الإنتخابات القادمة بين القانون وتفسيراته
نشر موقع "أمواج" البريطاني مقالًا ناقش فيه التحضيرات الجارية لإجراء الانتخابات التشريعية في تشرين الثاني المقبل، والإجراءات غير المسبوقة التي اتخذتها المفوضية العليا للانتخابات، باستبعاد عدد غير قليل من المرشحين، كان من بينهم نواب بارزون ومحافظون سابقون وقضاة وشخصيات عامة أخرى. وقد أثارت هذه الإجراءات جدلًا في المجتمع، ونُسِب لبعضها دوافع سياسية، وسط مخاوف من تأثيرات سلبية محتملة على العملية السياسية.
واحد من كل عشرة مرشحين
وذكر المقال أن 7440 مرشحًا قد سجلوا أسماءهم لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة لدى المفوضية، التي قامت لاحقًا باستبعاد 780 مرشحًا منهم لأسباب مختلفة، أي ما يعادل 10 في المائة، وهي نسبة بدت كبيرة، وتعرّضت بسببها المفوضية لانتقادات شديدة، لا سيما أن بعض المرشحين المُستبعدين كانوا أعضاء في المجلس التشريعي لدورات عديدة.
وفي الوقت الذي أكدت فيه المفوضية التزامها الكامل بتنفيذ جميع القرارات المتعلقة بالإقصاء، باعتبارها قرارات تستند إلى تقارير من مؤسسات الدولة الأخرى، وصف منتقدوها بعض قراراتها بأنها مُسَيَّسة، وتهدف إلى إقصاء بعض المرشحين الذين علّقت عليهم كتلهم آمالًا كبيرة، وكان من المتوقع فوزهم بفارق كبير.
ليست المرة الأولى
وأشار المقال إلى أن مثل هذه الإجراءات لم تُتخذ للمرة الأولى، فقد سبق اتخاذها وتعرضت لانتقادات لاذعة، من بينها ما ذكرته بعثة مراقبة الانتخابات التابعة للاتحاد الأوروبي، التي وصفت ممارسات المفوضية في عام 2021 بأنها "مبهمة" و"تفتقر إلى الشفافية".
ورأى الكاتب أن من أكثر القضايا إثارةً للجدل، هو التفسير الصارم لقانون الانتخابات العراقي، الذي يشترط على المرشحين "حُسن السيرة والسلوك"، لأنه يفتح مجالًا واسعًا للاستبعاد، ولا يقتصر على منع المرشحين ذوي السجلات الجنائية أو المتهمين بالفساد المالي أو الإداري أو غير ذلك من الأفعال التي تُشوّه السمعة بشكل واضح من الترشح، بل يتعداه ربما إلى خلافات في الرأي أو إبداء وجهات نظر معارضة.
الاجتثاث الحاسم
وتطرّق المقال إلى قيام المفوضية باستبعاد كل المرشحين المشمولين بقانون المساءلة والعدالة، بسبب انتمائهم السابق لحزب البعث المنحل، حيث يمنعهم القانون من تولي المناصب العامة. وعلى عكس الدورات الانتخابية السابقة، التي واجهت فيها عمليات الاجتثاث اتهاماتٍ باقتصارها على جهات محددة فقط، شملت إجراءات المفوضية الحالية اجتثاث مرشحين ينتمون إلى جميع القوائم الانتخابية تقريبًا، مما يبعدها كثيرًا عن الصبغة السياسية والطائفية المباشرة.
إقبال أم عزوف؟
ونقل المقال عن بعض المراقبين تصوّرهم بأن تؤدي الإجراءات المشار إليها أعلاه إلى انخفاض نسبة إقبال الناخبين، التي تشهد أصلًا تراجعًا ملحوظًا، لأنهم يرون في استبعاد الشخصيات المعارضة تقويضًا لثقة الجمهور في العملية السياسية.
ولهذا يثير هذا التصوّر قلق الحريصين، إذ تناقصت نسب المشاركة خلال الدورات الانتخابية الخمس الماضية من 89.5 في المائة عام 2005، إلى62.5 في المائة عام 2010، ثم إلى 60 في المائة عام 2014، وبعدها إلى 44.5 في المائة عام 2018، وأخيرًا إلى 43 في المائة عام 2021، بحسب الإحصائيات الرسمية.
ورأى الكاتب أن معالجة مشكلة العزوف عن التصويت، وإعادة ثقة المواطنين بإمكانية حصول التغيير عبر المشاركة في الانتخابات، هو السبيل الأهم لمنع حدوث اضطرابات اجتماعية، وربما حراك احتجاجي واسع من جديد.