في خطوة تُعد الأولى من نوعها، أعلن ائتلاف من نقابات وحركات تضامن ومؤسسات حقوقية دولية من أكثر من 32 دولة إطلاق مبادرة "المسيرة العالمية إلى غزة" لدخول القطاع سيرا على الأقدام، استجابة للوضع الإنساني الكارثي الذي يعيشه السكان هناك في ظل حصار إسرائيلي مستمر.
وتهدف المسيرة، التي سيشارك فيها أكثر من 110 آلاف من جنسيات مختلفة إلى إيقاف الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني، والسعي لإدخال المساعدات الإنسانية بشكل مباشر وفوري، مع المطالبة بإنهاء الحصار المفروض على غزة. بالإضافة إلى تحريك المجتمع الدولي وكشف جرائم الاحتلال من خلال توحيد جهود المجتمع المدني من مختلف دول العالم لرفض تواطؤ بعض الحكومات والصمت الدولي حول الجرائم بحق الفلسطينيين، كذلك دعوة البرلمانين والسياسيين للضغط على حكوماتهم، وتوجيه الرأي العام الدولي والإعلامي لكشف الجرائم والمطالبة بدعم العدالة والحقوق الإنسانية للفلسطينيين. ومحاسبة المسؤولين عن انتهاكات القانون الدولي عبر المطالبة بمحاسبة كل من يشارك أو يسهم في ارتكاب جرائم بحق الشعب الفلسطيني أو انتهاك القوانين الدولية، ودعوة الهيئات والمنظمات الدولية للقيام بمسؤولياتها القانونية والأخلاقية تجاه الشعب الفلسطيني.
وتسعى المسيرة إلى ترسيخ مبدأ التضامن الأممي، وتستند إلى حملات تضامن تاريخية، وجمع المشاركين من مختلف الجنسيات والثقافات لإيصال رسالة تضامن إنساني موحدة، مع التأكيد على أن المسيرة حركة مدنية سلمية بشكل كامل، وجميع المشاركين متطوعون ويمولون مشاركتهم بأنفسهم، ولا توجد أي جهة حكومية راعية لها.
مسار المسيرة
وسيتم تحديد مناطق الانطلاق والتنسيق، والتواصل مع الفعاليات الموجودة على الأرض. لقد بدأ الحوار حول هذه الترتيبات منذ زمن، نظرا للطبيعة الاستثنائية للمسيرة. وسيقسم المشاركون إلى مجموعات، خاصة الذين أبدوا اهتماما بالفكرة وانضموا للتحضيرات، لا سيما أنهم ينتمون إلى 32 دولة، وكل دولة لها ترتيباتها الخاصة ولغاتها وثقافاتها.
وسيتجمع المشاركون في القاهرة، وينتقلون بالمواصلات إلى العريش، ومن هناك تبدأ المسيرة سيرا على الأقدام. ويدرك المشاركون صعوبة المهمة، وان الطريق الصحراوي ليس سهلا، لكن إذا كان أهل غزة يعيشون بلا أكل أو دواء أو ماء لأكثر من 20 شهرا، فان التضامن معهم يقتضي تحمل الظروف الصعبة. ويتطلع المنظمون إلى تعاون السفارات المصرية في البلدان المختلفة، وتوجيه رسائل رسمية للحكومة المصرية لضمان تعاونها، انطلاقا من المسيرة تدعم الجهود المصرية لوقف الإبادة في فلسطين.
وسينظم المشاركون اعتصاما أمام معبر رفح، كوسيلة للضغط الأولى، والمطالبة بفتح المعبر وإدخال المساعدات.
إغاثة
إن الهدف الأساسي "للمسيرة العالمية إلى غزة" هو كسر الحصار اللاإنساني المضروب على القطاع منذ السابع منذ تشرين الأول 2023، وإدخال المساعدات الإغاثية العاجلة لسكان القطاع. إن المواد الإغاثية الأساسية التي يعتمدون عليها من أجل كسر الحصار الإسرائيلي هي نحو 3 آلاف شاحنة محملة بالغذاء والدواء والوقود والمواد الأساسية عالقة على معبر رفح منذ شهور، ولا يسمح لها بالدخول، في الوقت الذي يعاني فيه سكان القطاع من مجاعة قسرية.
وتنسق المسيرة العمل مع عدة مبادرات فاعلة تتفق على الهدف ذاته، ومنها القافلة البرية لكسر الحصار على غزة (صمود) وتحالف أسطول الحرية.
التواصل الرسمي
وفيما يتعلق بالتواصل مع الجهات الرسمية، أشارت المتحدثة باسم المجموعة الأيرلندية في المسيرة كارين موينيهان إلى أنه تم التواصل مع السلطات المصرية، وكل دولة مشاركة تواصلنا مع سفارتها أو قنصليتها المحلية.
وأضافت موينيهان أن هذا التحرك لا يستهدف تحميل مصر أي مسؤولية، بل نرغب في التعاون معها وممارسة ضغط دولي على إسرائيل لإنهاء الحصار، خاصة في ظل التوقف التام لإدخال المساعدات منذ أوائل آذار الفائت.
وحددت الناشطة أن هدف المسيرة أيضا يتمثل في ضمان محاسبة إسرائيل ووقف جرائمها، إذ أنها تتعمد تجويع أكثر من مليوني إنسان في غزة حتى الموت، و" كل دولة أو جهة في المجتمع الدولي لا تحاول وقف هذا الإجرام تُعد شريكة في الإبادة الجماعية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني، والتاريخ لن ينسى من التزم الصمت".
وتأتي هذه الفعالية بعد موافقة إسرائيلية على إسناد دخول المساعدات للقطاع لشركة خاصة، لكن الأمم المتحدة ترفض الخطة الإسرائيلية، إذ ترى أنها تفرض المزيد من النزوح، وتعرّض آلاف الأشخاص للأذى، وتَقْصر المساعدات على جزء واحد فقط من غزة ولا تلبي الاحتياجات الماسة الأخرى، وتجعل المساعدات مقترنة بأهداف سياسية وعسكرية.