اخر الاخبار

ارم نيوز

قال خبراء ومحللون إن الاتفاق الثلاثي لاستئناف تصدير نفط إقليم كردستان عبر ميناء جيهان التركي قد يفتح نافذة تهدئة بين بغداد وأربيل بعد أكثر من عامين على توقف الضخ.

ويدخل هذا الاتفاق مباشرةً في اختبارين حاسمين، وهما مصير ديون الشركات الأجنبية المقدرة بنحو مليار دولار، وطبيعة الضمانات القانونية والمالية التي ستضمن صمود التفاهم بعد الانتخابات المقبلة.

وارتكز الاتفاق على تسليم كامل النفط الخام المنتج في إقليم كردستان، باستثناء قرابة 50 ألف برميل للاستهلاك المحلي، إلى شركة "سومو" لتتولى التصدير، مع البدء بنحو 190 ألف برميل يوميًّا مبدئيًّا.

ويقضي أيضًا بتعويض الشركات بكلفة إنتاج ونقل تقدَّر بنحو 16 دولارًا للبرميل تُسدد عينًا (بنفط خام) إلى حين إنجاز تقرير استشاري يحدد التكاليف الدقيقة، وسط مؤشرات إلى ترشيح شركة دولية متخصصة لتحويل التفاهم إلى اتفاق دائم يخضع للتحكيم الدولي.

 

اتفاق غامض

أكد المتحدث السابق باسم وزارة النفط العراقية، عاصم جهاد، أن "بيان الوزارة لم يتضمن معلومات تفصيلية عن كميات التصدير أو سعر البرميل أو الكميات المخصصة للاستهلاك الداخلي، ولا طبيعة الضمانات المقدمة للشركات المتعاقدة مع الإقليم".

وأضاف جهاد لـ"إرم نيوز" أن "الاتفاق أُعلن مع نهاية عمر الحكومة وقبل أيام من الانتخابات؛ ما يثير تساؤلات حول مصيره واستمراريته في حال تغيّرت المعادلة السياسية بعد الاقتراع".

واستمر الغموض أيضًا بشأن موقف بعض الشركات الكبرى، إذ امتنعت شركتان رئيسيتان عن الانضمام الكامل للاتفاق بانتظار ضمانات سداد متأخراتهما السابقة، حيث تطالب إحداهما وحدها بمستحقات تتجاوز 300 مليون دولار من أصل مليار دولار تمثل كامل المتأخرات للشركات العاملة في الإقليم.

وأعطى بند التعويض عينًا بدلًا من النقد الحكومة متنفسًا ماليًّا قصير الأمد، لكنه رحّل استحقاقات حساسة إلى ما بعد الانتخابات، إذ إن انتظار تقرير الكلفة وتحويل التفاهم إلى صيغة محكمة دوليًّا سيضع بغداد أمام قرار صعب يتعلق بكيفية تقاسم العبء المالي وإدراجه ضمن الموازنة مع الالتزام بالدستور.

وتمثلت إحدى النقاط الجوهرية في الاتجاه إلى توثيق الاتفاق كتابيًّا واختيار محكمة التحكيم الدولية في باريس كجهة ضامنة، وهو ما يؤشر على سعيٍ لقطع الطريق على التبدلات السياسية أو تغيير الحكومات.

 

ضغط أمريكي

من جانبه، كشف مسؤول رفيع في وزارة النفط العراقية أن "واشنطن مارست ضغوطًا واضحة لتسريع إبرام الصفقة، حفاظًا على الاستقرار الاقتصادي الداخلي، وضمان بيئة استثمارية آمنة للشركات الأمريكية".

وأضاف المسؤول الذي طلب حجب اسمه لـ"إرم نيوز" أن "المفاوضات شهدت مراحل معقدة، حيث كانت بعض الأطراف في بغداد تميل إلى تأجيل الاتفاق لِما بعد الانتخابات، لكن التدخل الأمريكي والأوروبي جعل المضي في الصفقة ضرورة سياسية واقتصادية".

ولفت إلى أن "الموقف الأمريكي لم يكن فقط دعمًا سياسيًّا، بل ترافق مع رسائل واضحة بضرورة معالجة ملف ديون الشركات الأجنبية بشكل عادل وسريع"، مشيرًا إلى أن "الضغط مرتبط برغبة ترامب في زيادة التدفقات النفطية إلى دول العالم لتقليل اعتمادها على النفط الروسي".

وبعد ساعات على إعلان إبرام الاتفاق، رحّبت وزارة الخارجية الأمريكية بالخطوة، مؤكدة في بيان رسمي أن "التفاهم بين بغداد وأربيل والشركات الدولية لإعادة فتح خط أنابيب العراق – تركيا، اتفاق سهّلته الولايات المتحدة وسيعود بفوائد ملموسة على الأمريكيين والعراقيين على حد سواء".

وأشادت الوزارة بـ"الجهود الحاسمة التي بذلها رئيس الوزراء محمد شياع السوداني وكبار المسؤولين في الحكومة الاتحادية، ورئيس وزراء إقليم كردستان مسرور بارزاني ومسؤولي حكومته"، معتبرة أن الاتفاق "سيُعزز الشراكة الاقتصادية المتبادلة، ويوفر بيئة أكثر استقرارًا للاستثمار الأمريكي في العراق، ويدعم أمن الطاقة الإقليمي، ويكرّس سيادة العراق".

 

رواتب موظفي كردستان

وانعكست هذه الترتيبات اقتصاديًّا على توقعات بأن استئناف الضخ سيحسن موقف العراق داخل "أوبك+"، ويعزز إيرادات الموازنة الاتحادية، ويفتح الطريق أمام انتظام رواتب موظفي الإقليم.

غير أن هذه المكاسب تبقى مرهونة بتزامن ثلاثة مسارات أساسية، وهي انتظام الإمدادات فعلًا عبر خط جيهان التركي، وحسم ملف الديون المتراكمة، وتثبيت آلية لتقاسم العائدات بين المركز والإقليم وفق القانون والموازنة.

وتتجه الأنظار إلى الأسابيع الأولى بعد استئناف التصدير لاختبار قدرة الحقول وخط الأنابيب على الحفاظ على معدلات ثابتة بعيدًا عن الانقطاعات، إذ أظهرت التجربة السابقة أن أي خلاف مالي أو سياسي يمكن أن يوقف الصادرات فورًا.