تتيح لنا ذكرى تظاهرات تشرين مراجعة الاسباب والدروس التي يمكن الاستفادة منها في سبيل تحقيق العدالة ضمن القانون واحترام حرية الفرد وهو يسعى لحياة كريمة في وطن متعدد الاعراق والاديان ,وشهدت سنة 2019 شهر تشرين الاول اعتى الاحتجاجت تحت نصب الحرية في قلب بغداد وبرزت تظاهرات شبابية سرعان ما استقطبت الشباب من كلا الجنسين ومن مختلف الفئات وخاصة الطلبة حتى اصبح لهم اماكن معرفة وخيام ثابتة ,وحصل المحتجون في البداية على دعم شعبي هائل بدعم لوجستي تضامني ورفعوا شعار ( نريد وطن) ,ولكن ما ساعد على قمع التظاهرات عدم وجود وحدة الصف وانعكاس الانقسام المجتمعي الذي تقوده الاحزاب.
ورغم ان الاحتجاجات ارغمت رئيس الوزراء عادل عبد المهدي على الاستقالة الا ان تحقيق شعار نريد وطن لم يتحقق كما اراد لها المتظاهرون.وأحد اسباب عدم التحقق, انها تظاهرات ما ان كبرت واتسعت واصبح لها الصوت العالي عراقيا وعربيا وعالميا ,التفت عليها الاحزاب ونصبت خيامها واخترقت خصوصيتها وسقط مئات الضحايا بالقنابل الدخانية والرصاص الحي واصيب الالاف بجروح خطيرة , بسبب ان التظاهرات مكانيا تشبه اعتصام المتظاهرين في وادي منبسط وهو ساحة التحرير ومقترباتها باستثناء بناية المطعم التركي فيما تسيطر الحكومة على المرتفعات المحيطة بالساحة وهي سطوح البنايات العالية ,حتى ضاع دم الضحايا بين الرصاص المجهول والتصريحات الاعلامية التي تلمع الحكومة.وليس الحال في جميع المحافظات المنتفضة مختلف عن شكل التظاهرات في بغداد وقدمت المحافظات مشهدا واضحا لقيمة المطالب المستحقة للمواطن الذي تعرض للظلم والقسوة ,واحد من النتائج المهمة التي يجب الانتباه لها بعد مضي ست سنوات على اشتعالها انها قدمت اسئلة عديدة وكبيرة ولكنها لم تستطع ان تقدم الاجوبة الكافية بسبب ان الحكومة تحظى بغطاء تضامني تعسفي من جميع الاحزاب التي تشترك في الحكومة خوفا على مصالحها التي حصلت عليه اساسا بغطاء خارجي لا يريد ان ينحرف عن المسار المرسوم بطاعة القادة في الداخل لرؤيا الخارج الذي جمل الحكومة فضل القضاء على الدكتاتورية,وذلك ما افضى الى التشظي في المطالب وعدم الوصول الى نتيجة فيها الاجوبة على اسئلة قديمة تتحدث عن الجوع والظلم وغياب العدالة. ماحصل في النتيجة الاخيرة ان الضحايا تحولوا الى رسوم في جدران نفق ساحة التحرير لذا لم تزيلها الحكومات المتعاقبة لانها استمرت في مسك تقاليد الحكم الذي يتيح لها استغلال الموارد وكسب المغانم فيما ذهبت دماء الضحايا هباءً بلا اجابة عن السؤال والفقراء لم يحصلوا الا على السماح لوسيلة النقل ( التكتك ) بالدخول الى وسط العاصمة واختراق شارع الرشيد بعد ان كانت تسير في اطراف العاصمة فقط , وبقيت اسئلة الثوار الاولى بلا اجوبة لانهم غابوا تحت التراب وبقي من ركب الموجة مستغلا الشباب وصدقهم وتضحيتهم من اجل استغلال السلطة من اوسع ابوابها في سرقة المال والجلوس على كراسي المناصب بالتزوير والكذب تحت نصب الحرية بانتظار الجواب لسؤال وجودي صعب مفاده متى يحصل العراقي على فضاء حريته في وطن حر بلا قيود تعسفية يملك مفتاحها الاجلاف الجوف وهم يزيدون حقائبهم بالمال المنهوب.