اخر الاخبار

حينما ينعم الحاكم في أي دولة بالترف والنعمة، تلك الأمور تستقطب إليه ثلة من المرتزقين والوصوليين الذين يحجبونه عن الشعب، ويحجبون الشعب عنه.. هذا الكلام ليس من كاتب السطور.. بل هو مُجتزأ من "مقدمة" ابن خلدون ذائعة الصيت، ولعل الذين يكتفون بهذا المُجتزأ، ولم يقرأوا تلك المقدمة كاملة يبرئون صاحب السلطة من ظنة استقطاب "المرتزقين والوصوليين" فان الاخيرين يحتشدون على بابه، أو يتزلفون له، او يحاصرونه بالشفاعات والتوسطات، لكن المؤرخ وعالم الاجتماع  الرائد يفتح قوسا خطيرا في مداخلته بحيث يقترب من تحميل السلطويين مسؤولية تكريس ثقافة الاستخذاء وتشجيع الاستزلام بقوله ان المقربين بعد ذلك "يصلون له الاخبار أكذبها، ويصدون عنه الأخبار الصادقة التي يعاني منها الشعب" وترجمة ذلك ان الحاكم اصبح عرضة للسقوط في فخ التضليل، وصار على مرمى من هاوية الحكم الاستبدادي، عن رغبةٍ مصممةٍ، او عن غفلةٍ بريئة.. ثم .. كما يقرر ابن خلدون بالنص قائلاً: "يقلِب (الحاكم) توجسه وغيرته على شعبه إلى خوف على مُلكه، فيأخذهم بالقتل والإهانة".

الى ذلك، وحتى الان، نحن نتحدث عن الحاكم الذي جاء الى سلطة القرار بنيّة أنْ ينآى بنفسه عن مفاسد الحُكم واغواء الطغيان، ثم يجد نفسه داخل حاشية مدرّبة، أحالها ابن خلدون، في موقع آخر، الى حال الذباب مع الدبق.

:قالوا*

"إذا لم تخشَ عاقبةَ الليالي ...

ولم تستحِ فافعلْ ما تشاءُ"

ابو تمام