اخر الاخبار

الصفة الأولى

التخطيط تعلن نتائج المسح الاجتماعي والاقتصادي.. اقتصاديون: لا سيطرة على معدلات الفقر في ظل الريع النفطي

بغداد ـ طريق الشعب

يشكّل سوء إدارة السياسات المالية والنقدية، واستمرار الريع النفطي، تهديدا مستمرا للوضع الاقتصادي في العراق، الأمر الذي يجعل المواطن في حالة استقرار، وتحيط به الأزمات رافعة سلاح الفقر والبطالة والتقشف.

 ويحذر اقتصاديون وباحثون، من أن الإبقاء على الحالة الراهنة في اعداد الموازنات العامة وتحقيق الإيرادات، يقود الى رفع معدلات الفقر، التي تتحدث الحكومة اليوم عن خفضها، مشيرين الى أن انخفاض أسعار النفط كفيل برفع تلك المعدلات الى نسب جنونية، الى جانب أسباب أخرى ترتبط بانخفاض قيمة الدينار مقابل الدولار، وارتفاع أسعار السوق.

وأعلنت وزارة التخطيط، امس الأربعاء، نتائج المسح الاجتماعي والاقتصادي للاسرة في جميع محافظات العراق، حيث تلك النتائج تراجع نسبة الفقر الى (17.5) عما كانت عليه عام 2018 والتي قدرت بـ(20.05 بالمئة).

وحدد المسح متوسط إنفاق الفرد الشهري (248.6) الف دينار، ومتوسط دخل (201.3) ألف، فيما بلغ معدل البطالة للفئة العمرية (15 سنة فأكثر) (13.5 بالمئة)، مشيرا الى ان (96.4 بالمئة) من الأسر العراقية تمتلك بطاقة تموينية.

كما أظهرت نتائج المسح أن (15.2 بالمئة) من الأفراد في العراق مصابون بأمراض مزمنة، وان (77.6 بالمئة) من الأسر يمتلكون مساكن.

إحصائيات الفقر

وسجلت محافظة المثنى اعلى نسبة للفقر بلغت (40 بالمئة)، تلتها بابل بنسبة (35.7 بالمئة). اما المحافظة الأقل فقراً فكانت أربيل بـ (7 بالمئة)، ثم محافظة السليمانية بـ(8 بالمئة).

وطبقا للمسح، فأن محافظات ذي قار والمثنى والديوانية ونينوى سجلت انخفاضا في معدلات الفقر بالمقارنة مع كانت عليه عام ٢٠١٨، حيث سجلت ذي قار نسبة (15 بالمئة)، بعد ان كانت (40 بالمئة) عام 2018، بينما سجلت المثنى (43 بالمئة)، بعد ان كانت (52 بالمئة). وسجلت الديوانية نسبة (29 بالمئة)، بعد ان كانت (48 بالمئة)، فيما سجلت محافظة نينوى (13 بالمئة) بعد ان كانت (38 بالمئة).

ومع وصول أعداد سكان العراق إلى حاجز الـ 46 مليون نسمة، وفق التعداد السكاني الذي أعلنته التخطيط يوم الاثنين، يحذر رئيس مؤسسة عراق المستقبل منار العبيدي، من أن معدل الزيادة السكانية في العراق هو مليون نسمة سنويا، وبالتالي اذا استمر إنتاج وأسعار النفط الحالية فإن نسبة الفقر في العراق ستبلغ 84 بالمائة.

5 فقراء من بين كل 30 عراقيا

وقال العبيدي، إن نسبة النمو السكاني السنوي 2.53%، وهذا يعني أن عدد سكان العراق يزداد بأكثر من مليون شخص سنويًا، مما سيجعل العدد يتجاوز 50 مليون نسمة في 2030. ومن المتوقع أن يصل إلى أكثر من 70 مليون نسمة في 2040.

وعن نسبة الفقر التي كشف عنها المسح، علّق العبيدي بأن الـ 17.5 بالمئة، تعني أن من بين كل 30 عراقياً، هناك 5 أشخاص تحت خط الفقر، مشيراً إلى أن استمرار الوضع الحالي من حيث الإنتاج النفطي والإيرادات وبقاء الموازنة على مستوياتها الحالية، قد يؤدي إلى ارتفاع معدلات الفقر إلى 23 بالمائة بحلول 2030. وبالتالي قد تصل إلى 84% في 2040، إذا تراجعت أسعار النفط ولم يتم اتخاذ إجراءات جذرية.

وكان المتحدث السابق باسم وزارة التخطيط عبد الزهرة الهنداوي، أكد في تصريح سابق لـ"طريق الشعب"، أن الوزارة تعمل على إعداد استراتيجية مكافحة الفقر الثالثة للسنوات الخمس المقبلة، والتي تتضمن مجموعة من الإجراءات والسياسات التي تستهدف تمكين الفقراء في مختلف المجالات تلك الخطة تتناول مختلف قطاعات التنمية، وأعطت مساحة كبيرة لواقع الخدمات، لاسيما الصحة والتعليم والسكن ورفع مستوى الدخل.

تحذيرات النموذج الإفريقي

وفي هذا السياق، يجد المراقب للشأن الاقتصادي علاء الفهد، أن المرحلة الحالية "تتطلب تغييرا جذريا في البرامج الحكومية وتعديل الخطط المستقبلية، بناء على المؤشرات التي أظهرتها نتائج المسح".

ويقول الفهد، أن وجود هذه الإحصائيات يسمح للحكومة بـ"تقسيم التخصيصات المالية بدقة، والبدء بمعالجة الفقر والبطالة"، داعيا الى بدء حملات توعوية لتقليل معدل النمو السكاني، والعمل على زيادة الإيرادات الحكومية وتنويع الاقتصاد، فبخلاف ذلك يواجه العراق خطرًا حقيقيًا قد يحوله إلى دولة تعاني من أزمات شبيهة بما تعانيه الدول الإفريقية: انتشار الفقر، صراعات قبلية، مجاعات، وجرائم وغيرها.

ويشكل الفقر، بحسب الباحث الاقتصادي همام الشماع، "حالة متحركة نحو الأعلى": تزايد أعداد الفقراء يوما بعد آخر، بسبب انخفاض قيمة الدينار مقابل الدولار، والارتفاع المستمر في أسعار السوق.

ويشدد الشماع على أن معالجة نسب الفقر "تبدأ أولا بالقضاء على الفساد الذي يستهلك ثلث ثروة العراق، ويستحوذ على 50 بالمئة من موارد العملة الأجنبية، ويمنع نحو 60 بالمئة من فرص الاستثمار في العراق".

شبح أزمة في الموازنة

وكان المستشار المالي لرئيس الوزراء د. مظهر محمد صالح، حذر من أن بلاده قد تواجه أزمة بالموازنة في عام 2025 بسبب انخفاض أسعار النفط، داعيا الى "انضباط مالي أكثر صرامة".

وحتى الآن، لم يجر إقرار جداول موازنة العام الحالي من قبل البرلمان، الذي صوّت على مادة واحدة من القانون تخص تصدير النفط من قبل حكومة إقليم كردستان.

وأردف صالح كلامه بأن "العراق يحاول تحسين وضعه المالي من خلال زيادة الإيرادات غير النفطية، عبر تحسين تحصيل الضرائب، وفرض ضرائب جديدة"، مشيرا الى ان هناك خسائر تقدر بـ 10 مليارات دولار سنويا "بسبب التهرب الضريبي والمشاكل المتعلقة بالجمارك".

وتمثل أسعار النفط التحدي الأكبر للاقتصاد العراقي، طبقاً للخبير المصرفي محمود داغر، الذي يشير الى ان "الموازنات تبنى بصورة أساس على تقديرات سعر النفط؛ ففي موازنة 2024 - 2025، احتسب سعر البرميل عند 80 دولاراً، بزيادة 10 دولارات على السعر الأصلي الذي يبلغ 70 دولاراً، لتغطية العجز المتوقع. ومع تراجع أسعار النفط عن هذه التقديرات، يصبح العراق أمام ضرورة اتخاذ قرارات صعبة لتأمين الرواتب وتغطية العجز المالي".

ويقول داغر، ان العراق ـ في حال انخفاض أسعار النفط ـ يلجأ إلى "إجراءات تقشفية أو البحث عن مصادر تمويل بديلة، مثل تعزيز الإيرادات غير النفطية وإعادة هيكلة الموازنة"، لكنه يشدد على أهمية تحسين إدارة الإيرادات النفطية وضمان توزيعها بكفاءة، للحد من التأثير السلبي على الاقتصاد والطبقات الفقيرة التي تشكل غالبية المجتمع.

********************************************

راصد الطريق.. حقائق تتأكد .. وتتأكد!

أكد النائب رائد المالكي أن هناك تحالفات واتفاقات بين الكتل السياسية، لا تقتصر على تمرير القوانين والصفقات والموافقات الخاصة، بل وتشمل حماية بعض الشخصيات والمسؤولين من المساءلة، وأشار إلى أن أيّ محاولة لفتح ملف فساد ضد وزير معين، تصطدم بحماية متبادلة بين الأطراف السياسية.

وأضاف النائب ان الاستضافة البرلمانية لم تعد وسيلة رقابية فعالة، بل أصبحت أداة للتغطية على بعض القضايا، منوهًا بأن الاستجوابات تواجه عرقلة داخل البرلمان، فضلًا عن موقف الحكومة ورئيس الوزراء، الرافض لفكرة الاستجوابات في هذه المرحلة.

حديث النائب يؤكد بشكل قاطع، عجز تركيبة مجلس النواب الحالية عن إنتاج شيء، غير الفساد والتستر عليه والتغطية على مصالح أربابه، دون النظر إلى المصلحة العامة، وهو ما يشكل حنثًا باليمين الدستوري، وإخلالًا بواجبات مجلس النواب، الذي يفترض أن يكون السلطة الرقابية والتشريعية العليا في البلد.

وهنا يطرح سؤالان نفسيهما باحثين عن إجابة: هل تعد موافقة الحكومة شرطًا لاستجواب الوزراء؟ ولماذا تعطل رئاسة مجلس النواب طلبات الاستجواب، المقدمة من قبل النواب الذين لا يستطيعون أصلًا، تأمين عدد كافٍ من الأصوات لحجب الثقة عن المطلوب استجوابهم؟

**********************************************

الصفحة اثانية

الزراعة: الحمى القلاعية تحت السيطرة

 

بغداد ـ طريق الشعب

أكدت وزارة الزراعة، أمس الأربعاء، أن الموقف الوبائي للحمى القلاعية تحت السيطرة.

وذكر بيان للوزارة، أن "وكيل الوزارة الفني ميثاق عبد الحسين ترأس اجتماع خلية الأزمة لمناقشة آخر مستجدات مرض الحمى القلاعية بحضور عدد من المديرين العامين في الوزارة وممثلين عن مديرية الدفاع المدني".

وأضاف البيان، أن "الاجتماع ناقش عددًا من المحاور، منها المُضي في السيطرة على البؤر المرضية وحصر المرض رغم النقص في الكوادر البيطرية، وإعادة النظر في توزيع الأطباء البيطريين بما يضمن ديمومة العمل في المستوصفات والمختبرات".

وتابع البيان، أن "الاجتماع ناقش الموقف الوبائي تحت السيطرة، وضرورة توجيه الإعلام لإدارة الأزمات بالشكل الصحيح واستقاء المعلومة السليمة من الوزارة".

وواصل البيان، أن "الاجتماع أكد على أن الجهود والتنسيق قائم على وتيرة عالية مع مديرية الدفاع المدني في تطبيق الإجراءات الاحترازية والوقائية كافة لمرض الحمى القلاعية".

وخلص البيان الى أن "الاجتماع شدّد على ضرورة التنسيق مع الشرطة البيئية؛ للحد من ظاهرة الذبح العشوائي والمحاسبة القانونية لكل من يتعرض للأمن الغذائي".

**************************************************

احتجاجات مطلبية مستمرة.. مركز حقوقي يحذر من إعادة سيناريو القمع الممنهج لمتظاهري السليمانية

بغداد ـ طريق الشعب

شهدت محافظات عدة استمرارا للاحتجاجات والتظاهرات السلمية المطالبة بالحقوق المشروعة في تحسين الخدمات وتوفير فرص العمل، وإنصافهم في القضايا المتعلقة بالإسكان والترقيات.

وتعكس هذه الحركات الاحتجاجية استمرار الأزمات التي يعاني منها المواطنون في مختلف المناطق، وسط دعوات متكررة للحكومة بالاستجابة لمطالبهم وتحسين أوضاعهم المعيشية.

وفي ما يأتي استعراض لأبرز هذه الاحتجاجات في المحافظات:

السليمانية

تصاعدت حدة التوتر في اعتصام المعلمين على طريق السليمانية-عربت، بعد تعرض خيامهم لهجوم وصفه مركز مترو للدفاع عن حقوق الصحفيين بأنه "إعادة لسيناريو القمع الممنهج ضد الاحتجاجات". فيما حذّر مجلس المعلمين المحتجين من أن حياة المعلمين باتت في خطر، داعياً جميع المعلمين والموظفين إلى الانضمام لخيام الاعتصام، لحماية زملائهم والتضامن معهم. 

وجاء هذا التصعيد بعد تعرض خيام المعتصمين لاعتداء من قبل بعض سائقي الشاحنات، بسبب قطع الطريق من قبل المعلمين المحتجين على تأخير حسم ملف صرف الرواتب، نتيجة خلافات بين الحكومة الاتحادية في بغداد وحكومة إقليم كردستان.

وأكد مركز مترو، أن هذا الهجوم هو جزء من سياسة قمعية تجاه الحراك المدني السلمي.

المثنى

ونظم عدد من المدرسين والمعلمين في محافظة المثنى تظاهرة للمطالبة بإضافة خدمتهم الفعلية لتتجاوز الخمس سنوات، وذلك لشمولهم بقطع الأراضي السكنية وإضافة جميع بيانات الملاكات القديمة.

وقال المتظاهرون، أن لديهم خدمة فعلية تتجاوز الخمس سنوات، وكان من المفترض أن يتم تمديدها لعام إضافي وفقاً لاتفاق سابق مع نقابة المعلمين والمحافظ، إلا أن الجهات المعنية لم تفِ بوعودها، ما دفعهم إلى التصعيد والمطالبة بحقوقهم من خلال التظاهر.

ميسان

وتظاهر العشرات من منتسبي جامعة ميسان "أساتذة وموظفين" أمام مبنى ديوان المحافظة، مطالبين بشمولهم بتخصيص قطع الأراضي السكنية للموظفين، خاصة وأن أغلبهم لديه خدمة تتجاوز الـ 15 عاماً ولم يتسلموا قطع أراضي سكنية.

وأكد المتظاهرون أنهم يؤمنون بحق التظاهر السلمي للمطالبة بالحقوق، مشيرين إلى أن أغلبهم شارف على التقاعد ولم يحصل على أرض أو ما يعادلها من الحكومة.

وكان مجلس محافظة ميسان قد أعلن سابقاً أن الأراضي السكنية المتاحة لا تكفي سوى 25% من عدد المتقدمين.

البصرة

وشهدت محافظة البصرة عدة تظاهرات واحتجاجات، حيث نظمت 3 عشائر في شمال المحافظة تظاهرة كبيرة أمام البوابة التاسعة لحقل غرب القرنة 2، للمطالبة بتحسين الخدمات وتوفير فرص العمل لأهالي المناطق القريبة من الحقول النفطية. وأشار المتظاهرون إلى أن هذه المناطق تعاني من شح المياه وخسارة 40% من أراضيها بسبب عمليات الاستخراج النفطي، دون أن تجني أية فوائد منها سوى الأمراض والمعاناة المستمرة. 

بغداد

ونظم أهالي مجمع الرجاء قرب منطقة الحرية في بغداد وقفة احتجاجية على خلفية تهديدات من مستثمر توعد بإزالة منازلهم لإنشاء مشروع استثماري.

وأكد الأهالي، أن قوة أمنية اعتقلت عدداً من أبناء المنطقة وتوعدت باستمرار حبسهم إذا لم يتم إخلاء منازلهم. وأشاروا إلى أن المستثمر ادعى أنه اشترى الأرض في عهد رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي، بينما أكد آخرون أن رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي منحهم كتب تمليك ألغيت لاحقاً.

***********************************************

الموارد المائية تريد {حلاً دائماً} لمشكلة سدي الموصل وبادوش: نبحث عن شركة استشارية عالمية

متابعة ـ طريق الشعب

أكدت وزارة الموارد المائية، أمس، تحركها للتعاقد مع شركة استشارية عالمية رصينة متخصصة في مجال السدود الكبيرة، لإيجاد حل دائم لمشكلة سدي الموصل وبادوش.

ونفت الوزارة الأنباء التي تحدثت عن إزالة سد بادوش في محافظة نينوى.

وقال المتحدث باسم الوزارة خالد شمال مصحب، إن خبر إزالة سد بادوش (الاجزاء المنفذة منه) المتوقف العمل به منذ عام 1991 خبر عار عن الصحة، مضيفا أن الوزارة في طور التعاقد مع شركة استشارية عالمية رصينة متخصصة في مجال السدود الكبيرة لإيجاد الحل الدائم لمشكلة سد الموصل وضمنه سد بادوش، حيث تم استحصال موافقة رئيس مجلس الوزراء على ذلك".

وأضاف، ان "الحكومة المحلية في نينوى على اطلاع تام بذلك، ومؤيدة للخطوات التي تقوم بها الوزارة".

وكان مجلس محافظة نينوى قال ان وزارة الموارد المائية تعتزم إزالة سد بادوش، وتحويل مكان السد إلى منطقة سياحية.

وقال رئيس لجنة الزراعة والري بمجلس محافظة نينوى، أحمد دوبرداني، إن المجلس يعارض قرار وزارة الموارد المائية العراقية ويرده و"يجب أن يبقى هذا السد ويكمل إنشاؤه".

ورأى رئيس لجنة الزراعة والري بمجلس محافظة نينوى أن "للسد منافع كبيرة، منها استخدام مياهه في ري الأراضي الزراعية، ومواجهة الجفاف، وهو داعم لسد الموصل في حال كثرة الأمطار وارتفاع منسوب المياه في الأخير، ويقلل من مخاطر الفيضانات"، ولهذا يعارض مجلسهم قرار إزالة السد.

يقع السد بالقرب من بلدة بادوش على مسافة 16كم إلى الشمال الغربي من مدينة الموصل، وقد بدأ العمل على إنشائه سنة 1988، وأنجز 30% منه، لكن العمل فيه توقف سنة 1991 إثر اندلاع حرب الخليج.

يستطيع سد بادوش في حال اكتماله تخزين 10 مليارات متر مكعب من الماء، وكان مقرراً إنشاء محطة لتوليد الطاقة الكهربائية عليه.

وكان مدير مشروع سد بادوش في محافظة نينوى، غضبان محمد قد صرّح، مطلع العام 2025، بأن وزارة الموارد المائية تتجه لإحالة مشروع إعادة استئناف أعمال تشييد السد إلى شركة استشارية عالمية لاستكمال الدراسات الفنية والإنشائية.

وقال محمد إن "وزارة الموارد المائية تتجه لإحالة مشروع سد بادوش لشركة استشارية بعد توقف العمل فيه بسبب الحروب المتتالية وغياب التمويل اللازم".

وأضاف أن الوزارة "حددت أربع شركات رصينة لتولي استكمال الأعمال"، داعياً إلى تسريع الإجراءات "لضمان استكمال المشروع". وأكد أن "موقع السد يتمتع بأسس جيولوجية آمنة".

يذكر أن العمل بإنشاء سد بادوش بدأ في العام 1988 من قبل شركة أجنبية إلا أنه توقف في العام 1991 بسبب حرب الخليج، وكانت نسبة الأجزاء المنجزة مـن السد تبلغ 30%، وكان من المخطط أن ينتج الطاقة الكهربائية في حال إكماله.

ويقع سد بادوش في محافظة نينوى، شمال غرب مدينة الموصل، ويعتبر من أهم المشروعات التنموية التي تهدف إلى تحسين موارد المياه في المنطقة وتوفير الكهرباء.

********************************************

كل خميس.. باب للحل.. أم لترسيخ الانقسام

جاسم الحلفي

اختتم مؤتمر الحوار الوطني السوري أعماله في 25 شباط 2025، وسط آمال وتطلعات الى أن يكون خطوة حقيقية نحو إنهاء الأزمة السورية. لكن سرعان ما طغت الانتقادات على التفاؤل الأولي، حيث ظهر العديد من الثغرات والإشكاليات التي تهدد جدوى المؤتمر ومخرجاته. فبين إقصاء قوى سياسية واجتماعية رئيسة، وضبابية في التوصيات، سبقها تسرع في التحضير، بدا المؤتمر وكأنه محاولة شكلية لتلميع صورة السلطات الجديدة، بدلاً من كونه منصة حقيقية لحوار شامل، يضع أسس مرحلة انتقالية عادلة ومستقرة.

من أبرز المآخذ على المؤتمر غياب أطراف رئيسة في المشهد السوري، خصوصاً المعارضة الفعلية وقوات سوريا الديمقراطية والإدارة الذاتية الكردية، التي لم تُدعَ رغم سيطرتها على مساحات واسعة من البلاد. واعتبر ممثلو الأكراد أن المؤتمر كان مجرد "تمثيل شكلي" لبعض الأفراد، دون إشراك حقيقي لمختلف القوى السياسية السورية، وهو ما قد يعزز المخاوف من إنتاج حكم شمولي جديد، لا يعكس التعددية السياسية والاجتماعية في البلاد.

رغم أن البيان الختامي تضمّن عبارات براقة، مثل "العدالة الانتقالية" و"التكافؤ" و"الحرية أساس الحياة"، إلا أن المؤتمر أغفل مواضيع جوهرية تتعلق بمستقبل الحياة السياسية. حيث لم يرد أي ذكر واضح لكلمة "ديمقراطية" أو "تعددية حزبية" أو "مشاركة شعبية في صنع القرار"، مما يثير القلق بشأن نوايا السلطات الانتقالية بشأن بناء نظام ديمقراطي حقيقي، بدلاً من إعادة إنتاج الحكم المركزي تحت غطاء جديد.

ومن الانتقادات البارزة للمؤتمر أنه جاء بدعوات متأخرة، حيث لم يُعلن عنه إلا قبل يومين من انعقاده، مما حال دون مشاركة العديد من الشخصيات السياسية والمدنية المقيمة خارج سوريا. كما أن غياب الإشراف الدولي، ورفض السلطات الجديدة الاستفادة من عروض الأمم المتحدة للمساعدة في تنظيمه، أثار تساؤلات حول نزاهته ومدى استقلاليته. كذلك لم تتم دعوة أي دبلوماسيين أجانب لحضور الجلسات، ما عكس ضعف الاعتراف الدولي بشرعية المؤتمر ونتائجه.

ورغم صدور مجموعة من التوصيات، مثل "حصر السلاح بيد الدولة"، و"تشكيل مجلس تشريعي مؤقت"، و"إصلاح المؤسسات"، إلا أن هذه البنود ظلت غامضة ولم تُحدد آليات واضحة لتنفيذها. كذلك، لم يوضح المؤتمر كيف سيتم التعامل مع المجموعات المسلحة المختلفة، خاصة في ظل استمرار النزاع بين الفصائل المسلحة التي لم تشارك في المؤتمر، مما يهدد باندلاع موجات جديدة من العنف.

في نهاية المطاف، ورغم محاولة تقديمه كإنجاز سياسي، يبقى مؤتمر الحوار الوطني السوري خطوة غير مكتملة، بسبب ما أشّرناه من استبعاد قوى سياسية رئيسة، وغياب الضمانات الدولية، والتسرع في التحضير، إلى جانب ضعف الالتزامات العملية.

ان الكلمات وحدها لا تغيّر الواقع، وما لم تُترجم التوصيات إلى إجراءات فعلية تحظى بتوافق وطني حقيقي، فإن المؤتمر قد يغدو مجرد محطة أخرى في سلسلة مبادرات فاشلة، لم تساهم في تحقيق الاستقرار أو في بناء سوريا جديدة ديمقراطية وشاملة.

**********************************************

الصفحة الثالثة

على شرف الذكرى الـ91 لتأسيس الحزب الشيوعي العراقي يستذكر الشخصية الوطنية والديمقراطية الرفيق الراحل مكرم الطالباني

بغداد – طريق الشعب

أقام الحزب الشيوعي العراقي، وعلى شرف الذكرى الـ 91 لتأسيس الحزب، يوم الاثنين 24 شباط 2025، جلسة استذكار للشخصية الوطنية والديمقراطية البارزة، والقيادي السابق في الحزب الرفيق الراحل الدكتور مكرم الطالباني.

حضر الحفل نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية فؤاد حسين، إلى جانب عدد كبير من الشخصيات السياسية والثقافية، مما يعكس المكانة الكبيرة التي احتلها الطالباني في المشهد الوطني.

كلمة "الشيوعي العراقي"

وبدأت الجلسة بعزف النشيد الوطني، تلاها وقوف الحاضرين دقيقة صمت حدادًا على روح الفقيد. بعد ذلك، رحّب الرفيق علي صاحب، عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي، بالحضور، ثم دعا الرفيق حيدر مثنى، عضو المكتب السياسي، لإلقاء كلمة اللجنة المركزية للحزب في هذه المناسبة.

وقال الرفيق مثنى: "إننا إذ نؤبن اليوم الشخصية الوطنية والديمقراطية العراقية والكردستانية، والشيوعي العتيد الرفيق الدكتور مكرم جمال الطالباني، فإننا نستذكر أبرز محطات حياته السياسية ومواقفه الوطنية والنضالية. نحتفي بالفقيد الذي عاش أكثر من مئة عام، كان خلالها ملتصقًا بهموم شعبه، مدافعًا عن حقه في الاستقلال والديمقراطية والحياة الكريمة، وذاد بثبات عن حقوق الشعب الكردي العادلة".

وأضاف انه "في مسيرة الفقيد الكبير والقيادي السابق في حزبنا الشيوعي العراقي الحافلة، تبرز محطات هامة كان للراحل مواقف مشهودة فيها. الطالباني، الذي تخرج من كلية الحقوق في جامعة بغداد عام 1946، في وقت كان العراق يمر بحراك سياسي وتحولات اجتماعية ستظهر آثارها بعد سنوات قليلة، سرعان ما انضم إلى فريق من المحامين للدفاع عن الرفيق يوسف سلمان يوسف (فهد)".

عائلة الفقيد

بعد ذلك، قدمت السيدة لامعة الطالباني، كلمة نيابة عن عائلة الفقيد، قالت فيها: "ماذا أقول لمن كان أبي وأخي وصديقي وملهمي؟ كان دمث الأخلاق وحاضر الذهن، يستند إلى إرث غني من الحكم والأمثال والطرائف التي كان يوظفها ببراعة في لقاءاته السياسية والدبلوماسية والاجتماعية. كان صامدًا وصامتًا في وجه المحن، يشهد له كل من زامله في السجون والمعتقلات، إذ لم يكن يعرف للخنوع طريقًا".

وشهدت الجلسة عُرض فيديو قصير عن محطات حياة الرفيق الراحل، تلاه الجزء الثاني من الجلسة الذي تضمن عددًا من المداخلات والشهادات من قبل شخصيات بارزة، منهم الدكتور سيف عدنان القيسي، والدكتور جمال العتابي، والدكتور حسين الجاف، والمهندس علي غالب.

ذكريات الحاضرين مع الراحل

الكاتب المعروف، د. جمال العتابي تحدث عن ذكرياته مع الراحل قائلًا: "أتحدث عن مكرم الطالباني ليس فقط لأني زاملته في العمل عندما بدأنا عام 1969 في مجلة 'الثقافة الجديدة'، حيث كان هو رئيس التحرير، وكنا لا نتجاوز الثلاثة أو الأربعة من أعضاء هيئة التحرير. في تلك الفترة، عرفت سمات وخصال هذا الرجل المعروفة، والتي لا تحتاج إلى إعادة. لكني أيضًا عدت وقرأت مذكراته والتقيت به بعد عام 2003، وكان لي معه حوار نُشر في جريدة 'القاسم المشترك' آنذاك".

وأضاف العتابي، انه "خلال هذا الحوار، تأكد لي أن مكرم الطالباني كان لديه موقف مختلف تمامًا من عملية التحولات التي حصلت بعد عام 2003. في هذه الأثناء، عرفت أن حياة مكرم الطالباني كانت مليئة بالمتناقضات والمفاجآت، منها المحزن ومنها المبكي. هذه المسيرة بدأت منذ أن نجح في الصف الخامس الإعدادي متفوقًا على طلبة لواء كركوك آنذاك".

من جانبه، قال الباحث د. حسين الجاف ان "مكرم الطالباني منحدر من عائلة صوفية تنتمي إلى الطريقة القادرية، ولا يزال أبناء عمومته يتزعمون هذه الطريقة في كركوك. التكية الطالبانية في كركوك تعتبر مركزًا وطنيًا رفيعًا للتآخي والمحبة".

وأضاف الجاف، ان "الطالباني شخصيًا كان يميل إلى العزلة أحيانًا، وكنت أراه في جمعية الثقافة الكردية في بغداد في أوائل السبعينيات. يعتبر هو والمرحوم الوزير الشهيد صالح اليوسفي والدكتور سامال مجيد فرج من مؤسسي هذه الجمعية، التي تعتبر من روافد الثقافة الكردية الحقيقية ومركزًا للتآخي العربي الكردي".

مواقف مشهودة ونزاهة معهودة

بدوره، قال المهندس علي غالب، إن "الدول والوزارات والمؤسسات اعتادت أن تكرم رجالها العاملين وعلماءها البارزين وشخصياتها التي تركت بصمات خلال سنوات عملهم. وفقيدنا الدكتور مكرم الطالباني، الذي نقف اليوم لتأبينه، كان علمًا بارزًا من أعلام العراق ورجاله الوطنيين المخلصين، الذين بذلوا الكثير في خدمة الوطن في مختلف مواقع المسؤولية التي تقلدها، وتصدى لها طيلة مسيرة حياته المعروفة بالاستقامة والمواقف المشهودة والنزاهة المعهودة".

من جهته، قال الأكاديمي د. سيف القيسي ان "مكرم الطالباني شخصية وطنية لا تمثل الكرد أو الشيوعيين فقط، بل هي شخصية وطنية بامتياز. والشخصية الوطنية تتضح مما تركه من أثر هنا وهناك. وباعتباري باحثًا، تابعت عددًا من الشخصيات الشيوعية لإجراء مقابلات لرسالتي للماجستير وأطروحتي للدكتوراه، ومن ضمنهم الدكتور مكرم الطالباني، الذي كان وقتها في السليمانية. في لقائي معه، وجهت له مجموعة من الأسئلة وتناولت بعضًا من مسيرته. أول سؤال طرحته عليه كان: كيف لشخصية من عائلة دينية وطريقة صوفية أن تتجه إلى الحزب الشيوعي العراقي؟ فأجاب: 'نحن طريقة صوفية، والذين يترددون عليها أغلبهم من الناس الزهداء والفقراء والبسطاء. كانت هذه الطريقة على تماس مباشر مع همومهم وفقرهم المدقع، خاصة في المناطق الكردية. وبسبب هؤلاء، أصبحت أكثر قربًا من معاناة الناس. ومن خلال دراستي في بغداد، انضممت إلى الحزب الشيوعي في تلك الفترة، وأول قضية توليتها كانت الدفاع عن يوسف سلمان يوسف (فهد)".

واختتمت الجلسة الاستذكارية بتقديم الشكر للحضور، والتأكيد على أن إرث الراحل مكرم الطالباني سيظل خالدًا في ذاكرة العراقيين، كرمز للنضال الوطني والديمقراطي والدفاع عن حقوق الشعب العراقيين جميعا على حد سواء.

 

عين على الاحداث

كلها منهم

في دراسة نشرت مؤخراً، كشفت باحثة عراقية عن أن 74 في المائة من المحامين والقضاة ورجال التحقيق الذين استطلعت آراءهم أكدوا لها على وجود علاقة وثيقة بين الأزمات السياسية ومعدلات غسيل الأموال، فيما ربط 82.5 في المائة منهم هذا الغسيل بتجارة المخدرات، ورأى 90 في المائة منهم بأنه يمّول الإرهاب. هذا ويشير المختصون إلى أن هذه الكوارث إنما تعّد حصيلة طبيعية لهيمنة الطغمة المتنفذة، التي عمّقت الطابع الريعي للاقتصاد، وأهدرت الإيرادات النفطية بعيداً عن برامج التنمية المستدامة، وأضعفت بسوء إدارتها، هيبة الدولة وسلطة القانون، في ظل تغّول الفساد والسلاح خارج خيمة الدولة.

كله في المواني يابه

شهدت الموانيء التجارية العراقية الخمسة، توسعة تهدف إلى استيعاب 1.2 مليون حاوية سنوياً، وذلك في مسعى لتقليل تأثير المشكلات الخطيرة التي تواجهها والتي تعيقها عن تحقيق دورها الاستراتيجي في دعم الاقتصاد الوطني، كضعف البنية التحتية وتأخر عمليات التحميل والتفريغ وسيطرة السلاح المنفلت والجماعات المتنفذة وغياب دور الدولة، مما سمح بانتشار بؤر الفساد وتهريب السلع وفرض الإتاوات والتلاعب في العوائد الجمركية. هذا وتكتسب السيطرة على المنافذ الحدودية والموانيء بشكل خاص، وممارسة الشفافية في الكشف عن إيراداتها، وتطوير تقنيات السيطرة والتقييس لما يمر من خلالها، أهمية قصوى في معالجة أزمات البلد. 

من بركات التربية

قررت وزارة التربية فرض رسوم قدرها 15 ألف دينار كأجور نقل للتلاميذ والطلبة بين المدارس والمنازل، وذلك في "مكرمة" تضاف إلى مكرماتها العديدة كعدم توفر الكتب والمستلزمات المدرسية، وتعرض التلاميذ لقسوة البرد في صفوف تفتقد لأبواب ونوافذ مغلقة او للتدفئة في أحسن الاحوال، وهو ما أجبر بعض المحافظات على تعطيل الدوام رأفة بالصغار، واستمرار أكذوبة التغذية المدرسية، وتدهور المستوى التعليمي واتباع نظام الإنتساب الضار بالعملية التربوية، إلى جانب التساهل مع مشكلة الدروس الخصوصية، وهي "مكرمات" أثقلت كاهل العوائل والكادحة منها بشكل خاص وزادت من تسرب التلاميذ من المدارس، دون أن يفكر أحد بمواجهة هذه المصائب.

حاميها لو مخربها

 

طالب نائب بلجنة النزاهة، رئيس مجلس الوزراء بإعفاء رئيس هيئة الاستثمار بسبب ارتكابه مخالفات كثيرة وتحكيمه عوائل وشخصيات غير مختصة بنشاط الهيئة، إضافة لوجود مؤشرات خطيرة في ملفه الوظيفي تتعلق بعقوبات اُتخذت بحقه لخروقات إدارية وشبهات فساد. هذا وفي الوقت الذي هددت فيه اللجنة بالذهاب إلى القضاء إذا ما استمر عرقلة استجواب رئيس هيئة الاستثمار في البرلمان، يتساءل الناس عن سر تغييب الشفافية في هذا الأمر لاسيما بعد انخفاض النفقات الاستثمارية لتصل إلى 26 في المائة من مجموع الموازنة، وهو ما يعني إنفاق معظم عوائد النفط لأغراض تشغيلية واستهلاكية على حساب التنمية.

ياطبيب إصواب دلالي كلف

رغم تصنيفه في مراتب متأخرة بتقارير مؤشرات جودة الرعاية الصحيّة، حيث احتلَّ الترتيب 71، بقائمة أفضل الدول في تقديم الخدمة الطبيّة، وصُنّف ثالثاً في قائمة أسوأ الدول في مجال الرعاية الصحية الأوّليّة، ورغم تدني حجم الإنفاق على قطاع الصحة ليصل إلى 154 دولاراً للمواطن، أي أقل من معدل إنفاق الدول الفقيرة، تكتظ وزارة الصحة بأكثر من نصف مليون موظف، تكلف رواتبهم نصف ميزانيتها، فيما يُسّجل 18 ألف طبيب أسنان فائضأً عن الحاجة ويبقى الآلاف بلا تعيين، وهو ما يثبت ليس الفشل في استثمار طاقاتهم في المستشفيات والمراكز الصحية فحسب بل وفوضى نظام التعليم العالي.

*************************************************

العراق في الصحافة الدولية

ترجمة وإعداد: طريق الشعب

العراق وتحديات العام 2025

نشر مركز دراسات الإمارات مقالاً باللغة الإنكليزية حول مجموعة التحديات التي يمكن أن يواجهها العراق، في ظل المتغيرات الجيوسياسية في المنطقة، ولاسيما ما حدث في سوريا ولبنان، وعلى الصعيد العالمي، فذكر بأن من أبرز هذه التحديات، التحديات الأمنية المتمثلة باحتمال عودة نشاط تنظيم "داعش"، سواء انطلاقاً من الأراضي السورية أو من داخل البلاد، خاصة بعد الإعلانات المتكررة من قبل القوى الأمنية العراقية عن تصاعد نشاطات التنظيم في مناطق جبال حمرين وبادية الموصل، والتحذيرات من احتمال إطلاق سراح عشرات الآلاف من مقاتلي التنظيم المحتجزين في سجون قوات سوريا الديمقراطية "قسد" المهيمنة على شرق الفرات.

مفارقة غريبة

وأعرب كاتب المقال عن تصوره بوجود مفارقة أمنية في هذا التحدي، لأنه يفرض على بغداد من جهة الاحتفاظ بالمجاميع المسلحة الحليفة لطهران كاحتياطي عسكري لها، فيما تتصاعد من جهة أخرى حظوظ تمديد بقاء قوات التحالف الدولي بدل إنهاء مهمتها خلال العام الحالي كما هو معلن. ووجد المقال بأن هذه المفارقة تأتي من رفض هذه المجاميع لوجود التحالف، مقابل إصرار الولايات المتحدة، التي تهيمن على التحالف في العدد والقرار، على دمج هذه المجاميع في المؤسسة العسكرية للبلاد، وهو ما يبدو أمراً معقداً وصعب التحقيق بالنسبة للحكومة.

 الجار الشمالي

واعتبر المقال التعاطي مع التوسُّع الجيوسياسي التركي بعد الإطاحة بنظام الأسد في سورية، تحدياً عراقياً أساسياً خلال العام الحالي، لاسيما وأن ترتيبات "الاتفاقية الأمنية" بين البلدين أتاحت للقوات التركية وضعاً أكثر تأثيراً في الشمال، قد ينتج عنه رفضاً محلياً وقلقاً من الجارة الشرقية، في خضم التنافس بين الجارتين على مراكز النفوذ في العراق.

التحدي الاقتصادي

 واضاف المقال تحدياً آخر، يكمن في توفير الحكومة لسيولة نقدية كافية لسداد مرتبات الموظفين والمستحقين، في وقت تتعرض فيه سياساتها الاقتصادية لانتقادات كبيرة، حتى من قبل حلفائها، جراء فشلها في تنويع واردات البلاد غير النفطية وبقائها أسيرة التوقعات المتضاربة حول أسعار النفط خلال العام الحالي.

وذكر المقال بأن هذا التحدي ينذر أيضاً بتنامي الخلافات بين بغداد وأربيل، في ظل علاقات لا يُحسد عليها الطرفان خلال السنوات الماضية. كما تقع على بغداد مسؤولية تحديث الأنظمة المالية لتجنُّب المزيد من العقوبات الأمريكية المتوقعة ضد مصارف وشركات ومؤسسات رسمية عراقية تتهمها واشنطن بتهريب الدولار إلى إيران أو تسهيل تنصُّل طهران من أنظمة العقوبات.

 تحديات سياسية

وعلى الصعيد السياسي، وجد المقال في الخلافات الحادة بين المركز والإقليم وبين القوى المتنفذة في البلاد، حول الموازنة وتنفيذ قانون "العفو العام" واحتمالات تفاقُم قضية "المغيبين" أو سحب "الحشد الشعبي" من المناطق الغربية، تحدياً كبيراً، خاصة في هذه السنة التي يفترض أن تشهد انتخابات تشريعية جديدة، وبالتالي المزيد من الدعايات والصدامات الانتخابية بين القوى المختلفة وعلى أسس وخلفيات متنوعة وجاهزة للاستخدام المسبق.

استحقاقات مستقبلية

وذكر المقال بأنه وأمام الارتفاع الملحوظ في مستوى التحديات المطروحة، فإن دوائر الفعل السياسي العراقية ستكون خلال العام الحالي في مواجهة مجموعة استحقاقات رئيسية، أهمها الإصلاح الأمني عبر حصر السلاح بيد الدولة، والإصلاح الاقتصادي في تنفيذ قرارات مصيرية تخص هيكلة مؤسسات الدولة العراقية وتحديثها وتقليل مصروفات الموازنة التشغيلية، دون اللجوء إلى توسيع سياسات الاقتراض أو تعويم الدينار أمام الدولار. كما لا بد من تطوير العلاقة مع إقليم كردستان والمناطق الغربية، وتحسين العلاقة مع واشنطن، على حد تعبير المقال، الذي اعتبر قضية انفصال كردستان مطروحة على المديين المتوسط والطويل.

******************************************

الصفحة الرابعة

تحذيرات من حفر عشوائي للآبار! المياه الجوفية في المثنى مورد أساسي مهدد بالاستنزاف

بغداد – تبارك عبد المجيد

تعاني محافظة المثنى من تحديات كبيرة في الموارد المائية، بسبب شح مياه نهر دجلة، ما يدفعها إلى الاعتماد على المياه الجوفية في زراعة المحاصيل الاستراتيجية. وبرغم امتلاك العراق خزينًا استراتيجيًا من المياه الجوفية، إلا أن الإفراط في استخدامها دون تنظيم قد يؤدي إلى استنزافها وتفاقم الأزمات البيئية.

ويؤكد الخبراء ضرورة الإدارة المستدامة لهذا المورد، عبر تقنين حفر الآبار، واستخدام أنظمة الري الحديثة، والتنسيق مع دول الجوار لضمان الحصص المائية، محذرين من مخاطر الحفر العشوائي، وتأثيره على استقرار التربة وجودة المياه.

شح المياه في دجلة

يقول مدير مهندسي ماء المثنى، المهندس محمد طالب، أن "المياه الجوفية في المحافظة تُستخدم في الزراعة منذ القدم، وهي تعدّ موردًا أساسيًا لدعم النشاط الزراعي في المنطقة".

ويضيف لـ "طريق الشعب"، انه في الوقت الراهن "تنفذ مشاريع استراتيجية للمياه الجوفية في قضاء السلمان وناحية بصية، لكونهما ضمن مناطق البادية، بهدف تعزيز الأمن المائي وتحقيق التنمية المستدامة في المحافظة".

فيما يؤكد المهندس يوسف سوادي جبار، معاون محافظ المثنى لشؤون الزراعة والموارد المائية، أن "المحافظة تواجه تحديات كبيرة بسبب شح المياه في نهر دجلة، مما أدى إلى هجرة العديد من المزارعين وتركهم لمهنتهم الزراعية. ونتيجة لذلك، اضطرت المحافظة إلى اللجوء إلى البادية الجنوبية، حيث تم تخصيص مساحات لزراعة المحاصيل الاستراتيجية مثل الحنطة والشعير والذرة، التي تعتمد بشكل رئيسي على المياه الجوفية"، مع التأكيد على استخدام التقنيات الحديثة للري.

ويقول جبار لـ "طريق الشعب"، أن "هناك آبارًا محفورة بشكل قانوني يقدر عددها بين 1000 – 1500 بئر، وأخرى تم حفرها بشكل غير قانوني، ما يستدعي اتخاذ إجراءات قانونية بحق المخالفين، موضحا أن الخطة الزراعية للمحافظة، التي تمت الموافقة عليها من قبل وزارة الزراعة والموارد المائية، تشمل زراعة حوالي 350,000 الف دونم باستخدام أنظمة الري الحديثة مثل المرشات، ما يساعد على تقليل الهدر في استهلاك المياه.

وينبه إلى أن "استمرار الاعتماد على المياه الجوفية دون تنظيم قد يؤثر على التنمية المستدامة وحق الأجيال القادمة في الاستفادة من هذه الموارد. ومع ذلك، فإن محافظة المثنى تُعدّ غنية بالمياه الجوفية، حيث يمكن الوصول من أعماق قليلة نسبيًا، ما يجعلها محافظة ذات إمكانات مائية جيدة، مشيرا الى "توزيع ما يقارب 600 مرشة للعاملين بالزراعة".

ويبين أن "الاستخدام المفرط للمياه الجوفية قد يؤثر سلبًا على التنمية المستدامة وحق الأجيال القادمة في الاستفادة من مياه الآبار. ومع ذلك، تتميز محافظة المثنى بوفرة هذا المورد، ونحن نسعى إلى تنظيم استخدامه وضمان استدامته، كي يبقى الوضع تحت السيطرة."

ويشدد على ضرورة اتخاذ إجراءات صارمة ضد المتجاوزين على المياه الجوفية، إضافة إلى مطالبة الحكومة المحلية بضمان وصول الحصة المائية من نهر الفرات، الأمر الذي سيمكن الفلاحين من العودة إلى أعمالهم وإحياء الأراضي الزراعية، مؤكدا أهمية التنسيق مع دول الجوار لضمان وصول الحصص المائية للعراق، وخاصة لمحافظة المثنى، والاستفادة من كميات الأمطار الأخيرة لتعزيز المخزون المائي.

وكان مدير الهيئة العامة للمياه الجوفية في وزارة الموارد المائية، ميثم علي خضير، قال نهاية العام الماضي، أن "العراق يمتلك خزينًا استراتيجيًا من المياه الجوفية، يمكن استخدامه عند حدوث الأزمات لسدّ النقص في المياه السطحية. وأن الوزارة وضعت خطة مستقبلية تهدف إلى الإدارة المستدامة لهذا المورد الحيوي، مع التركيز على المناطق الصحراوية، حيث يصعب تعويض المياه إلا من خلال الأمطار، ما يجعل الحفاظ عليها وإدارتها بشكل فعال أمرًا ضروريًا لتحقيق الأمن المائي.

جفاف مستمر منذ ١٥ عاما

يقول الأكاديمي د. حيدر محمد، أن "مشكلة المياه في السماوة أصبحت مزمنة، حيث تعاني الأراضي الزراعية من الجفاف منذ أكثر من 15 عامًا"، مضيفا أن "الكثير من هذه الأراضي تحولت إلى مناطق سكنية، رغم تصنيفها كأراضٍ زراعية".

ويشير إلى أن "اصحاب البساتين والأراضي الزراعية يقومون بتجريف النخيل وقطع الأشجار دون رقابة، ما يؤدي إلى تدهور البيئة الزراعية".

بالإضافة إلى ذلك، يوضح محمد لمراسل "طريق الشعب"، ان "المشكلة الأساسية تكمن في نقص المياه، وهو أمر لم تتمكن الحكومات المتعاقبة من معالجته من خلال التفاوض مع الجارة تركيا بشأن الحصص المائية"، مشيرا إلى "وجود كميات كبيرة من المياه الجوفية، لكنها تتركَّز في مناطق البادية، بينما تقل في الأرياف والمناطق القريبة من المدن". ومع ذلك، يحذِّر محمد من أنَّ الإفراط في استخدام المياه الجوفية قد يؤدي إلى استنزافها مع مرور الوقت، خاصة في ظل قلة الأمطار.

علاوة على ذلك، يؤكد أن "استنزاف المياه الجوفية بشكل مفرط قد يؤدي إلى كوارث بيئية، مثل حدوث هزات أرضية، نتيجة لانخفاض منسوب المياه في طبقات الأرض العميقة. فالمياه الجوفية تلعب دورا أساسيا في استقرار التربة، وعند استنزافها بشكل غير مدروس، تصبح التربة أكثر عرضة للانهيارات والتشققات، كما يؤدي الضخ المستمر إلى زيادة تركيز الأملاح والمواد الضارة، ما يجعل المياه غير صالحة للشرب أو الري.

واكد أن "الحفر العشوائي وغير القانوني والبعيد عن التخطيط المدروس للآبار قد يؤدي إلى تداخل المياه الجوفية مع مصادر ملوثة، ما يشكِّل خطرًا صحيًّا على السكان".

في النهاية، يرى محمد أن "أزمة المياه تحتاج إلى حلول مستدامة، مثل تحسين إدارة الموارد المائية، وتقنين حفر الآبار، والتوسع في مشاريع تحلية المياه، فضلًا عن التعاون الإقليمي لضمان توزيع عادل للموارد المائية بين الدول".

إيجابيات وسلبيات

فيما يؤكد الخبير الجيولوجي حسن الجابري، أن استخراج المياه من الآبار الارتوازية يحمل إيجابيات وسلبيات. فمن جهة، يُعد مصدرًا مهمًا لري المزارع والحقول التي لا تصلها المياه، كما يساهم في تربية المواشي، مما يجعله عاملاً مساعدًا في أوقات الحاجة. ومع ذلك، فإن هذه العملية تتطلب أدوات متخصصة وحفرا دقيقًا، مما يجعلها مكلفة وصعبة التنفيذ.

وأوضح الجابري لـ "طريق الشعب"، أن "المياه الجوفية تعد مصدرا يجذب الكثير من المستثمرين"، محذرا من سوء التعامل معها خاصة في المناطق الجنوبية والغربية كون المياه هناك ناضبة وغير دائمة، ما يعني ان استخدامها بشكل غير منظم يشكل خطراً على استدامتها".

ويشدد على أهمية الاستخدام المسؤول لهذا المورد، إذ يكمن التحدي الأساسي في سوء استغلال المياه، رغم توفر مصادر مائية غير مستغلة في العراق. ويشير إلى أن هناك مقترحات عديدة تم تقديمها سابقًا للحفاظ على الموارد المائية، لكنها لم تلقَ الاستجابة المطلوبة.

ويؤكد ضرورة ترشيد استهلاك المياه، بحيث يكون استخدامها وفق الحاجة الفعلية فقط، لضمان استدامتها للأجيال القادمة.

ودعا الجهات الحكومية الى اتخاذ خطوات لحماية المياه الجوفية، التي تُعد المصدر الحيوي في جنوب العراق، لتوفير الحاجة اليومية من المياه، فمن دون خطة استراتيجية لوقف الاستنزاف، ستواجه المنطقة خطراً بيئياً واقتصادياً هائلاً.

ويملك العراق خزانات مائية جوفية هامة مثل خزان الدمام والهارثة والطيارات، لكن عدم تنظيم استخدام الآبار بالشكل الصحيح يؤدي إلى انخفاض مستويات المياه الجوفية في الآبار بمقدار يصل إلى 5-6 أمتار.

**********************************************

توقيع عقد استشاري مع شركة بريتش بتروليوم لتطوير حقول كركوك

بغداد ـ طريق الشعب

وقعت الحكومة العراقية اتفاقاً مع شركة بريتش بتروليوم البريطانية (BP) لتأهيل وتطوير حقول كركوك الأربعة، وذلك برعاية وحضور رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني. وجاء هذا التوقيع بعد مفاوضات مطولة بين الجانبين، حيث تم الاتفاق على القضايا الفنية والشروط التعاقدية، بما في ذلك النموذج الاقتصادي للمشروع، استناداً إلى مذكرات التفاهم التي تم توقيعها خلال زيارة رئيس الوزراء الأخيرة إلى لندن.

الاستثمار الأمثل للطاقة

وأوضح مكتب رئيس الوزراء في بيان أن "هذا الاتفاق يهدف إلى تحقيق الاستثمار الأمثل للطاقة وتوفير النفط الخام لمصافي الشمال، مما يقلل من اعتمادها على نفط الجنوب". وأضاف البيان أن "الاتفاق يشمل تطوير حقول كركوك الأربعة الرئيسية (باي حسن، وكركوك بقبتيه "بابا وأفانا، وجمبور، وخباز)، مع ضمان استثمار الغاز المصاحب وتأهيل وتوسعة منشآت الغاز في شركة غاز الشمال، وإنشاء محطة كهرباء بطاقة 400 ميجاواط لتحقيق الأهداف الاستراتيجية المتكاملة للمشروع".

وأشار البيان إلى أن "هذا المشروع سيوفر فرص عمل للأيدي العاملة بمختلف الاختصاصات، وسيتم تشغيل الشركات المحلية، وتنفيذ مشاريع المنافع الاجتماعية، بالإضافة إلى تطوير مهارات الموارد الهندسية والفنية لدعم ملاكات شركة نفط الشمال وشركة غاز الشمال". وأكد البيان أن "هذه الخطوة تأتي في إطار رؤية الحكومة لبرامج التدريب ورفع مستوى الكفاءات، بالتعاون مع شركة بريتش بتروليوم ووزارة النفط".

عقد استشاري

من جانبه، أكد الخبير النفطي حمزة الجواهري أن "العقد الموقع مع شركة بريتش بتروليوم هو عقد استشاري خدمي يهدف إلى إعداد دراسات متخصصة للحقول النفطية، تشمل دراسات مكمنية وبتروفيزيائية وجيوفيزيائية". وأوضح الجواهري أن "اختيار شركة بريتش بتروليوم جاء بسبب خبرتها الطويلة في العمل بحقل كركوك، حيث كانت أول من اكتشفه وعمل فيه حتى تأميمه، كما أنها تمتلك الوثائق الكاملة المتعلقة بالحقول وتعرف المنطقة جيولوجيًا بشكل دقيق".

وأضاف الجواهري أن "هذا العقد كان من المفترض توقيعه في عام 2014، إلا أن الأحداث الأمنية، خاصة مع ظهور تنظيم داعش الإرهابي، أدت إلى تأجيله". وأشار إلى أن "زيارة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني إلى بريطانيا أعادت الملف إلى الواجهة، وتم الاتفاق مجددًا على المضي به".

وأكد الجواهري أن "إعادة تطوير الحقول بعد سنوات من التوقف تكون أكثر تعقيدًا بسبب التغيرات التي تطرأ على طبيعة المكامن والصخور والجغرافيا المحيطة"، مشيراً إلى أن "حقل كركوك، المكتشف منذ ثلاثينيات القرن الماضي، يمثل تحديًا إضافيًا لأي شركة ترغب في تطويره".

ولفت الجواهري إلى أن "شركة نفط الشمال تمتلك الوثائق اللازمة والمتخصصين، لكنها لا تملك التقنيات والمعدات المتقدمة التي تتمتع بها بريتش بتروليوم، وهو ما يجعلها الخيار الأكثر كفاءة لإجراء هذه الدراسات". كما نوه إلى "صعوبة تحديد سقف زمني دقيق لإنهاء الدراسات، نظرًا لاحتمالية حدوث تغيرات جيولوجية أو بيئية تؤثر على سير العمل".

واختتم الجواهري حديثه بالتأكيد على "أهمية هذا التعاقد مع بريتش بتروليوم، مشددًا على ضرورة التعويل على هذه الخطوة لضمان تحقيق زيادة في الإنتاج النفطي مستقبلاً".

***************************************************

 وقفة اقتصادية.. المدن الصناعية  لها حكاية

إبراهيم المشهداني

بعد عام 2003 طرحت الحكومة العراقية فكر إقامة مدن صناعية، نقول كانت في البداية فكرة لم تتضح وقتها تفاصيل الفكرة  ولأن الكثير من دول العالم لديها مدن صناعية ناجحة فان فكرة الحكومة لها ما يبررها  وفيها الكثير من الأمل بما ستسهم في انعاش الصناعة العراقية وانها ستمتص البطالة المنتشرة في المجتمع  وكانت أولى خطوات تطبيق الفكرة تشكيل لجنة ممثلة بالعديد من الوزارات بينها وزارة التخطيط والبلديات والصناعة والكهرباء بدعم من منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (اليونيدو )، كونها تهدف إلى إقامة بنية تحتية للصناعة الوطنية والخروج من أفكار لاتزال مشتتة بشان تطوير الصناعة الوطنية وتفعيل دورها في عملية التنمية الاقتصادية.

 إن إقامة مشاريع مدن صناعية وخاصة الصغيرة والمتوسطة  لا يمكن النظر اليها باعتبارها مشاريع مستقلة قائمة بذاتها، بل من خلال ارتباطها عضويا باستراتيجية صناعية وثيقة الصلة بعملية التنمية الاقتصادية في العراق وبالتالي فان التحديات التي تواجه الاقتصاد العراقي  المتمثلة بخطل السياسات الاقتصادية وارتباكها وغياب استراتيجيتها الواضحة التي كان من المفترض أن  تأخذ بالاعتبار قبل كل شيء، تفعيل القطاعات السلعية، والكفاءة في إدارة  الموارد المالية والاعتماد على الريع النفطي في إعادة البنية الاقتصادية فضلا عن التشريعات الجاذبة للاستثمار، وبخصوص هذه النقطة على  سبيل المثال كان هناك توجه لتعديل قانون المدن الصناعية رقم 2 لسنة 2019 بهدف جذب المستثمرين المطالبين بتملك الأراضي  ووضع الحجر الأساس لمشروع مدينة النجف الصناعية غير الملوثة في تشرين الثاني 2022 لكي تكون من أكبر المدن الصناعية بمساحة 6 آلاف كم2، ولكن هذه التوجهات ظلت معلقة تنتظر من يعيد تحفيزها مجددا. وإضافة إلى تلك الحلول ايجاد مصادر مالية بديلة ومستقرة عبر انشاء صندوق سيادي للاستثمار مما لم يتحقق لحد الآن ولهذه الاسباب مجتمعة كان مشروع إقامة المدن الصناعية، ولا زال يواجه التردد والاستسلام لمعوقات مصطنعة تتخذها الدوائر ذات العلاقة بالتنمية الصناعية.

إن تحويل أفكار إقامة مدن صناعية إلى أفعال حقيقية تتطلب دراسة شاملة ومعمقة للمناطق المناسبة لها في مختلف المحافظات العراقية على أساس توافر المواد الأولية ، وعوامل  الطاقة ووفرتها والعوامل اللوجستية والخدماتية ومبدأ التخصص  والتكامل في تلك الصناعات، و من المفيد دراسة التجربة العالمية في هذا المجال، فعلى سبيل المثال في الصين تعتبر شنغهاي العاصمة الاقتصادية وهي متخصصة بالصناعات الثقيلة والمعدات الصناعية وخطوط الانتاج وقطع الغيار الصناعية، ومدينة جباتشي متخصصة بصناعة الرخام والكرانيت والسيراميك  والبلاط، وفي ألمانيا تتركز الصناعة التحويلية في مدينة درسدن وأن قوة الصناعة في المانيا تتركز في الشركات الصغيرة التي لا تزيد عمالتها عن 500 ولكن هذه الشركات هي المسؤولة عن الصادرات إلى الخارج. ليس المقصود من طرح هذه الامثلة استنساخ هذه التجربة لاختلاف القدرات ومستوى التطور مع العراق وإنما نقل ما يتناسب مع خصوصية ظروف العراق سواء الافتقار إلى التكنولوجية أو حجم الموارد ومستوى التدريب والخبرات الصناعية.

من هنا فان تحقيق هدف إقامة مدن صناعية يتطلب بالإضافة إلى الإرادة الحازمة، حزمة من التدابير والإجراءات ذات فعالية واضحة وملموسة ومنها:

  1. وجود إدارة كفوء على مستوى عال تتصف بالحزم والمصداقية وتعمل بعقل رشيد وبعلم ومعرفة واسعة بطبيعة المدن الصناعية واختصاصاتها واستيعاب عوامل نجاحها، ومنحها الصلاحيات الكافية لاتخاذ القرارات المناسبة.
  2. توفير القاعدة التحتية للمدينة الصناعية المتمثلة بتوفر الطاقة من كهرباء ووقود وطرق المواصلات وكافة الخدمات التي تحتاجها وقبل كل شيء الأرض المخصصة للمدينة الصناعية التي يجب ان تكون خارج مراكز المحافظات.
  3. تشجيع الصناعيين على الاستثمار في هذه المدن عبر القروض الميسرة والإعفاءات الكمركية بالنسبة للتقنيات المستوردة التي تتطلبها الصناعات المستهدفة والإعفاءات الاخرى المتعلقة بضريبة الدخل وضريبة العقار والإعفاء من الرسوم الخدمية.

*****************************************

الصفحة الخامسة

نهر العشّار.. من ممر{للبلم العشّاري} إلى مكبّ للنفايات والمجاري

البصرة – باسم محمد حسين

يعد نهر العشار أحد أربعة أنهار رئيسة تتفرع من شط العرب وتدخل إلى مدينة البصرة. ويقسم هذا النهر منطقة العشار إلى قسمين غير متساويين. وللعلم ان تسمية "العشار" مشتقة من كلمة "عُشر"، وهي الضريبة التي كانت تستوفى سابقاً عن البضائع والمنتجات الزراعية التي تدخل المدينة وتنقل عبر هذا النهر.

كان نهر العشار في الماضي ماؤه صافٍ نقي، تسير فيه الزوارق المسماة "البلم العشاري"، التي تنقل البضائع، أو تقل الناس أو تأخذهم في نزهة.

في عام 1989 عند حملة إعمار مدينة البصرة تم قطع الماء عن النهر وتفريغه وتنظيفه وتقوية أكتافه بالشيلمان، مع تغليف أجزاء من ضفافه بالحجر، حتى صاروا يسمونه "دانوب البصرة" لجماله وجمال منظر الزوارق التي تمر فيه، فضلا عن جمال المباني التراثية المطلة على جانبيه في بعض المناطق. 

وبعد التغيير 2003، وبفعل تقادم أنابيب المجاري وانسدادها، قامت المحال والفنادق والمنازل القريبة من النهر، بربط مجاريها بأنابيب شبكة مياه الأمطار، التي تصب في النهر، فضلا عما يّرمى فيه من نفايات وأنقاض، ما حوله إلى بؤرة تلوّث تنبعث منها روائح كريهة، في مشهد يثير أسفا شديدا.

قبل سنوات عدة تم قطع النهر بحاجز كونكريتي، مع نصب مضخات تسحب الماء من شط العرب وتصب فيه. والغاية من ذلك هي ربطه بنهر الخندق عند نهاية "منطقة نظران" ليعود ماؤه مجدداً الى شط العرب، بغية أن يبقى نظيفاً. حيث تدور المياه عبر هذين النهرين. لكن لأسباب لا يعلمها إلاّ البعض، تتوقف هذه المضخات في غالب الأوقات وتعمل سويعات قليلة في الشهر، بينما تستمر مياه مجاري تصب في النهر من جهته الشمالية، الأمر الذي حوله الى مجرى مياه ثقيلة وليس نهراً متفرعاً من شط العرب.

علماً ان النهر يمر بمناطق وأحياء تسكنها مئات الآلاف من الناس، ولكم ان تتخيلوا الروائح الكريهة المنبعثة منه والمضرة بصحة الإنسان، ناهيك عن الأوساخ والنفايات التي يرميها البعض فيه تخلصاً منها. 

جهود حكومة البصرة المحلية في إعمار المدينة ومدّها بالخدمات، جيدة وتحسب لها، لكنها للأسف الشديد غير متكاملة وغير مدروسة جيداً. فقد سبق أن مدت أنبوب مجارٍ حديدي كبير في الرقعة الواقعة عند الجهة الجنوبية من النهر، بدءا من منطقة السيمر وصولا إلى العشّار، لكنها لم تعالج المنطقة الأكثر اكتظاظا بالسكان والمراكز التجارية، والتي تبدأ من العشار وصولا إلى نظران، مرورا بالساعي والتحسينية والصبخة الكبيرة. بينما هناك مشاريع اقل أهمية تُنفذ بتكاليف باهظة، ما يراها الكثيرون أعمال تزويق وليس إعمارا.

أناس كثيرون كتبوا عن كارثة نهر العشار التي باتت لا تُطاق، وطالبوا بمعالجات، لكن هل من مجيب؟!

*******************************************

الموصل جمعية التشكيليين بلا مقر ولا دعم 

الموصل – طريق الشعب

تعاني جمعية الفنانين التشكيليين في نينوى، والتي تأسست عام 1974، ظروفا مالية صعبة تضع تحديات كبيرة أمام استمرارية نشاطاتها. وعلى مدار العقود الماضية، لعبت الجمعية دورًا محوريًا في تعزيز الحركة التشكيلية في المحافظة، عبر فعاليات سنوية، أبرزها المعرض التشكيلي السنوي، ومعرض الشباب، ومعرض الفنانات التشكيليات، لكنها، وبالرغم من تلك الفعاليات، لا تزال تعاني غياب الدعم الحكومي، سواء من الحكومة المركزية أم المحلية. في حديث لـ"طريق الشعب"، قال مدير الجمعية د. خليف محمود، أن جمعيتهم بحاجة إلى دعم مالي مستدام لمواصلة أنشطتها، مشيرا إلى أن تكاليف الإيجار تُشكل عبئًا كبيرًا على الجمعية. حيث تدفع سنويًا بتمويل خاص من الأعضاء، في ظل غياب أي دعم رسمي. ولفت إلى ان الجمعية طالبت مرارًا بتأسيس متحف للفن التشكيلي في مدينة الموصل، ليكون منصة دائمة لعرض نتاجات الفنانين من أبناء المدينة، مبينا انه رغم المخاطبات المتكررة للجهات الحكومية، لم تتلقَ الجمعية أي رد رسمي حتى الآن. وأكد د. محمود أنه بالرغم من التحديات المالية، تواصل جمعيتهم تثقيف المجتمع بأهمية الفن، مع احتضان المواهب الفنية ودعمها.

****************************************

اگول.. وطنٌ يهدم المصانع ويشيّد المطاعم!

حسن الجواد

في العراق اليوم، كل شارعٍ جديد لا يخلو من مطعمٍ أو مقهى، كل رأسمالٍ يبحث عن الربح السريع يجد ضالته في مشاريع الطعام والشراب، بينما تغيب المصانع والمعامل وكأنها إرثٌ من زمنٍ انتهى. لا صناعة، لا إنتاج، لا مشاريع تضع العراق على خريطة الاقتصادات الفاعلة، بل انه سوقٌ مفتوحة تكتفي بالاستيراد، وكأن البلاد قد تحوّلت إلى مطعمٍ كبير، تتعدد فيه قوائم الطعام، وتغيب عنه قوائم الإنتاج.

المفارقة الصادمة هي أن العراق لم يكن هكذا يومًا. كان بلدا يصنع الأقمشة، ينتج الأدوية، يصدّر المحاصيل، يبني صناعاتٍ ثقيلة، ويؤسس اقتصادا قائما على التوازن بين الإنتاج والاستهلاك. أما اليوم، فقد أصبح إنشاء مطعم أكثر ربحية من افتتاح مصنع، لا لضعف الكفاءة أو قلة الحاجة، بل لأن الدولة لا تدعم الصناعة، ولا توفّر التسهيلات لأصحاب المشاريع الصغيرة، إنما تُغلق في وجوههم الأبواب بالإجراءات المعقدة والضرائب الثقيلة، بينما تفتحها مشرّعة أمام المستوردين، وكأن الاقتصاد محكومٌ بلعنة الاعتماد على الخارج.

المشاريع الإنتاجية ليست مجرد أرقام اقتصادية، بل هي التي تصنع الاستقلال الحقيقي لأي بلد، وهي التي تخلق فرص العمل وتضمن الاستقرار الاجتماعي. لكن حين يُقتل الإنتاج عمداً، وتُترك المصانع لتنهار، يصبح العراقي مجرد مستهلكٍ ينتظر ما تجود به الأسواق الأجنبية، بينما تختفي مهنٌ وصناعاتٌ كانت تشكل جزءاً من هوية الوطن.

لماذا لا نجد مبادراتٍ جادّة لإنشاء مصانع صغيرة تدعم الاقتصاد المحلي؟ لماذا تُمنح القروض والتسهيلات لأصحاب مشاريع المطاعم، بينما يُترك الصناعيون ليواجهوا مصيرهم وحدهم؟ لماذا لا توجد حماية للمنتج الوطني في مواجهة طوفان المستورد؟ الأسئلة كثيرة، لكن الجواب واحد: غياب الرؤية الاقتصادية التي تؤمن بأن الأوطان تُبنى بالمصانع، لا بالمقاهي.

إن استمرار هذا النهج يجعل العراق أكثر هشاشة أمام أي أزمةٍ اقتصادية عالمية، ويجعل مستقبله مرهوناً بما يُستورد، لا بما يُنتج. إن لم تكن هناك إرادةٌ لإعادة بناء القطاع الصناعي، وإن لم يكن هناك دعمٌ حقيقي للمشاريع الإنتاجية، فسيظل العراق بلداً يأكل أكثر مما يصنع، ويبني مطاعم بدل أن يبني مصانع، حتى يأتي يومٌ يجد فيه نفسه بلا صناعة، بلا اقتصاد، وبلا سيادة حقيقية.ِ

******************************************

القرنة منهولات بلا أغطية تهدد حياة الناس

متابعة – طريق الشعب

ناشدت مجموعة من أهالي قضاء القرنة شمالي البصرة، أول أمس الثلاثاء، الجهات المعنية التدخل العاجل لمعالجة خطر منهولات مكشوفة بلا أغطية، تقع بين شارعي 15 و20 في منطقة الجلعة، قرب مدرستي "الشهيد" و"الشرش"، مشيرين إلى ان المنهولات باتت تشكل تهديدًا مباشرًا لحياة المئات من الطلبة والتلاميذ الذين يمرون بالقرب منها يوميًا. وحذر الأهالي من "استمرار هذه الكارثة"، مبينين أنه تم لحام أغطية المنهولات أكثر مرة، لكن دون جدوى. إذ تعود وتنفتح مجددا، مطالبين الجهات المعنية، بوضع حد لهذه المشكلة قبل وقوع حوادث مأساوية "فالمنطقة تشهد حركة كثيفة للأطفال والمارة يوميًا".

******************************************

مواساة

  • تعزي اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في واسط عائلة الشهيد علي نجم عبد الله اللامي، بوفاة شقيقه الأستاذ عبد الله نجم عبد الله.

الذكر الطيب للفقيد والصبر والسلوان لذويه ورفاقه.

كذلك تعزي اللجنة المحلية الرفيق حميد حمود فرج، بوفاة شقيقه الرفيق حسون حمود إثر مرض عضال لم يمهله طويلاً. الذكر الطيب للفقيد والصبر والسلوان لأهله ورفاقه.

  • تنعى اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في الكرخ الثانية الرفيق محمود دفار سدحان من اساسية شاكر محمود، والذي توفي بعد معاناة طويلة مع المرض . للفقيد الذكر الطيب ولعائلته ورفاقه جميل الصبر والسلوان.
  • تعزي اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في النجف الرفيق ذيبان عبادي الخالدي، بوفاة ابن عمه الشخصية الاجتماعية الحاج مهدي مدلول الخالدي.

للفقيد الذكر الطيب ولأهله الصبر والسلوان .

***********************************************

الصفحة السادسة

تكتيكات الكيان في الضفة لا تختلف عما يطبقه في غزة

تظاهرة تندد بتهجير 40 ألف فلسطيني من بيوتهم في الضفة المحتلة

رام الله - وكالات

على عكس العمليات السابقة، كثف الجيش الإسرائيلي من عملياته التي طالت عدة بلدات بما فيها مخيمات طولكرم والفارعة ونور شمس ما أثار لدى السكان ذكريات النكبة التي هجّرت مئات الآلاف من الفلسطينيين من أرضهم غداة قيام دولة الاحتلال عام 1948.

تظاهر فلسطينيون في مدينة طولكرم بالضفة الغربية المحتلة احتجاجا على طردهم من بيوتهم من قبل جيش الاحتلال قبل أيام. وقد رفع المتظاهرون الأعلام الفلسطينية ولافتات تندد بقرار الطرد، وسط هتافات تطالب بالعودة إلى بيوتهم في مخيمات اللجوء.

وقال أحد المشاركين في الاحتجاج: "إننا لن نقبل بالنزوح وسنعود إلى بيوتنا. سنعود إلى مخيمنا المدمّر. سنعود ونعيد بناء هذا المخيم" وفق تعبيره.

وفي جنين، وجد 85 فلسطينيا ملاذا آمنا في جمعية تأهيل ورعاية الكفيف بعد نزوحهم قسرا من مخيم المدينة بسبب الأوامر العسكرية الإسرائيلية. من هؤلاء، حليمة الزوايدة وهي أم غادرت المخيم في الثاني والعشرين مع 15 فردا من عائلتها. وهي الآن تقيم في مركز الجمعية مع 23 عائلة نازحة أخرى. وتقول حليمة إنها رغم شعورها بالامتنان لأنها وجدت سقفا يؤويها فإنه لا يوجد ما يمكن أن يعوض بيتها الذي طُردت منه في المخيم.

وإلى جانب الإيواء، توفر جمعية تأهيل ورعاية الكفيف في جنين المتطلبات الأساسية للنازحين، مثل الوجبات اليومية وهذا بفضل تبرعات الأهالي ومنظمة المطبخ العالمي ومؤسسات رسمية أخرى.

ويكافح الفلسطينيون في شمال الضفة المحتلة لسد حاجات النازحين من مخيمات اللجوء التي طالتها أوامر الإخلاء الإسرائيلية.

وتقول الأمم المتحدة إن ما لا يقل عن 40 ألف فلسطيني قد هُجروا من بيوتهم بسبب العملية العسكرية التي شنتها الدول العبرية على مخيمات الفارعة وطولكرم وجنين شمال الضفة الغربية. ولم يجد هؤلاء بدا من الاحتماء ببيوت أقاربهم أو ملاجئ وفرتها لهم على عجل الجمعيات الخيرية.

وكان وزير دفاع الكيان يسرائيل كاتس قد صرح الأسبوع الماضي بأن قواته ستبقى في المنطقة لمدة عام وأن الفلسطينيين الذين هُجّروا لن يمكنهم العودة. وتُعتبر هذه أكبر موجة نزوح في الأراضي المحتلة منذ نكسة حزيران.

وكانت مدينة جنين أول هدف للحملة العسكرية الإسرائيلية التي بدأت في 21 كانون الثاني أي بعد أيام من إعلان وقف إطلاق النار بين تل أبيب وحماس. كما كان الحال منذ طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر 2023 حيث اقتحمت إسرائيل المدينة عشرات المرات منذ ذلك التاريخ.

لكن على عكس العمليات السابقة، فإن جيش الدولة العبرية كثف من عملياته التي طالت عدة بلدات مجاورة بما فيها مخيمات طولكرم والفارعة ونور شمس ما أثار لدى السكان ذكريات النكبة التي هجّرت مئات الآلاف من الفلسطينيين من أرضهم غداة قيام دولة إسرائيل عام 1948.

ففي ذلك التاريخ، طُرد 700 ألف فلسطيني من بيوتهم التي كانت تقع في ما يعرف الآن بدولة إسرائيل. ولجأ هؤلاء حينها إلى الضفة الغربية التي احتلتها إسرائيل هي الأخرى بعد نكسة حزيران 1967 والتي تغصّ منذ ذلك الوقت بمخيمات اللاجئين المكتظة.

وتقول المنظمات الإنسانية إنها لم تر نزوحا مثل هذا منذ حرب 1967 حين احتلت إسرائيل الضفة الغربية لنهر الأردن والقدس الشرقية وقطاع غزة ودفعت بـ 300 ألف فلسطيني آخر إلى طريق اللجوء.

ويرى الخبراء أن التكتيكات الإسرائيلية في الضفة أصبحت لا تختلف عن تلك التي تطبق في غزة. وأن الخطة التي أعلن عنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن تهجير سكان القطاع قد شجعت اليمين المتطرف في الدولة العبرية على تجديد دعواته لضم الضفة الغربية المحتلة.

****************************************************

الإعدام لمتهمين باغتيال المعارض التونسي محمد البراهمي

 

تونس - وكالات

أصدرت محكمة تونسية، الثلاثاء، أحكاما بالإعدام بحق ثمانية متهمين باغتيال المعارض والنائب السابق محمد البراهمي عام 2013، بحسب ما نقلته وسائل إعلام محلية.

وبحسب تقارير صحفية، فقد وجهت إلى المتهمين تهمة ارتكاب "جريمة الاعتداء المقصود منه تبديل هيئة الدولة، وحمل السكان على قتل بعضهم البعض بالسلاح، وإثارة الهرج والقتل بالتراب التونسي".

كما أعلن جهاديون مرتبطون بتنظيم "الدولة الإسلامية" مسؤوليتهم عن اغتيال البراهمي في 25 تموز 2013، والمعارض اليساري شكري بلعيد في شباط من العام نفسه.

وعرف عن البراهمي معارضته سياسة حركة النهضة التي تولت السلطة بعد ثورة 2011 في تونس، قبل أن ينفرد الرئيس قيس سعيد بالسلطات عام 2021، عقب انتخابه عام 2019.

وشكل اغتيال البراهمي وبلعيد صدمة ضخمة في تونس، خصوصا أنه جاء خلال مرحلة انتقال ديمقراطي شهدها البلد الذي انطلقت منه شرارة ثورات "الربيع العربي".

*******************************************

الكشف عن تفاصيل خطة ترامب بشأن أوكرانيا

واشنطن - وكالات

ذكرت صحيفة أمريكية، نقلا عن ممثل للبيت الأبيض، أن خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، للتسوية في أوكرانيا، لا تتضمن التزامات أمريكية بإرسال قوات إلى المنطقة، أو تقديم المساعدة في حالة وقوع أعمال عسكرية.

ونقلت الصحيفة عن مسؤول كبير، أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أصر في محادثة مع ترامب، خلال زيارته لواشنطن، على أن الولايات المتحدة يجب أن تدعم القوات التي تريد باريس ولندن إرسالها إلى أوكرانيا في حالة التوصل إلى تسوية.

وأضاف المصدر أن ترامب كان منفتحا على الفكرة، وأن الرئيس الفرنسي غادر واشنطن، معتقدا أنه توصل إلى تفاهم مع نظيره الأمريكي.

وعلى الرغم من أن ماكرون يعتقد أن لديه تفاهما مع ترامب، إلا أن المسؤول في البيت الأبيض، قال إن اتفاق السلام الذي يعكف ترامب على صياغته، لن يتضمن ضمانات للمساعدة العسكرية في المستقبل، أو أي التزام بإرسال قوات أمريكية إلى المنطقة.

***************************************************

المستشار الألماني المرتقب  {يخاطر} بالتقرب من اليمين المتطرف

برلين - وكالات

من المتوقع أن يتولى فريدريش ميرتس - زعيم حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي – منصب المستشار القادم لألمانيا.

وعلى الصعيد السياسي، لم يكن أداؤه مُرضياً على الإطلاق، ورغم ذلك، وعد بقيادة قوية للبلاد ومعالجة العديد من المشاكل التي تعاني منها في غضون أربع سنوات.

ومع ظهور نتائج الانتخابات مساء الأحد الماضي، لفت ميرتس الانتباه عندما أعلن أن الولايات المتحدة تبدو غير مبالية بمصير أوروبا، وتساءل عن مستقبل حلف شمال الأطلسي (ناتو)، مطالباً أوروبا بتعزيز دفاعاتها.

وكشفت محاولته المثيرة للجدل الشهر الماضي – تمرير اقتراح غير ملزم يتضمن تشديد قواعد الهجرة بدعم من أصوات اليمين المتطرف من البرلمان – عن رجل مستعد للمغامرة من خلال كسر أحد أهم المحرمات الرئيسية.

ويُعد مثل هذا القرار انفصالا واضحا آخر عن موقف الحزب الديمقراطي المسيحي الأكثر وسطية تحت قيادة منافسته السابقة في الحزب أنغيلا ميركل.

ورغم أن ميرتس فشل في نهاية المطاف في تغيير القانون، إلا أنه وجه كل طاقته إلى الحملة الانتخابية التي انطلقت بعد انهيار حكومة المستشار، أولاف شولتز أواخر العام الماضي.

ومن المعروف أن ميركل كانت تهمش ميرتس قبل أن تصبح مستشارة، فاستقال من البرلمان والتحق بعدة وظائف تدر الكثير من المال في عدد من الشركات، وأصبح البعض يعتبره سياسياً سابقاً.

********************************************

الشيوعي السوري: نتنياهو يقتنص عدم اكتراث الإدارة الحالية بقضمه الأرض السورية

دمشق – وكالات

قال المكتب السياسي للحزب الشيوعي السوري الموحد، إنه لم يكن خطاب رئيس وزراء الكيان الصهيوني مفاجئاً لأحد من حيث جوهره، فهو استمرار للنوايا الصهيونية المدعومة من قلعة الإمبريالية العالمية، لخلق شرق أوسط جديد خال بأكمله من أي مقاومة لأطماع الكيان الصهيوني باستباحة المنطقة العربية بأكملها.

وذكر الحزب في بيان تلقته "طريق الشعب" أنه "بعد القوة المفرطة في إبادته للشعب الفلسطيني في غزة وبقية المناطق الفلسطينية، وبعد الضربات الموجهة للمقاومة اللبنانية، ها هو نتنياهو يقتنص فرصة الأحداث السورية، وعدم اكتراث الإدارة الحالية للبلاد بقضمه الأرض السورية في القنيطرة، وتهديده وتهجيره للسكان، ويعلن وصايته على سورية وشعبها ومستقبلها، ويضع أمام مرأى ومسمع العالم بأسره ما يجوز.. وما لا يجوز لإدارة سورية الحالية وينصب الكيان الصهيوني حامياً لمواطنينا (الدروز) ولسكان المنطقة الجنوبية في سعي محموم لإثارة الفتن الطائفية والمناطقية، ومنع أي مصالحة وطنية شاملة، مستغلاً سكوت الإدارة الحالية للبلاد عن سلوكه العدواني التوسعي".

ولفت إلى أنه "في جميع المنعطفات التي واجهت سورية كان أهلنا في المنطقة الجنوبية (السويداء – درعا – القنيطرة) في مقدمة الداعمين والفاعلين في مواجهة تقسيم البلاد، ووحدة سورية أرضاً وشعباً، وهم يعلنون اليوم أكثر من أي وقت مضى تمسكهم بوحدة بلادهم، ومواجهتهم للتقسيم تحت أي شعار".

وأشار البيان إلى أن "الكيان الصهيوني لا يرمي فقاعات في الهواء، وتصريحات (نتنياهو) تعني الضوء الأخضر لتنفيذ مخططه العدواني تجاه سورية وشعبها، وهو ما يستدعي من الإدارة الحالية للبلاد وضع مواجهة مخطط الكيان الصهيوني في رأس أولوياتها. وهذه المواجهة تتطلب وحدة السوريين، لا التفرد والإقصاء، والاستفادة من قدرات العسكريين السوريين في ظرف يتطلب وجودهم في قطعاتهم العسكرية على خط المواجهة".

ونوه إلى ان "الشعب السوري واجه في الماضي محاولات التقسيم، وهو مصمم على مواجهة تهديدات الكيان الصهيوني الجديدة، ولن يتنازل عن سورية الموحدة أرضاً وشعباً. صفاً واحداً لمواجهة الوصاية الصهيونية".

***************************************************

الشيوعي السوداني يدعو لوقف الحرب واسترداد الثورة

لندن – طريق الشعب

طرح الحزب الشيوعي السوداني في مؤتمر صحفي عقد في لندن يوم 22 شباط، مبادرة (لوقف الحرب واسترداد الثورة)، اشترك فيه الرفيقان فتحي الفضل وصدقي كبلو عضوا المكتب السياسي للحزب.

وقالت سكرتارية اللجنة المركزية للحزب، في بيان، إن هذه المبادرة تأتي في ظل الحرب الطاحنة الدائرة بين أطرافها والتي أدت إلى نزوح ما يزيد عن 11 مليون سوداني، وهجرة ما يقارب المليونين من السودانيين بحثا عن السلامة والحياة الآمنة. وإن ما حدث من جرائم حرب يعد أكبر كارثة إنسانية عالمية في السنوات الأخيرة.

وأوضحت السكرتارية أن مبادرة الحزب تدعو إلى مواجهة التدخلات الخارجية، وتحقيق العدالة الانتقالية، وإعادة بناء الدولة السودانية وإدارتها، واستعادة القرار الوطني المستقل، موكدة على ان الحل يكمن في توحيد القوى الوطنية والديمقراطية على أساس تقويم شامل للتجربة السابقة. وترى أن حل الأزمة يكون نابعا من إرادة الجماهير ونهوضها في الداخل، وليس مفروضا من قوى خارجية.

وأضافت سكرتارية اللجنة المركزية أن استمرار الحرب أكثر من عامين لم يكن ممكنا لولا التدخلات الخارجية، وتلقي الطرفين قدرا ضخما من الدعم العسكري والدبلوماسي، الأمر الذي أدى إلى تمدد حرب الوكالة وتواصلها في البلاد، بتأييد حكومات مصر وإيران وروسيا لسلطة الأمر الواقع في بورتسودان، بينما تقف دول الأمارات وكينيا وتشاد إلى جانب مليشيا الدعم السريع.

وفي حديثه أكد الرفيق صدقي كبلو، عضو المكتب السياسي للحزب، أن الحرب المتصاعدة خلقت وضعا غير آمن للشعب وسط أزمة معاشية وندرة الغذاء والدواء. واعتبر أن مواجهة التشرذم وانبثاق جبهة قاعدية عريضة هو الطريق الوحيد لمجابهة الحرب ودعم المدنيين.

واوضح الرفيق فتحي الفضل، عضو المكتب السياسي، أن الرغبة في استمرار الحرب ليست قرارا سودانيا، وتقف وراء ذلك قوى إقليمية (كما أوضح البيان)، "ولهذا نعمل على استعادة القرار الوطني المستقل، ووقف الحرب، لأن ذلك يرسّخ الركن المدني الديمقراطي. ونحن نعمل على الاعتماد الجماهير والقواعد وليس على التحالفات أو اللقاءات الفوقية التي سرعان ما تنهار".

وحول الأسئلة المطروحة من قبل مندوب "طريق الشعب"، وغيره من المتداخلين، أوضح الرفيقان أن هنالك العديد من منظمات المجتمع المدني والأحزاب السياسية التي لديها موقف واضح من الحرب، "ونحن نعمل على إدارة الحوار معها لبورة جبهة عريضة مرتبطة بالقواعد. وهناك وعي جديد متزايد وخصوصا في الأقاليم بأهمية هذا الأمر. ونحن لا نستهين بدور الجماهير والقوى المدنية من أجل تحقيق الركن الاساسي لتحقيق السلم وإيقاف الحرب".

وأشار المتحدثان إلى رفض الحزب الشيوعي السوداني إجراء أي حوار مع قوى الدعم السريع، باعتبارها ميليشيات مجرمة، ارتكبت الكثير من الجرائم بحق الشعب. كما أن اتفاقيات الأطراف المتحاربة، ومنها اتفاقية (جوبا)، لم تأت بسلام ولم تحل القضايا الأساسية.

وأكدا أن الحزب يرفض أي انقلاب عسكري، "ونحن نعتمد على الجماهير في أي تغيير مرتقب، لتحقيق السلم واسترداد ثورة سبتمبر والوصول إلى أهدافها".

في السياق، ذكرت افتتاحية صحيفة الميدان الناطقة باسم الحزب الشيوعي السوداني، ان "السودان يقف على حافة الهاوية، فمع استمرار الحرب بين القوات المسلحة السودانية والمليشيات المتحالفة معها من جهة، ومليشيات الدعم السريع من جهة أخرى، يجد المدنيون أنفسهم عالقين في واقع مرير، حيث أصبحت الاعتقالات التعسفية، والاختفاء القسري، والإعدامات الميدانية ممارسات يومية".

وأشار إلى انه "لكن ما يزيد الوضع مأساوية هو تصاعد أعمال القتل الانتقامي، حيث يستهدف الأفراد بناءً على انتماءاتهم القبلية، مواقفهم السياسية، أو حتى مجرد الاشتباه في علاقتهم بأطراف النزاع"، مبينة أن "هذه الممارسات غير القانونية، سواء ارتُكبت على يد القوات النظامية أو الميليشيات المتحالفة معها أو مليشيا الدعم السريع، لا تؤدي إلا إلى تعميق الانقسامات وإطالة أمد الحرب، فلا يمكن للسودان أن يخرج من أزمته عبر دوامة العنف المتبادل، بل من خلال تحقيق العدالة وجبر الضرر في ظل دولة مدنية ديمقراطية.".

وقالت إن "التقارير الواردة من المناطق التي تستعيدها القوات المسلحة من سيطرة الدعم السريع ترسم صورة قاتمة: نشطاء وصحفيون ومواطنون عاديون يُعتقلون دون تهم، يُعذَّبون، يُخفَون قسريًا، بل ويُعدَم بعضهم خارج نطاق القانون، هذه ليست مجرد انتهاكات لحقوق الإنسان، بل هي جرائم حرب مكتملة الأركان، ولا يمكن لأي ذريعة أمنية أن تبرر إزهاق أرواح الأبرياء دون محاكمات عادلة".

*************************************************

الصفحة السابعة

انتهاكات جسيمة تطال عمال عقود القطاع الخاص

بغداد – طريق الشعب

يشكو عدد كبير من عمال عقود القطاع الخاص من عدم التزام الشركات بتنفيذ بنود عقود العمل الموقعة بينهم وبينها، مشيرين إلى أن "بعض الشركات تفرض غرامات مالية كبيرة وتلجأ إلى الملاحقات القانونية إذا طالب العمال بإنهاء العقود، رغم وجود قانون يفرض محاسبة أرباب العمل على مخالفاتهم، لكنه يفتقر إلى التنفيذ الفعلي".

انتهاكات في عقود العمل

سجاد تحسين، عامل في إحدى الشركات الاستثمارية، صرح لـ "طريق الشعب" قائلا: "عمال القطاع الخاص هم الفئة الأكثر تعرضا للظلم والاستغلال. وعلى الرغم من وجود قوانين تحميهم، إلا أن التنفيذ الحقيقي لهذه القوانين غائب تماما".

وأضاف أن "الكثير من شركات القطاع الخاص تفرض شروط عمل تعسفية، وتلجأ إلى فسخ عقود العمل بعد استنفاد جهد العمال في فترات قصيرة. هذا الوضع يترك العمال في حالة من العجز عن استرداد حقوقهم".  وأكد أن الشركات تمتنع عن دفع أجور إضافية للعمال مقابل ساعات العمل الإضافية، كما أنها تنهي العقود وتفرض شروطا جديدة تعسفية على العمال، وفي حال الرفض، يتم انهاء خدماتهم.

وأشار سجاد إلى أن عمال العقود، خصوصا في القطاع الخاص، يضطرون رغم ذلك لمواصلة العمل بسبب غياب البدائل وعدم توفر فرص أخرى وغياب الرقابة القانونية الفاعلة، متعرضين لشروط عمل جائرة وتدني الأجور إلى المستوى الذي لا تتناسب فيه مع الجهد.

تحديات تواجه العمال

وعن العمال المسجلين في الضمان الاجتماعي، أشار إلى أن الشركة التي يعمل بها، مثل الكثير من الشركات الأخرى، تمتنع عن شمول العمال بالضمان الاجتماعي، تهربا من دفع مستحقاتهم المالية. وبالنسبة لعقود العمل، يرى سجاد أن "العقد أصبح وسيلة تستخدمها الشركات لمعاقبة العمال وتغريمهم إذا رفضوا الامتثال لشروطها التعسفية وغير القانونية".

وعن أسباب عدم تقديم العمال لشكاوى قانونية، قال: "معظم شركات القطاع الخاص مرتبطة بقوى متنفذة في الحكومة، إضافة إلى ضعف الأداء النقابي وغياب دور وزارة العمل، التي انشغلت بدفع مستحقات الرعاية الاجتماعية بدلا من حماية حقوق العمال".

مقصرون في تقديم الشكاوى

من جانبه، أكد المحامي جعفر مهدي وجود تقصير كبير من قبل العمال في رفع الشكاوى القانونية ضد أرباب العمل. وقال لـ "طريق الشعب": "الكثير من أرباب العمل يستغلون ضعف الرقابة القانونية للتنصل من تنفيذ قانون العمل الذي يحمي حقوق العمال وخاصة أصحاب العقود منهم".

وأضاف أن "الشروط المخالفة لقانون العمل رقم 37 لسنة 2015، مثل تحديد الحد الأدنى للأجور وساعات العمل، تعد باطلة. ويمكن للعامل استرداد حقوقه كاملة عند تقديم شكوى قانونية، إضافة إلى فرض غرامات على صاحب العمل".

ودعا جعفر الاتحادات والنقابات العمالية إلى تكثيف حملات التوعية بين العمال لتمكينهم من معرفة حقوقهم ورفع الشكاوى القانونية لردع هذه الانتهاكات.

مخالفات قانونية

بدورها، ذكرت المحامية سماح الطائي أن العديد من أرباب العمل يضعون شروطا مخالفة للقانون في عقود العمل. وأوضحت أن "العامل له الحق في تقديم الشكوى القانونية وكسبها بسهولة، حيث تنص المادة 14 من قانون العمل على ضمان الحد الأدنى للأجور. وأي عقد يتضمن شروطا أقل من ذلك يعد باطلا".

وزارة العمل تتحمل المسؤولية

وعن استمرار المخالفات رغم وجود القانون، أشارت الطائي إلى أن "وزارة العمل والشؤون الاجتماعية تتحمل مسؤولية ارتفاع الانتهاكات، كونها الجهة الرقابية والتنفيذية للقانون. لكن ضعف الرقابة وغياب الجهود لتعزيز تطبيق القانون سمح بزيادة الانتهاكات واستغلال أرباب العمل للعمال". وأكدت على أهمية رفع مستوى الوعي النقابي لدى العمال، وتفعيل دور لجان التفتيش في وزارة العمل، مع توفير الحماية الكافية لهم لضمان تنفيذ القانون وحماية حقوق العمال.

***********************************************

العراق يجدد التزامه بالمعايير الدولية في تشريع قانون التنظيم النقابي

بغداد – طريق الشعب

أكد وكيل وزارة العمل والشؤون الاجتماعية لشؤون العمل، د. خالد أمجد الصائغ، التزام العراق الكامل بالمعايير الدولية في تشريع قانون جديد للتنظيم النقابي. جاء ذلك خلال حوار موسع عقده الوفد العراقي المشارك في المنتدى العالمي للحوار الثلاثي في جنيف، مؤخرا، مع كبار مسؤولي قطاع المعايير الدولية والحريات النقابية في منظمة العمل الدولية.

وأشار الصائغ خلال اللقاء، الذي شهد مشاركة مديرة مكتب بغداد للمنظمة، د. مها قطاع، والخبير في المنظمة وسام جاسب عبر الدائرة الإلكترونية، إلى أن الوزارة تعمل بتنسيق مستمر مع المنظمة لضمان توافق القانون الجديد مع الاتفاقيات الدولية، ولا سيما الاتفاقيتين 87 و98 المتعلقتين بالحريات النقابية والمفاوضة الجماعية.

وأكد الصائغ أن الحكومة العراقية تولي اهتماما كبيرا بهذا التشريع، موضحا أنه تم تشكيل لجنة عليا تضم ممثلين عن أطراف الإنتاج الثلاثة (الحكومة، العمال، وأصحاب العمل) وخبراء من لجنة العمل النيابية لتقريب وجهات النظر وضمان توافق القانون مع المواثيق الدولية، بدعم كامل من منظمة العمل الدولية.

من جهتها، أعربت مديرة قطاع المعايير الدولية في المنظمة كورين فاركا، عن ثقتها بجهود الوزارة لتحقيق التوافق المطلوب، مؤكدة دعم المنظمة لاحتياجات العراق في هذا الإطار ومشيدة بالإجراءات التي اتخذتها الوزارة حتى الآن.

وفي سياق متصل، أعلن وزير العمل والشؤون الاجتماعية، أحمد الأسدي، عن تشكيل لجنة متخصصة لتكييف قانون التنظيم النقابي بما يتماشى مع معايير العمل الدولية والاتفاقيات المصادق عليها. جاء ذلك خلال اجتماع موسع عُقد في القاعة الدستورية لمجلس النواب، بحضور ممثلي أطراف الإنتاج الثلاثة من الاتحادات والنقابات العمالية، إلى جانب ممثلي الدوائر المعنية في الوزارة ومنظمة العمل الدولية وأعضاء لجنة العمل النيابية.

وأكد الأسدي خلال الاجتماع على أن تشكيل اللجنة يأتي ضمن الجهود المبذولة لإعداد قانون عصري ينظم العمل النقابي ويحمي حقوق العمال وأصحاب المهن. وأوضح أن اللجنة ستضم ممثلين عن الحكومة، والنقابات العمالية، وأصحاب العمل، وأعضاء لجنة العمل النيابية، بالإضافة إلى خبراء من منظمة العمل الدولية، لضمان توافق القانون مع التشريعات الوطنية والالتزامات الدولية.

وفي ختام الاجتماع، أوصت اللجنة النيابية بعقد ورشة عمل مشتركة لمواصلة النقاش واستكمال صياغة القانون بشكل نهائي، لضمان توافقه مع التشريعات الدولية.

********************************************

التكنولوجيا وتأثيرها على الأيدي العاملة

حوراء فاروق

في ظل التحولات الجذرية التي يشهدها العالم جراء التطور التكنولوجي الهائل، تتزايد متطلبات سوق العمل بشكل مضطرد، وتفرض العديد من شركات القطاع الخاص شروطا صارمة لقبول موظفين جدد، في مقدمتها القدرة على استخدام برامج إلكترونية معينة، وتوفر خبرة في هذا الحقل لا تقل عن ثلاث سنوات. وفي المقابل يزداد عدد الشباب العاطلين عن العمل ممن يحملون شهادات جامعية، حيث يشكل افتقادهم لهذه المهارات عائقاً أمام حصولهم على وظائف. ومما يزيد المشكلة تعقيداً عدم مواكبة الكثير من المناهج الدراسية لمتطلبات التطور، وغياب برامج التأهيل والتدريب الحكومية لما بعد التخرج.

التحول التكنولوجي

وعلى الرغم من تأخر العراق، مقارنة مع دول أخرى، في تبني التكنولوجيا بشكل واسع، فإن السنوات الأخيرة شهدت خطوات ملموسة نحو الرقمنة واستخدام التقنيات الحديثة، حيث بدأت بعض المؤسسات الحكومية والشركات الخاصة بتطبيق أنظمة الأتمتة لتحسين الخدمات وتقليل التكاليف. كما شهدت الساحة ظهور مبادرات لدعم الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا، ما يعكس توجها متزايدا نحو التكيف مع التحولات العالمية. ومع ذلك، يبقى انتشار التكنولوجيا في البلاد محدوداً بالمقارنة مع ما يحتاجه سوق العمل فعلياً. وقد أدى هذا التفاوت بين التقدم التكنولوجي والاحتياجات الواقعية، إلى ظهور مفارقات بين فوائد التكنولوجيا من جهة، والتحديات التي تفرضها من جهة أخرى.

الأثر الايجابي للتكنولوجيا

لقد ساهمت التكنولوجيا في تعزيز كفاءة العمليات في العديد من القطاعات الحيوية، وعلى رأسها قطاع النفط والغاز الذي يعد الشريان الرئيسي للاقتصاد العراقي. وأتاحت الأنظمة الآلية والذكاء الاصطناعي إمكانية تحليل البيانات وتشغيل العمليات المعقدة بدقة عالية، ما أسهم في تقليل الأخطاء البشرية وزيادة الإنتاجية. كما ظهرت، بالإضافة إلى ذلك، قطاعات جديدة مثل تطوير البرمجيات، إدارة الشبكات، وتصميم التطبيقات، وراحت هذه المجالات توفر فرصًا واعدة للشباب المؤهلين تقنياً لإدارتها.

البطالة التقنية

ورغم فوائد التكنولوجيا، إلا أنها تُعتبر سلاحا ذا حدين، إذ إن غياب التخطيط الحكومي لتطوير المهارات الوطنية أدى إلى بروز تحديات كبيرة. فقد أدى ارتفاع تكاليف برامج التأهيل التي يقدمها القطاع الخاص، على سبيل المثال، إلى جعلها بعيدة المنال للكثيرين، مما ترك شريحة واسعة من العاملين غير مؤهلين لمواجهة التحولات الرقمية. ومع اعتماد الأتمتة والأنظمة الرقمية، تقلصت الحاجة إلى العمالة اليدوية في بعض القطاعات، مثل الزراعة والصناعة. كما ساهمت التكنولوجيا في اندثار مهن تقليدية كانت تشكل مصدر رزق للعديد من العائلات، مثل سوق الصفافير وسط بغداد الذي كان يزخر بالنشاط التجاري في الماضي. هذا التحول أدى إلى ارتفاع معدلات البطالة بين الفئات التي تعتمد على المهارات اليدوية، مما عمّق التحديات الاجتماعية والاقتصادية.

لقد بات معروفاً بأن العراق يعاني من فجوة مهارية كبيرة بين القوى العاملة، لأن معظم العاملين يفتقرون إلى المهارات التقنية اللازمة للتكيف مع متطلبات العصر، بسبب ضعف التعليم الفني والتدريب المهني، بالإضافة إلى غياب السياسات الحكومية الفعالة التي تهدف إلى تطوير الكفاءات التكنولوجية.

تفاوت الفرص بين المدن والأرياف

ولا تقتصر المشكلة على المهارات فقط، بل إن ضعف البنية التحتية للتكنولوجيا، خصوصا في المناطق الريفية، يعوق إمكانية الاستفادة الكاملة من التطورات التكنولوجية. هذا النقص يحد من قدرة العاملين على اكتساب مهارات جديدة أو المشاركة في الاقتصاد الرقمي.

كما ويتركز تأثير التكنولوجيا الإيجابي في المدن الكبرى مثل بغداد وأربيل، حيث تتوفر فرص أكبر للوصول إلى التعليم التقني والبنية التحتية المناسبة. في المقابل، تعاني المناطق الريفية من نقص حاد في هذه الموارد، مما يعمّق الفجوة بين الأيدي العاملة في المدن وفي الأرياف. وقد دفع هذا التفاوت العديد من الشباب إلى الهجرة الداخلية بحثا عن فرص أفضل في المدن.

الحلول الممكنة

ورغم أن قطاع النفط والغاز كان الأكثر تبنيًا للتكنولوجيا بهدف تحسين عمليات الإنتاج والاستكشاف، مما أدى إلى تقليص حاجته للعمالة التقليدية فيه، فإن تبني التقنيات الحديثة لتطوير الإنتاج في قطاع الزراعة يعّد الأكثر ملائمة. الاّ أن استخدامها لا يزال محدودا للأسف في البلاد بسبب التكاليف المرتفعة ونقص الوعي بأهميتها، وهو ما يخلق صعوبات للمزارعين في التكيف مع متطلبات السوق الحديثة ويضعف قدرتهم التنافسية.

وللحد من التأثير السلبي للتكنولوجيا على سوق العمل، يجب تبني استراتيجيات شاملة في مقدمتها وضع سياسات تحمي حقوق العاملين المتضررين من الأتمتة، وتقديم برامج تعويضية أو دعمهم للانتقال إلى وظائف تقنية، ويتوجب على الحكومة والمؤسسات التعليمية العمل على تطوير برامج تدريبية تستهدف تطوير المهارات التقنية للعاملين، فضلا عن توفير خدمات الإنترنت وتقنيات متقدمة ومدعومة في المناطق الريفية يمكن أن تسهم في تقليل الفجوة بين المدن والأرياف، ومنح الجميع فرصاً متساوية للمشاركة في الاقتصاد الرقمي.

ختاما، تشكل التكنولوجيا تحدي وفرصة في آن واحد. فرغم ما تسببه من ضغوط على الأيدي العاملة التقليدية، فإنها تفتح آفاقا جديدة للتطور الاقتصادي والاجتماعي. ولتحقيق توازن مستدام، فيجب الاستثمار في التعليم والتدريب، وتطوير البنية التحتية، وتشجيع الابتكار. كما يجب أن تساهم النقابات في برامج ادخال الأتمتة والتقيد بضوابط تجنبنا البطالة من جهة وتشجعنا على التحول الرقمي من جهة مكملة. وبهذه الطريقة، يمكن للعراق أن يواكب التغيرات العالمية ويضمن مستقبلا أكثر إشراقا لجميع فئاته العاملة.

***********************************************

 لحظة عمالية.. الانتفاضات العمالية صوت يتجدد عبر الزمن

نورس حسن

شكّلت الانتفاضات العمالية في العراق جزءا مهماً من النضال الاجتماعي والسياسي، يعكس الدور الطليعي للطبقة العاملة في مسار المطالبة بالعدالة الاجتماعية والحقوق الاقتصادية، فمن إضرابات عمال السكك الحديدية في العهد الملكي، مرورا بالانتفاضات الكبرى في الخمسينيات والستينيات، وصولا إلى الحركات العمالية الحديثة، يبقى العامل العراقي أيقونة للصبر والنضال في مواجهة الأزمات.

واليوم، وفي ظل الأوضاع الاقتصادية والسياسية المعقدة، تعيش الطبقة العاملة ظروفا هي الأكثر تعقيدا منذ عقود، بسبب معدلات البطالة العالية وضعف الأجور وغياب الضمانات الاجتماعية وتفشي الفساد الذي يلتهم مقدرات الدولة، وهي عوامل، تدفع مجتمعة بالعمال للعودة إلى ساحات الاحتجاج.

إن العديد من الاحتجاجات التي نراها اليوم في قطاعات مختلفة، كوزارة الصناعة وأمانة بغداد والمؤسسات التعليمية والصحية، والتي تطالب بإصلاحات جذرية تلبي احتياجات المحتجين المعيشية وتحقق تطلعاتهم في حياة كريمة، ليست بمعزل عن المشهد العام، و تمثل شريحة واسعة من المجتمع، وهي تتكامل مع الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت في السنوات الأخيرة ضد الفساد وسوء الإدارة، مع إضافة نوعية تتثمل في أن مطالب العمال الملموسة المتعلقة بتحسين بيئة العمل وضمان الحقوق، تجعل منهم عنصراً حاسماً في أي حراك شعبي، وتجد دوماً صدى لدى فئات واسعة من الشعب، واضعة الحكومة أمام اختبار حقيقي، فإما أن تستجيب لهذه المطالب من خلال سياسات إصلاحية جدّية، أو أن تواجه موجة جديدة من الغضب الشعبي، ربما تتخذ أبعادا غير متوقعة.

إن التحدي الأكبر اليوم هو تحويل هذه الاحتجاجات إلى قوة ضغط منظمة تستطيع فرض أجندتها على صانع القرار. فغياب التنظيم النقابي الحقيقي وافتقار العمال إلى قيادة موحدة يجعل من الصعب تحقيق تغييرات شاملة وطويلة الأمد. ومع ذلك، فإن استمرار هذه الحركات وارتباطها بالواقع المتأزم يمكن أن يُشكل حافزا جديدا لتغيير هيكلي في المؤسسات النقابية للطبقة العاملة، يعزز مكانتها كفاعل رئيسي في بناء العراق الحديث.

وأخيراً، لا يمكن تجاهل حقيقة أن الانتفاضات العمالية هي نبض الأمة وصوتها الصادق. فهي تذكير بأن الحقوق تُنتزع ولا تُمنح، وأن العمل الجماعي المنظم هو السبيل الأنجح نحو مستقبل أكثر عدالة وإنصافا.

**********************************************

إضراب تحذيري يعطل حركة الطيران في مطار دوسلدورف الألماني

متابعة- طريق الشعب

شهد مطار دوسلدورف في ولاية شمال الراين- ويستفاليا بغرب ألمانيا، مؤخرا، إضرابا تحذيريا ليوم واحد، استجابة لدعوة من نقابة "فيردي" المعنية بالعاملين في قطاع الخدمات.

الإضراب، الذي شارك فيه نحو 400 عامل وموظف، تسبب في اضطرابات كبيرة في حركة الطيران بالمطار، حيث تم إلغاء ما لا يقل عن 230 في المائة من الرحلات المجدولة البالغ عددها 334 رحلة إقلاع وهبوط، بالإضافة إلى تأخير العديد من الرحلات، مما أربك خطط آلاف المسافرين.

ويأتي هذا الإضراب بعد توقف مماثل شهدته عمليات مطار كولونيا بون القريب منذ مساء أمس الأحد الماضي، مما يعكس تصاعد الضغوط النقابية لتحقيق مطالب العاملين. وتطالب نقابة "فيردي" بزيادة الأجور بنسبة 8 بالمائة، على ألا تقل الزيادة عن 350 يورو شهريًا لكل عامل وموظف، إضافة إلى ثلاثة أيام عطلة إضافية. وفي سياق متصل، دعت السلطات المسافرين إلى التحقق من حالة رحلاتهم مع شركات الطيران قبل التوجه إلى المطار، محذرة من استمرار التأثيرات السلبية على جدول الرحلات الجوية.

يذكر أن هذه التحركات تأتي في إطار سلسلة من الإضرابات العمالية في القطاع العام بألمانيا، وسط مفاوضات مستمرة بين النقابات وأرباب العمل لتحسين الأجور والظروف الوظيفية في ظل تحديات اقتصادية متزايدة.

*********************************************

الصفحة الثامنة

محطات في مسيرة مجيدة الفقيد سامي عبد الرزاق الجبوري (أبو عادل)

محمد علي محيي الدين

تعرفت على الرفيق الراحل سامي عبد الرزاق من خلال شقيقي الراحل (جواد كاظم باقي) الذي كانت تربطه علاقة صداقة ورفقة نضالية به منذ ستينيات القرن الماضي، وبعد انهيار الجبهة أضطر (أبو عادل) إلى الاختفاء والعمل السري، فعمل ضمن تنظيمات بغداد، ثم انتقل إلى كردستان وعمل في صفوف الأنصار الشيوعيين، وتنقل بين الدول بحكم عمله الحزبي، والمهام النضالية التي أضطلع بها حتى أستقر في السويد.

وبعد سقوط النظام البائد في 9-4-2003 عاد إلى العراق، وعمل ضمن محلية بابل، وأسهم في بناء التنظيم وأدى عمله بما عرف عنه من تفان ونكران ذات، ومبدئية عالية، وإيمان منقطع النظير بالمبادئ الشيوعية التي تربى عليها منذ شبابه الباكر. 

وبحكم العادة زرته في داره الواقعة في محلة الابراهيمية، وكثرت لقاءاتنا، وكنت أتجاذب معه أطراف الحديث في الأحداث السياسية التي عاصرها، وظروف العمل السري، فكان موسوعة لكل الأحداث السياسية والتنظيمية في بابل والفرات الأوسط، وكنت أحاول من خلال هذه اللقاءات تدوين مسيرته النضالية، فحصلت على أشتات منها، منها محطات مهمة كان يتحاشى الخوض فيها مؤكداً على سريتها وعدم تداولها أو تسجيلها لما فيها من مواقف وأحداث لا يجوز التطرق لها أو البوح بتفاصيلها، فاحترمت رغبته وأسدلت عليها الستار، ومنها ما يجب تسجيله واذاعته لأنه يمثل مرحلة مهمة لمفاصل العمل الحزبي في بابل.  

وسامي عبد الرزاق (أبو عادل) واحد من الشخصيات البارزة في التنظيم الشيوعي في الحلة، والذي كان له دور مهم في العمل السياسي، خاصة في فترة ما بعد ثورة 14 تموز 1958. وُلد في بيئة سياسية واجتماعية مشحونة، وكان له تأثير في العمل السياسي في الحقبة التي تلت الثورة وحتى فترات ما بعد ذلك.

انضم سامي عبد الرزاق إلى الحزب الشيوعي العراقي في فترة مبكرة من حياته، ورغم أنه من أسرة برجوازية معروفة تمتلك الأطيان والعقارات وتتمتع بغنى فاحش، إلا أنه كان يؤمن بالعدالة الاجتماعية والمساواة، ويعتبر أن الشيوعية هي الحل لمشاكل الفقر والاستغلال التي كانت تواجه الطبقات الشعبية في العراق، ومن خلال هذه الأفكار، أصبح جزءاً من الحزب الشيوعي العراقي الذي كان له تأثير كبير في الحركات السياسية والثقافية في العراق في تلك الفترة.

العدوان الثلاثي على مصر

تحدث عن العدوان الثلاثي على مصر فقال: في تلك الفترة أرسلني أخي (إبراهيم) مع ممثل المنظمة الحزبية إلى رزاق كريم رمضان وسلام علي السلطان وخلف عبد الأخوة، وكانوا من حزب البعث في متوسطة الحلة للاتفاق معهم على كيفية إخراج المظاهرة، وفعلاً قمنا بالتنسيق وخرجت المظاهرات منددة بالعدوان، وقامت الشرطة بمهاجمتها وعلى إثرها عطل الدوام في المدارس، وصدر قرار بفصل مجموعة من الطلبة الشيوعيين والبعثيين -وكنت أنا وأخي ابراهيم من ضمنهم- لما تبقى من تلك السنة.

بعد ثورة 14 تموز

بعد نجاح ثورة 14 تموز 1958 التي أطاحت بالحكم الملكي وأعلنت الجمهورية، دخل العراق مرحلة جديدة من التحولات السياسية. كان الحزب الشيوعي العراقي أبرز القوى السياسية التي ساندت الثورة، وشارك سامي عبد الرزاق بشكل نشط في هذه المرحلة، حيث كان يساهم في التوجيه السياسي والتنظيمي للحركة.

  ومع تصاعد التوترات السياسية بعد الثورة، بدأ الحزب الشيوعي يواجه تحديات كبيرة، خاصة من القوى السياسية الأخرى التي كانت تعتبر الشيوعية تهديداً للأيديولوجيات السائدة. إلا أن سامي عبد الرزاق ظل نشطاً في السياسة، وكان من الشخصيات التي لم تساوم على مبادئها.

ومن مساهماته في تلك الفترة من العمل السري، عندما قام حميد الحصونة قائد الفرقة الأولى بمنع جريدة اتحاد الشعب من التوزيع في محافظات الفرات الأوسط، تقرر تشخيص مكان أمين خارج المدينة لاستلام الجريدة التي تجلب من بغداد، وتكليف المناضلة  فوزية يوسف (أم انتشال) لاستلامها وخزنها في مكان سري، و ظهرت الحاجة إلى رفيق ينقلها من خارج المدينة لداخلها فكلف هو بهذه المهمة لأنه يمتلك سيارة (تنكر) تنقل الماء لكراج السل الذي يمتلكه، فكان ينقلها إلى مدينة الحلة ويتم توزيعها من قبل الرفيقات إلى البيوت الحزبية الأخرى ليجري توزيعها على الرفاق.

انتخابات عام 1961

  وعند التهيئة للمشاركة في انتخابات نقابة المعلمين عام1961 ، يقول الفقيد سامي: كانت القوى الرجعية تحاول بشتى الوسائل منع المعلمين الشيوعيين من المشاركة في الانتخابات، فلجأت إلى وسائل مختلفة للحيلولة دون وصولهم لمراكز الانتخاب كالاعتقال الوقتي أو قطع الطرق، أو افتعال الشجارات وما إلى ذلك من طرق خسيسة لجأت اليها السلطة الحاكمة، وكنت حينها طالباً في الاعدادية المركزية في الحلة، فكلفنا بمرافقة المعلمين وايصالهم إلى المركز الانتخابي وتأمين الحماية لهم، وكانت مهمتي في القاطع الجنوبي- باب المشهد، القاضية- وعندما أغلق الانضباط العسكري المقهى المقابلة للثانوية (مقهى أبو ثامر) لوجود تجمع شيوعي فيها من معلمين وطلبة وحرفيين، فطلب منهم التوجه إلى محلة (القاضية) التي كانت مليئة بالحصى لغرض التبليط، وعندما عدت إلى المقهى لاستطلاع الموقف واجهت بعض العناصر الرجعية وأحدهم عسكري، وهم يحملون العصي الغليظة، فحاولت الزوغان عنهم فضربني أحدهم على ساقي بعصاه فسقطت أرضاً، فانهالوا عليَ بالضرب في أماكن مختلفة، وكانت مقاومتي يائسة، وتمكنت من الحصول على عصا غليظة دافعت فيها عن نفسي، وقد عثرت على مسدس سقط من أحدهم مرميا على الأرض فحاولت الوصول اليه لالتقاطه ولكن فوجئت  بضربة قوية على رأسي أسالت الدم بغزارة وأخرى في رقبتي ما جعلني أشبه بالمشلول، ولكن العوائل الطيبة ومنهم عائلة (حاتم القصاب) استطاعوا الدفاع عني ونقلي إلى بيت (صاحب محيل)  وهو من رفاقنا، وبعد الإفاقة من غشيتي وجدت الرفيق (سليم الرهيمي) فسألته عن نتيجة الانتخابات، قالت (أم حاتم) (سوده بوجهك انت وين والانتخابات وين) فطلبت من سليم الذهاب إلى أحد أقاربي لجلب (بايسكل) لنقلي من الدار خوفاً من إلقاء القبض عليَ، أو إخبار أهلي لجلب سيارة لنقلي، وبعد فترة قصيرة جاء والدي بسيارتنا ونقلني إلى أهلي حيث تلقيت العلاج اللازم ، وبقيت في البيت شهراً كاملا بسبب الضربة.

انتخابات عام 1962 

وفي انتخابات السنة التالية كنا أنا والفقيدان(معن جواد وجبار معروف) في قيادة المظاهرة لإيصال المعلمين إلى مراكز الانتخابات، وقرب منطقة القاضية كان هناك كوم (كسر طابوق) قريبا من حائط بيت قاضي جبران، فطلبت من (معن) الذي يقود المظاهرة أن نتوجه بسرعة إلى كوم الكسر قبل ان يصله الرجعيون والأمن، ولكن (معن)  رفض وطلب مني عدم التسرع، وعندما وصلوا إلى (الكسر) قاموا برمي مظاهرتنا بالطابوق، فأصيب (معن) في رأسه وسقط في حفرة تراكمت فيها المياه فاقد الوعي، فقلت له(حيل بيك) لأنه عارض رأيي، بعد ذلك تفرقت المظاهرة، وتوجهت مع الرفاق سعيد مدرس الاقتصاد في إعدادية الحلة، وعبد الرزاق حسين استاذ الكيمياء من أهالي تكريت، والفقيد حميد الظاهر وآخرون، واتجهنا باتجاه محلة(مصطفى راغب) ولكن الشرطة كانوا يتعقبونا بسيارة لاند روفر، ويطلقون النار فوق رؤوسنا، فاضطررنا إلى العبور إلى بستان مزروع بالخس المملوء بالسماد البشري!! وكان السماد يتطاير علينا، وجئنا إلى بيتنا السابق وكان بيتنا الثاني مؤجرا إلى حاكم تحقيق المدينة عبد القادر (أبو علاء) وهو من أهالي البصرة، وكانت أرجلنا متسخة من السماد، ولوجود مركز الشرطة القريب من بيتنا، فطرقت باب الحاكم وطلبت من زوجته أن ندخل إلى بيتنا من بيتهم لمعرفتها بنا، ولكن كان البيت مفروشاً ب(الزوالي) فاستغربت الأمر وسمحت لنا بالدخول، وقامت عائلتي بغسل ملابسنا.

وفي نفس اليوم كنا ننتظر ضيوفاً من بغداد، ولكنهم اتصلوا بنا لتأجيل الموعد، فكان طعامهم من نصيب الرفاق، فسألني الرفيق سعيد أنتم يومية تأكلون دجاج وسمك، فأخبرته بالوليمة، وبعد أن استراحوا ذهب حميد الظاهر لاستئجار سيارة تعمل على خط بغداد وذهبوا إلى هناك.

   ويذكر طريفة حصلت له  عندما كلفه الراحل (معن جواد)  بنقل البريد الحزبي من الحلة إلى النجف، وعند وصوله النجف كانت لديه سيارة جديدة اشتراها من (أنور الجوهر) قبل شهر، وعندما نقل اليها كيس البريد ووضعه في الصندوق الخلفي للسيارة، وكانت الرفيقة صاحبة المنزل تقوم بنقل الكيس الثاني وعند خروجها من البيت وقف إلى جانب السيارة (جعفر الفلوجي)  وهو معاون مدير أمن النجف، فأخبرت أبو عادل عنه، فذهب اليه وسأله عما يريد، فقال له أين أنور الجوهر فأخبره أبو عادل أنه اشترى السيارة منه فاعتذر منه، وبعد انصرافه واذا بسيارة الكمارك قادمة، فقامت الرفيقة بالجلوس على كيس البريد بسرعة، وبعد أن ذهبت سيارة الكمارك أوصلت الرفيقة الكيس إلى السيارة ، ثم توجه إلى المكان المطلوب.

مواجهة انقلاب 8 شباط 1963

في عام 1963، وقع انقلاب 8 شباط الذي قاده ضباط الجيش العراقي والمدعومون من قبل القوى القومية والإسلامية. وكان هذا الانقلاب محاولة لإسقاط الحكومة الوطنية في العراق، تعرض الحزب الشيوعي للاعتقالات والاضطهاد في أعقاب هذا الانقلاب، حيث تم اعتقال الآلاف من أعضائه، وفي صبيحة الانقلاب جرى اعتقال (أبو عادل) في بيت أنور الجوهر الذي كان مقراً للحرس القومي، وهناك تعرض لتعذيب بشع، ولأثر عائلته ومكانتها الاجتماعية، وما يربطها بأنور الجوهر من علاقات تجارية توسط له، فنقل إلى سجن الحلة، ومكث في السجن فترة طويلة ثم أطلق سراحه بكفالة بعد وساطات مؤثرة.

  وخلال السنوات التالية، تعرض سامي عبد الرزاق للاعتقال عدة مرات من قبل الأنظمة المختلفة، لكنه بقي ثابتاً على مواقفه الثورية. وعلى الرغم من الاعتقالات المتكررة، إلا أنه ظل يواصل نشاطه السياسي والإيديولوجي، ما جعله واحداً من أبرز المناضلين الشيوعيين في الحلة.

مساعدة الهاربين من سجن الحلة

وعندما قام الشيوعيون بحفر نفق والهروب من سجن الحلة، قامت بعض العوائل الرجعية بمساعدة قوات الأمن في متابعة الهاربين والأخبار عنهم، لأن بعضهم من مدن بعيدة ولا يعرفون الطرق أو المناطق الآمنة فأصبحوا صيدا سهلا للأمن، ومن هنا تحركت منظمة الحلة وأوعزت لمنظماتها وخلاياها الممتدة على امتداد المحافظة بالتحرك لنجدة الهاربين وتوفير الأماكن اللازمة لإخفائهم، فقامت منظمة قرية (عنانه) بإخفاء مجموعة منهم في حفرة عميقة، يقول الرفيق سامي عبد الرزاق (أبو عادل) أخبرني الرفيق نجاح مسؤول منظمة عنانه، بعد أسبوع من عملية الهروب بوجودهم في منطقته، فاتفقت معه على نقلهم إلى قرية (البو شناوة)عرين الحزب في المنطقة، وفيها كثير من الرفاق المخلصين، وجرى الاتفاق على تسليمهم للرفيق كاظم الجاسم (أبو قيود) عضو لجنة الفرات الأوسط، وفعلا تم نقلهم بسيارة تنكر تعود للرفيق سامي عبد الرزاق، كانت تستخدم في المعمل، وأوصلهم السائق إلى منطقة البو شناوة، وبعد استقرارهم في المنطقة صدر قرار الحزب بنقلهم إلى محلية الكوت، وتم أرسالهم إلى هناك فعلاً.

   ومن المفارقات، يقول (أبو عادل) أنه في اليوم الثاني من عملية الهروب جاءني(وليد ماجد محمد أمين) فأخبرني أن السيد عزيز الحسيني أمر الحرس القومي السابق لديه(شغل معك) ويريد أن تزوره في بيته، فقلت له إذا كان لديه شغل فليأتي هو، فقال لي: أنه يريدك لأمر فيه مصلحتكم والعمل يعود إليكم، فذهبت للقائه في بيت زوجة ماجد محمد أمين، فالتقيت به وأخبرني "أن هناك شخص أسمه(صفاء) من أهالي الموصل، هارب من سجن الحلة وهو طالب في الخامس الإعدادي وموجود لدينا، ويريد اللقاء مع الشيوعيين، وأخبرني أنه يطلب اللقاء مع جماعة عزيز الحاج، فقلت له أني لا أعرف أحدا من جماعة الحاج وأني أعرف شيوعي قديم هو سامي لذلك أرسلت وراءك" أخبرت عزيز أني سأتوجه له في الساعة الرابعة من صباح اليوم التالي لنقله إلى مكان آمن، بسبب الانتشار المكثف للقوى الأمنية بحثا عن الهاربين، توجهت صباح اليوم التالي في سيارة احد أصدقاء الحزب، لأن سيارتي معروفة، وعندما طرقت الباب خرج عزيز الحسيني وأخبرني أن هذا الشخص يرفض اللقاء بي، واتهم قيادة الحزب بالعمالة، وأنه أعطاه بدلة ومبلغ من المال وأوصله إلى طريق (النبي أيوب) لعله يلتقي بالشيوعيين من جماعة كاظم الجاسم، شكرت السيد عزيز الحسيني مصافحا له وقلت "لن ننسى هذا الموقف في حماية رفاقنا"، وبعد أن عدت إلى البيت أرسلت رسالة إلى الرفيق أبو قيود أخبرته فيها بأن أحد الهاربين المنشقين من سجن الحلة قد توجه إليكم، وأنه يرفض اللقاء بالحزب الشيوعي أو أن يقدم له المساعدة، وعليكم التهيؤ للقائه وتقديم العون له وتهيئة السبل الكفيلة بتأمين سلامته، وفعلا شكلت مفرزة بقيادة الرفيق عبد زيد نصار والتقوا به وعندما سألهم أنتم من جماعة القيادة أو اللجنة المركزية، فقال له عبد زيد "ولك يا لجنة يا قيادة أنت بأي وضع حتى تسأل أمشي معنا حتى لا يلقى القبض عليك وبعد أن تهدأ الأمور اذهب إلى أين تريد، لأننا ننظر إليك الآن على أنك شيوعي بغض النظر عن كونك من القيادة أو من غيرها" وفعلا ظل لديهم عدة أيام حتى استتبت الأمور وأنقطع الطلب عن الهاربين ثم مضى إلى حيث يريد.

    ومن مفارقات الهروب العجيبة أن مدير سجن الحلة أثناء الهروب العقيد (ناجي القيسي) قد خشي انتقام السلطة بسبب هروب الشيوعيين، فلجأ إلى بيت الحاج عبد الله الملا إبراهيم لأنه من أصدقائه، فجاءني عمي وطلب مني سيارتي أل(دوج) لنقل مدير السجن إلى خارج الحلة لأنها معروفة بعائديتها للشيوعيين، ولا يفكر رجال الشرطة بتفتيشها بحثا عن مدير السجن، وفعلا قمت بإيصاله إلى خارج الحلة.

بعد انقلاب 17 تموز 1968

وقبيل اتفاق الجبهة عام 1972 نسب للدراسة الحزبية في موسكو، يقول: ذهبنا أنا ومعن جواد وعدنان عباس وزوجته إلى دهوك بسيارته وعند وصولهم مدينة دهوك، ذهب إلى العنوان ورتب أمور السفر، ثم ذهبوا باتجاه مصيف سرسنك وسولاف والعمادية، وذهب عدنان وزوجته إلى السوق لشراء بعض المواد فيما ظل سامي ومعن في السيارة بانتظارهم قرب أحد البنايات، وجاء شخص سلم عليهم وسألهم هل أنتم من بابل؟ فسأله سامي لماذا؟ فقال لأن رقم سيارتكم بابل وأنا من الحلة أعمل في دائرة الأمن وأشار إلى البناية المجاورة، فرحبوا به وسألوه هل تحتاج لشيء أو وصية لأننا سنعود إلى الحلة فشكرنا وذهب، وعندما عاد عدنان توجهنا إلى دهوك حيث ودعتهم وسافرت إلى موسكو.

قضية المعتقلين

ومن الأحداث التي رافقت العمل الجبهوي يذكر الفقيد سامي قضية الفلاحين في الكفل حيث جرى الاتفاق على الإخبار عن التجاوزات وعمليات التعذيب التي مورست مع الفلاحين في الكفل، وقمنا بتقديم شكوى قضائية عن هذه التجاوزات وقدمت قائمتان أحدهما تضم(27) اسما وأخرى (18) اسما من الذين جرى تعذيبهم تعذيباً بشعاً، وجرى إخبار رئيس الجمهورية احمد حسن البكر بذلك، وشكلت لجنة تحقيقه برئاسة نعيم حداد سكرتير الجبيهة الوطنية، وقال بالحرف الواحد: اذا ثبت أن الشيوعيين يعذبون بهذا الشكل فسأقوم بتعليق مدير الأمن أمام باب الدائرة، وأرسل على الرفاق المعتقلين في ديوان المجلس الوطني، وطلب من سامي نقلهم بسيارته بطريق خاص وليس على الطريق العام بعيداً عن نقاط التفتيش خشية تعطيل سفرهم، وعند وصولهم إلى بغداد كان الفقيد عامر عبد الله بانتظارهم فجلس إلى جانبهم وقدم لهم السكائر والشاي لتطمينهم، وطلب منهم التحدث كأنهم جالسين في مضيفهم دون خشية أو خوف، وعندما التقوا ب (نعيم حداد) تحدثوا بكل جرأة عن ما لاقوه من تعذيب واهانات في أمن الحلة، فقام نعيم حداد بالاتصال بالدكتور صادق علوش مدير مستشفى مدينة الطب طالبا منه تنسيب طبيب وفحص هؤلاء الرفاق وكتابة تقرير مفصل عن حالات التعذيب،  فسأله صادق عن تاريخ حدوث التعذيب فقال له أنه منذ أربعة أشهر، فقال له لا يظهر التعذيب الا في حالات الكسر أو القطع، بعدها عدنا إلى الحلة.

وفي اليوم التالي ذهبنا إلى بغداد بنفس الطريق الآمن وذهبنا إلى مدينة الطب فقابلنا الدكتور صادق علوش الذي أرسلنا إلى دكتور في الطابق الرابع وكنت معهم، وتصور الدكتور أنى رجل أمن فطلب مني الخروج، ثم قال لهم - كما حدثني معن بعد ذلك - هل تعتقدون أنكم تحصلون على شيء بشكواكم هذه من الأمن؟ وكان حريصا على قول الحقيقة وكان تقريره يثبت واقعة التعذيب.

وطلبت اللجنة المشكلة في لجنة الجبهة حضور معاون مدير الأمن المشرف على التعذيب لتسجيل افادته إلا أنه أرسل تقريرا بعدم استطاعته الحضور، وأخذ يماطل بالحضور في كل استدعاء حتى أهملت القضية، ولكن ممارسات الأمن خفت بعض الشيء ضد الشيوعيين، وبعد فترة (عادت حليمة إلى عادتها القديمة) وبدأت الاعتقالات والتجاوزات، وأخذوا يسبون الرفيق المعتقل ومن يشتكي عنده في إشارة للشكوى السابقة.  

  وذات مرة كلفنا أنا ومعن جواد بمتابعة قضية رفيق من سدة الهندية اعتقل وعذب تعذيباً شديداَ، وعند مفاتحة مدير أمن بابل (أبو إسراء) لإطلاق سراحه، فقال لنا أنه تهجم على النائب صدام عند ظهوره في التلفزيون جالساً في مؤتمر دول عدم الانحياز، وقال عنه (كاعد مثل الفسيفس) فقلنا له أنه معتقل قبل المؤتمر بيومين فكيف شاهده وتكلم عنه، فقال إذا كان هذا صحيحا فسيطلق سراحه فوراً، وفعلاً أطلق سراحه، وكان كثير من الرفاق يعتقلون لأسباب واهية.    

 وفي عام 1978 خرجت الرفيقة (أميرة الخزاعي) من المقر، فلحقها رجال الأمن وعلى رأسهم المفوض ناظم، واخذ يتلفظ عليها بألفاظ نابية ما جعلها أن تضربه بحذائها، فقدم شكوى عليها، واتصل مدير الأمن بالرفيق معن ممثل الحزب في الجبهة من خلال تلفون العلاقات، وكان التلفون بفرعين واحد منها في غرفة سكرتير المنطقة عدنان عباس والآخر لدى (معن) وقال له: هل لديكم توجيه من الحزب بضرب رجال الأمن، واني وجهت الآن بقتل أي شيوعي لا ينفذ أوامر الأمن في الشارع أو البيت.

غداة انهيار الجبهة

وعندما ساءت الأوضاع وكشرت السلطة عن أنيابها قام الفقيد معن جواد بالتعاون مع (سامي عبد الرزاق) ببيع سيارات الحزب وما غلا ثمنه من مواد وتسليم مبالغ البيع إلى الرفيق جاسم الحلوائي (أبو شروق) لأنه الوحيد من قيادة الحزب المتواجد في المقر، واغلاق المقر وتبليغ الرفاق باللجوء إلى العمل السري.

انتقل الرفيق سامي إلى بغداد لمواصلة عمله الحزبي هناك، والتواصل مع المتبقين من الرفاق في الحلة، وعلم باعتقال الرفاق فاضل وتوت ممثل الحزب في الجبهة الوطنية، ومهدي كامل عضو اللجنة المحلية وآخرين، منهم من أعدم أو غيب وضاعت أخبارهم ومنهم من أضطر للتوقيع على المادة 200 فيما لجأ آخرون للعمل السري منهم الرفيق جبار جاسم (أبو عبيس) وكاظم عبيد (أبو رهيب) وطالب باقر (أبو رياض) وغيرهم من الرفاق الأبطال الذين واصلوا المسيرة وذاقوا مرارة الاختفاء والتشرد، وبعد فترة ليست بالقصيرة بلغ بضرورة مغادرة العراق، وعندما حاول السفر عن طريق المطار لأنه يمتلك جوازاً نافذاً لم يتمكن لوجود منع سفر بحقه، بعدها تمكن من التوجه إلى كردستان.

عمله في كردستان

انتقل سامي عبد الرزاق إلى كردستان العراق، حيث انضم إلى قوات الأنصار الشيوعية. كانت كردستان في تلك الفترة ملاذاً للمناضلين الذين فروا من الاضطهاد في المدن الكبرى، وفي كردستان انضم لفصائل الأنصار الشيوعيين، وقاتل إلى جانب الأكراد ضد الحكومات المركزية، وهو ما يعكس التلاحم بين النضالين الكردي والشيوعي في مواجهة الظلم والاستبداد.

وكلف بعدد من المهام الحزبية في كردستان حتى انتقاله إلى السويد لاجئاً سياسياً، وظل عاملاً في التنظيم الحزبي حتى سقوط النظام، حيث شارك مع الرفاق في محلية بابل في اعادة التنظيم، وخصص بناية له في باب المشهد لتكون مقراً لاتحاد الطلبة والشبيبة، وكان يزور الحلة في فترات متقاربة، ولابد من الاشارة إلى أن الرفيق سامي عبد الرزاق كان يدفع بشكل مستمر في كل عودة إلى العراق مبلغا جيداً من المال عن اشتراكه الحزبي رغم أنه يدفع الاشتراك في السويد، وكان كثير التبرع بالمال لمنظمة الحلة، ويتبرع بالمال لمالية المنظمة أو لبناء المقر أو تأثيثه، وآخر وصاياه بعد رحيله لنجله عادل أن يدفع شهرياً للحزب مبلغ 250 الف دينار!! وأخيراً توقف القلب الكبير عن الخفقان في السويد، وجرى نقل جثمانه إلى العراق فاستقبله رفاقه ومحبوه في مطار النجف وشيع تشييعاً مهيباً لما يكنه له أبناء الحلة من حب وتقدير، وأقيم له تأبين في أربعينيته في مقر الحزب الشيوعي في الحلة، وسيبقى ذكره خالدا لجميل ما قدم وكريم ما أسدى، فمثله لا ينسى ولا يمكن أن يطويه النسيان.

************************************************

الصفحة التاسعة

ألكاراز يسعى الى ثالث ألقابه في إنديان ويلز

كاليفورنيا ـ وكالات

يواصل لاعب التنس الإسباني كارلوس ألكاراز تحضيراته الجادة للمنافسات القادمة، حيث يطمح لتحقيق ثالث ألقابه في بطولة إنديان ويلز للأساتذة، بعد أن توج بها في عامي 2023 و2024. وعاد ألكاراز مؤخرًا إلى بلاده بعد مشاركته في بطولة الدوحة للتنس، التي تمنح 500 نقطة، حيث ودع المنافسات من الدور ربع النهائي على يد التشيكي جيري ليهيتشكا، بعد مباراة انتهت بمجموعتين لواحدة. ورغم الخروج المبكر من البطولة، بدأ اللاعب الإسباني الشاب مباشرة في التدريبات على الأراضي الإسبانية في نادي ريال سوسيداد، استعدادًا لبطولة إنديان ويلز، والتي ستبدأ الأسبوع المقبل، بالإضافة إلى التحضير لبطولة ميامي التي ستُقام بعد ذلك. ويأمل ألكاراز تعزيز سجله الناجح في إنديان ويلز، حيث سبق له الفوز على الروسي دانييل ميدفيديف في النسختين الأخيرتين، إذ فاز عليه في 2023 بنتيجة 6-3 و6-2، وفي العام الماضي بنتيجة 7-6 (7-5) و6-1. كما يترقب ألكاراز فرصة أخرى للتتويج في بطولة ويمبلدون للمرة الثالثة على التوالي، بعد فوزه باللقب في مناسبتين سابقتين على حساب الصربي نوفاك ديوكوفيتش في عامي 2023 و2024.

*********************************************

اليوم.. اختتام مباريات دور الـ 16 في بطولة الكأس

متابعة ـ طريق الشعب

تستكمل اليوم الخميس مباريات دور الـ16 من بطولة كأس العراق للموسم الحالي (2024-2025) بأربع مواجهات حاسمة، حيث ستجمع المباريات بين فرق نوروز والحسين على ملعب نوروز، والطلبة مع أمانة بغداد في ملعب المدينة، والشرطة مع الموصل في ملعب الشعب، وزاخو مع الكرمة في ملعب زاخو.

وفي السياق، عبّر مشرف فريق الحسين، فاضل زغير، عن استغرابه من قرار الاتحاد العراقي لكرة القدم بشأن إقامة مباريات دور الـ16 في الملاعب التي تختارها أندية دوري نجوم العراق، واصفاً هذا القرار بغير المنصف، مؤكداً أن بطولة الكأس تضم جميع الفرق تحت مظلة الدوري، ولا يوجد فرق بين أندية الدوري الممتاز وأندية دوري النجوم. وكان من المفترض أن يتم التوزيع بشكل عادل على الملاعب بدلاً من منح أندية النخبة حرية تحديد أماكن المباريات.

وأوضح زغير، أن قرار اختيار الملاعب أدى إلى تباين في أماكن المباريات، حيث سيلعب فريق الحسين في السليمانية، بينما سيخوض فريق ميسان مواجهته في دهوك، بينما سيلاقي البيشمركة فريقه في النجف. ورأى أن هذا الأمر غير منطقي وغير صائب من قبل الاتحاد العراقي لكرة القدم.

وتطرق زغير أيضاً إلى التحديات المالية التي تواجه الأندية، حيث أشار إلى أن أندية الدوري الممتاز تعاني من قلة الدعم المالي، رغم صدور قرار من رئيس الوزراء بتخصيص مبلغ ثلاثة مليارات دينار لدعم الأندية. وأضاف، أن فريق الحسين لم يتلقَّ أية أموال من المحافظة حتى الآن، مما يزيد من صعوبة الظروف المالية التي تواجه الأندية في البطولة.

*********************************************

إيمار شير وبيتر كوركيس متاحان لتمثيل المنتخبات الوطنية

بغداد ـ طريق الشعب

أعلن الاتحاد العراقي لكرة القدم، امس الثلاثاء، عن نقل سجلات اللاعبين إيمار شير وبيتر كوركيس، موضحًا أن اللاعبين أصبحا متاحين لتمثيل المنتخب الوطني في المباريات المقبلة. وقال الاتحاد: "تم نقل سجلات اللاعبين إيمار شير وبيتر كوركيس، وأصبحا اعتبارًا من يوم الثلاثاء ضمن قائمة اللاعبين المتاحين لتمثيل المنتخب الوطني في الاتحاد الآسيوي، عبر نظام الافكاس في التصفيات المؤهلة إلى كأس العالم".

وأضاف في بيان له أن هذه الخطوة جاءت بعد جهود ومخاطبات عديدة تمّت بهدف نقل سجلات اللاعبين، مما أسفر عن نجاح الاتحاد في تسجيلهما بشكل رسمي، ليصبحا مؤهلين للمشاركة مع المنتخب الوطني في البطولات القارية المقبلة.

***********************************************

غوارديولا يحث دي بروين على اتخاذ قرار بشأن مستقبله مع مانشستر سيتي

مانشستر ـ وكالات

حث بيب غوارديولا، مدرب مانشستر سيتي، نجم الفريق كيفين دي بروين على اتخاذ قرار حاسم بشأن مستقبله مع النادي، في ظل قرب انتهاء عقده الصيف المقبل. وكان دي بروين، البالغ من العمر 33 عامًا، قد قضى 10 سنوات مع مانشستر سيتي، وأثبت خلال هذه الفترة أنه من أفضل لاعبي خط الوسط في الدوري الإنجليزي الممتاز. ومع ذلك، يبدو أن أداء اللاعب البلجيكي بدأ في التراجع، خاصة بعد أدائه في المباراة التي خسرها الفريق على ملعبه أمام ليفربول بهدفين نظيفين، مما أثار انتقادات واسعة. وفي حديثه عن مستقبله مع اللاعب، قال غوارديولا: "لن يتغير شيء بشأن علاقتنا، بالطبع نعرف بعضنا البعض جيدًا، وكلانا صادق تمامًا في هذا الأمر". وأضاف: "في هذا الموقف، أعتقد أن عليه أن يتخذ قراره، هذا هو الشيء المهم. هو صادق للغاية مع نفسه، ولا بد أن يحدد ما الذي يشعر به وما الذي يمكنه فعله في الفترة المقبلة من حياته".

وأشار غوارديولا إلى أن دي بروين سيبلغ 34 عامًا في الصيف المقبل، مضيفًا: "عليه أن يحسم أمره، مثلما فعل دافيد سيلفا سابقًا". وكان دي بروين قد لعب 90 دقيقة كاملة في سبع مباريات فقط هذا الموسم، حيث بدأ 12 من أصل 25 مباراة في الدوري، سجل خلالها هدفين ومرر ست تمريرات حاسمة. كما ارتبط اسم اللاعب بالانتقال إلى الدوري الأمريكي، لكنه قد يظل مع مانشستر سيتي لموسم آخر، رغم أنه من المحتمل أن يتقلص دوره في الفريق وهو ما سينعكس أيضًا على راتبه.

********************************************

نزار أشرف: كاساس يحظى بحصانة لدى الشارع الرياضي

متابعة ـ طريق الشعب

أكد المدرب العراقي نزار أشرف أن مدرب المنتخب الوطني خيسوس كاساس، يحظى بحصانة فريدة من نوعها في الشارع الرياضي العراقي، مشيرًا إلى أن كاساس لا يتعرض للمحاسبة على الأخطاء التي يرتكبها، خاصة فيما يتعلق باللاعبين الذين يضمهم للمنتخب.

وأوضح نزار أشرف في تصريح، أن كاساس لا يتعرض لأي نقد أو محاسبة من الشارع الرياضي العراقي على اختياراته لللاعبين في المباريات الرسمية المهمة، وعلى رأسها تصفيات كأس العالم 2026، رغم أن هذه التصفيات تحظى بأولوية قصوى لدى الاتحاد العراقي لكرة القدم.

وأشار أشرف إلى أن المهاجم المحترف في ستوك سيتي، علي الحمادي، لم يشارك سوى في عدد قليل من المباريات مع المنتخب، حيث لا تتعدى مشاركاته مع أسود الرافدين مباراة واحدة وشوط، ورغم ذلك لم يتعرض كاساس للنقد كما كان سيكون الحال لو كان المدرب محليًا.

وأضاف: "على سبيل المثال، المدرب عماد محمد يواجه حملات انتقاد كبيرة من بعض المشجعين والمحللين بسبب عدم استدعاء بعض اللاعبين المغتربين، بينما في الحقيقة، منتخب الشباب قدم بطولة جيدة جدًا لكنه افتقد للتوفيق".

واختتم أشرف تصريحاته بالتأكيد على أن كاساس، مثل أي مدرب آخر، لن يستبعد أي لاعب يمكن أن يخدم المنتخب في تحقيق الإنجاز والتقدم في البطولات، داعيًا الجماهير إلى تفهم هذه النقطة بدلاً من توجيه النقد غير المبرر.

يُذكر أن الاتحاد العراقي لكرة القدم قد تعاقد مؤخرًا مع الإسباني كارلوس رودريغيز ليكون مديرًا فنيًا لمنتخب الناشئين، بينما يبقى المدرب المحلي عماد محمد هو الوحيد في الاتحاد العراقي، مع استمرار خيسوس كاساس في قيادة المنتخب الأول.

*******************************************

وقفة رياضية.. مراكز تدريبية لجميع الألعاب الرياضية

منعم جابر

صارت الاتحادات والأندية الرياضية أمام مسؤولياتها التاريخية، كلٌّ حسب اختصاصه ولعبته ووفق واجباته ومسؤولياته. أما إذا تمارس هذه المؤسسات الرياضية نشاطاتها وفقاً للأهواء والرغبات الشخصية، فإن هذا أمر غير صحيح، لأن التخصص قد يساعد على الإبداع والتطور. لذلك، أقول لأحبتي في الاتحادات والأندية الرياضية: عليكم بالتخصص في أعمال وواجبات محددة من أجل الإبداع والتقدم. وهذا ما نرجوه لأنديتنا الرياضية، وخاصة المحترفة منها، حيث يتطلب منها ألا تقتصر على ممارسة لعبة محددة ورئيسية وتعتبرها المحور الأساس لتوجهات هذا النادي، مع وجود لعبة أو اثنتين فقط كألعاب ثانوية. أما إذا اندفعت الأندية نحو ممارسة عدة ألعاب ورياضات متنوعة وتبنت واقعاً احترافياً منظماً، فإن هذا الوضع قد يضع هذه المؤسسة أو النادي الرياضي في تحديات كبيرة في جميع الألعاب.

من جهة أخرى، يجب على الاتحادات الرياضية أن تهتم بنوعية اللعبة التي تديرها وأن تنجح فيها. فهذا هو واجبها، وهي حريصة بالتأكيد على تطوير وتحسين نوعية اللعبة التي تشرف عليها وترعاها، والتخطيط لتطويرها في جميع المراحل والفئات العمرية حتى تتمكن من تحقيق النجاح والتفوق. وهذا يتحقق في جميع الاتحادات المركزية والفرعية للنهوض باللعبة ودفعها إلى الأمام.

أما في الأندية الرياضية، فيجب أن تمارس هذه الأندية بعض الألعاب والرياضات التي تخدم شباب وفتيات الأندية بشكل أكبر من غيرها، دون التوسع غير المقبول الذي يحمل الأندية طاقات فوق طاقاتها، خاصة الأندية التي تعنى بالألعاب الجماعية، ما يؤثر سلباً على مسيرة بقية الألعاب والرياضات.

إن الجهات المعنية بتطوير الرياضة العراقية مطالبة اليوم بالاهتمام بالأندية الرياضية ورعاية شؤونها، والإشراف عليها ومراقبة مسيرتها، وعدم تركها دون رعاية أو اهتمام، فلا رياضة ولا تطور ولا نهوض إلا بالتخطيط والبرامج والمقدمات الصحيحة. وهنا نعود إلى الواقع الصحيح للأندية الرياضية التي يديرها المتطوعون والنشطاء والهواة، فهي مؤسسات تساهم في بناء المجتمع وإصلاح الشباب، وتلعب قياداتها أدواراً مؤثرة وكبيرة في الإصلاح والتوجيه والبناء المجتمعي. وهذا يتحقق بوجود قيادات ومربين قادرين على نشر قيم المحبة والتعاون وحب الوطن والدفاع عنه.

إن المؤسسات الرياضية تمتلك القابلية، إذا تم توجيهها بشكل صحيح وكان أداؤها الرياضي مميزاً، لأن تكون في طليعة الدوائر الرياضية، وتساهم في تحقيق الإنجازات والنجاحات التربوية والرياضية. لذا، نقول لأحبائنا في الاتحادات الرياضية والأندية أن يكونوا حريصين على نجاحاتهم ودورهم في بناء هذه المؤسسات الفاعلة والقائدة في مجتمعنا العراقي، وذلك للمساهمة في تربية الجيل الجديد والوصول به إلى المستوى الذي نطمح إليه من أجل الوطن.

إن الاندفاع العالي لهذا الجيل وتأثيره الكبير في خلق مؤثرات إيجابية لصناعة قطاع الشباب المبدع سيكون له أثر كبير وفاعل في نهضة شبابنا وقدرته على صناعة مستقبله والأجيال القادمة.

لقد بادرت وزارة الشباب والرياضة الى تأسيس مراكز تدريبية لأكثر الألعاب الفردية والجماعية بالتعاون مع الاتحادات الرياضية المركزية، وبعضها في الاتحادات الفرعية في المحافظات. ومن خلال هذه الأنشطة والفعاليات الجيدة، برزت وجوه جديدة في الساحة الرياضية، وكان لها أثر بالغ في نهوض وتطور هذه الألعاب والرياضات. هذه الأنشطة التي تقوم بها الاتحادات الرياضية المركزية والفرعية في المحافظات، ستشكل منطلقاً لظهور أبطال ونجوم في الرياضة العراقية.

******************************************

هاميلتون يبدأ اختبارات ما قبل الموسم مع فيراري

مارانيلو ـ وكالات

بدأ السائق البريطاني لويس هاميلتون، بطل العالم السابق لسباقات فورمولا 1، اختبارات ما قبل موسم 2025 مع فريق فيراري، بعد انتقاله من مرسيدس في خطوة مفاجئة لعشاق الرياضة. هذا التحول يأتي بعد 11 عامًا قضّاها هاميلتون في مرسيدس، حيث حقق خلالها ستة ألقاب من أصل سبعة في بطولة العالم. وبعد قيادته للسيارة الحمراء رقم 44 في الحلبة البحرينية، نشر الموقع الرسمي لفورمولا 1 عبر حساباته على وسائل التواصل الاجتماعي رسالة تحمل عنوان "لويس هاميلتون. سائق فيراري"، مرفقة برمز القلب، في إشارة إلى انضمامه رسمياً للفريق الإيطالي. ويبلغ هاميلتون من العمر 40 عامًا، وقد بدأ مرحلة جديدة في مسيرته الرياضية مع فيراري، حيث سيتعاون مع السائق تشارلز لوكلير، الذي يعد من عناصر الفريق منذ عام 2019. ويُتوقع أن يشكل الثنائي قوة تنافسية كبيرة في الموسم المقبل، حيث يأمل هاميلتون في تحقيق المزيد من النجاح مع الفريق الأحمر.

*******************************************

الصفحة العاشرة

أورهان باموق يكتب ذكرياته ويرسمها ببراعة فطرية

سناء عبد العزيز

يجمع كتاب أورهان باموق (ذكريات من جبال بعيدة) – الصادر حديثا عن دار نوف - بين دفتيه سجل أفكاره حول الفن والسياسة والحياة على مدار 13 عاماً تقريباً، إلى جانب بذور أعماله وشخصياته خلال تلك الفترة وما اشتمل عليه دفتر مذكراته من مواقف ولقطات وتفاصيل حياتية بسيطة، وإن كانت عميقة الدلالة. إضافة إلى مجموعة واسعة من رسوماته الفطرية والمعبرة. إنه باختصار كتاب يلخص حياة "الكاتب وعالمه"، أو لو توخينا الدقة "أرشيف باموق حول الزمن والذاكرة والمكان".

رسم وكتابة

منذ نعومة أظفاره انجذب أورهان، مثل غيره من المبدعين، إلى عالم الخيال، فراح ينسخ من نفسه شخوصاً بديلة في أحلام يقظته ويمنحهم اسمه، متيحاً لهم فرصة العيش في منزل يشبه منزله. وفي فترة الظهيرة انشغلت عيناه المستديرتان بمراقبة السفن أثناء مرورها في مضيق البوسفور من نافذة منزل جدته، محولة الغرفة إلى محطة لسفينة عملاقة يقودها قبطان في عاصفة. وعلى رغم ذلك لم تكن الكتابة خياره الأول، إنما بهرته الخطوط والألوان عبر مراحل دراسته لدرجة الاعتقاد أنه سيصبح رساماً حتى مقتبل شبابه. غير أن الكاتب القابع داخله ظل يحرضه على تسويد لوحاته في فصول الرسم ببعض التعليقات في نوع من التجاهل لتحذيرات المدرس بأن اللوحة لا تقبل الكلمات، إلا أنه لم يكف عن الدمج بين الكلمة والصورة معبراً عن استغرابه من أية محاولة للفصل بينهما. وهو ما يفسر انشغال كتابته بالرسم، كما يبلور رؤيته في الحياة باعتبارها تدور بأكملها حول الصورة والكلمة.

في روايته التاريخية "اسمي أحمر" 1998 كتب باموق عن عالم الخطاطين والمنمنمات العثمانية إبان القرن الـ16، ومن خلال عيون شخصياته لقلق وفراشة وزيتون، دلفنا معه إلى كواليس عالم الفن التشكيلي ومدى احتدام التوتر بين التقاليد الفنية والتأثيرات الغربية آنذاك، إلى درجة مقتل النقاش ظريف أفندي واصطباغ المشاهد باللون الأحمر.

في "متحف البراءة" وقع رجل في حب امرأة، وفجأة تنتابه حمى تجميع كل ما يخصها أو تلمسه يدها. وهو المشروع الذي تحقق على أرض الواقع بإنشاء متحف في إسطنبول يحمل عنوان الرواية، ويعرض الأشياء التي استخدمتها الشخصيات وسمعتها ورأتها وجمعتها وحتى الأشياء التي حلمت بها. أما في كتابه الجديد "ذكريات من جبال بعيدة"، يحاول باموق الذي يعد أول كاتب تركي يحصل على جائزة نوبل المرموقة، استغلال وجهي العملة، الصورة والكتابة، مقترحاً طريقة في السرد حين تعز الكلمات أو يلجمنا الصمت. وبصرف النظر عن حسن توظيفه لتلك التقنية من عدمه، فإن الكتاب الجديد يضع على كاهل الصورة سد الفجوات بين الأحداث وتبديد الصمت المنتشر في ربوع النص.

الفن في مواجهة الزوال

هل من الممكن مناطحة الزمن؟ بالطبع لا، وإلا سنبدو كمن يحارب طواحين الهواء. ويكفي أننا لا نستدل على سطوته إلا من آثاره فحسب، وما يطرأ على محيطنا من تغيرات طفيفة لكنها مستمرة، بحيث يصعب مضاهاتها بالنسخ البكر وملاحظة ما اعتراها من تبدل، بدءاً من الطاولة المفككة والسجاد الذي حال لونه وصولاً إلى الوجه المتغضن وخصلات الشعر التي شابها البياض. ومن هنا يحاول باموق الاستعانة بالفن لمواجهة الزوال، وذلك بتثبيت لحظات معينة وإعادتها إلى الحياة عبر الصورة، بينما تعمل النصوص على تخليد الذكرى والأماكن التي تغيرت أو اختفت تماماً، كمحاولة يائسة لتجميد الزمن. كتب يقول "أرسم شجرة رأيتها منذ أعوام لكنها لم تعد موجودة. في الرسم، أعيدها للحياة وأخلق مساحة لا يمكن للزمن أن يمحوها".

وتظهر قوة الزمن التحويلية عند باموق بحيث تفقد الأماكن القديمة بريقها أو تحولها إلى أماكن جديدة كما جرى على إسطنبول، مسقط رأسه "المدينة تتغير مع مرور الأعوام، مما يثير مشاعر مختلطة بين الفقد والجمال المتجدد". لسنا إذاً حيال مرثية لمرور الزمن باعتباره معول هدم، هناك ما يدعو إلى الاطمئنان، يشير باموق إلى أن الزمن يجعل الأماكن تبدو مثل طبقات من التاريخ، إذ يعيش الحاضر فوق آثار الماضي "أحياناً، وأنا أمشي في أزقة إسطنبول، أرى الماضي يتداخل مع الحاضر. المباني القديمة المتآكلة تحمل أثر الزمن، لكنها لا تزال تشهد على الحيوية التي كانت هنا ذات يوم. في كل حجر، أرى انعكاساً لعالم مضى وآخر يتشكل".

يمنحنا الزمن القدرة على التذكر وإعادة البناء من جديد، عالم يمضي وآخر يتشكل، وبينما نقر بأنه لص يسرق منا أشياء ثمينة نتعلم منه فضيلة الرضا والقبول "البيت الذي نشأت فيه لم يعد موجوداً. المبنى الذي حل محله يبدو جديداً، لكنه يفتقد تلك الروح. أشعر وكأن الزمن سرق جزءاً مني، لكنني أتعلم أن أتقبل ذلك".

هكذا يعبر باموق عن قلقه من الفقد، وفي الوقت نفسه يرحب بالتغيير كونه يمنح فرصة لإعادة اكتشاف الذات وإعادة تعريف الروابط مع الأماكن. وفي معرض استعانته بالصورة كمكمل سردي، يعبر عن تداخل الأزمنة من خلال منظر ليلي لإسطنبول مع أضواء متناثرة على ضفاف البوسفور، وسماء محجوبة بضباب خفيف، إذ تبدو المدينة المعاصرة تحمل إرثاً عميقاً كما لو أنه ينظر إليها عبر منشور يعكس موجات ضوئية بأطوال مختلفة. وعلى رغم ذلك ينهشه الحنين سواء في رسم لمنزل صغير، يبدو متآكلاً، تظلله سماء رمادية، أم صورة لدرب ضيق محاط بمبان قديمة ذات نوافذ صغيرة، مع بصيص من أشعة الشمس يتسلل عبر الزوايا.

مشهد دائم التغير

كما تتغير الأماكن بمرور الزمن، يتبدل الأفراد على مستوى الشكل والأفكار والميول. وكأن الطرق التي تأخذنا لا تسمح بالعودة مطلقاً، فدائماً ما يعود آخرون يحملون الذكريات نفسها ولكن بوعي جديد. ويذهب باموق إلى حقيقة غامضة عن كيفية تذكرنا للأحداث بما يحرفها عن نسختها الثابتة في الماضي، يرافق الفكرة رسم لجبل يبدو من بعيد بخطوط ناعمة وألوان خافتة كما لو أنه ينبثق من ذاكرة باهتة، بينما يبرز في المقدمة واد مليء بالأشجار الداكنة. وهو ما يحيلنا إلى العنوان الذي بقدر ما يشير إلى البعد والارتفاع، بما يجعل من فكرة الوصول إلى تلك الذكريات أمراً صعب المنال، يعكس حال الضبابية لدى استعادة هذه الذكريات المغلفة بالحنين، يقول عن هذه اللوحة: "يبدو الجبل ثابتاً، لكنه شهد تغيرات لا تعد ولا تحصى. هذا الرسم هو محاولتي لالتقاط لحظة عابرة في مشهد دائم التغير".

ويعتمد الكتاب على صوت السارد الأول على عكس أعماله السابقة التي تتناوب فيها الأصوات، وهو لا يتبع تسلسلاً زمنياً طبيعياً، بل ينتقل بين ذكريات الطفولة وتأملاته الحالية وأحلامه المستقبلية على نحو يتفق مع طبيعة الذاكرة البشرية، إذ لا تسير الأحداث بصورة خطية بل وفق تداعيات الأفكار وتراكمها في مخزن الذاكرة، أو على حد تعبير باموق، وفق ترتيبها العاطفي.

وبقدر ما تكشف المذكرات جوانب مختلفة من حياته، تكشف أيضاً عن إحباطه من المناخ السياسي في تركيا، وأصابع الاتهام التي وُجهت إليه بوصفه معادياً لبلده، مما اضطره إلى تعيين حارس لأعوام بسبب ردود الفعل على تعليقاته في شأن الإبادة الجماعية، "لقد قتل مليون أرمني و30 ألف كردي في هذا البلد، وأنا الوحيد الذي يجرؤ على قول ذلك". ويرافق هذا التصريح رسم كتب عليه "هنا المحكمة التي مثلت فيها عام 2005 بسبب حديثي عن الإبادة الجماعية للأرمن. وكان الناس يقذفوننا بالحجارة ونحن في الطريق إلى الخارج".

لقد اختلفت المراجعات في شأن "ذكريات من جبال بعيدة"، منها ما أشاد بمهارته في الدمج بين الكلمة والصورة، لدرجة استدعت ذكريات قديمة وغرف غابت ووجوه انطمست بين حجب الزمن، ومنها ما عدَّها محاولة غير ناضجة لتضمين مجموعة من الرسومات الطفولية. أياً ما كان الأمر، فهذه هي ورشة باموق بكل ما احتوته من أفكار وحكايات شخصية وعالمية، ولحظات طويلة من الصمت تتخللها رسومات حية بأصابع طفل استغرقه اللعب، لملء فراغ الحياة غير المحتمل.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

"اندبندنت عربية" – 19 كانون الثاني 2025

***************************************************

صحافة ألمانيا تنتقد تدخل ماسك في سياستها الداخلية

راغدة بهنام

لم تتردد الصحافة الألمانية في انتقاد تدخل الملياردير إيلون ماسك، صاحب منصة «إكس»، في السياسة الداخلية لألمانيا. ووصف معظم الصحف الرئيسية في البلاد دعمه حزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني المتطرف، بأنه يشكل خطراً على الأسس الديمقراطية فيها.

حتى صحيفة «دي فيلت إم زونتاغ»، التي تصدر أيام الأحد والتي نشرت مقالاً لماسك يبرر فيه دعمه للحزب المتطرف، بدت وسط صراع داخلي في قرارها نشر المقال. وإلى جانب مقال ماسك، أوردت مقالاً لرئيس تحريرها يان فيليب بورغارد، تحت عنوان: «لماذا يراهن ماسك على حزب البديل من أجل ألمانيا؟ ولماذا هو مخطئ؟». وفي المقال، كتب رئيس تحرير الصحيفة اليمينية المحافظة، التي هي جزء من دار «أكسل شبرينغر» التي استحوذت على مجلة «بوليتيكو» الأميركية العام الماضي، أن ماسك «يعتقد أن حزب البديل يستطيع أن يصلح البلد بشكل جذري، لكنه مخطئ تمام. إذ إن الحزب في جزء منه يعاني من كراهية الأجانب ومعادٍ للسامية، ولهذا فهو خطر على ألمانيا». وأعطى بورغارد أمثلة على تورّط مسؤولين بارزين في الحزب في قضايا قانونية لتكرارهم عبارات نازية، مضيفاً أن على ماسك تذكّر أن ذلك الحزب «ليس فقط (زعيمته) أليس فايدل». وتابع كاتب المقال أن حزب «البديل» معادٍ أيضاً لعلاقات وثيقة مع واشنطن، وفي المقابل يدعو إلى التقارب مع روسيا. جدير بالذكر أن ماسك في سياق تبريره دعم الحزب المتطرف، كتب في مقاله الذي نشرته «دي فيلت إم زونتاغ» أن «زعيمة الحزب أليس فايدل متزوجة من امرأة من سريلانكا. هل يبدو هذا كهتلر بالنسبة إليكم؟!». وعدا عن تغريداته المستمرة دعماً للحزب، أجرى مالك منصة «إكس» مقابلة مع فايدل على منصته استمرت ساعة ونصف الساعة، ثم انضم إلى حفل انتخابي للحزب عبر دائرة الفيديو ملقياً كلمة أمام المشاركين وداعياً «إلى الخروج من عقدة الذنب التي تلاحق ألمانيا»، مما أثار انتقادات كبيرة له واتهامات بقلة فهمه للتاريخ.

من جهة ثانية، على الرغم من نشر «دي فيلت إم زونتاغ» مقالاً مضاداً لماسك، فإن قرار النشر أثار ما تشبه الثورة الداخلية في الصحيفة، وأدى إلى استقالة رئيس قسم المقالات فيها اعتراضاً. ويبدو أن علاقة الصداقة التي تربط بين ماسك ومدير عام دار نشر «أكسل شبرينغر» ماتياس دوبفنر كانت وراء قرار نشر المقال.

مع ذلك، لا يمكن اعتبار أن نشر الصحيفة للمقال خرج عن إطار انتقاد الصحافة الألمانية لتدخل ماسك. وحتى الصحيفة نفسها تعرّضت لانتقادات من صحف ومجلات أخرى لقرارها. فقد نشرت مجلة «دير شبيغل» مثلاً تحقيقاً موسّعاً تناول علاقة دوبفنر بماسك، وكيف جاء قرار نشر المقال، وما تبع النشر من «ثورة داخلية» في المؤسسة.

هذا، ودأبت «دير شبيغل»، إلى جانب صحف ومجلات أخرى عريقة في ألمانيا، مثل «دي تزايت» و«سود دويتشه تسايتونغ» و«فرانكفورتر تسايتونغ» و«تاغس شبيغل»، على انتقاد تصريحات ماسك واعتبار أنها «تقوّض الديمقراطية». وغالباً ما تركز مواضيع هذه الصحف على آيديولوجيات حزب «البديل من أجل ألمانيا» المتطرفة التي تعرّض التماسك الاجتماعي للخطر. وكذلك نشرت صحف ألمانية مقالات تركز على «تطبيع» تأييد ماسك للأحزاب المتطرفة من خلال دعمه لها.

مما يُذكر أن ماسك واجه سيل انتقادات من الإعلام الألماني بعد انتقاده فشل السلطات في منع اعتداء ماغديبورغ الذي وقع إبان عطلة الميلاد، حين دهس لاجئ سعودي، مطلوب من السعودية ولكن ألمانيا رفضت تسليمه، عدداً من مرتادي السوق وقتل خمسة أشخاص.

وفي المقال، انتقد الكاتب تدخل «مليونير» في السياسة الألمانية، مشيراً إلى أن «السلطة حين تكون متجمعة في يد شخص واحد تشكل تهديداً لنظامنا الليبرالي».

وفي إطار الموضوع ذاته الذي يناقش تركز السلطات في يد ماسك واستغلاله موقعه، بثت «إذاعة برلين وبراندنبرغ» برنامجاً يتساءل عن «ما مدى خطورة قوة (سلطة) ماسك؟». ونقلت الإذاعة عن محللين وصحافيين في «دير شبيغل» و«آر تي إل»، قولهم أن تدخل ماسك «يطبّع اليمين المتطرف». ولقد انتقد كل المشاركين قرار «فيلت إم زونتاغ» نشر مقال ماسك؛ وقال نيكولاوس بلوم، رئيس قسم السياسة في «آر تي إل» -وكان نائب رئيس تحرير مجلة «دير شبيغل» وصحيفة «بيلد» سابقاً- إن المقال عُدَّ «سبقاً صحافياً» لكنه لو كان ليتخذ القرار لما كان نشره. وأضاف مبرّراً ذلك أن المقال «كان ضعيفاً، ولم أقرأ في حياتي دعوة سطحية للاقتراع مثله، بل يمكن نشر ذلك كإعلان مدفوع». وتابع منتقداً علاقة ماسك بدوبفنر الذي قرر نشر المقال من دون اعتباره إعلاناً. وللتذكير كانت دار «أكسل شبرينغر» قد استحوذت على مجلة «بوليتيكو» الأميركية، الأمر الذي ربما يبرّر حسابات مدير المجموعة.

من جهة أخرى، من الصحف والمجلات الألمانية مَن ذهب أبعد من ذلك، وصولاً إلى اعتبار ماسك «تهديداً للديمقراطية في أوروبا»، مثل مجلة «فوكس» المحافظة، التي نشرت مقالاً ينتقد «مساعي ماسك إلى قلب أوروبا رأساً على عقب». وفي المقال المنشور لكيشور سريدار، وهو كاتب متخصص يعمل في المجلة، ورد أن «ماسك يسعى بشكل ممنهج إلى خلق آراء سياسية في أوروبا... وهو بالطبع لا يقوم بذلك من مبدأ المثالية، فهو كان وما زال وسيبقى رجل أعمال يحاول دائماً أن يؤمّن مزايا لشركاته، وهو يفعل ذلك من خلال الفوضى الخلّاقة».

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

"الشرق الأوسط" – 9 شباط 2025

*************************************************

جندوا الثعابين والعقارب وجعلوا الأرض تطلق النار على الغزاة

حوّل الفيتناميون حياة الأمريكيين إلى جحيم في حرب طويلة. فشلوا بأحدث الأسلحة وأكثر الذخائر تدميرا، وانتصر الفيتناميون بقدرتهم على الحركة وتفننهم في تصيد أعدائهم.

مرت خمسون عاما على انتهاء الحرب الأمريكية في فيتنام، إلا أن دروسها لا تزال ماثلة. استغل الفيتناميون تضاريس بلادهم المليئة بالأدغال والأنهار والمستنقعات، وفاجأوا الدخلاء الذي جاءوا من وراء المحيط بسلسلة طويلة من الفخاخ، فاجأت جنودهم تحت الشجر وفوقها، وفي كل درب وفي كل زاوية.

تعلم الفيتناميون القتال خلال حربهم في السابق ضد المستعمرين الفرنسيين ثم الغزاة اليابانيين. حين جاء الأمريكيون، وجدوا أمامهم مقاتلين أشداء يترصدونهم ويقطعون الطريق أمامهم على الرغم من الفارق الهائل في القوة النارية. عوض الفيتناميون الفارق بتصيد الأمريكيين بفخاخ بسيطة لكنها مميتة، من بينها:

رصاصة الخيزران:

من أبسط المصائد التي استخدمها الفيتناميون في حربهم ضد الأمريكيين ما كان يسمى بـ"رصاصة الخيزران". هذه الطريقة على بساطتها كان يصعب اكتشافها. أدخل الفيتناميون قسما من رصاصة البندقية أو ذخيرة من عيار أثقل في ساق خيزران، ووضعت الرصاصة داخل حفرة في مكان تخفيه الأعشاب. برز الجزء العلوي من الرصاصة قليلا فوق الأرض. ما أن يدوس الجندي الأمريكي على الرصاصة حتى تنساب في التجويف الداخلي للخيزران، وتصطدم بمسمار رفيع وضع تحت كبسولتها. تنطلق الرصاصة وتصيب الساق أو الفخذ. بهذه الطريقة المبتكرة جعل الفيتناميون الأرض ذاتها تطلق النار على الغزاة.

فخ الدلو:

هذا النوع بسيط هو الآخر لكنه مرعب في نفس الوقت. يتكون من دلو حديدي ثبتت به خطافات صيد كبيرة أو أوتادا على التجويف الداخلي، ثم وصعت في حفرة بالأرض وموهت بعناية. ما أن تدخل قدم الجندي الأمريكي في هذا الفخ، حتى تنحشر داخله وتعلق بالأوتاد الحادة، ولا يكون من الممكن التخلص منها إلا بالحفر حول "الدلو" ورفعه من داخل الأرض مع القدم المصابة، ونقل المصاب إلى المستشفى لتخليص قدمه من الفخ.

فخ بونجي:

هذا النوع من الفخاخ الفيتنامية الحربية يعد الأشهر، ويسمى "عصي بونجي". يقول خبراء إنها كانت السبب في جرح 2 بالمئة من مجموع إصابات الجنود الأمريكيين في حرب فيتنام.

في معظم الأحيان كانت تستخدم في هذه الفخاخ، عصي من الخيزران تعد بشكل يجعلها شبيهة بالرماح الطويلة الحادة، وأحيانا تستخدم قضبان حديدية بأطراف علوية مدببة، في الغالب تلطخ بسموم نباتية أو حيوانية لإلحاق أكبر قدر من الضرر بالعدو.

هذه الأوتاد الحادة تثبت داخل حفر كبيرة مربعة الشكل على الدروب التي يفترض أن يسلكها جنود العدو. تغلق الحفر بغطاء منزلق ومموه بدقة. الجندي المار ما أن يضع قدمه على الغطاء حتى ينزاح إلى الداخل ويسقط بجسمه على الأوتاد الحادة، ولا يكون قادرا على التخلص منها بمفرده.

الفيتناميون قاموا بنصب العديد من هذه الفخاخ بجانب بعضها حتى يسقط الجنود الآخرون الذين يندفعون لانتشال زملائهم، في فخاخ مماثلة.

أسوأ الفخاخ التي حارب بها الفيتناميون الأمريكيين في الأدغال كانت عبارة عن صخور كروية ضخمة. تعلق هذه الصخور المثبتة بها قطع خيزران حادة أو أوتاد معدنية مسمومة، على فروع الأشجار في الغابة. ما أن يحتك الجنود الأمريكيون بالأغصان المتشابكة حتى تسقط هذه الأحجار بنصولها الحادة المرعبة، وتتدحرج مكتسحة كل من يلاقيها.

استغل الفيتناميون كل شيء يوجد في أرضهم لمحاربة الأمريكيين بما في ذلك الثعابين السامة والعقارب. استخدموا في الغالب من الثعابين السامة، نوعا يسمى "ثعبان الخطوات الثلاث". سموم هذه الثعابين مفعولها سريع، وهي تتميز بحجم صغير ولذلك يمكن تعليقها بسهولة بخيط على فروع الأشجار على مستوى الرأس. هذه الثعابين جعلها الفيتناميون تقاتل معهم، ووضعوها في أكياس وفي سيقان الخيزران وفي صناديق، ووضعوها على الدروب التي يسلكها الجنود الامريكيون. استعمل الفيتناميون هذه الثعابين حتى داخل الأنفاق لحراسة المداخل بربطها قرب السقف في انتظار من يقتحم المكان. وبالمثل استخدموا العقارب بوضعها في صناديق على جدار النفق. جرى التحكم في أبواب الصناديق بخيوط مموهة إذا تعثر بها الجنود الدخلاء، فُتحت الأبواب وخرجت العقارب لملاقاتهم.

انتصر الفيتناميون في تلك الحرب الهمجية على أقوى وأغنى دولة في العالم بتضحيات هائلة، ولأنهم تمكنوا من جعل بلادهم بأسرها فخا مهلكا للغزاة. انتهت تلك الحرب بمقتل 58 ألف عسكري أمريكي وبإصابة أكثر من 150 ألفا آخرين، فيما عاد العديد من الأمريكيين إلى بلادهم مصابين باضطرابات شديدة جعلتهم غير قادرين على العودة إلى الحياة الطبيعية.

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

"آر تي" – 7 شباط 2025

************************************************

الصفحة الحادية عشر

الجديد في المكتبة

* قضية تقاعد/ متوالية سردية/ تأليف فيصل عبد الحسن. اصدار: دار سينكا للنشر.

* الإبادة الجماعية/ تاريخ العالم. تأليف نورمان نايمارك، ترجمة احمد باسم سعدون. اصدار: دار المأمون- بغداد.

* قطيفة المساكين/ شعر حسن النواب، اصدار اتحاد الادباء والكتاب في العراق- بغداد.

* حالة ما بعد الحداثة/ بحث في أصول التغيير الثقافي، تأليف ديفيد هارفي ترجمة د. محمد شيا. اصدار المنظمة العربية للترجمة- بيروت.

* حدود المعرفة في العلوم والتاريخ والعقل/ تأليف انتوني غريلنغ، ترجمة إبراهيم مقدوني. اصدار: دار الساقي- بيروت.

******************************************

 

درب المحنة.. قصة: زيتكالا- شا*

ترجمة: جودت جالي

كانت ليلة خريفية في السهل، وطيات ثقب الدخان في أعلى الخيمة المخروطية جعلها النسيم الهاب تخفق بلطف، ومن سماء الليل الخفيضة، بنقاطها النارية التي لا تحصى، اختلسَ النظر نجم لامع كبير، من ثقب الدخان، من بين الطيات الخافقة في أعلى الكوخ البيضوي، الى امرأتين في الخيمة من قبيلة داكوتا وهما تتحدثان في الظلام.

كانت الشابة عذراء ذات عشرين صيفا، على فراش من العشب الناعم، تتشرب بعينيها اليقظتين من الجدول العذب الذي ينحدر نحوها من النجم عبر الفتحة في أعلى الخيمة، وعلى الجانب المقابل، وراء المستوقد الذي في وسط الخيمة، تمد الجدة بساطها، لكنها ما أن تتمدد حتى تجعلها الرغبة في سرد قصة تنهض الى وضع الجلوس.

كانت عيناها مغمضتين إغماضا محكما، تضرب براحةٍ نحيفةٍ شعرَها الذي تلاعبت به الريح. كررت بصوت مرتجف عالي النبرة :" أجل يا حفيدتي، تقول الأسطورة بأن النجوم الكبيرة اللامعة محاربون شيوخ حكماء، والنجوم الصغيرة الباهتة شجعان صغار جميلون".

وتقول الشابة متأملة وهي تلفظ كلماتها ببطء :" إذن ذلك الذي يختلس النظر من هناك عبر ثقب الدخان هو جدي العجوز العزيز". صوتها الناعم ينساب من خلال الظلمة داخل الخيمة، من فوق رماد بارد مكوم في المستوقد، ويدخل أذن المرأة العجوز الدرداء التي تجلس خرساء في تأمل صامت، ومن ذلك المكان تحلق في تأملها بأكثر الأجنحة رشاقة عبر ثلوج شتاءات عديدة، الى أن تصل أخيرا وتدخل الأجواء الآسرة المفعمة بالدفء التي كان فيها جد الفتاة شابا، فتستجيب لتأملاتها وتقول :" انصتي! ها أنا وقد عدت لشبابي ..."

" كان ذلك اليوم هو اليوم الذي مات فيه جدك. أقصد الجد الأكبر لأن هناك اثنين. كانا كالتوأمين، مع أنهما لم يكونا شقيقين. كانا صديقين، متلازمين! كانا يتشاطران كل الأشياء، صالحها وطالحها، عدا شيء واحد، اختلفا عليه فأصابهما بالجنون. في نوبة الجنون المستعرة تلك ذبح الأصغر سنا صديقه الأكثر حميمية، قتل أخاه الأكبر، وقد كان بمثابة أخ أكبر لأن محبتهما لبعضهما بعضا جعلت علاقتهما علاقة قرابة لزمن طويل..".

ضعف صوت المرأة العجوز. همهمت من بين أنفاسها، وهي تهز الى الأمام والى الخلف كتفيها المحدودبين، بكلمات عجب مزهوة. عيناها المغلقتان إزاء الليل حملتا خلف جفونهما ضياء الأيام الخوالي. شاهدتا من جديد غيمة سوداء متدحرجة تنشر نفسها فوق الأرض، وسمعت أذنها الدمدمة السحيقة للعاصفة في الغرب. طأطأت رأسها بخوف، فيما صاحت طيور الرعد في السماء. أنّت العجوز الدرداء وقد أعادت اليها الشعور بالغضب صيحة (لا! لا!) (1). غير أن السكينة التي تلت الغضب معبرةً عن الزهو، عندما يجعل إشراق الشمس الأصفر الناس سعداء، أغرت ذاكرتها بالمضي قدما عبر العاصفة... هتفت بقوة قائلة " كم يدق قلبي سريعا، وعاليا، وأنا أصغي لحكاية الرُسُل الرهيبة! أسرع الرجل القتيل خارجا من القبر الطري متوجها الى كوخنا. تربع بتروٍ، وهو يجلس بلا استئذان الى جوار أبي الذي يدخن بغليونه الطويل. ما أن التقط أنفاسه، وهو يلهث، حتى شرع قائلا :" كان ابنا وحيدا، وأخا عزيزا"، وبعيون مرتابة بنظرات هائجة رمقني كما لو أني كنت متآمرة عليه مع القاتل الذي هو حبيبي. نفث أبي نفسا طيب الرائحة من الدخان وهو يقول : (أهلا) (2) ثم قال مقاطعا ما كان يريد حامل الحكاية دائري العينين قوله :" هل تدخن يا صديقي؟"، وأمسك الغليون من وعاء التبغ ووجه أنبوبه الطويل نحو الرجل، فرد الرجل :" أجل، أجل يا صديقي"، ومد ذراعا طويلة سمراء...

" أطلق نفثات كخفقان القلب من الدخان الأزرق الذي تدلى بيننا كالغيمة، ولكن حتى من خلال ضباب الدخان رأيت عينيه حادتي السواد تلتمعان وهما تنظران نحوي. تقت الى أن أسأل أي قدر ينتظر القاتل الشاب ولكني لم أجرؤ على أن أحرك شفتي خشية أن أنفجر بالصراخ بدلا من أن أطرح السؤال.

بادر أبي بالسؤال فأجاب الرجل وهو يعيد الغليون :" أوه، إن الزعيم ورجاله المختارون تداولوا بينهم، وتوافقوا على أنه ليس وضعا آمنا أن يُترك قاتل إنسان حرا طليقا بيننا. إن من يقتل أحدا من قبيلتنا هو عدو، ويجب أن يلقى مصير العدو". لقد خفق صدغاي كأنهما قلبان على جانبي وجهي! وفيما أنا أصغي، مر منادٍ بخيمة أبي، وهو يتمايل مع وقع حوافر حصانه البوني، وأعلن بصوت عال هذه الكلمات، انصتي! أنا أسمع كلماته الآن :" أخرجوا!(3) انصتوا، أيها الناس جميعا. لقد أُقترف فعل رهيب. صديقان – أجل، صديقان من القلب – تشاجرا. الآن واحد ينام مدفونا على التلة، بينما الآخر يجلس، قاتل بشر، داخل مسكنه. يقول زعيمكم من يقتل واحدا من قبيلتنا فهو يقترف عدوان عدو. كذلك يجب أن يكون مُمْتَحناً. فليختر والد الرجل الميت أسلوب تعذيبه أو سلبه حياته. لقد عانى الأب ألما ممضا، وهو وحده القادر على أن يقرر كيف يجب أن يكون العقاب عظيما للانتقام من فعلته". قضي الأمر..... " تعالوا، كلكم، لتشهدوا حكم أبٍ على من كان مرة خير صديق لولده. تم الآن اصطياد حصان بوني بري ويجب على قاتل الرجل أن يمتطي الحيوان الشرس. قفوا جميعا في صفين متوازيين من الخيمة المركزية للعائلة المنكوبة الى الكوخ البيضوي المقابل في الحلقة الخارجية الكبرى. بينكم في الحيز الواسع يكون طريق المحنة المحدد. على الفارس أن يمتطي حصانه من الدائرة الخارجية ويوجهه نحو الكوخ المركزي، وإن مضى المسافة كلها حتى يصل الكوخ المركزي وهو لا يزال على ظهر حصانه البوني سينجو بحياته ويحصل على العفو المقرر، ولكن إذا سقط عنه فسيكون هو نفسه اختار الموت".

توقف المنادي عن الكلام، وخيم الهدوء على القرية مكتومة الأنفاس. ثم أسرعت نسوة يشهقن بالبكاء شاقات طريقهن عبر الحشيش العالي نحو درب المحنة، وكان الأنين المكتوم في أنحاء المخيم لا يمكن تحمله. ركضت مع الحشد ووجهي مستور ببطانيتي نحو المكان المكشوف في الدائرة الخارجية لقريتنا. وقد قام خلال لحظة صفان من الناس مهيبي الوجوه بالوقوف متقابلين لتحديد درب المحنة العلنية. آه! أرى رجالا أقوياء يحاولون توجيه البوني المربوط بالحبل، يتقدم خطوة أماما ثم يعود خلفا، والزبد الأبيض يتطاير من فمه. خنقني الألم وأنا أتبين حبيبي الوسيم وحيدا وحدة فاجعة، يسير بخطى واسعة وقد بدا على وجهه العزم نحو البوني المقيد. صرخت في قلبي :" لا تسقط عنه! اختر الحياة واخترني"، ولكن على شفتي أطبقت بطانيتي.

وإذا به بعد لحظة يقفز منفرج الساقين على ظهر الحيوان الخائف، وأفلته الرجال من قبضتهم، فقفز البوني كالسهم من قوس قوي، بمنخرين نافرين، مندفعا نصف المسافة الى الخيمة المركزية. يشد الفارس العنان بكل ما أوتي من قوة، ويتوقف البوني بسيقان يابسات كالخشب فينقذف الراكب الى الأمام بقوة ولكن لا يسقط، و يتقافز المخلوق المجنون ضاربا حوافره عاليا في الهواء، فيما يتمايل صف الرجال والنساء متراجعا الى الوراء ليعود الى مكانه بعد أن يأمن أذى ذلك الشيء الذي يرفس ويصهل.

إن البوني شرس وقد جحظت عيناه من محجريهما، بظهر محدودب وخطم قريب من الأرض، يثب في الهواء. أغمضت عيني.

لا يمكنني رؤية حبيبي يسقط.

تتعالى صيحات من حناجر الرجال والنساء الجشاء، فأنظر أنا. إذن فقد تمت السيطرة على الحصان الوحشي. ترجل حبيبي عند مدخل الكوخ المركزي. يقف البوني، مبللا بالعرق ويرتجف من الإجهاد، مثلما يقف كلب مذنب الى جانب سيده. هنا عند مدخل الخيمة المخروطية يجلس الأب والأم والشقيقة الثكالى. ينهض الأب المحارب العجوز، يخطو الى الأمام خطوتين واسعتين، يمسك بيد قاتل ابنه الوحيد. صاح بصوت المشفق وهو يرفع اليد عاليا ليستطيع الناس رؤيتها :" ولدي!" انتشرت همهمة شعور بالمفاجأة مثل هبة ريح مباغتة عبر الصفين، والأم، بعيون منتفخة، والشعر المقصوص الى حد الكتفين، تنهض، وتسرع الى الشاب، وتأخذ يده اليمنى، وتحييه :" ولدي!"، ولكن صوتها يرتجف في آخر الكلمة وتستدير مبتعدة وهي تنشج.

ثبت الشبان عيونهم على المرأة الشابة التي لا تتحرك، ودون رأس محني، تجلس بلا حراك. يتحدث اليها المحارب العجوز قائلا :" صافحي الشجاع الشاب، يا ابنتي الصغيرة. لقد كان صديق أخيك لسنوات عديدة، والآن يجب أن يكون صديقا وأخا لك". تنهض الفتاة عندئذ، وتمد ببطء يدها النحيفة، وتبكي، وبشفتين مرتعشتين تقول :" أخي!"، وتنتهي المحنة".

تنفجر الفتاة سائلة وهي على فراش من العشب الناعم :" جدتي! هل هذا حقيقي؟".

أجابت الجدة بدفء في صوتها :" سؤالك هذا هراء!(4) طبعا كله حقيقي. خلال سنوات زواجنا الخمسة عشر ذهب من أيدينا الكثير من أحصنة البوني، ولكن هذا الفائز الصغير، أوهييسا، كان العضو الدائم في عائلتنا. أخيرا مات جدك في ذلك اليوم الحزين وتم قتل أوهييسا عند القبر".

برغم أن المجاميع المتنوعة من النجوم التي تتحرك عبر السماء، وهي تعلم الناس بمرور الزمن، أخبرت كيف أن الليل صار في ذروته فإن المرأة الداكوتية العجوز غامرت بقضاء المزيد من الليل في إيضاح لمراسيم الدفن، قائلة :" يا حفيدتي، لم يسبق لي أن نطقت في حياتي بالمعرفة المقدسة، والليلة يتوجب علي أن أخبرك بإحداها، فأنت بالتأكيد كبيرة بما يكفي لتفهمي. قال طبيبنا بأني أحسنت الفعل بالإسراع في الحاق أوهييسا بسيده. ربما يتعب جدك خلال الرحلة على درب الأشباح ويتمنى في قلبه وجود حصانه البوني، فذلك المخلوق الذي قفز مسبقا منطلقا في إثر الروح، قد تجذبه تلك الأمنية اللطيفة فيدخل السيد والحيوان أرض المخيم الآخر".

سكتت المرأة عن الكلام، ولكن كان التنفس العميق للفتاة هو فقط الذي يشوب الهدوء، وآنذاك كانت ريح الليل قد هوَّدت نفسها للنوم.

تمتمت بصوت نكِد :" هنو! هنو! إنها نائمة! كنت اتكلم في الظلام، غير مسموعة. تمنيت أن تزرع الفتاة في قلبها هذه الحكاية المقدسة".

غفت، وهي تأوي في فراش من العشب الناعم ضواع الرائحة، لتروح في حلم آخر، والنجم الحارس في الليل لا يزال يومض بإشفاق على الخيمة المخروطية الصغيرة في السهل.

ـــــــــــــــــــــــــــ

مفردات هندية  وردت في القصة:

1-  Heyä! Heyä! وتعني لا! لا!

2- How وتعني أهلا.

3- Ho-Po  وتعني أخرجوا.

4-Trosh تعني هراء!، كلام فارغ!

المصدر:

The Portable American Realism Reader, James Nagel and Thomas Quirk.1946

*زيتكالا- شا (معنى الاسم الطير الأحمر) 1876-1938 من سكان أميركا الأصليين، ومن قبيلة داكوتا  التي سميت ولايتان على اسمها في شمال الولايات المتحدة. تستحضر حكايتها القصيرة (درب المحنة) الاقتلاع الثقافي الذي شعرت به المؤلفة عند بلوغها وفي الوقت نفسه تحمي من الضياع شكلا من أشكال تقاليد البطولة والعدالة والمسامحة التي تستذكرها الجدة، والواقع أن نتاجات الكاتبة والشاعرة والموسيقية والناشطة المدنية زيتكالا كلها تندرج ضمن كفاحها للحفاظ على الهوية الثقافية. ألفت أول أوبرا أميركية هندية (أوبرا الشمس ترقص) 1913 مثلما ألفت (انطباعات عن طفولة هندية) 1900 و(الأيام المدرسية لفتاة هندية) 1900 و(أساطير الهنود القديمة) 1901 و(قصص أميركية هندية) 1921، وغيرها، أما في سياق نضالها السياسي والمدني فهي من مؤسسي المجلس الوطني للهنود الأميركيين وترأسته حتى وفاتها.

***********************************************

قصة قصيرة.ز  ثوبَهُ...

رجاء الجابري

حكى لي زوجي مرة

عن يوم من طفولته

كنا سعداء؛ نحن؛ صغار القرية المجاورة للشط، سعداء بتسليتنا الأولى؛ السباحة بمياه النهر المتفرع من الشط. كان بيتنا قريباً من ذلك النهر.. كنا نسبح عراة من أية ملابس.. العري ذاك كان ظاهرة عامة لأطفال القرية في جميع أماكن السباحة لمن هو بسن العاشرة فما دون، لا ملابس داخلية لأحد مطلقاً؛ لا في السباحة ولا في دوام المدرسة.

وضعنا أثوابنا على كفة النهر..

بعد ان انتهينا من السباحة قررنا العودة الى البيت. تناول أخي الكبير ذو العشر سنوات ثوبه، وكذلك أولاد عمي ذوو عشر وتسع وثمان سنوات..

بحثت عن ثوبي فلم أجده. بحثنا في المياه القريبة من حافة شريعة السباحة، كذلك لم نجده. ذهب أخي وأولاد عمي الى البيت.

بقيت وحدي أجلس متقرفصاً خجلاً، فقد كانت المياه تستر عريي، الآن... حتى الغبار الذي كان يسترني بعتمته، قد توقف...

النخلة التي سترت عريي كانت تتمدد مستريحة بين المياه واليابسة، قد لذتُ بجذعها اللصيق بحافة النهر.. كانت ملاذاً لذيذاً لولا بعض الزنابير، ذات اللون الأحمر والأصفر!!.                                                                                                  الزنابير لن ترعبني كثيراً  انما ترعبني المسافة بين البيت وملاذي هذا يتطلب حيلة ومخاتلة ومجازفة، حتى أتخفى وأمشي متقدماً نحو الفتحة الخلفية للبيت.

بعد ان اقترب العصر من المغرب، وبطني من نفاد غذائها كله؛ أخذت أختل وأنهض، أمشي وأتوقف، من وراء وحول، نخلات بستاننا، حتى وصلت الباب الخلفي لبيتنا..  دخلت.

ما ان دخلتُ حتى وجدتُ والدي يحمل حزامه؛ النطاق الكبير، السلاح الأثير لوالدي. أمي واقفة جنبه، أخي الكبير بعمر التسع سنوات، يقف جنب أمي، اخواتي الاثنتان الصغيرتان كانتا ملتصقتين باكيتين عند عتبة غرفتي.

عرفتُ حينها أن أخي وشى بي. ولم يسعفني برداء من أي نوع!

ما ان نظرتُ الى التجمع المريب حتى درت بسرعة مباغتة، وبكل طاقة الخوف والشيطنة وغريزة البقاء؛ ركضتُ، وبقفزتين عبرتُ فتحة الدار و.. الى العراء ثانية!.

بذات الطاقة والحماس عبرت منطقة بستاننا. قطعت مسافة تقارب الـ ثلاث عشرة دقيقة ـ بتوقيتي الذهني ـ، نحو الشارع العام للشط الكبير.

تعبتُ.

مسكني والدي.. كان يلاحقني بهمة عجيبة، يركض ورائي مثل متسابق حرِّيف!.             

لم يفتر عزمه منذ لحطة هروبي حتى تعثر رجلي، إذ سقطت حينها من الاجهاد والجوع..

نظر لي والدي بتشفً، قذفني بكلام بذيء واصفاً إياي بالمهمل، ثم حمل حجارة ثقيلة ـ بتقدير عيني ـ وزنها ثلاثة كيلو غرامات.. رماها على ظهري بقوة. تركني ملقى في الطريق؛ جائعاً، عارياً، مغشياً علي، مدمى الظهر بقطعة ورم على قدر مساحة الحجر ـ غير الكريم ـ الذي نال من ظهري.

بعد نصف ساعة بحساب دوران الشمس، الذي أجيد تخمين مقابله من الوقت، أفقت من غشوتي.. أردتُ النهوض، فامتدت يد أمي، أنهضتني من كبوتي، مسحت دموعي، وضعتني تحت عباءتها الجرداء، حضنتني.. عدنا الى البيت.

ما ان دخلنا البيت حتى تشاجرت أمي مع والدي، قالت له مؤنبة :

(عندنا كم ولد؟!. هما اثنان بعد أربع أُناث.. ألا تخاف الله، كنتَ ستقتل الولد، وتجعل البنات بلا حام بعدك.. أخوهن الكبير ليس عنده حمية).

سكت والدي. سكن أوار غضبه، نحّى وجهه جهة الجدار.. قال بصوت باك:                

من أين سأجلب لك مالاً لشراء ثوب آخر!.                                                          

قلت مع نفسي" لا عليك يا والدي..

لا ألومك.. أعرف انك لا تكرهني، انك تفكر بالستر الدائم. يا والدي الحاجة تبرر الجريمة"...

*******************************************

أجرجرُ  أَحلامي

شاكر السامر - اسطنبول

كأني طفل  العب بأشيائي

  اتلهّى بالطين الأحمر

الفعل المضارع ديدني، والماضي محض نداء عميق

يغزوني حيث اتمعن بكل طفولتي الجاثمة فوق رباي

انا ما زلت صلدا اترجرج في صحن سراب قاحل يقتله الأنين وهو يخاتل حولي كقمر حوري المعنى ،

وانثاه شمس خجلى بين غيوم زاحفة نحو العطش المُر ..، لا تكاد تطلّ برأسها وهي صرعى بين الميلاد وحزني .

يارب الفقراء / الشعراء / المنبوذين عند المحراب

وسيوف المراهنين على فتوى المنسجمين في كل الاوقات الصعبة ،

هذا الليل .. استيقظ مفزوعاً من رؤيا تناتبني كلما  زاغت عني الطعنات ..

وافلتُ من نومي لسبابتي

وهي تكتب في جوف الهاتف الملعون كل مصارعي في حروب الاخوة العقارب حد القتل .

يا روح الله الذي اتنفسه دون اكتراث لجنته الموعودة في اساطير الاديان ..

ها اني الوذ اليك مغمساً بكل ذنوب الشعراء الملوثين بحب المعشوقات ،

وخمرة النسيان ..

مازلتُ بريئاً اشتاق لحليب لم أُفطم عليه بعدُ ..

كأني رسولٌ طريَّ  المزاج، او ولي شهيد .

لِمَ كلما مررتُ بحارتي او وطني- كما يقال - ؛

اغمض عيني كي لا  ارى جثتي يحملها الغراب ،

والغرابُ سخي بحمل الضحايا كما لا تعلمون .

تشرين ما عادت تريد الحرية .

والدماء الوردية ما زالت تسيل على مذبح الخلود ..

نجّني يا رب من هول ما لا أريد ، او تريده رياح التمني

فالعشق بلاء ..،

والموت لا يبيد في حضرة الغرباء .

ها انا عدتُ  لنجواي الطهور .

علّني ارسم لوحة لا يفسرها الّا العارفون بالنعيم الأزلي في قارعة الجنون ..

لوحة ملونة بكل ما اوتيت من الم ودموع آسفة مفجوعة .

يا رب الروح العابقة بكل معاني الحياة،

هل اني رجل أعمى

اتحسس بخيبتي طريقا من حجر اصفر في كل روائع إسطنبول..

ام  اني صبي موعود اتفجر 

 من يُتم متيم بعشق هذي البلاد .. ؟

.. وقد افلح من صلوا عليك يا وطني

وماتوا بجوار هيبتك المقدسة

يا عظيم النكبات .

************************************************

الصفحة الثانية عشر

في اتحاد الأدباء العراقيين استذكار الراحل كوكب حمزة فنانا ومناضلا

متابعة – طريق الشعب

 

أقام الاتحاد العام للأدباء والكتاب بالتعاون مع جمعية الموسيقيين العراقيين، الاثنين الماضي، حفلا فنيا في ذكرى الملحن والمناضل الراحل كوكب حمزة، حضره جمع كبير من الأدباء والمثقفين والفنانين ومن رفاق الفقيد ومحبي فنه.

الحفل الذي اقيم على قاعة أبي نؤاس في مقر الاتحاد، أداره الشاعر حسين المخزومي، وافتتحه أمين سر الاتحاد الشاعر عمر السراي بكلمة، قال فيها: "كان كوكب حمزة رمزاً وطنياً كبيراً، والرموز نادرة في تاريخ الأمم. وحينما نتذكره لا نتذكر ألحانه فحسب، بل نتذكر مواقفه ونضاله ومقاومته الطغيان بأغانيه وموسيقاه وعدم رضوخه للدكتاتورية.. اليوم نستذكر الوطن عن طريق كوكب حمزة".

فيما قال رئيس جمعية الموسيقيين د. كريم الرسام في كلمة له، أن "كوكب حمزة أحد الرموز الوطنية والثقافية والفنية في العراق، وتمثل ألحانه جزءا من الثروة الوطنية".

وألقى الرفيق مفيد الجزائري كلمة حيّا فيها اتحاد الادباء وجمعية الموسيقيين على مبادرتهما الى إقامة الاستذكار، وأكد ان الفنان الراحل كوكب حمزة يستحق اكثر من استذكار واحد، وأشار كذلك الى العديد من رفاقه وزملائه الملحنين والمطربين العراقيين البارزين، الذين سبقوه او عاصروه، متمنياً على الجمعية والاتحاد إحياء ذكراهم والاحتفاء بانجازهم هم ايضا.

بعدها تناوب عدد من الحاضرين على الحديث عن الفقيد وتجربته الفنية، ودوره في تجديد الأغنية العراقية.

وفي سياق الحفل، قدمت الفرقة الموسيقية التابعة لجمعية الموسيقيين، مجموعة من ألحان كوكب، منها "لو رديت بذاك اسمك وطيوفك" و"يا نجمة" و"الكنطرة" و"وين يالمحبوب" و"يا هوى الناس" و"الطيورة الطايرة" و"ردتك وطن يا وطن". ليختتم الفنان د. كريم الرسام الحفل بأغنية "يبنادم".

***********************************************

يتناول أزمة جفاف الأهوار فيلم عراقي يسطع في مهرجان برلين السينمائي

متابعة – طريق الشعب

حقق الفيلم العراقي القصير "إبراهيم" للمخرج علي يحيى، إنجازا بحصوله على تنويه خاص من لجنة التحكيم الدولية في الدورة الـ75 لمهرجان برلين السينمائي الدولي، ضمن فئة "أجيال"، والذي اختتم يوم 23 شباط الجاري. حيث أشادت اللجنة بالفيلم على ما يقدمه من تصوير شاعري في أهوار العراق، المدرجة على قائمة التراث العالمي لليونسكو، والتي تعاني اليوم تداعيات التغيّر المناخي.

ويتناول الفيلم أزمة الجفاف التي تهدد الحياة في الأهوار، من خلال قصة راعي الجاموس الفتى إبراهيم، الذي يكافح للحفاظ على عالمه المتلاشي، في انعكاس لصراع الإنسان أمام التحولات البيئية. حيث يروي الفيلم قصته بأسلوب بصري مؤثر وحبكة إنسانية غنية بالمعاني.

وعُرض الفيلم خلال المهرجان في خمس قاعات سينمائية، إلى جانب مشاركته في سوق الأفلام الأوربية (EFM). حيث لاقى اهتماما واسعا من النقاد وصناع السينما ومحبي الأفلام من مختلف أنحاء العالم.

ويجسد إبراهيم شابا هادئا وصامتا، يحيا حياة بسيطة لكنها مليئة بالتحديات. إذ يجد في الصمت ملاذا من عالم خارجي يثير مخاوفه وقلقه. ورغم قلة تواصله مع الآخرين، إلا أنه يمتلك رابطا عميقا مع الأهوار وجواميسه، ما يعكس علاقة فريدة ومتجذرة بين الإنسان وبيئته.

ويُظهر الفيلم كيف يمكن أن تختفي هذه البيئة الفريدة، بصمت، إذا لم يُلتفت إلى التغيرات المناخية المتسارعة التي تهددها.

ومن خلال عيون إبراهيم، يعيش المشاهد إحساس القلق والخوف من زوال هذا النظام البيئي العريق، الذي يواجه ضغوطا متزايدة من التغير المناخي والإهمال.

********************************************

قف.. أبناؤهم.. أسوأ منهم

عبد المنعم الأعسم

لاحظ القلقشندي في "صبح الأعشى"  أن ابن الفاسق يشبه أبيه "لا ينحطّ في ملابسه، ويرتفع عما يلبسه الناس" في إشارة إلى التعالي، وكأن ابو العباس القلقشندي، ويسمونه "بحر التاريخ" يستبق روايات يتناقلها الناس الآن عن ساسة أؤتمنوا على ثروات وأموال الشعب، فلم يكتفوا بنهبها، بل دربوا الأبناء والأحفاد على فنون النهب، وعلى أفضل الطرق للسطو على ثروات البلد.

على أن التاريخ زاخر بالروايات عن الصبية الفاسدين المتحدرين عن أبناء فاسدين: يولدون وفي أيديهم ملاعق من ذهب، وحسابات مفتوحة في المصارف، وخطوط طيران تحت خدمتهم، وقد تدربوا على يد آبائهم الحاكمين والمتحكمين، وأخذوا عنهم براءات اختراع "أسرق وضم راسك" بل وطوروها بتكوين الذباب الإلكتروني الذي لا يجمّل قبح الحرامية، بل (المهم) ان يقبّح وجوه المحتجين على الفساد والفاسدين، ويجعل من الجموع الفقيرة الباحثة عن لقمة العيش عبارة عن صفوف منظمة أنيقة تجيد التصفيق والمديح لصاحب الشأن الذي لم يسمع شيئا عن ملايين العائلات التي تنام على خواء بطونها، أو منسية في علب الخوف والإقصاء، ولا تستطيع الوصول إلى حيث يطلّ من شرفة أو من على شاشة ملونة.

*

قالوا:

"والدي، نبيل، وأبٌ عطوف".

لوسيا بينوشيت- ابنة دكتاتور تشيلي

********************************************************

احتفاء برائدي السرد عبد الملك نوري وفؤاد التكرلي

متابعة – طريق الشعب

احتضنت قاعة الجواهري في الاتحاد العام للأدباء والكتاب، أخيرا، أعمال المؤتمر السنوي الأول لمنتدى أعلام الأدب، الذي أقيم تحت عنوان "آفاق الريادة السردية في العراق - عبد الملك نوري وفؤاد التكرلي).

شارك في المؤتمر عدد كبير من النقاد والباحثين، وحضره جمع من الأدباء والمهتمين بالسرد العراقي. بينما افتتحه الأمين العام للاتحاد الشاعر عمر السراي بكلمة، ذكر فيها أن نوري والتكرلي قامتان مهمتان من قامات الثقافة العراقية، مشيرا إلى ان الاتحاد يسعى إلى إقامة حزمة من المؤتمرات في المسرح والنقد والفلكلور والثقافة عموما.

فيما أشار الناقد فاضل ثامر في مداخلة له، إلى أن "تأصيل جنس القصة العراقية هو دليل على الواقع المدني للمجتمع، بفضل روادها كعبد الملك نوري الذي استخدم تيار الوعي في معظم قصصه، ثم تبعه التكرلي الذي استطاع صناعة تيار جديد للقصة العراقية".

وتضمن المؤتمر جلستين صباحية ومسائية، الأولى أدارها الناقد د. جاسم الخالدي وشارك فيها النقاد د. باسم صالح ود. إسراء جابر حسين ود. محمد عبد الحسين هويدي ود. إحسان الزبيدي وبشير حاجم.

أما الجلسة المسائية فقد أدراها د. جاسم محمد جسام، وشارك فيها د. ثائر العذاري ود. علي عواد ود.علي حاكم صالح ود. حسن مجاد وعلي داود كاظم.

وتناولت البحوث التي قُدمت في الجلستين التكنيك السردي والشواغل الفكرية والتقانات الإبداعية والاستهلال في قصص نوري، فضلاً عن الرؤية السردية والراوي ودرامية الحوار والتدليل الموازي والسلطة في قصص التكرلي.

*********************************************

بالتشكيل والأدب.. استذكار الشاعر السيّاب في لندن

لندن – طريق الشعب

في مناسبة مرور 61 عاما على رحيل الشاعر الكبير بدر شاكر السياب، نظم "فناء آرت غاليري - قطر" في العاصمة البريطانية لندن، يومي 7 و8 شباط الجاري، فعالية ثقافية جمعت بين الفن التشكيلي والأدب.

هذه الفعالية التي نُظمت بمبادرة من الفنان علاء جمعة، والتي احتضنتها صالة "إبراز" التونسية، تهدف إلى إحياء أرث السياب ومكانته الريادية الشعرية باعتباره أحد رواد الشعر الحر. وقد حرص الفنانون المشاركون في الفعالية – كما ذكر أحدهم – على "تقديم رؤية بصرية معاصرة مستوحاة من قصائد السياب، عبر مزيج فريد بين الشعر والفن التشكيلي".

وشارك في الفعالية الفنانون فيصل لعيبي، مزاحم الناصري، علاء جمعة، د. علاء بشير، سالم مذكور، عائشة السليطي وزيد الفكيكي.

أما الشق الأدبي من الأمسية، الذي أدارته الشاعرة دلال جويد، فقد تضمن قراءة مختارات من قصائد السياب من قبل الشاعرة والإعلامية آلاء أبو الشملات. أعقبتها محاضرة للشاعر الكبير أدونيس، تناول فيها الكثير من المحطات في حياة السياب، فضلا عن علاقته معه. فيما عرّج على التردي الثقافي في الواقع العربي، ليقرأ بعدها قصيدة السياب "النهر والموت". 

وكانت هناك مساهمة للشاعر عبد الكريم كاصد، الذي ألقى الضوء على لغة السياب الشعرية وعلاقته بالمكان، وقرأ بعض قصائده. 

هذا وافتتحت الفعالية بكلمة ترحيب من قبل مديرة الغاليري الفنانة عائشة السليطي. أعقبها غيلان السياب، نجل الشاعر، بكلمة.

ومن المفارقات أن يكون يوم وفاة السياب مطابقا ليوم ولادته. حيث توفي يوم 24 كانون الأول 1964، وولد يوم 24 كانون الأول 1926.

*******************************************

  • يعرض "ملتقى لكش" الثقافي في بغداد، غدا الجمعة، الفيلم الموسوم "جدارية المطر"، للسيناريست والمخرجة إيمان خضير.

الفيلم مستوحى من قصة حقيقية ويتحدث عن واقع السجناء السياسيين في العراق.

يبدأ العرض في الساعة 4 عصرا على قاعة المنتدى العمالي الثقافي في الكرادة – قرب مستشفى ابن الهيثم. 

  • تعقد الجمعية العراقية لعلم النفس السياسي بالتعاون مع أكاديمية بغداد للعلوم الإنسانية، غدا الجمعة، ندوة حوارية بعنوان "ظاهرة الطلاق في المجتمع العراقي – مقاربات نفسية واجتماعية وقانونية".

يشارك في الندوة القاضي هادي عزيز علي ود. ذكرى جميل البناء ود. جاسم محمد عيدي.

تبدأ الندوة في الساعة 5 مساء في مقر أكاديمية بغداد للعلوم الإنسانية –ساحة الواثق – مدخل شارع 42 – فرع "مطعم دايت فود" – قرب "كنيسة ومدرسة مار يوسف" الابتدائية.

  • يضيّف منتدى "بيتنا الثقافي" في بغداد بعد غد السبت، الناقد أمين الموسوي، ليلقي محاضرة بعنوان "اليسار والأدب في العراق".

تبدأ المحاضرة في الساعة 11 ضحى على قاعة المنتدى في ساحة الأندلس. 

*************************************************

أما بعد.. نصنع الفرص

 منى سعيد

بحماس وبروح شبابية متَّقدة، تحدث المخرج السينمائي عدي رشيد بعد عرض فلمه "أناشيد آدم"، المُنتج محليا والفائز بجائزة البحر الأحمر، في حفل افتتاح مهرجان العراق السينمائي الدولي بدورته الأولى، والذي أقيم في 19-22 الشهر الحالي في "قرية دجلة" ببغداد، مؤكدا دور الفنانين السينمائيين الشباب، في صنع فرص نجاحهم وتقديمها ضمن صناعة سينمائية عراقية واعدة.

وفي الحقيقة أحرز المهرجان نجاحا باهرا على الرغم من إقامته دون تجربة سابقة، سواء من حيث التنظيم والاستقبال، أو في تقديم عروض 226 فلما قصيرا ووثائقيا مشاركا، بينها أربعة أفلام روائية طويلة، قُدمت حسب جداول عرض نشرت في صحيفة المهرجان اليومية "مسلة الشباب السينمائية".

المفرح أن طاقة الشباب الإيجابية، المتمثلة في كوادر وزارة الشباب والرياضة، راعية المهرجان، ومن المتطوعين، انعكست على أجواء الأيام الأربعة بألق بغدادي جميل.

وتأتي أهمية المهرجان بحسب خالد آل زهراو المدير التنفيذي، من تقديم عروض أفلام شبابية عراقية أنتجت خلال عام2024، وكانت من مخرجات ورش أقيمت بشأن حيثيات صناعة السينما، مثل كتابة السيناريو والإخراج وغيرهما من الأمور الفنية، وقد أقيمت في بغداد ونينوى وذي قار وميسان، و ستتواصل إقامتها قريبا في باقي المحافظات.

وكانت قد قدمت للمهرجان 103 مشروعات أفلام، تنافست للحصول على 6 منح مالية لستة مخرجين شباب، لا تتجاوز أعمارهم الخامسة والثلاثين، وتم اختيار مشاريعهم من قبل لجنة تحكيم برئاسة الناقد السينمائي علاء المفرجي، وعضوية د. صفاء جبارة صنكور القادم من لندن، والفنانة د. آلاء نجم، والمخرج البحريني عمار زينل، والمخرج العراقي مهند حيال.

و قدم المهرجان خمس جوائز للأفلام الفائزة، بينها التمثال المصغر لشعار المهرجان بتوقيع الفنان العراقي العالمي أحمد البحراني.

وكان الحدث الأبرز حضور المنتج العراقي المغترب بيتر خماس، الذي ساهم بافتتاح أكثر من ثلاثة آلاف صالة عرض حول العالم، واعلان هدفه المتمثل في إنشاء دور عرض محلية، مع دعمه وافتتاحه صالة سينما فوماكس بمواصفات عالمية في "قرية دجلة" ببغداد، فضلا عن سعيه بالتعاون مع المهرجان لتنظيم شراكات في تبادل الأفلام وتسويقها والمشاركة في المهرجانات، وقبلها في دعم إنتاج الفيلم العراقي. فالفعل برأيه هو أولا وقبل كل شيء.. وفعليا سيشارك المهرجان بأربعة أفلام عراقية في مهرجانات عالمية قريبا .

وأكد خماس في الوقت نفسه دعم إنشاء مزيد من صالات العرض، إلى جانب التعاون مع مجموعة من مستثمرين يشترون الأفلام العراقية تجاريا، للحصول على مصادر تمويل مستدامة لإنتاج أفلام أخرى، وعرضها للجمهور المحلي الذي سيساهم بدوره في صناعة الأفلام عبر إقباله على شبابيك التذاكر.

وتجسد حماس المهرجان أيضا في المؤتمر الصحفي للدكتور أحمد المبرقع وزير الشباب والرياضة الذي أعلن عن تصميم الوزارة على إقامته سنويا، وان التحضير للمهرجان القادم سيبدأ حالا بعيدا عن الصورة النمطية للوزارة، على إنها تُعنى بالرياضة حصرا.