اخر الاخبار

الصفحة الأولى

مراقبون ينصحون بمشروع للنقل العام وطرق حولية.. شلل مروري في بغداد.. ما جدوى مشاريع فك الاختناقات؟

بغداد ـ طريق الشعب

تعيش العاصمة بغداد، أياماً طويلة متوالية من الزحامات الشديدة، لم تشفع لها مشاريع فك الاختناقات المرورية التي أنجزت الحكومة المرحلة الأولى منها أواخر العام الماضي، والتي شملت إنشاء أنفاقٍ ومُجسَّرات وتأهيل الطرق السريعة بالإضافة إلى فتح شوارع مُغلقة؛ إذ لا يزال المواطنون يقاسون في الوصول الى منازلهم أو أماكن عملهم، فيقضون ساعاتٍ طوالاً وسط شوارع العاصمة المكتظة بالسيارات.

محاور رئيسة مشلولة

وامتدت الاختناقات إلى مختلف شوارع وجسور بغداد، شاملةً الجسر الدوار، جسر الرستمية، سريع الدورة، محمد القاسم، مجسّر الأمانة، مجسّر العلوية، مجسّر الربيعي، جسر السنك، جسر الجمهورية، جسر باب المعظم، جسر الجادرية، جسر الطابقين، جسر القادسية، سريع القناة، شارع المغرب، شارع السعدون، منطقة العلاوي، وشارع مطار بغداد.

وتحوّلت هذه المحاور الحيوية إلى نقاط ازدحام خانقة، حيث يستغرق التنقل عبرها ساعات طويلة، مع تسجيل حالات تأخير غير مسبوقة.

تداعيات اقتصادية وصحية

المواطنون يواجهون أزمات يومية بسبب التأخير المستمر، إذ تستغرق الرحلات التي يُفترض أن تدوم 30 دقيقة نحو 3 ساعات، مما يرهق السكان ويعطل مصالحهم. كما يعاني المرضى في الحالات الطارئة من صعوبة الوصول إلى المستشفيات، فيما يتأخر الموظفون عن أعمالهم، ما ينعكس سلبًا على الإنتاجية.

فاضل الغراوي، رئيس المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان في العراق، أكد أن الأزمة المرورية في بغداد لا تمثل مجرد مشكلة تنقل، بل تحديًا اقتصادياً خطيراً، حيث تؤدي إلى خسائر تقدر بـ 1-2 مليار دولار سنوياً بسبب تراجع الإنتاجية وتعطل سلاسل التوريد. كما أشار إلى أن كلفة النقل الفردية ارتفعت بنسبة 40 في المائة نتيجة هذه الاختناقات.

ويفرض تفاقم الأزمة تساؤلات حول الحلول الممكنة، إذ يطالب المواطنون بخطط عاجلة لتحسين البنية التحتية وتطوير أنظمة النقل العام، إضافةً إلى سياسات تحد من التضخم غير المدروس في أعداد المركبات داخل العاصمة وفي البلاد عموماً. وفي ظل غياب إجراءات فعلية لمعالجة هذه الأزمة، تبقى بغداد أسيرة الاختناقات التي تستنزف حياة سكانها واقتصادها يومًا بعد آخر.

ويعتبر موضوع استمرار استيراد السيارات وبلوغ أعدادها في بغداد وحدها 4 ملايين سيارة، فضلا عن السيارات الوافدة، معضلة حقيقية تواجه حركة السير في ظل غياب مشروع للنقل العام.

يقول سلوان الأغا، إنّ الحزمة الأولى من المجسرات التي أطلقتها الحكومة تهدف إلى فك اختناقات المرور في بغداد، لكنه أشار إلى أن هذه الحلول لا تكفي وحدها لحل مشكلة الزحام في العاصمة، موضحا أن المجسرات ستزيد من القدرة الاستيعابية للشوارع فقط، ولكنها لن تكون حلاً نهائيًا لمشاكل الاختناقات المرورية في ظل الكثافة السكانية العالية والأنشطة المتعددة التي تشهدها بغداد.

ويضيف الاغا لـ "طريق الشعب"، أن "الهدف من بناء المجسرات هو تحسين الحركة المرورية بشكل أساسي"، مردفا ان عدم تفعيل كامل منظومة الطرق الحولية، التي تعد جزءًا أساسياً في تقليل الازدحامات وحركة المرور الكثيفة، يقلل من نسبة الفائدة المرجوة من هذه المشاريع".

ويواصل أن تفعيل وتشغيل تلك الطرق يسهمان في إبعاد حركة المرور الكثيفة عن المناطق الداخلية للعاصمة، مشيرا الى أن هناك حلولا أخرى مثل تعزيز وسائل النقل العام.

ويشير إلى أن فكرة مشروع المترو، التي تم طرحها أول مرة في الثمانينات، ربما بدأت أخيرًا تتحقق مع بدء تصميم الشركات المختصة لهذا المشروع. وبرغم أن هذا المشروع يحتاج إلى وقت طويل لتنفيذه على أرض الواقع، إلا أنه يعد خطوة مهمة نحو حل مشكلة النقل في العاصمة.

ويجد ان واحدا من الحلول الفاعلة هو نقل المراكز الإدارية والاقتصادية بعيدًا عن المناطق المركزية، وفتح مساحات أكبر، ما يسهم في تخفيف الضغط على الشوارع، مشددا على ضرورة تقسيم المؤسسات الكبيرة إلى عدة أقسام في مناطق جغرافية مختلفة، ما يسهل الوصول إليها من قبل المواطنين، ويخفف من الزحام في مركز المدينة.

وينبه إلى أن الأتمتة (التكنولوجيا) يجب أن تلعب دورًا مهمًا في تنظيم العمل وإدارة الموارد، حيث يمكن توزيع المهام على مراكز إدارية مختلفة، ما يسهم في تحسين الأداء وتقليل الزحام، منوّها بأن المجسرات بحد ذاتها ليست حلا نهائيا لمشكلة الازدحام المروري، بل هي جزء من الحلول التي تحتاج إلى دراسة استراتيجية أعمق تعرف بـ "دراسة النقل الشامل". هذه الدراسة يجب أن تأخذ في الاعتبار توزيع الأنشطة الإدارية والاقتصادية، وأنشطتها التجارية والسكنية، وكذلك حركة المرور اليومية مثل المدارس والجامعات والأسواق.

ويقول إنّ هذه البيانات تساعد في وضع حلول استراتيجية لتحسين تدفق المرور، مثل توسيع بعض الشوارع أو تغيير اتجاهاتها أو إضافة مجسرات إضافية. كما يؤكد الآغا على أهمية استخدام النهر في حل مشكلة النقل، حيث يمكن اعتماد فكرة “التكسي النهري” بين ضفتي نهر دجلة، وهي فكرة قد تكون مفيدة في تخفيف الضغط على الطرق البرية، خصوصًا في المناطق البعيدة والنائية في بغداد.

تسهيل الحركة المرورية؟

وكشف المتحدث باسم وزارة الإعمار والإسكان، نبيل الصفار، عن أحدث التطورات في مشاريع فك الاختناقات المرورية في بغداد، مشيرا إلى أن الوزارة أنجزت العديد من المشاريع الكبرى، حيث تم افتتاح عدد من الجسور والمشاريع الهامة التي تسهم في تحسين حركة المرور وتسهيل التنقل داخل العاصمة.

وأوضح الصفار في حديث خص به "طريق الشعب"، أنّ المشاريع التي تم إنجازها بالكامل تشمل "مجسر فائق حسن بالفنون الجميلة، مجسر قرطبة، مجسر تقاطع الرستمية، مشروع ربط الداخل في شارع فلسطين، مشروع ربط منطقة الجميلة بباب المعظم، وكذلك مشروع تقاطع المشن وساحة عدن ومشروع دورة سيدية"، مؤكدًا أن هذه المشاريع ستساهم بشكل كبير في تسهيل الحركة المرورية وتخفيف الازدحامات في مناطق عدة من العاصمة.

وأضاف الصفار أنه "بالإضافة إلى هذه المشاريع، هناك 6 مشاريع أخرى تشكل أجزاء من مشاريع أكبر، مثل "مجسر براثا والنسور، نفق رقم واحد، مجسر الشالجية، مجسر تقاطع المصافي"، مؤكدًا أن هذه المشاريع ستكمل منظومة البنية التحتية المرورية بشكل شامل".

وتحدث الصفار عن المشاريع الجاري تنفيذها حاليًا، مبينًا أن "العمل يجري في مشاريع الحزمة الأولى، ومن المتوقع أن تكتمل معظم هذه المشاريع بحلول منتصف العام الجاري". وأوضح أن المشاريع التي يتبقى العمل عليها تشمل الجسور العابرة على نهر دجلة، مثل "جسر الصرافية الثاني، جسر الجادرية الثاني، وجسر غزة"، مشيرًا إلى أنه من المتوقع أن تكتمل هذه المشاريع في النصف الثاني من العام الجاري.

وأشار إلى أنّ أحد المشاريع المهمة التي ستشهد افتتاحًا قريبًا هو "مجسر الصرافية"، الذي يعد جزءًا من مشروع جسر الصرافية ٢.

كما ذكر الصفار أن هناك العديد من المشاريع الأخرى التي يتم العمل عليها، مثل "مجسر الطوبجي، مشروع الطلائع، وتطوير وتأهيل مقتربات أبو نؤاس"، مؤكدًا أن جميع هذه المشاريع تجري وفق الخطط المقررة.

وأكد، أن "تخصيص المبالغ المالية اللازمة لإكمال المشاريع يمثل خطوة هامة نحو تنفيذ المشاريع بشكل كامل"، وأضاف أنه بعد الانتهاء من هذه الحزمة، ستبدأ الوزارة العمل على الحزمة الثانية من المشاريع التي تهدف إلى تحسين البنية التحتية في بغداد.

خطة مرورية!

وقال المتحدث باسم أمانة بغداد، عدي الجنديل، أن الحزمة الأولى من مشاريع المجسرات قد بدأت بالفعل في إنجازها، حيث تم إنجاز المجسرات في أماكن كانت تشكل عقدًا مرورية، مثل تقاطع المسافر في قاطع بلدية الدورة. وتهدف هذه المشاريع إلى فك هذه العقد المرورية وتحسين حركة السير في العاصمة بغداد.

وأضاف الجنديل لـ "طريق الشعب"، أن "هناك خطة مرورية ودراسة مستمرة تهدف إلى حل الاختناقات المرورية في بغداد، مع العلم أن أمانة بغداد تعمل على تنفيذ حزمة من المجسرات الجديدة في عدة مناطق. تم البدء في تنفيذ ستة مجسرات جديدة تشمل مواقع مختلفة مثل مجسر 83 ومجسر ساحة 55 في جميلة، وكذلك مجسر أبو دشير وتقاطع درويش ومجسر في ساحة أنتر بالعظمية".

وأوضح الجنديل، أن "من ضمن رؤية أمانة بغداد توسيع الشوارع الرئيسية داخل العاصمة، حيث يتم تنفيذ مشاريع لتوسعة الشوارع في المناطق السكنية الرئيسية في بغداد"، متابعا أن هناك خطة جديدة لعام 2025 تتضمن البدء بأعمال تأهيل وتطوير طريق محمد القاسم، وإضافة ممرين إلى كل مسار من هذا الطريق.

وأشار إلى أن هناك خطة لإنشاء طريق الحلقة الرابع الذي يحيط بالعاصمة، وهو ما سيساهم في تقليل دخول الآليات الكبيرة والشاحنات إلى داخل بغداد.

**********************************************

راصد الطريق.. حضروا فلوسكم للمولدات!

ما أن أعلن رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، في مؤتمر "العراق للطاقة"، عن نجاح الحكومة في تقليل حرق الغاز المصاحب بنسبة 70 في المائة، حتى توقع وزير الكهرباء زياد علي فاضل ارتفاع الطلب على الطاقة خلال الصيف إلى 55 ألف ميغاواط، مقابل معدلات إنتاج قد تصل إلى 29 ألف ميغاواط. وأكد أن معالجة هذه الفجوة ستعتمد على الربط الكهربائي مع دول الجوار وإقليم كردستان.

من جانبه أوضح المتحدث باسم وزارة الكهرباء، أحمد موسى، أن محطات توليد الكهرباء ستظل تحتاج الغاز المستورد لمدة سنتين الى ثلاث سنوات، في ظل عدم كفاية الإنتاج الوطني من الغاز.

يبدو أن الحديث عن معالجة أزمة الكهرباء أصبح من الماضي، إذ باتت تصريحات مسؤولي الوزارة تعكس اعترافًا بالعجز، حتى عن تقديم وعود بتحسين تجهيز الطاقة في البلاد.

وليس الفشل المتجذر في قطاع الكهرباء سوى انعكاس لحالة الفوضى والفساد وسوء الإدارة، التي كرستها القوى المتنفذة في إدارة الدولة. ولو كان هناك من يشعر بالمسؤولية، لجرت مساءلة حقيقية عن أكثر من 100 مليار دولار صُرفت على هذا القطاع، فيما تبقى المشكلة تراوح في مكانها.

*******************************************************

موظفون ومزارعون وخريجون ينزلون الى الشوارع

بغداد ـ طريق الشعب

شهدت بغداد وعدد من المحافظات تظاهرات احتجاجية شملت فئات اجتماعية متعددة، طالبت بتوفير فرص العمل والخدمات وصرف الرواتب المتأخرة.

ونظم العشرات من مزارعي المناطق الشلبية في محافظة الديوانية، وقفة احتجاجية أمام مبنى المحافظة، مطالبين الجهات المعنية بصرف مستحقاتهم وتعويضاتهم المتأخرة منذ عام 2023.

**********************************************************

الصفحة الثانية

الموارد المائية: الاتفاقية مع تركيا تضمن حقوق العراق لعشر سنوات مقبلة

متابعة ـ طريق الشعب

كشف المتحدث باسم وزارة الموارد المائية، خالد شمال، تفاصيل الاتفاقية الإطارية مع تركيا بشأن المياه، مؤكدًا أنها تضمن حقوق العراق المائية للعقد المقبل، معتبراً إياها إنجازًا للحكومة الحالية.

وأوضح شمال أن "الخزين المائي في البلاد حاليًا في مستوى "متوسط إلى مقبول"، مشيرًا إلى أن "الوزارة نجحت خلال العامين الماضيين في استثمار مياه الأمطار، ما أسهم في رفع الخزين المائي إلى 23 مليار متر مكعب، وهو ما مكّن الوزارة من تنفيذ خطتها الزراعية".

وأشار إلى أن "الوزارة تعمل أيضًا على تعزيز القدرة المائية من خلال إزالة التجاوزات على المنظومة المائية"، لافتًا إلى أن "الاتفاقية مع تركيا ستسهم في تحقيق عدة أهداف استراتيجية، أبرزها: الإدارة المشتركة لحوضي دجلة والفرات، تبادل المعلومات بين البلدين، وتنفيذ شركات تركية مشاريع استثمارية كبرى في مجال إدارة المياه داخل العراق".

*******************************************************

حراك القرنة يعاود النشاط ومعلمو السليمانية يصعّدون الإضراب.. موظفون ومزارعون وخريجون ينزلون إلى الشوارع

بغداد ـ طريق الشعب

شهدت بغداد وعدد من المحافظات تظاهرات احتجاجية شملت فئات اجتماعية متعددة، طالبت بتوفير فرص العمل والخدمات وصرف الرواتب المتأخرة.

مزارعو الديوانية

ونظم العشرات من مزارعي المناطق الشلبية في محافظة الديوانية، وقفة احتجاجية أمام مبنى المحافظة، مطالبين الجهات المعنية بصرف مستحقاتهم وتعويضاتهم المتأخرة منذ عام 2023.

وشملت التظاهرة مناطق الشامية، الصلاحية، المهناوية، وغماس، حيث أشار المزارعون إلى التحديات الكبيرة التي يواجهونها نتيجة سياسات الحكومة، التي دفعت العديد منهم للهجرة والبحث عن فرص عمل في مجالات أخرى غير الزراعة.

وقال المزارع أسعد الجحيشي: "أبرز المشاكل التي واجهناها تشمل زيادة أسعار الأسمدة، رفع أجور الكهرباء، بالإضافة إلى قرار منع الزراعة في عام 2018، الذي تم على إثره إصدار قرار بتعويضنا، إلا أن الحكومة لم تفِ بوعودها ولم تصرف تعويضاتنا حتى الآن إلا في حكومة الكاظمي".

من جهته، أكد جاسم عبد، مزارع آخر، أن أبرز مستلزمات الزراعة قد انعدمت مثل الماء، السماد، البذور، والمبيدات الزراعية، مشيرًا إلى عدم صرف مستحقاتهم عن محصول الشلب رغم مرور شهرين على تسويقه للدولة. وأضاف عبد: "إذا لم تستجب الحكومة لمطالبنا، سننظم وقفة احتجاجية في مفرق غماس، الذي يربط بين ثلاث محافظات هي الديوانية، النجف، والسماوة".

موظفو السليمانية والمؤنفلون

وشهدت محافظة السليمانية، احتجاجات واسعة نظمها المحاضرون والمعلمون احتجاجًا على تأخر صرف رواتبهم الشهرية، وأخرى دشنها الناجون من حملات الأنفال والمعتقلين السياسيين، مطالبين بحقوقهم ومستحقاتهم من حكومة إقليم كردستان.

وتجمع المئات من المحاضرين والمعلمين في السليمانية أمام فندق تايتانك، قبل أن ينطلقوا في مسيرة احتجاجية نحو مكتب الأمم المتحدة في المدينة. المحتجون رفعوا شعارات طالبت بصرف رواتبهم في وقتها المحدد دون تأخير أو استقطاع، مشيرين إلى أن تأخر الرواتب أثر بشكل كبير على حياتهم المعيشية. ك

ما هددوا بالتصعيد من خلال الإضراب عن الطعام أمام مكتب الأمم المتحدة إذا لم تتم الاستجابة لمطالبهم.

عضو مجلس المحتجين، شنى علي، أكدت أن هذه الاحتجاجات ستكون مختلفة تمامًا عن سابقاتها، مشيرة إلى أن نسبة الإضراب عن الدوام في مدارس السليمانية بلغت 95%، داعية الحكومة إلى صرف الرواتب بشكل دوري وتلبية مطالبهم العادلة، مثل صرف العلاوات والترفيعات وتثبيت المحاضرين المبعدين.

وفي تظاهرة أخرى، نظم العشرات من الناجين من حملات الأنفال والمعتقلين السياسيين وقفة احتجاجية أمام مبنى محافظة السليمانية، مطالبين بحقوقهم التعويضية والإقرار الكامل بمكانتهم القانونية.

وقال ممثل المحتجين، بهاء الدين عزيز، إنهم يطالبون بالتعويضات المادية والمعنوية، إضافة إلى الاعتراف الكامل بمعاناتهم خلال تلك الحملات. كما هددوا بالتصعيد من خلال اللجوء إلى المحكمة الاتحادية العليا في حال عدم الاستجابة لمطالبهم.

احتجاجات في القرنة

وتجدد حراك قضاء القرنة شمالي البصرة، احتجاجاً على ارتفاع مستوى التلوث في القضاء، والذي تسببه آبار النفط، بينما تتجاهل الحكومة المحلية مطالبهم.

وقال قائد الحراك حسين المزيرعاوي، أن "أكثر من 27 مطلباً قدمناها إلى الحكومة المحلية منذ أكثر من أسبوع، ولم نلق أي استجابة أو محاولات لتلبية هذه المطالب"، مبيناً أن "أهالي القضاء يتعرضون إلى إبادة جماعية من قبل شركة نفط البصرة، عبر نشر التلوث بالآبار النفطية وسرقة المياه المخصصة للفلاح من نهري دجلة والفرات. وكل خيراتنا في القضاء مسخرة لهذه الشركة ونحن نفتقر لأبسط مستلزمات العيش".

حَمَلة الشهادات العليا

من جانب آخر، نظم العشرات من حملة الشهادات العليا والأوائل والدبلوم العالي، تظاهرة احتجاجية في العاصمة بغداد، مطالبين بتوزيع الدرجات الوظيفية لمستحقيها بشكل عادل، بعيدًا عن المماطلة والتسويف.

ورفع المتظاهرون لافتات طالبوا فيها رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني بالتدخل لحل مشكلة توزيعهم ضمن الوجبة الثانية من التعيينات التي تمت مؤخرًا، داعين وزارة المالية ومجلس الخدمة العامة إلى إتمام عملية التوزيع أسوة بزملائهم الذين تم تعيينهم منذ مدة.

الى ذلك، جدّد خريجو كليات المجموعة الطبية تظاهراتهم أمام مبنى وزارة الصحة للمطالبة بتطبيق قانون التدرج الطبي وتعيينهم أسوة بباقي زملائهم.

سائقو الكوسترات

وتظاهر عدد من أصحاب "الكوسترات" القديمة في محافظة المثنى، احتجاجًا على استثنائهم من إجراءات الترقيم الجديدة التي تم فرضها مؤخرًا، وتحويل عجلاتهم ضمن النقل العام (الحمل).

وأعرب المحتجون عن استيائهم من عدم شمول مركباتهم بنظام الترقيم الجديد، الأمر الذي يحد من قدرتهم على التنقل والعمل بشكل قانوني. وقد طالبوا الجهات المعنية بإيجاد حلول عاجلة تضمن إدراج مركباتهم ضمن النظام الجديد، مؤكدين أن هذه الإجراءات تهدد مصدر رزقهم وتعرضهم لمشاكل قانونية.

كما تظاهر عدد من أصحاب مولدات الكهرباء الأهلية في مدينة السماوة، أمس، أمام مديرية توزيع المنتجات النفطية للمطالبة بزيادة حصص الوقود المخصصة لهم وتخفيف الإجراءات التي تخص عملهم.

وأكد المتظاهرون، أن نقص الوقود يسبب لهم تحديات كبيرة، أبرزها عدم قدرتهم على التشغيل بشكل مستمر، ما يهدد توفير الكهرباء للمواطنين في ظل الظروف الحالية.

وطالب المحتجون الجهات المسؤولة في الحكومة المحلية بالتدخل العاجل وإعادة النظر في توزيع حصص الوقود بما يضمن استمرار عمل المولدات الكهربائية. وقد أشاروا إلى أن استمرار هذه المشكلة سيؤدي إلى تفاقم أزمة الكهرباء في المدينة.

******************************************************

الرفيق بسام محي يقدم التعازي بوفاة المناضل مكرم طالباني

أربيل ـ طريق الشعب

قدم الرفيق بسام محي، نائب سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي، أحر التعازي بوفاة الشخصية الوطنية والديمقراطية العراقية، الرفيق الدكتور مكرم شيخ جمال الطالباني، وذلك في مجلس عزاء أقيم بمدينة السليمانية.

وفي المجلس الذي شهد حضوراً حاشداً، نقل الرفيق محي تعازي الشيوعيين إلى عائلة الفقيد الراحل، مشيداً بمسيرته الوطنية ونضاله الطويل من أجل وطن حر وشعب سعيد. وأكد محي على أن فقدان الدكتور مكرم يمثل خسارة كبيرة للوطن وللحركة الوطنية العراقية، إذ كان الراحل نموذجاً للتفاني والإخلاص في خدمة قضايا الشعب.

وكان في جانب الرفيق نائب السكرتير كل من الرفيقين محسن كريم ورحمن غريب.

*********************************************************

كل خميس.. أمريكا وأوروبا: يمين متطرف وشعبوية جديدة

جاسم الحلفي

تواجه الحقوق التي ناضلت الشعوب طويلاً للحصول عليها تهديداً واضحاً، مع تصاعد نفوذ اليمين المحافظ والمتطرف في الولايات المتحدة وأوروبا. هذا التحول السياسي لا يعكس فقط رد فعل على أزمات اقتصادية واجتماعية متلاحقة، بل يكشف عن أزمة أعمق في بنية النظام الديمقراطي نفسه، حيث يستغل اليمين الشعبوي المخاوف الجماعية، لإعادة صياغة سياسات تضرب في صميم قيم الديمقراطية والتعددية وحقوق الإنسان والضمانات الاجتماعية.

ويمثل صعود دونالد ترامب في الولايات المتحدة انعكاساً لتحول خطير في السياسة الأمريكية. فخلال فترة حكمه الأولى، تبنّى ترامب خطاباً شعبوياً قائماً على القومية والاستفزاز، مستغلاً الغضب الشعبي تجاه النخب التقليدية. وخلال ذلك استُخدمت شعارات مثل (أمريكا أولاً) لتعزيز الانقسامات الطبقية والعرقية، بينما شُخّص المهاجرون والأقليات كأهداف سهلة لامتصاص الغضب الشعبي. والمقلق هو تزايد قوة التيارات اليمينية المتطرفة، التي تعمل على تقويض التعددية والتماسك الاجتماعي.

تشهد الاوضاع السياسية في أوروبا تحولات جذرية مع صعود قوى اليمين المتطرف، مدفوعة بأزمات الهجرة والاقتصاد. وتتصدر أحزاب مثل "التجمع الوطني" في فرنسا و"البديل من أجل ألمانيا" المشهد في كل من البلدين، لكن التأثير يمتد ليشمل دولاً أخرى. ففي إيطاليا تترأس جورجيا ميلوني حكومة يمينية متطرفة، مع أجندة تركز على القومية وتقييد الهجرة. وفي بولندا، كان حزب "القانون والعدالة" يواصل حتى الأمس القريب حكمه، مستغلاً النزعة القومية لتعزيز قبضته على الإعلام والقضاء. وفي المجر، يقود فيكتور أوربان منذ أكثر من عقد سياسة قومية متطرفة تقيد الحريات وتهاجم المعارضة. فيما شهدت السويد وفنلندا مشاركة أحزاب يمينية متطرفة مثل "ديمقراطيو السويد" و"الفنلنديون الحقيقيون" في تشكيل الحكومات، ما يعكس تحولاً كبيراً حتى في دول كانت تُعتبر حصوناً للديمقراطية الليبرالية. وفي هولندا والنمسا، يزداد التأييد للأحزاب اليمينية، مما يثير القلق بشأن التغيرات المستقبلية في سياساتها.

تمثل هذه التحولات تهديداً للبنية الاجتماعية، حيث تعيد الأحزاب المذكورة إنتاج نظام اقتصادي يزيد من التفاوت الطبقي. وتستخدم خطاباً شعبوياً لتحويل انتباه الشعوب عن الأسباب الحقيقية للأزمات الاجتماعية، مثل البطالة والفقر، إلى المهاجرين واللاجئين كأهداف سهلة. وبينما تدعي هذه الأحزاب الدفاع عن مصالح "الطبقة العاملة"، فإن سياساتها تكرس هيمنة النخب الاقتصادية.

ويشكل هذا الصعود تحدياً وجودياً للديمقراطية، حيث تجد القوى الديمقراطية نفسها مطالبة بإعادة بناء خطابها وتوحيد الجهود لمواجهة هذه الموجة المتصاعدة. فالديمقراطية ليست مجرد نظام سياسي، بل هي ضمانة للحقوق والمساواة، وهي اليوم مهددة من قبل قوى تهدف إلى استغلال مخاوف الشعوب لخدمة أجنداتها.

ويتطلب الرد على هذا التحدي تعبئة شعبية واسعة، ووعياً طبقياً قادراً على كشف أجندات اليمين المتطرف. وتكمن القوة الحقيقية في توحيد القوى الاجتماعية التي تؤمن بالديمقراطية والعدالة والتعددية، وفي العمل على إعادة توجيه النقاش العام نحو معالجة الأزمات الحقيقية التي تواجه الشعوب.

إن صعود اليمين لا يُعدّ مجرد حدث سياسي عابر، فهو يعكس أزمة عالمية متجذرة في صلب النظام الرأسمالي. ولمواجهة هذا التحدي، يتطلب الأمر إعادة ترتيب الأولويات، وتفعيل دور النخب الثقافية والسياسية في ترسيخ قيم التعايش والعدالة الاجتماعية، بما يضمن الحفاظ على الديمقراطية كقيمة إنسانية جوهرية، لا يمكن الاستغناء عنها.

*****************************************************

الصفحة الثالثة

إفلاس سابقاً وتلكؤ حالياً مسؤول محلي: مشاريع الديوانية  {كذبة كبرى} لسرقة الأموال!

بغداد – تبارك عبد المجيد

أُعلن في وقت سابق، عن تخصيص أموال لمشاريع تطوير 42 حياً في محافظة الديوانية، إلا أن عضو مجلس المحافظة، طارق البرقعاوي، وصف هذه المشاريع بأنها "كذبة كبرى" وخدعة لسرقة الأموال، حيث تم تنفيذ أعمال محدودة شملت 4 - 5 أحياء فقط من أصل 42 مشروعاً، قبل الادعاء بنفاد الأموال بعد ذلك.

البرقعاوي كشف في حديث له أن إحدى الجماعات المسلحة، تسلمت مشروع مجاري الديوانية الكبير، بعد ضغوط على رئيس الوزراء، مشيراً إلى أنها مدرجة ضمن قوائم الإرهاب العالمي، وتخطط لسرقة المليارات.

وقال أنه تلقى تهديدات مباشرة لكشفه الفساد، لكنه أكد استمراره في الدفاع عن حقوق المحافظة رغم التهديدات.

ورداً على هذه التهديدات، وجّه وزير الداخلية وقائد شرطة الديوانية بتشديد الإجراءات الأمنية لحماية البرقعاوي، رغم رفضه هذه التدابير. وكان رئيس الوزراء قد أصدر توجيهات في 19 كانون الثاني بتوفير التمويل اللازم لمشاريع الأحياء ومحطات الرفع ومجاري الديوانية، مؤكدًا ضرورة توافق المشاريع مع الأولويات الحكومية ومعالجة مشاكل المحافظة.

الإعمار: مشاريعنا تشهد تقدما

ويؤكد المتحدث باسم وزارة الإعمار والإسكان نبيل الصفار، استمرار العمل في تنفيذ مشاريع البنية التحتية والمجاري بمحافظة الديوانية، مع إحراز تقدم ملحوظ في بعض المشاريع المتلكئة منذ سنوات.

ويقول الصفار في حديث خصّ به "طريق الشعب"، إن "الوزارة تسعى جاهدة للإسراع في إنجاز هذه المشاريع بالتعاون مع المحافظة لتحسين الخدمات الأساسية التي تحتاجها المنطقة"، مضيفا أن مشروع مجاري الديوانية الكبير، يعد من المشاريع المتلكئة منذ عام 2011.

ويوضح، أن نسب الإنجاز تجاوزت 80 في المائة، وبطاقة تصميمية تصل إلى أكثر من 100 ألف متر مكعب، مشيرا الى أن المشروع يشكل خطوة كبيرة نحو تحسين خدمات الصرف الصحي في المحافظة.

ويفصّل الصفار الحديث عن مشاريع مهمة أخرى مثل مشروع مجاري الغماس، الذي سيعزز الواقع الخدمي في القضاء، بالإضافة إلى مشروع مجاري عفك، الذي يشهد تقدمًا مستمرًا، موضحا أن الوزارة تدرس حاليًا تصميم وتنفيذ شبكات جديدة لمياه الأمطار ومحطات الرفع في أقضية العناوية والسنية، ضمن خططها لتحسين البنية التحتية في المنطقة.

وفي قطاع المياه، يشير المتحدث إلى مشاريع حيوية تشمل خطوط نقل الماء لمدينة الديوانية، إلى جانب خطط لإنشاء مشاريع مياه جديدة في قضاء الحمزة وقضاء بدير، بهدف توفير المياه الصالحة للشرب وتحسين الواقع الخدمي في هذه المناطق.

وعلى صعيد آخر، يجد المتحدث أن العمل مستمر في تأهيل 42 حيًا في مدينة الديوانية، بالتعاون مع الحكومة المحلية، مؤكدا أن الوزارة تعمل على معالجة بعض المشكلات البسيطة التي تعترض تنفيذ هذه المشاريع، مع التأكيد على تكثيف الجهود للإسراع في إنجازها.

وفيما يتعلق بالبنية التحتية الأخرى، يكشف المتحدث عن وجود خطط لتطوير قطاع الطرق، إضافة إلى مشاريع المياه والكهرباء التي وصفها بأنها تمثل أولوية قصوى لسكان المحافظة، موضحا أنّ تنفيذ بعض المشاريع يتطلب مواد مستوردة، ما يشكل تحديًا في بعض الحالات، إلا أن الوزارة تعمل على تذليل العقبات بالتنسيق مع الجهات المعنية لضمان سير العمل وفق الخطط الزمنية المحددة.

ويختتم المتحدث بالتأكيد على التزام وزارة الإعمار والإسكان بتلبية احتياجات محافظة الديوانية وتوفير الخدمات الأساسية التي تسهم في تحسين حياة السكان وتعزيز التنمية المستدامة.

مشاريع الوزارات "عقيمة"

من جانبه، كشف مسؤول محلي في محافظة الديوانية، طلب عدم الكشف عن اسمه، عن معوقات كبيرة تواجه تنفيذ المشاريع الخدمية في المدينة، على الرغم من تخصيص مبلغ غير مسبوق يصل إلى 1.5 ترليون دينار عراقي من قبل مجلس الوزراء.

وقال المسؤول لـ"طريق الشعب"، أن أغلب هذه المشاريع أُحيلت إلى وزارات مختلفة، لكن التجربة مع المشاريع الوزارية وُصفت بـ"العقيمة"، مشيرًا إلى وجود عشرات المشاريع المتلكئة.

وأضاف المصدر، أن المشاريع الكبرى تشمل مجسرات، مشاريع المجاري، ومشاريع إعادة تأهيل الأحياء السكنية، إلا أن التنفيذ شهد مشاكل كثيرة، مشيرا الى انه "لدينا 10 مشاريع وزارية متلكئة، خمسة منها تحت إشراف وزارة الإسكان، وبعضها متوقف بسبب مشاكل فنية وإدارية".

وتحدث المسؤول عن مشروع تأهيل 42 حيًا سكنيًا في المدينة، الذي أُحيل إلى شركة كانت محل جدل واعتراض من البداية. وأكد أن النائب باسم الغرابي سبق أن أبلغ الوزارة بتحفظات حول الشركة، وأشار إلى وجود مشاكل سابقة لها في محافظة بابل، لكن وزارة الإسكان مضت في إحالة المشروع للشركة على الرغم من التحذيرات.

وزاد بالقول: "أن ما يُطلق عليه مشاريع 42 حيًا هي عبارة عن جداول كميات لبعض الأحياء في المدينة. الشركة باشرت العمل في 11 حيًا فقط، لكنها لم تنجز شيئًا يذكر بعد مرور عام، بل إن أعمال الحفر التي بدأتها زادت من معاناة السكان".

وأشار إلى أن تعثر الشركة الأولى تسبب في تأخير عمل شركة أخرى تُدعى "نور الأفق"، التي تواجه بدورها اتهامات بالتلكؤ.

وتابع المسؤول قائلاً: "المدينة تشهد حالة فوضى كبيرة في مجال الإعمار، حيث تتداخل المشاكل الفنية مع الفساد الذي أصبح أمرًا مسلَّمًا به في العراق، والجميع مشارك فيه إلا من رحم ربي".

وأكد المصدر، أن غياب الرقابة وضعف الإدارة يفاقمان المشاكل في المشاريع الخدمية، مما ينعكس سلبًا على حياة المواطنين، مطالبا بمراجعة العقود الموقعة مع الشركات المنفذة، وإجراء تحقيقات شاملة في شبهات الفساد لضمان تنفيذ المشاريع بشكل يحقق الفائدة للسكان.

وواصل الحديث، ان "الفساد والمحاصصة في المشاريع أصبحت امراً اعتيادياً في العراق، ويكاد لا يخلو أي مشروع منها".

الشركة الاسبانية

في ذات السياق، كشف مصطفى المياحي، مسؤول إعلام بلدية الديوانية، عن تفاصيل تعثر مشاريع تأهيل الأحياء السكنية في المدينة، مشيرًا إلى أن "وزارة الإعمار والإسكان أحالت تأهيل 42 حيًا إلى شركة تُعرف باسم “الشركة الإسبانية”، التي استلمت العمل منذ أكثر من عام.

وأضاف المياحي أن مدة إنجاز المشروع المحددة كانت 700 يوم، إلا أن الشركة لم تباشر العمل سوى بـ10 أحياء، تسعة منها لا تزال في مرحلة الحفريات، فيما لم يتجاوز العمل في الحي النموذجي المفترض (حي الجامعة) نسبة 80 في المائة، برغم أن موعد تسليمه كان مقررًا في 15  ايلول 2024.

وأشار المياحي لـ "طريق الشعب"، إلى أن "الأيام الأخيرة شهدت تصاعدًا في الاحتجاجات الشعبية ضد الشركة المنفذة، وسط مطالبات بإيقاف التعامل معها بسبب التلكؤ الواضح في أعمالها".

وتابع أن "المشاريع السابقة في المدينة التي نفذتها شركات أخرى، مثل شركتي "الرافدين" و"نور الأفق"، عانت أيضًا من مشاكل كبيرة، أبرزها مشروع المجاري الكبير الذي تسبب في تدمير البنية التحتية للمدينة".

وأكد المياحي، أن "التعاقد مع الشركة الإسبانية تم عبر وزارة الإعمار والإسكان، وبالتالي فإن الحكومة المحلية في الديوانية وأعضاء مجلس المحافظة يرفضون وجود هذه الشركة لكنهم لا يملكون السلطة القانونية لفسخ العقد".

وأوضح، أن "العقد المبرم بين الشركة والوزارة ينص على تنفيذ المشروع وفق الكميات وليس بالضرورة تأهيل كامل الأحياء المقررة، حيث تم تخصيص مبلغ 328 مليار دينار للتأهيل. ونتيجة لذلك، يمكن أن يتم العمل على 10 أحياء فقط ويتوقف بسبب نفاد الأموال".

كما أشار إلى وجود خروقات وشبهات فساد في المشروع، منها إفلاس الشركة عام 2019 في إسبانيا وسحب رخصتها، قبل أن تعود وتُسجل كشركة عاملة في العراق في نفس العام. ورغم ذلك، حصلت الشركة على مشاريع ضخمة في بغداد وبابل والديوانية، ومعظم أعمالها متوقفة ومتلكئة.

وزاد المياحي أن "العقد المبرم مع الشركة يتضمن شرطًا جزائيًا يثقل كاهل الجهات المحلية، إذ ستضطر الجهة التي تقرر فسخ العقد إلى دفع مبلغ قدره 68 مليار دينار، مما يجعل عملية فسخ العقد مع الشركة معقدة ومكلفة للغاية".

وكشف عن أن "الشركة، التي تحمل اسمًا إسبانيًا، لا تمت بصلة إلى إسبانيا من حيث الكفاءة أو المعايير المهنية، حيث تستخدم أدوات ومعدات بدائية في تنفيذ أعمالها، مثل براميل معدة للاستخدام المنزلي وإطارات السيارات المستهلكة، مما أثار استياء المواطنين والمسؤولين المحليين على حد سواء".

ودعا المياحي إلى تدخل حكومي مباشر لمعالجة الأزمة وإنهاء حالة التلكؤ التي تلقي بظلالها على الخدمات الأساسية والبنية التحتية في المدينة. وأكد أن استمرار الوضع الحالي سيزيد من تدهور أوضاع الأحياء المتضررة ويُفاقم من غضب المواطنين الذين يعانون يوميًا من سوء الخدمات.

واختتم المياحي حديثه بالتأكيد على ضرورة مراجعة العقود المبرمة مع الشركات ومحاسبة الجهات التي منحت عقودًا بهذا الحجم لشركات متعثرة وغير كفوءة، حفاظًا على المال العام وتحقيق العدالة للمواطنين.

*************************************************

العراق في الصحافة الدولية

ترجمة وإعداد: طريق الشعب

المحاصصة أم المواطنة؟

نشر موقع المركز الفرنسي لأبحاث العراق دراسة للكاتب جيغيوم شبيسا ذكر فيها بأن الدستور قد حدد الدولة العراقية بأنها دولة اتحادية واحدة، ذات حكومة جمهورية تمثيلية برلمانية ديمقراطية، مستعيراً المفردات الكلاسيكية للديمقراطيات الليبرالية، دون أي إشارة لمصطلح الأمة، بحيث صار سهلاً على بعض المعلقين الزعم بأن هذا العراق دولة بلا أمة. واستطرد الباحث بالقول إن البلاد شهدت تعبيراً عن هويتها الوطنية ضد الإستعمارين العثماني والبريطاني في بدايات القرن العشرين، مع محاولات فاشلة للملكيين للتعبير عن هذه الهوية، سبّبته أصولهم الاجنبية، فيما وأد إغتيال الجنرال قاسم في منتصف الستينيات، مسعى قوي مارسه بهذا الصدد.

نهوض جديد

وأكد المقال على انبثاق محاولات جديدة لرفع شأن الهوية الوطنية بعد الإحتلال الأمريكي للعراق 2003، كان آخرها في ثورة تشرين 2019، مشيراً إلى اتسام هذه المحاولات برفض السلطة القائمة والظروف الاجتماعية المزرية التي يعيشها الناس من جهة، وعدم تردد الحاكمين في ممارسة العنف لإحباط هذا الطموح المقلق بالنسبة لهم.

الفيدرالية العرجاء

ولاحظ الكاتب بأن الشكل الفيدرالي الذي حدده الدستور للدولة لم يتم تعميمه على جميع مناطق البلاد بل اقتصر على الجانب القومي، مع بعض المحاولات الفاشلة لإعطائه جانباً طائفياً، فيما تتعرض التجربة الفيدرالية الخاصة بإقليم كردستان للكثير من الضغوط والمشاكل التي تبدو وكأنها تستهدف إنهاءها. وتأتي تلك الضغوط من تعارض منطقين حيث ينظر البعض للفيدرالية بإعتبارها "شراً" لا بد منه بسبب التنوع العرقي والديني في البلاد، فيما لا يقتنع البعض الآخر بها ويراها غير مناسبة إلا في ظل ظروف سياسية وإقليمية معينة لا تنطبق على واقع العراق!

وأعرب الكاتب عن تصوراته بأن هذا الرأي قد يكون سبباً في عدم وجود رغبة لدى الحكومة لتوسيع الفيدرالية خارج كردستان، وعدم وجود حماس لدى المحافظات الأخرى لشكل الدولة الاتحادي، وكذلك في وجود خوف من المجهول والمستقبل على مصير البلاد والذي يطغى على البعض عندما يواجهون خيار الفيدرالية.

ديمقراطية مجزأة

وذكر الباحث بأن العراق يبرز كواحد من البلدان القليلة في المنطقة التي تدعي تبني نظام ديمقراطي، ولكنه يواجه تحدي الدولة الضعيفة، التي لا تزال ديناميكياتها تتشكل إلى حد كبير من خلال الاعتبارات العرقية والدينية. ومثل هذه الدولة غير قادرة على معالجة الحاجة الملحة إلى تحدي النظام السياسي العرقي الطائفي الذي يعوّقها، ودعم التغييرات المجتمعية الضرورية وإدارة الفيدرالية وتوسيعها.

واشترط المقال لحدوث التغيير الذي يفضي لدولة قوية، قيام انتخابات ديمقراطية واحدة خالية من المحاصصة الطائفية، التي سممت الحياة السياسية منذ عام 2003، دون الحاجة حتى لمراجعة دستورية، وهو أمر هام لا تبدو النخب المتنفذة راغبة فيه، لأنه ببساطة قد يؤدي إلى التخلي عن مزاياها، ولهذا سيبقى التقاعس والاستغلال المنهجي للدولة سبباً في تحولها إلى ديمقراطية غير كاملة، تفضل الميليشيات والتدخلات الأجنبية على الدستور والنظام، وهو ما إنعكس في تغيير دوري لقانون الانتخابات والمشرفين عليها في كل دورة انتخابية، دون أن يصل هذا "الإصلاح" التشريعي لحل الأزمة.

المواطنة أولاً

وأكد الكاتب على أن التمسك بالتعددية الثقافية والوطنية العراقية، وتخفيف الصراعات، والتغلب على الخوف من التغيير، هي مسألة إرادة وتعليم، تبدأ من عملية تعلم تدريجية للحرية الفردية، والقدرة على إسقاط الذات على المستقبل، واتخاذ خيارات شخصية لا يمليها زعيم عشيرة فقط، فضلاً عن تقدير الحوار والتعاطي مع وجهات نظر الجميع.

وبيّن المقال بأن لكل مجتمع حداثته الخاصة، ولا يحق لأحد أن يدعي امتلاكه حصرياً لها، مهما كان رأيه، ولا يمكن لأحد أن يدعي امتلاك نموذج متفوق. ولهذا ففي حالة العراق، لا يتعلق الأمر بإنكار أو التشكيك في الانتماءات الدينية أو القبلية أو العائلية التي لا يزال العديد من العراقيين مرتبطين بها وسوف يظلون مرتبطين بها، بل يتعلق الأمر بتجاوزها من خلال تعلم العيش والتفكير والعمل معاً عندما يكون ذلك ضرورياً أو مفيداً للصالح العام.

**************************************************

عين على الأحداث

المتنفذون هم السبب

طالبت مديرية زراعة محافظة بابل بضرورة إيقاف تجريف الأراضي الزراعية بغية تحويلها إلى أحياء سكنية، وهي الظاهرة التي باتت تتسارع في العراق، مهددة المساحات الخضراء ومشكلة خطراً على البيئة وموفرة الفرصة لقيام المزيد من العشوائيات المحرومة من كل الخدمات الأساسية. هذا وفي الوقت الذي يستغل فيه الفاسدون ضعف هيبة القانون والمؤسسات الرسمية لنهب البلاد والعباد، تجبر فيه أزمة السكن الكادحين على اللجوء لحلول غير مفيدة أحياناً، مما يشكل إدانة "لأولياء الأمور" على تخلفهم وتهاونهم في تنفيذ واجباتهم بتوفير الخدمات الأساسية للمواطنين وضمان حياة كريمة لهم على ضوء الدستور الذي يدعّون حمايته والتمسك به.

شنو السبب؟!

تجاوزت معدلات البطالة نسبة 16 في المائة، مسجلة ارتفاعا بين النساء بشكل أكبر مقارنة بالرجال، لأسباب تتعلق بقلة فرص العمل لا في القطاع الحكومي المُخرب والذي لا توجد أي خطة لإعادة إعماره ولا في القطاع الخاص الإنتاجي، الضعيف والمهزوم في الصراع على السوق مع البضائع المستوردة. هذا وفي الوقت الذي يضيف فيه المختصون سبباً بارزاً آخر يتمثل في تخلف التعليم وعجز مؤسساته شبه المنهارة عن تأهيل كوادر قادرة على العمل في بعض الفرص القليلة التي توفرها المشاريع الإستثمارية في البلاد، يتساءل الناس عن سبب نسيان هذه المشكلة العويصة في عام الإنجازات الذي انقضى!

أم الربيعين

حذر أحد النواب من العواقب الخطيرة للضغوط المتواصلة على المواطنين في محافظة نينوى، من قبل جهات سياسية ومسلحة متنفذة، كفرض مبالغ مالية عليهم ومنعهم من البناء في محيط المدينة وداخلها والعبث بخياراتهم الانتخابية، مناشداً الحكومة الإسراع بالتدخل لفرض هيبة الدولة وتنفيذ القانون على الجميع وبشكل عادل. الناس الذين يكررون تعاطفهم مع أم الربيعين التي عانت الكثير من الويلات إبان الإحتلال الإرهابي الداعشي، يضّمون صوتهم لهذه المناشدة، فالعدل والحريات الديمقراطية أساس الحكم وصمام آمان وحدة أبناء شعبنا بكل مكوناته وتفعيل الأخاء بينهم ضمن التنوع الجميل، وإنجاز الإعمار الذي تستحقه الغالية أم الربيعين.

كفى!

في خضم صراعها العسكري مع معارضيها الكرد من مسلحي حزب العمال الكردستاني، شنت القوات التركية المحتلة لمساحات من أراضي بلادنا مؤخراً، سلسلة اعتداءات في كارة ومتين وكردجان ودهوك، راح ضحيتها خمسة مدنيين وتم إحراق دور ومزارع في المنطقة، كما استشهد ثلاثة من جنودنا البواسل. هذا وفي الوقت الذي تسعى فيه أنقرة لزج أبناء قواتنا المسلحة في صراعها الخائب هذا، وتحاول إيهام الناس بأن الضحايا هم من المقاتلين الذين تطاردهم، يتساءل الناس عن المدى الذي سيستمر فيه هذا الغيّ، وهم يرون "أولياء أمورنا" يستقبلون بالإحضان القيادات التركية، دون أن نسمع منهم احتجاجاً أو حتى عتاباً على ما يحدث.

لا تگول سمسم!

أعلنت وزارة الزراعة عن إضافة 1.5 مليون دونم إلى الرقعة الزراعية لعام 2025، وهو ما بعث الأمل لدى قطاعات واسعة من الفلاحين على تحسين انتاجهم وبالتالي مستواهم المعاشي. هذا ويحذر مختصون عديديون من صعوبة الوصول إلى هذا الطموح في ظل عدم اعتماد تقنيات الري الحديثة وتقليل استهلاك المياه، والضبابية التي تلف المفاوضات مع تركيا وإيران للوصول إلى اتفاقيات تضمن للعراق حصصاً عادلة من المياه، إضافة إلى تدني الاستثمار في مشاريع تحلية المياه واستخدام المياه المعالجة وعدم التوجه نحو الزراعة الذكية التي تعتمد على التكنولوجيا لتحسين الكفاءة، رغم كل ما نسمعه من تصريحات.

****************************************************

الصفحة الرابعة

اقتصاديون: نظام الإعانات يحتاج إصلاحات صارمة لتقليل الفساد وضمان العدالة!

بغداد – طريق الشعب

في نيسان 2024، أعلنت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية في العراق أن عدد المشمولين برواتب الرعاية الاجتماعية ارتفع إلى سبعة ملايين و600 ألف شخص، ما يعادل حوالي 20% من إجمالي سكان البلاد البالغ عددهم 43 مليوناً، وفقاً لبيانات وزارة التخطيط. هذا الرقم أثار جدلاً واسعاً، حيث يرى البعض أنه يشكل عبئاً على الموارد العامة التي يمكن استثمارها في مشاريع إنتاجية ودعم القطاع الخاص لتوفير فرص عمل تسهم في الحد من البطالة والفقر.

المشمولون في الرعاية الاجتماعية

ويقترح هؤلاء تقليص نطاق الإعانات الاجتماعية لتشمل الفئات الأكثر احتياجاً فقط، مع تشديد الرقابة على آليات منحها لضمان العدالة والكفاءة.

ويهدف برنامج الرعاية الاجتماعية، بحسب وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، إلى دعم الفئات الأكثر احتياجاً وفقاً لقانون الرعاية الاجتماعية رقم 11 لسنة 2024. ويشترط القانون أن يكون المستفيد عراقي الجنسية ومقيماً بشكل دائم، وألا يقل عمره عن 18 عاماً. كما يُشترط أن يكون عاطلاً عن العمل ولا يمتلك مصدر دخل ثابت، أو وظيفة حكومية، أو معاشاً، أو أصولاً عقارية، أو مشاريع، أو سيارات موديلها أحدث من 2014. وتشمل الفئات المستفيدة الأرامل، المطلقات، زوجات المفقودين، العازبات فوق 35 عاماً، المهجورات من أزواجهن، الأيتام، والعاجزين البالغين 60 عاماً فما فوق.

وتتفاوت رواتب الرعاية الاجتماعية وفقاً لحجم الأسرة، حيث يحصل رب الأسرة المكونة من أربعة أشخاص على 420 ألف دينار شهرياً، بينما يحصل المعيل لأسرة من ثلاثة أشخاص على 315 ألف دينار، ويبلغ راتب الفردين 210 آلاف دينار، أما المواطن بمفرده فيحصل على 105 آلاف دينار فقط.

ضبط نظام الإعانات

يقول الخبير الاقتصادي زياد الهاشمي أن "الإعانات الاجتماعية التي تقدمها الحكومة تعد ضرورة أساسية لدعم الشرائح العاجزة عن العمل والإنتاج، كما هو الحال في العديد من دول العالم"، لكنه أشار إلى أن المشكلة في العراق تكمن في غياب التنظيم والرقابة في صرف هذه الإعانات للمستحقين.

وأوضح الهاشمي لـ"طريق الشعب"، أن "جزءًا من العاطلين عن العمل يستحقون هذه الإعانات، إلا أنه ينبغي تحديد سقف زمني للاستفادة منها، كأن تكون فترة تتراوح بين 6 إلى 9 أشهر، وخلالها يجب أن يتمكن المستفيد من العثور على عمل".

وأضاف، أنه "ليس من المنطقي معاملة الشباب القادرين على العمل وكأنهم غير مؤهلين أو عاجزين عن الإنتاج"، مشددا على أهمية ضبط نظام الإعانات عبر عمليات تنظيم دقيقة وفلترة للمستحقين، ما يضمن تخصيص الموارد لمن هم في أمس الحاجة إليها، مع إخراج الفئات القادرة على العمل وزجهم في سوق العمل.

وأشار الهاشمي، إلى أن "الدولة يمكنها استثمار هذه الفئة عبر التركيز على القطاع الخاص وقطاع الأعمال بدلاً من الاعتماد على التعيينات الحكومية، التي لا تشكل الخيار الأمثل في الوقت الحالي". وأكد أن "هذه الخطوة ستسهم في تقليص النفقات العامة غير الضرورية، وضبط الإنفاق الحكومي، وإعادة شريحة الشباب إلى سوق العمل، ما يعزز من إمكانيات السوق العراقية، ويحقق فوائد اقتصادية واجتماعية مستدامة".

واختتم الهاشمي بدعوة وزارة المالية لتبني سياسات أكثر صرامة في إدارة ملف الإعانات الاجتماعية، بما يحقق التوازن بين دعم المستحقين وتحفيز الشباب القادرين على المساهمة في القطاعات الاقتصادية والتنموية.

أداة لاستقطاب الناخبين

وفي السياق، يقول د. نوار السعدي، أستاذ الاقتصاد الدولي في جامعة بوخارست – رومانيا، أن رواتب الرعاية الاجتماعية في العراق تُعد أداة حيوية لدعم الفئات المستهدفة، كالعاطلين عن العمل، الأرامل، والأيتام، بهدف تحسين أوضاعهم المعيشية وتقليل معدلات الفقر، مردفا "لكن هذه الرواتب تواجه تحديات كبيرة بسبب التجاوزات والفساد، حيث يستفيد منها غير المستحقين على حساب الفئات الأكثر احتياجًا".

وقال السعدي لـ "طريق الشعب"، أن هناك تقارير تشير إلى تدخل بعض القوى السياسية في توزيع المساعدات الاجتماعية، خاصة خلال فترات الانتخابات، ما يجعلها أداة سياسية تُستخدم لاستقطاب الناخبين أو تُوزع وفق الولاءات السياسية. هذا السلوك يضر بمبدأ العدالة الاجتماعية ويؤدي إلى تهميش الفئات الأشد احتياجًا".

وأضاف أن الهدف الأساسي من الرواتب الاجتماعية هو تقديم شبكة أمان للفئات الضعيفة، إلا أن سوء الإدارة واستغلال هذه الرواتب قد يحولها إلى وسيلة لاستغلال حاجة المواطنين، مشددا على ضرورة تعزيز الشفافية ووضع آليات رقابة صارمة لضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها الحقيقيين.

أما بشأن تأثير الرواتب الاجتماعية على الشباب، فيجد السعدي أنها يمكن أن تكون سلاحًا ذا حدين؛ فمن جانب، تخفف من الأعباء الاقتصادية على الشباب، ومن جانب آخر، قد تشجع البعض على الاتكالية بدلًا من الاندماج الفعلي في سوق العمل.

ويشير الى ان استمرار تقديمها للشباب دون ربطها ببرامج تدريب وتأهيل مهني قد يؤدي إلى زيادة معدلات البطالة ويعيق جهود التنمية.

ويوصي السعدي بتطوير سياسات تهدف إلى الجمع بين تقديم الدعم المالي وتوفير فرص عمل حقيقية، لضمان تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية مستدامة، داعيا إلى إصلاح جذري لنظام الرعاية الاجتماعية في العراق، بحيث يتم تصميم برامج تتماشى مع احتياجات الفئات المستهدفة وتضمن توجيه الموارد بشكل عادل وفعال، بما يسهم في تعزيز التنمية وتحقيق العدالة الاجتماعية.

يعكس فشل الحكومات المتعاقبة

الناشط السياسي علي القيسي يقول أن "الارتفاع المستمر في أعداد المشمولين برواتب الرعاية الاجتماعية يكشف عن عمق الأزمة الاقتصادية في العراق، ويعكس فشل الحكومات المتعاقبة في وضع خطط تنموية حقيقية للحد من البطالة والفقر".

ويوضح القيسي لـ "طريق الشعب"، أن "زيادة أعداد المستفيدين من شبكة الرعاية الاجتماعية ليست مؤشرًا إيجابيًا، بل دليل على تفاقم البطالة وانتشار الفقر في البلاد"، مضيفا أن الاعتماد شبه الكامل على واردات النفط لتغطية الرواتب، دون دعم المشاريع الإنتاجية في القطاعين العام والخاص، يكرس أزمة الاقتصاد الاستهلاكي الذي يفتقر إلى صناعة قوية وزراعة مستدامة.

ويرى القيسي، أن "جزءًا كبيرًا من هذه الأزمة يعود إلى الفساد وسوء الإدارة"، مؤكدا أن "ضعف الرقابة، ووجود المحسوبية، وتعدد السلطات بين الأجهزة الأمنية والأحزاب والعشائر، فتح المجال لتجاوزات واسعة في شبكة الحماية الاجتماعية، حيث يحصل العديد من غير المستحقين، بمن فيهم الميسورون، على الرواتب".

ويلفت القيسي إلى أن بعض القوى السياسية تستغل برامج الرعاية الاجتماعية كأداة انتخابية، قائلاً: إن "العديد من المرشحين يستخدمون تسجيل المواطنين في برامج الرعاية الاجتماعية كوسيلة لاستقطاب أصوات الناخبين، وذلك بالتواطؤ مع موظفين فاسدين مرتبطين بأحزابهم".

ويشدد القيسي على ضرورة مراجعة نظام الرعاية الاجتماعية، وتوجيه الموارد المالية نحو دعم المشاريع الإنتاجية وخلق فرص عمل حقيقية. كما يطالب بضرورة تعزيز الرقابة والشفافية في توزيع المساعدات لضمان وصولها إلى مستحقيها.

وفي بيان صادر عن الوزارة العمل في 3 حزيران 2024، أعلنت أن حجم الإنفاق السنوي على المشمولين بالرعاية بلغ حوالي 6 تريليونات و117 مليار دينار، يشمل 730 مليار دينار كرواتب للمعين المتفرغ في هيئة رعاية ذوي الإعاقة والاحتياجات الخاصة. ويبلغ متوسط راتب المعاق 170 ألف دينار، بإجمالي عدد مستفيدين يصل إلى 360 ألف شخص.

******************************************************

قرار البنك المركزي الأخير وأثره على غسل الأموال وهبوط أسعار العقارات

علي الشرع

قرار البنك المركزي الأخير بخصوص خفض مبلغ التعامل بالعقارات وإلزام المشتري بإيداع مبلغ العقار في المصارف التجارية العراقية اذا تجاوز 100 مليون دينار عراقي، أثار جدالا، ويثير عدة أسئلة وفي مقدمتها الجانب القانوني للقرار، وهل من صلاحيات البنك المركزي اصدار مثل هكذا قرار؟ الجواب، نعم يحق له، والقرار يتناسب مع وظيفة البنك المركزي المحددة بالقانون؛ لأن البنك المركزي مسؤول عن التحكم بالكتلة النقدية التي يصدرها للسيطرة على المستوى العام للأسعار التي هي الوظيفة الأساسية لهذا البنك، ومن ثم له الحق في ان يقوم باجراءات منع استخدامها في معاملات غير قانونية او المضاربات او تزويرها، أو أي نشاط قد ينجم عنه ارتفاع الاسعار في الاقتصاد. وهذا القرار لا يمنع الناس من التصرف في أموالهم كيفما يشاؤون، فهو لم يقيد عملية البيع والشراء بحد ذاتها، ولا يحاول التدخل بملكية اموالهم الشرعية حتى ننظر بقانونية القرار من عدمه؛ فقانونية القرار امر مفروغ منه. لكن السؤال الذي يجب ان يطرح ويحتاج الى إجابة يدور حول مدى فعالية هذا القرار في تحقيق الهدف الاولي منه، وهو الحد من غسل الأموال، او الأهداف الثانوية مثل تقليل الارتفاعات المستمرة في أسعار العقارات - بسبب غسل الأموال - التي من المحتمل أن تمتد الى بقية الأنشطة الاقتصادية، فيتضرر منها المواطن والاقتصاد على حد سواء؟

سنحاول الاجابة على هذا التساؤل، ثم بعد ذلك ننتقل الى الإجابة على سؤال متداخل معه ويشغل بال الناس من وقت صدور القرار، وهو هل هذا القرار سوف يخفض أسعار العقارات؟

نقول في البداية ان هناك ضعفا في صياغة هذا القرار قد تقلل من فعاليته، وهو أنه لم يشمل التدقيق على البائع أيضا اذا كان الغرض منه محاصرة أنشطة غسل الأموال؛ فالمفروض ان يشمل السؤال الطرفين حتى لا يفلت احد من المساءلة. اما مدى فعاليته بصيغته الحالية فتعتمد على القدرة على التكيف مع هذا القرار او الاحتيال عليه بطرق مختلفة اما من خلال زيادة طلب غاسلي الاموال على العقارات الصغيرة المعدة لغرض السكن (نصف القطعة) لاسيما في المناطق الشعبية فينتعش سوقها، وسيتضرر بسبب ذلك المواطن من ذوي الدخل المحدود، وقد ترتفع اثمانها فوق 100 مليون، او يزداد الاتجاه نحو تجزئة العقارات ذات المساحات الكبيرة - التي لا يمكن بيعها بمساحتها الحالية كون اثمانها مرتفعة اضعاف ما ذكره القرار - الى مساحات اصغر فأصغر. وفي كلتا الحالتين سيفلت من يريد غسل أمواله من الرقابة، وسيشتري ما يشاء من تلك العقارات الصغيرة من دون حساب؛ لأن حيثيات القرار تخلو من حصر شراء اكثر من عقار باسم شخص واحد.

كما سيتم الاحتيال عليه بطرق أخرى منها: قيام الشخص بهبة عقاره لشخص اخر ثم يستلم أمواله نقداً من دون ايداعها، او يودع امواله في حسابات في الخارج (مثل تجار المخدرات) ثم يعيد تحويلها بشكل رسمي الى احد المصارف ليس باسمه او حتى باسمه فيشتري بها العقار الذي يريده، ولن يمنعه احد او يحاسبه او يلاحقه حيث انه سيعامل وفقاً لقانون الاستثمار الخارجي. او قد يقوم بإيداعها بأسماء اشخاص عديدين في مصارف عراقية ثم يأتي ليأخذها منهم على شكل دين ويشتري بها العقار الذي يفوق المبلغ المحدد في القرار، ولا احد يمكن ان يحاسبه على ذلك، فلا يوجد قرار نافذ يمنع الناس من الاستدانة. وفي هذه الحالات لن تنزل أسعار العقارات.

كما أن هذا المبلغ حسب الوضع الحالي للسوق لا يشتري سوى نصف بيت (قطعة) امامية (70 مترا) في المناطق الشعبية اما في المناطق غير الشعبية فلن يشتري شيئاً بالمواصفات السابقة، حيث ان سعر اغلبها يفوق 130 مليون دينار. فالتحديد بهذا المبلغ لن يساهم في تخفيض أسعار العقارات؛ لأنه اذا كانت أموال المشتري شرعية فلن يخاف من عملية الإيداع في المصارف وشراء أي عقار.

لكن اذا لم يستطع احد التحايل او التكيف مع هذا القرار فسوف يقل الطلب على شراء العقارات، ما يقود الى التوقف عن بيع وشراء العقارات، لكنها اذا لم تنخفض فأنها على الاقل لن ترتفع. والواقع انها لن تنخفض بشكل كبير ليس فقط نتيجة لمحاربة غسل الأموال بل بسبب النمو السكاني المتزايد، كون صندوق الإسكان ما زال يمنح قروضاً لشراء مساكن مأهولة (لغرض اعمارها) وليس تمويل شراء بيوت او شقق جديدة تم بناؤها حديثاً في مناطق جديدة. اما السبب المهم لانخفاض أسعار العقارات فهو يحدث في حالة واحدة وهي اذا زاد عرض الوحدات السكنية.

ولهذا يمكن القول ان سياسة البنك المركزي هذه ستكون غير فعالة ولن تساهم الا بشكل محدود في محاربة غسل الأموال او خفض أسعار العقارات، بل ان هناك خشية من انها ستعمل على تثبيط قيام القطاع الخاص ببناء وحداث سكنية جديدة اذ لم يجد الطلب الكافي عليها من الجمهور، خاصة اذا كان هناك تدقيق طويل من الجهات المختصة ينتظر المشتري عن مصادر أمواله، وكيف جمعها قبل السماح له بالشراء، فيتجنبون الشراء، وتتعطل حركة البناء، وسيبتعد الناس عن التعامل مع المصارف حذراً من مصادرة أموالهم، ويكون قرار من هذا النوع قد قضى على آخر أمل في حثّ الناس على التعامل مع المصارف.

والحل الأمثل والانجع لمكافحة غسل الأموال الذي يمكن ان يحقق اهدافاً متعددة في آن واحد - ولن يؤثر على رغبة الناس في التعامل مع المصارف - سيكون من خلال متابعة وتدقيق سجل الشخص (يشمل ذلك جميع العراقيين من دون استثناء من 2003 الى اليوم) في دائرة العقاري والربط بين عدد العقارات التي بجوزته او التي يريد أن يشتريها مع مصادر دخله، واذا كان موظفاً ام غير موظف. فاذ كان موظفاً وراتبه محدد فلا يمكن ان يشتري به عقاراً او عدة عقارات ثمنها وقت شرائها يفوق مبلغا معينا (يجري تحديده) فتتم مصادرتها حتى اذا كانوا مسجلين باسم عائلته المقربة مع عدم وجود دليل على مصدر دخل هؤلاء وقت الشراء. وحتى تنجح هذه الخطة والمهمة الشاقة لا بد أن تجري متابعة وتدقيق هذه السجلات من كبار المسؤولين، لتكن مثلاً تحت اشراف وزير التخطيط مع رئيس دائرة غسل الأموال في هيئة النزاهة ونائب محافظ البنك كالمركزي ومدير دائرة التسجيل العقاري، ثم ترفع تقريرها النهائي لرئيس الحكومة ليقوم بتدقيقه مع فريقه مرة أخرى.

ملاحظة أخيرة قبل الختام هي بمثابة نصيحة نقدمها لمن يتولون مناصب إدارية في مؤسسات غير اكاديمية فنقول لهم هي لا حاجة لوضع اللقب العلمي مثل (أ.د = الاستاذ الدكتور) قبل اسمائكم -كما لفت انظارنا ذلك في ذيل نفس هذا القرار- وأنتم تعملون في مؤسسات ذات طبيعة إدارية مثل البنك المركزي، فقد ينظر الناس الى هذا الفعل على أنه عقدة نقص يعاني منها أصحاب المناصب الإدارية يحاولون من خلالها كسب مزيداً من الاحترام والوجاهة من الجمهور مع انهم من أصحاب الدرجات الخاصة التي لا ينالها الا ذو حظ عظيم. ولو لاحظ هؤلاء وقارنوا انفسهم مع من يتولون مناصب في البنك الفيدرالي الأمريكي مثلاً، وهم اغلبهم اكاديميون (رئيسه السابق حصل على جائزة نوبل في الاقتصاد) سيجدون انهم لم يضعوا قبل أسمائهم أي إشارة حتى الى الشهادة التي يحملونها كونهم موظفين، وعملهم اداري بحت، ولقبهم العلمي تركوه وراءهم في الجامعة التي كانوا يحاضرون فيها او يستعيدونه حينما يذهبون لالقاء محاضرات فيها اثناء عملهم في البنك. كذلك يجب ان يفعل الاخوة أصحاب المناصب عندنا ويمتلكون القاباً علمية، فلا يوجد احد ينكرها عليهم اذا لم يكتبوها مع اسمائهم.

************************************************

وقفة اقتصادية.. قراءة في أولويات السياسة المالية 

إبراهيم المشهداني

المتفحص للسياسة المالية الراهنة، يتوصل إلى حقيقة أن هذه السياسة تنحصر في عملية تقييد الإيرادات العامة وإعادة توزيع النفقات العامة على ضوء التخصيصات المقترحة من الوزارات والجهات غير المرتبطة بوزارة والمساومات مع هذه الجهات في المتوفر من الإيرادات والتي تعتمد بشكل أساس على المتأتي من كميات النفط المصدرة، وأخذ هذه الآلية منحا تقليديا لفترة طويلة مع أن السياسة المالية تتطلب وضع استراتيجية تنموية شاملة وتحديد الأولويات في بناء اقتصاد حديث ومتطور.

إن المهمات الأساسية للسياسة المالية تتلخص في تحقيق الأهداف الاقتصادية الواردة في الاستراتيجية التنموية من خلال استخدام أدوات السياسة المالية المتمثلة بالموازنة الاتحادية العامة بجانبيها الإيرادات والنفقات في الزيادة أو التخفيض ومراقبة الأداء الاقتصادي من خلال ديوان الرقابة المالية وتحديد نسب الانحراف في المشاريع الاقتصادية ومظاهر التلاعب في المال العام فسادا وهدرا وتحديد نسب التضخم ومعدلات النمو الاقتصادي، وهذه مهمة مشتركة مع السياسة النقدية التي يضعها البنك المركزي، والتنسيق مع الوزارات والمؤسسات غير المرتبطة بوزارة من أجل تحديد الأولويات للمشاريع وأوجه الانفاق ومقدار التخصيصات الكلية لكل جهة من هذه الجهات.

ومن الواضح أن التخطيط لسياسة مالية رصينة يتطلب إضافة إلى تحديد المهمات، تحديد المشكلة الاقتصادية الاجتماعية المتمثلة في البطالة والتضخم ومعدلات النمو في القطاعات السلعية في الصناعة بكل فروعها الزراعة بقطاعيها النباتي والحيواني ونسب الفقر في المجتمع والتفاوت في مستويات معيشة المواطنين العراقيين، وهذه من المؤشرات الأساسية التي تحدد طريقة وآليات توزيع الثروة الوطنية على أفراد المجتمع بما يقربنا تدريجيا إلى تحقيق العدالة الاجتماعية، وهذه التوجهات تتطلب دراسة للواقع الاقتصادي والذي يتصف ولايزال باختلال في الهيكل الاقتصادي وهيكلية تكوين الناتج المحلي الاجمالي وفي هيكل تمويل الموازنات العامة للدولة وفي هيكل الاستيرادات وهيكل الصادرات وتشوهات جهاز الاسعار، وإذا ما توفرت المعطيات في كل هذه الأمور وتم تقييمها فان وزارة المالية المسؤولة عن رسم السياسة المالية تكون قد اقتربت كثيرا من رسم استراتيجية كلية للمساهمة الفاعلة في النمو الاقتصادي على أسس جديدة.

وهذه النتائج عرضة للمخاطر ما تتطلب التوقف عند الملاحظات التي قيلت بشأن الموازنة الاتحادية السنوية من قبل بعض نواب اللجنة المالية في مجلس النواب ومؤداها أن أي تغيير في فقرات الموازنة سيجعل من الممكن تغيير فقرات وبنود ثبت عدم جدواها،  ومن جهة أخرى تشير ملاحظات أخرى إلى أن ارتفاع حجم الدين العام الداخلي الذي وصل إلى 83 تريليون دينار في نهاية عام 2024 الممول لعجز الموازنة الناشئ عن الافراط في الانفاق التشغيلي  وانعكاساته السلبية في انخفاض القيمة الحقيقية للأصول المالية الحكومية وعجز الحكومة عن السداد  وتعميق ريعية الاقتصاد  ومفاقمة العجز  وارتفاع مستويات الأسعار ومعدلات التضخم  وبالتالي وضع الحياة المعيشية للمواطنين في الزاوية الحرجة.

إن التوجه لتحديث السياسة المالية وبنائها على أسس جديدة من أجل تحقيق أهدافها يتطلب اتخاذ سلسلة من الإجراءات نشير إلى أهمها بما يلي:

  1. تحديد أوجه وحجم الأوعية الخاضعة للضريبة ووضع التشريعات المشددة ضد ظاهرة التهرب الضريبي، سواء كانت ضرائب الدخل او الضرائب على رأس المال وضرائب على الإنتاج وضرائب على الاستيراد والتأكيد على تنفيذ قانون التعرفة الكمركية خاصة على السلع غير الضرورية وضرائب على العقار وضرائب على التركات.
  2. فرض الضرائب التصاعدية لتشمل أصحاب الدخول العالية، وفي هذه المناسبة يتعين الزامية الكشف على الذمم المالية لكبار موظفي الدولة وأعضاء مجلس النواب وأعضاء مجالس المحافظات حيث أن الامتناع عن كشف الذمم المالية هو فساد وتهرب ضريبي يتعين اتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم، وإعفاء ذوي الدخول الواطئة الذين حرموا عن قصد من الثروة الوطنية.
  3. ضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة من قبل ديوان الرقابة المالية للبدء بوقت مبكر لإنجاز الحسابات الختامية وسد الثغرات المعيبة التي تشهدها الموازنات السنوية والتي تساهم في التغطية عن قصد أو غير قصد على حالات الفساد المنتشرة في كل مفاصل الدولة.

*********************************************************

الصفحة الخامسة

أكاديميون يدعون إلى مكافحتها تجارة البحوث العلمية الجاهزة تنخر رصانة التعليم

متابعة – طريق الشعب

دعا أكاديميون وأساتذة جامعيون عراقيون، إلى مكافحة تجارة البحوث العلمية الجاهزة، التي راجت على نحو واسع في البلاد خلال السنوات الأخيرة. وفيما حذروا من تأثيرات تلك البحوث على الرصانة العلمية في الجامعات، رأوا أن الإجراءات الحكومية لتحجيم الظاهرة ضعيفة، ولا ترقى لمستوى مخاطرها.

ونشطت في السنوات الأخيرة ظاهرة بيع الرسائل والبحوث العلمية الجامعية. إذ تعمل مكتبات عديدة في بغداد والمحافظات، بالاعتماد على اختصاصيين، على كتابة تلك الدراسات، مقابل مبالغ مالية. وقد اعتمد طلبة كثيرون في المراحل الأولية والدراسات العليا على تلك المكتبات في الحصول على بحوث جاهزة.

ورغم أن عمل تلك المكتبات وترويجها بحوثها يتم بشكل شبه معلن، إلا أن وزارة التعليم العالي والأجهزة الأمنية لم تتخذ أي إجراءات إزاء ذلك، وهو ما انعكس سلباً على الواقع التعليمي في البلاد، وزاد من انتشار الظاهرة.

وبحثت هيئة الرأي في وزارة التعليم العالي، أخيراً، ضوابط النشر العلمي. وقد تم تضمينها عقوبات شديدة تطاول الطلبة ممن يعتمدون على تلك البحوث، أبرزها "ترقين قيد الطالب الذي يثبت اعتماده على ما يسمى مكاتب النشر العلمي لغرض كتابة الرسالة أو الأطروحة كلاً أو جزءاً".

وأكدت الوزارة في تصريح صحفي، أن "العقوبة ستحرم الطالب حتى من العودة إلى الدراسة داخل البلاد وخارجها في أعوام لاحقة في حال ثبت عليه ذلك"، مشددة على "ضرورة الالتزام بمعايير النشر العلمي، وعدم الانجرار وراء مكاتب النشر".

لكن الضوابط التي جرت المصادقة عليها في الوزارة أخيرا، لم تتضمن أي خطوات أو توجيهات أو عقوبات تُلحق بالمكتبات التي تبيع البحوث الجاهزة، ولا حتى الأساتذة الاختصاصيين العاملين فيها!

غياب الملاحقة القانونية

تنقل وكالة أنباء "العربي الجديد"، عن عضو في نقابة الأكاديميين العراقيين، قوله ان "الخطير في ظاهرة البحوث الجاهزة هو أن المكتبات التي تروجها تنتشر على نحو لافت، بسبب غياب الملاحقات والعقوبات القانونية".

وأشار عضو النقابة الذي حجبت وكالة الانباء اسمه، إلى أن "تلك المكتبات تتفق مع أساتذة اختصاصيين يعملون لديها في كتابة البحوث كل حسب اختصاصه، وأن هذه الجريمة العلمية لم تُلاحق من الجهات المسؤولة".

وأضاف قائلا: "نحن مع العقوبة المشددة ضد الطلبة، لكن في الوقت ذاته يجب أن تكون هناك خطة لملاحقة المكتبات ومعاقبة أصحابها، واتخاذ إجراءات قانونية بحق الأساتذة العاملين فيها ممن يقومون بكتابة البحوث".

وتتفاوت أسعار البحوث الجاهزة بحسب المرحلة الدراسية والتخصص العلمي. وتبدأ من 100 ألف دينار وصولا إلى مليون دينار. أما الرسائل والأطاريح فتتراوح أسعارها حسب التخصصات، من 5 ملايين دينار وصولا إلى 10 ملايين دينار -  حسب ما يذكره متابعون.

أمر خطير!

من جانبه، وصف الأستاذ في جامعة بغداد مصطفى الغراوي ظاهرة بيع البحوث الجاهزة بـ"الأمر الخطير".

وأكد في حديث صحفي أن تفشي هذه الظاهرة أثر كثيراً على مستوى الطلبة، مبينا أن "نسباً كبيرة من الطلبة يعتمدون على تلك البحوث. وعلى الرغم من كشف البعض منها أحياناً، إلا أن الكثير لا يكشف فيحصل الطالب على درجة جيدة مقابل البحث الجاهز للأسف".

وأشار الغراوي إلى ان "الكثيرين من طلبة المراحل الأولية وحتى الدراسات العليا يحصلون على شهاداتهم وهم لا يعرفون الأصول العلمية لكتابة البحوث بسبب اعتمادهم على تلك المكتبات، وهذا أمر خطير للغاية يتطلب تحركاً من وزارة التعليم والجهات المسؤولة الأخرى".

ونوّه إلى ان "الطلبة والأساتذة يعرفون المكتبات التي تتعامل بتلك البحوث. نحن نحتاج فقط إلى تحرك حكومي لإغلاقها ومحاسبة أصحابها"، مبينا أن "الحفاظ على الرصانة العلمية مسؤولية مشتركة بين الجامعات والوزارة والجهات الأخرى. لذا يجب أن تكون هناك خطة تنهي عمل تلك المكتبات وتغلق هذا الملف الخطير".

ولا يتوقف بيع البحوث الجاهزة على المكتبات. فعلى شبكة الانترنيت توجد مواقع محلية وعربية، تروّج تلك البحوث، وتعمل أيضا على إنشائها حسب الطلب، مقابل مبالغ مالية. وهذا من الصعوبة السيطرة عليه، في الوقت الذي لا يبدو فيه أن هناك توجها حكوميا لمحاسبة المكتبات التي تعمل بشكل ميداني – وفقا لمتابعين.

وتأتي هذه الظاهرة ضمن ظواهر سلبية كثيرة وأزمات متعددة يعانيها قطاع التعليم في العراق، وانعكاسا للفساد المتفشي في مختلف مفاصل الدولة.

******************************************************

ارتفاع أجور النقل الخاص في كربلاء

متابعة – طريق الشعب

يشكو مواطنون في مدينة كربلاء من ارتفاع أجور النقل الخاص بشكل مبالغ فيه، مشيرين إلى أن هذا الأمر يشكل عبئا إضافيا عليهم في ظل الأوضاع المعيشية المتردية، وفي الوقت نفسه يُرهق زائري المحافظة، باعتبارها قبلة للسياحة الدينية.

ويوضح المواطنون في حديث صحفي، أن الكثيرين من سائقي التاكسي يفرضون أجورا مزاجية لا تتناسب مع المسافة التي يقطعونها في إيصال الزبون، مبينين أن هناك أجورا تصل إلى 10 آلاف دينار مقابل النقل إلى مسافة لا تتجاوز 3 كيلومترات.

ويطالب المواطنون الحكومة المحلية باتخاذ إجراءات إزاء السائقين الجشعين، مع تطبيق نظام "العدّاد" المعمول به في الكثير من دول العالم، لتحديد الأجرة بناء على المسافة المقطوعة ووقت  الانتظار وكمية الوقود المستهلك.

ويلفت مواطنون إلى ان البعض من السائقين يحتالون على زائري المحافظة من المحافظات الأخرى أو من خارج البلاد، فيفرضون عليهم أجورا مبالغا فيها، باعتبارهم ليسوا على دراية بالتسعيرة المعتادة. 

إلى ذلك، تذكر وكالات أنباء أن مجلس محافظة كربلاء اقترح على مديرية النقل الخاص في المحافظة، تشكيل مفارز أمنية لمتابعة تسعيرة النقل، ومحاسبة السائقين المخالفين، الذين يتلاعبون بالأجور ويفرضونها حسب أهوائهم.

في المقابل، يؤكد سائقون أنهم يضطرون إلى زيادة الأجور في بعض الأحيان، بسبب الازدحامات المرورية التي تتسبب في هدر الوقود، وتخلف أضرارا في مركباتهم، مشيرين في حديث صحفي إلى ان عملهم لا يوفر لهم دخلا جيدا، وان ما يحصلون عليه يذهب إلى الوقود وتصليح الأعطال فضلا عن دفع الغرامات المرورية التي صارت تُفرض عليهم بأسعار كبيرة نتيجة مخالفات يرونها بسيطة.

ولا تقتصر مشكلة ارتفاع أجور النقل الخاص على محافظة كربلاء. فهذا الأمر بات شائعا في معظم المدن، لا سيما مراكز المحافظات، وله أسباب كثيرة، أبرزها الاختناقات المرورية، الرسوم المفروضة من هيئة النقل، غلاء الوقود وارتفاع تكاليف تصليح المركبات فضلا عن الغلاء المعيشي بشكل عام – حسب متابعين.

*************************************************

سائقو تك تك في بعقوبة: قرار منعنا من العمل جائر!

متابعة – طريق الشعب

احتج سائقو عجلات التك تك في مدينة بعقوبة، على قرار اتخذته البلدية يقضي بمنعهم من العمل في شوارع عديدة في مركز المدينة ومناطق أخرى، معتبرين القرار جائرا.  ويوم الاثنين الماضي خرجت المئات من أصحاب العجلات إلى "ساحة الفلاحة" في مركز المدينة، في تظاهرة احتجاجا على القرار. وطالب المحتجون محافظ ديالى وقيادة الشرطة بالتدخل لمنع تنفيذ القرار الذي سيحرم شريحة واسعة من الفقراء والمعاقين، من مصدر عيشهم الوحيد. في حديث صحفي، قال سائق التك تك حسين علي، أن "بلدية بعقوبة وجهت بمنع سير عجلاتنا في شوارع وسط المدينة، واصفة عملنا بالظاهرة غير الحضارية"، مطالبا بإلغاء هذا القرار "فجميعنا كسبة وهذه العجلات هي مصدر عيشنا الوحيد، وبيننا معاقون ومرضى وفقراء".

وتساءل علي: "لماذا سمحوا باستيراد هذه العجلات إذا كانت ظاهرة غير حضارية؟ ولماذا طالبونا بتسجيل العجلات بمعاملات رسمية للحصول على لوحات الأرقام وإجازات السوق، وقد نفذنا كل ذلك حتى أصبحت تكلفة العجلة الواحدة ما بين 9 و11 مليون دينار؟!".

ولفت إلى ان "فرص العمل في ديالى قليلة، ومنعنا من العمل يعني توجهنا نحو البطالة، أو إلى أعمال أخرى قد يكون بعضها غير قانوني".

فيما طالب السائق من ذوي الهمم علي حسين محمود، برفع الحظر عن عجلاتهم، مشيرا إلى انه معاق ولا يمكنه القيام بأي عمل سوى قيادة التك تك.

من جانبه، أوضح السائق كاظم جبار، أن قرار منع سير عجلاتنا، شمل شارعي "الطابو" و"خريسان" ومناطق أخرى.

وأشار إلى انه "لم نحصل على تعيينات ولا أي فرص عمل. التك تك مصدر دخلنا الوحيد، وتطبيق قرار الحظر يعني بقاءنا بلا عمل".

****************************************************

16 صنفا من الطيور مهددة بالانقراض في العراق

متابعة – طريق الشعب

حذّر المركز الاستراتيجي لحقوق الانسان في العراق، أخيرا، من انقراض 16 صنفا من الطيور المهاجرة في البلاد، بسبب الصيد الجائر.

وقال رئيس المركز فاضل الغراوي في بيان صحفي، أن "العراق هو محطةً مهمةً للطيور المهاجرة، حيث تستقبل أراضيه، خاصةً الأهوار والمسطحات المائية، أعدادًا كبيرةً من هذه الطيور سنويًا، تصل إلى 270 نوعًا"، مشيرا إلى ان تلك الطيور التي تصل من روسيا  وسيبيريا وكندا والصين "بعضها نادر ومهدد بالانقراض".

وبيّن الغراوي أن "أهم تلك الطيور: طيور الماء والمسطحات المائية، ومنها البط البري، الإوز البري، البلشون الأبيض، الفلامنكو والخضيري الحذاف. أما الطيور الجارحة، فتشمل الشاهين، النسور بأنواعها والصقر الحر".

وأضاف قائلا: "كذلك طيور السهول والبراري، ومنها الحبارى، القطا والسمان، والطيور الصغيرة والمغردة مثل البلبل أبيض الخدين، الهدهد والعصافير الملونة".

وتابع قوله: "أما الطيور النادرة والمهددة بالانقراض عالميا وفي العراق، فأهمها الرخم المصري وأبو زلة".    

ونوّه إلى ان هجرة الطيور إلى العراق تنشط في الخريف، من أيلول إلى تشرين الثاني، وفي الربيع، من آذار إلى أيار"، لافتا إلى أن "أهوار العراق تستقبل سنويا قرابة 100 ألف طائر، إلا أن هذه الأعداد شهدت انخفاضا ملحوظا في السنوات الأخيرة بسبب التغيرات المناخية والجفاف وانحسار المسطحات، فضلا عن الصيد الجائر".

وطالب الغراوي الحكومة بـ"إعلان العراق محمية طبيعية للطيور المهاجرة، للحفاظ عليها من الانقراض، مع تطبيق قوانين صارمة لمنع الصيد الجائر، وتحسين إدارة الموارد المائية لضمان استمرار البيئة المناسبة للطيور المهاجرة".

**************************************************

إجابة من وزارة النفط

تسلمت "طريق الشعب" من وزارة النفط، إجابة على تقرير نشرته الجريدة على هذه الصفحة، في عدد يوم 13 تشرين الأول 2024.

وهذا نص الإجابة:

إلى صحيفة طريق الشعب الغراء

نهديكم أطيب تحياتنا..

إشارة إلى ما نشرته صحيفتكم الغراء بتاريخ 13/10/2024، تحت عنوان (السرطان يستفحل وصرخات الأهالي لا تجد من يصغي – غازات حقل الغراف النفطي "السامة" تجتاح قرى الرفاعي)، نود إعلامكم بأن شركة نفط ذي قار قد بيّنت انه تم تشكيل لجنة برئاسة مستشار رئاسة الوزراء لشؤون الطاقة وممثلين عن وزارة التخطيط ومديرية بيئة ذي قار ومستشار رئيس الوزراء لشؤون محافظة ذي قار وممثلين عن شركة نفط ذي قار، وتم إيضاح آلية عمل مشغل حقل الغراف النفطي والإجراءات المتخذة من قبله على اساس دراسة الأثر البيئي للحقل المصادق عليها من قبل وزارة البيئة وتم الخروج بعدة توصيات منها (على المشغل جلب تكنولوجيا حديثة للتخلص من النفايات بشكل نهائي وتخصيص المبالغ اللازمة من الشركة واستمرار المعالجة الحالية ونقل المخلفات الخطرة بإشراف مديرية بيئة ذي قار، حيث تم عكس توصيات محضر اللجنة إلى المشغل في 16/4/2024 واوضح المشغل في إجابة له بتاريخ 3/5/2024 انه ماض بتطبيق الإجراءات حاليا في وضع مسح سوقي للتكنولوجيا الحديثة حيث تم تخصيص الكلفة في موازنة 2025 لإنشائها، وتم تشكيل لجنة بخصوص التلوث البيئي والاضرار الناجمة عن حقل الغراف النفطي لأهالي القرى المجاورة في مقر وزارة الصحة والتي خرجت بعدة توصيات:

- متابعة تنفيذ توصيات وزارة البيئة حول محطات متابعة الهواء الثابتة والمتحركة.

- إجراء زيارات ميدانية إلى حقل الغراف النفطي.

- استحداث وحدة كشف مبكر للأمراض السرطانية في مركز صحي فرعي خضر الفشاخ.

- التأكيد على معالجة المخلفات النفطية.

أما في ما يخص الكشوفات التي ادعت الصحيفة إقامتها من قبل قسم شرطة البيئة بالتنسيق مع مديرية بيئة ذي قار لم يكن للشرطة علم بها وفي الوقت ذاته لم يتم منع اي جهة رقابية من الدخول إلى الحقل. علما ان شركة نفط ذي قار ماضية في تنفيذ إنشاء مستشفى للأمراض السرطانية في مركز المحافظة حرصا منها على دعم المجتمع المحلي حيث بلغت نسبة الانجاز أكثر من 70%.

شاكرين تعاونكم معنا مع التقدير

مدير مكتب الإعلام والاتصال الحكومي

21/1/2025 

***********************************************************

الصفحة السادسة

قراءة في مشهد {معقد} يبدأ من الشرق الأوسط الجديد وينتهي بالانتخابات المقبلة

رائد فهمي: نخوض حراكاً نستعد فيه لجميع السيناريوهات بدءاً بتحصين العراق ضد المخاطر وصولا إلى التغيير الشامل

بسام عبد الرزاق

ضيف "استوديو الأنصار" الخاص بحركة الأنصار الشيوعيين العراقيين، الرفيق رائد فهمي، سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي، في حوارية فكرية وسياسية مطولة، طرحت فيها العديد من الأسئلة والاستفسارات المتعلقة بالوضع العالمي والإقليمي وانعكاساته على العراق، والمسارات التي يجب اتباعها لتجنيب البلد مخاطر المرحلة، خارجيا وداخليا، وصولا إلى الموقف من الانتخابات البرلمانية المقبلة، وطبيعة الاحتجاجات التي تشهدها بعض مدن العراق وإمكانية ان تعود في شعاراتها السياسية كما حصل في تشرين 2019، وأدار الجلسة الصحفي والنصير مزهر بن مدلول.

الشرق الأوسط الجديد!

بدأت الحوارية بنقاش مستفيض عن الحدود التي سيتوقف عندها مشروع الشرق الأوسط الجديد وطبيعة اتجاهاته؟، وقال الرفيق فهمي بهذا الصدد، إن "المنطقة شهدت خلال السنة والنصف الأخيرة تغيرات عميقة في ميزان القوى، سواء على صعيد الواقع الفلسطيني، او على صعيد لبنان وسوريا أخيرا.

وأضاف، "بالتالي مشروع الشرق الأوسط الجديد وملامحه الكثيرة متوفرة وبدأت توفر أرضية أكبر ليتقدم، ويرتبط هذا المشروع بالتوسع الإسرائيلي، خصوصا أن هذا المشروع يراد منه أن تنتزع كليا إرادة المقاومة من المنطقة، من خلال محاولة تصفية القضية الفلسطينية وكذلك أي نوع من أشكال المقاومة من المنطقة، وبهذا المعنى الاتفاق الأخير الذي حصل في غزة هو لم يذهب إلى حد تحقيق الهدف الإسرائيلي، ورغم انه وجه ضربات قوية لحركة حماس والجهاد الإسلامي، ولكن اضطرت دولة الاحتلال  للتفاوض مع حماس من أجل إطلاق سراح الرهائن، واذا ما انتقلنا إلى المرحلة الثانية وانسحاب إسرائيل من مواقع كثيرة في غزة فالطرف الباقي في غزة أساسا هو حماس، ولذلك هناك احتمال أن المرحلة الثانية قد لا تمضي بسلام واحتمالات تجدد القتال قائمة".

توسيع دائرة التطبيع!

وأوضح الرفيق فهمي أن "الجانب الآخر من مشروع الشرق الأوسط الجديد هو جعل المنطقة سوقا للولايات المتحدة وشركائها  ودمج اسرائيل كليا بواقع المنطقة بمعنى انتهاء كل شكل من أشكال المقاطعة والقطيعة مع إسرائيل، وهذا عمليا توسيع دائرة التطبيع وهذا ما يتبناه ترامب من خلال اتفاق (ابراهام) ويراد منه أن تطبع المنطقة كليا، والهدف الأساسي هو السعودية، وكما نعرف أن هناك بلدانا خليجية وغيرها كالأردن والمغرب ومصر والسودان ساهمت بالتطبيع، وإلى حد هذه اللحظة، إذا ما تناولنا موضوع المقاومة، نجد أن الجيوش العربية حيدت تماما ولم تعد جزءا من المعركة"، لافتا إلى أن "هذا ما أدى إلى أن المقاومة التي تبرز هي مقاومة تتم من خلال جهات ومنظمات غير حكومية والبعض يسميها منظمات اللا دولة وأكثرها مدرجة ضمن محور المقاومة،  ومحور المقاومة هذا بقدر ما يمثل جزءا من المقاومة لكنه أيضا يحتوي على نقاط ضعف حقيقية، فهو عموما  يتم في إطار أيديولوجية إسلامية، وهذه قادة عمليا إلى أن  لا تكتسب  المقاومة طابعا وطنيا في كثير من هذه البلدان وتتجاوز وتضعف بنى الدولة المتواجدة فيها، سواء في لبنان سابقا والعراق أو اليمن".

الحل العسكري جزء من المقاومة وليس كلها

وبين أن "هذا النوع من المقاومة أبدينا رأينا فيه، سواء في الحزب الشيوعي العراقي او الأحزاب الشيوعية في البلدان العربية  فهي مع مقاومة المشروع والمخطط سواء فيما يتعلق بدعم حق الشعب الفلسطيني في تحقيق حقوقه وتأسيس دولته او فيما يتعلق بمواجهة المخطط الأمريكي والاوربي والإسرائيلي وما يطلق عليه بالشرق الأوسط الجديد، ولكن هذه المقاومة هي متعددة الاشكال، العسكرية جزء منها وليس كلها، والمقاومة السياسية والاقتصادية والثقافية والشعبية، وأيضا لا يمكن أن تستأثر بهذه المقاومة أيديولوجيا واحدة وتيار واحد فهذا يضعف المقاومة، ولاحظنا ان مستوى التضامن سواء مع حزب الله وكذلك في العراق في حال استهدف محور المقاومة، فالتقدير  ان مستوى التضامن الشعبي والمجتمعي سيكون ضعيفا بسبب أن هذا الشكل من أشكال المقاومة تعارض مع بنى الدولة وأضعف الدولة الوطنية وكان موازيا لها وخلق ابتعادا بينه وبين الأوساط الشعبية".

ولفت فهمي إلى أن "المخطط الذي جاء به ترامب لأجل أن يضفي مزيدا من الغلاظة في تنفيذ أهدافه، وما يسميه السلام بالقوة، بمعنى ان يكون السلام بالشروط الأمريكية والإسرائيلية وهو يجعل استراتيجته للشرق الأوسط الجديد تخدم الاستراتيجية العامة للولايات المتحدة بالسيطرة على مصادر الطاقة والتكنلوجيا، وتريد أيضا ان تفرض هيمنتها السياسية وتصبح الجهة التي تقرر مسارات العالم، ولاحظنا أن أمريكا تحت إدارة ترامب تضرب المواثيق الدولية.  إن هذا المشروع تطبيعي بجانبه السياسي وتصفوي للقضية الفلسطينية كليا ويصار إلى صيغة فلسطينية محدودة اذا أريد أن تكون دولة، ويجري الحديث عن الحاق الضفة الغربية، والآن لا نعرف المحطة التالية في قضية غزة وصيغها، والمنطقة كلها تصبح جيوشها مهمشة والهراوة الإسرائيلية تكون هي الوكيل للولايات المتحدة في ضبط الواقع الأمني، والاقتصادات تصبح شديدة الاعتماد على أمريكا ومفتوحة كميدان للاستثمار والاحتكار، وهذا يتطلب من أجل مواجهتها، أولا تعزيز بنى الدولة خاصة للدول التي تواجه هذا المشروع كونه مشروعا مستعدا أن يحطم الدول وأن يغير الحدود اذا اقتضت الأمور، من خلال تشجيع الدويلات والأقاليم القائمة على الدين والمذهب والهويات المناطقية، وهذا احتمال قائم وليس بالضرورة ان يحصل، لكن لا يوجد مانع في اللجوء إلى هذا السبيل، وبالتأكيد هم يريدون دولة ضعيفة".

إيران تفقد أذرعها

ونوه الرفيق فهمي، إلى أنه "خلال هذه الفترة وجهت إلى المشروع الإسلاموي وما يسمى محور المقاومة ووضع إيران، ضربات أضعفته، وانعكس هذا الضعف في لبنان، والتغييرات التي حصلت عكست أن وزن حزب الله لم يعد كما السابق وبالتالي هناك تشكيلة سياسية مختلفة، ونلاحظ الانفتاح الخليجي وزيارة وزير الخارجية السعودي وهذا يؤشر إلى هذه التغييرات. الملاحظ أن إيران فقد فقدت عددا من الامتدادات والأذرع والحلفاء، وهذا الموضوع مطروح الآن على الصعيد العراقي، وضعف الدور الإيراني ينعكس على واقع الدولة العراقية، باعتبار أن هذه القوى عمليا هي الحاكمة في العراق خلال الفترة الماضية".

وتابع، "ولذلك نقول إنه بهذا المعنى أن هذه القوى والمنظومة أمامها مساران ، الأول أن تتكيف مع ميزان القوى الجديد وقرارها مرتبط بالقرار الإيراني، وإيران معرضة الآن لعقوبات اقتصادية وقد تشتد، ومعرضة إلى ضغوط متزايدة ومتنوعة قد تصل إلى عسكرية، وقد تنقطع علاقتها مع امتداداتها وتنكفئ على ساحتها، وربما أيضا تغادر مشروع تطوير الطاقة النووية نحو مشروع القنبلة النووية كما تدعي أمريكا وحلفاؤها، وهذا الموضوع بدأت ملامحه في العراق ويعني بالملموس  معالجة قضية الفصائل المسلحة خارج الحشد الشعبي، ويقال أيضا إن هناك ضغطا لأجل حل الحشد الشعبي كشكل من أشكال التكيف، والجزء الآخر في علاقة العراق وإيران او  تتحول العلاقة كما بين بلدين مستقلين وليست بهذه الوشائج الموجودة الآن  وأن يكف العراق أن يكون مصدرا لتمويل إيران بأشكال مختلفة، إن كان عن طريق الأموال او الميزان التجاري".

مرونة قوى السلطة!

وطرح الرفيق فهمي عدة تساؤلات حاضرة في المشهد، مشيرا إلى أن " هل يستطيع العراق ان يستجيب للضغوطات الامريكية جميعها أم هناك حد معين لا يمكن الاستجابة له؟ كونه سيهدد وجود هذه القوى في السلطة، ونلاحظ أن سياسة السوداني وإلى حد ما القوى الأخرى، أنهم أبدوا مرونة معينة وطوروا العلاقة مع السعودية والخليج وكذلك الاتفاقات التي وقعت مع بريطانيا، وهذه كلها تشير إلى رسائل تطمين ومحاولات لمد جسور مع أمريكا ومحاولة تطمينها، وبالوقت نفسه يبحثون عن إقناع الفصائل بحل نفسها والوصول إلى صيغة لدمجها بالقوات المسلحة، والحشد الشعبي خط أحمر بالنسبة لهم ولا يمكن حله ويدعون أن لا وجود مطالبة حقيقية بحله، وهذا أيضا تختلف المعلومات بشأنه، كون حل الحشد الشعبي هو القضاء على ركيزة أساسية وضامن أساسي لحكم القوى المتنفذة الآن ، ويرتقي حل الحشد الشعبي إلى إضعاف حقيقي لوضعهم وسيطرتهم وحكم "الهوية الشيعية" كما يسموه، والآن يدعون انهم يتفاوضون مع الفصائل، والبعض يقول إن ترامب متشدد ولا يقبل بأنصاف الحلول، وهل سيقبل التلكؤ في هذا الموضوع، وعلى صعيد الحشد الشعبي".

وأكمل بالقول: "الآن ربما يلجؤون إلى بعض التغييرات الداخلية، وحتى اذا أريد أن تضم قوات الفصائل إلى القوات المسلحة فكيف ستكون طريقة ضمها والدور الذي تحتله داخل القوات المسلحة وطريقة بقاء وشائجهم الموجودة مع الأحزاب والمنظمات التي ينتمون اليها، أم يتحولون إلى جزء أساسي وعضوي من القوات المسلحة وهو شيء غير موجود حاليا، وكما هو معروف فإن الحشد الشعبي يدار من قبل هيئة الحشد وان كانت تحت مظلة القائد العام للقوات المسلحة ولكن نعرف جيدا أنها تستلم أوامرها الأساسية بالمطاف الأخير من التنظيمات التي تنتمي اليها وهذه بدورها وثيقة الصلة بإيران والحرس الثوري وهو أمر معروف ومشاع ".

وأضاف الرفيق فهمي، "الولايات المتحدة تنظر للعراق من خلال إيران ومشكلتها مع إيران بالأساس، وبالتالي أحد طرق إضعاف إيران هو بتجفيف المنابع والموارد التي تصل إيران عن طريق النظام المصرفي والتهريب وأشكال مختلفة ومن ضمنها النفوذ داخل هذه المؤسسات، ومعروف أن هناك مشاريع اقتصادية وصناعية وتجارية تعود إلى شركات قسم منها مرتبط بحزب الله وإيران او تخدم إيران بشكل خاص، وهذه القضايا معروفة لدى الأمريكان فهل الحكومة قادرة على معالجة هذا الموضوع وهل الأمريكان جادين بهذا الموضوع وإلى مدى يذهبون".

العصا الغليظة!

وأكد أن "هناك تعويل حتى من أوساط مدنية، بان التغيير قادم وهو عن طريق أمريكا وأن ترامب سيستعمل العصا الغليظة لتحقيق ذلك، ونحن نقول إن ترامب يتعامل بمنطق تجاري ومنطق الصفقات، وليس لديه مشكلة مع النظام الإيراني كنظام، انما مع ما يشكله النظام الإيراني من تهديد لإسرائيل ومدى مساهمته بامتداداته وتأثيره إقليميا، وإذا تقلصت هذه الجوانب فالأمريكان مستعدون للتعايش مع النظام الإيراني، والأنظمة الإسلامية جميعها ليست ضد اقتصاد السوق ولديها مشتركات".

وأشار الرفيق، إلى أنه "بالنسبة للعراق، فإلى أي حد هذه الاحزاب  قادرة على تطمين مصالح الولايات المتحدة، وهناك احتمال خطير، وهو ان تلجأ إلى سياسات انبطاحية ويتم الانتقال  من الخطاب الثوري العالي إلى استجابة غير مشروطة ومنفتحة جدا أمام الضغوطات الامريكية سواء على الصعيد الاقتصادي او على صعيد باقي الخطوات"، مبينا أن "النقطة المهمة، أن هذه المنظومة ضعفت وتشعر بالخطر، و بالنسبة للقوى التقدمية والديمقراطية، هل ممكن في ظل هذا الوضع والتغييرات في موازين القوى الإقليمية وانعكاساتها على العراق، هل تفتح مساحة وأفق أفضل لهذه القوى لتعزز وتزيد من ضغطها لصالح المشروع المدني الديمقراطي ؟.. ونحن نعتبرها لحظة سياسية تاريخية بالمعنى الفلسفي للكلمة، فاذا تطول لأشهر ستسمح للفاعلين أن يتكيفوا، وان تقدم المنظومة الحاكمة تنازلات وتلبي وتخفف من الضغط المسلط عليها وبالتالي الوصول إلى حالة من التوازن الجديد، بمعنى ان العراق طوال العشرين سنة كان نقطة توازن بين الأمريكان والإيرانيين".

ولفت الرفيق رائد فهمي، إلى أنه "اليوم الموازين اختلت وهذا سينعكس على موازين القوى في العراق، بمعنى أن التقاسم في النفوذ بين أمريكا وإيران قد يتغير لصالح أمريكا، وهذا ينعكس على الحكومة، وهذه اللحظة ونحن نعيش ديناميكية هذا التحول، نقول إن المنظومة الحاكمة مربكة وخائفة وهذا قد يساعد على الفرز في داخلها، وهناك قوى أكثر تشددا تريد الحفاظ على النهج السابق وهناك قوى اكثر براغماتية، ونستطيع تشخيص هذا التمايز ما بين الفصائل وأحزاب الإطار، ويوم أمس تابعنا تصريح وزير التعليم العالي والذي أصبح رئيس المكتب السياسي لعصائب أهل الحق يقول فيه إن العصائب ستشارك في الانتخابات بمفردها، وهذا تصور جديد كون الحديث كان في السابق أن جميع التنظيمات القريبة من محور المقاومة تنزل بقائمة او قائمتين، ونفس الشيء بالنسبة للدعوة وتيار الحكمة وتحالف النصر  هناك تمايزات داخلهم، وهذه التمايزات تعكس الضغوطات التي يعيشونها، وهذا يفسح في المجال للقول انه لا توجد حاليا  كتلة متماسكة.  وأيضا فيما يتعلق بموضوع الضغط الخارجي، ففي جانب منه المتعلق بالفصائل والإصلاحات في مجال التهريب وضبط الحدود والإصلاح المالي، هذه أهداف جزء من أهداف مشروعنا وهي أهداف وطنية عامة ".

موقف "الشيوعي العراقي" من التغيير الخارجي

وأوضح الرفيق رائد فهمي، أن " بعض القوى المدنية تعول على التغيير الخارجي وتعتقد كليا ان الضغط الخارجي هو من يأتي بالتغيير، ونحن نقول إن التغيير الذي نريده له مسبباته ومتطلباته الوطنية وقد طرحه الحزب الشيوعي عام 2016 وقبل أن يتحدث به الأمريكان، والآن هناك إمكانية في الضغط لتحقيق بعض مفردات المشروع التغييري فيما يتعلق بتقوية الدولة سواء على صعيد مسألة السلاح وربما أيضا في موضوع المحاصصة والضغط لفرض جوانب من التغييرات في الدولة وبعض المفردات التي وضعناها في تقرير اللجنة المركزية الأخير.  وإذا ما استطاعت القوى الديمقراطية والمدنية أن تعزز من تلاحمها وتشكل عامل ضغط إضافي قد يفرض أمورا لم يكن ممكنا تحقيقها في السابق، وعنصر الوقت هنا مهم ".

وتابع، أنه "من جانب آخر، طبيعة المهام وكما تلاحظون خلال الفترات الأخيرة بدأنا نتحدث عن المشروع الوطني، ولماذا نتحدث بهذا المشروع، لأنه يأتي في وقت الحديث عن شرق أوسط جديد، وهو يمر عبر إضعاف الدولة وقدرتها على الدفاع عن سيادتها والمصالح الوطنية، بمعنى أن البلد ينفتح ويخضع للمصالح الكبرى، سواء مصالح الاحتكارات ومن يقف خلفها من الأمريكان وإسرائيل ومصالحها في المنطقة، وهذه تهديدات ذات طابع وطني، وما نطرحه أن هناك حاجة ملحة لإحداث اصطفاف وطني يدافع عن سيادة العراق ومصالح العراق الوطنية في كل الميادين الاقتصادية والسياسية والأمنية، و هذا المشروع الوطني الذي تتبناه بعض أحزاب الإطار، لكن الفرق ان المشروع الوطني الذي نتحدث به يتضمن كجزء مكون أساسي منه، حيث نرى أنه لا  يمكن  الدفاع عن المصالح الوطنية دون إحداث تغييرات في طبيعة النظام السياسي، على صعيد نهج المحاصصة وتقوية الدولة والاقتصاد والإصلاحات العميقة، ونحن لا نعتبر ان المشروع الوطني هو البديل لمشروع التغيير المدني الديمقراطي الذي نطرحه، ونقول ان هذه الفترة قد تسمح بمشروع اصطفاف أوسع من السابق لقوى جديدة وبسبب عوامل مختلفة منها الضغط الخارجي وأزمات البلد، وهي تسمح لتحقيق خطوات والتشديد لفرض السير على مشروع التغيير".

انتزاع التنازلات

وأكمل فهمي بالإجابة على الأسئلة، قائلا "هل الظرف يسمح بإزاحة المنظومة كاملة؟ ام في هذه الفترة وحسب موازين القوى الداخلية تسمح أكثر بانتزاع مواقف وتنازلات وخطوات إجرائية على الطريق الذي ينسجم مع المشروع المدني الديمقراطي، وهذا على المدى القصير، ولماذا هذا التمييز مهم، لاسيما ان الإجابات غير حاسمة الآن، من حيث اننا حين نتحدث عن الاصطفاف الوطني، إلى أين ستكون حدود هذه القوى الوطنية وهل تشمل فقط القوى والشخصيات والأحزاب المدنية والنقابات والاتحادات، أم هناك مساحات أوسع من ذلك، ومن هم؟ هل هم شخصيات وأحزاب أخرى ومصنفة كاحزاب " سنية " و" شيعية"، وأخذا بالاعتبار وجود فرز في داخلها".

ونوه إلى ان " من الناحية السياسية نركز في هذه الفترة على فتح حوارات ويصار إلى حوارات واسعة وشاملة وصولا إلى تحقيق أشكال مختلفة وعقد مؤتمر واسع يضم أوسع طيف ممكن يحمل المشروع الوطني كما نفهمه نحن وتشاركنا في هذا الفهم أوساط غير قليلة، لكن نتيجة هذه الحوارات والتي لديها بعد زمني لا يزيد عن أسبوعين، قد نتوصل إلى إجابات ملموسة، بشأن من هي القوى خارج القوى المدنية والديمقراطية التي تؤيد المشروع، والتي يجب أن تنشمل بالاصطفاف الوطني الواسع؟ ولذلك خلال الفترات الأخيرة أجرينا لقاءات كثيرة مع القوى المدنية وجماعات الاحتجاج والتقيانا أيضا بشخصيات وتوجد تباينات معينة معها، وتلقينا دعوات من حزب الدعوة تنظيم العراق وجمال الضاري، وتحدثنا بنفس الكلام الذي نطرحه، ويتفقون أن هناك تغييرات ولكن في بعض الأمور لديهم رأي اخر، وهذه اللقاءات لا تعني اطلاقا أن هناك تحولا بالموقف، لكننا نعتقد ان هذه المرحلة وأمام هذه التحديات التي تواجه العراق أولا، وهي تشملهم بدرجة معينة، لكنها تشمل العراق ككل، ولذلك نؤشر هذا التمييز".

رهان على الدور الأمريكي!

وقال الرفيق رائد فهمي، ان "بعض الأطراف المعارضة الموجودة خارج العراق ولها صدى ما  في الداخل، هؤلاء يراهنون كليا على الدور الأمريكي ويعتقدون ان الأمريكان سيلعبون دورا في إزاحة المنظومة ، وهذا ممكن، لكن كيف ستتم الازاحة، والازاحة هي  إزاحة سياسات أم أشخاص، ام الاثنين  معا؟، والمعطيات تشير إلى ان ترامب  لا يلجأ إلى أساليب القصف والعنف، واذا اريد ان يستخدم  وسائل العنف، المهمة ستكون لإسرائيل وربما بضوء أخضر أمريكي، وهذه قد تستهدف ربما شخصيات من الفصائل وبعض الأسماء المتداولة في الإعلام الأمريكي، وهذه إمكانية قائمة، وفي نفس الوقت أن مطالبهم واضحة  فيما يخص الفصائل المسلحة ، لكن كيف سيتصاعد الضغط وكم سيفرض على العراق الإقدام على هذه الخطوات وكيف سيقبلون بصيغ المراوغة التي قد تقدم عليها الأطراف العراقية؟ هذه ستتضح خلال فترة.  ونحن نقول إن هذا الضغط يولد هذه الإمكانيات، اما إذا أراد الأمريكان الذهاب أكثر سنتعامل مع هذا الوضع، كوننا نطمح أن تزال هذه المنظومة كاملة من المسرح السياسي كون نهجها كان مدمرا، ولا يمكنها الإجابة على التحديات الكبيرة التي تواجه العراق واقتصاده، ونعتقد ان هذا النهج كما هو الآن لا يمكن استدامته، وإذا أستديم سيكون بتنازلات كبيرة ونلاحظها في الانفتاح الكبير على الشركات الكبرى، وهو يساهم بإضعاف الدولة على التحكم باقتصادها".

مؤتمر وطني خلال شهر

وتابع، ان "العنصر الزمني الذي نعول عليه ونضع تقديرات إلى عقد مؤتمر وطني خلال شهر او شهر ونصف، وخلال هذه الفترة الحزب سيكثف لقاءاته، ليس فقط مع الأحزاب والحركات، وسنلتقي مع جهات فئوية من مثقفين ونقابات ومنظمات مجتمع مدني، وهذه السياسة على صعيد المركز والمحافظات، والحزب وتنظيماته مطالبان بالانفتاح والمبادرة والارضية موجودة للمبادرة. ومن سمات المرحلة الراهنة، أن جميع القوى لا تمتلك تصورا متكاملا وتتعامل مع شعارات معينة، اما صورة متكاملة لا توجد لديها، الحزب الشيوعي وربما بعض القوى القريبة منه، هي الوحيدة التي تقدم منظومة متكاملة للوضع بأبعاده المختلفة، واليوم نتلقى دعوات من اليمين واليسار، ان صح التصنيف،  والحزب الأكثر ثباتا كصاحب مشروع سياسي واضح وبناء تنظيمي قائم ومنسجم، وهذا عنصر قوة موجود للحزب، واعتقد إلى حد ما أن تنظيماتنا لم تستثمر بما فيه الكفاية، واليوم جميع القوى تريد الوصول إلى الحزب واللقاء به ، وهناك بعض الاتجاهات المدنية الليبرالية تريد عزلنا، وبدأت تبرز عنوانها الليبرالي لأنها تتوقع أن الضغط الأمريكي الإسرائيلي يدعو في إطار المشروع الترمبي إلى ذلك ، وقد يبحث عن قوى محلية بديلة، وقد تكون بعيدة عن الشيوعيين، وهذا الشعور يجعلهم بحاجة لتمييز أنفسهم عن الشيوعيين، خاصة ان المدنية والاتجاه المدني لا مصداقية له اذا كان خارج الحزب الشيوعي، وهذا ليس ما نقوله نحن انما تقوله القوى الأخرى، ولذلك هناك محاولات لوجود اصطفافات وتحالفات تظهر للمشهد السياسي كطرف يمكن مخاطبته كممثل للاتجاه المدني، فالحزب يواجه هذه التحديات وعليه ان يتحرك بشكل سريع ومنظم ومدروس لتحويل هذه الإمكانيات إلى واقع سياسي وتجمع وتكتل سياسي وطني ديمقراطي يدفع عملية التغيير إلى بر الأمان".

موازين قوى جديدة

ولفت الرفيق رائد فهمي إلى أن "هناك فهم وحيد الجانب لما يطرح بالنسبة للتغيير الشامل، وهذا التغيير نقول دائما يتطلب موازين قوى جديدة، لأن التغيير معناه تغيير سياسي وفي المنظومة السياسية، وكذلك في النهج الاقتصادي والاجتماعي.  وهناك مصالح كبرى نمت وتكرست وأطراف المنظومة متمسكون بالنهج القائم، ولن تتنازل عن موقفها مجانا، وهي تسيطر على الروافع الانتخابية والسياسية ومترسخة في البناء المؤسسي للدولة. المطلوب تغيير موازين القوى والضغط إذا أريد أن يكون تغيير شاملا وفوريا وعلى جميع المستويات في آن واحد. وهذا معناه فيه طابع ثوري ويتطلب نهوضا ثوريا وانتفاضة موجهة وذات اهداف وقيادة سياسية واضحة ومدعومة شعبيا بحيث تقلب موازين القوى وتمضي في المشروع".

وأكمل، أنه "حتى هذه اللحظة لا تتوفر هذه الامكانية ولا نعرف ما سيحصل في المستقبل، كون بعد انتفاضة تشرين استطاع النظام الاستفادة من دروس معينة وانتشرت حالة من الإحباط في أوساط معينة، وفي نفس الوقت أسباب انتفاضة تشرن زادت أيضا، فالفوارق الاجتماعية كبيرة جدا والخدمات ما تزال متردية والبطالة واسعة وخاصة في صفوف الشباب وأيضا التمييزات في القوانين قد تستثير أوساطا مجتمعية، والاحتجاجات في الفترة الأخيرة ذات طابع مطلبي وتحولها إلى سياسية قائم، وعندما يصل أصحاب الاحتجاج إلى قناعة بان أهدافهم ومطالبهم لا تتحقق في إطار المنظومة السياسية، والمنظومة قدمت محاولات للاستجابة لبعض المطالب الجزئية وحين يسلط الضغط على الحكومة ولأغراض سياسية مثلما حصل بتعيين مليون شخص وهو بالضد من كل الاعتبارات الاقتصادية والارهاق الذي سببته للدولة، ولكن في اللحظة الحالية التغيير الذي نتحدث عنه ممكن ان يتم عن طريقين متلازمين، بمعنى أن الطريق الانتخابي هو أحد المسارات التي ممكن ان تسهم في عملية التغيير وان كان جزئيا، وهناك  معوقات في هذه العملية، منها القانون ووجود السلاح وعدم تنفيذ قانون الأحزاب والمنظومة الانتخابية المنحازة وغيرها، ولكن هذا ميدان من ميادين الصراع ومن غير السليم أن نتركه، ونبقى نعمل ونضغط لتعديل المنظومة الانتخابية، ولا نضع اطلاقا العملية الانتخابية بالضد مع العمل الاحتجاجي الشعبي، وحتى ان حققت الانتخابات شيئا في مجلس النواب من تمثيل، لا نعتقد أنها ستحقق شيئا  ان لم تكن مدعومة بحراك شعبي، وهذا الحراك بالمطاف الأخير مهما كان لابد ان يعبر عن نفسه سياسيا، وهذان الميدانان متلازمان بالنسبة لنا، وأحدهما قد يعزز الآخر، وكلما تطور الاحتجاج الشعبي يفرز إمكانيات اكبر على الصعيد الانتخابي".

وأشار الرفيق، إلى أنه "في لحظات معينة وعندما يكون الحراك الشعبي عاليا جدا ومطالبه مرتفعة، قد يتجاوز كل ما يمكن ان تقدمه العملية الانتخابية، ونعرف هي بيد من، نعم، في ذلك الوقت لا يوجد لدينا أي تردد في مقاطعة العملية الانتخابية ونعتبرها محاولة لإجهاض الحراك الشعبي وهذا ما فعلناه في عام 2021 واليوم الوضع وضمن قراءتنا له ليس مشابها لما حصل في 2021".

الشيوعيون والانتخابات المقبلة

وأوضح سكرتير اللجنة المركزية للحزب، ان "الحزب الشيوعي العراقي توصل إلى قرار بخوض الانتخابات، وهذا جاء بعد نقاشات طويلة، وقررت اللجنة المركزية أن الحزب سيخوض الانتخابات، والسؤال الآن، كيف يمكن ان يستعد الحزب افضل ما يكون لخوض الانتخابات، وعلى الجانب الذاتي لدينا قصور إلى الان، في ان يكون رفاقنا واصدقاؤنا قد حدثوا بطاقاتهم الانتخابية والتحرك في الأوساط القريبة منا، وقسم إلى الآن يعيش في التساؤلات، فضلا عن ضرورة عملنا على تنظيم ومعرفة نقاط القوة والضعف، وهذا ما عملت عليه مختصة الانتخابات بصورة جيدة، ودرسنا جميع النتائج والخارطة الانتخابية للانتخابات السابقة وأصبح لدينا تصورعن مناطق تواجدنا  والأماكن التي نركز عليها، ويبقى الآن كيفية تنظيم تحركاتنا في هذه المناطق بشكل كفوء واشكال هذا التحرك ومتى يبدأ، هذه الأسئلة تتعلق برفع كفاءة الحزب في هذا الإطار، ونعمل عليها بشكل جدي، إضافة إلى إعداد بنك المرشحين الذين ممكن ان يتم ترشيحهم في الدوائر المختلفة عن بغداد والمحافظات، وليس بالضرورة كل من يشخص سيترشح، ولكن ضرورة ان يكون لدينا مجموعة من الرفيقات والرفاق والأصدقاء أيضا من المؤهلين لخوض العملية الانتخابية وان يجري من يتم اختياره بإعداده وتدريبه وتهيئته والترويج إليه ورسم الخطة الانتخابية".

وأردف قائلا، إنه "على صعيد التحالفات وبسبب كون الوضع متحركا من محافظة إلى أخرى، المبدأ العام ان نبدا  بتحالف مدني ديمقراطي متمثل بقوى التيار الديمقراطي وأحزابه وهذه النواة للتحالف، ونبدأ به ويكبر بقوى أخرى من أحزاب مختلفة قد تظهر وأخرى موجودة وخاضت الانتخابات السابقة وهذا مرهون بالتحركات القادمة، وفي حال قررنا ترك التحالفات للمحافظات، بمعنى انه لا ننزل بتحالف وطني عام، كون هناك تباينات مختلفة، فظروف محافظات الأنبار وصلاح الدين والموصل وديالى وكركوك، تختلف عن محافظات الوسط والجنوب، وخريطة القوى السياسية مختلفة وتضطر ان تتحالف مع قوى لا تستطيع التحالف معها في البصرة والناصرية لأن الواقع مختلف، لهذا اعطينا مرونة كبيرة للتنظيمات في تحديد واقعها بالتشاور مع اللجنة المركزية وقيادات الحزب، و هي التي تستكشف هذه الإمكانيات وتتوصل إلى صيغ معينة من التحالفات، وهي تحت تقديرها".

وأوضح الرفيق فهمي، ان "العديد من المحافظات شرعت بالموضوع للبحث والتفتيش والتواصل مع المشهد السياسي في المحافظات انطلاقا من الخطوط المرشدة التي ذكرناها".

وتابع، "تحالف قيم ليس بالضرورة أن يبقى بصيغته السابقة، ولكننا لم نقاطع أطرافه، وفي مناطق قد تكون العلاقة مستمرة وفي أماكن أخرى قد تكون لا، وصيغة التحالفات مازالت غير متبلورة ونهائية ، ولا نخفي أن التطورات السياسية ولغاية الآن تقدمت كأولوية على الانتخابات، ما عدا الجوانب العملية للانتخابات والتحضيرات الفنية، اما على الصعيد السياسي فهو محمل بإمكانيات التغيير والتبدلات وهذه قد تنعكس على الإمكانيات الانتخابية ولذلك نحن في مجرى عملية التحرك السياسي الذي نعمل عليه بشكل مباشر او غير مباشر فيه بعد انتخابي، والقوى التي نلتقي بها حاليا لا يعني أنها جزء من تحالف انتخابي، ولكن ممكن من خلال اللقاءات قد تنشأ أرضية معينة معها وتنعكس انتخابيا، ومن خلال صلاتنا وتحركاتنا أيضا عمليا نعزز مكانة الحزب وحضوره السياسي والاجتماعي الواسع الذي يدخل في جزء منه في عملية الحملة الانتخابية المبكرة".

**********************************************************

الصفحة السابعة

الذكاء الاصطناعي بمواجهة رأس المال السحابي: ما يعنيه  برنامج ديب سيك للتكنوإقطاعية والحرب الباردة الجديدة

يانيس فاروفاكيس

ترجمة: نادر رضا

يانيس فاروفاكيس: وزير مالية اليونان السابق عن حزب سيريزا اليساري، أستاذ جامعي لمادة الاقتصاد، ومؤلف للعديد من الكتب منها (المينيتور العالمي)، (الاقتصاد كما اشرحه لابنتي)، (التكنواقطاعية) وغيرها.

تطبيق ديب سيك (DeepSeek)، كما بات معروفًا، هو الرد الصيني على نموذج تشات جي بي تي (ChatGPT) من أوبن أيه آي (OpenAI). تُظهر نماذج الذكاء الاصطناعي التابعة له كفاءة مماثلة لنظيراتها الأمريكية، لكن الاختلاف الجوهري يكمن في تقديمها مجانًا للمستخدمين العاديين، بينما تعتمد في تحقيق أرباحها على بيع الخدمات للمطورين بأسعار تُعدّ منخفضة مقارنة بما تفرضه أوبن أيه آي!

تتمثل اهمية ظهور (ديب سيك) على ساحة الذكاء الاصطناعي  في التحول المفاجئ من التكنولوجيا الاحتكارية إلى المصدر المفتوح. لذا ليس من المستغرب أن يؤدي تصدر التطبيق لقائمة التطبيقات الأكثر تنزيلًا على متجر آبل  وإلى تحطيم القيمة السوقية (المبالغ فيها سابقا) لشركات التكنولوجيا الأمريكية العملاقة.

لكن كيف حدث هذا؟ كيف تُقدَّم سلعة خاصة ومحتكرة مجانًا فجأة؟ وهل يعني ذلك اهتزاز هيمنة التكنوإقطاعية (التكنوإقطاعية مصطلح نحته يانيس فاروفاكيس ويعكس هيمنة شركات التكنولوجيا على البيانات الرقمية ومساحات التواصل الالكتروني المشتركة بين الناس وحتى الدول وتبعيتهم لها، بشكل مشابه لاحتكار الاقطاعيين الأرض في القرون الوسطى وتبعية الفلاحين لهم)؟

بدايةً، من المهم الإشارة إلى أن الذكاء الاصطناعي لم يكن يومًا تقنيةً احتكاريةً بذاته. فالشيفرة البرمجية الأساسية ظلت دائمًا مفتوحة المصدر. ما جعله شبهَ خاص هو طريقة تدريب هذه النماذج باستخدام كميات هائلة من البيانات المُخَصْخَصَة (أي المَسْروقة منا). وقد أوضحت ذلك وثيقة مسرَّبة من كوكل عام ٢٠١٧، نوقشت على نطاق واسع في قطاع التكنلوجيا آنذاك، لكنها وُوجهت بالتفنيد أيضًا:

"إذا تفوَّق (نموذج لغوي كبير) مفتوح المصدر — مُدرَّب ببضعة ملايين من الدولارات — على نفس فعالية النماذج الاحتكارية... فلن يكون هنالك جدار حماية قادر على حماية 'أوبن إيه آي'."

اخترقت (ديب سيك) فقاعة شركات الذكاء الاصطناعي الأمريكية من خلال إزالة الطابع التجاري عن نتائج تدريب النماذج، ونقلها من نظام الدفع إلى ان تكون متاحة مجانا. وفي غضون أيام، بدأ المطورون حول العالم في بناء نماذجهم الخاصة باستخدام تقنيات ) ديب سيك).

كان هذا كابوسًا لمقدّمي خدمات الذكاء الاصطناعي في شركات التكنولوجيا الأمريكية الكبرى، الذين قدّموا خدمات الذكاء الاصطناعي النصية كسلعة، عبر نماذج اشتراكات مدفوعة. أما اليوم، فالتطبيقات الشبيهة بـ )ديب سيك) يمكنها إنتاج ترجمات عالية الجودة مجانًا، مما يقوّض شركات متخصصة في خدمات الترجمة مثلا، كالشركة الألمانية Deepl.  يعني هذا أن الفتات الذي تمتلكه أوروبا من رأس المال السحابي قد فقد قيمته السوقية.

ومع ذلك، وهذه نقطة بالغة الأهمية، الذكاء الاصطناعي هو من فقد قيمته كسلعة، وليس رأس المال السحابي الذي لا يستخدم  كتقنية تنتج سلعًا، بل كأداة لتعديل السلوك، لا يتأثر أبدًا بشركات مثل )ديب سيك). وبما أن التكنوإقطاعية تعتمد على رأس المال السحابي الذي يعمل بهذه الطريقة، وليس على خدمات الذكاء الاصطناعي الشبيهة بالسلع مثل ChatGPT، فإن النظام التكنوإقطاعي ليس مهددًا بمنافسين مثل )ديب سيك).

لفهم الفرق بين "رأس المال السحابي" والخدمات المُسوَّقة القائمة على الذكاء الاصطناعي، من المفيد المقارنة بين "أليكسا" و"ChatGPT". أليكسا لا تقدم لك خدمة مُسوَّقة؛ إنها بمثابة "عبد افتراضي" مجاني. على عكس ChatGPT، أنت لا تدفع اشتراكًا لشركة أمازون للحصول على الحق في إصدار الأوامر لأليكسا لطلب الحليب أو إطفاء الأنوار. بدلاً من ذلك، تقوم بتدريب أليكسا لتدريبك على تدريبها لتعرفك، بحيث تكسب ثقتك من خلال توصيات جيدة، وبالتالي يمكنها تعديل سلوكك – "تشجيعك" على شراء سلعة من Amazon.com، مع احتفاظ بيزوس بما يصل إلى 40 في المائة من السعر الذي تدفعه (كإيجار سحابي). باختصار، العمل الذي تقوم به أليكسا من أجلك ليس سلعة، على عكس ChatGPT الذي يعمل لبيعك سلعة. بعبارة أخرى، ChatGPT يخضع لمنافسة السوق، مثل منافسة  ديب سيك "DeepSeek"، بينما أليكسا ليست كذلك. هذا هو السبب في أن OpenAI، صانع ChatGPT، يتضرر بشدة من ظهور )ديب سيك)، بينما أمازون لا تتأثر.

وبالتالي، فإن النقطة الأساسية التي أريد توضيحها هي ان رأس المال السحابي يقع في فئة خاصة به، بعيدًا عن منافسة السوق من قبل الوافدين الجدد مثل )ديب سيك)، لأن قوته تكمن في قدرته على تعديل سلوكنا وإخراجنا من أي سوق (على سبيل المثال، تحويلنا من الأسواق الحقيقية إلى الإقطاعيات السحابية مثل أمازون وعلي بابا).

في الختام، قدرة رأس المال السحابي على دفع التكنوإقطاعية لا تواجه تحديات من قبل شركات مثل )ديب سيك). فقط الشركات مثل OpenAI، التي استثمرت بكثافة وبطريقة غير حكيمة في تقديم خدمات مُسوَّقة، هي التي تخسر بشكل هائل. وهذا علامة أخرى على أن الرأسمالية ماتت على يد رأس المال السحابي، بينما التكنوإقطاعية تزداد قوةً وتأثيرًا، ومع ذلك، فإنها تُغذي بشكل أكبر الحرب الباردة الجديدة بين الولايات المتحدة والصين، والتي أوضحتها في كتابي "التكنوإقطاعية" على أنها صراع بين تركيزين هائلين لرأس المال السحابي: القوة السحابية العظمى المقومة بالدولار الأمريكي ونظيرتها المقومة باليوان الصيني.

بالحديث عن هذه الحرب الباردة الجديدة، والتي جادلت بأنها تُغذى إلى حد كبير بالصدام بين رأس المال السحابي الأمريكي والصيني، أتساءل عن تأثير نجاح DeepSeek على الحكومة الأمريكية. كان وادي السليكون وواشنطن العاصمة قد أقنعا نفسيهما بأن أمريكا لديها تقدم هائل في مجال الذكاء الاصطناعي مقارنة بالصين. الآن، دمرت شركة صينية صغيرة تلك الثقة من خلال إنتاج تقنية ذكاء اصطناعي أفضل مما تصورته وادي السليكون، وبميزانية محدودة. يمكنني تقريبًا سماع الصوت الذي يدور في أذهان أصحاب السلطة على الساحلين الشرقي والغربي لأمريكا، وهم يتساءلون: إذا كان الصينيون قادرين على فعل هذا الآن وبشكل مفاجئ، فماذا يمكنهم أن يفعلوا غدًا؟ إنه يذكرنا بلحظة "سبوتنيك"، أليس كذلك؟

سيكون من المثير مراقبة رد فعل ترامب على هذا التهديد الذي يواجه شركات الذكاء الاصطناعي الأمريكية، خاصة وأن إيلون ماسك قد تحدث عن حماقة تسويق خدمات الذكاء الاصطناعي بدلاً من التوجه الكامل نحو التكنوإقطاعية.

هذه أوقات مثيرة للاهتمام، وأقصد بذلك المعنى الصيني التقليدي لهذه العبارة.

ملاحظة: عدم وجود حماية لشركات التكنولوجيا الكبرى الأمريكية يُغير المشهد في أسواق الأسهم أيضًا. شركات الأجهزة مثل Nvidia التي تنتج الرقائق الإلكترونية، لن تتأثر على المدى الطويل. لكن الشركات التي تعتمد على تسويق البرمجيات تواجه مصيرًا كارثيًا. بالنسبة لبقية الاقتصاد، ستكون هذه التغييرات ذات تأثير كبير. يبدو أن الذكاء الاصطناعي أصبح أكثر سهولة في الوصول إليه – مما يساعد الشركات الصغيرة والمتوسطة، لكنه قد يكون ضارا بالعمالة، حيث أن توسع الذكاء الاصطناعي قد يُسرع من فقدان الوظائف. علاوة على ذلك، فإن الانتشار الأكبر للذكاء الاصطناعي سيزيد من الطلب على الكهرباء. وفي أوروبا التي تسيطر عليها كارتلات الكهرباء، فإن ارتفاع أسعار الكهرباء يضرب دخول الناس بقوة أكبر ويُبرز الحاجة الملحة إلى إزالة التسليع وتأميم ليس فقط الذكاء الاصطناعي، ولكن أيضًا إنتاج وتوزيع الكهرباء.

ــــــــــــــــــــــ

المصدر:

https://www.yanisvaroufakis.eu/2025/01/28/cloud-capital-vs-ai-what-deepseek-means-for-technofeudalism-the-new-cold-war/?fbclid=IwY2xjawIF-FVleHRuA2FlbQIxMQABHYS975LGPm-MBk0LHVr2eAEapy5yaRpX2VcxSPT4gFnmoA9UP5Jrz6QiOA_aem_LQFA0jfBau0OBh9wPO7s9g

***************************************************

الصفحة الثامنة

رفض عربي ودولي لأطروحات {قديمة متجددة} بتهجير أصحاب الأرض.. حزب الشعب الفلسطيني: عودة النازحين الى شمال غزة كَسَرت مؤامرة التهجير

رام الله - وكالات

أشاد حزب الشعب الفلسطيني بالصمود الأسطوري لأهالي قطاع غزة أمام آلة الحرب العدوانية الاسرائيلية، فيما اعتبر عودة النازحين إلى أماكن سكناهم المدمرة في شمال القطاع، الرد الحقيقي على العدوان وكسر مؤامرة التهجير منه بأشكالها كافة.

كسر للمؤامرة

وقال الحزب في بيان تلقته "طريق الشعب" إن "عودة ما يزيد عن 500 ألف نازح إلى مناطق سكناهم شمال قطاع غزة، واستمرار تقاطر أفواج أخرى بالعودة، وإقامة الأغلبية العظمى منهم في العراء، بالشوارع أو على ركام منازلهم أو محيطها، دون مراكز للإيواء أو خيام ومقر ومستقر، ودون توفر الطعام ومياه الشرب وغيره، إضافة للنقص في العديد من الخدمات الأخرى، تتطلب تدخلاَ دولياَ عاجلاَ وعلى الصعد كافة، من أجل توفير الأمن والأمان لهؤلاء العائدين، والمأوى والطعام والمياه والأغطية ووسائل التدفئة، والحد الأدنى من متطلبات المعيشة والخدمات الصحية الكافية".

وأضاف أن "حزب الشعب وهو يتوجه في هذا النداء العاجل، ويعبر عن تقديره لكل جهد قدم في هذا الشأن على الصعد الفلسطينية والعربية والدولية، يدعو أيضا الحكومة الفلسطينية وجميع مؤسسات العمل الأهلي الإغاثية، إلى ضرورة التدخل لتوسيع وتكثيف ما تقدمه من مساعدات وإسناد لجمهور النازحين العائدين لمناطق شمال القطاع، من متطلبات الحياة الانسانية لهم".

وأكد الحزب مجدداَ، دعوته لتوحيد الجهود الوطنية الرسمية والشعبية والأهلية، من أجل الشروع بمعالجة التداعيات الكارثية متعددة الأوجه التي سببتها الإبادة الجماعية الاسرائيلية ضد شعبنا في قطاع غزة.

جامعة الدول العربية

في سياق ذي صلة، أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، أن "الجامعة تقف بشكل قوي ومبدئي في مساندة الموقف المصري والأردني الرافض للأفكار التي يتم الترويج لها بخصوص تهجير الفلسطينيين".

وقال أبو الغيط، في تصريحات صحافية إن "الموقف العربي لا يساوم في موضوع تهجير الفلسطينيين من أرضهم سواء في غزة أو الضفة"، مؤكداً أن "الاصطفاف العربي المساند لموقف مصر والأردن واضح ولا لبس فيه".

وأضاف أن "الأطروحات القديمة المتجددة بتهجير أصحاب الأرض من أراضيهم هي أطروحات مرفوضة ولا طائل من مناقشتها"، مستطرداً أن "صلابة الموقف المصري والأردني والصمود الأسطوري للشعب الفلسطيني على أرضه مع الدعم العربي لرفض التهجير سيُفشل كل مخططات تصفية القضية".

جاء حديث أبو الغيط تعليقاً على تصريحات صحفية أدلى بها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، دعا فيها مصر والأردن لاستقبال لاجئين فلسطينيين، وهي التصريحات التي قوبلت بالرفض من جانب القاهرة وعمان.

وتعليقاً على دعوة ترامب أصدرت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، بياناً، أكدت فيه أن "السبيل الحقيقي والوحيد لتحقيق الاستقرار والسلام في الشرق الأوسط هو من خلال تسوية القضية الفلسطينية وتنفيذ حل الدولتين المتفق عليه دولياً، وتجسيد الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من يونيو (حزيران) 1967 وعاصمتها القدس الشرقية".

المستشار الألماني يرد على ترامب

من جانبه، قال المستشار الألماني أولاف شولتس إن اقتراح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نقل الفلسطينيين من قطاع غزة الذي دمرته الحرب إلى الأردن ومصر “غير مقبول”.

وأضاف شولتس في مؤتمر انتخابي ببرلين “أي خطط لإعادة التوطين، طرد مواطني غزة من هناك إلى مصر أو الأردن، غير مقبول”.

وقال شولتس “يتعين عدم تبديد الأمل الهش في السلام الذي أصبح ممكنا الآن”، في إشارة إلى اتفاق وقف إطلاق النار في الآونة الأخيرة، وأضاف أن السلام لن يتحقق ما لم يشعر السكان بأن هناك أملا في مستقبل يحكمون فيه أنفسهم.

*******************************************************

اليسار الفرنسي غاضب من تصريحات الرئيس ماكرون بحق المهاجرين

باريس - وكالات

لم يكن ينتظر رئيس الحكومة الفرنسية الجديد فرانسوا بايروا أن يفتح جبهة صراع سياسية جديدة مع الحزب الاشتراكي واليسار بشكل عام وقسم من حلفائه بعدما صرح بأن المهاجرين "يغرقون" فرنسا.

وقال بايرو عبر قناة "إل إس آي" إن "التدفقات الأجنبية إيجابية بالنسبة إلى أي شعب، شرط ألا تتجاوز حدا معينا (...) فمنذ اللحظة التي تشعر فيها بأنك تغرق، وبأنك لم تعد تعرف بلدك أو أساليب الحياة فيه أو ثقافته، فإنك ترفض ذلك".

وأثارت هذه التصريحات سخطا في صفوف معسكر اليسار وقسم من حلفائه، حيث قالت رئيسة الجمعية الوطنية يائيل براون بيفيه: "لم أكن لأدلي بهذه التصريحات أبدا وهي تزعجني. نحن نتحدث عن رجال ونساء، عن بلادنا فرنسا التي لطالما استضافت وبنت على هذا التقليد من خلال تاريخها وجغرافيتها وثقافتها".

أما الانتقادات من اليسار فكانت أشد.. وقال رئيس كتلة الاشتراكيين في الجمعية الوطنية بوريس فالو: "نحن لا نستعير عبارات اليمين المتطرف"، معتبرا تصريحات بايرو "شائنة".

*************************************************

انتقادات في الأمم المتحدة لسجل مصر الحقوقي ومطالبات بإصلاحات حقيقية

القاهرة - وكالات

شهدت الأمم المتحدة انتقادات حادة موجهة إلى مصر خلال المراجعة الدورية لسجلها في مجال حقوق الإنسان، وسط مطالبات دولية بإصلاح القضاء، والإفراج عن السجناء السياسيين.

وعلى الرغم من الإصلاحات الأخيرة التي أعلنتها القاهرة، أشارت عدة دول إلى استمرار قمع المعارضة، داعية إلى وقف عقوبة الإعدام، وتعزيز حماية حقوق اللاجئين، وتحسين أوضاع السجون.

من جهته، قدم وزير الخارجية بدر عبد العاطي، رئيس الوفد المصري، دفاعا عمّا سماه "التقدم المشهود" الذي حققته بلاده.

لكن منظمات حقوقية مصرية بارزة رأت في بيان لها قبيل الجلسة، أن هذه التدابير "سطحية"، داعية إلى كشف الانتهاكات "المنهجية واسعة النطاق" مثل التعذيب والإخفاء القسري والمحاكمات غير العادلة.

وفي السياق ذاته، وصفت ثماني منظمات، من بينها المبادرة المصرية للحقوق الشخصية والمفوضية المصرية للحقوق والحريات، الوضع الحقوقي في البلاد بأنه "أزمة مستمرة".

*************************************************

روسيا: بقاء قواعدنا العسكرية في سوريا بحاجة الى مفاوضات معمقة

موسكو - وكالات

قال مسؤول روسي إن بقاء قواعد بلاده العسكرية في سوريا يحتاج إلى مزيد من المفاوضات مع الإدارة الجديدة في البلد العربي.

جاء ذلك على لسان ميخائيل بوغدانوف نائب وزير الخارجية الروسي، في تصريح للصحفيين، خلال زيارة إلى دمشق هي الأولى لوفد روسي منذ سقوط نظام بشار الأسد. وأشار بوغدانوف إلى أن وفدا روسيا أجرى محادثات مع قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع في العاصمة دمشق.

ولفت إلى أن الوفد أجرى محادثات "بناءة" مع الإدارة السورية الجديدة استمرت أكثر من 3 ساعات، وأكد "دعمه الثابت لوحدة سوريا وسلامة أراضيها وسيادتها".

وذكر أن الجانب الروسي شدد على ضرورة حل القضايا في سوريا من خلال "حوار سياسي شامل".

وعن القواعد العسكرية الروسية في سوريا، قال بوغدانوف: "حتى الآن لم يتغير شيء. هذه القضية تتطلب مفاوضات إضافية. اتفقنا على مواصلة مزيد من المشاورات المتعمقة في كل مجالات تعاوننا".

*******************************************************

على خلفية الترحيلات القسرية.. كولومبيا وبقية بلدان أمريكا اللاتينية ترفض غطرسة ترامب

رشيد غويلب

أثارت عمليات الترحيل الجماعي القسري الأولى لجاليات بلدان أميركا اللاتينية من الولايات المتحدة إلى ردود فعل غاضبة من حكومات البلدان المستهدفة.

رفضت كولومبيا خلال نهاية الأسبوع الفائت استقبال طائرتين عسكريتين أمريكيتين تقل على متنهما 160 مواطنا مطرودين. ولم تقبل حكومة الرئيس اليساري غوستافو بيترو نقل المرحلين بالطائرات العسكرية أو تكبيلهم بالأغلال.

وأعلن وزير الخارجية الكولومبي غيلبرتو موريلو، الاثنين الفائت، أن مواطنيه الذين كان من المقرر ترحيلهم من الولايات المتحدة سيتم نقلهم الآن على متن الطائرة الرئاسية بيتروس. وستستقبل كولومبيا مواطنيها "في ظروف كريمة". وفي الوقت نفسه، أعلن موريلو أنه والسفير دانييل غارسيا بينيا سيسافران إلى واشنطن "في الساعات القليلة المقبلة" لإجراء "محادثات رفيعة المستوى" والتوصل إلى اتفاقات بشأن الإجراءات الإضافية للترحيل.

تباين واضح

في أعقاب التهديدات الامريكية بعقوبات فورية، وجه الرئيس الكولومبي بيترو رسالة مفصلة مفتوحة إلى دونالد ترامب عرض فيها موقف بلاده من القضايا الخلافية. وكانت واشنطن قد اتهمت كولومبيا في وقت سابق بعدم الوفاء بالتزاماتها. وفي حين تزعم واشنطن أنها فرضت بالتهديد الوحشي ما تريد، ترسم للإشارات المتعلقة بالصراع، والواردة من كولومبيا والبرازيل والمكسيك وهندوراس صورة مختلفة.                

بعد رفض استقبال طائراته العسكرية، أعلن ترامب على الفور عن إجراءات انتقامية قاسية. وشملت هذه التدابير فرض رسوم كمركية بنسبة 25 في المائة على السلع الكولومبية وتعليق التأشيرات لأعضاء الحكومة والمسؤولين الكولومبيين. ورد الرئيس الكولومبي بيترو بفرض رسوم كمركية مماثلة على صادرات الولايات المتحدة وأكد: "يجب استبدال المنتجات الأمريكية، التي سترتفع أسعارها، بإنتاج محلي، وستساعد الحكومة في ذلك".

وأضاف ترامب أن "هذه الإجراءات مجرد بداية. ولن نسمح للحكومة الكولومبية بانتهاك التزاماتها القانونية باستقبال المجرمين وإعادتهم.

وفي الوقت نفسه، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفات: "وافقت الحكومة الكولومبية على جميع شروط الرئيس ترامب، بما في ذلك القبول الكامل باستقبال جميع المهاجرين غير الشرعيين المرحلين إلى كولومبيا، بما في ذلك الذين على متن الطائرات العسكرية الأمريكية، دون قيود أو تأخير".

وأشار ليفات إلى أن أوامر التعريفات الجمركية سوف "تُحفظ احتياطيًا ولن يتم توقيعها". وان العمل سيستمر بفرض قيود على منح التأشيرات لمسؤولي الحكومة الكولومبية وزيادة الضوابط الكمركية، "حتى تهبط أول طائرة تحمل المرحلين الكولومبيين بنجاح.

ردّ كولومبي جريء

وقالت مصادر مقربة من حكومة كولومبيا، إن الولايات المتحدة لم تتبع "الإجراءات القانونية الواجبة" في عمليات الترحيل. وأكد الرئيس الكولومبي في تغريدة على موقع "أكس" أن المهاجرين "هم بشر ورعايا قانونيون ويجب التعامل معهم على هذا الأساس". لم يكن بإمكانه أن يسمح لمواطنيه بالبقاء في بلد لا يريدهم. ولكن إذا تمت إعادتهم، فيجب "معاملتهم بكرامة واحترام، سواء تجاههم أو تجاه بلدنا".

وفيما يتعلق بالانتقادات الموجهة لمعاملة الكولومبيين المرحلين، أشار الرئيس في تغريده أخرى إلى أن هناك أكثر من 15 ألف أمريكي بلا وثائق في كولومبيا يجب أن يتواصلوا مع سلطات الهجرة لتسوية وضعهم.

وانتقد بيترو بشدة الرئيس الأمريكي، وأكد أنه لن يسمح لأحد بترهيبه. وأكد على تاريخ وثقافة كولومبيا الغنيين، واستذكر نضال البلاد من أجل الاستقلال والحرية. وان كولومبيا هي قلب العالم وان "مقاتلي المقاومة السود الذين جعلتهم عبيدًا لك"، جزء من هذا التاريخ. وقال الرئيس: " لن نستسلم أبدا". نحن بناة الحرية والحياة والإنسانية". وأعلن "أن كولومبيا ستفتح أبوابها على مصراعيها للعالم ولن تسمح لنفسها بالعزلة".

 وذكّر الرئيس الكولومبي ترامب بكفاح شعوب أميركا اللاتينية من أجل الحرية والعدالة، واشار إلى رموزه مثل سيمون بوليفار وخورخي إلييسير غايتان.

وأضاف بيترو أنه يفضل الحل المبني على الاحترام والكرامة الإنسانية لحل الخلافات بين البلدان على المواجهة. وخاطب الرئيس الكولومبي بلدان المنطقة بالقول: "إذا كانوا لا يريدوننا في الشمال، فيجب على الجنوب أن يتحد". ودعا إلى عقد اجتماع استثنائي لدول أميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي لدراسة الوضع.

استجابة سريعة

وفي استجابة سريعة، أعلنت رئيسة جمهورية الهندوراس، والرئيسة المؤقتة لمجموعة دول أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، زومارا كاسترو، عن عقد اجتماع طارئ لرؤساء دول وحكومات أمريكا اللاتينية اليوم الخميس لمناقشة القضايا المتعلقة بالهجرة ووحدة أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي. وأكدت كاسترو أنها ستفكر في إغلاق القواعد العسكرية الأميركية في هندوراس إذا واصل الرئيس الأميركي خطط الترحيل الجماعي.

وحتى قبل تنصيب ترامب، أعربت البرازيل والمكسيك ودول أخرى متضررة عن "قلقها البالغ" إزاء الإعلان عن عمليات الترحيل الجماعي من الولايات المتحدة، والتي اعتبروها غير متوافقة مع حقوق الإنسان.

وأعلنت حكومة الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا أنها ستطلب من إدارة ترامب توضيحا بشأن   ترحيل لاجئين برازيليين مقيدين على متن طائرة بدون تكييف، ودون تزويدهم بالمياه أو السماح لهم باستخدام الحمامات.

والتقى ممثلو تسع حكومات ومنظمات دولية في مدينة مكسيكو يومي 16 و17 كانون الثاني لمناقشة تحديات الهجرة في المنطقة. وأكد المشاركون، وبضمنهم وفود من غواتيمالا وهندوراس والسلفادور وكولومبيا وفنزويلا، على الحاجة إلى نهج إنساني يرتكز على حقوق الإنسان والتعاون الدولي. وفي ختام الاجتماع، اعتمد الحاضرون خطة عمل مشتركة، مما يشكل سابقة للتعاون والتعددية لتعزيز الاستقرار والأمن على المدى الطويل.

*************************************************************

الصفحة التاسعة

برامج العمل اللائق وعود بلا تنفيذ

نورس حسن

من المعروف أن واضعي دساتير البلدان الديمقراطية وقوانينها، يأخذون بنظر الاعتبار، أثناء عملهم، المكتسبات التي حققها شعبهم والأنظمة والقوانين والاتفاقيات الدولية التي سبق لبلدهم وإن وقّع عليها، احتراما للذات وللعالم. ولهذا يعّد غريباً أن يتجاهل مجلس النواب معايير العمل الدولية ويعمد لتشريع مخالف للقوانين الدولية والمعاهدات التي صادق عليها العراق وينتقص مما حققته طبقته العاملة في نضالها المديد.

في كانون الأول 2019، أطلقت منظمة العمل الدولية أول برنامج وطني للعمل اللائق في العراق، يهدف لتعزيز هذا العمل. وقد صُمّم البرنامج بالتعاون مع الحكومة العراقية وممثلي العمال وأصحاب العمل، وركّز على أولويات رئيسة هي تعزيز القطاع الخاص لتوفير وظائف مضمونة للعمال وتوسيع الضمان الاجتماعي ومعالجة قضايا مثل عمل الأطفال وتعزيز الحوار الاجتماعي لضمان حقوق العمال.

كما حددت المنظمة معايير العمل اللائق، التي تشمل توفير بيئة عمل آمنة وصحية، باعتبار العامل محورا أساسيا للتنمية الاقتصادية والاجتماعية. ورغم أن الدستور العراقي وقانون العمل يؤكدان على هذه المبادئ، إلا أن الواقع يُظهر عكس ذلك، إذ لا يزال العمال محرومين من حقوقهم، سواء في القطاع العام أو الخاص. فوفقا لإحصائية وزارة العمل والشؤون الاجتماعية الصادرة في تشرين الثاني 2023، بلغ عدد الإصابات المُعلنة في القطاع الخاص 705 إصابات فقط، وهو رقم لا يعكس حجم المعاناة الفعلية، لأن الكثير من هذه الحوادث تمر دون توثيق أو معالجة، وغالبا ما يُفصل العمال المصابون دون أي تعويضات. يحدث ذلك بالرغم من تأكيد معايير العمل الدولية التي صادق عليها العراق، وقانون العمل النافذ على ضرورة احتواء العمال المصابين ومنحهم كامل تعويضاتهم المالية وتوفير متطلبات السلامة المهنية.

إلى جانب ذلك، تعاني النقابات العمالية من قيود قانونية موروثة من فترة النظام السابق، ولم تسعَ الحكومات المتعاقبة لإصلاحها، بل زادت من تشديد القيود. ومن بين هذه القيود، قرار تحويل العمال إلى موظفين، وهو ما أفقدهم حقوقهم الأساسية في العمل والصحة المهنية.

ولتحقيق العمل اللائق فعليا، يجب تكثيف التوعية من خلال الإعلام والمؤسسات التعليمية والجمعيات المهنية. كما يجب إصدار قوانين صارمة تضمن تطبيق معايير العمل الدولية والدستور وقانون العمل، مع فرض عقوبات رادعة على المخالفين، لضمان بيئة عمل تحترم كرامة العامل وتدعم حقوقه القانونية.

**********************************************************

قانون التنظيم النقابي الجديد.. تحذيرات من تناقض المسودة مع معايير العمل الدولية

بغداد – طريق الشعب

أعربت النقابات العمالية في العراق والعالم عن رفضها القاطع لمسودة قانون التنظيم النقابي الجديد، الذي تمت مناقشته في مجلس النواب العراقي، مؤخرا، معلنين أن هذا القانون يتعارض مع معايير العمل الدولية، التي صادق عليها العراق.

تتناقض مع المعايير الدولية

وقال عدنان الصفار، الأمين العام لاتحاد نقابات عمال العراق، لـ "طريق الشعب" إن "المسودة المقترحة من قبل لجنة العمل البرلمانية تتناقض مع معايير العمل الدولية، خصوصا اتفاقيتا منظمة العمل رقم 87 و98، اللتين تمت المصادقة عليهما منذ سنوات طويلة. وأشار الصفار إلى أن "القانون الجديد يلغي مبدأ التعددية النقابية ويحتكر العمل النقابي في اتحاد واحد، مع تجاهل حقوق العاملين في القطاع العام بتشكيل نقابات مستقلة".

ممارسات تضر بسمعة العراق

 وأضاف أن مسودة القانون تضمنت تدخلات غير مبررة في تنظيم النقابات وشؤونها الداخلية، إضافة إلى عقوبات مبالغ بها تصل إلى السجن والغرامات المرتفعة. كما أن لجنة العمل والشؤون الاجتماعية البرلمانية "لم تأخذ بعين الاعتبار ملاحظات النقابات العمالية وتوصيات لجنة المعايير الدولية"، رغم المشاركة في ورشة تدريبية في جنيف في أيلول 2024. وأكد أن هذه الممارسات تضر بسمعة العراق الدولية، خاصة في ظل وجوده على "القائمة القصيرة" لمنظمة العمل الدولية منذ عام 2022.

وشدد الصفار خلال حديثه على ضرورة صياغة قانون تنظيم نقابي حقيقي من خلال حوار شامل بين جميع الأطراف المعنية، يحترم حقوق العمال ويعزز التزام العراق بالاتفاقيات الدولية.

دعم دولي للنقابات العراقية

من جهته، بعث الاتحاد الدولي للنقابات وبالتعاون مع الاتحاد العربي للنقابات، رسائل إلى رئيس الوزراء ورئيس البرلمان العراقيين، تطالب بسحب المسودة وإعادة صياغة مشروع القانون من خلال الحوار الاجتماعي بمشاركة جميع الأطراف المعنية.

 وأكد الأمين العام للاتحاد الدولي للنقابات، لوك تراينجل، في رسالته أن القانون المقترح يتناقض مع الالتزامات الدولية للعراق ومع النهج الديمقراطي الذي اتبعه في تعزيز الحقوق الاجتماعية والاقتصادية.

مطالب واضحة للنقابات

كما عبر الاتحاد العربي للنقابات، في 18 كانون الثاني الجاري، عن قلقه البالغ بشأن عرض لجنة العمل البرلمانية لمسودة قانون التنظيم النقابي للعمال والموظفين على البرلمان العراقي، خارج إطار الحوارات التي جرت خلال الفترة الماضية بمشاركة بعثة منظمة العمل الدولية وممثلين عن العمال وأرباب العمل ومجلس الدولة والأمانة العامة لمجلس الوزراء.

وأكد الاتحاد العربي في بيان رسمي أن المسودة المقترحة تمثل "تراجعًا خطيرًا" عن الحقوق المكفولة في التشريعات الوطنية، وتتعارض مع المعايير الدولية التي صادق عليها العراق، خاصة اتفاقيتي العمل الدولية رقم 87 و98.

المسودة تجاهلت موقف العمل الدولية

وأوضح البيان أن المسودة تجاهلت تماما ملاحظات ومقترحات خبراء منظمة العمل الدولية، التي تم تقديمها خلال جلسات الحوار الاجتماعي، مشيراً إلى أن فرض مصادقة مجلس الدولة على الأنظمة الداخلية للمنظمات النقابية، وإشراف القضاء على انتخاباتها، إضافة إلى العقوبات المبالغ فيها، يهدد التزام العراق بالمعايير الدولية للعمل ويقوض استقلالية العمل النقابي.

مطالبة بسحب المسودة

ودعا الاتحاد العربي إلى ضرورة تعزيز الحوار الثلاثي بين جميع الأطراف المعنية، بما يضمن احترام حقوق العمال وحريات النقابات، ويساهم في تأسيس بيئة عمل مستقرة ومنتجة. وأكد الاتحاد على رفضه القاطع لأي تدخل يمس حرية النقابات واستقلاليتها في تنظيم شؤونها الداخلية. واختتم الاتحاد العربي بيانه بالتعبير عن أسفه لغياب التعاون الإيجابي مع الشركاء الاجتماعيين في إعداد القانون، مطالبا الحكومة العراقية بسحب المسودة الحالية والعمل على صياغة قانون جديد يتماشى مع المعايير الدولية.

تضامن دولي آخر

بدوره، أعرب الاتحاد الدولي للنقل والاتحاد الدولي للصناعات عن تضامنهما الكامل مع النقابات العراقية، داعين الحكومة العراقية إلى احترام حقوق العمال وإجراء مشاورات شاملة قبل صياغة أي قانون يمس حقوق النقابات العمالية.  وأكد أتلي هويا، الأمين العام للاتحاد الدولي للصناعات، أن "حرية تكوين النقابات والتفاوض الجماعي حقوق أساسية، لا يجب أن تكون محل تقييد أو تدخل".

*************************************************

معاناة عمال النظافة تتضاعف.. تأخير صرف رواتب منتسبي أمانة بغداد

بغداد – طريق الشعب

أثار تأخير صرف رواتب منتسبي أمانة بغداد استياءً واسعًا بين عمال النظافة، الذين عبّروا عن قلقهم بسبب تأخر استلام مستحقاتهم الشهرية في الموعد المحدد، مؤكدين على أن هذا التأخير يؤثر بشكل كبير على قدرتهم في تلبية احتياجاتهم المعاشية، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يواجهها الكثيرون.

وفي تصريح خاص لـ "طريق الشعب"، قال أحد عمال النظافة في أمانة بغداد، الذي فضل عدم ذكر اسمه، إنه يتقاضى راتبا شهريا قدره 270 ألف دينار، ويعيش في منزل صغير مؤجر مقابل 250 ألف دينار. وأشار إلى أن طبيعة عمله، التي تفتقر إلى أبسط متطلبات السلامة، تزيد من معاناته.

 وأضاف أن هذا التأخير في صرف الرواتب أجبر العديد من زملائه من عمال النظافة على البحث عن وظائف أخرى لتلبية احتياجات أسرهم اليومية.

وأكد عامل النظافة أنه على الرغم من قلة الرواتب التي لا تتناسب مع طبيعة العمل، فإنه في أغلب الأحيان يتم تأخير صرفها إلى مدة تتجاوز الشهر. من جانبها، لم تقدم أمانة بغداد أي توضيح رسمي بشأن سبب التأخير، فيما يأمل عمال النظافة أن يتم حل المشكلة في أقرب وقت.

*****************************************************

العمل الحر وضمانات المستقبل

بغداد – طريق الشعب

يعبّر المواطن أحمد جلوب (38 عامًا) عن رضاه من الوارد المالي الذي يحصل عليه من بيع الخضار، حيث يؤكد في حديثه لـ "طريق الشعب" أنه كان يعمل في إحدى شركات القطاع الخاص، لكنه ترك العمل بسبب تدني الراتب الشهري وساعات العمل الطويلة التي تفتقر إلى ضمانات مستقبلية.

ويضيف جلوب: "كنت أخرج يوميًا من الساعة 8 صباحًا، أتجول في الشوارع الفرعية ومن منطقة إلى أخرى وأنا أدفع عربة الخضار"، مشيرًا إلى أن وارد اليومية من بيع الخضار لا يتجاوز 25 ألف دينار. ومع ذلك، لم يتمكن جلوب، مثل العديد من عمال المهن الحرة، من الحصول على راتب الرعاية الاجتماعية أو حتى شموله بالضمان الاجتماعي للعمال.  ويؤكد أنه حاول " كثيرا الحصول على راتب اللرعاية الاجتماعية، لكن دائما ما يكون الرد أنني ميسور الحال، وبالتالي لا أستحق الشمول".

وفيما يخص الضمان الاجتماعي للعمال، يعبّر جلوب عن خيبة أمله قائلاً "لا أتأمل خيرا من الحكومة في إنصاف المواطنين الأشد فقرا، حيث عملت على منح الضمان الاجتماعي للعمال مقابل استقطاعات مالية شهرية لا تتناسب مع مستوى الدخل اليومي للعامل البسيط".

***********************************************

العاملات النيجريات في العراق وظروف العمل الصعبة

متابعة – طريق الشعب

سلطت صحيفة نيجيرية، الضوء على معاناة العاملات النيجيريات في العراق، لافتة إلى أنهن يواجهن مصاعب كبيرة، وطالبت السلطات في العاصمة أبوجا مؤخراً بالإسراع في إعادتهن إلى البلاد.

وذكرت صحيفة "سياسة نيجيريا"، في تقرير اطلعت عليه "طريق الشعب"، أن "عدداً متزايداً من النساء اللائي تم إغراؤهن بالسفر إلى العراق للعمل بوظائف منزلية ذات رواتب جيدة، يطلبن المساعدة لأنهن يواجهن الاستغلال وسوء المعاملة وظروف العمل المؤسفة".

‎وبحسب التقرير، أبلغ العديد من هؤلاء النساء، اللواتي غادرن نيجيريا بحثا عن فرص أفضل، عن تعرضهن لـ "سوء المعاملة من قبل أصحاب العمل، ومحاصرات في عقود لا يمكنهن الهروب منها، وانقطعن عن أسرهن".

ووفق التقرير النيجيري، دعت النساء اليائسات من العودة إلى ديارهن، الحكومة النيجيرية والمنظمات الإنسانية إلى "التدخل لإنقاذهن".

‎ولفت التقرير، إلى أن "توظيف النساء في نيجيريا يتم من قبل حلقة من (الوكلاء) المحليين الذين يبيعون لهن حلم الأجور والظروف الجيدة في الخارج".

‎وأضاف أن هؤلاء الوكلاء يحصلون على موافقة النساء ويكملون إجراءات التأشيرات وإرسالهن إلى شركات التوظيف في العراق مقابل عمولة تبلغ حوالي 500 دولار لكل امرأة"، وفقا لنشطاء على دراية بالنظام.

‎وتابع التقرير: "بمجرد الوصول إلى هناك، تطلب الشركات العراقية من النساء اللواتي يسمّين (شغالات) توقيع عقود لمدة عامين لتعيينهن كعاملات منزل لدى عائلات أو مؤسسات مثل المنتجعات الصحية، حيث من المتوقع أن يعملن لأكثر من 20 ساعة في اليوم مقابل أجر شهري يتراوح من 200 دولار إلى 250 دولارا".

‎وأشار التقرير النيجيري، إلى أن "في العديد من المنازل، تخضع النساء لمعاملة غير إنسانية، ويمضين أياما دون طعام، ويتعرضن للضرب ولا يتم توفير أماكن معيشة لهن".

ونبه التقرير، إلى أن بعض من هذه العاملات يواجهن أيضا الاعتداء الجنسي والاغتصاب، وأخبرت العديد منهن قصصا عن الضحايا الذين واجهوا الكثير من سوء المعاملة والتعذيب لدرجة أدت بهن في نهاية المطاف للموت على الرغم من أن هذه الحالات لم يتم تأكيدها بشكل مستقل".

ونقل التقرير، عن داميلولا أديكولا، المؤسس المشارك لمؤسسة "هوبس هافن" وهي منظمة غير حكومية نيجيرية تساعد في تتبع النساء في العراق ودول الشرق الأوسط الأخرى حيث تنتشر إساءة معاملة العمال المنزليين الأفارقة، "إنه شكل من أشكال العبودية الحديثة".

وأضافت أديكولا، أن "هؤلاء الزبائن والعائلات التي تعمل النساء من أجلها، غالبا ما يقال لهن (لقد اشتريناك لذا عليك أن تعملي)".

وأشار المؤسس المشارك لمؤسسة "هوبس هافن"، إلى أن "العقود التي يوقعونها تتعارض مع أي نوع من أنواع القانون الدولي، لعدم وجود رعاية طبية وعليهم العمل لساعات غير محدودة".

*************************************************************

الصفحة العاشرة

فريال غزول تقارب آفاق {النظرية الأدبية} عربياً وأفريقياً

محمد السيد إسماعيل

مع بدايات عقد الثمانينيات من القرن الماضي، كانت الشكوى دائمة من هيمنة التنظير النقدي المعتمد على نقل النظريات الغربية، التي كانت البنيوية في مقدمها، سواء البنيوية الأسلوبية التي لا تتجاوز "النص" الأدبي إلى سياقاته المختلفة، أو البنيوية التكوينية التي سعت إلى تأكيد انفتاح النص على سياقاته الاجتماعية والثقافية. وظل التنظير النقدي العربي مشدوداً إلى البنيوية وما بعدها، مهملاً القراءات التطبيقية على النصوص الإبداعية، وفي أحسن الحالات فرض هذه النظريات - بصورة تعسفية - على النصوص. وأخذ على البنيوية مساواتها بين النصوص وإسقاط حكم القيمة، إلى أن تعدل الموقف - بدرجة كبيرة - على يد نقاد حاولوا الإنصات إلى روح النصوص وخصوصيتها، بحيث يطرح النص ما يناسبه من أدوات منهجية ملائمة لمقاربته.

وكان إسهام الناقدة العراقية المقيمة في مصر فريال غزول واضحاً في هذه المساهمات النقدية المبدعة، ويمكن ملاحظة ذلك من خلال كتبها التي توزعت بين دراسة السرد القديم خصوصاً "ألف ليلة وليلة"، حتى لقبت بعاشقة الليالي والسرد الحديث والشعر والأدب المقارن، على نحو ما نرى في "الشعر الليلي: الليالي العربية في سياق مقارن"، و"الريادة في الرواية – ثلاثية الخراط"، و"الفلسطينيون والأدب المقارن"، و"النص الإبداعي ذو الهوية المزدوجة"، وهو عن المبدعين العرب الذين يكتبون بلغات أجنبية.

لكنها في كتابها الجديد "في النظرية الأدبية" (الهيئة العامة لقصور الثقافة - القاهرة) تعود لتأصيل نظريات النقد الغربي بروح استكشافية مبدعة، إذ بدأت بالحديث عن علم العلامات (السيميوطيقا)، ثم جماليات الشكلية الروسية ودور غرامشي النقدي وما بعد الكولونيالية وخطاب ما بعد الاستقلال في أفريقيا، وهو قضية سبق أن تناولتها غزول في كتاب "أدب الأنثروبولوجيا في أفريقيا". وفي كتابها الذي نقدم له هنا، تقدم غزول قراءة عميقة للعالم، والنقد عند إدوارد سعيد، وتوضح تأثره بالمفكر الإيطالي المغمور "فيكو" الذي قرأه سعيد وهو في سن الـ20.

الاقتصاد والشعر

ترى فريال غزول - وهي محقة في ذلك - أن العلامة لا تقتصر على "الكلمة"، بل تتجاوزها إلى اللون، فلبس الأسود مثلاً علامة على الحداد في بعض البلدان، وفي بعض الأقاليم يرتدي الناس ملابس بيضاء في العزاء، ويستخدم اللون الأحمر علامة على الشهوة والأصفر للغيرة والأخضر للبعث والتجدد. وإذا كان ما سبق علامات مرتبطة بالثقافة، فهناك علامات مرتبطة بالطبيعة مثل الغيوم الدالة على السقوط الوشيك للمطر. والحق أن السيميوطيقا مسبوقة باجتهادات عربية كما يبدو من قول الجاحظ "كل ما أوصل إليك المعنى فهو لغة"، تستوي في ذلك الكلمة والإشارة والإيماءة ونظرة العينين وطريقة التلفظ. غير أن السيميوطيقا تضيف ما هو أعمق من ذلك حين تؤكد التناظر بين الظواهر التي تبدو متباعدة مثل "الاقتصاد والشعر"، إذ "تشكل السلعة الاستهلاكية - سواء في الشعر أم الاقتصاد - علامة، والنظام الإنتاجي علاقة". وهكذا نجد أننا وصلنا إلى مستوى من التحليل يمكننا فيه أن نقارن بين الأنظمة الاقتصادية والأنظمة الشعرية، فهي "ليست إلا أنظمة تربط بين العلامات الداخلة في تكوينها".

رؤى غرامشي

تتساءل فريال غزول عن دواعي الحديث عن الشكلية الروسية بعد أن اختفت من الميدان النقدي، وتجيب عن ذلك بأن وظيفة المدارس الثورية، "تمتد وتثمر على رغم سلطات القمع وقوى التجاهل المفروض". وهذا ما فعلته الشكلية، إذ امتد أثرها إلى مدرسة براغ البنيوية، ومدرسة النقد الجديد في بريطانيا وشمال أميركا. واللافت - وهذا متوقع - أن العلاقة بين الشكلية الروسية والعقيدة الماركسية اتسمت بالتوتر، على رغم أن بعض الشكليين كانوا موالين للبلشفية. هذا االتوتر أفضى إلى انحسار الشكلية، إذ عزز الخط الرسمي في الفن المضمون على حساب الشكل، كما تبنى الكتاب البروليتاريون أسساً نقدية شعبية ودعوا إلى التحريض المباشر. في حين عرفت الشكلية الروسية الشعر على أنه ظاهرة لغوية، وهكذا يتم إرجاع الوظيفة الجمالية للنص الأدبي إلى الإدهاش والتغريب.

ويمكن القول إن غرامشي حاول الجمع بين الاتجاهين السابقين، وتجلى ذلك في اهتمامه  بدور الأدب ووظيفته أكثر من اهتمامه بتحديد طبيعته والتنظير لجمالياته. أي أنه اهتم بالجانب الاجتماعي للأدب، ويبقى أن أي تعامل مع الأدب سواء أكان سوسيولوجياً أم جمالياً، لا بد أن يحتوي على تصور ما للفن وللأدب ضمناً أو صراحة. وهكذا فإن غرامشي لم يكن يقيم العمل فنياً فقط، بل يرى فيه وظيفة ثقافية تسهم في تعدي وتطوير وعي الجمهور. وهذا ما دفعه إلى الربط بين الأدب الرفيع - عند دانتي مثلاً - والأدب الشعبي، كما ربط بين أدب الصفوة في تحليله لأحد الأبيات المدهشة في "الكوميديا الإلهية"، والتعبير الطفولي بالدهشة أمام لعبة. وكل هذا يدل على حساسية معينة لها ما يعادلها عند عامة الناس. وربما كان من المهم أن نشير إلى أن غرامشي كتب هذه الرؤى النقدية وهو في السجن، لذلك جاءت في صورة شذرات ذكية لا أبحاث مطولة.

الأوربة والزنوجة

تسعى نظرية "ما بعد الكولونيالية" إلى تحقيق غايتين، هما التخلص من الهيمنة الأوربية، وفي الوقت نفسه عدم الانغلاق على الثقافة المحلية. وكان وول سونيكا الحاصل على نوبل أهم من كتب في هذه الثنائية، فعلينا أن "ندرس أبعاد الجديد الوافد كي لا نقع في مطب الانبهار أو الانغلاق". ودراسة هذا الوافد لا تعني اتباعه، بل إخضاعه للنظر الموضوعي، ولعل هذا يذكرنا بما قام به المفكر المصري حسن حنفي في "علم الاستغراب". إن أهم ما يميز "ما بعد الكولونيالية" هو أنها لا تقف عند مقاومة الاستعمار فحسب، بل إنها تناهض كل أشكال الهيمنة. وأهم المؤلفات التي قدمت في هذا السياق: "المعذبون في الأرض" لفرانز فانون، وكتاب "الاستشراق" لإدوارد سعيد، و"مثيولوجيات بيضاء: كتابة التاريخ والغرب" لروبرت يونغ، و"الأيديولوجية الصهيونية: دراسة حالة في علم اجتماع المعرفة" لعبدالوهاب المسيري. مع ملاحظة أن هناك نقداً للقومية من باب المسكوت عنه والمعتم عليه في هذا الخطاب (النساء، المهمشون، التابعون) بعيداً من العنصرية التمجيدية أو لنقل "العنصرية المضادة" للأوربة على نحو ما ظهر في حركة "الزنوجة".

وعلى رغم الاجتهادات العربية العميقة التي تبلور آخر تطورات المركز الأوروبي، والتعايش مع هموم الأطراف، فإن تأملاً عابراً في وضعنا يجعلنا نقول إن هذا اتضح في الإبداع الأدبي أكثر من النظرية الأدبية المحكمة، فقصائد محمود درويش تحكي مسيرة الهوية المضطهدة، كما تحكي رواية الطيب صالح "موسم الهجرة إلى الشمال" مشكلة الهجنة الثقافية، وتتناول رواية لطيفة الزيات "الباب المفتوح" تلاحم التحرر من الإمبريالية بالتحرر من البطريركية، وكلها تثير قضايا تندرج تحت دراسات ما بعد الكولونيالية من منظور التجربة العربية. وهذا شبيه بما حدث في الأدب الأفريقي الذي عمل على نقد التمركز الأوروبي، فقد كان سونيكا - كما ذكرنا - مناهضاً لكل من التمركز الأوروبي والتمركز في الذات الأفريقية، لأنه يرى في كليهما إفقاراً للآخر وترويجاً للذات، وبعبارة أخرى نراه "يدين التراتب الحضاري كما يدين الانعزال الثقافي، ويسعى إلى إعادة ترتيب أوراق العلاقات الثقافية بحيث يتم تفاعل خلاق ومتكافئ".

والحقيقة أن علاقة التابع بالمتبوع تمر بثلاث مراحل، في المرحلة الأولى يكون التقليد فيها هو المهيمن، فيقلد المستعمر - بفتح الميم - قاهره ويسعى إلى الانخراط في حضارته والذوبان فيها، وفي المرحلة الثانية يبدأ الرفض الكلي لكل ما يمثله هذا القاهر، فيبتعد المقهور عنه ويعلي من شأن تراثه فيما قبل الاستعمار، من دون أن ينتبه إلى عيوبه. أما في المرحلة الثالثة فيتم التخلص من تلك الثنائية والوقوع في أحد النسقين المتضادين، ويبدأ نسج فكر منطلق من حيثيات الواقع ومستفيد من الحضارتين. إن فريال غزول لا تستعرض - بحياد - تطورات النظرية الأدبية، بل تتمثلها بعمق قبل هذا الاستعراض، وتقدم رؤيتها الخاصة وملاحظاتها الذكية ورؤيتها للفكر الأوروبي، وكذلك الفكر والأدب العربيين والأفريقيين.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

"اندبندنت عربية" – 1 كانون الثاني 2025

*******************************************************

{غضب الكِتاب}: مبادرة مستقلة في تشيلي أصبحت مهرجاناً ثقافياً

في العديد من بلدان القارة اللاتينية، لا يخضع الكتاب لأيّة ضرائب، كما هو الحال في كولومبيا وأوروغواي وبيرو. ولكن في تشيلي، تخضع الكتب، منذ عام 1976، إلى ضريبة تصل إلى 19 في المائة من قيمته الإجمالية، بما لا يُميّزه عن غيره من السلع الأُخرى. أثّرت هذه الضريبة على معدلات القراءة في البلاد؛ حيث أظهر آخر استبيان أُجري (2022) أن 52 في المائة من سكان تشيلي لا يقرأون، بسبب أسعار الكتب المرتفعة مقارنة بالدخل، ناهيك بحجم الضريبة المفروضة عليها.

كانت جميع المبادرات الحكومية لدعم القراءة والتشجيع عليها بمثابة علاج وهمي؛ إذ لم تشمل أي منها إلغاء الضريبة أو خفضها، أو حتى خفض أسعار الكتب. وفي سياق موازٍ، نشأ عدد من المبادرات المستقلة التي سعت إلى إعادة فعل القراءة إلى المجتمع التشيلي، بعدما صار في غياهب النسيان.

"غضب الكتاب" هو واحدة من تلك المبادرات. وقد أطلقتها مجموعة من دور النشر المستقلة في 2009 بهدف التشجيع على القراءة لتكون في صلب المجتمع، إضافة إلى دعم صناعة الكتاب الورقي، وخلق مساحة لا لبيعه فحسب، بل للقاء تيارات الفكر المختلفة ومحاربة خطابات الجهل والكراهية والعنف.

سرعان ما تحولت المبادرة (في 2010) إلى معرض كتاب ومهرجان أدبي بات تقليداً ثقافياً بارزاً في تشيلي؛ حيث يُعقد مرتين في العام، الأولى في الصيف والثانية في الأسبوع ما قبل الأخير من كل عام في "المركز الثقافي لمحطة القطارات التاريخية مابتشو" بالعاصمة سانتياغو، بمشاركة ناشرين وفاعلين ثقافيّين من بلدان أميركا اللاتينية لمناقشة واقع الكتاب وتحدّياته في ظل العصر الرقمي.

أقيمت النسخة الشتوية من المعرض هذا العام تحت عنوان "الترجمة الأدبية والطباعة المستقلّة"؛ حيث اجتمعت قرابة 166 دار نشر من تشيلي و25 من الأرجنتين وبيرو وكولومبيا وإسبانيا، إضافة إلى نحو 150 مترجماً وكاتباً ومحرراً، في سلسلة من اللقاءات والأنشطة التي تناولت الترجمة كممارسة ثقافية، وتطوُرها في تشيلي في السنوات المئة الماضية، والمشكلات التي يواجهها المترجمون والمؤلفون والمحررون، وقدمت لمحة عامة ونقدية عن المترجِمات الناشطات في البلاد، ومراجعة لموقع الترجمة في صناعة النشر، إلى جانب عروض تقديمية لكتب تُرجمت ونُشرت أخيراً في تشيلي.

جمعت التظاهرة في أيامها الأولى قرابة ستين ألف شخص، وقد أسهم في ذلك البرنامج الثقافي الذي شمل لقاءات مع كتّاب بارزين في القارة؛ مثل الكاتبة الأرجنتينية ماريا مورينو، والتي مُنحت، على هامش المعرض، "جائزة مانويل روخاس للسرد"، والشاعرتين التشيلية روشانا ميراندا والبيروفية كاثي سيرانو.

رغم ذلك، لا تنكر إدارة معرض "غضب الكتاب" الصعوبات التي تواجهها كل عام، بدءاً من مشكلات القراءة وصعوبة شراء الكتب، وصولاً إلى ميل الناس بشكل عام إلى الكتاب الرقمي. مع ذلك، لا يزال الناشرون المستقلون في تشيلي يدافعون عن الكتاب الورقي ودوره في الحفاظ على فعل القراءة. ربما من هنا يمكن فهم شعار الدورة الجديدة "الكتاب الورقي كتجربة قادرة على تغيير الحياة".

ــــــــــــــــــــــــــ

"العربي الجديد" – 4 كانون الثاني 2025

******************************************************

عيون إلزا: غناء قصيدة أراغون

 مروة صلاح متولي

تحظى قصيدة عيون إلزا بشهرة واسعة، وتعد من القصائد المهمة في تاريخ الشعر الفرنسي بمعانيها العاطفية والسياسية. ألف الشاعر الفرنسي لويس أراغون هذه القصيدة عام 1942، عندما كانت فرنسا ترزح تحت الاحتلال النازي الألماني، وكان غارقاً في الحزن والأسى على وطنه وما يتعرض له على يد الأعداء. ولد لويس أراغون عام 1897 وتوفي عام 1982، وهو من أشهر شعراء فرنسا ومن أعلام الحركة السريالية إلى جانب آندريه بريتون وآخرين.

لم يكن أراغون شاعراً فحسب، بل كان روائياً وصحافياً، وكذلك كان منخرطاً في السياسة والعمل السياسي، وكان عضواً في الحزب الشيوعي. عاش أراغون خمسة وثمانين عاماً، وكانت حياته ثرية على المستوى الأدبي والصحافي والسياسي، وكذلك كانت متوهجة على المستوى العاطفي. ترك أراغون مجموعة من الروايات والقصص القصيرة، بالإضافة إلى العديد من الدواوين الشعرية وأكثرها شهرة ما كتبه في إلزا.

كانت إلزا موضوعاً فنياً في العديد من قصائد لويس أراغون، وإلزا التي نقرأ عنها في أشعاره هي إلزا تريوليه، واسمها الحقيقي إيلا يوريفينا كاغان، امرأة روسية تنحدر من عائلة يهودية، ولدت عام 1896 وتوفيت عام 1970. كانت إلزا تريوليه كاتبة ومترجمة تجيد الفرنسية والألمانية، وكانت على علاقة بأكثر من كاتب روسي، وكان فلاديمير ماياكوفسكي من عشاقها، تزوجت ضابطاً في الجيش الفرنسي يدعى تريوليه وظلت تحمل اسمه حتى بعد زواجها من أراغون. لإلزا تريوليه إنتاج أدبي قليل وبعض الروايات، وكانت أول امرأة تحصل على جائزة غونكور الأدبية الفرنسية. التقى أراغون إلزا عام 1928 وتزوجها عام 1939 وعاش معها ما يزيد على الأربعين عاماً ولم يفارقها حتى وفاتها، صارت إلزا فرنسية، وانضمت إلى المقاومة الفرنسية ضد الاحتلال النازي، وكانت رفيقته في الحزب الشيوعي أيضاً، ويقال إنها هي من قامت بتوجيهه نحو هذا اللون السياسي ودفعته نحو الانضمام إلى الحزب الشيوعي. اقترن لويس أراغون بإلزا تريوليه في الحياة وعلى صفحات الكتب وبين ثنايا أدبه وخلد حبهما في أشعاره، عاش أراغون وحيداً لعدة سنوات بعد رحيل إلزا، ثم دفن إلى جوارها بعد وفاته، وإلى اليوم لا يذكر أراغون دون إلزا.

إلزا والمجنون

من خلال أشعاره خلق أراغون هالة أسطورية حول قصة الحب التي جمعته بإلزا وحول إلزا نفسها كحبيبة، وصور نفسه كما لو كان المجنون وإلزا ليلاه، فكتب «عيون إلزا» و«مجنون إلزا» والكثير من القصائد والدواوين الأخرى، وربما يكون هذا ما جعل أشعاره مألوفة لدى القارئ العربي. جعل أراغون من نفسه المجنون وجعل من إلزا ليلى في زمان آخر ومكان مختلف وثقافة مغايرة، وكان في هذا متأثراً بالثقافة العربية خصوصاً في مجنون إلزا، ولا تبتعد قصيدة «عيون إلزا» عن التأثيرات الثقافية العربية أيضاً، حيث ذلك النوع من الغزل في المحبوبة، وذكرها في الأشعار وتخليدها كموضوع فني خيالي يتجاوز الحب الواقعي، لكن الحب هنا يختلف عن حب المجنون لليلى، فإلزا بالنسبة إلى أراغون كانت الحبيبة والزوجة، ورفيقة العمر والمشوار الأدبي والسياسي التي لم تفارق زوجها على مدى سنوات طويلة، لم تكن إلزا تريوليه حلماً مستحيلاً، أو طيفاً بعيد المنال أمام لويس أراغون، ولا مجال هنا لآلام الحب ولوعات الغرام، حتى الغزل يخلو من محاولات التقرب إلى المعشوقة وكسب رضاها والفوز بها. بين حزنه على فرنسا وحبه لإلزا كتب لويس أراغون قصيدته متمسكاً بالأمل في عيني محبوبته، وجعل من الحبيبة رمزاً للوطن والحقيقة والملاذ الآمن، وصار اسم إلزا من المعشوقات الخالدات في عالم الشعر.

الشعر الفرنسي والغناء

وجد الشعر الفرنسي طريقاً سهلاً إلى عالم الموسيقى والغناء، فنستطيع أن نستمع إلى الكثير من القصائد لشعراء فرنسا الكبار مثل رامبو وفيرلين وبودلير وأراغون وغيرهم، مغناة بأصوات العديد من المطربين وملحنة بألحان جميلة. اعتنى الفنان الفرنسي بأشعار بلاده، وذهب إلى الدواوين القديمة والحديثة، ينتقي منها ما يغنيه ويلحنه، ويقدمه إلى الجمهور في صورة أقرب وأسهل على مستوى التلقي، فلا تعود القصائد ساكنة بين الأوراق تنتظر قارئاً يطالعها، وإنما تنطلق لتتردد على الأسماع وتنتشر وسط الناس. ربما ساهمت طبيعة اللغة الفرنسية في سهولة هذا الأمر، وكذلك طبيعة الغناء الفرنسي الذي يجيد الإلقاء الملحن، بالإضافة إلى موسيقية القصائد نفسها، وبشكل عام لطالما كانت العلاقة وثيقة بين الشعر والغناء، كما لو أن الشعر يحن دائماً إلى الغناء، وأن الغناء يبحث عن الشعر في كل مكان.

قصيدة «عيون إلزا» لحنها وغناها المطرب الفرنسي جون فيرا الذي يكاد يكون متخصصاً في غناء أشعار أراغون، في البداية قام فيرا بتلحين قصيدة «عيون إلزا» عام 1956 ليغنيها المطرب الفرنسي أندريه كلافو. تجمع نسخة كلافو بين الغناء والإلقاء الشعري، فيغني كلافو بعض المقاطع ويقوم بإلقاء بعض المقاطع الأخرى. بعد ذلك غنى جون فيرا القصيدة بصوته في نسخة هي الأشهر، تمتد الأغنية إلى ما يقرب من أربع دقائق، لم يلحن جون فيرا القصيدة كاملة واختار مجموعة من المقاطع لتشكل أساس الأغنية، ومنحها لحناً جميلاً ذا إيقاع متوسط السرعة، تتناغم ميلوديته مع الموسيقى الداخلية للقصيدة وما لها من وقع غنائي، وتعد النسخة التي غناها جون فيرا بصوته أقصر من نسخة أندريه كلافو القديمة، حيث غنى جون فيرا المقطع الأول والثالث والخامس والسابع والعاشر من القصيدة، بينما غنى أندريه كلافو المقطع الأول والثالث والرابع والخامس والسابع والعاشر من القصيدة. تتكون القصيدة من عشرة مقاطع ويتكون كل مقطع من أربعة أبيات وتنتهي بترديد «عيون إلزا» ثلاث مرات، وهي كما يقال موضوعة في بحر الشعر الإسكندري. تتحدث القصيدة عن عيني إلزا العميقتين اللتين يرى فيهما الشاعر كل الشموس ويصورهما كقوة هائلة ساحرة، أكثر صفاء من السماء الزرقاء فوق حقول القمح، ومن شدة صفائهما تغار السماء منهما. تمتلئ القصيدة بالتعبيرات والرموز ويختلط فيها حب إلزا بحب الوطن في وقت عصيب كان يمر على فرنسا آنذاك.

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

"القدس العربي" – 31 كانون الأول 2024

*****************************************************

الصفحة الحادية عشر

سارتر يكتب عن: جان جينيه.. مات الطفل الشجيّ في داخلي!

*جان بول سارتر

*ترجمة: كامل عويد العامري

ينتمي جينيه لتلك العائلة ذات العقول التي يشار إليها اليوم بالاسم البربري "التي تعيش في الماضي". ثمة حادثة اِتَّكَأَت عَلَى ذاكرة الطفولة وأصبحت هذه الذكرى مقدسة، ففي طفولته المبكرة، عُرضت دراما طقسية، وكان هو المسؤول عنها: لقد عرف الجنة وفقدها، كان طفلاً وكان قد طرد من طفولته. لا شك أن هذا "الفاصل" ليس من السهل تحديد موقعه، فهو يتجول ذهابًا وإيابًا حسب مزاجه وما يسود خياله بين سنته العاشرة والخامسة عشرة. لكن هذا غير مهم، فهو يؤمن به، فحياته تنقسم إلى جزأين غير متجانسين قبل الدراما المقدسة وبعدها. في الواقع، ليس من الغريب، أن تختصر الذاكرة في لحظة أسطورية واحدة للأحداث الطارئة وإعادة الصياغة الدائمة لتاريخ الفرد. ما يهم هو أن جينيه عاش ولا يزال يعيش هذه الحقبة من حياته كما لو أنها لم تدم سوى لحظة. أن نقول "لحظة" يعني أن نقول لحظة قاتلة. إن اللحظة هي التغطية المتبادلة والمتناقضة لما قبل بما بعد.؛ ولإنزال ما نتوقف أن نكونه وما سنصبح عليه بالفعل، نعيش موتنا ونميت حياتنا، نشعر بأنفسنا ونشعر بأننا الآخر، ونشعر والأبدي حاضر في ذرة من الزمن في خضم الحياة المليئة بالحيوية وكأننا لن نعد نعمل سوى من أجل البقاء على قيد الحياة، نخاف من المستقبل. إنه وقت الألم، والبطولة، واللذة، والدمار. لحظة كافية للتدمير، والتمتع، والقتل، وممارسة القتل، وتكوين الثروة برمية حظ. يحمل جينيه في قلبه لحظة تعود إلى الماضي لم تفقد أيًا من ضراوتها، وفراغا لا متناهيًا وفراغًا مقدسًا ينتهي بالموت ويبدأ تحولًا فظيعًا. حجة هذه الدراما الليتورجية، هي كالتالي: طفل يموت من الخزي، ويظهر قاتل في مكانه؛ سوف يطارد الطفل البلطجي. سيكون من الضروري الحديث عن القيامة، واستحضار طقوس الشامانية المسارية القديمة وطقوس الجمعيات السرية إذا كان جينيه يرفض رفضًا قاطعًا أن يكون مبعوثا*. كان هناك موت، هذا كل شيء. وجينيه ليس إلا رجل ميت. إذا كان يبدو أنه لا يزال على قيد الحياة، فمن هذا الوجود لليرقات الذي تنسبه بعض الشعوب إلى موتها في القبور. لقد مات جميع أبطالها مرة واحدة على الأقل في حياتهم.

"بعد مقتله الأول عرف كوريل Querelle هذا الشعور بأنه ميت. ومع ذلك، استمر شكله البشري، ما يسمى بالمغلف الجسدي، في النشاط على سطح الأرض.» تمتلئ أعماله بالتأملات في الموت. خصوصية هذه التمارين الروحية هي أنها تكاد لا تعني موته المستقبلي، ووجوده ليموت، بل بالأحرى كونه ميتاً، وموته كحدث سابق.1 هذه الأزمة الأصلية تبدو له أيضًا تحت مظهر التحول. لقد تحول الطفل فجأة من حسن التصرف إلى سفاح مثلما تحول غريغوار سامسا Grégoire Samsa إلى حشرة. وفي مواجهة هذا التحول، فإن موقف جينيه متناقض، فهو يكرهه ويشتاق إليه. يعيش في رعب خشية أن تتكرر الأزمة الأصلية. إنه يخشى ذلك كما يخشى نوبة صرع. "لم يستطع كوريلQuerelle التعود على فكرة كونه وحشًا، وهي فكرة لم ترد في باله مطلقًا. كان يفكر، وكان ينظر إلى ماضيه بابتسامة ساخرة، وخائفة وحنونة في ذات الوقت، بقدر ما كان هذا الماضي يندمج معه بالذات. قد يكون الصبي الصغير الذي تحول إلى تمساح وتظهر روحه في عينيه بطريقة مماثلة - إذا لم يكن على دراية تمامًا بفمه، وبفكه الضخم - قد فكر في جسده المتقشر، وذيله العملاق المهيب الذي يدق الماء أو الشاطئ أو يحتك بالوحوش الأخرى... كان يعرف الرعب كونه وحيدًا، وقد استولى عليه سحر أَبَدِيّ في وسط العالم الحي". حدد الحدث الأولي أن مناخ جينيه الداخلي سيكون مناخا مرعبًا. "قليل من اللحظات التي أهرب فيها من الرعب، قليل من اللحظات التي لا أملك فيها رؤية، أو بعض التصورات المرعبة عن البشر والأحداث" هذا الرعب هو في ذات الوقت الخوف من التحولات التي حدثت في الماضي والتوقع المرعب من تكرارها: "شاب إيطالي... كان يضحك وهو يروي بعض التجارب التافهة.... تصورته حيوانا تحول إلى إنسان. كنت أشعر أنه في وجود هذا الامتياز الذي كنت اعتقد أنه يمتلكه، كان يمكن، في أي لحظة، أن يحولني، من خلال رغبته البسيطة، حتى لو لم يعبر عنها، إلى ابن آوى، إلى ثعلب، إلى طير غيني". في كل لحظة، يخشى جينيه "المعجزة، تلك الكارثة المرعبة، المرعبة مثل ملاك. رغم أنها مشعة كحل لمشكلة في الرياضيات، ودقيقة على نحو مخيف". على الرغم من أن هذه المقاطع تهدف إلى أن تمنح خوفه تعبيرًا شعريًا، فليس صحيحًا بالضبط أن جينيه يخشى التحول إلى ابن آوى. لكن هنا صفحة فيها يعبر عن نفسه تقريبًا من دون تغيير لموضعه. جينيه في حضرة شاب وسيم يخشى الموت: "وهذا يعني أنني إما سأكون على دراية بأنني عارٍ فجأة في حشد يرى عريي، أو أن يدي ستصبح متضخمة بأوراق الشجر وعلي أن أعيش معهم، وأربط رباط حذائي بها، وأمسك سيجاري، وأفتح الباب، وأخدش نفسي، أو أنه هو نفسه سيعرف تلقائيًا ما أنا فقط في أعماقي وسيضحك على رؤيتي هكذا... أو أنني سأرى وأشعر أن قضيبي يلتهمه السمك إلى الأبد، أو أن الصداقة المفاجئة ستسمح لي بمداعبة الضفادع والجثث لدرجة التهيج الجنسي، لأنه عندما أستحضر هذه العذابات - وغيرها - فقد يخاطر موتي ليكون على معرفة بعاري الذي ظهر في لعبة المظاهر الأكثر رعباً. بحضور المعشوق". لاحظ العلاقة بين الموت والتحول "موتي يخاطر بأن يكون على معرفة بعاري. "الطفل الذي تحول إلى تمساح يخشى أن يضيئه بعض اللمعان القادم من داخل جسده أو من وعيه الخاص، ويلتقط في درعه المتقشر انعكاسًا لشكل ما ويجعله مرئيًا للرجال. وعندما يكشف عن القناع، يتحول إلى نفسه. إن التحول الذي يهدده بلا هوادة هو ذلك الوحي الذي حدث يومًا ما من خلال وساطة الآخرين ويمكن أن يبدأ مرة أخرى في أي لحظة. ومن دون أدنى شك، أن هذه الأسطورة تغذيها مخاوف حقيقية ويومية للغاية. بعد أن وصل إلى مرحلة الرجولة، يخشى جينيه، الذي يعتبر نفسه جبانًا، من الكشف جبنه لعشاقه الشبان "في حضرة من أهواه حيث بدوت في عينيه ملاكًا، ها أنا أُسقط أرضًا، أقضم التراب، أتحول من الداخل إلى الخارج مثل قفاز وأظهر بالضبط عكس ما كنت عليه.» لكن الملفت للنظر أن الإهانات الغرامية التي يتعرض لها مثلي الجنس، والمخاطر المهينة التي يتعرض لها اللص تشوبها هالة مقدسة. في مواجهة حدث يومي تافه، فإن جينيه "المقلوب"، "من الداخل إلى الخارج مثل القفاز"، العالم كله على المحك، نلمس ما لا مناص منه. إن حوادث الإثارة الجنسية هذه أو المهنية لها معنى يتجاوزها، وهي، كما قيل عن الحب، "أكثر بكثير مما هي عليه" لأنها تكشف عن “السحر الخالد"، الذي أنجب وحشًا وقتل طفلاً. هذه التحولات تبهره. ويخشاها ولا يعيش إلاّ من أجلها. بصرف النظر عن متغيرات الكينونة المفاجئة هذه، لا شيء في العالم يثير اهتمامه. بعد أن مات جينيه في طفولته، يحمل بداخله دوارا لا يمكن علاجه، فهو يريد أن يموت مرة أخرى. ويسلم أمره على الفور، لأزمات الشفاء التي تتكاثر وتحمله إلى سمو سحر الجريمة الأول، او عقوبة الإعدام، وإلى الشعر، والنشوة الجنسية، والشذوذ، وفي كل حالة سنجد مفارقة ما قبل وما بعد، صعود وتداع، حياة تراهن على بطاقة واحدة، مسرحية الأبدية والعابرة. الصور ذاتها والكلمات التي تشير إليها شبيهة بمنصة إعدام واضحة تنتأ منها الورود، "بتأثير الموت الجميل"، ومن "وخز الأبنوس" تنتأ زهور بيضاء، وبالموت وازدهار اللذة، ينهار الجسد مقطوع الرأس تحت المقصلة، ويذوي عضو أسود ويتدلى، وإذا كان التحول هو موت، فإن الموت واللذة هما تحولان. هكذا، يعيش جينيه خارج التاريخ، بين قوسين. لم يعد يهتم بمغامرته الفردية - التي يسميها بازدراء "الحكاية" - مثلما فعل المصري القديم بشأن تاريخه القومي. إنه لا يعير اهتماما  لظروف حياته إلاّ بقدر ما تبدو أنها تعيد تكرار دراما الفردوس المفقود الأصلية. إنه رجل التكرار: تكرار الزمن الرخو، البطيء، في حياته اليومية - الحياة الدنيوية حيث فيها كل شيء مسموح به قد اجتازته المظاهر المقدسة البارقة التي تحيي فيه آلامه الأصلية كما يحيي لنا الأسبوع المقدس آلام المسيح. بالطريقة ذاتها التي لم يتوقف فيها المسيح عن الموت، كذلك جينية لم يتوقف عن التحول إلى حشرة، فذات الحدث النموذجي يتكرر بذات الشكل الطقسي والرمزي من خلال احتفالات التجلي نفسها، فبالنسبة إلى جينيه، وبالنسبة إلى المؤمنين في مجتمع ديني، فإن الزمن المقدس زمن دوري، إنه زمن المعاد الأبدي. فكان جينيه، لقد عاش جينيه. أما بالنسبة للحدث الذي حسم مصيره، فلم يعد ذكرى منذ زمن طويل لينتقل إلى فئة الأساطير، بحيث يمكننا أن نطبق على جينيه كلمة فكلمة ما كُتب عن العقلية البدائية "ما يمكننا إن نسميه "تاريخ (ـه) الذي يقتصر حصريًا على الأحداث الأسطورية التي وقعت في ذلك التوقيت ولم تتوقف عن التكرار منذ ذلك الحين حتى أيامنا هذه 1. ليس لجينيه تاريخ مُدَنَّس، بل لديه تاريخ مقدس فقط. أو، إذا صح التعبير، مثل ما يسمى بالمجتمعات "القديمة"، فإنه يحول التاريخ باستمرار إلى مقولات أسطورية. إذا أردنا أن نفهم هذا الرجل وعالمه، فلا توجد طريقة أخرى سوى إعادة البناء بعناية، من خلال التمثلات الأسطورية التي يقدمها لنا، والحدث الأصلي الذي يشير إليه باستمرار والذي يعيد إنتاجه في احتفالاته السرية. وعليه فمن خلال تحليل الأساطير سنشرع في إعادة تأسيس الحقائق بأهميتها الحقيقية. كان جينيه يبلغ من العمر سبع سنوات. عندما وضعته جمعية حماية الأطفال العمومية في رعاية فلاحي منطقة مورفان. فعاش على غير هدى في الطبيعة “في حالة من الفوضى الوديعة مع الناس". يتلمس العشب، والماء، ويلعب، ويتنقل في كل أرجاء شفافية ريف غير مأهول، باختصار، إنه بريء. هذه البراءة يخلعها عليه الآخرون، كل شيء يأتي إلينا من الآخرين، حتى البراءة. البالغون لا يكلّون أبدًا من جرد ممتلكاتهم، وهذا ما يسمى بالانتباه. يكون الطفل في القرعة بين كرسيين أو تحت الطاولة، تلقنه نظراتهم، وتكمن سعادته في كونه جزءًا من الأسهم. أن تكون هو أن تنتمي إلى شخص ما. إذا كانت الملكية تحدد الوجود، فإن الولاء الهادئ والرصين للممتلكات الأرضية يحدد الخير. جينيه، صالح مثل التربة الصالحة، وفيّ مثل مِدَمَّة، مثل معزقة، نقي كالحليب، هكذا نشأ على نحو من التقوى. إنه ولد صغير طيب، طفل محترم وحنون، أضعف وأصغر زملائه، لكنه أكثرهم ذكاءً. وهو دائما الأول على صفه من دون عناء. فضلا عن ذلك فهو بهذه الجدية، رصين، وغير ثرثار باختصار، كان صافيا كالذهب. هذا الخير بسيط: للمرء آباء يعبدونهم، ويقوم بواجباته المنزلية في حضورهم، وفي المساء قبل الذهاب إلى الفراش يرتل صلواته. في وقت لاحق، يصبح المرء بدوره أيضًا مالكًا للأشياء ويعمل بجد للادخار. العمل والأسرة والوطن والصدق والملكية: هذا هو مفهومه عن الخير. إنه محفور في قلبه إلى الأبد. في وقت لاحق، على الرغم من حقيقة أنه يسرق ويتوسل ويكذب، إلا أنه لن يتغير. يقول الكاهن المحلي أن تلك هي طبيعته الدينية.

*************************************************

ذكرى

عبد الامير زكي

مررتُ على الجسرِ

النوابضُ تحتكُّ ..

خشخشةٌ في المفاصلِ

تهتزُّ  ..

نغمةٌ أطوفُ بها

تطوفُ مع الريحِ

طقطقٌ .. طقطقٌ

ومثلَ وخزِ الخدر

اغمضتُ عيني

دارت بيَ دورتانِ

في القطار البعيدِ

أدورَ به

امرأةٌ سلّمتُ قلبي لها

وتدورُ بي !

لكنّها علّقتْ نظرةً

واختفت في الزحام

استرحتُ لبعضِ الثواني

تمنّيتُ لو تستطيلُ

ذاك القطارُ القديمُ

يمرُّ ..

كدتُ المسهُ

النوابضُ تحتكُّ

وانا مغمضَ العينِ

أقودُ بسيّارتي

فوق جسرِ الحديدِ

كنتُ اسمعهُ

دَقّةٌ .. دَقّةٌ

كان الأثر نفسه

****************************************************

جِبَالٌ تُغَيِّرُ  ثِيَابَهَا

خالد الحلّي / أستراليا

جَبَلٌ يَبْكِي

جَبَلُ اَلْوَرْدِ اَلَّذِي نَرْثِي لَهُ

مُنْذُ أَنْ عَمَّ  ذُبُولٌ وَرْدَهُ

وَاخْتَفَتْ أَشَذَاؤهُ

صَارَ  يَبْكِي    

بِدُمُوعٍ بَاسِمَةْ

وَعِبَارَاتِ رَجَاءٍ نَاعِمَةْ 

كُلَّمَا حَلَّ بِنَا يَوْمٌ جَدِيدْ

وَلِهَذَا بَقِيَتْ أَيَّامُنَا مُعْتَكِفَةْ

فِي ضَبَابِ اَلْوَقْتِ حَيْرَى رَاجِفَةْ

تَنْحَنِي رُعْبًا

إِذَا مَا فَاجَأَتْهَا عَاصِفَةْ

وَهْيَ تَسْأَلْ

بِشِفَاهٍ خَائِفَةْ

هَلْ تَعُودْ ..،

نَفَحَاتُ اَلْعِطْرِ جَذَلَى لِلْوُرُودْ؟

هَلْ تَعُودْ..؟

جَبَلٌ يَضْحَكُ

جَبَلُ اَلثَّلْجِ اَلْمُغَطَّى بِالْهُمُومْ

لَمْ يَذُبْ مُنْذُ عُصُورْ

يَتَغَطَّى بِهُمُومٍ تَتَزَايَدْ

وَثُلُوجٍ تَتَوَالَدْ 

كَانَ يَضْحَكْ

كُلَّمَا تُشْرِقُ شَمْسٌ أَوْ تَغِيبْ

هَلْ يَظَلُّ اَلْجَبَلُ اَلثَّلْجِيُّ يَضْحَكْ،

وَأَنَا ظَمْآنَ مُنْهَكْ؟  

جَبَلٌ صَامِتٌ

جَبَلُ اَلْهَمِّ اَلْمُنَدَّى بِالدُّمُوعْ

لَمْ يَجِفّْ اَلدَّمْعُ فِيهْ

مِنْ دُهُورْ

فَالْهُمُومْ

دُونُ وَعْيٍ تَتَكَاثَرْ

وَالدُّمُوعْ

دُونَ قَصْدٍ تَتَنَاثَرْ

وَهُوَ صَامِتْ

لَمْ يُعَدْ يُذْكَرُ أَيْنْ،

أَوْ مَتَى

كَمْ مِنْ اَلْوَقْتِ تَلَاشَى فِي يَدَيْهْ

مُنْذُ أَنْ صَارَ اَلسُّكُوتْ

مَلْجَأً يَأْوِي إِلَيْهْ

**************************************************

كتابان سينمائيان

  • الفيلم السينمائي بين التجريب والتأويل/ تأليف نزار شهيد الفدعم. اصدار: دار العرب والصحيفة العربية- بغداد. يتناول المؤلف عددا من الأفلام السياسية وعمق التفكير الوارد فيها الى جانب الحساسية النقدية والفنية فيها.
  • صناعة التزييف في السينما الامريكية. تأليف د. حسين الطائي. اصدار: اتحاد الادباء والكتاب في العراق. الكتاب يقع في أربعة فصول تناقش: اشكال الصورة النمطية وأنواع التكرار، الفيلم السياسي الأمريكي/ النوع والسمات، تزييف الدلالات الفكرية المركبة في الفيلم، تطبيقات عملية لصناعة التزييف في السينما.

*********************************************************

الصفحة الثانية عشر

معاً لبناء بيت الحزب.. بيت الشعب

 

دعماً للحملة الوطنية لبناء مقر الحزب الشيوعي العراقي، تبرع الرفاق والأصدقاء:

  • يحيى طربال (متبرع دائم) 400 الف دينار
  • عبد الجبار الفتلي (متبرع دائم) 100 الف دينار

الشكر والتقدير للرفاق والأصدقاء على دعمهم واسنادهم حملة الحزب لبناء مقره المركزي في بغداد.

معاً حتى يكتمل بناء بيت الشيوعيين.. بيت العراقيين.

***************************************************

أما بعد.. عامل الدليفري

منى سعيد

كأن روحا لعينة سكنت عروق المدن الكبرى، خصوصا بغداد، وبثت فيها جنون سرعة حركة المرور من سيارات وشاحنات نقل ودراجات وغيرها.. ولعلي أركز هنا على حركة دراجة عامل التوصيل  "الدليفري" ، الذي أصبح بطل الشارع يصارع الزمن وزحام السيارات ليوصل وجبات طعام الجوعى، المنتظرين على أحر من الجمر وجبات ساخنة .

شباب "من خريجي الجامعات" على نحو خاص، يعيشون بمفارقة من استلم وظيفة مريحة وتسلق سلمه الوظيفي بسرعة البرق, وبين دأبهم وكدحهم المتواصل ليل نهار في الشوارع وفي شتى الظروف المناخية من برد وحر، للحصول على كفاف لقمة العيش بجهد شريف من دون منّة أحد.

وظاهرة التوصيل " الدليفري" تعتبر حديثة على مجتمعنا، مستوردة من الدول الصناعية التي يعز فيها الوقت الكافي لإعداد الطعام وتهيئته للعاملين فيها، فضلا عن توفر قوائم لوجبات طعام لذيذة ومغرية وبأسعار اقل كلفة من تحضيرها في البيوت أحيانا، أي بمعنى اختصارا للوقت وللمال وتوفيرا للجهد للحصول على المبتغى..

لكن الغريب ما يشاع حاليا في مجتمعاتنا من اعتماد العوائل على الوجبات السريعة، بدلا من تحضيرها في البيوت على الرغم من عدم اشتغال ربة البيت مثلا ، ولا حتى بناتها، وتوفر ما يكفي لهن أو لهم من  الوقت لتوفير وجبات ربما أكثر صحية وأطيب مذاقا.

ويبدو ان الأمر أصبح أشبه بالموضة وبالتقليد، من دون حاجة حقيقية له .. ولو تجاوزنا حاجة الأسر لتوصيل وجبات الطعام إليها، أجد الأمر من ناحية أخرى قد فتح بابا للرزق ووفر عملا لهؤلاء الشباب الذين عجزت الحكومة والجهات المسؤولة عن توفير فرص عمل لائقة لهم، تستوعب تخصصاتهم العلمية سواء في القطاع العام أو الخاص، والحد من ظاهرة البطالة المخيفة في مجتمعنا وما لها من نتائج سلبية كارثية على مستقبل البلاد والشباب تحديدا.

ولو فصَّلنا في ظروف هؤلاء العمال لوجدنا العجب العجاب، فكثير منهم ممن يواصل ساعات عمل لأكثر من 16 ساعة، خصوصا عند تعامله مع شركات متخصصة بالتوصيل ومع المطاعم في الوقت نفسه.. ولعل أصعب أوقات الدوام تلك المتعلقة بشهر رمضان مثلا، والتي تتطلب إيصال وجبات الطعام في وقت أذان الإفطار او قبله بقليل. ومن الطبيعي أن تزدحم تلك الطلبات من عائلات عديدة في آن واحد، مما يربك العامل ويجعله يسابق الزمن بدراجته لإيصالها في الوقت المناسب، متجاهلا زحمة الشوارع ومخاطر حركته السريعة بين السيارات، خاصة اذا كان هو نفسه صائما أيضا.

هذا عدا المشاكل التي قد تواجهه بسبب عدم إرشاده للبيت المعين بالطريقة الصحيحة، أو إرجاع الطعام في بعض الأحيان من قبل الزبائن بحجة التأخير، أو خشونة البعض الآخر منهم عند استقبالهم العامل،  مع التأخير في دفع الأجور بل وحتى صفق الباب في وجهه!

تُرى كيف يكون رد فعل العامل في مواجهة تلك الحالات؟ّ

**************************************************

في «غاليري مجيد».. {الذكاء الاصطناعي بين الواقع والخيال}

متابعة – طريق الشعب

ضيّف "غاليري مجيد" في بغداد، أخيرا الباحثة الاكاديمية بشرى عبد الكريم عبد العزيز، التي القت محاضرة عنوانها "الذكاء الاصطناعي بين الواقع والخيال وتحديات المستقبل"، بحضور جمع من المثقفين والمهتمين في هذا الشأن. 

الضيفة، وهي حاصلة على الماجستير في الذكاء الاصطناعي في الجامعة التكنولوجية، وتدريسية متقاعدة في الجامعة التقنية الوسطى في بغداد، ذكرت في معرض محاضرتها أن الذكاء الاصطناعي مرتبط بالأجهزة الالكترونية الذكية، مثل الموبيل والتابلت والحاسوب، وان الناس غالبا يستخدمون هذه الأجهزة ولا يعلمون أنهم يتعاملون مع الذكاء الاصطناعي، مبينة أن الأجهزة الذكية مؤلفة من قطع مادية يُطلق عليها "هاردوير"، ومكوّن برمجي غير مادي يُطلق عليه "سوفتوير" أي نظام التشغيل الذي يقودها.

وأشارت إلى ان "القفزة الكبرى في الأجهزة الذكية حصلت بعد 2007، عندما تم توظيف الذكاء الاصطناعي فيها. إذ بدأ الموبيل، لا سيما (آي فون)، يتعرّف على ملامح وجه المستخدم ونبرة صوته".

وأوضحت ان الذكاء الاصطناعي ليس علما جديدا، إنما يعود إلى عام 1955، عندما قام العالم الأمريكي جون مكارثي بوضع تعريف بدائي لهذا الذكاء، وهو علم وهندسة الآلات التي تحاكي البشر، لافتة إلى انه قبل ذلك، وتحديدا في العام 1950، صدر فيلم إنكليزي - أمريكي عنوانه "لعبة التزييف"، يسرد السيرة الذاتية للعالم ومحلل الشيفرات الرياضية الإنكليزي آلان تورنغ، ويجيب عن سؤاله: هل الآلة تفكر؟ الذي طرحه في دراسة له حول الذكاء الاصطناعي تحمل عنوان "آلات الحاسوب والذكاء".

ولفتت إلى ان تورنغ كان قد لعب دورا مهما في الحرب العالمية الثانية، ساعد في انتصار الحلفاء على النازية، موضحة أن الجيوش كانت في السابق تعتمد في تبادل المعلومات والأوامر على شيفرات مكتوبة، وان الجيوش النازية كانت تستخدم آلة تقوم بتشفير الكتابة، ما أعجز الجيوش البريطانية عن فك تلك الشيفرات، حتى استطاع تورنغ بعد جهد جهيد صناعة آلة قادرة على فك شيفرات الآلة النازية. 

وتحدثت المحاضرة عن مخاوف الناس وقلقهم من الذكاء الاصطناعي. ورأت أن كل ثورة علمية أو ابتكارات جديدة ذات إمكانات واسعة، تثير مخاوف الناس في البداية، ثم يتكيفون معها، مشيرة إلى ان المهندس والمخترع الكندي – الأمريكي ايلون ماسك، مثلا أثارت تصريحاته النارية حول طفرات وابتكارات علمية جديدة، مخاوف الناس، حتى ان تظاهرات خرجت في بريطانيا خلال الفترة الأخيرة ضد تصريحاته.

وأشارت إلى ان علم الذكاء الاصطناعي الحديث، أضاف إلى الآلة القدرة على التفكير وحل المشكلات، وليس القدرة على الحركة فقط، منوّهة إلى أن العلماء والمطورين يقومون بتدريب الآلة على التفكير، عبر تزويدها بأعداد كبيرة من الصور والفيديوهات.

وأوضحت أنه حتى فترة قريبة كان الذكاء الاصطناعي يتبع الطرق البرمجية الصارمة، أما اليوم فصارت الآلة تعمل بالتعلم العميق، الذي يعمل بخوارزميات تتيح للآلة التعلم بنفسها عن طريق محاكاة الخلايا العصبية في جسم الإنسان.

وتحدثت المحاضرة عن بعض الجوانب الإيجابية للذكاء الاصطناعي في المجال الطبي، منها تشخيص الأمراض عبر الصور الشعاعية، تسريع عملية تصنيع الأدوية، إدارة السجلات الطبية وتحليل بياناتها، إعطاء توصيات لتحسين إدارة المرضى، رصد الأوبئة وإجراء العمليات الجراحية المعقدة.    

******************************************************

إعمار قلعة تلعفر يتواصل بنسب إنجاز متقدمة

متابعة – طريق الشعب

تتواصل أعمال إعمار قلعة تلعفر الأثرية في محافظة نينوى، بمرحلتها الثانية. حيث وصلت نسبة الإنجاز فيها إلى 85 في المائة، ومن المؤمل اكتمال هذه المرحلة في الشهر المقبل.

وتتضمن المرحلة الثانية إكمال سور القلعة وبناء 7 أبراج. فيما تشتمل المرحلة الثالثة المرتقبة، على بناء متحف وقاعة مناسبات ومركز للشرطة السياحية.

وتبلغ مساحة القلعة 28 ألف متر مربع، وارتفاعها يبلغ 25 مترا، ولها 4 أبواب.

وفي حديث صحفي، قال مسؤول القسم الهندسي في قائم مقامية تلعفر، إسماعيل البرزنجي، أن "منظمة ماك" العاملة في مجال إزالة المخلفات الحربية في تلعفر، ساهمت في إزالة المخلفات التي تركها إرهاب داعش في القلعة، مبينا أن القلعة كانت تضم بنايات عديدة فجرها الدواعش.

وأشار إلى أن كادر المنظمة الفني والهندسي لا يزال يواصل تطهير الموقع من الألغام والمخلفات، لتأمين عمل فرق الإعمار.

فيما قال المهندس المشرف على مشروع الإعمار، محمد حيدر، أنهم باشروا عملهم في تشرين الثاني 2023، وحاليا وصلت نسبة الإنجاز إلى 85 في المائة، مبينا أن المرحلة الثانية تضمنت بناء سياج بطول 300 متر، و 4 أبراج في الجهة الشرقية للقلعة، و3 في جهتها الغربية.   

******************************************************

في مقر شيوعيي البصرة.. احتفاء بالموسيقي عبد المهدي علوان المظفر

البصرة – باسم محمد حسين

احتضنت "قاعة الشهيد هندال" في مقر اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في البصرة، أول أمس الثلاثاء، جلسة احتفاء بالمؤلف والمؤرخ الموسيقي عبد المهدي علوان المظفر، نظمها "ملتقى جيكور" الثقافي و"دار الأدب البصري" و"منتدى البصرة" للثقافة.

الجلسة التي حضرها جمع من الفنانين والمثقفين، أدارها المهندس د. هاشم عبود الموسوي. واستبقها بتقديم نبذة مختصرة عن سيرتي المحتفى به الذاتية والموسيقية، وعن علاقته بالعديد من الفنانين العراقيين والعرب الذين تعامل معهم، فضلا عن الفرق التي عمل معها أو قام بتشكيلها.

بعد ذلك، تحدث المظفر عن مسيرته الفنية، بدءًا من تعلمه الموسيقى ودراساته النظرية لها، ومساهماته الفنية في العراق، ورحلاته إلى الخارج للمشاركة في مهرجانات موسيقية.

وفي سياق الجلسة، تحدث عدد من الفنانين الحاضرين عن تجربة المظفر. كان أولهم الفنان د. ناصر هاشم الذي ألقى الضوء على علاقتيهما الشخصية والفنية. ثم أدى باقة من الأغنيات على العود.

وكان الملحن جعفر الخفاف حاضرا في الجلسة. حيث أدى أغنيتين من ألحانه، أعقبه الفنان طارق شعبان بالحديث عن تجربة المحتفى به. ليؤدي بعدها أغنية قديمة من ألحانه.

وساهم الفنان يوسف التميمي في الحديث عن الفنون الموسيقية والغنائية في الماضي، وعن الفرق الفنية التي كانت موجودة في البصرة، سواء في النوادي الاجتماعية أم المؤسسات الحكومية أم في النشاط المدرسي، مشيرا إلى علاقته بالمحتفى به، وإلى عملهما الفني معا.

وعُرضت على هامش الجلسة صور فوتوغرافية يظهر فيها المظفر خلال مناسبات مختلفة.

وفي الختام، قدم الأديب زكي الديراوي هدايا تذكارية إلى المظفر ومدير الجلسة. بينما قدم "ملتقى جيكور" و"مؤسسة النهضة" الثقافية، شهادتا تقدير إلى المحتفى به. 

***************************************************

قف.. ما أشبه الليلة بالبارحة

عبد المنعم الإعسم

الموقف من الحريات العامة يحدد هوية النظام السياسي، بين أن يكون ديمقراطيا، او استبداديا، والذعر من ممارسة المواطن لحقّه في المشاركة السياسية وإبداء الرأي في ما يخص مصالح بلاده ، هو التعبير الطبيعي عن الخوف من المستقبل، وتشهد أيامنا اتساعا لافتا لسطوة التنكيل والملاحقة لأصحاب الرأي، فضلا عن توظيف بعض نصوص القانون، وليّ أعناقها وتفسيراتها، لتصبح هراوة في لجم أعرق حق في تاريخ العراق المعاصر، ففي أيار من عام 1914 ألقى شاعر العراق جميل صدقي الزهاوي خطابا مدويا في مجلس المبعوثان في اسطنبول (مجلس النواب) وكان نائبا منتخبا عن لواء العمارة، بدأه بالقول: "لقد أثبت تاريخ الأمم انه كلما أشتد تضييق الخناق على أصحاب الأقلام والأفكار كلما كان الانفجار عظيما وسريعا، وها نحن اليوم نشرع قانونا يرمي إلى محاكمة الكتاب والمفكرين قبل محاكمة المجرمين واللصوص".

إن محاكمات أصحاب الرأي في التاريخ واحدة، بحسب حقيقة أن قضية الحرية واحدة وإن تعددت الأزمان وتنوعت القارات، فيما يتشابه مناهضو الحرية، وجلادو مناضليها في فصيلة الدم، وفي الخوف من الرأي.. وفي المصير.

*************************************************

يوميات

 

  • يعقد المنتدى العمالي الثقافي في اللجنة المحلية العمالية للحزب الشيوعي العراقي، غدا الجمعة، جلسة حوارية بعنوان "الديمقراطية طريقنا للاشتراكية"، يقدمها الباحث الاستاذ الدكتور إبراهيم إسماعيل ويديرها الكاتب رشيد غويلب.

تبدأ الجلسة في الساعة 11 ضحى في مقر المنتدى في بغداد – شارع الواثق – مقابل مستشفى العيون الأهلي.

  • تنظم الجمعية العراقية لدعم الثقافة والاتحاد العام للأدباء والكتاب، غدا الجمعة، جلسة احتفاء بصدور الكتاب التوثيقي "المفكرة المسرحية في (طريق الشعب)"، يتحدث فيها أ.د. علي الربيعي، د. حكمت داود ومفيد الجزائري.

تبدأ الجلسة في الساعة 4 عصرا على قاعة الجواهري في مقر اتحاد الأدباء والكتاب العراقيين في بغداد - ساحة الأندلس.

  • يعقد نادي أدب الشباب في الاتحاد العام للأدباء والكتاب، بعد غد السبت، جلسة أدبية يضيّف فيها الشاعرين طارق حمد محسن واشتياق موفق خليل، ليقرءا مختارات من قصائدهما.

الجلسة التي ستديرها الشاعرة د. راوية الشاعر، من المقرر أن تُقرأ فيها أوراق نقدية حول نتاجي الشاعرين.

تبدأ الجلسة في الساعة 11 ضحى على قاعة الجواهري في مقر الاتحاد بساحة الأندلس.