شهدت مدن عدة سلسلة من الاحتجاجات والتظاهرات التي عبّر من خلالها مواطنون وشرائح مختلفة من الموظفين والمعلمين والأهالي عن مطالب متنوعة، تراوحت بين المطالب الخدمية والحقوق الوظيفية والعدالة الاجتماعية، وصولاً إلى قضايا إنسانية مرتبطة بحقوق الإنسان والعدالة الجنائية.
احتجاج موظفي نفط البصرة
ونظم موظفو شركة نفط البصرة المعارون للعمل مع شركة توتال إنرجيز يوم الثلاثاء وقفة احتجاجية سلمية أمام مقر الشركة في مخيم المجال بعد انتهاء الدوام الرسمي.
ورفع الموظفون شعارات تطالب بتنفيذ بنود اتفاقية الإعارة وسياسة الموارد البشرية المنظمة لأوضاعهم المالية والإدارية، مؤكدين أن الاحتجاج حضاري ولا يهدف إلى تعطيل العمل أو التأثير على سير العمليات النفطية.
وقال عدد منهم "وقفتنا اليوم سلمية وهدفها حماية حقوقنا. احتجاجنا حضاري ولا يعطل العمل، ونحن ملتزمون بواجباتنا اليومية. لكن شركة توتال لم تلتزم باتفاقية الإعارة ولا بسياسة الموارد البشرية، وهناك تأخير في صرف الرواتب والبدلات والمكافآت."
وأضافوا أن مطالبهم تشمل احترام اتفاقية الإعارة، وتطبيق سياسة الموارد البشرية على جميع المعارين، وتعويض الإجازات غير المستخدمة مالياً، واحتساب الساعات الإضافية بعد 154 ساعة عمل شهرياً، وضمان المساواة في المكافآت مع موظفي نفط البصرة وغاز الجنوب.
وحذروا من استمرار تجاهل حقوقهم، مؤكدين أنهم سيلجؤون إلى التصعيد السلمي عبر رفع شكاوى رسمية إلى الجهات الحكومية، واللجوء إلى القضاء، ومواصلة تنظيم الوقفات الاحتجاجية حتى تحقيق كامل مطالبهم.
وشهدت منطقة الجنينة في محافظة البصرة، تظاهرة واسعة نظمها مواطنون مشمولون بالمادة 140 من الدستور العراقي، مطالبين بصرف التعويضات المالية وقطع الأراضي المقررة لهم منذ سنوات، والتي لم يحصل عليها أغلبهم حتى الآن.
وقال عدد من المتظاهرين إن عدد المشمولين بالمادة 140 يقدر بنحو 170 ألف شخص، ولم تتمكن سوى قلة قليلة منهم من استلام التعويضات المقررة والتي تشمل مبلغ 10 ملايين دينار عراقي مع قطعة أرض سكنية.
وأكدوا أن عملية صرف التعويضات اقتصرت على أصحاب العلاقات والنفوذ، ما فاقم معاناتهم وطالبتهم بمحاسبة الجهات المسؤولة.
وأضاف المتظاهرون: "خرجنا لإيصال أصواتنا، ونتوعد المسؤولين بخطوات تصعيدية تشمل مقاطعة الانتخابات المقبلة إذا استمر تجاهل حقوقنا."
وشهدت التظاهرة رفع شعارات تطالب الحكومة بسرعة تنفيذ المادة 140 وضمان وصول الحقوق إلى جميع المستحقين، بعيداً عن المحسوبيات والواسطة، معتبرين أن هذا الإجراء هو أقل ما يمكن تقديمه لتعويضهم عن سنوات الحرمان من حقوقهم المشروعة.
معلمو نينوى يطالبون بالنقل
وفي نينوى، طالب 121 معلماً ومدرساً من المعيّنين في عام 2020 بالسماح لهم بالنقل إلى مركز مدينة الموصل بعد إتمامهم المدة القانونية للخدمة في أقضية بعيدة مثل البعاج وربيعة التي تبعد نحو 170 كيلومتراً عن أماكن سكناهم.
وقال عدد من المحتجين إنهم خدموا أكثر من خمس سنوات في تلك الأقضية، في وقت نُقل فيه بعض زملائهم إلى داخل الموصل مباشرة دون أن يخدموا يوماً واحداً في المناطق النائية. وأشاروا إلى أن التعيينات الأخيرة التي وفرت أكثر من 22 ألف معلم وإداري، إلى جانب عقود جديدة، كان يفترض أن تُنهي معاناتهم، لكن المشكلة ما زالت قائمة.
وأكدوا أن مطالبهم تتمثل في إصدار قرارات منصفة تعالج الغبن وتضمن العدالة في توزيع الملاكات التربوية، استناداً إلى القانون العراقي الخاص بوزارة التربية الذي ينص على خدمة المعلمين والمدرسين في أطراف المدن بداية التعيين على أن يُنقلوا لاحقاً إلى مناطق أقرب بعد إكمال المدة القانونية.
أهالي الدسيم يطالبون بالخدمات
وفي العاصمة بغداد، تظاهر العشرات من أهالي منطقة خضراء الدسيم أمام مبنى مجلس محافظة بغداد، للمطالبة بتوفير الخدمات الأساسية وإنشاء مدرسة لأبنائهم.
المحتجون وجهوا هتافات ضد الحكومة المحلية، مطالبين المحافظ بالحضور شخصياً إلى موقع التظاهرة والاطلاع المباشر على معاناتهم، ولوّحوا بالتصعيد في حال تجاهل مطالبهم.
وقال المتظاهرون: "نحن أهالي منطقة خضراء الدسيم نطالب رئيس الوزراء بالتدخل الفوري لحل مشاكلنا ونرفض سياسة التهميش. نطالب بتوفير الماء والمدرسة والتبليط والمجاري، فمناطقنا منكوبة ولا توجد فيها أي خدمات عامة."
احتجاج عشائري بعد وفاة معتقل
وفي محافظة واسط، أقدم العشرات من أبناء عشيرة العايد على قطع الطريق العام المقابل لمستشفى الزهراء في حي الكفاءات بمدينة الكوت، احتجاجاً على وفاة أحد أبنائهم البالغ من العمر 48 عاماً، بعد اعتقاله من قبل قوة أمنية مجهولة.
وبحسب أقارب الضحية، فقد تم اعتقاله من دون معرفة الجهة المنفذة للعملية، قبل أن يتم الاتصال بالعائلة بعد ساعتين لإبلاغهم بوجوده في المستشفى وقد فارق الحياة. وأكدوا وجود آثار تعذيب على جسده وساقيه.
وقال أحد أقارب المتوفى: "الرجل يعمل نائب ضابط في الجيش، وقد اعتقلته قوة لم نتأكد من هويتها حتى الآن، ربما تكون من المكافحة أو الشرطة. لاحظنا آثار تعذيب واضحة عليه، ما دفعنا إلى هذا التصعيد الاحتجاجي للمطالبة بالقبض على القوة المتورطة والتحقيق معها."
وقد تدخل قائد شرطة المدينة ووعد بفتح تحقيق رسمي في الحادث، غير أن الوساطات لم تنجح في ثني المحتجين عن مواصلة اعتصامهم أمام المستشفى.