الصفحة الأولى
الأزمة تتفاقم النفط يستهلك المياه العذبة ومطلوب البحث عن البدائل
بغداد - طريق الشعب
تشهد السياسات المائية في العراق جدلاً متصاعداً مع تفاقم دخول البلاد مرحلة ندرة المياه وارتفاع الطلب على الموارد الطبيعية من قبل القطاعات المختلفة، وفي مقدمتها قطاع النفط.
إذ تعتمد الشركات النفطية على المياه العذبة في عمليات الاستخراج وحقن الآبار، ما أثار انتقادات واسعة بشأن استنزاف هذا المورد الحيوي على حساب الاستخدامات الزراعية والاستهلاكية للمواطنين.
وفي مقابل ذلك، تتجه الأنظار نحو مشاريع جديدة لنقل مياه البحر أو استخدام بدائل أخرى مثل استخدام المياه المالحة، والتي يحتاج قطاع النفط الى كميات هائلة منها.
هل تقلل استنزاف المياه العذبة؟
ووصف الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي فوز شركة هندسة وبناء البترول الصينية (CPECC) بعقد إنشاء مشروع أنابيب نقل مياه البحر في البصرة، بقيمة 2.524 مليار دولار، بأنه “خطوة مفصلية” في مسار تطوير قطاع النفط العراقي وتقليل الضغط على الموارد المائية العذبة.
وقال المرسومي، إن “مشروع إمدادات مياه البحر المشتركة يُعد الحجر الأساس في مشروع الجنوب المتكامل الذي تنفذه شركة توتال الفرنسية، ويستهدف تزويد الحقول النفطية في البصرة وميسان وذي قار بما يقارب 5 ملايين برميل يومياً من المياه لأغراض الحقن النفطي، على أن ترتفع الكميات لاحقاً إلى 7.5 ملايين برميل يومياً”.
وقال أن المشروع يمتد عبر شبكة أنابيب لا يقل طولها عن 1000 كيلومتر، وهو ما سيوفر بنية تحتية استراتيجية لدعم استمرار إنتاج النفط وزيادته في السنوات المقبلة.
وأشار المرسومي إلى أن “أهمية المشروع لا تقتصر على الجانب النفطي فحسب، بل تمتد لتشمل البعد البيئي والاجتماعي”، مبيناً أن “الاعتماد على مياه البحر يحد من استنزاف المياه العذبة، التي كانت الشركات النفطية تستخدمها بكميات ضخمة في عمليات الاستخراج، ما حرم المواطنين والزراعة من موارد حيوية، وأدى إلى تفاقم مشكلات الشح والتلوث”.
وأضاف أن “صحيفة الغارديان البريطانية كانت قد نشرت تقريراً صادماً كشف عن استخدام بعض الشركات العالمية مثل إيني وبي بي وإكسون موبيل ما يصل إلى 25% من المياه الصالحة للشرب لأغراض حقن النفط، إضافة إلى قيام بعضها ببناء سدود على قنوات مائية في البصرة لتحويل المياه إلى محطات معالجة تابعة لها، وهو ما فاقم من أزمة المياه وأثر سلباً على الصحة العامة”.
وشدد المرسومي على أن “التحول إلى مشروع مياه البحر سيُسهم في تقليل المخاطر البيئية والصحية المرتبطة باستخدام المياه العذبة، كما يعزز من استدامة قطاع النفط على المدى الطويل”.
حل جزئي يحمل مخاطر بيئية
من جهته، حذّر خبير السياسات المائية والتغير المناخي رمضان حمزة من أن اعتماد حقن المياه المالحة في آبار النفط، وإن كان يخفف الضغط على استخدام المياه العذبة في عمليات الاستخراج، يحمل مخاطر بيئية جدية على التربة والمياه الجوفية والزراعة.
وقال حمزة في حديث مع "طريق الشعب"، إن “المخاطر تكمن في ارتفاع ملوحة التربة نتيجة تسرب جزء من المياه المالحة من آبار الحقن، الأمر الذي يؤدي إلى تدهور الأراضي الزراعية وضعف إنتاجية المحاصيل، فضلاً عن تراجع نوعية المياه الجوفية التي تعتمد عليها المجتمعات للسقي والشرب”.
وأوضح أن “المشاريع النفطية القائمة على الحقن بالمياه تؤثر بشكل مباشر على أزمة شح المياه في العراق، خصوصاً في مناطق الجنوب مثل البصرة، التي تعاني أصلاً من نقص حاد في المياه الصالحة للاستخدامات البشرية والزراعية”.
وبيّن حمزة أن استخدام المياه المالحة يُعد “إجراء تدبيري” في مواجهة استنزاف المياه العذبة، لكنه “ليس الحل النهائي”، لافتاً إلى أن هذا الخيار يخلق تحديات بيئية جديدة تتعلق بزيادة التملح، ما لم يترافق مع تقنيات معالجة دقيقة وإجراءات صارمة لمنع التسرب.
ودعا الخبير المائي إلى البحث عن بدائل أكثر استدامة، مثل استخدام مياه البحر المعالجة أو إعادة تدوير مياه الصرف الصحي، مشدداً على أهمية تحديث التشريعات الخاصة بتوزيع المياه بين القطاعات، وفرض رقابة حكومية صارمة على استهلاك الشركات النفطية.
كما شدد على ضرورة “إعداد سياسات مائية جديدة تضمن العدالة في توزيع الموارد، والاعتماد على بيانات شفافة حول الكميات المستهلكة، إلى جانب التعاقد مع شركات تمتلك تقنيات حديثة لمراقبة عمليات الحقن وتخفيف الأضرار البيئية المحتملة”.
ما هو الحل الأنسب؟
الى ذلك، عّد الخبير البيئي أحمد صالح نعمة أن حجم استهلاك المياه العذبة في قطاع النفط “مرتفع للغاية”، محذراً من أن استمرار اعتماد هذا المورد المحدود في عمليات استخراج النفط سيضاعف أزمة الشح المائي التي يعاني منها العراق.
وقال نعمة في حديث لـ"طريق الشعب"، إن “الاعتماد على المياه العذبة لحقن الآبار النفطية يمثل هدراً غير مبرر لمورد يعاني أصلاً من النقص الحاد، خصوصاً في محافظات الجنوب التي تشهد تراجعاً مقلقاً في مناسيب المياه وتملحاً متزايداً في الأراضي الزراعية”.
وأشار إلى أن “حقنها بالمياه المالحة خطوة نحو مغادرة هدر المياه، ولكن الحل الأنسب والأكثر جدوى بيئياً واقتصادياً يتمثل باستخدام مياه الصرف الصحي في عمليات الحقن”، مبيناً أن وزارة النفط كانت قد أجابت في وقت سابق على استفسارات الجهات البيئية بوجود إمكانية تقنية لحقن الآبار بمياه الصرف الصحي حتى وإن كانت غير معالجة بالكامل.
ولفت الخبير البيئي إلى أن هذا الخيار “يسهم في تقليل الضغط على المياه العذبة والمالحة كذلك، وفي الوقت نفسه يحدّ من الأثر السلبي لتصريف مياه الصرف إلى الأنهار والبيئة المحيطة دون معالجة”، مشدداً على ضرورة تبنّي خطط عاجلة لإعادة استخدام هذه المياه في القطاع النفطي بدلاً من هدرها.
وأضاف نعمة أن “اعتماد مثل هذه الخطط يتطلب تنسيقاً بين وزارتي النفط والموارد المائية، ووضع ضوابط فنية صارمة تضمن الاستخدام الآمن لمياه الصرف الصحي في عمليات الحقن، بما يقلل من المخاطر البيئية المحتملة، ويحقق توازناً في توزيع الموارد المائية بين القطاعات المختلفة”.
وأكد ضرورة ان "يكون التوجه الإستراتيجي نحو بدائل مستدامة، وفي مقدمتها إعادة استخدام مياه الصرف الصحي”.
*****************************************
راصد الطريق.. إيْ.. مسوين وياهنّ سلفة
تحاول جهات مغرضة، تهيمن على الساحة الاعلامية، تخويف المنظمات والناشطات النسويات وكذلك الناشطين المدافعين عن حقوق المرأة، مع كل محاولة لرفع لصوت ضد الاجراءات التعسفية التي تمارس ضد النساء وحقوقهن الدستورية.
وفي الأيام الحالية، تشنّ هجمة منظمة من متحدثين في عدة وسائل إعلام، وعبر صفحات التواصل الاجتماعي، ضد الناشطين، بعد مطالبتهم بتحقيق شفّاف في قضية الدكتورة بان زياد.
وطالب عدد منهم بطرد المنظمات النسوية ومحاسبتها، فيما استخدم آخرون لغة التخوين والتخويف والتشويش والتشويه، بأن هؤلاء النسوة، مدعومات من الخارج، وانهنّ يستخدمنَ وسائل الدفاع عن حقوق المرأة، من أجل التمويل الخارجي!
فيما تحدث احدهم بفضاضة الى ضيف يدافع عن حقوق النساء بالقول: شنو مسوي وياهن سلفة، متناسياً ان النساء العراقيات تدبرنّ امور عوائلهن المعيشية اقتصادياً بمختلف الوسائل ومنها "السلفة"، وبسببها بينت البيوت وتعمرت!.
ان حق النساء في التعبير عن رأيهن والدفاع عن حقوقهن، منصوص عليه في الدستور الذي ساوى بينهن وبين الرجال في جميع المجالات، ومع ان المؤسسات الدستورية تدعي انها تنفذ الدستور، لكن النساء يغبن حقُّهن في وضح النهار، ويساء لمن تريد منهن حقوقها!
والسؤال الأخير اين هيئة الاعلام والاتصالات من هؤلاء، خاصة وان رئيس مجلس القضاء الأعلى قد شدد على صون حرية التعبير؟
********************************************
الصفحة الثانية
مفوضية الانتخابات تمنح القوائم مهلة 3 أيام لاستبدال المرشحين المستبعدين
بغداد ـ طريق الشعب
منحت مفوضية الانتخابات، امس الأربعاء، القوائم الانتخابية مهلة ثلاثة أيام لاستبدال المرشحين الذين تم استبعادهم من المشاركة في الانتخابات.
وذكرت المفوضية في كتاب رسمي، أن مجلس المفوضية قرر السماح للقوائم الانتخابية باستبدال المرشحين المبعدين لأسباب متعددة، على أن يتوقف الاستبدال بعد الثالث من أيلول المقبل لأية حالات استبعاد تطرأ بعد هذا الموعد، لأسباب فنية.
وكانت مفوضية الانتخابات قد استبعدت أكثر من 500 مرشح خلال الأيام الماضية لأسباب متنوعة، من بينها مسائل تتعلق بحسن السيرة والسلوك، والشمول بإجراءات المساءلة والعدالة، ووجود قيود جنائية أو تهم فساد مالي وإداري، بالإضافة إلى عدم تقديم بعض المرشحين لكافة الأوراق اللازمة للترشيح، مثل الشهادة الدراسية.
********************************************
احتجاجات في مناطق عدة تطالب بالحقوق الوظيفية والسكنية والتعليمية
بغداد – طريق الشعب
شهدت محافظات عدة، سلسلة من التظاهرات والاعتصامات احتجاجًا على قضايا تتعلق بتوفير فرص العمل والتوزيع السكني، والاعتراف بالشهادات الجامعية، في مشهد يعكس حجم المطالب الشعبية الملحة لدى شرائح مختلفة من المجتمع.
البصرة.. عمال مشروع FCC يجددون الاحتجاج
استأنف العشرات من العاملين السابقين في مشروع FCC النفطي تظاهراتهم أمام بوابة شركة مصافي الجنوب في البصرة، مطالبين بالحصول على عقود وزارية بعد أن تم تسريحهم رغم مساهمتهم في إنجاز المشروع لأكثر من خمس سنوات.
وقال ممثل المتظاهرين أحمد شاكر، إن عددهم يبلغ نحو 350 عاملاً من مختلف الأعمار والشهادات العلمية، مشيراً إلى أن خبراتهم تؤهلهم لإدارة المشروع وتشغيله بكفاءة. وأضاف ان "مطالبنا واضحة ومشروعة، وهي التثبيت بعقود وزارية أسوة بالعاملين في الشركات النفطية، وقد وجّهنا نداءاتنا للوزير ورئيس مجلس الوزراء منذ أكثر من ستة أشهر دون استجابة".
رابطة المدارس الأهلية تحتج على القرارات الوزارية
ونظمت رابطة المدارس الأهلية في البصرة وقفة احتجاجية أمام مبنى مديرية التربية للمطالبة بتعديل بعض القرارات الوزارية.
وقال نائب رئيس هيئة الأمناء في تجمع المؤسسات التربوية الأهلية، سامر عبد المجيد الغانم، إن مطالبهم تتضمن رفض إنشاء الغرف الصحية داخل المدارس الأهلية وتعديل قرارات تعيين الأطباء، كون أغلبهم من الخريجين الجدد غير القادرين على الاعتماد عليهم بالكامل. كما طالبوا بمعالجة موضوع "الشتلات" التي تُثقل كاهل المؤسسات التربوية.
الكوادر التربوية
خرجت الكوادر التربوية، في تظاهرة واسعة بساحة التحرير وسط بغداد، شارك فيها معلمون ومدرسون من مختلف مناطق العاصمة، بالتزامن مع تجمعات مماثلة أمام مكاتب مجلس النواب في المحافظات. وطالب المحتجون مجلس النواب بالإسراع في إقرار قانون وزارة التربية المؤجل، وتوزيع قطع أراضٍ لمنتسبي الوزارة، فضلاً عن زيادة الاهتمام بالجانب المهني وتثبيت المحاضرين والملحقين والعقود الجديدة البالغ عددها 2500. ورفع المتظاهرون شعارات أكدوا فيها أن إقرار القانون يمثل "حقاً مكتسباً" وليس منّة، محذرين من أن استمرار المماطلة والتسويف سيؤدي إلى تصعيد غضب المعلمين.
بغداد.. ضباط الجيش يحتجون على تأخر توزيع الأراضي
ونظم عدد من ضباط الجيش وقفة احتجاجية وسط بغداد أمام جمعية مساكن الضباط، مطالبين بشمولهم بتوزيع قطع الأرض السكنية التي لم يحصلوا عليها رغم دفعهم اشتراكاتهم الشهرية منذ أكثر من 40 عاماً، بإجمالي تجاوز 50 مليار دينار.
واتهم الضباط رئيس الجمعية بـ"المماطلة ومنح أراضٍ للاستثمار بدل توزيعها عليهم".
تكريت.. أهالي الشقق السكنية يناشدون المحافظ
واحتج أهالي مجمع العمارات السكنية وسط تكريت بعد تلقيهم إنذارات إخلاء، حيث أُمهلوا نحو 60 عائلة مدة 30 يوماً للإخلاء، على الرغم من سكنهم هذه الشقق منذ 20 عاماً بوصفهم موظفين في ديوان المحافظة. وقالت مقبولة توفيق، إحدى السكان، إنهم يسكنون الشقق منذ 15 إلى 20 عاماً، وقد أُصدرت لهم كتب تمليك في 2008 و2011، مؤكدة أن الأبنية سليمة وصالحة للسكن. وأضاف فلاح حسن، أحد سكان العمارات، ان "سبب الإخلاء هو منح الأرض للاستثمار، وإذا تم تهديم العمارات، أين سنذهب؟ نحن موظفون محدودو الدخل، ولدينا طلبة في المدارس والعام الدراسي على الأبواب".
خانقين.. خريجو جامعة گرميان يغلقون الطريق
وقطع العشرات من خريجي جامعة گرميان صباح الثلاثاء طريق خانقين – كلار الرابط بين ديالى والسليمانية احتجاجاً على استمرار حرمانهم من الاعتراف بشهاداتهم الجامعية منذ أكثر من 15 عاماً، نتيجة خلافات بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان حول ملكية ثلاث كليات في قضاء خانقين.
وقال علي محمد، أحد المتظاهرين، إن "نزولنا للشارع هذه المرة هو العاشر، وسنواصل التصعيد بعد أن ضاعت حقوقنا في التعيينات، بينما خريجو جامعة ديالى لا يواجهون أي مشكلة".
المثنى.. خريجو التربية يطالبون بالتعاقد
ونظم عدد كبير من الخريجين في محافظة المثنى تظاهرة للمطالبة بشمولهم بالتعيين بصفة عقود في مديرية التربية. وأكد المشاركون أن مطالبهم تشمل تطبيق التعاقد معهم لسد النقص في المديرية، داعين الجهات المعنية إلى استثناء أسمائهم من الشروط المتعلقة بالدرجات الخاصة بالمحافظة.
******************************************
المحكمة الاتحادية العليا تقضي بعدم دستورية تعديل قانون جوازات السفر
بغداد ـ طريق الشعب
قضت المحكمة الاتحادية العليا، امس الأربعاء، بعدم دستورية القانون رقم (6) لسنة 2025، المعروف بـ"قانون التعديل الأول لقانون جوازات السفر رقم 32 لسنة 2015".
وجاء في بيان رسمي للمحكمة، أن "جلستها عقدت برئاسة القاضي منذر ابراهيم حسين وبحضور جميع الأعضاء، حيث نظرت الدعويين المرفوعتين للطعن بعدم دستورية القانون من قبل وزير الخارجية ووزير الداخلية".
وأضاف البيان، أن "المحكمة قررت توحيد الدعويين ونظرها معًا، والحكم بعدم دستورية القانون ليتعارض مع أحكام المواد (14) و(16) و(47) و(80) من دستور جمهورية العراق لسنة 2005، وصدر القرار بالإجماع وأُعلن علنًا بتاريخ 20 آب 2025".
يشار إلى أن القضية جاءت بعد دعوى قضائية رفعتها عضو مجلس النواب محمد جاسم محمد ضد المادة 2 من القانون، والتي منحت جوازات سفر دبلوماسية مدى الحياة لأعضاء مجلس النواب وأسرهم، فيما رفضت المحكمة الدعوى لعدم توافر شرط المصلحة اللازمة.
وكان مجلس النواب قد صوت في جلسة 13 كانون الثاني 2025 على مقترح تعديل قانون جوازات السفر، في حين كشفت لجنة النزاهة النيابية عام 2023 عن إصدار 32 ألف جواز دبلوماسي، بينها 10 آلاف لأشخاص ليسوا من السلك الدبلوماسي أو موظفين بوزارة الخارجية.
*****************************************************
إقليم كردستان يعلن قرب الاتفاق مع بغداد بشأن الإيرادات الداخلية
بغداد – طريق الشعب
أعلنت حكومة إقليم كردستان، امس الأربعاء، عن قرب التوصل إلى اتفاق مع الحكومة الاتحادية بشأن الإيرادات الداخلية، في خطوة تهدف إلى حل القضايا المالية العالقة بين الجانبين.
وقال المتحدث باسم حكومة الإقليم، بيشوا هوراماني، خلال مؤتمر صحفي، إن "محادثات جرت مع لجنة الإقليم في بغداد، وتمت مناقشة حل المشاكل بشكل جاد"، مشيراً إلى أن "خطوات حقيقية اتُخذت لحل القضايا، وهناك حوار مكثف، و120 مليار دينار جاهزة للإرسال عند الحاجة".
وأضاف هوراماني، أن "وفداً من الإقليم عقد اجتماعاً استمر ثلاث ساعات، ومن المتوقع أن يتم التوصل اليوم أو غداً إلى اتفاق نهائي بشأن الإيرادات الداخلية".
يذكر أن مجلس الوزراء الاتحادي أقر في جلسته الأخيرة ثلاثة شروط لتمويل رواتب موظفي إقليم كردستان لشهر حزيران، تضمنت استكمال أعمال اللجان المنصوص عليها في القرار ورفع المحاضر إلى مجلس الوزراء خلال أسبوع، بالإضافة إلى احتساب حصة الخزينة العامة الاتحادية من الإيرادات غير النفطية وتسديدها من قبل حكومة الإقليم، فضلاً عن إلزام الشركات النفطية العاملة بتسليم النفط المنتج وفق أحكام قانون الموازنة العامة وقرار مجلس الوزراء رقم 550 لسنة 2025.
*********************************************
كل خميس.. حملة الاستبعاد وتأثيرهم ألن يبقى؟
جاسم الحلفي
ونحن نتابع الأعداد الكبيرة التي شملها الاستبعاد من الانتخابات، سواء لأسباب تتعلق بـ"المساءلة والعدالة" أو بسبب "السجل الجنائي"، نقف أمام مشهدٍ معقد يثير كثيراً من الأسئلة. فبين هؤلاء المستبعدين مسؤولون كبار، وزراء سابقون، أعضاء في مجلس النواب، وشخصيات نافذة شغلت مواقع متقدمة في مؤسسات الدولة. ونحن بطبيعة الحال لا نتأسف على استبعاد أي شخص مُدان، بل ونقف بجانب أي إجراء يلاحق الفاسدين والمجرمين والناهِبين. فمثل هذا الإجراء، بحق أي صاحب سجل جنائي تولى تلك المناصب، يبرهن أن وجوده كان غير شرعي أصلاً. لكن يبقى السؤال: ماذا عن الأثر الذي تركوه خلال سنواتهم في السلطة؟ لقد مارسوا مهمات، وصوتوا على قوانين، واتخذوا قرارات انعكست بصورة مباشرة على حياة الناس. فهل يُمحى أثرهم السلبي بمجرد استبعادهم، أم أن نتائج أفعالهم ستبقى قائمةً متراكمة في جسد الدولة والمجتمع؟
المسألة لا تتعلق فقط بأسماءٍ مستبعدة، بل بالمعايير نفسها. فإذا كان الهدف المعلن هو النزاهة، فلماذا لا يتسع معيار الاستبعاد ليشمل عامة الفاسدين في مواقعهم الوظيفية داخل مؤسسات الدولة، لتغطي النزاهة مساحتها الأوسع؟ ومن بابٍ أولى أن تُطبق القوانين بشكلٍ متوازن وشامل. وإذا كان الهدف نزاهةَ الانتخابات، فأين المفوضية العليا المستقلة للانتخابات من تطبيق قانون الأحزاب الذي يمنع مشاركة أي حزبٍ يمتلك جناحاً مسلحاً؟ وأين هي من ملفات المال السياسي، وتمويل الحملات بموارد الدولة، واستغلال المناصب لتزوير إرادة الناخبين؟
إننا أمام مشهدٍ يوحي بأن الاستبعاد جزءٌ من "معركةٍ سياسية" أكثر منه إجراءً قانونياً صِرفاً. معركةٌ تُستخدم فيها أدوات القانون لتصفية الحسابات، لا لتصحيح المسار. وإلّا فكيف نفسر أن بعض أصحاب الأسماء المستبعدين اليوم، كانوا بالأمس وزراءَ ونواباً شرعيين على الورق، مارسوا دورهم التشريعي والتنفيذي علناً من دون أن تعترض الجهات المختصة؟
والسؤال الآخر: هل اصحاب هذه الأسماء هم وحدهم الذين يمارسون وظائف سياسية ويشغلون مراكز مهمة في الدولة، ولهم "سجل جنائي"؟ أم أن السجل يشمل شخصيات أخرى متغلغلة، تحوم حولها شبهات فساد؟ فلماذا لا يشملهم الاستبعاد أيضا؟ مؤكدٌ إن نظام المحاصصة هو الحامي لهؤلاء، وهو حاضنتهم.
إن غياب المعيار الواضح يجعل كل الإجراءات انتقائيةً. فإذا كان المقصود إصلاحاً حقيقياً، فلا بد من مراجعةٍ شاملة تطال الجميع: من يترشحون للانتخابات، ومن يجلسون الآن على كراسي الدولة. أما الاقتصار على من لهم صلة بالانتخابات وحسب، فذلك انتقائيةٌ لا أكثر.
ويبقى السؤال الأهم: هل هذه الإجراءات بدايةُ مسارٍ قانونيٍّ جاد، أم مجرد جولةٍ أخرى من جولات الصراع السياسي؟ وهل سنشهد يوماً تطبيق القانون والعدالة على الجميع بلا استثناء، أم أن قاعدة "من دخل بيت أبي سفيان فهو آمن" ستبقى معتمدة، تحمي البعض وتستثنيهم من أي مساءلة؟
ويبدو أن أبا سفيان هذا الزمان لا يمتلك بيتاً واحداً، بل بيوتاً.. وأبوابُها مشرعةٌ أمام الفاسدين.
***********************************
الصفحة الثالثة
النفوذ والحصانة يحوّلان القانون إلى اداة للالتفاف على حق حرية التعبير مراقبون: قضايا النشر تُستغل سياسياً للتنكيل بالصحفيين وأصحاب الرأي
بغداد - محمد التميمي
في مشهد بات يتكرر بصورة مقلقة، أصبحت قضايا النشر والإعلام في العراق تتحوّل تدريجياً من أداة قانونية للمساءلة والتنظيم، الى ساحة صراع سياسي بحت. حيث تُستثمر كسلاح للانتقام من أصحاب الرأي والصحفيين والمؤثرين.
ولا تقتصر الملاحقة على مواطنين عاديين، انما تشمل مؤثرين إعلامياً وناشطين يسعون لممارسة حقهم في النقد والمساءلة. وتكشف الوقائع أن هناك ازدواجية صارخة في التعامل مع القانون: فالمسؤولون وذوو النفوذ يحظون بحصانة وموارد تمكنهم من استخدام القضاء ضد خصومهم، بينما تُسوف أو تُغلق شكاوى المواطنين البسطاء، ما دفع المراقبين للتحذير من منحى خطير يكون فيه القانون أداة للضغط السياسي وتكميم الأفواه.
وفي هذا السياق، دعا عدد كبير من صناع الرأي، السلطة القضائية لوضع آليات واضحة تمنع استخدام القوانين لأهداف سياسية، وتحمي حرية التعبير والرأي، بما يضمن أن يبقى القضاء حصناً للنزاهة وليس أداة لتصفية الحسابات.
مسار خطير
يقول الأكاديمي محمد نعناع، إنه يواجه دعوى قضائية رفعها ضده النائب مصطفى سند، مؤكداً عزمه الدفاع عن نفسه امام القضاء، داعيا في سلسلة منشورات الرأي العام للوقوف والتضامن معه.
وأوضح نعناع، أنه سبق أن تقدم بشكوى ضد النائب نفسه لكنها لم تُحرَّك، بسبب تمتعه بالحصانة، مضيفاً انه "بما أنه بادر إلى تحريك دعوى قضائية ضدي، فقد لجأت بدوري إلى تفعيل الشكوى السابقة ضده أمام القضاء".
وأشار في حديث مع "طريق الشعب"، إلى أن قضايا الإعلام والنشر تحولت اليوم إلى أداة سياسية بحتة، بعدما صار القضاء يقبل دعاوى حتى على تعليقات بسيطة أو منشورات لا تتضمن أسماء، وهو ما جعلها وسيلة للتنكيل بأصحاب الرأي والمؤثرين إعلامياً ممن يختلفون مع السلطة أو مع بعض النواب والمسؤولين.
وبيّن نعناع أن "المواطن البسيط، أو حتى مجموعة من المتضررين، إذا أرادوا تقديم شكوى ضد نائب أو وزير أو مسؤول، فإن شكاواهم لا تتحرك وغالباً ما تُسوف أو تُغلق، بينما إذا قدم المسؤول نفسه شكوى ضدهم فإنها تتحرك بسرعة وتصدر بموجبها أحكام بالغرامات أو الحبس مع وقف التنفيذ، وأحياناً تُنفذ أحكام بالسجن لمدد قصيرة ثم يُصار إلى التنازل لاحقاً".
وتابع قائلاً انه "بهذا الشكل أصبحت القضايا تُستغل لتكميم الأفواه، وترافقها قسوة وتشديد غير مبررين. ونحن لا نتهم القضاء، لكننا نشكو من النفوذ السياسي المؤثر في مسار هذه القضايا".
وتمنى على إلى رئاسة مجلس القضاء الأعلى "الانتباه إلى خطورة هذا المسار، وألا تتحول هذه القضايا إلى أداة للنيل من أصحاب الرأي والمؤثرين إعلامياً بدوافع سياسية"، مؤكداً أن المطلوب "هو ضمان أن تكون المحاكم للفصل العادل لا لتصفية الحسابات".
وشدد على الحاجة إلى "تعزيز الوعي بخطورة استخدام القانون كوسيلة لكبت الحريات، وإلى دور فاعل من المنظمات الحقوقية لمتابعة هذه الملفات"، مبيناً أن "بعض الأطراف تسعى إلى تضخيم تعليقات بسيطة أو منشورات عادية وتكييفها على أنها إساءة أو تشهير، بينما الواقع مختلف تماماً".
وختم نعناع بالقول: "المفروض أن يكون القضاء الحصن الحصين للدولة والمجتمع. و ما يحصل اليوم من استغلال سياسي لهذه القضايا يُسيء إلى سمعته. نحن بدورنا نرفض أن تُلصق به هذه الشوائب، ونريد ان يبقى القضاء نزيهاً ومحترماً وبعيداً عن مهاترات السياسيين، وان يبقى الفيصل العادل في مثل هذه القضايا، لأنه إن لم يكن كذلك فلن ينصف أحداً".
عصا القانون
من جانبه، قال الحقوقي زين العابدين البصري إن استغلال الرأي العام للتنكيل بالخصوم السياسيين أصبح ظاهرة متكررة، حيث تقوم بعض الأطراف بتوظيف حالة الاستقطاب السياسي الحاد ضد معارضيها.
وأضاف في حديث لـ"طريق الشعب"، انه "على سبيل المثال، هناك أصوات شبابية تنتقد الأداء السياسي وتعارض الفئة المهيمنة على السلطة، لكن الأخيرة تحاول شيطنة هذه الانتقادات وتحويلها إلى صراع بين أقطاب متنافسة، قبل أن تنزلق الأمور إلى مربع خطير يتمثل في تشويه السمعة واستهداف الأشخاص في حياتهم الخاصة وأعراضهم وحرياتهم".
وأشار البصري إلى أن الأمر الأكثر خطورة "يتمثل في تعامل بعض النواب وممثلي السلطة التنفيذية مع النقد والصحافة وصنّاع الرأي العام بـ”العصا القانونية”، أي استخدام القانون كأداة ترهيب".
وتابع قائلاً: "ليس من المعقول أن يواجه ناشط أو صحفي دعوى قضائية لمجرد أنه وجه نقداً شديداً أو استخدم وصفاً قاسياً بحق مسؤول. حين يمتلك المسؤول سلطة ونفوذاً وحصانة وموارد وعلاقات، ويستثمرها لملاحقة مواطن أعزل، فإن المعادلة تصبح خطيرة، لأنها تضعف حرية التعبير وتقوّض مبدأ تكافؤ الفرص بين السلطة والمواطن".
وأضاف البصري أنه لا يمكن "تحميل القضاء وحده المسؤولية كاملة، كونه قضاءً إجرائياً غير اجتهادي لا يستطيع الخروج عن النصوص القانونية"، مشيراً إلى أن المشكلة الحقيقية "تكمن في غياب تشريعات عصرية تتوافق مع متطلبات النظام الديمقراطي".
وبيّن أن الفجوة بين الممارسات الديمقراطية وآليات عمل المؤسسات هي فجوة تشريعية بالدرجة الأولى.
وشدد في ختام حديثه على أن البرلمان، "الذي يفترض أن يشرّع قوانين تحمي حرية التعبير وتكفل ممارسة الرأي، يفرز للأسف طبقة سياسية غير مبالية بالقضايا الجوهرية، ما يؤدي إلى صدور مشاريع قوانين هشة لا ترتقي إلى بناء نظام ديمقراطي رصين يحترم الشعب ويحمي حقوقه".
القضاء ركيزة أساسية لضمان العدالة
من جانبه، أكد الخبير القانوني واثق الزبر أن الدستور العراقي والقانون يكفلان حق أي مواطن، دون استثناء، في إقامة الشكاوى والدعاوى ضد أي شخص، حتى لو كان رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء أو رئيس مجلس النواب، إضافة إلى وظيفته. هذا الحق متاح لجميع العراقيين بغض النظر عن مستواهم التعليمي أو وضعهم المادي والاجتماعي.
وأشار في حديثه مع "طريق الشعب"، إلى أن ما يُلاحَظ اليوم هو "إساءة استخدام هذا الحق من خلال دعاوى كيدية ضد الشخصيات الوطنية والاعلاميين وصنّاع الرأي العام، الذين يقتصر دورهم على النقد والمساءلة بشأن الأداء السياسي والقرارات العامة، دون أن يمسوا الحياة الشخصية للسياسيين أو ذويهم".
وأوضح أن تفسير حرية الرأي على أنها تهديد للنظام السياسي أو أداة للإطاحة به أمر خاطئ.
وطالب الزبر رئيس مجلس القضاء الأعلى بوضع آلية واضحة لتقنين الشكاوى والدعاوى، بما يضمن عدم استخدامها ضد الأصوات الحرة والوطنية".
ودعا الى " البت سريعا في الشكاوى الكيدية وغير المجدية وغلقها، و التمييز بين النقد السياسي المشروع والتشهير أو الإساءة الشخصية، اضافة لحماية الإعلاميين والوطنيين المعروفين بدفاعهم عن حقوق الشعب من أي تضييق قضائي".
ولفت الزبر إلى أن "استغلال بعض السياسيين لنفوذهم وحصانتهم وموارد الدولة في تحريك مثل هذه القضايا ليس مجرد إساءة استخدام للسلطة، بل يشكل أيضاً هدراً للمال العام، لأن موارد الدولة مُخصصة لخدمة المواطنين لا لملاحقة المعارضين أو الناشطين".
وأكد، أن القضاء العراقي "يظل ركيزة أساسية لضمان العدالة"، مشيراً إلى أن الفجوة الحقيقية تكمن في غياب تشريعات حديثة تتوافق مع متطلبات النظام الديمقراطي".
وأوضح أن مسؤولية البرلمان "تتمثل في سن قوانين متقدمة تحمي حرية التعبير وتضع حدوداً واضحة لإقامة الدعاوى، بما يمنع استخدامها كأداة لقمع الأصوات الوطنية".
وخلص الزبر الى القول: "نحن على ثقة بأن القضاء العادل سيبقى الملاذ الآمن لحماية حرية الرأي، وأن مجلس القضاء الأعلى قادر على معالجة هذه الحالة وإغلاق الباب أمام الدعاوى الكيدية التي تُستغل سياسياً لإسكات العراقيين الشرفاء".
*******************************************
عوامل وجود بيئة استثمارية جاذبة: إصلاح سياسي ومالي ومجتمعي
بغداد – تبارك عبد المجيد
لم يستقر النقاش والجدل حول مستقبل بيئة الاستثمار فيه؛ فهناك مَن يرى أن التحسن الأمني والإصلاحات الحكومية الأخيرة فتحت نافذة جديدة للنهوض الاقتصادي، وآخر يحذر من أن الواقع ما زال مكبلاً بالفساد والبيروقراطية وهيمنة السلاح المنفلت.
وفي هذا الصدد تتحدث الحكومة ومستشاروها عن مرحلة "ذهبية" لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية وخلق فرص عمل، بينما يؤكد خبراء واقتصاديون أن هذه الصورة المتفائلة لا تعكس حقيقة ما يجري على الأرض، حيث ما تزال البنية الاقتصادية مشوهة، والقطاع الخاص مقيداً، والبيئة الاستثمارية معرضة لضغوط سياسية وأمنية.
قطاع الطاقة بيئة جاذبة
ويعتبر المستشار المالي لرئيس الوزراء مظهر محمد صالح، أن الأمن يشكل الركيزة الأساسية لنجاح الاقتصاد، مؤكداً أن الحديث عن بيئة استثمارية جاذبة لا يمكن أن يتم دون استقرار أمني وسياسي حقيقي.
وقال صالح لـ "طريق الشعب"، أن العراق يمتلك ثروات طبيعية وموقعاً استراتيجياً، ومع التحسن الأمني الكبير الذي تحقق في السنوات الأخيرة، أصبح يوفر بيئة أعمال مستقرة تتيح للمستثمرين التخطيط على المدى الطويل وتقليل المخاطر المرتبطة بتعطل المشاريع أو فقدان الأصول.
وأضاف أن تصفير معدل العمليات الإرهابية ساهم في تعزيز ثقة المؤسسات المالية الدولية، ما شجع الشركات الأجنبية الكبرى على العودة إلى البلاد، خاصة في قطاع الطاقة والبنية التحتية، إلى جانب إطلاق مشاريع استثمارية متنوعة في مختلف المحافظات، وهو ما يعكس تحسناً ملموساً في التنسيق بين الجهات الأمنية والحكومات المحلية.
وأشار صالح إلى أن الاستثمار في الأمن يمثل استثماراً مباشراً في مستقبل العراق، مؤكداً أن الحكومة الحالية تعتمد هذا النهج ضمن برامجها الاقتصادية، منوهاً إلى أهمية تحديث الأجهزة الأمنية وتعزيز دور الهيئات الرقابية المستقلة على المشاريع الاستثمارية لضمان الشفافية والكفاءة.
كما شدد على ضرورة تفعيل المناطق الاقتصادية الخاصة وتحسين بيئة الأعمال من خلال تبسيط الإجراءات وتقليل البيروقراطية عبر استخدام الحوكمة الرقمية، إلى جانب تعزيز التعاون الدولي لتوفير ضمانات أمنية إضافية تساهم في طمأنة المستثمرين الأجانب وتعزيز وجودهم في السوق العراقية.
واختتم صالح بالإشارة إلى أن الربط بين الاستقرار الأمني والاقتصادي يشكل عنصراً حيوياً لتعزيز ثقة المستثمرين وتحقيق تنمية مستدامة، معتبراً أن العراق اليوم يمر بمرحلة ذهبية لاستقطاب الاستثمارات وخلق فرص اقتصادية حقيقية للمواطنين.
تحسين مناخ الأعمال
من جهته، قال الباحث في الشأن الاقتصادي عبد الله نجم، إن العراق يشهد تحسناً ملموساً في بيئة الاستثمار، مدعوماً بالاستقرار الأمني والإصلاحات الحكومية الأخيرة، ما أسهم في جذب استثمارات محلية وأجنبية كبيرة خلال الفترة الماضية.
وأضاف نجم، أن الحكومة وفرت ضمانات مالية وتشريعية تغطي نسبة كبيرة من قيمة المشاريع، ما عزز ثقة المستثمرين وأتاح بيئة أكثر استقراراً للأعمال، مشيرا إلى أن فتح أبواب الاستثمار في قطاعات استراتيجية مثل المعادن، والإسمنت، والزراعة، والصناعة، يمثل ركيزة أساسية لتعزيز الإنتاج المحلي وتقليل الاعتماد على الواردات، إلى جانب تطوير البنية التحتية وقطاع النقل والخدمات اللوجستية، بما يسهم في تحويل العراق إلى مركز اقتصادي إقليمي جاذب للتجارة والاستثمار.
وأوضح نجم، أن استقرار سعر صرف الدينار وانخفاض التضخم وسلاسة السياسات النقدية، كلها عوامل ساعدت على خلق بيئة استثمارية أكثر وضوحاً وشفافية، مؤكداً أن الأمن وحده لا يكفي لضمان استدامة النمو، إذ يتطلب استمرار الإصلاحات الهيكلية، وتحسين مناخ الأعمال وإزالة المعوقات الإدارية والتشريعية.
وخلص نجم الى أن العراق يشهد حالياً فرصاً استثمارية مجزية، وأن الاستثمار المبكر في القطاعات الاستراتيجية سيتيح للمستثمرين الاستفادة من التحولات الاقتصادية الإيجابية وتحقيق عوائد مرتفعة، معتبراً أن الفترة الحالية تمثل فرصة حقيقية لتعزيز الانتعاش الاقتصادي وخلق فرص عمل مستدامة في البلاد.
بيئة يحتكرها النفط وغسل الأموال!
أما الخبير في الشأن الاقتصادي همام الشماع، فقد رأى أن "البيئة الحالية غير جاذبة للاستثمار بالشكل المطلوب"، مشيرا إلى وجود سرقة ونهب وفرض إتاوات وتسلط جهات تمتلك السلاح على المواطنين، دون أن تبذل الحكومة جهودا فعالة لإصلاح هذه البيئة".
وعدّ ان الاستثمار الوحيد الفعال هو القطاع النفطي.
وقال الشماع لـ "طريق الشعب"، ان هناك "استثمارات غير شرعية تُحوّل الأموال القذرة إلى مشاريع مثل المولات والمطاعم، والتي تكلف مليارات"، مضيفًا أن "بعض المناطق أصبحت بمثابة مراكز لغسيل الأموال".
وأضاف أن "بعض التصريحات التي تمدح الوضع الاستثماري لا تعكس الواقع، انما تميل إلى التجميل، بينما الحقيقة على الأرض مختلفة، لذلك من المهم الاطلاع على الرؤية الواقعية والموضوعية.
وأوضح الشماع أن الإصلاحات المطلوبة تبدأ بالإصلاح السياسي، مشددا على أن النظام الحالي يسمح لكل مسؤول متنفذ بالتحكم بخطط وزارته، بينما تبقى القضايا الجوهرية تحت سيطرة المنظومة السياسية، ما يجعل القضاء على الفساد شبه مستحيل.
وتابع أن الإصلاح المالي يأتي في المرتبة الثانية، يليه الإصلاح الاجتماعي، مع ضرورة معالجة قضية المليشيات المسلحة لضمان بيئة أكثر أمانًا وجاذبية للاستثمار.
*************************************
وقفة اقتصادية.. آثار الهيكل السلعي للاستيرادات على الاقتصاد
إبراهيم المشهداني
أصدرت الدولة قانون حماية المنتجات الوطنية رقم 11 لسنة 2010 وكان الغرض من هذا القانون حماية المنتج الوطني من مزاحمة البضائع الأجنبية لسد النقص في السوق العراقية للبضائع والسلع التي يكون المواطن في أمس الحاجة لها، وإصدار هذا القانون كما يفترض يتطلب في المقابل توجه الحكومات المتعاقبة إيلاء عملية الإنتاج في مختلف القطاعات الاهتمام الكافي وخاصة قطاعي الصناعة والزراعة لسد حاجة السوق ومواجهة سياسات الإغراق التي تعرض لها من دول معينة طيلة الفترة الماضية.
إن البحث في هذا الموضوع يتطلب النظر في السياسة التجارية بوجهيها الاستيرادي والتصديري، ويؤخذ من ملامح السياسة الاقتصادية الجديدة بعد عام 2003 اتباع سياسة استيرادية منفتحة وممنهجة، وأول خطوة في هذا المسار بلوغ استيرادات العراق في عام 2004 اكثر من 21 مليار دولار ووصلت في عام 2020 إلى 41 مليار دولار ليكون مجموع مبالغ الاستيرادات خلال هذه الفترة 758 مليار دولار، غير أن إحصاءات وزارة التخطيط تشير إلى أن قيمة الاستيرادات في عام 2020 بلغت 15 مليار دولار استنادا إلى تصريحات هيئة الكمارك في حين أن المباع في نافذة البنك المركزي وهو منصة مكرسة للقطاع الخاص تشير إلى أن كمية المباع 44،085 مليار دولار في نفس العام حسب إعلان البنك المركزي وبهذا يكون الفارق بينهما 29 مليار .
وتبين تفاصيل قيم الاستيرادات من الخارج إمعان العراق في مواصلة سياسة الاستيراد بما يعطل من أهداف قانون حماية المنتجات المحلية، فعلى سبيل المثال فان قيمة استيرادات العراق خلال المدة 2020 – 2024ما يقرب من 400 مليار دولار بواقع 80 مليار سنويا منها 30 مليار دولار من الإمارات العربية لنفس الفترة، وارتفعت الاستيرادات من الصين في عام 2020 بواقع 10.9مليار دولار ووصلت إلى 15.9 مليار دولار في عام 2024 شملت السيارات والحديد المدرفل ومعجون الطماطم والسجاد والكاربت ومكيفات الهواء، فيما ارتفعت الاستيرادات من ايران من 5 مليار دولار في عام 2020 إلى 12 مليار دولار في عام 2023 شملت مشتقات نفطية ومواد انشائية وكهربائية واليكترونية ومواد غذائية متنوعة، أما تركيا فقد ارتفعت الاستيرادات منها من 8 مليار دولار في عام 2020 إلى 11 مليار دولار عام 2024 أهمها الذهب والأجهزة الكهربائية والأجهزة الميكانيكية والاثاث والابواب، رغم أن هاتين الدولتين سعتا بإصرار إلى قطع المياه عن العراق او تخفيض نسبتها إلى أرقام أدت إلى تحطيم الثروة الزراعية والحيوانية وفق مفاهيمها الخاصة لطبيعة جريان المياه من أراضيهما، وهناك العشرات من الدول الأخرى الموردة للسوق العراقية، ومن ذلك يتضح أن السلع الأكثر استراد هي الأجهزة الالكترونية والسيارات والذهب والحديد والأجهزة الميكانيكية واللحوم والسكر والملابس والوقود المعدني. وأكبر نمو في الاستيرادات خلال المدة من 2020—2024 جاءت من السيارات بنسبة 620 في المائة أما معجون الطماطم والسجاد والكاربت فكانت النسبة 2167 في المائة والذهب بنسبة 1124 في المائة وان الكثير من السلع الزراعية ومنتجاتها كالمعجون!!
إن المشكلة ليس في مبدأ الاستيراد الخارجي خاصة عندما يتعلق الأمر باستيراد ما هو ضروري لتغطية حاجة عملية الإنتاج من السلع والأدوات غير المتوفرة في السوق العراقية بل تكمن في الاستيرادات المتعلقة بشكل واسع في سلع الاستهلاك التي من الممكن توفيرها محليا لا سيما وان تركيب الاقتصاد العراقي يعتمد على مورد اقتصادي واحد وهو الريع النفطي.
إن أي توجه لتحقيق تكامل فاعل بين سياسات الاستيراد والإنتاج لابد أن يبنى على منظومة متكاملة من الإجراءات نذكر منها:
- العودة إلى الإجراءات التي كانت تعتمدها دائرة التحويل الخارجي السابقة في مجال ضبط قانونية إجازات الاستيراد وحساب القيم الحقيقية للسلع المستوردة.
- التطبيق الكامل لقانون التعرفة الكمركية رقم 22 لسنة 2010 وتعديلاته وإجراء تعديلات إضافية بناء على الظروف التي افرزتها تجربة السنوات الماضية وزيادة التعرفة الكمركية على السلع التي يمكن انتاجها محليا وإعادة هيكلة توزيع نسب التعريفات المفروضة على المجاميع المستوردة.
********************************************
الصفحة الرابعة
مشاريع على الورق برعاية المحاصصة والفساد مواطنون: الحكومات المتعاقبة لم تلبِ طموحاتنا الخدمية
بغداد - عماد شريف
مع استمرار نهج المحاصصة والفساد المتنامي في مفاصل الدولة، يشعر الكثير من المواطنين بالإحباط واليأس من الحصول على خدمات محترمة في مختلف القطاعات الخدمية. فعلى مدى أكثر من عقدين لم تلبِ الحكومات المتعاقبة الحد الأدنى من طموحات المواطنين في المجال الخدمي، لا على مستوى الخدمات البلدية وخدمات البنى التحتية، ولا حتى الخدمات الصحية والتعليمية والإدارية. ويرى مواطنون التقت بهم "طريق الشعب"، أن الكثير من المشاريع الخدمية التي أقرتها الحكومات خلال السنوات الماضية، لم تكن سوى حبر على ورق، وأن أغلب ما نُفذ منها كان شكليا أو ترقيعيا مؤقتا، لا يخلو من شبهات فساد. وبينما يلفتون إلى أن أكثر ما يمتهنه المتحاصصون والفاسدون هو تقديم الوعود الزائفة، التي تتكاثر في فترات الانتخابات، يؤكدون انهم لن يروا أي تحسن خدمي أو معيشي سيطرأ على البلاد، طالما يستمر نهج المحاصصة المقيت. ويشير المواطنون إلى أن شكل الحياة منذ 2003 حتى الآن لم يتغير كثيرا، بل يزداد سوءا وأزمات سنة بعد أخرى، وان كل المؤشرات لا تُشجع على التفاؤل، في ظل الإصرار على التحاصص، وغياب العدالة الاجتماعية، واستشراء الفساد في معظم مؤسسات الدولة، والتفاوت في تقديم الخدمات بين منطقة وأخرى وفقا لحسابات شخصية ومصالح انتخابية ومحسوبيات، مستدلين على هذا الترهل الخدمي بالاحتجاجات الشعبية التي يشهدها باستمرار، كثيرٌ من مدن البلاد، والتي تبرهن على حرمان شرائح واسعة من حقوقها الخدمية التي أقرها الدستور. وعلى الرغم من نظرتهم التشاؤمية للإجراءات الحكومية "العقيمة" في ما يخص تقديم الخدمات، إلا ان الكثيرين من المواطنين يطالبون الحكومة بأن تكون صادقة جادة في التعاطي مع مشكلاتهم المزمنة على جميع المستويات، والتي تمس حياتهم اليومية، لا سيما في ما يتعلق بالكهرباء والماء وشبكات الصرف الصحي والمدارس والمستشفيات، معتبرين أن وضع الخطط على الورق فقط ودعمها بالتصريحات الإعلامية الزائفة، امر لن يعد ينطلي على المواطن.
مواطن: نسمع بالخدمات ولا نراها!
يُبدي المواطن محمد حسن من منطقة الأمين في بغداد، استغرابه من استمرار أسطوانة الوعود التي "صدّعت رؤوسنا" – حسب تعبيره، مشيرا إلى أن "المسؤولين، لا سيما قبل الانتخابات، يُحاولون أن يرسموا في أذهاننا صورا خيالية لمشاريع خدمية طالما حلمنا بها. وبعد أن يُحققوا غاياتهم الانتخابية، لن نلمس من تلك الأحلام شيئا، وعلى هذا المنوال"! ويؤكد أن "المواطن بات يسمع بالخدمات أكثر مما يرى. لذلك لم يعد يثق في وعد حكومي يصدر في ظل محاصصة مستمرة وفساد مالي وإداري مستشرٍ"، مبينا أن "مناطق بغداد السكنية معظمها يُعاني نقصا في خدمات أساسية، وأبرزها الماء والكهرباء والبنى التحتية. وأن الأهالي بحّت أصواتهم ولم يحظوا بآذان صاغية، عدا وعود حكومية تُطلق لغايات معينة، وتنتهي مع تحقيق تلك الغايات".
ويشير إلى أنه "حتى المشاريع التي يجري تنفيذها، غالبا لا تأتي بالمستوى المطلوب. إذ سرعان ما تتضرر وتظهر عليها علامات الترقيع، وأمثلة على ذلك مشاريع التبليط والترصيف التي لا تصمد سنة أو سنتين، أو حتى بضعة شهور"! ويرى حسن أن الخلاص من تلك الأزمات لن يتحقق إلا بإرادة المواطن وصوته الاحتجاجي، وبحسن اختياره ممثليه في السلطة التشريعية. وبينما لا يتفق أبدا مع من يَعْدِل عن ممارسة حقه الانتخابي، بناء على يأس وإحباط، يتمنى على المواطنين أن "يتحلوا بالمسؤولية تجاه بلدهم وشعبهم، وأن يتوجهوا إلى صناديق الاقتراع ويحسنوا اختيار من يتبنى برنامج حقيقي يهدف إلى القضاء على نهج المحاصصة وإلى إنقاذ البلاد من أزماتها الحالية، وأزمات أخرى مرتقبة لو استمر ذلك النهج المقيت".
ضعف التنسيق بين الجهات الخدمية
من جانبها، تتحدث الموظفة رباب ناصر، من قضاء الشطرة في ذي قار، عن مشكلات ترافق المشاريع الخدمية التي يجري تنفيذها "فبالإضافة إلى سوء الخطيط، تأتي مشكلة انعدام التنسيق بين الدوائر الحكومية المعنية. إذ ان كل جهة تعمل بمفردها، كدوائر الماء والكهرباء والمجاري والطرق والجسور والاتصالات. وبالتالي ما أن تُنفذ إحدى هذه الجهات مشروعا، حتى تأتي الأخرى فتُخرّب ما تم إنجازه كي تُنفذ مشروعها".
وتوضح لـ"طريق الشعب"، أنه "يتوجب على الدوائر الخدمية ألا تعمل كل واحدة بمفردها وبمعزل عن البقية. فتنفيذ المشاريع يحتاج الى تنسيق بين جهات رسمية عدة، وإذا ما تخلفت اي من هذه الدوائر عن مواكبة الخطة، يحصل خلل كبير على مستوى الخدمات المقدمة".
وتلفت الموظفة المتحدثة، إلى ضرورة حل الاشكاليات التي تحصل حول ملكية الأراضي، في ما اذا كانت عائدة لوزارة الصحة أو وزارتي الزراعة او الموارد المائية او غيرها، مؤكدة أن هذه الإشكاليات تؤخر إنجاز المشاريع.
وتخلص إلى ان "المواطن بحاجة إلى صدق ومرونة في التعاطي مع حاجاته الأساسية".
وكثيرا ما يجري تنفيذ مشاريع خدمية بصورة غير متسلسلة. فمن المعلوم أنه قبل تبليط الشوارع أو رصفها يُفترض تنفيذ مشاريع الماء والمجاري والاتصالات وكل ما يقع في باطن الأرض، لكن الذي يحدث، لا سيما في "المشاريع الانتخابية المؤقتة"، هو "حرق تلك المراحل"، وبالتالي حينما تأتي شركة لتنفذ مشروعا في باطن الأرض، تضطر إلى حفر ما تم إنجازه على سطحها، وفي معظم الأحوال تترك الخراب وترحل – على حد قول مواطنين عديدين.
في السياق، يري المحامي عباس التميمي ان تذليل الصعوبات والعوائق التي تقف في طريق اكمال مشاريع البناء والاعمار، يتطلب تعاون جميع القوى السياسية، شرط أن تكون جادة في تقديم الخدمة إلى المواطن، مشيرا في حديث لـ"طريق الشعب"، إلى أن رؤساء الحكومة لا يمكنهم أن ينجحوا وحدهم في تنفيذ برامجهم الحكومية الخاصة بالخدمات ما لم تتعاون معهم جميع الأطراف، بعيدا عن التسييس والمماطلة.
المواطن لا يثق في "التصريحات الرنّانة"
إلى ذلك، يُطالب المواطن صفاء عبد الحسين، من أهالي محافظة الديوانية المنكوبة خدميا، المسؤولين بالابتعاد عن التصريحات الرنانة في شأن المشاريع العمرانية والخدمية، خاصة في ما يتعلق بملف الكهرباء، ما لم يكن هناك تحرك جاد لتنفيذ تلك المشاريع.
ويقول لـ"طريق الشعب" أن "معظم ما سمعنا عنه من مشاريع، اتضح في ما بعد أن لا وجود له على أرض الواقع. لذلك لم يعد المواطن يثق في وعود بلا مؤشرات حقيقية للإيفاء بها".
ويتساءل: "هل من نهاية لهذه الصورة المأساوية، من خلال بداية حقيقية في البناء والاعمار وتعاون حقيقي ما بين مؤسسات الدولة كافة، وعلى وجه الخصوص الجهات التشريعية والتنفيذية؟". ويتمنى الكثير من المواطنين أن يكون هناك تعاون إيجابي بين الوزارات المعنية بالخدمات، من أجل الصالح العام. وأن يكون التنافس بين المتنفذين على تقديم أفضل الخدمات للوطن ومواطنيه، وليس على المناصب والفوائد الشخصية.. فهل سيرى المواطن مسؤولين يتنافسون على توفير كهرباء مستقرة وماء نقي وشوارع نظيفة وفرص عمل وفيرة للعاطلين، مثلما يتنافسون ويتنازعون في سبيل طموحاتهم الفئوية الضيقة؟!
************************************
«إهمال وروتين قاتل» مواطنون يدعون السوداني لزيارة {مستشفى اليرموك}
متابعة – طريق الشعب
دعا مواطنون أول أمس الثلاثاء، رئيس الوزراء محمد شياع السوداني إلى تنظيم زيارة عاجلة لقسم الطوارئ في مستشفى اليرموك ببغداد، للوقوف على ما وصفوه "الإهمال والروتين القاتل" الذي يواجه المرضى يوميا.
وقال المواطنون نقلا عن وكالة أنباء "بغداد اليوم"، أن قسم الطوارئ في المستشفى يعاني اكتظاظا شديدا للمراجعين ونقصا في الكوادر الطبية، مضيفين القول أن القسم يعاني أيضا "تأخر الإجراءات بسبب الروتين، وهو ما يؤدي في بعض الأحيان إلى فقدان حياة مرضى يحتاجون إلى التدخل السريع".
وأشاروا إلى أن "المراجعين يضطرون للانتظار أوقات طويلة حتى تتم معاينتهم، فيما يواجه ذوو المرضى صعوبة في إكمال الإجراءات الإدارية والروتينية، رغم الحالات الحرجة التي تتطلب تدخلاً فورياً"، مؤكدين أن "هذا الواقع يكشف عن غياب الرقابة وضعف الإدارة الصحية".
ولفت مواطن إلى أن "الكثير من الحالات تضطر للانتقال إلى مستشفيات أهلية لتلقي العلاج، ما يرهق العائلات مادياً ويكشف عن حجم التحديات أمام القطاع الصحي الحكومي"، داعياً رئيس الوزراء ووزير الصحة إلى "زيارة مفاجئة لمعاينة الأوضاع على أرض الواقع واتخاذ إجراءات عاجلة للإصلاح".
ويرى مراقبون أن شكاوى المواطنين تعكس أزمة متفاقمة في المنظومة الصحية، خصوصاً في المستشفيات الكبيرة التي تشهد ضغطاً هائلاً، وسط مطالبات بزيادة الكوادر وتبسيط الإجراءات وتحسين جودة الخدمات الطبية المقدمة.
**************************************
العمارة أهالي {منطقة الجُدَيدة} يشكون من تراكم النفايات
متابعة – طريق الشعب
شكا عدد من سكان منطقة الجُدَيدة وسط مدينة العمارة، من تدهور واقعيهم الصحي والبيئي، نتيجة تكدس النفايات وطفح مياه المجاري في بعض الأزقة وقرب الأماكن الحيوية، دون معالجة حقيقية من الجهات ذات العلاقة.
وأظهر مقطع فيديو نشرته وكالات أنباء، تراكم نفايات وطفح في مياه الصرف الصحي قرب "دائرة النشاط المدرسي"، الواقعة في مكان يضم 4 مدارس ومقر مديرية التربية فضلا عن مبنى "مستشفى الزهراوي" الجراحي.
ويشير عدد من الأهالي في حديث صحفي، إلى أن هذه المنطقة تشهد باستمرار ازدحاما للمركبات والسابلة، وان عدم مراعاتها من النواحي الخدمي، لا سيما من ناحية النظافة، جعلها بؤرة للتلوث البيئي، ما يهدد بانتشار أمراض خطيرة، مناشدين الجهات المعنية، بالتدخل العاجل لحل هذه المشكلة قبل أن تشتد أكثر.
****************************************
مواساة
- تعزي اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في محافظة المثنى عائلة الرفيق انور طالب آل غريب، بوفاته.
الفقيد من الشيوعيين الاوائل في مدينة السماوة. كان عضوا بارزا في اتحاد الطلبة وتعرض للاعتقال والملاحقة نتيجة مواقفه السياسية. كما كان استاذا لمادة الكيمياء في مدارس تربية المحافظة، ونقل من وزارة التربية إلى وزارة أخرى ايام النظام المقبور لكونه شيوعيا.
له الذكر الطيب ولعائلته الصبر والسلوان.
كذلك تعزي محلية المثنى عائلة الشخصية الوطنية والرياضية، عضو اللجنة الأولمبية الأسبق، التربوي عبد الواحد خضر آل شكر، بوفاته.
له الذكر الطيب ولعائلته الصبر والسلوان.
- بمزيد من الحزن والألم، تنعى منظمة الحزب الشيوعي العراقي في السويد الرفيق علي رسول حسين الشريفي (أبو ثابت)، الذي توفي أول أمس الثلاثاء في مدينة يوتوبوري السويدية، إثر مرض عضال لم يمهله طويلا.
كان الفقيد رفيقاً عصامياً هادئاً ومحبوباً، أفنى حياته في معترك النضال سواءً عندما كان في العراق أم في غربة السويد. وكان مواكباً ونشطاً في عمله الحزبي والاجتماعي لآخر أيامه.
التعازي القلبية والمواساة الصادقة لرفيقة حياته "أم ثابت" ولعائلته ورفاقه وأحبابه.
- ببالغ الحزن والاسى تعزي اللجنة المحلية العمّالية في الحزب الشيوعي العراقي الرفيق كامل نصيف (ابو علي)، بوفاة شقيقه اثر مرض عضال.
للفقيد الذكر الطيب ولعائلته الصبر والسلوان.
*************************************
بحر النجف يُنازع الجفاف اختصاصيون: نحذر من {خسارة كبيرة}
النجف – وكالات
يشهد بحر النجف، الذي يُعد واحدًا من أهم المعالم الطبيعية والتاريخية في العراق، جفافًا شبه تام في مياهه، الأمر الذي أثار قلقًا واسعًا بين أوساط بيئية واجتماعية.
ويعود تاريخ هذا البحر إلى آلاف السنين. حيث مثّل خزانًا مائيًا طبيعيًا، وبيئةً جاذبة لأصناف من الطيور والأسماك، فضلًا عن كونه محطة رئيسة للطيور المهاجرة بين آسيا وأفريقيا. لكن التغيرات المناخية وارتفاع درجات الحرارة، إضافة إلى قلة تساقط الأمطار وتراجع مناسيب المياه الجوفية، كل ذلك ساهم في تسريع وتيرة جفافه.
وتنقل وكالات أنباء عن اختصاصيين في البيئة، القول أن "جفاف البحر سيؤدي إلى خسارة بيئية كبيرة. إذ يُنذر بانقراض التنوع الاحيائي المحلي. كما أن غياب الغطاء المائي سيزيد من معدلات العواصف الترابية التي تضرب النجف ومناطق الفرات الأوسط".
في السياق، دعا ناشطون بيئيون الحكومة المركزية والحكومات المحلية إلى وضع خطط عاجلة لمعالجة أزمة الجفاف عبر مشاريع حصاد المياه والاستفادة من التقنيات الحديثة لتقليل آثار التغير المناخي، محذرين من أن استمرار الإهمال سيحوّل بحر النجف إلى صحراء قاحلة بشكل دائم.
يُذكر أن بحر النجف لم يكن مجرد ظاهرة طبيعية فحسب، بل ارتبط بالذاكرة الجمعية لأهالي النجف كرمز تاريخي وحضاري واجتماعي، ما يجعل جفافه خسارة مضاعفة للطبيعة وللإنسان معًا.
**************************************
كارثة بيئية وإنسانية تضرب أهوار زويدة وأميلحة
متابعة – طريق الشعب
في ظل تفاقم الجفاف، سجلت أهوار زويدة وأميلحة شرقي ميسان كارثة بيئية وإنسانية جديدة، دفعت أعدادا كبيرة من الأهالي إلى النزوح نحو المدن، في ظاهرة تتكرر للسنة الثانية على التوالي.
وتسببت أزمة المياه التي اشتدت كثيرا خلال الصيف الحالي، في جفاف مساحات واسعة من الأهوار، وبالتالي أدى ذلك إلى نفوق أعداد كبيرة من الحيوانات التي تعتمد عليها العائلات في معيشتها.
ويذكر عدد من السكان في حديث صحفي، أن مياه الشرب انقطعت تمامًا عن محطات الإسالة، ما جعلهم يواجهون صعوبات بالغة في الحصول على مياه نظيفة للشرب والاستخدامات الأخرى.
ويوضحون أن أبرز أسباب أزمتهم هذه، قطع المياه عن نهر المشرّح الذي يُغذي الأهوار، وكثرة التجاوزات على الحصص المائية من قبل بعض أصحاب مزارع الأسماك، التي تستهلك كميات كبيرة من المياه.
ورغم الظروف القاسية، لا يزال بعض السكان متمسكين بأرضهم، مشيرين إلى أنهم لا يملكون القدرة المالية على تحمل تكاليف المعيشة في المدن.
وتسببت أزمة المياه التي اشتدت خلال الشهور الأخيرة، في جفاف مساحات واسعة من الأهوار، التي تُعتبر معلما بيئيا فريدا ذا أهمية عالمية.
وفي السياق، شكا عدد من أهالي قرى أميلحة المتاخمة للأهوار، من انقطاع الماء عن منازلهم منذ أكثر من شهرين، الأمر الذي أجبرهم على شراء المياه من السيارات الحوضية الجوالة، موضحين أن سعر جالون الماء من سعة 30 لترا، يبلغ ألف دينار، ومقطورة الماء من سعة 250 لترا يبلغ سعرها 5 آلاف دينار.
وتابعوا في حديث صحفي قولهم، أن هذه الأزمة فرضت عليهم أعباء مالية، في الوقت الذي يعانون فيه البطالة إثر جفاف الأهوار وإلغاء الخطة الزراعية بسبب الجفاف، مؤكدين أن تكلفة مياه الشرب للأسرة الواحدة خلال شهر واحد، تصل إلى 150 ألف دينار، إضافة إلى 100 ألف دينار تُنفق على شراء مياه للحيوانات.
ويحذر ناشطون بيئيون في ميسان، من أن استمرار هذه الأزمة قد يؤدي إلى تغيرات ديموغرافية كبيرة على المدى القريب، إضافة إلى ضغوط خدمية واجتماعية متزايدة داخل المدن، بفعل توافد أعداد كبيرة من سكان القرى إليها.
وتنقل وكالات أنباء عن مدير ماء ميسان عقيل لعيبي، قوله أن "مديرية الماء عملت على إيصال المياه للمناطق المتضررة عبر الصهاريج الحكومية".
**************************************
الصفحة الخامسة
الجيش الصهيوني يبدأ تنفيذ خطة احتلال غزة المقاومة الفلسطينية تلقن جنود الاحتلال درساً قاسياً
متابعة ـ طريق الشعب
بينما تستعد قوات الاحتلال الصهيوني، لاحتلال مدينة غزة بالكامل، تلقت قيادتها خسارة كبيرة عبر هجومين كبيرين على يد المقاومة الفلسطينية، ما دعاهم إلى استقدام مروحيات وطائرات حربية ومسيرة لغرض وقف الهجوم.
ولا تزال صعوبات إدخال الأطعمة والأدوية إلى القطاع المحاصر ماثلة، وقالت الأمم المتحدة، إن "إسرائيل ما زالت تمنعها منذ أشهر من إدخال الخيام إلى قطاع غزة رغم أوامر الإخلاء الموجهة إلى المدنيين".
كيف حدث الهجوم؟
أعلنت كتائب القسام أنها هاجمت، صباح أمس، موقعا لجيش الاحتلال في خان يونس جنوبي قطاع غزة، مشيرة إلى استهداف دبابات ميركافا بعبوات وقذائف، واكدت ذلك وسائل إعلام اسرائيلية.
وتابعت القسام، أنها أجهزت على عدد من جنود الاحتلال من مسافة صفر، كما استهدفت منازل تحصنوا فيها بقذائف مضادة للتحصينات والأفراد.
وأضافت أن "مقاتليها تمكنوا خلال عملية خان يونس من قنص قائد دبابة ميركافا وإصابته إصابة قاتلة". كما قصفت المواقع المحيطة بمكان العملية بقذائف هاون لقطع النجدات وتأمين انسحاب مقاتليها.
محاولة لأسر جنود
وكشفت هيئة البث الإسرائيلية عن هجوم منظم غير مسبوق استهدف موقعا لقواتهم، مشيرة إلى أن 14 مسلحاً حاولوا اقتحام الموقع ويعتقد أنهم خططوا لأسر الجنود المتمركزين هناك.
وأوضحت الهيئة أن "المهاجمين خرجوا من نفق تحت الأرض وباشروا بإطلاق نيران مضادة للدبابات ورشاشات على القوات الإسرائيلية، حيث أدى الهجوم إلى مقتل 8 من المسلحين في تبادل إطلاق النار مع القوات الإسرائيلية، ولاذ عدد منهم بالفرار، فيما تواصل القوات الإسرائيلية البحث عنهم".
وجاء في بيان لجيش الاحتلال في وقت لاحق: نفذ أكثر من 15 مسلحا هجومًا مزدوجًا شمل إطلاق النار من أسلحة رشاشة بالإضافة إلى قذائف مضادة للدروع كما تسلل عدد منهم إلى موقع دفاعي تابع لقوات من لواء كفير في منطقة خان يونس".
بدء عملية احتلال غزة
قالت وسائل إعلام إسرائيلية إن "وزير دفاع الاحتلال الإسرائيلي يسرائيل كاتس ورئيس الأركان إيال زامير صدَّقا على خطط احتلال مدينة غزة بناء على القرار الأخير للمجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية.
وأعلن جيش الاحتلال، أمس، بدء المرحلة التمهيدية لاحتلال مدينة غزة وذلك بعمليات مكثفة في حي الزيتون وجباليا، بعد الموافقة على خطة "عربات جدعون الثانية" للسيطرة على المدينة مستدعيا عشرات آلاف الجنود، رغم جهود الوسطاء للتوصل إلى صفقة، مما لاقى انتقادات إسرائيلية.
وقالت إذاعة الجيش الإسرائيلي إنه "في الأيام المقبلة سيبدأ الجيش بدفع سكان غزة نحو جنوبي القطاع، بإطار بدء العمليات التمهيدية لاحتلال المدينة".
لا موافقة على الصفقة حتى الآن
قالت مصادر مصرية مطلعة إن "الاحتلال لم يرسل رده على مقترح الوسطاء، (حتى وقت اعداد هذا التقرير)، الذي قبلته حركة حماس رغم مرور 24 ساعة على تسلمه، مشيرة إلى أن تل أبيب أمام اختبار حقيقي لإنقاذ المحتجزين".
وأضافت المصادر المصرية، أنَّ "مقترح الوسطاء الذي قبلته حركة حماس سيكون بضمانة أمريكية وبرعاية من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب".
وأشارت المصادر إلى أنه "لا سبيل لخروج المحتجزين إلّا من خلال المفاوضات على أساس مقترح المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف"، موضحة أنَّ "المقترح يضمن التوصل لصفقة شاملة تؤدي لإطلاق سراح جميع المحتجزين".
وبهذا الصدد، أفاد مكتب رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو في وقت سابق، بأن "سياسة إسرائيل لم تتغير، فهي تُطالب بالإفراج عن جميع المختطفين الخمسين وفقًا للمبادئ التي وضعها المجلس الوزاري السياسي الأمني المصغر لإنهاء الحرب".
واعتبر مراقبون، أن "بيان مكتب نتنياهو يحمل رفضا ضمنيا للمقترح الجديد رغم أنه مشابه جدا أو يكاد يكون نفسه الذي عرضه ويتكوف سابقا ووافق عليه الاحتلال، والمتمثل في إطلاق سراح 10 أسرى أحياء و18 جثمانا مقابل 60 يوما من وقف إطلاق النار تجرى خلالها مفاوضات لإنهاء الحرب".
***************************************
مطالبات بعزل نائبة رئيس محكمة العدل الدولية
متابعة – طريق الشعب
طالبت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا، في رسالة وجهتها إلى قضاة محكمة العدل الدولية، بعزل القاضية الأوغندية جوليا سبتندي، نائبة رئيس المحكمة، بعد أن كشفت عن انحيازها العقائدي لإسرائيل في ظل الإبادة الجماعية المستمرة ضد الفلسطينيين في قطاع غزة وباقي الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وأشارت المنظمة إلى أن "المبادئ الأساسية التي يتعيّن على القاضي الدولي الالتزام بها، وفق نص المادة الثانية من نظام المحكمة، تقوم على النزاهة والحياد والاستقلال، موضحة أن سبتندي فقدت هذه الشروط جميعها. وبموجب المادة 18، فإن عزلها بات ضرورة لحماية سمعة المحكمة وضمان استقلالها.
وأضافت أن "القاضية لم تفقد حيادها فحسب، بل عبّرت عن أفكار دينية تشجع الاحتلال على الاستمرار في جريمة الإبادة الجماعية".
وكشفت أن القاضية وخلال خطاب ألقته في كنيسة بأوغندا في 10 اب الجاري، أعلنت صراحة دعمها الديني لدولة الاحتلال، قائلة: "إن الرب يعتمد عليّ في الوقوف إلى جانب إسرائيل… علامات نهاية الزمان تظهر في الشرق الأوسط وأريد أن أكون في الجانب الصحيح من التاريخ… أشعر بالتواضع لأن الله سمح لي بأن أكون جزءًا من الأيام الأخيرة."
ولفتت المنظمة إلى أن مواقف سبتندي لم تكن مفاجئة؛ إذ كانت القاضية الوحيدة التي عارضت جميع التدابير الاحترازية التي أمرت بها المحكمة في قضية الإبادة الجماعية في غزة، بما في ذلك إدخال المساعدات الإنسانية. كما أصدرت رأيًا معارضًا للرأي الاستشاري الصادر في 19 تموز 2024 حول طبيعة الاحتلال، استند في معظمه إلى روايات توراتية تنكر وجود فلسطين والفلسطينيين.
******************************************
نيجيريا.. سوء التغذية يهدد حياة 400 ألف طفل
ابوجا - وكالات
أعلنت الحكومة النيجيرية والأمم المتحدة، أن "أزمة انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية بلغت حد الكارثة، محذرتين من أن حياة 400 ألف طفل باتت في خطر إذا لم تُتخذ تدابير عاجلة". ودعا بيان مشترك عن الحكومة والامم المتحدة، صدر بمناسبة اليوم العالمي للعمل الإنساني 2025، إلى حماية العاملين في المجال الإنساني داخل نيجيريا. وأشار إلى أن "التضامن العالمي مع العمل الإنساني يشهد تراجعا، وأن مصادر التمويل الدولية انخفضت بشكل خطير، مما يؤثر بشكل خاص على المجتمعات الأكثر هشاشة". كما لفت إلى تفاقم أزمة انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية في نيجيريا، مبينا أن الاحتياجات الإنسانية في تزايد مستمر. وأضاف أن "انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية في نيجيريا يتحولان إلى كارثة". وذكر أن 31 مليون شخص في نيجيريا يفتقرون إلى الأمن الغذائي.
*******************************************
بعد عسكرة ترامب للعاصمة.. الشيوعي الأمريكي يحذر: {مدينتكم قد تكون التالية}
رشيد غويلب
أعلن ترامب 11 آب سيطرته العسكرية على العاصمة. وحذّر الحزب الشيوعي الأمريكي من أن هذه الخطوة تُمثل خطوة نحو الفاشية. نفّذ الرئيس دونالد ترامب تهديده بفرض حكم عسكري على عاصمة البلاد. بعد أيام من التذمر بشأن أزمة جريمة مزعومة تجتاح العاصمة واشنطن. وإن كانت لا أساس لها من الصحة، أعلن ترامب أن إدارته ستُحوّل قوة شرطة المقاطعة إلى قوة فيدرالية وتنشر 800 جندي من الحرس الوطني "لإعادة سيادة القانون والنظام".
واكد الحزب الشيوعي الأمريكي على أن تأثير هذا الهجوم على الحكم الذاتي في العاصمة يتجاوزها. وحذر الحزب في بيان له صدر أخيرا: "مدينتكم قد تكون التالية". وقد جاءت تصريحات ترامب لتدعم التحذير الشيوعي: "لدينا أيضًا مدن أخرى سيئة، سيئة للغاية. انظروا إلى شيكاغو، كم هي سيئة. انظروا إلى لوس أنجلوس، كم هي سيئة. لدينا مدن أخرى سيئة للغاية. نيويورك تعاني من مشكلة. ثم لديكم، بالطبع، بالتيمور وأوكلاند".
استهداف البلديات السوداء
وفق رؤية الشيوعي الأمريكي، فإن جميع المدن المدرجة على قائمة ترامب يحكمها رؤساء بلديات سود، وغالبية سكانها من الملونين، مثل بالتيمور وفيلادلفيا.
إن الخلفيات العرقية لمناورات ترامب، وخصوصا استهدافه للشباب باعتبارهم مصدر التهديد تكاد تكون مكشوفة. زعم ترامب، أن "شبابًا محليين وأعضاء عصابات يهاجمون ويسلبون ويشوهون ويطلقون النار على مواطنين أبرياء بشكل عشوائي". ولا يخشون أجهزة إنفاذ القانون، "لأنهم يعلمون أن لا شيء يحدث لهم"
إنّ استهداف ترامب لشباب العاصمة، وتركيزه على المشردين والمهاجرين فيها، يتفق مع ما جاء في بيان الشيوعي الأمريكي بأنه "نمطه المستمر في الاستهداف العنصري للشباب السود والمهاجرين والمشردين". وإنه يختار عمدًا الفئات السكانية الأكثر عرضة لـ "إرهاب الشرطة".
المعطيات تكذب الرئيس
بالإضافة الى ذلك أن حملة ترامب المزعومة التي تُركز على الجريمة في واشنطن العاصمة تتناقض أيضًا مع الواقع الإحصائي.
يزعم أمر تنفيذي للرئيس أن "الجريمة خارجة عن السيطرة" وأن "العنف المتزايد" يُهدد موظفي الحكومة والمواطنين والسياح؛ ويُعطل النقل العام؛ ويُضعف "الأداء السليم للحكومة الفيدرالية". ويزعم أن العاصمة "واحدة من أكثر الولايات عنفًا" في البلاد و "من بين أخطر 20 في المائة من مدن العالم".
تتناقض البيانات التي نشرتها شرطة العاصمة مع تصريحات ترامب، وتُظهر أن جرائم العنف في واشنطن تشهد انخفاضًا مطردًا منذ سنوات، ولم يتخللها سوى ارتفاع حاد بعد الجائحة من عام 2020 إلى عام 2023. ووفقًا لأرقام وزارة العدل، انخفضت جرائم العنف في المنطقة بنسبة 35 في المائة منذ عام 2023، وعاد الخط البياني الى الانخفاض الذي كان سائدًا قبل الجائحة، مما يضع معدل جرائم العنف عند أدنى مستوى له منذ 30 عامًا.
دوافع عنصرية
ومع ذلك، يستخدم ترامب لغة مُشفرة لتبسيط المشاكل الناجمة عن ارتفاع الكثافة السكانية والأزمات الاقتصادية، ويعزوها بدلًا من ذلك لأسباب عرقية. ومع تزايد مضايقات الشرطة وعنفها، يدرك الكثيرون مخاطر "قيادة السيارة وأنت أسود البشرة"، وصولا الى صعوبة العيش في المدينة بالنسبة للسود.
لم يُقنع خطاب الرئيس سكان العاصمة. فقد أظهر استطلاع - واشنطن بوست- الذي مضى عليه ثلاثة أشهر، أن 77 في المائة من السكان يعارضون تهديدات ترامب بالاستيلاء على واشنطن. وأعرب 80 في المائة آخرون عن قلقهم البالغ إزاء خفض الكونغرس الجمهوري لميزانية المدينة. ومع الإجراءات التي اتخذها البيت الأبيض في الأسبوعين الأخيرين، لا شك أن النسب أصبحت اعلى.
وصرح أعضاء في الحزب الشيوعي لوسائل إعلام محلية، أن ادعاء ترامب ذريعةً لإلغاء الحكم الذاتي - وهو الاستقلال السياسي المحدود الممنوح لسكان المنطقة البالغ عددهم 700 ألف نسمة بموجب قانون صدر عام 1973، وفرض حكم عسكري على مدينة ديمقراطية. بالإضافة الى عملية استعراض القوة، وهي خطوة في جهوده للسيطرة على مجتمعات الأقليات واحتوائها.
وبفضل جاذبيته الإجرامية، يصرف ترامب الانتباه أيضًا عن الأزمة الاقتصادية التي عصفت بالعاصمة بسبب هجماته على القوى العاملة الفيدرالية، أكبر جهة توظيف للأمريكيين من أصل أفريقي، وكذلك حقيقة أن الكونغرس الذي يهيمن عليه الحزب الجمهوري قد خفض أكثر من مليار دولار من ميزانية المدينة.
دعوة للمقاومة
تُعدّ العاصمة واشنطن، نظرًا لوضعها الفريد بموجب قانون الحكم الذاتي وعدم تمتعها بمركز ولاية، الهدف الأسهل لترامب، وقد تصبح النموذج الأولي لما يود فعله في المدن الكبرى الأخرى.
يؤكد الحزب الشيوعي على ضرورة الوحدة للدفاع عن الحكم الذاتي والحصول على ولاية في حالة واشنطن العاصمة، ولإنقاذ الديمقراطية على الصعيد الوطني، يقول الحزب إن الخطوة الفورية التالية هي زيادة الإقبال على المشاركة في مسيرة 28 آب في وول ستريت وفي مسيرات عيد العمال.
وقال جو سيمز، الرئيس الوطني المشارك للحزب الشيوعي الأمريكي في 12 آب: "أولاً، تجاهلوا المحاكم، ثم أقاموا معسكر اعتقال "زقاق التمساح"، والآن يرسلون الجيش". "إذا كانوا قد جاؤوا إلى لوس أنجلوس صباحًا وواشنطن العاصمة ظهرًا، فماذا ينتظرهم في الليل؟ لقد حان وقت المقاومة".
**********************************************
في فرنسا.. وزير خارجية سوريا يلتقي وفداً اسرائيلياً
دمشق - وكالات
قالت الوكالة السورية للأنباء إن "وزير الخارجية أسعد الشيباني التقى وفدا إسرائيليا في باريس، الثلاثاء، لمناقشة عدد من الملفات المرتبطة بتعزيز الاستقرار في المنطقة والجنوب السوري".
وأضافت الوكالة الرسمية أن "النقاشات تركزت على خفض التصعيد وعدم التدخل بالشأن السوري الداخلي، والتوصل لتفاهمات تدعم الاستقرار في المنطقة، ومراقبة وقف إطلاق النار في محافظة السويداء".
وتناول الاجتماع أيضا، إعادة تفعيل اتفاقية فض الاشتباك بين سوريا وإسرائيل الموقعة عام 1974، وذكرت سانا أن ما وصفتها بالنقاشات تتم بوساطة أميركية، في إطار الجهود الدبلوماسية الرامية إلى تعزيز الأمن والاستقرار في سوريا والحفاظ على وحدة وسلامة أراضيها.
ولم تذكر الوكالة السورية هوية أعضاء الوفد الإسرائيلي الذين التقاهم الشيباني في باريس.
**************************************************
هجمات روسية – أوكرانية متبادلة ترامب: سندعم أوكرانيا جويا
متابعة – طريق الشعب
قال البيت الأبيض إن "الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يُدرك الأهمية الحيوية للضمانات الأمنية من أجل تحقيق سلام دائم في أوكرانيا، إلا أنه أكد أن الولايات المتحدة لن تنشر في سبيل ذلك قوات عسكرية هناك".
وأفادت متحدثة البيت الأبيض كارولين ليفيت في مؤتمر صحفي، بأن الولايات المتحدة يمكن أن تساعد في التنسيق، وربما تقدم ضمانات أمنية أخرى لحلفائها الأوروبيين.
وأضافت: "فيما يتعلق بالضمانات الأمنية، صرّح الرئيس بشكل قاطع بأنه لن يكون لدينا قوات في أوكرانيا، ولكن يمكننا بالتأكيد المساعدة في التنسيق، وربما تقديم ضمانات أمنية أخرى لحلفائنا الأوروبيين".
وأشارت إلى أن ترامب يُدرك أهمية الضمانات الأمنية لتحقيق سلام دائم في أوكرانيا، وأنه كلف فريقه للأمن القومي بالتنسيق مع الحلفاء في أوروبا.
وأكدت متحدثة البيت الأبيض أن الجهود جارية لعقد محادثات مباشرة في الأيام المقبلة بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأوكراني فولوديمير زيلينسكي.
وفيما لم تتضح طبيعة المساعدات العسكرية التي قد تقدمها واشنطن لكييف بموجب أي اتفاق سلام، قال ترامب في برنامج تلفزيوني، إن "الولايات المتحدة قد تقدم دعما جويا لأوكرانيا"، وأكدت ذلك المتحدثة باسم البيت الأبيض بالقول: الدعم الجوي الأميركي "خيار واحتمال".
ميدانيا، قال الحاكم الذي عينته موسكو إن هجوما شنته كييف بطائرات مسيرة في أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي عن أنحاء تسيطر عليها روسيا في منطقة زاباروجيا الأوكرانية.
وقالت وزارة الدفاع الروسية إن دفاعاتها الجوية أسقطت 42 مسيّرة أوكرانية فوق مناطق عدة في البلاد الليلة الماضية. وفي الجزء الذي تسيطر عليه أوكرانيا من منطقة خيرسون، قال الحاكم فياتشيسلاف بروكودين في منشور على تطبيق تليغرام إن قصفا روسيا أسفر عن مقتل أحد سكان بلدة صغيرة شمالي عاصمة المنطقة.
******************************************
الصفحة السادسة
حكاية اختطافي وإنقاذي من الموت {لم أكن بطلاً.. رفاقي الذين استشهدوا هم الأبطال}
*عبد المنعم الأعسم
الجزئية عن اختطافي من قبل أجهزة أمن النظام السابق التي أوردتها في ما نشرته عن إنذار طارق عزيز بإغلاق "طريق الشعب" لفتت أنظار بعض الأصدقاء والرفاق، فتمنّوا ان تُعرف تفاصيل ذلك الاختطاف، وكيف تم إطلاق سراحي، واستطرادا، ثمة مشكلتان، يجب أن أضعهما في الحساب، الأولى ما يتعلق بسياسة الحزب، الإعلامية، والوطنية، آنذاك، ولها قراءات، ووجهات نظر، يلزم أن اضعها جانباً، الآن، ولديّ فيها رأي مدوّن في اوراقي الخاصة (أنشره لاحقاً) أما الثانية فتتصل بدور الرفاق في قيادة جريدة الحزب (طريق الشعب) وقيادة الحزب، الذين تابعوا اختطافي، وتحريري، لأقول، إن واجبي، المنزه من أي اعتبار، يلزمني بإنصاف هؤلاء الرفاق، وتسجيل مواقفهم، والامتنان منهم، فيما كانوا مثلي معرضين للاختطاف.
قبل هذا، كانت التحقيقات الصحفية والنصوص الأدبية والخواطر التي تنشرها "طريق الشعب" مزدحمة بالهواجس والمخاوف والمعطيات والشكاوى وخيبة الأمل حيال مستقبل الحياة السياسية ودور الشيوعيين وما يبيّت ضدهم، وكانت كتابات ونغزات أبو كاطع وإبراهيم الحريري ويوسف الصائغ وكتاب الجريدة الآخرين تستوقف عيون المراقب الأمني للسلطة قبل الألوف من القراء، وأحسب أن من يرغب الاستدلال إلى أجواء تلك الأيام الكابوسية سيجد مادة غنية توثيقية في تلك المدونات الصحفية.
والحق، لا أعرف من أي البدايات أدخل إلى يوم اختطافي، وهي كثيرة، إذا كان المطلوب تأشير أجواء المراقبة والملاحقة في محلة سكني (الحرية-البستان) أو في مكان عملي (معلم في مدرسة الشعلة الثانية) أو في مجال مهنتي الصحفية، محرر في الصفحة الأولى لطريق الشعب، آنذاك (وأخيرا) في مجال نشاطي النقابي كممثل للمعلمين الشيوعيين، في الهيئة الإدارية لنقابة المعلمين فرع بغداد، غير أني أتذكر حادثة ذات مغزى، من بين جميع الحوادث التي كنا نتعرض لها، وأظنها تتصل مباشرة بالاختطاف، ففي منتصف آذار من عام 1978 سيّرت نقابة المعلمين وفدا كبيرا (حوالي 30 عضواً) إلى ليبيا للمشاركة في الاحتفال بذكرى الجلاء هناك، وكان احتفالا عسكريا في قاعدة طبرق، بحضور القذافي، وكنت الوحيد، من الحزب الشيوعي في الوفد، وفي نهاية مراسم الاحتفال تقرر تطييب خواطر المشاركين، ومجازاتهم، قبل العودة إلى بغداد، فاختيرت "روما" محطة استراحة لمدة ثلاثة ايام، وقد لاحظتُ طوال السفرة أن عضو الوفد، البعثي المتقدم ماجد الحمداني (وكان مديرا معاونا لمديرية تربية الكرخ) يسايرني كظلي، ولا يتركني، حيثما أكون، وبخاصة حين أنفرد بالحديث مع الليبيين، ، ولم تكن مجاملاته لي محض لياقة تمليها رفقة سفر، فكلما سنحت الفرصة يفاجئني بأسئلة عن حياتي وشؤوني، ثم عن رأيي بـ"الثورة" وحكم البعث، ولم يكن ذلك ليريحني، كما لم أغفل أن في الأمر رائحة أمنية موصولة بالتضييق على الشيوعيين كان قد تصاعد، وصار منهجاً، منذ أكثر من عام، وفعلا، تحققت هواجسي في روما حين فاجأني بزيارة إلى غرفتي في ساعة متأخرة من الليل، وقد فوجئت بها، فشرع يشرح سبب هذه الزيارة بمقدمة بائسة، مضطربة، وعلى وجهه ابتسامة مشوبة بالصفرة، قائلا: أنت إنسان مثقف ومهني، وليس عندك بيت ولا سيارة ولا وظيفة تناسب كفاءتك. أنا أحمل لك عرضا بموقعٍ يحلم به كثيرون، والمطلوب "في غاية البساطة" أن تتخلى عن انتمائك إلى الحزب الشيوعي. إن مكانك الصحيح هو معنا، في صفوف الحزب القائد.. شنو رأيك؟ لم يشكل الأمر (الطلب) مفاجأة لي، لكن المفاجأة تمثلت لي، في تلك اللحظات المتوترة، بهذه الصفاقة، وسقوط قشة المجاملات، وافتضاح بقايا الود المغشوش معي. وللوهلة الاولى، داهمتني الرغبة في البصق بوجه محدثي المضطرب، فيما لاحظ ازدرائي، واحتقاري، لكنه مضى في سعيه، ثم قام ليقبلني، على أساس أنها مبادرة شخصية صادقة النية، متروك شأنها لي. جلس بانتظار رأيي، وكأن جهة تنتظر نتائج مهمته. آنذاك تذكرت أن يوم الغد سيكون (يا للعجب) الحادي والثلاثين من آذار، ذكرى تأسيس الحزب الشيوعي العراق، فأسرعت إلى البراد لجلب كأسين قدمت له أحدهما، وقلت له: لنشرب نخب الذكرى 44 لتأسيس حزبنا.. وهكذا نقلت الذهول والمفاجأة والصفعة إليه، وأتخيل أنه بلعها بارتباك، ولم يتناول الكأس من يدي، ولم يعتذر، وربما كان يفكر في عبارات التقرير الأمني الذي يرفعه إلى من كلفه. التقرير الذي سيعجل بما جرى لي. أضيف هنا، أن المراقبات حول سكني ومحاولات تتبعي في تنقلاتي ازدادت بمقاسات لافتة، وكنت معروفا في أحياء الحرية لنشاطي الجماهيري والحزبي منذ خروجي من السجن أواخر الستينيات، وصرت اتوقع إيذائي في أي وقت، بالترافق مع صعود الفاشية الصدامية، والأخبار المتواترة عن الحملة على منظمات الحزب، واعتقال أبرز كوادره في بغداد والمحافظات، وبخاصة الأخبار المخيفة عن اعتقالات تطال الرفيقات الناشطات وتعذيبهن وتغييبهن، والكثير أعرفهن، فوضعت نفسي في احترازات قدر الإمكان، واختصرتُ من مساحة تحركاتي، حتى الساعة السابعة من صباح ذلك اليوم في منتصف اكتوبر- تشرين الأول 1978 إذْ هاجمتني مجموعة أمنية بسيارة بيكاب يقودها رجل الأمن المعروف في المنطقة "علي العجمي" الذي راقبني طويلا كظلي. وكنت في تلك الساعة اتجه إلى دوامي في مدرسة الشعلة الثانية. شهر السلاح بوجهي فقاومته. انضم إليه ثلاثة من زمرته. عرفت للتو أني وقعت في الكمين. صرخت مستنجدا، كأني لا أعرف من هم، فكمموا فمي وحملوني إلى مقدمة السيارة، وشدوا عيني بوثاق اسود. أحنوني وغطوني بملاءة قذرة وانطلقوا بي. وكانت العملية تجري تحت مشاهدة بعض المارة ومنهم طالب مدرسة من جيران أهل زوجتي، فأسرع على دراجته ليخبرهم بما شاهد، ولا يعرف أنه بذلك أطلق الجهود المبكرة، من قيادة الجريدة والحزب لإنقاذ حياتي من براثن الجلادين القتلة، لكن بعد 16 ساعة من "التحقيق" بمختلف أدوات قهر الإنسان وإذلاله ومحاولات تدمير روحه وصموده.
أنكروا اختطافي.. التعذيب
عندما وصل الخبر عن اعتقالي إلى الجريدة تنادى، على الفور، الرفاق فخري كريم (نائب نقيب الصحفيين) وعبد الرزاق الصافي (رئيس التحرير) وعامر عبد الله (وزير الدولة) وحميد بخش (مدير الإدارة) كلّ من موقعه، بالاتصال بالمراجع الرسمية والأمنية، ونقابة الصحفيين، ومديرية الأمن، وكان المسؤولون، في بادئ الامر، ينكرون وجود حالة اعتقال الصحفي عبد المنعم الأعسم، ونقل لي الرفيق عامر عبد الله أن مدير الأمن العام، فاضل البراك، قال له " بشرفي لم نعتقل صحفيا بهذا الاسم" فيما أبلغ الرفيق فخري رئيس نقابة الصحفيين "سعد قاسم حمودي" أن الجريدة قد لا تصدر في ظل هذا الوضع، ومن جانبي، فقد أيقنت أنهم أوصلوني إلى قبو "تحقيق" في أمن الكاظمية، بالنظر للمسافة القصيرة التي قطعتها السيارة من نقطة اختطافي مقابل "سيف عبدالهادي الجلبي" وبدأوا منذ الساعات الأولى حفلات التحقيق بالوسائل الأقصى قسوة وقهرا، ربط الأيدي من الخلف. إزاحة الملابس. الدوس بالبساطيل على الرأس والرقبة، وقطع الأنفاس. كل ذلك ضمن خطة يطبقونها مع جميع ضحايا الاعتقالات، فهم (في أول الأمر) لا يطلبون من المعتقل معلومات، بل يباغتونه، وبأبشع وسائل التعذيب، والتهديد بالشرف والتنكيل بعائلته، ثم الإغواء، والضغوط النفسية، طالبين أمرا واحدا: "اعترف بكل شيء وإلا لن تخرج حياً" بأمل أن يوفر ذلك لهم الوقت، وتقليل حالات الإجهاز على حياة المختطف قدر الإمكان، وفي حال لم ينجحوا يجري الانتقال إلى المرحلة الثانية التي تبدأ بطلب معلومات محددة مع استخدام وسائل قهر روحية وجسدية إضافية لكسر شوكة الصمود، منها استخدام التهديد بالتنكيل بزوجته او ابنته، أو افراد عائلته، مع استخدام وسائل تأثير صوتية مرعبة. أما المرحلة الثالثة، فهي على هيئة تدابير محددة، من اختصاص أصحاب القرار الأمني، قد تتضمن الإجهاز على حياة المختطف، وهنا قدم الكثير من الرفيقات والرفاق الأبطال حياتهم في هذه المرحلة، وكان من بينهم شريكاي على طاولة العمل بالجريدة، وأروع أصدقائي، الشهيدان البطلان إسماعيل خليل وسامي العتابي، وفي هذا الفصل من التحقيق المتوحش معي كنت أحاول ترويض الآلام المبرحة والجروح ونزف الدم والصفعات بالبساطيل على الوجه، والرفس الهستيري، من جلادين صبيان مخمورين. أقول ترويض الآلام عن طريق التعلق بأمل، يضعف، ويبتعد، ثم يجتاحني، بأن أكسب الحياة. لم أكن بطلا. لكن ربما كنت عنيداً. كنت أتشوق إلى طفلي وعائلتي. أفقد التحمّل. فأصرخ مناديا باسمه. بابا حارث. لقد اكتشفت أن الصراخ، وأنا تحت التعذيب، يساعد على التحمل. ويؤخر موتك بين أيدي الجلادين. غبتُ عن الوعي. أيقظوني برشاش ماء بارد على وجهي، ثم أصحو على هول آلام لا تحتمل. أمنّي النفس أن أنجو. كيف؟ لا أريد أن أموت، وفي لحظات، حين أفقد الأمل، أقرر التعايش مع الوحشية والتعذيب لأطول فترة، والتصبر الأقصى على ما أواجهه من عربدة العصي والدوس على رقبتي وسيل الشتائم والبذاءات. حقا لم أكن لأعرف، في تلك اللحظات، إلى أي مدى سأتحمل. فيما يبدو أن جلادي المرحلة الثانية يستعدون لمهمتهم. وأنا مغمض العينين ومرمي على الأرض سمعتهم يتجادلون. كان الوقت مساء كما قدرت. ثم بدأوا، وهذه المرة بطلب معلومات حزبية، بدت لي مشوشة لديهم، ولا سياق لها بالتطابق مع معلومات أعرفها.. وحين قلت "لا أعرف. لا علاقة لي" هجموا عليّ مرة واحدة مثل ذئاب منفلتة. علقوني من رجلي. اترنح. أقترب من غيبوبة تخف معها آلام التعذيب. تلك، كما اعتقد، أسعد لحظات الضحية الذي تسكنه قضية ثمينة، وعزيزة عليه، ولا يريد أن يسلمها للجلاد: أن يموت.. للحظات تمنيت ذلك.
ضوء في القبو
لا أعرف كم مضى من الوقت. استيقظت. أو أيقظوني، فتح شخص القبو وسمعته يسألني بلهجة رسمية، لم أكن قد تعودتها طوال ساعات اختطافي: ممكن تنطيني اسمك الكامل ولقبك وعملك. وعندما قلت له أعمل معلما، قال "وبعد؟" قلت: محررا في جريدة "طريق الشعب" ثم خرج. تُركت إلى ما يشبه الانتظار الذي أضاء في روحي نورا بعيدا من الأمل، في الأقل لكسب وقت إضافي للتحمل، وكلما تأخروا عن العودة إلى التحقيق أطمن نفسي بأني أكسب وقتا، او حياة، ثم أتمادى فأحلم بالنجاة من براثن القتلة وأعود إلى طفلي وعائلتي. دخل شخصان، عملا على فك وثاقي، لكن أبقيا رباط العيون، وبقيا جالسين صامتين، وبعد ساعة، او هكذا حسبت، جاءوا لي بـ "لفة" كباب. حاولت ان ادس قطعة في فمي. طلبت ماء فجاءوني به بسرعة. قلت احتاج إلى تواليت. أخذني أحدهما إلى "تنكة" وفك وثاق عيوني بحدود الحاجة. إذن كسبت الوقت، شجعني على ذلك لهجة الشخص الأخير وطريقة أسئلته، وفجأة حدثت حركة وكأن الجلادين انسحبا من القبو. أمر جيد في حساب الحياة ومفاجآتها، وبعد وقت لا أقدّر وحداته، جاءوا. رفعوا الرباط من عيني وآتوني بحذائي الذي لم أستطع ارتدائه لتقيح قدمي وتورمهما. حملته. قادوني إلى سلّم، حسبته بعلو طابقين، وأدخلتُ إلى صالة يجلس في زاويتها شخص مدني، شاب، لا أعرف هل هو يبتسم، ام يحاول ان يبتسم. عملت تركيزا في إيحاءات ملامحه كي استشف ما يبيّت لي. بادرني باللوم البارد: عبد المنعم، لماذا لم تذكر للأخوان أنك من الحزب الشيوعي "العفو، صار غلط.. هسه راح تطلع وترجع لأهلك". كنت صامتا. مُعلقا بين الشك في نيات هذه الاستدارة، وبين اليقين أن الرفاق وُفقوا في انقاذ حياتي، ثم نهضت. لم أستطع. عصبوا عيوني مرة اخرى. حملني اثنان من أكتافي إلى سيارة، وبعد أقل من ساعة دفعوا بي إلى خارج السيارة. كانت سكة قطار. قطار الموصل، وذلك على مسافة من المكان الذي اختطفت فيه. كانت الساعة حوالي الثانية عشر ليلا. (تفاصيل أخرى في أوراقي)
قضيت أياما في العلاج، وبعد أسبوع، وبالتحديد في اليوم الأول، أو الثاني من نوفمبر تشرين الثاني، جئت، لأول مرة بعد اختطافي إلى الجريدة. كنت شبه حافيا بخفّ بلاستك لتعذر لبس حذائي. يومذاك كانت مناسبة انعقاد مؤتمر القمة العربية حول تداعيات اتفاقية كامب ديفيد، ووفود سياسية عربية تعمل على التعبئة ضد الاتفاقية، حيث يحضرها صحفيون عرب وأجانب كثيرون. وإلى حيث قاعة الجريدة التي كنت ممددا ومحاطا برفاقي العاملين قدم الرفيق فخري كريم ومعه أمين عام الحزب الشيوعي اللبناني جورج حاوي. قال له أبو نبيل: "شوف رفيق جورج هذا نموذج من أعمال التنكيل اللي نتعرض لها" لم يعلق الرفيق حاوي. ثم دعت إدارة الجريدة صحفيين عرب كانوا يغطون وقائع القمة إلى لقاء أتحدث لهم فيه عن اعتقالي وما تعرضت له، وذلك بحضور الرفاق العاملين في الجريدة، فأطلعتهم على الآثار والأورام ووسائل التعذيب والتحقيق، وأجبت عن أسئلتهم التي تركزت على نوع التحقيق الذي جرى معي، وما هي المخالفات التي أوجبت هذا الاعتقال، وهذه القسوة. وأشادوا بتحملي، وختمت الكلام بالقول: "معذرة، لم أكن بطلا. رفاقي الشهداء الذين فقدوا حياتهم هم الأبطال" وبعد المؤتمر الصحفي، وفي خطوة مهمة لفضح التصعيد المنظم ضد حزبنا، حملني الرفيق أبو مخلص إلى اجتماع كان ينعقد للجنة العليا للجبهة الوطنية، وذلك بالتنسيق مع الرفيق عامر عبد الله الذي يحضر ذلك الاجتماع ممثلا للحزب، وهناك أدخلوني في صالة ملحقة بقاعة الاجتماع، وعلمت ان الرفيق أبوعبد الله فاجأ المجتمعين بحديث عما يتعرض له الشيوعيون في الآونة الاخيرة، وأن قيادة السلطة ومسؤوليها الأمنيين ينفون ذلك، وطلب إلى الحاضرين الخروج إلى الصالة ليشاهدوا نموذجا حيا لما يجري، وبعد حوالي نصف ساعة خرج نحوي، من صالة الاجتماع، اثنان من الأعضاء هما المحامي مظهر العزاوي والسياسي الكردي بابكر محمود البشدري، ولم يحدثاني، حيث اكتفيا بالنظر إلى بعض اثار التعذيب، وعادا أدراجهما إلى قاعة الاجتماع .
الإفلات بسيارة "وزير الدولة"
فيما كنا، الرفيق عبد الرزاق وأنا، نتهيأ لمغادرة مقر الجبهة خرج الرفيق عامر من الاجتماع ليهمس لنا القول متوقعا أن يعيدوا اعتقالي اليوم، ردّا على اللقاء بالصحفيين العرب ومراجعتي اجتماع الجبهة، وربما، قال أبو عبد الله، أعتقل الآن بعد خروجي، وطلب أن أغادر وحدي، لا بسيارة الجريدة، بل بسيارته الخاصة (سيارة وزير دولة) وأن أذهب إلى مكان آمن غير منزلي في حي الحرية، وأن لا اتواجد في الأماكن العامة. وهذا ما كان، هربتْ زوجتي بطفلي من البيت. واختفيتُ في المشتل، في دار أخي عبد الرزاق، طاب ثراه، وفي نفس الليلة، وكما توقع الرفيق أبو عبد الله، داهموا سكني في الحرية، وابلغتهم شقيقتي أني أعالج في المستشفى (احتفظ بخواطر تلك الايام) وطوال أسبوعين كنت أتابع إجراءات خروجي من بغداد، والعراق، حيث يلزمني الوفاء أن أعيد إلى ذاكرة الكتابة ما قدمه لي الرفيق طيب الذكر حميد بخش من تعاطف ومتابعة يومية لتأمين نجاتي سالما. شعرت أن أبو زكي كان أكثر الجميع خوفا عليّ من أن أقع مرة أخرى بين أيديهم. كان شهما، بحيث يجعل لقيم الشراكة النضالية معنى فياضا، هذا إلى جانب فروسية كل من ساهم بإنقاذ حياتي، ووضع لمسة اعتزاز على تلك الصفحة.
************************************************
عودة إلى البدء... حيث بدأت الحكاية مع {طريق الشعب}
هندي الهيتي
في أواخر عام 2002، وقبل أن تتلبد سماء العراق بدخان نار الحرب، كنت قد حصلت على جهاز "ستلايت" صغير، هدية من صديق، فتح لنا نافذة ضيقة نطل منها على ما يدور في العالم. لم تكن القنوات كثيرة، لكنّ "الجزيرة" و"العربية" وبعض القنوات اللبنانية والكويتية كانت تكفينا، نلتقط بها أنفاس الأخبار ونلاحق بها تحضيرات الحرب الوشيكة كنا نحن، مجموعة من الرفاق، نتحلق في حلقات صغيرة، حذرة، نعتلي سطح البيت لنثبت الصحن يدويًا كل مساء، نحمل معنا جهاز التلفزيون وكأننا نحمل حلمًا صغيرًا بالحرية، ثم نُنزله ليلًا إلى مخبأه بعد أن نفرغ من الترقب، في طقس يومي محفوف بالمخاطر.
عشنا لحظة بلحظة دخول قوات الاحتلال، معركة المطار، وانتهت الحكاية، أو بدأت، عند ظهيرة يوم 9 نيسان حين سقط تمثال الطاغية في ساحة الفردوس.
خرجنا مبتهجين، نذوق لأول مرة طعمًا مشوشًا للفرح. نتلقى التهاني من الناس، ونجوب شوارع مدينتنا نحدّث الجنود والبعثيين الذين ما زالوا يحملون بنادقهم وموزعين على السيطرات لا يعلمون شيئا عن سقوط النظام في بغداد، بعضهم انسحب خائفًا وبعضهم هددنا بتقارير حزبية لا قيمة لها في زمنٍ يتبدل. كنّا نضحك ساخرين، نعي أن الزمن يتغير بسرعة لا يمكن إيقافها. مرت أيام قليلة، وإذا بالخبر يلمع على الشاشة الصغيرة: أول صحيفة عراقية توزع في بغداد بعد سقوط النظام، إنها طريق الشعب. ارتجف القلب، وامتلأت الأرواح بشوقٍ عارم. بدأنا نخطط كيف نصل إلى بغداد، كيف نلمس جريدة الحزب بأيدينا، وكيف نلتقي برفاق هناك.
توصلنا إلى فكرة، صديقي وأنا، أن نستعين بأحد المقاولين الذين نعرفهم، رجل يملك سيارة ومكتبًا في العاصمة. لكن إقناعه لم يكن سهلًا، فبعضهم كان يعتقد أن الديكتاتور سيعود، وأن مفاوضات خفية تجري في الظلام. بكل الحيل والوعود استطعنا أن نقنعه. غادرنا هيت مع بزوغ الشمس، كانت الطرق خاوية حتى اقتربنا من الفلوجة، حيث اصطدمنا بأرتال الشاحنات تنهب مخازن الدولة في الحصوة، بين بغداد والفلوجة. دخلنا العاصمة ودهشنا من فوضى المزاد العلني لبيع سيارات الدولة، وبيع الأسلحة على الأرصفة، وتلك الكتابات على بعض البنايات الحكومية "محجوز للحزب الفلاني". بدأنا البحث عن لافته تشير الى "محجوز للحزب الشيوعي العراقي”، واصلنا رحلتنا نحو ساحة الفردوس، مررنا بجسر الجمهورية بعد ان تجتزنا ما يعرف اليوم بالمنطقة الخضراء، حيث وقفت دبابة أمريكية تعترض الطريق. ساحة الفردوس كانت تعج بالمراسلين وأصحاب هواتف الثريا، والناس يزاحمون بعضهم للاتصال بذويهم في الخارج. بحثنا كثيرًا عن جريدة طريق الشعب لكن دون جدوى. وعاودنا البحث في مناطق مختلفة ونحن نجوب شوارع بغداد بحثا عن بناية يتواجد فيها الشيوعيون لكن دون جدوى، مع اقتراب الغروب، خابت آمالنا وقررنا العودة إلى هيت. وفي طريقنا عبر شارع أبو نؤاس، لمحنا لافتة على مبنى: اسم الحزب الشيوعي العراقي. صحت بصوتي: "اطبك! اطبك! لقيناهم!" نزلت من السيارة مسرعًا، رأيت مجموعة واقفة عند مدخل البناية. سألتهم، بلهفة المختبر للحقيقة: "أنتم شيوعيون؟ من جماعة عزيز محمد وطريق الشعب؟" ابتسموا، وأجابوا: نعم. لم أتمالك نفسي، احتضنتهم واحدًا واحدًا، وكأنني أعانق الوطن في لحظة خلاصه. طلبت الجريدة، فدخل أحدهم وعاد محمّلًا برزم من طريق الشعب، ومجلات الثقافة الجديدة، وبوسترات الحزب. ودعناهم، وقد سكن فينا شعور لا يوصف. ارتوينا من اللقاء، كأننا لامسنا شمسًا كانت غائبة، نسينا الجوع والتعب، وعدنا إلى هيت محمّلين بما هو أثمن من الذهب: رائحة الحزب... ونبض الطريق.
***********************************************
الصفحة السابعة
معمل فتاح باشا بين التصفية والاستثمار: مستقبل العمال على المحك
بغداد – طريق الشعب
في وقت يتحدث فيه المسؤولون عن دعم الصناعة الوطنية وخلق فرص عمل، تتجه الإجراءات الحكومية نحو تصفية واحد من أعرق المعامل الصناعية في بغداد، معمل فتاح باشا في الكاظمية. هذا المعمل الذي شكل لعقود طويلة ركيزة في صناعة السجاد اليدوي ومصدر رزق لعشرات العائلات، بات اليوم مهددا بالتصفية أو الاستثمار بصفقات يشوبها الغموض، ما يثير استياء واسعا وتساؤلات عن جدية الحكومة في الحفاظ على المعالم الصناعية والتاريخية، وحماية حقوق العاملين فيها.
مصير العمال: القلق يتزايد
يقول مصدر من العمال فضل عدم ذكر اسمه تحسبا لأي عقوبة قد يتعرض لها لـ "طريق الشعب"، إن مساحة المعمل تبلغ نحو 15 دونما، منها 12 دونما مخصصة للسجاد اليدوي، و3 للصوفية والإدارة العامة، إضافة إلى مساحة فارغة تقدر بثلاثة دونمات ونصف. هذه المساحة كان من المفترض أن تمنح إلى أعمال لبناء شقق سكنية، لكنها عرضت لاحقا على أحد المستثمرين الذي لم يباشر العمل، وبقيت الأرض من دون أي تغيير.
المصدر كشف أن "مصير العمال ما يزال مجهولا، إذ يجري الحديث عن إحالة من يملك خدمة كافية إلى التقاعد، ومنح "مكافأة نهاية خدمة" للبقية، مع تسريحهم من العمل". مضيفا: "كما طرحت وعود بمنحهم قطع أراض في مناطق أخرى، إلا أن أمانة بغداد اعتذرت عن توفيرها، ليطرح بديل هو منحهم أراض في التاجي، لكن من دون خطوات عملية حتى الآن".
وأفاد المصدر أن "العمال من جانبهم لم يقفوا مكتوفي الأيدي، فقد خرجوا بمظاهرة في 24 تموز من العام الماضي، مطالبين بضمان حقوقهم، إلا أن الوزير استدعاهم لاحقا وهددهم مستندا إلى "قانون 14 لسنة 2022 الخاص بالشركات الخاسرة"، والذي يتيح تصفية الشركة وتسريح العاملين بلا استثناء وبلا حقوق. الوزير أكد لهم أنه قد يبحث عن أراض بديلة، لكنه شدد في الوقت نفسه على عدم القبول بأي اعتراضات، ما جعل التهديد وسيلة لكبح مطالبهم".
استثمار معطل ومزاد متوقف
وأوضح المصدر أن "المعمل عرض لاحقا للاستثمار، حيث قدرت قيمة الأرض بحوالي 663 مليار دينار. وبعدها جرى الاتفاق على تأجيرها بمبلغ 9 مليارات دينار لمستثمرين سياسيين. ورغم أن المزايدة رست عليهم، فإنها توقفت لاحقا ولم يدفع المبلغ المتفق عليه، وما تزال اللجنة المسؤولة تحاول إعادة النظر بالموضوع حتى اليوم".
هذا التعطيل جعل مستقبل المعمل عالقا بين الاستثمار غير المنجز، والتهديدات بالتصفية، مع بقاء العاملين بلا ضمانات واضحة لمصيرهم.
حماية المعمل هوية اجتماعية
بدوره يقول المواطن علي حيدر من أهالي الكاظمية لـ "طريق الشعب": إن معمل فتاح باشا لم يكن مجرد مبنى صناعي، بل أحد أهم المعالم التاريخية في منطقة الكاظمية. لعقود طويلة كان مصدر رزق لعدد كبير من الأهالي في الكاظمية والمناطق القريبة، واشتهر بدوره البارز في صناعة السجاد اليدوي الذي حمل اسم العراق إلى خارج حدوده.
أما اليوم، ومع الحديث عن استثماره، نخشى أن يهمل هذا الدور التاريخي والاجتماعي، وأن يختزل الأمر بمصالح ضيقة لجهات سياسية تبحث عن مكاسبها الخاصة بعيدا عن المصلحة العامة. المطلوب أن يكون الاستثمار وسيلة للحفاظ على هوية المعمل، وتطويره بشكل يوفر فرص عمل ويحفظ ذاكرته المرتبطة بتاريخ المنطقة وصناعتها.
سياسة التصفية مستمرة منذ 2003
من جانبه، قال الأمين العام لاتحاد نقابات عمال العراق عدنان الصفار، في تصريح لـ "طريق الشعب" إنه مع الأسف، الصناعة الوطنية في القطاع العام تتعرض إلى سياسات جائرة، سياسات تتناقض مع بناء اقتصاد وطني وصناعة وطنية حقيقية. ومن أبرز هذه السياسات خصخصة أغلبية الشركات أو تصفيتها وإيقافها عن العمل وعدم تطوير خطوطها الإنتاجية، وبالتالي تسريح العاملين بمختلف الأعذار غير الصحيحة.
ومن بين هذه المعامل شركة فتاح باشا في الكاظمية، التي تعرف اليوم بالشركة العامة للصناعات الصوفية، وهي واحدة من أقدم المعامل، إذ تأسست عام 1926، وتعتبر من الركائز الأساسية في الصناعة الوطنية. هذا المعمل يتعرض منذ سنوات طويلة إلى محاولات تصفية وإيقاف العديد من مكائنه وخطوطه الإنتاجية.
العاملون في هذه الشركة يتعرضون إلى ما يمكن وصفه بـ "التسريح الجماعي غير المعلن"، إذ يمنحون رواتب مقطوعة أو رمزية تتراوح بين 150 ألفا إلى 250 ألف دينار، تحت ذريعة أنهم موظفون في "شركات خاسرة". هذه الرواتب الرمزية لا تكفي ولا تصرف عن كامل الشهر، بل تعطى كحل مؤقت لإبقائهم مرتبطين بالعمل من دون أي دعم حقيقي للخطوط الإنتاجية".
ونبّه الصفار إلى أن "وزارة الصناعة، وفق نهجها، تعتبر هذه الشركات "خاسرة" وتعمل على تصفيتها وبيعها كأراض. هذا النهج مستمر منذ عام 2003 وحتى الآن، حيث يواجه معمل فتاح باشا وشركة الصناعات الصوفية تهديدا مباشرا بالإلغاء والتحويل إلى مؤسسات عقارية أو مشاريع تجارية تحت شعار "تطوير مدينة الكاظمية".
وأخيرا، إن ما يتعرض له معمل فتاح باشا ليس مجرد قضية تخص عشرات العاملين المهددين بفقدان مصدر رزقهم، بل هو نموذج صارخ لسياسات حكومية تتعامل مع الصناعة الوطنية بوصفها عبئا بدلا من كونها ركيزة للاقتصاد والتنمية. إن استمرار هذه الإجراءات يثير تساؤلات مشروعة: ما الجدوى من الحديث عن تنويع الاقتصاد إذا كانت أعرق المعامل تصفى وتباع أراضيها في مزادات مشبوهة؟ وأي رسالة توجهها الحكومة للمواطنين حين تترك المصانع التاريخية للاندثار في وقت يتعاظم فيه الفقر والبطالة؟
المطلوب اليوم وقفة وطنية جادة، تبدأ بإيقاف سياسة التصفية العشوائية، مرورا بإعادة تأهيل هذه المعامل وربطها بخطط التنمية، وانتهاء بضمان حقوق العاملين كاملة. فالصناعة الوطنية ليست مجرد أبنية يمكن هدمها أو بيعها، بل ذاكرة وهوية ومصلحة عامة لا يجوز التفريط بها.
****************************************
وعود انتخابية تتبخر: استغلال العمال أيام الحملات الدعائية
بغداد – طريق الشعب
يشهد العراق مع كل حملة انتخابية تكرار ظاهرة استغلال العمال في أيام الترويج الانتخابي، حيث يطلق بعض المرشحين وعودا كبيرة بتحسين ظروف العمل، زيادة الأجور، أو منح امتيازات مالية واجتماعية، لكنها غالبا تتبخر فور حصولهم على المقاعد البرلمانية.
ويقول مرتضى الزهراوي، عامل في بغداد، "أُقحمت في حملات انتخابية كثيرة، ووعدنا بتحسين الرواتب وشمولنا بالضمان الاجتماعي، لكن بعد الانتخابات لم ينفذ أي شيء من هذه الوعود. نحن مجرد أداة لتأمين أصواتنا لأيام محدودة، وبعدها تترك حقوقنا مهملة".
وأكدت المختصة بالشأن العمالي المحامية سماح الطائي لـ "طريق الشعب" أن هذه الممارسة أصبحت نمطا ثابتا، حيث يستغل بعض المرشحين حاجة العمال المادية والحاجة للاستقرار الوظيفي لكسب أصواتهم، دون أي التزام حقيقي بتنفيذ ما وعدوا به".
وتضيف: "العمال هم الأكثر تضررا من هذه السياسات الانتخابية، لأنهم يعتمدون على أجورهم اليومية للبقاء على قيد الحياة، في حين يتم استخدامهم كوسيلة ضغط انتخابي مؤقتة".
وتبقى معاناة العمال متواصلة في ظل ضعف الرقابة على تنفيذ الوعود الانتخابية وغياب آليات قانونية تلزم المرشحين بتنفيذ ما أعلنوه خلال الحملات.
**********************************************
الخصخصة والعمال: قراءة نقدية في الواقع العراقي
حوراء فاروق
منذ عقود، تشهد السياسات الاقتصادية في العالم تحوّلا نحو تقليص دور الدولة في الإنتاج والخدمات، عبر ما يعرف بالخصخصة. وفي العراق، بدأت ملامح هذه السياسة بالظهور بشكل أوضح بعد عام 2003، عندما فتحت أبواب الاقتصاد على مصراعيها أمام القطاع الخاص والاستثمار الأجنبي، تحت عنوان "إصلاح الاقتصاد الوطني" و"تخفيف العبء عن الدولة". لكن هذه التحولات، التي اتخذت طابعا فجائيا وغير مدروس، انعكست سلبا على الطبقة العاملة، لتجد نفسها في مواجهة مستقبل غامض، عنوانه البطالة والهشاشة وتفكك الحقوق.
الخصخصة في ميزان الواقع العالمي
تعني الخصخصة، ببساطة، تحويل ملكية أو إدارة المشاريع والخدمات من الدولة إلى القطاع الخاص. وقد ظهرت بقوة في الثمانينيات ضمن سياسات الليبرالية الجديدة، خاصة في بريطانيا والولايات المتحدة. ورغم الوعود بتحقيق النمو وتحسين الكفاءة، إلا أن النتائج في الكثير من البلدان كانت محبطة، وخصوصا من منظور العدالة الاجتماعية.
في هذا السياق، تقدم النظرية الماركسية فهما نقديا للخصخصة، إذ تراها امتدادا لتوسّع رأس المال وسعيه الدائم لامتلاك وسائل الإنتاج وإخضاع العمل لأقصى درجات الاستغلال. وبحسب هذا المنظور، فإن نقل القطاع العام إلى ملكية خاصة لا يمثل فقط تغييرا إداريا، بل هو خطوة لزيادة أرباح رأس المال على حساب حقوق العمال، من خلال تقليص الأجور، وتسريح الأيدي العاملة، وتفكيك أشكال التنظيم النقابي.
التجربة العراقية: خصخصة مقنّعة وفوضى سوق
في العراق، لم تأت الخصخصة عبر قرارات صريحة وواضحة، بل تسرّبت من خلال عقود شراكة واستثمار خارجي وإحالة قطاعات خدمية إلى شركات أهلية. قطاع الكهرباء مثال صارخ على ذلك، حيث جرى تسليم ملف التوزيع والجباية إلى شركات خاصة، تحت ذريعة تحسين الخدمة، لكن الواقع أثبت خلاف ذلك. إذ ارتفعت الأسعار، ولم تتحسن الخدمة، وفصل عدد كبير من العاملين المؤقتين، من دون تعويض عادل أو بدائل واضحة.
كما جرى إهمال وتفكيك شركات القطاع الصناعي تدريجيا، إما عبر وقف التمويل عنها أو الترويج لفكرة "عدم الجدوى الاقتصادية" لها. وبدلا من تطويرها، تركت هذه الشركات لتتآكل، في حين بات الآلاف من العاملين فيها يتقاضون رواتب اسمية بأجور متدنية من دون عمل حقيقي أو دور إنتاجي.
ما الذي خسره العمال؟
أمام هذه السياسات، كان العامل هو الحلقة الأضعف. فقد تراجعت فرص العمل الدائم، وازدادت أنماط التشغيل المؤقت، وظهرت شركات تعمل خارج أي رقابة، وتفرض شروطا قاسية على العاملين فيها، كعدم دفع الضمانات الاجتماعية أو مخالفة الحد الأدنى للأجور. كما باتت الحوادث المهنية نتيجة شائعة لغياب إجراءات السلامة، وافتقار العمال لأبسط الحقوق القانونية.
العديد من الشركات الخاصة لا تسمح للنقابات بالعمل داخل منشآتها، مما يعني غياب أي صوت يمثل العمال. وهو ما تحذّر منه النظرية الماركسية، التي ترى أن إضعاف التنظيمات العمالية يصب في مصلحة رأس المال، لأنه يضمن له الاستغلال بأقل مقاومة.
هل الخصخصة قدر لا مفر منه؟
يرى المدافعون عن الخصخصة في العراق أنها ضرورة لإنهاء الفساد وتحسين الأداء. لكن الفساد لم ينته، بل أعيد إنتاجه بأشكال جديدة داخل القطاع الخاص، في ظل غياب الرقابة واحتكار الخدمات. كما أن وعود تحسين الأداء لم تتحقق فعليا، لا في الصحة، ولا في الكهرباء، ولا في التعليم.
إن التحول نحو الخصخصة لا ينبغي أن يكون قطيعة مع دور الدولة، بل جزءا من نقاش وطني حقيقي حول النموذج الاقتصادي الأمثل. فالدولة العراقية لا تزال مسؤولة عن خلق فرص العمل، وضمان العدالة الاجتماعية، وتوفير الخدمات الأساسية بعيدا عن منطق السوق الربحي.
نحو بديل اجتماعي عادل
لا يعني رفض الخصخصة التمسك الأعمى ببيروقراطية الدولة، بل السعي إلى نموذج متوازن يبقي على دور الدولة كضامن للحقوق، ويتيح مشاركة القطاع الخاص ضمن ضوابط واضحة وعدالة قانونية. المطلوب هو تنظيم العلاقة بين رأس المال والعمل بما يحمي حقوق الطرف الأضعف، أي العمال.
إن أي سياسة اقتصادية تقصي مصالح الطبقة العاملة ولا تأخذ بعين الاعتبار أوضاعها، ستكون وصفة لتفكك اجتماعي وانعدام الاستقرار. ولعلّ أخطر ما في الخصخصة العشوائية هو أنها تعزز مفهوم "السوق فوق الإنسان"، وهو ما حذّر منه ماركس مبكرا، عندما أكد أن الرأسمالية لا تهتم إلا بقيمة الربح، حتى وإن جاء على حساب كرامة العامل وحياته.
في العراق، حيث لا يزال الاقتصاد هشا والبنى الاجتماعية متصدعة، فإن الانحياز لحقوق العاملين ليس مجرد خيار أخلاقي، بل ضرورة وطنية، لضمان الحد الأدنى من الاستقرار والتنمية. فلا تنمية من دون عدالة، ولا عدالة من دون كرامة العمل.
********************************************
حين تتحول المطالبة بالحقوق إلى تهمة
نورس حسن
لم يعد مشهد احتجاج العاملين في شركات وزارة الصناعة حدثا عابرا، بل صار جزءا من يومياتهم كلما أعلنت الحكومة خطوات جديدة نحو الخصخصة. هؤلاء الذين أفنوا أعمارهم في المعامل وخطوط الإنتاج، يجدون أنفسهم اليوم أمام معادلة قاسية: إمّا الصمت والقبول ببيع شركاتهم للقطاع الخاص، أو مواجهة سلسلة من التهديدات تبدأ بالنقل التعسفي، وتمر بتجميد المستحقات والرواتب وقطع الاراضي السكنية التي وعدت الحكومة منحها إلى العمال، ولا تنتهي عند استخدام القوانين الأمنية لتجريم أي اعتصام أو تجمع سلمي.
سياسة الترهيب هذه دفعت العاملين إلى الاحتماء بالرأي العام بدلا من الحديث بأسمائهم الصريحة، فالكثير منهم حين يقصد وسائل الإعلام يفضّل التحدث بصفة "مصدر" أو "مجموعة من العاملين"، خشية أن تطالهم العقوبات مباشرة. إن هذا الصمت الإجباري يكشف حجم الضغط الواقع عليهم، ويعكس خوفا عميقا من فقدان ما تبقى لهم من ضمان وظيفي.
ولعل المفارقة المؤلمة أن ما تتعرض له اليوم شركات وزارة الصناعة من تهديم وتصفية، يجري في ظل رئيس وزراء كان يوما وزيرا لهذه الوزارة، ويعرف جيدا ما تختزنه من قدرات إنتاجية وإمكانات يمكن أن تسهم في إنعاش الاقتصاد الوطني لو أُحسن استثمارها.
وهنا يطرح سؤال مشروع: ماذا حقق المستثمرون الذين تسلموا قطاعات صناعية أخرى خلال السنوات الماضية؟ هل أنعشوا الصناعة الوطنية ووفّروا فرص عمل جديدة؟ أم أن أغلب التجارب انتهت بمعامل مغلقة وخطوط إنتاج متوقفة وعاملين مطرودين إلى الشارع؟
إن قمع أصوات العاملين وحرمانهم حتى من التصريح بأسمائهم الحقيقية لا يحل الأزمة، بل يفاقمها، ويجعل من مشروع الخصخصة أداة لتصفية القطاع العام بدل أن يكون مشروعا إصلاحيا. وفي بلد مثقل بالبطالة والفقر، فإن هذه السياسة لا تعني سوى فتح باب جديد للاحتقان الاجتماعي.
*********************************************
غياب الضمان الاجتماعي والحد الأدنى للأجور يضاعفان معاناة العمال
بغداد – طريق الشعب
يعاني العمال في العديد من المصانع والشركات الخاصة من غياب الضمان الاجتماعي والتأمين الصحي، إضافة إلى أن بعض أرباب العمل لا يلتزمون حتى بمنحهم الحد الأدنى للأجور، ما يزيد من صعوبة حياتهم اليومية.
ويشير عمال إلى تقصير وزارة العمل والشؤون الاجتماعية في متابعة شركات القطاع الخاص وزيارتها لضمان شمول جميع العمال بالضمان الاجتماعي، خاصة وأن أغلب أرباب العمل يرفضون تسجيل العمال بشكل رسمي.
يقول أحمد، أحد العمال: "نعمل كل يوم بجهد كبير، لكننا بلا أي حماية قانونية، وإذا حدث شيء لنا أثناء العمل، لا أحد سيقف إلى جانبنا".
ويضيف عمر وهو عامل أيضا في إحدى شركات القطاع لخاص: "أحيانا أصاب بألم شديد أو مرض مفاجئ، لكن لا أستطيع التوقف عن العمل، لأن راتبي اليومي هو كل ما أعول عليه، وغياب الضمان الاجتماعي يجعل حياتنا صعبة جدا، خاصة وأن أرباب العمل لا يعطوننا حتى الحد الأدنى للأجور".
من جانبه يؤكد مصطفى: "نعمل لساعات طويلة مقابل أجر زهيد، ولا أحد يقدم لنا أي دعم أو حماية. حتى القليل من الحقوق الأساسية، مثل العلاج أو التقاعد، مفقود تماما، والحكومة لا تتحرك لمحاسبة أصحاب العمل المخالفين".
******************************************
الصفحة الثامنة
سنجار: جراح الإبادة ما زالت مفتوحة وكرامة الناجين معلقة
عصام الياسري
في مشهد مهيب يملؤه الحزن والحنين، أحيا أبناء الجالية الإيزيدية ومعهم أصدقاء من مختلف أطياف المجتمع العراقي، في عدد من مدن المهجر، ومنها العاصمة الألمانية برلين، الذكرى الحادية عشرة للجرائم الوحشية التي ارتكبها تنظيم داعش الإرهابي بحق الإيزيديين في قضاء سنجار ومحيطه عام 2014 ، وصفها كثيرون بأنها جريمة إبادة جماعية لاتزال آثارها ممتدة في الواقع السياسي، الإنساني، والاجتماعي، ليس فقط في سنجار بل في عموم العراق، حيث يعيش آلاف النازحين في ظروف مأساوية، يستمر معها غياب الحلول الجذرية.
وتجمع المشاركون بدعوة من المركز الثقافي الأيزيدي, والجمعية الثقافية الأيزيدية ـ يوم 2 آب 2025 في وسط برلين أمام بوابة "براندنبوركر تور"، حاملين صور الضحايا ولافتات تُجدد المطالبة بتحقيق العدالة الدولية، حيث عبّروا عن ألمهم العميق لما تعرض له أهلهم من مجازر وعمليات خطف واغتصاب وتهجير قسري لا تزال تبعاتها تؤرق ذاكرة الناجين حتى اليوم.
وشهدت الفعالية طقوسًا رمزية مؤثرة، تمثلت في إشعال الشموع وقراءة كلمات تأبينية، مع بث تسجيلات توثق شهادات الناجين ومعاناة العائلات التي ما زالت تبحث عن أبنائها المفقودين. كما وقف الحاضرون دقيقة صمت تكريمًا لأرواح الضحايا.
في مثل هذا اليوم، الثالث من آب/أغسطس عام 2014، اجتاح تنظيم "داعش" قضاء سنجار في محافظة نينوى، في واحدة من أبشع الجرائم التي شهدها العراق الحديث. خلال ساعات قليلة، تحولت المنطقة إلى مسرحٍ للموت الجماعي، والاغتصاب، والاختطاف، والدمار. الإيزيديون كانوا الهدف الأول، لكن الألم طاول كل من عاش في شنكال، التي ما زالت، بعد أحد عشر عاماً، جرحاً مفتوحاً في الجسد العراق
رغم مرور أكثر من عقد على الكارثة، فإن تداعياتها السياسية والإنسانية ما تزال حاضرة بقوة، في ظل غياب معالجة جذرية، واستمرار تجاهل المأساة في ملفات الدولة، وكأن الإبادة الجماعية يمكن تجاوزها بالصمت، دون أن يعقبها عدل.
لم تكن المجازر التي ارتكبها داعش مجرد أعمال عنف عشوائي، بل حملت طابعاً ممنهجاً استهدف الهوية الدينية والثقافية للإيزيديين. الآلاف من الرجال أُعدموا جماعياً، أكثر من 6,000 امرأة وطفل خُطفوا، استُعبدوا، وبيعوا في أسواق الرق، ودُمرت عشرات المزارات والمعابد. ورغم تصنيف الأمم المتحدة لتلك الجرائم كـ"إبادة جماعية"، فإن العدالة لم تأخذ مجراها الكامل حتى الآن. لا تزال الغالبية العظمى من مرتكبي تلك الفظائع طلقاء، ولم تُنشأ محكمة خاصة تُعنى بضحايا سنجار، كما لم تُعتمد بعد خطة وطنية لإنصاف الناجين وضمان عدم تكرار ما حدث.
مأساة النزوح مستمرة.. والواقع الأمني والسياسي هش
على الصعيد الإنساني، ما زال أكثر من 200 ألف نازح من سنجار يعيشون في المخيمات شمالي العراق، في ظروف قاسية وغير إنسانية. خيام ممزقة في صيف لاهب وشتاء قارس، وخدمات صحية وتعليمية شبه معدومة، ومئات الأطفال خارج المدارس منذ سنوات.
الناجون والنازحون من شنكال، مثل آلاف العائلات العراقية الأخرى التي شُرّدت من مناطقها بسبب الحرب على الإرهاب، يواجهون مستقبلاً غامضاً. فغياب الأمن المستقر في سنجار، والنزاع بين الحكومة الاتحادية وإقليم كردستان حول إدارة القضاء، والصراع بين القوى المسلحة المحلية، كلها عوامل تعيق عودتهم الطوعية والآمنة.
رغم تحرير سنجار من قبضة "داعش" في عام 2015، لم تستعد المنطقة استقرارها بعد. تنازع السيطرة بين قوات متعددة ـ من الجيش العراقي، إلى الحشد الشعبي، إلى وحدات حماية سنجار المدعومة من حزب العمال الكردستاني ـ خلق واقعاً أمنياً مشوشاً. كما أن اتفاق سنجار الموقع بين بغداد وأربيل في تشرين الأول/أكتوبر 2020 بقي حبراً على ورق، دون تنفيذ فعلي على الأرض.
في ظل هذا الانقسام، يُحرم الإيزيديون من المشاركة الفاعلة في إدارة مناطقهم، وتبقى أصواتهم مهمشة في معادلات القرار، فيما تنمو مشاعر الغبن والخذلان، خاصة لدى الشباب الذين فقدوا الثقة في مؤسسات الدولة.
ضحايا غير مرئيين، وأمل العدالة والاستقرار غير معلوم؟
واحدة من أكثر الجوانب المهملة في مأساة سنجار هي الخسارة التربوية. آلاف الأطفال الإيزيديين، خصوصاً من الناجين من الأسر، حُرموا من التعليم المنتظم، وبعضهم يعاني من صدمات نفسية لم تُعالَج. مدارس مدمرة أو مغلقة، مناهج لا تراعي خصوصيتهم الثقافية والدينية، ومدرسون غير مؤهلين للتعامل مع حالات ما بعد الصدمة. ناهيك عن غياب برامج الدعم النفسي والاجتماعي، وتدهور البنية التعليمية، يهددان جيلاً كاملاً بالنسيان، ويزرعان بذور الإحباط، بل والانفصال التام عن الدولة.
الذكرى الحادية عشرة لاجتياح سنجار لا ينبغي أن تمرّ كتقويم سنوي للوجع، بل ينبغي أن تكون دعوة صريحة لإعادة النظر في كيفية تعامل الدولة مع ضحايا الإرهاب، ومع الأقليات الدينية بشكل عام. كما يتطلب تأمين عودة كريمة وآمنة للنازحين، وتحقيق العدالة الجنائية، والاعتراف الدستوري بالإبادة، وتخصيص ميزانيات حقيقية لإعادة الإعمار، ليست مطالب "فئوية"، بل حقوق أساسية تندرج ضمن مشروع بناء دولة المواطنة. كما يجب أن تكون هناك إرادة سياسية حقيقية لتوحيد الإدارة الأمنية في سنجار، وضمان التمثيل السياسي للإيزيديين بعيداً عن الاستقطابات الحزبية. فكرامة الناجين لا تُرمم بالبيانات، بل بالفعل الجاد والمسؤول.
سنجار اليوم ليست مجرد جغرافيا منكوبة، بل اختبار أخلاقي وسياسي للدولة العراقية والمجتمع الدولي. إن استمرار معاناة أهلها ـ في المخيمات، وفي الشتات، وفي الصمت ـ يعني أن الإبادة ما زالت مستمرة بشكل آخر: بالإهمال والنسيان.
***********************************************
شيوعيو البصرة يزورون الرفيق علي هاشم
البصرة – طريق الشعب
زار وفد من الشيوعيين والديمقراطيين في البصرة، الرفيق علي هاشم (أبو مصطفى) في منزله، للاطمئنان على صحته بعد شفائه من جلطة دماغية كان قد أصيب بها.
والرفيق أبو مصطفى مناضل صلب كانت له ولعائلته أدوار حزبية كثيرة في سبعينيات القرن الماضي وما بعد التغيير. وكان قد ترأس مجلس السلم والتضامن في البصرة.
ضم الوفد كلا من الرفاق باسم محمد حسين، عبد الزهرة عذار، عبد الكريم الحربي، جاسم محمد شريان، جاسم البصري وكاظم صابر كاظم.
***************************************
الشيوعي العراقي يزور الفنان علي حافظ
بغداد – طريق الشعب
زار وفد من اللجنة الاجتماعية المركزية في الحزب الشيوعي العراقي الفنان والملحن علي حافظ في منزله ببغداد، للاطمئنان على صحته بعد تعرضه لوعكة صحية، وهو ما دفعه لمواصلة العلاج تحت إشراف أطباء مختصين.
ونقل الوفد تحيات قيادة الحزب والرفاق والرفيقات، مع تمنياتهم بالشفاء العاجل والعودة إلى ممارسة نشاطه الفني الجماهيري والإنساني، كما قدموا له باقة ورد باسم قيادة الحزب واللجنة الاجتماعية.
من جانبه، أعرب علي حافظ عن شكره وامتنانه للحزب على هذه الزيارة، مثمنًا أثرها الطيب عليه وعلى عائلته، ومشيرًا إلى حرص الحزب على التواصل والعلاقات الاجتماعية مع الأصدقاء والرفاق وعوائلهم. كما حمل حافظ الوفد تحياته إلى قيادة الحزب وكل أصدقائه في الحزب.
وضم الوفد كل من الرفيقة انتصار الميالي عضو اللجنة المركزية، والرفيق عباس حسن، والرفيقات نهاوند جليل وإخلاص حميد.
*******************************************
شيوعيو كركوك يهنؤون الديمقراطي الكردستاني بعيده
كركوك – طريق الشعب
زار وفد من اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في كركوك واللجنة الأساسية للحزب في قضاء الدبس، السبت الماضي، مقر الحزب الديمقراطي الكردستاني في القضاء، وذلك لتقديم التهاني في مناسبة الذكرى الـ79 لتأسيس الحزب.
وهنأ الشيوعيون القائمين على المقر. وأهدوهم لوحة لقلعة كركوك.
*********************************************
شيوعيو ديالى يتفقدون رفيقين
بعقوبة – طريق الشعب
زار وفد من اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في ديالى، الرفيق خليل الحيالي (أبو عمر) في منزله، وذلك للاطمئنان على وضعه الصحي بعد إصابته بكسر في عظم الفخذ.
وتمنى الوفد للرفيق الشفاء العاجل والعودة إلى نشاطه المعهود.
من جانب آخر، زار وفد من شيوعيي بهرز، الرفيق فاروق (أبو فؤاد) في منزله، لتفقّد وضعه الصحي بعد تعرضه لحادث مؤسف.
وتمنى الرفاق لرفيقهم الصحة والسلامة والشفاء العاجل.
**************************************************
الصفحة التاسعة
نصيب: قوة الدوري العراقي انعكست إيجاباً على {النشامى}
متابعة ـ طريق الشعب
أكد مدافع المنتخب الأردني ونادي الزوراء العراقي عبد الله نصيب، أن دوري نجوم العراق يمتاز بقوة بدنية عالية ومنافسة كبيرة، وهو ما انعكس بشكل إيجابي على أداء المنتخب الأردني المتأهل إلى كأس العالم 2026. وانتقل نصيب (31 عاماً) إلى صفوف الزوراء قادماً من فريق الحسين الأردني على سبيل الإعارة حتى صيف 2026، في ثاني محطة احترافية له.
وقال نصيب في تصريحات لمنصات دوري نجوم العراق إن "الدوري العراقي مميز جداً ويضم عدداً كبيراً من اللاعبين الموهوبين محلياً وعربياً وحتى عالمياً، ويسهم في إبقاء اللاعبين في جاهزية عالية لفترة طويلة، وهو ما يجعله بطولة جميلة يتمنى أي لاعب خوضها". وأضاف: "أغلب لاعبي المنتخب العراقي ينشطون في الدوري المحلي، وهم لاعبون مهمون، وأتمنى أن يتمكن أسود الرافدين من التأهل إلى كأس العالم المقبل، لما يمتلكونه من عناصر جيدة ومقومات عالية شاهدتها خلال فترة وجودي مع الزوراء". وأشار إلى أن "القوة البدنية والالتحامات أبرز ما يميز الدوري العراقي، وهذا الأمر انعكس إيجاباً على لاعبي المنتخب الأردني، حيث لمسنا تطوراً بدنياً كبيراً لدى زملائنا الذين ينشطون فيه".
******************************************
تحضيراً لدوري النجوم وآسيا الشرطة والزوراء يعسكران في القاهرة
متابعة ـ طريق الشعب
يواصل فريقا الشرطة والزوراء تحضيراتهما المكثفة للموسم الكروي الجديد، حيث اختارت إدارتا الناديين العاصمة المصرية القاهرة محطة لإقامة معسكر تدريبي، استعداداً لبطولتي دوري نجوم العراق ودوري أبطال آسيا النخبة.
الشرطة يستعد للسد القطري
وصل وفد نادي الشرطة إلى مصر للدخول في معسكر تدريبي يستمر 14 يوماً، يتضمن مباريات تجريبية مع فرق مصرية، فضلاً عن وحدات تدريبية مكثفة تحت إشراف المدرب المصري مؤمن سليمان.
وقال عضو إدارة النادي تحسين الياسري إن "المعسكر يهدف إلى رفع المستوى الفني والبدني للاعبين، وخلق روح الانسجام قبل خوض المنافسات الرسمية"، مبيناً أن الفريق يطمح إلى الجاهزية الكاملة قبل مواجهة السد القطري في 15 أيلول المقبل، ضمن الجولة الأولى من دوري أبطال آسيا النخبة، على ملعب الزوراء في بغداد.
الزوراء في معسكر موازٍ
وفي السياق ذاته، بدأ فريق الزوراء معسكره التدريبي في القاهرة، والذي يستمر عشرة أيام، بإشراف المدرب عبد الغني شهد. وأوضح رئيس النادي حيدر شنشول أن الفريق "يخضع لتدريبات مكثفة، ويضم لاعبين محليين بارزين إلى جانب محترفين جدد تم التعاقد معهم، بهدف الوصول إلى الجاهزية التامة للاستحقاقات المقبلة".
وأضاف شنشول أن الفريق أجرى آخر وحداته التدريبية في بغداد قبل التوجه إلى مصر، حيث سيخوض عدداً من المباريات الودية لتعزيز الانسجام بين اللاعبين.
وكان الاتحاد العراقي لكرة القدم قد أعلن أن دوري نجوم العراق للموسم 2025-2026 سينطلق في 13 أيلول المقبل، على أن يختتم في الأول من حزيران/يونيو 2026.
*******************************************
من أجل كرة القدم.. الشرطة يجمّد نشاطات فرق الألعاب الجماعية!
متابعة ـ طريق الشعب
أعلنت إدارة نادي الشرطة الرياضي، أمس الأربعاء، تجميد نشاطات عدد من أبرز فرقه الجماعية المشاركة في البطولات المحلية، عازية القرار إلى الأزمة المالية التي يمر بها النادي.
وقال عضو إدارة النادي، تحسين الياسري، إن "قرار الإدارة بتجميد نشاطات فرق كرة السلة واليد والطائرة جاء لأسباب مالية، وذلك من أجل توجيه المبالغ المخصصة لهذه الفرق لدعم فريق كرة القدم الذي يستعد للموسم المقبل".
وأضاف الياسري أن "النادي يواجه تحديات صعبة، ويسعى إلى تشكيل فريق كروي بمستوى عالٍ للحفاظ على النجاحات التي حققها في الموسم الماضي"، مبيناً أن "الإدارة تفكر على المدى البعيد، وستعيد تفعيل الفرق المجمّدة فور تحسّن الظروف المالية".
وأشار إلى أن "نادي الشرطة يحتضن أغلب الألعاب الفردية والجماعية، بخلاف أندية أخرى تقتصر مشاركاتها على عدد محدود من الألعاب".
يُذكر أن فريق الشرطة توج بلقب دوري نجوم العراق لكرة القدم للموسم 2024 – 2025 بعد أن جمع 87 نقطة.
********************************************
علي محمد عبود يظفر ببرونزية آسيا بالجودو
متابعة ـ طريق الشعب
أحرز لاعب منتخب العراق للجودو، علي محمد عبود، الوسام البرونزي في منافسات بطولة آسيا المفتوحة للرجال، المقامة في العاصمة الأردنية عمّان.
وقال الاتحاد العراقي للجودو في بيان، إن "عبود تمكن من اعتلاء منصة التتويج في وزن +100 كغم بعد أداء قوي أمام نخبة من أبطال القارة، ليضيف إنجازاً جديداً للعراق في مشاركاته الخارجية".
وأضاف البيان أن "هذا الإنجاز تحقق بمتابعة مباشرة من الاتحاد العراقي للجودو"، مشيراً إلى أن رئيس الاتحاد عدي الربيعي قدم شكره وتقديره إلى رئيس اللجنة الأولمبية عقيل مفتن على دعمه المتواصل للاتحاد واللاعبين، مؤكداً أن "هذا الدعم كان له الأثر الكبير في تحقيق النتائج الإيجابية ورفع راية العراق في المحافل القارية".
******************************************
بعد تتويجهما في سينسيناتي ألكاراز وشفيونتيك يضيّقان الخناق على متصدري التصنيف العالمي
لندن ـ وكالات
قلص الإسباني كارلوس ألكاراز الفارق مع المصنف الأول عالميًا، الإيطالي يانيك سينر، بعد تتويجه بلقب بطولة سينسيناتي للأساتذة أمس الاثنين، إثر انسحاب سينر من المباراة النهائية في المجموعة الأولى بسبب الإعياء. وشهد التصنيف العالمي للاعبي التنس المحترفين تغييرات محدودة في المراكز العشرة الأولى، حيث ارتقى الروسي كارين خاشانوف ثلاثة مراكز ليحتل المركز التاسع، فيما تراجع الدنماركي هولجر رون مركزين إلى المرتبة 11، والروسي أندري روبليف أربعة مراكز ليستقر في المركز 15. وسجّل الفرنسي تيرينس أتماني القفزة الأبرز بتقدمه 67 مركزًا دفعة واحدة إلى المركز 69، عقب وصوله إلى نصف نهائي البطولة. وعلى صعيد السيدات، حافظت البيلاروسية أرينا سابالينكا على صدارة التصنيف العالمي للاعبات التنس المحترفات، بينما تقدمت البولندية إيغا شفيونتيك إلى المركز الثاني بعد تتويجها بلقب سينسيناتي للمرة الأولى في مسيرتها، لتتراجع الأمريكية كوكو جوف إلى المركز الثالث. كما تقدمت الإيطالية جاسمين باوليني إلى المركز الثامن إثر بلوغها النهائي، في حين تراجعت الأمريكية أماندا أنيسيموفا إلى المركز التاسع. وشملت التغييرات الأخرى صعود التشيكية كارولينا موكوفا إلى المركز 12، والروسية إيكاترينا ألكسندروفا إلى المركز 14، بينما تراجعت الإسبانية باولا بادوسا إلى المركز 16.
************************************
الحارس البرازيلي فابيو ينفرد بالرقم القياسي في عدد المباريات الرسمية
ريو دي جانيرو – وكالات
انفرد الحارس البرازيلي فابيو، لاعب نادي فلومينينسي، بالرقم القياسي لعدد المباريات الرسمية في كرة القدم للرجال، بعدما خاض مباراته رقم 1391 مساء الثلاثاء أمام فريق أميركا دي كالي الكولومبي في إياب دور الـ 16 من بطولة كوبا سود أميركانا، والتي انتهت بفوز فريقه (2-0) على ملعب ماراكانا.
وكان فابيو (44 عاماً) قد عادل، السبت الماضي، الرقم القياسي السابق المسجل باسم الحارس الإنجليزي الأسطوري بيتر شيلتون، قبل أن ينفرد به اليوم. ورغم أن الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) واتحاد أمريكا الجنوبية (كونميبول) لم يعلنا رسمياً اعتماد الرقم حتى الآن، إلا أن وسائل الإعلام البرازيلية ونادي فلومينينسي أكدا أن فابيو بات صاحب الرقم التاريخي.
وقال الحارس عقب الإنجاز: "أحياناً لا ندرك أهمية إنجاز كبير كهذا، فهو رقم صمد لسنوات عديدة". فيما هتف الجمهور باسمه داخل الملعب مرددين: "فابيو أفضل حارس مرمى في البرازيل"، وتسلم لوحة تذكارية تخليداً للإنجاز.
من جانبه، أشاد مدرب فلومينينسي ريناتو غاوتشو بلاعبه قائلاً: "لا أحد يمكنه أن يخوض هذا العدد من المباريات من دون مستوى احترافي كبير. سيواصل اللعب لفترة طويلة، ومن الصعب أن يتجاوزه أي لاعب آخر".
يذكر أن فابيو بدأ مسيرته عام 1997، وهو العام الذي اعتزل فيه شيلتون. وخاض الحارس 976 مباراة مع كروزيرو بين 2005 و2022، إلى جانب 30 مباراة مع أونياو بانديرانتي و150 مباراة مع فاسكو دي جاما، بينما كانت مباراته أمام أميركا دي كالي هي رقم 235 مع فلومينينسي.
وفاز فابيو بكأس ليبرتادوريس مع فلومينينسي عام 2023، كما شارك مع الفريق في نصف نهائي كأس العالم للأندية في الولايات المتحدة صيف 2024.
******************************************
وقفة رياضية.. عوائق ممارسة الألعاب الأخرى
منعم جابر
قد يتساءل بعض أهل الرياضة: لماذا يتوجه أغلب – إن لم أقل كل – الأطفال إلى ساحات كرة القدم دون غيرها من الألعاب؟
أرى أن هؤلاء الصغار يجدون اللعبة مثيرة، ولوازمها متوفرة، وساحاتها قائمة حتى في الشوارع والأزقة، ولهذا وجدناها في كل مكان وزمان.
أما الألعاب الأخرى فنجد صعوبة في ممارستها؛ فملعب كرة السلة يحتاج إلى أهداف خاصة، والكرة الطائرة لابد لها من شبكة، وكرة المنضدة تحتاج إلى طاولة ومضارب. وهذا حديث يطول، بينما نختصره بسهولة توفر ملاعب وساحات كرة القدم وبساطة قوانينها وشروطها وأعرافها.
لذا أجدني اليوم أدعو إلى الاهتمام ببقية الألعاب ورعايتها وتشجيع ممارستها، والحث على التوجه نحوها، فعندئذٍ تتوفر الرغبة والحماسة لمزاولتها. وفي هذه الحالة نؤسس لقاعدة واسعة من الألعاب المتنوعة. وهنا أقول لأحبتي قادة المؤسسات الرياضية: عليكم أن تتوجهوا نحو ألعاب جديدة (قديمة) وحث الشباب والأطفال على ممارستها، وفتح آفاق جديدة أمام هذه النخب. أما الإصرار على كرة القدم وحدها وكأنها اللعبة الوحيدة في الميدان، فإنه يؤدي إلى موت ألعاب كبيرة ومهمة قادرة على تحقيق الميداليات الأولمبية والفوز في البطولات العالمية والقارية، وهذا أعز ما نتمناه.
ومن هنا أدعو أحبتي في الاتحادات الرياضية المركزية إلى السعي لتأسيس مراكز تدريبية للألعاب الأخرى؛ فمثلاً في بغداد نقيم أربعة مراكز تدريبية في الكرخ والرصافة، وفي المحافظات مركزاً أو مركزين، مع فتح مركز في كل قضاء أو ناحية بحسب الأهمية وعدد السكان. ومن الممكن أن يتم افتتاح هذه المراكز بالتنسيق مع وزارة الشباب والرياضة أو في أحد منتديات الشباب أو الأندية الرياضية. ومن خلال هذه الخطوات نستطيع توسيع الحركة الرياضية في الأندية والمنتديات الشبابية.
ولتكن الخطوة الأولى هي الاهتمام باللعبة الأكثر شعبية في المحافظة، أو تلك التي يفضلها الجمهور الرياضي، أو اللعبة التي لديها قاعدة من الهواة، ثم نحاول من خلال التوعية والتشجيع توجيه الرياضيين نحو ألعاب أخرى مهمة وخاصة. وحتى نتمكن من إنجاح هذا المشروع، يجب أن نوجه اللاعبين وفق رغباتهم وقابليات أجسادهم، كما يحدث في الكثير من بلدان العالم، مع تقديم بعض المحفزات والمشجعات. فمثلاً: أصحاب الأجسام الطويلة نوجههم لكرة السلة والكرة الطائرة، والأجسام الخفيفة للجمباز وألعاب القوى، وذوو الأجسام المتناسقة لرياضات أخرى.
كما نحاول اكتشاف القابليات في كل الألعاب، ويقوم الخبراء بانتقاء الرياضيين وفق رغباتهم وإمكاناتهم، مع الحد من التوجه المفرط لكرة القدم، خاصة لأولئك الذين لا يصلحون لها إطلاقاً، بينما قد يبدعون في ألعاب أخرى ويحققون فيها إنجازات متقدمة.
هذه المراكز يمكن أن تشرف عليها الاتحادات الرياضية، سواء المركزية منها أو الفرعية في المحافظات. كما يمكن إقامة بطولات لكل الألعاب تشارك فيها الأندية، والهدف منها معرفة المستوى العام لكل رياضة، وتقديم الجوائز والهدايا للفائزين، مما يساعد على اكتشاف الأبطال وتقدير مقدار تقدمهم ونجاحهم. ومن خلال هذه الأنشطة سنكتشف القابليات الفنية والتدريبية، وخاصة لدى معلمي ومدرسي التربية الرياضية.
إن المراكز التدريبية ستساهم في صناعة أبطال للرياضة. أما أن يبقى عضو الاتحاد المركزي أو الفرعي في المحافظات دون عمل أو نشاط، مكتفياً بانتظار الانتخابات القادمة أو رحلة خارجية للمشاركة في نشاط اتحادي، فهذا أمر لا يليق.
لذا أدعو أحبتي في الاتحادات الرياضية، المركزية منها والفرعية، إلى أن يقدموا أنفسهم كمؤسسات رياضية فاعلة وعاملة، تدرك حجم مسؤولياتها الكبيرة، وتسعى إلى صناعة أبطال وإنجازات رياضية، وأن يبذلوا جهوداً مضنية للارتقاء بألعابهم وتطويرها وصناعة البطل الرياضي.
***********************************************
الصفحة العاشرة
{كفاحي} بعد قرن: هل يولد الوحش مرتين؟
نجيب مبارك
في الثامن عشر من تموز/ يوليو عام 1925، خرج إلى العالم كتاب "كفاحي" (Mein Kampf) لأدولف هتلر، كإعلان صريح عن مشروع كراهية سيتحول لاحقا إلى واقع مدمر شمل قارات وأباد شعوبا بأكملها. لم يكن الكتاب مجرد نص سجني عابر، بل وثيقة أيديولوجية تكشف منذ البداية عن رؤية مهووسة بالتفوق العنصري، وبإعادة تشكيل العالم وفق تصوّر إقصائي مطلق. واليوم، بعد مرور قرن على صدوره، لا يزال هذا الكتاب يُستحضر بوصفه مثالا حيّا على كيف يمكن لفكر متطرف، حين يُهمَل أو يُستهان به، أن يتسلل إلى الحياة العامة ويعيد إنتاج الكارثة بوسائل مختلفة، تحت شعارات جديدة، ولكن بالروح التدميرية نفسها.
صدر هذا الكتاب خلال فترة سجن هتلر في "لاندسبرغ" بعد فشل محاولة الانقلاب التي قادها في ميونيخ عام 1923، والتي سعى من خلالها إلى السيطرة على الحكم في ألمانيا بالقوة. كان هتلر في ذلك الوقت لا يزال شخصية هامشية سياسيا، لكن كتابه كان بمثابة وثيقة تمهيدية لمشروعه المستقبلي الذي شكل مسار أوروبا والعالم لأكثر من عقدين من الزمن. لقد جمع في "كفاحي" ما بين السيرة الذاتية والسياسة والأيديولوجيا المتطرفة التي تكشف عن اعتقاداته العميقة وخططه لمستقبل ألمانيا كما يراه هو، حيث يختزل الألم والهزيمة التي عاشها الشعب الألماني بعد الحرب العالمية الأولى في خطاب تحريضي يجمع بين العداء العرقي، القومية المتطرفة، والدعوة للاستبداد السياسي.
يعكس هذا الكتاب، الذي كان أولى محاولات هتلر لتأسيس شرعية فكرية لتياره السياسي، روح الألم والهزيمة والضياع التي عاشتها ألمانيا بعد خسارتها في الحرب العالمية الأولى وفرض معاهدة فرساي القاسية. في هذا المناخ، وجد هتلر متنفسًا لمزاجه العدائي ضد اليهود والشيوعيين وكافة القوى التي اعتبرها مسؤولة عن انهيار ألمانيا، ليعرض تصوراته عن ضرورة إعادة بناء الأمة على أساس عنصري وقومي متطرف. وبالرغم من أن الكتاب لم يكن ذا صدى واسع في البداية وبيعت منه نسخ محدودة، إلا أن صعود الحزب النازي وشعبية هتلر المتزايدة، حولته إلى نص أساسي في الفكر الألماني النازي، حيث أصبح يوزع على نطاق واسع، وتحول إلى أداة لزرع الأفكار المتطرفة في المجتمع، ممهدًا الطريق لنظام حكم استبدادي قاد إلى جرائم إبادة جماعية لا سابق لها.
في جوهر "كفاحي"، تظهر العديد من الأفكار التي تميز الأيديولوجية النازية، أولها النظرة العنصرية البيولوجية التي تفرد العرق الآري بمرتبة التفوق، وتهمش وتجرّم بقية الجماعات، وخاصة اليهود، الذين يصوّرهم هتلر كعدو شامل وخطر وجودي على ألمانيا والعالم. تتقاطع هذه الفكرة مع نظرية المؤامرة التي يتبناها، حيث يتحدث عن مؤامرة يهودية عالمية تهدف للسيطرة على الشعوب والحكومات، ويصفهم بأنهم السبب الرئيسي لكل المصائب التي تعانيها ألمانيا. هذه النظرة العنصرية ليست فقط عاطفية، بل مؤطرة في إطار مزعوم من "العلم" والتاريخ، حيث يبرر هتلر تفوق "العرق الآري" من خلال آراء مستمدة من الداروينية الاجتماعية، محاولا إعطاء مشروعه الطابع الحتمي والطبيعي.
إلى جانب ذلك، يسلط هتلر الضوء على مفهومين أساسيين هما "الدفع نحو الشرق" أو Drang nach Osten، و"المجال الحيوي" أو Lebensraum، وهما مفهومان يعبّران عن الطموحات التوسعية لألمانيا. يستند مفهوم Drang nach Osten إلى فكرة أن للأمة الألمانية حقا تاريخيا وطبيعيا في التوسع إلى الشرق، حيث كان يُعتقد أن هذه الأراضي تمثل "مساحة طبيعية" لاستيعاب نمو الشعب الألماني وضمان بقائه. بينما يضيف مفهوم Lebensraum بعدا أكثر تشددا، إذ يرى أن الدول القوية يجب أن تسعى لامتلاك مساحة حيوية تمكنها من النمو والازدهار، وهذا التوسع مبرر من منظور "الصراع الطبيعي" بين الشعوب. هكذا، يستند هتلر في مشروعه التوسعي إلى هذه المفاهيم التي، رغم زيفها تاريخيا وعلميا، أصبحت إطارا يبرر الاحتلال والسيطرة على الأراضي الأوروبية الشرقية، وهي الفكرة التي تحولت إلى سياسة توسعية أدت إلى غزو بولندا والاتحاد السوفياتي وجرائم الحرب المرتكبة هناك.
أما على الصعيد السياسي، فيؤكد هتلر على ضرورة حكم استبدادي قوي، حيث يشدد على أن الديمقراطية الليبرالية هي سبب ضعف الأمة وتفككها، وأن الحل يكمن في زعيم واحد قوي يمثل إرادة الأمة بالكامل، بدون مساحة للمعارضة أو تعددية سياسية. يتضح من ذلك أن هتلر يرفض الحقوق السياسية والحريات، ويرى أن الطاعة والولاء المطلقين هما السبيل الوحيد لحفظ وحدة الدولة وقوتها. هذا التوجه يشكل الأساس لنشوء نظام شمولي دكتاتوري فرض سيطرته على كل نواحي الحياة في ألمانيا.
على الرغم من وضوح هذه الأفكار في "كفاحي"، فإن الكتاب لم يأخذ حقه من الاهتمام في فترة صدوره الأولى، حيث اعتبره الكثيرون مجرد كتاب هلامي لأحد المتطرفين المحليين، ولم يدرِ معظم الألمان أن ما يكتبه هتلر سيمثل تحذيرا حقيقيا من قادم مظلم. مع تصاعد حزب العمال الوطني الاشتراكي الألماني وزيادة شعبيته، تغير الأمر، وبدأت مبيعات الكتاب ترتفع بشكل كبير، حتى وصل عدد النسخ التي بيعت إلى أكثر من 12 مليون نسخة بحلول نهاية الحرب العالمية الثانية. في تلك الفترة، لم يكن الكتاب مجرد نص سياسي بل أصبح وثيقة رسمية في تثقيف النازيين وأداة ترويج أيديولوجي ملزمة، حيث كان يوزع مجانا في حفلات الزواج، ويدخل ضمن المناهج التعليمية، ويطلب قراءته من كل من ينجح في عضوية الحزب النازي. لم يكن الكتاب نصا عاديا بل كان "طقسا" من طقوس النظام.
بعد هزيمة النازية في 1945، حظرت ولاية بافاريا الألمانية طبع الكتاب وحازت على حقوق النشر للسيطرة عليه ومنع انتشاره، كما أُحرقت نسخ كثيرة منه ضمن جهود "تطهير" المجتمع من إرث النازية. استمر هذا الحظر لعقود، حتى انتهت حقوق النشر عام 2016، مما سمح بإعادة نشره ضمن طبعات محققة ومشروحة تهدف إلى تفكيك وتحليل النص وتوضيح السياق، وهي طبعات تحتوي على آلاف الحواشي والتعليقات التي تكشف الزيف والخطأ في أفكار هتلر، وتحذر من خطرها.
تجديد نشر الكتاب أثار جدلًا حادًا بين من يعتبرون أن الحظر ضروري لمنع انتشار الكراهية والتطرف، ومن يعتقدون أن المنع يزيد من الفضول والسرية التي قد تغذي هذه الأيديولوجيات. في السياق المعاصر، أغلب المتخصصين يميلون إلى ضرورة إتاحة النص للنقاش والتحليل، مع تزويد القارئ بكل الأدوات اللازمة لفهم السياق وتحليل الخطاب، وهذا ما تقوم به الطبعات المشروحة الحديثة.
من منظور نقدي صرف، يمكننا اعتبار "كفاحي" نموذجا لنص "إشعاعي"، أي نص يحمل طاقة سامة يمكن أن تلوث العقل والمجتمع إذا لم يُقرأ بحذر وتوجيه نقدي. في عصرنا الرقمي الحالي، حيث تنتشر المعلومات والأفكار بشكل لحظي عبر الشبكات الاجتماعية والإنترنت، تزداد مخاطر هذه النصوص المتطرفة التي يمكن أن تعيد إنتاج خطاب الكراهية بسهولة أكبر، وتتحول إلى أدوات تجنيد وتحريض جديدة. لذلك، لم يعد مجرد الحظر هو الحل، بل أصبحت الحاجة ملحة إلى تطوير "آليات تعقيم رقمية"، تشمل تعليم النقد والوعي الفكري، وابتكار تطبيقات تقنية لمراقبة ومواجهة تداول هذه الأفكار، وإصدار نسخ رقمية مزودة بتعليقات وتحاليل نقدية مبسطة تساعد القارئ على تفكيك الخطاب ومقاومة تأثيره السلبي.
إن مرور مائة عام على صدور "كفاحي" يجعلنا نواجه تساؤلات جوهرية حول كيفية تعامل المجتمعات مع التراث الفكري المسموم، وكيف يمكن أن تظل ذاكرة التاريخ حية لمنع تكرار الفظائع. فالكتاب ليس فقط وثيقة تاريخية، بل هو مرآة مظلمة تظهر كيف يمكن للغضب والجهل والخوف أن تتحول إلى مشروع سياسي هدام. لا يكفي أن نقرأه كمرجع تاريخي، بل يجب أن ندرسه بوعي نقدي عميق، ونفهم آليات خطاب الكراهية، وندرك كيف تحوّل خطاب إلى فعل مأساوي.
لم تنته الأيديولوجيات المتطرفة بموت هتلر، ولا بزوال النازية، بل تستمر في صور وأساليب مختلفة، ما يجعل التثقيف والفهم العميق أمرا أساسيا لمنع استعادة هذه الأفكار وانتشارها. ورغم مرور قرن على صدور "كفاحي"، لا تزال بعض مبادئه الكامنة في صلب الأيديولوجيا الاستئصالية حاضرة بأشكال مختلفة في أنظمة سياسية معاصرة. يلاحظ ذلك بوضوح في بعض أوجه المشروع الصهيوني، الذي، مثل المشروع النازي، بُني على سردية "الحق التاريخي" والادعاء بالتفوق القومي أو الديني لتبرير التوسع والتهجير. لقد استُخدمت أفكار مثل "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض" لتسويغ اقتلاع شعبٍ بأكمله من جذوره، وتقديم هذا الاقتلاع كقدر لا مفر منه، تماما كما فعل هتلر حين قدّم Lebensraum كتعبير عن حق ألمانيا الطبيعي في التوسع شرقا على حساب "الآخر الأدنى". إن مفردات مثل "التفوق الأخلاقي" أو "الحرب على الإرهاب" أو حتى "الضربات الاستباقية"، حين تُستعمل لإلغاء إنسانية الطرف الآخر، فإنها تصير امتدادا ناعما لروح "كفاحي".
إن ما تشهده غزة اليوم من إبادة وحشية ممنهجة للسكان المدنيين، ومن تدمير للبنية التحتية، وإصرار على محو الحياة من حيّز جغرافي بأكمله، يمثل التطبيق العملي لذهنية إقصائية لا ترى في الفلسطيني إلا تهديدا وجوديا يجب استئصاله. لا يتعلق الأمر هنا بصراع تقليدي، بل بترجمة مباشرة لمبدأ الإبادة الوقائية الذي دافع عنه هتلر: القضاء على التهديد قبل أن يتكاثر. كل ما في غزة يُسحق باسم أمن الدولة: الإنسان، المستشفى، المدرسة، الكلمة، والصورة. وفي هذا كله، يتجلى كم أن دروس التاريخ لا تُستوعب حين تُقرأ من دون ضمير، وكم أن الجرح النازي الذي زُرع في أوروبا يمكن أن يتحول إلى سلاح بأيدٍ أخرى، يعيد إنتاج نفس منطق الضحية التي أصبحت جلادا.
بذلك، يبقى هذا الكتاب رمزا لمرحلة مظلمة من تاريخ البشرية، ونقطة انطلاق لاجتماع الذاكرة الإنسانية حول ضرورة مكافحة التطرف والعنصرية من كل صوب، سواء أكانت متجسدة في أفكار سياسية أو خطاب اجتماعي. إننا بحاجة لأن نقرأه ليس كمرجع للأيديولوجيا، بل كوثيقة تحذيرية تحثنا على إعمال العقل والضمير في مواجهة كل خطاب يهدد إنسانيتنا المشتركة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"ضفة ثالثة" – 27 تموز 2025
******************************************
ناجي العلي: ريشة القضية والمقاومة والموقف الثوري
فريق "تقدم"
رسم ناجي العلي فلسطين القضية ومقاومة العدو الصهيوني، رسم معهما معاناة الشعوب العربية والقمع والصراع الطبقي ضد الاستغلال، رسم أوضاع اللاجئين الفلسطينيين ومعاناتهم في مخيمات الشتات، فكانت رسوماته لوحات كاريكاتيرية لاذعة صادقة هي لسان حال الثوار والموقف الثوري الرافض للظلم وللاحتلال. ناجي العلي صاحب الموقف الثوري بالقول والممارسة السياسية اليومية وفي رسومات الكاريكاتير لا يهادن ولا يجامل، فريشته بوصلتها فلسطين والحق في تحريرها من الاحتلال بالمقاومة.
ولد ناجي سليم حسين العلي عام ١٩٣٧ في قرية الشجرة في الجليل. وفي عام ١٩٤٨، النكبة، عام تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه، نزح ناجي مع عائلته إلى جنوب لبنان، إلى مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في صيدا، وعاش فيه.
تلقى تعليمه الابتدائي بمدارس لبنان ولكنه لم يستطع إكمال دراسته بسبب الفقر فتعلم صنعة ميكانيك السيارات وعمل بورشة ميكانيك في مدينة طرابلس شمال لبنان.
التحق في عام ١٩٦١ بالأكاديمية اللبنانية للفنون الجميلة التي درس فيها الرسم لمدة عام واحد فقط، حيث لم يستطع إتمام دراسته.
في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين كان لقاء المصادفة بين أديب الثورة الفلسطينية غسان كنفاني وريشة القضية الفلسطينية والثورة ناجي العلي، وذلك خلال زيارة غسان لمعرض للرسم في المخيم، من ضمن مهرجان سياسي، شاهد غسان في معرض الرسم لوحات ناجي العلي وأبدى اعجابه بها وتحمسه لها، ونشر لوحة لناجي تحكي، بالريشة، معاناة اللاجئين الفلسطينيين وتهجيرهم من أرضهم فلسطين عبَّر عن ذلك ناجي العلي برسمه لخيمة على شكل هرم تخرج منها قبضة تطالب بالثأر تحمل راية التصميم على النصر. هي اللوحة التي نشرت في مجلة “الحرية” العدد ٨٨، ٢٥ أيلول/ سبتمبر ١٩٦١. كتب غسان كنفاني عن تلك اللوحة: “وصديقنا الفنان ناجي، لا يجد خيراً من الكاريكاتير ليعبر عما يرتجف في نفسه، وقد لا يعلم – ناجي نفسه – أن الحدة التي تتسم بها خطوطه، وأن قساوة اللون الراعبة، وأن الانصباب في موضوع معين يدلل على كل ما يجيش في صدره بشكل أكثر من كاف (…). وهو يحمل إلينا قصة فلسطين، لا ما حدث منها، ولكن ما يجب أن يحدث، لكي يعود الذين شردوا من ديارهم إلى خير الأرض والوطن”. وبدأت رحلة ناجي العلي في عالم الصحافة والرسم.
عمل ناجي العلي في صحف بالكويت “الطليعة”، و”القبس”، و”السياسة الكويتية”، وفي بيروت عمل في صحيفة “السفير”.
بعد أن غادر ناجي العلي الكويت لجأ إلى بريطانيا وعمل في “القبس الدولية” بلندن. عرَّف ناجي نفسه بقوله: “أنا أرسم لفلسطين”، وواجه التهديدات التي تعرض لها بمزيد من العنفوان النابع من القضية فلسطين وثبات الموقف الثوري، ورد على التهديدات: “لو ذوّبوا يدي بالأسيد سأرسم بأصبع رجلي”.
في ٢٢ حزيران / يوليو عام ١٩٨٧ اغتيل ناجي العلي في لندن بإطلاق الرصاص عليه، ودخل في غيبوبة لأكثر من شهر، واستشهد في ٢٩ تموز/ يوليو ١٩٨٧. دفن في لندن خلافاً لوصيته بأن يدفن إلى جانب والده في مخيم عين الحلوة.
ترك الشهيد ناجي العلي أكثر من ٤٠ ألف رسم كاريكاتيري هي قضية فلسطين والمقاومة… قضية الشعوب العربية… قضية أحرار العالم في جميع جهات الكوكب.
حكاية ولادة حنظلة
في عام ١٩٦٩ ولِدَ حنظلة الشخصية التي وقَّع فيها ناجي العلي رسوماته وذلك عندما كان يعمل في صحيفة “السياسة الكويتية”. حنظلة ظهره إلى العالم ووجهه إلى حيث يجب أن يكون نحو فلسطين، يعقد يديه خلف ظهره ليعبر عن تمسكه بفلسطين، والمبادئ الثورية والإصرار على مواجهة جميع أشكال المساومة على القضية المركزية فلسطين، حنظلة حافي القدمين… ثيابه مرقعة… فهو ابن مخيمات اللجوء جذور موقفه نابعة منها يستمد منها القوة والعزيمة والإيمان بالقضية ليرسمها بريشته من دون مواربة ولا مهادنة.
يقول ناجي العلي: “ولد حنظلة في العاشرة في عمره وسيظل دائماً في العاشرة من عمره، ففي تلك السن غادر فلسطين وحين يعود حنظلة إلى فلسطين سيكون بعد في العاشرة ثم يبدأ في الكبر، فقوانين الطبيعة لا تنطبق عليه لأنه استثناء، كما هو فقدان الوطن استثناء”.
“عزيزي القارئ:
اسمح لي أن أقدم لك نفسي.. أنا أعوذ بالله من كلمة أنا.. اسمي حنظلة. اسم أبي مش ضروري. أمي اسمها نكبة. وأختي الصغيرة. نُمرة رجلي ما بعرف لإني دائماً حافي. ولدت في 5 حزيران 1967… جنسيتي… أنا مش فلسطيني مش أردني مش كويتي مش لبناني مش مصري مش حدا. إلخ… باختصار معيش هوية ولا ناوي أتجنّس. محسوبك عربي وبس. التقيت صدفة بالرسام ناجي. كاره شغله لأنه مش عارف يرسم. وشرح لي الأسباب.. وكيف كل ما رسم عن البلد السفارة بتحتج. والارشاد والأنباء بتنذر. بيرسم عن علتان شرحه. قللي الناس كلها أوادم. صاروا ملايكه. والأمور ما فيش أحسن من هيك. وبهالحاله عن شو بدي أرسم. بدي أعيش. وناوي يشوف شغله غير هالشغله. قلت له انت شخص جبان وبتهرب من المعركة. وقسيت عليه بالكلام. وبعد ما طيّبت خاطره وعرّفتو عن نفسي وإني إنسان عربي واعي بعرف كل اللغات وبحكي كل اللهجات. معاشر كل الناس المليح والعاطل والآدمي والأزعر وبتاع البتاع.. اللّي بيشتغلوا مزبوط واللّي هيك هيك. ورحت الأغوار وبعرف مين بيقاتل ومين بيطلّع بلاغات بسْ. وقلت له إني مستعد أرسم عنه الكاريكاتير كل يوم وفهّمته إني ما بخاف من حدا غير من الله. واللي بدو يزعل يروح يبلط البحر. وقلت له عن اللّي بيفكروا بالكنديشن والسيارات وشو بيطبخو أكثر مما يفكروا بفلسطين.
ويا عزيزي القارئ:
أنا آسف لإني طوّلت عليك… وما تظن إني تعمدت هالشي عشان أعبّي هالمساحة وإني بالأصالة عن نفسي وبالنيابة عن صديقي الرسام أشكرك على طول وبَسْ… وإلى اللقاء غداً… وبتاع”.
التوقيع: حنظلة.
وسيبقى ظهر حنظلة إلى العالم ووجهه نحو فلسطين… وسيبقى في العاشرة من عمره… ما دامت فلسطين محتلة… ونحن سنبقى في عمره نقاوم العدو الصهيوني لتحرير كامل التراب الفلسطيني من المي للمي عندها يبدأ عمر حنظلة ويكبر على أرض فلسطين المحررة كاملة من الاحتلال الصهيوني ونكبر معه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
منصة "تقدم" – 30 تموز 2025
****************************************
{جائزة رضوى عاشور للأدب العربي}: استضافة في غرناطة
"ليُعينهم المكانُ على الزمان"، جملة وردت في إعلان إطلاق الدورة الأولى من جائزة رضوى عاشور للأدب العربي 2025، في الذكرى العاشرة لرحيل الكاتبة المصرية، نهاية العام الماضي، التي أُعلنت نتائجها اليوم، بفوز كل من الكاتبة المصرية نورا ناجي، والكاتب اللبناني محمد طرزي.
على خلاف الجوائز العربية الأخرى، فالجائزة ليست مالية، بل إقامة أدبية لمدة شهر، تُمنح لكاتبَين عربيين، أحدهما فوق سن الأربعين، والآخر دونها. وقد فاز الكاتب اللبناني محمد طرزي بالفئة الأولى عن مشروع رواية بعنوان "سنديانة الجبل الرفيع"، فيما فازت الكاتبة المصرية نورا ناجي بالفئة الثانية، عن مشروع روايتها "رمال متحرّكة".
أُطلقت الجائزة بالشراكة بين مؤسسة قطر وجامعة غرناطة، احتفاءً بالكاتبة والباحثة المصرية الراحلة رضوى عاشور (1946–2014). وتتضمن استضافة الأدباء الفائزين في غرناطة وجامعتها، لمدة شهر، في "كارمن دي لا فيكتوريا"، أحد البيوت التابعة للجامعة. وجاء في إعلان الجائزة أنها "توفر مساحة للقراءة، والتفكير، والكتابة، والحوار". واختيرت غرناطة مكاناً للجائزة، لما تمثّله من رمزية خاصة في أدب الكاتبة، التي خصّتها بثلاثية تحمل اسمها.
ضمت لجنة تحكيم الدورة الأولى كلاً من الشاعر أمين حداد، والدكتورة فاتن مرسي، والإعلامي ياسين عدنان، واستُقبلت الترشيحات حتى 30 يونيو/حزيران.
نورا ناجي (1987)، صحافية وروائية مصرية، من أعمالها: "بنات الباشا"، و"الكاتبات والوحدة"، و"أطياف كاميليا"، و"سنوات الجري في المكان"، أما محمد طرزي (1983)، فهو روائي لبناني، من أعماله: "النبوءة"، و"نوستالجيا"، و"جزر القرنفل"، و"ميكروفون كاتم صوت".
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"العربي الجديد" – 28 تموز 2025
****************************************
الصفحة الحادية عشر
الجديد في مجلتي {الأقلام} و {الثقافة الأجنبية}
عن دار الشؤون الثقافية صدر مؤخراً عددان من مجلتي " الاقلام " و "الثقافة الاجنبية".
في "الاقلام" نقرأ:
- في الرحيل الموجع لموفق محمد/ رئيس التحرير علي سعدون.
- النقد الثقافي وسؤال المنهج/ د. بشرى موسى صالح.
- قراءة في جماليات باشلار/ صالح رحيم.
- هوامش عبد الجبار عباس/ علي محمد خضير/ رعد كريم عزيز.
- وفي العدد ملف/ الكتابة الحرة.. كتابة المستقبل/ اطياف لؤي حمزة عباس.
- من كتب العدد: د. عبد الستار جبر/ د. رمضان مهلهل، صادق الطريحي، د. حمزة عليوي، د. ضياء خضير، هاتف الجنابي، طالب كاظم، حكمت الحاج، علي شبيب ورد، باقر صاحب.
اما مجلة "الثقافة الاجنبية" فقد اوردت محوراً بعنوان: "ادب وثقافة الجُزر" وملف عن "الواقعية القذرة" وهي: حركة ادبية امريكية ظهرت في السبعينات في المجتمع الغربي ما بعد الحداثة.
ومن موادها:
- نظام الفصل العنصري/ ترجمة علي بدر.
- جزيرتان متتاليتان في الادب العالمي/ ترجمة بهاء محمود علوان.
- الادب العميق/ ترجمة د. رمضان مهلهل سدخان.
- البنية السيبرانية/ ترجمة امير دوشي.
- خطاب المهمشين/ ترجمة د. عواطف نصيف جاسم.
***************************************
قراءات الإيهام الشكلي في قصيدة {طُهْر} لسعدي يوسف
ريسان الخزعلي
1
ل "كسْتناء ِ الحصان ِ" اشتقت ُ في سَفَري
لا نخلة ُ الله ِ شاقتْني ولا الأَثَل ُ
ولا ذوائب لبلاب
ولا سَمَك ٌ يُلاعب الماء ...
قالوا: ثم َّ فاختة تأوي إليكَ مساء!
قلت : مُنْتبذي مأوى العذارى ذوات الريش !
لا امرأة ٌ قد آنستْني
ولا ليلى تُرطّب ُ لي متنَ الفراش
فلا نُعْمى
ولا قُبَل ...
كأن َّ قُطن فراشي حين َ ألمُسُه
سجّادة ٌ بالبياض المحض تحتفل
2
ما جاء َ في الفقرة ( 1 ) هو قصيدة ( طُهْر ) للشاعر / سعدي يوسف/ من مجموعته ِ ( حفيد امريء القيس – دار المدى 2006 ) ..، و " كسْتناء الحصان " الذي ورد َ في الاستهلال ، هو شَجَر ٌ ذو زهر ٍ ربيعيٍّ مُعنقد ٍ أبيض َ في الغالب ، كما يقول الشاعر .
القصيدة ، كمشهد بَصري ، تُوهم بأن َّ شكلَها شكل ُ الشعرالحُر
(التفعيلة) وقد تمتّعت ْ باسترسال - لا توقّف َ فيه - وبناء ٍ مُتقن ٍّيُفضي بعضُه إلى بعضه ِ وعلى شكل شطرات شعرية متتالية ، و قد احتفظت كل شطرَة ٍ بالمعنى الدّال، وكل ُّ هذا من المهارات الفنيّة في شعريّة سعدي يوسف .
إن هذه القصيدة، يقوم بناؤها على البحر البسيط ( مستفعلن فاعلن مستفعلن فاعلن) مع ملاحظة تحوّلات (مستفعلن وفاعلن) إلى
(مُتفْعِلن وفَعِلن)..، ومثل هذه التحوّلات تحصل طبيعيّا في هذا البحر من دون ِ أيّة عثرات إيقاعيّة/ موسيقيّة. ورغم الإيهام الشكلي البصري/ شكل الشعر الحر، إلّا أن َّ القصيدة ، وبالإنصات العروضي الفاحص، ماهي َ إلّا قصيدة عمودية البناء ذات شطرين ( قصيدة أفقية – كتسمية أدق ) . والصياغة الآتية توضّح عموديّتها/ أفقيتها:
1ـ لِ " كستناء ِ الحصان ِ " اشتقت ُ في سَفري ......... مُتفْعلن فاعلن مستفعلن فَعِلن
لا نخلة ُ الله ِ شاقتني ولا الأثَل ....................... مستفعلن فاعلن مستفعلن فَعِلن
2ـ ولا ذوائب ُ لبلاب ٍ ولا سَمَك ....................... مُتفْعلن فَعِلن مستفعلن فَعِلن
يُلاعب ُ الماء َ قالوا ثم َّ فاختة ....................... مُتفْعلن فاعلن مستفعلن فَعِلن
3ـ تأوي إليك َ مساء ! قلت منتبذي ..................... مستفعلن فَعِلن مستفعلن فَعِلن
مأوى العذارى ذوات ِ الريش ِ لاامرأة ٌ ............... مستفعلن فاعلن مستفعلن فَعِلن
4ـ قد آنستني ولا ليلى تُرطّب ُلي ........................ مستفعلن فاعلن مستفعلن فَعِلن
متن الفراش ِ فلا نُعْمى ولا قُبَلُ ..................... مستفعلن فَعِلن مستفعلن فَعِلن
5ـ كأن َّ قطْن َ فراشي حين المُسُه .......................... متفْعلن فَعِلن مستفعلن فَعِلن
سجّادة ٌ بالبياض ِ المحض تحتفل ..................... مستفعلن فاعلن مستفعلن فَعِلن
إذن ، قصيدة (طُهْر) قصيدة الأبيات الخمسة العموديّة / الأفقية المُقفّاة كما في البيتين (1 ، 5) أما الأبيات (2 ، 3 ، 4) وبسبب شكل الشعر الحروالتدوير الذي اعتمده ُ الشاعر ، فقد أراد َ لها أن تكونَ تنويعاً متمددا ً بتفعيلات البحر البسيط لتظهر التقفيّة في عَجز البيت (4).
إن َّ هكذا إيهام شكلي والذي لايخلو من مراودة فنيّة ، قد فَعله / أدونيس / في قصيدة ( هذا هو إسمي – عام 1969 ) وتم َّ الاستدلال عليه ، إلّا أن َّ إيهام / سعدي يوسف / الشكلي في قصيدة (طُهْر) كانَ يقوم على اكتمال المعنى في كل ِّ بيت ٍ تُعاد صياغته ُ من الشكل الأوّل/ الحُر إلى الشكل العمودي / الأفقي ، وهذا ما لا يتوافر عليه إيهام أدونيس الشكلي إذ تبقى المفردات موزّعة بين نهايتي ّ الصدروالعجز- بسبب التدوير - ولايكتمل المعنى ...
*********************************************
{إلى المنفى..} وتجليات الهموم الإنسانية
د. سمير الخليل
على الرغم من تنويعات وتعدّد مستويات الأداء التعبيري، وتدفّق البوح الشعري غير أنَّ نصوص مجموعة (إلى المنفى أو تقويم الأحزان) للشاعر (خالد القطان) تتأطر بوجع وأسى، إذ ينطلق الشاعر في فضاءات مفتوحة للاشتباك مع مأزوميّة الواقع عبر النص المكاني و(نوستالوجيا) المدن، فالأحزان وغربة المنافي والتأمّل الحزين للجمال والمرأة والحب الذي تحاصره الخيبات، وهناك تنويعات على مستوى المضامين الإنسانية منها التغنّي بالوطن، ونبذ الخراب وفضح الذات المتسلّطة المتمثّلة بالدكتاتور، وتعرية القيم الزائفة، ومكابدة الانتظار والاغتراب والوحدة. وانطلاقاً من هذه المعطيات على مستوى الثيمات الشعرية إلاّ أنَّ القراءة المتفحّصة لنسق النصوص تكشف عن جمالية الآداء وصياغة نصوص شفيفة ومعبّرة تطفح بالجمال، وانتقاء المفردات، وتشكيل الصور الشعرية المؤثّرة والمعبّرة عن الفكرة المتوخاة، ولم يكن التنوع مقتصراً على المضامين الشعرية التي تصدّى لها الشاعر، بل إنَّ هذا قد شمل البناء أو التأسيس الفنّي للنصوص فانشطرت إلى نصوص طويلة نسبياً وإلى نصوص قصيرة وامضة تقترب من تقنية القصيدة الومضة أو (الهايكو) الياباني. ووفقاً لسيميائية العنوان فأنَّ الخطاب الشعري لدى الشاعر (القطان) يتمركز حول الوجع والأحزان والأسى، ومكابدة المنفى (إلى المنفى.. أو تقويم الأحزان)، ويبتدئ العنوان بحرف الجر وكأنه يشير أو يدعو المتلقّي للخوض في هذه العوالم المكتظّة بالأسى .. أسى الذات والوطن والمرأة والمنفى والقبح الذي يزحف على الواقع، وتتوزع عنوانات المجموعة إلى العنوان المفرد الدال مثل (نضج، طعنات، انتظار، سكون، دكتاتور، الصخرة، الأفق...) وغيرها من العنوانات الأخرى، ونلحظ أن عنوانات الجملة التي ترسم ملامح لمشهد أو دلالة مثل (شظايا الألم، إلى عراقي في المنفى، وجسد في هذا العالم، لجسدك الناحل قيامة الرؤيا، غربة وعربى أحزان، بكاء يمامة، هي وأنا ونهارات مجنونة، وطني صوت الناي، غواية الحكمة على أبواب الفقراء، هايكو عراقي، حياة صاخبة، بئر الأوهام..)، ولابدّ من الإشارة إلى أن المحمول الفكري وهيمنة الأسى والوجع إلاّ أن لغة وصور وعوالم النصوص جسّدت جمالية تعبيريّة، ولم تنزلق إلى السوداوية أو العدميّة بل إنَّ التحليق الوجداني، وتدفّق الصور والمفردات جعل منها نصوصاً محلّقة وجاذبة .
ويجسد نص (نايات الجسد) نمطاً من البوح الإيروتيكي وإلى التوق الجمالي والتعبير عن عشق المرأة :
اشتاق إلى طعمك الملتصق / بالشفاه / وأعدُّ على الأصابع
سنينك الدافئة / تحت دائرة المسرّات / خدر أحمق سيري
ونستدل على هذا البوح الإيروتيكي المحلّق في وصف المرأة والتمجيد الحسّي القائم على مفاتن الجسد، وتمثّل تلك العوالم جمال السحر ورائحته، ثم تستحيل المشاعر إلى عطر مشتعل، وفي غمرة هذا الميل يعبّر الشاعر بصورهِ ومبثوثاته عن التوق إلى المرأة التي تمثّل ملاذاً أو ملجأً لتذوق الجمال لكن هذا التوق لا يخلو من وجع الذات المتطلّعة :
كلّما أحنُّ إليك / وأنت هناك / تاريخ من الوجع / يعذبني
ويقذفني / في حيرة السؤال .. (المجموعة: 9)
ويتشكل نص المكان من خلال التغنّي والتعالق الوجداني مع بغداد التي تمثّل الوطن الدافئ، ودمشق التي تمثّل عالم البحث والمنفى حين اشتدّت خطوب الوطن، يقول في نص (بغداد) :
نجمة في مدار الكون / أنت / وقطب الحضارة
إشراقة فجر في ظلام / الليل / وشعاع منارة
فبغداد تمثّل للشاعر نجمة في مدار الكون وأرض الحضارة الخالدة، وإشراقة في الظلام وشعاع منارة، وهذا التوصيف يجعلها الملاذ والأمل والمثال، ويعبّر عن ديمومتها وجمالها وبهائها على الرغم من الحروب وكلّ الندوب.
ويصف دمشق بوصفها المنفى الجميل مذ جئتك / دمشق / مذ كانت عيناي / تنزف غربة الوطن
ولم نلحظ في هذا النص وصفاً اغترابياً لمعنى المنفى بل نرى الشاعر يجد في دمشق ملاذاً وملجأً، وفضاءً لاستعادة العزيمة، وهو ينظر إلى الوطن ويتطلّع نحو أمل الخلاص والعودة. ولعل من ضرورة التفحّص والمعاينة النقدية الإشارة إلى أهميّة وجمالية نص (إلى المنفى أو تقويم الأحزان) الذي تحمله المجموعة عنواناً لها، فهي قصيدة طويلة نسبياً مكتظّة بالمعاني والصور والإشارات الدالّة، ونلحظ فيها توظيفاً جمالياً ودلالياً للمحمول الأسطوري، فقد حشد الشاعر إحالات ميثولوجية تأطّرت بنوع من الإسقاط والقصديّة وهو يستنطق مكابدة الزمن الحاضر: زمن يجلب لنا / الأهوال والعاهات / ونحن نيام / ولكن لا نعرف كيف؟ وعلى وفق هذه المعطيات الجمالية والدلالية وأنساق التعبير المتعدّدة تمكن الشاعر من أن يقدّم مجموعة ثرية وعميقة المعاني والإحالات عبر لغة وصور وإشارات منتجة للجمال والمعنى والاشتباك مع واقع مأزوم ومحتدم .
*****************************************
عن قصة {السجين عبد الصمد}*
طالب كاظم
لستُ بصدد إشغال المشرط النقدي للبحث عن ثغرة ما ، طالما أننا ننظر إلى النقد بوصفه بوابة بمداخل متعددة. فالكاتب سيتأكد من جغرافيا ابداعه، والقارئ سيجد فيه مرشدًا يفكك مغاليق السرد التي تعترض طريقه في تأويل النص. الأمر لا يتعلق بتحديد معالم النص ممثلة بالشكل والمعنى، طالما صانع النص أحكم تأسيس ذلك بقدرته الفذة التي كشفت عن احتراف وتمكن من أدوات القص كحكاية ولغة ومعنى. لست بصدد وضع النص القصصي على طاولة تشريح نقدي وفقًا للأسطورة اليونانية التي قدمت لنا سريرًا يفترض خضوعًا مطلقًا لإملاءاته؛ فالطويل ستقطع ساقاه، أما القصير فسيُضطر إلى مَطِّه لكي يتوافق مع رغبة بروكروستس واشتراطات سريره التي لا تتغير. إذا اعتبرنا أن النقد يُخضِع النص لشروطه التي تتطلب امتثالًا تامًا لها، فلن أخوض في التعريفات أو الهوامش التي يتبناها النقد، ليس لأن (السجين عبد الصمد) لا يستحق العناء، بل في حقيقة الأمر أرى أنه جدير بأن نستعين بأدواتنا المعرفية للعمل على حفريات تغور عميقًا في متن خصب لكي ننتهي بإضاءة ساطعة تكشف عن تناسق الشكل والمعنى. أكاد أتلمس طريقي في عتمة الزنزانة حيث تمددت بقايا هياكل بشرية تنتظر الموت. فالسارد، وهو العليم، لم يكن سوى راوٍ محايد يسرد لنا الأحداث دونما أن يُظهر موقفًا محددًا مما يحدث، بل إنه ترك لنا ذلك الخيار: أن نحدد موقفنا ونحن نسترسل في قراءة ما يحدث في تلك الزنزانة القصية. رغم أن الجانب الأخلاقي يُملي علينا أن نفعل ذلك: أن نتخذ موقفًا. لكني لا أعرّج على المحور الذي قد يندرج تحت مفهوم "العقائدية"، فالتعاطف سيفسر على أنه انحياز،. ولكن الأمر مع قصة السجين عبد الصمد كان أكثر عمقًا وتأثيرًا من تأطيرها بهذا المفهوم. لم يكن القاص يعمد في الظاهر المُعلن إلى إقحامنا في متنه، بل إنه يكبِّلنا في معتقله ويضعنا لنتقاسم معاناة سجناء يتناوبون على تلقي ألم التعذيب البربري الذي يمارسه سجانون مرضى بعُقد نفسية. سجناء مُذلّون مُهانون يتلذذ سجانو المعتقل بتعذيبهم بـ "طناجر" المَبولة. أتقن القاص لعبته الإبداعية فهو لم يخبرنا بانتماء السجناء السياسي أو الفكري، بل أغفله عن عمد وسبق إصرار يكشف عن ذكاء ينتظر من القارئ أن يبني تصوراته بنفسه. فقد ترك له اكتشاف هذه الأحجية، إلا أننا ندرك بأنهم وطنيون أحرار يترنمون بنشيدهم الوطني رغم الموت. النشيد هو الآخر غامض، فهو بالتأكيد ليس نشيد السلطة التي تزاول القمع الدموي وتصفية خصومها، إنه نشيد أولئك السجناء، الذي انبثق من عتمة الزنزانات المعتمة الرطبة بزنختها الخانقة. ليس هذا فحسب، إننا أسرى المكان الذي صنعه طه الزرباطي حين أقحمَنا في مكان معتم ملطخ بالدم والقيح، حيث يتبول السجين في طنجرته التي تتحول إلى أداة للتواصل، فيرسل السجناء رسائلهم بالنقر عليها كما لو كانت شيفرة "مورس" يتبادلون ما يحدث في الزنزانات الأخرى. إنه يُبقينا في متنه بعد أن أقحمنا في زنزانته الضيقة. ما يجري في جوف تلك الزنزانة يبدو خارج الزمن، فالحدث يسيل ببطء، ولكننا نصر على الانغمار في القراءة علّنا نطمئن أنفسنا بأننا على وشك المغادرة بأقل الخسائر، أن يُطلق سراحنا لسبب ما! لم يحدث ذلك، كنتُ عالقًا معهم أنتظر متى يحين دوري لأتلقى حفلة التعذيب الجماعي الذي يمارسه السجانون دفعة واحدة. المكان خانق، زنخ، الجميع ينتظر الموت أكثر من أي شيء آخر، بينما الزمن كسيح يزحف ببطء تحت إيقاع التعذيب الجسدي، حيث يتمدد السجين عبد الصمد الذي يشعر بأنه تلقى إذلالًا أكثر إيلامًا من سجانيه حين نظر إليه رفيقه نزيل الزنزانة بارتياب متهمًا إياه بأنه تخاذل أمام جلاده فاعترف! تلك الذروة الهائلة التي كشفت عن معاناة من نوع آخر، فالسجين عبد الصمد تلقى بصدر رحب تعذيب جلاده، ولكنه لم يُطق نظرة رفيقه التي تشكك في صموده. نحن ندرك ونعيش عذابات المشهد ولكن عن بُعد، وهو الأمر الذي يتيح لنا إصدار حكم أخلاقي يبرئ أولئك السجناء من تهمة الوشاية، فالجسد البشري لا يتمتع بالقدرات الاستثنائية التي تستطيع أن تمنع عنه الإحساس المريع بالألم. القاص كان المرشد الخفي الذي جعلنا نخوض المتن بدهشة الثيمة والعمل المحكم، حيث ينتهي السجين عبد الصمد بالموت ليتحرر من سجانيه، بل والأكثر، ليتحرر من نظرات عينَي رفيقه، تلك النظرات التي تتهمه بالوشاية. تنتهي القصة بنهاية مُحكمة، حيث يغادر جواد عبد الحق، رفيق الزنزانة، السجن بعد الأحداث التي طالت العراق. يقول الكاتب في متنه: (يجد نفسه يتجه كل مساء إلى مبنى السجن المركزي الذي هدمته طائرات الاحتلال الأمريكي! يصنع لنفسه مقعدًا من بقايا الآجر تغزوه الذكريات، هنا سقط (صمد) وهنا بكى لأول مرة في العلن...).قصة جديرة بالثناء، وقاص يدرك كيف يقحمُنا في قصته ويبقينا معه حتى آخر كلمة فيها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*نشرت في الصفحة الثقافية لجريدة "طريق الشعب" العدد/142الاحد 27تموز2025
**********************************************
نحن جميعاً قَتَلة
ليث الصندوق
نحن جميعاً - أبناءَ الأمِّ وأبناءَ الضَرّةِ - كنا نحبّهُ
نحبه لأنه وِلِدَ كالبرعم من بين أضلاعنا
وكَبُرَ معنا في ذات القِماط
حتى لم نعد نعرف هل نحن هو ؟
أم هو نحن ؟
كنا نحبّهُ إلى حدّ أن أصبحَ حُبنا سكيناً
قتلناه بها
فقد كان كلٌّ منا يُريده لنفسه
ويحتفظ في جرّارات قلبهِ
بوثائقَ تؤكدُ أنه وريثه الوحيد
لذلك مزّقناه ما بيننا
وأخذ كلّ منا حِصّته من المِزق
بعضنا أخذ الرأس
طامعاً حتى بدبابيس الشَعَر
وبعضنا أخذ الكتفين
زاهداً بالعُنُق
لأنه يُذكّرهُ بالمقصلة
والآخرون اقتسموا ما بينهم الأحشاءَ
وألقوا الزوائدَ للكلاب الضالة
ثمّ حاول كلّ منا أن يُعيدَ الحياة لحصّتِه من المِزق
فاستعان للصقها وتركيبها بصمغ الأجانب
وبمسامير الأعداء
لكن عبثاً
فالعاقل لا يُعالجُ علّته بدَواء عدوّه
**
حبّنا كان زيفاً
فنحنُ لم نحبّهُ
لكنْ أحببنا فيه أنفسَنا
لذلك لم نكن محبّين
بل كنا قتلة
قتلنا البُرعمَ الذي نبَتَ من بين أضلاعنا
والذي نما فاحتوانا
وصرنا تحت ظلّه بشراً
قتلنا الوطن
وكلّ الذين قتلوا أوطانَهم عاشوا موتى
يتنفسون من رئاتٍ متحجّرةٍ
ويمشون بثقة
ولكن إلى النسيان
وظلتْ كعوب أحذيتهم
تنقرُ متجولة من دونهم في الطرقات
********************************************
الصفحة الثانية عشر
في كندا.. الديمقراطيون العراقيون يؤبنون الفنان زياد الرحباني
إيتوبيكو – ماجدة الجبوري
شهدت مدينة إيتوبيكو الكندية، السبت الماضي، حفل تأبين للفنان اللبناني الراحل أخيرا زياد الرحباني، أقيم بمبادرة من تيار الديمقراطيين العراقيين في كندا وبمشاركة الحزب الشيوعي اللبناني والحزب الشيوعي السوري الموحد.
وبعد أن وقف الحاضرون دقيقة صمت أكراما للفقيد، ألقى السيد سهاد بابان كلمة باسم تيار الديمقراطيين، قال فيها أن الأوساط الثقافية والفنية والسياسية في لبنان وفي عموم بلاد الشام والبلاد العربية، تلقت خبر رحيل الفنان المبدع والسياسي زياد الرحباني بأعمق مشاعر الحزن والأسى والحيف "كونها قد فقدت أيقونة للإبداع متعددة الجوانب يصعب تكرارها كظاهرة مضيئة في ثقافتنا الانسانية الهادفة والنقية".
وأضاف قوله: "سيبقى زياد نجماً ساطعاً في سماء وعينا الإنساني، وسيبقى حبّه وفكره وإبداعه خالدين على مر الزمان".
وكانت للشيوعيين العراقيين في كندا كلمة ألقاها السيد سعدون وهام، مما جاء فيها: "هزّنا من الأعماق نبأ الرحيل الفاجع للفنان الكبير زياد الرحباني، فقد شكّل فقدانه خسارة لا تعوض لعالم الموسيقى والجمال والثقافة العربية التقدمية والتنويرية. لقد كان زياد الرحباني مدرسة فريدة في الابداع، جسدت عبقرية فذة في المجالات الموسيقية والمسرحية. وتجلت هذه العبقرية منذ صباه، حيث نشأ في أجواء الفن الرفيع، وكان امتدادا طبيعيا للعائلة الرحبانية، وبقيت هذه العبقرية تلازمه حتى رحيله".
بعد ذلك، ألقى عضو مكتب العلاقات الخارجية في الحزب الشيوعي السوري، السيد يوسف فرحة، كلمة بالنيابة عن الحزب الشيوعي اللبناني، حيّا فيها الديمقراطيين العراقيين على مبادرتهم إلى تأبين الرحباني، والتي تُعبر عن مشاعر وطنية تجاه فنان عبقري مبدع.
وأضاف قائلا إن زيادا لم يُقدم فنه للفرح والمرح فحسب، إنما حوّل آهات المتوجعين والمهمشين والمقهورين الى أغانٍ وألحانِ خالدة تجمع بين جمال الموسيقى الأخّاذ والسخرية المُرّة والغضب والدعوة الى التمرد.
وكانت للمركز العراقي الكندي لحقوق الإنسان كلمة ألقاها السيد سعد كاظم، واستذكر فيها الفقيد كفنان ومناضل وطني مدافع عن حقوق الإنسان.
وشهد الحفل قراءات شعرية للشاعر كريم شعلان، والشاعر السوري محمد رباح، فضلا عن كلمة للشاعرة السورية جاكلين سلام، استذكرت فيها الفقيد وحضوره الثقافي والفني والنقدي الذي لفت انتباه الناس في العالم العربي وخارجه.
كذلك عُرضت في سياق الحفل، فيديوهات من إعداد نوال ناجي يوسف، يظهر فيها الراحل متحدثا عن إنجازاته الفنية وألحانه التي قدمها لوالدته السيدة فيروز.
****************************************
للمخرج محمد الدراجي {كلكامش} يُدهش الجمهور في مهرجان سينمائي بسويسرا
متابعة – طريق الشعب
احتشد الآلاف من جمهور مهرجان لوكارنو السينمائي الدولي الـ 78 في سويسرا، والذي اختتم يوم 16 آب الجاري، لمتابعة العرض الأول لفيلم "كلكامش – حلم إركالا" للمخرج العراقي محمد الدراجي.
وعُرض الفيلم في الهواء الطلق على ساحة "بيازا غراندي" وسط مدينة لوكارنو، والتي تتسع نحو 8 آلاف متفرج. حيث اعتلى فريق العمل خشبة المسرح وسط تصفيق الجمهور، في لحظة احتفالية مؤثرة.
وفي تقديمه الفيلم، قال الدراجي: "عندما أنظر إلى الوراء، أرى 7 آلاف سنة من التاريخ البابلي والسومري. بالنسبة إلي، كعراقي، التاريخ هو هويتي. هذا الماضي هو ما ساعدني على معرفة من أنا، بخاصة في هذه المرحلة من حياتي، وفي مسيرة شعبي".
وتجري أحداث الفيلم على ضفاف دجلة في بغداد. حيث يُكافح صبي في الثامنة يُدعى تشوم – تشوم، من أجل البقاء في وطن أنهكته الحروب المتتالية. ويعيش هذا الصبي في عالم من الخيال والأساطير القديمة، مدفوعاً برغبة عميقة في استعادة والديه اللذين فقدهما. وإلى جانبه يقف مودي، شاب يتخذه أخاً ومرشداً، يشق طريقه باحثاً عن مخرج من واقع مرير.
وتحضر ملامح العراق المعاصر، بقوة في تفاصيل الفيلم، من خلال قصة صداقة ومقاومة في وجه الخراب. حيث تمتزج الأحلام بالآلام.
ورغم أن الدراجي يحمل الجنسية الهولندية، إلا انه عاد إلى العراق في السنوات الأخيرة ليعيش ويعمل. وبالنسبة إليه ان البقاء في بغداد موقف نابع من إيمان عميق بمستقبل بلاده. فهو يرى في وجود أبنائه على هذه الأرض دافعاً كافياً للاستمرار.
وتحدث الدراجي عن تجربته في عرض أفلامه في العراق. حيث حرمت المدن من دور السينما بعد أن دمرت خلال السنوات العصيبة، مبينا أنه منذ عام 2008، بدأ بتنظيم عروض في الهواء الطلق، في الصحراء والقرى، على ضفاف الأنهار، داخل السجون والمستشفيات، وحتى أثناء تظاهرات تشرين عام 2019 في ساحة التحرير.
وأكد أن الناس كانوا يجلسون على الأرض، يتابعون الأفلام بإصرار وفضول. لكن حين رأى صورة ساحة "بيازا غراندي"، أيقن أنها المكان الذي يجب أن يعرض فيه فيلمه الجديد. إذ رأى في هذه اللحظة تتويجاً لمسار طويل من التحدي والإصرار.. تشوم - تشوم، بطل فيلمه، يظهر أخيراً على شاشة عملاقة أمام الآلاف!
ومن المقرر أن يُعرض "كلكامش – حلم إركالا" في مهرجان تورنتو السينمائي الدولي في كندا بدورته الـ 50، والذي من المقرر أن يُقام في الفترة من 4 إلى 14 أيلول المقبل.
******************************************
معاً لبناء بيت الحزب.. بيت الشعب
دعماً للحملة الوطنية لبناء مقر الحزب الشيوعي العراقي، تبرع الرفاق والأصدقاء:
يستمر الرفيقان شيرين متيني وفلاح المعروف في دعم حملة بناء مقر الحزب، حيث ساهما مؤخرًا بمبلغ مليون دينار. كما تعهد الرفيق فلاح المعروف، مشكورًا، بالتبرع شهريًا بمبلغ 100 ألف دينار للحملة أيضًا.
الشكر والتقدير للرفاق والأصدقاء على دعمهم واسنادهم حملة الحزب لبناء مقره المركزي في بغداد.
معاً حتى يكتمل بناء بيت الشيوعيين.. بيت العراقيين.
**********************************************
أما بعد.. سياحة أم ورطة؟!
منى سعيد
في هذا الجو اللاهب، تمنّي العوائل أنفسها بالتوجه نحو المناطق الشمالية في كردستان العراق، حيث تنعم بجو معتدل وبكهرباء من دون انقطاع.
اغلب هذه العوائل من ذوي الدخل المحدود ممن قد تدخر أموالا طوال العام لهذه الأيام الصعبة، وتعتزم السفر رفقة "الكروبات" السياحية التي توفر عادة فرصة التنقل وزيارة الأماكن السياحية بأسعار مناسبة، والتي تملأ إعلاناتها صفحات التواصل الاجتماعي واعدة زبائنها بتوفير أماكن للراحة وللاستجمام والتمتع بالطبيعة الخلابة.
وأول ما يجتذب العوائل خصوصا كثيرة الأفراد، العروض الرخيصة، فتسارع للتسجيل فيها.. كما أن الرغبة الملحة في السفر وفي تغيير الجو تدفع الموظفين عادة إلى تقديم إجازاتهم الصيفية في هذا الوقت وبالتالي إن عدلوا عنها أو أجلوها ربما لا يحصلون على فرصة إجازة أخرى.. وهذا ما حدث فعليا لقريبتي. فبعد أن أقنعتها بضرورة السفر مع التسهيلات المادية المناسبة لها ولعائلتها، فوجئت عند الاتصال بشركة كانت قد أعلنت عن مبلغ 50 ألف دينار للشخص الواحد، بزيادة المبلغ إلى 60 ألف دينار، ترددت حينها بالقبول ثم وافقت على مضض خوفا من ضياع الإجازة.. وحين بلغت مقر الشركة فوجئت بزيادة المبلغ بنحو 15 ألف دينار إضافي بحجة مبلغ دخول المصايف، فقبلت على مضض أيضا.
كان موعد انطلاق الرحلة قد حدد في الساعة الواحدة ليلا. انتظرت مع أطفالها لساعات وساعات في المكتب مع أطفال العوائل الأخرى، ولم تتحرك سيارتهم إلا بحدود الرابعة فجرا.. تنفست الصعداء على أمل أن تحظى برحلة سياحية ممتعة، لكن ما ان تحركت السيارة حتى توقفت عند مشارف بغداد، بسبب خلل فيها أدى إلى زيادة حرارتها "حماوتها" ولا أدري كيف تجازف الشركة بمسؤولية نحو ستين راكبا وتعلم جيدا بخلل السيارة. تداعى الشباب من الركاب وساعدوا السائق بجلب قوارير المياه وتبريد "راديتر" السيارة، فسارت بسلام أولا ثم توقفت ثانية في محطة أخرى وتكررت العملية مستغرقة ساعات من الانتظار والقلق، وما أن تجاوزت السيارة مفرق كركوك باتجاه السليمانية حتى ارتعب الركاب بشاحنة عملاقة تسد عليهم الطريق ويشير سائقها إلى الترجل منها على عجل.. بعد ما انتشر دخان خانق فيها. تراكض الجميع نحو الخارج، ووقفوا مذهولين أمام مشهد نيران احتراق "الراديتر" والماكينة..
وقفوا تحت لهيب أشعة الشمس في انتظار سيارات أخرى تنقلهم للمدينة، وفي رحلة يفترض بلوغها بنحو ست ساعات، استغرقت نحو اثنتي عشرة ساعة!
كانت تلك الحادثة مفتتح مشاكل أخرى لا حصر لها من سوء اختيار الفندق، وتأخر مواعيد الذهاب للمرافق السياحية وغيرها..
يؤكد مسؤول سياحي في مقابلة صحفية ضرورة اختيار شركة سياحة وسفر مناسبة، ونسأل، ترى كيف للمواطن البسيط معرفة هذه الـ "المناسبة" ما دامت هيئة السياحة نفسها اكتشفت أخيرا العشرات من الشركات الوهمية التي سببت الكثير من الكوارث كالذي حدث مع سفرة قريبتي؟ ّ
مَن إذن لمواطننا "المكرود"؟ أين الحكومة؟ وأين الدوائر والمؤسسات التي يفترض بها ان تحميه، وتصون مصالحه وحقوقه من عبث العابثين حتى في مجال السياحة...؟
*****************************************
قف.. برلمان بخوذة حرب
عبد المنعم الأعسم
بين وقت وآخر يعلن نواب (كلٌ من موقعه الفئوي) الحرب المقدسة على دول قريبة واخرى بعيدة، أو الاستعداد لحرب ضروس، وبلغات وبيانات تعطّ منها اعمدة الدخان ورائحة البارود وكأننا انتخبناهم، لا للرقابة وتشريع القوانين ومراقبة إداء الحكومة (وهي واجباتهم الدستورية) بل لارسال البلاد، المنهكة من الحروب والانشقاقات واعمال الارهاب، الى ميادين حروب جديدة، والحال، يمكن ان نبتلع هذه المهزلة في حالة واحدة هي ان نعتبر هذا البرلمان، برلمان حرب، وليس في هذا الامر غرابة او سابقة في التاريخ العراقي، فقبل خمسة الاف سنة، كما يذكر عالم السومريات صموئيل كرومر، التأم أول برلمان في التاريخ على أرض العراق القديم وقد كان هدفه اعلان الحرب طبقا لمشيئة الملك حمورابي، فيما اندلعت بعد قرون حروب بالنيابة (اكرر: بالنيابة) من ضرع تلك المشيئة، او تأويل لها، او كردّ عليها، بمسبوق، الحرب ضد الحرب. احد نواب الحملة دعا الحكومة الى وضع المعدات الاستراتيجية (ربما يقصد صواريخ أرض-جو) بيد العشائر والعاطلين عن العمل والمتقاعدين من العسكريين لخوض الحرب "التي يتشوقون لها" اما نهاية المهزلة فهي ان المتحدث استرسل في الحديث حول ذكريات والده عن الحرب العالمية الثالثة.. ونسي انها لم تندلع بعد.
*قالوا:
" ولا تصدّق بما البرهان يبطله/ فتستفيد من التصديق تكذيبا".
المعري
**************************************
يوميات
- تقيم رابطة الأنصار الشيوعيين العراقيين غدا الخميس، حفلا في مناسبة الذكرى الـ 21 لتأسيسها.
يبدأ الحفل عند الساعة 6 مساء في مقر الرابطة في أربيل – برايتي – شارع هولي زرد.
- يُضيّف منتدى "بيتنا الثقافي" في بغداد بعد غد السبت، د. عماد الجواهري، ليلقي محاضرة بعنوان "الديمقراطية في الفكر والممارسة – عبد الفتاح إبراهيم وجمعية الرابطة الثقافية".
تبدأ المحاضرة في الساعة 11 ضحى على قاعة المنتدى في ساحة الأندلس.
- يعقد نادي الشعر في الاتحاد العام للأدباء والكتاب، بعد غد السبت، جلسة استذكار للشاعر الكبير الراحل موفق محمد، تتضمن قراءات لبعض قصائده يُقدمها الشاعران د. أحمد ضياء وصلاح السيلاوي، فضلا عن أوراق نقدية وشهادات أدبية حول تجربته يساهم فيها الناقدان فاضل ثامر وعبد علي حسن.
تبدأ الجلسة في الساعة 11 ضحى على قاعة الجواهري في مقر الاتحاد بساحة الأندلس.
**********************************************
شبيبة ألقوش تحتفي باليوم العالمي للشباب
ألقوش – طريق الشعب
في مناسبة اليوم العالمي للشباب 12 آب، أقام فرع اتحاد الشبيبة الديمقراطي العراقي في ناحية ألقوش بمحافظة نينوى، فعالية ثقافية فكرية لطلبة معهد "For You"، وذلك في "مركز شراغا" وسط الناحية.
افتُتحت الفعالية بورشة عمل عنوانها "الإبداع وتأثيره على الصحة النفسية"، قدّمتها د. كرستينا قيس حيدو، وتناولت فيها أثر الإبداع في تعزيز التوازن النفسي، ودوره في تنمية القدرات الشخصية للشباب.
بعدها جرى حوار مفتوح حول عدد من القضايا الفكرية. قدّمه سكرتير فرع الاتحاد أدمون حكمت. وخلال الحوار جرت مناقشة مجموعة من المعضلات الفكرية، لتشجيع المشاركين على تنمية التفكير النقدي واستخدام مهارات العصف الذهني، وتبادل الأفكار بحرية، وتحليل المشكلات واتخاذ القرارات بوعي.
وشارك في الفعالية زملاء الاتحاد ميلاد فريد وسيفان هاني ورواد رسام، إلى جانب مشاركة الطلبة الذين أثروا النقاش بمداخلاتهم وأفكارهم.
وفي الختام، أكد اتحاد الشبيبة أن إحياء اليوم العالمي للشباب يمثل فرصة لتجديد الثقة بقدرات الشباب العراقيين، وتعزيز دورهم في التغيير والتنمية المجتمعية، وفي بناء مستقبل أكثر إشراقاً. وأعرب القائمون على الفعالية، عن شكرهم إلى خوري كنيسة ألقوش الأب رودي الصفار ود. كرستينا قيس حيدو و"مركز شراغا" ومعهد "For You – برنامج Access "، على دعمهم ومساهماتهم الفاعلة في إنجاح الفعالية وإتاحة مساحة للشباب للإبداع والتعلّم.