ص1
عدم تحديد سقف للإنفاق الانتخابي يعمّق فجوة الفرص المتكافئة بين المرشحين.. المال السياسي يحوّل الدعاية الانتخابية إلى مزادات علنية والمفوضية تتوعد المتجاوزين
بغداد – طريق الشعب
في كل موسم انتخابي جديد في العراق، تتكرّر مشاهد استغلال النفوذ والمال العام، وسط غياب قوانين وإجراءات حازمة وضعف أدوات الرقابة؛ فلا تكافؤ في الفرص بين المرشحين المستقلين ومرشحي الأحزاب النافذة، ولا ضمانات حقيقية لنزاهة السباق الانتخابي.
أدوات انتخابية
المال السياسي، المناصب الحكومية، المشاريع الخدمية، وحتى رواتب الرعاية الاجتماعية، تتحوّل إلى أدوات انتخابية بيد الأطراف المتنفذة، بينما تغيب الكفاءة وتتراجع ثقة المواطنين بالعملية الانتخابية. وعلى الرغم من التصريحات الرسمية المتكررة بشأن محاربة الفساد الانتخابي، إلا أن الواقع يُظهر بنية انتخابية هشّة تتكرّس فيها السلطة لا تتداول.
وفي هذا المشهد المتكرر المألوف يتكرس المال السياسي كأداة أساسية لتشكيل النفوذ والتأثير على نتائج الانتخابات، وفقاً لما يؤكده النائب أسامة البدري، الذي يرى أن الظاهرة لم تعد مجرد انحراف عابر، بل أصبحت جزءا راسخاً من الثقافة الانتخابية في البلاد.
ويصف البدري لـ "طريق الشعب"، ظاهرة "سلطة المال" بأنها باتت السمة الأبرز للمحطات الانتخابية المتعاقبة، مشيراً إلى أن استخدام النفوذ المالي لم يعد يقتصر على شراء الأصوات، بل تطور إلى ما يُعرف بـ "الاستثمار السياسي"، وهو، بحسب تعبيره، تحول خطير يفرغ الديمقراطية من جوهرها، ويحوّل العملية الانتخابية إلى سوق للنفوذ والمصالح.
لجان رقابية على المتجاوزين
من جانبه، أكد رئيس الفريق الإعلامي في المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، عماد جميل، تشكيل لجان رقابية مركزية وفرعية لمتابعة قضية استخدام المال العام والمال السياسي في العملية الانتخابية، بالتنسيق مع الجهات الرقابية المعنية، وعلى رأسها هيئة النزاهة وديوان الرقابة المالية.
وقال جميل، إن "المفوضية، وبالتعاون مع القضاة ورئاسة الإدارة الانتخابية، شددت على أهمية فرض رقابة صارمة على استخدام المال أو ممتلكات الدولة في الحملات الانتخابية"، مشيراً إلى أن "المفوضية بادرت بتشكيل لجان مركزية في مكاتب المحافظات، إضافة إلى لجان فرعية بلغ عددها قرابة 1079 لجنة".
وأضاف أن "هيئة النزاهة شكلت بدورها لجاناً لمتابعة هذا الملف، كما سيكون لديوان الرقابة المالية دور فعّال في تدقيق إيرادات ومصروفات الأحزاب السياسية"، مبيناً أن "هناك قسماً خاصاً في المفوضية معنيًا بإدارة الأحزاب ومتابعة هذا الجانب".
وأكد جميل أن "المفوضية تعمل وفق القانون، وأن هذا القانون سيُطبق على الجميع دون استثناء، بهدف منع استغلال المال العام أو اللجوء لشراء البطاقات الانتخابية"، داعياً "جميع الأطراف إلى الالتزام الكامل بالقواعد والضوابط التي تحفظ نزاهة الانتخابات وعدالتها".
اختلال تكافؤ الفرص بين المرشحين
الخبير في الشأن الانتخابي، دريد توفيق، قال أن المال السياسي يُضخ بشكل غير منضبط في العملية الانتخابية في العراق، بسبب غياب التشريعات التي تضع حدودا واضحة للإنفاق المالي أثناء الحملات الانتخابية، ما يؤدي إلى اختلال تكافؤ الفرص بين المرشحين.
وقال توفيق لـ طريق الشعب"، أن "المشكلة الحقيقية تبدأ من قانون الانتخابات نفسه، سواء كان القانون رقم 4 لسنة 2023 أو القانون رقم 9 لسنة 2021، أو حتى القوانين التي سبقتهما، فجميعها لم تتضمن قيودًا صارمة على المال السياسي، ولم تضع سقفًا ماليًا واضحًا للإنفاق على الحملات الانتخابية".
وأوضح توفيق، أن غياب هذه القيود سمح بتحول الدعاية الانتخابية إلى أداة للهيمنة المالية بدلًا من كونها وسيلة لتقديم البرامج.
وأضاف "اليوم لم تعد الدعاية تقتصر على الملصقات والصور واللافتات، بل توسعت لتشمل هدايا، سفرات، ولائم، وعزائم تُستغل فيها الظروف المعيشية الصعبة للناخبين من أجل التأثير على قراراتهم".
وأشار إلى أن هذه الأساليب تنتهك مبدأ العدالة الانتخابية، وتُعزز من هيمنة أصحاب المال والنفوذ، بينما يُقصى المرشحون الذين لا يملكون موارد مالية ضخمة، حتى وإن كانوا يمتلكون كفاءة وبرنامجا نزيها.
وبيّن الخبير الانتخابي، أن تعليمات المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، خصوصًا ما ورد في تعليمات رقم 5 لسنة 2023، حددت سقفا ماليا بلغ 250 دينارا لكل ناخب، لكنه وصف هذا السقف بأنه "مرتفع جدا"، ولا يضع حدا فعلياً للإفراط في استخدام المال!
فساد منظم ومحمي
فيما قال المحلل السياسي د. أحمد الحمداني إن "المال السياسي أصبح أداة خطيرة لتدمير العراق"، مؤكدا أن اغلب الكتل السياسية المتنفذة، استخدمته في تحقيق مصالحها الشخصية والحزبية الضيقة على حساب الشعب، وسط غياب تام للمحاسبة أو المساءلة القانونية".
وأوضح الحمداني لـ "طريق الشعب"، أن "العراق اليوم لا يعاني من الفاسدين فقط، بل من غياب من يحاسبهم"، مشيرا إلى أن "المال السائب يعلم على السرقة، وهذا ما حدث فعليا بعد عام 2003، حيث أصبح الفساد منظما ومحميا من أعلى الهرم السياسي".
وأكد أن "أغلب الموجودين في السلطة استباحوا المال العام من دون أن يردعهم وازع أخلاقي أو وطني، لأنهم ببساطة لا يمثلون سوى مصالح أحزابهم وعوائلهم، لا مصلحة الشعب العراقي. كل شيء صار يُوظَّف لخدمة المصالح الحزبية الضيقة والطموحات الشخصية".
تكريس للسلطة والنفوذ
وشدد الحمداني على أن المال السياسي صار وسيلة لتكريس السلطة والنفوذ، وأضاف: "ما نشهده في كل دورة انتخابية هو ضخ مئات الملايين من الدولارات من قبل الأحزاب المتنفذة، ومن أجل شراء الأصوات، وكسب الناخبين والمرشحين، دون اعتبار للعدالة أو التنافس الشريف".
وتابع: "نحن لا نتحدث عن حالات فردية، بل عن منظومة كاملة تمأسس فيها الفساد، وتحولت الدولة إلى مزرعة تُدار بعقلية الغنيمة. الميزانيات توضع وتُوزع ليس على أساس احتياجات المواطنين، بل على أساس اعتبارات سياسية".
وأردف الحمداني ان "القوانين في العراق لم تُسن لصالح المواطن، بل على مقاس المتنفذين. لا يوجد قانون يحاسب الوزير، أو المدير العام، أو رئيس الكتلة، لأن السلطة بيدهم، والقلم الأحمر بيد من يتبعهم. المواطن مغلوب على أمره".
وأضاف ان "العراق يعيش أزمة اقتصادية خانقة، وبدل أن تُوجه الثروات لحل الأزمات، تُستخدم في تضخيم أرصدة الفاسدين، وتوسيع نفوذهم. المال السياسي صار وقودا للدمار، لا للبناء".
واختتم بالقول: "العراق اليوم بحاجة إلى من يمتلك الجرأة ليقول للفاسد: كف عن السرقة. بحاجة إلى قيادات جديدة، تحترم كرامة الإنسان، وتعيد بناء الدولة على أساس المواطنة والعدالة. أما ما نشهده الآن، فهو تفكك كامل، وغياب لأي حلول جذرية تنقذ هذا البلد".
الحلول الانية
وفي الختام، لا بد من التأكيد أن المشاركة في الانتخابات لم تعد مجرّد حق دستوري فحسب، بل تحوّلت إلى واجب وطني وأداة فعلية لمعاقبة الفاسدين واستعادة القرار الشعبي من أيدي القوى التي عبثت بمصير البلد طيلة الدورة التشريعية الحالية وما سبقها. إن ترك صناديق الاقتراع فارغة لا يُسقط الفاسدين، بل يُمنحهم تفويضاً جديداً للاستمرار في فسادهم، بينما يبقى الصوت الانتخابي النزيه هو السبيل الوحيد لكسر هذه الحلقة المفرغة وصناعة التغيير الحقيقي.
***************************************
راصد الطريق.. بلا تعليق !
* قررت وزارة التربية، امس الأربعاء،، زيادة رسوم الاعتراض على نتائج السادس الاعدادي للمادة الواحدة.
وبحسب وثيقة تداولتها وسائل الإعلام فإن الوزارة قررت تغيير رسوم الاعتراض للمادة الواحدة الى 5 الاف دينار بعد ان كانت 3 الاف دينار فقط!
*أعلنت مديرية بلدية الناصرية، امس الأول الثلاثاء، عن تحريك دعوى قضائية ضد قوة أمنية تابعة لشرطة ذي قار، على خلفية اتهامها باقتحام مبنى البلدية بطريقة وصفتها بـ”غير القانونية”.
وذكرت البلدية في وثيقة، أن “قوة أمنية اقتحمت دائرة البلدية حاملة معها معاملات شخصية، وأجبرت موظفي شعبة تنظيم المدن على إكمالها تحت التهديد والترهيب”.
وأرفقت البلدية في بيانها وثائق وصوراً توثق الحادثة، داعية الجهات المختصة إلى التحقيق العاجل واتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع تكرار مثل هذه التصرفات؟
*أكدت وزارة الكهرباء، امس الأربعاء، إن "السبب الرئيس لتراجع تجهيز الساعات في منظومة الطاقة هو انخفاض إطلاقات الغاز المستورد، ما تسبب بخروج عدد من الوحدات التوليدية عن الخدمة في عدة محطات، وبالتالي فقدان نحو 4200 ميغاواط من إنتاج الطاقة".
*****************************************
الصفحة الثانية
نائب: لا تراجع عن حقوق العراق السيادية وخور عبد الله عراقي 100 في المائة
بغداد – طريق الشعب
أكد النائب حيدر السلامي، أن خور عبد الله "ممر مائي عراقي بالكامل"، مشدداً على أن حقوق العراق السيادية لا تقبل التنازل أو التفاوض، وأن قرار المحكمة الاتحادية العليا بشأن الاتفاقية مع الكويت بات وملزم لجميع السلطات وفق الدستور.
وقال السلامي في بيان صحفي، إن "مقال رئيس مجلس القضاء الأعلى المعنون (أمواج خور عبد الله بين قرارين متناقضين) يُعد رأياً شخصياً محترماً، لكنه لا يُعتد به دستورياً، ولا يمكن أن يُناقض قرار المحكمة الاتحادية العليا الذي ألغى اتفاقية خور عبد الله باعتبارها مخالفة للدستور العراقي".
وأضاف أن "المادة (13) من الدستور تنص بوضوح على أن الدستور هو القانون الأعلى في البلاد، ولا يجوز سن أو تطبيق أي قانون يتعارض معه. كما أن المادة (94) تؤكد أن قرارات المحكمة الاتحادية باتة وملزمة، وبالتالي فإن أي اجتهاد أو تفسير لا يمكن أن يلغي أو يعطل هذه القرارات".
وتابع أن "المصلحة الوطنية العليا تتطلب الدفاع عن حقوق العراق السيادية في المحافل الدولية، وليس المجاملة أو التغطية على ما يُثار من شبهات حول ضلوع سياسيين في تمرير الاتفاقية مقابل منافع شخصية أو رشى كما يروّج الإعلام الكويتي".
وأشار إلى أن "أرشيف الأمم المتحدة يزخر بعشرات الاتفاقيات التي أُلغيت من قبل الدول بعد أن تبيّن أنها تتعارض مع دساتيرها أو تضر بمصالحها، وهو ما يمنح العراق الحق في اتخاذ موقف مماثل"، داعياً إلى "التمسك بقرار المحكمة الاتحادية العليا وعدم التهاون في الدفاع عن سيادة البلاد".
***************************************
رائد فهمي يزور منطقتي الثورة والدورة ويدعو للتغيير ومواجهة منظومة الفساد عبر الانتخابات
بغداد ـ طريق الشعب
زار الرفيق رائد فهمي، سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي، منطقتي الثورة (الصدر) والدورة في بغداد، حيث التقى بجمع من عوائل الشهداء والمواطنين والمثقفين والشخصيات المدنية والديمقراطية، في لقاءين جماهيريين شهدا حوارات معمقة حول أوضاع الوطن وهموم الشغيلة والكادحين، وسبل الخروج من الأزمة العامة التي تمر بها البلاد.
حول أسباب تدهور الأوضاع المعيشية
في مدينة الثورة (قطاع ٣٥)، جرى اللقاء بدعوة من عائلة الشهيد الشيوعي جمال سهلو، بحضور أبنائه وذويه، إلى جانب لفيف من أصدقاء الحزب ورفاقه.
وخلال اللقاء الذي امتد لأكثر من ساعتين، جرى نقاش واسع حول تدهور الأوضاع المعيشية، وتفاقم البطالة بين حملة الشهادات الجامعية، وفساد قطاعي الصحة والتعليم، إضافة إلى تشخيص الأسباب البنيوية للأزمة السياسية المرتبطة بمنظومة المحاصصة وتقاسم النفوذ.
وأكد الرفيق رائد فهمي، في حديثه، أن فاجعة مستشفى الكوت الأخيرة كشفت بشكل مأساوي عن الانهيار الشامل في منظومة الإدارة العامة، وأن الفساد وسوء التخطيط باتا يهددان أرواح العراقيين، مشددًا على أن تغيير هذا الواقع بات ضرورة ملحة لا تقبل التأجيل.
تأمين السيادة الوطنية
كما استُضيف الرفيق فهمي في منطقة الدورة، ضمن لقاء احتضنه منزل أحد أصدقاء الحزب، بحضور جمع من الوجهاء والمثقفين والناشطين. وتناول النقاش خلال اللقاء الأزمات الاقتصادية والاجتماعية وتفشي الفقر، إضافة إلى الفشل المزمن في تأمين السيادة الوطنية والتصدي للهيمنة الخارجية والسلاح المنفلت.
كما عرض الرفيق فهمي برنامج الحزب الشيوعي وتحالف البديل الذي يخوض الحزب الانتخابات في إطاره، مبينًا أن هذا التحالف يسعى إلى بناء دولة مدنية ديمقراطية قائمة على العدالة الاجتماعية والمواطنة الكاملة.
وشدد الحضور في كلا اللقاءين على أهمية التوجه الجاد نحو الانتخابات كوسيلة فاعلة لمحاسبة القوى التي تسببت بالخراب، ورفض الاستسلام لواقع الفساد والمحاصصة، مؤكدين أن المشاركة الواعية والواسعة في الانتخابات القادمة هي الخطوة الأولى نحو التغيير الحقيقي وبناء وطن يستحقه العراقيون.
تفقد الرفاق
من جانب اخر، زار سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي الرفيق رائد فهمي وبصحبته عضو قيادة الحزب الرفيق د. صبحي الجميلي، الرفيق المناضل حميد مجيد دبة (أبو ثامر) في منزله بمنطقة الدولعي في مدينة الحرية، وذلك للاطمئنان على صحته.
وبحضور عدد من رفاق تنظيم الحزب في الكاظمية وعائلة الرفيق أبو ثامر، جرى الحديث عن مواقف نضالية مُلهمة لهذه العائلة منذ خمسينيات القرن الماضي. كما تم الحديث عن دور الرفيقة أم ثامر التي وقفت بثبات مع زوجها في نضاله في صفوف الحزب.
ثم تحدث الرفيق فهمي عن الاوضاع السياسية الراهنة في البلاد، وعن آفة الفساد المالي والاداري المستشري في مرافق الدولة، مشددا على أهمية التحرك على الجماهير البعيدة عن الحزب، والتواصل معها كي تساند الحزب في مشروعه الهادف إلى التغيير الشامل.
فضلا عن ضرورة التحرك على العمال والفلاحين والتوجه الى التجمعات الجماهيرية من أجل إيصال افكار الحزب.
**************************************
من الخدمات إلى فرص العمل احتجاجات ومطالبات في ثلاث محافظات
متابعة – طريق الشعب
شهدت ثلاث محافظات سلسلة من الفعاليات الاحتجاجية، نظمها مواطنون ومهندسون وناشطون، للتعبير عن مطالب متنوعة تتعلق بالخدمات وفرص العمل والحريات العامة، وسط دعوات متصاعدة إلى استجابة حكومية جدية وسريعة.
الهلال تطالب بالخدمات
في محافظة المثنى، وتحديدًا في قضاء الهلال، خرج العشرات من المواطنين في تظاهرة شعبية احتجاجًا على تردي الخدمات الأساسية في مناطقهم، وعلى رأسها الكهرباء ومياه الشرب. وأكد مشاركون في التظاهرة، أن القضاء يعاني من تذبذب مستمر في التيار الكهربائي وشحة حادة في مياه الشرب، فضلًا عن تدني بقية الخدمات، الأمر الذي تسبب بمعاناة مستمرة للسكان المحليين.
وطالب المتظاهرون الجهات الحكومية المختصة بـ"التحرك العاجل" من أجل إيجاد حلول جذرية وتحقيق الوعود التي قطعتها سابقًا، مؤكدين أن الوعود الحكومية المتكررة لم تنعكس على أرض الواقع حتى الآن.
مهندسو ميسان
وفي محافظة ميسان، نظم العشرات من خريجي كليات الهندسة وقفة احتجاجية أمام مدخل شركة بتروجاينا النفطية في منطقة الحلفاية، للمطالبة بفرص تدريب وتوظيف حقيقية ضمن مشاريع الشركة.
وشدد المحتجون على ضرورة استثنائهم من شرط العمر في برامج التدريب والتعيين، مؤكدين أن أغلبهم من سكنة قضاء الكحلاء وناحية بني هاشم، وهما من المناطق الواقعة ضمن موقع العقد النفطي.
وقال أحد المتظاهرين، "نطالب بحقوقنا كشباب ومهندسين من أبناء المناطق المجاورة للحقول، وندعو إلى تطبيق مبدأ تعريق العمالة بنسبة 50% كما تنص عليه عقود جولات التراخيص".
كما أشار المحتجون إلى أن هذه هي الوقفة الثانية التي ينظمونها للمطالبة بحقوقهم، مؤكدين أنهم سمعوا بوجود نية لمنح قضاء الكحلاء نسبة 50% من فرص التعيين مقارنة بباقي الوحدات الإدارية، وهو ما يضعف فرص غيرهم ما لم يتم الالتزام بمعايير عادلة وشفافة.
بوابات ذكية تثير الاستهجان
وفي العاصمة بغداد، وتحديدًا في مدينة الكاظمية، تصاعدت موجة غضب شعبي ورفض واسع لمقترح إنشاء "بوابات إلكترونية ذكية" على مداخل المدينة، والذي يتضمن فرض رسوم مالية على دخول المركبات.
وأثار المشروع، الذي كشفت عنه جهات مسؤولة مؤخراً، جدلاً واسعًا بين المواطنين، الذين اعتبروا أنه يحول المدينة إلى منطقة مغلقة أمام الفقراء، بل وصفه البعض بأنه "تحويل الكاظمية إلى سجن".
وتقوم فكرة المشروع على تركيب بوابات إلكترونية في مداخل المدينة لتسهيل المرور عبر نظام إلكتروني، مقابل يُقال إنها ستسهم في تقليل الزحام وتوفير إيرادات للدولة، لا سيما خلال المناسبات الدينية.
ويؤكد الرافضون أن المشروع يتجاهل الطابع الروحي والاجتماعي للكاظمية، ويكرّس التمييز بين الطبقات، مما يثير تساؤلات حول جدوى المشروع وجدّيته في خدمة الناس، لا سيما أبناء المناطق الفقيرة الذين يعتمدون على المدينة كمركز ديني وثقافي واجتماعي.
دعوات للاستجابة الحكومية
وتعكس هذه الاحتجاجات الثلاثة، في المثنى وميسان وبغداد، حالة التذمر الشعبي المتزايد من غياب المعالجات الحقيقية لمشكلات الخدمات، والبطالة، والتضييق على الحريات، ما يستدعي من الجهات الرسمية تعاملاً مسؤولاً وشاملاً مع هذه المطالب قبل تفاقمها وتحولها إلى أزمات أوسع.
*********************************************
الرفيق كريم بلال يلتقي بمجموعة من الشباب الخريجين
النجف - احمد عباس
التقى الرفيق كريم بلال مساء أول أمس الثلاثاء، بمجموعة شبابية من خريجي الكليات الطبية والهندسية ومن الكسبة، وذلك في جلسة حوارية حول أوضاع البلاد، نُظمت في الهواء الطلق بمنطقة شواطئ النجف.
وتحدث الرفيق عن الوضع السياسي والازمة الراهنة التي يشهدها العراق، إثر المحاصصة والفساد الذي تمارسه طغمة من المتنفذين الفاسدين. كما تحدث عن آفة البطالة المستفحلة في صفوف آلاف الشباب، لا سيما الخريجون.
عديد من الشباب الحاضرين طرحوا من جانبهم أسئلة حول برامج الحزب الشيوعي العراقي في مجالات السياسة والاقتصاد والتربية والتعليم والصحة والزراعة والمياه، أجاب عنها الرفيق بإسهاب.
كذلك جرى الحديث خلال الجلسة عن توجهات الحزب الانتخابية وتحالفاته وخططه المستقبلية في العملين الجماهيري والبرلماني.
****************************************
كل خميس.. الفساد والإهمال.. وراء الحرائق والفواجع
جاسم الحلفي
بات من الصعب احصاء أعداد الحرائق، والانهيارات، وسرقات المال العام، وفضائح التزوير وغيرها من الموبقات، التي عصفت بالعراق منذ التغيير ولا تزال حتى اليوم. فالكوارث تتوالى بوتيرة تفوق قدرة الناس على متابعتها ومن ثم استيعابها، وكأننا أمام تطبيع للفاجعة. فهي تُستهلك في الإعلام، ثم تُطوى سريعاً بلا حساب، بعد استغفال المواطنين بتشكيل "لجنة تحقيق"، لتُدفن وتنسى وسط ضجيج كارثة جديدة أشد منها.
وسواء كانت حرائق مروّعة، أو فضائح فساد مدوّية، أو انهيارات بنيوية في مؤسسات الدولة، فإن ما يجمعها ليس حجمها فحسب، بل ايضا نمط تكرارها ومرورها من دون مساءلة. حتى تحوّلت الفاجعة إلى مشهد مألوف، وأصبحت الدولة عاجزة حتى عن أداء وظائفها الأساسية: حماية أرواح الناس، وتأمين السلامة، وتقديم أبسط الخدمات.
وعندما نغوص في أسباب هذا الانهيار المستمر، نصطدم بجذر واحد: الفساد السياسي. الفساد لا بوصفه انحرافاً فردياً، بل كبنية حاكمة، وآلية لإنتاج السلطة وإعادة إنتاجها. وهو الفساد الذي لا ينهب المال فقط، بل يشرعن النهب، ويهمّش الكفاءات، ويُفرغ مؤسسات الدولة من معناها، ويكرّس سياق الإفلات من العقاب. إنه الفساد الذي يجعل الكارثة بلا فاعل، والفجيعة بلا مسؤول، والحريق بلا متّهم. فلا أحد يُحاسَب، ولا أحد يُعاقَب، ولا أحد يستقيل.
نتذكر .. ثم ننسى. نتذكر حريق الكرادة الذي التهم أكثر من 300 شاب وطفل في لحظة خاطفة، ونتذكر غرق عبّارة الموصل بنسائها وأطفالها في نهر الإهمال، وعبّارة الجادرية، وحرائق الوزارات، لا سيما تلك التي استُخدمت لطمس سجلات المشاريع الوهمية، وحريق مستشفى ابن الخطيب الذي التهم الأطفال الخدج في حاضناتهم، وغيرها وغيرها، ثم حريق الهايبر ماركت الأخير في الكوت. نتذكرها وسرعان ما ننساها. لأن المنظومة لا تسمح بإدامة الذاكرة حيّة، ولا ببلورة حكم العدالة. فالتناسي هنا ليس فعلاً بريئاً، بل أداة يستخدمها أهل السلطة لطمس الجريمة، وإنهاك الضحايا، وتدوير المأساة بدلاً من تفكيك أسبابها.
لقد أصبحنا أمام ما يمكن تسميته بسياسات التدمير غير المُعلن، حيث تتحوّل الدولة إلى خطر على ناسها لا إلى ملاذ لهم. فالإنسان في هذا النظام ليس أولوية، بل كُلفة جانبية.
والأدهى من النسيان، هو التطبيع مع الإفلات من العقاب. فقبلها كانت صفقة جهاز كشف المتفجرات المزوّر، التي تسببت في قُتل المئات، وربما الآلاف، من الأبرياء! فهل حوسب سوى ضابط واحد؟ وهل عزل وزير او وكيل وزارة؟ ومن يومها أُعطي الضوء الأخضر للفساد، وليصبح ذلك قانوناً غير مكتوب، ومبدأ حاكماً في ما سُمّي زوراً "العراق الجديد". ولهذا فان "سرقة القرن" لم تُنس وحسب، بل ان منفذها الأساسي شكل - كما يقال - قائمة انتخابية!
إن الادّعاء بأن هذه الفواجع ستتوقف من تلقاء نفسها، أو أن إصلاحاً ما سيأتي من داخل النظام، هو وهم سياسي. فما دامت الطغمة نفسها تحكم، والفساد ذاته يتجذّر، فلا أمل في مشهد مختلف. والكارثة المقبلة ليست احتمالاً، بل نتيجة حتمية في معادلة لم تتغير:
الفساد + الطائفية + التملّص من الحساب + الإهمال + شعب منهك = كارثة قادمة.
نحن لا نعيش في عصر أخطاء، بل في نظام يأتي بالكارثة كمنتج رسمي، ويعفي مرتكبيها من الحساب، ويُربّي الأجيال على كون نهب المال العام، أو الموت حرقاً، أو غرقاً أو اختناقًا.. قدرا لا يُسأل أحد عنه.
لذا فإن الخلاص لا يكون بمناشدة المسؤولين، ولا بإصلاح الفاسدين، بل بتغيير بنية النظام، الذي جعل من الحرائق سياسة، ومن الفواجع ثمار حكم.
********************************************
الصفحة الثالثة
الوزارة تواصل التحذير منذ 2015! النفايات الطبية.. خطر بيولوجي يهدد الصحة والبيئة
بغداد – تبارك عبد المجيد
في الوقت الذي تتسارع فيه الدعوات لتبني أنظمة بيئية وصحية متطورة، لا تزال إدارة النفايات الطبية في العراق تشكل تحدياً كبيراً وخطراً داهماً يهدد الصحة العامة والبيئة على حد سواء؛ حيث تتفاقم أزمة النفايات الصحية التي تُتلف بطرق غير آمنة، وتُحرق في مواقع لا تراعي الشروط البيئية، وأحيانًا تُرمى في مكبات عشوائية وسط المناطق السكنية، برغم التعليمات الملزمة الصادرة منذ العام 2015 عن وزارة البيئة، إلا أنّ شهادات ناشطين وأطباء ومختصين تؤكد أن الواقع بعيد كل البعد عن النصوص القانونية: قنابل بيولوجية وكيميائية صامتة تنتشر في الشوارع والمكبات، ومحارق بدائية تنفث سمومها في قلب المدن، بينما تستمر المؤسسات المعنية في تجاهل التحذيرات وتهميش الحلول الجذرية.
تحذير من كارثة بيئية وشيكة
وكشفت وزارة البيئة، في 20 تموز عن تعليمات تتعلق بإدارة النفايات الصحية الصادرة عام 2015.
وذكر المتحدث باسم الوزارة لؤي المختار، أنها "تُعد ملزمة لجميع المؤسسات الصحية في العراق، سواء في القطاع العام أم الخاص، وتشكل المرجع القانوني والفني في التعامل مع هذا النوع من النفايات".
وبيّن المختار في حديث تابعته "طريق الشعب"، أنّ "تعليمات رقم (1) لسنة 2015 الخاصة بإدارة نفايات الجهات الصحية، وهي وثيقة تهدف إلى حماية البيئة وصحة المجتمع من التلوث والمخاطر المرتبطة بالنفايات الطبية”، مشيرا إلى أن "وزارة الصحة تعمل بالتعاون مع مؤسساتها على تنفيذ هذه التعليمات وتشديد الرقابة البيئية على المرافق الصحية".
وأضاف مدير عام في وزارة البيئة، صلاح الزيدي، أن "النفايات الصحية تُصنف ضمن فئة النفايات الخطرة، سواء كانت صلبة أو سائلة، لأنها ناتجة عن نشاطات طبية وتحتوي على ملوثات كيميائية وبيولوجية قد تسبب أضرار جسيمة إذا لم يُحسن التعامل معها".
وأوضح الزيدي لـ "طريق الشعب"، أن "النفايات الصحية، رغم أنها تندرج من الناحية القانونية تحت مفهوم النفايات الخطرة، إلا أنها تتميز بخصوصية تستوجب معالجتها بطرق متخصصة. النفايات الصلبة مثل بقايا غرف العمليات، الأدوات الطبية، الأدوية منتهية الصلاحية، والمستلزمات المستخدمة تُعتبر جميعها نفايات طبية خطرة، ويتم التعامل معها من خلال عمليات تعقيم دقيقة، أبرزها التعقيم بالبخار، لتحويلها إلى نفايات غير خطرة يمكن التخلص منها عبر المطامر البلدية الاعتيادية، شرط التأكد من خلوها من أي عناصر معدية أو سامة.
وأشار الى أن "النفايات التي تحتوي على أنسجة بشرية أو بقايا من العمليات الجراحية الكبرى، تتطلب معاملة خاصة من خلال محارق مخصصة ذات معايير بيئية صارمة. هذه المحارق يجب أن تكون بعيدة عن التجمعات السكنية، وأن تُدار ضمن ضوابط الانبعاثات المعتمدة، ولا يُسمح بإقامتها في المراكز الصحية الصغيرة أو العيادات، بل تكون حكرًا على المستشفيات الكبيرة القادرة على جمع وفرز النفايات بشكل منتظم وآمن".
وتابع أن النفايات السائلة الناتجة عن المستشفيات تُعد من أخطر أنواع النفايات، كونها تمتزج غالبًا بفيروسات وجراثيم مصدرها جسم الإنسان، ما يجعلها مصدر تهديد بيئي وصحي مباشر. وتكمن الخطورة بشكل خاص في مياه الصرف الصحي والمحاليل الكيميائية المستخدمة في المختبرات، إضافة إلى الأدوية السائلة منتهية الصلاحية، وكلها مواد يجب معالجتها داخل وحدات متخصصة قادرة على إزالتها بشكل كامل قبل طرحها في شبكات التصريف العامة.
وشدد على ضرورة وجود وحدات معالجة داخل كل منشأة صحية، مهما كان حجمها، لضمان التخلص الآمن من النفايات السائلة، مؤكدا أن التعامل البيولوجي والكيميائي السليم مع هذه النفايات هو الضمان الوحيد لمنع انتقال العدوى والتلوث إلى البيئة المحيطة. كما أوضح أن هناك جهودًا علمية مستمرة لتطوير وسائل وتقنيات جديدة قادرة على تحويل النفايات الصحية الخطرة إلى نفايات آمنة بيئيًا، وهي خطوات بدأت بعض الدول باعتمادها تدريجيًا، ويُعمل على إدخالها في العراق أيضًا ضمن خطة شاملة لتحسين إدارة النفايات الطبية.
وأكد في ختام حديثه أن إدارة ملف النفايات الصحية لا ينبغي أن تُترك لجهة واحدة فقط، بل تتطلب تنسيقًا عاليًا بين وزارات البيئة والصحة والبلديات، إضافة إلى إدارات المستشفيات نفسها. فالإهمال في هذا الملف لا يؤدي فقط إلى تدهور بيئي، بل قد يُفضي إلى كوارث صحية، مشيرا إلى أن النفايات الطبية ليست مجرد مخلفات بل تمثل تهديد حقيقيا إذا لم تُعاج بعناية ودقة.
الرقابة ضعيفة والوعي غائب
وحذرت نجوان علي، الناشطة البيئية من التزايد المقلق في كميات النفايات الصحية والطبية التي تُتلف بطرق غير آمنة، مشيرة إلى أن هذه النفايات تُعد من أخطر أنواع النفايات لما تحمله من ملوّثات بيولوجية وكيميائية شديدة الخطورة.
وذكرت علي لـ "طريق الشعب"، أن "النفايات الصحية ليست مجرد نفايات عادية، بل هي قنبلة موقوتة يمكن أن تؤدي إلى انتشار أمراض خطرة مثل التهاب الكبد، والتسمم، والعدوى البكتيرية، إذا لم يتم التعامل معها وفق الإجراءات الصحية والبيئية السليمة".
وأضافت، أن من أكثر الممارسات خطورة هو "قيام بعض المؤسسات وخصوصاً في القطاع الخاص، بالتخلص العشوائي من هذه النفايات، سواء عبر رميها في مقالب النفايات العامة أو حرقها في أماكن غير مخصصة لذلك، ما يشكل تهديداً مزدوجاً للبيئة والصحة العامة".
وأشارت إلى أن هذه التصرفات تتكرر في ظل ضعف واضح في الرقابة البيئية، وغياب الوعي بأهمية التعامل السليم مع النفايات الخطرة، مؤكدة أن "الرقابة وحدها لا تكفي، ما لم يرافقها وعي مجتمعي وإجراءات قانونية صارمة ومستمرة بحق المخالفين".
واختتمت حديثها بالدعوة إلى تشجيع الاستثمار في محارق النفايات الطبية الحديثة، التي تراعي المعايير البيئية العالمية، قائلة: "نحتاج إلى حلول مستدامة، وليس إلى ترقيع المشاكل. على الجهات المعنية أن تتعامل مع هذا الملف بجدية تامة، لأن تداعياته تمس كل فرد في المجتمع، دون استثناء".
مخالفات بيئية صارخة
وحذر دكتور في الصحة العامة، منير القيسي من التهديد البيئي والصحي الخطير الذي تشكله محارق النفايات الطبية المنتشرة في وسط العاصمة بغداد، لاسيما تلك القريبة من مدينة الطب والمراكز الصحية المحيطة بها، مؤكدا لـ "طريق الشعب"، وجود هذه المحارق في مناطق مكتظة سكانية يعد مخالفة بيئية صارخة تعرض حياة الآلاف للخطر.
وقال القيسي ان "هناك محارق تعمل بالقرب من مدينة الطب في وسط بغداد وهي تطلق انبعاثات سامة في الهواء، تحتوي على مواد مسرطنة مثل الديوكسين والفوران، وهي غازات خطرة على الجهاز التنفسي وتُسهم في زيادة حالات الأمراض المزمنة بين سكان المناطق القريبة".
وأضاف، أن "العديد من هذه المحارق تُدار بوسائل بدائية وغير مطابقة للمعايير الدولية"، مشيرا إلى أن "ما يزيد من خطورتها هو تواجدها وسط الأحياء السكنية، في بيئة من المفترض أن تكون خالية من أية ملوثات خطرة". كما أشار إلى أن بعض المستشفيات تفتقر حتى إلى أسس فرز النفايات الطبية أو معالجتها قبل الحرق، ما يؤدي إلى تفاقم الأزمة الصحية والبيئية.
وأضاف ان "المشكلة لا تتوقف على وجود المحارق فقط، بل تمتد إلى فوضى واضحة في إدارة النفايات الطبية داخل المستشفيات. لا يوجد التزام بطرق الفرز، ولا رقابة فعلية على عمليات النقل أو الحرق، وبعض المستشفيات تقوم بإحراق النفايات مباشرة دون تعقيم، ما يجعل من هذه الممارسة تهديدًا مضاعفًا للصحة العامة والبيئة".
وأكد أن حملات عدة نفذت سابقا من قبل أطباء ومختصين وناشطين في المجال البيئي للتحذير من هذه الكارثة، وتم تقديم دراسات وبيانات توضح حجم الضرر الناتج عن استمرار هذه الممارسات، إلا أن الجهات المسؤولة بحسب تعبيره "إما غير واعية بخطورة الملف أو تتعامل معه بجهل ولا مبالاة مقلقة".
وأوضح أن تجاهل هذه التحذيرات سيقود إلى عواقب صحية كبيرة، وقد بدأت تظهر بوادرها بالفعل في ارتفاع معدلات الأمراض التنفسية والحساسية والسرطان في المناطق المجاورة لتلك المحارق، داعيا إلى الإسراع في إنشاء منظومة وطنية متكاملة لإدارة النفايات الطبية، وإبعاد المحارق عن المناطق السكنية، واعتماد تكنولوجيا صديقة للبيئة وفق المعايير الدولية.
واختتم حديثه بالقول: "نحن لا نطالب إلا بتطبيق أبسط قواعد السلامة. أرواح الناس ليست هامشا، واستمرار هذا الإهمال يعني أننا نسير نحو كارثة صحية بصمت".
*******************************************
عين على الأحداث
دهْن ودِبْس!
قررت تركيا بشكلٍ مفاجئ وقف العمل باتفاقية خط الأنابيب التي كانت تؤمّن تصدير النفط العراقي عبر ميناء جيهان، إضافةً إلى جميع البروتوكولات والمذكرات الملحقة بها، في تصرّف اعتبره بعض المراقبين ردًّا على شكوى العراق ضدها في محكمة باريس، والتي قضت بتغريمها 1.5 مليار دولار لصالح بغداد، فيما رآه آخرون ابتزازًا جديدًا يشير إلى رغبة أنقرة في انتزاع المزيد من المكاسب، وعدم اكتفائها بوصول التبادل التجاري بين البلدين لعشرين مليار دولار، ولا ببلوغ عدد السياح العراقيين في مدنها أكثر من 77 ألفًا، ولا بدعمها في حربها ضد "الإرهاب" عبر التساهل مع بنائها 80 قاعدة عسكرية على أراضينا.
بلاها هاي العيشة!
شهد العراق مؤخرًا ارتفاعًا مخيفًا في معدلات الانتحار، وتباينت أسبابه بين الظروف المعيشية الصعبة، والعنف الأسري، ومشاكل المخدرات، وفقدان الثقة بالمستقبل. وإذ تعكس هذه المعطيات فشل الحكومة في تطبيق الاستراتيجية الوطنية للوقاية من الانتحار في عموم البلاد، فإنها تؤكد ضرورة الإسراع في توفير الرعاية الصحية المناسبة، وإتاحة المساعدة في مجال الصحة النفسية (التي لا يتعدى الإنفاق عليها 2 في المائة من ميزانية الصحة)، ومعالجة ما تواجهه الشبيبة من صعوبات وفقر وبطالة وتمييز، في ظل غياب أي مجال أمامها لاستثمار طاقاتها، سوى الميدان العسكري، وعدم توفّر رعاية سليمة لإبداعاتها، أو فرص صحيحة لقضاء أوقات الفراغ.
چا وينه حچيكم ذاك؟
أغلقت الحكومة خلال يومين 1100 منشأة غير ملتزمة بشروط السلامة، مما أثار دهشة العراقيين من التهاون الذي تتعامل به السلطات مع أرواحهم، بحيث لا تتحرك إلا بعد وقوع الفواجع، ثم تعود إلى سباتها دون أن تكشف تحقيقاتها عن المسبّبين لتلك الجرائم. هذا، وفيما تغيّبت السلطة التنفيذية و200 نائب عن جلسة البرلمان التي خُصّصت لمناقشة فاجعة الكوت، يتساءل الناس عمّا إذا كان "أولو الأمر" ما زالوا مؤمنين بما قالوه، من أن الدولة تُقاس بقدرتها على حماية أرواح مواطنيها، وليس بقدرتها على إصدار البيانات، وعمّا إذا كانوا سيشعرون بالخجل من استخدام الأجساد المتفحّمة في صراعاتهم.
لعد شوكت راح نصدّر؟
أفاد مرصد اقتصادي بأن الإنتاج الفعلي للطاقة الكهربائية لا يتجاوز 28 ألف ميغاواط، في وقتٍ تصل فيه احتياجات البلاد إلى نحو 55 ألف ميغاواط، خاصة في فصل الصيف. وذكر المرصد أن أسباب هذا العجز تكمن في نقص واردات الغاز الإيراني، وإهمال صيانة المحطات، وتردّي حال شبكات النقل والتوزيع إلى الحدّ الذي يُهدر عنده 30 في المائة من الطاقة المنتَجة. هذا، ورغم صرف أكثر من 130 مليار دولار على هذا القطاع حتى الآن، فإن "أولي الأمر" ما زالوا عاجزين عن إصلاح المنظومات، وتنويع مصادر الطاقة، وترشيد الاستهلاك، واستثمار الغاز العراقي بدلًا من حرقه.
*******************************************
العراق في الصحافة الدولية
ترجمة وإعداد: طريق الشعب
وعود واشنطن العرقوبية
في موقع International Policy Digest، كتبت شيدمان زيباري مقالًا حول العلاقات الكردية -الأمريكية، أشارت فيه إلى أن الكرد، كشعب نحتت هويته الجبال وصقلها التاريخ، لا يتخلّى عن حلمه بالحرية، وبما حققه عبر سنواتٍ طوال من إقليمٍ فيدرالي، له برلمانه، وحرسه الوطني، وعلمه، ونشيده، ولغته الرسمية.
الكرد في العراق الجديد
وذكرت الكاتبة أن الكرد لعبوا دورًا بارزًا في إعادة بناء الدولة العراقية بعد سقوط الدكتاتورية، من خلال المساهمة في صياغة الدستور الجديد، وفي محاربة الإرهاب، وتبنّي الشكل الفيدرالي للنظام السياسي الجديد. لكنها استدركت بالقول إن الأمور، التي بدت في البداية مبشّرة بالخير حين شهدت أربيل تدفّقًا للاستثمارات وانطلاق حملات إعمار واسعة، سرعان ما كشفت عمّا يغلي تحت الرماد. فقد تمسّك الكرد بحلم دولة مستقلة معترف بها، في حين لم يقبل الحكّام في بغداد قط بالحكم الذاتي الكردي بشكلٍ كامل؛ فتسامحوا معه عندما كان مفيدًا، وأهملوه متى ما أمكن، حسبما عبّرت الكاتبة.
وبيّنت الكاتبة أن هذا الخلاف العميق سرعان ما بدا جليًّا في عام 2017، عندما أجرت حكومة إقليم كردستان استفتاءً على الاستقلال، أسفر عن موافقة 92 في المائة من الناخبين. وقد جاء ردّ بغداد سريعًا وقاسيًا؛ فأغلقت المطارات الكردية، وأحكمت قبضتها على مدينة كركوك الغنية بالنفط، وفكّكت العديد من المكتسبات.
صمت أمريكي
وانتقدت الكاتبة بشدة صمت المجتمع الدولي، وخاصة الولايات المتحدة، وتخلّيها عن وعودها بمساعدة الكرد، خاصةً وأن لها تأثيرًا كبيرًا على بغداد، التي تعتمد اعتمادًا كبيرًا على المساعدات الأمريكية. واستنتجت أن الكرد، وإن اعتبرتهم واشنطن شركاء، فهم ليسوا أولوية في حساباتها السياسية الخارجية، ولهذا تتم الإشادة بهم وبشجاعتهم وتضحياتهم عند الحاجة، ويتم تجاهل مصالحهم بعد انقضاء تلك الحاجة، خصوصًا إذا لم تتوافق تلك المصالح مع الخريطة الجيوسياسية المرسومة في واشنطن أو بروكسل.
خيبات داخلية
وادّعت الكاتبة أن أحلام الكرد بدأت تتلاشى، حيث يزداد في أوساط الشباب شعورٌ بخيبة الأمل، ليس فقط جراء اللامبالاة الدولية، بل نتيجة فقدان الثقة بقادتهم ووعود الإصلاح، في ظلّ صراع الحزبين الرئيسيين على السلطة، وهو الصراع الذي لم يستنزف طاقة الشعب فحسب، بل فسح المجال لتدخلٍ خارجي فظ في شؤون كردستان الداخلية، السياسية والاقتصادية، وحتى الثقافية.
هناك أمل
وأكّد المقال على أن القصة لم تنتهِ بعد، فالفُرصة ما زالت سانحة إذا ما توحّدت القوى السياسية الرئيسية، وأُطلقت عملية إصلاح اقتصادي حقيقية، واستُعيدت ثقة الشعب بالعملية السياسية، ونشطت القيادة في كسب التعاطف والدعم المحلي والدولي.
واختتمت الكاتبة المقال بالإشارة إلى أن كردستان العراق تسير اليوم على خط هش، لكنها تمضي قدمًا بكرامة، كما هو عهد شعبها طيلة السنين.
********************************************
الصفحة الرابعة
كنز مدفون بين الإهمال وسوء الإدارة القطاع السياحي في قبضة اللامتخصصين والمحاصصة تعمّق الأزمة!
بغداد – طريق الشعب
رغم أن العراق يُعد واحدا من أغنى بلدان المنطقة بالتراث الإنساني والحضاري، ويحتضن مواقع أثرية وسياحية لا نظير لها في العالم، إلا أن هذا المخزون التاريخي الهائل يقف حبيس الإهمال وسوء الإدارة. لا فنادق حديثة، لا خدمات متكاملة، ولا رؤية واضحة للنهوض بالقطاع السياحي الذي يمكن أن يشكل رافدًا اقتصاديًا كبيرًا إلى جانب النفط.
في الوقت الذي تتسابق فيه دول الجوار لتطوير معالمها السياحية وتحويلها إلى وجهات عالمية، ما زال العراق يتعثر في تطوير حتى أبسط البنى التحتية في مناطقه الأثرية، من دورات مياه ومواصلات، إلى مطارات ومنافذ حدودية.
احتياجات السائحين
وذكر رئيس الملتقى السياحي في العراق، وليد الزبيدي أن "القطاع الخاص يضطلع بدور مهم في دعم النشاط السياحي، من خلال تقديم خدمات جيدة في مجالات الفنادق والمطاعم والمرافق الترفيهية.
وبرغم محدودية عدد هذه المرافق في عموم البلاد، يقول الزبيدي لـ "طريق الشعب"، أنها تفي إلى حد ما باحتياجات السائحين، سواء من داخل العراق أم خارجه. ويضيف أن القطاع الخاص يحرص على تطوير البنية التحتية والخدمات المقدمة في هذه المرافق، بهدف تحسين تجربة الزائر وتعزيز جاذبية المشاريع السياحية.
وينتقد الزبيدي الإهمال الواضح الذي تعاني منه المواقع الأثرية في العراق، برغم قيمتها الحضارية والتاريخية الممتدة لآلاف السنين، مبينا أنها تفتقر إلى أبسط الخدمات الأساسية مثل دورات المياه، مراكز التسوق، الخدمات الصحية، والنقل، وهو ما يؤثر سلبا على مستوى رضا الزائرين، ويقلل من فرص استقطاب السياحة الثقافية.
رموز حضارة العراق
ويشدد على أن هذه المواقع، التي يعرفها العالم بأسره كرموز لحضارة بلاد ما بين النهرين، لا تحظى بالاهتمام الذي يتناسب مع أهميتها التاريخية، مشيرًا إلى أن "السنوات الأخيرة شهدت نسبيا تزايدا في أعداد السياح الوافدين إلى العراق، خصوص بعد تنظيم فعاليات رياضية وثقافية كبرى مثل بطولة خليجي 25 في البصرة واختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية.
ويعتقد أن هذه المناسبات أسهمت في تحريك القطاع السياحي واستقطاب المجاميع السياحية من الدول العربية والأجنبية، لكن حجم هذا الاستقطاب لا يزال دون مستوى الطموح مقارنة بإمكانات العراق الثقافية والحضارية.
كما يبين أن "الواقع الأمني والسياسي في العراق والمنطقة يمثل تحديا كبيرا أمام تطوير السياحة"، لافتا إلى أن "أية اضطرابات أو توترات إقليمية أو داخلية تؤثر بشكل مباشر على قرار السائح في اختيار العراق كوجهة"، موضحا أن "الاستقرار هو من أبرز العوامل التي يضعها السائح في اعتباره، وأن استمرار الأزمات السياسية ينعكس سلبا على ثقة الأسواق السياحية".
ويتحدث الزبيدي عن التحديات التي تواجه قطاع النقل والمنافذ الحدودية، حيث يجد أن "مطار بغداد الدولي، الذي يمثل البوابة الجوية الرئيسية للعراق، يعاني من ضعف في البنية التحتية، بالرغم من أن عمره يزيد على خمسين عاما، ولا يرقى إلى مستوى المطارات الحديثة في المنطقة".
ويؤشر إلى تردي حالة الطرق الخارجية التي تربط المدن والمواقع السياحية، موضحًا أنها قديمة وتفتقر للتحديث، ما يؤثر على سهولة التنقل وسلامة المسافرين.
أما في ما يتعلق بالمنافذ الحدودية، فيوضح أنها تشهد اختناقات واضحة، خاصة خلال المناسبات الدينية الكبرى مثل زيارة الأربعين، حيث تتدفق أعداد ضخمة من الزائرين إلى البلاد، لافتا الى أن هذه المنافذ تفتقر إلى التنظيم والتوسعة اللازمة لاستيعاب هذه الأعداد، ما يؤدي إلى تكرار المشاكل والمعاناة في كل عام.
وفي ختام حديثه، يشدد رئيس الملتقى السياحي على ضرورة إجراء إصلاحات شاملة في القطاع، تبدأ بتطوير البنية التحتية والخدمات، وتمر بتحسين بيئة الاستثمار في السياحة، وتنتهي بتهيئة مناخ آمن ومستقر يشجع على جعل العراق وجهة جاذبة للسياح من مختلف دول العالم.
الف موقع سياحي واثري
وبرغم غناه التاريخي والثقافي، ما يزال العراق يعاني من ضعف واضح في البنية التحتية السياحية، وعلى رأسها غياب الفنادق الحديثة في أبرز مواقعه الأثرية والدينية، الأمر الذي يحد من قدرته على جذب السياح والمستثمرين، ويجعل من زيارة هذه الكنوز تجربة غير مكتملة.
يقول الباحث في الآثار والمرشد السياحي محسن حسن، إن "العراق يضم أكثر من ألف موقع أثري وسياحي وديني، جميعها قابلة للتطوير وتهيئة البنية الفندقية حولها". ويشير إلى أن الاستثمار في المرافق السياحية لا يزال محدودا للغاية، رغم الإمكانيات الهائلة التي يتيحها القطاع.
وبحسب حسن، فإن العديد من المواقع التاريخية المهمة، مثل أور وأريدو والوركاء في الجنوب، لا تحتوي سوى على نُزل بسيطة أو أبنية قديمة تفتقر لأبسط المعايير الفندقية.
وأضاف انه "لا يمكن الحديث عن تنشيط السياحة الداخلية أو استقطاب الزوار الأجانب، ما لم تُعالج هذه الثغرات الأساسية، بدءاً من الفنادق إلى المرافق الخدمية".
ويمتلك العراق ستة مواقع مدرجة على لائحة التراث العالمي لليونسكو، تعكس تنوعه الحضاري والثقافي والطبيعي، من أبرزها مدينة الحضر الأثرية، المدرجة منذ عام 1985، والتي تقع في محافظة نينوى وتعدّ من أقدم المدن المحصنة، وتحوي معابد ومباني شاهدة على امتزاج الطرازين البارثي والروماني.
كما أن أهوار جنوب العراق التي أدرجت عام 2016، تمثل واحدة من أهم النماذج البيئية والثقافية الفريدة في الشرق الأوسط، لما تضمه من تنوع بيولوجي ومواقع أثرية مثل أور وأريدو والوركاء. ومع ذلك، فإن هذه المناطق تفتقر إلى أي بنية استقبال سياحي متكاملة.
ووفقا لحسن فإن الزائرين لتلك المواقع يعانون من قلة الفنادق المصنفة، وانعدام المراكز الإرشادية الحديثة، ومحدودية وسائل النقل والاتصال، في وقت تتسابق فيه دول الجوار على تطوير مواقعها التاريخية وتحويلها إلى وجهات جذب عالمية.
ويختتم محسن حديثه بالتأكيد على أن "السياحة ليست فقط ماضيا يجب استكشافه، بل اقتصاد مستقبلي يمكن أن يدعم المدن الصغيرة ويوفر آلاف فرص العمل، إذا ما تم استثماره بوعي وتخطيط".
مشكلات متعددة
من جانبه، يقول نقيب السياحيين العراقيين، محمد العبيدي، إن "القطاع السياحي يواجه مشكلات متشعبة ومعقدة، تبدأ من ضعف البنية التحتية وتصل إلى سوء الإدارة وغياب التخصص، ما يؤثر بشكل مباشر على قدرة العراق في أن يكون وجهة سياحية حقيقية".
وأوضح العبيدي لـ "طريق الشعب"، أن "البنى التحتية السياحية ما تزال متردية بشكل واضح، حيث تفتقر البلاد إلى الفنادق المؤهلة، والشركات السياحية الفاعلة، ووسائل النقل الحديثة، بالإضافة إلى ضعف الخدمات الأساسية مثل الاتصالات، الإنترنت، الطرق، والمرافق الخدمية، وهو ما يعيق نمو هذا القطاع الحيوي".
وأضاف أن "الإشكالية لا تقف عند حدود البنية التحتية، بل تمتد إلى طبيعة الإدارة نفسها، إذ أن معظم المؤسسات السياحية تعاني من غياب التخصص وندرة الكفاءات التي تمتلك خلفية أكاديمية أو مهنية في السياحة".
وبين أن القطاع السياحي بطبيعته قطاع خدمي يعتمد على العنصر البشري والتواصل المباشر مع الزوار، ويتطلب مهارات عالية في التعامل والإدارة لا يملكها سوى المختصون، وهو ما لا يتوفر في معظم مؤسسات السياحة الرسمية التي غالبًا ما تدار من قبل أشخاص يفتقرون إلى المؤهلات المناسبة.
ضرر الفساد
وأشار إلى أن "الفساد الإداري يمثل تحديًا آخر لا يقل خطورة عن الفساد المالي"، مؤكدًا أن الضرر الناتج عن سوء الإدارة وغياب الكفاءات لا يمكن تعويضه كما هو الحال في الأموال. ووصف وضع المناصب الإدارية في المؤسسات السياحية بأنه "الرجل غير المناسب في المكان المناسب"، ما ينعكس سلبا على الأداء والنتائج، رغم أن العراق يمتلك جميع مقومات السياحة من معالم تاريخية وآثار وتراث وثقافة وسياحة دينية تشكل كنزًا هائلًا لا يُستثمر كما ينبغي.
وأوضح أن الحديث عن الفساد بات متداولا في الإعلام، وغالبا ما يصدر عن مسؤولين حكوميين بأنفسهم، لكن المشكلة الحقيقية تكمن في غياب الوثائق الحاسمة والإجراءات الرادعة، ما يجعل التصريحات بلا أثر عملي. ولفت إلى أن الوضع السياسي الداخلي، وخاصة نظام المحاصصة، شكل عائقا كبيرا أمام تطور السياحة، لأنه فرض شخصيات غير مؤهلة في مواقع اتخاذ القرار، وكرّس الانقسام الإداري بين الوزارات والمؤسسات.
وأكد أن تنشيط القطاع السياحي لا يمكن أن يتم بمعزل عن باقي الوزارات والمؤسسات الخدمية، فالسياحة بحاجة إلى تعاون حقيقي مع أمانة بغداد، ووزارة الإسكان، والنقل، والداخلية وغيرها، لضمان توفير بيئة مناسبة للسائح، لكن هذا التعاون مفقود في ظل نظام سياسي يفتقر إلى الانسجام المؤسسي، ويقوم على مبدأ التنافس بين الوزارات بدلاً من التكامل.
وختم بالقول إن النهوض بالقطاع السياحي في العراق يتطلب عملا وطنيا موحدا، تتضافر فيه الجهود بعيدا عن المحاصصة السياسية، مؤكدا الأمل أن يشهد المستقبل خطوات جدية تتجه نحو إصلاح هذا القطاع الحيوي ووضعه على الطريق الصحيح، بما يعكس مكانة العراق الحقيقية كبلد غني بتراثه وتاريخه وموقعه الجغرافي.
************************************
وقفة اقتصادية.. للأموال العامة حرمة وحمايتها واجبة
إبراهيم المشهداني
الأموال العامة تمثل مجموع الممتلكات العائدة للدولة، وتمثل حقوقا واجبة لعموم الشعب وليس لرئيس الدولة او رئيس الحكومة ولجميع المؤسسات الحكومية المدنية او العسكرية التصرف بها خارج نطاق القانون، وأن جميع تلك الجهات مسؤولة عن حصانتها وتأمين حمايتها من المتربصين بها الذين يحاولون بما ملكوا من قوة الحيل او اية آليات غير مشروعة، الاستحواذ عليها لأن معظم هذه الممتلكات أينما وكيفما وجدت في الداخل او الخارج موضوعة تحت الحماية الدستورية.
فعلى صعيد الأصول العراقية بمختلف أشكالها المتواجدة خارج الوطن، تشير المعلومات المتوافرة إلى أن هذه الأصول موزعة على أكثر من 50 دولة تتنوع بين أصول مالية وعقارات ومزارع وقصور ومدارس للجالية العراقية ومكاتب لشركات حكومية ومصارف وبيوت للبعثات الدبلوماسية، فالممتلكات غير المنقولة كالعقارات ومزارع الشاي والرز المملوكة للدولة قيمت أصولها المالية بعشرات مليارات الدولارات خاصة وان بعضها لم يجر استثماره او التصرف به وصيانته بهدف إعادة أمواله إلى الخزينة العامة، مما ترتب على هذا الإهمال تعرضه للتآكل وفرض ضرائب كبيرة عليه من قبل الدول التي يتواجد فيها. وتتواجد هذه الممتلكات على سبيل المثال، في بريطانيا وسويسرا وفرنسا وإيطاليا وفي دول اسيوية مثل فيتنام وسنغافورة غير ان متابعتها في أضعف حالاتها بل أن بعضها قد بيع بطرق غير قانونية، وفضلا عن ذلك فإنه ليس من الواضح ما آلت اليه نتائج اللجان المشكلة لجرد هذه الممتلكات ومدى نجاح الحكومة في عملية استردادها استنادا إلى قانون استعادة الأموال العرقية.
ومثلما تتعرض الممتلكات العراقية في الخارج إلى أنواع من السرقة والبيع غير المشروع والإهمال في إعادة القيمة الاقتصادية عبر إعادة صيانتها وترميمها ، فإن الممتلكات الوطنية في الداخل أكثر عرضة للمخاطر بسبب تعاظم قدرات الفاسدين ذوي النفوذ السياسي والمركز الوظيفي وزبائنهم في الاستحواذ على هذه الممتلكات خاصة وانها اكتسبت خبرة متنامية في طرق السرقة وآلياتها وتأثيراتها على الجهاز الحكومي الهش.ان التجاوز على هذه الممتلكات أصبح ظاهرة عامة شأنها في ذلك شأن انتشار الفساد في معظم مرافق الدولة استنادا إلى كثرة من تصريحات كبار المسؤولين وحديثهم عن مخاطر الاعلان عن الآلاف من ملفات الفساد، والادل على ذلك ما اشارت اليه دائرة عقارات الدولة في العاشر من تشرين الثاني عام 2022 من انها استعادة 622 عقارا تابع للوزارة في أربعة محافظات كونها كانت تحت سيطرة متجاوزين وأحزاب بصفة غير قانونية وان عدد العقارات المستعادة للدولة بلغ 5196 عقارا في بغداد والمحافظات لكنها لم توضح في بيانها ذاك ان هذا الرقم هو الأخير من العقارات الضائعة والمعرضة للنهب والبيع غير المشروع فما بالك والعقارات التي لم يكشف اللثام عنها حتى الآن لعدم توافر الإرادة السياسية الكافية. ان الممتلكات الثقافية في البلاد تشكل جزء هاما من ممتلكات الدولة وهي الأخرى تعرضت وتتعرض إلى العديد من المخاطر نتيجة لسهولة الوصول اليها بشكل خاص او عدم كفاية الحماية والمخطر الكامنة في النقل وعودة الحفريات السرية والسرقات والاتجار غير المشروع واعمال التخريب وعدم اكتراث الإدارات المسؤولة عن حمايتها رغم ان هذه الممتلكات تمثل الثقافات المختلفة في البلاد وأقرب الأمثلة سرقة المتاحف والتجاوز على ممتلكات الطوائف المسيحية والإيزيدية بالرغم من انها تشكل جزءا من التراث المشترك للنسيج الاجتماعي لهذا فان الدولة هي المسؤولة أخلاقيا امام المجتمع العراقي ونظرا لأهمية الممتلكات الثقافية في مختلف البلدان أولى المؤتمر العام للأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة المنعقد في باريس في 24 تشرين الأول عام 1978 دعا كافة البلدان الأعضاء في الأمم المتحدة إيلاء اهتمام خاص بالممتلكات الثقافية وحمايتها كأصول قيمة للأجيال القادمة.
ولأجل الحفاظ على كل هذه الممتلكات في الداخل والخارج يتطلب من الحكومة بذل اقصى الجهود لإعادتها كأصول مالية او عقارات من خلال تنشيط دور الأجهزة الأمنية والقضائية والدبلوماسية ومن خلال قانون صندوق استرداد الأموال رقم 96 لسنة 2021 المعدل بالتنسيق مع القضاء العراقي والاجنبي.
*********************************************
الصفحة الخامسة
وسط لهيب الصيف وأزمة الكهرباء العراقيون يُكافحون في سبيل هواء بارد!
متابعة – طريق الشعب
في ظلّ أزمة الطاقة الكهربائية المزمنة في العراق، والتي تتفاقم مع اشتداد حرارة الصيف، اضطر مواطنون كثيرون إلى البحث عن الهواء البارد في حلول بديلة تتلاءم مع ضعف التجهيز الكهربائي وعدم استقراره. فبين الانقطاعات المتكررة والجهد الكهربائي المتذبذب الذي قد لا يتجاوز أحيانًا 140 (فولت)، أصبحت أجهزة التبريد التقليدية، مثل المكيفات المنزلية، غير مجدية أو غير قابلة للتشغيل في كثير من الأوقات.
أمام هذا الواقع، اتجه الكثيرون من المواطنين نحو استخدام أجهزة تبريد اقتصادية، تُعرف شعبيًا بـ"الراوترية" أو "الانفيرتر"، وهي أجهزة صغيرة تستهلك طاقة منخفضة ويمكن تشغيلها على تيار ضعيف أو من خلال مولدات كهربائية أهلية، لكن أسعارها مرتفعة نسبيا قد لا يقوى عليها الفقير وذو الدخل المحدود. إذ يلجأ الأخيرون عادة إلى شراء مبردات هواء اعتيادية، رغم ضعف فاعليتها أحيانًا، على أمل توفير الحد الأدنى من التهوية والتبريد داخل المنازل.
وبديهي أن الأسرة التي تتمكن من توفير مكيف اقتصادي، تقوم بنصبه في غرفة واحدة، وبالتالي يجلس جميع أفرادها، ويأكلون ويشربون وينامون في هذه الغرفة! على اعتبار أن سعر المكيف غال، وأن متطلبات تشغيله تفرض سحب أمبيرات إضافية من المولدة الأهلية، لا سيما أن الكهرباء الوطنية لا تتوفر في أفضل الأحوال، سوى 6 إلى 7 ساعات يوميا في معظم مدن البلاد، حتى صار اعتماد المواطن كليا على المولدات.
العراقيون خبراء في التبريد!
في حديث صحفي يقول كاظم جواد، وهو صاحب متجر لبيع أجهزة التبريد في الكرادة، أن المواطن العراقي أصبح خبيرا في أجهزة التبريد. لا يهتم بماركة الجهاز بقدر اهتمامه بكمية الطاقة الكهربائية التي يستهلكها، وبقدرته على تحمل التشغيل فترة طويلة نسبيا.
ويضيف أن "هناك شركات تطرح مكيّفات هواء وبرادات ماء تعمل على تيار كهربائي منخفض بين 1 و5 أمبيرات. ويحرص التجار على توفير تلك الأجهزة نظرا لازدياد حاجة الناس إليها في ظل تردي الكهرباء".
غرفة واحدة لجميع أفراد الأسرة
من جانبها، تقول المواطنة نرمين فاروق، وهي أم لخمسة أطفال، أنه بسبب تردي التيار الكهرباء وتذبذب قدرته، باتت أجهزة التبريد التقليدية لا تصمد أكثر من ثلاث سنوات.
وتوضح في حديث صحفي، أن "هناك عائلات تضطر إلى شراء جهاز تبريد اقتصادي واحد تضعه عادة في غرفة المعيشة. إذ ينام جميع أفراد العائلة في هذه الغرفة خلال فصل الصيف".
وتضيف قائلة: "نحن أسرة كبيرة وإنفاقنا مرتفع، ونحاول أن نقتصد قليلاً. لذلك نشترك خلال الصيف بـ 5 أمبيرات كهرباء من المولدة الأهلية، نشغل بها المكيف الاقتصادي الذي نصبناه داخل غرفة المعيشة. حيث أصبحت مكانا للتجمع العائلي والنوم".
المواطن يُعاني والمسؤول مرتاح!
اما المواطن محمد علي شهاب من محافظة واسط، فيقول أنه "منذ بداية الصيف قمنا بإطفاء أجهزة التبريد تماما خوفا عليها من العطب بسبب تذبذب الكهرباء الوطنية وانخفاض قدرتها (الفولتية)، رغم انها لا تتوفر سوى 6 أو 7 ساعات خلال اليوم".
ويوضح في حديث لـ"طريق الشعب"، أنه "بسبب ضعف قدراتنا المالية، لم نتمكن من شراء مكيف اقتصادي. فالأمر مكلف، سعر المكيف غالٍ وحتى لو اشتريناه لا يمكننا تحمّل تكاليف 4 إلى 5 أمبيرات إضافية من المولدة الأهلية"، مبينا أنه "اضطررنا إلى شراء مبردة هواء ونصبها في إحدى غرف المنزل، ورغم أن هواءها لا يرتقي إلى هواء المكيف، خاصة في شهري تموز وآب، إلا انها أحسن من لا شيء".
ويشير شهاب إلى أن العائلة صارت تتجمع طيلة ساعات الليل والنهار في هذه الغرفة، معربا عن استيائه من الجهات الحكومية المعنية "التي عجزت عن إيجاد حل لمعضلة الكهرباء، ولم تفلح سوى بإطلاق الوعود الزائفة".
ويقول أن "المواطن يعيش اياما صعبة للغاية خلال الصيف، فيما المسؤولون متنعمون بالتبريد والراحة"!
الأطفال يتصارخون من شدة الحر!
في السياق، يقول المواطن سامي محسن بنبرة ساخرة: "أدفع ثلاث فواتير خلال الصيف: فاتورة كهرباء الحكومة وفاتورة اشتراك المولدة الأهلية، وفاتورة تصليح جهاز التبريد الذي يتعطل بسبب تردي التيار الكهربائي".
ويلفت في حديث صحفي إلى أنه اشترى حديثاً مكيّف هواء صغيراً بعد أن أبلغه التاجر أنه يشتغل على 3 أمبيرات كهرباء، مستدركا "لكن المكيف لم يتمكن من تبريد الغرفة كلها، بل جزء منها".
ويشير إلى انه اضطر إلى شراء هذا المكيف كي ينام طفله الصغير، الذي يتصاعد صراخه ليلا من شدة الحر!
ويلجأ الكثيرون من العراقيين إلى حلول جزئية للتبريد، من بينها مراوح الرذاذ وأجهزة التبريد الصحراوية الصغيرة، بسبب عدم قدرتهم على تحمّل تكاليف تشغيل المكيفات المركزية ذات الاستهلاك العالي للطاقة.
تبريد مبتكر
ولأن "الحاجة أم الاختراع" - كما يقولون – وجد المواطن فهد الجني حلا بسيطا للأزمة. إذ صنع من مروحة صغيرة مكيف هواء باستخدام مواد مستعملة.
يقول الجني في حديث صحفي، أنه قام بتثبيت المروحة على صندوق خشبي يملؤه بالثلج. حيث تدفع المروحة الهواء داخل الصندوق، فيمر عبر الثلج، وبعدها يخرج من الجهة الأخرى من الصندوق باردا منعشا!
إلى ذلك، تقول المواطنة هند عبد الستار، وهي مدرسة متقاعدة، أنها في فصل الصيف تنفق مالا يتجاوز راتبها المحدود، للحصول على هواء بارد.
وتوضح انه "رغم إمكانياتي المادية المحدودة اشتريت قبل عامين ثلاثة أجهزة تبريد باهظة الثمن من إحدى الماركات العالمية المعروفة، وذلك بنظام التقسيط. وصرت أنفق نحو 250 ألف دينار شهريا على الكهرباء كي أتمكن من تشغيل تلك المكيفات".
وتنوّه هند إلى أنها وجميع أفراد عائلتها يعانون ضيقا مزمنا في التنفس، ومع ارتفاع درجات الحرارة وحلول موسم العواصف الترابية، يتعرضون للاختناق، لذلك لا ملاذ لهم سوى في إغلاق أبواب منزلهم وتشغيل أجهزة التكييف.
*****************************************
تلكؤ عمل شركة تنظيف يُراكم النفايات في النجف
متابعة – طريق الشعب
تشهد أحياء عديدة في مركز مدينة النجف، تراجعاً ملحوظاً في خدمات التنظيف منذ تولي شركة خاصة مسؤولية إدارة ملف النفايات. ورغم أن عملها كان جيداً منذ رمضان الماضي - حسب الأهالي، إلا أن النفايات اليوم تتكدس في الشوارع والأزقة.
في المقابل، يؤكد عضو مجلس المحافظة أكرم شربة، أنه في حال ثبت وجود تلكؤ في عمل الشركة، سيتم توجيه إنذارات رسمية إليها قد تنتهي إلى فسخ العقد معها.
يقول المواطن حسام الكعبي، وهو من أهالي حي السلام وسط النجف، أنه "لم نكن نعاني سابقاً مشكلة تراكم النفايات، أما اليوم فقد زادت معاناتنا"، مبينا في حديث صحفي أن "الشركة تقوم بنقل الحاويات المنزلية وتفريغها بطريقة عشوائية. فأحياناً أرى حاويتنا عند الجيران وفي أحيان أخرى ترمى وسط الشارع".
أما أحمد العابدي، وهو من سكان العمارات السكنية، فيقول انه "عندما استلمت الشركة العمل إبان رمضان الماضي، كان أداؤها جيدا. لكن سرعان ما تراجعت وتوارى وجودها عن الأنظار".
ويؤكد ذلك أيضا رائد جواد، وهو أيضا من ساكني العمارات. إذ يقول أن "النفايات متراكمة منذ أكثر من 3 أسابيع دون أي معالجة. الروائح الكريهة باتت تدخل منازلنا وتؤثر على صحتنا وبيئتنا، دون وجود أي تحرك حقيقي من الجهات المعنية".
من جانبه، يقول المواطن كريم جريو، من حي العدالة، أنه "اضطررت إلى شراء 3 إلى 4 حاويات على نفقتي الخاصة، لأن الحاويات التي توفرها الشركة تتعرض للكسر أو تلقى بطريقة غير صحيحة".
ويوضح في حديث صحفي أن "عمال الشركة يأتون في أوقات متأخرة من الليل، وكأنهم يعملون بسرية وبدون أي تنظيم واضح"!
إلى ذلك، يقول عضو مجلس المحافظة أكرم شربة، أن "(شركة هريم) تتقاضى 32 ألف دينار عن كل طن نفايات ترفعه في النجف وتنقله إلى موقع الطمر الصحي"، مبينا أن "الشركة ترفع يوميا نحو 250 طناً، ما يجعل قيمة العقد السنوية تقارب 3 مليارات دينار".
ويشير إلى ان "العقد مع الشركة محدد بسنة واحدة قابلة للتجديد. وإذا ثبت وجود تلكؤ فسيتم توجيه إنذارات متتالية، وصولاً إلى فسخ العقد، كما حصل سابقاً مع شركة في المدينة القديمة"، مستدركا "لكننا حتى الآن راضون عن أداء الشركة الحالية".
******************************************
تحذير من تساقط شعر سكان بسماية!
متابعة – طريق الشعب
حذر "مرصد العراق الأخضر" البيئي، من إصابة اهالي مجمع بسماية السكني، الذين يُقدر تعدادهم بمائة ألف نسمة، بأمراض جلدية وتساقط للشعر جراء عدم صلاحية المياه الواصلة إليهم.
وقال في تقرير صحفي أول أمس الثلاثاء، أن السكان شكوا من لون المياه، والذي يشبه لون القهوة في بعض الأحيان، أو مائل للصفرة، مضيفا أن المياه التي تصل إلى المجمع لا تمر بأي فلترة وتعقيم في بعض الاوقات، وأحيانا تكون رائحة الكلور فيها أكثر من اللازم.
ووفقا للمرصد، فإن السكان بدأوا يعتمدون على ماء "آر أو"، لأن المياه التي تصلهم بدأت تتسبب في إصابتهم بأمراض جلدية وتساقط شعر، بناء على تشخيصات أطباء يراجعونهم.
ونبه إلى حصول ارتفاع في أسعار وحدات المياه في المجمع من 11 الى نحو 20 ألف دينار!
*****************************************
اكَول.. حرائق متكرّرة ونظام يحترق بالصمت!
أسامة عبد الكريم
اندلع حريق مول الكوت مساء الأربعاء 17 تموز، في واحدة من أبشع الكوارث الإنسانية التي عرفتها المدينة. وبينما كانت العائلات تمضي وقتها في التسوّق داخل أحد أكبر الهايبر ماركتات، التهمت النيران المكان فجأة، لتحصد أرواح 69 شخصاً – وربما أكثر. لكن الحريق لم يكن صدمة عشوائية، بل نتيجة حتمية لمسار طويل من الإهمال والتغاضي. فمشهد الجثث المتفحّمة، ومحاولات التعرف على هويات الضحايا عبر فحوصات الـDNA، لم يعد غريباً على العراقيين، بل صار مكرّراً، وموزّعاً جغرافياً بين الأنبار والنجف والحمدانية والناصرية وبغداد، حيث تتراكم الحرائق من دون مساءلة. من احتراق ملفات الجباية التي قُيّدت ضد تماس كهربائي، إلى اشتعال مستشفيات ومزارع وقاعات أعراس ومولات تجارية، تتوالى الفواجع، وتحترق الأدلة قبل أن يُكتب أول سطر في التحقيق.
سجّلت مديرية الدفاع المدني أكثر من 31 ألف حادث حريق في 2022، وارتفع العدد في 2023 إلى أكثر من 34,500 حادث. أما عام 2024، فقد شهد حتى تموز الجاري أكثر من 21 ألف حريق. هذه ليست مجرد أرقام، بل تراجيديا متواصلة بلا مساءلة. في عام 2021، اشتعل مستشفى الحسين في الناصرية وسقط أكثر من 92 شهيداً. في الشهر نفسه تقريباً، احترق مركز عزل كورونا في مستشفى ابن الخطيب ببغداد، وقُتل 82 مواطناً. وبعدها بعامين، تكرّرت الفاجعة في الحمدانية، نينوى، داخل قاعة أعراس حيث التهمت النيران أكثر من 120 شخصًا، بينهم عرسان وأطفال.
كل مرّة، يُحمّل "التيار الكهربائي" المسؤولية، لكن الكارثة تبدأ قبل اشتعال الأسلاك: تبدأ من اللحظة التي يمنح فيها المستثمر أو التاجر أو صاحب القاعة أو المستشفى رخصة إنشاء دون تدقيق بشروط السلامة، من اللحظة التي يمرّ فيها تقرير الدفاع المدني بلا فحص، حين تُبنى طوابق فوق طوابق دون مخرج طوارئ واحد، دون إنذار حريق، دون طفاية.
إن جريمة الكوت، كما غيرها، ليست قضاءً وقدراً، بل جريمة قتل بالإهمال المتعمّد، تشترك فيها الدوائر الرسمية، وأصحاب المشاريع، وكل من صمت أو غضّ الطرف. ويطالب المركز المعني بسلامة المواطن، بتحريك شكوى قضائية ضد كل الأطراف المتورطة، بدءاً من صاحب المبنى، ومروراً بالجهات التي منحت الإذن، وصولاً إلى من تهاونوا في الرقابة والتدقيق. ثمة أيادٍ ملطخة بدماء العراقيين الأبرياء، لا تمسك سكيناً بل توقيعاً، ولا تشعل النار بولاعة بل بقرار. هم أولئك الذين يمنحون التراخيص دون تدقيق، ويغضّون الطرف عن مخالفات فادحة، ويشيّدون الأرباح فوق ركام الأرواح. نكتشفهم حين نربط الفاجعة بالسياق، لا بالعذر، ونفتح ملفات التحقيق لا لنغلقها بل لنحاسب، وننظر في بنية النظام التي تحمي المتورطين بدل أن تفضحهم. الدم لا يجف، والعدالة لا تبدأ إلا حين نعرف من سلّم الحطب للنار.
أكول: أن نغادر منطق الإنكار ونبدأ من التشريع. قانون خاص بمتطلبات السلامة العامة بات ضرورة وطنية لا مؤجلة. قانون يُلزم الجهات العامة والخاصة بمعايير دقيقة، ويُعاقب المخالفين بالسجن والغرامة، لا برسالة تنبيه. ويجب تشكيل فريق وطني، خلال 90 يوماً، يقيّم إجراءات السلامة في كل المحافظات، ويعرض نتائج تحقيقاته أمام الناس، لا في أدراج المسؤولين. الحرائق قد تشتعل لأسباب فنية، لكن استمرارها سياسي. والأخطر من النيران هو الصمت أمامها.
**************************************
الأنبار.. مخاطر بيئية جسيمة تفرزها المستشفيات
متابعة – طريق الشعب
حذّر رئيس "مركز الفرات" البيئي، صميم سلام، من "مخاطر جسيمة" ناجمة عن قيام بعض المستشفيات والمراكز الصحية، الحكومية والأهلية، بالتخلص من نفاياتها الطبية ضمن النفايات الاعتيادية، مؤكدًا أن هذا السلوك يشكّل تهديدًا مباشرًا لصحة الإنسان والبيئة على حد سواء.
وقال سلام في حديث صحفي، أن "رمي النفايات الطبية الملوثة بالدماء والأنسجة والمخلفات الكيماوية مع النفايات المنزلية يفاقم من خطر التلوث البيئي، خصوصًا على التربة والمياه الجوفية"، لافتًا إلى أن "أخطر ما في الأمر هو تعرّض عمال النظافة والمواطنين من جامعي النفايات (النباشة) لمواد قد تكون حاملة لفيروسات وبكتيريا، ما قد يتسبب في كوارث صحية غير مرئية".
وأوضح أن "الكثير من المنشآت الصحية، خصوصًا الأهلية منها، تتعامل مع النفايات باعتبارها عبئًا ماليًا وتسعى لتقليل كلفة التخلص منها، رغم أن القانون واضح في اعتبار هذه المنشآت مشاريع استثمارية ملزمة بتركيب منظومات متخصصة لمعالجة النفايات الطبية الخطرة، وتحت رقابة دورية من وزارتي البيئة والصحة".
وبيّن سلام أن "تعليمات إدارة النفايات الطبية رقم (1) لسنة 2015، تنصّ صراحةً على وجوب الفصل بين النفايات الطبية والاعتيادية، ومعالجتها بطرق تضمن السلامة العامة، بدءًا من الفرز في مكان التوليد، ثم النقل، وانتهاءً بمرحلة المعالجة النهائية"، مشيرًا إلى أن "عدم الالتزام بهذه التعليمات يعني خرقًا صريحًا للقانون البيئي العراقي، وقد يعرّض المخالفين للمساءلة القانونية".
وأضاف أن "تقارير رسمية صادرة عن وزارة البيئة تشير إلى أن العراق ينتج أكثر من 20 ألف طن سنويًا من النفايات الطبية، غالبيتها يتم التعامل معها بطرق بدائية أو تُدمج مع النفايات الصلبة الأخرى، في ظل ضعف الرقابة ونقص محارق النفايات المعقمة والمطابقة للشروط البيئية".
كما نبّه إلى أن "منظمة الصحة العالمية كانت قد أوصت في وقت سابق بأن يتم حرق أو تعقيم النفايات الطبية في وحدات خاصة معزولة، خصوصًا تلك الناتجة عن وحدات العزل، وأقسام الطوارئ، والمختبرات، لكنها غالبًا ما تُهمل في العراق، ما يفتح الباب أمام أزمات بيئية مزمنة".
ورأى سلام أن "الجهات الرقابية مطالبة اليوم، أكثر من أي وقت مضى، بتكثيف عمليات التفتيش، خاصةً مع ارتفاع حجم النفايات الطبية بعد جائحة كورونا، واتساع عدد المؤسسات الصحية في المدن الكبرى"، داعيًا المواطنين إلى "الإبلاغ عن أي ممارسات مشبوهة تتعلق بالتخلص من النفايات في الأماكن غير المخصصة لها".
***************************************
مواساة
- تتقدم اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في الشطرة، بخالص التعازي وصادق المواساة إلى الأستاذين ليث وعلي سهر، إثر الفاجعة الأليمة التي راح ضحيتها خمسة من أبناء شقيقتهما، جراء الحريق المروّع الذي اندلع في عمارة "هايبر ماركت" وسط الكوت.
الذكر الطيب للضحايا الأبرياء، والصبر والسلوان لعائلتهم وذويهم.
كما تقدم اللجنة المحلية أحرّ التعازي إلى الأستاذ حكيم الغالبي، بوفاة ابنة أخيه إثر حادث مؤسف.
للفقيدة الذكر الطيب، ولأهلها الصبر والسلوان.
**********************************************
الصفحة السادسة
مع استمرار حرب الإبادة والتجويع 25 دولة تدين إسرائيل وتطالب بوقف الحرب
متابعة – طريق الشعب
ما يزال الفلسطينيون في قطاع غزة يتعرضون بلا هوادة لحرب الإبادة والتجويع المنظم. بالإضافة إلى المعطيات المتسارعة عن ضحايا القصف الوحشي او الموت جوعا. وأفاد صحفيون ميدانيون بتزايد أعداد المواطنين الذين ينهارون في الشوارع من الإرهاق والجوع. وصرح روس سميث، من برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، في بيان له الاثنين الفائت، بأن 100 ألف شخص يعانون من سوء تغذية حاد ويحتاجون إلى رعاية طبية عاجلة. وأضاف: "لقد وصلت أزمة الجوع في غزة إلى مستويات جديدة ومثيرة للقلق"، ثلث السكان لم يتناولوا الطعام منذ أيام.
تجويع غير مسبوق
ووفق مدير مؤسسة السلام العالمي، أليكس دي وال، في البرنامج الأمريكي "الديمقراطية الآن!"، الذي بُثّ يوم الاثنين (بالتوقيت المحلي): "أعمل في مجال المجاعات وأزمات الغذاء والاستجابات الإنسانية منذ أكثر من 40 عامًا، وخلال تلك العقود الأربعة، لم نشهد قط حالة تجويع جماعي مُخطط لها بدقة، ومُراقَبة عن كثب، ومُصمَّمة بدقة لسكان غزة كما يحدث اليوم". وصرح المدير الطبي في غزة، محمد أبو عفش، يوم الثلاثاء، بأن مرحلة المجاعة قد بدأت، متوقعًا موتًا جماعيًا للنساء والأطفال. كما صرّح المجلس النرويجي للاجئين، الذي يضم 64 فلسطينيًا وموظفين دوليين اثنين في القطاع الثلاثاء الفائت: "تم توزيع آخر خيمة لنا، وآخر طرد غذائي، وآخر إمدادات إغاثة. لم يتبقَّ شيء. ولم يتسنَّ إدخال مئات الشاحنات المحملة بالمساعدات الإنسانية إلى غزة خلال الأيام الـ 145 الماضية.
في الوقت نفسه، وسّعت إسرائيل نطاق حربها، ونشرت دباباتها يوم الاثنين الفائت في مدينة دير البلح بوسط القطاع،. لقد لجأ عشرات الآلاف إلى هناك، معظمهم في خيام. ووفقًا لمنظمة الصحة العالمية، فإن 88 في المائة من القطاع يخضع الآن لأوامر إخلاء. وفي يوم الثلاثاء الفائت، أدانت منظمة الصحة العالمية تعرض سكن موظفيها في دير البلح للهجوم ثلاث مرات في اليوم السابق، وتدمير مستودعها الرئيسي. واعتقال عدد من موظفيها. ودعت المنظمة إسرائيل إلى إطلاق سراح موظفيها فورًا.
25 دولة تدين اسرائيل
يوم الاثنين أيضًا، دعت 27 دولة، منها بريطانيا العظمى وفرنسا وكندا وإيطاليا واليابان، مفوض الاتحاد الأوروبي للمساواة إلى وقف فوري لحرب غزة. وفي بيان مشترك، انتقدت هذه الدول الحكومة الإسرائيلية على "القتل غير الإنساني للمدنيين" الذين يحاولون الحصول على الغذاء في نقاط توزيعه. كما دعا البابا إسرائيل يوم الأحد إلى إنهاء "الهمجية" في غزة. ولم يوقع على البيان الولايات المتحدة وألمانيا الاتحادية، اللذان يشكلان الموردان الرئيسيان للأسلحة لجيش الاحتلال.
ورغم رمزية البيان، لأن بريطانيا العظمى وإيطاليا وكندا تواصل تزويد إسرائيل بالأسلحة رغم الحرب الإبادة الجماعية في غزة، فإن هذا البيان يكتسب أهمية، فجرائم دولة الاحتلال دفعت حتى أقرب الحلفاء لتوجيه نقد صريح لها.
لقد أدان البيان الحكومة الإسرائيلية، متهمين إياها بحرمان الفلسطينيين في غزة من الكرامة الإنسانية، وداعين إلى وقف العدوان فورا. ودعا البيان حكومة الاحتلال إلى رفع القيود المفروضة على تدفق المساعدات الإنسانية إلى غزة على الفور. ووصف المقترحات الإسرائيلية بنقل 600 ألف فلسطيني إلى ما يسمى بـ “المدينة الإنسانية” في رفح بأنها “غير مقبولة تمامًا".
وحذر البيان من خطورة الوضع الإنساني في غزة، حيث وصلت معاناة المدنيين إلى “أعماق جديدة”. وأكدوا أن النموذج الذي تتبعه حكومة الاحتلال لتوصيل المساعدات “خطير”، ويغذي عدم الاستقرار، ويحرم سكان غزة من أبسط حقوقهم الإنسانية. كما أدان البيان “استشهاد المدنيين، بما في ذلك الأطفال، الذين يسعون لتلبية احتياجاتهم الأساسية من الطعام والماء”. وحذروا من أن “تدفق المساعدات بشكل تدريجي” هو بمثابة “إعدام بطيء” لسكان غزة.
التحقيق مع جنود إسرائيليين في بلجيكا
على الرغم من إطلاق سراحهما لاحقا، إلا أن تحقيق السلطات البلجيكية مع جنديين من جيش الاحتلال، يشير بشكل ملموس إلى ملاحقة الجنود الإسرائيليين بسبب جرائم الحرب في الخارج، أصبح كابوسا حقيقيا لدولة الاحتلال، وسيسبب لها الكثير من المشاكل الدبلوماسية مع العديد من دول العالم.
وجاءت عملية الاعتقال، بناء على شكوى قانونية تقدّمت بها مؤسسة هند رجب بالشراكة مع الشبكة العالمية للعمل القانوني. وذكرت المؤسسة في بيان رسمي أن عملية الاعتقال تمت بشكل مرئي وحازم خلال مهرجان "تومورولاند" الموسيقي في مدينة بوم البلجيكية، حيث تم التعرف على الجنديين واحتجازهما مؤقتًا، قبل أن يخضعا لاستجواب رسمي من قبل الشرطة ومن ثم يتم إطلاق سراحهما. وقالت مؤسسة هند رجب في بيانها: "نحن لا ندّعي أن العدالة قد تحققت، ليس بعد، لكننا نؤمن أن أمرًا مهمًا قد بدأ. فللمرة الأولى في أوروبا، يخضع مشتبه بهم إسرائيليون مرتبطون بجرائم في غزة للاعتقال والاستجواب الرسمي. ولم يكن ذلك ليحدث لولا قوة القانون والإرادة في تطبيقه."
***************************************
حزب الشعب يؤكد على وحدة الجهود لوقف حرب الإبادة والتجويع في غزة
رام الله - وكالات
أكد حزب الشعب الفلسطيني، أمس الأربعاء، على ضرورة توحيد كل الطاقات والجهود الفلسطينية من أجل الوقف الفوري للإرهاب والعدوان الإسرائيلي وحرب الإبادة والتجويع التي يمارسها بحق شعبنا في قطاع غزة، وفك الحصار عنه وتأمين المساعدات الإنسانية والاحتياجات الحيوية العاجلة له.
يأتي هذا مع بيان مشترك أعلنته أكثر من 100 منظمة دولية، قالت المنظمات البارزة من بينها "أطباء بلا حدود"، و"منظمة العفو الدولية"، و"أوكسفام"، إن المجاعة باتت منتشرة في أرجاء القطاع.
أولوية كفاحية لإنقاذ الشعب
وقال حزب الشعب في بلاغ صدر عن اجتماع مكتبه السياسي، أن وقف حرب الإبادة والتجويع، هو المهمة الأكثر أولوية إنسانياً ووطنياَ في الوقت الراهن، وهو ما يستدعي تفعيل ووحدة كل الطاقات على الصعيدين الرسمي والشعبي، ومراعاة أولوياتنا السياسية والاجتماعية والكفاحية لإنقاذ شعبنا.
وفي الوقت الذي رحّب فيه حزب الشعب بإجراء انتخابات لمجلس وطني جديد، باعتبار كل انتخابات عامة، هي استحقاق دستوري وديمقراطي، وفرصة لتجديد الهيئات الوطنية وتحفيز وتطوير أدائها القيادي، أكد الحزب على الموقف الذي طرحه الأمين العام في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، بضرورة ان يضمن انعقاد المجلس الوطني وإجراء الانتخابات له، جمع شمل الشعب الفلسطيني، وتعزيز وحدته ومكانة منظمة التحرير الفلسطينية، لا ان يكون مصدراَ جديداَ للمزيد من التفسخ والانقسام، وهو الأمر الذي يهدد حتى مكانة منظمة التحرير الفلسطينية ذاتها.
تعزيز وحدة الشعب
وشدد الحزب على أن الرد السياسي على مؤامرة تصفية حقوق شعبنا ووجوده على أرضه، يتمثل في تعزيز وحدة الشعب الفلسطيني وقواه ومؤسساته السياسية والمجتمعية في الداخل والخارج.
وأكد بلاغ المكتب السياسي لحزب الشعب، ان من هذا المنطلق فإن انتخابات المجلس الوطني أو تشكيله الجديد، يجب ان تحقق ضمان مشاركة القوى السياسية والمجتمعية كافة، وذلك وفقاَ لقانون الانتخابات ولاتفاقات المصالحة وآخرها في بكين، وأن تضمن أيضاَ إعادة بناء النظام السياسي استنادا إلى هدف الدولة المستقلة التي باتت تحظى بمركز سياسي وقانوني في الأمم المتحدة، وباعترافات دولية متزايدة.
وطالب حزب الشعب بضرورة الشروع فوراَ في الحوار الوطني الشامل، والاتفاق على آلية تحقيق ذلك عبر تعزيز وحدة الشعب الفلسطيني وأهدافه الوطنية، وتصليب جبهته الداخلية لمواجهة مخططات تصفية القضية الفلسطينية.
*********************************************
الولايات المتحدة تعلن انسحابها مجددا من اليونسكو
واشنطن - وكالات
قررت الولايات المتحدة الأمريكية، الانسحاب مجددا، من منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو). واتهمت واشنطن المنظمة بالتحيّز ضد إسرائيل والترويج لقضايا "مثيرة للانقسام".
من جهتها، أسفت المديرة العامة لليونسكو، أودري أزولاي، لقرار واشنطن الانسحاب من المنظمة، وأكدت أنه كان "متوقعا".
وقالت أزولاي "يؤسفني جدا قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سحب الولايات المتحدة الأمريكية من اليونسكو.. ورغم أن الأمر مؤسف إلا أنه كان متوقعا واستعدت اليونسكو له".
وقالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الأمريكية تامي بروس، إن "الاستمرار في المشاركة في اليونسكو لا يصب في المصلحة الوطنية للولايات المتحدة".
واعتبرت بروس، أن اليونسكو تعمل على "الترويج لقضايا اجتماعية وثقافية مثيرة للانقسامات"، وتركّز بشكل مبالغ فيه على أهداف الأمم المتحدة المتعلقة بالاستدامة في إطار ما قالت إنها "أجندة فكرية قائمة على العولمة".
ورأت أن موقف المنظمة مناهض لإسرائيل عبر الاعتراف بدولة فلسطينية. وأوضحت أن قرار اليونسكو الاعتراف بدولة فلسطين كدولة عضو "يمثّل مشكلة كبيرة ويعارض سياسة الولايات المتحدة وساهم في انتشار خطاب معاد لإسرائيل داخل المنظمة".
*********************************************
المجلس العلوي الأعلى يندد بنتائج تحقيق أحداث الساحل السوري
دمشق - وكالات
ندد المجلس العلوي الأعلى، أمس، بنتائج لجنة تقصي الحقائق في أحداث الساحل السوري.
وأعلن المجلس رفضه نتائج اللجنة، محملا “سلطة الأمر الواقع” المتمثلة بالرئيس السوري أحمد الشرع وحكومته مسؤولية الهجمات المميتة التي وقعت في آذار.
ودعا المجلس إلى إجراء تحقيق دولي ومستقل بإشراف مباشر من الأمم المتحدة.
وكانت اللجنة، قد قالت إن 1426 شخصا لقوا حتفهم خلال شهر آذار في هجمات على قوات الأمن وما تلاها من عمليات قتل جماعي لسوريين علويين، لكنها خلصت إلى أن قادة قوات الأمن لم يصدروا أوامر بشن هجمات انتقامية. وكشف تحقيق أجرته رويترز الشهر الماضي عن مقتل 1479 علويا سوريا، وفقدان العشرات في 40 موقعا مختلفا لعمليات قتل انتقامية. وتتبع التحقيق أيضا تسلسل القيادة بدءا من منفذي الهجمات بشكل مباشر، وصولا إلى رجال مقربين من قادة سوريا الجدد في دمشق.
وعادت سلامة الأقليات إلى الواجهة هذا الشهر مع مقتل المئات في اشتباكات بين قوات الأمن الحكومية ومسلحين من البدو السنة ومن الطائفة الدرزية في محافظة السويداء الجنوبية. وشكلت السلطات لجنة جديدة لتقصي الحقائق بعد هذه الاشتباكات.
**********************************************
السودان: تدهور الوضع الصحي في شمال دارفور.. ودعوة أممية لوقف فوري للقتال
الخرطوم - وكالات
مع تصاعد العنف وتفشي الأمراض، جددت الأمم المتحدة دعوتها إلى وقف فوري للأعمال العدائية في السودان وحماية المدنيين والعاملين في المجال الإنساني، وتوفير وصول دون عوائق عبر خطوط النزاع والحدود، وزيادة الدعم الدولي لمعالجة الاحتياجات الإنسانية المتزايدة في جميع أنحاء البلاد.
أكثر من 380 ألف نازح
وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، في المؤتمر الصحفي اليومي، إن الأمم المتحدة وشركاءها قاموا بمراجعة وتوسيع خطط الاستجابة للاحتياجات الهائلة لأكثر من 380 ألف نازح في محلية طويلة بولاية شمال دارفور، بينهم 327 ألف شخص - غالبيتهم من النساء والأطفال - فروا من مخيم زمزم المنكوب بالمجاعة والمناطق المحيطة به، عقب اندلاع الأعمال العدائية هناك في منتصف نيسان.
وذكر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) أن هذه الخطة المحدثة تهدف إلى زيادة المساعدة على مدى الأشهر الثلاثة المقبلة، مع التركيز على الغذاء والرعاية الصحية والمياه والصرف الصحي والمأوى والحماية. وهناك حاجة ماسة إلى ما يقدر بنحو 120 مليون دولار لتنفيذ الخطة وتوسيع نطاق الاستجابة.
الإصابات بالكوليرا والحصبة في ارتفاع
وحذر مكتب تنسيق الإنسانية من أن الوضع الصحي في شمال دارفور يتدهور بسرعة، حيث تتزايد حالات الإصابة بالكوليرا والحصبة والملاريا في منطقة طويلة، وكذلك في الفاشر وكبكابية، وجميعها تقع في ولاية شمال دارفور.
وتتابع الأمم المتحدة مع شركائها للحصول على مزيد من التفاصيل حول حالات الكوليرا في الفاشر. لكن مكتب أوتشا قال إن انقطاع الإنترنت على نطاق واسع في منطقة الفاشر ونقص اختبارات التشخيص السريع يعيقان بشدة مراقبة الأمراض، وتم إغلاق أكثر من 32 مرفقا صحيا في المدينة بسبب انعدام الأمن.
ويدفع النقص الحاد في اللقاحات والأدوية الأساسية والمستلزمات الجراحية النظام الصحي إلى حافة الانهيار، ما يترك الآلاف دون الحصول على الرعاية التي يحتاجونها للبقاء على قيد الحياة. وفي الوقت نفسه، يستمر النزوح في إحداث خسائر فادحة في صفوف المدنيين الذين يحاولون العثور على الأمان.
ارتفاع كبير في الأسعار
وفي جنوب دارفور، تعاني الأسواق من ارتفاع حاد في الأسعار، مدفوعا بالفيضانات والأنهار الموسمية التي قطعت طرق الإمداد من تشاد والولاية الشمالية.
في نيالا، عاصمة الولاية، أفادت التقييمات التي أجرتها الأمم المتحدة مع شركائها بارتفاع سعر كيس السكر زنة 50 كيلوغراما بنسبة 21 في المائة في شهر واحد فقط، بينما قفزت أسعار دقيق القمح بنسبة 31 في المائة، مما يزيد من انعدام الأمن الغذائي للعائلات الضعيفة بالفعل.
وفي غضون ذلك، جدد مكتب أوتشا الإعراب عن قلق بالغ بشأن تصاعد العنف في منطقة كردفان. ففي ولاية غرب كردفان، قُتل خمسة مدنيين على الأقل وأصيب عدة آخرون في غارات بطائرات مسيرة على أسواق الوقود في بلدتي الفولة وأبو زبد يوم أمس، وفقا لتقارير محلية. ودمرت حرائق هائلة كلا السوقين، ما أثار الذعر بين السكان بطبيعة الحال.
.******************************************
الصفحة السابعة
إجراءات السلامة العامة بين حماية الأرواح وتهديد رزق العمال
بغداد – طريق الشعب
في أعقاب الحريق الكارثي الذي التهم مركزا تجاريا في مدينة الكوت، وأسفر عن مصرع أكثر من 80 شخصا، سارعت السلطات المعنية إلى إطلاق حملة تفتيش واسعة شملت المشاريع والمنشآت في عموم البلاد. ورغم أهمية هذه الخطوة لضمان السلامة العامة للمواطنين، إلا أن نتائجها الميدانية أثارت جدلا واسعا، لا سيما بعد إغلاق مئات المراكز التجارية، مما انعكس بشكل مباشر على حياة آلاف العاملين، وخاصة أولئك الذين يعملون بأجور يومية، وبلا حماية قانونية أو ضمان اجتماعي.
"فقدت مصدر رزقي فجأة"
في منطقة الزعفرانية ببغداد، يقف الشاب إبراهيم مثنى، وهو عامل بأجر يومي في أحد المطاعم المغلقة حديثا، شاهدا على الأثر الفوري والمؤلم لإجراءات الإغلاق.
يقول إبراهيم في حديثه لـ "طريق الشعب": "نحن مع تشديد العقوبات على أصحاب المطاعم والمراكز المخالفة، لكن إغلاق المكان يعني حرماننا من موردنا الوحيد للعيش. بعد الغلق، سرح صاحب المطعم جميع العمال دون أن يدفع لنا أجورنا، لا اليومية ولا الشهرية".
ويتابع وفي صوته مرارة عذاب واضحة " أنا أعيل أسرتي وأسكن في بيت مؤجر، ولا أعلم كيف سأدفع الإيجار أو أوفر احتياجات أطفالي، أحدهم رضيع. درجات الحرارة خانقة ولا يمكنني الاستغناء عن اشتراك مولد الكهرباء".
وفي الوقت الذي تكشف فيه حالة العامل إبراهيم بوضوح حجم المأساة الإنسانية التي تكمن وراء أرقام الإغلاقات، يصبح مشروعاً طرح التساؤلات عن مدى مراعاة الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية في تطبيق القوانين.
حملة تفتيش واسعة
هذا وأطلقت وزارة الداخلية، عقب كارثة الكوت، حملة ميدانية واسعة لتفتيش المشاريع والمنشآت، أعلنت على إثرها غلق أكثر من 610 مبان ومراكز مخالفة لشروط السلامة، بحسب ما صرح به رئيس دائرة العلاقات والإعلام في الوزارة العميد مقداد ميري، وبيّن أن الرقم قابل للزيادة تبعا لاستمرار الحملة واتساع رقعتها الجغرافية.
وفي بيان لاحق صدر في 14 تموز 2025، كشفت مديرية الدفاع المدني عن ثلاث عقوبات صارمة بحق المخالفين، تتضمن: فرض غرامات مالية، الإغلاق المؤقت أو الدائم، الإحالة إلى القضاء في حال عدم الالتزام بالإجراءات التصحيحية.
نقابات تنتقد القرارات "العشوائية"
بدوره، انتقد رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال جمهورية العراق، كريم لفته سندال، الإجراءات المتبعة في إغلاق المراكز، واصفا إياها بـ "التعسفية". وقال في تصريح لـ "طريق الشعب" إن "هذه المراكز تضم مئات العمال، وغلقها دون إنذار مسبق أو خطة بديلة، يهدد استقرار آلاف العوائل، خاصة في ظل تفاقم البطالة في البلاد مند عقود".
وأضاف أن هذه القرارات لم تقتصر على بغداد، بل طالت محافظات أخرى، مما يزيد من حدة الأزمات الاقتصادية التي يعاني منها العاملون، ويدفع بشرائح واسعة إلى حافة الفقر.
ثغرات قانونية وفوضى في التطبيق
الخبيرة القانونية والمتخصصة في شؤون العمال، سماح الطائي، ألقت باللوم على وزارة الداخلية، معتبرة أن الإجراءات المتخذة لا توازي حجم القصور في تنظيم قطاع السلامة.
وأوضحت خلال حديثها لـ "طريق الشعب" أن "الكثير من المشاريع التجارية تمنح تراخيص دون استيفاء الحد الأدنى من شروط الأمان، سواء في البناء أو أنظمة الإطفاء ومخارج الطوارئ".
وأضافت أن "القوانين موجودة، لكن الجهات الرقابية تعاني من ضعف استجابة المؤسسات الحكومية، بل وتغاضي بعض المسؤولين عن مخالفات خطيرة بدافع المحسوبية أو تسهيل الإجراءات".
الحاجة إلى إصلاح متوازن
وفي الوقت الذي يسعى فيه المسؤولون إلى منع تكرار المآسي الناتجة عن الإهمال، يرى مختصون أن العقوبات لا ينبغي أن تُطبق على حساب الفئات الهشة. فالعاملون في المراكز المغلقة ليسوا طرفا في التقصير، بل هم أول ضحاياه.
ويأمل الكثير من العمال، باعادة النظر في شكل العقوبات المفروضة، بحيث تكون صارمة بحق أصحاب المنشآت المخالفة، لكن دون أن تؤدي إلى طرد العمال وحرمانهم من أبسط مقومات الحياة. فالتوازن بين العدالة والسلامة والعيش الكريم، ليس خيارا أو ترفاً بل ضرورة وطنية وإنسانية.
*********************************************
غياب السلامة المهنية يودي بحياة عامل في الفلوجة
بغداد – طريق الشعب
لقي عامل شاب مصرعه، مؤخرا، إثر سقوطه من أعلى خزان ماء أثناء تأديته أعمال صيانة في مدينة الفلوجة بمحافظة الأنبار، في حادثة تسلط الضوء مجددا على ضعف إجراءات السلامة المهنية في مواقع العمل في البلاد.
وذكر مصدر طبي في حديث اطلعت عليه "طريق الشعب" أن "العامل، البالغ من العمر 27 عاما، وهو من سكنة إحدى قرى قضاء الشرقاط، توفي نتيجة سقوطه من أعلى خزان ماء قرب دائرة الجوازات وسط الفلوجة"، مبينا أن "الضحية كان يجري أعمال صيانة دون توفر معدات أمان، ما أدى إلى فقدانه التوازن وسقوطه من ارتفاع شاهق، ليفارق الحياة بعد نقله إلى مستشفى الفلوجة العام".
وتأتي هذه الحادثة في ظل تصاعد وتيرة الحوادث المهنية، لا سيما في قطاعات البناء والخدمات، بسبب غياب معدات الوقاية وتراجع الدور الرقابي الحكومي، وسط مطالبات بتشديد إجراءات السلامة.
وفي هذا الصدد، قال المهندس ضرغام عبد الأمير، المختص في مجال السلامة المهنية، لـ "طريق الشعب"، إن "معظم مواقع العمل في العراق لا تلتزم بتوفير متطلبات السلامة للعمال بل وتفتقر إلى توفير أبسطها مثل الخوذ الواقية وأحزمة الأمان بسبب عدم المبالاة من الطرفين (أصحاب العمل والعمال)"، محذرا من أن "استمرار الإهمال سيتسبب بمزيد من الضحايا في صفوف العاملين"، منبها إلى وجود ضرورة ملحة إلى توسيع برامج التدريب والسلامة في بيئات العمل، التي باتت في كثير من الأحيان بيئات موت.
*****************************************
منجزات ثورة 14 تموز للعمال
حوراء فاروق
شهد العراق في منتصف القرن العشرين تحولات سياسية واجتماعية كبرى كان أبرزها ثورة 14 تموز 1958، التي أنهت الحكم الملكي وأسست الجمهورية العراقية بقيادة الزعيم عبد الكريم قاسم. وعلى الرغم من التحديات التي واجهت هذه المرحلة، فقد شكلت الثورة محطة مفصلية في تاريخ الطبقة العاملة في البلاد، حيث أرست الأسس الأولى لإشراك العمال في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وقدمت جملة من الإنجازات التي انعكست على واقعهم المعيشي والحقوقي.
خلفية تاريخية
قبل ثورة 14 تموز، عانى العمال من أوضاع بائسة وظروف عمل قاسية، حيث كانت حقوقهم محدودة ومهدورة في ظل نظام إقطاعي رأسمالي تتحكم به النخب السياسية والاقتصادية المرتبطة بالاستعمار البريطاني. كان العمال محرومين من التنظيم النقابي الحر، ويتعرضون للطرد الجماعي دون تعويض، كما كانت الأجور منخفضة وساعات العمل طويلة، وسط غياب الرعاية الصحية أو أي نوع من الضمانات الاجتماعية.
الثورة وتغيير موازين القوى
مع اندلاع الثورة، تغيرت ملامح الدولة العراقية، فتم إلغاء النظام الملكي وإعلان الجمهورية. شكل هذا التحول نقطة انطلاق لنهج سياسي جديد حاول أن ينحاز للفئات المحرومة، وفي مقدمتها الطبقة العاملة. وكان الزعيم عبد الكريم قاسم من أبرز الشخصيات التي أبدت اهتماما كبيرا بقضايا العمال، حيث سعى إلى تحسين أوضاعهم وتوسيع مساحة مشاركتهم في بناء الدولة.
أبرز المنجزات لصالح العمال
1- تشريع قانون العمل والضمان الاجتماعي
كان من أبرز إنجازات الثورة إصدار قانون العمل رقم 1 لسنة 1958، الذي نظم علاقة العمل بين العامل ورب العمل، وحدد ساعات العمل، ومنع الفصل التعسفي، وضمن حق العامل في الإجازات السنوية والمرضية. كما شمل القانون إلزام أصحاب العمل بتوفير بيئة صحية وآمنة. وفي ذات السياق، شرع قانون الضمان الاجتماعي الذي وفر للعمال شبكة أمان في حالات الإصابة والعجز والشيخوخة، وضمن لهم تقاعدا يحسب وفق سنوات الخدمة والأجر، وهو أمر لم يكن متاحا قبل الثورة.
2- الاعتراف بالنقابات العمالية
من أبرز التحولات التي فرضتها الثورة، الاعتراف الرسمي بالنقابات العمالية ومنحها صلاحيات تنظيمية واسعة، الأمر الذي عزز قدرة العمال على الدفاع عن حقوقهم والتفاوض الجماعي مع أصحاب العمل. وقد لعبت النقابات دورا مهما في دعم الثورة، وتحولت إلى أدوات ضغط فاعلة في رسم السياسات الاقتصادية والاجتماعية.
3- تحسين الأجور والحد الأدنى للرواتب
أصدرت حكومة الثورة تعليمات بزيادة أجور العاملين في القطاعين العام والخاص، وحددت الحد الأدنى للأجور بما يتناسب مع كلفة المعيشة. وشهدت السنوات الأولى بعد الثورة ارتفاعا نسبيا في دخل العمال، ما ساعد في تحسين مستوى المعيشة، وتقليل الفجوة الطبقية التي كانت سائدة في العهد الملكي.
4- توفير فرص العمل ومشاريع التنمية
أطلقت حكومة الثورة برامج تنموية شاملة تضمنت إنشاء المصانع والمشاريع الصناعية والزراعية، مما وفر آلاف فرص العمل للعمال والفلاحين. وارتفعت نسبة التوظيف في القطاعات الإنتاجية، وخاصة في صناعة النفط، التي شهدت إعادة تنظيم وطني، بعدما كانت تحت سيطرة الشركات الأجنبية.
5- الحق في التعليم والتدريب المهني
حرصت الثورة على دمج العمال في منظومة التنمية الشاملة عبر برامج التعليم والتدريب، فتم إنشاء معاهد مهنية وفنية تهدف إلى تطوير مهارات العاملين في مختلف القطاعات. كما جرى تشجيع العمال على مواصلة تعليمهم، عبر برامج تعليم الكبار ومحو الأمية، وهو ما أسهم في رفع المستوى الثقافي والمعرفي بين صفوف الطبقة العاملة.
التحديات والانتكاسات
رغم هذه المنجزات، إلا أن المسيرة لم تكن خالية من التحديات. فقد واجهت الثورة معارضة داخلية وخارجية شرسة، خاصة من القوى المرتبطة بالنظام القديم والمصالح الأجنبية. كما أن الصراعات السياسية التي عصفت بالحكم في السنوات التالية، أضعفت زخم الإصلاحات، وأثّرت على استدامة المكاسب التي تحققت للعمال. ومع انقلاب شباط الأسود 1963، دخل العراق في نفق من التغييرات السياسية التي أفضت إلى تراجع دور النقابات، والتضييق على الحريات، وتهميش المكاسب التي تحققت بعد الثورة.
وأخيرا ان ثورة 14 تموز مثلت منعطفا تاريخيا في حياة الطبقة العاملة في البلاد، حيث فتحت أمامها أبواب الحقوق والمشاركة والكرامة، بعد عقود من التهميش والاستغلال. وعلى الرغم من أن هذه الإنجازات لم تستمر طويلا بفعل الاضطرابات السياسية اللاحقة، فإنها ظلت راسخة في الذاكرة العمالية كمثال على قدرة الثورات الوطنية على تغيير واقع الطبقات المهمشة، حين تكون الإرادة السياسية حقيقية، والبرنامج الاجتماعي منحازا للعدالة.
****************************************
لحظة عمالية
رأس عامل النظافة وغياب العدالة
نورس حسن
في خبر صادم لا يمكن تصديقه بسهولة، قطع رأس عامل نظافة أثناء أدائه لعمله اليومي، في محافظة البصرة، بسبب سقوط كابسة نفايات ضخمة عليه خلال عملية الرفع الآلي. حادثة مروعة ليست من مشاهد أفلام الرعب، بل من شوارع العراق، حيث يقتل الإنسان البسيط في وضح النهار، لا لذنب ارتكبه، بل لأنه يمارس مهنته بلا أدنى شروط للسلامة.
ما حدث ليس "حادثة عمل" بالمعنى التقليدي، بل جريمة إهمال صريحة تعكس واقعا قاسيا يعيشه عمال النظافة وغيرهم من الفئات الكادحة، ممن يبدأون يومهم فجرا فيقضونه بين النفايات والمخاطر، لا يتلقون إلا أجورا زهيدة، ويشتغلون بمعدات بدائية، ويتلقون وعودا جوفاء بالحماية والرعاية.
في أغلب مدن البلاد، تشاهد سيارات نقل النفايات وهي تعمل بطريقة عشوائية، لا يوجد إشراف هندسي، ولا خطط أمان، ولا أدوات وقاية تمنح للعاملين، وكأن أرواحهم بلا قيمة. لا خوذات للرأس، ولا سترات للتحذير ولا أحذية الأمان، وحتى التأمين الصحي والتعويض عند الإصابة أو الوفاة، غير مضمون.
ويعّد السبب الأول في استمرار هذه الكوارث، غياب قوانين صارمة تلزم الجهات الحكومية والمقاولين بتأمين بيئة آمنة للعمال، إذ كيف يمكن لعامل أن يقترب من آلة رفع ضخمة، لا يعرف متى تنهار، ولا كيف تعمل، دون إشراف من مختص؟ وعموما يمكن أن يكون الجواب عمن يتحمل المسؤولية ومن سيحاسب، بعبارة واحدة، لا أحد.
الحكومة، ووزاراتها المعنية، والبلديات، جميعها مسؤولة عن دم هذا العامل، وعن كل عامل يرسل إلى الشارع بلا تدريب، بلا حماية، وبلا حق. لا يجوز أن يتحول العمل الشريف إلى تهديد مباشر للحياة. ولا يجوز أن يدفن الحادث تحت أكوام الصمت، كما تدفن النفايات نفسها.
هذه الحادثة يجب أن تكون جرس إنذار حقيقي. يجب أن تنطلق حملة وطنية لحماية عمال النظافة، تبدأ بتشريع قانون ملزم لسلامة العامل، وتوفير أدوات الحماية، وتدريبهم على العمل الآمن، وتنتهي بمحاسبة كل مسؤول يهمل أو يتقاعس.
رأس عامل النظافة ليس رقما في سجل الوفيات... بل صرخة توقض كل ضمير في البلاد بأكملها.
*******************************************
تفاقم أوضاع عمال المسطر بطالة وفقر تدفعان نحو الانحراف
بغداد – طريق الشعب
سلط الأسطة مصطفى حامد (60 عاما) الضوء على واقع عمال المسطر، محمّلا الحكومة مسؤولية تردي أوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية، لا سيما أن أغلب هؤلاء العمال من فئة الشباب.
وقال في حديثه لـ "طريق الشعب" إن "غياب فرص العمل وهيمنة العمالة الأجنبية غير المنظمة، إلى جانب غياب الرادع القانوني، عوامل هامة ساهمت في انحراف بعض العمال نحو مسارات خطرة، منها الاتجار بالمسروقات والمخدرات"، مشيرا إلى أن "هناك عمالا وافدين من المحافظات تورطوا في أعمال غير قانونية، كبيع الحبوب المخدرة والمتاجرة بالأثاث المنزلي المسروق وحتى التحف، فيما تورط آخرون في سرقات مختلفة، وبات بعضهم معروفا لدى الأجهزة الأمنية بناء على شكاوى مقدمة من مواطنين وأصحاب محال تجارية".
ويرى الأسطة مصطفى أن هذا الواقع "نتاج طبيعي للفقر، إذ أن الشباب لديهم طموحات وحاجات معيشية أساسية كالسكن والزواج"، محذرا من انفجار اجتماعي وشيك في ظل استمرار تجاهل الحكومة لمعاناتهم.
وانتقد السياسات الحكومية بشأن معالجة البطالة، معتبرا أن "وزارة العمل والشؤون الاجتماعية لم ترتق بعد إلى مستوى التحديات"، موضحا أن "قانون التقاعد والضمان الاجتماعي للعمال لا يطبق بالشكل المطلوب، وقروض العاطلين عن العمل تخضع لشروط تعجيزية، ومبالغ التسديد الشهرية لا تتناسب مع قدرة العاطلين".
كما أشار إلى أن "إجراءات شمول العمال تتسم بالتعقيد، وشرط الكفيل بات بابا للابتزاز، حيث يطلب من المتقدمين دفع مبالغ مالية مقابل الحصول على كفالة".
******************************************
الصفحة الثامنة
في الذكرى التسعين لانطلاقة الصحافة الشيوعية انتماء صميمي للوطن وكادحيه!
احسان جواد كاظم
كانت أولى إرهاصات الصحافة الشيوعية قد بدأت مع تشكل الحلقات الماركسية في البلاد والتي كانت أبرز تجسدها في صدور أول صحيفة ماركسية علنية " الصحيفة " بدايات القرن الماضي، بمضمونها المتميز في الجو الثقافي والصحفي العراقي في 28 كانون الأول. 1924 لصاحبها حسين الرحال وحرر فيها مصطفى علي أحد وزراء العدل بعد ثورة 14 تموز 1958 وعوني بكر صدقي…تناولت المفهوم المادي للتاريخ، وقضايا تحرير المرأة، وفلسفة ماركس لأول مرة.
تاريخ الصحافة الشيوعية هو سفر الصحافة السريّة، بسبب معاداة سلطات الحكم الملكي وسلطات الاحتلال البريطاني للحركات الثورية. ومع التوزيع الواسع لأولى بيانات التأييد لإضرابات عمال الدوكيارد في ميناء البصرة والسكك الحديد وعمال شركة نفط العراق وعمال معامل الثلج لنيل حقوقهم التي كتبها الرفيق فهد، دقت السلطات جرس الإنذار.
وكان دمج الخلايا الشيوعية في مختلف مناطق البلاد لاحقاً وإعلان تأسيس" لجنة مكافحة الاستعمار والاستثمار " في 31 آذار 1934 التي قرر اجتماع لجنتها المركزية إلى اتخاذ اسم " الحزب الشيوعي العراقي”، خطوة تاريخية في العمل السياسي في العراق الذي كان يفتقر إلى شكل تنظيمي ثوري حقيقي. ثم إصدار جريدة مركزية له باسم " كفاح الشعب ". وهي أول صحيفة طبعت ووزعت سرا في تاريخ الحركة الثورية في العراق وكان على صدرها رمز الشيوعيين المطرقة والمنجل وشعار ماركس يا عمال العالم اتحدوا.
تنبهت السلطات الملكية وقوات الاحتلال إلى الخطر الداهم من انتشار الفكر الشيوعي فأصدرت قانون مكافحة الأفكار الهدامة، السيء الصيت، والتي تعني به بالتحديد الأفكار الشيوعية، وسنت قوانين رقابة قاسية، لقمع أي صوت وطني يسعى إلى " الوطن الحر والشعب السعيد "، وهذا في حقيقة الأمر، فرض على الصحافة الشيوعية النضال بموازاة العمل التنظيمي الحزبي، وكان قد سبقها تقديم ناشطين شيوعيين إلى المحاكم ومنهم الرفيق الخالد فهد، بتهمة نشر الأفكار الشيوعية الهدامة.
أن حالة السريّة التي فرضت على الصحافة الشيوعية، رغم ما يعنيه ذلك من خنق لها، الا انها، من جانب آخر كانت لها حرية أكبر في مناقشة قضايا البلاد ومواطنيها بشكل جذري وفضح سياسات السلطات العميلة وممارسات المحتل الانكليزي، وهو الأمر الذي لا تجرأ الصحافة الوطنية المرخصة رسمياً من الخوض فيها، دون الخشية من الرقابة والعقوبات الصارمة في قوانين الصحافة المكممة للأفواه، تحت طائلة الإغلاق وسحب امتيازها، بشكل مستمر.
بقيت الصحافة الشيوعية تحت وطأة المنع والتغييب والمطاردة والأحكام العرفية، لكنها نجحت أن تكون قادح لنار الثورة على استبداد الحكومات العميلة والانحياز للشعب، وكانت فاعلاً مؤثراً في انتفاضات شعبنا.
ولو اعتبرنا البيانات والمنشورات الورقية التي كانت توزع على نطاق واسع، شكل أولي للصحافة، فهي قامت بدور تحريضي توعوي مهم في توصيل موقف الحزب في قضية سياسية ملحة واطلاع أبناء الشعب به.
لا شك بأن قمع حرية الفكر وتكميم الأفواه قد طال جميع القوى الوطنية ولكن وطأته كانت أكبر على الشيوعيين، فقد زج جمهرة من كوادره ومفكريه، الكثير منهم ناشطين فاعلين في المجال الثقافي والفكري، في مراكز اعتقال بالغة القسوة مثل معتقل نقرة السلمان الصحراوي المنعزل عن العالم، وسجن الكوت وديالى والسجن المركزي في بغداد… لكنهم رغم ذلك حولوها إلى جامعات فكر وثقافة وفن متميز، تخرجت منها كوكبة فريدة من المثقفين الذين طبعوا الجو الثقافي العراقي لاحقاً بالطابع التقدمي والثوري. ومن الجدير بالذكر أن نشرة " كفاح السجين الثوري ” كانت تحرر من قبلهم وتوزع بين السجناء وتُهرب إلى خارج السجن عن طريق عوائل السجناء في زياراتهم.
وقد استثمر الحزب فترات الانفتاح السياسي النسبي، وخاصة بعد انتصار الحلفاء على النازية في الحرب العالمية الثانية، والحصول على إجازة " عصبة مكافحة الصهيونية " المؤلفة من شيوعيين عرب ويهود إلى إصدار جريدة " العصبة " العلنية المرخصة، للنضال ضد الصهيونية باعتبارها جريدتها المركزية في 7 نيسان 1946، تسنى لها اصدار 51 عددا ثم جرى تعطيلها في 6 حزيران أي بعد مرور شهرين فقط على صدورها، لكونها عالجت قضايا غير مريحة للسلطة، و عدائها الصريح للاستيطان الصهيوني في فلسطين، مما شكل احراجاً للسلطات الحاكمة امام المحتل المتواطئ مع الاستيطان الصهيوني في فلسطين.
لا شك بأن فترة النضال السري قد صقلت الملكات الصحفية للشيوعيين بالالتزام بصياغة الأفكار والمواقف بحرفية عالية وتكثيف الفكرة بسبب ضيق مساحة المنشور السري وصياغتها بأسلوب سهل يمكن الوصول إلى مستوى وعي الكادحين بالخصوص. وتوضيح أهداف نضال الحزب ليكون مفهوما لأوسع الشرائح الاجتماعية، وقد نجح الحزب بذلك حيث شهد توسع قاعدته الجماهيرية وانخراط شعبي واسع في النشاطات الاحتجاجية المطلبية.
كان عنفوان الصحافة الشيوعية قد تحقق بعد ثورة 14 تموز المجيدة التي رفعت القيود السابقة على الصحافة التي عاشت ازدهاراً واسعاً… حيث صدرت صحف ومجلات في كل مناحي الحياة، وكان عرساً ديمقراطياً حقيقياً للفكر والكلمة الحرة. وتصدرت صحيفة " اتحاد الشعب " الشيوعية واجهة الصحافة الوطنية كصانعة رأي ومنظم للحركة الشعبية، ومدافعة دؤوبة عن الثورة وتكريس انجازاتها.
ولكن " ما يخلو زور من واوي " كما يقول المثل العراقي. فقد عمدت حكومة الزعيم عبد الكريم قاسم، بسبب الخشية على وحدانيته في الحكم، بعد تنامي نفوذ الحزب الشيوعي شعبياً وبروزه كموجه للجماهير، سبباً للتضييق على الشيوعيين، تكلل بسحب الامتياز الشرعي لصحيفة " اتحاد الشعب " الشيوعية وإعطائها داود الصائغ.
رغم دعم الحزب المستمر للسلطة الوطنية والنظام الجمهوري الوليد، واستعداد أعضائه ومحبيه للدفاع عنها امام المؤامرات الداخلية والخارجية… وهذا ما أكدته الأحداث اللاحقة عند اغتيال الثورة في انقلاب 8 شباط 1963 الفاشي.
وبذلك أصبح الزعيم عبد الكريم قاسم معادياً لأخلص حلفائه ومتسامحاً مع ألد أعدائه!!!
فكان انقلاب قوى الردة الذي فرمل حقبة كانت يمكن أن تكون فرصة تاريخية للنهوض بالبلاد إلى آفاق النمو والتطور.
حتى بعد اسقاط سلطة الحرس القومي فيما سمي بحركة 18 تشرين الثاني 1963، واصل أعداء الشيوعية بطشهم لكل ما هو شيوعي، بما فيها الصحافة طبعاً.
قد تكون الصحافة الشيوعية قد عانت من الوهن بعد القمع الفاشي للبعثيين وتصفية كوكبة متميزة من كوادرها وزج رموز منها في سجون الحكم العارفي، إلا انها بدأت تداوي جروحها.
بعد انقلاب 17 تموز 1968 وعودة البعثيين للحكم، شرعوا في انفتاح نسبي على القوى الوطنية، وبدأ السعي لتشكيل جبهة وطنية بعد سلسلة من الإجراءات والقرارات الاقتصادية والاجتماعية الايجابية، كانت جزءاً من البرنامج السياسي للحزب الشيوعي ومنها تأميم النفط العراقي وبناء الاقتصاد الوطني، فتحت عام 1973 افقاً للمفاوضات، كان أحد نتائجها السماح بإصدار صحيفة " الفكر الجديد " الشيوعية الأسبوعية التي مهدت الطريق لصدور الجريدة المركزية للحزب الشيوعي العراقي " طريق الشعب " التي رسمت ملامح صحافة ثورية، ذات توجهات شعبية متميزة، فاعلة، قريبة من نبض الجماهير، تلقفتها اياديهم كل صباح حتى أصبحت أعدادها تنفذ من المكتبات قبل ظهر كل يوم، وتجاوزت فيها مبيعات صحف حزب البعث الحاكم وحكومته المدعمة من خزينة الدولة. مما أوغر على " طريق الشعب " وأخواتها " الفكر الجديد - بيري نوي " ومجلة " الثقافة الجديدة " الحقد في قلوب البعثيين.
وبدأت المضايقات باعتراضات الرقابة الحكومية على مواقف أو أجزاء من مقالات او على مقالات كاملة. وقد تكرر صدور طريق الشعب بفراغات دليل المنع… وكان للعمود الصحفي الذي يسطره طيب الذكر شمران الياسري بلهجته الفلاحية السلسة بعنوان " بصراحة أبو كاطع " أثراً موجعاً على البعثيين بانتقاداته اللاذعة.
وأتذكر الحملة الأمنية الواسعة على بائعي طريق الشعب واعتقالهم في مديرية الأمن العامة في بغداد ودوائر الأمن في المحافظات بعد الشروع بتجربة حزبية جديدة لزيادة مبيعات طريق الشعب من خلال إشراك المنظمات الحزبية لأعضائها وأصدقائهم في البيع المباشر في الأسواق والشوارع.
وإذا كان هناك قانون صحافة ايام العهد الملكي تنتهكه السلطات عندما ترغب، فإن قانون الصحافة الذي عمل به ما يسمى ب " مجلس قيادة الثورة " كان مصاغاً بما يناسب فكر البعث القومي المحدود والتطبيل لسياساته.
بعد فشل تجربة " الجبهة الوطنية "بسبب توجهات حزب البعث الدكتاتورية وتوزع العراقيين في بلدان اللجوء او جبهات الكفاح على ربى كردستان العراق، تشكلت صحافة عراقية ثورية معارضة، من خلال صحافة الأنصار الشيوعيين و" اذاعة الشعب العراقي " ودوريات المنظمات المهنية الشبابية والطلابية والنسائية ونقابات العمال الديمقراطية، التي قد يكون تأثيرها محدوداً على جماهيرنا في الداخل، بفعل القمع الفاشي الذي كان مسلطاً على شعبنا إلا أنها كانت تجربة فريدة لتدريب الكوادر وتنمية الملكات الصحفية والفكرية والفنية لدى الكثير من الأنصار الشيوعيين، حتى بدأنا نشهد إمكانيات ثقافية وفنية رفيعة لدى الكثير منهم.
ولا ينبغي أن يغيب عن الذكر الدور الذي قامت به نشرة " رسالة العراق " التي كانت تصدر في الخارج في المتابعة السياسية لقضايا الداخل العراقي وممارسات النظام القمعية لمواطنينا وحربه الكارثية مع إيران، وتوضيح المواقف وطرح الآراء.
وقد قامت الإصدارات الدورية لبعض المنظمات المهنية، الرديفة للحزب في بلدان اللجوء او الدراسة بجهد صحفي وفكري مشهود لتحشيد الطلبة وأبناء الجالية باتجاه حرية الوطن، وتعريف المجاميع الطلابية من البلدان العربية بحقائق ما يجري وكسب تضامنهم مع شعبنا..
وبحكم تواجدي كطالب في بولندا في تلك الفترة، علمت بأن مجلة " الانتفاضة " الشهرية التي كانت تصدرها " جمعية الطلبة العراقيين في بولندا الشعبية" والتي كانت تتضمن مقالات سياسية وثقافية ومواقف الجمعية المستمدة من مواقف الحزب المناهضة للنظام، كان أحد الزملاء يرسلها بريدياً إلى سفارة النظام في وارشو.
ينتقد البعض حتى من محبي الشيوعيين الحال الذي وصلت إليه الصحافة الشيوعية العراقية اليوم، حيث فقدت الكثير من ألقها الشعبي وأصبحت نخبوية!!!
لا ينبغي أن يغيب عن البال أن انعكاسات التغيرات السياسية والاجتماعية السلبية خلال العقود الأخيرة أثرت على مجالات الحياة كافة، بما فيها الحقل الثقافي والصحفي، بعد تغييب الفكر العلمي التنويري ومحاصرته من قبل طغم الاستبداد والظلام، هي أحد أسباب هذه الظاهرة… إضافة الى التغيرات البنيوية في مجتمعاتنا التي طالت قناعات فئات مثقفة وفنية خرجت بالأغلب من معطف الحزب الشيوعي العراقي.
الصحافة الشيوعية التي تخلت عن القوالب الستالينية للنقاء الأيديولوجي التي كانت تحكم الخطاب السياسي منذ وقت بعيد، وانتشار التعددية الفكرية حتى في إطار الماركسية وظهور مدارس فكرية مختلفة برؤى وطروحات لمفكرين حداثيين لتجديد الماركسية بما يلائم عصر الأتمتة والنانو والذكاء الاصطناعي، دفع الحزب إلى تطوير خطابه السياسي وطريقة تفكيره بما يتناسب مع روح العصر.
بيد أن التزام الصحافة الشيوعية العراقية بالثوابت الوطنية والتمسك الصارم بمفرداتها، والتي قد يعتبرها البعض مبالغة وتطرف او ضعف في التكتيك هو، في حقيقة الأمر، جزء أصيل في الشخصية الشيوعية العراقية، دون اشتراط، بالضرورة، للانتماء الحزبي.
تواصل الصحافة الشيوعية ريادتها، شكلاً ومضموناً، في الواقع الثقافي العراقي بما تطرحه من برامج وأفكار وتوجهات وطنية تبقى متقدمة على الكثير من الواجهات الصحفية والثقافية لأحزاب وقوى وفضائيات حزبية، بمضمون تقدمي والتزام صميمي بقضايا الشعب والوطن، وهي ماضية في سبيلها رغم كل العوائق.
****************************************
في عيد الصحافة الشيوعية.. حين تُقاتل الكلمة
محمد علي محيي الدين
حين تُطوى الأيام وتتقدّم بنا الذاكرة نحو31 تموز1935، ينبعث من رماد الزمن صوتٌ خافتٌ لكنه عنيد، كأنه همسٌ من ورقٍ صُقل بالأمل، ونُقش بالحبر الأحمر... إنه صوت الصحافة الشيوعية في العراق، يعود في ذكراها ليوقظ الضمائر، ويذكّر بأن الكلمة يومًا ما، لم تكن حبرًا على ورق، بل شُعلة في زمن الرماد، وسلاحًا بأيدي البسطاء العزّل.
لم تكن الصحافة الشيوعية وليدة فراغ، ولا صدى لحبر مرتجف، بل كانت استجابة حقيقية لصوت الشعب، وصرخة أطلقتها الحناجر المكبوتة في وجه الاستغلال، والاستبداد، والغزو الخارجي، والهيمنة الطبقية. ومنذ لحظة انبثاقها الأولى عام 1924 مع صدور صحيفة الصحيفة، مرورًا بـكفاح الشعب التي وُلدت في الثلاثين من تموز عام 1935، حملت الصحافة الشيوعية راية الوعي والمعرفة والنضال.
رفعت كفاح الشعب شعار "يا عمّال العالم اتحدوا"، ولم يكن هذا الشعار زينة لغوية، بل إعلان انتماء أممي ورسالة التزام تُرجمَت عبر مقالات ومواقف شجعت على الكفاح الطبقي، ودعت إلى التحرر الوطني والاجتماعي. كانت عيون السلطة تراقبها، وخوف الحكومات من سطورها لا يقل عن رعبها من سلاح الثوار، فكان الإغلاق والملاحقة مصيرًا متكررًا.
لكن ما إن تُغلق صحيفة حتى تولد أخرى: الشرارة، القاعدة، العصبة، الأساس، اتحاد الشعب، ثم طريق الشعب التي صمدت رغم القمع والملاحقة والتشريد. لم تكن مجرد أوراق تطبع في الخفاء، بل كانت شريانًا سريًا يغذي قلب الوطن، تزرع الوعي بين العمال، والفلاحين، والطلبة، والنساء، وتمنح المهمشين صوتًا وحضورًا.لقد أدرك الحزب الشيوعي أن الوعي لا يُفرَض من فوق، بل يُنتزع من صميم المعاناة. فكانت صحافته هي المعلم والمحفّز، والرفيق الذي لا يكلّ في ليل الحصار، ولا يهادن في نهار القمع. ساهمت في تكوين جيل يكتب بحبر المسؤولية، ويقرأ بنَفَس التغيير، ويحلم ببلاد لا يُهان فيها الإنسان.
وما يُقال عن الصحافة الشيوعية لا يُحصر في التوثيق الزمني لأعدادها ونسخها ومواضع طباعتها، بل في أثرها العميق الذي تجاوز الأوراق ليبلغ ضمير الأمة. لقد كانت مدارس متكاملة للفكر السياسي والاجتماعي والثقافي، وساهمت في ولادة صحف وطنية عديدة تبنّت النهج الديمقراطي والتقدمي.
وكم من صحفي شيوعي سقط شهيدًا لا دفاعًا عن عمود صحفي، بل عن قضية، عن حلمٍ لشعب بأكمله. قُتلوا لأنهم كتبوا، وكتبوا لأنهم آمنوا، وآمنوا لأنهم اختاروا أن يكونوا في صف الفقراء والمظلومين، لا على موائد السلطة ولا في جيوب المنتفعين.
اليوم، في هذا المفصل التاريخي الذي تتكالب فيه الأزمات، وتمتزج فيه أصوات التزلف بالدعاية، يبدو المشهد الإعلامي العراقي في أمسّ الحاجة إلى عودة روح الصحافة الشيوعية، لا كتنظيم سياسي فقط، بل كموقف. كجذرٍ راسخٍ في أرض العدالة، وقلمٍ لا ينحني إلا ليغمس في دم الشهداء.
إن الاحتفال بعيد الصحافة الشيوعية ليس مجرد استذكار تقليدي، بل تجديد عهد مع الوعي، مع الكلمة النزيهة، مع الحبر الذي لا يُساوِم. هو تكريم لذاكرة من صنعوا مجد الكلمة لا في البلاط، بل في الأزقة، والمنافي، والسجون، وفي قلوب الشعب.
ولذلك تبقى هذه الصحافة ركنًا متينًا في بنيان الصحافة العراقية الحرة، مدرسة لا تُدرّس في الجامعات بل تُكتَسب في الميادين، في ساحات الاحتجاج، في معارك الدفاع عن حقوق العمال، والمرأة، والقوميات، والحريات المدنية، والكرامة الوطنية.
ستبقى هذه الصحافة حيّة ما دام في العراق مَن يؤمن أن الحبر دمٌ، وأن المقال جبهة، وأن الكاتب الحقيقي هو من ينتمي إلى وجع الناس، لا إلى امتيازات السلطة.
*********************************************
شيوعيو البصرة يستذكرون صحيفة {الحقيقة} السرّية
البصرة - فالح ياسين الربيعي
ابتهاجا بالذكرى 90 لانطلاق الصحافة الشيوعية العراقية، عقد المكتب الاعلامي في اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في البصرة، أول أمس الثلاثاء، جلسةً ضيّف فيها الكاتب والمحلل السياسي عباس الجوراني، الذي تحدث عن "صحافة الداخل السرّية/ الحقيقة انموذجاً".
أدار الجلسة الشاعر والاعلامي عبد السادة البصري، واستهلها متحدثا عن اهمية الصحافة والاعلام في نشر الأفكار.
وأشار الى بداية انطلاق الكتابات اليسارية التقدمية في العراق، بدءاً من كتابات حسين الرحّال، مرورا بجريدتي الحزب الشيوعي العراقي "كفاح الشعب" و"الشرارة" وغيرهما من الصحف الشيوعية السرية، وصولاً الى "طريق الشعب" التي انطلقت سبعينيات القرن الماضي.
بعد ذلك تحدّث الجوراني عن الصحافة الشيوعية بشكل عام، معرّجاً على انطلاق صحيفة "الحقيقة" السرية عام 1992 وتوقّفها عام 1994 اثر اعتقال العناصر العاملة فيها.
وسرد حكايات وذكريات نضالية بطولية خلال العمل في الصحيفة، وعن تنظيم الداخل، ذاكرا اسماء عدد من الرفاق الذين كانوا يعملون فيها بين الديوانية والبصرة والحلّة.
ثم عرض اربعة اعداد من الصحيفة.
وشهدت الجلسة مداخلات ساهم فيها كل من سوّاد لعيبي، قاسم حنّون، عبد المنعم الديراوي، علي الجاسم، عبد الكريم الحربي وآخرين.
**********************************************
الصفحة التاسعة
الجالية العراقية في هنغاريا تُحيي الذكرى 67 لثورة 14 تموز
بودابست ـ طريق الشعب
أحيا أبناء الجالية العراقية في هنغاريا، أخيرا، ، الذكرى الـ 67 لثورة 14 تموز المجيدة، وسط أجواء من الفخر الوطني والتفاعل الثقافي، وذلك بدعوة من لجنة التنسيق بين الأحزاب والمنظمات والشخصيات المدنية الديمقراطية العراقية في هنغاريا، وبحضور جمع من العراقيين المقيمين في بودابست وعدد من الأصدقاء المجريين.
افتُتحت الفعالية بدعوة من عريف الحفل، الأستاذ أحمد الحسيني، للوقوف دقيقة صمت تكريمًا لأرواح شهداء الثورة والقوى الديمقراطية، أعقبتها أنغام النشيد الوطني العراقي "موطني". ثم ألقى د. كريم الخفاجي كلمة لجنة التنسيق، مؤكدًا فيها على أهمية استلهام دروس الثورة في ظل الأوضاع السياسية المعقدة التي يشهدها العراق والمنطقة، مشددًا على وحدة النسيج الوطني، واستقلال القرار، وبناء دولة ديمقراطية مدنية عادلة تحارب الفساد وتحقق تطلعات الشعب. وتخللت الأمسية مناقشات مفتوحة حول أسباب اندلاع الثورة، ودورها في حركة التحرر الوطني، والإنجازات الكبيرة التي حققتها، من بينها قانون الإصلاح الزراعي، وقانون الأحوال الشخصية، وقانون النفط، إضافة إلى الخروج من حلف بغداد، وغيرها من المكاسب التي واجهت لاحقًا انتكاسة مؤلمة في 8 شباط 1963. كما قدّم الأستاذ ستار الريحاني شهادة مؤثرة عن فترة اعتقاله وتعذيبه بعد انقلاب شباط، مستذكرًا التضحيات الجسام التي قدّمها المناضلون دفاعًا عن قيم الثورة ومبادئها. واختُتمت الأمسية بفقرة ترفيهية وثقافية شملت طرح أسئلة عن الثورة وشخصياتها، وسط تفاعل كبير من الحاضرين، حيث قُدمت جوائز رمزية للفائزين، تمثلت بكُتيب "اقتحام السماء... تأملات في الحراك الشعبي" للكاتب الرفيق رضا الظاهر، مما أضفى طابعًا ثقافيًا وحيويًا على المناسبة.
********************************************
في جنوب السويد.. الجالية العراقية تحتفل بذكرى ثورة تموز
ستوكهولم – طريق الشعب
أقامت منظمة الحزب الشيوعي العراقي في جنوب السويد ومعها منظمات مدنية عراقية، حفلا في مناسبة الذكرى 67 لثورة 14 تموز الخالدة، حضره جمع من أبناء الجالية العراقية.
أدار الحفل الرفيق فاضل زيارة، واستهله داعيا الحاضرين إلى الوقوف دقيقة صمت تخليدا لشهداء الثورة.
ثم عُرض فيلم يتحدث فيه د. عقيل الناصري عن الثورة، ليلقي بعد ذلك الرفيق يوسف صليوة كلمة باسم منظمة الحزب، ويتحدّث فيها عن أسباب الثورة ومنجزاتها وأهم القوانين التي أصدرتها، والتي تصب في مصلحة الجماهير، خاصة العمال والفلاحون.
ثم عرّج على المؤامرات الداخلية والخارجية التي حيكت ضد الثورة، لتنقضّ عليها وعلى منجزاتها في الانقلاب البعثي الفاشي في 8 شباط 1963.
بعدها ألقى د. مؤيد عبد الستار كلمة باسم تنسيقية التيار الديمقراطي في جنوب السويد والبرلمان الكردي الفيلي العراقي ورابطة الديمقراطيين العراقيين في محافظة سكونة، أشاد فيها بثورة تموز المجيدة والانجازات الكبيرة التي حققتها خلال عمرها القصير الذي لم يتجاوز خمس سنوات.
واختتم الحفل بأغنيات منوعة قدّمتها "فرقة الينابيع".
********************************************
{لمة تموزية عراقية} في لايبزك
لايبزك – سامي جواد
في مناسبة الذكرى ٦٧ لثورة ١٤ تموز الخالدة، نظّم التجمع الديمقراطي العراقي في ألمانيا بالتعاون مع الملتقى العراقي في لايبزك، السبت الماضي، "لمّة تموزية عراقية" في إحدى متنزهات مدينة لايبزك، حضرتها عائلات عراقية من مختلف الأطياف، وكان ضيفها السكرتير السابق للجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي الرفيق حميد مجيد موسى. افتتحت "اللمة" بكلمة مشتركة للتجمع والملتقى، ألقاها عضو الهيئة الإدارية للملتقى لؤي أحميدي، وأكد فيها أهمية الاحتفال بهذه المناسبة الوطنية، مشيرا إلى ان ثورة تموز حققت خلال فترة قصيرة الكثير من الإنجازات الوطنية التي لا زالت شاخصة حتى الآن.
وأوضح أن الثورة حررت الوطن وثرواته من سيطرة الاحتكارات الاستعمارية، وحققت الاستقلال الوطني الناجز بإخراج البلاد من الأحلاف الاستعمارية، وانحازت إلى الفئات الكادحة ومنحتها السكن اللائق، وشيدت آلاف المدارس والمستشفيات والمستوصفات الحكومية، ووفرت العلاج المجاني للمواطنين.
واضاف قوله أن الثورة سنت قوانين دعمت الفقراء، كقوانين الإصلاح الزراعي والعمل والنقابات، وأرست أسس الاقتصاد الوطني بدعم الصناعة الوطنية والزراعة والإسكان. فيما أشار إلى ان المنظومة السياسية الحاكمة ابتعدت بشكل كامل عن تحقيق مصالح الشعب والوطن، وانهمكت في الحفاظ على مصالحها وامتيازاتها وتركت البلاد تعصف بها الأزمات.
ومضى السيد أحميدي في الكلمة إلى انه "اصبح لزاماً على القوى الديمقراطية والمدنية التي تنشد التغيير الجذري والشامل توحيد جهودها لتحقيق طموحات العراقيين في التغيير المنشود وتهيئة الظروف الملائمة والنزول إلى الشارع للدفاع عن مصالح الفقراء وتنظيمهم لتهيئتهم للهبات الشعبية القادمة، لإزاحة المنظومة الحاكمة وفرض مطالب الشعب سلمياً".
كذلك هنأت الكلمة الصابئة المندائيين بعيدهم الأكبر. فيما عبّرت عن الحزن العميق والتضامن مع أهالي الكوت، إثر المحنة التي حلت بهم في حادث "هايبر ماركت"، الناجم عن الفساد والإهمال، متمنية للضحايا الذكر الطيب وللجرحى الشفاء العاجل. بعدها ألقى السيد رحيم الحداد قصيدة في مناسبة ذكرى الثورة، للشاعر الراحل عريان السيد خلف. أعقبه الأستاذ حكمت السليم بالحديث عن العيد الكبير للصابئة المندائيين، وطقوسه. ثم وزع الحلوى على الحاضرين، الذين قدموا بدورهم التهاني إلى الأخوة المندائيين.
وعمّت "اللمة" أجواء من الفرح. حيث صدحت الموسيقى. ثُم نُصبت المائدة مزدانة بالمأكولات العراقية التي أعدتها سيدات الملتقى.
**********************************************
في موسكو حفل في ذكرى الثورة المجيدة
موسكو – طريق الشعب
احتفل جمع من الشيوعيين العراقيين وأصدقائهم في موسكو، الجمعة الماضية، بمناسبة الذكرى 67 لثورة 14 تموز المجيدة. وبعد وقوف الجميع دقيقة صمت في ذكرى شهداء الثورة، ألقى سكرتير منظمة الحزب في روسيا الاتحادية كلمة أشار فيها الى الأهمية التاريخية للثورة والانجازات الكبيرة التي قدمتها للشعب رغم عمرها القصير، مقارنة بالفشل الذريع لنهج السلطات التي اعقبتها، خصوصا نهج المحاصصة الطائفية والاثنية الذي اشاع الفساد والخراب في البلاد. بعدها جرى حوار مثمر حول أسباب قيام الثورة والعوامل التي أدت الى انتكاستها. وشارك في الحفل ممثل الحزب الشيوعي الروسي عضو مكتب لجنة موسكو المحلية، سرغي موريغن، بكلمة أشاد فيها بثورة 14 تموز ومنجزاتها. وقال أن "تضامن حزبينا وشعبينا سيكون حليفه النصر".
وألقى الصديقان زاهر الشاهين ورشاد عبد الكريم قصائد نثرية تغنت بهذه المناسبة المجيدة.
*******************************************
طالبوا برفع النفايات.. شيوعيو ديالى يزورون بلدية بعقوبة
بعقوبة – طريق الشعب
زار وفد من مختصة العلاقات الوطنية في اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في ديالى، مديرية بلدية بعقوبة. حيث سلمها كتابا صادرا عن المحلية، تُطالب فيه برفع النفايات المتكدسة في المناطق السكنية والأسواق. وكان في استقبال الوفد المعاون الإداري المهندس مصطفى، الذي رحب بملاحظات اللجنة المحلية ومساعيها إلى معالجة المشكلات الخدمية.
**********************************************
الصفحة العاشرة
فرانز فانون.. مئة عام على {معذّبو الأرض}
علي سفر
قد يبدو غريباً للبعض أن تستدعي الذكرى المئوية لميلاد المفكر والمناضل المناهض للاستعمار فرانز فانون التفاتة واهتماماً في زمن انسحبت فيه أفكاره، لا لأنها قد بلِيت، بل لأن ثمة تراجعاً في العناوين الكبرى للمواجهة مع الكولونيالية، أمام جماهير تحوّلت اهتماماتها بعيداً عن التفكير في مصائرها الوطنية، بعد غرقها في يوميّاتها المُلحّة.
لكن الاستغراق في الواقع المحلي لا بد أن يعيدنا إلى نقطة تلتقي فيها تحليلات فانون مع الرؤى العميقة التي تدرس أحوال الناس، وتستكشف أثر السياسات الاستعمارية تاريخياً على واقعهم الراهن. ومن هذا المنظور يمكن إدراك سر هذا الحضور المستمر لفانون، رغم عمره القصير، وإنتاجه المدون القليل نسبياً.
الاحتفاء بمئوية ميلاد فانون، ووفق الأجندة العالمية المسخَّرة لهذه المناسبة، انطلقت فعالياته منذ الشهر الثاني من هذا العام، وستستمر حتى نهايته. فقد أُقيم مؤتمر دولي في كلية الطب بجامعة سوسة التونسية، كما أُقيمت فعاليات متعددة في وطنه جزر المارتينيك، ويَلفت الانتباه منها مؤتمر مسخَّر للذكرى يُقام هذه الأيام في جزر الأنتيل، يحمل عنوان كتابه "معذَّبو الأرض"، ويُكرِّم إرث فانون بثلاثية تضامنية تشمل شعوب هايتي، والكاناك (كاليدونيا الجديدة)، والشعب الفلسطيني، ضمن مشروع فكري يرفع صوت التضامن العابر للقارات.
وُلد فرانز فانون في العشرين من تموز عام 1925 في المارتينيك، وغادرها عام 1943 ليقاتل في صفوف قوات فرنسا الحرة ضد النازية. درس الطب النفسي في مدينة ليون بين عامي 1947 و1951، ثم عمل في مستشفى البليدة بالجزائر عام 1953، حيث انخرط سريعاً في الثورة الجزائرية. تُوفي في السادس من ديسمبر/ كانون الأول عام 1961، ولمّا يبلغ السادسة والثلاثين من عمره.
أصدر فانون كتابين أساسيين، هما: "بشرة سوداء، أقنعة بيضاء" (1952)، الذي كشف فيه عن تشوّه الهوية لدى المستعمَرين تحت سطوة الاستعمار الثقافي والاغتراب، إذ يُرغَم الإنسان على النظر إلى نفسه بعين الآخر، فيكف عن أن يكون هو. تحدث عن "الأسود الذي يرى نفسه من خلال الأبيض"، وعن الداخل الذي صار مسكوناً بالخارج، وعن اللغة التي فقدت براءتها وصارت وسيلة للاستلاب. لم يكن الكتاب دراسة أكاديمية، بل توضيحاً مهماً بأن الاستعمار لا يحتل الأرض فقط، بل يحتل الوعي. وأن الجلوس إلى طاولة واحدة مع المستعمِر ليس فعل نضج، أو مكسباً يُفتخر به، بل هو أحياناً قناع أبيض لبشرة سوداء ممزّقة.
والكتاب الثاني هو "معذَّبو الأرض" (1961)، الذي أصدره في خضم الثورة الجزائرية، ويُعدّ من أبرز أعمال الفكر السياسي في القرن العشرين. قدم فيه تشريحاً جريئاً للعنف الثوري بوصفه أداة للتحرر الوطني. في هذا النص، لم يدافع فانون عن العنف باعتباره غريزة، بل بوصفه فعلاً ضرورياً في مواجهة عنفٍ بنيوي يمارسه الاستعمار. فالاستعمار، كما قال، لا يفهم إلا لغة واحدة: القوة. لكن العنف عند فانون لم يكن هدفاً، بل وسيلة لتحرير الإنسان من حالة دونية مفروضة، ولتحقيق ولادة جديدة. من دون هذه الولادة، تبقى الشعوب رهينة الاستعمار، حتى لو انسحب المستعمِر عسكرياً. ولهذا كان فانون واضحاً في تحذيره من الاستقلالات الكاذبة، ومن النخب التي تخلف الاستعمار لتعيد إنتاجه بثياب وطنية. في هذا الكتاب، ذهب فانون نحو موقف واضح ضد ما رآه قادماً: النخب الوطنية التي تعيش على هامش الاقتصاد الكولونيالي.
لا يمكن حصر فانون في تعريفٍ واحد. فقد كان طبيباً نفسياً، ومناضلاً سياسياً، ومثقفاً متمرداً، وكاتباً ساخطاً، وشاهداً على العنف الاستعماري بأبشع صوره. واختار، وهو في الثلاثين من عمره، أن ينحاز بكل وعيه وجسده إلى الثورة الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسي، وأن يتحول من محلّل للمرض النفسي الذي يصنعه القهر، إلى مشارك في محاولة علاجه بالنار والدم.
ما يجعل فانون حاضراً اليوم ليس فقط نضاله، بل فكره الذي تشكل على المتراس. فلا يزال يُقرأ في عالم لم يُنهِ استعمارَه، بل أعاد إنتاجه بأقنعة أكثر حداثة، وبصمت أكثر ضجيجاً. حيث تُستعاد نظرياته في سياقات متعددة: في نضال السود بأميركا ضد العنصرية البنيوية، وفي نقد النيوليبرالية التي تعيد إنتاج التبعية الاقتصادية والثقافية، وفي محاولات بناء خطاب ثقافي جديد خارج المركز الأوروبي. وأيضاً في مساءلة "الدولة الوطنية" التي فشلت في تحرير الإنسان.
ومن هذه النقطة يمكن استحضار فكره في نقد التجارب التي خاضتها الدول المتحررة من الاستعمار، وقراءة العطب البنيوي الذي أصابها منذ مرحلة ما قبل الاستقلال. إذ يمكن إسقاط المسار العام للثورة الجزائرية التي سلكت طريق العنف المسلح نحو الحرية، مقارنة باستقلال الكونغو الذي تحقق عبر مفاوضات رسّخت حضور المستعمر في جسد الدولة الجديدة من خلال إعادة بناء الحياة على إيقاع الهيمنة، بعد تحولها من حضور عسكري مباشر إلى حضور ثقافي واقتصادي.
هذه التحليلات، حين تُسقط على واقع البلاد التي لا تزال حتى اليوم تعاني فشلاً في بناء مشاريعها الوطنية، تطرح سؤالاً حول ما تم رسمه لها منذ مرحلة السيطرة الاستعمارية. والأمر لا يتعلق بنظريات مؤامرة، بل بسياق من العلاقة التبادلية، يرى فيها أصحاب القوة ضرورة استمرارها ما دامت تخدم مصالحهم، وهو ما يتوافق مع مصالح الفئات المحلية المستفيدة من الواقع المفروض بقوة المستعمرين.
وحين تلجأ الثورات إلى العنف المضاد من أجل التحرر، تُعاد صياغة المصالح مع المنتصرين الجدد، الذين يضمنون استمرار سيطرتهم باسم إرثهم النضالي. وهكذا، تقمع القوى السياسية المعارضة باسم "الثورة"، ويتحول حضور السلطة الديكتاتورية إلى قوة احتلال جديدة تعيد إنتاج القمع باسم التحرر، فيصبح النضال مركّباً، يحتاج إلى أدوات تتطور بالتوازي مع تطور أدوات القمع نفسها.
حدث هذا مراراً، في تجارب متعددة، خصوصاً في العالم العربي، ولا سيّما في التجربة السورية، حيث لا تزال تحليلات فانون تحتفظ براهنيتها، خصوصاً تلك التي وردت في كتاب "معذَّبو الأرض". فقد كتب فيه ما يشبه البيان النقدي ضد "البرجوازية الوطنية" التي تتسلم السلطة بعد الاستقلال في كثير من الدول الأفريقية والآسيوية، لكنها تفتقر إلى القوة الاقتصادية والإبداع الثقافي، فتتحول إلى وسيط تابع، تعيش على فتات الشركات الأجنبية. إنها "طبقة تستهلك ولا تنتج، وتقلّد المستعمِر ولا تتحرر منه"، تستعير اللغة والذوق والنموذج من المستعمِر، ثم تزعم بناء الأمة. و"بعد الاستقلال، يتحوّل القصر الرئاسي إلى نسخة مشوهة عن مقرّ الحاكم العام، ويتحول الاستقلال إلى استمرار للهيمنة بوسائل أخرى". وفي نهاية المطاف، "هؤلاء الذين ادّعوا تمثيل الشعب، يتحولون إلى أوصياء عليه".
ومن أجل ألا يبقى المستعمِر حاضراً إلى الأبد، يقترح فانون بديلاً عن هذا الواقع البائس: ثورة شاملة تطاول البنى الاقتصادية والثقافية والسياسية، وبناء اقتصاد مستقل فعلياً لا يعتمد على رأس المال الأجنبي، وانبثاق نخبة جديدة متجذرة في الأرض والشعب، لا نخبة ناطقة بلسان المستعمِر. الثورة عند فانون لا تكتمل بالعلم والنشيد، بل بإعادة تشكيل العلاقة بين الإنسان والأرض، بين الشعب واللغة، بين الهوية والمستقبل. وهي ثورة تبدأ في النفس، كما تبدأ في السياسة.
ومن اللافت أن الذكرى المئوية للثورة السورية الكبرى ضد الانتداب الفرنسي، التي بدأت في 21 تموز 1925، تتزامن مع الذكرى المئوية لميلاد فانون. هذا الاقتران يمنح مساحة إضافية للتأمل في زمن مقاومة الاستعمار، والسير نحو الاستقلال، ومراجعة المشاريع الكبرى التي اشتغلت عليها النخب السياسية آنذاك، وهي تستعد لتأسيس الدولة الوطنية.
في سبعينيات القرن الماضي، كان كتاب "معذَّبو الأرض" يُدرَّس، ولو من خلال فصول مختارة، في المناهج الدراسية السورية. لكن مع تغير المناهج والتوجهات الرسمية، أُقصي من الصفوف المدرسية، وبقيت الترجمة الرائعة التي أنجزها الراحلان سامي الدروبي وجمال الأتاسي (1966) معروضة بكثافة في معارض الكتب وعلى أرصفة الجامعات. لكن الحضور الأكبر لفانون لم يأت من الكتب، بل من الواقع نفسه. واقع لا يختلف كثيراً عن المعطيات التي كتب عنها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"العربي الجديد" – 19 تموز 2025
******************************************
صحافيّوBBC: هذه مؤسسة تلمّع صورة إسرائيل
سامي حداد
في تطور غير مسبوق داخل المؤسسة الإعلامية الأضخم في بريطانيا، وقّع أكثر من 111 موظفاً من هيئة الإذاعة البريطانية BBC وما يزيد عن 300 صحافي مستقل على رسالة مفتوحة موجهة إلى المدير العام للهيئة تيم دايفي والمديرة التنفيذية للأخبار ديبورا فيرنس، ينتقدون فيها أداء الشبكة التحريري وتغطيتها المستمرة للحرب الجارية على غزة، واصفين إياها بأنها «أداء علاقات عامة لصالح الحكومة والجيش الإسرائيليين».
رسالة التمرد الإعلامي
الرسالة، التي نُشرت بشكل جماعي من قبل صحافيين وكتّاب ومراسلين، وجهت انتقادات لاذعة لتغطية الـBBC وعبرت عن «القلق العميق» حيال ما وصفوه بـ«فشل منهجي في الالتزام بالمعايير التحريرية والحياد»، معتبرين أن الشبكة باتت تتجنب عرض رواية الشعب الفلسطيني، وتغض الطرف عن الفظائع اليومية في غزة، وتعيد تكرار الرواية الرسمية الإسرائيلية من دون مساءلة حقيقية.
الصحافية ريفكا براون (Rivkah Brown) من منصة Novara Media، كانت من أبرز الموقّعين، وكتبت على منصة X (تويتر سابقاً): «111 من موظفي BBC كتبوا إلى الإدارة محذّرين من أن الشبكة غالبا ما تؤدي دور العلاقات العامة لصالح الحكومة والجيش الإسرائيليين. أكثر من 300 صحافي آخر وقّعوا الرسالة المفتوحة، وأنا من بينهم».
الرقابة الداخلية وتقييد الصحافيين
الرسالة لم تقتصر على تغطية الأخبار فقط، بل سلطت الضوء على بيئة الرقابة الداخلية داخل المؤسسة، حيث شكى الموظفون من أن إدارة الـBBC تمنع الصحافيين من التعبير عن آرائهم حتى في حساباتهم الشخصية، خصوصاً حين يتعلق الأمر بانتقاد الاحتلال الإسرائيلي أو التعبير عن التضامن مع المدنيين في غزة.
ووفق مصادر داخلية، فإن صحافيين تلقوا تحذيرات رسمية أو مُنعوا من الظهور الإعلامي بعدما نشروا محتوى تضامنياً مع الفلسطينيين أو استنكروا القصف الإسرائيلي على المدنيين، ما اعتبره الموقعون خرقاً واضحاً لحرية التعبير ومخالفة لأخلاقيات الصحافة.
أزمة وثائقي «أطباء تحت القصف»
من أبرز القضايا التي فجّرت الغضب، كان رفض إدارة BBC عرض وثائقي Gaza: Doctors Under Attack الذي يسلط الضوء على الهجمات الإسرائيلية على المستشفيات والطواقم الطبية. اعتُبر قرار الحجب هذا «دليلًا على الرقابة الممنهجة»، فيما رأى الموقعون أن هذا الفيلم يشكل شهادة حية على جرائم محتملة، كان من واجب الشبكة نشرها للجمهور البريطاني والعالمي.
خلفية تاريخية وتحذيرات متراكمة
هذه الرسالة لا تُعد الأولى من نوعها. منذ تشرين الثاني 2024، وقع أكثر من 230 إعلامياً وموظفاً سابقاً في BBC على رسائل سابقة تنتقد «التحيز البنيوي في تغطية النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي»، وتحذر من فقدان ثقة الجمهور وتآكل مصداقية الهيئة التي تأسست على مبدأ الخدمة العامة.
وقد أشار أحد كبار الصحافيين المستقيلين إلى أن «الهيئة تُظهر انحيازاً واضحاً تجاه رواية الاحتلال، وتعتمد على مصطلحات تخفف من وطأة الجرائم، مثل استخدام لفظ «موتى» بدل «ضحايا القصف الإسرائيلي»، أو حذف مفردة «احتلال» بشكل تام من التقارير.
رد BBC الرسمي
في رد رسمي على هذه المزاعم، أكدت إدارة BBC التزامها بـ«معايير صارمة في التغطية المتوازنة والموضوعية»، مشيرة إلى أنها «تتلقى شكاوى من جميع الأطراف، بعضها يتهمها بالتحيز لإسرائيل، وآخرون يتهمونها بالعكس» ما يدل – وفق قولهم – على التوازن التحريري.
مع ذلك، فإن نبرة البيان كانت دفاعية، ولم تتضمن أي تعهد بمراجعة سياسة التحرير أو فتح حوار داخلي مع الموظفين المحتجين.
هل تصدعت «الحيادية» الغربية؟
ما حدث داخل «هيئة الإذاعة البريطانية» لا يمكن عزله عن التحولات العميقة التي تطال الإعلام الغربي، خصوصاً في زمن الحروب والحملات العسكرية ذات الطابع الاستعماري الحديث. فالرسالة المفتوحة الموقعة من داخل المؤسسة ذاتها، ليست مجرد تعبير عن انقسام وظيفي أو رأي معارض، بل تمثل مؤشراً واضحاً على تراجع الثقة بالمفهوم التقليدي للحياد الإعلامي، وتحديدا حين تكون القضايا الأخلاقية والإنسانية أكثر إلحاحاً من أي توازن شكلي في تقديم الروايات.
إن صراع الصحافيين داخل الـBBC يعكس تحولاً في الوعي المهني ذاته، فجيل جديد من الصحافيين بات يرفض الصمت تحت راية «الحيادية الزائفة»، ويطالب بمنظومة تغطية تراعي الحقيقة والعدالة، لا فقط التوازن السياسي.
الأسئلة التي تطرحها هذه الرسالة تتجاوز حدود الـBBC لتطال كل المؤسسات الإعلامية الكبرى:
هل ما زالت المؤسسات قادرة على ممارسة الصحافة الحرة تحت ضغط اللوبيات السياسية؟ أم أن الحيادية أصبحت غطاءً ناعماً للتواطؤ مع قوى النفوذ؟
وهل يمكن فهم هذه الرسالة لا كمجرد «احتجاج داخلي»، بل كتحذير صريح بأن الإعلام، إذا لم يتحرر من قوالبه الخشبية ومصالحه المؤسسية، سيفقد مكانته الأخلاقية، وربما وجوده ذاته كمصدر للثقة العامة؟
ــــــــــــــــــــــــــ
"الأخبار" اللبنانية – 3 تموز 2025
********************************************
الأدب الأفريقي ما بعد المقاومة
نجيب مبارك*
برز الأدب الأفريقي الناطق بالفرنسية في منتصف القرن العشرين بوصفه مساحةً للثورة، والمصالحة الرمزية، واستعادة الهوية. وقد تشكّل في ظلّ صدمة الاستعمار، متأرجحاً بين الإرث الثقافي الأفريقي واللغة الفرنسية والتطلع إلى التحرّر. لم يكن هذا الأدب "أدبياً" بالمعنى الضيّق للكلمة، بل ظلّ دوماً مشتبكاً مع التاريخ، مشغولاً بمعالجة آثاره وتبعاته. هكذا، من خلال أسماء مؤسِّسة كليوبولد سيدار سنغور، وإيمي سيزير، وفرانز فانون، وماريز كوندي، اتخذ هذا الأدب طابعاً تأسيسياً، بل واستشرافياً أحياناً، أو احتجاجياً في أغلب الأحيان. لم يكن هدفه تمثيل العالم الأفريقي فحسب، بل إعادة تشكيله رمزياً بعد قرون من التهميش والاستعباد والاستغلال، باعتباره أداةً فكرية في مواجهة الاستعمار، وملاذاً للهوية، ومنصة لحلم جماعي جديد.
تطوّر المشهد مع ظهور جيل لاحق من الكتّاب مثل ألان مابانكو، وليونورا ميانو، وعبد الرحمن وابري، وسكولاستيك موكاسونغا، عالجوا قضايا مختلفة تتعلّق بالشتات، والإبادة، والإيكولوجيا، والحركات النسوية، والهوية الجنسية، وانهيار الأحلام الكبرى. ورغم هذا التنوع، تبقى رسالة هذا الأدب الأساسية قائمة: الكتابة ليست فعلاً بريئاً. إنها مقاومة، وتذكير، وإعادة تشكيل للذات والعالم. إنها حلم يولد من تحت الخراب، وكلمة تأبى النسيان والخضوع.
اللغة بين نزع الملكية والقوة الشعرية
من أبرز سمات الأدب الأفريقي أنه كُتب بلغة المستعمِر: اللغة الفرنسية. وهذا التناقض في قلب المشروع الأدبي لما بعد الاستعمار. فالفرنسية، التي فُرضت عبر المدرسة الكولونيالية، كانت أداة للهيمنة الرمزية، لكنها أصبحت لاحقاً، بيد هؤلاء الكتّاب، وسيلة لاستعادة الذات، وإعادة تشكيل المعنى، ومقاومة السيطرة. يُعد الشاعر والمفكر المارتينيكي إيمي سيزير من أبرز من جسّد هذا التحول.
أما سنغور، أول رئيس للسنغال بعد الاستقلال، فسلك طريقاً أكثر تناغماً. ففي قصائده، يحتفي بجمال السود، وحنين القرية، وانفتاح الثقافات. وكتب قائلاً: "نحن ثمرة زواج بين العقل اليوناني والعاطفة الزنجية"، في إشارة إلى رغبته في جعل الفرنسية جسراً نحو الكونية. أما فرانز فانون، فقد كان أكثر راديكالية. ففي "بشرة سوداء، أقنعة بيضاء" يكشف كيف أن اللغة الفرنسية تُدخل العقدة الاستعمارية إلى نفس المستعمَر. فالتكلم بالفرنسية يعني محاولة "التبييض" الرمزي. ولهذا؛ دعا فانون إلى تحرّر شامل، يبدأ من اللغة.
في المقابل، كتبت ماريز كوندي بلغة هجينة، تنساب فيها الفرنسية جنباً إلى جنب مع الكريول والسخرية وتعدّد الأصوات. في "أنا تيتوبا، الساحرة السوداء"، منحت كوندي صوتاً لعبدة سوداء منسية أُعدمت في أميركا، وحولت اللغة إلى أرشيف حيّ للمنسيين. فالفرنسية عندها ليست مرفوضة ولا مقدسة، بل مادة حية تُشكَّل على يد الكاتبة.
إعادة كتابة التاريخ
لا يمكن فصل أدب ما بعد الاستعمار عن مهمة استرجاع الذاكرة الجماعية. فقد سعى الكتّاب إلى فضح الصمت الذي فرضته السرديات الكولونيالية: صمت عن العبودية، عن المقاومة، عن الثقافات الأفريقية التي اختُزلت إلى فلكلور. من هنا، تحوّلت الكتابة إلى تاريخ مضاد، بل إلى ممارسة رمزية للعدالة. في "خطاب عن الاستعمار" (1950)، يدعو إيمي سيزير إلى عالم لا مركزي، تعدّدي، محرّر من الهيمنة الأوروبية. أما فانون، في "معذبو الأرض" (1961)، فيؤكد أنه لا يمكن التحرّر إلّا عبر العنف الثوري، فالأدب عند فانون ليس تأملياً، بل هو فعل تحرّري. وبالنسبة لكوندي، فهي تنأى عن الشعارات الكبرى، تهتم بما هو هامشي: بالنساء، بالمُهجَّنين، بالمُستعبَدين.
رغم عمقها وتجذّرها، لم تكن هذه الأدبيات خالية من العيوب أو القيود. فقد كُتبت غالباً على يد نخبة مثقفة، تكونت في الجامعات الفرنسية، وكانت في بعض الأحيان بعيدة عن واقع الشعوب الأفريقية اليومية. حتى إنّ بعض النقاد رأوا في مشروع "الزنوجة" الذي قاده سنغور وسيزير نوعاً من التكريس العكسي للصور النمطية: فالأسود عاطفي، روحي، شفهي، في مقابل الأبيض العقلاني، العلمي. وقد انتقد الكاتب النيجيري وول سوينكا هذه المقاربة بقوله الشهير: "النمر لا يعلن نُمورته، بل ينقضّ". في إشارة إلى رفضه للهوية المُعلَنة، مقابل الهوية التي تتجسّد بالفعل، كما أن هذا الأدب، في بداياته، ركّز في الغالب على "العدو الخارجي" - المستعمِر- وأغفل الانحرافات الداخلية لأنظمة ما بعد الاستقلال: من فساد، واستبداد، وإقصاء.
جاء لاحقاً كتّاب مثل سوني لابو تانسي، وأحمدو كوروما، وإيمانويل دونغالا، ليمارسوا نقداً ذاتياً قاسياً للواقع الأفريقي من الداخل، بأساليب تهكمية وسوداوية. إضافة إلى ذلك، فإن الهوس بالهوية العرقية، وإن كان ضرورياً في السياق الكولونيالي، أغفل تقاطعات أخرى: كالجندر، والطبقة، والجنس.
ـــــــــــــــــــــ
* كاتب من المغرب
"العربي الجديد" – 24 حزيران 2025
********************************************
الصفحة الحادية عشر
جديد دار الشؤون الثقافية
اصدرت دار الشؤون الثقافية العامة في وزارة الثقافة والتراث والسياحة عدداً من الكتب الجديدة ابرزها:
- على حافة النقد/ ادب الارهاب اليومي في العراق/ تأليف باقر صاحب.
- الهرمنيوطيقا/ بوصفها منهج التفسير عند امين الخولي. تأليف د. عبد الجبار الرفاعي.
- الحزن دالاً شعرياً/ دراسة موازنة بين نازك الملائكة ولميعة عباس عمارة. تأليف د. رائدة العامري.
- مقطوع الى النصف ويثمر/ شعر مهند الخيكاني.
- موسوعة المكان في الفلسفتين اليونانية والعربية الاسلامية حتى ابن سينا. تأليف حسن مجيد العبيدي.
- نزهة النصوص في اخبار اللصوص/ انتخاب وتقديم هبة الله علي عبد الحسين.
- الاعمال الشعرية الكاملة للشاعر بلند الحيدري.
- ليس بصياح الغراب يجيئ المطر/ انتخاب وتقديم لؤي حمزة عباس.
- حالمون وضفاف لازوردية/ ادباء وكتاب عراقيون يتحدثون/ تأليف عذاب الركابي.
*******************************************
ذاكرة الصحافة الشيوعية.. صحافة اليسار في العراق.. منصة للفقراء والمهمشين
د. تيسير عبدالجبار الآلوسي
مذ أول انطلاق الصحافة كانت أداة للتعبير عما يجول في بيئة اليوم العادي وتفاصيله. حتى صارت تنقسم بين صحافة تتبنى هموم الإنسان وأخرى معنية بمشاغلته بقشور وشكلانيات جزئية من نهج استغلاله والتعبير عمن يستغله لمآربه الخاصة. فأما تلك التي عبَّرت عن الإنسان وما يجابهه من صراعات بمختلف أشكالها الاستغلالية وعنف محاولاتها في مصادرة الحقوق والحريات؛ فإنها لم تكن إلا صحافة اليسار بوصفها المنصة التي تمتلك المصداقية والسلامة المهنية عبر تمسكها بمبادئ وجود الصحافة ومغازيها ونزاهة الاشتغال والتعبير عن الإنسان..
إن تلكم الصلات الوطيدة وتبني صحافة اليسار للإنسان المسحوق وتحديها أدوات استغلاله، أوجدت مناخا احتفاليا وطقسيا بين جمهور الناس من الأغلبية بخاصة هنا من الطبقات الفقيرة التي تمت مصادرة خيراتها وجاء هذا ليتحول بطقوس اليوم العادي إلى فضاء جذبت فيه تلك الصحافة جمهورها الواسع نحو القراءة والثقافة ومنطق الكشف عن المستور والمخفي بقصد عن أعين الكادحات والكادحين.. وطبعا كان هذا انتقالا إلى فضاء ربط بين طقسيات العيش من جهة ومنطق العقل الذي يمكنه أن يحقق الآمال والتطلعات وصحافة اليسار لا تأتي بالأمور الجاهزة بما يلفق الحلول بل تأتي ومعها إعمال التفكير واستثمار العقل ومعارفه العلمية للتوصل إلى الحل..
هذا الأساس هو ما وفَّر فرصة التوجه لخيار عيد الصحافة اليسارية في العراق والعالم ومعروف نموذج عيد الإنسانية (اللومانيتيه) في باريس الذي يؤمه ملايين الزوار في أيامه الثلاثة ويحتفلون بالعيد ليس مجرد طقسيات عابرة بل في منجز نوعي يهتم بمنجز العقل وسلامة النهج في التعاطي مع تفاصيل مجريات الصراعات كافة..
وإذا كان مهرجان اللومانيتيه السنوي بحجمه الكبير وعلامته المشهودة قد تضامن على سبيل المثال مع قضايا شرق أوسطية عربية كما القضية الفلسطينية وكما قضايا المرأة والعدالة الاجتماعية وغيرها من أمور فإن صحافة اليسار العراقي أولى بأن تحتضن احتفالياتها وهي الأعرق بين الصحف الصادرة في العراق ومازالت تصدر حية مقروءة تتلقفها أيادي الجماهير وتطالعها الأبصار والبصائر بنهم وشوق..
ومذ كنت من بين دعاة إقامة مهرجان صحافة اليسار بوصفها صحافة حية محبوبة مقروءة ومازالت تعبر بمبدئية ونزاهة وسلامة مهنية وحتى إقامة احتفالياتها السنوية أكدتُ وأؤكد اليوم على تقديم الاحتفالية بالطريقة الأنسب وأوضاع الناس ومستهدفاتهم ووسائل عيشهم وتفاصيل اليوم العادي لكل منهم.. ولعل قراءة استطلاعات الرأي في أثناء الدورات السنوية يظل نهجا للكشف عن مطالب الجمهور الواسع لمرتادي مهرجان صحافة اليسار وعيدها الذي لا يقف عند أعتاب الشأن الصحفي حصريا بل يمتد لخلق منصة الفرح والمسرة انتصارا للأنسنة مرة ولقيم الأسمى في مرات أخرى بما يتيح للمشاركات والمشاركين التعبير عما يجول في الصدور والأذهان من أحلام وتطلعات مما لم يتمكنوا يوما من البوح به في كنف مناسبات أخرى..
ها هي أعياد الصحافة اليسارية في العراق تجمع الصحافة العراقية بعامة في ميادينها وهي تضم مبدعات ومبدعين بمختلف ضروب الفنون والآداب والصناعات الشعبية والتراث وإبراز مسابقات ثقافية وأخرى جماهيرية وتلك المعنية بالطفل والمرأة والعائلة وتعزيز التماسك الاجتماعي واستعادة تلك العلاقات الحية بين أبناء البلد وخلق فضاء للتسامح والإخاء وفرص إبداع وإنجاز وتعبير مفتوحة الأفق..
إن هيد الصحافة اليسارية وفي الجوهر الصحافة الشيوعية التي أشرت الانطلاقة الأولى بولادة أول صحيفة يسارية في نعاية تموز 1935 أي قبل تسعين عاما أو تسعة عقود من الشدائد والمطاردة والمقاصل لكنها ماتزال تواصل الدرب ومسيرة تحتفل بقرائها مثلما محرراتها ومحرريها من المكافحين للتعبير عن قضايا الناس والوطن..
إذن العيد في نسخته هذا العام يجدد اللقاء بجمهوره ليس بكون الصحافة تحتفل وتنظم المهرجان بل بكون الجمهور هو بالتحديد من يحتفل ويتمسك بأسس التنظيم والاحتفال برائع منجز كاتبات الصحافة اليسارية وكتّابه ممن يضحي بالغالي والنفيس ليقدم الأنجح والأنجع في عرض رسائل الشعب وأحلامه وتطلعاته بسلامة ودقة وموضوعية.. أن حجم الجمهور الكبير يؤكد طابع العيد كونه عيدا شعبيا وروحانية تنتمي للناس للبسطاء للفقراء للمتطلعين للتحرر والانعتاق والقابضين على الجمر ليبرهنوا أن عيدا شعبيا بهذا الحجم إنما ينمو ويكبر مع كل عام ليأتي بحركة جماهيرية للفرح والمسرة وصنع أفضل تعبير عن القيم الروحية والأخلاقية الأسمى للناس للشعب ولحراكهم الذي يجمع بين القيمي العاطفي الانفعالي وجمالياته الروحية وبين العقل ونهجه وأساليبه الموضوعية..
هذا هو العيد الذي يستدعي في ممارساته وقيمه أعياد الحضارة السومرية التي كانت تعبيرا عن قيم العمل والإنتاج مثلما عن القيم الروحية لمثل تلك المنجزات للتمدن والتحضر وتهذيب الإنسان وسلوكه وقيمه. إنها تستدعي تاريخنا في رفض السكونية والجمود والتكلس وولوج الحيوية إذ البركة بالحركة وفتح آفاق جديد المعاني باحتفالاتنا التي لا تبكي الأطلال ولكنها تسمو بمنح الحيوية فعليا وجودها عبر منطق الفرح والمسرة..
فليفرح الشعب بصحافته التي عبرت عنه لكن أيضا بعيده الذي يحتفل بها بوصفه عيدا للفرح ومناسبة للمسرة ممتلئة بالمعاني والقيم والخصال الأسمى والأرقى..
مباركة أيام الاحتفالية والعيد ومباركة أنشطة العيد بكل تفاصيلها الجمالية والمضمونية.. مباركة ملتقيات أوسع جمهور بعيد يجمع أعياد الوطن والناس ليضعها بمنصة الاحتفال وبك، وبكم معا وسويا يكون الاحتفال بعيد صحافة اليسار بوصفه ثقافة تنوير الأفئدة والعقول، ثقافة جديدة وطريقا للشعب يمضي بمحمولات أعياده تلك المحمولات الفلسفية الفكرية منها والجمالية العاطفية الروحية أيضا..
وكل عام ومثقفينا بثقافة النخبة والجهد العقلي العلمي الأكاديمي وبثقافة شعبية تنتمي لسلوك الناس وقيمهم وأداءاتهم وهي ببساطتها الأعمق في تقديم السهل الممتنع والبسيط بالتركيبة الأعمق والأروع لمعاني العيد والاحتفال..
ونلتقي معا في رأس تموز البابلي أو ديموزي السومري مجددين العهد بتحويل مسيرة زمننا لأعياد فرح ومسرة بلى نلتقيكم جموعا بهية تعبر عن هويتها وقيمها ومبادئها وسمو تطلعاتها وتمسكها بعيد هو عيدها.. وجائزتكم أنتن وأنتم جمهور المهرجان العيد هي الجائزة الأعلى والأبهى والأسمى
بتموز الأعياد الخالدة منذ سومر مرورا بيومنا يليق الافتخار والبهاء عيدكم الأسعد والأبهى.
******************************************
قصة قصيرة.. ممنوع التصوير
مروان ياسين الدليمي
كان العجوز يجلس في المقعد الخلفي من سيارة الاجرة، يحدّق بصمتٍ من خلف الزجاج المترب، بينما تدحرجت المدينة أمام عينيه كما لو أنها شريط قديم احترق في أطرافه ولم يبقَ منه إلا رمادُ صورٍ وذكريات. الوقت كان غائماً، على الرغم من وهج شمس المغيب التي اخترقت الحطام بعناد، كأنها تسعى إلى إيقاظ الموتى أو إثارة وجع الأحياء. كان الصمت يسكن السيارة، إلا من خربشات العجلات على الحفر، وتهشّم أنفاس السائق الشاب، الذي بدا عليه التوتر. طوال الطريق، لم يكن العجوز يسمع إلا صدىً داخلياً، صوراً متلاحقة عجنتها ذاكرته بعجلات السيارة، وجعلت من كل حفرة ضربة سيف، ومن كل ركام جثةَ حكاية. ثم نبح الصوت.
ليس صوت السائق، بل آخر، جاء من نافذة الطريق كطلقة، مزّق سكون العجوز كما لو أنه استيقظ فجأة من نوم طويل على سرير مقبرة. كان الجندي، واقفاً بثقله كاملاً على الإسفلت، جسده محمولاً على خوذة وأوامر وريبة، يصرخ:
"ممنوع التصوير."
لم يكن ثمة كاميرا. ولا هاتف مرفوع. لكن العجوز كان يحمل عينيه.
لحظتها، ارتجّت داخله سخرية لاذعة، لم تنبس شفتيه بها، لكن مذاقها كان مُرّاً في حلقه كما لو أنها قيء عمر كامل. لم يُجبه مباشرة. كل ما فعله أنه تذكر، دون إرادة، ذلك الطفل – صورة قديمة التقطها العقل حين كانت الموصل لا تزال تحت وطأة دولة الخلافة، والسماء تتقيأ منشورات، والأرض تُدفن تحت الأقدام.
طفل. منشور. ضحكة بريئة في الهواء.
أخٌ شاب، وجهه يذوب من الذعر، يطلب من الطفل أن يرمي الورقة. لكن الطفل خبّأها في جيبه كما يُخبئ الأطفال الحلوى. وبينما كانت عيون الناس تُخفض، كانت عيون عناصر"الحَسبة" تلمع، تراقب، تحصي الأنفاس. وفي غضون دقائق، كان الشقيقان قد اختفيا. وفي صباح آخر، عُلّق جسد الشاب على سياج الجسر العتيق.
الطفل؟ لا أحد يعرف.
صورة واحدة، التقطتها ذاكرة المدينة. ممنوعة.
وعاد إلى الواقع، حيث صوت الجندي يخترق الزجاج من جديد، نبرة متسلطة تعبق بالخوف لا بالقوة:
"أنت رجل كبير… ألا تستحي من شيباتك؟ كيف تلتقط صوراً؟"
الشيبات؟ هل يعني ذلك أنه لم يعد ينتمي إلى فئة يمكنها أن تُغفر لها الأسئلة؟
مال العجوز للأمام، خاطب الجندي بنبرة هادئة، لكنها كسكين يُغمد في صدر العجز:
"أين الخطأ؟ نحن نريد أن نُوثّق. أن نُبقي الذاكرة حيّة. هذه مدينتنا، وهذا ركامها."
تغيّرت ملامح الجندي قليلاً، كما لو أنه واجه جداراً لم يكن يتوقعه، أو أنه رأى في العجوز شيئاً آخر: صحفي، جاسوس، شاهد؟ لم يكن مهماً.
ما كان واضحاً أن الجندي أراد إنهاء اللحظة.
فالتفت إلى السائق، وقال بحدة:
"تَحرّك بسرعة، وإلا سأحجز السيارة."
وانطلقت العجلات من جديد، تدور فوق الحفر كما تدور فوق الجثث القديمة.
أما العجوز، فقد عاد إلى الصمت. لكن الصور لم تتوقف.
لأن من يحمل ذاكرة المدينة لا يحتاج إلى كاميرا.
هو نفسه ممنوع. هو نفسه صورة.
****************************************
كاتب وكتاب
{بهدف تقديم صورة متكاملة عن منجز كاتب عراقي، ننشر هنا قراءة نقدية لأحدث كتب الاستاذ مروان ياسين الدليمي، الى جانب احدث نص قصصي كتبه ولم ينشر من قبل. وسنواصل اغناء هذه الزاوية في تقديم احدث كتاب واحدث نص لكاتب معروف وذلك ضمن توجهنا واهتمامنا بالكتب والكتّاب}
المحرر الثقافي
*******************************************
{حلّاق الشِّعر} يُقص المقص بيدي، لا على عنقي
بولص آدم
حين نقرأ نص "حلّاق الشِّعر" للكاتب العراقي مروان ياسين الدليمي، لا نقرأ حكاية حِرفة مؤقتة، بل نقرأ وجهاً كاملاً لحياة كاملة، تنحتها الضرورة وتصقلها الكرامة. هنا، لا يكون "الحلاق" مجرد مهنة، ولا "الشِّعر" مجرد كلمات؛ بل يتحول العنوان إلى مرآة مزدوجة تعكس وجهين من الوجود: شَعر يُقصّ على الكرسي، وشِعر يُقصّ على ورقة، كلاهما من أعمال اليد والعين والقلب. في هذا النص الذي يتكثف فيه زمن الحصار وجفاف العالم، لا يتحدث الكاتب عن "التجربة" باعتبارها شيئاً ماضياً، بل يتحدث عن "الهوية"، وكيف يمكن للواقع أن يحاول قسر الإنسان المبدع إلى زاوية ضيقة، تختزله في لقطة واحدة، أو في صفة مهنية، أو في تعليق عابر من أحدهم. يقول: "أن يُختزَل إنسانٌ في مهنةٍ عابرة، أن يُنسى كل كفاحه، فقط لأنّ أحدهم لم يحتمل أن يراك تُواصل...". هكذا تصبح نظرة الازدراء اليومية، مجرد "كلمة" أو "نظرة"، سلاحًا رمزيًا يقاتل به المجتمع ما لا يستطيع فهمه أو تحمله. المفارقة العنيفة أن المجتمع لا يغفر للمبدع حاجته إلى العمل اليدوي، بل يكاد يطلب منه أن يبقى فوق الأرض وفوق الحاجة، وكأن الإبداع لا يتنفس إلا في ترف. لكن، كما كتب جورج أورويل الذي عمل في غسيل الصحون قبل أن يصبح أحد أعظم الكتّاب الإنجليز: "أكتب لأني لا أستطيع العيش بصمت، ولكنني كنت أعيش في صمتٍ قسري طويل، حين لم يكن لي مكان في عالم الكتب". كثير من المبدعين الكبار لم يصلوا إلى عالم الأدب أو الفن إلا عبر دروب الحرف والمهن:
الشاعر الروسي فلاديمير ماياكوفسكي الذي عمل رسام لافتات إعلانية. المسرحي الأمريكي سام شيفلين الذي عمل في مصنع للسيارات. الكاتب الفرنسي ألبير كامو الذي شغل وظائف مكتبية متواضعة قبل أن يصبح أيقونة فكرية وأدبية. تشارلز بوكوفسكي عمل سنوات طويلة في مكاتب البريد، وكان يقول: "الكتابة كانت نجاتي من الوظيفة التي لا تنتهي" توفى يانسون، الكاتبة الفنلندية الشهيرة بمخلوقات الـ "Moomin"، كانت ترسم الكاريكاتير في الصحف لتعيل نفسها. بيير شوفالييه هو مثال مهم وملهم ضمن الحديث عن المبدعين الذين مارسوا مهنًا يدوية قبل أن يحققوا حضورهم في الحقول الفنية. فقد عمل لحّامًا في بداياته، وهي مهنة تتطلب تركيزًا وصبرًا ودقة، ثم انتقل إلى الكتابة والإخراج السينمائي، ليصبح لاحقًا أحد الأسماء المؤثرة في دعم سينما المؤلف، خاصة عندما تولّى مسؤولية قسم السينما في قناة Arte الفرنسية. المكسيكي خوان رولفو، كاتب كبير وصاحب رواية "بيدرو بارامو" المؤثرة في أدب أميركا اللاتينية، عمل قبل شهرته موظفًا في سجل السكان المدنيين وبائعًا للأجهزة المكتبية، وعانى من الفقر والضياع. غابرييل غارسيا ماركيز، كان صحفيًا يعمل في ظروف شديدة التقشف، ولفترة، كان يكتب في الصباح ويبيع الموسوعات المنزلية من باب إلى باب ليلاً ليكفي أسرته. الروائي الياباني كواباتا ياسوناري الحائز أيضاً على نوبل، عمل مصححًا صحفيًا ومتدربًا في النشر، وكان يعيش حياة تقشفية شديدة في طوكيو. لم يكن يملك حتى حذاءً يليق به عند حضوره أول اجتماع أدبي هام. إن رحلة الإبداع لا تنفي الكدح، بل تسبقه غالبًا. ما بين لحّام فرنسي وحلاق عراقي وكاتب مكسيكي يعمل موظفًا مغمورًا، تكمن الحقيقة البسيطة: الإبداع ليس امتيازًا برجوازيًا، بل هو صرخة كائن حر، ينحت صوته في كل الظروف.
والمذهل أن هذا "التوتر" بين الكرامة الداخلية والوظيفة الخارجية هو ما يصنع غالبًا جوهر الإبداع. كما قال الفيلسوف هربرت ماركوز: "الحرية الحقيقية لا تُقاس بامتلاك الوقت، بل بامتلاك النفس رغم الوقت".
يكتب مروان: "الكلمة لم تكن وصفًا، بل طعنة. وسكينها ليس في معناها، بل في ما تُخفيه من نيّة." هنا تصبح اللغة الاجتماعية أداة عنف رمزي، وتصبح السخرية من "حلاق" ـ وإن كان شاعرًا ـ إهانة موجهة لا إلى المهنة، بل إلى الكينونة الإنسانية التي يُفترض بها أن تتجاوز التصنيف. إن العنوان ذاته "حلّاق الشِّعر" يحمل هذا الازدواج المؤلم والساخر: فمن جهة هو من يقصّ "شَعر" الآخرين – مادة الجمال الخارجي، ومن جهة أخرى هو من يُقصي "شِعره" – مادة الجمال الداخلي. لكنه يفعل ذلك بكبرياء وهدوء، كمن يعرف أن وظيفته الأعمق هي ما لا يُرى، ما لا يُدفع ثمنه، ولكنه يبقى. في لحظة سخرية من أحد الزبائن، يتوقف الزمن: "ما حاجتك إلى الشعر، وأنت حلاق؟!" فيضحك هو، لا من الجملة، بل من جهلها. في نص "حلّاق الشِّعر"، لا يُدافع الكاتب عن "الحلاقة" كوظيفة، بل يدافع عن الحق في أن تكون أي مهنة طريقاً للكرامة، لا سيفاً للمهانة. بل إنه ينزع من المهنة أي سطوة اجتماعية:
"المقص بيدي، لا على عنقي."
في اختصار يليق بشاعر يعرف كيف يضع الجملة حيث توجع. لقد مرّ المبدعون في عقودهم الأخيرة بحصار مزدوج: الحصار الاقتصادي، ثم الحصار المعنوي. أُجبر الكثيرون منهم على العمل في المهن اليدوية، وواجهوا نظرات الاحتقار المبطنة من بيئات لا تعرف كيف تُقدّر القيمة إلا إذا جاءت عبر سلطة أو مال. وهكذا، كما تقول حنة أرندت: "المجتمع الذي لا يعرف كيف يحترم فكر أبنائه، سيقسو عليهم بألف طريقة، ثم يتساءل: لماذا غادرونا؟" لكن "حلّاق الشِّعر" لا يغادر، بل يبقى، يضحك، يصمت، ينتظر، يقصّ شَعر الزبائن نهارًا، ويقصّ القصائد لروحه ليلاً. ويعرف، كما في خاتمة النص:
ويظل، كلما نادوه “حلاقًا”، يبتسم ويواصل.
لأنه يعرف:
أن القصيدة الأخيرة، دائمًا، له.
بهذا اليقين العميق، تظل كرامة المبدع محفوظة رغم كل محاولات الاقتطاع أو الاختزال، لأن الإبداع لا يُقاس بوضع اليد، بل بموضع القلب. والقصيدة، كما الحياة، لا تُختَزَل فيما تراه العيون، بل فيما تصنعه الكلمات في الظل.
********************************************
الصفحة الثانية عشر
العراق يستعيد عملين فنيين من الأردن
متابعة – طريق الشعب
أعلنت دائرة الفنون العامة في وزارة الثقافة، أخيرا، استعادة عملين فنيين مفقودين للفنانين عطا صبري ونزار الهنداوي، من الأردن.
وفي بيان صحفي ذكر المدير العام للدائرة، د. قاسم محسن، أن العملين الفنيين المتحفيين، مفقودان منذ عام 2003، معربا عن شكره إلى السيد سامي هندية الذي تبرع بإعادة العملين إلى مجموعة المتحف الوطني للفن الحديث. كما شكر الناقد التشكيلي صلاح عباس على جهوده في هذا الشأن.
ودعا محسن المواطنين إلى التعاون في إعادة الأعمال المتحفية الموجودة لديهم، إلى المتحف.
**************************************
أما بعد .. نصف مليون ضحية كحد أدنى!
منى سعيد
"نسامح لكن لا ننسى" تلك هي حكمة نلسون مانديلا زعيم جنوب إفريقيا في مجمل تعليقه على الجرائم العنصرية التي ارتكبت بحقه وحق شعبه من أصحاب البشرة السوداء، بعد أن تم التوافق بين البيض والسود.
ويبدو ان الأمر ينطبق علينا، فلا يمكننا نسيان جرائم حكم البعث والدكتاتور صدام وما خلَّفت من كوارث اجتماعية واقتصادية لا نزال نعاني منها.
وقبل أيام كنت أتابع البرنامج الوثائقي "تلك الأيام" للزميل الصحفي الدكتور حميد عبد الله ، تابعت حديثه مع استعراض وثائق حول متابعة عناصر الأمن البعثي لعائلات الضحايا من الشهداء حتى بعد إعدامهم، وطبعا لأغراض عديدة منها رصد ردود فعلهم والضغط عليهم لاستنباط مواقف معارضة للحكم آنذاك، وبالتالي إسقاطهم فريسة لكتابة تقاريرهم الخبيثة، والإيقاع بهم ضحايا لمصائر شنيعة لا تقل عن مصائر أبنائهم..
أعادني ذلك الفيديو لواقع شخصي كنت قد مررت به أثناء وضعي الكارثي، لكوني زوجة سجين سياسي ومن ثم معدوم، وكان هذا خلال دوامي في دائرة صحفية حكومية بداية الثمانينات.. لن أنسى أبدا ما واجهته من معاناة أثناء تردد أشخاص غرباء من الجهات الأمنية على مكتبي ومحاولة الإيقاع بي .. أذكر مرة زارني شخصان غريبان تماما حاولا فتح موضوعات سياسية معي، لكني ولغرابة الموقف ولسبب عجيب ما زلت أجهله، أصبت حينها بنوبة من الضحك وأنا أحوّل محادثتهما معي لأحاديث ونكات جانبية، أغرقتني بضحك متواصل الأمر الذي أضحكهما أيضا حتى غادراني.
في اليوم التالي أخبرني زميل لي في المكتب وهو عنصر أمني أيضا، قال لي بأني كنت محظوظة جدا، إذ لم يحصل الشخصان مني على معلومة خطيرة رغم حملهما جهازي تسجيل صوتي تحت سترهما.. وعن موضوع الزيارات، لم يكف عنصر أمني عن زيارة بيتي وعائلتي أسبوعيا تقريبا حتى بعد حصولي على شهادة الإعدام، وحتى أصبح (شبه صديق)!
في حلقة أخرى من البرنامج نفسه عرفنا بأن جرائم العهد الصدامي بلغت مداها خلال قمع انتفاضة آذار، التي راح ضحيتها في شهر واحد 280 ألف شخص.. ويمكننا أن نتصور حجم تلك الكارثة عند مقارنتها بإجرام إسرائيل في غزة وعدوانها خلال عامين، ليذهب ضحيته 85 ألف شهيد (فقط).
في السخرية القدر..
وفي حلقة أخرى أثارت الكثير من اللغط بين مُصَّدق ومُكَّذب ذكر الدكتور عبد الله أنه حسب إحصائية موثقة لديه بلغ عدد المعدومين في تصفيات نظام صدام منذ 17 تموز 1968 وحتى نيسان 2003 نصف مليون عراقي.
مؤكدا مسؤولية صدام التاريخية والوثائقية والأخلاقية عن هول تلك الاعدامات والتصفيات نتيجة محاكمات شكلية سياسية وليست جنائية. كما أن النصف مليون هو رقم حد أدنى بحسب إحصاءاته، منهم ضحايا حفريات الشفل للقبور الجماعية التي توزعت في أنحاء مختلفة من محافظات العراق. وهذا عدا التصفيات للمغيبين الذين لا تعرف لهم قبور حتى اليوم.
***********************************************************
يُنظم ورشا فنية افتتاح نادٍ سينمائي في النجف
متابعة – طريق الشعب
شهدت "مقهى ومكتبة زوين" وسط مدينة النجف، أخيرا، افتتاح ناد سينمائي يهدف إلى إنتاج أفلام من خلال تنظيم ورش متخصصة في كتابة السيناريو وفي التأليف والمونتاج والإخراج.
هذا النادي الذي يُعتبر الأول من نوعه على مستوى المدينة، حضر افتتاحه فنانون ونُقاد وخبراء في الفن السابع، من بغداد ومحافظات أخرى.
وتحتضن هذه المقهى، التي تضم مكتبة متخصصة في الكتب العلمية والطبية، أسبوعيا ندوات ومحاضرات في مجالات مختلفة، طبية وهندسية وحقوقية وثقافية. بينما يرتادها مثقفون وأدباء واختصاصيون في حقول علمية عديدة.
في حديث صحفي، قال مدير النادي زيد شكر، أن مشروعهم سيوفر منصة لإنتاج الافلام، وسيباشر تنظيم ورش أسبوعية تساعد هواة السينما على إنتاج أفلام قصيرة من الفكرة إلى الإخراج، فضلا عن ورش في صناعة الرسوم المتحركة.
وأوضح أن نتاجات النادي تُعرض نهاية العام، مع انطلاق خطة سنوية جديدة للأعضاء الجدد، مشيرا إلى أن خططهم ستُقر بالاستعانة باختصاصيين من بغداد والنجف.
من جانبه، قال الكاتب والمخرج صباح الرحمن، أن "السينما صناعة، تحتاج إلى كادر، مواد أولية، تسويق ودعم. من الضروري دعم السينمائيين كي يقدموا أعمالا تعكس حضارة بلادهم وثقافة مجتمعهم".
وأشار في حديث صحفي إلى ان "النجف مدينة علم وثقافة، وكان فيها أكثر من عشرين دار نشر منذ ثلاثينيات القرن الماضي، فضلا عما أنجبته من قامات شعرية وأدبية كبيرة"، لافتا إلى ان "دعم الفن والثقافة محدود اليوم، لكن الشباب المبدعين في السينما وغيرها من الفنون، يعتمدون على جهودهم الخاصة، ويشاركون في مهرجانات دولية ويحرزون الجوائز".
وتابع قوله: "لذلك من المهم أن تدعم الدولة المبدعين، ومنهم مبدعو مدينة النجف"، مبينا أن "السينما من الفنون التي تحتاج دعما ماليا ومعنويا أيضا. ومن المؤسف أن يُحتفى بفنان سينمائي دوليا، بينما لا تلتفت إليه بلاده"!
إلى ذلك، قال مسؤول المقهى د. محمد زوين، أن "افتتاح النادي السينمائي تجربة أولى من نوعها في النجف. نؤمن أن أي مجال ثقافي أو فني يحتاج إلى أرضية اجتماعية، وتتطلب إدامته تنظيم فعاليات ولقاءات تساعده على النضوج والتطور".
وأضاف قوله: "نأمل أن تساهم هذه التجربة في دعم السينما".
*****************************************
في بريطانيا.. تحالف فني ضد الإرهاب الصهيوني
متابعة – طريق الشعب
أعلنت فرقة "ماسيف أتاك" الغنائية البريطانية إطلاق تحالف جديد يقوده فنانون، للدفاع عن حرية التعبير في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية، في خطوة تتزامن مع حملة ترهيب قانونية ممنهجة ضد من يعبّرون علنا عن تضامنهم مع غزة ضد حرب التجويع والإبادة التي تتعرض لها.
التحالف الذي شاركت فيه أسماء فنية بارزة، يستهدف حماية الفنانين الذين يواجهون دعوات قانونية وإعلامية بسبب تضامنهم مع فلسطين.
وأصدرت الفرقة عبر حسابها في "انستغرام"، بيانا رسميا أعلنت فيه تأسيس "تحالف فني من أجل غزة"، مؤكدة أنها "لن تقف مكتوفة الأيدي"، وأن هدفها حماية الفنانين من ظاهرة "إلغاء الوظائف أو الترهيب"، خاصة من قبل منظمات مثل "محامون بريطانيون من أجل إسرائيل"، التي تتولى تحريك حملات قانونية مكثفة ضد الفنانين، بهدف تقييد حرياتهم.
وشاركت في البيان أسماء شهيرة، بضمنها فرق "برايان إينو" و"غارباج" و"فونتينز دي سي" و"نيكاب" الأيرلندية. وقد شدد البيان على أن التضامن مع غزة لا يجب أن يُعامل كجريمة، بل كعمل إنساني وأخلاقي أصيل، مؤكدا أن "الفنانين الذين يعبرون عن رفضهم القصف العسكري في غزة يواجهون ضغوطا وملاحقات تهدف إلى إسكاتهم أو إنهاء مسيراتهم المهنية. لقد آن الأوان لأن نقف إلى جانبهم وندعم قدراتهم على الاستمرار والمواجهة".
وتعد منظمة "محامون من أجل إسرائيل" القانونية البريطانية، أكثر الجهات إقامة لدعاوى ضد فنانين متضامنين مع فلسطين. أما منظمة "مجتمع الإبداع من أجل السلام" فهي تعمل على تنشيط لوبيات الفن المؤيد لإسرائيل في الغرب.
ولم يكن موقف "ماسيف أتاك" من فلسطين نتيجة للمجازر الحالية فقط، بل يتجاوزها إلى سنوات طويلة من التضامن. ففي 1999 قرر المؤسس روبرت دل ناغا بعد زيارة إلى الضفة الغربية عدم السماح بأي نشاط للفرقة في إسرائيل. كما أصدرت الفرقة في 2023 ألبوما بعنوان "وقف إطلاق النار"، خصصت إيراداته لدعم الطواقم الطبية العاملة في غزة.
********************************************
قف.. عن الحماقة والحمقى
عبد المنعم الأعسم
شهد الأسبوع الماضي ضجيجا صاخبا ساحته رئاسة البرلمان، ومحركّه حوارات سياسية رافقتها تمرينات استباقية أداها بعض اللاعبين المذعورين على النزول من القارب المضطرب، مع طعون التخوين والتآمر بين بعضهم البعض، فيما ظهر البعض بمظهر الأحمق المنفلت، وجرت، بالمقابل، وكما في كل مرة، محاولات الاستثمار في هذه البضاعة الإعلامية الفاسدة، والمنبوذة، والتي يقال إنها معركة متفق على مخرجاتها: بوس اللحى والاعتذارات، والاعتذارات المتقابلة، لكن العقلاء من المتابعين وضعوا ما حدث في توصيف الحماقة في ظروف لا تتحمل العبث بالأمن العام، الذي هو هشّ اصلا.
إن الحماقة في السياسة، كما هي في الحياة: أن تفاجئ الجمهور بحركات (أو أفكار) فنطازية واستفزازية، ولا تقدر نتائجها، ويقال إن ناصح الأحمق، من هذا النوع، أحمق منه، وأن الذي يصدّق ما يقوله الأحمق، وناصحه، أكثر حماقة من الاثنين.. وما زلنا في السياسة، حيث سُئل الصحافي الأمريكي الحائز على جائزة "بوليتزر" هيجر: من هم الحمقى؟ فأجاب بقوله: "الحمقى هم الأشخاص غير المؤهلين للقيادة، الذين يضيّعون مكتسبات الأمة ويهدرون طاقاتها سواء كانوا في السلطة أم خارجها"، وأضاف "يظهر الحمقى في الأيام الأخيرة من الحضارات المتداعية" وختم قائلا: إذا آلت الأمور إلى الحمقى، فانتظروا قيام الساعة.
*قالوا:
"لا يكفي أن تكون في النور لكي ترى، بل ينبغي أن يكون في النور ما تراه".
عباس محمود العقاد
**********************************************
أقام معرضا قرب النواعير سعد حفظي يجذب أهالي هيت إلى رسومه
متابعة – طريق الشعب
أقام الرسام الهاوي سعد حفظي الهيتي، أخيرا، معرضا شخصيا على متنزه النواعير وسط مدينة هيت في محافظة الأنبار.
وضم المعرض الذي شهد حضورا جيدا من أهالي المدينة، رسوما تعبيرية ملونة، فضلا عن تخطيطات بالقلم الرصاص.
في حديث صحفي، قال الهيتي: "انا لست رساما محترفا أو أكاديميا، لكنني أنجزت مجموعة رسوم أحببت مشاركتها مع الناس، بهدف نشر ثقافة الفن وتعزيز الذوق الجمالي".
وأوضح أن "الرسالة الأساسية التي وددت تقديمها من خلال معرضي، هي أن قيمة المدينة بفنها وجمالها. فعندما يدخل الإنسان إلى مدينة ويرى فيها جمالا وترتيبا، سيُعجب بها ويلمس جانبا حضاريا"، مبينا أن "قسما من لوحاتي يُجسد شخصيات أحببتها".
وتابع الهيتي أن "المعرض وسيلة لاستقطاب الشباب، لأنهم بذرة المجتمع، ليتعرفوا على الفن ويشاركوا في الفعاليات والمهرجانات التي تقام في المدينة. وهذا أيضاً شكل من أشكال الوفاء لمدينتي التي نشأت فيها".
فيما لفت إلى انه اختار أن يقيم معرضه قرب النواعير، لأن هذا الموقع "يُمثل الهوية البصرية لمدينة هيت، وانه متجذر في بيئتها"، مشيرا إلى ان التحضير للمعرض استغرق منه ما يقارب سنة كاملة، كان خلالها يرسم ويُحضّر حتى وصل إلى الجاهزية.
ويأمل الهيتي إقامة المزيد من المعارض مستقبلا "فحضور الجمهور وتفاعله أعطاني دافعاً قوياً للاستمرار وتقديم المزيد".
من جانبه، قال المواطن سنان عبد الوهاب، أحد زائري المعرض: "اطلعنا على مجموعة من الرسوم الجميلة التي تعكس حسا فنيا وذوقا رفيعا"، مضيفا أن "بعض الرسوم عبّر بصدق عن تاريخ المدينة. فيما حمل بعض آخر بعداً شخصياً واضحاً يعكس رؤية الفنان وإحساسه".
وأضاف أنه "لا شك في أن مدينتنا تمتلك تاريخاً عريقاً على المستويين الفني والثقافي، وان الفنانين الذين نشأوا ويعيشون فيها يتأثرون بهذه البيئة الغنية، وهو ما ينعكس بوضوح في أعمالهم الفنية وحسّهم الإبداعي".