اولاً
بمعية اجدادي الذين احتلوا مستنقعات القرن السابع عشر و اقتعدوا حافات اليابسة ليضعوا مخططاتهم في احتلال اليابسة واستعمار بلاد الفرنجة و بلاد العجم ،خيولهم ملأت الكتب بالصهيل ،ومعاطف الجنود المتقدمين بصيحة :، الى الأمام كان الصقيع يملأ جيوبهم بالهتافات و عيونهم باليقظة، ومن خلفهم اسراهم يجرون عربات طبخ الطعام، هتافاتنا بأسماء الثوار و الشعراء و تجار القمح غير المعفر بأسماء المهندسين الذين اقترحوا انها ر النيل و بردى و دجلة و الفرات، و الدانوب و السين الذين اقترحوا الإنهيارات الثلجية و ارتفاع مناسيب المياه الجوفية ، حين تم ذلك اطلقنا الفتوحات ، البلدان تدخل حقائبهم مغلولة الأيدي ،جغرافيات بمساحات هائلة من الأنهار و البساتين ،أماكن اللهو، و خيولنا تطأ الكنائس و المتنزهات، زعماؤنا الثوريون يجلسون على الوثير من الأرائك، ولا أحد يعلم بما يحدث هناك في الشرق او في الغرب ،الجميع خيول و مقاتلين و قيادات الجميع كان قاسياً غير مستعد للإنسحاب ، بعيداً. عما لا تقتلوا عجوزاً او طفلاً او امرأة، ولا تقلعوا شجرةً ، حروب بدائية ،كائنات لم نعهد الحروب بعد.
ثانياً
سلام الله عليك وانت تؤثث لجسدك بعض الزهد بالحياة، تتعقب غرائزك، تهذب بعضها و تقص اجنحة طيور البعض الآخر ،و تترك اخريات تتلاعب بالبعض مما تحب، سلام الله عليك لحظة تشعر بالبرد الشتائي بالأمطار وهي تبلل كل ما ترتدي من خشن الملمس حتى ما يغطي قدميك، فتلتزم الصمت على أمل أن توقد نيران الأنهار وانت تجتاز أمواجها كأي دولفين، نيران مجمرة تتقد تكتفي بجانب منها توقد ما يتوفر بين يديك من اطراف نهار مشمس ،من حريق صغير يعم غرفة ذكرياتك،،ما كنت مستعداً لترك نعاس والديك و تلك المرأة الأرملة التي كثيراً ما دعتك لمواقدها وانت ترتجف من برد ثقيل من شيء يشبه الثلج يغطي عمتك ، فتتذكر الزهد بالموبقات ، السلام عليك و على آبائك و على من سيأتي من ذريتك ،لم تتكاسل في محبتك لنسيم الصباح او لعتمة ليل، ما إن تسمع نشيجاً لإمرأة تضع صغيرها حتى توقع عقداً مع نهار ممطر او ليل دامس، العتمة ضوء ساطع لا أرحام مثله يفاجئ اللصوص و الحراس الليليين و التائهين بأرض الله إن حافلة قادمة تحمل مصابيح الساعات الاربع عشرة القادمة من التخلي عن الموت المؤقت.
السلام عليك و على أهلك و ذويك و أحبتك ،،سلام على المتناقضين ، على المتحاربين ، السلام على اليابسة والرطبة على ما فوق الأرض و على ما في باطنها ،السلام على الارض العائمة الطافية، السلام على روحك و هي تستعد لتحلق بجناحين لتترك جسدك فص رميم.
ثالثاً
حدثني إن شئت عن جنوب العالم، فأنا أفضل أن يكون حديثك عن عمال السواحل المنشغلين بتجميع نفايات ما نأكل، وما نرتدي وما نترك خلفنا في الدورات من مناديل ورقية. بدل أن تحدثني عن رداءة صناعة عابرة، حدثني عن تاريخ الشعوب ، عن الثورات عن "عشرة ايام هزت العالم"، او رواية "يولسيس" و "العقب الحديدية" لا تحدثني عن الأوبئة و الخسائر والحروب ،الدمامل و الاورام غير الحميدة التي ملأت جسد العالم، حولته الى جرثومة قادرة على التهام الشرق بكل ادوات اللحام بالولدن او الأوكسجين و مكائن الخراطة، و الحفارات،،عالم عبارة عن مصهر ،بركان ،آلة هائلة ليست بحاجة للتزود بالطاقة.
حدثني عن الشعوب المقاومة ،عن وكالة المخابرات الأمريكية،،عن مجلة "شعر٦٩" و فاضل العزاوي ،عن الكيمياء عن الارض و جوفها، حدثني عن نسوة يضعن كل عام ويرضعن و يعجن و يخبزن و يطبخن وينظفن انفسهن وسكان البيت من غير سونار للتلقيح ضد مرض (الگزازى)، لا قابلات مأذونات ، يلدن في الحقول بالقرب من الابقار ، ليكمل اولادهن الدراسة الثانوية من غير دفاتر نفوس، هكذا يتشكل وجودك واضحاً كأي فارس على رأسه ريشة.