تنظيمات الحزب الشيوعي بمثابة العائلة الكبيرة لي، فلدي أخوات فيها أمثال أم أسيل و استيرة و أم بهار ونادية، ولدي فيها أخوان وأخوال وأعمام منهم من رحل إلى الدار الأبدية، ومنهم من بقي حياً يُرزق، هذه التنظيمات تربي أعضاءها وكوادرها أحسن تربية وأرقى التعاون وعلى حب المجتمع واحترام المرأة، روح هذه التنظيمات تطفو فوق بحر الأديان والقوميات، الآن لدي أقرباء من السنة والشيعة والإيزيدية والصابئة ومن القوميات المتعددة في النسيج العالمي.
أكاد أن أقول لو عادت لي الحياة من جديد لاخترت الشيوعية كخيار للتفكير والسلوك الاجتماعي دون شك، الشيوعية تعلمنا الانتماء الصادق إلى الطبقة العاملة والشرائح الفقيرة، تهذبنا كي نحترم النساء والشيوخ، لولا الشيوعية لما كنت اليوم شخصية متفائلة ومتعاونة مع الجميع، مع أناس تربطنا وشائج المحبة، عندما يقول العظيم ماركس، ليس للعمال وطن! لا يقصد أن نجرد من وطنيتنا بل يعني أن لا نحس بالاغتراب في أوطان أخرى، كلنا جميعاً أعضاء في العائلة الكبيرة وهي الإنسانية جمعاء بكل أطيافها وأجناسها وألوانها، وللعلم أنا شخصية متبرعة بجدارة منذ التبرع بقبول قنينة دم إلى جريح في المعركة المقدسة، إلى تبرعاتي بمئات الدولارات إلى فقراء الرومان، وإهداء الهدايا إلى عشرات من الأوروبيين وإرسال المال إلى فقراء أفريقيا ونازحي غزة، ولا أزال مستمراً على هذا العطاء المتواضع، لأنني أحس بمجرد دفع مبلغ من التبرع لهم هو تأكيد على انتمائي لهم من جديد، انتمائي للعائلة الكبيرة، لولا تربية عائلتي أولاً والحزب الشيوعي ثانياً لما كان لي هذا الكم الهائل من الحب المكثف والود تجاه الآخرين والنظر إلى المال كوسيلة ليست الغاية.
مدرسة الحزب الشيوعي جعلت ذاكرتي تنصهر في بوتقة الذاكرة الجماعية بحيث عندما أكتب فإن روحي تمتزج مع الأرواح الطاهرة في الكون، الآن أحس بنفسي كمتصوف علماني، عندما أكتب أستحضر وجوه رفاقي وأستلهم من سيمائهم الأفكار والمفاهيم والقيم بحيث تكون كتاباتي ممزوجة ومنبثقة من روح الجماعة أي النخبة المثقفة، النخبة التي أحبها طوال عمري، الجماعة التي ضحيت من أجلهم بكل غالٍ ونفيس، قدمت لأفكاري زهرة شبابي، وسأظل عبيداً لهما متى ما حييت عبداً حراً، واعياً، لأعود إلى مسيرتي في الإعلام، كتبت كراريس من الشعر الكردي الحديث بعنوان (النصوص الممنوعة) وهناك كراس لي لم ينشر بعد بعنوان (النصوص المتحركة)، أعتبر نفسي شاعراً كون الشعراء غير عمليين، عندما كنا في الكفاح المسلح هناك مقولة تفيد بأن طبيباً واحداً خير من عشرات الشعراء ولا أزال مؤمناً بهذا المبدأ!
- بمناسبة الذكرى التسعين لعيد الصحافة الشيوعية