اخر الاخبار

يشيع في العراق استخدام أكياس النايلون في حمل المواد الغذائية أو تغليفها، رغم مخاطر هذه المادة على الصحة والبيئة. لكن الأخطر – حسب ما يؤكده اختصاصيون – هو استخدامها من قبل أصحاب الأفران بدل أن يستخدموا الأكياس الورقية التي تُعتبر أقل خطورة. إذ ان وضع المخبوزات الساخنة في أكياس بلاستيكية يُحدث تفاعلات كيميائية خطيرة على الصحة، تصل إلى حد الإصابة بأمراض سرطانية.

ومع ازدياد التحذيرات من وضع المخبوزات في الأكياس البلاستيكية، ورغم خطورة الأمر، لا يوجد أي تحرك حكومي لإلزام أصحاب الأفران باستخدام الأكياس الورقية، الأمر الذي دفع ناشطين ومنظمات مدنية، إلى إطلاق حملات تطوعية لحث أصحاب الأفران على استخدام الأكياس الورقية، مع تنبيههم إلى مخاطر البلاستيكية.

ويوضح اختصاصيون أن من بين المواد الكيميائية الضارة التي تصدر عن النايلون بفعل الحرارة، مادتي الفثالات والبيسفينول اللتين تتسببان في مشكلات صحية خطيرة كالاضطرابات الهرمونية، ضعف الخصوبة والسرطان، مبينين أن حرارة الخبز الساخن تؤدي إلى تفكك جزيئات البلاستيك، وبالتالي استخراج مواد كيميائية وتسربها إلى الخبز.

ويعاني العراق تلوثا بيئيا بمستويات عالية، ما يضعه في مراتب متقدمة عالمياً في مجال التلوث. فيما يشكل استخدام النايلون لحفظ الخبز والأطعمة أحد أبرز المخاطر التي تتسبب في أمراض سرطانية جراء تسرب مواد كيميائية من تلك الأكياس إلى الطعام.

حملات تطوعية بحاجة إلى جهد حكومي

في هذا السياق، تبنت الناشطة الشابة ندى عبد الصمد، الترويج لاستخدام الأكياس الورقية في الأفران والمخابز.

تقول ندى في حديث صحفي، أنه "ذات يوم سافرت إلى دولة رواندا الأفريقية، ولم يسمحوا لي بالدخول ما لم أقم بإفراغ الأكياس البلاستيكية الموجودة في حقائبي، لأن الحكومة هناك تحظر دخول هذه الأكياس"، مبينة أن "الفكرة رسخت في ذهني، وحفّزتني على نقلها إلى العراق. فبحثت عن جهات تدعمني وتساعدني في إطلاق مبادرة توعوية في هذا الشأن".

وتشير إلى انها لجأت إلى إحدى المؤسسات المدنية وطرحت عليها فكرة إطلاق حملة واسعة لحث أصحاب الأفران على استبدال الأكياس البلاستيكية بالورقية، فحظيت الفكرة باستحسان المعنيين في المؤسسة، مضيفة قولها أنه "قمنا بنشر ملصقات تُحذر من الأكياس البلاستيكية، وجلبنا أكياسا ورقية ووزعناها على أصحاب أفران ومخابز ومطاعم".

وتنوّه ندى إلى انه "على الرغم من أهمية الحملة، التي ساهمت معي فيها مجموعة من الشباب، إلا أن نجاحها كان وقتيا. فمثل هذه الحملات يحتاج إلى جهد دولة وقوانين مُلزمة تتحدد بموجبها عقوبات ضد المخالفين".

وتلفت إلى ان "حملتنا استطاعت استقطاب كثيرين في التعاون والاستجابة، لكن هذا النجاح غير كافٍ، لأن أصحاب الأفران يشكون من ارتفاع أسعار الأكياس الورقية مقارنة بأكياس النايلون"، مطالبة الحكومة والقطاع الخاص بإنشاء معامل للأكياس الورقية لتزويد أصحاب المحال بها بأسعار مدعومة.

وتضمنت الحملة - وفق ندى "نشر وتوزيع ملصقات توعوية توضح عملية تفاعل النايلون مع الحرارة وإفرازه مواد مسرطنة مثل الديوكسين، إضافة إلى توضيح الفرق بين استخدام الأكياس البلاستيكية والأكياس الورقية من ناحية التأثير على الصحة".

وثمة تجربة مماثلة قام بها الناشط البيئي عبد الله العبيدي. إذ يقول أنه شكل مع ناشطين فريقاً يُعنى بالسلوكيات الصديقة للبيئة في مختلف الأنشطة المجتمعية، بهدف تقليل النفايات والملوثات.

ويضيف في حديث صحفي قوله: "أطلقنا حملة بيئية أشركنا فيها بعض المسؤولين في محافظات كركوك وصلاح الدين ونينوى. وقد تم خلالها توزيع أكياس ورقية على أصحاب مخابز وأفران"، مشيرا إلى أن "المخبوزات والأطعمة الساخنة التي تغلف بأوراق البلاستيك، تسبب أضرارا صحية جسيمة. فالنايلون يحمل مواد مسرطنة".

حملة حكومية لم تُحظَ بتفاعل مجتمعي

من جانبه، يقول مدير قسم التوعية في وزارة البيئة، صلاح الزيدي، أن "الوزارة أطلقت حملة عامة امتدت من 2019 إلى عام 2022 بدعم من منظمة اليونيسيف، لمعالجة التلوث، خاصة في مجال استخدام النايلون في المطاعم والمخابز".

ويضيف في حديث صحفي قائلا أن "الحملة شملت جميع المحافظات، إلا أن التفاعل والالتزام من قبل أصحاب المطاعم والأفران كان محدوداً للغاية "، لافتا إلى أن "حكومة نينوى هي الوحيدة التي استجابت للحملة، بإلزامها أصحاب الأفران والمخابز بوضع المخبوزات في أكياس ورقية".

أكياس النايلون تقتل الحيوانات!

حسب اختصاصيين، فإن "استخدام النايلون له أضرار بيئية، ويؤثر على العديد من الكائنات الحية. إذ يتعرض أكثر من 700 نوع من الحيوانات البرية والبحرية لأضرار جسيمة بسبب أكياس النايلون".

وعن ذلك يقول رئيس المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان في العراق فاضل الغراوي، أن "الأكياس البلاستيكية الشفافة تتسبب في موت السلاحف البحرية التي تظن أنها قناديل بحرية فتأكلها، وهو ما يؤدي إلى نفوقها، كما تؤثر على الشعاب المرجانية بسبب حجب الضوء عنها، فضلاً عن تسببها في نفوق أعداد من الثدييات والحيوانات البرية مثل الجمال والأبقار".

ويوضح الغراوي في حديث صحفي، أن "استخدام أكياس النايلون في تغليف الخبز والأطعمة الحارة خطير جدا. فهناك مواد ضارة تتسرب إلى الطعام تصدر عن النايلون بعد تفاعله مع الحرارة".