تُكرّم البلدان النساء من خلال ضمان حقوقهن الأساسية، مثل الحقوق في الحياة والتعليم والملكية وغيرها، وتوفير بيئة تحترم دورهن في بناء المجتمع، سواء كانت الأدوار التقليدية في الأسرة أو في المناصب العامة والمهنية. وتتجلى مظاهر هذا التكريم في احتفاء الثقافات بالمرأة كواجهة من واجهات تقدم البلد، وفي تعظيم اسهاماتها المتعددة في التطور الاجتماعي والسياسي والاقتصادي.
معرض العراق الدولي للكتاب فتح أمس ابوابه الواسعة بشكل مختلف، واختار منظموه هذا العام ان تكون المرأة العراقية الثيمة والهوية والفكرة المحورية التي يتناولها من كل الجوانب، وهي رسالة المعرض العميقة التي يسعى لأيصالها الى المجتمع العراقي، انه وخلال مائة عام مضت كانت فيها المرأة العراقية تشغل مواقع رفيعة وتؤدي ادوارا متعددة، تحظى خلالها باحترام كبير وتقدير عالٍ من قبل المجتمع الذي لم ينظر اليها كمجرد أمرأة ، بل وكشريكة لها حقوق ليست حكراً للرجال وحدهم.
صور تكريم المرأة عبر الثقافات وإبراز دورها هو تنشيط للذاكرة العراقية والاقليمية والدولية، وتوعية للأجيال برموز الحركة النسوية والشخصيات التقدمية، اللواتي عملن في كافة المجالات واصبحن رموزاً ملهمة في التعلم والمبادرة والقيادة وصنع القرار السياسي والتشريعي والتربوي والصحي والفني والادبي والرياضي. فهي ليست ثيمة فقط بل موقف يعكس تاريخ النساء العراقيات وقيمتهن على مدى مئة عام، لأعادة الاعتبار لدورهن الفاعل ولتعزيز مكانتهن الاجتماعية والسياسية والثقافية.
تأتي مبادرة مؤسسة المدى هذا العام خلال فترة 16 يوم لمناهضة كل اشكال العنف والتمييز ضد النساء والفتيات، والتي اعتادت ان تُحييها المؤسسات الحكومية وغير الحكومية بطرق مختلفة، بينما تتعرض النساء اليوم للتهميش والاقصاء وتواجه اشكال العنف وتزايد خطابات الكراهية والتحريض، لتحجيم دورها وتقزيم عملها مع ضعف اجراءات الحماية. نشهد اليوم تراجعاً كبيراً على كافة المستويات، حيث تأخذ مشاركة المرأة طابعاً شكلياً، لايليق بالمسؤوليات والادوار التي يفترض ان تؤديها النساء.
لكن المرأة العراقية اليوم ورغم مواجهتها تحديات كبيرة، تمتلك من العزيمة والصمود ما يكفيها للقيام بدورها الحقيقي، كشريك اساسي في صناعة القرار السياسي. فهي معطاء ومبدعة وخلاقة في كل المهمات التي تتولى المسؤولية فيها، وقد صار مهماً جدا وضرورياُ، ان تحصل المرأة على موقعها الحقيقي، وفرصها في ادارة العمل وتبوء المواقع التي تساهم من خلالها في تنمية وتطوير وازدهار العراق وتعافيه واستقراره الدائم.