اخر الاخبار

الحياة دائرة تدور بها الإحداث و تعاد  علينا  أحداث مررنا بها من قبل،   أنا حاليا عمري 42 سنه و الحمد الله عندي مطعم وجبات سريعة يجهز البرجر و الشاورما (الكص ) حسب اللهجة  العراقية، لكن في أحد الأيام كانت هناك سيدة مع ابنها الصغير  كانت عائده  من المدرسة بعد انتهاء الدوام الرسمي تحمل حقيبة ابنها، مرت من أمام المطعم،  هنا الابن طلب  سندويش شاروما،  يبدو إن السيدة لا تملك ثمن السندويش، كنت في داخل المكتب أراقب  ماذا ستفعل؟ سألت العامل عن ثمن السندويش الواحد قال لها العامل (2000) دينار يا  أختي،  بدا الرقم كبيرا و صاحت على ابنها و أمسكت يده بقوة لنذهب لا أملك ألفين دينار، لكن الصغير وكأنه تسمر في مكانه، أما  الشاورما أو لا أتحرك أبدأ،  لكن وجه السيدة بدا مألوفا، نعم أنا أعرفها فعلا  إنها (سوزان سعد ) زميلتي في الصف السادس الابتدائي، تذكرتها  ناديت  على العامل حضر  دبل سندويش شاورما،  وتبعتها و قلت توقفي يا أختي،  التفت وقالت ماذا تريد،  أعطيت للصغير السندويش وقلت هل نسيتي وجهي يا سوزان؟  تمعنت بالنظر وقالت هذا انت يا سالم  ...فقلت لها مر وقت طويل كنت أنا وأنت عصابة الصف شكرتني وانصرفت .

 أتذكر سنة 1993 كانت سوزان سعد ابنة العائلات الثرية، والدها حسب ما أذكر صاحب أملاك وعنده  سيارة حديثه نوع سوبر1981 ، و أمها المعلمة و المديرة للمدرسة، أخ  سناء أصغر منها بسنه في الصف الخامس، طارق  المدلل الوسيم الأشقر 

موضوع القصة، إني أرجعت لسوزان معروفا قديما ...سابقا  كان قرب مدرستنا مطعم شاروما  راق،  لكن نحن الفقراء نقف نشاهد  من بعيد فقط  منظر اللحم المشوي على السيخ الكبير ومن ضمنهم أنا،  كنت أقول ما هو طعم الشاورما، سألت والدتي المسكينة، أخبرتني أنه مثل الباذنجان المشوي التي كانت وجبتنا الرئيسية،  فكنت أمثل أني أأكل الشاورما  عند أكل الباذنجان،  لكن تشاء الصدف أن أكون محظوظا في ذالك اليوم،  في نهاية دوام  المدرسة تأخر والد سوزان  عن الحضور لاصطحابهم و المديرة الأم تأخرت في الإدارة  إذ  دخل طارق في شجار بالأيدي مع بعض الصبية في المدرسة،  سوزان وطارق كانا معتادين  دوما على الشراء يوميا من نفس المطعم كل واحد سندويش شاروما مع علبة بيبسي  من النوع الكبير.

سوزان تسعى الي راكضه وتقول امسك يا سالم وأعطتني سندويش دبل وعلبة بيبسي كبيره وتهب إلى مساعدة أخوها طارق، بعد القتال (طاخ طيخ) تتدخل المديرة ويهرب الصبية المشاكسون والأب يحضر بسيارته الموضوع صار وكأنه فلم ملحمي يصعد الأولاد والأم الى السيارة، وقفت أنا أمام السيارة كي تلاحظني سوزان وأعطيها السندويش مع البيبسي لكن العائلة كانت مشغولة بأحداث العراك.

جلست قرب منزل تحت ظل شجرة السدرة كانت رائحة لحم السندويش الطازج تفوح وعلبة البيبسي البارد معي، انتظرت مدة من الوقت، بعدها أكلت السندويش قطعه قطعة وشربت البيبسي وعشت اللحظة كما يقول الإعلان، عدت وانا لم أتناول الغداء ولا العشاء لكن بقيت في حيرة يا ترى ماذا سأقول لسوزان يوم غد الأربعاء اختلقت بعض الأعذار لكنها كانت بسيطة جدا.

سوزان تغيبت عن الدوام كنت سعيدا جدا لكن غدا لناظره لقريب، غدا الخميس  

والخميس فيه رفعة العلم ويعاقب فيه المقصرون بالضرب حسب قانون المدارس العراقية، لكن حدث العكس عوقب الصبية الذين تشاجروا مع طارق، في فرصة الدرس الأول جاءت الي سوزان وقالت لي هيا سالم تعال نلعب قلت لها سوزان انا أسف، فردت آسف على ماذا سالم .... لقد أكلت الطعام الذي اشتريته من المطعم،

سوزان وتأسف لهذا ... اعتبره هدية مني إليك أنت مثل طارق، شعرت بسعادة غمرتني لكن لماذا سوزان فقيرة الحال؟ ليس عندي علم لأني لم أرها منذ ان تخرجنا من السادس الابتدائي.