بغداد ـ واشنطن بين التحالف والعداء
اهتمّت العديد من الصحف الأمريكية والأوروبية بتطورات العلاقات العراقية-الأمريكية في ضوء التصريحات والتغريدات المتضاربة التي تتصدّر نشرات الأخبار. فقد نشرت صحيفة "ذي ناشيونال" الناطقة بالإنكليزية تقريرًا عن الزيارة التي قام بها المبعوث الأمريكي إلى سوريا ولبنان، توم باراك، لبغداد ولقائه رئيسَ الحكومة العراقية محمد شياع السوداني، وأشارت فيه إلى أنّ الرجلين بحثا سبل دعم بغداد للاستقرار في دمشق وتعزيز مكانتها في المنطقة.
حكومة تصريف أعمال
وذكرت الصحيفة أنّ الزيارة، التي تأتي في ظلّ خلافات سياسية أعقبت الانتخابات لتشكيل حكومة جديدة، قد لا تكون مثمرة تمامًا؛ فالأهداف المشتركة – حسب تعبير الضيف – والاتفاق على "منع أي تصعيد إضافي في المنطقة، ودعم المسار الدبلوماسي لحلّ النزاعات، ووضع المنطقة على مسار التعاون والنمو الاقتصادي والاستقرار طويل الأمد"، قد لا يتواصل، إذا ما فشل رئيس حكومة تصريف الأعمال في تحقيق طموحه بولاية ثانية. وتوقعت الصحيفة أن لاينجح الرجل في تحقيق هذا الطموح بسبب رفض العديد من القوى الحليفة لطهران، والتي عززت الانتخابات مواقعها في النظام، لذلك، على الرغم من الإعجاب الذي حظيت به سياسة السوداني في مجال إقامة علاقات متوازنة بين طهران وواشنطن.
مبعوث بصلاحيات واسعة
وذكرت الصحيفة بأن الزيارة قد جاءت بعد أيام من الهجوم الذي استهدف حقل خور مور للغاز في إقليم كردستان، والذي أدى إلى توقف الإنتاج وانقطاع التيار الكهربائي في أنحاء الإقليم. كما تزامنت مع دعوة السفارة الأمريكية في بغداد إلى محاسبة مرتكبي الهجوم، مبدية استعدادها لدعم الجهود الرامية إلى حماية البنية التحتية الحيوية، وكذلك مع اتهامات أربيل حلفاءَ إيران بالمسؤولية عنه رغم نفيهم أي تورّط لهم بذلك الهجوم.
وتطرّق التقرير إلى اتساع صلاحيات المبعوث الأمريكي باراك، الذي يشغل أيضًا منصب السفير لدى تركيا، لتشمل ملفات إقليمية متنوّعة، منها عملية نزع سلاح حزب الله، وترتيب العلاقات مع النظام السوري الجديد الذي شهد صعود حكومة يقودها العضو السابق في تنظيم القاعدة والمطلوب للعدالة في العراق أحمد الشرع. ويبدو أن زيارة باراك للعراق تندرج في سياق ضبط العلاقات بين بغداد ودمشق وزيادة الانفتاح على حكم الشرع، وهو ما أشار إليه البيان المشترك عقب الزيارة، حين ذكر أنّ السوداني وباراك "ناقشا السبل العملية التي يمكن من خلالها للعراق مواصلة دعم استقرار سوريا وأمنها وازدهارها وانتعاشها الاقتصادي، مع تعزيز استقرار العراق وازدهاره في الوقت نفسه". ولم يغفل التقرير الإشارة إلى قلق أوساط عراقية واسعة إزاء الخطر الذي يشكله تجدد نشاط تنظيم داعش، ومطالبتها بعملية سياسية شاملة في سوريا تضمن حماية الأقليات الدينية والعرقية والمزارات.
أنباء عن تحذيرات صارمة
وفي مقال آخر حول الحدث نفسه، ذكر موقع The Cradle أنّ واشنطن أبلغت بغداد، عبر مبعوثها باراك، بخطة الكيان الإسرائيلي لشنّ حملة "وشيكة" ضد حزب الله في لبنان، محذّرة العراق من أنّ أيّ تدخل سيُقابَل بهجمات إسرائيلية "قاسية". وأضاف الموقع أنّ باراك زار بغداد ليؤكد للسوداني على أن العملية الإسرائيلية في لبنان ستستمر حتى نزع سلاح حزب الله، مشيدًا بدور الحكومة العراقية "البنّاء والأساسي" في تحقيق "الأهداف المشتركة".
احتمالات عدوان واسع
وذكر الموقع أنّ تل أبيب هدّدت بشنّ هجوم كبير على لبنان بذريعة إعادة المقاومة تسليح نفسها، مدّعيةً أن خطتها تحظى بتأييد واضح من الولايات المتحدة، ومنبّهةً السفارات الأجنبية والمنظمات الدولية والصليب الأحمر إلى ما أسمته "مناطق خطرة" في بيروت، وتشمل عددًا من الشوارع المكتظة بالسكان، مثل: حارة حريك، بئر العبد، معوّض، الحدث، المريجة، والرويس.
كما اعتمد الموقع في تقريره على تصريح وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي، الذي قال إن الولايات المتحدة وجهت، خلال اتصال هاتفي بينه وبين وزير الحرب الأمريكي بيت هيغسِث، "رسالة أخيرة" إلى العراق تتعلق بالفصائل المسلحة وتتضمن تهديدًا مباشرًا في حال تنفيذ تلك الفصائل أي عمليات ردًا على ما تنوي واشنطن القيام به في المنطقة القريبة من العراق خلال الأيام المقبلة، دون أن يقدّم الوزير تفاصيل إضافية حول طبيعة هذه العمليات الأمريكية المرتقبة.