اخر الاخبار

انتفاضة تشرين في الأول من تشرين الأول ٢٠١٩ كانت تعبيرًا صادقًا عن رغبة الشباب وكافة المواطنين في إصلاح الوضع الأمني والاقتصادي والقانوني في العراق. جاءت كرد فعل شعبي واسع من جيل أنهكته البطالة وسُلبت منه فرص العيش الكريم، جيل يبحث عن وطن يحتضنه لا أن يخذله. خرج المتظاهرون مطالبين بوضع حد للحكم الطائفي الذي دفع المواطن الثمن الباهظ بسببه، وبالخلاص من الفساد المستشري في كل مفاصل الدولة، وبالكف عن سرقة أموال العراق التي كان من المفترض أن تُسخر لبناء المدارس والمستشفيات وتوفير فرص العمل. ولم تكن ثورة تشرين حركة عابرة، بل كانت نقطة تحول مفصلية في الوعي الجمعي العراقي. عبّرت عن توق الناس لدولة مدنية عادلة، تُبنى على أساس المواطنة لا الطائفة، وعلى الكفاءة لا المحسوبية. كما طالب المحتجون بإصلاح النظام الانتخابي، ومحاسبة الفاسدين، وتفكيك منظومة المحاصصة التي كرست الفشل والانقسام. لقد أراد شباب تشرين عراقًا جديدًا، يحكمه القانون، ويدار بمؤسسات حقيقية لا بمصالح ضيقة، عراقًا يستحقه شعبه بعد سنوات طويلة من الظلم والمعاناة. وكان للنساء دور كبير وبارز في الانتفاضة، حيث شاركن بقوة في التظاهرات وساهمن في دعم وإسناد الشباب، سواء من خلال التواجد في الساحات، أو في تنظيم الفعاليات، أو بتقديم الخدمات الطبية والإعلامية واللوجستية. وقد تميزت مشاركة النساء، لا سيما الشابات، بالشجاعة والوعي العالي، ولاقت احترامًا كبيرًا وتقديرًا من جميع المتظاهرين. هذا الحضور النسوي أسهم في تعزيز روح التضامن والوحدة داخل ساحات الاحتجاج، وأكد أن المرأة العراقية شريك حقيقي في صناعة التغيير، وأن صوتها لا يقل تأثيرًا عن صوت الرجل في رسم مستقبل البلاد. ثورة تشرين لم تكن مجرد احتجاجات، بل كانت صرخة كرامة؛ فالشعب قال كلمته في وجه الظلم، رغم الرصاص والدم.

ورغم أن الطريق لا يزال طويلاً، لكن ما زرعته تشرين في وعي الأجيال لن يمحى بسهولة. وكما يقول المتظاهرون في شعاراتهم: "نريد وطنًا... نعيش فيه بكرامة، لا وطنًا ندفن فيه بصمت."