اخر الاخبار

شهدت محافظات العراق خلال الأيام الماضية سلسلة احتجاجات شعبية ومهنية وطلابية، تعكس تزايد الضغوط على المواطنين والكوادر العاملة بسبب تردي الخدمات الأساسية، وتأخر تنفيذ التوجيهات الرسمية، وتراجع الالتزام بحقوق العمال والطلبة والأطباء.

وتنوعت هذه الاحتجاجات بين مطالب بتحسين الخدمات العامة، وضمان الحقوق الوظيفية، ومناهضة الرسوم الإلزامية على الطلبة في الجامعات، ما يعكس أزمة ثقة مستمرة بين المواطنين والجهات الرسمية في البلاد.

تدهور خدمات المياه في البصرة

وأصدر الحراك الشعبي في قضاء الدير والمناطق المحيطة، بما فيها النشوة والشافي والمصطفى، بياناً أعلن فيه عن نصب خيمة للاعتصام السلمي المفتوح واستئناف التظاهرات السلمية اعتباراً من يوم غد الاثنين عند الساعة الرابعة عصراً في فلكة النشوة، بعد إلغاء التعليق السابق للتظاهرات.

وأشار المحتجون إلى أن مواعيد ضخ المياه غير منتظمة، وفي حال وصولها فإن ضغط الشبكة يقلل من حصصهم، ما يضاعف معاناتهم اليومية، إضافة إلى الانقطاعات المتكررة لشبكة الاتصالات بسبب قرب حيهم من سجن البصرة المركزي، رغم قربهم من مبنى مجلس المحافظة.

وفي سياق مماثل، احتشد سكان حي بغداد (مقاطعة 353) داخل أحد جوامع المنطقة احتجاجاً على استمرار انقطاع مياه الشرب لليوم العشرين على التوالي، مشيرين إلى أن التوسع العمراني لم يرافقه زيادة في الحصص المخصصة للمياه، ما أدى إلى ضغط الشبكة وعدم قدرتها على تلبية احتياجات السكان. وأوضح الأهالي أنهم لوّحوا بتنظيم وقفات احتجاجية أمام مديرية ماء البصرة ومجلس المحافظة إذا لم يتم تلبية مطالبهم.

مطالب الموظفين المعارين لـ"توتال"

وواصل موظفو شركة نفط البصرة المعارون للعمل مع شركة "توتال إنرجيز" احتجاجاتهم أمام مقر الشركة في مخيم المجال منذ أكثر من أسبوع بعد انتهاء الدوام الرسمي.

وأكد المحتجون، أن تحركاتهم لا تعطل سير العمل، مشيرين إلى أن مطالبهم تشمل احترام اتفاقية الإعارة وتطبيق سياسة الموارد البشرية، وصرف المستحقات المالية في مواعيدها، وتعويض الإجازات غير المستخدمة واحتساب الساعات الإضافية بعد 154 ساعة عمل شهرياً.

ولفتوا إلى أن الشركة لم تلتزم ببنود الاتفاقية، ما أدى إلى تأخر صرف الرواتب والمكافآت، مهددين باللجوء إلى القضاء في حال استمرار التجاهل لمطالبهم.

السماوة تطالب بالخدمات

فيما طالب أهالي منطقة آل بو حسين في السماوة، الحكومة المحلية بتحسين الخدمات الأساسية التي تفتقر إليها منطقتهم منذ سنوات، وإدراجها ضمن أعمال الجهد الخدمي، مشددين على ضرورة استكمال المشروع المتوقف منذ أكثر من عامين قبل حلول موسم الأمطار.

كما نظم عدد من أطباء مستشفى الحسين التعليمي في السماوة، وقفة احتجاجية داخل المستشفى، للمطالبة بتعيين خريجي دفعة عام 2024 وتنظيم التدرج الطبي الوظيفي، مؤكدين أن هذه المطالب شرعية وقانونية وتساهم في تطبيق قانون التدرج الوظيفي، والسماح بالترقيات العلمية واستكمال الدراسات للأطباء العاملين.

أطباء الموصل يطالبون بالتعيين

كما نظم العشرات من خريجي كلية الطب في الجامعات بمدينة الموصل، وقفة احتجاجية مطالبين بتعيينهم أسوة بزملائهم، بعد مرور أكثر من عام على تخرجهم دون مباشَرة العمل.

وقال أحد المشاركين، أن موعد تخرجهم كان في تموز 2024، واليوم هم في تشرين الأول 2025 بلا تعيين، رغم أن قانون التدرج الطبي ينص على مباشرة الخريجين مهامهم خلال ثلاثة أشهر من تاريخ التخرج.

وأضاف المحتجون، أن التأخير الطويل بلا مبررات واضحة أثر سلباً على مستقبل الخريجين، وعلى دفعات سابقة منتظرة للإقامة الدورية والدائمة، مطالبين الحكومة ووزارة الصحة بإنهاء هذا الملف وإطلاق التعيينات بسرعة لضمان استقرار النظام الصحي في البلاد.

تخبط إداري يعيق إعادة تعيين الأطباء

اشتكى عدد من الأطباء المشمولين بقرار إعادة التعيين من التخبط الإداري في وزارة الصحة، مطالبين بإعادة تفعيل أوضاعهم الوظيفية وتمكينهم من العودة إلى وظائفهم بعد تعطل الإجراءات لأشهر.

وأكد تجمع الأطباء، أن توجيهات رئاسة الوزراء واضحة بإعادة ما يقارب 1000 طبيب إلى الخدمة، إلا أن إصدار أمر وزاري آخر ألغى القرار الأول، ما أدى لتعليق وضعهم الوظيفي والقانوني وتركهم بلا حقوق.

وأشار الأطباء إلى توقف معاملاتهم لدى وزارة المالية منذ 5/8/2025، ما أضر بتسلسلهم الوظيفي ومنعهم من التقديم على الدراسات العليا أو ممارسة العمل في القطاع الخاص، مهدداً النظام الصحي الذي يعاني نقصاً حاداً في الكوادر.

وطالب الأطباء مجلس الخدمة الاتحادي ووزارتي الصحة والمالية بالإسراع في إنجاز معاملاتهم، مؤكدين أن استمرار التعطيل يضر بحقوقهم وبمستقبل النظام الصحي وخدمة المواطنين.

أصحاب المطاحن في صلاح الدين

ونظم أصحاب المطاحن الأهلية في صلاح الدين، وقفة احتجاجية أمام مبنى المحافظة، طالبوا خلالها رئيس الوزراء بالتدخل لإيقاف العمل بمطحنة صلاح الدين "التجارية" لعدم التزامها بالقوانين، ولأن نقلها من محافظة السليمانية تم عبر شخصية "متنفذة".

وأكد المحتجون، أن المحافظة لا تحتاج إلى مطاحن إضافية، وأن الفائض الحالي وصل إلى 200%، موضحين أن أعمالهم تأثرت نتيجة تحويل عمليات الطحن بالكامل إلى المطحنة الجديدة وتقليص نسب المطاحن الأخرى، مطالبين بحماية مصالح أصحاب المطاحن وضمان توزيع عادل للمنتجات.

احتجاجات طلابية على تطبيق "HEPIQ"

وأطلق طلبة جامعات عدة حملة احتجاجية واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي وفي الحرم الجامعي، مطالبين بإلغاء إلزامية تطبيق "HEPIQ"، معتبرين أنه عبء مالي غير مبرر ويتعارض مع الدستور الذي يكفل مجانية التعليم.

وأكد الطلبة، أن التطبيق يفرض رسوم 66 ألف دينار سنوياً مقابل خدمات غير جوهرية، مؤكدين أن هذه الخطوة تمثل خصخصة مقنّعة للتعليم العالي وتتعارض مع المادة 34 من الدستور.

وطالبوا وزير التعليم العالي بالتدخل وإيجاد حلول بديلة تضمن تطوير التعليم الإلكتروني دون تحميل الطلبة أعباء مالية، داعين البرلمان ولجنة التعليم العالي لمراجعة القرار ومحاسبة المسؤولين، مع التحذير من أن استمرار الرسوم قد يحرم شرائح واسعة من الفقراء من الدراسة الجامعية.

وأوضح خبراء قانونيون، أن فرض رسوم إلزامية على طلبة الجامعات الحكومية يحتاج إلى تشريع خاص أو موافقة برلمانية، وأن أي قرار وزاري منفرد لا يكفي، محذرين من أن استمرار هذه الإجراءات قد يهدد مبدأ مجانية التعليم. كما حذر اقتصاديون من أن استمرار فرض هذه الرسوم قد يمنع شرائح واسعة من الطلاب الفقراء من إكمال دراستهم الجامعية، خصوصاً في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة وارتفاع تكاليف المعيشة.