العراق ومشاكل الطاقة
حفلت العديد من وسائل الإعلام خلال الأسبوع الحالي بتحليلات وتقارير إخبارية عن مشاكل الطاقة في العراق، سواء فيما يتعلق بتصدير النفط أو تلك المرتبطة باستيراد الغاز.
تصدير نفط الإقليم
ففي مقال له على موقع (Oilprice.com)، كتب ميشيل كيرن مقالًا ذكر فيه أن بغداد قد منحت موافقة أولية لاستئناف صادرات النفط من إقليم كردستان، والتي توقفت منذ عامين ونصف، على أن تسلّم حكومة الإقليم ما لا يقل عن 230,000 برميل يوميًا إلى شركة تسويق النفط العراقية "سومو"، مع احتفاظها بخمسين ألف برميل يوميًا للاستهلاك المحلي.
وأضاف الكاتب أن هذا التغيير يبشّر بقرب حل الخلاف الطويل الأمد حول صادرات النفط وتوزيع الإيرادات بين الحكومة الفيدرالية في بغداد وحكومة الإقليم في أربيل. وعلى الرغم من أن الأمر لم يكن مفاجئًا، إذ لطالما كان العراق قريبًا من استئناف صادرات نفط كردستان عبر خط الأنابيب المتجه إلى ميناء جيهان التركي على البحر المتوسط، فإن الفشل في حل العديد من القضايا العالقة بين بغداد وأربيل، وبين العراق وتركيا، وكذلك بين العراق وشركات النفط الأجنبية العاملة في كردستان، قد حال دون مواصلة التصدير إلى الساحل التركي حتى الآن.
وأشار الكاتب إلى أن قرار بغداد يتضمّن أيضًا منح شركات النفط الأجنبية موافقة مبدئية على خطة استئناف التصدير، وهو ما كشفه أحد التنفيذيين في شركة نفط دولية تعمل في كردستان لوكالة رويترز، حيث قال إن المناقشات مكثفة اليوم، وإنهم أقرب إلى اتفاق ثلاثي من أي وقت مضى، بعد أن أبدى الجميع مرونة.
وأكد الكاتب أن نجاح الطرفين في تطبيق الاتفاق سينهي صراعًا بينهما دام سنوات حول الجهة التي ينبغي لها، دستوريًا، احتكار تصدير النفط وتوزيع الإيرادات الناتجة عنه، خاصة وأن كلًّا منهما دأب على منح هذا الحق لنفسه، وهو ما أبقى التصدير، الذي بلغ متوسطه 400 ألف برميل يوميًا، متوقفًا لأكثر من عامين.
قضية الغاز التركمانستاني
ونشر موقع Alnvest مقالًا حول محاولة العراق استيراد الغاز الطبيعي من تركمانستان عبر إيران، بهدف التخفيف من أزمة الكهرباء المزمنة التي يعاني منها، وهو المسعى الذي تعرقل بسبب عدم موافقة الولايات المتحدة، ما أجبر بغداد على البحث بشكل عاجل عن حلول بديلة لتأمين إمدادات الكهرباء المحلية.
وذكر الموقع أن بغداد وعشق آباد قد اتفقتا في عام 2023 على استيراد الغاز الطبيعي من تركمانستان عبر إيران، رغم معرفتهما بأن هذا المسار ينطوي على مخاطر انتهاك العقوبات الأميركية المفروضة على إيران، مما يجعل الموافقة الأميركية ضرورية. ورغم أشهر من الجهود الدبلوماسية، لم تمنح الولايات المتحدة الموافقة المطلوبة. وقد أدّت سياسة "الضغط الأقصى" التي تبنتها إدارة ترامب ضد إيران إلى تعقيد مهمة العراق، خاصة في ظل التوازن الدقيق الذي تحاول بغداد الحفاظ عليه بين حليفين رئيسيين هما واشنطن وطهران.
تفاصيل الاتفاقية المقترحة
وذكر الموقع أن خطة العراق كانت تتضمّن استيراد نحو 50.25 مليار متر مكعب سنويًا من الغاز التركماني، بمساعدة الشركة الوطنية الإيرانية للغاز، التي كانت ستستخدم جزءًا من الغاز، لا يتجاوز 23 في المائة منه، لتلبية احتياجاتها المحلية، على أن يتم إشراك جهات رقابية دولية من أطراف ثالثة لضمان الالتزام بالعقوبات الأميركية ولوائح مكافحة غسيل الأموال.
انهيار الاتفاقية
وبسبب تصاعد الضغوط الأميركية بشأن البرنامج النووي الإيراني، انهارت الاتفاقية، مما وضع العراق في موقف حرج، خاصة مع اعتماده الكبير على الغاز المستورد من إيران منذ أكثر من عقد، والذي يوفّر ما يقرب من ثلث احتياجات العراق من الكهرباء.
وأشار المقال إلى أن العراق، وهو ثاني أكبر منتج للنفط في منظمة أوبك، قد فشل حتى الآن في الاستفادة من الغاز المصاحب لعمليات استخراج النفط بسبب ضعف الاستثمارات والنقص في البنية التحتية اللازمة. وفي الوقت الذي يؤدي فيه نقص الغاز الإيراني إلى خفض قدرة إنتاج الكهرباء في العراق بنحو 3,000 ميغاواط، وهو ما يعادل أكثر من 10 في المائة من إجمالي الطاقة الإنتاجية المركبة البالغة حوالي 28,000 ميغاواط، يقترح الخبراء حلولًا عاجلة يمكن لبغداد اعتمادها، مثل استيراد الغاز الطبيعي المسال (LNG) من قطر وعُمان، مع استئجار وحدة عائمة لاستقبال هذا الغاز، وتسريع تطوير مشاريعها في مجال الغاز الطبيعي، كمشروع حقل الرطاوي الذي تعاقدت عليه شركة TotalEnergies الفرنسية باستثمارات تبلغ 27 مليار دولار، ومشروع إعادة تطوير حقول كركوك العملاقة لاستخراج ما يصل إلى 3 مليارات برميل من المكافئ النفطي، والذي تعاقدت عليه شركة BP البريطانية.