اخر الاخبار

شهدت مدينة المدحتية بمحافظة بابل، يوم الجمعة، انعقاد مؤتمر العراق الوطني تحت شعار: "خور عبدالله عراقي… وشحّ المياه قضية وجود وسيادة". وقد حظي المؤتمر بمشاركة واسعة، إذ جمع أكثر من ألف شخص من مختلف المحافظات العراقية، ليشكل محطة نوعية في مسار الحراك الشعبي العراقي.

مشاركة واسعة من مختلف الأطياف

وضمّ المؤتمر شباباً وخريجين يعانون البطالة، وطلاباً وناشطين، إلى جانب كسبة وعمال وفلاحين، نساء ورجالاً ومن مختلف الأعمار، فضلاً عن شيوخ عشائر ووجهاء وخبراء وأكاديميين، وقوى سياسية وطنية. كما شاركت وفود من 12 محافظة، بينها بغداد والبصرة وكربلاء وواسط والنجف والناصرية وكركوك ونينوى، إضافة إلى ممثلين عن إقليم كردستان. هذا التنوع الاجتماعي والجغرافي أضفى على المؤتمر بُعداً وطنياً جامعاً، وأكد أن قضيتي المياه وخور عبدالله هما شأن وطني لا يخص فئة أو منطقة بعينها.

تنظيم المؤتمر

جاءت الفعالية بدعوة من اللجنة المركزية للاحتجاجات الوطنية التي نظمت أعمال المؤتمر، برئاسة الدكتور ضرغام ماجد. وقد شكّلت اللجنة فريق خبراء لإدارة أعمال المؤتمر، ضمّ الرفيق رائد فهمي، سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي، والنائب عامر عبد الجبار، والقاضيين المتقاعدين وائل عبد اللطيف وعبد الأمير الشمري، واللواء المتقاعد جمال الحلبوسي.

وناقش المؤتمر ملفين اعتُبرا مصيريين. في ملف شحّ المياه، أُشير إلى أن العراق يواجه أخطر أزمة مائية في تاريخه الحديث، مع انخفاض مناسيب دجلة والفرات، وتراجع مخزون السدود إلى 8% فقط، وجفاف الأهوار، وانهيار الزراعة، ومعاناة سكان البصرة من المياه المالحة والملوثة. واعتُبرت الأزمة تهديداً مباشراً للأمن الغذائي والسيادة الوطنية.

أما في ملف خور عبدالله، فقد اعتبر المشاركون الاتفاقية المتعلقة بالخور "جرحاً في السيادة العراقية"، مشددين على أنها ليست مجرد خلاف حدودي، بل قضية تمس الكرامة الوطنية، مع الإشارة إلى أن التنازلات بدأت منذ قرار مجلس الأمن 833 عام 1993، وتكرّست باتفاقية 2012–2013.

وقدّم الوزير الأسبق عامر عبد الجبار عرضاً فنياً وقانونياً حول أزمة المياه، محذراً من تداعيات ترك الملف معلقاً. فيما أكد القاضي وائل عبد اللطيف أن تمرير اتفاقية خور عبدالله يعد مخالفة دستورية جسيمة تستوجب المساءلة. ورأى اللواء جمال الحلبوسي أن خسارة الخور تهديد مباشر للأمن القومي.

من جانبه، اعتبر الحقوقي علي العبادي أن "المياه حق من حقوق الإنسان"، فيما دعا النائب ياسر الحسيني إلى تحرك فعلي مع تركيا لحماية الزراعة والأمن الغذائي.

كما شارك وفد من قيادة الحزب الشيوعي العراقي مثّلتهم "بشرى جعفر أبو العيس، دينا الطائي، ميعاد هادي القصير، وبهجت الجنابي" ، مؤكدين أن الدفاع عن المياه والسيادة هو دفاع عن حق الشعب بالعيش الكريم، وأن الحراك الشعبي سيبقى هو الضمانة في مواجهة المحاصصة والفساد.

التوصيات والقرارات

وخرج المؤتمر بجملة توصيات أبرزها مطالبة رئيس الوزراء بتنفيذ قرار المحكمة الاتحادية رقم (105/2023)، وإيداع القرار لدى الأمم المتحدة والمنظمة البحرية الدولية، وإيداع خارطة المجالات البحرية العراقية وفق قرار مجلس الوزراء رقم (266/2025).

كما أوصى بتكليف جبهة المعارضة البرلمانية بقيادة النائب عامر عبد الجبار بملف معالجة شحّ المياه، إضافة إلى مطالبة الادعاء العام باتخاذ إجراءات قانونية في حال عدم التنفيذ.

أكد المؤتمر أن هذه المطالب حقوق أصيلة كفلها الدستور والقانون الدولي، داعياً الحكومة والمجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياتهم. وشدد المشاركون على أن تجاهل هذه المطالب لن يمر من دون موقف شعبي واسع.

ورفع المشاركون لافتة كبيرة للتضامن مع الشعب الفلسطيني، مؤكدين أن معركة السيادة في العراق مرتبطة بقضايا الحرية والكرامة في فلسطين والمنطقة. كما رددوا هتافات ضد الفساد والمحاصصة وضد سياسات الاحتلال.

ختام المؤتمر

واختُتمت الفعالية بهتافات جماهيرية أكدت وحدة العراقيين في الدفاع عن حقوقهم، وكان أبرزها: "العراق أولاً… لن نقبل ببيع خور عبدالله، ولن نصمت أمام أزمة المياه والتنازل عن السيادة". لتخرج رسالة المؤتمر واضحة: العراق لا يُباع، وصوت الشعب سيبقى الضمانة الحقيقية لسيادته وكرامته.