اخر الاخبار

تتزاحم خطوات الطلبة أمام مكتبة صغيرة قرب إحدى مدارس العاصمة بغداد، وبينهم يقف ذو الفقار مرتضى، طالب الصف السادس الإعدادي، وهو يحمل أوراقًا مطبوعة بدلاً من كتاب مدرسي كامل، إذ تكشف ملامحه القلقة عن توتر متراكم منذ أسبوعين، إذ لم يبدأ وزملاؤه دراسة مادة أساسية مثل اللغة الإنكليزية إلا عبر نسخ مستعارة من ملفات (PDF).

الدوام بدأ والكتب غائبة

يقول ذو الفقار: "كل يوم تأخير يشكّل هاجساً وخوفاً لدينا، كنا نتوقع أن نبدأ من اليوم الأول، لكننا تأخرنا في قراءة المواد وتراكيب الجمل، وهذه مادة يعتمد عليها المعدل لدخول المجموعة الطبية أو الهندسية".

المشهد ذاته تكرر مع حيدر محمد، زميله في المرحلة نفسها، وهو يقف أمام مكتبة أهلية متسائلاً بغضب: "كيف لمادة أساسية مثل الإنكليز أن يتم تأخير تجهيزها للطلبة، ونحن على مشارف نهاية الأسبوع الثاني من العام الدراسي؟".

هذا الارتباك لم يقتصر على الطلبة وحدهم، بل انسحب على أسرهم أيضًا. إذ يقول عبد علي حسين، أحد أولياء الأمور: ان "وزارة التربية سحبت يدها من تجهيز المستلزمات الدراسية، من التبريد إلى السبورات وحتى المقاعد، والآن يضاف إليها عدم تجهيز المناهج الدراسية كاملة".

ويؤكد أن ذلك يمثّل عبئًا ماديًا إضافيًا على الأهالي الذين أنفقوا أموالهم في العطلة الصيفية على الدورات الخصوصية.

تغييرات تربك التدريس

من جانبه، يوضح مدرس اللغة الإنكليزية ميثم الغزي أن المدارس لم تتسلم سوى "الوحدتين الأوليين من المنهج الجديد بصيغة (PDF)"، ليقوم الطلبة بطباعتهما بأنفسهم بشكل مؤقت. ويشير إلى أن التغيير الجزئي جاء نتيجة استهلاك بعض التمارين والقطع سنويًا، ما استدعى تحديثًا للمحتوى.

التغييرات المفاجئة لم تتوقف عند المدارس، بل وصلت إلى قبة البرلمان، حيث وجّه النائب حميد كاظم الزاملي كتابًا رسميًا إلى وزير التربية أعرب فيه عن استغرابه من تعديل مادة أساسية في بداية العام الدراسي.

وحذّر الزاملي من أن "أغلب الطلبة استعدوا للمنهج القديم خلال العطلة الصيفية"، داعيًا إلى تأجيل تطبيق التعديلات إلى العام المقبل بعد استكمال النسخ المنقحة.

ومع انطلاق العام الدراسي الجديد عاد ملف نقص المناهج الدراسية إلى الواجهة، على الرغم من تطمينات وزارة التربية بشأن إنهاء هذه المشكلة. إذ لم تُجهز العديد من المدارس بكامل الكتب، ما تسبب بإرباك الطلبة وأعباء إضافية على أولياء الأمور. هذا النقص انعكس مباشرة على سوق بيع الكتب المستنسخة، حيث انتعشت تجارتها عبر مواقع التواصل الاجتماعي التي امتلأت بإعلانات بيع المناهج بأسعار متفاوتة، مع توفر كميات كبيرة، ما أثار تساؤلات عن أسباب غياب هذه الكتب عن المدارس الرسمية.

التربية تؤكد "سد الثغرات"

المتحدث باسم وزارة التربية أوضح أن المناهج الخاصة بالصفوف الأولية تمت طباعتها بالكامل وكان يفترض توزيعها من دون أي نقص، بينما يجري تجهيز الصفوف الأخرى بشكل جزئي مع الاعتماد على الكتب المدورة من العام الماضي لسد الثغرات.

بدوره، أكد عضو لجنة التربية النيابية سالم العنبكي أن اللجنة ستتابع هذا الملف للوقوف على أسباب النقص إن وجد، مشيرًا إلى أن محافظة ديالى لم تسجل أي شكاوى بهذا الشأن.

وأضاف أن نسب توزيع المناهج لهذا العام أفضل من السنوات السابقة، داعيًا إلى تحديد المديريات التي تعاني نقصًا في التجهيز من أجل معالجتها سريعًا.

في المقابل، أبدى أولياء الأمور مخاوفهم من احتمال انسحاب وزارة التربية مستقبلًا من مسؤولية تجهيز المناهج الدراسية كما حدث سابقًا مع المستلزمات المدرسية مثل القرطاسية والسبورات، وهو ما قد يضاعف الأعباء المادية على العائلات العراقية في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة.