قد يعتقد بعض المسؤولين وقادة الرياضة العراقية ومؤسساتها أن واجب الصحافة الرياضية والإعلام الرياضي هو كيل المديح والتشجيع للمؤسسات الرياضية وقادتها فقط، ولا مجال عند هؤلاء المسؤولين، ولا فرصة للصحافة والإعلام الرياضي، في أن يوجِّها النقد أو أن يشيرا إلى عمل خاطئ أو أداء فاشل في هذه المؤسسات. ذلك لأن قادة هذه المؤسسات ومسؤوليها لا يقبلون نقدًا أو ملاحظة تجاه أداء مؤسساتهم الرياضية، لأنهم، كما يعتقدون، قد بلغوا الكمال، ولا يحق لأحد أن ينتقدهم، حتى ولو كان من السلطة الرابعة (الصحافة).
أحبّائي العاملين في المؤسسات الرياضية: أنتم بشر، ولستم معصومين من العيوب والأخطاء، وما دمتم تعملون في الساحة الرياضية، فإن عملكم عرضة للنواقص والخلل. إن جميع الأعمال والنشاطات الإنسانية، ومنها العمل الرياضي، قابلة للخطأ والصواب، لذا أطالب أحبتنا قادة القطاع الرياضي أن يكونوا مؤمنين بقيم الرياضة وسلوكها، وأن يدركوا أن العمل في هذا القطاع هو جهد إنساني قابل لكل الاحتمالات. وعليكم، يا قادة القطاع الرياضي، أن تؤمنوا بهذه الحقيقة الثابتة، وأن تمارسوا دوركم انطلاقًا من هذا المبدأ: أن العمل الرياضي هو عمل إنساني، قابل للنجاح والتفوق، مثلما هو قابل للفشل والأخطاء.
ولكن، مع الأسف، نجد أن بعض قادة الرياضة ومؤسساتها يكونون على وفاق وانسجام عندما يرون الإعلام والصحافة يمتدحان أعمالهم ويباركان جهودهم، بينما نجدهم، في أحيان أخرى، ينزعجون جدًا من هذا الصحفي أو ذاك الإعلامي الذي أشار إلى عيوب واضحة في أنشطتهم أو إلى نواقص رافقت ألعابهم، مما دفع بعض الإعلاميين إلى تدوين ملاحظات نقدية مشروعة. وهنا نجد بعض قادة المؤسسات الرياضية يصبّون جام غضبهم وهجومهم على من كتب نقدًا، أو قدم ملاحظة، أو أشار إلى خلل في نشاطهم الرياضي، الأمر الذي يستدعي تواصل الشكاوى، وقد تصل بعضها إلى المحاكم.
إننا نقول لأحبتنا في المؤسسات الرياضية: نحن نعيش اليوم تجربة جديدة، وواقعًا رياضيًا مختلفًا، بعيدًا عن فترات الحكم الدكتاتوري السابقة. وإن الإعلام، بشكل عام، والإعلام الرياضي بشكل خاص، هو سلطة حقيقية، من حقها بل من واجبها أن تحاسب المقصرين، وتفضح الفاسدين، وتكشف المتلاعبين بالمال العام. كما أن من واجب الإعلام والصحافة الرياضية تسليط الضوء على العمل الجيد والأداء السليم، تمامًا كما يُسلَّط الضوء على العيوب والنواقص والأخطاء، أيًا كان مصدرها، حفاظًا على المصلحة العامة والمال العام.
أما أن يعتقد بعض قادة الرياضة ومؤسساتها أن دور الصحافة والإعلام ينحصر في خدمة النشاطات الرياضية فقط، دون الإشارة إلى العيوب والأخطاء، فإن هذا النوع من الأداء الصحفي والإعلامي لا ينتمي إلى الصحافة الحرة والملتزمة، بل يندرج ضمن ما يسمى بـ"الصحافة الصفراء" أو "المشبوهة".
نحن نعمل من أجل الارتقاء بالنشاطات والفعاليات الرياضية التي تخدم الوطن وتسعى إلى تطوير الأداء الرياضي. فمن نجح وتفوق، يستحق الإشادة والثناء، أما من قصَّر أو أخفق، فإن الواجب الوطني يفرض علينا تذكيره بأخطائه وتقصيراته، سعيًا للإصلاح والتغيير، فهذه هي سنة الحياة. ومن لا يعجبه هذا النهج والسلوك الصحفي القويم، فعليه أن يشرب من ماء البحر.