الصفحة الأولى
في الذكرى ٩١ لتأسيس الحزب الشيوعي العراقي.. لتتوحد قوى الشعب الخيّرة من أجل التغيير الشامل
تحلّ في الحادي والثلاثين من آذار الجاري الذكرى الحادية والتسعون لميلاد ربيع الحركة الوطنية، الحزب الشيوعي العراقي. ففي مثل هذا اليوم من عام 1934، اجتمعت مجموعة مقدامة واعية من العمال والفلاحين والمثقفين الثوريين، رجالا ونساء، عربا وكردا وتركمانا وكلدوسريانا آشوريين، ومن سائر اطياف شعبنا الأخرى، ممن اتسقت احلامهم مع مباديء اليسار، ليؤسسوا الحزب ويرفعوا أهدافه مقابس تُذكي جمرة الكفاح، ويحرروا الوطن من الإستغلال والاستعمار والعبودية والتمييز، ويعبّدوا بالدماء الزكيات درب العراقيين نحو غدٍ زاهٍ، وليبقوا جيلاً بعد جيل، أوفياء لما عاهدوا الشعب عليه.
وعلى مدى تسعة عقود تتابعت وحتى يومنا هذا، واصل الحزب النضال لتحقيق شعاره العتيد "وطن حرّ وشعب سعيد"، جامعا بين الأهداف الوطنية العامة، المتمثلة في النضال لتحقيق الإستقلال الكامل وحماية السيادة وتحرير الثروات الوطنية وبناء النظام الديمقراطي واعلاء قيم المواطنة وتعزيز الوحدة الوطنية، والأهداف الطبقية المتمثلة في التصدي للجور والظلم، والدفاع عن حقوق العمال والشغيلة والحريات الديمقراطية والنقابية، وفي مقدمتها التوزيع العادل للثروة، والتعليم المجاني المتقدم والرعاية الصحية والضمان الاجتماعي، وحماية وتعزيز الثقافة الوطنية وضمان تعدديتها، ولإنتزاع حقوق المرأة وحماية مكتسباتها وتمكينها من القيام بدورها في الميادين كافة، وتحقيق العدالة الاجتماعية.
واليوم والذكرى تمر، تواجه بلادنا أزماتٍ كبيرة وتحديات جمة، جراء الانسداد الذي انتهت اليه العملية السياسية القائمة على المحاصصة الطائفية والأثنية، والتي أفضت الى تركز السلطات والثروات بيد أقلية (اوليغارشية) مكونة من فئات بيروقراطية وطفيلية وكومبرادورية. فخلال العقدين الماضيين، ترسخ الطابع الريعي للاقتصاد، وتفاقم التفاوت الاجتماعي والطبقي، وارتفعت معدلات الفقر والبطالة والأمية. كما أدى نهج المحاصصة إلى ضعف الدولة وتراجع هيبتها واستشراء الفساد في مفاصلها، والى انتشار السلاح خارج اطار المؤسسات الدستورية والتضييق المتزايد على الحريات.
وقد توصل الحزب مبكرا ومنذ سنوات، إلى أن الأزمة البنيوية للمنظومة السياسية القائمة على المحاصصة، تجعل من التغيير الشامل لاقامة دولة المواطنة والعدالة الاجتماعية ضرورة وطنية ملحة.
وتأتي التطورات الدولية وفي الجوار الإقليمي وما احدثته من تغييرات سياسية عميقة وفي موازين القوى، وما تحمل من مخاطر وتداعيات وتحديات، لتؤكد ضرورة احداث انعطاف وتغيير جوهريين، في نهج إدارة البلاد والمنظومة السياسية الحاكمة، المسؤولة عن الفشل في بناء الدولة والمؤسسات، وفي الحفاظ على المال العام وتوظيف موارده في تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية وقاعدة إنتاجية متنوعة، توفر العيش الكريم لشعبنا وتحول دون ارتهانه لتقلبات الأسواق العالمية وللفواعل السياسية والدولية الخارجية.
لهذا بادر الحزب الى التوجه نحو جميع القوى السياسية والمجتمعية، وكل الوطنيين والديمقراطيين، للحوار والعمل من اجل بلورة مشروع وطني للتغيير، يجتمع على أساسه وحوله أوسع طيف سياسي واجتماعي، ويمهد لعقد مؤتمر وطني واسع يتم الإعلان فيه عن المشروع، وليعبر المشاركون فيه عن إرادتهم الوطنية الموحدة، وعن عزمهم على العمل سوية من أجل تحقيق التغيير المنشود بالوسائل السلمية والديمقراطية.
وفي هذه المناسبة الوطنية يعبر الحزب عن ثقته بقدرات شعبنا النضالية والثورية الكامنة، ويدعو الساخطين والرافضين والمتضررين من منظومة المحاصصة المأزومة ونهجها الفاشل، الى نبذ السلبية وتصعيد الكفاح الجماهيري السلمي وتنميته، والى تخلي الأغلبية عن صمتها والمشاركة بنحو واسع في الإنتخابات التشريعية والمحلية، والعمل على تفعيلها لتغيير موازين القوى، ولكي تكون أداة من أدوات الخلاص، واحدى روافع التغيير والتصويت للعاملين من اجل مشروع التغيير الشامل، واسناده بأشكال نضالية متعددة. وارتباطا بذلك لابد من الحصول على بطاقة الناخب وتحديث السجل الانتخابي، ومواصلة العمل لضمان وجود منظومة انتخابية عادلة، وتوفير مستلزمات اجراء انتخابات حرة وعادلة ومتكافئة للجميع.
وإذ يستذكر حزبنا في هذه المناسبة قوافل الشهداء الذين ضحوا بأغلى ما يملكون في سبيل الشعب والوطن، وصانوا راية الحزب ورفعوها خفاقة في سماء العراق، فانه مفعم بالثقة التي لا تتزعزع بعزيمة رفيقاته ورفاقه، وبقدرتهم على مواصلة النضال وبذل كل الجهود، لتحقيق احلام العراقيين في العدل والتقدم والعيش الكريم.
واليوم أيضا وإذ يستقبل حزبنا عقده العاشر، ندرك جيدا أن الوفاء لإرثه النضالي الوطني والديمقراطي والطبقي المجيد، وتنميته وإغناءه في الظروف التاريخية الراهنة، بكل ما تحمله من إمكانات وفرص وتحديات، يتطلب مواصلة التجديد في عمل الحزب وأساليب عمله وفكره وخطابه، وفي الانفتاح على مختلف أوساط شعبنا وفئاته وشرائحه، خصوصا تلك المكتوية بنار الأزمات وتعاني من شظف العيش، وعامة شغيلة اليد والفكر منتجي الثروات والخيرات المادية وصانعي الثقافة وملهمي الابداع، ليبقى مدافعا صلبا عن مطالبهم وحقوقهم، وليعمل معهم على إنهاء ظلام منظومة المحاصصة والفساد، وبزوغ فجر عراق جديد، ديمقراطي اتحادي مزدهر.
مجدا وخلودا لشهداء الحزب والشعب
سلاماً للحزب في عيده المجيد
وعهداُ ان تظل سنديانته باسقة على الدوام
اللجنة المركزية
للحزب الشيوعي العراقي
بغداد آذار 2025
******************************************
شـيـوعـيـيـن
كامل الركابي
كل نبضه لبگلبهم
ورد للناس
ورياحين
شيوعيين
كل نسمه ابفجرهم
خبز للفقره
وشمس
يفرش ضواها
ابيوت المحبين
شيوعيين
كل شمعه ابسهرهم
فرح للثوره
الضوت بعيونهم
طيبين
اصفه
من الليالي الگمره
من ماي النبع
من هدوة التلحين
شيوعيين
وواحدهم
يحط دمه عله چفه
وبالملح
تسهر جروحه
ومايذل ويلين
أسرار الگمر
ذمّه ابرگبته السمره
عاشرها ابضميره
وسيَّج ضلوعه عليها
وحنَّب الها..اسنين
شيطيّحها؟
يامن لانظر عدكم
ولاعدكم
وجه ناس ودواوين
شيوعيين
يتشجر حزنهم بالرصاص
وينبض ابدمهم
عشگهم للعراق
ابفي بساتين
يعرفهم تراب الناصريه
وصبخة البصره
ورمال السماوه
وجبل سفّين
غنَّت وبسهرهم
گمرة المنشور
تركض بالشوارع
والدرابين
تضوَّي الگاع
غرّبها الحزن
والمطر
ما حّن العشبها اسنين
تمّر ابيوت
وسَّمها الفرات ابهيبته
نياشين
تسهر گمرة المنشور
تسهر بالبيادر
ع الحياطين
ياعمال
يچفوف الفلح
ياهيه
يچفوف العراقيين
هاهذا حزبكم
تضوي اصابيعه
مفاتيح الشمس
والثوره
ها هسه تدِّﮒ
بيبان الولايات
وتفيض بأغاني
اشفاف حلوات
وتعطِّر ورود
خدود حلوين
ويرِّد الفرح
لعيون المحبين
شيوعيين
كل نبضه لبگلبنه
اشموس
للناس
ورياحين
****************************************
رئيس الجمهورية يهنئ بالذكرى الـ91
السيد رائد فهمي المحترم
سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي
بمناسبة ذكرى تأسيس الحزب الشيوعي العراقي العريق يسرنا أن نبعث اليكم وجميع كوادر وأعضاء الحزب بأسمى آيات التهاني والتبريكات.
اغتنم هذه المناسبة لأشيد بالدور النضالي الذي مارسه حزبكم إلى جانب باقي القوى الوطنية في مقارعة النظام الدكتاتوري البائد، والتضحيات التي بذلها دفاعاً عن مبادئه السامية، والدور المهم الذي قام به في الميادين الثقافية والاجتماعية والإنسانية ما بعد 2003.
ختاماً نتمنى لكم دوام الصحة والنجاح لمواصلة العمل الوطني في خدمة شعبنا وبلدنا العزيز العراق.
وكل عام وأنتم بخير
د. عبداللطيف جمال رشيد
رئيس جمهورية العراق
*****************************************
الصفحة الثانية
تحالف 188 يطعن بدستورية تعديل قانون الأحوال الشخصية
بغداد ـ طريق الشعب
قال المحامي محمد جمعة عضو الفريق القانوني لـ (تحالف 188)، إن "المحكمة الاتحادية باشرت الإجراءات الخاصة بدعوى عدم دستورية تعديل قانون الأحوال الشخصية رقم ١٨٨ لسنة ١٩٥٩".
وأضاف جمعة، أن "الفريق القانوني للتحالف قدم دعوى الطعن بدستورية تعديل قانون الأحوال الشخصية، وباشرت المحكمة الاتحادية قبولها بالرقم 59/ اتحادية/ 2025"، مؤكداً أهمية انضمام المحامين والمختصين إليها كما النساء المتضررات من تنفيذ تعديل قانون الأحوال الشخصية.
ودعا (تحالف 188) إلى توسيع شبكة المحامين المدافعين عن حقوق النساء، والانضمام إلى العيادة القانونية التي شكلها من أجل تقديم المشورة القانونية بصورة مجانية.
وعقد التحالف اجتماعاً موسعاً، بحث فيه توسيع عمله في بغداد وبقية المحافظات، وناقش آلية توسيع الفريق القانوني الذي جرى تشكيله أخيراً، بهدف تقديم المشورة القانونية المجانية للنساء اللواتي يواجهن حيفاً في تنفيذ قانون الأحوال الشخصية المعدل.
واتفق الاجتماع على إطلاق سلسلة برامج توعية خاصة بقانون 188 والحقوق المكتسبة فيه.
******************************************
التغيير مطلب وطني ملح سكرتير الحزب الشيوعي العراقي: الدولة ضعيفة.. والفساد متجذر في بنيتها
الناصرية ـ طريق الشعب
ضيّفت محلية الناصرية للحزب الشيوعي العراقي، الرفيق رائد فهمي سكرتير اللجنة المركزية للحزب، في ندوة حوارية عُقدت في القصر الثقافي بمدينة الناصرية، لمناقشة آخر التطورات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وقدم الرفيق رائد فهمي، خلال الندوة التي أدارها الأكاديمي نجم عبد طارش، رؤيته حول مستقبل العراق في ظل التحولات الإقليمية والعالمية والتحديات الداخلية.
العراق في قلب المتغيرات الإقليمية
وأكد الرفيق أن ما حدث في سوريا ولبنان يمثل تحولات كبرى، مشيرًا إلى أن العراق لن يكون بعيدًا عن هذه التغيرات. لكنه شدد على أن التوقيت وشكل التغيير لا يزالان غير واضحين، برغم شعور الجميع، بما في ذلك السلطة ورجال الدولة، بأن هناك شيئًا قادمًا.
وقال إن التغيير في موازين القوى على المستوى الإقليمي لا بد أن ينعكس على العراق، خاصة في ظل الصراع الأمريكي – الإيراني، مشيرا إلى أن هناك رغبة في إعادة إيران إلى حدودها الجغرافية وتقليص دورها الإقليمي، مستدلًا على ذلك بالأحداث الجارية في غزة ولبنان واليمن.
وأضاف، أن العراق سيكون مشمولًا بهذه التغييرات، وإن كان شكل التعامل معه لا يزال غير محسوم، منبهاً الى أن هناك أطرافًا سياسية داخل العراق وخارجه تروج فكرة التغيير الخارجي. ويتحدث البعض عن استهداف الاقتصاد، وبعض القوى المسلحة، إضافة إلى إعادة صياغة العلاقة مع إيران.
ضعف بنيوي يعيق الإصلاح
واعتبر فهمي، أن التحديات الداخلية للعراق تفاقمت بسبب بنية المنظومة السياسية القائمة على المحاصصة والتخادم، مؤكدًا أن هذه القاعدة لا تسمح لأي حكومة بمكافحة الفساد أو إجراء إصلاحات حقيقية.
وأوضح، أن الفساد أصبح جزءًا من بنية الدولة، حيث تعتبر القوى السياسية المتنفذة، المؤسسات الحكومية حصصًا لها، ما أدى إلى غياب رؤية وطنية موحدة.
وأضاف أن الدولة العراقية اليوم متشظية بنيويًا، حيث لم يعد رئيس الوزراء هو الفاعل الوحيد في صناعة القرار، إذ توجد قوى أخرى تمتلك نفوذًا كبيرًا، ما أدى إلى غياب سياسة خارجية موحدة، وخلق تناقضات داخل السلطة حول القضايا الإقليمية والدولية.
مشكلة السلاح والفصائل المسلحة
وتطرق فهمي إلى ملف السلاح خارج إطار الدولة، مشيرًا إلى أن قضية إعادة هيكلة الحشد الشعبي ودمج الفصائل المسلحة داخل المؤسسة العسكرية، لا تزال محل جدل داخلي وخارجي.
وأكد أن هناك مخاوف دولية من فكرة الدمج، إذ أن بعض الأطراف الإقليمية والدولية لا ترغب في أن يكون هناك أي دور للفصائل المسلحة داخل الدولة، مؤكدا أن احتكار الدولة للسلاح يمثل أحد مقومات السيادة.
وحذر فهمي من أن استمرار وجود قوى مسلحة خارج سلطة الدولة، يعني أن العراق لا يملك قراره السيادي بشكل كامل، وهو ما يضعف الدولة أمام التحديات الداخلية والخارجية.
وطرح فهمي تساؤلا جوهريا حول دور الفصائل المسلحة، قائلاً: "إذا كانت هذه الفصائل تحمي النظام السياسي، فما دور الجيش؟"، مشيرا إلى أن هناك إشكالية في تعريف النظام السياسي الذي تدافع عنه تلك الفصائل، حيث يبدو أن الأمر مرتبط بطبيعة القوى الحاكمة حاليًا وليس بالمفهوم العام للدولة.
التغيير مطلب شعبي
وأكد فهمي أن التغيير في العراق ليس مجرد طرح سياسي أو خارجي، بل هو مطلب وطني ملح وشعبي عراقي بالدرجة الأولى، مشيرًا إلى أن الحركات الاحتجاجية، مثل انتفاضة تشرين، كانت تدعو إلى تغيير جذري وليس مجرد إصلاحات شكلية.
وأضاف، أن العراق بحاجة إلى معالجة جذرية لمشاكله البنيوية، وإلا فإنه سيبقى رهينة التوازنات الخارجية والصراعات السياسية الداخلية، مشدداً على أن غياب الإرادة السياسية، واستمرار المحاصصة، سيجعل أي محاولة للإصلاح غير مجدية.
وفي ختام حديثه، أشار إلى أن العراق بحاجة إلى دولة مدنية حقيقية، تقوم على أسس المواطنة والعدالة، بعيدًا عن منطق المحاصصة الطائفية والتدخلات الخارجية، مشددًا على أن التغيير يجب أن يكون نتاجا للإرادة العراقية، وليس مجرد انعكاس لصراعات القوى الإقليمية والدولية.
******************************************
ناشطات أربيل ينددن بالاعتداءات الأسرية وسائقون في «إيرثلنك} يحتجون على إنهاء خدماتهم
بغداد ـ طريق الشعب
ندّد عدد من ناشطات المجتمع المدني في محافظة أربيل، بالعنف ضد المرأة، وبالاعتداءات الأسرية، فيما نظم سائقو شركة إيرثلنك، وقفة احتجاجية، على أثر إنهاء خدمات 200 سائق دون سابق إنذار.
وأنهى ممرضو البصرة، إضرابا عاما في المستشفيات والمراكز الصحية، مطالبين برفع التسكين وزيادة المخصصات وحماية الممرضين من الاعتداءات.
ممرضو البصرة
ودشّن ممرضو محافظة البصرة، أمس الأول الثلاثاء، إضرابا عاما ولمدة يوم كامل استجابة لدعوة نقابة الممرضين المقر العام، مطالبين بعدد من المطالب لغرض تنفيذها من قبل الجهات المعنية.
وقال عضو مجلس نقابة التمريض في البصرة حسين عويد، إنّ "إضراب الممرضين طبق في جميع المستشفيات والمراكز الصحية في محافظة البصرة، مع مراعاة الحالات الحرجة والطوارئ والخدج والحروق حيث تكون نسبة الإضراب فيها 50 بالمئة".
وأضاف عويد، أن "الإضراب بدأ من الثلاثاء في الساعة الـ8 صباحاً ويستمر لمدة 24 ساعة، وانتهى صباح أمس الأربعاء، وذلك استناداً لتوجيهات نقابة التمريض المقر العام".
واختتم قائلاً، "نطالب من خلال هذا الإضراب بعدة مطالب أهمها رفع التسكين عن حملة شهادة الإعدادية، ورفع مخصصات الخطورة إلى 100 بالمئة، وتوفير الإعاشة، بالإضافة إلى حماية الممرضين من مخاطر العمل".
وكانت نقابة التمريض التقت وزير الصحة لمناقشة مطالب الملاكات التمريضية.
وقال النقيب العام فراس الموسوي، ان اجتماعه مع وزير الصحة صالح الحسناوي، والوكيل الفني، ومدير عام التفتيش، ومدير عام الدائرة الفنية، إنه جرت مناقشة المطالب الأساسية للملاكات التمريضية، والتباحث حول الصلاحيات التي تخص وزارة الصحة، إضافة إلى القضايا التي تتطلب قرارات من مجلس الوزراء أو تشريعات قانونية جديدة.
واكد انه "سيتم توفير مجال عمل ومنح إجازة مستلزمات طبية للممرضين العاطلين عن العمل أو التاركين للوظيفة، لضمان دعمهم مهنياً، الى جانب شمول الملاكات التمريضية بقطاع توزيع الأراضي".
وأضاف الموسوي، ان وزارة الصحة أضحت ملزمة بالدفاع عن حقوق الملاكات التمريضية في حالات الاعتداء، أثناء تأدية واجبهم المهني.
واستعرض النقيب عددا آخر من القرارات، من بينها مفاتحة مجلس النواب لرفع التسكين، والإسراع بتعديل قانون الملاك، وزيادة مخصصات حملة الشهادات العليا والخطورة وغيرها.
سائقو شركة إيرثلنك
ونظم العشرات من سائقي شركة إيرثلنك، وقفة احتجاجية أمام مقر الشركة في منطقة العرصات ببغداد، رفضاً لإنهاء خدمات 200 سائق دون سابق إنذار.
وأكد المحتجون، أن القرار جاء رغم التزامهم بتحديث سياراتهم بطلب من الشركة، ما وضعهم في أزمة مالية خانقة، فيما امتنعت الإدارة عن التعليق.
وهشام فيزي، أحد سائقي الشركة: "نحن موظفون نعمل كسائقين في شركة إيرثلنك. ولدينا خدمة لعدة سنوات، فوجئنا بقرار إنهاء خدماتنا من دون سابق إنذار. الشركة طلبت منّا قبل أشهر استبدال سياراتنا بسيارات حديثة، وقد قام أغلبنا بشراء سيارات بالتقسيط للعمل بها داخل الشركة، والآن ليس لدينا عمل آخر ولسنا قادرين على تسديد هذه الأقساط.
ولفت الى انه "من المفترض أن يتم تبليغنا قبل شهر أو شهرين، فجميع السائقين هم أصحاب عوائل ولديهم التزامات مالية"، مشيرا الى "أننا لا نعلم سبب اتخاذ هذا القرار فقد وصلتنا رسالة من قبل الشركة تنص على إنهاء الخدمات مع “فائق الشكر والتقدير".
فيما قال سائق آخر علي طالب، "عملنا داخل الشركة هو لنقل المشرفين من المنزل إلى مكان العمل وبالعكس".
ووصف القرار بأنه "ظالم وغير مدروس، ونطالب بإيجاد حلول، فنحن أصحاب عوائل وأغلبنا يسكن في الإيجار".
مناهضة العنف ضد المرأة
وأمام قلعة أربيل، نظم العشرات من النساء، وقفة احتجاجية طالبن خلالها بمحاسبة منفذي الاعتداءات الأسرية التي تطال حقوق المرأة.
وقالت الناشطة فيان حسين، إنّ "ناشطات المجتمع المدني اجتمعن في أربيل لمناقشة العنف ضد المرأة، وذلك بالتزامن مع تحضيرات يوم المرأة العالمي وذكرى الانتفاضة في أربيل وأعياد نوروز".
وأضافت حسين، أن "الناشطات نددن بالعنف الذي تتعرض له النساء بما فيهن (الدكتورة سانا) التي تعرضت للعنف الأسري وأودى ذلك بحياتها"، مطالبة "رئاسة إقليم كردستان والقضاء والأمم المتحدة بحماية النساء من العنف والمباشرة بإجراءات نزع السلاح من المواطنين".
وأشارت إلى رفضها تدخل العشائر في هذه القضايا الأسرية. كما عبّرت عن رفضها صدور أية تشريعات من شأنها شمول المعتدين على النساء بقوانين العفو العام.
يذكر أن أربيل شهدت الأسبوع الماضي، حادثا مأساويا راحت ضحيته الطبية سانا كمال بسبب خلافات مع زوجها.
**********************************************
كل خميس.. في يوم الأرض المأساة تعصف بغزة
جاسم الحلفي
يحلّ يوم الأرض الفلسطيني في 30 آذار من كل عام. وفي هذا العام يحل على وقع المجازر المروعة في غزة، حيث يتحول التراب الفلسطيني مسرحا لجرائم إبادة تُرتكب أمام أنظار العالم دون رادع. فلم يعد هذا اليوم مجرد مناسبة رمزية تستعيدها الذاكرة، بل صار واقعاً يومياً يعيشه الشعب الفلسطيني لحظة بلحظة، من جنين إلى رفح، ومن القدس إلى الخليل.
في الأصل جاء يوم الأرض ردا مباشراً على سياسات مصادرة الأراضي، التي انتهجتها سلطات الاحتلال ضد فلسطينيي الداخل في عام 1976، عندما أعلنت حكومة الاحتلال الاستيلاء على آلاف الدونمات من الأراضي الزراعية، فانتفض الناس وسقط الشهداء. وكانت الرسالة واضحة آنذاك: الدفاع عن الأرض هو دفاع عن الوجود، عن الكرامة، عن الحق في البقاء.
هذه الرسالة تتجدد اليوم في غزة بشكل أكثر دموية، حيث تحوّلت سياسة مصادرة الأرض إلى سياسة اقتلاعٍ جماعي وتطهيرٍ ممنهج. فما يجري في القطاع ليس حرباً بالمعنى العسكري التقليدي، بل عملية إفراغ مبرمجة، تستهدف إنهاء الوجود الفلسطيني في مساحة جغرافية مأهولة ومحاصرة، عبر القتل والتجويع والتدمير، وإجبار الناس على النزوح القسري. إنه استكمال مباشر لجوهر المشروع الصهيوني: السيطرة على الأرض بعد اقتلاع سكانها.
ولا يُفهم هذا المشروع بمعزل عن السياق الطبقي الذي يحكم الصراع. فالصهيونية لم تكن يوماً سوى أداة استعمارية في خدمة رأس المال العالمي، تُغلف نفسها بدعاوى دينية وتاريخية زائفة. ولم يكن التحالف الوثيق بين إسرائيل ومراكز القرار الإمبريالي قائماً على تبادل المصالح فقط، بل وعلى وحدة المشروع: فرض السيطرة بالقوة، وتحقيق الأرباح عبر القمع والاستيطان والسلاح.
وما يُعمّق المأساة هو الانحياز السافر لمعايير "المجتمع الدولي". إذ تُرتكب في غزة جرائم موثّقة ضد المدنيين، ويجري تدمير البنى التحتية بشكل ممنهج، ومع ذلك لا يصدر موقف دولي حاسم يُدين هذه الجرائم أو يُوقفها. ولم يعد الكيل بمكيالين خرقاً أخلاقياً فحسب، بل صار جزءاً أصيلاً من منظومة الظلم الدولي.
في يوم الأرض، لا مجال للحياد. والمطلوب ليس إحياءً شكلياً للذكرى، بل موقفاً سياسياً وأخلاقياً واضحاً: الأرض لا تُحرر بالتصريحات، بل بالمقاومة، والصمود، وبفضح البنية التي تنتج الاحتلال وتحميه.
*************************************************
تعزية
ببالغ الحزن والالم تعزي لجنة الرقابة المركزية رفيقها شاكر عوض (ابو رياض) بوفاة ابن أخيه المهندس الرضا علي محمود عوض اثر حادث مؤسف ، للفقيد الذكر الطيب ولأسرته ورفيقنا ابو رياض جميل الصبر والسلوان.
لجنة الرقابة المركزية
25/3/2025
**********************************************
الصفحة الثالثة
مسودته تهدد مستقبل الأطباء الشباب رفض نقابي لتعديل قانون التدرج الطبي ومطالبات بتقليص ومراقبة الكليات الأهلية
بغداد – تبارك عبد المجيد
أعربت نقابة أطباء العراق عن رفضها القاطع لمقترح التعديل الرابع لقانون التدرج الطبي، الذي يهدف إلى إلغاء التعيين المركزي لخريجي 2024-2025. وأكدت أن هذا التعديل سيضاعف معاناة الأطباء الجدد، حيث يفرض فترة تدرج طويلة دون ضمانات للتعيين، ويتجاهل المشاكل الأساسية في النظام الصحي.
وطالب الأطباء بمراجعة نظام القبول في كليات الطب وتفعيل التنسيق بين الجهات المعنية لضمان سياسات صحية مستدامة، وتوفير فرص عمل لائقة للخريجين.
وكشفت نقابة أطباء العراق عن رفضها القاطع لمقترح التعديل الرابع لقانون التدرج الطبي رقم (6) لسنة 2000، الذي تمت قراءته قراءة ثانية خلال جلسة مجلس النواب، وذلك لما يحمله من تداعيات سلبية خطرة على مستقبل الأطباء حديثي التخرج وعلى النظام الصحي في العراق عمومًا.
وذكرت النقابة في بيان اطلعت عليه "طريق الشعب"، أن "المقترح الذي يهدف إلى إلغاء التعيين المركزي بدءا من خريجي العام الدراسي 2024-2025، يمثل إجحافا كبيرا بحق الأطباء الشباب، ويكرس معاناة مضاعفة لخريجي كليات الطب، إذ ينص على فرض فترة تدرج طبي لمدة ثلاث سنوات دون أي ضمان حقيقي للتعيين، ويُلزم الأطباء بالتدرج في مؤسسات القطاع الخاص دون أي التزام من الدولة بتوفير الدعم المالي أو الرواتب، متجاهلًا في الوقت ذاته الواقع الصعب للمؤسسات الصحية الخاصة وقدرتها المحدودة على الاستيعاب".
وأضافت، أن "هذا التعديل لا يُعالج أصل المشكلة المتمثلة في التخطيط غير الدقيق والتوسع غير المنضبط في القبول بكليات الطب، بل ينقل العبء إلى الخريجين عبر تحميلهم نتائج أخطاء لم يساهموا في صنعها، مما ينعكس سلبًا على مستقبلهم الأكاديمي والمهني، خصوصًا فيما يتعلق بفرص الدراسات العليا ومستوى التأهيل السريري".
وأكدت على جميع ملاحظاتها وتحفظاتها على مقترح القانون بشكل رسمي، وذلك خلال اجتماع لجنة الصحة والبيئة النيابية المنعقد بتاريخ 29 نيسان 2024، والذي خُصص لاستضافة نقابات ذوي المهن الطبية والصحية.
وأوضحت النقابة أن "الحل لا يكون بإلغاء التعيين المركزي، بل من خلال مراجعة منظومة القبول في كليات الطب وتنظيمها بما يتلاءم مع حاجة البلد الفعلية، وتفعيل التنسيق بين وزارات التعليم العالي والصحة والتخطيط للخروج بسياسات صحية متوازنة ومستدامة".
ودعت النقابة مجلس النواب إلى رفض التعديل بصيغته الحالية، وفتح حوار جاد وشامل مع الجهات الصحية والنقابية والتعليمية المختصة، للوصول إلى حلول متوازنة وعادلة تضمن حماية حقوق الأطباء الجدد، وتحافظ على جودة التعليم الطبي والرعاية الصحية في العراق.
غياب الرؤية!
يقول د. زهير العبودي، طبيب جراحة، أن "العراق لا يزال غير قادر على تحقيق الاكتفاء الذاتي من الكوادر الطبية، خاصة الأطباء"، مشيرا إلى أن "المشكلة لا تتعلق فقط بالعدد، وإنما بالنوعية أيضًا".
ويضيف العبودي لـ "طريق الشعب"، أن "التوزيع غير العادل للأطباء يؤثر بشكل مباشر على جودة الخدمات الصحية، حيث تعاني بعض المناطق من نقص حاد في الاختصاصات الطبية الأساسية"، مشيرا الى تجربته في إحدى المؤسسات الصحية بمدينة الصدر: "عدد أطباء الباطنية هناك لا يتجاوز نصف العدد المطلوب، وهو نموذج لمشكلة أوسع يعاني منها القطاع الصحي في العراق".
وأضاف، أن سوء التخطيط وعدم وجود استراتيجية واضحة لاحتياجات القطاع الطبي يؤديان إلى قرارات غير مدروسة، مثل فتح مستشفيات جديدة دون توفير الكوادر اللازمة لتشغيلها. وضرب مثالا بمستشفى الشعب، الذي تم افتتاحه مؤخرا، حيث اضطر القائمون عليه إلى نقل كوادر من مستشفيات أخرى لسد النقص، ما أدى إلى إضعاف الخدمات في المؤسسات الصحية الأخرى.
وشدد العبودي على ضرورة التنسيق بين وزارتي الصحة والتخطيط لضمان التوازن بين عدد الخريجين والاحتياجات الفعلية للقطاع الصحي، مؤكدا أن دراسة الطب مكلفة للغاية سواء على مستوى الأفراد أو الدولة، ولا يمكن ترك الخريجين دون فرص عمل بسبب غياب التخطيط السليم.
وختم حديثه بالقول إن "العراق لا يزال يعاني من سوء التوزيع والتخطيط في القطاع الصحي، ما يستدعي تدخل الجهات المتخصصة لضمان تطوير نظام صحي متكامل، قادر على تلبية احتياجات المواطنين بفعالية".
مزيد من الكليات الأهلية مزيد من العاطلين
وأعرب فواز حازم، طالب في السنة الرابعة بكلية الطب، عن قلقه العميق إزاء الواقع المؤلم الذي يعيشه القطاع الصحي في العراق، مشيراً إلى أن "مطلب النقابة منطقي وعلمي"، حيث أن الدول المتقدمة تقوم بتخطيط ودراسة دقيقة قبل إطلاق أي مشروع.
ولفت إلى أن وزارة التعليم العالي تواصل السماح بافتتاح مزيد من الكليات الأهلية وقبول أعداد ضخمة من الطلاب دون مراعاة لمستقبل هؤلاء الخريجين، بدافع مادي من جهة، وتدمير ممنهج من جهة أخرى.
وعدّ حازم هذا الوضع بأنه "يزيد الأمور تعقيدا على الأطباء والخريجين الجدد"، متسائلا عن إمكانية وجود إجراءات تصعيدية حاسمة من قبل النقابة في حال عدم الاستجابة لمطالبهم؟
وحول الوضع في كليات الطب، أوضح حازم أن "المشكلة ليست في قبول طلاب كليات الطب، إذ أن هناك حاجة مستمرة لتطوير هذه الكليات بسبب زيادة عدد السكان"، لكن المشكلة الكبرى تكمن في "تعيين باقي الاختصاصات في وزارة الصحة مثل المختبرات والصيدلة، حيث اكتظت المستشفيات بأعداد فائضة من هذه التخصصات، ما أدى إلى زيادة الميزانية التشغيلية لوزارة الصحة بشكل غير مبرر".
تهديد لمستقبل الأطباء الشباب
وذكر طبيب اختصاص، د. محمد العامر، أن هذا القرار يشكل تهديدا خطيرا لمستقبل الأطباء الشباب، الذين يعانون بالفعل من صعوبات في ظل الظروف الاقتصادية والاجتماعية الراهنة.
ويقول العامر لـ "طريق الشعب"، إن "هذا التعديل المقترح، الذي يفرض فترة تدرج طبي لمدة ثلاث سنوات دون أي ضمان حقيقي للتعيين، يعكس تجاهلاً لحقوقنا ويحمّلنا أعباء إضافية. فبدلاً من معالجة المشكلات الحقيقية في القطاع الصحي، يتم تحميل الخريجين الجدد تبعات مشاكل النظام الصحي في البلاد".
ويؤكد العامر، أن التعديل لا يقدم حلاً للمشاكل الأساسية التي يعاني منها النظام الصحي العراقي، بل يعمق معاناة الأطباء الجدد، مضيفا انه "بدلاً من إلغاء التعيين المركزي، يجب إعادة النظر في نظام القبول في كليات الطب وتنظيمه بما يتماشى مع احتياجات البلد الفعلية، مع تحسين التنسيق بين الوزارات المعنية لضمان سياسات صحية مستدامة". ويشير العامر إلى أن التوسع الكبير في عدد كليات الطب في العراق قد أدى إلى تخرج أعداد هائلة من الأطباء في السنوات الأخيرة، مضيفا "لقد شهدنا زيادة كبيرة في عدد خريجي كليات الطب، حيث وصل عددهم إلى نحو 90 ألف طبيب في عام 2025، ومن المتوقع أن يزداد العدد كل سنة. وهذا التكدس سيجعل الأطباء في نفس الوضع الذي يعاني منه خريجو الكليات الأخرى، الذين أصبحوا في وضع غير مستقر، حيث لا توجد فرص عمل كافية لهم".
ويتساءل العامر، "كيف يمكن لأطباء درسوا ست سنوات في كليات الطب أن يجدوا أنفسهم دون تعيين؟ ولا أعرف إلى أين تتجه هذه الدولة؟ نحتاج إلى موقف حقيقي، لضمان حقوقنا المستقبلية".
وفيما يتعلق بحلول الأزمة، يرى العامر أن الحكومة يجب أن تركز على تقليص عدد الكليات الأهلية، التي تقبل أعداداً غير منطقية من الطلاب، خاصة في مجالات الطب التي تعاني من زيادة غير مبررة في أعداد الخريجين. ويرى أن هذه الكليات تساهم في تفاقم الأزمة، وأن الحلول التي يتم تبنيها حالياً هي مجرد ترقيعات لا تعالج المشكلة الجوهرية.
ويختتم العامر حديثه بالقول إن "الحكومة غير قادرة على تشغيل برنامج التمويل الذاتي للمستشفيات والمؤسسات الصحية، ما أدى إلى عجز كبير في سداد الرواتب، والمتضرر الأول من هذا الوضع هو الطبيب، ومن ثم يأتي المريض العراقي، الذي يعاني بدوره من تدني مستوى الرعاية الصحية بسبب هذه الأزمات".
أطباء الأسنان
من جانبها، دعت نقابة أطباء الأسنان في العراق، الثلاثاء، البرلمان إلى رفض التعديل الرابع لقانون تدرج ذوي المهن الطبية والصحية رقم 6 لسنة 2000، مطالبة بحل مشكلة أعداد الأطباء من خلال مراجعة منظومة القبول في كليات طب الأسنان وإيقاف استحداث كليات أهلية.
وأبدت النقابة استنكارها الشديد على تجاهل دورها في رسم سياسة المهنة ومستقبل أطباء الأسنان الذين لا يزالون في أرحام الكليات، وذلك بعد التلاعب بالمسودة المتفق عليها لتعديل قانون تدرج ذوي المهن الطبية والصحية رقم 6 لسنة 2000 دون الرجوع إلى أطراف الرأي الأول. وهذا يعد إقصاءً لدور النقابات في تمثيل المهنة وممتهنيها، ويضع تعبيراً آخر لتنصل البرلمان من تمثيل الشعب باعتبار النقابة تمثل أطباء الأسنان وهم جزء من الشعب.
*****************************************
العراق في الصحافة الدولية
ترجمة وإعداد: طريق الشعب
نقص في الغاز وأسواق جديدة للنفط
لموقع (أسعار النفط) كتب الباحث سيريل فيدرشون مقالاً حول مشكلة الغاز والإنتاج النفطي في بلادنا، أشار فيه إلى أن العراق قد تصّدر عناوين الصحف في الأسابيع الأخيرة، ليس فقط بسبب ضغوط أوبك، ولكن أيضًا بسبب الصعوبات التي يواجهها في تأمين احتياجاته من الغاز الطبيعي.
وعود حكومية
ونقل الباحث عن وزير النفط قوله بأن المفاوضات جارية مع عدة شركات لتأمين وحدتين عائمتين لتخزين الغاز الطبيعي المسال بحلول أوائل حزيران، لمعالجة عجز إمدادات الغاز الطبيعي الناجم عن انتهاء الإعفاء الأمريكي الذي كان يسمح للعراق سابقًا باستيراد الكهرباء الإيرانية، فيما طرحت بغداد مناقصة لمنصة إعادة تخزين ثابتة في ميناء الفاو الكبير في الجنوب.
واستناداً إلى بعض التقارير، أكد المقال على أن بغداد تجري محادثات متقدمة لاستيراد الغاز الطبيعي المسال من الجزائر لتغذية وحداتها الجديدة للتخزين العائم. ويمكن للاتفاقية المقترحة أن تزود العراق بمليون طن من الغاز الطبيعي المسال سنويًا بموجب عقد متوسط الأجل، مما يمنح البلاد آفاقًا أكثر استقرارًا في مجال الطاقة.
وبالإضافة إلى المحادثات مع الجزائر، يدرس العراق اتفاقيات الغاز الطبيعي المسال مع قطر، ويخطط لمضاعفة وارداته من الكهرباء من تركيا. كما ستوفر اتفاقية توريد الغاز التي وُقّعت مع تركمانستان في تشرين الأول 2024 للعراق 20 مليون متر مكعب من الغاز يوميًا.
طموحات كبيرة
وبين المقال بأن العراق الذي يذهب حوالي 70 في المائة من نفطة الخام المصّدر حالياً إلى آسيا، يسعى للتواجد في الأسواق الأفريقية، وتوسيع طاقته الإنتاجية، مدعومًا بـ 44 عقدًا جديدًا صدر خلال جولة التراخيص الأخيرة في 14 محافظة. كما يستهدف البلد الذي ينتج حالياً 4.4 مليون برميل، زيادة إنتاجه لأكثر من 6 ملايين برميل يوميًا بحلول عامي 2028 و2029. ويشمل هذا التوسع اتفاقية جديدة مع شركة الطاقة البريطانية العملاقة "BP" لتطوير أربعة حقول نفطية رئيسية في كركوك.
وإلى جانب توجهها نحو أفريقيا، وجد الباحث بأن بغداد تواصل مفاوضاتها مع تركيا وحكومة إقليم كردستان بشأن استئناف صادرات النفط الخام عبر ميناء جيهان التركي، لتصدير حوالي 350 ألف برميل يوميًا، وهو مسعى لم يتحقق بسبب عدم حل القضايا الداخلية المختلف عليها بين المركز والإقليم.
ووجد الباحث بأنه وعلى الرغم من التقدم المحرز في تنويع مصادر الطاقة، فإن واردات العراق من الغاز الطبيعي المسال تتوقف على استكمال البنية التحتية لإعادة تخزين الغاز في خور الزبير. ويمثل تركيب بغداد لوحدة تخزين عائمة متصلة بالشبكة الوطنية عبر خط أنابيب بطول 40 كيلومترًا إنجازًا هامًا.
بين سندان طهران ومطرقة واشنطن
وذكر الباحث بأن الوضع قد زاد تعقيدًا بقرار الولايات المتحدة إلغاء إعفاء من العقوبات كان يسمح للعراق سابقًا باستيراد الغاز الإيراني، وهو قرار لم تتأكد مصادر عراقية مطلعة من اتخاذه فأنكرت وجوده، وزعمت بأن قرار الغاء الإعفاء يقتصر على واردات الكهرباء فقط، وإن السماح باستيراد الغاز من إيران، والذي تعتمد بغداد عليه في انتاج 43 في المائة من حاجتها للكهرباء ما زال ساريًا من الناحية الفنية.
ويبدو، حسب المقال، بأن العراق، ولتقليل اعتماده على الواردات، يُسرّع مبادرته الرامية إلى تحقيق صافي انبعاثات صفرية للغاز بحلول عام 2030، ويدعو شركات غربية وآسيوية للاستثمار في مشاريع الغاز المحلية. ومع ذلك، ورغم الصفقات التي تبلغ قيمتها مليارات الدولارات مع شركة "BP" والعديد من الشركات الصينية، فمن غير المرجح أن تُحلّ هذه المشاريع أزمة الطاقة الحالية في العراق.
ونوّه الباحث إلى التصريح المفاجئ الذي كشف فيه وزير النفط غن قيام إيران باستخدام وثائق عراقية مزورة لتهريب النفط، وذلك بالتزامن مع احتجاز القوات البحرية الأمريكية لناقلات نفط في الخليج تحمل شحنات عراقية. وذكر الكاتب بأن الوزير قد نفى مجددًا أن توُرّد شركة (سومو) النفط لشركات تجارية، مشيراً إلى تورط العديد من التجار في مخطط التهريب. هذا كانت رويترز قد كشفت في كانون الأول الماضي عن وجود شبكة متطورة لتهريب زيت الوقود، يُعتقد أنها تُدرّ ما لا يقل عن مليار دولار سنويًا لإيران، ويرتبط جزء كبير من العملية بالعراق.
************************************************
عين على الأحداث
والنواطير النشامى وينهم؟
كشف التقرير النهائي للجنة النيابية المكلفة بالمحافظة على أملاك الدولة، عن حالات ووقائع فساد مخيفة في هذا المجال، كان من بينها هدر الإيرادات حيث لم تصل للميزانية منها سوى 5 في المائة لعام 2021 (100 ترليون من أصل 2380 ترليون دينار المقّدرة) وأقل من 35 في المائة لعام 2024 (135 ترليون من أصل 227 ترليون المقّدرة)، فيها فُقدت 174054 إضبارة و 7343 صفحة من أضابير أخرى، وتم اخفاء 204 سجلاً وجرى تمزيق 1611 سجلاً أخر، وتعرض 1822 عقاراً لتصرفات غير قانونية، وتم تزوير وثائق 242 عقاراً أخر فقط لا غير، والحبل عالجرار.
رمضان كريم
كشفت وكالات الأنباء عن وثيقة صادرة عن قسم العقود الحكومية في محافظة البصرة، برقم 3/البصرة، تخبر البلدية بالموافقة على صرف 6 مليارات و 847 مليون و 255 ألف دينار فقط لا غير لتجهير ونصب زينة رمضان في مركز المدينة وليس في كل المحافظة. الناس الذين فرحوا باحتفاء "أولي الأمر" بالشهر الفضيل، يحدوهم الأمل بأن يتعلم هؤلاء من قيّم المناسبة، الكثير مما يعوزهم، وفي مقدمته قيمة الصبر وعدم مد اليد لسرقة المال العام، وقيمة الصدق وعدم تزوير وصولات عن شراء سلع بأضعاف أسعارها الحقيقية، وقيمة الزهد وصرف الأموال للجياع الذين فاق عددهم تصورات الحاكمين بأمرهم.
نخيّط من هون تنفتق من هون
كشفت لجنة النقل النيابية عن لإخفاء الحكومة للحقائق بشأن مشروع مترو بغداد الذي رصد له 18مليار دولار واحيل إلى مجموعة شركات "سيسترا" و"إس.إن.سي. في" و"ألستوم" و"تالجو" و"سينر"، وكذلك مشروع قطار النجف – كربلاء السريع، والذي أحيل إلى شركتي CHSS وHSS، وذلك بسبب عدم حدوث أي تقدم على إنجازهما، رغم مخاطبة المسؤولين عنهما واستضافة مستشار رئيس الحكومة لشؤون النقل في البرلمان للاستفسار عن تلك الحقائق المخفية. هذا وفيما تتواصل الإختناقات المرورية في بغداد وتتعقد مشكلتها سرت أخبار تشير إلى أن انشاء المجّسرات الجديدة قد تضارب مع مشروع انشاء المترو، وجعل إتمامه قضية شبه مستحيلة.
العطش .. العطش
بمناسبة اليوم العالمي للمياه، حذرت منظمة اليونيسف، من مخاطر تعرض ملايين العراقيين لصعوبة الحصول على مياه الشرب بسبب تفاقم الجفاف والتغيرات المناخية، ودعت إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لحماية الموارد المائية وتوفير المياه لكل طفل وأسرة، واعتماد أنظمة آلية للتوزيع العادل، ورفع الوعي بأهمية الحفاظ على المياه. هذا وفيما تعاني البلاد من أزمة جفاف غير مسبوقة بسبب قلة الأمطار وهيمنة دول المنبع على حصة العراق من اطلاقات المياه في نهري دجلة والفرات، لا تعجز الحكومة في انتزاع حقوقنا من تركيا وإيران فحسب، بل وتفشل أيضاً في تطوير طرق الري وصيانة الخزين الإستراتيجي وترشيد الإستهلاك.
حتى الموتى سرقتوهم!
أثار ملف "المقبرة النموذجية" في النجف الأشرف جدلًا واسعًا في الآونة الأخيرة، بعد الكشف عن منح أرض المقبرة للاستثمار بشكل مؤقت ولفترة زمنية محددة، تعود الأرض عند انقضائها إلى الحكومة. وكشفت التحقيقات بأن المسؤولين في المحافظة قد منحوا مستثمراً، أرضاً تعود لوزارة المالية بشكل مخالف لقانون الإستثمار، فيما قام المستثمر، الهارب من وجه العدالة الآن، ببيعها كمقابر بأسعار باهظة جداً، بدون موافقات رسمية. هذا وفيما سبّبت القضية خسائر مالية كبيرة للدولة، سرت الحيرة بين ذوي المتوفين عن مصير القبور إذا ما انتهت فترة الإستثمار وأرادت الحكومة إشغالها لأغراض أخرى!
*********************************************
الصفحة الرابعة
ثالث أفقر المحافظات الديوانية.. أزمات خدمية ومعيشية ومشاريع متلكئة
متابعة – طريق الشعب
سنوات طويلة ومحافظة الديوانية تعاني أزمات معيشية وخدمية حادة، بدءا من تدهور البنى التحتية ونقص المستشفيات والمدارس وتلكؤ إنجاز المشاريع، وليس انتهاء بتفشي البطالة واتساع رقعة الفقر وتدهور القطاع الزراعي بفعل أزمة المياه وغياب الدعم.. ذلك القطاع الذي يشكل أبرز نشاطاتها الاقتصادية. حيث يعمل فيه نحو 65 في المائة من سكان المحافظة – حسب تصريح صحفي سابق لمدير زراعة المحافظة.
وتعود غالبية الأزمات التي تعانيها الديوانية، إلى الإهمال المزمن أولا، مرورا بتأخر إنجاز المشاريع التنموية ومشاريع البنى التحتية والرعاية الصحية والتعليم، إثر نقص التمويل والفساد وتلكؤ عمل الشركات المنفذة للمشاريع – على حد ما يراه متابعون.
وتضم المحافظة 13 قضاء و3 ناحيات. وأكبر أقضيتها من حيث الكثافة السكانية، هو الديوانية، مركز المحافظة، يليه الحمزة الشرقي ثم غماس.
وعن النسبة السكانية، يقول مدير إحصاء المحافظة محمد عبد مرشد الزيادي، أن "نتائج التعداد السكاني الأخير لم تعلن عن سكان كل محافظة، إنما كان الإعلان لكل العراق. كذلك في نسب الأمية والبطالة".
ثالثة الفقيرات!
ويتحدث الزيادي عن نسبة الفقر في الديوانية، موضحا في حديث صحفي أن "المحافظة كانت ثاني أعلى المحافظات فقرا بعد المثنى بنسبة 47.8 في المائة، لكنها أصبحت حالياً ثالث محافظة بعد تراجع النسبة إلى 29 في المائة. حيث حلّت بابل ثانيا بعد المثنى، وتحوّلت الديوانية إلى المركز الثالث".
وعن الجانب الصحي، يوضح أن "الديوانية تعاني نقصا حادا في أعداد المستشفيات. ففيها 5 مستشفيات فقط، فيما تشير احصائيات دولية إلى تخصيص مستشفى لكل 50 ألف شخص. لذلك هناك حاجة إلى عدد من المستشفيات".
ويبيّن أن "هناك مستشفيين في قضائي عفك والشامية. أما في بقية الأقضية فلا توجد مستشفيات. لذلك هناك حاجة إلى 11 مستشفى إضافيا، ليكون في كل قضاء مستشفى واحد".
ويتابع الزيادي قوله: "أما مركز المحافظة، فهو بحاجة إلى 3 مستشفيات على الأقل، بما يوازي الزيادة السكانية"، لافتا إلى ان "هذه الزيادة السكانية جاءت نتيجة الهجرة التي حصلت من الريف إلى الحضر بسبب التصحر الذي أدى إلى تراجع الزراعة لدرجة كبيرة رغم أن الطابع الاقتصادي للمحافظة زراعي، وبالتالي أصبح عدد سكان المركز أعلى بكثير من الأقضية والنواحي التابعة له".
ويشير إلى ان "في المركز مستشفى عامّا واحدا، ومستشفى آخر خاصا بالنسائية والأطفال، ومستشفى ثالثا صغيرا يسمى (مستشفى الحسين). وهذه تعتبر قليلة قياساً بعدد سكان المركز الذي يصل إلى نحو 500 ألف نسمة".
نقص في المدارس
وعن ملف التعليم، يقول الزيادي ان "هناك مشاريع مدرسية، منها المدارس الصينية التي اكتمل قسم منها، في حين لا يزال الآخر غير مكتمل. وعموماً، الديوانية بحاجة إلى العديد من المدارس الابتدائية والثانوية، خاصة في المناطق الريفية والمناطق المزدحمة في المدينة".
فيما ينوّه إلى ان "المحافظة تخلو من المراكز الترفيهية. ورغم وجود آثار كثيرة تعود إلى 6 آلاف عام (آثار حضارة نيبور)، لكن لا يوجد اهتمام بها. لذلك يلجأ السكان إلى محافظة بابل المجاورة، للترفيه وزيارة المواقع الأثرية".
مشاريع متلكئة
بالنسبة لمشاريع البنى التحتية في الديوانية، يقول عضو مجلس المحافظة أحمد البديري، ان "الديوانية كان فيها مشروع وزاري للبنى التحتية منذ عام 2011 تحت مسمى (مشروع مجاري الديوانية الكبير)، تنفذه (شركة الرافدين). لكن هذا المشروع بقي متلكئا حتى عام 2021".
ويضيف في حديث صحفي قوله، أن عدم تهيئة البنية التحتية حال دون المباشرة بأي أعمال فوقها من تبليط وأرصفة ومياه وغير ذلك. ما استدعى تدخل رئاسة الوزراء لإنهاء أعمال (شركة الرافدين) وإحالة المشروع إلى (شركة نور الأفق) التي استمرت بنفس التلكؤ"!
وينوّه البديري إلى أن "هذا المشروع من المشاريع الوزارية. فليس للمحافظة أي سطوة أو سلطة عليه، بل لا يمكن لها التدخل حتى في المهندس المقيم، وهو ما انعكس على واقع المحافظة مقارنة بالمحافظات المجاورة التي قطعت أشواطاً بالبنى التحتية. حيث استفادت من أموال الأمن الغذائي وغيرها، في إكمال مشاريعها".
ويتابع قائلا أن "هناك 42 حياً تمت إحالتها إلى شركة إسبانية عليها تحفظات منذ بداية عملها. حيث تم رصد سوء المواد التي كانت تستخدمها لمد أنابيب المنازل، ولا يزال عملها ركيكاً ومتلكئاً، مع محدودية آلياتها وكوادرها الفنية التي لا تتناسب مع حجم المشروع والمبالغ المخصصة له".
ويستدرك البديري أنه "لكون هذا المشروع وزارياً وهو محال على شركة واحدة، ضغطت الحكومة المحلية على بغداد، وتم عقد لقاء مع رئيس الوزراء ومكتبه ووزير الاعمار والاسكان، لأكثر من 3 مرات، وتمت المطالبة بتجزئة العمل بين أكثر من شركة للتنافس على تقديم الخدمة وتوزيع الأدوار"، مضيفا أنه "حصل أخيرا حراك شعبي وصل إلى 9 أحياء، كل حي يتظاهر في منطقته أحياناً يومياً وفي كل جمعة، للضغط على حكومة بغداد. وعلى إثر ذلك قررت رئاسة الوزراء في خطوة جريئة فسخ عقد الشركة الإسبانية".
ويشير البديري إلى ان "الشركة الإسبانية كانت قد سلمت 12 حياً من اصل 42 حياً في المحافظة، لذلك تقرر الإبقاء على ما في حوزتها من أحياء لإنجاز أعمالها خلال فترة 6 شهور. أما الأحياء المتبقية والبالغ عددها 30 حيا. فقد أعلن وزير الإعمار خلال اجتماع معه إبان شباط الماضي، المضي بالاتفاق مع شركات رصينة لإنجازها".
ويؤكد المسؤول المحلي أن "مؤشر نمو المحافظات، خاصة في الوسط والجنوب، بدأ بعد عام 2021 عقب التظاهرات، وحينها تم إطلاق أموال الأمن الغذائي، ومضاعفة مبالغ المحافظات الأشد فقراً (الديوانية والمثنى وبابل)".
ويتابع قائلا: "على إثر ذلك كانت هناك مشاريع كبرى في الوحدات الإدارية، منها مشاريع مجاري غمّاس وعفك والشنافية، وهي مستمرة منذ عام 2023، إضافة إلى الجهد الخدمي الذي خفف من أزمة الخدمات بتنفيذ حوالي 35 مشروعاً، وبلغت موازنته لعام 2025 ما يقارب من 41 مليار دينار".
أزمات متعددة
من جانبه، يتحدث قائم مقام قضاء غماس محمد الخزاعي عن أزمات متعددة في الديوانية. من حيث شلل مشاريع البنى التحتية، واختفاء الهوية الزراعية للمحافظة، فضلا عن تراجع القطاع الصحي وضعف السياحة.
وعن مشاريع البنى التحتية يوضح في حديث صحفي أن "مشروع مجاري غمّاس الكبير الذي يغطي كل القضاء، أوقف عملية تأهيل الشوارع. لأنه لا يمكن التبليط في ظل وجود مشروع للمجاري غير مكتمل".
أما صحيا، فيشير الخزاعي إلى ان "هناك مستشفيات في مركز المحافظة وأقضية الحمزة وعفك والشامية. وحاليا يجري العمل على إنجاز مستشفى سعة 100 سرير، وقد بلغت نسبة إنجازه 95 في المائة".
ويضيف قوله ان "هناك مركزين صحيين نموذجيين في غماس، في كل واحد منهما قسم طوارئ وصالة ولادة. لكنهما ليسا بالمستوى المطلوب. لذلك هناك دور للقابلات المأذونات. وأحيانا تتم إحالة النساء الحوامل إلى مستشفى الشامية، أو إلى مستشفى مدينة أبو صخير في النجف، التي تبعد عن القضاء نحو 22 كيلومترا".
أما عن الملف الزراعي، فيوضح القائم مقام أن "الديوانية هويتها زراعية، وتصل نسبة المزارعين فيها إلى 60 في المائة من السكان"، مبينا أن هناك أراضي لزراعة الحنطة والشعير والشلب، وبساتين نخيل، وانه تمت زراعة الأراضي موسمين هذه السنة، صيفي وشتوي.
ويلفت إلى ان "نقص التجهيزات من مبيد وسماد وغيرها، قضية عامة تتحملها وزارة الزراعة".
وفي شأن ملف السياحة، يشير الخزاعي إلى ان "الديوانية تضم مواقع أثرية منها مدينة سومر أو قلعة شخير، ونفر أو نيبور، وهناك الكثير من المواقع الأثرية والتراثية غير مُعلّمة. ففي غماس هناك حوالي 25 موقعاً أثرياً، ورغم ذلك لا توجد حركة سياحية عدا بعض الزيارات للمسيحيين وغيرهم". ويضيف إلى أن "الديوانية فيها هور الدلمج المشترك بين الكوت والناصرية والديوانية. وهو صالح ليكون موقعا سياحياً، لكن هناك معوقات ومشكلات كثيرة وإهمالا يحول دون ذلك".
هيكلية تنظيمية إدارية للأقضية والنواحي
يذكر الخزاعي أن "هناك مقترحا بإعداد هيكلية تنظيمية إدارية للأقضية والنواحي. فقانونيا ان العراق دولة اتحادية ومحافظات غير منتظمة بإقليم وفق مبدأ اللامركزية. أي الوحدات الإدارية لديها استقلال مالي وإداري، لكن منذ 22 عاماً لم تعطِ هذه الوحدات استحقاقها لتتمكن من إدارة نفسها".
ويؤكد أن "هذا المقترح يتم إعداده، وهو في مراحل صياغته الأخيرة. كما ان هناك تعديلا للصلاحيات الممنوحة لرئيس كل وحدة إدارية لمواجهة الفوضى الحالية من مخالفات وتجاوزات وضعف لهيبة الدولة. وقد يصادق على هذا المقترح خلال الأيام المقبلة، ما قد يُحدث تغييراً ونقلة نوعية في مستوى الخدمات والتنظيم والترتيب في المحافظة".
*********************************************
أهالي الفضيلية ومقترباتها يطالبون بجسر مشاة
بغداد – طريق الشعب
يواجه سكان منطقة الحي المهني – الفضيلية في بغداد، والمنطقة المقابلة له، صعوبات بالغة في عبور الشارع الفاصل بينهما، والذي جرى ترميمه أخيرا.
ويوضح عدد من السكان لـ"طريق الشعب"، أن المركبات النازلة من الجسر الجديد المتصل بالشارع، والرابط بين منطقتي المشتل والعبيدي، تمر مسرعة جدا، ومثلها التي تصعد الجسر، وبالتالي يكون من الصعب على السابلة عبور الشارع، لا سيما الأطفال، ما يوجب نصب جسر مشاة في هذه المنطقة. ويؤكدون أن عبور الشارع مجازفة وسط السيارات المسرعة، وأن من يجازف بنفسه في العبور، عليه أن يجري مسرعا بين السيارات، ما قد يعرّضه إلى حادث مميت، مطالبين أمانة بغداد وبقية الجهات ذات العلاقة، بالإسراع في نصب جسر مشاة في هذه المنطقة، تجنبا للحوادث.
مقطع من الشارع تُرك بلا إعمار
من جانب آخر، يذكر عدد من السكان أنه بعد إنجاز الجسر الجديد في تقاطع المشتل – العبيدي، وترميم الشارع المذكور، لم يجر إعمار المقطع الممتد من شارع الفضيلية إلى الكمالية، ذهابا وإيابا، ما يخلف زحاما خانقا. حيث تنتشر على الشارع حفر وتكسرات كثيرة.
ويشيرون إلى ان بعض المركبات تخالف قواعد السير، وتعمد إلى الاستدارة من شارع الفضيلية للعودة إلى المشتل، عبر الجزرة الوسطية، لأنه مستواها منخفض يساعد المركبات على تجاوزها، مبينين أن هؤلاء السائقين يعمدون إلى المخالفة لاختصار الطريق وتجنب عناء السير نحو الاستدارة النظامية الموجودة على طريق الكمالية.
ويطالب السكان الجهات المعنية، بردع المخالفين، وإرغامهم على الاستدارة بشكل نظامي، تجنبا للحوادث المرورية. كما يطالبون بتأهيل هذا المقطع من الشارع، مع بناء جزرة وسطية نظامية.
******************************************
مواساة
تنعى هيئة الإبداع التابعة للجنة المثقفين المحلية في الحزب الشيوعي العراقي، الرفيق سعد محمود، الذي توفي إثر مرض عضال لم يمهله طويلاً.
للفقيد الذكر الطيب، ولعائلته وذويه ورفاقه التعازي الحارة والصبر والسلوان.
وبحزن وأسى بالغين، تتقدم اللجنة المحلية للمثقفين بالتعازي الحارة إلى الرفيق محمد قيس القيسي، بوفاة شقيقته.
للفقيدة الذكر الطيب ولعائلتها الكريمة خالص المواساة بهذا المصاب الأليم.
كذلك تتقدم اللجنة المحلية بخالص العزاء إلى الرفيق المهندس الاستشاري موفق الطائي، بوفاة شقيقته. وتشارك الرفيق وعائلته الكريمة وعائلة الراحل نظام الدين الصباغ، أحزانهم بهذا المصاب الأليم.
للفقيدة الذكر الطيب ولعائلتها الصبر والسلوان.
***********************************************
الصفحة الخامسة
منظمات دولية: لا ماء ولا غذاء ولا دواء في غزة منذ 25 يوماً في ذكرى يوم الأرض الفلسطيني شعبٌ لا يكلَ من النضال
متابعة – طريق الشعب
منع الاحتلال الصهيوني إدخال المساعدات الغذائية والدوائية إلى قطاع غزة منذ 26 يوما كما منع إدخال الوقود اللازم لتشغيل محطات تحلية المياه، بالتزامن مع استمرار الغارات على مختلف المناطق ما أدى إلى المزيد من الضحايا خصوصاً النساء والأطفال.
يوم الأرض الفلسطيني
نظمت قوى وطنية وإسلامية واللجنة الوطنية لإحياء ذكرى النكبة وهيئة مقاومة الجدار والاستيطان بحضور نقابي وجماهيري، الثلاثاء، مسيرة احتجاجية في رام الله، لرفض التهجير القسري وجرائم الإبادة الجماعية واستهداف المخيمات والأونروا، فضلاً عن التضامن مع الأسرى في سجون الاحتلال.
وأكد رئيس الهيئة العليا لمتابعة شؤون الأسرى والمحررين، أمين شومان، ان " نضال الشعب الفلسطيني لن يتوقف رغم الانتهاكات المتواصلة، وأن يوم الأرض يظل رمزًا لصمود الشعب الفلسطيني في وجه السياسات الإسرائيلية العنصرية التي تهدف إلى تجزئة الأرض وتفتيت الهوية الفلسطينية"
من جانبه تحدث عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، واصل أبو يوسف في المسيرة، عن استمرار حرب الإبادة المدمرة على قطاع غزة، وكذلك عمليات القتل والتدمير بحق النساء والأطفال، فضلاً عن الحملة العسكرية في العديد من المناطق وإقامة الحواجز العسكرية وإعاقة التنقل والحركة.
لا ماء ولا غذاء ولا دواء
بينت المتحدثة باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في القطاع أولغا تشريفكو، وجود أزمة خانقة ونقص حاد في الأغذية والأدوية ومياه الشرب مع تشريد أكثر من مليون شخص في قطاع غزة. في السياق يتحدث مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية عن تعرض الطواقم الطبية وسيارات الإسعاف إلى هجمات متعددة، ويضيف أن هذه الطواقم منهكة وهي بحاجة إلى حماية ودعم عاجلين.
فيما قالت منسقة المياه والصرف الصحفي في منظمة أطباء بلا حدود، أمس، إن الاحتلال يحظر فعليا الوصول إلى المياه في غزة عن طريق قطع الكهرباء والوقود. وأضافت أن العديد من سكان غزة يضطرون إلى شرب مياه غير صالحة للاستخدام، في حين يفتقر البعض الآخر إليها تماما.
من جانب آخر، وصفت المقررة الأممية لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية فرانشيسكا ألبانيز الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة بأنها إبادة جماعية، وقالت إن "الناس يسمونها حربا لكن هي في الواقع ليست حربا أبدا، إنها إبادة جماعية".
هجمات غير مبررة ولا تطاق
عبر وزير الصحة البريطاني ويسلي ستريتنغ عن شعوره بالعجز نتيجة عدم قدرته على منع ما يجري في غزة، مؤكدا أن الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة "غير مبررة ولا تطاق". وبين أن الهجمات لا تخدم مصالح إسرائيل ولا يمكن تبريرها على أنها دفاع عن النفس ويجب أن تتوقف، وقال إنه "محبط للغاية أن يكون عضوا بحكومة بريطانيا ويشعر بالعجز في مواجهة هذا الصراع المروع".
ودانت بريطانيا الثلاثاء قرار إنشاء 13 مستوطنة جديدة في الضفة الغربية المحتلة.
الانقسام يزداد
هاجم رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو المعارضة والمتظاهرين وما أسماه الدولة العميقة في جلسة الكنيست الإسرائيلي التي شهدت خلافاً حاداً حول قضايا العنف في المجتمع العربي. فيما هاجم نواب المعارضة نتنياهو بالقول: "دماء القتلى على يديك".
واكد النائب أيمن عودة ان لدى حكومة الاحتلال الإسرائيلي سياسة واضحة تتجاهل حياة الشعب، مشيراً إلى ان العرب يشعرون بالخوف بسبب سياسية رئيس الوزراء. فيما اتهم رئيس حزب إسرائيل بيتنا أفيغدور ليبرمان بالهروب في 7 أكتوبر، وانتقد المعارض يائير لبيد ايضاً رئيس الوزراء بالقول: إن "حكومة لا تلتزم بقرارات المحكمة هي حكومة إجرامية ولا تنبغي طاعتها".
وفي وقت سابق حذر زعيم معسكر الدولة بيني غانتس ورئيس الأركان الأسبق غادي آيزنكوت من أن إسرائيل "في خطر" بسبب حالة الانقسام الداخلي، في حين أكد رئيس الوزراء الأسبق إيهود أولمرت أن إسرائيل "أقرب إلى حرب أهلية".
***************************************
الشيوعي العراقي يتضامن مع الشيوعيين الأتراك ويطالب بالإفراج عن المعتقلين
بغداد – طريق الشعب
أدان الحزب الشيوعي العراقي بشدة الاعتقال غير القانوني لكوادر وأعضاء قياديين في الحزب الشيوعي التركي من قبل قوات الأمن التابعة لنظام حزب العدالة والتنمية، والتي قمعت بشراسة الاحتجاجات الشعبية التي اجتاحت تركيا.
وطالب الشيوعي العراقي في رسالة تضامنية وجهتها لجنة العلاقات الخارجية إلى الحزب الشقيق في تركيا الاثنين الماضي "بالإفراج الفوري عن المعتقلين ووقف جميع الإجراءات القمعية التي يتخذها النظام لقمع الاحتجاجات الجماهيرية وتقويض حق الشعب التركي في المشاركة السياسية".
كما أشادت الرسالة "بالموقف الثابت للحزب الشيوعي التركي وأعضائه وأنصاره، ومشاركتهم الفعالة في حركة الاحتجاج الجماهيرية، دفاعًا عن الحقوق الديمقراطية الأساسية للشعب".
**************************************
الشيوعي السوداني: جرائم الحرب لا تسقط بالتقادم
الخرطوم – طريق الشعب
أدانت سكرتارية الحزب الشيوعي السوداني، "الغارة الجوية التي نفذها طيران الجيش على سوق طرة شمال مدينة دارفور، ونتج عنها ما يزيد على 270 ضحية و400 مصاب".
وقال الحزب في بيان تلتقه "طريق الشعب": تتواصل جرائم الحرب المروعة في مختلف أنحاء السودان في ظل الحرب الكارثية.
وأضاف البيان: ندين بأشد العبارات هذه المجزرة، مؤكداً ان هذه الجرائم لا تسقط بالتقادم ويجب تقديم مرتكبيها للمحاكمات، مشدداً على تعبئة وتنظيم وبناء أوسع جبهة جماهيرية قاعدية لإنهاء الحرب، ورصد كل الجرائم ضد الإنسانية المرتكبة وجمع الأدلة والمعلومات وقوائم الشهود عليها، وكذلك العمل مع الأحزاب الشيوعية والعمالية وقوى السلم والديمقراطية من أجل بناء حركة تضامن عالمية - سياسية وإنسانية وحقوقية.
وحذر الحزب من تكرار هذه المجازر، وسعي مليشيا الدعم السريع وحلفائها من أجل إنشاء حكومة موازية لحكومة الأمر الواقع الانقلابية في بورتسودان، لهو مهدد واضح ومباشر لوحدة البلاد، وتابع: إن سعي طرفي الحرب لتقسيم البلاد بينهما مخطط يجري تنفيذه بلا هوادة وفي خيانة وطنية بينة.
واكد البيان وقوف الحزب الشيوعي السوادني بقوة ضد هذا المخطط وذلك عبر جبهة جماهيرية واسعة من أجل وقف الحرب وإنقاذ البلاد واستعادة الثورة والانتقال نحو دولة موحدة وديمقراطية ومدنية.
****************************************
رئيس كوبا: إسرائيل تحاول القضاء على الشعب الفلسطيني بدعم أمريكي
هافانا - وكالات
قال الرئيس الكوبي ميغيل دياز كانيل إن "إسرائيل تحاول وبدعم من الولايات المتحدة القضاء على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة". وأدان إسرائيل وواشنطن على خلفية الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل بحق الفلسطينيين منذ نحو 17 شهرا. وكتب كانيل على منصة X: "تواصل إسرائيل القضاء على الشعب الفلسطيني في غزة، في ظل إفلات تام من العقاب توفره الولايات المتحدة".
وأردف قائلا: "وتقصف (إسرائيل) المستشفيات ومخيمات اللاجئين ومرافق الأمم المتحدة، في انتهاك صارخ للقانون الإنساني الدولي".
وأرفق منشوره بصورة للفلسطينيين الذين يُرغمون على النزوح من ديارهم في قطاع غزة الذي يتعرض لعدوان وحشي.
************************************
روسيا وأوكرانيا هدنة جزئية بوساطة أمريكية
متابعة – طريق الشعب
اتفقت موسكو وكييف على ضمان سلامة الملاحة في البحر الأسود وحظر تبادل الهجمات بين الدولتين على منشآت الطاقة لديهما. وأكدت كييف وموسكو التزامهما بالاتفاق، لكن موسكو وضعت شروطا لبدء التنفيذ، وذلك بعد مباحثات أجريت في السعودية برعاية أمريكية.
وقال البيت الأبيض إن الجانبين اتفقا على "ضمان الملاحة الآمنة والقضاء على استخدام القوة ومنع استخدام السفن التجارية لأغراض عسكرية".
وسوف تمهد هذه الاتفاقات - في حال تنفيذها – الطريق أمام التوصل إلى وقف إطلاق نار أوسع نطاقًا، تعتبره واشنطن خطوةً نحو محادثات السلام لإنهاء الحرب الروسية المستمرة منذ ثلاث سنوات في أوكرانيا.
وقال الكرملين في بيان إن "روسيا والولايات المتحدة اتفقتا على وضع إجراءات لتنفيذ اتفاقات رئيسيَ البلدين بشأن حظر الضربات على منشآت الطاقة في روسيا وأوكرانيا لمدة 30 يوما".
وشدّد الكرملين خصوصا على أن هذه الاتفاقات، التي كان البيت الأبيض أوّل من أعلنها، لن تدخل حيّز التنفيذ إلا بعد رفع العقوبات المتعدّدة، لا سيّما تلك التي تطال بنكه الزراعي الكبير "روسلخوزبنك" و"بعض المنتجين والمصدّرين للمواد الغذائية... والأسمدة، وتلك المفروضة على "شركات التأمين على الحمولات" واستعادة وصول البنك إلى نظام "سويفت" الدولي للمراسلات.
**********************************************
محاولات لشقّ المعارضة التركية بدلاً من قمعها المباشر احتجاجات حاشدة بعد اعتقال رئيس بلدية إسطنبول
رشيد غويلب
الاحتجاجات الحاشدة المستمرة في جميع أنحاء تركيا ضد حكومة الرئيس رجب طيب أردوغان، هي الأوسع، منذ حركة احتجاجات حديقة "غيزي" في عام 2013. وفي مساء الأحد الفائت، خرج مئات الآلاف إلى الشوارع لليوم الخامس على التوالي، على الرغم من حظر التجمعات في المدن الكبرى مثل إسطنبول وأنقرة وإزمير، للاحتجاج على اعتقال وإقالة عمدة إسطنبول أكرم إمام أوغلو. قاطع آلاف الطلبة الدراسة يوم الاثنين، الذين ركزوا على إلغاء السلطات لشهادة إمام أوغلو، والتي تهدف إلى منع السياسي الشعبي من الترشح ضد أردوغان في الانتخابات الرئاسية. لقد تحولت الانتخابات التمهيدية لحزب الشعب الجمهوري الكمالي، والتي سُمح فيها أيضًا لغير الأعضاء بالتصويت، إلى استفتاء لصالح إمام أوغلو بمشاركة 15 مليون مواطن. وأعلن حزب الشعب الجمهوري، يوم الاثنين، رسميا ترشيح الديمقراطي الاجتماعي، المحتجز، كمرشح له في الانتخابات المقررة في عام 2028. في هذه الأثناء، تدعو شبكة "تضامن النقابات الثورية" إلى توسيع الاحتجاجات وتحويلها إلى إضراب عام.
عجلة القمع تدور
إن رد فعل تحالف حزب العدالة والتنمية الإسلامي، والقوميين الترك الفاشيين، هو زيادة القمع. في مساء الأحد الفائت، هاجمت الشرطة الحشد المتجمع أمام مبنى بلدية إسطنبول بخراطيم المياه والغاز المسيل للدموع. وطاردت الشرطة المتظاهرين في الشوارع المحيطة وأطلقت الرصاص المطاطي على المحتجين. وقال وزير الداخلية التركي علي يرلي كايا، الاثنين، إنه تم اعتقال 1133 شخصا خلال خمسة أيام بتهمة "القيام بأنشطة غير قانونية". وفي مداهمات في إسطنبول وإزمير، تم اعتقال كوادر قيادية من الحزب الشيوعي التركي وحزب اليسار، ومنظمات يسارية أخرى، بالإضافة إلى عشرة صحفيين وثقوا الاحتجاجات ومحامين يمثلون المتظاهرين المعتقلين.
وبعد انتشار شائعة على وسائل التواصل الاجتماعي مفادها أن معارضي الحكومة كانوا يحتسون الخمر في ساحة أحد المساجد، دعت مجموعة شبابية مرتبطة بجماعة إسلامية مسلحة، تم حظرها بسبب هجمات مميتة، إلى مأدبة إفطار مفتوحة، مساء الاثنين، أمام الجامع القريب من إدارة المدينة. وكانت الحكومة قد وظفت تقارير كاذبة خلال احتجاجات حديقة غيزي، بشأن ادعاء تجاوز المحتجين على المرافق الدينية، للإساءة للمحتجين ولتعبئة أنصار الحكومة الإسلاموية ضدهم.
فرّق تسد
بدلا من مهاجمة قوات الامن التركية المعتادة لاحتفالات نوروز، شهدت إسطنبول حفلا بالمناسبة شارك فيه أكثر من مليون مشارك. ويأتي هذا التحول نتيجة للمفاوضات الجارية بين زعيم حزب العمال الكردستاني السجين عبد الله اوجلان والسلطات التركية.
وتعول الحكومة التركية على انقسام قوى المعارضة الرئيسية متمثلة بالحزب الجمهوري وحزب "المساواة وديمقراطية الشعوب" القريب من حركة التحرر الكردستانية، والمتحالف مع أوساط ديمقراطية تركية. وتتم تغذية هذه الجهود من قبل رئيس بلدية أنقرة، منصور يافاش، الذي ينتمي إلى الجناح اليميني في حزب الشعب الجمهوري. وفي نهاية الأسبوع، وصف الأعلام الكردية التي لوحت في احتفالات نوروز بـ "الأوغاد"، ثم وصفته النائبة المعروفة عن حزب "المساواة وديمقراطية الشعوب"، برفين بولدان، في وقت لاحق بـ "الفاشي". ورغم هذا التراشق، أكد رئيس حزب" الديمقراطية والمساواة، تونغر باكيرهان، وزعيم حزب الشعب الجمهوري، أوزغور أوزيل، اللذان قاما بزيارة تضامنية للمحتجين، استعدادهما للنضال معًا من أجل تحقيق الديمقراطية والسلام في عموم البلاد.
طبيعة الأزمة
إن محاولات السلطة المستبدة في توظيف الصراع التاريخي بشأن الحقوق القومية المشروعة للشعب الكردي، سوف لن تغير من طبيعة الأزمة التي تشهدها تركيا، التي تعد واحدة من أكبر الأزمات الاقتصادية والسياسية في تاريخها. إن نظام الفرد بسياساته المؤيدة للرأسمالية، ينعكس في الحياة اليومية لأكثرية الشعب والعاملين خصوصا بمظاهر الجوع والفقر والقمع. إن النضال ضد نظام الاستغلال هذا، الذي يؤثر على كل جانب من جوانب الحياة، يجب تنظيمه على أساس مشتركاته الجامعة، وليس على أساس مطالب فئوية، وإجراءات جزئية، بل من خلال المقاومة الشاملة.
***************************************
الصفحة السادسة
الحزب الشيوعي مدرسة وطنية عراقية
هندي حامد الهيتي
منذ تأسيسه عام 1934، لم يكن الحزب الشيوعي العراقي مجرد كيان سياسي يسعى للوصول إلى السلطة عبر شتى الوسائل، بل كان مدرسة وطنية اجتماعية تقدمية تركت بصمات واضحة في مختلف جوانب الحياة العراقية، وفي مختلف مناطقه، في المدينة والريف.. فقد استطاع الحزب، رغم الظروف القاسية والملاحقات، أن يؤسس لنهج فكري واجتماعي متجذر في قيم العدالة والمساواة والحرية، مما جعله مؤثرًا في تشكيل وعي الأجيال العراقية المختلفة، وهو بهذا سعى إلى تحقيق أهدافه عبر نشر فكره في وعي الجماهير خارج وجوده في السلطة كما عملت بقية الأحزاب السياسية التي لم تترك بعد زوال وجودها غير الخزي والعار.
دوره في النضال الوطني والتحرر من الاستعمار
برز الحزب الشيوعي العراقي كأحد القوى الرائدة في مناهضة الاستعمار البريطاني في العراق، وكان اسمه عند التأسيس "لجنة مكافحة الاستعمار والاستثمار" حيث لعب دورًا رئيسيًا في الحركات الشعبية وقيادتها نحو النضال من أجل نيل الاستقلال الوطني والتحرر الاقتصادي عبر مشاركته الفعالة في وثبة كانون 1948 ضد معاهدة بورتسموث، وانتفاضة 1952 ، وكان من أوائل الداعمين لثورة 14 تموز 1958 التي أطاحت بالنظام الملكي، و كان الحزب وما يزال يؤمن بأن التحرر السياسي لا يمكن أن يتحقق دون التحرر الاجتماعي والاقتصادي، فتبنى خطابًا يدعو إلى تحقيق العدالة الاجتماعية ومحاربة الاستغلال.
لم يكن الحزب يفرق بين المكونات العراقية، فقد ضم في صفوفه العرب والأكراد والتركمان والمسيحيين وغيرهم، ورفع شعار الوحدة الوطنية في مواجهة الطائفية والانقسامات، ويعتبر اليوم وبعد واحد وتسعين عاما الحزب الوحيد في العراق الذي يضم كل اطياف الشعب العراقي بمختلف قومياته واديانه وطوائفه.
كان للحزب دور اجتماعي طبقي في دفاعه عن الفقراء والفئات المهمشة، فمنذ نشأته، كان الحزب صوتًا للفقراء والمحرومين، حيث ساهم في تنظيم النقابات العمالية، ووقف إلى جانب الفلاحين في نضالهم ضد الإقطاع، ما جعله قوة مؤثرة في إصدار قانون الإصلاح الزراعي في عهد عبد الكريم قاسم، الذي منح الفلاحين حقوقهم في امتلاك الأراضي.
وكان الحزب من أوائل القوى التي دعمت تحرير المرأة العراقية، وساهم في تأسيس رابطة المرأة العراقية التي ناضلت من أجل حقوق النساء في العمل والتعليم والمشاركة السياسية. رفض الحزب التقاليد التي تعيق تقدم المرأة، وسعى إلى منحها دورًا فعالًا في بناء المجتمع. وهو اليوم يقف بقوة ضد التعديل الاخير لقانون الاحوال الشخصية رقم 88 لسنة 1959 وشكل جبهة رفض قوية ضد التعديل الجائر وما زال يواصل دوره في ضمان حرية وحقوق المرأة العراقية.
وقد امتلك الحزب قاعدة قوية بين الشباب والمثقفين والطلبة، وكان له دور بارز في تشكيل الاتحادات الطلابية التي دافعت عن قضايا التعليم المجاني والحرية الفكرية. كانت الجامعات العراقية، وخاصة في الخمسينيات والستينيات، أحد معاقل الفكر الشيوعي، حيث انتشرت أفكاره في أوساط الطلاب والمثقفين.
ويعتبر الحزب الشيوعي العراقي مدرسة في التنوير الاجتماعي ونشر الثقافة الوطنية والتقدمية بين أبناء شعبه، فلم يكن الحزب مجرد حركة سياسية تسعى لاستلام السلطة وتحقيق برنامجه بل كان حركة ثقافية ساهمت في إنتاج أدب وفن ملتزم بقضايا الشعب. كان العديد من الشعراء والأدباء والفنانين أعضاءً أو متأثرين بفكر الحزب، ومن أبرزهم: مظفر النواب، الذي وثّق في قصائده معاناة الفقراء والمضطهدين، وبدر شاكر السياب وعبد الوهاب البياتي، اللذان عبّرا عن هموم المجتمع بأساليب حداثية، وكاظم السماوي، الذي استخدم الشعر كأداة للنضال ضد الاستبداد. إضافة إلى الاجيال اللاحقة مثل عريان السيد خلف وأبو سرحان وكاظم الرويعي وغيرهم الكثير، وقد كان للحزب دور في دعم ونشر المسرح والسينما حيث برزت اعمال فنية لا زالت عالقة في الذاكرة العراقية مثل مسرحية النخلة والجيران وانا أمك يا شاكر وغيرها الكثير، وقد كان للفنانين والفنانات الشيوعيات وأصدقائهم الدور الريادي في نشر الفن الشعبي التقدمي مثل يوسف العاني وخليل شوقي وزينب وناهدة الرماح.
وكان للحزب دور مهم في نشر الفكر الاشتراكي والتقدمي من خلال الصحف والمجلات الثقافية، مثل "كفاح الشعب " و"طريق الشعب"، ومجلة الثقافة الجديدة التي لعبت دورًا كبيرًا في نشر الوعي السياسي والاجتماعي بين العراقيين. كما ساهم في نشر كتب ومؤلفات تدعو إلى الفكر العلمي والتقدمي. وكان الشيوعيون العراقيون أول من درس وبحث في التراث العراقي ونبه إلى التراث التقدمي لشعبنا عبر الحضارات القديمة.
هذا ما جعل الحزب مستمرا في وجوده بين أبناء الشعب العراقي رغم كل حملات الإبادة التي تعرض لها طوال سفره النضالي الطويل، وهو بهذا يُعد أكثر من مجرد تنظيم سياسي، فهو مدرسة فكرية ونضالية تركت أثرًا عميقًا في الوعي الوطني والاجتماعي العراقي. اضافة إلى انه بقي رمزًا للنضال من أجل العدالة والمساواة، وظل صوته حاضرًا في الحراك الشعبي والسياسي. إن إرث الحزب لا يكمن فقط في تاريخه النضالي، بل في أفكاره التي لا تزال تلهم أجيالًا جديدة من العراقيين الساعين نحو الحرية والعدالة الاجتماعية. ورغم تراجع اليسار عالميًا، فإن الروح التقدمية التي زرعها الحزب في المجتمع العراقي لا تزال مؤثرة حتى اليوم.
********************************************
الحزب الشيوعي العراقي.. نهر العطاء وسفينة الأمل
أسامة عبد الكريم ختلان
حين يمر علينا يوم 31 آذار، تعود بنا الذاكرة إلى لحظة التأسيس الأولى منذ عام 1934، إلى ذلك القرار الذي لم يكن مجرد خطوة سياسية، بل كان بداية لحلم، لصوت ارتفع من قلب الطبقة الكادحة، من معاناة العمال والفلاحين والمثقفين الثوريين، ليعلن أن هذا الوطن يستحق العدالة، يستحق الحرية، يستحق شعبه أن يحيا بكرامة. 91 عاماً مرّت منذ أن ولد الحزب الشيوعي العراقي، 91 عاماً من النضال، من العطاء، من الأمل المتجدد رغم كل العواصف التي حاولت اقتلاعه.
لم يكن الحزب بالنسبة لي مجرد إطار سياسي، بل كان المدرسة الأولى التي تعلمتُ فيها معنى الوطن، لا كشعار يرفع في المناسبات، بل كحقيقة تُعاش يومياً، تُدافع عنها بالأفعال قبل الأقوال، وبالتضحيات قبل الادعاءات. تعلمتُ من خلاله أن حب الوطن ليس كلمة، بل موقف، وليس ادعاءً، بل التزامٌ يتجسد في السعي لتحقيق العدالة الاجتماعية، في الانحياز إلى الفقراء، في مواجهة الظلم، مهما كان الثمن. إن الحزب لم يكن يوماً مجرد تنظيم، بل كان طريقاً نحو وعي أعمق بالوطن، طريقاً أدركت من خلاله أن الحرية ليست منحة، بل انتزاع، وأن الحقوق لا تُوهب، بل تُؤخذ بالنضال والصمود.
لقد تربيت في داخله، كما تربى كثيرون غيري، وكان انتمائي له أشبه بانتماء الشجرة إلى الأرض التي تغذيها، أو انتماء النهر إلى مجراه. كان فضاءً رحباً يتسع لنا جميعاً، بأخطائنا قبل صوابنا، باندفاعنا قبل نضجنا، لم يكن يوماً سجناً للأفكار، بل فضاءً للحوار والتطور. كيف يمكن للمرء أن يتخلى عن شيء صار جزءاً من وجدانه؟ كيف يمكنه أن يدير ظهره لقيم زرعها في روحه منذ خطواته الأولى في درب الوعي؟ لا يُمكن أن نخذل ما أعطانا اليقين بأن التغيير ممكن، وبأن الإنسان قادر على صنع مصيره رغم كل القيود.
لكنني، وأنا أقف اليوم في ذكرى تأسيسه، أعترف أمامه، أمام تاريخه الطويل، وأمام أرواح من ضحوا لأجل فكرته النبيلة، أنني لم أكن دائماً على قدر المسؤولية. ربما غفلتُ في لحظات كثيرة عن فهم الوعي في عمقه، وربما لم أدرك تكتيكاته في حينها، ربما كنتُ متسرعاً في أحكامي، أو ساذجاً في بعض استنتاجاتي، وربما ظننتُ أن الطريق أكثر وضوحاً مما هو عليه في الواقع. لكنني، رغم كل شيء، لم أفقد الإيمان به، ولم أفقد الإيمان بأن هذا الحزب، الذي عَبَر كل المحن، لا يزال صادقاً في غايته، ثابتاً في مبادئه، حتى وإن تغيرت التكتيكات وتبدلت الأدوات.
إنه كنهرٍ يجري، لا يعرف التوقف، ولا يسمح لشيء بأن يُجففه. قد يُحاصر، قد يُحاول البعض أن يقطع مجراه، لكنه دائماً يجد طريقة ليواصل التدفق، ليمنح الحياة لأولئك الذين يحتاجونه. الحزب ليس مجرد ماض ٍ نحتفي به، بل هو مستقبل يتشكل، هو فكرة لا تموت لأنها مغروسة في قلوب من عرفوا أن لا طريق سواه لتحقيق العدالة. في كل مرة يُظن أنه انتهى، يعود أكثر قوة، أكثر شباباً، أكثر انسجاماً مع الزمن الجديد.
وهو أيضاً سفينة، تبحر وسط العواصف، لكنها لا تنحرف عن مسارها. كم من ريح حاولت أن تُغرقها؟ كم من موجٍ عالٍ حاول أن يجعلها تتيه في المجهول؟ لكنها بقيت، لأنها تحمل أناساً لم يأتوا للرحلة بحثاً عن مكاسب، بل جاؤوا لأنهم مؤمنون بأن الضفة الأخرى تستحق العناء، بأن شاطئ الأمان ينتظر أولئك الذين لا يخافون مواجهة البحر، ولا يهابون الظلام. في هذه السفينة، لا يوجد ركاب، بل طاقم يقاتل ليصل إلى الهدف، ليصل إلى وطن لا يُقمع فيه الصوت الحر، ولا يُسحق فيه الإنسان تحت عجلة الاستغلال والفساد.
في ذكرى تأسيسه الحادية والتسعين، لا نقف فقط لنتذكر، بل لنؤكد أن هذه المسيرة لم تنتهِ بعد، وأن هذا الحزب الذي أسسه الشهداء والمناضلون لا يزال على العهد، لا يزال يرفع رايته، لا يزال يواجه التحديات، ليس لأنه لا يخطئ، بل لأنه يتعلم من أخطائه، وينهض من كل عثرة أقوى. هو النهر، وهو السفينة، وهو الحلم الذي لا يشيخ، وهو الأمل الذي يتجدد، من أجل وطن حر، وشعب سعيد.
******************************************
على شرف الذكرى 91 لميلاد الحزب نساء ريفيات ملهمات
ماجدة الجبوري
تميزت النساء الريفيات بالقوة والصلابة والمجبولة بالفرح والحزن في حياتهن اليومية، يستقبلن يومهن بصدر رحب، يستمدن تلك القوة والصلابة من تدفق ماء السواقي، وهفهفات سعف النخيل وأوراق الشجر، ولعل حياة المرأة العراقية سواء بالريف او المدينة، غير سهلة أبداً على مر العصور والأزمان في ظل واقع اجتماعي متذبذب، وقوانين متعثرة، وتراجع في البنية الاجتماعية والاقتصادية، وهذه التفاصيل كانت موجودة ومرئية يشير لها الحزب الشيوعي في سياسته وبرامجه. هناك قصص وحكايات واقعية لنساء ناجيات من بطش السلطة، منهن أمهات وزوجات لمناضلين أجبروا على الاختفاء والانزواء في مخابئ تحت الارض لسنوات بعيدا عن أعين السلطة التي تلاحق كل تفاصيل حياتهم وعوائلهم، حدثت في فترة نهاية السبعينيات وما تلاها من سنوات عجاف، وحروب عبثية!
لا نستطيع الاّ أن نقول عنهن نساء باسلات مكافحات، مخلصات أمينات لمبادئ الحزب وبشكلٍ فطري، وهذا ينبع من أفكار الحزب وإيمانه بحق المرأة في العيش بكرامة ورفاهية. وتبقى الروابط العائلية والروحية هي الماثلة أمامهن، والخوف على حياة رجالهن والسهر على حمايتهم تقع على عاتقهن، فهناك عدو شرس وقاس يتربص بالعائلة ويحاول تدميرها.
سأتحدث عن نماذج وتجارب وقصص واقعية عاشتها نساء مناضلات، فلاحات من الريف الفراتي، جابهن الحرمان والخوف والملاحقة من النظام بسبب اختفاء ازواجهن، وهن يحملن صواني الشموع في عيد الحزب بخفية بعيداً عن خفافيش الظلام، تكريماً واحتفاء بتاريخه المجيد. أم قيس امرأة مربوعة الطول، ذات وجه دائري بشوش، أنجبت خمسة أطفال من زوجها الذي طاردته السلطات لسنوات عديدة في الثمانينيات، لو نظرنا لهذه المرأة وهي في مقتبل العمر مع خمسة اطفال، وفي مرمى سلطة فاشية تراقب خطواتها، لكنها لم تأبه في نقل البريد الحزبي تحت سلّة العنب، او تخبئه تحت طاسة الجبن الذي تصنعه من حليب بقرتها لتأخذه إلى السوق، وهناك تتواعد مع رفيقتها أم نغم التي تعيش نفس الظروف، هي الأخرى أم لثلاثة أطفال وزوجها المعلم التربوي هو الآخر تطارده السلطات ويعيش الاختفاء القسري، أم نغم تجلب الجبن والبيض لبيعه في السوق، وتخبئ البريد الحزبي تحته او تستلمه داخل علبة مسحوق غسيل الملابس، "التايد" أو بطرق مختلفة ، وهناك في سوق الحلة تجلس أم حيدر المناضلة العتيدة وهي ضليعة في إخفاء الرسائل الحزبية، ومعرفة الأماكن الآمنة والإفلات من المراقبة مرات عديدة، تكون بانتظارهنّ بالسوق الشعبي، ويكون الاتفاق مسبقاً على مكان مخصص فقد أصبحن خبيرات بإيجاد أماكن أمنه بعيداً عن أعين الملاحقة، يفترشن الأرض، و يتبادلن البريد الحزبي، والأحاديث المليئة بالشجون ومصاعب الحياة ويسألن عن" الغيّاب" بأسماء والقاب متعددة، يتكرر هذا المشهد عدة أشهر وسنوات، إنه نضال وعمل خاص بهن يقومن به بطيب خاطر وتفان، وبفرح نجاحه.
من هنا تبرز علاقتهن بالحزب، وهي علاقة مزدوجة من حيث العمل اليومي ومعترك الحياة، والاهتمام بأطفال تركوا دون أب ومعيل والدخول في مساعدة رفاق الحزب وتوفير الحماية اللازمة لهم..
هؤلاء النساء لم تكن حياتهن سهلة، بل تذبل وجوههن وهنّ في عز شبابهن، وتشيخ تلك الوجوه الجميلة مبكراً بدون مرافقة زوج حنون وسند قوي، وكل يوم من يومهن نضال بحد ذاته يشيب الرأس له حتى ابيضت شعورهن بشكل مبكر ليغزوه الشيب من الوحدة، والحزن من فقدان شريك الحياة.
لتلك النسوة ننحني احتراما لتاريخهنّ الملهم بالعمل والأمل، وأبارك لهنّ ولجميع المحتفلين بربيع عميد الحركة الوطنية، وباقات ورد لحزبنا الشيوعي وهو يطفئ شمعته الواحدة والتسعين.
************************************************
سلامٌ عليكَ أيها العلم الخافق في سماء الوطن
محمد راسم قاسم
سلامٌ عليكَ، يا وجه النهر حين يفيضُ غضباً
يا رايةً لم تُنكِسْها الريحُ،
يا شعلةً توهجت فيها النارُ، وما انطفأت.
كنتَ تمشي على دربٍ مفروشٍ بالمسامير،
لكنَّ خطاكَ لم تتعثر .
وكانتْ زنازينُهم تضيقُ
لكن روحكَ كانت أوسعَ من ظلمِ الطغاة.
سلام عادل...
أيا سيفاً كُسرَ في سبيل الحقِ،
لكنَّ بريقه ظل يقطع الليل نصفين.
أيا شهيداً لم يُقتل،
بل صار خيطاً في نسيج العراق
وهتافاً يسكنُ شفاه النخيل
كلما عصفت به الريح.
ابنُ الجنوبِ... ابنُ الفقراءِ...
هل كان الدمُ سوى مهرٍ للحرية؟
وهل كانت الزنزانةُ سوى محرابِ الثائرين؟
وهل كان الجسدُ سوى نارٍ تتوهجُ
حتى أحرقت أيدي الجلادين؟
سلامٌ عليكَ، يوم ولدتَ من رحم القصبِ
ويوم سقطت، واقفاً كالنخيل
ويوم تحيا في قلوب البسطاءِ
وفي راياتِ القادمينَ من غدٍ لم يُولد بعد.
سلامٌ عليكَ، وعلى حزبكَ الذي صارَ قِبلةَ الكادحين
سلامٌ عليكَ، يا ابن الجنوبِ، يا رايةً لم تطوها العواصف
و يا سيفاً لم يُغمدْ رغم نزف الجراح.
لقد مضيتَ، لكنّ خطاكَ ظلت تقرع أبوابَ التاريخ
وصرختكَ صارت نشيداً في أفواه الفقراء
وصورتك وشمٌ في جبين العراق.
يا حزب الشهداءِ ... يا قبساً لا تنطفئ نارهُ
يا درباً مفروشاً بالعزم والصبر والجمر
يا رايةً حملها الرجالُ ولم يلقوها
لأنها ليستْ رايةَ حزبٍ فقط، بل رايةُ شعبٍ بأسره.
أنتَ القلعةُ التي لم تهدمها الريح
وأنتَ النهرُ الذي لا يجفُّ
وأنتَ الصرخة التي، وإن حاولوا خنقها
عادت تهدرُ في أزقّةِ الفقراء
وفي معامل العمّال، وفي حقول الفلاحين.
سلامٌ عليكَ، وعلى حزبكَ
أبا ركبِ الشهداءِ
ونصيرَ الجياعِ
وقلبَ العراقِ النابضِ بالعزمِ والمجدِ والنضال.
سلامٌ عليكَ، وعلى حزبكَ
يا راكبَ المواكبِ الحُمرِ، يا سِفْرَ البطولةِ
يا وهجَ العدلِ في ليالي الفقراء
يا نبضَ العراقِ إذا ضاقَ صدرُ الزمان.
سلامٌ على جرحِكَ النازفِ، يروي ترابَ الجنوب،
على رايتكَ التي لا تُنكَّسُ
على ناركَ التي لا تخبو
على حزبكَ، السائرِ فوق شوكِ الدروبِ
يحمل رايةَ الشمسِ في كفّهِ
ويهتفُ: "خبزٌ... وحريةٌ... وكرامة!" .
**************************************************
الصفحة السابعة
على أعتاب الذكرى الشيوعيون العراقيون وحدهم من نقل الفلسفة للكادحين
سلام القريني
في هذا الصباح الغائم وقد تعودت الاستيقاظ المبكر، ليس اختيارا بل مجبرا، بحكم سنوات العمر التي يقل فيها النوم كثيرا، حيث عقارب الساعة تحث الخطى سريعا إلى الأمام ودون رجعة، تاركة خلفها كما هائلا من ذكريات الكدح الشريف الشاق لبناء حياة أفضل، يعيش فيها الإنسان بأبهى صور المعاني التي تليق بكائن حي على وجه البسيطة جسدت في مقولة خالدة للعالم كارل ماركس (الأنسان أثمن راس مال).
جيل تلو جيل ، ومنذ البدايات الأولى لبذر الفكر الشيوعي في بلاد ما بين النهرين وليومنا هذا يخوض هذا الحزب العتيد شتى أصناف الصراع ضد كل أشكال العلاقات القديمة البالية المعيقة لحركة التقدم والازدهار ( قبلية ، طائفية وشوفينية )، ليخلق عالما جديدا جامعا يستظل فيه الجميع دون استثناء أو إقصاء شعاره المركزي ( وطن حر وشعب سعيد ) يتحقق عبر الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة التي تسودها روح المواطنة، ولأجل ذلك قدم الرعيل الأول ومن بعده قوافل من الشهداء في سبيل تحقيق الهدف النبيل والسامي دون كلل او ملل او تنصل رغم شراسة ووحشية العدو الطبقي الغاشم ، لقد كان مناضلو الحزب بواسل في مقارعة كل أنظمة الاستبداد التي تعاقبت على حكم العراق ابتداء من تأسيس الدولة العراقية عام 1921م عندما اعتلى قادة الحزب ( فهد وحازم وصارم ) وهم يهتفون :
الشيوعية أقوى من الموت واعلى من أعواد المشانق.
ونحن في مقتبل القرن الواحد والعشرين لازالت تعصف بالبلاد أزمات مدمرة وصراعات طائفية تواجه شعبنا في ظل نظام دولي يتحكم فيه رأس المال المعولم الذي خلق مع التقدم التكنلوجي المتسارع مشاكل عويصة تتمثل بكيفية فك الاشتباك بين الصوري والرقمي والمتخيل لزمن الرسمالية المتوحشة، الأمر الذي يدعو إلى المزيد من العمل والحنكة والتدبير، كون حزبنا البديل المأمول لانتشال البلد من مآزقه.
صحيح انه لم يستلم يوما واحدا للسلطة، ليكون في موضع اختبار حقيقي لأدائه التنفيذي، لكنه اثبت بشكل لا يقبل اللبس عندما استوزرت الرفيقة الدكتورة نزيهة الدليمي عام 1958م وزارة البلديات والرفيقان عامر عبدالله وزارة الدولة والدكتور مكرم الطالباني وزارة الري عام 1973 م. اما بعد التغيير 2003 كان الرفيق حميد مجيد موسى ( أبو داود ) صمام أمان القرارات التي تصب في صف الشعب ومعه الشهيد وضاح حسن عبد الأمير ولاحقا هيفاء الأمين التي استقالت ابان قمع انتفاضة تشرين الخالدة عام 2019 م ، وعندما يجري الحديث عن النزاهة والأمانة الا ويذكر الأعداء قبل الأصدقاء الرفيقين الوزيرين رائد فهمي ومفيد الجزائري بانهما المثال الذي يجب ان يحتذى به .
أمامنا أيام قليلة على ذكرى عزيزة على قلوب كل الشرفاء، ذكرى الميلاد الميمون الواحد والتسعين الذي لم يغادر ساحة النضال أبدا. حقا انه عميد الأحزاب العراقية بأجماع كل المهتمين بالشأن السياسي والاجتماعي وبمختلف توجهاتهم الفكرية وهو كذلك يمثل تاريخ الحركة الوطنية في العراق المعاصر.
لنعود للعنوان الذي استعرته من إحدى المحاضرات المهمة للدكتور عدنان عبيد المسعودي أستاذ الفلسفة في جامعة كربلاء وقد شدتني تلك الجملة التي تقول:
(من ان الحزب الشيوعي العراقي هو الحزب الوحيد بين الأحزاب الشيوعية التي استطاع بكل جدارة إيصال الفلسفة للجماهير).
ولا غرو فقد عمل على بسطها من اليوم الأول بين أيدي الكادحين بكل إبداع دون إغفال لأي جانب من جوانب الحياة، فكانت خطة شروع لعمل الرفاق في أولى الخلايا التي تشكلت في البصرة والناصرية وبغداد وكردستان لدراسة الفلسفة الماركسية.. المادية التاريخية.. الاقتصاد السياسي التي وضعت بواقعية بين أيدي الفلاح والعامل والمثقف والفنان والطبيب والمهندس عبر قراءة تلامس المصلحة الطبقية لتلك الشرائح دون ان تعرف أن خلفها ماركس او انجلس او هيجل.
نتذكر جيدا المقالات التي يكتبها الراحل أبو سعيد ( عبد الجبار وهبي ) والعمود الطبقي المخيف للراحل شمران الياسري ( بصراحة أبو كساطع ) كانا يرهبان السلطة ويهزان كراسيهم، وكذا الحال لكتابنا في المسرح حين حول المخرج الراحل قاسم محمد ( رواية النخلة والجيران) للراحل غائب طعمة فرمان لوثيقة إدانة، وكذا الحال في السينما حين برع الراحل يوسف العاني في فضح الواقع البائس في فيلم (سعيد افندي)، ولم يكن الشعر بعيدا بل كان في مقدمة منطقة الاحتراب وهو يصدح بأصوات الكبير الخالد محمد مهدي الجواهري والراحل محمد صالح بحر العلوم الذي لاتزال قصيدته ( اين حقي ) تلهج بها الالسن، ولم يكن الراحل مظفر النواب التي أصبحت قصيدة ( صويحب ) أيقونة لمنتفضي تشرين الخالدة في ساحات العراق، ولأيمكن ان ينسى أحدا كم كان الراحل الفنان فؤاد سالم يقلق البعث الصدامي بأغانيه المنطلقة من جبال كردستان .
اليس تلك قمة البراعة في إيصال الفكرة الفلسفية المعقدة وتحويلها إلى فعل ثوري كما كان بريشت يدعو له لخلق سؤال؟
تلك قوة وفاعلية الفكر الشيوعي الذي يلامس حسه الإنساني ويسمو به.
كل عام وحزبنا الشيوعي العراقي في عطاء دائم وعمر مديد.
*********************************************
أوائل إشعاعات الفكر الشيوعي في الديوانية
كمال يلدو
واقع الديوانية اليوم وواقعها قبل مئة عام لم يتغير كثيرا، وكأنها تتسابق لتحتل أولى المراتب في أفقر المدن العراقية. كان هذا الأمر قبل مئة عام، مما دفع الكثير من أبنائها للسفر إلى البصرة والعمل بموانئها بحثا عن لقمة العيش. هكذا تبدأ قصة عبد الكريم عبد الهادي الأصفر (كرم الاصفر)، الذي يتعرف هناك على يوسف سلمان يوسف (فهد) مؤسس الحزب الشيوعي العراقي أثناء عملهما في رصيف رقم (٥). كان الاثنان يحملان هموم ومعاناة الفقراء، وساعد أن تعارفا على شخص أرمني يحمل الجنسية الروسية (فاسيلي) والذي زودهما ببعض الأدبيات الماركسية ومنشورات حزب البلاشفة الروسي أوائل القرن العشرين، وقد راقت لهم خاصة وأنها تدعو لتغير واقع الفقراء. تمضي السنين وفي أواسط العشرينات يحصلون على (جريدة الشمس) الناطقة بلسان الحزب الشيوعي اللبناني من أحد عمال الميناء، فيبادرا إلى مراسلة الجريدة، مما دفع برئيس التحرير إلى الاقتراح عليهم فتح مكتبة لتزويدهم بالأدبيات الماركسية بصورة أكثر نظامية. بعد عودة (كرم الأصفر) إلى الديوانية، فتح المكتبة في شارع الأطباء في صوب الشامية وكان موقعها مقابل عوينات القادسية حاليا، كما اتفق الاثنان، يوسف سلمان يوسف وعبد الكريم الأصفر على تأسيس أولى الخلايا الشيوعية في الديوانية عام١٩٢٦.
من ذكريات المناضل ناصر حسين (أبو سعد) في إحدى اللقاءات معه أنه قال: إن أول الحلقات الماركسية في الديوانية تأسست عام ١٩٢٦، مرادفة للحلقة الأولى في البصرة من قبل يوسف سلمان يوسف (فهد) والتي ضمت: (غالي زويد وحسن العياش وداود سلمان يوسف ويوسف سلمان يوسف "فهد"). وفي الديوانية وأثناء الزيارة الأولى ليوسف سلمان اليها عقد اجتماعا في دار عبد الكريم الاصفر الواقعة في محلة الجديدة ، شارع بيت الشيخ حسين الاسدي، مع كل من : (عبدالله حلواص وعزيز ناصر وسيد هاشم السيد سلمان وجليل الريس وعبد الزهرة الريس "قوطي")، وفي زيارة ثانية ليوسف سلمان يوسف إلى الديوانية عقد اجتماع ثانيا في بيت جد الأستاذ مسلم الشمرتي (أبو ثائر) في السوق الكبير (مقابل علوة عباس شامة سابقا)، حيث حضرت شخصيات أبدت استعدادها للعمل في الحلقة الماركسية الاولى في الديوانية وكان من بينهم عزيز ناصر وصالح الرازقي وكرم الأصفر).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المعلومات من كتاب (تاريخ مدينة الديوانية ٣ أجزاء) للكاتب نبيل الربيعي
***********************************************
الحزب والناس ووسائل التحول والتغيير المؤملة
د. تيسير عبدالجبار الآلوسي
تختلف الأحزاب في أسباب التأسيس والانخراط بالعمل السياسي ولكنها بجميع الأحوال تعد ضرورة بل حتمية للديموقراطية في أي بلد. وهنا يتأكد أن أول أسس دمقرطة الحياة العامة وتثبيت سلطة القانون وسلامة العمل المؤسسي بإطاره تنبع من وجود قانون شامل لتنظيم الوجود الحزبي ومستويات المصداقية والسلامة في العمل الحزبي المعاصر بوصفه قوة رافعة تستطيع تعبئة الجهود المجتمعية لأوسع جمهور يمكنه الإيمان بفكرة الحزب وينسق عمله بمناخ سياسي يكون فيه الحزب أداة مؤثرة في تكريس قيم الدولة الحديثة وفيها مبادئ المواطنة والمساواة والعدل..
وستلعب أدوات الحزب التعبوية دورها في حشد جمهوره حول فكرته وبرامجه بخاصة هنا وسائله الإعلامية وصلاته بجمهوره الطبقي والفئوي. ولأن الأحزاب مختلفة بمنطلقاتها فإن الجزب المعبر عن قيم اليسار الديموقراطي يظل مضاعف الدور ليجعل من جمهوره فاعلا لا مفعولا به تابعا لاهثا خلف وعود وهمية في منتهاها ومخرجاتها عند قوى جمهورها من سطوة سلطتها واستغلالها امتلاك الثروة والسلاح والسلطة السياسية بخلاف حزب كالحزب الشيوعي..
إن الحزب هنا هو قوة لنشر الثقافة السياسية وما يخص اليسار تتضاعف المهمة لأنها تحمل مشروعا بنيويا للتعددية والتنوع واحترام فعلي حقيقي للأنسنة عبر تكوين الوعي الشعبي الوطني والتمترس في حنادق الطبقات الكادحة التي يمكن أن تشارك بفاعلية إيجابية لبناء الوجود الجمعي بصورة تتبنى إلغاء الاستغلال وتحقق العدالة..
لكن بجميع الأحوال لا يمكن للحزب أن يكون من دون جمهوره الفعلي وتنظيم ذلك الجمهور بربطه الخلاق ببرامج الحزب ليؤثر على السلطة أو يتسلمها انتخابيا لتلبية أهدافه ومجمل ذلك سيكون حتما بدءا بتكوين مناضلي الحزب تكوينا مناسبا ليكونوا قادة فعليين في تنظيم جمهور الحزب بنموذج يوحد ذاك الجمهور بدرجة ترتقي لتشكيل إرادة وطنية عامة ناضجة..
يركز علم الاجتماع السياسي هنا على كون الإرادة الوطنية بمنهج هذا الحزب أو ذاك على أنها رؤية مركبة تعبر عن مجموع السائرين بطريق الحزب ويساراً أدركت أوسع جماهير فقيرة واقعة تحت منظومة الاستغلال أن قيك اليسار الديموقراطي تشكل النموذج الأمثل لمصالحها لكنها تبقى بحاجة لمعرفة آليات الفعل النضالي بصورة أكثر نضجا بقصد أدخل في الإيجاب وأنضج في القطيعة مع السلبية..
ولعل أول سبل تلك الآليات إشراك الجمهور بكل تفاصيل الحوارات والمناقشات الجدلية المهمة بالارتباط بالمحددات الزمكانبة والموضوعية المرتبطة بإشكالية أو قضية بعينها مما تفرضها حاجات الجمهور نفسه وليس مما تتأتى عبر تهويمات ذهنية عادة ما يشاغل بها طرف حزبي الجماهير لإرباكها وإحراجها من منطقة الفعل ووضعها بخيمة عبثه وتضليله بخلاف الحزب الديموقراطي الوطني.
إن المشكلة إذن ليست في إصدار جريدة أو مجلة أو بحث عمن يملأ مساحات النشر حتى لو كان ذلك مما يقع بدائرة تقع باهتمامات الحزب اليساري لكنها إن لم تقع في إطار مناقشة ما يخص مصالح الناس وعموم الطبقات الفقيرة وبما يساهم بتشكيل الوعي بوصفه أداة تغيير لن تكون ذات قيمة وسيبقى ذلك اليسار حلما بذهن الجمهور المحب للحرية ولشعاراتها ولكن من دون التحول إلى قوة فعل كما ينبغي أن يكون لتحقيق التغييرفعليا..
إن التعامل المباشر مع جمهور الفقراء وبناء الشخصية الفاعلة إيجابا حتما يتطلب التعرف إلى البنى النفسية للشخصية الفردية وتلك الهوية الجمعية وما يتحكم بهما من جملة التقاليد والعادات ومنظومة القيم السائدة فضلا عن بيئة مجتمعية متماسكة أو مفككة أو تجابه مشكلات أو عقبات تتطلب المناقشة المعمقة بجانب ما تتطلبه تلك المهام من ضرورة توفير القوانين الناظمة بما يلبي الحقوق والحريات العامة والخاصة لتمكين العمل المناسب من تحقيق الإرادة الشعبية بأغلبياتها المعروفة..
إن ما ساعد ويساعد على جذب الجمهور لخياراتها الصحيحة يكمن في توافر المصداقية والنزاهة والشفافية والمصارحة وهو ما توفره برامج قوى اليسار الديموقراطي أكثر من غيرها وهو ما خبرته الأجيال المتعاقبة بمقابلب ما كشفته تلك الخبرات من زيف القوى الأخرى في التعاطي مع الجمهور من جهة إطلاق الوعود الكجانية بصورة مكشوفة مفضوحة قد تحقق نتائج انتخابية مؤقتا إلا أنها سرعان من تخسر اللعبة الانتخابية بكل تشوهاتها وهي لهذا تعتمد على تفكيك وتشويه الحياة الحزبية من جهة وعلى تشكيل قوى لكل مرحلة انتخابية بما يغطي على خواء برامجها وشعاراتها..
إن ما يبرز بهذه اللحظة الحاسمة هو كيفية وقف الدعايات المضللة الموجهة ضد قوى اليسار الديموقراطي ومسمى الشيوعية والعلمانية وحركة التنوير بعامة.. وهو ما يندرج أيضا بمكافحة أضاليل السطوة على ذهنية عامة أو على تشكيل الرأي العام انطلاقا من استغلال ظزاهر التعليم المنقوص المشوه والأميتين الأبجدية والحضارية لتمرير منطق الخرافة بقصد تمكين الاستغلال من مزيد من سطوة ومصادرة للجموع عبر وعود وهمية بكل ما فيها من أباطيل تمتلكها أوسع وسائل الإعلام انتشارا ماديا وقدرات تأثير..
أذكر اختصارا أن الواجب يكمن في وضوح الرؤية عند معالجة قضايا الناس ولمس الأهداف والغايات السامية لهم حيث أولويات الحاجات والمصالح لأن ذلك هو الطريق الوحيد لجذب جمهور الفقراء للبديل القادر على التغيير وتلبية المطالب الأعمق والأشمل والأوسع.. وهو الطريق الأمثل المتمثل بحزب اليسار والديموقراطية كونه الحزب الممتلك لأيديولوجيا بمبادئ إنسانية وعمق فكري جدلي قادر على وضع الإجابات عبر استقطاب رؤى أوسع جمهور وتفعيل البحث عن إجاباته هو لا ما يُفرض عليه قهريا أو بالمخادعة..
أضع هذه الأوليات المقترحة لمزيد مناقشة وتعمق في منطلقاتها ومخرجاتها وبما يستجيب للتحول بحزب اليسار اليوم إلى حزب جماهيري كما كان عبر مراجل تاريخية عديدة منذ تأسيسه قبل ما يناهز القرن وأعود للتذكير بأن روائع منجزه أنه عادة ما عرض ويعرض برامجه للمناقشة والحوار ولطالما اغتنى بتلك الفعاليات لكن مواضع التوسع لمزيد أمور جدلية ونقدية ربما توافر لها الوقت ليس بعيدا لكن اليوم يحل بكبير التهاني لتلك المسيرة وعلامات المصداقية والسلامة والنضج التي أثق بأن رفاق الطريق سيواصلون مشوار التقدم بها ومعالجة ما قد يثار من عراقيل مهما كانت قاسية ومعقدة..
فلتنتصر إرادة الجموع المطافحة للأنسنة والتنوير بلا خشية أو تردد أمام التشويهات والأباطيل.. ولتعلن أوسع الجماهير ارتباطها بمصالحها عبر الأكثر صوابا من المبادئ وووسائل العمل وليس عبر الوعود الموهومة وخزعبلاتها ودجلها..
*************************************************
إعادة صلة
طارق حسين
أدخل ..
لا تظل بالباب
البيت بيتك
وأنته بي تنهاب
أدخل ياهوى السبعين والستين والخمسين
بعدك شاب
أنته الحيل يابو الحيل
ومن حيلك نمد إجسور للغياب
فهد من دگ أساس البيت
راد البيت يجمعنه
وإحنه بغير هذا البيت
مامش بيت يوسعنه
بخت هذا بخت يرادله إمدارا
ودنيه إبلابخت مابيها
كل معنى
فهد يابوي
بعدنه بسچتك ماشين
وبعدنه نزامط بلينين
وبعدهه الناس تسمعنه
وعذرنه ..
لون مره إنتچينه إعله الرمح
ومدينه إدينه نصافح العفنين
چان الليل كلش ليل
والظلمه الثجيله تچلچل إعله العين
لچن طبع الإصايل من تگع للگاع
تگوم بحيلها وترتاب منها إسباع
****************************************************
ص8
91 عاماً من النضال وسط العمال والكادحين
نورس حسن
في خمسينيات القرن الماضي، وفي أحد مصانع الغزل والنسيج ببغداد، اجتمع العمال بعد انتهاء يوم عمل شاق، يتبادلون الشكوى من الأجور الزهيدة وسوء المعاملة. وقف في وسطهم شاب يحمل صحيفة ويدعوهم للاتحاد والمطالبة بحقوقهم. كان ذلك الشاب أحد أعضاء الحزب الشيوعي العراقي، الذي آمن بأن صوت العمال هو أقوى سلاح في مواجهة الظلم والاستغلال.
تلك اللحظة لم تكن مجرد موقف عابر، بل كانت جزءاً من مسيرة طويلة قادها الحزب منذ تأسيسه عام 1934، كحركة منبثقة من صلب معاناة الشعب العراقي، ليكون صوتا للعمال والفلاحين وكل الكادحين الذين طحنهم الفقر والاستعمار والإقطاع. في المصانع والمزارع والشوارع، كان الحزب حاضراً، ينظم الإضرابات، يدعم الاحتجاجات، ويزرع بذور الوعي بين الجماهير.
اليوم، ومع حلول الذكرى الـ91 لتأسيسه، يبقى الحزب الشيوعي رمزا لنضال الطبقة العاملة العراقية. هذه الذكرى ليست فقط محطة لتذكر الماضي، بل هي استحضار لمسيرة نضالية ملهمة، تمتد من أيام مواجهة الاستعمار البريطاني إلى التصدي للأنظمة القمعية وحتى معارك اليوم ضد الفساد والمحاصصة الطائفية والظلم الاجتماعي.
الطبقة العاملة، التي طالما كانت في قلب نضال الحزب، تواجه اليوم تحديات جديدة، من البطالة المتفاقمة إلى تدني الأجور وضعف التشريعات العمالية وغياب الضمان الاجتماعي ومتطلبات الصحة والسلامة المهنية، حيث يجد العمال أنفسهم في مواجهة أنظمة تستمر في استغلالهم بل وتقيد عمل نقاباتهم.
إن إحياء ذكرى التأسيس هو تأكيد على أن الكفاح لم ينته. إرث الحزب ليس مجرد تاريخ يُروى، بل هو دعوة للاستمرار في بناء حركة تحررية تستمد قوتها من الطبقة العاملة.
في ذكرى تأسيسه، يُعيد الحزب الشيوعي العراقي التأكيد على أن النضال من أجل وطن عادل لا يزال حياً في كل مصنع ومزرعة وزقاق، وأن العمال سيظلون القلب النابض لأي ثورة تغيير حقيقية.
************************************************
دعوات لتطبيق القوانين وضمان حقوقهم الأساسية.. رائد فهمي: عمال الطابوق يواجهون ظروفاً قاسية وغيابا للحقوق الأساسية
بغداد – طريق الشعب
يعاني عمال معامل الطابوق في النهروان شرق بغداد، من ظروف قاسية، تجمع بين الأجور المتدنية والمخاطر الصحية، في ظل غياب الرقابة الحكومية وضعف تطبيق قوانين العمل. ويلقي هذا التقرير الضوء على معاناتهم اليومية، مطالبهم بالتغيير، والجهود النقابية المبذولة لتحسين واقعهم وضمان حقوقهم الأساسية.
سكرتير الحزب الشيوعي العراقي الرفيق رائد فهمي أكد خلال تصريح لـ "طريق الشعب"، أن التقارير والاستطلاعات التي أجرتها جهات إعلامية وصحفية ومنظمات المجتمع المدني تسلط الضوء على الظروف القاسية التي يعيشها عمال معامل الطابوق، سواء في منطقة النهروان أو غيرها. وأشار إلى تدني مستوى الأجور، وصعوبة الأوضاع المعيشية، والعمل في بيئة تفتقر إلى أدنى مقومات الصحة والسلامة المهنية، مما يجعل حياة هؤلاء العمال بعيدة عن مستلزمات العيش الكريم الذي تنّص عليه قوانين العمل. وأوضح بأنه ورغم الجهود المبذولة لطرح هذه المشكلات على الجهات الرسمية، بما في ذلك رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، الذي تم إرسال وفد لاطلاعه على أوضاع العمال، إلا أن الظروف لم تشهد أي تغيير يذكر. وأكد الرفيق فهمي على أن الزيارات والتقارير الأخيرة تشير إلى استمرار نفس المعاناة، خاصة بالنسبة لفئة النساء والأطفال، حيث يتم استغلال الأطفال في العمل دون أي ضمانات لحقوقهم الأساسية أو حتى فرصة للتعليم.
وأشار الرفيق سكرتير الحزب إلى أن القوانين المتعلقة بالعمل غير مطبقة، مما يزيد من تفاقم الوضع. ودعا الحكومة، وخاصة وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، إلى تحمل مسؤولياتها والاهتمام بتحسين ظروف العمل وضمان الحقوق الأساسية للعمال كما تكفلها القوانين. كما شدد على أن وزارة التربية تتحمل جزءاً من المسؤولية تجاه الأطفال العاملين الذين حرموا من حقهم في التعليم. واختتم حديثه بالتأكيد على ضرورة وضع حد لهذه الانتهاكات وتحسين بيئة العمل في هذه المعامل التي تعاني من نسب تلوث مرتفعة وظروف صحية ومهنية خطيرة.
دعم نقابي لتخفيف المعاناة
وفي السياق ذاته، أشار الأمين العام لاتحاد نقابات عمال العراق، عدنان الصفار، الى أن الاتحاد يعمل بالتعاون مع اتحاد نقابات عمال النرويج لتحسين بيئة العمل في معامل الطابوق بمنطقة النهروان. وأشار إلى توفير أدوات ومعدات الصحة والسلامة المهنية للعمال ضمن حملة تهدف إلى تقليل المخاطر التي يواجهونها يومياً، مؤكداً لـ "طريق الشعب" على أن عمال الطابوق يعانون من نقص حاد في المعدات الأساسية التي تحميهم من ظروف العمل غير اللائقة. كما أوضح أن الحملة ساهمت في تعزيز التنظيم النقابي وتشجيع العمال على الانضمام إلى نقابة عمال البناء والأخشاب، مما مكّنهم من الحصول على هويات انتماء طوعي للنقابة، لضمان تنظيم صفوفهم لنيل حقوقهم.
ظروف عمل قاسية
وتُعد معامل الطابوق في النهروان من أبرز الصناعات المحلية في بغداد، وتلعب دوراً محورياً في دعم قطاع البناء وتوفير فرص العمل. ومع ذلك، يعيش العمال الذين يعملون في هذه المعامل ظروفا شاقة، حيث تبدأ يومياتهم منذ ساعات الفجر الأولى، وتشمل خلط الطين وتشكيل القوالب، وتجفيفها قبل إدخالها إلى الأفران.
وتصل ساعات العمل أحيانا إلى 12 ساعة يومياً، دون استراحات كافية أو مرافق صحية مناسبة، فيما تزيد الأجواء الحارة الناتجة عن الأفران من المعاناة، خاصة في فصل الصيف، حيث تتجاوز درجات الحرارة 50 درجة مئوية.
أجور زهيدة ومعاناة معيشية
ورغم العمل الشاق، يتقاضى عمال معامل الطابوق أجوراً متدنية لا تتجاوز 15 ألف دينار عراقي يومياّ، وهي أجور تكفي بالكاد لتلبية احتياجاتهم الأساسية، مما يضعهم في مواجهة معاناة يومية لتأمين لقمة العيش.
المواطن " حيدر عبد جاسم"، أحد عمال معامل الطابوق يقول لـ"طريق الشعب"، "نحن نعمل بلا توقف، ومع ذلك لا نحصل على ما يكفي لتلبية احتياجات عائلاتنا. الأجور قليلة والأسعار ترتفع، وحصص الوقود يتأخر وصولها خلال شهر رمضان بسبب قلة الطلب، الأمر الذي يؤثر سلباً على تلبية الاحتياجات اليومية لعوائل عمال معامل الطابوق ". هذه الشكاوى تتكرر على ألسنة العديد من العمال الذين يعجزون عن تحسين مستوى معيشتهم أو توفير حياة كريمة لعائلاتهم.
مخاطر صحية تهدد الحياة
ولا تقتصر معاناة العمال على الأجور المتدنية فحسب، بل تتعداها إلى المخاطر الصحية الكبيرة، كإستنشاق الغبار والغازات السامة، والذي يؤدي إلى أمراض الجهاز التنفسي مثل الربو والحساسية. كما أن الحرارة العالية والإجهاد الحراري الناتج عن العمل بجوار الأفران يُعّرض العمال للإصابة بضربات الشمس.
"المواطن كريم حسين" وهو عامل آخر، يصف العمل بأنه "الحياة في قلب النار"، قائلا لـ"طريق الشعب": "لا أحد يهتم بتوفير متطلبات الصحة والسلامة المهنية حتى ماء الإسالة الواصل الى معامل الطابوق غير صالح للاستخدام البشري، مما يسبب في إصابة أطفالنا بأمراض جلدية يصعب توفير علاجها بسبب بخس الأجور اليومية التي بالكاد تسد متطلبات المعيشة اليومية".
غياب الرقابة والدعم الحكومي
تعاني معامل الطابوق من غياب الرقابة الحكومية الكافية لضمان تطبيق قوانين العمل وتحسين ظروف العمال. كما لا توجد برامج حكومية تُعنى بتطوير مهارات العمال أو تأمين بدائل وظيفية لهم.
"المواطن علي أبو حيدر"، أحد العمال الشباب، يقول لـ"طريق الشعب": "لا أحد يسمع صوتنا. نحن نعمل هنا لأنه لا خيار آخر لدينا، لكننا بحاجة إلى دعم حكومي حقيقي لتحسين ظروفنا الصعبة".
وأشار علي إلى مسألة الضمان الاجتماعي قائلا: "حاولنا شمول أنفسنا بالضمان لعدة مرات، لكن جميع المحاولات لم تنجح. معاملاتنا تضيع بين أقسام وزارة العمل دون رد على مطالبنا".
مطالبة بالتغيير
ورغم الصعوبات، لا يزال عمال معامل الطابوق يتمسكون بالأمل في تحسين أوضاعهم. يطالبون بزيادة الأجور، توفير خدمات صحية، وتطبيق قوانين العمل التي تضمن حقوقهم. كما يأملون أن يتم تطوير هذه الصناعة لتتوافق مع معايير الصحة والسلامة المهنية، بما يحد من تأثيرها السلبي على العمال والبيئة.
*********************************************
غياب الوعي والتهرّب القانوني.. من أسباب عدم تمتع العمال بالضمان الاجتماعي
بغداد – طريق الشعب
على الرغم من أهمية الضمان الاجتماعي في توفير الحماية القانونية والمالية للعمال، إلا أن نسبة كبيرة منهم لا يزالون خارج نطاق التغطية، ما يثير تساؤلات حول الأسباب الكامنة وراء ذلك، والتي تدفع بالعديد من العمال إلى الامتناع عن الشمول بالضمان الاجتماعي، ومن أبرزها ضعف التوعية بحقوقهم القانونية وفوائد الضمان، حيث يشير الكثير من العمال إلى جهلهم بآلية التسجيل وشروط الانضمام.
ويذكر علي حسن، وهو عامل في المراكز التجارية، لـ"طريق الشعب" بأنه وزملاءه لا يعرفون كيف يمكنهم التسجيل على الضمان الاجتماعي، ولا يوجد أحد يشرح لهم التفاصيل. "نسمع فقط عن اقتطاع جزء من الأجر، وهذا يجعلنا نخشى من انخفاض رواتبنا المحدودة أساسا".
من جهة أخرى، يعاني عمال بعض الشركات من تهرب أرباب العمل من تسجيل العمال في الضمان الاجتماعي، لتجنب دفع الالتزامات المالية المترتبة عليهم وفقا للقانون. ويشير بعض العمال ممن فضلوا عدم ذكر اسمائهم إلى ضغوط تمارس عليهم للتنازل عن حقهم في الضمان مقابل الاحتفاظ بوظائفهم. أما في القطاع غير الرسمي، الذي يشمل نسبة كبيرة من العمال، فإن غياب التنظيم وعدم وجود عقود عمل رسمية يحولان دون شمول العاملين بالضمان، مما يعرّضهم لغياب الحماية في حالات الإصابة أو التقاعد. ويطالب العمال الجهات المعنية بتكثيف الجهود لزيادة التوعية وتسهيل إجراءات التسجيل، بالإضافة إلى محاسبة أرباب العمل المتخلفين عن ضمان حقوق عمالهم.
*********************************************
متطلبات الصحة والسلامة وتحديات توفيرها للعمال
حوراء فاروق
تُعد الصحة والسلامة المهنية من أهم القضايا التي تواجه بيئة العمل في أي دولة، لا سيما في العراق حيث تتداخل عوامل اقتصادية واجتماعية وسياسية تؤثر بشكل كبير على ظروف العمل. ويُمثل توفير متطلبات الصحة والسلامة المهنية ضرورة لحماية العمال من المخاطر وتعزيز الإنتاجية، إلا أن تحقيق ذلك يواجه العديد من التحديات التي تستحق الدراسة وتسليط الضوء عليها.
غياب التشريعات
فعلى الرغم من وجود قوانين عراقية تُلزم أصحاب العمل بتوفير بيئة عمل آمنة، إلا أن تفعيل هذه التشريعات يعاني من ضعف كبير. ويعود ذلك إلى غياب الرقابة الفعّالة من الجهات المختصة وعدم وجود آليات واضحة لمتابعة تطبيق هذه القوانين. كما أن العديد من الشركات، خاصة الصغيرة منها، لا تلتزم بتطبيق معايير السلامة، إما بسبب نقص الوعي أو لتقليل التكاليف.
البُنية التحتية المُتردية
وتعاني الكثير من المنشآت الصناعية في البلاد من بُنية تحتية قديمة وغير مُهيأة لتطبيق معايير الصحة والسلامة، مما يمكن أن يؤدي إلى زيادة معدلات الحوادث والإصابات بين العمال، خاصة في القطاعات التي تتطلب التعامل مع معدات ثقيلة أو مواد كيميائية خطيرة. ويتطلب تحديث هذه المنشآت، استثمارات كبيرة، وهو ما يمثل تحدياً في ظل الوضع الاقتصادي الصعب الذي تعيشه البلاد.
نقص الوعي والتدريب
ويعاني العامل العراقي في كثير من الأحيان من نقص في الوعي بأهمية الصحة والسلامة المهنية، وذلك بسبب غياب برامج التدريب والتوعية التي تُعرّف العمال بمخاطر العمل وكيفية تجنبها. كما أن أصحاب العمل أنفسهم قد يفتقرون إلى المعرفة الكافية حول أهمية الاستثمار في سلامة العمال وتأثير ذلك على الإنتاجية طويلة الأمد.
الأوضاع الاقتصادية والبطالة
ويلعب الوضع الاقتصادي دورا كبيرا في التأثير على الصحة والسلامة المهنية، فالمعاناة المتواصلة من البطالة تدفع العمال إلى قبول أي وظيفة بغض النظر عن ظروف العمل. ويجعل هذا الأمر أصحاب العمل يتجاهلون متطلبات السلامة، لأنهم يعلمون أن العمال لن يطالبوا بحقوقهم خوفا من فقدان وظائفهم.
التحديات الأمنية والسياسية
ولا يمكن تجاهل تأثير التحديات الأمنية والسياسية على بيئة العمل في العراق، فالنزاعات المسلحة وعدم الاستقرار السياسي يؤديان إلى تراجع اهتمام الحكومات بالقضايا المهنية، بما في ذلك الصحة والسلامة. كما أن هذه الأوضاع تُعرّض البنية التحتية لدمار أكبر، مما يزيد من المخاطر في أماكن العمل.
القطاع غير المُنظم
ويشكل القطاع غير المنظم في العراق نسبة كبيرة من سوق العمل، حيث يعمل هذا القطاع خارج نطاق القانون، وبالتالي فإن معظم العاملين فيه يفتقرون إلى أي ضمانات صحية أو مهنية، ويتعرضون لمخاطر كبيرة دون أي تعويض أو حماية، مما يفاقم من الأزمة.
ضعف الموارد
وتعاني البلاد من نقص في الموارد المخصصة لتحسين معايير الصحة والسلامة المهنية. هذا النقص يتجلى في غياب الموازنات الكافية لتوظيف مفتشين ميدانيين لدى وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، وتوفير معدات السلامة الضرورية، أو إطلاق حملات توعوية. كما أن استيراد المعدات المتخصصة غالبا ما يكون مكلفاً ويعتمد على استقرار العملة.
الآثار الصحية والاجتماعية
ونتيجة لهذه التحديات، يعاني العديد من العمال من إصابات عمل قد تكون دائمة أو حتى مميتة، مما يؤدي إلى تفاقم الأعباء على النظام الصحي، الذي يعاني أصلا من ضغوطات كبيرة. كما أن هذه الإصابات تسبب أضرارا اجتماعية للعائلات التي تعتمد على دخل العمال، مما يزيد من معدلات الفقر ويعمّق الأزمة الاقتصادية.
الحلول المقترحة
لمواجهة هذه التحديات، يجب تبني حلول شاملة على المستوى الوطني، منها:
أولاً، تعزيز الرقابة على تطبيق قوانين الصحة والسلامة المهنية من خلال إنشاء هيئات مستقلة وفعّالة.
ثانيا، الاستثمار في تحسين البنية التحتية الصناعية بما يتماشى مع المعايير العالمية.
ثالثا، يُعد تنظيم برامج تدريب وتوعية دورية للعاملين وأصحاب العمل ضرورة مُلحّة لتغيير ثقافة العمل.
وأخيرا إن تحسين الصحة والسلامة المهنية للعمال في العراق ليس مجرد واجب أخلاقي، بل هو استثمار طويل الأمد في مستقبل البلاد، فالعمال هم العمود الفقري لأي اقتصاد، وحمايتهم تعني حماية الإنتاجية والاستقرار الاجتماعي. وعلى الحكومة وأصحاب العمل والنقابات العمالية والمجتمع المدني العمل معا لمواجهة هذه التحديات وتحقيق بيئة عمل آمنة تضمن الكرامة والحماية للجميع، خاصة مع ارتفاع نسب اصابات العمل.
*********************************************
العامل في رمضان: كفاح مرير وأجور متواضعة
بغداد – طريق الشعب
في شهر رمضان، يواصل الكثير من العمال كفاحهم اليومي لتأمين لقمة العيش، رغم ما يواجهونه من تحديات، تتراوح بين مشقة العمل في ساعات الصيام الطويلة، وبين الأجور القليلة التي لا تزال تشكل معضلة تؤرقهم. ففي الأسواق الشعبية ومواقع البناء والمصانع، يمكن ملاحظة العمال منهمكين في أداء مهامهم رغم الإرهاق. ومع ارتفاع الأسعار وتزايد تكاليف المعيشة، تبدو الأجور التي يتقاضاها الكثير من العمال غير كافية لسد احتياجاتهم الأساسية، لا سيما في ظل متطلبات الشهر الفضيل.
أحمد السامرائي، وهو عامل في ورشة نجارة ببغداد يقول لـ"طريق الشعب" "نتقاضى يوميا بين 10,000 و15,000 الف دينار، لكنها بالكاد تكفي لتأمين طعام الإفطار والسحور لعائلتي. نعمل لساعات طويلة، لكن الأجور لا تعكس الجهد المبذول". أما بائع الخضار محمد عقيل فيؤكد لـ"طريق الشعب" ان "رمضان يزيد من مسؤولياتنا، لكن الأجور نفسها لا تتغير، ونضطر للعمل أحيانا لأكثر من 12 ساعة يوميا لتغطية النفقات". ورغم هذه الظروف الصعبة، يظهر العامل إصراره على الاستمرار، ولكنه يطمح لتحسين ظروفه وزيادة الأجور بما يتناسب مع الجهود المبذولة.
*****************************************************
الصفحة التاسعة
الحقوق السياسية للمرأة من منظور نسوي تاريخي
تتساءل الباحثة والأكاديمية د. إكرام طلعت البدوي في كتابها «الفلسفة السياسية النسوية - تاريخ من العدالة المراوغة»، الصادر عن دار «بيت الحكمة» بالقاهرة، عن أهمية ومبررات الانشغال سياسياً بالحركة النسوية، مشيرة إلى أنه ربما كان الأمر يرتبط بالامتدادات الفكرية النسوية منذ القرن الثامن عشر وبدايات القرن التاسع عشر. كما يجيء هذا الانشغال تعبيراً عن التزام آيديولوجي بالدعوة والعمل معاً على تحقيق المساواة بين الجنسين على مستويات عدة، من الناحية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في بقاع مختلفة من أنحاء العالم.
وتشير إلى أن المساواة بمعناها الحقوقي، قانونياً وسياسياً واجتماعياً، هي عبارة عن موقف نقدي ورؤية فلسفية للعالم ترفض أي تمكين على أساس الجنس، وتؤكد ضرورة الاعتراف بالإنسانية كجوهر يتقاسمه الرجل والمرأة معاً، كما تعد الديمقراطية بمعناها السياسي تجسيداً للمساواة بين الجنسين، ومن ثم فإنها محور الارتكاز للمطالب النسوية التي تنادي بالحقوق التي يتمتع بها الرجال منفردين.
ظهرت بوادر الحراك النسوي في أربعينات القرن التاسع عشر من خلال معاهدة «سينيكا فولز» عام 1848 التي أقرت بحقوق المرأة في الولايات المتحدة. أما في بريطانيا فقد بدأت في الخمسينات من القرن نفسه محاولات لإقرار حق التصويت للمرأة في إطار ما قدمه الفيلسوف جون ستيوارت مل، لكن جاء الرفض من قبل مجلس العموم البريطاني. وكان هذا الرفض بمثابة تشجيع لقيام الاتحاد الاجتماعي والسياسي للمرأة عام 1903 بقيادة إميلين بانكهوت (1858-1928) وابنتها كريستابل بانكهورست بالعمل من مقر سري في باريس لشن حملات وتظاهرات دعمتها دعاية ناجحة.
منح التعديل التاسع عشر للدستور الأميركي حق التصويت للأميركيات عام 1920، وفي بريطانيا حصلت المرأة عليه عام 1928. وإذا اعتبرنا أن حق التصويت في هذين البلدين، ومن قبلهما نيوزيلاندا عام 1893، يمثل المحور الأساسي لما يمكن تسميته بـ«الموجة الأولى» فإن الموجة الثانية للحراك السياسي النسوي دشنته بيتي فريدان في كتابها «السحر الأنثوي» عام 1963.
يطرح الكتاب مشكلات إنسانية واجتماعية تعوق مسيرة الحقوق السياسية والقانونية للنساء، ومن ثم ظهرت على السطح تلك المشكلات التي صارت تؤسس لفكرة التغير الاجتماعي السياسي وذلك بعد الحرب العالمية الثانية وبداية حركة حقوق الإنسان حيث أدرجت النساء رسمياً كأصحاب حقوق إنسانية. وقام الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948 بإعلان المساواة في الحقوق الثقافية والاجتماعية والاقتصادية وأيضاً الحقوق المدنية والسياسية، بغض النظر عن النوع الاجتماعي بالإضافة إلى الإعلان العالمي لحقوق المرأة 1967 واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة 1979.
ورغم تلك النجاحات، فإن الموجة الثانية عانت من انقسامات بداخل الحركة النسوية ذاتها إزاء حسم مسألة تكافؤ الفرص في مجال التوظيف، كما تعثرت مسألة تحويل التجارب الشخصية النسوية إلى كيان سياسي يمكنه القيام بمظاهرات حاشدة وإضرابات عمالية. ولم تقدم الحركة النسوية تصوراً موحداً للتعامل مع آيديولوجيات الليبرالية والاشتراكية والراديكالية.
على هذه الخلفية، بدا واضحاً أن مسألة «السلطة» تجسد الميزة الكبرى التي حصل عليها الرجل، وتعد العائق الأعظم في طريق تمكين المرأة من المساواة بين الجنسين وحصولها على حقوقها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، سواء على المستوى الفردي أو الجماعي من حيث توزيع المسؤوليات والمهام.
وفي الأخير، تشدد المؤلفة على أن مشكلات المرأة لا تخصها وحدها وإنما تخص المجتمع بأسره. ومن الأمثلة الدالة على عدم تمكين المرأة أنه في معظم البلاد الأوروبية وكثير من بلدان العالم تمثل النساء نسبة أقل من الثلث في الانتماء للأحزاب السياسية؛ لذلك فإن تمكينها من الدخول إلى دائرة صنع القرار يظل محدوداً إلى حد بعيد.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
"الشرق الأوسط" – 17 آذار 2025
****************************************
مستقبل الذائقة: الفن والتكنولوجيا الرقمية
احمد نظيف
يشكل دخول التقنيات الرقمية إلى مجال العلوم الإنسانية والاجتماعية، وبشكل أكثر تحديدًا في مجال دراسات التراث والفن، خطوة حاسمة في طريق التعامل مع الأشياء الثقافية وفهمها ونقلها. من خلال توسيع الآفاق المنهجية وتجديد الأدوات التحليلية، يبدو أن التكنولوجيا الرقمية تعمل على إعادة تعريف نماذج التخصصات التراثية، مع إدخال توترات جديدة بين التقليد والابتكار.
هذا ما يحاول مقاربته كتاب "الأعمال الفنية والتكنولوجيا الرقمية: التعاون والحدود والمساهمات المتبادلة في المعرفة والوساطة"، الصادر حديثاً في فرنسا عن معهد الشمال للأبحاث التاريخية، وحرره مارك جيل وبيير هالو، الذي يبحث في المساهمات والحدود والحوارات بين الأعمال الفنية والتقنيات الرقمية من منظور متعدد التخصصات.
في العقدين الماضيين، أدى التكامل المتزايد للتحول الرقمي والنمذجة ثلاثية الأبعاد والواقع الافتراضي أو المعزز في ممارسات الحفاظ والبحث والوساطة إلى تحويل جذري للأساليب التقليدية. يقع هدف الكتاب عند مفترق الطرق، حيث تلتقي طموحات مؤرخي الفن وعلماء الآثار والمهندسين وأمناء المتاحف والجهات الفاعلة في الوساطة الثقافية. ليس لتوضيح التعقيد التقني للقضايا التي تم طرحها فحسب، بل أيضا نطاقها الفلسفي والمنهجي: ماذا يعني "معرفة" العمل في العصر الرقمي؟ كيف يمكننا التأكد من أن التمثيل الافتراضي صادق؟ ما هو الدور الذي تلعبه المادية في سياق حيث تميل المحاكاة الافتراضية إلى أن تصبح هي القاعدة؟ ما هي القيمة المضافة التي تضيفها كل التقنيات الرقمية إلى وساطة الأعمال الثقافية؟
يضع المساهمون منذ البداية اليد على طبيعة السياق المتوترة والواعدة في الوقت نفسه، كونه بالتحديات والفرص التي توفرها التكنولوجيا الرقمية. ذلك أن استخدام التكنولوجيا الرقمية في التخصصات الفنية والتراثية أصبح مدفوع باحتياجات عملية ومعرفية. وسلطت الحرائق الأخيرة في كاتدرائية نوتردام في باريس والمتحف الوطني في ريو دي جانيرو وقصر شوري في اليابان الضوء على الحاجة الملحة إلى الحفاظ على كنوز التراث، خصوصاً من خلال النسخ الرقمية. وفي الوقت نفسه، توفر التطورات التكنولوجية، مثل التصوير الضوئي، أو الليزر، أو دمج الذكاء الاصطناعي في إعادة بناء الصور ثلاثية الأبعاد، دقة غير مسبوقة وإتقانًا في إعادة الإنتاج، ما يجعل التفاصيل التي لم يتم استكشافها من قبل في متناول الجميع.
لكن هذه التحولات التقنية تثير أسئلة جوهرية. على سبيل المثال: هل يمكن للنمذجة الرقمية أن تحل محل التجربة المادية حقا؟ إلى أي مدى تؤثر الأدوات الرقمية على التفسيرات العلمية والفنية؟ هل تؤدي المحاكاة الافتراضية إلى إزالة المواد المادية، أو على العكس من ذلك، إلى إعادة اكتشاف الأبعاد المادية؟ تشكل هذه الأسئلة جزءا من مناقشات أوسع نطاقا حول مكانة البشر والآلات في عمليات الخلق والحفظ والوساطة.
يتوزع الكتاب في قسمين: يضم الأول مساهمات تدرس المنهجيات الناشئة ودراسات الحالة النموذجية والتقدم الذي أصبح ممكناً من خلال أدوات مثل التصوير الفوتوغرافي وقواعد بيانات الأشياء الرقمية وإعادة البناء الافتراضي الغامر، لتسليط الضوء على ثروة التطبيقات العلمية والتحديات التي تطرحها، سواء كانت مرتبطة بالمواد (الأشياء الشفافة والعاكسة) أو بالقيود التي تفرضها التكنولوجيات نفسها. ويضم الثاني مساهمات تعالج أبعاد الوساطة واستقبال الأعمال في العصر الرقمي، وتجارب الجمهور، فضلاً عن الأبعاد المختلفة لاستيعاب الأجهزة.
من خلال تحليل المبادرات المبتكرة، مثل الصور المجسمة التفاعلية، وتطبيقات الواقع المعزز أو الجولات الافتراضية، التي تعيد تعريف الطريقة التي يتفاعل بها الجمهور مع التراث، تتساءل المساهمات المختلفة عن التوقعات الجديدة للزوار عندما يواجهون أجهزة تجمع بين الاستكشاف المرح والدقة العلمية.
يقدم العمل تأملاً حول مستقبل الدراسات الفنية والتراثية. ومع تزايد دور التكنولوجيا الرقمية كلاعب رئيسي، أصبح من الضروري إعادة التفكير في المنهجيات، وإعادة تعريف أدوار الباحثين والممارسين، وتصور أشكال جديدة من التعاون بين التخصصات. فالمواجهة بين الفن والتكنولوجيا الرقمية ليست مجرد فرصة تقنية فحسب، بل هي أيضا فرصة لتجديد الممارسات العلمية، وتوسيع آفاق الوساطة، وطرح أسئلة فلسفية حول طبيعة الفن والتراث.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"النهار العربي" – 10 آذار 2025
******************************************
نحو جعل الذكاء الاصطناعي محركًا شاملًا للتنمية العالمية
هوان شيانغ*
خلال الأشهر الماضية، حظي نموذج الذكاء الاصطناعي الصيني "ديب سييك" باهتمام عالمي، مما أعاد إحياء النقاشات حول تطوير الذكاء الاصطناعي الشامل وتحسين الوصول إلى خدمات الذكاء الاصطناعي. مع تسارع موجة الذكاء الاصطناعي، يتطلب سد الفجوة العالمية في هذا المجال حلول حكومية، واستجابات تعاونية للتحديات، وتقدمًا شاملًا.
كل ثورة تكنولوجية تحمل في طياتها نجومًا هادية وصخورًا خفية. "في أيامنا هذه، يبدو أن كل شيء يحمل في أحشائه نقيضه"، كما لاحظ كارل ماركس خلال الثورة الصناعية. "مصادر الثروة الحديثة، بسحر غريب وعجيب، تتحول إلى مصادر للحاجة".
يأخذ "مفارقة الثروة" شكلاً جديدًا في عصر الذكاء الاصطناعي. اليوم، تتجلى الفجوة العالمية في الذكاء الاصطناعي في الاستثمارات في البحث والتطوير، والموارد المادية، ومجموعات المواهب، والقدرات التطبيقية.
كشف تقرير مشترك بين منظمة العمل الدولية ومكتب الأمم المتحدة للتكنولوجيا أن أكثر من 300 مليار دولار تُنفق سنويًا على التكنولوجيا لتعزيز القدرة الحوسبية، لكن هذه الاستثمارات تتركز بشكل رئيسي في الدول ذات الدخل المرتفع. هذا يخلق تفاوتًا في الوصول إلى البنية التحتية وتطوير المهارات، مما يضع الدول النامية والشركات الناشئة المحلية فيها في "وضع عجز شديد".
أفريقيا، على سبيل المثال، تمتلك أقل من 1% من سعة مراكز البيانات العالمية. يقيس مؤشر استعداد الذكاء الاصطناعي لصندوق النقد الدولي هذه الفجوة: في عام 2023، سجلت الدول المتقدمة 0.68، بينما سجلت الأسواق الناشئة والدول منخفضة الدخل 0.46 و0.32 على التوالي.
يحذر مراقبون دوليون من أن فجوة الذكاء الاصطناعي تهدد بخلق استقطاب شديد، حيث تجني قلة من الدول المكاسب التكنولوجية بينما تُترك الدول النامية لتوفير البيانات الخام.
سياسات بعض الدول تزيد من تفاقم هذه الفجوة. تسعى بعض الاقتصادات المتقدمة إلى احتكار مزايا الذكاء الاصطناعي، وبناء كتل حصرية، وإقامة حواجز تكنولوجية، وتخريب سلاسل التوريد العالمية للذكاء الاصطناعي. فرض التسلسلات الهرمية والمواجهة بين الكتل في تطوير الذكاء الاصطناعي يرسخ التصنيف التكنولوجي، مما يجرد الدول النامية من حقوقها في التقدم.
كما أشار فيليكس داباري داكورا، الرئيس السابق للأكاديمية الأفريقية للعلوم، فإن هذه التدابير تقوض التعاون الدولي، وتحول تطوير الذكاء الاصطناعي من التعاون إلى الفصل.
تُعد هذه الفجوة المتنامية تذكيرًا بأنه بينما تمكن التكنولوجيا من النمو، فإنها لا تضمن بالضرورة توزيعًا عادلًا وتطويرًا شاملًا. حذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من أن العالم "يجب ألا يسمح أبدًا بأن يعني الذكاء الاصطناعي 'تعزيز عدم المساواة'".
لاستغلال الذكاء الاصطناعي للخير، تحتاج البشرية ليس فقط إلى خوارزميات أكثر ذكاءً بل إلى حكمة ورؤية أوسع. يتطلب سد الفجوة تضامنًا عالميًا، يضمن عدم تخلف أي دولة، وجعل الذكاء الاصطناعي محركًا شاملًا حقًا للتنمية العالمية.
يجب على الدول التركيز على بناء القدرات، وتعزيز المشاركة المفتوحة لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، والمواهب، والبنية التحتية.
تكمن قوة التكنولوجيا ليس فقط في تحديث الأدوات بل في إشعال زخم داخلي. ينبغي على جميع الأطراف المعنية الانخراط بنشاط في التعاون بين الشمال والجنوب، وبين الجنوب والجنوب، والتعاون الثلاثي لمساعدة الدول النامية على تعزيز الربط بين البنية التحتية الرقمية والذكاء الاصطناعي، وتحسين محو الأمية في الذكاء الاصطناعي، وتنمية المواهب، وبالتالي بناء نظام بيئي لتطوير الذكاء الاصطناعي.
يمكن تحقيق شمول رقمي أكبر من خلال تعميم الشبكات، والقدرة الحوسبية، والبيانات، وتوفير خدمات ذكاء اصطناعي منخفضة الحد الأدنى ومنخفضة التكلفة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة والجمهور العام.
كما أشارت دورين بوغدان-مارتن، الأمينة العامة للاتحاد الدولي للاتصالات، يجب تأمين التنسيق العالمي "في بناء ذكاء اصطناعي آمن وشامل يمكن الوصول إليه للجميع".
يجب على المجتمع الدولي دعم العدالة والشمولية، وضمان حقوق متساوية في تطوير واستخدام الذكاء الاصطناعي.
في قمة العمل من أجل الذكاء الاصطناعي التي عقدت في باريس، أيدت دول ومناطق ومنظمات دولية، بما في ذلك فرنسا والصين والهند والاتحاد الأوروبي، البيان حول الذكاء الاصطناعي الشامل والمستدام للناس والكوكب، والذي يهدف إلى مساعدة الجنوب العالمي على تعزيز بناء القدرات في مجال الذكاء الاصطناعي.
استقطاب الذكاء الاصطناعي هو مصدر قلق مشترك لجميع الأطراف. يجب على المجتمع الدولي رفض الجدران، والفصل، والتمييز، وخلق نظام بيئي مفتوح وشامل ومفيد وغير تمييزي للذكاء الاصطناعي حيث تتمتع جميع الدول بحقوق وفرص متساوية، وتتبع قواعد متساوية.
يجب على الدول اتباع نهج يركز على الناس، وبناء أطر حوكمة أخلاقية للذكاء الاصطناعي.
أمن البيانات، والتمييز الخوارزمي، وحماية الخصوصية، وحقوق الملكية الفكرية تتعلق بقضايا الأمن والأخلاق في تطوير الذكاء الاصطناعي، والتي تتطلب تقييم المخاطر العالمية وأنظمة الإنذار المبكر.
بينما تُناقش المبادئ الأخلاقية على نطاق واسع، تظل القوانين الملزمة، والمعاهدات، والحوكمة في مهدها. مع احترام الاختلافات الوطنية، يجب على العالم صياغة توافق في الآراء لمواءمة الذكاء الاصطناعي مع المسؤولية الاجتماعية العالمية.
كقوة مسؤولة في مجال الذكاء الاصطناعي، تساهم الصين بنشاط في سد الفجوة. لقد اقترحت مبادرة الحوكمة العالمية للذكاء الاصطناعي وخطة العمل لبناء القدرات في مجال الذكاء الاصطناعي للخير وللجميع. وقد عززت اعتماد قرار بالإجماع بشأن تعزيز التعاون الدولي في بناء القدرات في مجال الذكاء الاصطناعي في الجمعية العامة الثامنة والسبعين للأمم المتحدة، وأخذت زمام المبادرة في الدعوة لمساعدة الجنوب العالمي على الاستفادة بشكل متساوٍ من تطوير الذكاء الاصطناعي.
استضافت الصين وزامبيا معًا اجتماع مجموعة الأصدقاء للتعاون الدولي في بناء القدرات في مجال الذكاء الاصطناعي في مقر الأمم المتحدة في نيويورك. أطلقت مركز التعاون للابتكار في الذكاء الاصطناعي بين الصين ولاوس، وتعاونت مع كمبوديا لمساعدة المزارعين في الزراعة الدقيقة بمساعدة الذكاء الاصطناعي.
هذه الإجراءات الملموسة تساعد المزيد من الدول النامية على أن تصبح أصحاب مصلحة، وليس مجرد متفرجين، في ثورة الذكاء الاصطناعي. يمكن لجميع الدول التعاون لضمان الأمن وتعزيز النمو.
المقياس النهائي للتقدم التكنولوجي يكمن في تأثيره على المجتمع البشري. بما أن الذكاء الاصطناعي، كقوة هامة تدفع جولة جديدة من الثورة التكنولوجية والإصلاح الصناعي، يعيد تشكيل العالم، يجب على الدول أن تتحد معًا، مستخدمة الخوارزميات لحل التحديات المشتركة، وضمان أن تضيء الثورة الذكية مستقبلهم المشترك.
ــــــــــــــــ
* الكاتب معلق على الشؤون الدولية في صحيفة الشعب الصينية اليومية
******************************************
مسلسل {أدولسنس} يستقطب الملايين ويثير القلق من تأثير الإنترنت على المراهقين
يستقطب المسلسل البريطاني القصير "أدولسنس" Adolescence (أي "سن المراهقة") عبر "نتفليكس" عدداً كبيراً من المشاهدين، ويثير قلق الآباء والأمهات في شأن التأثيرات السلبية والمعادية للنساء التي يتعرض لها الشباب عبر الإنترنت.
ويتصدر "أدولسنس" قائمة الأعمال الأكثر استقطاباً للمشاهدين على منصة البث التدفقي "نتفليكس" في مختلف أنحاء العالم، إذ حصد أكثر من 24 مليون مشاهدة في أسبوع واحد من إطلاقه.
وبات هذا المسلسل حديث الناس في كل مكان، حتى أّ رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر قال لأعضاء البرلمان إنه يشاهده مع أولاده المراهقين.
وفي حلقات المسلسل الأربع التي صُوّرت بأسلوب اللقطة الواحدة مما يعزز الشعور بالانغماس، يطغى السؤال الآتي: كيف أصبح جايمي، المراهق البالغ 13 عاماً ذي الوجه الملائكي وابن العائلة المُحبّة، محور تحقيق جنائي استدعى توقيفه في الصباح الباكر بتهمة قتل تلميذة طعناً؟
وتتطابق قصة "أدولسنس" مع مناخ سائد في بريطانيا راهناً، إذ تورد الصحف باستمرار أخباراً عن اعتداءات بالسكاكين، ويلاحَظ تأثير الذكوريين كأندرو تيت والخطاب المعادي للنساء على بعض الشباب، وتبرز مشكلة استحالة السيطرة على حياة المراهقين على الإنترنت.
وقالت إيزابيل، وهي أم لابنتين تبلغان 16 و18 عاماً، إنها "صدمت" من قصة المسلسل، لإدراكها أن "قد تكون حقيقية جداً".
وتتعلق القصة باللغة التي يستخدمها الشباب على وسائل التواصل الاجتماعي، وخصوصاً في ما يتعلق بايديولوجية "إنسل" incel وهي اختصار لعبارة "العازبين غير الطوعيين" بالإنكليزية، أي الرجال الذين لا يلقون قبولاً من النساء فيلجأون إلى بث الكراهية تجاههن.
وأضافت إيزابيل التي طلبت عدم ذكر اسمها "لا نعرف هذه الثقافة برمتها، والبالغون مستبعدون منها. وهذا أمر مخيف".
وسألت إيزابيل المقيمة في مدينة غلاسكو الاسكتلندية "إذا وقع أحد أبنائنا في هذا الفخ، فكيف يمكن إخراجه منه؟".
والصحافة البريطانية التي كانت تتناول "أدولسنس" بإسهاب، تطرح السؤال نفسه أيضاً.
قنبلة موقوتة
وطرحت صحيفة "ذي ديلي ميل " السؤال الآتي: "كيف تعرف أن ابنك قنبلة موقوتة؟". وعددت الصحيفة المؤشرات التي ينبغي الانتباه إليها، ومن بينها قضاؤه المزيد من الوقت بمفرده في غرفته، و"هوسه" بعدد متابعي حسابه على شبكة التواصل الاجتماعي، وما إلى ذلك.
وتكثر المقابلات التلفزيونية مع كتّاب المسلسل والممثلين فيه. وقال مبتكر المسلسل ستيفن غراهام الذي يؤدي أيضا دور والد جايمي لمحطة "بي بي سي": "لم نكن نعتقد ولو لثانية واحدة أن (المسلسل) سيُحدث تأثيرا كهذا".
وخطرت الفكرة لغراهام بعد جريمتي قتل لفتاتين مراهقتين ارتكبهما شابان خلال بضعة أسابيع.
وقال كاتب "أدولسنس" المشارك جاك ثورن "أدخلتنا أبحاثنا المتعلقة بالمسلسل في أظلم أجزاء الإنترنت. لا يستغرق الأمر وقتاً طويلاً للوصول إليها، والأولاد ملوثون بهذا النوع من المحتوى"، مطالباً الحكومة بالتحرك.
أما مايكل كونروي، مؤسس جمعية "مِن آت وورك" Men at Work التي تساعد المعلمين والعاملين الاجتماعيين على التواصل مع الشباب ومحاربة التمييز على أساس الجنس، فقال إنه "سعيد جداً بعرض هذا المسلسل".
ورأى أن المسلسل سيساعد المعلمين وأولياء الأمور على "بدء نقاشات لا بد منها".
لكنّ كونروي شدد على أن النقاشات "لن تكون عبارة عن حوار بنّاء" إذ اتخذت شكل النقد أو الاتهامات، إذ "سيشعر الكثير من الشباب بأنهم يتعرضون للمهاجمة.
ودعا مايكل كونروي البالغين إلى الاهتمام بـ"المجال الذكوري" والخطابات الذكورية واللغة التي تصاحبها.
ولاحظ مدير مؤسسة "مولي روز" التي أُنشئت بعد انتحار مولي راسل في سن الرابعة عشرة عام 2017 آندي بوروز أنه "المسلسل المناسب في الوقت المناسب". وكان القضاء البريطاني توصل إلى أن بعض ما شاهدته المراهقة عبر الإنترنت ساهم في حصول المأساة.
ورأى أن "المسلسل يقدم خدمة استثنائية من خلال تسهيل النقاش الوطني حول تأثير الكراهية الشديدة للنساء وكيف يؤثر المحتوى عبر الإنترنت على المراهقين".
وتطالب المؤسسة منذ سنوات بإصدار تشريعات وتنظيمات أقوى للخوارزميات.
وقال آندي بوروز: "نحن بحاجة إلى التأكد من عدم تعرض الشباب لمحتوى خطير من خلال الخوارزميات".
ـــــــــــــــــ
"أ ف ب" – 21 آذار 2025
***********************************************
الصفحة العاشرة
من كلمة يوم المسرح العالمي
مؤلف رسالة اليوم العالمي للمسرح هو المخرج المسرحي اليوناني ثيودوروس ترزوبولوس، وهو مخرج مسرحي يوناني معروف يبلغ من العمر قرابة الثمانين، أكمل دراسته الفنية الأولى عام 1967 في أثينا ثم انتقل للعمل في مسرح برلينر انسامبل في ألمانيا الديمقراطية بين 1972و1976.وسيلقي كلمته في السابع والعشرين من مارس 2025. وأهم ما جاء في فيها:
" هل يمكن للمسرح أن يستمع إلى نداءات عصرنا... ويناضل لمواجهة مشكلاتنا؟
إن الشعور السائد بالخوف تجاه الآخر، المختلف، الغريب، يسيطر على أفكارنا وأفعالنا... فهل يمكن للمسرح أن يكون مختبراً لتعايش الاختلافات؟
هل يمكن لضوء المسرح أن يُسلط على الصدمات الاجتماعية، ويتوقف عن تكريس نفسه بشكل مضلل؟
أسئلة لا يمكن الإجابة عليها بشكل قاطع، لأن المسرح موجود وباقِ بفضل الأسئلة التي لم تتم الإجابة عليها.
نحن بحاجة إلى طرق جديدة لسرد القصص بهدف تنمية الذاكرة وتشكيل مسؤولية أخلاقية وسياسية جديدة".
******************************************
في ذكرى عميد المسرح العراقي.. حقي الشبلي
أمير أمين
في يوم المسرح العالمي الذي يصادف في السابع والعشرين من شهر آذار من كل عام، لابد لنا أن نستذكر عميد المسرح العراقي الفقيد حقي الشبلي، فمن هو؟ وما هو عمله في مجالي السينما والمسرح ...؟ ولد حقي الشبلي في يوم 18 آذار عام 1913 في منطقة الحيدرخانة في بغداد..وقام بأول دور مسرحي له وهو في سن الثانية عشر ة ضمن فرقة جورج أبيض , ويعد للشبلي الفضل الأول في تأسيس أول فرقة مسرحية عراقية عام 1927 والتي كانت باسم ( التمثيلية الوطنية ) وفي عام 1931 أسس فرقة حملت إثمه ثم أسس قسم المسرح في معهد الفنون الجميلة وصار رئيساً لقسم المسرح ومدرساً فيه ثم أصبح عميداً للمعهد..وفي عام 1935 درس المسرح في باريس لمدة اربع سنوات حينما اختارته وزارة المعارف موفداً منها وعاد للعراق عام 1939 وبعد عام أسس قسم للمسرح في معهد الفنون الجميلة بعد أن كان يختص بالموسيقا فقط فصار بذلك معهداً لكافة انواع الفنون حيث جاء الفنان جواد سليم وأسس قسم خاص بالنحت وأسس الفنان فائق حسن قسم الرسم وكان الشبلي يدرّس مادتي التمثيل والإخراج في المعهد ..إخطاره جورج أبيض للقيام بدور ابن أوديب ضمن مسرحيته ..الملك أوديب ..التي عرضت على مسرح سينما الوطني في بغداد عام 1927..في عام 1930 يذكر الفقيد الشبلي أنه بعد أن اكمل المرحلة الثانوية سافر إلى القاهرة ودرس في مسرح الأزبكية ومسرح يوسف وهبي، وقال لما عدت للعراق كان معي بشارة واكيم وقد ألفنا أنا وهو فرقة حقي الشبلي وزرنا المدن العراقية ومثلنا عدة مسرحيات أمثال ..هاملت ويوليوس قيصر وفتح الاندلس وغيرها، ونود الإشارة إلى أن زيارته للقاهرة جاءت بطلب منه للممثلة المصرية فاطمة رشدي التي جاءت مع زوجها للعراق والتي رجاها أن تتوسط له عند الملك فيصل الأول لكي يدرس الفن وخاصة المسرح ويتعرف على النهضة الفنية المصرية في جوانب المسرح والسينما وفي غيرها من الفنون ..وافق الملك فيصل الأول وغادر حقي الشبلي بغداد متوجهاً إلى القاهرة والتي فيها تعرف على أمير الشعراء أحمد شوقي الذي كان يحضر مشاهدة مسرحية كليوبترا حيث قال له في حينها ..أنني أشتاق إلى أن ازور العراق ثم أضاف ..وأزيدك علماً موجهاً كلامه للفقيد الشبلي ..بأني عراقي ومن السليمانية وقد جاء جدي لأبي منها إلى القاهرة لذلك أشعر بأني دماً ولحماً من العراق ..!! ثم تعرف الشبلي على الكثير من شعراء وادباء وفناني مصر ومنهم توفيق الحكيم ومحمد تيمور ومحمد عبد الوهاب وزكي مبارك الذي يقول عنه أنه زار معه مراراً الشاعر أحمد شوقي في قصر عابدين وتعرف أيضاً على طه حسين والعقاد والمازني وأحمد رامي والعشرات غيرهم ..وقد قضى في مصر حوالي سنتين كانت مفعمة بالحيوية والنشاط في الوسط الفني والادبي المصري ..وفي العراق كتب الكثير من المسرحيات وأخرج بعضها ومثل في عدد آخر منها , كما انه مثل في مجال السينما وأسس شركة سومر للسينما المحدودة والتي انتجت فلمين صار أول مدير عام لمصلحة السينما والمسرح ثم صار نقيباً للفنانين، وفي مجال السينما شترك في فلم القاهرة بغداد عام 1947 وفلم النهر عام 1977 وغيرها ..وفي عام 1950 عين مديراً لمعهد الفنون الجميلة وبقي حتى عام 1958 ولكن بعد ثورة 14 تموز عام 1958 أقصي الشبلي من جميع مناصبه الرسمية بعد أن حسب على أركان النظام الملكي !!! وسحبت منه جميع أعماله الفنية وصار قيد المراقبة! لكنه بقي موظفاً وفي عام 1959 تم نقله من معهد الفنون الجميلة إلى مفتشية المعارف العامة في وزارة التربية ...! وفي عام 1964 عين مديراً عاماً لمصلحة السينما والمسرح وكان أول مدير لها ..وفي عام 1968 أسس الفرقة القومية للتمثيل ,,وفي عام 1976 أحيل على التقاعد لكنه في نفس السنة انتخب نقيباً للفنانين حتى وفاته في 20 حزيران عام 1985..عاش الفقيد حقي الشبلي حياة كرسها كلها للفن من مسرح إلى سينما وهي بالمجمل تعتبر قصيرة اي 72 عام ولم يتزوج في حياته ولم يدخل المعترك السياسي بل كانت ميوله بشكل عام وطنية ينبض قلبه بحب شعبه العراقي ..وتخليداً لسيرته الفنية الغنية صمم له الفنان العراقي خليل خميس تمثالاً في بغداد بطلب من المسرح الوطني في يوم 12 ديسمبر عام 2012 وهو يستحق تكريماً أكثر من هذا وأن يتم تعريف المجتمع العراقي بنشاطه الفني وخاصة الجيل الحالي وأن تدرّس حياته الفنية ضمن المناهج الدراسية في المراحل المتوسطة للاستفادة منها ..وللفقيد حقي الشبلي مواقف مشرفة في مجال المسرح أتذكر منها ..أننا في نيسان عام 1973 شاركنا في اوبريت كان اسمه ..( جذور الماء ) ضمن النشاط الفني لمحافظة ذي قار في مدينة بغداد والذي نافسنا به عروض محافظات عراقية عدة وقبل العرض شاهدنا بقية العروض وتأكد لنا فوز اوبريتنا بالمرتبة الاولى ولما جاء يوم العرض وظهرت النتائج تبين ان اوبريت (عودة السندباد) هو الفائز الاول وكان هذا من عمل محافظة ميسان والذي يرمز بشكل جلي لعودة حزب البعث للسلطة مجدداً عام 1968 ! وكان عملاً هزيلاً ولا يستحق هذه النتيجة.. اعترضنا وكنت أنا وأخي الأصغر جمال من ضمن الممثلين فيه ثم سمعنا أن الممثلين في ذي قار فازوا بالمرتبة الاولى في مجال التمثيل ويستحقون ميداليات ...! لكننا اتفقنا على عدم استلامها وبقينا نصرخ مع الجماهير عبارة ..ذي قار هي الاولى ..وبعد دقائق صعد لخشبة المسرح رجل أشيب وقور ...قام بمصافحتنا ووضمنا إلى صدره مع القبلات..وقال بأسف ..أنتو الاولى ..ثم اردف ..الجمهور هو الذي يحكم وأعطاكم الاولوية فلا تحزنوا وأشار بصوت شبه خافت بالقول ..اللجنة التحكيمية فيها عناصر دخيلة وليست لها علاقة بالفن ..فلا تهتموا ..الخ كان هذا الرجل العظيم هو الفنان القدير حقي الشبلي الذي امتص غضبنا وكان هو أيضاً في حالة غضب وحزن من تدخل الاجهزة القمعية بأمور لا تدخل ضمن اختصاصها أي الفنون ولم نعلم أنه كان حاضراً وشاهد عدد من العروض ..! لكننا عرفنا أن الجائزة الاولى أعطيت للعمارة قبل العرض لكنهم قالوا أمام الجميع ان عمل الناصرية راقي ويستحق ان يكونوا هم في المرتبة الاولى ...! تحية تقدير لعطاء فنان الشعب الفقيد حقي الشبلي الذي تصادف هذه السنة سنة وفاته الاربعين، لذلك على وزارة الثقافة والمعنيين بالفن إحياء حفل استذكاري له وتسمية أحد شوارع بغداد باسمه ...لا زلت أتذكر ملامحه البهية وهو يواسينا كممثلين جيدين ويشد من أزرنا.. إنه انسان عراقي عظيم..
******************************************
صموئيل بكيت ونصه البصري في زمن الصفر
د فاضل سوداني
يضعنا صموئيل بيكيت دائما من خلال مسرحياته أو رواياته، على حافة الهاوية، بل بمجموعها هي موضوع مترابط وتشكل طقوس جحيمية للقيامة، وبالرغم من هذا فإن شخوصه تنتظر الأمل بلا جدوى وهي في هذه القيامة التي تأخذ شكل الغرفة أو الطريق الزراعي أو ساحل البحر أو القمامة أو داخل برميل أو جرة فارغة ...الخ، إلا أنه يعتبر مكانا لا نهائيا ولا محدودا بالرغم من أنه مكان لا يسمح بخروج هذه الشخصيات المعذبة، إذ ليس هنالك خروج أو دخول، وإن حدث هذا فهو في فترة زمنية قليلة جداً، إذ لابد لهذه الشخصيات بالعودة من جديد لتستقر في مكانها الأبدي وبعذاباتها الجحيمية.
ويحدثنا جيمس روبنسون في دراسته عن مسرحية يوم القيامة في "كتاب الفضاء المسرحي" بأن سمات مسرح القيامة البيكيتي يتميز بأن:
- أسطورة اللانهاية أخذت مكان الأسطورة التقليدية في السير إلى الطريق نحو الخلود.
- إن المسرحيات التي كتبها بيكيت في البداية وحتى آخرها تمثل تجربة متطورة في الطريق إلى يوم القيامة.
لقد أكد صموئيل بيكيت من خلال مسرحياته، نظرية بصرية لكتابة النص المسرحي، فهو يكتب نصا بصريا يبحث من خلاله في الوجود المطلق للأشياء، ووضع الإنسان المتورط بوجوده في دائرة العدم، ومن هنا ينشأ جحيم العلاقة بينه والآخر، وعدم فهم العالم والأشياء المحيطة، وما رواياته أيضا إلا نصوص درامية بصرية عن الوجود والعدم في الزمن الصفر.
ومن الممكن ان نكتشف بأن هنالك علاقة وشيجة بين شخصيات روايات كافكا وشخصيات بيكيت. فاذا كانت شخصيات كافكا تضطر للاستيقاظ في داخل كابوسها من أجل ممارسة حياتها التي تعتبرها طبيعية وهي في ذات الوقت كابوسية وغير معقولة، فإن شخصيات بيكيت مهووسة بكوابيسها الواقعية فهي لا تستيقظ في الكابوس، بل أنها تمارس وجودها الحقيقي فيه أي في (الوجود ـ الكابوس). وأنها لا تندهش لهذا الوجود بل هي منسجمة معه حد التماهي، فقط تسأل أحيانا ولا تنتظر جوابا (أين أنا ... وماذا سأفعل هنا؟) لأن المكان يشكل حالة من القلق واللاإستقرار.
لهذا فإنها دائما تبحث عن مكان آخر وهي ثابتة في مكانها ولا تغيره، إذ أن المكان هذا ليس مفهوماً جغرافياً وإنما له علاقة بانهيار الذاكرة وتركيزها على الماضي، وهنا فإن الماضي بالنسبة لها هو الكابوس الحقيقي، وهي تنتظره دائما كذكرى كابوسية لابد منها، لهذا فإن الماضي يختلط في الحاضر أي اختلاط الواقع بالكابوس، واختلاط الواقع بالواقع المفترض، والحقيقة بنصف الحقيقة الجهنمية. إنها شخصيات تتذكر الله أو المنقذ أو المجهول الذي يودون لقاءه.
ولكن بالرغم من هذا فإنها قلقة دائما لهذا فإنها تنتقل من كابوس ـ ماضٍ إلى آخر وهذا الإحساس بالفراغ أو العدم مثلا يدفعهم إلى الانتقال من كابوس الانتظار (في جودو) إلى كابوس الثرثرة والوجود الكسل أو غير المجدي في نص "الأيام السعيدة".
إنها لا تستطيع العيش في الحاضر ولا في الماضي، فتبدو وكأنها شخصيات معلقة بين حدود هذين الزمنين. لهذا تضطر هذه الشخصيات أحيانا ان تستمع إلى ماضيها لأنها لا تستطيع العيش فيه كحقيقة كما في مسرحية "شريط كراب الأخير"، وهي تعدينا دائما لتدخلنا في كوابيسها. وبالرغم من هذا فأنها تفضل العيش أيضا في واقعها الكابوسي الخاص الذي يحيلنا إلى الحاضر.
************************************************
أهمية مسرح الشارع
د. سعدي يونس بحري
لن نتكلم هنا عن أنواع مسرح الشارع كالرقص والموسيقى والأكروباتيك وغيرها، والتي مع فن المسرح قد تطورت في مهرجانات محلية وعالمية شديدة الأهمية، والتي لا نشاهد لها مثيلا في العالم العربي الا فيما ندر٠
ومن تجارب مسرح الشارع المعروفة تجارب المسرح الحي الأمريكية وتجربة مسرح المضطهَد للبرازيلي اوكستوبوالكما. إن هذا النوع من المسرح لا يزال من تجارب اليوم خصوصا في أوروبا.
ويمكن ان تكون تجربتنا في السبعينيات في العراق من التجارب الجديدة المتواضعة في هذا المضمار في العراق وعدد من البلدان العربية.
فالمسرح الحي الأمريكي في الستينيات قدم في شهر تموز من عام 1964
خلال مهرجان افينيون العالمي مسرحية الجنة.
خرجت الفرقة إلى شوارع افينيون وهي تهتف:” المسرح في الشارع”، وكانت الفرقة تقدم العديد من أعمالها في الشارع ضاربة عرض الحائط أسلوب العمل التقليدي حيث يتم الأداء دون ديكور أو لإنارة أو كراسي للجمهور او غيره، وبالطبع تتم كتابة العمل بشكل يتناسب مع الشارع فيتحول الجمهور إلى ممثل يبدي رأيه ويشارك في الأداء والحركة مما يؤدي إلى نوع من الابتكار المستمر، يؤثر ويتأثر بمسرح الحياة الكبير.
ولإيضاح شيء من العلاقة بين المضمون والمكان التقليدي نود الكلام عن تجربتنا التي كنا قد أخرجناها في العراق ضمن عدة تجارب في السبعينيات وهي مسرحية "الاستعراض الكبير"، والتي قدمناها في عدة أماكن خارج المسرح التقليدي حيث كان الاعتماد الرئيسي في الإخراج على جسد الممثل وحيث كان بعض الممثلين يدعون الجمهور للمشاركة في العمل بشكل خاص، فمسرح الشارع هو الذي يحيا ببساطة بدون ديكورات ضخمة أو بروجكتورات ثقيلة أو أموال طائلة! إنه مسرح هؤلاء الناس الذين نشاهدهم هنا وهناك والذين يعيشون أدوارهم على خشبة المسرح الإنساني الواسع. الاستعراض الكبير لم يكن عملا غنائيا راقصا كما يتبادر للذهن، بل هو عمل استعراضي لعدد من مشاكل عالمنا العربي الكبير مثل أهمية دور المرأة الخطير في بناء الانسان إلى تجزئة الوطن العربي إلى مقاطعات ومرورا بقضية فلسطين. هكذا قلنا إن المقهى هو المكان الذي يجتمع فيه الكثير من الناس، واتفقنا مع مقهى السعدون قرب ساحة التحرير وسط بغداد على تقديم العمل فيه لعدة ايام. في وسط القاعة وضعنا خشبة بسيطة يحيط بها الجمهور من الجهتين وأجلسنا الممثلين بين الجهتين فهم يصعدون فورا إلى الخشبة ثم يعودون إلى أماكنهم حسب الدور.
هناك من جهة مجموعة تطالب بفن رخيص يداعب العواطف السطحية! ومن الجهة الأخرى من يطالب بفن أصيل واع. وقد حضر العرض العديد من الفنانين الكبار منهم صلاح أبو سيف وقاسم محمد، كما مثل في المسرحية عدد من النساء وهذا لم يكن موجودا فيما إضافة لحضور عدد من النساء لمشاهدة العرض. يقول الناقد العراقي المعروف علي مزاحم عباس في مجلة اقلام العدد – 12/1976:
"لقد ظن البعض الفنان د. سعدي يونس دون كيشوت يحارب طواحين الهواء بسيف من خشب أو لعلهم ـ أرادوه أن يكون كذلك- رأوه يتصدى بأفقر الامكانيات لشق طريق وعرة لتخطو فوقها تجربة جديدة تهدف أن تقول إذا لم يأتك الجمهور فاذهب إليه".
ثم يضيف " ومواجهة جمهور جديد وإثارة فضوله وتعريفه بالمسرح فقد يتحول إلى جمهور دائم. من هنا يمكن أن نبرر ترحيبنا بمحاولات سعدي ذلك الترحيب الحار الذي جاء على نقيض بعض الفنانين الذين يشكون
بشكل مبالغ فيه من قلة القاعات فيتخذون منها مبررا لعدم حركتهم في البحث عن الحلول البديلة. كانت بشارة العمل الأول مع ولادة مسرحية "الاستعراض الكبير" التي قام بتأليفها وإخراجها الفنان سعدي وقدمها في إحدى مقاهي بغداد فاستقبلها البعض بكثير من السخرية المتشفية. فقد نظروا إليها بمنظار المسرح الآخر، مسرح القاعة النظامية والديكور الثقيل والإنارة وطقوس المشاهدة التقليدية ففوجئوا بمسرحية يلتحم فيها الممثلون مع الجمهور يعرضون عملهم فوق دكة ويخاطبون الجمهور بشكل مباشر ويحرضونهم على اتخاذ مواقف معينة من قضايانا القومية.
ونود أن نقول هنا إن أهمية الربط بين التراث الإنساني العربي وتجاربنا اليوم، الذي نبحث عنه هو الاستمرار في تجربة الحكواتي الأصيلة والملاحم العربية كملحمة عنترة ومقامات بديع الزمان الهمداني ومعلقات امرؤ القيس وروعة سوق عكاظ وحكواتيي ساحة الفنا في مراكش وغير ذلك من أعمال الفن الشعبي العريق دون أن ننسى الاستفادة من التجارب العالمية وألا ننسى ابداعنا الشخصي".
**********************************************
المسرح والعروض المجانية!
طه رشيد
لقد رسخ النظام المباد مجموعة من التقاليد التي أراد من خلالها أن يوحي للمواطن بأنه يقدم له "هدية" أو مكرمة، ومن تلك التقاليد هي الكتب والمطبوعات المجانية التي يبث من خلالها سمومه الفكرية، وكذلك العروض الفنية المجانية وخاصة المسرحية منها، وكان الهدف الأساسي هو ترويج أفكاره وسياساته في تلك الحقبة السوداء! وخاصة في المناسبات الخاصة مثل احتفالات يوم المسرح العالمي. بينما في العالم المتقدم، إن كان أوربيا او عربيا، تقدم تخفيضات مغرية في سعر تذاكر المسارح أو صالات العروض من أجل كسب أكبر عدد من المتفرجين!
واستمرت آنذاك المؤسسة الرسمية على هذا المنوال ردحا من الزمن، بينما كانت الفرق الأهلية حينها ومنها فرقة المسرح الفني الحديث وفرقتا اليوم والمسرح الشعبي، تعتمد شباك التذاكر في عروضها اليومية خاصة وأنها لم تكن تحصل على معونات او مساعدات من الدولة!
اليوم وللأسف تستمر المؤسسة الفنية في تقديم العروض المسرحية مجاناً ولكن لا تحمل نفس الأهداف التي كانت جلية في النظام السابق، وقد حاولنا طيلة السنوات السابقة أن نقنع الجهات المعنية وبالذات في دائرة السينما والمسرح بأن يكون دخول العرض مدفوع الثمن أسوة بحفلات الفرقة السمفونية مثلا ولكن لم نجد لهذا الطلب آذانا صاغية وحتى لو كان سعر التذكرة رمزيا، فما ذنب الكادر المسرحي وبقية الفنيين الذين يعملون على مدى أسابيع عديدة او أشهر ليقدموا بعدها عرضهم مجاناً!
هذا يشبه، إلى حد ما، بين أن تحصل على كتاب مجاناً وبين أن تبحث عنه لتشتريه.
المسرح هو عملية إنتاجية معقدة يشترك فيها أكثر من طرف والطرف الأهم هو الجمهور، وأنا على يقين بأن هذا الجمهور سوف لن يتردد بشراء التذكرة وإن كانت رمزية، شرط أن تكون العروض المسرحية قريبة منه وتعالج قضاياه الرئيسية المعاصرة، الروحية والمادية والفكرية.
وأخيراً اقول بأن ازدهار المسرح يأتي من خلال دعمه من قبل الجمهور والمؤسسات الفنية الرسمية وهو الازدهار الذي يشكل المعيار الحقيقي لتطور الحركة الفنية والمجتمعية في هذا البلد أو ذاك.
*********************************************
الصفحة الحادية عشر
في يوم المسرح العالمي
في موسم "مسرح الأمم" في باريس، أقرّ يوم 27 آذار 1962 يوماً عالمياً للمسرح من قبل الهيئة الدولية للمسرح (ITI) وعد هذا اليوم، يوماً للسلام في كل مكان.
وهذا يعني ان فن المسرح يعتمد رسالة أساسية قائمة على السلام والحرية وأمن وازدهار الشعوب.
من هنا جاءت دعوة لينين: "اعطني مسرحاً؛ اعطيك شعباً واعياً". شعاراً اممياً للمسرحيين كافة، كما جاءت عبارة شكسبير: "الدنيا مسرح كبير، وكل الرجال والنساء ما هم الا ممثلين على خشبة المسرح". كلمات راسخة في اذهان المسرحيين وجمهور المسرح على حد سواء. وادراكاً منا بأهمية هذا الفن الراقي؛ خصصنا له هذه المساحة من جريدتنا.
المحرر الثقافي
**********************************************
المسرح.. بوصفه خطاباً سياسياً
حسب الله يحيى
يعد فن المسرح، احد روافد العلوم الاجتماعية التي تعنى بالأحداث والرؤى البشرية، كذلك علم السياسة، يعد هو الآخر رافداً للعلوم الاجتماعية، الا انه يتفرد عن فن المسرح بوصفه علماً معرفياً يعنى بنظم الحكم وإدارة الدولة. وعندما تتفاعل حياة المجتمع مع الحياة السياسية (الدولة) يصبح فن المسرح فناً يتلمس طريقه الى تنبيه وتصويب ولفت نظر الدولة الى الأوضاع الاجتماعية بكل ما تحمله من مشكلات وعقبات وحاجات والتزامات يفترض ان تتكفل بها سياسة الدولة.
في الوقت نفسه، تتولى مؤسسات الدولة، تنظيم ودعم وتعزيز دور هذا الفن مما يخدم ويعزز إرادة الشعب وتفاعله مع الدولة، بوصفهما علمان اجتماعيان يحتاج كل منهما الى الآخر لتحقيق ما يصبوان اليه من إعمام السلم والحياة السعيدة لبناء البلاد ورفاهية الناس.
لقد كانت مسرحية "عدو الشعب" لأبسن مثلاً واحدة من الاعمال المسرحية التي حركت مسار الحياة السياسية ليس في النرويج – موطن ابسن- حسب وانما تحولت الى خطاب انساني ينبه كل الدول الى احترام إرادة الانسان والعمل على تلبية حاجاته الملحة والكشف عن زيف وكذب ودجل وثراء الطبقة السياسية الفاسدة وادامة اساليبها القمعية.
كذلك الامر مع مسرحية "المفتش العام" لغوغول، التي بات خطاب كاتبها الروسي، خطاباً انسانياً معبراً عن أولئك الذين يزيفون الحقائق بنية الوصول الى مآربهم.
كما كانت مسرحية " الحضيض" لغوركي، الروسي، هي الأخرى، مسرحية تكشف أحوال الناس الذين يعيشون في قاع المدينة، وتنبيه السياسيين الذين يديرون الحكم، لإصلاح احوالهم والعمل على بناء مجتمع عادل في كل مكان.
فيما كشف المسرحي الألماني بيتر فايس عن أساليب القمع التي تمارسها سلطات الحكم ضد مناوئيها وذلك عن طريق مسرحيته " مارا – صاد " التي ادان نصها الإنساني كل أنظمة الحكم في العالم والتي تمارس القمع وتحجب الحريات.
وفي مسرحية "الارامل" لآرييل دوفمان التشيلي، كشف من خلالها عن جرائم الحروب وأساليب الدمار البشري التي يشكل انموذجها التشيلي، صورة إنسانية يمكن ان تقع في أي بلد تحكمه طغمة دكتاتورية.
والحال نفسه مع الاعمال المسرحية لـ سعد الله ونوس/ سوريا، ألفريد فرج، يوسف ادريس، سعد الدين وهبة، عبد الرحمن الشرقاوي/ مصر، ويوسف العاني، قاسم محمد، نور الدين فارس، عادل كاظم، جواد الاسدي/ العراق. الأمثلة كثيرة، وفي بلدان عديدة، كانت ولم تزل، المسرحيات التي تحمل خطاباً سياسياً، هي الأكثر حضوراً في حياة المجتمعات كافة، وفي ذاكرة مُرة لدى كل القوى القمعية التي تتولى الهيمنة على مقاليد الحكم وتمارس اعمالها الشوفينية الاجرامية.
نعم، هذه هي مهام المسرح الحقيقية، التي لا يرتجى منها تسويف واستغفال وتجاوز هموم الناس، والبحث عن (مسرحيات) تهريجية او تجريدية، تكون تارة ساخرة من أصحابها اكثر من سخريتها ونقدها لواقع مترد، بغية تحقيق متعة مجردة من المعنى – كما جرى في المسرحيات الاستهلاكية/ التجارية التي تم عرضها اثناء الحرب العراقية الإيرانية في الثمانينيات، وذلك عن طريق دعم الدولة لهكذا عروض، من اجل ابعاد الناس عن كوارث الحرب التدميرية التي طالت كل بيت.
وعلى العكس من هذه المسرحيات التهريجية، بتنا نشهد عروضاً مسرحية تجريدية، لا يخرج المشاهد من ثقلها الا وهو مجرد من الزمن ومن الفهم ومن حكمة العرض.. الذي لا يراد منه سوى الابهار في استخدام التقنيات الحديثة التي يفترض ان تكون في خدمة المعنى والرسالة المراد ايصالها الى الجمهور وليس تجريده منها.
واذا كانت حركة المسرح الراهن في العراق، قد أخفقت في عدد كبير من العروض، فان هذا الإخفاق بدلاً من معالجته بنصوص مسرحية جادة، اصبح الهروب الى (مهرجانات مسرحية دولية) واحدة من الأساليب الزائفة التي تمارسها مؤسساتنا الثقافية والفنية منها على وجه الخصوص. صحيح ان هناك مسرحيات رصينة قدمها: جواد الاسدي ومثال غازي مثلاً، الا انها نماذج قليلة جداً لا تقاس بحجم الخراب الذي نشهده راهناً.
الى جانب هذا الغياب الواضح في عروض المسرح العراقي الجاد، انتقل الخراب الى الدراما التلفزيونية - تعويضاً عن غياب عروض المسرح – فما شهدناه من نماذج عديدة في شهر رمضان؛ جردت من أية رسالة وطنية يمكن ان نتوجه بها الى المجتمع والى تنبيه السلطات المعنية – على الرغم من الدعم المالي والمعنوي الذي عملت عليه الحكومة لتعزيز هذه الدراما التي يفترض ان يكون لها حضورها في وعي الناس – ان فن المسرح والفنون الدرامية الأخرى، فن النخب الثقافية والمعرفية والابداعية التي تعمل على تنوير المجتمع ونقد كل ما هو سلبي ووضع الدولة امام مسؤولياتها، لا ان يكون هذا الفن الراقي، مهنة من لا مهنة لهم، او سبيلاً للارتزاق او تملقاً او نفاقاً او رعاية للسلطة – أية سلطة كانت – ان وجود مؤسسة للسينما والمسرح، ووجود مديرية للدراما في شبكة الاعلام العراقي، لا يعني ان المسرح والدراما العراقية بخير.. بدليل ان عدداً كبيراً من العاملين في هذه المؤسسة وهذه المديرية، لا علاقة لهم بهذه الفنون اصلاً، فكيف يفحصونها ويقرون عرضها وهي لا تمت بصلة للفن ولا لرسالته؟
من هنا نرى ان المسرح والدراما عموماً، لكي يكونا بخير وعطاء، لا بد للقائمين عليهما، من استقطاب أصحاب الخبرات والكفاءات المتخصصة بهذه الفنون، بغية تحقيق اعمال لها تماس بالوطن والمواطن، لا ان تجرد المواطن من قيمه ووعيه وارادته.
نعم، ان خطاب المسرح، خطاب اجتماعي – سياسي، لا يطاله الا من خبر التجارب واكتنز المعرفة واتخذ المواقف الوطنية الصادقة التي لا تهاون ولا تزيف ولا تتغافل عن نقد واقع ملئ بالسلبيات.. ذلك ان فن المسرح، هو الفن الذي يؤكد على المعرفة والتجربة والموقف، لإيصال حقائق حية تعني المواطن، بدءاً من قوت يومه، الى واقعه المتردي الى حرياته وامنه ونشر العدالة بين افراده.
نعم، المسرح.. خطاب تنويري لا بد من الالتفات اليه واغنائه بالعناصر القادرة على تحقيق هذا التنوير المنشود.. ذلك ان السياسة لا تبنى بالشعارات والمهرجانات وأساليب الدعاية المجردة، وانما بأولئك القادرين على معرفة ودراية برسالته الإنسانية الراقية والفاعلة والمؤثرة.
فهل من يصغي وهل من يراجع وهل من يحول هذا النداء وسواه الى أفعال حقيقية يتلمس وجودها المواطن وتصغي الجهات المعنية الى ما ورد؟ نأمل.. ونأمل كذلك.
**************************************************
نقد مسرحي {دخان*}: الجدل الذاتي واحتضار الانطولوجية الانسانية
د. محمد فضيل الخفاجي**
لطالما طالعنا تاريخ المسرح عبر مسرده الطويل؛ عن ذلك الصراع المتأزم لوجود الانسان كقضية كبيرة قبالة قوى غيبية كانت ام ظنية ام كائنة بالفعل؛ ليتصير كَم هائل من ذلك التناقض والتصارع ما بين المواقف والآراء والافكار؛ ولطالما اتخذ ذلك الانسان موقفًا على قدر كبير من الاهمية والثبات وبما يميله عليه الموقف الوجودي مهما كانت تلك القوى ورفعتها ومكانتها سواء كانت الهية ام قدرية ام مادية؛ ليأخذ مكانته الوجودية التي يستحق من وصفه كائنًا وجوديًا له مدياته في الطبيعة والكون والعالم؛ فارضًا رأيه وافكاره وأهدافه وميوله ورغباته؛ بفعل ارادته، ولنا شواهد ومثابات شاخصة دلَّت وتدُّل على تلك الارادات الدالة بدءًا من (البروميثيوسية) (من وصف الإرادة الانسانية بوصفها مبدأً، فهي ضابطة للكل؛ وغايتها في ان يتحول الانسان إلهًا في عين نفسه؛ لكنها تقضي عليه من وصفه شخصًا عاديًا؛ وبانكارها للمطلق؛ غرِقَ الانسان في لجة الفوضى والارتباك والتناقض الفكري واختلال المفاهيم والقيم والاخلاق).
على وفق هذه الدالة في نوع الارادة وقعت الشخصية الموندرامية في عرض مسرحية (دخان) في العقدة البرومثيوسية ومع ذلك الجدل الذاتي الذي اختطته مسارًا حياتيًا إزاء جملة من الاسئلة الانطولوجية المؤطرة في فوضى المفاهيم وعقم الأخلاق وتنافر الافكار وغياب القيم والعدالة والفضيلة والمعرفة وصولًا الى غياب المدينة الفاضلة والزمن المساوق لها؛ من وصف تلبُّس معتقدها واستيلاء ذهنها وتشبُّع نفسها حيال موقف تم التحذير منه دون الدراية الكاملة والمعرفة التامة من مسببات التجنُّب..
تتجاذب الشخصية الرئيسة مع ذاتها وتطرح تعبيراتها النفسية المخبؤءة في ظلّ ازمتها الوجودية واغترابها واستلابها الفكري والمكاني؛ في محاورة فلسفية واتصال ذاتي عميق بين (الأنا و الأنا) .. حوار الذات مع الذات عندما تحمل صورتين متناقضتين وفكرين متصارعين وموقفين مختلفين، ليحلّل ويصور وينقِّب في دهاليز الذات والنفس الانسانية وما يعتريها من إرهاصات ودوافع ورغبات وميول مع حجم الامكانات المتاحة، بوصف الانسان الكائن الوحيد الذي امتلك زمام نفسه رغم كل الإستلابات والاستثناءات الحياتية التي تجرِّدها من ذلك الامتلاك من قوى وسلطة ومعرقلات مادية اخرى، وصولًا الى ذلك التقهقر والانهزام الذاتي الداخلي ليكون امتلاك الانسان لنفسه استثناءً. ولتتبدى تلك الأوهام وتفيض كمعادل موضوعي واتزان نفسي قبالة نسيان تلك الهموم والهزائم التي عصفت بالذات وخلخلة الوجود واقلقت النفس واضطربت الكينونة وتعطلت القيم وتبدلت المفاهيم وتعطَّبت الاخلاق وعقمت الحياة وخرُبَ الانسان، وبات كلّ شيء متخلخلًا خاليًا من الفضيلة والعدالة والمساواة. وباتت الحياة صخرة ثقيلة يجرَّها الإنسان بساقيه المتعبتين، وهي تسوُّر ذاته ووجوده وتأطره بكم هائل من الانهزامات الداخلية والخارجية، وذلك النخر الحياتي والوجودي والخراب الذي لَفَّ مصير الشخصية من غياب الشهادة وغياب العمل وغياب الحب وغياب الزواج، وباتَ كل شيء خاويًا ووهمًا. والحياة باتت كصحراء قاحلة لاهبة لاذعة عنيدة؛ تعطي القشور وتأخذ اللب، والانسان في لجتها يصارع فجورها بتقواه.
مسرحية (دخان).. تصوير راقٍ ومعادلة يتأرجح فيها الانسان ويصارع ذاته ونصفه الداخلي الاخر.. ويقارن صورة (أنا الانسان) مع (أنا الانسان) النصف الذي امتلك كل شيء مع النصف الذي لا يمتلك اي شيء؛ النصف الذي قتل ألف مرة في اليوم قبالة النصف الذي عاش كل يوم ألف مرة. النصف الذي امتلك الرايات والكلمات التي صدحت بها الآف الافواه قبالة الذي لا رايات له ولا كلمات. النصف العاري الذي لا يمتلك سوى الدخان قبالة مَنْ لبسَ افخر الثياب. النص الذي امتلك الشرف قبالة النصف الذي فقده. هنا الفارق في المعادلة الجدلية والمقارنة الانطولوجية التي حملها انسان الإنسان؛ بوصف الحياة محطة انتظار مسافر زاده الصبر ، وتطهيرًا للنفس وتعلية شأنها، ويرفض نصفها النصف الآخر من الانسان، لا انْ تكون كما هي كائنة، بل تكون في العدل والصدق والأمانة بالرجوع إلى الله ومعرفة الانسان رب الانسان.
اجاد الممثل (احمد عباس) في تقديم هذه الشخصية الموندرامية بوعي عالٍ وهو يتنقل وبحرفية عالية في اروقتها الداخلية والنفسية معبرًا عن ازمتها النفسية العميقة ـ أي الشخصية ـ وكان حاملا لفكرتها وارهاصاتها، جاراً تلك الحياة المليئة بالفجور والتقوى عبر تلك السلسلة التي ارهقت كاهل الانسان وهو يصارع ذاته مع ذاته متساوقًا مع سيزيف، مدحرجًا صخرته، مجسدًا لا منطقية الحياة الإنسانية ولا عقلانيتها، وإنَّ المرء لابد أن يتخيل أن سيزيف كان سعيدًا مسرورًا، تمامًا كما أن النضال والصراع والكفاح ذاته نحو الأعالي والمرتفعات كافٍ وكفيل بملء فؤاد الإنسان.. ليس هناك عقاب أفظع من عمل متعب لا أمل فيه ولا طائل منه. على حد رأي (البير كامو). وبطل مسرحية (دخان) كان سعيدًا وسعادته كامنة بجدله الذاتي ورفضه لذلك الوهم متسلحًا بالشرف والفضيلة.
مسرحية (دخان) تصوير جمالي ناهض عبر تلك المنولوجات المتماوجة التي لخَّصت بشكل أو بآخر ذلك الجدل الذاتي الداخلي العميق وذاك الصراع النفسي مع الذات لكي تكون كما ينبغي ان تكون لا كما هي كائنة.. في ظل دوامة من استحضار كم هائل من الاسئلة الانطولوجية التي ارهقت كاهل الانسان..
ــــــــــــــــــــ
* مسرحية "دخان".. تأليف: احمد عباس.. اخراج: علي عدنان التويجري.. تمثيل: احمد عباس .. ضمن عروض المهرجان المسرحي البابلي السادس.. الثلاثاء ١١/ ٢/ ٢٠٢٥ مسرح كلية الفنون الجميلة/ بابل.. الساعة الحادية عشر صباحًا.
** أستاذ النقد في كلية الفنون الجميلة- جامعة بابل.
********************************************
مسرحية قصيرة جداً
للقاص والمسرحي الراحل طلال حسن
تيمورلنك يغني أجواء سهرة ليلية صاخبة،تيمورلنك والوزير والجارية
تيمور: اسمعا هذه الأغنية أيضاً.
الوزير: ليتك ترتاح قليلاً، يا مولاي.
الجارية: لا يا مولاي لا، أسمعنا هذه الأغنية أيضاً، سنسمعك حتى الصباح.
تيمور: لا أحد يغرف الأصوات النادرة مثلك، اسمعيني "يستعد للغناء، سأغني..
الوزير: "يبتسم مقطباً"....
تيمور: "يغني" يا عين يا ليل..
الجارية: "تصيح مهللة"الله.. بلبل..
تيمور: "يتوقف" أشكرك، كلك ذوق" للوزير "لم تقل شيئاً.
الوزير: "محرجاً "ماذا.. يا مولاي..
تيمور: لقد سمعت الأغنية.
الوزير: "متردداً "مو.. مولاي..
الجارية: رائعة طبعاً..
الوزير: طبعاً.. طبعاً..
تيمور: "هذا لا يكفي.
الوزير: مولاي..
تيمور: "ينظر بعيداً "أريد رأي خبير.
الجارية: لن يقول لك أحد، ما نقوله نحن، أنت بلبل يا مولاي، بلبل.
الوزير: بلبل.. نعم يا مولاي.. نعم..
تيمور: "تلمع عيناه" جحا..
الوزير: "يفغر فاه مذهولاً "مولاي!
الجارية: جحا! هذا لن يرقى إلى مستوى غنائك، يا مولاي.
تيمور: "قال لي مرة..
الوزير: دعك مما قاله، يا مولاي..
تيمور: أريد أن أعرف أين هو الساعة.
الوزير: مولاي..
تيمور: "يحدق في الوزير"أين جحا ؟ أين هو ؟
الوزير: في الاسطبل، حيث وضعته، يا مولاي.
تيمور: أريده الآن.
الوزير: الليلة ستكون آخر ليلة يقضيها في السجن، لقد انتهت مدة محكوميته.
تيمور: "يحدق في الوزير "....
الوزير: غداً يُفرج عنه، يا مولاي.
تيمور: "يصيح "الآن.
الوزير: "يلوذ بالصمت خائفاً"....
تيمور: "يصيح" أيها الحارس.
الحارس: يدخل وينحني لتيمور "مولاي.
تيمور: هات جحا.
الحارس: "ينظر إلى الوزير مستنجداً به"....
الوزير: جحا في اسطبل القصر.
تيمور: هاته معززاً مكرماً، أسرع.
الحارس: أمر مولاي "يخرج"..
تيمور: "يذرع القاعة" ماذا قال عني" هذا الجحا؟
الجارية: "تنظر إلى الوزير، وتهمّ بالكلام"....
الوزير: "يشير لها أن تصمت "....
تيمور: "يتوقف وينظر إلى الوزير"....
الوزير: "يرمق الجارية بنظرة سريعة"....
الجارية: إنه.. إنه جحا..
تيمور: "يحدق في الوزير "لابدّ أنه قال.. آه.. تذكرت، ولهذا أمرت بوضعه في الاسطبل لمدة شهر كامل.
الوزير: وغداً ينتهي الشهر.
تيمور: "يهز رـسه"....
الوزير: مولاي، جاء جحا.
تيمور: "ينظر إلى الباب "لندع الآن ما قاله، خاصة وأنه دفع الثمن غالياً، نحن أبناء اليوم.
يدخل جحا والحارس، جحا يبدو منهاراً
جحا: "ينحني لتيمور لنك "مولاي..
تيمور: جحا..
جحا: رهن اشارتك، مولاي..
تيمور: أنت خبير في أصول الغناء، أريد أن تسمعني الآن..
جحا : "يتمتم خائفاً "يا ويلي..
تيمور: سمعتها مرة، وأبديت فيها رأياً، لا أريد أن أذكره، وقد سُجنت بسببه شهراً في الاسطبل، اليوم لدي أغنية جديدة بكل معنى الكلمة، تلك الأغنية كان اسمها يا ليل يا عين، وهذه الأغنية تختلف كثيراً عن الأولى، اسمها يا عين يا ليل..
جحا: "ينوح "آآآآآ..
تيمور: اسمع سأغنيها "بنبرة تهديد "اسمع جيداً هذه المرة، ثمّ قل لي رأيك فيها
جحا: "يتماسك "سأقول رأيي..
تيمور: بجرأة وشفافية.
جحا: "يهز رأسه "....
تيمور: "يغمض عينيه ويغني".....
الجارية: الله.. بلبل..
الوزير: "يبتسم مترددا وخائفاً"....
جحا: "يطرق صامتاً"....
تيمور: ينتهي من الغناء، ويفتح عينيه".....
الجارية: "تهلل فرحة "يا لله.. بلبل.. بلبل..
الوزير: "يقف محرجاً متردداً"....
تيمور: "يحدق في جحا "والآن قل رأيك،بكل جرأة وشفافية.
جحا: ""يستدير ويمضي إلى الخارج"....
تيمور: "يصيح "جحا، إلى أين؟
جحا: "لا يتوقف "إلى الاسطبل.
تيمور: يقف مذهولاً، الجارية والوزير مذهولان
***********************************************
الصفحة الثانية عشر
نحو المعرض التشكيلي السنوي
تتوجه لجنة احتفالات الذكرى الـ91 لتأسيس الحزب الشيوعي العراقي، التي تحل يوم 31 آذار الجاري، بالدعوة إلى الفنانين التشكيليين في محافظات العراق كافة، للمشاركة في المعرض السنوي لأعمال الرسم والنحت والخزف، الذي يقام على شرف الذكرى واحتفالا بها.
سيفتتح المعرض هذه السنة يوم 12 نيسان القادم، على قاعة كولبنكيان في بغداد. ونتطلع إلى مشاركة واسعة فيه من جانب فنانينا التشكيليين، راجينهم تسليم أعمالهم إلى الإدارة في مقر الحزب بساحة الأندلس في بغداد اعتبارا من هذا اليوم، 27 آذار حتى يوم 6 نيسان المقبل.
**********************************************
معاً لبناء بيت الحزب.. بيت الشعب
دعماً للحملة الوطنية لبناء مقر الحزب الشيوعي العراقي، تبرع الرفاق والأصدقاء:
- نصير صادق فريح 60 الف دينار
- محمد رضا ميرزا 50 الف دينار
الشكر والتقدير للرفاق والأصدقاء على دعمهم واسنادهم حملة الحزب لبناء مقره المركزي في بغداد.
معاً حتى يكتمل بناء بيت الشيوعيين.. بيت العراقيين.
****************************************
يوميات
- في مناسبة يوم المسرح العالمي 27 آذار، يعقد منتدى "بيتنا الثقافي" في بغداد، بعد غد السبت، جلسة بعنوان "يوم المسرح العالمي: إحياء ذاكرة المسرح العراقي ومواجهة التحديات"، يُضيّف فيها كلا من د. حكمت داود والأستاذ سالم الزيدي.
تبدأ الجلسة التي سيديرها نقيب الفنانين السابق صباح المندلاوي، في الساعة 11 ضحى على قاعة المنتدى في ساحة الأندلس.
*************************************
أما بعد.. اذبحوا الخنازير!
منى سعيد
يتمنى المفكر الراحل هادي العلوي "لو أن البشرية لم توجد على الأرض"، ويذكر في كتابه "من تاريخ التعذيب في الإسلام" انه "كلما خضت في تاريخ الهمجية الكبرى، وددت لو أن البشرية لم توجد على الأرض، وأن الحياة بقيت عند حدود القردة العليا، وذلك لأن همجية الإنسان تتعزز بوجود العقل المدبر، الذي يفتح أبواب الخيال الإجرامي على مصراعيها، بينما تقتصر همجية الحيوان على تمزيق الفريسة بسرعة تيسيرا لأكلها. ولعل فلاسفة الصين عندما اعتبروا المائز بين الإنسان والحيوان هو الإحساس بالعدل وليس العقل، كانوا ينظرون إلى أفاعيل العقل التي لا نظير لها عند الحيوان غير العاقل".
تُرى بأيَّة شراسة وأية همجية يمكن أن يصف العلوي ما جرى أخيرا من جرائم ارتكبت بحق العلويين في الساحل السوري؟ وراح ضحيتها نحو ألف شخص بين طفل وامرأة وشاب ؟!
طبعا يحيلنا هذا العنف إلى ما حدث عندنا في العراق في سنوات الحرب الطائفية، وإلى جريمة سبايكر وقبلها جرائم الطاغية في حروبه البائسة، وفتكه بأبناء شعبه في جرائم حلبجة والأنفال وغيرها.
لا يختلف الأمر أبدا، وإن حُسبت جرائم الساحل الجنوبي السوري الأخيرة من أفعال " الجهاديين" الذين لم يدعوا أي نافذة للحوار، بل عمدوا للقتل ولا غير.
وقد عرضت وسائل التواصل الاجتماعي مآسي الضحايا وفضاعات القتلة في آن واحد. وظهر في أحد فيديوهاتها شاب ملتحٍ يصرخ بصوت مشروخ "إذبحوا الخنازير العلويين"! وتباهى آخر بفيديوهات عمليات التصفية سواء بالذبح أو القتل بالرصاص، والأغرب أن هذه الفضائع اُرتكبت في أيام الشهر الفضيل بأيدي من يدّعون الإيمان والصيام والصلاة، ولا أدري ربما اعتبروا عمليات الذبح تلك كذبح الأضاحي بحسب معتقدهم، بل ربما كانوا يذبحون ويرددون التكبير والصلوات، كما شاهدنا من قبل في بشاعات مجرمي داعش.
لا بل انهم يعمدون لاذلال الضحايا قبل قتلهم، مطالبينهم بالنباح كالكلاب قبل قتلهم، صارخين بكل منهم: "عوّي ولاك يا كلب"!
لم تتبين بعد حقيقة المعتدي أولا على وجه الدقة ، فسلطة النظام السوري الجديد تدعي أن أشخاصا من فلول نظام بشار اغتالوا العديد من عناصر الشرطة والأمن، وأن ما ظهر من أفعال شنيعة على شاشات التلفزيون أو عبر وسائل التواصل، لم يكن سوى ردود فعل فردية على الانتهاكات!
فهل ستظهر الحقيقة؟ ومتى؟
*******************************************************
من شعارات الذكرى 91 لتأسيس الحزب الشيوعي العراقي
- المجد للذكرى 91 لـتأسيس الحزب الشيوعي العراقي
- المجد والخلود لشهداء الحزب والوطن الابرار
- الخلاص من المحاصصة وحصر السلاح بيد الدولة يعززان بناءها
- 91 عاما من النضال دفاعاً عن مصالح الفقراء والمحرومين والكادحين
- التغيير يعني الخلاص من نهج المحاصصة والفساد والتوجه نحو بناء دولة المواطنة
- لا للطائفية والتعصب، نعم للمواطنة العراقية الجامعة
- التغيير الشامل حاجة وطنية ملحة
- ننتخب .. لنغير
- نحو المشاركة الواسعة في الانتخابات البرلمانية المقبلة
- لا لتكميم الافواه ومصادرة حقوق الانسان وتقزيم الديمقراطية
- استمرار الفساد .. نزف دائم لموارد البلد
- كل الطاقات للخلاص من منظومة المحاصصة ونهجها وتدشين عهد دولة المواطنة
والديمقراطية الحقة والعدالة الاجتماعية
********************************************
في ضيافة شيوعيي السماوة هادي ماهود يعرض فيلميه {الجدار} و{ميك أب}
السماوة – عبد الحسين ناصر السماوي
أقامت المختصة الثقافية التابعة إلى اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في المثنى، مساء الاثنين الماضي، أمسية سينمائية ضيّفت فيها المخرج السينمائي هادي ماهود، الذي عرض فيلميه "الجدار" وميك أب".
الأمسية احتضنتها حدائق مطعم "فلافل لبنان" وسط السماوة، وحضرها جمع من الشيوعيين ومتذوقي الفن السينمائي. وقبل عرض الفيلمين، ذكر ماهود انهما يُعتبران من أفلام الاحتجاج، ويشكلان وثيقة تاريخية للأجيال القادمة.
وأشار إلى ان جميع أفلامه على تماس مع مطالب الناس، وتعبر عن حاجات المواطن وهمومه على مختلف الصعد الخدمية والاقتصادية والاجتماعية، وتخاطب المسؤولين لعلهم يأخذون معاناة المواطن في عين الاعتبار.
وبعد الانتهاء من عرض الفيلمين، جرت نقاشات حولهما بين الحضور والسينمائي هادي ماهود.
هذا وتمنى الحضور تكرار مثل هذه الفعاليات الثقافية.
***************************************
قف.. الإسلام السياسي.. بين قوسين
عبد المنعم الأعسم
ربما، من السابق للأوان، القول إن المنطقة تمر (الآن) في الطور الثاني لهزيمة مشروع إقامة سلطة دينية برداء سياسي، وأن الأبواب باتت غير مواربة كفاية حتى أمام فرص اختطاف الحكم عن طريق "انتخابات" سبق أنْ جُرّبت في الطور الأول البائد: ففي منتصف العام 2012 كان أصحاب مشروع الإسلام السياسي يقدمون، في مصر، أحدث نموذج "عصري" يقوم على استلام الحكم بواسطة الانتخابات بدل النموذج الأفغاني الجهادي، وذلك من وراء ماكنة جامحة، ظهر أن زيتها ليس كافيا للمضي أكثر من عام واحد.
هذا التوصيف لا يمت بصلة إلى البلاغة السياسية، إنما إلى بلاغة رد الفعل وقوانينه الفيزيائية (قانون نيوتن الثالث) والاجتماعية (التراكم) على حد سواء، حين يكون الفعل قد استنفد هامش المناورة باستعجال إلغاء الدولة المدنية المصرية وتأسيس بنية دولة الخلافة على أنقاضها، ليصطدم باستحالة الاستجابة، فلم يتراجع في الوقت الصح، وعندما تراجع بعد حين كانت الفرصة قد نفدت، فيما أيتام التجربة، في ساحات أخرى، ما زالوا يقرأون النتائج بالمقلوب، من دون احتسابٍ للهاوية.. وما أدراك ما الهاوية.
*قالوا:
"تستطيع أن تكسب ثقة الجاهل إذا لم تعارضه في آرائه.."
سقراط
*********************************************
في البصرة محمد فرادي و60 عاماً مع الرسم
صلاح العمران – البصرة
ضيّفت جمعية الفنانين التشكيليين العراقيين في البصرة، مساء الأحد الماضي، الفنان التشكيلي المغترب محمد فرادي، في جلسة حوارية بعنوان "ستون عاماً مع الرسم: من البصرة إلى البصرة"، حضرتها نخبة من الفنانين والمثقفين.
أدار الجلسة د. حسين النجار. واستبقها بتسليط الضوء على مسيرة الفنان التي بدأت من أزقة البصرة عام 1950، وصولاً إلى صالات عرض عالمية. وذكر ان فرادي تخرج عام 1971 في معهد الفنون الجميلة في بغداد، ثم أكمل عام 1975 دراسته في أكاديمية الفنون الجميلة، وفي العام 1992 حصل على الماجستير، مضيفا أن الفنان تنقل بين العراق والأردن والولايات المتحدة، حاملا فرشاته وألوانه التي مزجت بين الأصالة العراقية وتقنيات الفن العالمي.
في معرض حديثه، كشف فرادي عن محطّةٍ مُظلمة في مسيرته. حيث توقف عن الرسم عقدا كاملا من 1979 إلى 1989 بسبب الخدمة العسكرية الإلزامية خلال الحرب العراقية – الإيرانية.
وقال أن "الخدمة العسكرية زرعت اليأس في داخلي، لكن مدير السينما والمسرح وقتها الشاعر يوسف الصائغ، شجّعني على استعادة نشاطي الفني وإكمال الماجستير".
وتحدث فرادي عن جذوره البصرية التي بقيت حاضرة في كل لوحاته. وقال انه كان يرسم الطبيعة والبشر بتفاصيل الجنوب "الأهوار تسبح في ألواني المائية، ووجوه الناس تُذكرني بـ(مقهى الشناشيل) حيث كنا نتناقش حول السياسة والفن".
فيما أشار إلى تأثير الفكر الماركسي والتراث السياسي لعائلته في تشكيل رؤيته الفنية، معتبراً أن "الفن رسالةٌ ضد الظلم"، وهو ما تجلى في معرضه الأخير "الوجع العراقي" الذي خصصه لانتفاضة تشرين 2019.
وخلص فرادي إلى ان الهوية الفنية تُبنى بالحنين والإصرار، وأن العودة، وإن كانت متأخرةً، تبقى ممكنة، واعدا الحضور بمعرض جديد يقيمه قريبا في البصرة، يحمل قصصا لم يروها بعد.
وعلى هامش الجلسة، قرأت الإعلامية خنساء العيداني ورقةً نقديةً حول تجربة فرادي، مُرسلة من الناقد خالد خضير الصالحي. إذ يصف أعمال الفنان بـ"أركيولوجيا ذاكرةٍ تبحث في أنقاض البيوت البصرية عن عمودٍ ساقطٍ أو شناشيل مدمّرة. هو فنانٌ يحوّل الوجع إلى جمال، ويُعيد بناء الواقع من شظايا متحف ذاكرته".