اخر الاخبار

تعيش قرى جنوبي محافظة بابل، لا سيما التابعة إلى قضائي الكفل والقاسم وناحية الشوملي، أزمة بيئية واجتماعية حادة، بعد أن جفّت الأنهر بالكامل وتحوّل الماء من حاجة يومية بديهية إلى حلم. وبينما يُحرم الأهالي من إغاثة حكومية لإنقاذهم من واقعهم المرير، تدهورت مزارعهم ونفقت أعداد كبيرة من مواشيهم، ما اضطر الكثيرين منهم للهجرة إلى المدن.

السرطان يفتك بالأغنام!

تنقل وكالة أنباء "شفق نيوز" عن أحد سكان قرى جنوبي بابل، قوله أنه وأبناء قريته يعملون في تربية المواشي، وبسبب أزمة المياه لم تبق لديهم مواشٍ.

ويوضح في حديث صحفي أنه "قمنا ببيع أغنامنا. قسم منها نفق، وقسم آخر أصيب بالسرطان. إذ تنتفخ بطن الخروف، وبعد يومين يموت"! ويضيف الرجل الذي لم تذكر وكالة الأنباء اسمه، أنه "كنا نملك أكثر من خمسين رأس غنم، واليوم لا نملك شيئا من ذلك. الناس تركوا القرية بسبب العطش".

ولا يقتصر هذا المشهد المأساوي على نفوق المواشي وحسب، بل يطاول العملية الزراعية، التي بدأت تتراجع في تلك القرى منذ العام 2003، في ظل غياب أي خطة حكومية فعلية لإغاثة السكان ومزارعهم.

يقول المواطن حمزة راضي، وهو أب لستة أطفال: "لم أزرع شيئاً في أرضي منذ 10 سنوات. الماء انقطع نهائياً، جداولنا جفّت، وما لم يجف منها أصبح ماؤه مالحا".

ويضيف في حديث صحفي قوله أن الأهالي يشترون الماء من أصحاب الصهاريج، ما يثقل كواهلهم بنفقات كبيرة.

أزمة نزوح

وعلى إثر أزمة المياه، اضطر العديد من سكان قرى جنوبي بابل إلى الهجرة نحو المدن. بينما علقت العائلات الفقيرة في دوامة الفقر والتهميش، إذ لم يبقَ لها مصدر دخل بعد موت مواشيها وتوقف زراعتها. وفي هذا الصدد تنقل "شفق نيوز" عن أحد السكان، قوله أنه "وصلنا إلى مرحلة حرجة. بتنا نبيع كل شيء حتى نشتري صهريج ماء لتأمين احتياجاتنا اليومية من المياه. ليس لدينا قدرة مالية للاستمرار. ناشدنا كل الجهات المعنية، لا أحد يسمع".

بدوره، يشكو أبو أحمد من شح المياه الحاد في قراهم الواقعة قرب مدينة الكفل. ويقول أنه يجول الأراضي يوميا بأغنامه، لعله يحصل لها على ماء، تحت درجة حرارة مرتفعة تُقارب الخمسين مئوية.

هل عجزت الحكومة عن إيجاد حل؟!

إلى ذلك، يقول مدير الموارد المائية في بابل، مثنى الوطيفي، أن "بابل من أكثر المحافظات تضرراً من انخفاض الإيرادات المائية القادمة من دول المنبع"، موضحاً في حديث صحفي أن "تصريف شط الحلة لا يتجاوز 70 إلى 73 مترا مكعبا في الثانية، وهو لا يكفي لتغذية الجداول، ما يعرّضها للجفاف الكامل". ويضيف قوله أن "وزارة الموارد المائية لم تُقر أي خطة زراعية صيفية لهذا الموسم بسبب شح المياه الحاد"، لافتا إلى أن "الوزارة توجّه بتأمين المياه لمراكز الأقضية والنواحي ومجمعات الإسالة فقط".

جدير بالذكر، أن قرى عديدة في جنوبي بابل، نظمت صيف العام الماضي تظاهرات احتجاجا على أزمة المياه. ومنها قرى ناحية الشوملي. حيث أغلق الأهالي الطريق الدولي، لكن ذلك لم يُقابل بأي إجراء حكومي لمعالجة الأزمة.  وتظاهر وقتها أهالي قرى الخضرية وطريمش والاكرع والبو محيميد والسعيد والبو سلطان والعواودة، بعد مضي ثلاث سنوات على جفاف جدولي أم الورد والعتاب اللذين يمدانهم بالمياه.  وأكد الأهالي أنهم أكثر من ثلاثين ألف عائلة تعيش حياة مأساوية جراء أزمة المياه. حيث هلكت مزروعاتهم ونفقت مواشيهم. وفي تلك الاثناء، ذكر مدير ناحية الشوملي عادل الخيكاني في حديث صحفي، أن معاناة أهالي القرى جراء شح المياه كبيرة جداً، مستدركا "لكن الموضوع متعلق بوزارة الموارد المائية، وهي الجهة المسؤولة عن جدول الحصص المائية ولا يمكن لنا أن نتدخل".