اخر الاخبار

هل من معنى لبقاء الأميركيين في العراق؟

في موقع Stars and Stripes  كتب ويل وليدورف، الباحث في الشؤون العسكرية، والذي من المتوقع أن يصدر له قريبًا كتاب حول الحرب الأميركية في العراق، مقالًا ذكر فيه أن واشنطن نجحت في الوفاء بالموعد النهائي المحدد في 15 أيلول لتغيير وضع قواتها في العراق، كجزء من صفقة وافقت عليها إدارة بايدن العام الماضي، حيث غادرت القوات الأميركية قاعدة الأسد الجوية ومطار بغداد، وانتقل ما تبقّى منها إلى كردستان شمال العراق وسوريا.

شراكة ثنائية

وأشار الكاتب إلى أن الخطوة قد تم الترحيب بها، باعتبارها نهايةً للتحالف العالمي لهزيمة داعش، والذي استمر عقدًا من الزمان، وبداية لتحول العلاقات بين العراق والولايات المتحدة إلى "شراكة أمنية ثنائية" خاصة بحلول خريف عام 2026، وفقًا لمصادر أميركية.

وأعرب الكاتب عن اعتقاده بأن سحب القوات من العراق أمرٌ جيد، خاصة بعد انتفاء الحاجة إليها، حيث لم تعد داعش قادرة على العودة إلى ما كانت عليه كقوة إرهابية، بل تحولت إلى مجرد قشرة خارجية يمكن للآخرين التعامل معها. وأشار إلى أن هذه القوات كانت قد دخلت المنطقة عام 2014 لمكافحة داعش بالتعاون مع قوات الأمن العراقية وقوات البيشمركة في كردستان. ومع تبخّر السيطرة الإقليمية لداعش على مساحات شاسعة من شمال العراق وسوريا في عام 2019، تبخّر معها المبرر الاستراتيجي للوجود العسكري الأميركي في العراق.

داعش موجودة ولكن لن تتمدد

وذكر المقال أن خطر داعش ما زال موجودًا في المنطقة، حيث ينفّذ مقاتلوه هجمات ليلية في المناطق الريفية. غير أن هذه الهجمات، بضعفها، تعكس هشاشة هذه المنظمة، التي فقدت - وفق تقرير صادر عن مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية مؤخرًا - الجزء الأعظم من قوتها، ولم تعد مؤثرة حتى خارج المنطقة. علمًا بأن داعش خراسان، التي أظهرت بعض النفوذ في العام الماضي، لا علاقة لها بداعش في المنطقة، وتعمل مستقلة عنها.

وتطرّق الكاتب إلى تأثير المتغيرات السياسية على إحباط نمو الإرهاب مجددًا؛ فهناك تنسيق متطوّر بين الجيش العراقي وقوات البيشمركة الكردية ذات القوة الدفاعية العالية، فيما أدّى سقوط نظام الأسد في سوريا إلى مزيد من الانسجام والتنسيق بين مجموعة متباينة من الجماعات المناهضة لداعش داخل ذلك البلد. كما ازداد اهتمام تركيا والأردن بالمصالح القوية التي يمكن جنيها من مكافحة داعش. ولهذا، لا يوجد احتمال واقعي لظهور مفاجئ لداعش كما جرى في عام 2014.

جيش قوي ومتمكن

ورأى الكاتب أن هناك العديد من الجهات الفاعلة الأخرى في العراق وحتى في سوريا قادرة على تحمّل عبء مكافحة هذا التنظيم الإرهابي، خاصة بعد أن انخفض العنف بشكل ملحوظ في العراق، وباتت لديه حكومة تتمتع بشعبية أكبر مما كانت عليه منذ أكثر من عقد، وخالية نسبيًا من الانقسامات الطائفية التي كانت قد أتاحت لداعش المجال السياسي للظهور.

كما أن الجيش العراقي أصبح سادس أقوى جيش في الشرق الأوسط، ويتحمّل بالفعل كامل عبء مواجهة خلايا داعش النائمة داخل العراق تقريبًا. ويبدو، حسب الكاتب، أن هذا كان وراء طلب الرئيس العراقي ورئيس الوزراء إنهاء الوجود العسكري الأميركي – فهما يدركان أن العراق قادر على القيام بذلك بنفسه.

تكاليف باهظة

وحول ما إذا كانت واشنطن بحاجة إلى قوات في العراق للحد من النفوذ الإيراني، أكّد الكاتب أن الضربات الأميركية على المنشآت النووية الإيرانية، التي انطلقت مباشرة من ولاية ميزوري، أثبتت عدم الحاجة إلى وجود قوات في مسرح العمليات، خاصة في ظل التكاليف العالية التي يسبّبها هذا التواجد. فبينما كانت الخسائر الأميركية منخفضة نسبيًا حتى عام 2014، ارتفعت بشدة جرّاء الضربات على القواعد الأميركية التي باتت أهدافًا سهلة.