا في الأشهر التالية. ومع مؤتمره التأسيسي تغير هذا الوضع. يريد الحزب إنشاء منظمة دولية مناهضة للفاشية، والتركيز على حماية حقوق العمال وحماية المناخ، والنضالات النسوية والمناهضة للعنصرية، ركز التحالف على قضايا محورية وراهنة. وكان في صميم هذا التركيز إيجاد حل سلمي دائم للحرب في أوكرانيا، وبالطبع التعامل السريع مع التصعيد الحاد للتوترات، قبيل انعقاد المؤتمر، في الشرق الأوسط. وعلى وجه التحديد، وافق التحالف على إطلاق حملة دولية لوقف الإبادة الجماعية الإسرائيلية في غزة. هذه القضايا مدرجة أيضًا على جدول كتلة اليسار في البرلمان الأوربي، التي تضم نواب حزب اليسار الأوربي وتحالف اليسار الجديد ونوابا من أحزاب يسارية ليست عضوا في التشكيلين. يبدو أن الأمر لحد الآن ممكنًا بالتأكيد، فأعضاء البرلمان من كلا الحزبين الأوربيين يعملان بسلاسة في إطار كتلة موحدة لليسار في البرلمان الأوربي. ويقود هذه الكتلة كل من مانون أوبري من حركة فرنسا الأبية الناشطة في الحزب الجديد، ومارتن شيرديوان، من حزب اليسار الألماني الناشط في إطار حزب اليسار الأوربي.
وبهذا الخصوص صرّح مارتن شيرديوان، الرئيس المشارك لكتلة اليسار في البرلمان الأوربي، بأن هذه التركيبة لا تُشكّل مشكلةً للعمل المشترك. مع ذلك، ما يزال من غير الواضح ما إذا كان سيكون هناك أي تعاون بين حزبي اليسار الأوربي يتجاوز العمل البرلماني المشترك.
أسباب التأسيس
لا يختلف الحزبان برنامجيا كثيرًا: مكافحة اليمين المتطرف، والسعي إلى السلام، وإنهاء الحروب، والتقدم الاجتماعي وحقوق العمال، والمساواة في الحقوق، والعدالة المناخية، وحماية البيئة، كلها قضايا مدرجة على جدول أعمال كلا الحزبين. ومع ذلك، لا يمكن إغفال أن بعض أعضاء الحزب الجديد "تحالف اليسار الأوروبي"، على عكس الأحزاب اليسارية الاخرى، خصوصا من بلدان شمال أوروبا، تتخذ موقفًا أكثر عدوانية تجاه روسيا بقيادة فلاديمير بوتين، وتدعو إلى الدعم العسكري لأوكرانيا.
إن تأسيس الحزب الجديد يعود إلى الرغبة في كسر أنماط معينة في حزب اليسار الأوروبي، التي تبناها حزب اليسار الألماني، وحزب اليسار اليوناني، اللذان كان حتى قبل دورتين تشريعيتين الحزبين الرئيسيين في الكتلة البرلمانية. بالإضافة إلى القلق المتزايد لبعض الأحزاب بشأن قدرة حزب اليسار الأوربي على التمثيل الفعال لقوى اليسار الأوربي التي أصبحت أكثر تنوعاً في أساليب عملها وآليات صنع القرار.
بالإضافة إلى ذلك لعب التنافس والخلافات بين أحزاب اليسار في البلد الأوربي المعين دورا في عملية ولادة الحزب الجديد، كالخلافات بين حركة فرنسا الأبية والحزب الشيوعي الفرنسي، او التباينات التي برزت أخيرا بين بودوموس وتحالف سومار في إسبانيا، وكذلك يمكن الإشارة إلى اعتراض حزب كتلة اليسار البرتغالي على اختيار فالتر بايير رئيس حزب اليسار الأوربي، والقائد الشيوعي النمساوي، كمرشح رئيسي للحزب في انتخابات البرلمان الأوربي الأخيرة.
أشار رئيس حزب اليسار الأوربي فالتر باير إلى اختلافات في هياكل الحزب التنظيمية. بالإضافة إلى أن آليات العمل، مثل مبدأ الإجماع الصارم، لم تعد تتوافق مع الوضع الحالي، هناك أيضا انتقادات لحقيقة أن الأحزاب الشيوعية، التي كان أداؤها في انتخابات الاتحاد الأوروبي أضعف من منافسيها في أحزاب اليسار الأخرى، ممثلة تمثيلا واسعا في لجان الحزب. وفي ضوء الصدع الوشيك، قام حزب اليسار الأوروبي بتشكيل مجموعة عمل لتقديم مقترحات في تشرين الأول المقبل. وقد حققت هذه التوجهات بالفعل بعض نتائج هذه العملية، مثل العمل برئاسة ثنائية للحزب.
يبقى أن نرى ما إذا كانت هذه الثنائية ستُضعف اليسار الأوروبي أم حتى تُعززه. كلاهما وارد. من جهة، عادةً ما يؤدي الانقسام الفعلي، وهو أمرٌ شائعٌ في تاريخ الحركات اليسارية إلى تراجع النفوذ وتراجع الوعي العام. ومن جهة أخرى، يُمكن لوجود مظلتين للأحزاب اليسار أن تُكمّل بعضها البعض، سواء في التعبئة المشتركة لأعضائها أو في تنسيق أو ربط الحملات والمبادرات السياسية.
كتلة اليسار الأوربي تدعو لمناقشة أسئلة السلام والأمن
بمناسبة الذكرى الثمانين للتحرر من النازية الألمانية في 8 أيار 2025، دعت كتلة اليسار في البرلمان الأوربي في النصف الأول من حزيران، إلى مؤتمر تحت شعار "بناء السلام والأمن الجماعي"، والذي استغرق يومين. بعد ثمانين عامًا من انتهاء الحرب العالمية الثانية، حان الوقت للتأمل في دروس التاريخ وتحديات الحاضر، كما أوضح البرلمانيون المشاركون في المؤتمر، والذين يمثلون 20 حزبًا يساريًا من مختلف دول الاتحاد الأوروبي،. وكان الهدف من الاجتماع في بروكسل "خلق مساحة لتبادل مكثف للآراء حول السلام ونزع السلاح والأمن الجماعي، من أجل تمهيد الطريق لمستقبل أكثر استقرارًا وتعاونًا".
ضيوف بارزون
حضرت أعمال المؤتمر شخصيات سياسية بارزة مثل زعيم حزب العمال البريطاني السابق جيريمي كوربين وأليكسيس تسيبراس، الذي ترأس الحكومة اليونانية في سنوات 2015 - 2019. أكد تسيبراس، وبعد ثمانية عقود من التحرر من الفاشية، يعود اليمين المتطرف إلى أوروبا. ويتجلى هذا في المشاركة في الحكومات وهيئات صنع القرار في الاتحاد الأوروبي. ويستغل اليمين المتطرف انعدام الأمن والمخاوف الناتجة عن الاضطرابات المختلفة لتحقيق مآربهم الخاصة. وناشد الحضور: "إن مهمة جميع القوى التقدمية واليسارية هي الوقوف ومواجهة الخوف بالأمل". في ظل الأزمات الدولية المختلفة، ثمة حاجة إلى نظام اقتصادي أكثر عدلاً، وكذلك إلى نظام أمني جديد قائم على احترام القانون الدولي. ومع ذلك، لا يمكن أن يكون هناك نظام أمني عالمي جديد إذا لم تكن أوروبا قوة من أجل السلام والنمو المستدام. وفي الممارسة العملية، يعني هذا، من بين أمور أخرى، أن اليسار في أوروبا يجب أن يعارض اقتصاد الحرب الذي يأتي على حساب صناديق التنمية ويقود إلى حرب باردة جديدة.
تناول فالتر باير، رئيس حزب اليسار الأوروبي، أحد حزبي اليسار الأوربي، في مساهمته هذه القضية. وأشار إلى ان أوروبا والعالم يمران حاليًا بأخطر وضع منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. ونظرًا لغياب أي مناهج سياسية لإنهاء الحرب في أوكرانيا، فإن خطر التصعيد الجامح يُهدد أوروبا. وفي هذه الحالة، لا يمكن لحلف الناتو والاتحاد الأوروبي التنصل من مسؤوليتهما في المساهمة في إنهاء سريع وغير عسكري للحرب. وأضاف: "كما يجب ألا يغضوا الطرف عن الإبادة الجماعية في غزة". وفي هذا السياق، أشار رئيس حزب اليسار الأوروبي إلى ازدواجية معايير القادة الأوروبيين. فمن جهة، تُفرض عقوبات على روسيا، وهي عقوبات مُحقة، بسبب حربها العدوانية في أوكرانيا، ومن جهة أخرى، يتاح لإسرائيل الإفلات من العقاب تمامًا رغم حربها في قطاع غزة.
وأشار باير صراحةً إلى أن الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي وبريطانيا العظمى تنفق على الدفاع أموالاً أكثر مما تنفقه روسيا. وبينما تُخصص مفوضية الاتحاد الأوروبي أموالاً طائلة للتسليح، فإن هذه الأموال تفتقد عند التمويل للخدمات العامة والرعاية الصحية ونظام التقاعد.
وعلى أساس ما تقدم أطلق زعيم حزب العمال السابق جيريمي كوربين مشروع السلام والعدالة، وقدّم تقريرًا عنه إلى المجتمعين في بروكسل. يجمع المشروع بين مجالات رئيسية مثل حماية البيئة، والتعاون الدولي من أجل السلام، ومكافحة الفقر والتفاوت الاجتماعي. وأعلن كوربين أن المبادرة ستعقد مؤتمرًا دوليًا في المملكة المتحدة في أيلول المقبل.
في مساهمتها في المؤتمر، سلّطت أوزليم ديميريل، عضوة البرلمان الأوروبي عن حزب اليسار الالماني الضوء على جانبٍ كان بالغ الأهمية بالنسبة لها: أكدت النائبة أن فاشية هتلر الألمانية كانت أحلك فصل في تاريخ البشرية. ولم يقتصر الأمر على إبادة ستة ملايين يهودي، بل طالت أيضًا الغجر، وذوي الاحتياجات الخاصة، والمعارضين، وأبناء الديانات المختلفة، وأبناء مختلف الظروف المعيشية. وأكدت ديميريل: "في ذلك الوقت، سلّمت القوى المحافظة في ألمانيا السلطة لهتلر. ومن غير المقبول بالنسبة لي أن يحاول البرلمان الأوروبي أيضًا إلقاء اللوم على الاتحاد السوفيتي في الحرب العالمية الثانية". وأدانت النائبة اليسارية بوضوح حرب بوتين على أوكرانيا، لكنها انتقدت بشدة استبعاد ممثلي روسيا الاتحادية من احتفالات الانتصار على النازية. وأكدت أن "الجيش الأحمر هو من بدأ وعزز تحقيق النصر على فاشية هتلر".
مؤتمر حرية فلسطين
في 4 حزيران 2025، أُطلق في باريس "التحالف الدولي للدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني وحماية حق العودة". وقد بادر إلى إطلاق التحالف الحزب الشيوعي الفرنسي ومنظمة التحرير الفلسطينية، ومنتدى فلسطين، وقوى تقدمية من جميع أنحاء العالم. وجاء في البيان الختامي: "في مواجهة الإبادة الجماعية والاحتلال والفصل العنصري وجرائم الحرب المستمرة، نطالب بتطبيق القانون الدولي، والاعتراف الفوري بدولة فلسطين، واحترام حق العودة، وفرض عقوبات على دولة إسرائيل".
قدمت في المؤتمر كلمات وأوراق عمل بمختلف التخصصات ذات العلاقة ومن مختلف انحاء العالم.
وتم التأكيد على أن القضية الفلسطينية تمثل قضية تحرر وطني وإنساني، ولا يمكن حلها إلا بالعدالة والقانون، وإنهاء الاستعمار والاحتلال والفصل العنصري في الأراضي المحتلة، ووقف التمييز المنهجي ضد الشعب الفلسطيني، لا يمكن تحقيق الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني إلا بحل سياسي قائم على تطبيق القانون الدولي. إن التحرر الوطني للشعب الفلسطيني هو جزء من النضال الطويل للشعوب العربية وشعوب العالم من أجل الاستقلال وضد الاستعمار والعنصرية ومعاداة السامية.
وافتتح المؤتمر بكلمات السكرتير الوطني للحزب الشيوعي الفرنسي فابيان روسيل وعضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية أحمد سعيد بيوض التميمي، حيث أكد روسيل على أن تشكيل التحالف الدولي لحقوق الشعب الفلسطيني هو نتيجة "صداقة طويلة وأخوية" بين المنظمتين، مذكرا بعلاقاتهما التي استمرت "لأكثر من خمسة عقود"، واجتماع ياسر عرفات وزعيم الشيوعي الفرنسي جورج مارشيه في عام 1982.
وبين راسيل ان المبادرة لا تزال تدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار، وإنهاء المستوطنات الإسرائيلية، وتطبيق القانون الدولي، والاعتراف بدولة فلسطين داخل حدود 4 من حزيران/يونيو 1967.
فيما أكد التميمي اننا نمر في لحظة تاريخية حرجة تتطلب توحيد الجهود العالمية في مواجهة الجرائم المستمرة والانتهاكات الجسيمة المرتكبة ضد الشعب الفلسطيني والدفاع عن حقوقه غير القابلة للتصرف، وعلى رأسها حق العودة وحق تقرير المصير، وبناء تحالف دولي من احرار العالم لتحدي نظام الفصل العنصري وسياسات الاحتلال الاستعماري الإسرائيلي.
وكانت أولى جلسات المؤتمر فلسطينية، حيث كان جل المتحدثين من الفلسطينيين منهم عضوا اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، بسام الصالحي الأمين العام لحزب الشعب الفلسطيني، والدكتور فيصل عرنكي، ومنيب المصري، رئيس منتدى فلسطين.
وفي الجلسة الثانية تحدث كل من فالتر باير، رئيس حزب اليسار الأوروبي، وكازوو شيي، رئيس اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الياباني، ومارينا نيكولاو، نائبة في البرلمان القبرصي عن حزب أكيل، وماري- لويز كوليرو بريكا، الرئيسة السابقة لمالطا، ودكلان كيرني، رئيس حزب شين فين الإيرلندي.
وفي الجلسة الثالثة والرابعة تحدث ممثلو النقابات والحركات الاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني. وفي جلسة الختام تمت تلاوة البيان الختامي وتوجيه التحية لصمود الشعب الفلسطيني ونضاله المستمر.
******************************************
الصفحة التاسعة
في سنوية رحيل الجواهري الثامنة والعشرين يَموتُ الخالدونَ بكلِ فـجٍ ويَستعصي على المـوتِ الخلودُ
رواء الجصاني *
في مثل هذه الايام، قبل ثمانية وعشرين عاما، وبتاريخ الاحد، السابع والعشرين من تموز عام الـفٍ وتسعمئة وسبعة وتسعين، تحديداً، استنفرت وكالات أنباء ومراسلون وقنوات فضائية وغيرها من وسائل اعلام، لتبث خبراً هادراً، مؤسياً، هزّ مشاعر، ليس النخب الثقافية والسياسية فحسب، بل والألوف الألوف من الناس في شتى الارجاء:
"الجواهري يرحل إلى الخلود في احـد مشافي - دمشق، عن عمر يناهز المئة عام"..
وهكذا يطبق "الموت اللئيم" اذن على ذلك المتفرد الذي شغل القرن العشرين، على الأقل، ابداعاً ومواهب، ثم لتروح الأحاديث والكتابات تترى بعد الخبر المفجع، عن عظمة ومجد الراحل العظيــم:
- المتميز بعبقريته التي يتهيّب أن يجادل حولها أحد..
- السياسي الذي لم ينتـم لحزب، بل كان "حزباً " بذاته، يخوض المعارك شعراً ومواقف رائدة..
- الرمز الوطني الذي أرخ للبلاد وأحداثها بأتراحها وأفراحها من داخل الحلبة، بل ووسطها، مقتحماً ومتباهياً:
أنا العـراقُ لساني قلبهُ ودمي، فراتهُ، وكياني منهُ اشطـارُ
.. وذلك الراحل الخالد، نفسه: حامل القلم الجريء والمتحدي الذي "لو يوهب الدنيا بأجمعها، ما باع عزاً بذل المترفِ البطر".. صاحب وناشر صحف "الرأي العام" و"الجهـــاد" و"الثبات".. ورفيقاتهن الأخريات..
- منوّرٌ متميزٌ من أجل الارتقــاء، صدح مؤمناً على مدى عقـود حياته المديدة :
لثورة الفكر تاريخٌ يحدثنا، بأن ألفَ مسيح دونها صلبا..
- ملهمُ "آمنت بالحسين" و"يوم الشـهيد" و "قلبي لكردستان" و"الغضب الخلاق" و"الفداء والدم"... شامخٌ، يطأ الطغاة بشسع نعـلٍ عازبا..
.. والجواهـري ايضا وايضا: متمرد عنيد ظـلّ طـوال حياتـه باحثاً عن "وشـك معتركٍ أو قرب مشتجر".. لكيّ "يطعـم النيرانَ باللهب"..! من اجل التنوير والارتقاء والعتق..
- مبدعٌ فرائـد "المقصورة" و"زوربـا" و"المعـري" و"سـجا البحـر" و"أفروديـت" و"أنيتـا" و"لغة الثياب" و"أيها الأرق" وأخواتهن الكثار .. وهو قبل كل هذا وذاك "أحبَّ الناس كل الناسْ، من أظلم كالفحمِ، ومن أشرقَ كالماسْ".. كما انه "الفتى الممراحُ فراج الكروبِ" الذي "لم يُخـلِ من البهجة دارا"..
- رائدٌ في حب وتقديس من "زُنَّ الحياة" فراح يصوغ الشعر "قلائداً لعقودهنَّ" ... و"يقتبس من وليدهن نغـم القصيد" .. وقد اجابَ قبلَ أن يسأل:
"لو قيل كيفَ الحبُّ،قلتُ بأن تُداء ولا تشافى" ..
- وديعٌ كالحمامة ومنتفض كالنسر، حين يستثيره "ميتونَ على ما استفرغوا جمدوا.." وهو لا غيره الذي قال ما قالَ، وما صلى "لغير الشعر من وثـنِ" فبات الشعراء يقيسون قاماتهم على عمود قامته الشامخ ... ..
- انه وبكل ايجاز: ذلك الطموح الوثاب الذي كان، ومنذ فتوته "يخشى أن يروحْ ولم يبقِ ذكرا".. فهل راحت قصائده - حقا - "ملؤ فـم الزمان"!! وهل ثبتت مزاعمه بأن قصيــده "سيبقى ويفنى نيزك وشهاب" وهتف مجلجلا::
يموت الخالدونَ بكل فـجٍ .. ويستعصي على الموت ِ الخلودُ
ترى هل صدق بما زعم ؟!.. التاريخ وحده من انبأنا، وينبئنا عن الامر، ويا له من شاهد حـق عزوفٍ عن الرياء!!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* رئيس مركز الجواهري للثقافة والتوثيق
**************************************************
رحلة {قطار الموت *} كما يرويها شاهد العيان الدكتور حكمت جميل
كمال يلدو
ما كان لهذه الأسطر أن ترى النور لولا شجاعة سائق القطار المناضل البطل عبد عباس المفرجي، وكرم أهالي السماوة، هكذا يصف الدكتور حكمت جميل تلك الساعات المصيرية في حياته وحياة رفاقه الآخرين. ولعل الوازع المهم خلف إصداره هذا الكتاب، كان للتوثيق أولا، ولفضح المجرمين خلف تلك الفعلة الخسيسة وانقلابهم في ٨ شباط ١٩٦٣، ولتثبيت بعض الوقائع والذكريات التي ربما ستذهب برحيل صاحبها.
يقع كتاب "رحلة قطار الموت ١٩٦٣" بحوالي ٢٤٠ صفحة من القطع الكبير وهو من إصدار دار (الصقر الأبيض) في الولايات المتحدة عام ٢٠٢٢، وللحكاية قصة. فقد نشر الدكتور كتابا احتوى ذكريات شخصية من بغداد إلى ديترويت، وتضمن فصلا تناول تجربته في قطار الموت، وجاءه اتصال من إياد المقدسي صاحب المكتبة العصرية في شارع المتنبي واقترح عليه ان يتوسع أكثر ويكتب شهادته عن هذه الحادثة، لأن المكتبة العراقية تفتقد إلى كتاب بهذا المضمون، وكل الموجود هو عبارة عن مقالات صحفية صغيرة او حديث أثناء لقاء تلفزيوني، لكن ككتاب فلا يوجد، وهذا سيكون مهما لوضعه كمرجع للباحثين مستقبلا. اقتنع الدكتور بالفكرة بعد أن استشار قسما من زملائه (الأحياء) ممن شاركوه تلك الرحلة وبدأ التحضير لها عام ٢٠٢٠ ليتوج عمله عام ٢٠٢٢ بصدور الكتاب.
تضمن الكتاب ثلاثة فصول والخاتمة، إذا احتوى الفصل الأول على تجاربه الشخصية وصولا إلى اعتناقه للفكر اليساري ونشاطه في اتحاد الطلبة حتى استقالته من العمل السياسي وتفرغه للدراسة وتخرجه من كلية الطب عام ١٩٦٢، والفصل الثاني تجربته في الاعتقال بعد انقلاب ٨ شباط ثم سجنه في سجن رقم ١ ، وفشل انتفاضة البطل حسن سريع وصولا إلى قطار الموت ومن ثم سجن نقرة السلمان وبعدها في سجن الحلة حتى إطلاق سراحه في شباط ١٩٦٥، أما الفصل الثالث فيتضمن صورا من المضايقات والاضطهاد وصولا للاتهام بالخيانة العظمى، ولعل خلف ذلك يكمن إصراره على مواقفه الوطنية وعدم الركوع أمام البعث ناهيك عن كونه طبيبا واستاذا جامعيا متمكنا من أداء عمله بكل دقة وأمانة .
من القصص التي مازالت عالقة في الذاكرة والتي يرويها بمرارة هي الإهانات والضرب والتعذيب الذي تعرض له خيرة المثقفين والأساتذة في سجون الانقلابيين وفي سجن رقم ١، وكيف أن هذه الجريمة محت كل صفة الوطنية عن حزب البعث وبقيت عالقة بسجله الإجرامي لحد سقوط حكمه المدوي في نيسان ٢٠٠٣.
وقصة هذا القطار تبدأ من حيث فشلت انتفاضة البطل نائب عريف المتطوع حسن سريع ورفاقه يوم ٣ تموز ١٩٦٣ (وتسمى حركة حسن سريع أو حركة ٣ تموز) ، إذ أنهم فشلوا في كسر أبواب سجن رقم ١ في معسكر الرشيد حيث كانوا يعولون على إطلاق سراح نخبة من الضباط والطيارين لقيادة الطائرات في معسكر الرشيد والمهيأة للقضاء على الانقلابيين، لكن فشل الانتفاضة فتح الباب للأفكار الجهنمية للبعثين وقادة الحرس القومي في التخلص من هذه المجموعة من المساجين ولأنها تشكل خطرا عليهم مستقبلا ، وكان هناك من اقترح اعدامهم كلهم (يبلغ عددهم ما بين ٥٢٠ – ٥٢٦ سجين ما بين ضابط وطيار ومهندس وطبيب ومحام واستاذ جامعي وغيرهم) لكن أحدهم اعترض خشية هيجان الرأي العام العالمي، وجاء أحدهم بفكرة شحنهم بقطار لنقل البضائع (يقال إنه كان مؤلفا من ١٦ – ٢١ قاطرة (فاركون) ،إلى مدينة السماوة ومن ثم نقلهم إلى سجن نقرة السلمان الصحراوي على الحدود السعودية، وهذه الرحلة للسماوة تستغرق في العادة (١٠ -١٢ ساعة) لكن طُلب من السائق أن يبطئ المسير حفاظا على البضائع المنقولة من التلف ! لكي تكون الرحلة ١٤ – ١٦ ساعة في عربات حديدية موصودة وبلا فتحات هوائية، وأرضيتها مغلفة بالأسفلت الأسود وفي شهر تموز الحار جدا، أملا بأن يواجه السجناء مصيرهم المحتوم بالموت اختناقا وليس اعداما.
أوكلت المهمة بالصدفة البحتة إلى السائق عبد عباس المفرجي، وكان هذا موقوفا رهن تسليم شقيقه الهارب، وحدث أن سلم شقيقه نفسه يوم ٣ تموز. فأطلق سراحه ونودي عليه لقيادة قطار الحمل فجر الرابع من تموز عام ١٩٦٣.
في بداية الرحلة التي انطلقت صباحا من المحطة العالمية ببغداد، كان الجو طيباً أو باردا، لكن مع ارتفاع الشمس واستقرارها في السماء ، بدأت درجة الحرارة بالارتفاع في القاطرات الحديدية، وصار السجناء يصرخون طالبين النجدة و يضربون بأيديهم على جدران العربة، فانتبه قسم من الناس الذين كانوا يقفون على الجوانب، وما هي الا ساعات حتى وصل القطار إلى محطة المحاويل في الحلة، فطلب السائق من مساعده استكشاف الامر، فعاد اليه وهو يقول: إن القطار ملئ بالسجناء من أنصار عبد الكريم قاسم وليس بالبضائع، وتأكد السائق بنفسه من ذلك، حينها عقد العزيمة على عدم التوقف في أي من نقاط الاستراحة والانطلاق بأقصى سرعة ممكنة، حتى وصل محطة السماوة موفرا ما بين ٣ – ٤ ساعات. وصل القطار بحمولته البشرية المنهكة من الحر والعطش والإعياء ونقص الهواء والأوكسجين، وفعلا قام أهالي السماوة بالواجب وقدموا الماء والطعام، فيما جرى نقل ٧ من الركاب للمستشفى نتيجة فقدانهم الوعي، على أن واحدا منهم لم يكتب له النجاة وكان ذلك هو: الشهيد الرائد يحيى نادر.
مفارقة يجب ان تُذكر: لقد كان من بين ركاب القطار ضابط صيدلي، وهو ابن السيد طالب، الشخصية المعروفة في السماوة قام بتجهيز شاحنة كبيرة محملة بالمواد الغذائية وكانت تسير خلف الحافلات التي نقلت السجناء من مركز شرطة سراي السماوة إلى سجن نقرة السلمان.
** الشهيد حسن سريع، نائب عريف مطوع في مدرسة قطع المعادن بمسكر الرشيد، من مواليد ريف السماوة من عائلة فلاحية فقيرة، انتقلت العائلة إلى منطقة عين تمر التابعة لكربلاء. بعد ان أنهى الدراسة الابتدائية، تطوع في الجيش وانتسب إلى مدرسة قطع المعادن في معسكر الرشيد والذي أصبح أحد المدرسين فيها لاحقا. تزوج من إحدى قريباته ولهما بنت. حكم عليه هو ورفاقه بالإعدام بعد فشل حركته. ظل صامدا ولم يهب البعثيين ولا الموت، وكان أمينا للمبادئ التي اعتنقها، ولهذا بقي اسمه خالدا.
** الدكتور حكمت جميل، موالد العام ١٩٣٥ في منطقة المربعة ببغداد. تخرج من كلية الطب عام ١٩٦٢، التحق كضابط احتياط بمعسكر في الناصرية، اعتقل في نيسان١٩٦٣، وسيق إلى سجن رقم ١ في معسكر الرشيد. بعدها في قطار الموت ثم سجن نقرة السلمان حتى سجن الحلة الذي غادره في شباط ١٩٦٥.
سجن الدكتور حكمت وهو بعمر ٢٨ عاما، غادر العراق عام ١٩٩٦، وصل أميركا واستقر بها، نشر هذا الكتاب عام ٢٠٢٢، أي بعد مرور ٥٩ سنة على تلك الجريمة.
** قطار الموت: تسمية شعبية أطلقت على قطار الحمل الذي اختاره البعثيون والحرس القومي لنقل السجناء الشيوعيين والتقدميين من سجن رقم ١ بعد فشل انتفاضة حسن سريع يوم ٣ تموز ١٩٦٣ وذلك لغرض قتلهم اختناقا. لم يكن ممكنا استخدام هذه التسمية في العراق إلا بعد العام ٢٠٠٣.
************************************************
الصفحة العاشرة
عن دور الفرد في التاريخ
حسن مدن
في جلسة مع أصدقاء مصريين مثقفين ومنخرطين في الشأن العام من أبناء جيلي، دار حديث عن الدور الذي لعبه جمال عبد الناصر في التاريخ المصري الحديث. قال أحدهم، ووافقه على ذلك زملاؤه الحاضرون، إنه ما كان سيتيسّر له شخصياً أن يدخل المدرسة، ومن بعدها الجامعة، ليتخرج منها في مجال اختصاصه، وأن يشق لنفسه درباً للمعرفة لولا التعليم المجاني الذي جعل منه عبد الناصر واقعاً بعد أن كان فكرة في أذهان رجال التنوير في مصر، وفي مقدمتهم طه حسين. وما التعليم المجاني سوى أحد منجزات عبد الناصر، التي لا ينكرها إلا الجاحدون، هو الذي عزز مكانة مصر ودورها عربياً وأفريقياً، لا بل وعالمياً، من دون إغفال الثغرات ونقاط الضعف في النظام الذي أقامه.
على صلة بهذا طالعت منشوراً للشاعر والأديب العراقي الصديق حميد قاسم، كتبه بمناسبة الذكرى السنوية للحدث التاريخي الكبير الذي هزّ العراق، وأخذه إلى مساق آخر في 14 يوليو/ تموز (1958)، وقاده عبد الكريم قاسم، وحوله اختلف المختلفون بين من يصفه بالثورة، فيما يراه آخرون انقلاباً عسكرياً. (يدور السجال نفسه بشأن ما جرى في مصر في 23 يوليو/ تموز (1952) في مصر، الذي لولاه لما أصبح عبد الناصر رئيساً لمصر). أصدر قاسم قانونين مهمّين غيّرا بنية المجتمع العراقي، قانوني الأحوال الشخصية والإصلاح الزراعي. وربما كانا من أسباب الانقلاب عليه وقتله.
وكما قال الصديق المصري عن فضل عبد الناصر عليه، كتب حميد قاسم، مخاطباً "الزعيم" قاسم: "لولاك لما كنتُ أنا، لا كتبت يداي حرفاً، ولا تعلمتُ ولا أحببتُ ولا درستُ ولما كنتُ أنا حميد قاسم. بعد هذا كله، ليس من المروءة أن أنكر ذلك أو أتجاهله أو أتناساه، يا زعيم القلوب المكلومة المحبّة المكسورة والطيبة". وخاطب من وصفهم بالليبراليين الذين لا يحبّون قاسم ويحمّلونه مسؤولية ما آلت إليه أوضاع العراق في العقود التالية، قائلاً بلهجة عراقية: "لولا قاسم و14 تموز كان أنتم بعدكم أميّين لا قراية ولا كتابة.. تتمسّحون بحجارة يابسة بالچول، وخدم عند شيوخ إقطاع التفاهة العثمانية - البريطانية".
أثار هذا المنشور ردود فعل متباينة، بين من أيد ما جاء فيه وحيّا شجاعة كاتبه في الدفاع عما يعدونه حقاً، ومن أبدى تحفظات على ما ورد فيه. ويلفتنا الرد الذي ذهبت صاحبته، فاطمة المحسن، إلى رفض نسبة ما تحقق للعراق بعد "14 تموز" إلى شخص عبد الكريم قاسم، فما جرى يومها كان "من نتاج حركة الشارع العراقي بأكمله، وكان لا بد أن تتّخذ حكومتها خطوات لخدمة الناس الذين أيدوها وفي مقدمتهم فقراء الأرياف والمدن، ثم إن حكومة قاسم التي تشكلت معظمها من الاشتراكيين هي التي اتخذت هذه القرارات، وليس قاسم وحده". تقودنا مثل هذه السجالات إلى تجربة بلد عربي آخر، مغاربيّ هذه المرة، هو تونس، الذي تنسب إلى الحبيب بورقيبة مؤسس الجمهورية فيه مكتسبات كثيرة، في مقدمتها ما تيسر للمرأة من تمكين وحقوق، ما زالت آثارها بينة. وحول هذه النقطة بالذات، لا يوافق كثيرون على نسبة فضل تحرير المرأة التونسية إلى بورقيبة وحده، فالطاهر الحداد وأبو القاسم الشابي وصليحة (مغنية تونسية) وغيرهم مثّلوا "جيل النور الذي دفع الديجور"، كما علقت الأديبة نورة عبيد على مقال سابق لي في هذا الخصوص، بينما كان دور بورقيبة سياسياً بعد وصوله إلى الحكم في الخمسينيات، ما مكّنه من وضع التشريعات والسهر على تطبيقها في الدولة التونسية الناشئة.
نخلص من هذه الأمثلة إلى أن الدور المؤسس أو المغيّر لأي شخصية، يلزمه ظرف موضوعي مهيأ للقيام بما يقوم به، يتمثل بجاهزية المجتمع المعني للتحول المنشود، عبر تراكم تاريخي حتى تحين لحظة التغيير، حين يتيسر للأمم "المحظوظة" زعماء قادرون على التقاط تلك اللحظة وإحداث النقلة النوعية المنتظرة. يصح هذا على عبد الناصر وعبد الكريم قاسم وبورقيبة ومن هم في مقامهم، حين يقترن القرار السياسي بفكر تنويري يجسده على أرض الواقع بتشريعات وآليات تضمن تطبيقها، فالتغيير ليس مجرد حدث سياسي، بل تجسيد لحدث فكري يقوم به فاعلون سياسيون يحملون الرؤى الفكرية نفسها ويعون أهميتها.
ودون ذلك، ستبقى الأفكار العظيمة حبيسة الأذهان إن لم تجد إرادة وإدارة سياسيتين تحولانها إلى واقع، عبر القوانين والتدابير.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"العربي الجديد" – 20 تموز 2025
*************************************************
عدد جديد من {تبيُّن} 52
صدر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات ومعهد الدوحة للدراسات العليا العدد الثاني والخمسون من الدورية المحكّمة (تبيُّن) للدراسات الفلسفية والنظريات النقدية. وقد اشتمل العدد على الدراسات التالية: "الدولة والدولة العربية في مشروع بشارة الديمقراطي: مقاربات فلسفية سياسية" لمحمد عثمان محمود، و"الوضعية القانونية وإشكال الفصل والوصل بين القانون والأخلاق" لمنير الكشو، و"في تأنيث الأخلاق: العناية مقابل العدالة" لعماد الجميعي، و"المفهوم المترحّل والمقاربة البينية: مفهوم ’الصنمية" نموذجا‘ لخمسي الدريدي، و"العلاقة بين الأخلاق والقانون عند كانط" لمحمود سيد أحمد. واشتمل العدد أيضا على ترجمة لدراسة ريتشارد رورتي "حقوق الإنسان بين النزعتين العقلانية والعاطفية"، نقلها إلى اللسان العربي محمد جديدي وراجع ترجمتها مايكل مدحت يوسف. وفي باب "مراجعات الكتب"، تضمّن العدد ثلاث مراجعات: الأولى مراجعة كتاب فلسفات التعدُّدية الثقافية لبول ماي، أعدها جلة سماعين، والثانية مراجعة كتاب الهوية والذاكرة الجمعية: إعادة إنتاج الأدب العربي قبل الإسلام - أيام العرب أنموذجا لعبد الستار جبر، أعدها زهير سوكاح، والثالثة مراجعة كتاب السياسة الحيوية من منظور الفلسفة الاجتماعية (دراسات في الجسد والمرض والعنصرية والعدالة الصحية في النظام الدولي الجديد) لزواوي بغورة، أعدتها زبيدة مونية بن ميسي. أما باب "عروض الكتب"، فقد اشتمل على أربعة عروض لكتب صدرت مؤخرا عن المركز العربي، أعدتها هيئة تحرير "تبيُّن": عرض لكتاب الديني والسياسي في فكر مارسيل غوشيه: نحو تأصيل فلسفي لمسالك الاستقلالية لعبد الرحيم البصري، وعرض لكتاب البشر ككائنات ثلاثية الأبعاد في رؤى العلوم الاجتماعية والإسلامية لمحمود الذوادي، وعرض لكتاب النزعة الإنسانية في شخصانية محمد عزيز الحبابي لإبراهيم مجيديلة، وعرض لكتاب بين الكلام والفلسفة لحسن أنصاري.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" – أيار 2025
***************************************
قاموس اقتصادي فلسفي.. التقسيم الدولي الرأسمالي للعمل
اعداد: د. صالح ياسر
يمكن تعريف (تقسيم العمل الدولي The International Division of Labour) بأنه شكل خاص ومتطور للتقسيم الاجتماعي للعمل، وبهذا المعنى فإنه يعني التخصص النسبي لكل بلد من البلدان في عدد معين من الأنشطة الاقتصادية. ويمكن أن يعني هذا التقسيم سواء الفروع الكبرى لتلك الأنشطة: زراعية – صناعية – خدمات، أو القطاعات داخل الفروع: التخصص في محصول زراعي أو صناعة استخراجية أو تحويلية. تتشكل بنية تقسيم العمل الدولي إذن (أيا كانت طبيعته) من مجمل عناصر تلك الفروع والتي تتجزأ لعناصر أكثر تخصصا في الأنشطة فيما بين الفروع أو داخلها. غير أن هذه العناصر لا تشكل إلا ما هو عام في أي بنية لتقسيم العمل الدولي (بصرف النظر عن طبيعة هذا التقسيم) والتي لا يمكن أن توضح بمفردها ما هو نوعي في بنية محددة لتقسيم العمل الدولي. إن ما يميز بنية معينة في ظروف تاريخية محددة عن بنية أخرى لتقسيم العمل الدولي هو الأسس التي تتضافر بموجبها تلك العناصر. تتشكل بنية تقسيم العمل الدولي إذن من تضافر العناصر المكونة لها مع أسس محددة تسبغ عليها طابعاً نوعياً وتعطيها ترتيباً خاصا تتسق به وتحكم أي عملية لإعادة ترتيب تلك العناصر داخل إطار منطق تلك الأسس.
وإذا واصلنا الجهد في محاولة تدقيق مفهوم تقسيم العمل الدولي فإنه يمكننا تحديده باعتباره عملية التركز الدائم لإنتاج السلع المادية والخدمات في مختلف البلدان بهدف التبادل مع الخارج وكذلك بهدف تطوير الاستهلاك (بسبب إشباع الحاجات المتنامية) أكثر من القدرات المحلية، وذلك عن طريق استيراد المنتجات من الخارج. وبكلمات أخرى، يمكن القول أن تقسيم العمل الدولي يفترض تجميع وتركيز الإنتاج من مختلف السلع والخدمات أكثر من الاحتياجات الداخلية لبلد معين، مع الآخذ بالاعتبار بيعها (مبادلتها) في الخارج من جهة. ومن جهة ثانية يفترض هذا التقسيم تطور الاستهلاك بأكثر من الإمكانيات الإنتاجية المحلية للبلد المعني، وذلك على افتراض استيراد السلع من الخارج.
اما تقسيم العمل الدولي الرأسمالي (The International Capitalist Division of Labour) فهو تقسيم العمل بين مختلف البلدان الرأسمالية. ظهر هذا التقسيم في اعقاب نمو القوى المنتجة، في البلدان الرأسمالية، وعلى اساس تسابق الرأسماليين وراء أعلى الارباح. وهذا التقسيم تلازمه تناقضات عميقة. فهو، من جهة، يوحد البلدان الرأسمالية في اقتصاد عالمي، يكون فيه اقتصاد كل بلد، جزءاً من النظام الرأسمالي العالمي. أما، من جهة ثانية، فهو يتم في ظروف صراع تزاحمي عنيف بين المؤسسات الرأسمالية في مختلف البلدان يؤدي الى خضوع البلدان الضعيفة للبلدان القوية. فالمزاحمة داخل الفرع وبين الفروع، والتناقضات الصدامية بين القوى المنتجة والعلاقات الانتاجية، هي سمات تميز التقسيم الدولي الرأسمالي للعمل. أما في مرحلة الامبريالية فقد تركز هذا التقسيم تحت تأثير سيطرة الدول الاكثر تطورا، والاقوى اقتصاديا. وهو يتصف، قبل كل شيء، بتحويل البلدان المستعمرة والتابعة الى ملحقات زراعية تزود الدول المستعمِرة بالمواد الاولية. وتضع الدول الامبريالية مختلف العراقيل في وجهة انشاء هذه البلدان صناعة ثقيلة تكون اساس استقلالها. ويقوم التقسيم الرأسمالي للعمل على علاقات السيطرة والخضوع (هيمنة/تبعية)، ويستغل لاستثمار شعوب البلدان المستعمرة والتابعة من قبل الدول الامبريالية.
تاريخيا، عرف هذا التقسيم شكلين رئيسين:
- التقسيم الدولي الرأسمالي التقليدي للعمل، وفيه تم التخصص الزراعي – الصناعي، وبموجبه تخصصت البلدان الراسمالية المتطورة بانتاج السلع الصناعية في حين تخصصت البلدان المتخلفة بانتاج السلع الزراعية والخامات.
يتعين، أولاً، الإشارة الى أنه لا يمكن تلمس بدايات نشوء هذا التقسيم وتحديد مضامينه بدون ربطه ورؤيته كامتداد لفترة الرأسمالية التجارية، أو ما يعرف بالتراكم البدائي لرأس المال، إذ اتخذ التوسع الرأسمالي صيغ فجّة وهمجية. استند هذا الشكل من التوسع على محورين رئيسيين. يستند المحور الأول الى النهب والسلب الكاملين لكنوز وثروات البلدان "الطرفية". فعلى سبيل المثال نقل الى إسبانيا خلال قرن من الزمان ما يوازي ثمانية عشر ألف طن من الفضة ومائتي طن من الذهب وذلك من أمريكا لوحدها. أما المحور الثاني، فكان يقوم على تجارة العبيد، حيث أصبح دور دول "الأطراف" في هذه المرحلة مقايضة البشر بالسلع الآتية من البلدان الأوربية. وقد كان لهذا النوع من "التبادل" عظيم الأثر ليس على تنمية التخلف في بلدان "الأطراف" فحسب، بل وفي تدمير وإفناء شعوب بكاملها. والمميز لهذا النمط أنه فُرض خلال هذه الفترة بالوسائل العسكرية المحضة.
- التقسيم الدولي الرأسمالي المعاصر للعمل، وفيه تتركز الصناعات القائدة للتقدم العلمي – التقني في البلدان الراسمالية المتطورة في حين يتم ترحيل الصناعات المتقادمة تكنولوجيا والملوثة للبيئة الى البلدان المتخلفة وتتركز هناك.
من الناحية التاريخية، يمكن القول انه منذ الفترة التي تلت الحرب العالمية الثانية تعرض مجمل نظام علاقات الدول الرأسمالية المتقدمة بالبلدان الطرفية" لتغيرات متعددة الجوانب وظهر نمط جديد لقسمة العمل الدولية. يتعين علينا، إذن، إذا ما أردنا فهم طبيعة التحولات التي جرت في قسمة العمل الدولية ومضاعفاتها المحتملة أن نضعها في منظارها التاريخي الصحيح. إن التحولات التي جرت في قسمة العمل هذه يجب ربطها بعملية التراكم الجارية على صعيد عالمي وأساساً التطورات العاصفة في مستوى القوى المنتجة والآثار التي يتركها على التخصص وتقسيم العمل محليا وعالمياً. إن البلدان الرأسمالية المتقدمة واحتكاراتها مدفوعة تحت تأثير مفعول قانون الميل النزوعي لمعدل الربح الاحتكاري نحو الانخفاض وبتفاقم تناقضاتها الداخلية والمسعى لإيجاد مخارج لها، تتجه نحو التكامل والتدويل المطرد والبحث عن أشكال جديدة للتخصص و"التمدد" نحو مناطق جديدة. وفي ظروف التطور الاقتصادي المتفاوت على صعيد عالمي، وفي ظل ظاهرة كونية التركز والتمركز للإنتاج ورأس المال والنتائج المترتبة على ذلك، فإن الانتقال الاستثماري من "المراكز" الى "الاطراف" يتراكم تراكما متسارعا في "الاطراف"، حيث معدل فائض القيمة أكثر ارتفاعا، ويتيح ذلك، إذن، رفع معدل الربح على صعيد عالمي. إن دفع هذه الأطروحة الى مداها الأبعد يسمح بالقول أن هذا النهج يسمح بإجراء تحديث معين في التقسيم الدولي الرأسمالي للعمل واستفادة الرأسمال الاحتكاري لصالحه من السنن الموضوعية الملازمة لهذا التقسيم. وتظهر هنا أنماط جديدة من التكامل الدولي وتبرز ظاهرة تدويل الإنتاج والقوى المنتجة بشكل أكثر وضوحاً.
تشكل الثورة العلمية – التقنية وثورة التقانة في عالمنا المعاصر مضمون التطور النوعي والسريع في البلدان الرأسمالية المتقدمة. فقد أتاحت هذه الثورة إمكانية التجزئة التنظيمية للسلسلة التكنولوجية الواحدة، وتوطين حلقاتها بشكل مستقل عن بعضها البعض، مما خلق فرصا افضل لتطور كل حلقة وفقا لمقتضيات الكفاءة الاقتصادية. وبنتيجة ذلك ظهرت الإمكانية لتطور أجزاء منفردة من فروع الإنتاج التي أصبحت هدفا للتخصص وليس هذه الفروع بالكامل. إن التطور الكمي والنوعي للقوى المنتجة يرتبط بصورة لا مرد منها بضرورة تغيير البنية الاقتصادية لعملية إعادة الإنتاج الاجتماعي.
إن جوهر هذه التغيرات في البنية المذكورة يعتمد على تغيير التركيب التقني لرأس المال. ويعني ذلك إن تحقيق الثورة العلمية – التقنية في البلدان الرأسمالية المتطورة يرتبط بشكل محتوم بتردي شروط تحقيق الربح في بعض الفروع الصناعية من جهة، ويلائم من جهة أخرى فروع ثانية مثل الطاقة الذرية، الحاسبات الالكترونية، تكنولوجيا المعلومات الخ. إن توسيع أسواق التصريف لمثل هذا النوع من السلع يصبح ضرورياً لعملية إعادة الإنتاج في النظام الرأسمالي العالمي، ويحتم ذلك التوسع معطيا إمكانيات اكبر لأسواق البلدان "الطرفية". غير أن التحول في بنية اقتصاد البلدان الرأسمالية المتقدمة، الذي هو نتاج التطورات في مستوى القوى المنتجة وأساسا الثورة العلمية – التقنية وثورة التقانة عموما، بغض النظر عن تناقضاته، يصطدم بمحدودية البنية الكولونيالية الضعيفة التطور التي تبرهن على أنها أصبحت عقبة أمام تطور الرأسمالية في طور ارتقائها الى مرحلتها الإمبريالية. إن البنية الكولونيالية، التي كانت تتفق تماما مع بنية وحاجات عملية إعادة الإنتاج في البلدان الرأسمالية المتطورة، تصبح في ظروف ثورة التقانة متناقضة بشكل متصاعد مع الاحتياجات الفعلية لعملية إعادة الإنتاج وتحقيق الربح في "المتروبولات القديمة". لهذا يمكن القول أن البنية الاقتصادية في البلدان النامية التي هي ذاتها نتاج التطور التاريخي للرأسمالية كتشكيلة عالمية البعد تتحول، في مرحلة محددة، الى عائق جدّي أمام تطور الاحتكارات والدول الرأسمالية المتقدمة من اجل انتزاع فائض القيمة على صعيد عالمي، الأمر الذي يحتم تغييرها، أي أن ذلك يتطلب تقسيم عمل جديد بين البلدان الرأسمالية المتقدمة والبلدان النامية. ويفترض التقسيم الجديد "إعادة بناء" البنية الاقتصادية المشوهة للبلدان النامية طبقا لـ "روح" التقسيم الدولي الرأسمالي للعمل، مستهدفا إبقاء هذه البلدان "شركاء مربحين وضروريين" في المنظومة الرأسمالية العالمية. ويتعين على البلدان النامية، في هذا التقسيم، أن تلعب دور التابع والمستغَل والمتخلف (بما في ذلك التخلف العلمي والتقني)، أي أن تظلّ "أطرافا" للاقتصاد الرأسمالي العالمي، حيث يعاد إنتاج علاقات التبعية والاستغلال والتخلف على قاعدة اكثر حداثة تكنولوجياً !!
إن ابرز الاتجاهات الجديدة في قسمة العمل الدولية الرامية الى تحقيق الاندماج الرأسي، تتمثل في التأثير على عملية التصنيع في البلدان النامية وذلك باتجاه إعادة النظر في أنماط التبعية التقليدية والبحث عن أشكال جديدة.
ويتجلى هذا الأمر في عملية نقل عالمي للصناعة والمرتبط بتطورات جدية في بنية الإنتاج في البلدان الرأسمالية المتقدمة. بموجب هذا التوزيع الجديد للصناعة على صعيد عالمي تتخصص البلدان النامية بالإنتاج الصناعي الكلاسيكي وبعض الصناعات "الحديثة" فيما تحتفظ البلدان الرأسمالية المتقدمة بالفروع الصناعية الفائقة التحديث (الأتمتة، الذرة، غزو الفضاء، الالكترونيات ....الخ) القائدة للتقدم العلمي - التقني. ومن المفيد الإشارة هنا الى أن الصناعات "المهاجرة" من "المراكز الإمبريالية" لا تتوزع بالتساوي بين جميع مناطق وبلدان "الاطراف"، بل تتركز في البعض منها، طبقا لأهمية هذه التخوم الصناعية الجديدة في إجمالي الاستراتيجية الاقتصادية للبلدان الرأسمالية المتطورة. تقوم "التخوم الجديدة" باستيراد رؤوس الأموال والتكنولوجيا من "المراكز" وتصدير منتجات تلك الفروع نحو البلدان الرأسمالية المتطورة بشكل رئيسي، وعرضيا نحو البلدان النامية. إن تركز الصناعات التقليدية في "الاطراف الصناعية الجديدة" متضافراً مع معدل استغلال مرتفع للشغيلة في هذه البلدان سوف يتيح للبرجوازيات الحاكمة (بمختلف فئاتها) الاستفادة من قسم من الفائض المتحقق يكفي لتأمين "التوازن" السياسي للنظام. وأياً كان أسلوب توزيع هذه الوحدات الإنتاجية (الصناعات) على الصعيد العالمي، فإن المهم هنا هو التأكيد على أن كل وحدة لا تؤدي إلاّ وظيفة إنتاجية جزئية ومتخصصة داخل قسمة العمل الدولية الرأسمالية المعاصرة. ولهذا يمكن القول أن كل وحدة من هذه الوحدات الاقتصادية ليس لها أية قيمة اقتصادية إلا باعتبارها حلقة من سلسلة متصلة على الصعيد العالمي يتحكم فيها رأس المال الإمبريالي المهيمن والاحتكارات المتعدية الجنسية.
**********************************************
الصفحة الحادية عشر
يا وزارة الثقافة
اعلنت وزارة الثقافة والسياحة والآثار عن تشكيل اللجنة العليا (جائزة الابداع/ الدورة العاشرة لعام 2025) مكونة من سبعة اعضاء، يشكل اربعة منهم مناصب ادارية في الوزارة، ولا يعرف الوسط الثقافي والابداعي إلا ثلاثة منهم، وهم: د. عارف الساعدي (شاعر). د. جاسم محمد جسام (ناقد). د. قاسم محسن سرحان (فنان تشكيلي).
فكيف يمكن لأعضاء هذه اللجنة الحكم على آراء اللجان الاخرى التي ستقرأ النصوص القصصية والروائية والمسرحية فضلا عن الابحاث والدراسات النقدية. وهل يمكن لهذه اللجنة امتلاك القدرة على تقييم كل ما يرد اليها من مشاركات في هذه الجائزة الاساسية التي تنظمها الوزارة سنوياً؟
ان قيمة وأهمية أية جائزة مرهونة بكفاءة وقدرات وخبرات اعضاء لجانها التحكيمية.. فهل ينطبق هذا المبدأ على لجنة الابداع هذه؟
******************************************
دور المثقف بين الذكاء الاصطناعي والفكر المتشدد
عقيل هاشم
يطلق مفهوم الذكاء الاصطناعي على القدرات التي تبديها الآلات والبرامج، بما يحاكي القدرات الذهنية للبشر، مثل التعلم والاستنتاج ورد الفعل على أوضاع لم تبرمج في الآلة، كما أنه اسم لحقل أكاديمي معني بكيفية صنع حواسيب وبرامج قادرة على اتخاذ سلوك ذكي.
حيث تمكِّنت الآلات المحوسبة من محاكاة الذكاء البشري في التعلم واتخاذ القرارات وحل المشكلات والتنبؤ بالنتائج، والتوصيات والمفاضلة بين الخيارات لتحقيق أهداف محددة.
وشكل تطور لغات البرمجة والإعلام الآلي حافزا للمضي قدما في تعزيز الذكاء الاصطناعي لدرجة أنه أصبح علما قائما بذاته، يجمع بين العديد من العلوم الأخرى كالبرمجة والمنطق والرياضيات وحتى علم النفس والفلسفة.
لذا يعد سِمة العصر الحديث البارزة، طوَّره الإنسان لخدمته في إنجاز مهماته بدقة كبيرة وسرعة عالية وموثوقية رصينة.
وهو من أكثر التقنيات الحديثة إثارة وتأثيرًا في حياتنا اليومية. بمعنى انه يشير إلى الأنظمة أو الآلات التي يمكنها محاكاة الذكاء البشري لأداء المهام، كما تملك القدرة على تحسين نفسها بناءً على المعلومات التي تجمعها. هذه الأنظمة تستطيع التعلم، التخطيط، حل المشكلات، وفهم اللغة البشرية. ومع تقدم الزمن، شهد الذكاء الاصطناعي تطورًا هائلًا بفضل التقدم في الحوسبة، وتوافر كميات ضخمة من البيانات. يستخدم الذكاء الاصطناعي في العديد من جوانب حياتنا اليومية بطرق قد لا نلاحظها. من خلال مساعدات الذكاء الاصطناعي حيث يمكننا التحكم في الأجهزة المنزلية، وإجراء المكالمات، وإرسال الرسائل. كما تُستخدم تقنيات التعلم الآلي في التوصيات على منصات البث ما يساعدنا في اكتشاف محتوى جديد يناسب اهتماماتنا.
اذن الذكاء الاصطناعي بدأ يشقّ طريقه إلى مختلف جوانب حياتنا، وهو يعِد بتغيير العالم كما نعرفه.
تعود جذور الذكاء الاصطناعي إلى منتصف القرن العشرين حيث توصل العلماء إلى إمكانية تصميم آلات قادرة على التفكير حيث يمكنها محاكاة الذكاء البشري لأداء المهام، كما تملك القدرة على تحسين نفسها بناءً على المعلومات التي تجمعها. هذه الأنظمة تستطيع التعلم، التخطيط، حل المشكلات، وفهم اللغة البشرية.
ان لغة البرمجيات اليوم قد ساهمت في بيان دقة المعلومة وسرعة الحصول عليها عندما يتعلق الأمر في الحصول على الخبر في مجال الصحافة والأعلام المرئي والتي تسعى إلى سد الفجوة المعرفية في هذا الكون المترامي وذلك من خلال أداء عالٍ لتطبيقات الذكاء الاصطناعي القادرة على رفع الحواجز المكانية والتي تعكس وحدة التنوع الثقافي واللغوي للعالم من على شبكة الإنترنت. وهذا باب من الأبواب التي يمكن للمثقف أن يجد عن طريقها لنفسه موطئ قدم في العالم الرقمي. ومن خلال مواكبة العصر.
وتمكن الذكاء الاصطناعي من إحراز تقدم كبير في إنتاج النصوص المكتوبة تلقائيا، والتي يمكنها أن تساعد المستخدمين في التعبير عن أفكارهم بطريقة أسرع وأكثر وضوحاً في تسهيل عملية الكتابة والتصحيح اللغوي من خلال تطوير أدوات ذكية تساعد في تصحيح الأخطاء اللغوية والنحوية في النصوص، وتقديم اقتراحات لتحسين الأسلوب ورفع مستوى جودة الصورة لاسيما فن السمعي البصري هو أيضاً من بين المجالات التي خطا فيها الذكاء الاصطناعي خطوات مهمة، حيث تم تطوير تقنيات التعرف على الصوت والكلام وتحسين القدرة على التعرف في مجالات مثل الأبحاث الأكاديمية، والإعلانات الرقمية، والأنظمة الأمنية
وبالرغم من الفوائد العديدة التي يجلبها الذكاء الاصطناعي.
وفي الطرف الآخر للمعادلة؛ هناك تحديات ومخاوف تتعلق بتأثير الجماعات المسلحة والمتشددة على مواكبة هذا التطور العصري ومن بين هذه المخاوف..
فكرة الذكاء الاصطناعي كونه يستقطب الشباب إلى صفوفه وغرس في عقولهم مفاهيم نقدية حجاجية وافكار معاصر تثير الجدل ضد مشروع هذه الجماعات المتشددة ودحضهم.
في المستقبل ستمتلك هذه الانظمة قدرة كافية على الدخول في سجالات حول مفاهيم وجودية ما سيثير حفيظة تلك الجماعات عن طريق تحرير الوعي.
هذه الأفكار الدينية المحافظة التي ترفض التغيير وتصر على بقاء الأفكار القديمة الجامدة ليست مقصورة على المسلمين... تاريخياً كانت الكنيسة وبعض الفئات المتعصبة سباقين في رفض الأفكار والتيارات الحديثة المتعلقة بالسلوك الاجتماعي.
وتكمن خطورة الجماعات الدينية المتطرفة في حقيقة الإصرار على تطبيق معايير أخلاقية ودينية صارمة حسب مفهومهم، كما أن لديهم الاستعداد لاستعمال العنف ضد كل من يختلف معهم في الرأي والعقيدة أو الدين أو المذهب مثل الأقليات في بلداننا والأجانب في الخارج.
بسبب وجود بيئة اجتماعية حاضنة للإرهابيين والدليل على ذلك وجود مفكرين ورجال دين يروجون للإرهاب وهنالك جماعات وجمعيات أهلية إسلامية تجمع التبرعات للأنشطة الإسلامية المختلفة.
من هنا تصبح مهمة المثقف توحيد الصف والكلمة ورفض زج الدين بالسياسة واتباع سياسات منفتحة على العالم والأقليات في بلداننا ودحض كل مفاهيم الإقصاء والكراهية ضد الآخرين وهذا يتطلب تحجيم خطب الكراهية التي يروج لها دعاة التطرف الديني.
اذن الذكاء الاصطناعي ليس مجرد تقنية عابرة، بل هو ثورة في عالم التكنولوجيا.. ومن المهم أن نكون مستعدين للتكيف مع التغيرات التي سيجلبها.
وإن مستقبل الذكاء الاصطناعي يبدو مشرقًا كونه يساهم في حل العديد من المشكلات العالمية مثل التغير المناخي، والأمراض المستعصية. بمعنى أن يكون أداة قوية لتحسين حياتنا إذا تم استخدامه بشكل مسؤول وأخلاقي
،لذا يجب على المجتمعات والحكومات اتخاذ خطوات مدروسة. ومن بين هذه الخطوات: يجب توفير برامج تعليمية وتدريبية لتأهيل الأفراد للعمل في بيئة تعتمد بشكل متزايد على الذكاء الاصطناعي.
كذلك وضع تشريعات وسياسات تنظيمية؛ لضمان استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل أخلاقي ومسؤول. ولا بدّ من دعم البحث والتطوير في مجال الذكاء الاصطناعي؛ لضمان تطور هذه التقنية بطرق تعود بالفائدة على الجميع. كما ينبغي توعية الجمهور باستخدامات الذكاء الاصطناعي، وفوائده، ومخاطره؛ لتجنب الخوف غير المبرر والتعامل معه بواقعية.
أما في المستقبل فستكون حاجة البشر للذكاء الاصطناعي مطلباً جماعياً ويصبح في حد ذاته مصدراً للقيم الإنسانية. فتصير فلسفة الذكاء الاصطناعي هي مصدر القيم الإنسانية، ويصبح الذكاء الاصطناعي هو مصدر التشريع والقانون.
قد يحدث ذلك خلال السنوات القليلة القادمة، وقد يحدث في المجتمعات كافة، لكننا سوف نشهد وضع حجر الأساس لهذه المنظومة القيمية الجديدة، التي أصبحت قادمة لا محالة.
وتدريجياً، سوف يصبح النموذج هو الأمثل للمعرفة لدى الإنسان، فهو لا يخطئ، ويتذكر ما يعجز البشر عن تذكره، ويستطيع القيام بجميع المهام التي يقوم بها الإنسان وبصورة أكثر كفاءة منه، فيبدأ البشر في الشك في قدراتهم وأفكارهم ومعلوماتهم، لكنهم لن يشكوا أبداً في قدرة النظام الذي خلقوه بأنفسهم وأوجدوه، فيتم ترقية هذا النظام الصناعي لكي يعلو على مرتبة البشر، ويصبح مصدر الحكمة الإنسانية والمعرفة ومنظومة القيم الحاكمة للمجتمع.
ولذلك يحاول نظام الذكاء الاصطناعي إنشاء وعيه الخاص بناءً على المعارف التي يكتسبها، والبيانات الضخمة التي يحللها، والخبرات التي يتعرض لها. وتسير عملية التعلم هذه بمتوالية أُسية تضاعفية، على عكس طريقة تعلم الإنسان التي تسير بمتوالية حسابية متذبذبة، فيقوم النظام الذكي بتشكيل وعيه في وقت قصير جداً مقارنةً بالوقت الذي يستغرقه الإنسان في تشكيل وعيه الشخصي، وبالتالي يسبق وعي الآلة وعي الإنسان ويؤثر عليه ويساهم في تشكيله.
إن الطريقة التي يفكر بها الذكاء الاصطناعي ويتخذ بها قراراته تختلف تماماً عن تلك التي يفكر بها البشر، فهؤلاء محكومون في تصرفاتهم وقراراتهم بخبراتهم الذاتية ومبادئهم الإنسانية والمواقف التي مروا بها ومنظومة القيم التي تسيطر على الأفراد والقوانين التي تحكم المجتمع.
****************************************
صُنّاعُ المُعَجّنات
ليث الصندوق
لم أعد أثقُ بمذيع الأخبار
خدعني بإعلانه أنّ ديناصورات الحرب تتبرّجُ وتتعطّر
لحضور حفلة رقص
فرزمتُ أضلاعي في الحقيبة
وزممتُ فمي
مخافة أنْ أفقدَ ما أبقتهُ لي سنواتُ أكلِ الحصى
من الأسنان
**
ما إنْ تنبّهتُ أني ما زلتُ حيّاً
حتى أسرعتُ أعُدُّ أصابعي
الحمدُ لله ، لم تنقُصْ
ثوبي ما زال يستُرني
ولحافي لم يتحوّل إلى غربال
إذن لم تنشبِ الحرب
وديناصوراتها مذ بلغت سنّ اليأس لم تُنجب صغاراً
لكنّ القذائفُ التي لم تسقط بعد
ما زالت معلّقةُ بالسماء
وأية ابتسامة عابثة ستُسقِطها على الرؤوس
سأعودُ إلى النوم
فهدفُ كلّ الحروب ليس النصر
بل حرمان الناس من النوم
**
لم أعد أثق بمذيع الأخبار
ولا بقناة CNN المُصنّعةِ للمُعجّنات
لقد كذبوا بإعلانهم أن الحرب قادمة
بينما كانت تتشمّسُ عارية على الشواطيء
كما أنهم أساءوا إلى الأحفوريات
عندما اتهموا الديناصورات بأكل اللحم
بينما هي ملتزمة بحِمية مشددة لتخفيف الوزن
أيها الإعلاميون :
إنّ الحربَ لا تندلع من عيادات زرع الشَعَر للصُلعان
بل من استوديوهات الأخبار
أما ديناصوراتها فليست البوارج ولا الطائرات
بل الذين يتّخذون من المذياع
سبطانة لقذائف من العجين
*********************************************
قصة قصيرة.. السجين عبد الصمد
طه الزرباطي
كنا نضربُ بالمباول على الحيطان، وعلى القضبان ونغني بصوت لنْ يُسعفه الألـم والجــوع أن يعلوَ أكثر مما هو عليه ، يرتفع النشيد الوطني ؛ أما (صمد) فلم يكن يملك طنجرة (إستبوال)؛ لذلك كان يضرب برأسهِ على القضبانِ ،يشهق وهـو يغنـي نشيـده ، يُغلـِق عينيـه بإصـرار ، حتى تلتقي غضون جبهته بتحد ،يَرسُم لوحةً، ويحلـُم بطائـر وجـل يحـوم فوق روابي وطن ، يردد بينما ترقص أنامل يده في الهواء مبسوطة على شكل طائر(طائر يحوم فوقنا في الزنزانة)، طائرٍ أسوَدٍ يَنْعَقُ .
بعـد كُـلِّ حفلـةِ غنـاءٍ ، كنا نهيئُ أنفسَنا لحفلةِ تعذيبٍ، حتى يَملَّ الجلادون من العقوبة الجماعيّة التي تَطالُ كُلَّ واحدٍ مِنَّا ؛ ولكنْ بنسبٍ. بعد الحفلة والإنهاك الذي يشمل الجميع ،السجنـاء والسجانين على حدٍ سواء ، أول من يكسر هذا الصمت(صمــد) إذ كـان يَرْسِـمُ في الهــواء جسـدَ حبيبتـه ، تميل الريشة المزعومة في الهـواء وهي ترسـم بدقـة خطوط النهد ،الناهد ،الشامِخِ ،المَجنون، حتى تنزِلُ بخشوعٍ عِندَ انعِطافِ القـَدَّ ( الخصـر الـذي أبـدعـه الخـالـق فأحسـنَ إبـداعــه) كـمــا كــان يــقــول ، وكطائـر مُـرتـاب تـُصفـِق جنـاحـا ريشتـه في الـهـواء ، فيصرخ : (هل تشمونَ عِطر البَنفسج عِطر حبيبتي ) ؟.
فجــأة تـُـرمـى الريشة بعيدا إثـر نوبـةٍ حادةٍ يضغط بيده اليسرى على صدره ،تبــرز الشراييــن ، يقـع فيهمـس بَعضُهم ( النوبة حادة هذه المرَّة) فنهرع نحن الخمسـة ، نتـوزع على كل الجهـات محاوليـن استحكام السيـطرة على جســده المُنتفض .
لكنــه يشــخر...يــردد التــرانيم ، ترانيم لا يعرف أحد مصدرَها ، أو اللغة التي يتحدثُ بها يزبد ثم فجأة يبدأ بالصراخ :
ـــ أنا لمْ أعترِف ....أنا لمْ أعتــرِف....ولا حتى باسم واحد...صدقوني...والله لم أعترف ....كفاني نظراتكم ، نظرات السخرية ، والاستهجان ، كفاني هذا الألم اليومي ....الجلاد أرحَمُ ...أرحم بكثير....البكاءُ بنشيجه المُر هو من يُنهي المَشهدَ، ويعودُ السلامُ صمتا مُريبا ،ثَقيلاً ..
بعــدها يبدأ الجسـد بالاستسلام إلى السكينة وبشكل مطلق ، يترك حتى تنزل الدمــاء مخلوطة بالزبد الكثيف من فمه .
نعـتمد على (المباول) مرَّة أخرى ، نداءات ضعيفة متوسلةٍ لأجل الاستغاثة، أي شيءٍ يُفيقه من هذه الغيبوبة اللعينة ، وهو ملقى كتمثال برونزي .
مــا أكثـر ما تستطيع أن تفعله بالمبولة المقرفة تلك والتي غدت إضافة لفوائدها المُعتادة وسيلة للاتصال ، وآلةً للغِناء ، ووسيلةً للدفاع تَقِيْكَ ضربات الأصدقاء غالبــا ، والأعــداء أحيانـا ، إضافة لكونها وسيلة لنقــل الرسائـل وبعض الأخبار السريَّة التي تَرِدُ من الأهل ، رغم كل هذه الاستحكامات .
فـقـط ضربـات قصيرة حادة ، ثم ينقرون نوطتين طويلتين رنانتين ثم ضربة قوية حاسمة، تمثل رسالة أو خبــرا سعيدا ، أو تحذيرا لدفعة تعذيب جديدة تنتـظر (ســلام الدرويش) أو (حمه محمود ) أو (صباح ) في القاووش الآخر، أكثرها خطـرا كـان عنـدما تعبر المبولة عن رغبة بالصراخ ، بالضجر ، رغبة تبدأ صغيـرةً لتُصبـِحَ دعـوة عامـة لصرخــة جماعيــة ظلت تختلج في الصدر حتى انطلقت وفلتت من بركانها .
كان ( جـواد عبـد الحـق ) يـُلحـِن قصائـده وهو يـدنـدن ضاربـا بقعـر المبــولة على الأرض بهدوء ، فهو يدندن لحن الحداء مُحرِّكا رأسَـهُ مُبتَسـِـمَا، وحالِمــا تتغير عنده النغمة يهمس مبتسما إنها ( البيــات) وهـذه ( السـي كـاه) وأحيانــا تنـفـجـر نوبـة مـن الجنـون، يتحطـم السـكون الثـقيـل، كنشيـج الموت، فترفع (المباول) عقائرها ، ضربات قوية كأنها صخور تتحطـــم فـوق بعضـها كالزلزال ، كأن الوتريات والنفخيات وبقيَّة الآلات قد انطلقت في نشيدها الأوركسترا لي ، هكــذا موجــــات متناغمـة من الكسر ، وشيئا فشيئا تتحول إلى نوبة هستيرية ، أو دعـوة للإضــراب ، أو للانتحار الجماعـي ، تعبيـرا عن حقدك ضد السلطة ، ضد القضبان ، ضد النواميس والحدود في لحظة اضطراب ، كنداء يعــلو ثُم يعـلــو ليصــل إلى كل الرابضيـن ــ لسبـب أو دون سبـب ــ كأســود مقهورة .
ينتهي المشهد فتتكور الدموع في العيون، تكبر ككرات ثلج (دافئـة) تكبر...ثم تكبـر....حتى تَصْبَـحُ كُـرةً من الجليد سُرعان ما تجمدُ الدموع المنهمرة ، فيعود الجميع إلى الصمت، إلى الخـرس الجمـاعي ، إلى شــوق أعمى كل إلى معبده الخاص إلى ذاته مهزوما وحيدا، ممزقا،مستعينا بالحلم.
لم يستطع (صمد) أن يمتلك قارورة (إستبوال) كبقيـَّةِ خلـق الله ، ولـم يستـطع أن يكون أحد أفراد ظاهرة المباول في هذا السجن، الـذي أستحدثه رئيـس السجن بعد أن طاب له الحفاظ على المبالغ التي صـرفت مـن أجـل استحداث مرافـقٍ وحماماتٍ للسُجناء كمجاملة للجان حقوق الإنسان الأجنبية.
أتلفــت قارورة (صمد) والتي وقع على استلامِها ، من قِبَلْ أحد رفاقهِ القدماء، كونُهُ ووِفقاً لادعاء الأخير بأنه قد تخاذل وأعترَفَ، لذلك كان عليه أن يتحمل الحيــاة بـلا قـارورة ولهـذا تحمل ولخمس سنوات وهو يردد تحت تأثير نوبات الهستيريا من أنه (لم يعتـرف.....لـم يعتـرف على أحد ) ولم ينل ثقة بعض رفاقه إلا في نوبتـه الأخيـرة ، عندمـا أصبـح مستغنيا عن نعمة المبولة ، حيث صمت أخيـرا ، وبجانبه قطعة الخشب التي كانت جُزءا من عصا تنظيف دورةِ المياهِ والتـي صــارت ريشتـُهُ التي حـُرِّم منها ، فصار يرسمُ في الهواء لوحاته التي نالـت إعجـاب الجميـع وبـلا استثناء، وبجانبه مبولته الموقرة التي لم يتعرف عليها، ولم تجمعهما خلوة شرعية !
كانـت تلك أكبـر حفلـةٍ تقـوم بها المباولُ، محاولة التشييع والعزاء تحوَّلَ إلى صـراخٍ ضــد الســلطة ، رغبةٍ بالموت الجماعي ، قرفٍ أصبح يرتفع ليصبح حــربا ، استمرت لثــلاثـة أيام، أودت بحياة خمسين سجينا ، إما تحت التعذيب وبإطلاقة رصاص لحـظة غضـب بعد سب السلطة المقدسة! أو موتا في زاوية الزنزانة رفضا مطلقا لحياة كهذه ....
***
منـذ أكثــر من سنتيـن، بخطاه الوئيدة، بسبب آثار التعذيب ، والروماتزم ، والصعقـات الكهربائيــة ، و(الجلطـة) يتجهُ ( جَواد عبد الحق ) كُلَّ مَساءٍ إلى مبنى السِجــن المــركزي الذي هدمته الطائرات((طائرات الاحتلال الأمريكي))!، يصنعُ لِنَفسهِ مَقعدا من بُقايا الآجُر ، ويتكئ على الحائط ، تغزوه الذكريات، هنــا سقط (صمد) هنــا بكى لأول مـرة في العـلــن ، سقطت دموعه على وجنتي (صمد)، الوجه الباهت ، الأصـفـر، المعـصـور، الجامـد، الميِّـت ، وكأن دموعـه قـد أوحـت للآخرين وزادتهم من معين عيونهم من دمع أفرغوه على جثمان (صمد).
هنـــا لحن أغنيتهُ التي لم يغنها أحد سوى السجناء ، في تلك الزاوية كان يترك رأسه على الحائط في السجن الانفرادي ، ويتصور أن شخصا آخر يضع رأسه في الموضـع نفسه ، فيتبـادل مـعـه الأحاديث واصفا له وجه أمهِ، وكيفَ كانتْ تخبئُ المناشير تحت ملابسها ، وكيف تشعرُ بالزهو وهي تحكي لهم مغامراتها مع رجال الأمن .
هنــا صفعه ضابط الأمن ذو الفــــم الأدرَد، هنــا سقط (الدرويش) وهو يرفع رأسه، إذ كان يقول : ( خلق العراقي ليرفع رأسه عاليــا ، خلق ليكون حرا...).
يرفع ( جواد عبد الحق ) رأسه عاليــا ، في سجن لا سقف له ولا قضبان ، فقط حفنــة ذكريــات يحــاول أن يستمـد العـزم مـن رفاقه ليعيد الحركة لأنامله التي خشبتها (الجلطة) يدندن مع نفسه ويرسم صورة العـود ، محاولا تلحين أنشودة للعراق الجديد..
************************************************
الصفحة الثانية عشر
احتفال كبير في الذكرى الـ 90 لانطلاقة الصحافة الشيوعية
بغداد ـ طريق الشعب
أقامت لجنة الإعلام المركزي للحزب الشيوعي العراقي، أمس السبت، حفلاً نوعياً لإحياء الذكرى التسعين لتأسيس الصحافة الشيوعية ، بحضور نخبة من الأكاديميين والصحفيين والمهتمين، وضيّفت في ندوة بالمناسبة الأكاديمية د. ازهار صبيح والأكاديمي المعروف د. هاشم حسن والكاتب والصحفي عبد المنعم الاعسم وعضو المكتب السياسي وعضو لجنة الإعلام المركزي علي صاحب.
انطلق الحفل بالوقوف استماعا للنشيد الوطني، تلته كلمة افتتاح الفعالية قدمها الرفيق بسام عبد الرزاق، ثم الوقوف دقيقة صمت تكريماً لشهداء الصحافة الشيوعية وسائر شهداء الوطن، فضلا عن الراحلين ممن عملوا في صحافة الحزب طيلة 9 عقود. وقدمت الرفيقة دينا الطائي، عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي وعضو لجنة الاعلام المركزي، كلمة المناسبة.
بعدها، انطلقت مداخلات الضيوف بالمناسبة، دشنتها الاكاديمية د. ازهار صبيح بالحديث عن الصحافة الحزبية في العراق، وتأثيرها وتأثرها بالواقع السياسي بدءا من العهد الملكية مرورا بالجمهورية الأولى، ووصولاً الى أعوام ما بعد 2003، حيث اشرت مشاهد وتواريخ وأسماءَ لتلك الصحف، لاسيما صحافة الحزب الشيوعي، وتحديدا السرية منها.
الأكاديمي د. هاشم حسن، قدّم مداخلة بعناوين مقتضبة واشارات عميقة عن غياب دور الدولة في الحفاظ على الإرث الصحفي العراقي على مدى قرن كامل، فضلا عن اهمال مؤلم لتراث البلد في مستويات مختلفة، مذكّرا بالتطور التقني الذي يعيشه العالم وتأثيره على الصحافة الورقية، هذا التأثير الذي انعكس على أصعدة مختلفة، ومن بينها التحولات الرقمية في قطاع الدولة.
من جهته، تحدث الكاتب والصحفي عبد المنعم الأعسم، في مداخلته عن علاقة الحزب الشيوعي العراقي الوثيقة بالصحافة، منبها إلى أمثلة كثيرة لعبت دورا بارزا في الصحافة العراقية قبل ان تخوض غمار السياسة، وفي مقدمة هؤلاء مؤسس الحزب الشيوعي الرفيق يوسف سلمان يوسف "فهد" وشخصيات قيادية بارزة أخرى.
في ختام الندوة، تحدث عضو المكتب السياسي للحزب وعضو لجنة الإعلام المركزي، الرفيق علي صاحب، عن التطورات التي عاشتها صحافة الحزب في العقدين الأخيرين، وضرورة التعاطي مع هذه التطورات من خلال الحضور الفاعل والمؤثر في شبكة الاعلام الرقمي الواسعة، لما تمثله من مصادر ثرية للوقوف على حياة الناس والاشكالات اليومية التي تواجههم، ومحاولة عكسها في صحافة الحزب بصورة بارزة.
وفي قاعة الحفل اقيم معرض عن الصحافة الشيوعية، تضمن اسماء عدد من العاملين فيها، من الشهداء والراحلين. كذلك عرضت مقتطفات من صحافة الحزب الشيوعي عبر مراحلها المختلفة.
تغطية كاملة للفعالية في اعداد قادمة.
في عيد الصحافة الشيوعية العراقية.. ستوكهولم تشهد مهرجانا تشكيليا وفوتوغرافيا
ستوكهولم - عاكف سرحان
في سياق احتفالات الذكرى 91 لتأسيس الحزب الشيوعي العراقي وتزامنا مع الذكرى 90 لتأسيس الصحافة الشيوعية العراقية والذكرى 67 لثورة 14 تموز المجيدة، أقامت منظمة الحزب الشيوعي العراقي في السويد، يوم الأحد 20 تموز الجاري، مهرجانا للفنون التشكيلية والتصوير الفوتوغرافي ومعرضا للكتب، وذلك على قاعة الجمعية المندائية في العاصمة ستوكهولم.
المهرجان الذي حضره جمع من الرفاق والأصدقاء من أبناء الجالية العراقية، قص شريط افتتاحه نائب سكرتير اللجنة المركزية للحزب الرفيق بسام محيي، بعد أن رحّب الرفيق فيصل الفؤادي بالرفيق محي والحاضرين.
وألقى الرفيق محي خلال افتتاحه المهرجان، كلمة قصيرة أشاد فيها بجهود منظمة الحزب في إقامة هذا النشاط. ثم طاف مع الحاضرين حول أعمال الفنانين التشكيليين والمصورين الفوتوغرافيين. حيث تحدث كل فنان عن منجزه. كما توجه الجميع إلى معرض الكتب الذي خصص ريعه لحملة بناء مقر الحزب في بغداد.
بعدها دعا مدير المهرجان الرفيق بهجت هندي، الرفيق د. سعدي السعدي ليتحدث عن إعداده كتاب الرفيق الشهيد د. عبد الرزاق مسلم الماجد، والموسوم "دراسة ابن خلدون في ضوء النظرية الاشتراكية". وقد وقّع د. السعدي نسخا من الكتاب لمقتنيها، والتي خُصص ريعها أيضا لحملة بناء المقر.
وتخللت المهرجان فقرة عزف على القانون للفنان فيصل غازي. حيث عزف أغنيات عراقية تراثية.
وفي الختام، وزع الرفيق بسام محي هدايا تذكارية على الفنانين التشكيليين المشاركين في المهرجان، وهم كل من رائد حطاب، سلام غريب، شاكر بدر عطية، عباس العباس، مي سلمان، نسرين عبد الرزاق ونوري عواد.
وفيما وزع الرفيق جاسم هداد الهدايا على فناني التصوير الفوتوغرافي، وهم كل من باسم ناجي، د. سعدي السعدي، سلام السعدي وعلي البعاج، وزع الرفيق أياد قاسم الهدايا على أعضاء لجنة الاحتفالات، وهم: خوشناو، د. توما شمعون، مالك آميدي، بهجت هندي، جاسم هداد، حسن سلمان وعاكف سرحان.
****************************************
معاً لبناء بيت الحزب.. بيت الشعب
دعماً للحملة الوطنية لبناء مقر الحزب الشيوعي العراقي، تبرع الرفاق والأصدقاء:
- كوثر كاظم 200 الف دينار
- كفاح كاظم 100 الف دينار
الشكر والتقدير للرفاق والأصدقاء على دعمهم واسنادهم حملة الحزب لبناء مقره المركزي في بغداد.
معاً حتى يكتمل بناء بيت الشيوعيين.. بيت العراقيين.
************************************************
وفاة الفنان الكبير زياد الرحباني عن 69 عاما
متابعة – طريق الشعب
توفي أمس السبت الموسيقي والمسرحي اللبناني البارز زياد الرحباني، عن عمر ناهز 69 عامًا، بعد مسيرة فنية حافلة أثرى فيها الموسيقى العربية والمسرح العربي الحديث بأعمال مهمة، وترك بصمة بارزة في الوجدان الثقافي اللبناني والعربي.
ونعى الحزب الشيوعي اللبناني الفنان الكبير والرفيق زياد الرحباني، واصفًا رحيله بالخسارة الوطنية الجسيمة للبنان وشعوبه العربية. وأشاد الحزب بمسيرة زياد الفنية والسياسية الملتزمة، ومساهماته الاستثنائية في الموسيقى والمسرح والنقد الاجتماعي.
الرحباني، وهو ابن المطربة فيروز والموسيقي الراحل عاصي الرحباني، ولد عام 1956، واعتبر من أبرز الفنانين المجددين في الموسيقى العربية والمسرح السياسي الساخر. وقد نشأ في بيئة فنية متميزة، وسرعان ما انطلق منها ليؤسس أسلوبه الخاص الذي يمزج بين العمق الفني، والفكاهة السوداء، والنقد السياسي الجريء.
واشتهر زياد بمسرحياته التي عكست الواقع اللبناني بأسلوب ساخر وذكي. حيث تميّزت أعماله بالجرأة والتحليل العميق للمجتمع، إلى جانب موسيقاه الحديثة التي أدخلت عناصر الجاز والأنماط الغربية إلى النغمة الشرقية بأسلوب طليعي.
كما عُرف بمواقفه السياسية الواضحة. وكان من أبرز الأصوات الفنية اليسارية في العالم العربي. حيث تبنى التوجه الشيوعي فكريًا وفنيًا، وجعل من أعماله منبرًا يعكس قضايا الإنسان العربي في ظل الحروب والقمع والتناقضات الاجتماعية.
********************************************
في قضاء القائم دورة مجانية لتعليم التصوير والمونتاج
متابعة – طريق الشعب
بهدف تمكين الشباب من الحصول على فرص عمل في مجال الإعلام البصَري، شهد قضاء القائم في محافظة الأنبار دورة مجانية لتعليم أساسيات التصوير والمونتاج، أطلقها مدرب التصوير حسام السلماني وشريكه عبد الله السلماني بتمويل ذاتي.
في حديث صحفي، يقول حسام أنه لم يتوقع تسجيل هذا العدد من الشباب والبنات حين قرر وشريكه افتتاح الدورة، خاصة في بيئة عشائرية تتقبل فن التصوير بتحفظ، مبينا انهما كانا يتوقعان أن تبلغ أعداد المسجلين في الدورة في حدود 20 شخصا، لكنهما تفاجآ برغبة أكثر من 100 شخص في التسجيل، ما دفعهما لتقسيم المتدربين إلى وجبات. ويطلب المدربان دعماً محدوداً لتسهيل نقل المتدربين، خاصة القادمين من مدن راوه وعانة والرمانة. فيما يعربان عن الاستعداد لتنظيم دورات مشابهة في مدن أخرى.
من جانبه، يقول المتدرب أحمد جواد، أنه "منذ فترة وأنا أرغب في تعلم التصوير والمونتاج. كنا ننتظر فرصة كهذه سواء مجاناً أم مقابل أجر، لكننا لم نجد أي دعم في هذا المجال"، مضيفا قوله إنه "أخيرا أطلقت هذه الدورة المجانية، وسجلت فيها عبر رابط الكتروني". ويوضح أن "الدورة ممتازة من ناحية تعليم المونتاج واختيار زوايا التصوير. وقد تعلمنا كيفية التعامل مع الكاميرا وأدوات التصوير، واستفدنا كثيراً".
ويطمح جواد إلى افتتاح استوديو خاص به، يكون مصدر معيشته.
********************************************
قف.. السيئون.. مسرحية من فصل واحد
عبد المنعم الأعسم
زفّ مجلس القضاء الاعلى الاسبوع الماضي خبراً غير متوقعٍ، وليس مسبوقا في أربع دورات انتخابية، ولم نكن نتعوّد على هذه الاحاطة الاستباقية الايجابية في "إعلان النية" على منع السيئين من خوض انتخابات تشرين الثاني المقبلة، فيما استقبل المحللون والمراقبون، وكاتب هذه السطور منهم، هذا الاعلان بحسن نية، واستعداد لتقبّل احتمال ما كان مستبعداً بكبح السيئين وتلقينهم درسا لم يكن ليتوقعون بأسه، كما يمكن الاستنتاج من لهجة الخبر، والحقيقة انه ليس هناك مَن يعرف السيئين المعنيين افضل من السلطة القضائية التي يمكنها ان تراجع (في أدراجها) التقارير الحية لمراقبي الانتخابات الدوليين والمحليين عن حالات الانتهاكات الفظة، ودور "السيئين" في التزوير واستخدام المال العام وشراء الذمم وخداع الجمهور وتهديد المنافسين، بالاضافة الى استعراض القوة المسلحة كوسيلة للدعاية الانتخابية، بل وفي فضيحة السماح لمنظمات مسلحة في خوض الانتخابات.
وما زلنا نتابع المسرحية من على مقاعدنا، حيث نراجع قواميس اللغة وصفحات "لسان العرب" لتقصّي معنى واشتقاق "السيئين" وفجأة حلّ المشهد الاخير من المسرحية: حرمان مرشحي "قائمة البديل" المدنية في محافظة المثنى من حق الترشيح.. ستارة. تصفيق
*قالوا:
"الحقيقة، هي بذاتها، افضل نكتة"
برنارد شو
******************************************
حققت معدّل 100.57 بالمائة الطالبة سارة البابلية: النجاح قرار يومي ليس مفاجأة
متابعة – طريق الشعب
في قضاء القاسم بمحافظة بابل، تعيش سارة أحمد فرحان، إحدى الطالبات التي قلبت موازين الأرقام في البلاد بعد أن سجلت معدل 100.57 بالمائة في امتحانات السادس الإعدادي للعام الدراسي 2024 – 2025.
في حديث صحفي، تتحدث سارة بنبرة واثقة عن رحلة امتدت لعام كامل من الدراسة المكثفة. وتقول: "كنت أدرس يوميًا من 8 إلى 10 ساعات. لم يكن هناك طريق مختصر، فقط التزام واستمرار".
لكن نجاح سارة لم يكن مجرد انعكاس لساعات الدراسة، بل نتيجة منظومة متكاملة من العوامل. فبالنسبة لها، المدرسة الثانوية التي تنتمي إليها كانت أكثر من مجرد مؤسسة تعليمية "كانوا يتابعونني خطوة بخطوة"، مشيرة إلى دور الكادر التدريسي والدعم الإداري في تحفيزها.
ثم هناك الأسرة التي تصفها سارة بأنها "الركن الثابت"، موضحة أن دعم والديها، ماديًا ومعنويًا، كان المحرك الصامت الذي أبقاها واقفة في وجه التعب والضغط النفسي.
وحين سُئلت عن رسالتها لطلبة المراحل المنتهية، كان جوابها بسيطًا لكنه حاسم: "ابدأوا من الآن، لا تنتظروا اللحظة المناسبة. النجاح ليس مفاجأة، بل قرار يُتخذ كل يوم".