الصفحة الأولى
أموال المواطنين تفضّل البقاء في المنازل.. إصلاح القطاع المصرفي يبدأ بمكافحة الفساد المستشري
بغداد – تبارك عبد المجيد
رغم محاولات الإصلاح المتواصلة، لا تزال العلاقة بين المواطن والنظام المصرفي تعاني من أزمة ثقة متجذرة، تُعبر عنها معدلات الاكتناز المرتفعة التي تُبقي أكثر من 80 في المائة من الكتلة النقدية خارج الدورة المصرفية، بحسب تقديرات رسمية.
تنوع السوق المصرفية
يقول المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء، د. مظهر محمد صالح، أن أزمة الثقة بين المواطن والقطاع المصرفي ليست وليدة اللحظة، بل هي متجذرة في التاريخ المالي للبلاد، مشيراً إلى أن "نحو 80 إلى 90 في المائة من الكتلة النقدية لا تزال متداولة خارج النظام المصرفي الرسمي".
ويضيف صالح في حديث خص به "طريق الشعب"، أن "أحد أبرز الأسباب وراء هذا الوضع هو الانقسام الواضح في السوق المصرفية، حيث تنقسم إلى ثلاثة أطراف رئيسية: المصارف الحكومية، والمصارف الأهلية، والمصارف الأهلية ذات الشراكات الأجنبية"، مشيرا إلى أن "بعض هذه المصارف تعرضت سابقًا لعقوبات أو مقاطعات، ما أدى إلى زيادة حالة الانقسام داخل القطاع".
ويبين أن "هذا التعدد والانقسام أضعف من فاعلية النظام المصرفي"، مؤكدا أن "الإصلاح المصرفي اليوم يجب أن يركز على توحيد الجهود وخلق سوق مصرفية موحدة، تقوم على أسس تنافسية عادلة ورؤى مشتركة بين جميع أطراف السوق".
ويشدد المستشار على أهمية توظيف التكنولوجيا المالية بالشكل الصحيح من خلال ما يُعرف بـ "الفنتك، لتوسيع الشمول المالي وتمكين الفئات الهشة والفقيرة من الوصول إلى الخدمات المالية"، مشيرا الى أن "هذه الفئات تضطر حاليا إلى اللجوء إلى الأسواق الموازية للاقتراض بأسعار فائدة باهظة، قد تصل إلى أكثر من 30 في المائة، بل وقد تتجاوز 70 في المائة سنويا في بعض الحالات"، وهو أمر وصفه صالح بـ"غير المعقول والمكلف للغاية".
ويشير إلى أن "المصارف الرسمية، سواء الحكومية أو الأهلية، تقدم خدمات مالية بفوائد معروفة ومعقولة، ما يجعل الكلفة على المقترض أقل بكثير". لكنه أقر في الوقت نفسه بأن هذه المصارف مطالبة أيضًا بتطوير أدائها وزيادة ثقة المواطن بها، من خلال تحسين الخدمات وتبني سياسات أكثر شفافية وكفاءة.
ويخلص صالح الى القول إن "الإصلاح المصرفي المطلوب يرتكز على ثلاثة محاور رئيسية: إنهاء الانقسام داخل القطاع المصرفي الأهلي، ردم الفجوة بين المصارف الأهلية والحكومية، وأخيرًا، توحيد السوق المصرفية ضمن إطار تنافسي مشترك.
نظام "عقيم"!
من جهته، يذكر المحلل الاقتصادي حسنين حسن، أن "النظام المصرفي في العراق، بخاصة الحكومي، يعاني من حالة من العقم وعدم الفاعلية"، مشيراً إلى أن "فوضى المراجعات وعدم التنظيم في المصارف أسهمت في ترسيخ صورة نمطية سلبية حول مدى أمان هذا القطاع".
ويعزو حسن في حديث لـ "طريق لشعب"، فقدان ثقة المواطنين بالمصارف الى "عملية تغيير سعر الصرف والحملات المتتالية، التي شملت آلية صرف الدولار وصعوبة استرداد الودائع"، معتقدا أن "هذه المشاكل تفاقمت مع المخاوف من احتمال فرض عقوبات أمريكية على النظام المصرفي في العراق بين فترة وأخرى".
ويجد ان "هذه العوامل مجتمعة خلقت جوا من عدم الاطمئنان لدى المواطنين، ما دفعهم إلى اعتبار بيوتهم المكان الأكثر أمانًا لحفظ أموالهم، بدلاً من إيداعها في المصارف".
إعادة هيكلة القطاع المصرفي
فيما يتحدث الخبير الاقتصادي عبد الرحمن الشيخلي عن "انطلاق خطة إصلاح شاملة يقودها البنك المركزي العراقي، تهدف إلى إعادة هيكلة القطاع المصرفي وفق المعايير الدولية، وذلك بالتعاون مع شركة "Oliver Wyman" العالمية".
ويقول الشيخلي لـ "طريق الشعب"، إنّ الخطة تمتد حتى العام 2028، وتُنفذ على مراحل نصف سنوية، وتشمل المصارف الخاصة التجارية والإسلامية، التي ستكون أمام ثلاثة خيارات الاستمرار مع الالتزام الكامل بالمعايير المطلوبة، أو الاندماج مع مصرف آخر، أو التصفية الطوعية والانسحاب من السوق.
ويضيف أن البنك المركزي يفرض رسوماً غير قابلة للاسترداد على المصارف التي تختار الاستمرار أو الاندماج: 2.4 مليون دولار سنوياً لحالة الاستمرار، و1.2 مليون دولار في حال الاندماج، بينما تُعفى المصارف التي تقرر التصفية الطوعية من أية رسوم.
مؤسسات غير مستقرة
ويفسّر الناشط السياسي علي القيسي، مشكلة فقدان الثقة بين المواطن العراقي والمصارف بأنها "ليس مجرد خلل إداري أو تقني، بل هو نتاج مباشر لتدهور المنظومة السياسية المتنفذة التي انعكست على جميع مفاصل الدولة، بما في ذلك النظام المصرفي".
ويقول القيسي لـ "طريق الشعب"، أن "الفساد المستشري، وغياب الشفافية، والصراعات السياسية التي عطلت بناء مؤسسات مستقرة، كلها عوامل ساهمت في ترسيخ قناعة لدى المواطن بأن المصارف، شأنها شأن باقي المؤسسات، غير موثوقة، وغير قادرة على ضمان حقوقه المالية".
ويبين بالقول "حين يرى المواطن أن بعض المصارف تُغلق فجأة بسبب عقوبات خارجية أو شبهات فساد، وأن الوصول إلى أمواله قد يتطلب أسابيع من الإجراءات، فمن الطبيعي أن يفضل الاحتفاظ بنقده في بيته على أن يغامر به داخل مصرف غير مستقر".
وطبقا للقيسي فإن "غياب الإصلاح السياسي الحقيقي وانعدام المحاسبة، جعل من النظام المصرفي مرآة للفوضى السياسية، وهذا ما أضعف دورة المال في السوق، وقيد حركة الاقتصاد الوطني".
ويختتم القيسي حديثه قائلاً: "إذا أرادت الدولة إعادة الثقة بالنظام المصرفي، فعليها أولاً إصلاح النظام السياسي ومحاربة الفساد بجدية، ثم التوجه نحو تحديث البنية المصرفية، وتحقيق الشمول المالي كجزء من استراتيجية شاملة لإعادة بناء العلاقة بين المواطن والدولة".
*********************************************
راصد الطريق.. قلة أدب!
"انت خريج وعاطل عن العمل، تعال ندربك بشركة قطاع خاص وبعد الانتخابات نشوفلك شغل"
هذا هو مضمون بعض الإعلانات التي تروج لها مكاتب تابعة لأحزاب سياسية وشخصيات متنفذة، في محاولة مكشوفة وسَمِجة لاستغلال حاجة الشباب وكسب أصوات انتخابية بطرق غير مشروعة.
أما فريق آخر من المتنفذين، فلم يجد وسيلة إلا منافسة صُنّاع المحتوى على مواقع التواصل الاجتماعي، فراح يطلق التهديدات ويتجاوز على كل من يحاول التعبير عن رأي مخالف لآرائه الرجعية والمتخلفة.
وفي مشهد آخر لا يقل ابتذالاً، تشهد بعض الكليات الأهلية ما يشبه "موسم التخفيضات" على الأجور الدراسية، لكن بشرط انتخاب أحد رموز المحاصصة والفساد، في صورة صريحة لشراء الذمم وابتزاز الطلبة.
ندرك أن عملية ضبط الدعاية الانتخابية ومراقبتها تمثل واحدة من أعقد المهام التي تضمن نزاهة الانتخابات وشفافيتها، لكن مسؤولية المفوضية العليا للانتخابات ومختلف الجهات ذات العلاقة تبقى أساسية في مواجهة هذه الخروقات، عبر رصدها ومعاقبة مرتكبيها، بدلاً من ترك الحبل على الغارب ليعبث هؤلاء بمصير الناس، ويمارسوا نفوذهم وكأن لا أحد قادر على وضع حد لهم.
*******************************************
الصفحة الثانية
الصحة تغلق مستشفى الشيخ زايد في بغداد
بغداد ـ طريق الشعب
أعلنت وزارة الصحة، أمس السبت، إغلاق مستشفى الشيخ زايد في العاصمة بغداد بشكل تدريجي وصولاً إلى إيقافه الكامل نهاية الشهر الجاري، تمهيداً لبدء مشروع إعادة بناء وتطوير شامل للمستشفى.
وذكرت الوزارة في بيان ورد لـ"طريق الشعب"، أن "القرار جاء بناءً على توجيهات وزير الصحة صالح مهدي الحسناوي، وبحسب القرارات الصادرة عن الوزارة"، مبينة أن "غلق ردهات المستشفى بدأ بتاريخ 1 آب 2025، باستثناء ردهات الطوارئ الباطنية والجراحية التي واصلت استقبال الحالات المرضية لحين استكمال الترتيبات اللازمة".
وأضاف البيان، أن "دائرة صحة بغداد/ الرصافة باشرت نقل الأثاث والتجهيزات الطبية إلى المؤسسات الصحية الأخرى التابعة للدائرة لضمان الاستفادة منها واستمرار تقديم الخدمات"، موضحاً أن "موعد إغلاق قسم الطوارئ سيكون في 31 آب الجاري، وبذلك يُغلق المستشفى بالكامل".
وأشارت الصحة إلى أن "خدمات الطوارئ ستُوزع على مستشفى الكندي التعليمي (للطوارئ الباطنية) ومستشفى الواسطي (للطوارئ الجراحية والكسور)"، لافتة إلى أن "المبنى سيسلَّم في الأول من أيلول المقبل إلى الجهة المنفذة للشروع بإجراءات إعادة البناء والهدم".
وأكدت أن "المشروع يندرج ضمن خططها الاستراتيجية لتطوير البنى التحتية للمؤسسات الصحية، وبما يسهم في تعزيز جودة الخدمات الطبية المقدمة للمواطنين".
*************************************
ومضة.. أزمة مياه وجودية (٢)
صبحي الجميلي
في مقالنا السابق المعنون "أزمة مياه وجودية" قلنا انها غدت تشمل تهديدا جديا ليس للزراعة والصناعة والبيئة والاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، بل للحياة عموما. وهي قد وصلت الى سوء حالها جرّاء عدم الاكتراث والتقليل من شأنها، واستمرار حسن النية في الحصول على "مكرمات" من تركيا وايران، من دون ادراك الجهات المتنفذة والحاكمة في بلادنا، ان هذه الدول وغيرها، تنطلق أولا وقبل كل شيء من مصالحها الخاصة، وامنها الوطني والغذائي، وأنها لا تراعي في ذلك اية اعتبارات أخرى، او قد تأخذ منها ما يفيدها هي وتوظفه لصالحها.
فرغم كل التحذيرات الوطنية والدولية، ومن منظمات عالمية رصينة، ظل البعض يتحدث عن النهرين الخالدين، دجلة والفرات، فيما هما يمران بأسوأ أزمة مياه خلال الـ ١٠٠ سنة، كماً ونوعاً.
ووقفنا في مقالنا السابق عند الأسباب التي أوجدت حالة الندرة المائية، وليس شح المياه، وكونها تمثل تفاعل مجموعة متشابكة من العوامل، فهي ترتبط بالمتغيرات المناخية والعراق خامس دولة في العالم تأثرا بها، وهي تمتد لتشمل ارتفاع درجات الحرارة وانخفاض ملحوظ لمعدلات سقوط الامطار، وحالة الجفاف، وكذلك السياسات الانانية والإجراءات وحيدة الجانب لدول المنبع، تركيا وايران، وأيضا سوء إدارة ما متوفر من مياه وتخلف وسائل الري والسقي وتقادم البنى التحتية. ويضاف الى كل ذلك الزيادات الكبيرة في النمو السكاني دون ان يصاحبها تصرف عقلاني بالموارد المائية لملاقاة الحاجات المتزايدة على مختلف الصعد.
وفي الاثناء ـ وان اشرنا في المقالة السابقة الى عدد من الخطوات الواجب الاقدام عليها لتقليل من آثار هذه الكارثة المحدقة ـ فقد كتب عدد من الاخوات والاخوة مطالبين بالحلول ويتساءلون ما العمل؟ وهم محقون في ذلك تماما.
وبادئ ذي بدء نقول بما ان أسباب الازمة متعددة، فالمعالجة يتوجب ان تكون شاملة ومركبة، وفيها ما هو آني، وفيها ما يمكن معالجته على المديين المتوسط والبعيد. وقبل كل شيء يتوجب إقرار الجهات الرسمية والحاكمة والمسؤولية بوجودها وكونها ماضية الى مزيد من التعقيد، وانها لا تحل بانتظار "المكرمة"، بل بخطوات عملية ونهج شامل وان تخصص له الأموال الكافية. وهنا من المفيد الاخذ بانشاء صندوق المياه السيادي، وباتت الحاجة له مهمة ومطلوبة في ضوء التخصيصات المالية الشحيحة التي تخصص لوزارتي الموارد المائية والزراعة.
وتبرز الحاجة أكثر من اي وقت مضى الى ضرورة تكوين المجلس الأعلى للمياه، بما يساعد على رسم السياسات والتوجهات في البلد بجميع محافظاته والإقليم، وحسن التنفيذ والرقابة على الأداء، وتطبيق نهج موحد في أرجاء البلاد من دون استثناءات لأي اعتبار. والمهم هنا إبعاد هذا المجلس عن المحاصصة والبيروقراطية والروتين والفساد والمناطقية والعشائرية، واعتماد المهنية والكفاءة في تركيبته.
وأظهرت الأزمة الحاجة الى تحديث ما هو قائم من تشريعات، وإيجاد الجديد منها المواكب للمتغيرات، ومن ذلك وضع معايير صارمة للاستخدام، مثلا، معالجة ما يحصل الان من فوضى استخدام المياه الجوفية، وهي محدودة الكميات في كل الأحوال.
وفي سياق المعالجة لم يعد مقبولا استمرار ذات الأنماط الزراعية، وتبرز اهمية التحفيز على التحول المدروس والمنهجي من المحاصيل المستهلكة للمياه الى أخرى اكثر ملاءمة لظروف العراق الراهنة، وان لا يترك ذلك للعشوائية والانتقائية، بل ضمن خطة واقعية تستهدف التنوع وزراعة المحاصيل ذات المردود الاقتصادي العالي. وهذا يستلزم تحسين كفاءة الري والاستخدام الواسع للتقنيات الحديثة وإعادة الحياة لمشاريع استصلاح الأراضي ومعالجة ظاهرتي التصحر والتملح.
إن أزمة المياه تستدعي التفكير بمصادر جديدة للمياه ومنها معالجة وإعادة استخدام مياه الصرف الصحي والمبازل، وتحلية مياه البحر، وبناء مشاريع حصاد المياه والإكثار منها، واعتماد ما يسمى بنهج الإدارة المتكاملة للموارد المائية.
وعلى المدى القريب فإن الحكومة مطالبة ان تتحرك سريعا لادارة الموارد المائية المتاحة الان، فعلا، بكفاءة قصوى وتعزيز الرقابة على توزيع المياه واستخدامها ومنع التجاوزات واطلاق حملات توعية وطنية لوقف الهدر وشمول عموم المواطنين بذلك، إضافة الى الفلاحين والمزارعين.
وفي مقال لاحق نكمل الموضوع، خصوصا ما يتعلق بالحصول على حصة عادلة للعراق في مياه نهري دجلة والفرات.
*****************************************
وقفات احتجاجية في بغداد والبصرة والسليمانية مطالبات بالكشف عن ملابسات وفاة {بان} وبحلول لمشاكل الخريجين الأوائل
بغداد ـ طريق الشعب
شهدت عدة مدن عراقية خلال الأيام الماضية سلسلة وقفات احتجاجية حملت مطالب مختلفة، تراوحت بين الدعوة لكشف حقيقة وفاة الطبيبة بان زياد، الى جانب المطالبة بتعيين أوائل الخريجين في إقليم كردستان.
احتجاجات في بغداد والبصرة
وفي العاصمة بغداد، نظم العشرات من المواطنين ومنظمات المجتمع المدني، امس السبت، وقفة احتجاجية في ساحة التحرير للمطالبة بكشف ملابسات وفاة الطبيبة بان زياد، داعين الجهات المختصة إلى التحقيق ومحاسبة المتورطين في القضية.
وفي مدينة البصرة، أقيمت مساء الأربعاء وقفة مماثلة قرب تمثال السياب على كورنيش شط العرب، شارك فيها أطباء وناشطون ومواطنون من مختلف الشرائح. وأكد المشاركون أن هدفهم هو دعوة السلطات لتوضيح الحقائق للرأي العام، بما يضمن الشفافية ويضع حداً للتكهنات.
وقال عدد من الأطباء المشاركين إنهم يشعرون بالقلق تجاه ما حدث للطبيبة، وطالبوا بتحقيق مهني ومكثف يضمن حماية حقوق الضحية ويبعث برسالة طمأنينة للمجتمع الطبي. فيما شددت ناشطة من صناع المحتوى على مواقع التواصل الاجتماعي أن الجميع معرضون لمصير مشابه، مؤكدة وقوفهم صفاً واحداً في أي قضية مشابهة لحماية حقوق الأفراد.
من جهته، اعتبر مدير مكتب مفوضية حقوق الإنسان في البصرة، مهدي التميمي، أن الخطوة التي اتخذتها وزارة الداخلية بفتح التحقيق "موفقة وفي الاتجاه الصحيح"، داعياً إلى استقدام خبراء في الطب العدلي لضمان كشف الحقائق ورفع الغموض عن القضية.
وأعلنت محكمة تحقيق البصرة الثالثة، الجمعة، مباشرتها الإجراءات القانونية بشأن وفاة الطبيبة بان زياد طارق، مؤكدة استمرار التحقيقات تحت إشراف مباشر من قاضي التحقيق المختص.
وفي اليوم ذاته، جه رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، بمتابعة التحقيق في القضية التي أثارت صدمة وحزنًا واسعًا في الأوساط الطبية والمجتمعية.
وفارقت الدكتورة بان، والتي كانت تقدم محتوىً طبيًّا في مواقع التواصل الاجتماعي، الحياة في منزل أسرتها في البصرة يوم الاثنين قبل الماضي (4 آب)، لكن التحقيقات لم تؤكد حتى الآن صحة رواية العائلة عن انتحار ابنتهم.
وقفة في السليمانية
وفي محافظة السليمانية، نظم عدد من أوائل خريجي الكليات والمعاهد، وقفة احتجاجية للمطالبة بتعيينهم أسوة بنظرائهم في باقي المحافظات العراقية.
وقال ممثل المحتجين، زانا محمد، خلال مؤتمر صحفي، إن الخريجين نظموا أكثر من 47 تظاهرة خلال السنوات السبع الماضية، ورغم صدور أوامر من وزارة التعليم العالي بتعيينهم كمُعيدين، ووصول الموضوع إلى توقيع رئيس وزراء حكومة إقليم كردستان، إلا أن التنفيذ لم يتم حتى الآن.
وأوضح أن الحاجة إلى اختصاصاتهم باتت ملحة بعد إحالة أعداد كبيرة من الموظفين إلى التقاعد في وزارات الإقليم، خصوصاً في التعليم العالي، مشيراً إلى أن التخصيصات المطلوبة لرواتبهم لا تتجاوز عشرة مليارات دينار، وهي مبالغ يمكن للحكومة تأمينها من الإيرادات الداخلية.
وطالب المحتجون بعقد لقاء مباشر مع رئيس حكومة الإقليم لإيجاد حل نهائي لمشكلتهم، بعد محاولات عديدة "طرقت جميع الأبواب دون الوصول إلى نتيجة"، على حد قولهم.
**********************************
تهنئة
الاخ مسعود البارزاني رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني المحترم
قيادة وكوادر وأعضاء الحزب الديمقراطي الكردستاني المحترمين
تحية طيبة …
تهنئة بمناسبة الذكرى التاسعة والسبعين لتأسيس الحزب الديمقراطي الكردستاني
بمناسبة الذكرى التاسعة والسبعين لتأسيس حزبكم المناضل، نتقدم إليكم بأحر التهاني وأطيب التمنيات بمزيد من التوفيق في خدمة قضية شعبنا الكردي والعراقي عموماً.
لقد جسدت مسيرة حزبكم النضالية العريقة عمق العلاقة التاريخية التي جمعت بين حزبينا، الحزب الشيوعي العراقي والحزب الديمقراطي الكردستاني، في مراحل كفاح مشتركة من أجل الديمقراطية وحقوق الشعوب، وهو ما نعتز به ونحرص على تطويره.
وإننا، إذ ننتهز هذه المناسبة، نؤكد على ضرورة الارتقاء إلى مستوى المسؤوليات والتحديات التي تواجه أبناء شعبنا الكردي وإقليم كردستان، من جهة وادامة التواصل والحوارات مع الحكومة الاتحادية على أساس مبادئ الفيدرالية المنصوص عليها في الدستور من جهة اخرى، وبما يرسخ وحدة البلاد ويعزز مسيرة الديمقراطية.
كما يتطلع حزبنا إلى تجاوز كل أشكال الخلافات والإسراع في تشكيل حكومة الإقليم بما يخدم مصالح أبناء شعبنا في كردستان، ويعزز الاستقرار والتنمية والعدالة الاجتماعية.
مع خالص التقدير والاحترام.
المكتب السياسي
للحزب الشيوعي العراقي
اب2025
******************************************
الشيوعي الكردستاني يرفض اعتقال زعيم حركة الجيل الجديد: نحذر من استغلال القضاء في الصراع السياسي
بغداد ـ طريق الشعب
أصدر المكتب السياسي للحزب الشيوعي الكردستاني، بيانًا أعرب فيه عن رفضه لعملية اعتقال زعيم حركة الجيل الجديد، شاسوار عبد الواحد قادر، والتي نفذتها قوات الشرطة ليلة 12-13 آب الجاري في السليمانية، بناءً على قرار قضائي. وقال الحزب في بيانه: إن الطريقة التي جرى بها الاعتقال والاحتجاز "غير مقبولة"، خصوصًا أن عبد الواحد يقود حركة سياسية مشاركة في العملية السياسية في كردستان والعراق، ولها تمثيل برلماني على المستويين الاتحادي والإقليمي.
وأضاف أن القضية التي استند إليها قرار الاعتقال تعود إلى عام 2019، وأن توقيت تنفيذها الآن، قبيل الانتخابات البرلمانية العراقية، "يثير شبهة استغلال القضاء والأجهزة التنفيذية في الصراع السياسي".
ودعا الشيوعي الكردستاني المؤسسات القضائية والأمنية في الإقليم إلى الالتزام بمبدأ المساواة في التعامل مع القوى السياسية والمواطنين، بعيدًا عن التمييز أو الانتقائية، مؤكدًا أن استقلال القضاء ونزاهة مؤسسات الدولة يشكلان أساس أي عملية سياسية ديمقراطية.
وخلص البيان الى التأكيد على أن الحزب يطالب بالإفراج الفوري عن شاسوار عبد الواحد، مشددًا على ضرورة صون الحياة السياسية في الإقليم من أي ممارسات تعسفية قد تهدد المسار الديمقراطي.
******************************************
تعزية
ببالغ الحزن والألم تعزي لجنة الرقابة المركزية الرفيق حسين علوان محمد العامري، عضو اللجنة، بوفاة شقيقه ثامر علوان، للفقيد الذكر الطيب ولرفيقنا العزيز أبو علي والعائلة الكريمة جميل الصبر والسلوان.
لجنة الرقابة المركزية
16/8/2025
************************************************
الصفحة الثالثة
مكبّات عشوائية تُهدّد الصحة العامة نفايات في كل زاوية.. كركوك تختنق مع غياب الحلول الحكومية
بغداد – تبارك عبد المجيد
تواجه مدينة كركوك أزمة بيئية خانقة بسبب الانتشار الواسع لمكبات النفايات العشوائية في معظم أحيائها، في ظل غياب الحلول الجذرية من الجهات الخدمية المعنية، ما اضطر السكان لتحمل عبء النظافة بأنفسهم، في مشهد يعكس تراجع واضح في مستوى الخدمات الأساسية.
غرامات غير مفعلة
تقول المواطنة مريم عزيز، إن "قائممقامية كركوك فرضت غرامة مالية قدرها 250 ألف دينار على كل من يُلقي النفايات من المركبات، إلا أن القرار لم يُفعل على الأرض، ما أفقده قيمته الرادعة". وتضيف: "الأزمة أعمق بكثير من فرض غرامات، نحن نتحدث عن مدينة تُخنق يوميًا تحت وطأة الإهمال المستمر وسوء الإدارة".
وتصف عزيز لـ "طريق الشعب"، الوضع البيئي في بعض مناطق المدينة بأنه "كارثي"، مشيرة إلى أن مكبات النفايات تحولت إلى مشهد مألوف ومصدر دائم للأذى الصحي والبيئي، مشيرة الى انه "عندما تصل شاحنات النفايات لتفرغ حمولتها في الساحات المفتوحة، تنتشر روائح كريهة يصعب تحملها، وتزداد سوءا مع ارتفاع درجات الحرارة، حتى إن المرور قرب هذه المواقع بات مستحيلًا".
ورغم ذلك، تشير إلى أن "الوضع الحالي، رغم سوئه، يعد أفضل بقليل مقارنة بالسنوات السابقة، لكن ذلك لا يلغي الحاجة الملحة لحلول حقيقية ومستدامة".
وتؤكد عزيز، أن كثيرا من سكان كركوك اضطروا إلى اللجوء لوسائلهم الخاصة لمواجهة هذه الأزمة، فتقول ان "الأهالي يدفعون من مالهم الخاص لعمال النظافة من أجل جمع القمامة من الشوارع، خصوصًا في الأحياء التي تُهملها البلدية بشكل تام، لكن هذه الحلول الفردية لا يمكن أن تحل محل جهد مؤسساتي منظم".
وتابعت القول: انه "في المناطق الفقيرة، أصبح السكان هم من يتحملون مسؤولية تنظيف بيئتهم، بعد أن تخلّت الجهات المختصة عن دورها، ما يكرّس حالة من اللامبالاة والإجهاد المجتمعي".
وتختتم مريم حديثها بالقول ان "النفايات والروائح والاختناقات ليست مجرد مشكلات خدمية عابرة، بل مظاهر يومية لفشل الإدارة المحلية في حماية الصحة العامة والبيئة. لقد أصبحت مكبات النفايات منتشرة في كل مكان، وأحيانًا قرب أنابيب المياه والأنهار، ما يخلق بيئة خصبة للفطريات والملوثات التي تسبب حالات تسمم غذائي وإسهال، وقد تجلب أمراض خطيرة مثل التيفوئيد والكوليرا".
البلدية توضح عملها
وكانت بلدية كركوك قد كشفت في وقت سابق أن المدينة كانت تنتج ما بين 1100 إلى 1200 طن من النفايات يوميا خلال السنوات الماضية، ما شكل تحدي كبير أمام فرق التنظيف والدوائر الخدمية. لكن في المرحلة الحالية، تؤكد البلدية أن اعتماد آلية جديدة لتوزيع المهام بين شركتين أهليتين ساهم في تحسين مستوى النظافة ورفع كفاءة العمل الميداني.
وأوضح المهندس تركيش عز الدين من بلدية كركوك، أن البلدية قامت بتقسيم المدينة إلى جانب كبير وآخر صغير لتسهيل إدارة أعمال التنظيف والخدمات.
وأضاف تركيش لـ "طريق الشعب"، أن "الجانب الكبير يشمل مناطق مثل مستشفى آزادي، شورجة، القادسية، وحي العسكري الكبير. فيما يشمل الجانب الصغير طريق بغداد، حي القدس، حزيران، وغيرها من المناطق السكنية".
وبين تركيش أن أعمال التنظيف في كلا الجانبين أُسندت إلى شركتين أهليتين مختلفتين، بموجب عقود قام بتنظيمها مجلس محافظة كركوك، مشيرا إلى أن الشركتين باشرتا عملهما منذ بداية العام الجاري.
وأكد أنه "بفضل هذا التعاون، إلى جانب دعم المحافظة وكوادر بلدية كركوك، تمكنا من حل 75 في المائة من أزمة تراكم النفايات في المدينة".
ولفت إلى أن السنوات الماضية كانت صعبة من الناحية التشغيلية بسبب غياب الميزانية والدعم المالي الكافي، ما اضطر فرق البلدية إلى العمل بالإمكانات المحدودة المتوفرة فقط.
لكن الوضع تغير مؤخرا، بحسب تركيش، إذ "تم توفير تخصيصات مالية جديدة، إلى جانب تعزيز الكوادر البشرية، ما انعكس بشكل مباشر على مستوى النظافة والخدمات في المدينة".
نفايات عابرة لحدود المدن
فيما قال د. محمد خضر الجبوري، الاستشاري والخبير في البيئة والمناخ من محافظة كركوك، إن "مشكلة النفايات في العراق أصبحت من أكثر القضايا البيئية والصحية إلحاحا، بعد أن تجاوزت آثارها حدود المدن إلى الريف، وفاقمت من التلوث البصري والهوائي والمائي، وسط عجز واضح في البنى التحتية عن التعامل مع الكميات المتزايدة من النفايات، وتوسع الأنشطة السكانية والصناعية والزراعية بشكل غير منظم".
وأضاف الجبوري لـ "طريق الشعب"، أن "الحلول الحكومية ما تزال محدودة ولا ترقى إلى مستوى الأزمة، في وقت يتراجع فيه الوعي المجتمعي وتغيب مشاركة القطاع الخاص في تقديم البدائل المستدامة".
وتابع أن "الجهاز المركزي للإحصاء يقدّر حجم النفايات الصلبة في العراق بأكثر من 11 مليون طن سنويا، فيما تنتج العاصمة بغداد وحدها نحو 9 آلاف طن يوميا، يُجمع 85 في المائة منها بطرق بدائية، وغالبًا ما تُطمر في مكبات مفتوحة تفتقر لأبسط معايير السلامة البيئية".
وأوضح الجبوري، أن "دمج النفايات المعدنية والإلكترونية مع النفايات العامة يزيد من خطورتها، في ظل غياب محطات فرز وتدوير حديثة في أكثر من 70 في المائة من المحافظات"، مشيرا إلى أن "ضعف البنية التحتية للخدمات البلدية، وغياب استراتيجية وطنية موحدة لإدارة النفايات، والتمدد العشوائي للعمران، وسلوكيات المواطنين غير الواعية، جميعها تسببت في تعقيد المشكلة".
وتابع، ان "الأضرار لم تعد مقتصرة على البيئة فحسب، بل أصبحت تمس صحة الإنسان والاقتصاد الوطني، حيث يؤدي تحلل المواد العضوية إلى انبعاث غازات الدفيئة الخطيرة، وتسرب العصارة السامة إلى المياه الجوفية، فضلًا عن انتشار الحشرات والقوارض التي تنقل أمراضًا مثل التيفوئيد والليشمانيا".
ودعا الجبوري إلى "إطلاق حملة وطنية للتوعية البيئية تشمل وسائل الإعلام والمدارس والجامعات، وتطبيق نظام فرز النفايات من المصدر، مع دعم المشاريع الصغيرة في مجال التدوير من خلال منح وقروض حكومية، وتفعيل الغرامات بحق المخالفين، إضافة إلى إشراك القطاع الخاص في بناء محطات فرز ومعالجة حديثة ضمن نظام الاستثمار، وإصدار قانون شامل لإدارة النفايات يوضح آليات التنفيذ والعقوبات".
واختتم حديثه بالقول إن "أزمة النفايات في العراق ليست بيئية فقط، بل هي إدارية وثقافية في آنٍ واحد، وكل يوم تأخير في المعالجة هو يوم إضافي نحو كارثة بيئية وصحية وشيكة، لا بد من تداركها قبل فوات الأوان".
****************************************
العراق في الصحافة الدولية
ترجمة وإعداد: طريق الشعب
الزراعة في العراق مخاطر تهدد الوجود
نشر موقع المجلس الأطلسي مقالاً للباحث سيركوت شمس الدين، ذكر فيه بأنه ومع ارتفاع درجات الحرارة إلى ما يزيد عن 50 درجة مئوية وتضرر 400 ألف فدان من التصحر سنويًا، يقف العراق عند مفترق طرق بيئي حرج، حيث يُهدد تغير المناخ وتدهور الأراضي وندرة المياه ليس فقط تراثه الزراعي، بل أمنه القومي أيضًا، إذا لم تبادر حكومته لتبني سياسات زراعية جديدة.
الزراعة التجديدية
وأشار الكاتب إلى أن الزراعة التجديدية قد اكتسبت اعترافًا عالميًا كاستراتيجية زراعية تحويلية، تتجاوز مجرد التخفيف من آثار تغير المناخ، بل تعكس السبل الفعالة لإيقاف التدهور البيئي مع تحقيق فوائد اقتصادية كبيرة. كما يمكن لها أن تزيد إنتاجية المزارع بأكثر من 70 في المائة مع تقليل تكاليف الطاقة بنسبة 45 في المائة، وهي مزايا تخفف من الأعباء المالية للحكومة العراقية، التي تدعم حاليًا نصف تكاليف مبيدات الآفات والمواد الكيميائية، وتخدم صغار الفلاحين ممن يعتمدون على البرامج الزراعية الحكومية للبقاء على قيد الحياة.
الهجرة والنزوح
وبيّن الكاتب بأن عوامل عديدة، كتناقص الأراضي الصالحة للزراعة والآثار السلبية الشديدة لتغير المناخ وتراجع الزراعة التقليدية وافتقار الحكومة إلى سياسات زراعية مستدامة بيئيًا، قد أدت إلى نزوح جماعي من المناطق الريفية إلى المدن، مما أعاد تشكيل المشهد الاجتماعي والاقتصادي للعراق، وأثقل كاهل البنية التحتية والخدمات الحضرية، وتسبب في عدم استقرار وظيفي واسع النطاق. وخلص الكاتب إلى القول بأن الزراعة التجديدية يمكن أن تكون حلاً عمليًا للتحديات الزراعية في العراق ونقلة نوعية للدولة والمزارعين.
ماهي المستلزمات؟
ووفقاً للمقال فأن الزراعة التجديدية تتطلب تنفيذ ممارسات زراعية تُعطي الأولوية للاستعادة البيئية، إضافة إلى القيام بإصلاحات سياسية تُحفز الزراعة المستدامة وتدعم المزارعين الذين ينتقلون إلى الأساليب التجديدية، وتعزز التعاون الدولي للاستفادة من الخبرات العالمية والتكنولوجيا والتمويل.
توصيات مهمة
وأوصى المقال بضرورة معالجة مشكلة غياب آليات منهجية لجمع البيانات ورصدها، والتقييم الدقيق لأثر المشاريع البيئة العالمية في جنوب العراق وإمكانية تكرارها في أماكن أخرى، مؤكداً على تحسين التنسيق الحالي بين السلطات الوطنية والمحلية لتجنب تأخير التنفيذ وانخفاض الكفاءة، لاسيما وأن أغلب المشاريع البيئية القائمة تعمل بمعزل عن بعضها البعض ولا يتم دمجها في استراتيجيات وطنية أوسع نطاقًا للزراعة وإدارة المياه.
وأشار المقال إلى أن سياسات الدعم الحكومي قد تثبط ممارسات الزراعة المستدامة لعدم تمييزها بين المدخلات الكيميائية والعضوية، فمعدل الدعم لكلٍّ منهما متساوٍ على الرغم من ارتفاع التكلفة الأساسية للأسمدة العضوية. كما أن ارتفاع التكاليف المباشرة يُثني المزارعين فعليًا عن تبني الانتاج العضوي، على الرغم من فوائده البيئية والصحية على المدى الطويل.
كما أوصى المقال بإنشاء قاعدة بيانات رقمية مركزية داخل وزارة البيئة لتحليل البيانات وتقييم نتائج المشاريع، وتحسين جودة التربة، وأنماط استخدام المياه، وتشكيل فريق عمل مشترك بين وزارات البيئة والموارد المائية والزراعة لتبسيط إجراءات الموافقة على المشاريع وتخصيص الموارد.
كما وجد الكاتب في تطوير وحدات تدريبية عملية للمزارعين فائدة مهمة، لاسيما إذا ما تم التركيز فيها على تقنيات الري الموفرة للمياه وطرق استصلاح التربة، وإطلاق برامج تجريبية تقدم حوافز مالية للمزارعين الذين يتبنون ممارسات زراعية مستدامة.
وأكد المقال على ضرورة توسيع نطاق المشاريع التجريبية الناجحة لتشمل مناطق جديدة، مع إعطاء الأولوية للمناطق الأكثر تضررًا من التصحر، ووضع إصلاحات سياسية وبرنامج لاعتماد الزراعة التجديدية، وربط تطبيق هذه الممارسات بالحصول على الدعم الزراعي الحكومي التفضيلي، إضافة إلى إنشاء مراكز إقليمية لتبادل المعرفة حيث يمكن للمزارعين الناجحين توجيه الآخرين في مجال التقنيات المستدامة.
وعلى المدى الطويل، أوصى الكاتب بدمج مشاريع استصلاح البيئة في الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي في العراق، وإنشاء صندوق للزراعة المستدامة مدعوم من مخصصات حكومية ومانحين دوليين، وتطوير مناطق زراعية قادرة على التكيّف مع تغير المناخ، وتوفير بنية تحتية متخصصة، وإقامة شراكات بحثية بين الجامعات العراقية والمؤسسات الدولية لتحسين تقنيات الزراعة الملائمة لمناخ العراق.
*******************************************
عين على الأحداث
كهرباء فص كلاص
شهدت بغداد والمحافظات إنطفاء منظومات الكهرباء وخروجها عن الخدمة في ظل ارتفاع درجات الحرارة لأكثر من 50 م. وزارة الكهرباء التي اعترفت بخسارة الشبكة لأكثر من 6 آلاف ميغاواط بشكل مفاجئ وعرضي، وعدت - وبضرس قاطع - حل المشكلة بعد إن استنفرت كل ملاكاتها كالعادة، داعية الناس لترشيد الاستهلاك غير الضروري. هذا وفي الوقت الذي تساءل فيه الناس عن كيفية الاستجابة لطلب الوزارة بترشيد استهلاك شيء غير موجود، خابت آمالهم بما أخبرتهم به الحكومة من أن وعدها السابق بحل مشكلة الكهرباء لم يكن في صيف هذا العام كما توهموا، بل في صيف العام القادم.
إلى من يهمه الأمر
شنت المدفعية التركية قصفاً عنيفاً استهدف مواقع عديدة في سلسلة جبل كارة، الواقعة في قضاء العمادية، مما تسبب في اندلاع حرائق واسعة، مازالت مشتعلة وامتدت إلى المزارع والغابات المحيطة. وأثار العدوان حالة من القلق والخوف بين الأهالي الذين يخشون من تضرر أرزاقهم وممتلكاتهم بسبب تزامنه مع انهماك الفلاحين بجني محاصيلهم الزراعية. هذا وتجدر الاشارة إلى أن القوات التركية سبق وارتكبت اعتداءات راح ضحيتها مئة قتيل ومئة جريح وأدت لترحيل سكان 500 قرية وحرق آلاف الهكتارات من البساتين والغابات وتخريب عشرات المناحل، فيما يقدّر بعض المراقبين خسائر العراقيين بسببها بستة مليارات دولار!
الملايين في خطر
وصفت مفوضية حقوق الإنسان توقف الضخ نهائيًا من مشروع البدعة في البصرة بسبب انخفاض مخزون المياه إلى أدنى مستوى، بالتهديد المباشر للأمن القومي ولحياة أربعة ملايين نسمة يعانون من أزمة العطش. هذا وفي الوقت الذي شاطر فيه الناس والخبراء، المفوضية في قلقها المشروع ودعوا إلى اعتماد حلول عاجلة تشمل الاستعانة ببارجات تحمل محطات تحلية لماء البحر الذي لايبعد سوى 60 كم عن التجمعات السكنية أو استيراد محطات من الصين، مازال البصريون ينتظرون أن يكّف "أولو الأمر" عن العراك على المغانم والحملات الانتخابية لبعض الوقت، ويعملوا جدياً على درء هذه الكارثة.
الدود الذي ينخر صناعتنا
أكدت لجنة الصناعة في مجلس النواب على أن فرقها الميدانية المكلفة بزيارة المصانع الحكومية المعطّلة على العمل منذ 2003 والسعي لتشغيلها، تواجه صعوبات كبيرة وعرقلة جدية من قبل الجهاز الإداري لها، مما يؤدي إلى خسائر اقتصادية وكساد واضح في سوق العمل المحلي، مستشهدة بما واجهته هذه الفرق في محافظة ميسان من إهمال وغياب الجدية. هذا ويذكر بأن العديد من المتنفذين الفاسدين ساهم ومازال في تخريب الانتاج الصناعي الوطني وإهمال المؤسسات الصناعية وتعطيلها وفتح الأسواق أمام الاستيراد المنفلت، تمهيداً لتصنيفها خاسرة وبالتالي بيعها بالخردة وإلقاء العاملين فيها في جحيم البطالة وتكريس الاقتصاد الريعي.
العدل أساس الملك
قررت مفوضية الانتخابات استبعاد 125 مرشحًا عن التنافس لأسباب تتعلق بادانتهم في جرائم جنائية مخلّة بشرط السيرة الحسنة، كالإحتيال والفساد ونهب المال العام والتزوير وغيرها، أو لشمولهم بقرارات هيئة المساءلة والعدالة، وبالاستناد إلى القانون والتعليمات. هذا وفي الوقت الذي يدعم فيه الناس المفوضية في سعيها لتطبيق القانون على الجميع بلا استثناء، ينتظرون منها المزيد من الشفافية في استبعاد المرشحين الذين يستخدمون المال السياسي وموارد الدولة، أو يحولون حق الناخبين في فرص العمل أو في الرعاية الاجتماعية أو في الخدمات، إلى رشوة انتخابية، وكذلك المخالفين منهم لقانون الأحزاب عبر امتلاكهم قوى مسلحة مستقلة عن الدولة.
********************************************
الصفحة الرابعة
جو ملتهب وكهرباء غائبة أيُ عطلة صيفية يقضيها أطفال العراق؟!
متابعة – طريق الشعب
ما بين ارتفاع درجات الحرارة وانقطاع الكهرباء وغياب البرامج الحكومية الخاصة برعاية الأطفال وتنمية مهاراتهم وترفيههم، تبدو العطلة الصيفية في العراق، في نظر كثيرين، وقتاً مهدوراً بلا معنى. إذ يقضي معظم الأطفال عطلتهم مُرهقين لا يتمتعون بساعات نوم هانئ، أو مشغولين بشاشات الهواتف، أو انهم يلهون في الشارع مع أقرانهم.
وتتقاطع الآراء بين أطفال ينتظرون الترفيه في عطلتهم وأهالٍ يعانون محدودية الخيارات. إذ أصبحت الهواتف الذكية الصديق اليومي للأطفال خلال العطلة وسط غياب نشاطات مدعومة أو بيئات ترفيهية آمنة.
وفي الدول المتحضرة يستثمر التلاميذ والطلبة عطلتهم الصيفية في نشاطات مفيدة علمية وتنموية وترفيهية أيضا، بما يخفف عنهم ضغوط شهور الدراسة وينمي قدراتهم ومواهبهم ويكسبهم مهارات جديدة. أما في العراق، فلا أثر لأيٍ من ذلك – وفق ما يؤكده مراقبون وأولياء أمور.
ينامون ويصحون على وسائل التواصل!
في حديث صحفي، يقول التلميذ علي حسين: "أقضي أغلب وقتي متصفحاً تطبيق (تيك توك). أسهر ساعات طويلة على مواقع التواصل الاجتماعي، وعندما أستيقظ في اليوم التالي بعد معاناة والديّ في إيقاظي، أقول لهما: أين أذهب؟ اتركاني نائماً"!
الحال نفسه لدى سارة (16 عاماً)، التي تتشاجر يوميّاً مع والدتها بسبب السهر. حيث تقول في حديث صحفي: "أسأل والدتي دوماً السؤال نفسه: أين أذهب يا أمي؟ تحدثت كثيراً مع والدي ليسجّلني في مسبح، لكنه رفض بسبب كلفة التسجيل التي تصل إلى 200 ألف دينار شهريّاً مقابل ثلاثة أيام في الأسبوع، ولمدة أربع ساعات فقط. فهذا مبلغ لا يستطيع والدي تحمّله".
وفي السياق، تقول سعاد عبد الكريم، وهي ربّة منزل من حي القاهرة في بغداد: "كنتُ أتمنى تسجيل بناتي في معهد صيفي لتعلّم اللغة الإنكليزية أو السباحة أو إحدى الحرف اليدوية، لكن تكاليف الاشتراك مرتفعة ولا يمكنني أنا ووالدهنّ تأمينها".
أما أبو مروان، وهو موظف وأب لأربعة أطفال، فيؤكد ضرورة أن تُولي الحكومة اهتماماً بحاجات الأطفال خلال العطلة الصيفية، مشددا على أهمية توفير أماكن ترفيهية وتعليمية مجانية، أو مقابل أسعار رمزية. ويضيف في حديث صحفي قوله: "أغلب وقت أولادنا يقضونه إما في الشارع يفتعلون المشكلات أو في متابعة مواقع التواصل الاجتماعي والألعاب التي لا تعود عليهم سوى بضررٍ بصري وتوتر عصبي"، مشيرا إلى انه "في بغداد، هناك معاهد تعليمية وترفيهية خاصة تقدم دورات لتعليم اللغة الإنكليزية إلى جانب دورات في الفنون والمهارات الحياتية، لكنها تبقى مقتصرة على فئات معينة".
النوادي للمقتدرين ماليا
من جانبه، يقول محمد عيسى، وهو مدير ناد صيفي في بغداد، أن ناديهم يقدم برامج غنية منها تعليم اللغة الإنكليزية، وبعض الأنشطة الرياضية، كالسباحة. كما يُنظم ورشا فنية وألعابا ترفيهية، مبينا أن النادي يُدار من قبل طاقم متخصص.
لكنه يلفت إلى أن أسعار الاشتراك تُحدد حسب نوع الدورة وفترتها، وغالبا ما يُقتصر الانضمام إلى النادي على المقتدرين ماليا، مستدركا "لكن لو كان هناك دعم حكومي، لكان بالإمكان تعميم هذه البرامج على جميع الأطفال.
ويشير عيسى إلى ان "الأطفال متحمسون للتعلم، لكن المشكلة تكمن في وعي الأهالي. فالكثيرون منهم يعتبرون العطلة الصيفية وقتاً للراحة والنوم فقط، بينما الأطفال بحاجة لتفريغ طاقتهم وإعادة توجيهها".
مسابح غير آمنة
وفي حين تُعتبر المسابح أكثر الأمكنة ترفيها للأطفال خلال الصيف، إلا انها قليلة وأسعار الدخول إليها مرتفعة لا يقوى عليها الفقير وذو الدخل المحدود، فضلا عن افتقارها، غالبا، إلى شروط السلامة والتنظيم.
ويحذّر الطبيب د. فراس خليل الحمداني من المسابح غير المنظمة. ويقول في حديث صحفي أن "من أخطر الأماكن التي قد تنتقل فيها الأمراض هي المسابح، بسبب التلامس والاحتكاك بين الأطفال والمياه التي قد تكون ملوثة"، مضيفا قوله: "نحن الأطباء ننصح الأهالي بعدم اختيار المسبح على أساس قيمة الاشتراك الرخيصة فحسب، إنما بناءً على نظافة المكان وتعقيمه ومدى وجود كوادر متخصّصة". ويوضح أن "بعض الأطفال يشربون مياه المسبح من دون قصد، وهذا أمر خطير جدّاً، وعلى الحكومة أن تراقب دورياً المسابح العامة والخاصة من خلال كوادرها الصحية".
وبسبب عدم توفر مسابح نظامية في كثير من مدن البلاد، وإن توفرت يكون الدخول إليها مكلفا، بسبب ذلك يلجأ الأطفال والفتيان والشباب إلى السباحة في الأنهر، هربا من منازلهم الملتهبة بفعل ارتفاع حرارة الجو وانقطاع التيار الكهربائي، ما يشكل خطرا على حياتهم. حيث ازدادت حوادث الغرق بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة.
مدارس المواهب الرياضية
في ظل هذه التحديات، تتبنّى وزارة الشباب والرياضة مبادرة "مدارس الموهبة الرياضية" باعتبارها إحدى المبادرات القليلة المنظّمة التي تستهدف الأطفال واليافعين خلال العطلة. وفي حديث صحفي يوضح مدير قسم الموهبة الرياضية في الوزارة د. سولاف حسن، أن "المشروع يهدف إلى احتضان الأطفال من مختلف المحافظات، واكتشاف وتنمية مواهبهم في الألعاب الفردية والجماعية".
ويضيف أن "المدارس تضم 14 لعبة رياضية، وهي تستقبل الأطفال أربعة أيام في الأسبوع، حتى خلال فترة الدراسة، وتفتح أبوابها صيفاً وتقدّم تدريبات مجانية تحت إشراف متخصّصين، كما تراعي الجوانب التربوية والنفسية"، مشيرا إلى ان "الوزارة تعمل على توسيع رقعة هذه المدارس، وتدعو الأسر إلى تسجيل أطفالها فيها والاستفادة من برامجها الصيفية".
إلى ذلك، يرى المتخصّص في الشأن الأسري د. إبراهيم خليل إبراهيم، أنه "رغم الجهود الفردية والمؤسّساتية في رعاية الأطفال، تبقى الحاجة ماسّة إلى سياسة حكومية وطنية شاملة تنظم أوقات فراغ الأطفال خلال الصيف، وتوفر بدائل مجانية أو مدعومة للعائلات ذات الدخل المحدود، وتعيد صياغة مفهوم العطلة الصيفية من وقت ضائع إلى فرصة لبناء الذات. فمن دون ذلك، سيبقى كثير من الأطفال أسرى النوم الطويل والإدمان الرقمي، أو عرضة للانجرار نحو أنشطة ضارّة وغير آمنة".
**************************************
اگول.. المحاصصة أُس البلاء
عماد شريف
لعب نظام المحاصصة وتقسيم السلطات ما بين المتنفذين دورا كبيرا في إعاقة عملية بناء البلد وتطويره على أسس إدارية صحيحة. وعلى الرغم من ادعاء المتحاصصين خدمتهم الشعب وحبهم الوطن والتضحية من أجله، لكنهم ما أن يخلوا إلى شياطينهم حتى تظهر حقائقهم واضحة جلية، وأبرز دليل على ذلك استمرار معاناة الشعب جراء النقص الحاد في الخدمات بأشكالها المتعددة.
إذ لا يزال الخراب على مستوى البنى التحتية واضحاً للعيان، ومعاناة المواطنين جراء ذلك لا حدود لها. وعلى الرغم من وجود بعض النيات السليمة من اجل تقديم الأفضل، إلا ان المنصب الحكومي يبقى يمثل بالنسبة للمسؤول المحاصصاتي مقدار ما يجنيه من أموال لتطوير نفسه وعائلته وضمان مستقبلهم لا اكثر ولا أقل.
حيث نجد ان نسب البطالة في اعلى مستوياتها، والبنى التحتية - على الرغم من التقدم الطفيف الذي طرأ عليها - لا تفي بالغرض. غالبية المحافظات تشكو من نقص كبير في الخدمات، لا سيما المحافظات الجنوبية، وذلك بسبب الإهمال الكبير الذي تعرضت له على مدار السنوات الماضية، والذي لا يزال مستمرا. فالخدمات ضرورات وليست حاجات كمالية.. لها مساس مباشر بحياة المواطنين.. أزمتا الماء والكهرباء من سيء إلى أسوأ، وأزمة السكن تتفاقم باستمرار في ظل ارتفاع أسعار العقارات وتراجع القدرة الشرائية للمواطن، ناهيك عن التدهور الخدمي في قطاعي التعليم والصحة.. فكل ذلك أصبح حديث الساعة وكل ساعة، وهما جاثما على صدور العراقيين.
ابتلى الشعب بمسؤولين جلبتهم المحاصصة فتنصلوا من مسؤولياتهم التي اقسموا عليها اتجاه شعبهم. لم يفوا بوعودهم الانتخابية، ولم يجن المواطنون من ورائهم سوى الخذلان والإحباط.
وبفعل المحاصصة غابت الكفاءات الإدارية والعلمية القادرة على إدارة المؤسسات الحكومية في جميع المجالات. حيث امتلأت تلك المؤسسات بمسؤولين غير مؤهلين أو قادرين على تقديم الأفضل لوطنهم.
إن اعتماد نظام المحاصصة في إدارة الدولة وتجاهل أصحاب الخبرات، انعكس بشكل غير مقبول على الواقع العراقي، واصبحنا نحتل الصدارة على مستوى العالم، بكل ما هو متخلف وسلبي.. فبلدنا يحتل المراتب الأولى على مستوى الفساد الإداري والمالي، كذلك على مستوى نقص الخدمات.
إن الفساد المستشري بصورة كبيرة في مفاصل الدولة، أضر كثيرا بواقع البلاد، وقد يفضي إلى هاوية. وتمسك هؤلاء بنهج المحاصصة أشبه بمن يبني بيتا من رمال!
************************************************
انتشار نبتة سامة في أراضي البغدادي
متابعة – طريق الشعب
تشهد مناطق زراعية وأطراف أحياء سكنية في قضاء البغدادي بمحافظة الأنبار، انتشاراً ملحوظاً لنبات "الداتورة" السام، وهو نبات شديد الخطورة على الإنسان والحيوان.
وتعرف هذه النبتة بقدرتها على النمو في البيئات الحارة وشبه الجافة، وتمتاز بسرعة تكاثرها وانتشار بذورها بفعل الرياح والمياه، ما يجعل مكافحتها تحدياً مستمراً.
وقال مدير إعلام دائرة صحة الأنبار، إبراهيم الشمري، ان "النبات يحتوي على مواد كيميائية سامة تؤثر مباشرة على الجهاز العصبي، وقد يؤدي إلى الوفاة في حال تناوله"، مضيفا في حديث صحفي قوله أن "خطورة النبتة تتضاعف بسبب جهل كثير من الناس بها، ما قد يؤدي إلى خلطها مع نباتات أخرى أو استغلالها لأغراض غير مشروعة".
من جانبه، أوضح المهندس الزراعي وعد نجم، أن "النبتة قد تنتشر طبيعياً بفعل العوامل البيئية، أو نتيجة تدخل بشري مباشر أو غير مباشر"، مشيرا إلى ان "هذه النبتة تتميز بقدرة عالية على مقاومة الظروف القاسية، ما يجعل القضاء عليها أمراً يتطلب تعاوناً وثيقاً بين المؤسسات الصحية والزراعية والأمنية، إضافة إلى تكثيف حملات التوعية لمنع انتشارها مجدداً".
****************************************
مواساة
- تعزي اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في محافظة المثنى عائلة الشخصية الوطنية، المربي الفاضل أنور طالب آل غريب، بوفاته.
كان الفقيد عضوا ناشطا في اتحاد الطلبة. وقد تعرض للملاحقة والاعتقال بسبب مواقفه السياسية.
له الذكر الطيب ولعائلته الصبر والسلوان.
- تعزي اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في النجف الرفيقين زكي وأزهر محمد حسين المظفر، والأستاذين سعيد المظفر وزيد المظفر، بوفاة شقيقتهم.
للفقيدة الذكر الطيب ولأهلها الصبر والسلوان.
********************************************
الصفحة الخامسة
الأمم المتحدة تستنكر التوسع الاستيطاني {القمة العربية للشعوب} تدعو لحراك واسع لوقف الإبادة والتجويع في غزة
متابعة – طريق الشعب
أفادت هيئة بث الاحتلال الصهيوني بأن الجيش يستعد لتسريع العملية الرامية لاحتلال مدينة غزة وفق توجيهات القيادة السياسية، كما أعلن جيش الاحتلال الدفع بتعزيزات إلى حي الزيتون. وأكدت الهيئة أن "قادة الجيش عقدوا أمس، اجتماعا بقيادة المنطقة الجنوبية بشأن العمليات العسكرية الجارية في غزة".
وذكرت أن رئيس الأركان إيال زامير سيصل اليوم الأحد لقيادة المنطقة الجنوبية للتصديق على خطط احتلال مدينة غزة.
مظاهرات حاشدة لدعم فلسطين
شهدت عواصم عربية وغربية، الجمعة، تظاهرات واسعة للتنديد بالعدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة، وبسياسة التجويع الممنهجة والقتل الجماعي والاستهداف المتعمد للصحفيين في القطاع.
وخرجت في المغرب تظاهرات عدة في عدد من المدن بينها العاصمة، ضمن الفعاليات الأسبوعية المنددة بحرب الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين في غزة.
وفي اليمن شهدت مدينة تعز تظاهرة تضامنية طالب المتظاهرين فيها بفتح المعابر الحدودية وإدخال المساعدات، فيما خرجت تظاهرات أخرى في العاصمة صنعاء.
وفي العاصمة الموريتانية نواكشوط، تظاهر ناشطون ومواطنون تضامنا مع أهالي غزة. ورفع المشاركون شعارات تطالب بوقف الحرب ومحاكمة قادة الاحتلال أمام المحكمة الجنائية الدولية.
وفي الداخل الفلسطيني المحتل، نفذ أهالي مدينة كفر قرع قضاء حيفا، وبلدة كابول في قضاء عكا، وقفتين احتجاجيتين للتعبير عن رفضهم استمرار الحرب على غزة وسياسة التجويع التي تفرضها إسرائيل على سكان القطاع.
أما في نيويورك، فقد نظم ناشطون وقفة أمام مقر الأمم المتحدة وطالبوها بالتحرك الفوري لوقف الإبادة الجماعية في غزة.
وفي العاصمة الفرنسية باريس، طالب متظاهرون بفتح تحقيق دولي عاجل ومستقل في جرائم اغتيال طاقم الجزيرة وغيرهم من الصحفيين في غزة.
وفي العاصمة الألبانية تيرانا ندد محتجون باستهداف الاحتلال الإسرائيلي طاقم الجزيرة بغزة، مطالبين بوقف الحرب وإنهاء التجويع والحصار الممنهج ضد أهالي القطاع.
وقف الحرب والتجويع
دعت "القمة العربية للشعوب" إلى تحركات شعبية في مختلف المدن العربية للمطالبة بوقف حرب الإبادة والتجويع الإسرائيلية في غزة، كما حثت الأنظمة على إنهاء التطبيع مع إسرائيل وإغلاق سفاراتها.
وأكد المشاركون في القمة، التي نظمها المجلس العربي عبر الفيديو، بمشاركة مفكرين وسياسيين وناشطين من مختلف البلدان العربية، على "الرفض الشعبي العربي القاطع لكل أشكال الإبادة والحصار والتجويع، واعتبارها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية لا تسقط بالتقادم".
وحمّلت القمة، في بيانها، الولايات المتحدة المسؤولية السياسية والأخلاقية والقانونية عن الجرائم المرتكبة في غزة لدعمها العسكري والسياسي غير المحدود للاحتلال وتعطيلها مجلس الأمن ووكالات الأمم المتحدة ولسعيها إلى تقويض ولاية المؤسسات الدولية.
كما دانت القمة المجتمع الدولي الذي قالت إنه "يتستر على أكبر جريمة إبادة في العصر الحديث، إذ لم تُفرض حتى الآن أي عقوبات على الكيان المحتل".
وطالبت القمة بنشر مراقبين دوليين فورا في قطاع غزة وفرض ممر آمن لإدخال المساعدات الإنسانية وتوزيعها بكرامة، بعيدا عن سياسة هندسة التجويع وإذلال الشعب الفلسطيني، ووقف استخدام المساعدات مصايد للموت.
كما أكد المشاركون تمسكهم بالثوابت الفلسطينية من إنهاء الاحتلال ورفع الحصار بشكل كامل، وضمان حق العودة وتقرير المصير، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، محذرين من خطورة مشاريع التصفية التي تستهدف القضية الفلسطينية.
ودعت القمة إلى تحركات شعبية في مختلف المدن العربية لرفع الحصار عن غزة ومطالبة الأنظمة العربية بإنهاء التطبيع، مع مقاطعة اقتصادية شاملة
تنديد بتوسيع الاستيطان
جددت الأمم المتحدة، استنكارها خطط إسرائيل بناء مستوطنة قرب القدس المحتلة، كما تصاعد التنديد الدولي بالمخطط الرامي لتقسيم الضفة الغربية المحتلة إلى قسمين.
وقال متحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، إن قرار إسرائيل بناء مستوطنة جديدة في القدس الشرقية المحتلة خطوة غير قانونية، وإن خطة إسرائيل تهدد الفلسطينيين في المنطقة بالإخلاء القسري الوشيك، وهو جريمة حرب.
وأكد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريتش في بيان أن هذه المستوطنات غير القانونية ستزيد ترسيخ الاحتلال وتأجيج التوترات".
وفي سياق التنديد الدولي المتصاعد بالمخطط، قالت وزارة الخارجية الألمانية إنها ترفض بشدة تصريحات إسرائيل بشأن الموافقة على بناء آلاف الوحدات في مستوطنات الضفة الغربية، معتبرة أن خطط توسيع معاليه أدوميم ستقيد حركة الفلسطينيين في الضفة.
******************************************
جنوب السودان تستقبل المهجرين!
نقلت وكالة رويترز عن ثلاثة مصادر لم تسمها أن جنوب السودان وإسرائيل يناقشان اتفاقا لتهجير فلسطينيين من قطاع غزة. وبحسب المصادر، لم يتم إبرام اتفاق بعد لكن المحادثات بين الجانبين مستمرة.
وكانت صحيفة تلغراف البريطانية قد ذكرت في وقت سابق أن حكومة جنوب السودان وافقت على استقبال فلسطينيين من قطاع غزة بناء على طلب إسرائيلي. ووفقا للصحيفة، فقد ذكر مسؤول بوزارة الخارجية في جوبا أن الحكومة وافقت على الطلب.
ووفقا لرويترز، فقد طرحت فكرة تهجير الفلسطينيين وتوطينهم في جنوب السودان خلال اجتماعات بين مسؤولين إسرائيليين ووزير الخارجية في جنوب السودان مونداي سيمايا كومبا لدى زيارته إسرائيل الشهر الماضي.
وتتناقض هذه التقارير مع تصريحات وزارة الخارجية في جنوب السودان، التي نفت بشكل قاطع هذا الموضوع الأسبوع الماضي.
******************************************
حزب الشعب الفلسطيني: ندين تهديدات المتطرف بين غفير للأسير مروان البرغوثي
القدس – طريق الشعب
أعرب حزب الشعب الفلسطيني عن إدانته الشديدة للتهديدات والممارسات النازية للوزير الصهيوني المتطرف إيتمار بن غفير وحكومته الفاشية ضد القائد والمناضل الأسير مروان البرغوثي خلال زيارته الاستفزازية في عزله الانفرادي في سجن "ريمون" برفقة مدير عام سجون الاحتلال ووحدة القمع الخاص بها، وتعمد تهديده المباشر لحياة الأسير البرغوثي وهو مكبل الأيدي والأرجل، وفي حالة ضعف جسدي وتدهور صحي جراء العزل الانفرادي في زنزانة منذ أكثر من عامين وتعرضه لسوء التغذية والإهمال الطبي والتعذيب.
وأكد حزب الشعب أن زيارة الإرهابي بن غفير إلى عزل الأسير البرغوثي وتهديد حياته، ليس صدفة أو حدثا عابرا، إنما هو سلوك منهجي لحكومة ومنظومة الاحتلال الفاشية، وينطوي على مخاطر جدية على سلامة الأسير ورفاقه، وهي ممارسات تندرج ضمن الإرهاب المنظم ضد قيادات الشعب الفلسطيني المناضلة وعموم الأسرى والأسيرات، والحرب المفتوحة على شعبنا.
وفيما أعرب حزب الشعب عن ثقته العالية بصمود الأسير البرغوثي ورفاقه من القادة والمناضلين والمناضلات الأسرى والأسيرات، طالب كل الهيئات الدولية وعلى رأسها الأمين العام للأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان والوكالات المتخصصة والصليب الأحمر الدولي، بضرورة التحرك الجدي والتدخل العاجل لإنقاذ حياة الأسير البرغوثي وكل الأسرى والأسيرات في سجون الاحتلال.
*****************************************
قادة أوروبا يجددون دعم اوكرانيا لقاء ثلاثي مرتقب بين بوتين وترامب وزيلينسكي
ألاسكا - وكالات
لم تُسفر القمة المرتقبة بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، التي عُقدت الجمعة في ولاية ألاسكا، عن أي اتفاق للتوصل إلى حل أو لوقف الحرب في أوكرانيا، على الرغم من أن الزعيمين وصفا المحادثات بأنها مثمرة.
تقدم في قضايا غير محددة
وخلال ظهور مقتضب أمام وسائل الإعلام عقب الاجتماع، الذي استمر نحو ثلاث ساعات، قال الزعيمان إنهما أحرزا تقدما في قضايا غير محددة، لكنهما لم يقدما أي تفاصيل، ولم يتلقيا أسئلة من الصحفيين. واكتفى ترامب، الذي عادة ما يطيل في تصريحاته، بالتأكيد: "لقد أحرزنا بعض التقدم… لا يوجد اتفاق حتى يتم التوصل إلى اتفاق".
ورغم غياب النتائج العملية، شكّل اللقاء وجها لوجه مع الرئيس الأميركي مكسبا سياسيا لبوتين، الذي واجه عزلة من الغرب منذ بدء الحرب مع أوكرانيا في عام 2022.
تأجيل فرض الرسوم على الصين
وفي تصريحات لاحقة لقناة "فوكس نيوز"، أعلن ترامب أنه سيؤجل فرض رسوم جمركية على الصين، بسبب شرائها النفط الروسي، بعد إحراز تقدم في محادثاته مع بوتين، مضيفا: "قد أضطر للتفكير في ذلك بعد أسبوعين أو ثلاثة، لكن ليس الآن".
كما لوّح بفرض عقوبات على موسكو، إلا أنه لم ينفذها حتى الآن، رغم تجاهل بوتين لمهلة سابقة حددها ترامب لوقف إطلاق النار.
واقترح ترامب عقد لقاء بين بوتين والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، وربما يحضره بنفسه، لكنه لم يوضح الجهة التي ستنظم الاجتماع أو موعده. بوتين، بدوره، لم يشر إلى هذا المقترح، مؤكداً أنه يتوقع من أوكرانيا وحلفائها الأوروبيين التعامل بشكل "بنّاء" مع نتائج المفاوضات، وعدم محاولة عرقلة التقدم.
معالجة الأسباب الجذرية
وجدد بوتين تمسك موسكو بموقفها القائل بضرورة معالجة ما تعتبره "الأسباب الجذرية" للنزاع، قبل التوصل إلى سلام دائم، ما يشير إلى استمرار رفضه وقف إطلاق النار في المرحلة الراهنة. ولم يصدر أي رد من كييف حتى الآن على القمة، التي تُعد أول لقاء يجمع بين بوتين ورئيس أمريكي منذ اندلاع الحرب.
وعند سؤاله عن نصيحته لزيلينسكي، قال ترامب: "يجب أن نبرم اتفاقاً… روسيا قوة كبيرة جداً، وهم ليسوا كذلك"، في إشارة إلى عدم تكافؤ ميزان القوى. ووفق محللين، تسببت الحرب في مقتل أو إصابة أكثر من مليون شخص من الجانبين، بينهم آلاف المدنيين الأوكرانيين.
******************************************
زيلينسكي في البيت الأبيض.. غداً
وقال الرئيس الأميركي دونالد ترامب، عقب القمة، إن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي سيزور البيت الأبيض يوم غد الاثنين، وكتب ترامب في منشور على منصة تروث سوشيال "إذا سارت الأمور على ما يرام، فسنحدد موعدا لعقد اجتماع مع الرئيس بوتين".
وأضاف "أفضل سبيل لإنهاء الحرب المروعة بين روسيا وأوكرانيا هو التوجه مباشرة نحو اتفاقية سلام تنهي الحرب، وليس مجرد اتفاق لوقف إطلاق النار".
وكان موقع أكسيوس الإخباري أفاد في وقت سابق بأن ترامب أبلغ زيلينسكي وقادة الناتو أن بوتين لا يريد وقفا مؤقتا لإطلاق النار ويفضل اتفاقا شاملا لإنهاء الحرب، مضيفا أن "ترامب قال إنه يعتقد أن صفقة سلام سريعة أفضل من وقف إطلاق النار".
أوروبا تواصل دعم اوكرانيا
تعهد عدد من القادة الأوروبيين، أمس السبت، بمواصلة دعم أوكرانيا والضغط على روسيا، عقب قمة ألاسكا، وصدر بيان مشترك عن القادة الأوروبيين بعد أن أطلعهم ترامب على نتائج محادثاته مع بوتين.
وقال القادة الأوروبيون: "نرحب بجهود ترامب لوقف إراقة الدماء في أوكرانيا وإنهاء الحرب الروسية وتحقيق السلام العادل والدائم".
وتابعوا في البيان: "الخطوة التالية يجب أن تكون الآن إجراء المزيد من المحادثات بمشاركة زيلينسكي مثلما تصور ترامب". وأكد القادة استعدادهم للعمل مع ترامب وزيلينسكي لعقد قمة ثلاثية بدعم أوروبي. مشددين على ضرورة تقديم ضمانات أمنية قوية لأوكرانيا للدفاع عن سيادتها وسلامة أراضيها.
وأضافوا: "ينبغي عدم فرض قيود على القوات المسلحة الأوكرانية أو على تعاونها مع دول ثالثة". معتبرين أنه لا يمكن لروسيا معارضة مساعي أوكرانيا للانضمام للاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي.
وقال بيان القادة الأوروبيين: "لا يجوز تغيير الحدود الدولية بالقوة". وتابع "موسكو "لا يمكن أن تتمتع" بحق النقض بشأن عملية انضمام أوكرانيا للاتحاد الأوروبي أو الناتو".
********************************************
الاحتفال الثاني باليوم العالمي للشعوب الأصلية في العالم
عادل محمد
في الوقت الذي تعاني فيه العديد من المجموعات السكانية في بلدان منطقة الشرق الأوسط، سواء كانت قومية، دينية، او ثقافية من القمع والاستغلال وإلغاء الهوية. تلك الظاهرة التي تصاعدت على خلفية مشروع "الشرق الاسط الجديد"، واستمرار نهج تفتيت الدول الوطنية، بغض النظر عن طبيعة الأنظمة الحاكمة فيها، الذي تبنته الولايات المتحدة، وطبقته، في العراق وليبيا واليمن وبلدان أخرى، حلت الصرعات الطائفية والقومية والمناطقية، محل مشاريع بناء وتطوير دول المواطنة والمؤسسات الديمقراطية.
في ذات الوقت نظمت شبكة شعوب جوما - كوريا، وهي منظمة ثقافية لشعوب جوما الأصلية في بنغلاديش، تأسست عام 2002، الاحتفال الثاني باليوم العالمي للشعوب الاصلية في العالم. وشارك في التنظيم منظمة "حلم الأمم" للاجئين في ميانمار، وهي منظمة للسكان الأصليين من ميانمار، الذين أعادت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ووزارة العدل في جمهورية كوريا توطينهم.
تم تأسيس اليوم الدولي للشعوب الأصلية في العالم من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة في كانون الاول 1994. ويحتفل هذا العام بالتنوع الغني للثقافات الأصلية، وكذلك الاعتراف به، ويعبر الاحتفال عن الإقرار بالظلم الذي لحق بهذه الشعوب في الماضي، وكذلك بنضالاتها المستمرة، ويشيد الاحتفال بمساهمات الشعوب الأصلية فيما تحقق للبشرية..
ويُقال إن كوريا اليوم موطنٌ للعديد من الشعوب الأصلية، بما في ذلك شعب جوما في تلال شيتاغونغ، والقوميات الأصلية من ميانمار. وقد تعرّض معظم الشعوب الأصلية التي تعيش في كوريا لانتهاكات حقوق الإنسان في أوطانهم. وتُعدّ كوريا الجنوبية إحدى دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية التي تتميز بتنوع عرقي وسياسي واجتماعي وثقافي ديمقراطي بامتياز.
كان الاحتفال مناسبة لتسليط الضوء على التنوع الثقافي والعرقي للأقليات العرقية الأصلية الإحدى عشرة في بنغلاديش، والأقليات الأصلية الثماني في ميانمار، والتي استقر معظمها في مدينة جيمبو الكورية. وكان من بين الضيوف عائلة من الأقليات الأصلية في أمريكا الوسطى، وجماعة جيمبو نيبال، التي قدمت عرضًا موسيقيًا نيباليًا تقليديًا.
في مقدمته لأهمية يوم الشعوب الأصلية، أكد رونيل تشاكما ناني، الناشط في مجال حقوق الشعوب الأصلية ورئيس الفريق الاستشاري في مركز دعم المواطنين الأجانب في مدينة جيمبو، ان الاحتفال يجري، منذ عام 1994، في التاسع من آب، حيث عقد الاجتماع الأول لفريق العمل التابع للأمم المتحدة المعني بالشعوب الأصلية في جنيف عام 1982. لقد اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة إعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الأصلية عام 2007.
وأضاف، "وفقًا لاتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 169 لعام 1989، فإن الشعوب الأصلية هم أحفاد سكان البلد او المنطقة المعينة، إبان الغزو أو الاستعمار أو فرض الحدود، بغض النظر عن وضعهم القانوني، والذين احتفظوا ببعض أو كل مؤسساتهم الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية".
و"على الرغم من أن إعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الأصلية يضمن حقوقًا مثل تقرير المصير والحكم الذاتي، إلا أن انتهاكات حقوق الإنسان مثل سرقة الأراضي والتهميش الاقتصادي والعنف الاجتماعي والسياسي والديني تُرتكب ضد الشعوب الأصلية في معظم البلدان".
ومنذ ذلك الحين، اعتُبرت الشعوب الأصلية أكثر الفئات ضعفًا وحرمانًا وتهميشًا في العالم. وتاريخ اضطهادهم طويل. ومن أبرز الأمثلة على ذلك الإبادة الجماعية لهنود التاينو في هيسبانيولا، هايتي حاليًا وجمهورية الدومينيكان، على يد المستكشف الإسباني كريستوفر كولومبوس بين عامي 1492 و1514، والتي راح ضحيتها الآلاف. ومن المعروف ان الغزاة الأوربيين أبادوا في الامريكيتين أكثر من 70 مليون من السكان الأصليين. ولا تعد هذه الإبادة الجماعية في بنغلاديش وميانمار والعديد من البلدان الأخرى شيئًا من الماضي، بل هي واقع مستمر. وأكد رونيل تشاكما على: "يحتفل اليوم الكثير من الناس حول العالم بيوم الشعوب الأصلية دفاعًا عن حقوقهم وقيمهم الثقافية".
ويبلغ عدد السكان الأصليين حول العالم قرابة 476 مليون نسمة، أي ما يعادل 6.2 في المائة من سكان العالم. وهناك أكثر من 5 آلاف مجموعة أصلية مختلفة في أكثر من 90 دولة، يتحدثون أكثر من 4 آلاف لغة، في كل قارة مأهولة وفي كل منطقة مناخية.
******************************************
الصفحة السادسة
بإشراف منير بشير .. اناشيدٌ وأغانٍ لإذاعة الحزب الشيوعي {صوت الشعب العراقي} كان البداية..
مفيد الجزائري
كانت العاصمة التشيكوسلوفاكية براغ في ربيع وصيف العام 1963 تضج بنشاط سياسي عراقي واسع ومضطرم.
فأخبار بغداد ظلت تنقل صور الفظائع الصادمة، التي كان انقلابيو 8 شباط يقترفونها بالجملة، في طول البلاد وعرضها، فيما الجراح الغائرة التي حفروها في الجسد العراقي، شعباً ووطناً، بقيت مفتوحة تنزف، ومعها المزيد الذي يضيفونه كل يوم. ولم يكن ذلك وغيره مما جرّه الانقلاب الدموي على البلاد، مما يدع القوى الوطنية العراقية وبنات وابناء الجاليات العراقية في الخارج ينامون الا على جمر حارق، مستنفَرين لفعل كل ما يمكنٍ لنجدة أهلهم ووطنهم.
في براغ نفسها لم يكن تعداد العراقيين يُذكر: بضع مئات، معظمهم طلاب التحقوا بالجامعات التشيكوسلوفاكية خلال السنوات المعدودات، التي أعقبت ثورة 14 تموز 1958. فجاليتهم هنا كانت ابعد من ان تُقارن بمثيلتها في لندن مثلا، او بغيرها في عواصم اخرى في غرب اوربا.
لكن براغ كانت تتمتع بمزايا لا تتوفر عليها مدن اوربية عديدة اخرى.
فهي عاصمة دولة اعترفت مبكراً بالجمهورية العراقية، وأقامت معها علاقات قوية في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية وغيرها، وقدمت لها مساعدات وإن محدودة، على اساس من تبادل المنافع.
وهي أيضا المدينة - المقرّ لمجلة قضايا السلم والاشتراكية، المجلة النظرية للاحزاب الشيوعية والعمالية العالمية، بضمنها الحزب الشيوعي العراقي، والتي تجمع ممثلي هذه الاحزاب في مكان واحد، يتيح تواصلهم المباشر والتعاون والتنسيق الدائمين بين احزابهم.
كذلك كانت براغ مقرّاً لمنظمات عالمية هامة اخرى، مثل اتحاد النقابات العالمي، واتحاد الطلاب العالمي، ومنظمة الصحفيين الدولية، ومن ثم كانت مقصدا للكثير من الزائرين شخصياتٍ ووفودا من مختلف البلدان والقارات، ومسرحا لكثير من اللقاءات والفعاليات المشتركة لقوى التقدم والتحرر في العالم، بضمنها فعاليات التضامن مع الشعوب وقضاياها العادلة.
وبفضل هذه العوامل اساساً وما انطوت عليه من أبعاد سياسية، أمّنت براغ منطلقا لحركة تضامن عالمية مع الشعب العراقي في مواجهة انقلاب شباط. وهو ما بدأ رسميا بتأسيس "اللجنة العليا للدفاع عن الشعب العراقي" في براغ غداة الانقلاب.
لكن ما كان مهما في براغ ايضا، هو كونها المدينة التي احتضنت الشاعر والشخصية الوطنية الكبيرة محمد مهدي الجواهري، منذ ترك العراق قبل ذلك بحوالي سنتين. وقد كان وجوده فيها عاملا هاما، دون ريب، في اختيارها مركزا ومنطلقا للحركة التضامنية، وفي اختياره هو رئيسا للجنة العليا الوليدة، والتي ضمت بجانبه رموزا ثقافية وسياسية بارزة اخرى، مثل فيصل السامر ونزيهة الدليمي وصلاح خالص وعبد الوهاب البياتي وذنون ايوب ومحمود صبري وغيرهم.
في قلب حملة التضامن
لم يقتصر النشاط الذي شهدته مدينة براغ في اشهر الألم والغضب العراقيين غداة الانقلاب، والتأهب لنصرة الاهل في الوطن المدمّى، بكل طريقة ووسيلة، على الجالية العراقية حديثة النشوء في تشيكوسلوفاكيا الاشتراكية. وهي رغم صغرها كانت تضم الكثير من الشباب المتحمسين، الذين ضمتهم "جمعية الطلبة العراقيين في تشيكوسلوفاكيا"حديثة الولادة ايضا، والتي كانت اسوة بشقيقاتها الأخريات في الخارج جزءا من اتحاد الطلبة العام في الجمهورية العراقية. وقد انخرط هؤلاء بحماس في النشاطات التضامنية والتعبوية المتنوعة، التي اطلقتها اللجنة العليا للدفاع عن الشعب العراقي، وغدت براغ والمدن التشيكية والسلوفاكية الاخرى ميداناً لها.
وكان ضمن الفعاليات المذكورة الاجتماعات الحاشدة التي كان يتصدرها الشاعر الجواهري، ويلقي فيها قصائده المشتعلة استنكارا للانقلاب وسخطا على الانقلابيين، والتي كان يشارك فيها العرب والاجانب المقيمون في البلاد، الى جانب العراقيين.
وفي غمار الحملة السياسية والتضامنية التي باشرتها لجنة الدفاع العليا لتعرية الانقلاب وفضح مرامي مخططيه الأنغلو – أمريكيين ومنفذيه البعثيين، تحولت براغ مبكراً الى هدف يؤمّه الكثير من الشخصيات الوطنية العراقية الموجودة خارج البلاد، السياسية والثقافية والأكاديمية، ولناشطي اللجان المحلية للدفاع عن الشعب العراقي في البلدان المختلفة، ومعهم ممثلو جمعيات الطلبة العراقيين فيها، والذين كانوا يصلونها للتشاور والتنسيق مع لجنة الدفاع العليا في العمل السياسي – الاعلامي والتضامني المشترك.
وكان الاكثر ظهورا من بين هؤلاء، هم الرسل القادمون من بريطانيا، حيث الجالية العراقية الأقدم والاكبر ، وحيث جمعية الطلبة العراقيين تتصدر مثيلاتها في الخارج كافة، ليس في الحجم فقط وانما ايضا في العراقة والخبرة وحسن التنظيم، فضلا عن التوجه الوطني المعهود، وما كانت تتمتع به من احترام ونفوذ في الاوساط السياسية والاكاديمية والثقافية والمهنية التقدمية البريطانية. وقد أهّل ذلك كله الجمعية، الناشطة في لندن - العاصمة الأهم عالميا من النواحي السياسية والاعلامية والتضامنية بالنسبة للنضال العراقي ضد الانقلاب، لتبوّء موقع القطب الثاني والمتميز في مجمل عمل اللجنة العليا للدفاع عن الشعب العراقي على المستوى الدولي.
وكان رئيس الجمعية وقتذاك، الشهيد خالد احمد زكي، كثير الحضور والمكوث في براغ، ودائم التواصل مع اللجنة العليا وسكرتاريتها. خاصةً وانه كان في الوقت عينه ينشط في سكرتارية "مؤسسة برتراند راسل للسلام" لمؤسسها الفيلسوف وعالم الرياضيات الانكليزي الشهير، المهتمة ايضا بقضايا حقوق الانسان وحقوق الشعوب، والتي اتخذت في حينه موقفا قويا وثابتا في ادانة انقلاب شباط والتضامن مع الشعب العراقي.
مشروع "صوت الشعب العراقي"
في خضمّ ذلك الحراك الوطني العراقي المتجدد، المقاوم للانقلاب وسلطته، وصل ايضا الى العاصمة التشيكوسلوفاكية عازف العود المعروف منير بشير، قادما من العاصمة المجرية بودابست. فهناك كان قد بدأ الدراسة قبلها بسنة تقريبا، وباشر إعداد بحث يقدمه لنيل الدكتوراه في الموسيقى من الاكاديمية المجرية.
غير انه لم تكن لحلوله في براغ صلة مباشرة بحركة التضامن الدولية ولجنتها العليا، وانما جاء لتنفيذ مهمة اخرى غير معلنة.
ففي اعقاب الانقلاب والخسائر الجسيمة التي ألحقها بالشعب وحركته الوطنية وبالبلد عموما، اتخذت قيادة الحزب الشيوعي العراقي (في الخارج) جملة اجراءات استثنائية، لفضح الجوهر الامبريالي الرجعي للعملية الانقلابية، وعزل حكمها داخليا وخارجيا، وتشديد الخناق عليها حتى اسقاطها.
وكان من بين تلك الاجراءات كسر الطوق الاعلامي الذي فرضه الانقلابيون في الداخل، بهجومهم الواسع على تنظيمات الحزب، واستهدافهم – بين امور اخرى - قدراتها على الطباعة والتوزيع السريين، اللازمين للتواصل مع جماهير الشعب ولإطلاعها على تطورات الاوضاع في البلاد وأصدائها الخارجية، وتنويرها بمهمات النضال ضد الطغمة الانقلابية وتعبئتها بروحها.
ولهذا الغرض جرت مفاتحة الحزب الشيوعي الشقيق في جمهورية بلغاريا الشعبية، بشأن إعانة حزبنا على اطلاق بث اذاعي خاص به من اراضيها يعوّضه عما خسره على الصعيد الاعلامي، وأن يتم ذلك بالطبع في اجواء من السرية التامة. فمن الواجب خلاله إبداء أقصى الحرص على علاقات البلد الخارجية، وعدم إلحاق أية أضرار بها.
أما لماذا بلغاريا بالذات، فلأنها سبق ان أتاحت إطلاق بث اذاعي سري من اراضيها لحزب توده الايراني، موجهٍ الى مناطق ايران، وكان ذلك زمن النضال ضد نظام الشاه الاستبدادي القمعي. وبقيت العملية طيّ الكتمان الكامل.
وهكذا كان. فقد استجاب الاشقاء البلغار لطلب حزبنا، وتم التفاهم والاتفاق على التنفيذ، وبدأت عاجلا الاستعدادات للمباشرة بعملية البث الاذاعي.
منير بشير في براغ
في اطار تحضير المتطلبات الضرورية لإطلاق اذاعة "صوت الشعب العراقي" جاءت مهمة الفنان منير بشير في العاصمة التشيكوسلوفاكية.
فلم يكن معقولا ان يبدأ البث من دون تأمين أرشيف – مهما كان صغيرا – من الأناشيد والاغاني الوطنية والحزبية المناسبة. ولما لم يكن متاحا توفير مثل تلك المستلزمات في الظروف الملموسة يومذاك، لم يبق سوى الاعتماد على النفس في تهيئتها و"انتاجها".
وصل منير بشير الى براغ ليجد كل شيء مهيأً:
*العراقيين العاملين في القسم العربي للاذاعة التشيكوسلوفاكية وقد كلفتهم ادارتها بتلبية طلباته،
*فنيّين سلوفاكيا وتشيكيا متخصصين في التسجيل الاذاعي، وثالثا إداريا تشيكيا ايضا،
مجموعة من الطلاب الشيوعيين العراقيين الذين يدرسون في جامعات العاصمة، ممن تطوعوا لأداء المطلوب غناءً وإنشاداً،
الموسيقي الكردي الشاب قادر ديلان، الطالب في أكاديمية الفنون الموسيقية البراغية، والذي سيصبح اليد اليمنى لمنير بشير في تدريب الشباب المتطوعين وفي انجاز التسجيلات الغنائية، متهيئاً مع كمنجته وعازفين اثنين من زملائه الطلاب التشيك في الاكاديمية،
ستوديو تسجيل واسعاً تابعا للاذاعة التشيكوسلوفاكية، يقع خارج مبناها الرئيسي وبعيداً عن الانظار.
وسرعان ما بدأ العمل.
كان منير بشير ودودا متواضعا ودافئا، ثم تدريجا بدأ يتجلى حزمه وصرامته في العمل وفي تنظيمه. وقد وضع جدولا زمنيا للتعليم والتوضيح والتدريب، ثم اعادة الشرح والتمرين وتكرارهما عند الحاجة، ولمتابعة التنفيذ خطوة بعد خطوة. وبدا واضحا انه يدرك صعوبة المهمة التي عُهد بها اليهِ. فالاصوات الخام مهما لاحت صافية وجميلة، يبقى لازما تشذيبها وتهذيبها. وفي حال كان المطلوب الانشاد والغناء جماعيا، فلابد فوق ذلك من تذليل تنافرها وبلوغ قدر من الاتساق والتناغم بينها.
وتعاقبت أيام وأيام سابق فيها "الاستاذ منير" ويده اليمنى "كاك قادر" الزمن لتطويع حناجر الشباب المتطوعين ما أمكن، وهم الذين زاد عددهم على عشرة، وبدا انهم أخذوا رويداً ينسجمون مع المهمة التي أنيطت بهم، وصاروا حتى يتمتعون بأدائها.
وأثمرت الجهود لم يذهب التعب سدىً ..
ففي النهاية، وبعد بضعة اسابيع من العمل اليومي غير المنقطع، تسلّم منير بشير من مهندسي الصوت، الذين أصبحوا بتعاقب أيام العمل جزءاً لا يتجزأ من الفريق "الأممي" الصغير المنغمر في تنفيذ المهمة غير المعلنة، شريطاً (ابو البكرة) يحمل أناشيدَ وأغانٍ عراقية منوعة وصل عددها ربما الى ثمانية. وكان واضحا لمن يسمعها، ورغم كل ما بُذل من جهود مع المتطوعين اثناء التدريبات، انها من أداء فرقة هواة. غير ان ذلك لم ينتقص من وقعها على الاسماع، بل لعله - على العكس – جعلها محبّبة أكثر بطابعها الأقرب الى الشعبية والتلقائية.
وفي اليوم التالي، وفيما بدأ افراد "الفرقة الغنائية" الوليدة يرجعون الى قاعات الدراسة في جامعاتهم ومعاهدهم، كان منير بشير يستعد للعودة الى بودابست، بعدما أتمّ تنفيذ مهمته وسلّم "الأمانة" الى "الرفاق" في براغ، لتأخذ طريقها الى حيث .. لم يكن أحد يدري! ولا لأي غرض بالضبط!
ذلك ان الأمر كله جرى، كما سبق القول، وسط تكتم شديد. وهو ما لم يكن هناك بد منه. فالثقة المطلقة التي أبداها الرفاق البلغاريون بحزبنا، وهم يلبّون طلب تمكينه من بث برامج اذاعية موجهة الى العراق من اراضي بلدهم، لم يكن يمكن ان تُقابل الا بإحاطة العملية من ألفها حتى يائها بما شددوا عليه من السرية المطلقة.
لهذا ظل الأمر كله طي الكتمان حتى بالنسبة الى كثيرين ممن أسهموا بصورة او بأخرى في افتتاح الاذاعة وإدامة بثها، والى آخرين ممن ظلوا يكتبون لها ويغذّون برامجها. واستمر هذا الحال الى ما بعد سنين طويلة من انتهاء مهمة الاذاعة واغلاقها.
بثّ اذاعي متجدد
في سنة 1968، بعد خمس سنوات من انطلاق اول بث اذاعي للحزب الشيوعي العراقي عبر أثير الموجات القصيرة صوب اجواء العراق، وانخراطه أداة ضاربة في المعركة الاعلامية ضد حكم الانقلابيين ومَن وراءه من القوى الامبريالية والرجعية، ودّعت اذاعة "صوت الشعب العراقي" مستمعيها، مواطنين ورفاقا في عموم العراق. فحينها كانت المنظمات الحزبية قد تجاوزت الكثير من كوابح عملها، والحزب قد استعاد الكثير من محركات نشاطه وعوامل قوته، وبضمنها ما كان يكرس له كثيرا من الاهتمام في المجال الصحفي – الاعلامي.
انتهت اول تجربة من نوعها خاضها حزب سياسي عراقي في عمله الاعلامي، وعوّض فيها وعزّز مبكراً نشره الصحفي بالبث الاذاعي. وهي التجربة التي عاد اليها في مطلع الثمانينات، مع انطلاق حركة الأنصار الشيوعيين في مناطق كردستان الجبلية واستمرارها حتى اواخر ذلك العقد، ثم من شقلاوة في مطلع التسعينات حتى انهيار النظام الدكتاتوري ربيع 2003.
وخلال المسيرة التي تواصلت - وإن متقطعة - حوالي اربعة عقود من السنين، تغيّر اسم الاذاعة اكثر من مرة. فبعد ان استهوى الاسم الأصلي "صوت الشعب العراقي" اطرافاً اخرى في المعارضة العراقية، فاستخدمته عنوانا لبثها الاذاعي في سنوات التسعين، اختار حزبنا اسم "صوت الشعب العراقي – اذاعة الحزب الشيوعي العراقي" حينا، و"صوت الشعب العراقي – صوت الديمقراطية والتقدم" حينا آخر.
وبعد الانهيار ومن بغداد هذه المرة، انطلق في سنة 2004 بثّ اذاعي جديد تحت اسم "راديو الناس"، بادر الى تأسيسه فريق من اعضاء الحزب وحظي بدعم اعلامه المركزي.
واستلهم هذا المنبر الجديد تقاليد "صوت الشعب العراقي" وأفاد من خبرته المتراكمة، معتمدا في برامجه توجها وطنيا عاما منحازا الى الناس وقضاياهم ومدافعا عن الحقوق والحريات الديمقراطية. واستمر يبث على الموجة المتوسطة ثم على موجة أف أم حتى سنة 2010، عندما أُشهر بوجهه سيف رسوم مالية باهضة فُرضت عليه، واضطرّته في النهاية الى وقف برامجه.
لكن الاذاعة استأنفت بثها لاحقا، وحين اندلعت احتجاجات 2011 كانت ترفع صوتها عاليا بدعم الجماهير الساخطة ومطالبها العادلة. ثم واصلت العمل في السنوات التالية، وإن بصورة متقطعة أحيانا، مواكبةً الموجات الاحتجاجية المتصاعدة بين الحين والآخر، ومعضّدة إيّاها ومنتصرة لها. الأمر الذي كان يثير بالطبع غيظ اطراف الحكم وسلطاته.
وتجلى دور "راديو الناس" هذا في ما بعد بأسطع وأقوى صوره، في انتفاضة تشرين 2019، التي هزت اركان منظومة المحاصصة والفساد الحاكمة.
واستمر الحال حتى سنة 2021، عندما عادت الجهات الرسمية ذات العلاقة الى ضغوطها على "راديو الناس"، متحججة بالذريعة القديمة ذاتها: عدم دفع غرامات مالية مفروضة عليه! حتى سلبته مجددا حقه الدستوري في التعبير والبث بحرية.
نحو استعادة "راديو الناس"
مسيرة طولها 60 عاما تقريبا من البث الاذاعي، لا يمكن تصورها الا في اطار العمل الاعلامي المتجدد للحزب الشيوعي العراقي، وفي القلب منه الجهد الصحفي الرائد والمثابر، الذي دشنته "كفاح الشعب" قبل 90 سنة.
وحين نتطلع اليوم الى المستقبل المنظور، ونرى "طريق الشعب" تحث الخطى لاعادة تكوين نفسها مؤسسة اعلامية حديثة متعددة المنابر ومتكاملتها، تنهض امامنا الحاجة الى استرداد "راديو الناس" حقه الطبيعي في البث دون معوقات. ونحو هذا الهدف ينبغي ان تتوجه مساعينا، كي تعود الاذاعة منبراً نشيطاً ضمن اسرتنا الاعلامية الشيوعية، وريثة المُثُل النضالية لـ "صوت الشعب العراقي" ايضا، وتقاليد التنوير والتبشير بالحقيقة وبالقيم السامية.
***************************************
مصباح {علي مالية}!
رضا الظاهر
أغادرَتْنا تلك الأيام، ونحن الأوفياء لها ؟
هل أتحدث عن السجايا الراقية، أم الأمثلة النادرة؟ عن التواضع واللطف والأريحية، أم عن مودة الرفقة وعنوان الصداقة؟ عن كرم الروح والزهد، أم تحدّي الصعاب، والاصرار الذي لا مثيل له، على مسير شاق، مفعم بالمحن والدروس والآمال؟
أجل، أتحدث عن (علي مالية)، إبن المحمودية الجريء، الذي اقتحم، يافعاً، سماء الكفاح، فأرشدته الى سبيل الشيوعية، ومنحته راية يحملها مناراً للماشين، ومصباحاً ينير دروب السائرين.
و(علي مالية) هو اسمه المستعار الذي عُرف به منذ السنوات الأنصارية في كردستان حتى أيامنا، أما اسمه الحقيقي فهو (جواد كاظم الطائي – أبو أوس).
نحن في عام الذكرى التسعين لتأسيس الصحافة الشيوعية في العراق.. ونحن نقرأ في رسائل الأشواق صفحة مضيئة من صفحات جندي مجهول يحمل اسم (علي مالية).
محطات كثيرة تلك التي جمعتني بأبي أوس خلال ما يقرب من نصف قرن من الزمن. سأكتفي، مضطرا، الى الحديث عن ثلاث منها.
المحطة الأولى هي "طريق الشعب" في سبعينيات القرن الماضي، حيث كانت أول معرفتي به، عندما كنت سكرتير تحرير "طريق الشعب"، وكان هو مسؤولا عن الادارة في مؤسسة (الرواد)، التي كانت تُطبع فيها صحيفة الحزب ومجلته (الثقافة الجديدة)، وسائر صحفه ومطبوعاته. وكان، الى جانب ذلك، عضوا في اللجنة الحزبية القيادية للمؤسسة، مع نخبة من الكوادر الحزبية القيادية، وكان يقودها الرفيق الراحل سليمان يوسف اصطيفان (أبو عامل). وقد استشهد بعض العاملين في منظمة المؤسسة من صحفيين وفنيين وشغيلة تحت التعذيب في أقبية الدكتاتورية الفاشية، أواخر سبعينيات القرن الماضي وأوائل ثمانينياته.
وفي تلك السنوات برزت قدرات جواد كاظم الطائي، الذي كان قد درس الاقتصاد والمحاسبة في الجامعة، في مجال الادارة، وتجلت كفاءته ونزاهته وسماته الشخصية الرفيعة، وكان أحد أركان تلك المؤسسة العتيدة، التي لعبت دورا هاماً معروفاً في حياة الحزب وصحافته.
المحطة الثانية، وهي الأهم والأكثر تميزاً، هي محطة (الأنصار). سأبدأ من نهايتها، ربما من تموز عام 1988 عندما اشتد الهجوم بالأسلحة الكيمياوية من جانب الدكتاتورية على مواقع حزبنا القيادية والاعلامية والأنصارية..
أتذكر أن علي مالية جاءني في تلك الأيام، وكان المستشار السياسي لفوج المكتب السياسي. وكان فصيل (دجلة)، التابع للفوج، هو المسؤول عن حماية (الاعلام). أبلغني، كرفيق وكصديق، أنهم كانوا قد تلقوا، قبل أيام، قرارا من المكتب العسكري للحزب بالانسحاب شرقا باتجاه موقع (بيربنان). كان علي مالية متقداً بالغضب والشجاعة، وقد جاءني وكأنه يريد أن يعتذر عن اضطرارهم الى "التخلي" عن حمايتنا و"تركنا" وجها لوجه أمام قوات الدكتاتورية. لم يكن هناك أي سوء فهم، فقد جاء يودّعني كرفيق وصديق، على أمل اللقاء في يوم آخر، ربما، وهو ما حصل بالفعل أثناء الأيام الأخيرة من الانسحاب. أتذكر أننا بقينا أياما عديدة في موقع (الاعلام)، وكنا ستة رفاق بعد أن انسحب الرفاق المرضى وكبار السن وبعدهم الرفيقات، وبقينا، نحن الستة، لاكمال تصفية موقع (الاعلام) من دفن لبعض الأجهزة والوثائق، بعد نقل أجهزة الاذاعة الى موقع آخر، على أمل استئناف البث من هناك.
كانت تلك الأيام من أصعب ما واجهناه. ولقصة الانسحاب، والوصول الى موسكو !!، نعم من وادي خواكورك الى موسكو، تفاصيل كثيرة ومروعة، آمل أن يسعفني الوقت يوما لكتابتها.
لكنني، على أية حال، أتذكر أننا التقينا في خيمة المؤتمر الرابع للحزب، الذي عقد في منطقة ما بوادي خواكورك في كردستان، وكان علي مالية عضوا في اللجنة التحضيرية الفنية للمؤتمر. كان أبو أوس في موقع (أرموش) الذي يبعد ما يزيد قليلا عن الساعة (مشيا على الأقدام طبعا) من موقع الاعلام. كنت أزوره بين حين وحين، وكنت دوما أتوق الى قهوته (النسكافه) التي يعدها بطريقة مميزة. وكم قضينا من أيام وأحاديث، وكان هو ورفاق آخرون يأتون لزيارتنا في الاعلام، خصوصا عندما تكون لدينا فعاليات ثقافية.
وسواء في (أرموش) أو (دجلة) أو مواقع أخرى كنت أرى مكانته المميزة بين رفيقاته ورفاقه. فهناك تجلت سماته القيادية والشخصية، وبشكل خاص قدرته على كسب قلوب الآخرين، وروح التضامن في تلك السنوات الشاقة التي شهدت أجمل اللقاءات، مثلما شهدت أعظم الأحداث في حركتنا الأنصارية وفي تاريخ حزبنا.
في المحطة الثالثة، وهي العودة الى "طريق الشعب"، حيث كان مديراً للادارة والتحرير خلال سنوات عديدة، مارس فيها دوراً بارزاً في حياة الصحيفة، حتى عودته قبل أربع سنوات الى منفاه الهولندي. ومن هذا المنفى ظل يواصل عمله الدؤوب، رغم متاعبه الصحية، مجسداً روح التفاني الكفاحية، حتى ليظن من يعرفه أنه من الصعب عليه أن يعيش دون التواصل مع الصحيفة والاسهام فيها.
كنا في تلك السنوات نعمل معا، وغالبا ما كنا نسافر الى أربيل، حيث نسهم، من بين نشاطات أخرى، في نشاط (رابطة الأنصار الشيوعيين)، وحيث لقاءاتنا مع رفاق وأصدقاء أنصار هناك، وبشكل خاص صديقينا (كاوة محمود) والراحل (ئاشتي)، اللذين لدينا معهما أجمل الذكريات.
اليوم أحتفي بأمثولة علي مالية التي قلّ نظيرها.. تختلف معه، ولكنك تبقى صديقا له، ومتفاعلا مع جدالاته، ومحبا لروحه المنفتحة والمتسامحة .. أحاول إضاءة صفحات من تاريخ ذلك المناضل الذي كان غالبا ما يبدع من خلف الكواليس.
كم تقاسمنا خبز أيام مريرة.. وتمدّدنا في ظلال من الأرق، تحت سماوات كانت، في أحايين، أشد قسوة في عواصفها العاتية، وهي العواصف التي ساهمت في صياغة شخصية علي مالية، وسط لهيب المعارك، وتحت عنوان "صداقة الخنادق".
كنتَ دائما تمنحنا يدك ومحبتك، أنت يا وارث ربيع تزهر فيه أفكارنا، ومثير أسئلة حارقة، ومطلق نداءات تقرع الأجراس، فنمضي معك تحت رايتنا، نتحدى الأمواج، ونقود السفن الى الشاطيء الذي به مازلنا نحلم.
سلاما علي مالية وأنت تعيدنا الى الينابيع..
سلاما وأنت ممن قُدَّت أرواحهم من بلّور..
مصباحك ينير دروبنا في كل حين..
********************************************
الصفحة السابعة
الزناد وحسين في رواية شمران الياسري
إحسان شمران الياسري
في الذكرى الرابعة والأربعين لرحيل الأب الكريم (شمران الياسري – أبوگاطع)، نُحصي ثروته التي تركها لنا، وهي: اسمه وما أبدع في مقالاته الصحفية وصوته الإذاعي المميز وروايته الجميلة (الزناد).
فقد كانت (الزناد) وثيقة باذخة في رصد أحوال العراق وطبقاته، المسحوقة والمتجبّرة، والناس البسطاء الذين ثاروا أخيرا على الإقطاع والظلم.
اختار (شمران الياسري) في روايته البطل (حسين) رمزا للقوة والصبر والحكمة، في تلميحٍ واضحٍ إلى شخصية الإمام الحسين عليه السلام، وبطولته وإبائه ورفضه للظلم. وقد ظلت هذه الشخصية صامدة بوجه الزيف والخضوع وظلم الإقطاع، حتى مات كمدا على ولده (ناصر) الذي استشهد في معركة العمال ضد الاستعمار في كاورباغي في كركوك. وحتى تسمية حسين لولده ناصر هي تسمية شائعة لدى العراقيين، إذ يسمي العديد من العراقيين ممن أسماؤهم (حسين) أولادهم باسم (ناصر) حتى يُفهم منها أنه تمنى أن يكون ناصرا للإمام الحسين (ع).
في خطٍ موازٍ لهذه الشخصية، كان البطل (خلف)، الذي تستمر شخصيته أو شخصية أولاده في رواية (الزناد) الخماسية حتى تنتصر قضية (حمزة الخلف) كما ختمها شمران الياسري، حين تبدلت قضية حمزة ابن البطل خلف من حفر ساقية لأرضه إلى قضية وطن.
فحين كان معتقلا لدى الحرس القومي، زاره صديقه صاحب الفندق (حسون بعيوي):
- عندي أخبار طيبة.
- مثلك مَنْ يُبشّر بخير.
- إن قلوب الناس وسيوفهم ضد الحرس القومي، لذا فأن (قضيتك) حُلّت، تلك القضية التي صرفت لها أكثر من ثلاث سنوات بين دوائر الإصلاح الزراعي وبين الجمعيات الفلاحية وبين وسطاء الرشاوي.
كان البارحة عندي نزيل من أهل قرية العلوة حكى كيف تجمّع أهل القرية مساء، وعلى ضوء القمر شقوا الساقية وفي الصباح كان الماء يغمر أرضك بعد أن بُذِرَت بالسمسم. الواقع يا أبو مطشر فَرِحتُ وتأثرتُ لأنك أخيرا قد أنجزت قضيتك.
سكت حمزة الخلف على مدى إخراج علبة سكائره من جيبه وإشعال سيكاره ثم قال: إن قضيتي الآن لم تعد كما كانت، مجرد توفير الماء للأرض، ولا يعني ذك التقليل من شأن الماء والأرض بالنسبة لي، أنت تُدرك ذلك.
يا حسون.. أصبحت لي قضية أخرى، هكذا وجدتُ نفسي وسط (قضية)، بدأت الآن. هل تفهمني؟
يمكن أن تسميها (قضية حمزة الخلف)).
***
أما الزناد فيمثل أول رشوة من سعدون بن مهلهل، الإقطاعي لخلف. فقد تناول سعدون الزناد ورماه في حجر خلف.
***
في مناسبة تالية، حيث جاء مع أبناء عشيرته بمطالب محددة لسعدون، ولكن حين قدح زناده مرتين.. عاجله سعدون قبل القدحة الثالثة، ورمى زناده الجديد بين يدي خلف وقال: ورّث بيه واخذه فردنوب.
نبهه ابن صگر، الذي يليه في المجلس إلى طول سكوته. غمزه خلف بإشارة (تريث قليلا). وقال في سره: كم أنا سريع التأثر! أوشكت أن أسيء إلى علاقتي الأخوية بسعدون من أجل خُمس حاصل الديمة. تف على وسخ الدنيا. بصق ورقة تبغ علقت بلسانه: أي قياس بين خُمس حاصل الديمة وبين القيمة المعنوية لالتفاتة سعدون (تفضل يا خلف هاك زنادي) وسط هذا الديوان المزدحم. لو جمعتَ كل إساءاته ووضعتها في كفة لرجحت عليها نفحته هذه.
عاود سويلم الصگر إشارته. رفع خلف حاجبه وحرك رأسه بعصبية. فهم سويلم الصگر أن صاحبه قد عدل عن رأيه. غادر المضيف حانقا، وشكاه إلى حسين، واصفا إياه بأنه من نوع الرجال الذين ينطبق عليهم المأثور (حُط بيده خِثي واخذ خبزته)
ضحك حسين وردد: بالوزا يا حيف ما هيه ارجال، گوّم النمشا واخذ بيضاتها.
***
في قضية أخرى مع سعدون، حيث رحب بمقدم خلف وأولاد صگر، ففكر خلف على الفور: ابن مهلهل ذهب تيزاب لن يصدأ أبدا.. وحين فرغ من لفيفة التبغ أخرج الزناد.. وسحب الفتيلة إلى أعلى ثم نفخها قبل أن يقدح.. فضحك سعدون وقال: هاه.. چنّه صار ابو نفخه!
ومد يده إلى جيبه، فأخرج قطعة معدنية مربعة الشكل، تلمع كالفضة المجلوة، ثم ناوله الزناد، شارحا كيفية استعماله..
أوجس سويلم الصگر خيفة، وردد في سره: (يا يمّه..!).. لقد فعل مثل هذا يوم جئنا نحتج على تعيين (شِحنه) يراقب الديمات.. وخَدَعَ خلفا بزناد. إن اللعبة تتكرر (الله يستر من تاليها).
عقّبَ حسين، الذي تمارض عن حضور مجلس العزاء على سعدون، حين بلغه أمر خلف، وصراخه وتلويحه بالزناد: يا حيف والله يا حيف.. اخرفّ الزلمه!
ومرة قال بمحضر من حمزة، بِدالةٍ لا ينكرها عليه أحد، وكأنما يخاطب خلفا:
- يا سفيه.. يا گلب مامش.. اشتذكر منّه وتبچي عليه؟ أطاّك زناد واخذ ديمتك!..
***
جاء خلف إلى حسين، وقد طرأت له فكرة، وقبل أن يطرح ما يدور في ذهنه، ملأ السبيل بالتبغ ثم أخرج زناد سعدون وأشعله، مبالغا في اظهار صعوبة اشتعال السبيل من لهبة الزناد وقال: شوف.. شوف الموعظة اشلون؟.. آنه لو افتهم چا ضمّيت الزناد من يوم موتة سعدون..
هاي عِبرة إلي.. ضاع ورگ اللف وردينا للسبلان!
كتم حسين ضحكته وأجاب: تمام. لو تفتهم چا دفنت الزناد بچفن المرحوم!
لم يفطن خلف إلى المعابثة في كلام صاحبه فقال موافقا: تمام يا ابو ناصر. تمام.
وتمادى حسين في معابثته فأضاف: لو حاط الزناد وبطل البانزيم بچفن المرحوم چان صارت سالفه تنذچر بالتاريخ!
***
مد خلف يده إلى جيبه وأخرج الزناد. تناهى إليه هورن سيارة، وضع كفه فوق حاجبيه ودقق النظر: أهذا أنت يا ابن بن الغشاش..
جاء مزاج الشيخ ضاري أن يداعب خلف.. لحّنَ نغما سريعا على الهورن. ارتعشت يد خلف: ها انا ابو حمزة.. طيط طيط!!؟ شنهو فرق الطيط طيط عن العفطه؟! تعفط لي يا ابن بن الغشاش!!
ارتطم الزناد باللوح الزجاجي.. تطايرت شظايا الزجاج..
تدفق الدم غزيرا من وجه الشيخ ضاري.. تعذرت عليه الرؤية.. كبح السيارة بقوة. كان خلف قد استجمع شتات قواه ليودعها في تلك الضربة المحكمة.. ألقى الزناد.. سقط جانبا مغمى عليه. هرع آل خلف وآل اشنين.. وداود.. ظن الجميع بأن سيارة الشيخ دهست خلف.
أرعبهم منظر الشيخ ضاري يسبح بدمه.
***
بعد ثورة تموز 1958 سارت جماهير الفلاحين صوب قصر الشيوخ تأييدا للثورة: خطا خلف نحو (الجيمه) (المسيرة) مستعيناً بعكازته. فبادر حمود بن شنين بالهتاف:
- ها ها النشامه.. هذا خلف تلگاگم.. هوسوا.. هوسه هوسه، على احساب خلف.
ثم لوح له بالزناد (الذي وجده أحدهم في باحة القصر) وصاح بانفعال:
- زنادك.. زنادك يخلف. لگيته بغصرهم!
تحلق عدد غير قليل حول حمود، بانتظار الهوسة، فأدار عينه بينهم، رفع يده، التي تحمل زناد خلف، وركل الأرض بقدم واحدة وهوّس:
ازنادك ردّلك كون اتريد إحرجّهم بيه
فاستجاب الآخرون لهوسته، متصنعين الحماس..
ازنادك ردّلك كون اتريد إحرجّهم بيه
***
وعند موت خلف الذي صادف بعد الثورة بيوم واحد، وصل المعلم فاضل (ابن ناصر وحفيد حسين)، شق طريقه وسط الزحام.. وراح يتملّى وجه خلف..
قطع تأملاته حمود بن شنين، بإشارة من إصبعه، إلى كفي خلف:
أحداهما تمسك المنديل الأبيض، هدية فاضل. والأخرى مُطبِقة على الزناد.
***
بعد أن رفضت وزارة الإعلام تعضيد الرواية، اشتراها الجمهور قبل أن تُطبع، فكتب رسالة لوزير الإعلام ختمها بما يلي:
لم استهدف من كل هذا، إن الرواية صالحة للتعضيد أو النشر. لكن المؤكد، جدا، والذي لا جدال فيه، أن أمنيات حسين، التي تحققت تصلح لأن يراها الناس (يقصد تأميم النفط سنة 1972).
وثمة حقيقة بالتواريخ، إن مسودات الرواية قدمت قبل مفاوضات النفط. التي مرت بآلاف التعقيدات، وملايين المناورات من جانب الاحتكارات النفطية، ومع ذلك حُسمت المعركة، وأممت عمليات شركة نفط العراق. وتحققت أحلام حسين، وما تزال مسودات الزناد، بين أوراق الخبير، أو أية أوراق أخرى، المهم أنها حبيسة. أليس من حقي أن أتعجل إطلاق سراحها؟
تلك هي قصة أبطال رواية شمران الياسري التي جعلتهم إرثا لنا نحن عائلته وأصدقاءه ومحبيه، وحزبه طبعا.
*************************************
شمران الياسري الإعلامي والروائي والإنسان
فاضل ثامر
تصادف هذه الايام الذكرى الرابعة والاربعون لرحيل الاعلامي والروائي والمناضل شمران الياسري (ابو گاطع) الذي توفي في مدينة براغ في حادث سير مؤسف عام 1981، وبرحيله فقدت الحياة الثقافية والصحفية والنضالية واحداً من كبار رموزها وممثليها الفاعلين.
لقد كان شمران الياسري كاتباً شاملاً ومثقفاً عضوياً شاملاً بتعبير المفكر الايطالي غرامشي، فقد أمضي سنوات حياته بالنضال من أجل قضية الحرية والعدالة، وكرّس جهداً كبيراً من حياته للدفاع عن مصالح الفلاحين وحقوقهم التي كان يسلبها بوحشية النظام الاقطاعي آنذاك.
ولد الياسري وترعرع في بيئة فلاحية فقيرة، حيث ولد في قضاء الموفقية شرق محافظة الكوت عام 1926، وتفاعل مع حياة الفلاحين في الريف ولمس عن كثب بشاعة الاستغلال الاقطاعي المتحالف مع النظام الملكي، للفلاحين وكان أميناً وجريئاً في فضح أساليب الاقطاعيين لاستغلال حارثي الأرض من خلال كتاباته وأعمدته الصحفية والسياسية، ولاحقاً من خلال اعماله الروائية المتميزة التي امتلكت خصوصيتها بوصفها تحمل رسالة الأرض والإنسان والكدح، فقدم للمكتبة الروائية العراقية عام 1972 رباعيته المعروفة بـ رباعية ابو گاطع، والتي ضمت أربع روايات مترابطة هي: " الزناد، بلابوش دنيا، غنم الشيوخ، وفلوس حميد" كما أصدرت وزارة الثقافة العراقية عام 2005 روايته "قضية حمزة الخلف".
ومن المؤسف ان لا تحتل أعمال شمران الياسري الروائية هذه المكانة التي تستحقها في سفر الرواية العراقية، وظل البعض ينظر اليها بوصفها مدونة سردية عن النضال الفلاحي ضد الاستغلال الاقطاعي. وشخصياً اعتقد انها ترقى إلى مستوى أعمال الروائي الراحل غائب طعمة فرمان. فقد اتسمت هذه الروايات بالصدق والأمانة والدقة في تصوير حياة الفلاحين والناس وعاداتهم وتقاليدهم، حتى يمكن ان نعدها متحفاً حياً للحياة العراقية في الريف وصورة ناطقة لانثروبولوجيا الحياة الفلاحية وذاكرتها الأمنية.
ولم تقتصر مساهمة شمران الياسري على الكتابة الروائية، بل شملت العمل الصحفي اليومي من خلال مجلة "الثقافة الجديدة" والتي كان مدير إدارتها لبضع سنوات، فضلاً عن عمله اليومي في جريدة "طريق الشعب" وبرنامجه الاذاعي الشعبي "احجيها بصراحة يابو گاطع" وغيرها من الأنشطة. هذا وقد اكتسب عمود شمران الياسري الصحفي مكانة خاصة في الصحافة العراقية.. وذلك لجرأته وصراحته وملامسته لهموم الناس وقضاياهم اليومية، ونجح الياسري في تطويع العمود الصحفي ونقله من بعده الذاتي المونولوجي إلى أفق حواري ديالوغي من خلال إضافة شخصية الدواح، الذي كان المحاور اليومي للكاتب شمران الياسرين فقد كانا يفحصان الظواهر السياسية والاجتماعية ويقلبانها على نار هادئة وبحس ساخر، لذا فعمود ابو گاطع ينتمي إلى العمود الصحفي الساخر الذي هو مزيج من موقف سياسي، وتشريح جريء للظواهر الاجتماعية والسياسية.
ومن هنا فقد اكتسب هذا العمود الصحفي شعبية استثنائية، ليس بين الفلاحين فقط، بل بين عموم القراء والمثقفين.
حري بنا ونحن نستعيد ذكرى شمران الياسري اليوم أن نفيه حقه قدرته روائياً وصحفياً ومناضلاً وإنساناً.
*******************************************
في ذكرى الرابعة والأربعين لرحيل شمران الياسري.. حمزة الخلف فيلسوف الأرض والماء
علاء إسماعيل
لم يولد حمزة الخلف من رحم المدن ولا من رفوف المكتبات، بل وُلد من خاصرة الأرض كنبع صغير يعرف طريقه بين الحصى. ولدته أنامل شمران الياسري كما تولد الأشجار في فجر هادئ، مغموسة جذورها في الطين، وعيناها في الأفق. حمل معه حكمة الحقول وأصوات السواقي وعرق المواسم الذي يتصبب من جباه الفلاحين، وفي ملامحه تتشابك ثلاث طرق كبرى نحو الفلسفة: طريق ماركس، وطريق سارتر، وطريق نيتشه.
فماركس أعطاه عينا ترى كيف يمكن لجدول ماء أن يكون عرشًا، ولورقة ملكية أن تصبح سيفًا، فالساقية عنده ليست ماءً بل شريانًا يمدّ الحياة أو يقطعها بيد واحدة. حمزة الخلف لم يحتج إلى رأس المال ليعرف أن الكلمة إذا صدرت من فم السلطة قد تصبح مفتاحًا يفتح أبواب الرزق لقلة ويغلقها عن كثيرين. الساقية في نظره ليست ماءً يجري، بل نبض حياة؛ من يتحكم بها يمسك برقاب العطاش، ومن يمسك برقاب العطاش يفرض شروطه على الحقول والوجوه. في مجالس القرية يردد: «الأرض إلنا حتى لو الدفتر مو باسمنا»، وهي ليست جملة عابرة بل إعلان أن الحق يسكن فيمن يزرع، لا فيمن يملك ورقة مختومة. وكل موسم حصاد يذكره أن العرق قد يذهب لغير صاحبه، فيذوق مرارة الاغتراب حين يفقد الإنسان ثمار جهده لأن يدًا أخرى قبضت عليها. ومع ذلك لا يدع المعنى يضيع، بل يعيده إلى أهله بحيلة عادلة وبعزم الجماعة، فيتحول الاحتجاج الصغير إلى فعل يومي يحفظ الكرامة تحت سقف نظام يميل للجور. حمزة الخلف لا ينادي بالثورة الكبرى، لكنه ينسج من التعاون قانونًا محليًا للماء، ويضع المتنفذ أمام مرآة الجماعة حتى تتصدع الهيبة من الداخل. أما سارتر فقد منحه يقينًا أن الحرية ممكنة حتى داخل القيد، وأن الاختيار ليس بين الطاعة والتمرد، بل بين كيف تطيع ولأي غاية. وحين تأتي الأوامر القاسية، يبتسم حمزة ويقول: حاضر، ثم يمضي ليحيل الطاعة إلى عدالة لا إلى إذعان. عند سارتر، الإنسان محكوم بالحرية حتى وهو مقيّد، وما يختاره حمزة ليس بين التمرد والطاعة فقط، بل في الكيفية التي يطيع بها ولأي غاية يختار ذلك. الحرية هنا ليست شعارًا، بل حسابًا عميقًا لأثمان الطرق: إن عاندتَ السلطة خسرتَ الأمان، وإن صمتَّ خسرتَ نفسك. فهو لا يهرب من القلق الذي يسبق القرار ويلحقه، بل يواجه ويختار ثم يتحمل العواقب، فيصبح ثقل المسؤولية طاقة نضج لا عبئًا. وسوء النية قناع يختبئ خلفه من يفرّ من حريته («أنا مجرد موظف… الأوامر أوامر»)، وفي القرية يتخفّى المختار وراء التوجيهات، والفلاح وراء «ما باليد حيلة». حمزة يزيح القناع، لا يتصنع العجز، يخطئ ويصيب، لكنه يوقّع اختياراته باسمه. حرية حمزة ليست نزوة فردية، بل ثمرة مشاورة وعُرف ومسؤولية مشتركة، حيث الوجودية تتجسد في أخلاق جماعية تحفظ الكرامة. أما نيتشه فقد وضع في يده ضحكة تكشف هشاشة المأساة. فحين يقتحم رجال مسلحون بيتًا في واقعة هشة، يمتزج الخوف بلمعة سخرية في عينيه، يلتقط عبث المشهد فيبتسم في سره؛ لا ليستخف بالمحنة، بل ليكشف هشاشة القوة حين تتحول إلى عرض مسرحي مرتبك. فعند نيتشه، الضحك في وجه الألم ليس خفة، بل قوة الروح التي ترى الأصنام تتشقق تحت وطأة الواقع. القانون يقول طاعة، والضمير يقول عدل، وحين يراوغ حمزة ظالمًا لينقذ حقًا، فهو يعيد تعريف الفضيلة: فالصدق ليس فضيلة إذا خدم الظلم، والمراوغة ليست رذيلة إذا صانت الحق العام. إرادة القوة عنده ليست سحقًا للآخرين، بل نحت طريق في جدار ضيق بلا جيش ولا منبر، لكنه يحيل قلة الخيارات إلى اختراع عُرف جديد، تحالف محلي، وضحكة تهز هيبة المتغطرس حجرًا بعد حجر. وبوصل أخير بين العوالم الثلاثة، نعرف أن حمزة الخلف قد أخذ من ماركس عدسة تكشف الصراع بين الماء والأرض والقانون، ومن سارتر أخذ شجاعة أن يختار داخل الممكن وأن يحمل وزر قراره، ومن نيتشه أخذ ضحكة تكسر التمثال وميزانًا يزن الأخلاق بثمارها لا بشعاراتها. وعندما تتشابك هذه الخيوط في قلب واحد، ندرك أن حمزة ليس شخصية ورقية، بل أسلوب حياة، ليذكرنا أن الفلسفة لا تُكتب فقط، بل تُزرع وتُسقى وتُحصد، وأن العدالة شجرة تنبت حين تتلاقى جذور الماء والضمير والذكاء.
********************************************
الصفحة الثامنة
اليسار الأمريكي المؤسس للمدرسة القانونية النقدية
هادي عزيز علي
بدأت ملامح المدرسة القانونية النقدية بالظهور في أواخر ستينيات القرن الماضي وغطى نشاطها في مرحلة الذروة في عقدي السبعينيات والثمانينيات من القرن المذكور وحظيت بالاهتمام من الجامعات الكبرى في الولايات المتحدة الامريكية وعلى وجه الخصوص جامعة هارفرد، اذ يتكأ الآباء المؤسسون لهذه المدرسة على الفكر الماركسي ومدرسة فرانكفورت وطرح فكرها لمرحلة ما بعد البنيوية والتفكيكية، لذا عدت طروحاتها ردا على المفاهيم والأفكار التي تضمنتها المدارس القانونية التي سبقتها والتي تلونت بلون أزمتنها وهي : مدرسة القانون الطبيعي، المدرسة القانونية الوضعية، المدرسة القانونية الشكلية (النصية) والمدرسة القانونية الواقعية، والاخيرة لها الهيمنة على الفلسفة القانونية الامريكية. لليسار الامريكي ومدرسته القانونية النقدية موقف معين تجاه كل واحدة من المدارس تلك شكل رؤيتها للقانون باعتباره اداة للهندسة الاجتماعية.
فمدرسة القانون الطبيعي المدرسة الأقدم في الحضارة اليونانية - تنسب مصادرها القواعد القانونية إلى الطبيعة وهي بذلك تخرج الانسان من مصادرها لكون فلسفتها تتوافق مع الفلسفة الدينية، اذ قال عنها الفيلسوف الانجليزي (وليام بلاكستون 1723 – 1780): (الانسان بوصفه مخلوقا عليه أن يلتزم بالقوانين التي وضعها خالقه اذ تسمو قواعده على أي التزام آخر.. فالقانون الطبيعي ملزم للبشر كافة في كل زمان ومكان ولا مشروعية للقوانين التي يضعها الانسان عند التعارض)، يلاحظ أن أفكارها لا تزال عالقة في تفكير البعض إلى يومنا هذا. وجهت نقدا إلى هذه المدرسة لاعتمادها التوسع لمفاهيم الاخلاق بشكلها المطلق مما جعلها لا تتوخى الوضوح او الدقة لطرح تلك المفاهيم خاصة وان القانون في احيان عدة لا يتوافق مع أحكام ازلية لارتباطه بأحكام العدالة والمصالح الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المتغيرة فضلا عن كونها تبرر استخدام الهيمنة والقسر.
المدرسة الوضعية القانونية – انتشرت هذه المدرسة في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر اذ تملك هذه القوانين مشروعيتها من سيادة الدولة التي وضعتها وأن كانت غير عادلة او فاقدة للأساس الاخلاقي للقانون ومن أهم مفكريها (جيرمي بنتام – 1784- 1832) و(جون اوستن – 1911 – 1960) واعتبرت القانون انعكاسا للوضع السياسي، لذا تخالف نظام السوابق القضائية (القانون العام) فهي تسعى إلى وجود علم قانون مستقل ينزع نحو حماية حقوق الملكية الخاصة وحرية التعاقد وسمو المصلحة الخاصة على المصلحة العامة. هذه المدرسة واجهت نقدا حادا من اليسار الأمريكي لعدم وجود قانون مستقل وهي تضفي الشرعية على الانظمة السياسية القائمة مهما كانت ظالمة وترسخ التفاوت الطبقي وهي اداة للهيمنة الاقتصادية كونها اداة بيد السلطة الحاكمة.
اما المدرسة الشكلية (النصية) فهي امتداد للمدرسة الوضعية وبموجبها يكون القاضي مقيدا بشكل صارم بالنص القانوني ويسبب الحكم بعيدا عن الأسباب الاجتماعية او الأخلاقية او السياسية ويطبق القانون بشكل ميكانيكي بعيدا عن الاجتهاد وبعيدا عن روح القوانين وعندهم: (لا اجتهاد في مورد النص) وقال فيها جون جراي (1839 – 1915) إن القانون لا يعد قانونا الا في حالة تطبيقه. وجه اليسار الأمريكي انتقاداته لأنها ذات توجه محافظ متواطئ مع أصحاب المال فضلا عن فشلها في ادخال العلوم الاجتماعية كما كانت تدعي. وأنها أداة بيد الفئات الحاكمة وتستخدم لحماية المصالح الرأسمالية والطبقة الغنية ومتواطئة معها وان ما تسنه من تشريعات لا يدخل في نطاق العدالة الاجتماعية.
المدرسة الواقعية القانونية – ظهرت في الولايات المتحدة الامريكية في بواكير القرن الماضي اذ ترفض الحياد المطلق للقانون وان الاحكام القضائية تصدر ضمن الخلفية الاجتماعية والسياسية وحتى الشخصية للقاضي، لذا فهي تولى القضاة اهتماما خاصا كما انها على خلاف مع المدرسة النصية اذ تطلب الاستفادة من العلوم الاجتماعية وسواها من العلوم الاخرى وانهاء حالة العزلة التي رسمتها المدرسة النصية كما انها تولي اهتماما ملموسا بتسبيب الاحكام القضائية لكي تقف على افكار ومؤهلات وقناعات القضاة للوقوف على مدى الدور الارشادي الذي يرسمه النص القانوني للقضاة. ورغم أن هذه المدرسة تعتبر متقدمة لما سبقها من مدارس إلا أن اليسار الأمريكي وجدها تكتفي بالوصف وتهمل الجانب النقدي لهيمنة السلطة وركزت على الجانب القضائي وتحيزاته دون اعتبار للجوانب القانونية الأخرى فالقانون ليس مجرد ما يحكم به القضاة بل أن ثمة قواعد قانونية تعيد انتاج العنصرية والرأسمالية والتمييز.
بعد قراءة الافكار والمفاهيم للمدارس القانونية المتقدمة وجدت المدرسة القانونية النقدية ان القانون غير محايد بل هو اداة للماسكين للسلطة، وان النصوص القانونية تحتمل قراءات مختلفة مما يفسر صدور أحكام مختلفة للواقعة المعينة التي يصدرها القضاة وان تساوت المراكز القانونية لأطراف الدعوى، وان الكثير من القوانين يكرس الظلم ويستمر فيه بالتذرع بأحكام المشروعية. وفضلا عن ان العديد من القوانين تستخدم لفرض الهيمنة وليس لتحقيق العدالة لما تقدم فقد جاءت المدرسة القانونية النقدية كرد فعل لما سبقها من المدارس وطرح رؤى وتسعى للتصدي لموضوع حياد القانون لكونه غير مستقل عن السياسة او انه منفصل عن الواقع وان لا يكون سببا للهيمنة ويجب ان لا يكون اداة للتحرير ولا للقمع بل اداة للمساواة والعدالة.
*******************************************
الشرق الأوسط الجديد وتصفية القضية الفلسطينية
رشيد غويلب
من الواضح ان ما عاشته منطقة الشرق الأوسط، منذ هجوم حماس في السابع من تشرين الأول 2023 ، لا يمكن حصره بالرد على الهجوم كما تدعي إسرائيل وحلفاؤها الغربيون، لان مسار حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني وبلطجة إسرائيل ومن خلفها ترامب في استخدام التفوق في الحرب التكنلوجية، كان بداية لفرض ما يسمى بالشرق الأوسط الجديد، الذي تتمتع بموجبه إسرائيل بهيمنة إقليمية أحادية، باعتبارها موضوعيا القاعدة العسكرية المتقدمة للغرب الرأسمالي في المنطقة، فإسرائيل والحركة الصهيونية في العالم ، يوظفان شكل "الدولة اليهودية" لتحقيق أهداف الرأسمال الاستراتيجية.
لتحقيق هذا السيناريو، سعى دونالد ترامب، خلال ولايته الأولى، إلى إبرام اتفاقيات تطبيع بين إسرائيل والدول العربية، تُعرف بـ "الاتفاقيات الإبراهيمية". وفي عهد بايدن، جرى الحديث عن إمكانية إبرام اتفاقية من هذا النوع مع السعودية.
جاء هجوم حماس في 7 تشرين الأول وحرب الإبادة التي شنتها إسرائيل، لتحدث تغييرا في توازن القوى الهش أصلا، ولتقطع مسلسل التطبيع، ولو مؤقتا؛ ورأى بعض المتابعين أن عمليات التطبيع، هي التي دفعت حماس لتنفيذ هجومها. لقد تغير الوضع الإقليمي جذريًا. فبينما دمر جيش الاحتلال أسس الحياة في قطاع غزة، بواسطة واحدة من أبشع الحروب، منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. واستطاعت دولة الاحتلال من إضعاف حزب الله في لبنان، وتصفية قيادته، بما في ذلك أمينه العام التاريخي حسن نصر الله.
إن الوصفة السحرية لحكومة الاحتلال، مهاجمة كل ما تعتبره معاديا، وصولا إلى تصفية الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني، وإلغاء وجوده.
وفي كانون الأول 2024، نفذت مجاميع مسلحة من إدلب، خطة مدعومة من الولايات المتحدة وتركيا وقطر، وأسقطوا نظام الأسد المعزول جماهيريا. وجاء ذلك استمرارا لنهج تفتيت الدول الوطنية، بغض النظر عن طبيعة الأنظمة الحاكمة، الذي تبنته الولايات المتحدة، وطبقته، في العراق وليبيا واليمن وبلدان أخرى. لقد خسرت إيران بسقوط الأسد، حليفا رئيسيا آخر بعد إضعاف حزب الله في مسلسل تفكيك "محور المقاومة" ومنذ ذلك الحين، عملت إسرائيل على تكريس خطتها الاستراتيجية في منع ظهور دولة مركزية جديدة وقوية في سوريا من خلال احتلال مساحات واسعة من الأراضي السورية، وتدمير منظومة السلاح السوري الموروث من نظام الأسد. وهاجم سلاح الجو الإسرائيلي إيران، ونفذ عمليات تصفية للعديد من القيادات العسكرية والعلمية، ونفذت الولايات المتحدة عمليات قصف نوعية للمنشآت النووية الإيرانية، ما تزال نتائجها المعلنة محل جدل.
إن كل ما قامت وتقوم به إسرائيل مستند على دعم امريكي، وفي عهد ترامب، اكتسب العدوان الإسرائيلي ضد شعوب المنطقة زخما ولو لحين، ارتباطا بطبيعة معسكر ترامب السياسية والفكرية وشخصيته غير المنضبطة، وهذا ما عكسه تزايد الاستياء في معسكر ترامب الانعزالي، عندما دعمت الولايات المتحدة الهجوم الإسرائيلي على المنشآت النووية الإيرانية بضربات جوية.
بغض النظر عن طبيعة النظام السياسي الحاكم في إيران والموقف منه، الا أن الهجوم الإسرائيلي على إيران يمثل وفق خبراء القانون حربًا عدوانية غير مشروعة، واجهه الغرب "الديمقراطي" بالصمت والدعم غير المعلن. ويعكس ذلك تعمق ضعف تأثير القوانين الدولية في عهد ترامب. وجاء تصريح المستشار الألماني فريدريش ميرتس، الذي اعتبر الهجمات الأخيرة على إيران "عملًا قذرًا" تقوم به إسرائيل "من أجلنا جميعًا"، ليعبر عن استخفاف وقح بإيران كشعب وكبلد مستقل. ويكشف أيضًا عن خرق فاضح للقانون الدولي. ولعل المراهنة ان تؤدي هذه الممارسات إلى تغيير إيجابي في المنطقة، هي وهم واضح وفكرة كارثية. فرغم أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يُحب حاليًا الحديث عن "السلام بيننا وبين الشرق الأوسط بأكمله"، الا ان اعلان عن احتلال غزة، يكشف من جديد هدف دولة الاحتلال المتمثل باجتثاث شعب فلسطين.
أي شرق أوسط نريد؟
"الشرق الأوسط الجديد"، كما تريده الامبريالية، مشروع هيمنة، تلعب فيه إسرائيل دورا محوريا، باعتبارها كيانا للفصل العنصري، وقاعدة متقدمة للإمبريالية الغربية في المنطقة، وإسرائيل بهذا المعني تدعي شكل "الدولة اليهودية"، لتحافظ على العنصرية الدينية كأداة للكراهية ونشر الأوهام، مع انها تعلم جيدا انها لا تمثل يهود العالم، بل هي نتاج للمشروع الصهيوني الذي دعمه الرأسمال الأوربي، ليتخلص من "المشكلة اليهودية"، التي عجز عن حلها من جانب، والحصول على حليف جديد، في عملية تخادم تاريخية، دعم المشروع الصهيوني القائم على استلاب فلسطين، مقابل خدمة الحركة الصهيونية لمشاريع الاستعمار والهيمنة الغربية في واحدة من اهم مناطق العالم الاستراتيجية.
اما الشرق الأوسط الذي يسعى له الحس الإنساني السليم، فهو في جوهره يوتوبيا للتعايش السلمي لشعوب المنطقة، يجري فيها تعاون دولي على قدم المساواة، وتختفي فيها الميليشيات المسلحة والتعصب الديني. ومن المعروف ان جامعة الدول العربية تبنت قبل أكثر من عشرين عامًا، رؤية لتحقيق حل الدولتين، الذي تضمن تطبيعًا كاملاً للعلاقات مع إسرائيل، شرط قيام الدولة الوطنية الفلسطينية كاملة الحقوق. قد يبدو هذا الحل صعبا اليوم، ولكن من الثابت، ان لا سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط، دون إقرار الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني.
لكن المشروع الصهيوني مختلف تاريخيا، سياسة اليمين الفاشي الذي تمثله حكومة نتنياهو المدعومة من ترامب، جعلت إسرائيل غير قادرة، على انجاز تطبيع سريع وتعاون اقتصادي وعسكري، حتى مع دول الخليج الخاضعة للمظلة الامريكية، دون تقديم مؤشر ملموس بالإقرار بحق الفلسطينيين في تقرير المصير. وقدم ترامب نموذجا لمستقبل الشعب الفلسطيني في إطار "صفقة القرن"، التي أطلقت يد إسرائيل في ضم المزيد من الأراضي الفلسطينية المحتلة، الأمر الذي يجعل قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة أمرًا مستحيلًا. وتستند الرؤية التي يُروّج لها الآن على "السلام بالقوة، ولكن بدون الفلسطينيين". أن نتنياهو مقتنع تمامًا بأنه، نظرًا للهيمنة الإسرائيلية الجديدة في المنطقة، لن يضطر بعد الآن إلى تقديم أي تنازلات. ولهذا أصر على استمرار حرب الإبادة الجماعية، وتسبب في تدمير كامل للأسس الحياة في قطاع غزة، وفي استخدام الجوع كسلاح فتاك لتحقيق أهدافه المعلنة. لقد أدت الكارثة الإنسانية المستمرة، إلى ان تراجع البلدان الغربية، ولو جزئيا لموقفها من تزويد إسرائيل بالسلاح، فيما بقيت الولايات المتحدة الأمريكية منفردة في الدعم غير المشروط لبربرية الفاشيين الصهاينة.
وعلى الرغم من تعمق المأساة الإنسانية، لكن المؤسسات الصهيونية الحاكمة تستمر في تبني مبادرة "درع إبراهيم"، التي يطالب بها "تحالف من أجل الأمن الإقليمي" بنظام جديد. تقوم ترجمة "النجاحات العسكرية التاريخية" لإسرائيل إلى مبادرة سياسية. ويشمل ذلك أساسًا توسيعًا سريعًا لاتفاقيات إبراهيم، لا سيما مع السعودية،. ويهمل هذا التحالف، الذي يضم عشرات من رؤساء المخابرات السابقين وأفراد الجيش والوزراء، القضية الفلسطينية عمدًا. ويزعمون أنه "لا توجد حاليًا إمكانية لإقامة دولة فلسطينية"، لكنهم يريدون السعي مع الولايات المتحدة وشركائها الإقليميين، إلى "انفصال تدريجي" عن الفلسطينيين، ومما لا شك فيه، فان هذا الانفصال المزعوم لا يعني سوى تحقيق حلمهم في تهجير الفلسطينيين إلى خارج حدود فلسطين التاريخية واغلاق الملف بمحو وجود الشعب الفلسطيني. وبدا واضحا ان التجسيد العملي لـ "الانفصال التدريجي عن الفلسطينيين" لا يعني إنهاء الاحتلال، بل التوسع في الاستيطان والضم القسري للأراضي المحتلة في الضفة الغربية، بالإضافة إلى ضمان سيطرة صهيونية على التطور الديموغرافي في بقية الأراضي المحتلة من خلال عزل غزة وحرمان الفلسطينيين من حرية الحركة بشكل دائم. ولقد كان بناء "الجدار العازل"، أحد العناصر الرئيسية. لقد استولى المحتلون، من خلال بناء الجدار، على قرابة 10 في المائة من أراضي الضفة الغربية، الأمر الذي اعتبرته محكمة العدل الدولية، في عام 2004 غير قانوني.
وحشية غير مسبوقة
بعيدا عن الاتفاق او الاختلاف الفكري والسياسي مع حركة حماس، الا أن هجومها في السابع من تشرين الأول، مثل اختراقا عسكريا وأمنيا لمؤسسات دولة الاحتلال، وشكل لحظة خوف حقيقي لدى رعاة المشروع الصهيوني الكبار، وأثار في داخل إسرائيل انتقادات حادة للإخفاقات الأمنية، ولهذا سعى ويسعى نتنياهو إلى استغلال الحدث لاستعراض القوة في المنطقة، ولتنفيذ خطط ومشاريع كانت تنتظر الفرصة المناسبة، وكذلك تعزيز شعبيته وإرضاء شركائه الأكثر عنصرية وتطرفا في الائتلاف الحاكم. وفي نهاية المطاف يبقى منع قيام الدولة الفلسطينية ذات السيادة الكاملة أهم أهدافه.
لم يسبق منذ نكسة الخامس من حزيران ١٩٦٧ أن استطاعت إسرائيل احداث تغيير لصالح مشروعها العدواني، بهذه السرعة والوحشية. يتعرض سكان غزة البالغ عديدهم أكثر من مليوني نسمة لعنف فاشي غير محدود واستخدام ممنهج للتجويع كسلاح ابادة. لقد اعتبرت جميع منظمات حقوق الإنسان الرئيسية، وكذلك كبار الباحثين في جرائم الإبادة الجماعية، الحرب الدائرة ضد سكان غزة، بأنها عملية إبادة جماعية. ويتحدث مسؤولو الحكومة الاحتلال ة صراحةً عن تمركز السكان في مخيم ضخم في جنوب القطاع وعن أوهام التهجير، التي يسمونها "الرحيل الطوعي". وفي الضفة الغربية أيضًا، قبل وبعد هجوم حماس، يتواصل تهجير الفلسطينيين من قرى بأكملها؛ ويمارس المستوطنون القتل وهدم المنازل على نطاق واسع، في تنفيذ مكشوف لخطة اليمين الفاشي الصهيوني في تغيير التركيبة السكانية بشكل دائم. وتطبيق رؤيته للهيمنة القومية والاستيلاء على الأراضي الفلسطينية المحتلة بالكامل.
وماذا بعد؟
يحاول نتنياهو تحقيق رؤيته في شرق أوسط خاضع لهيمنة غربية – إسرائيلية، لكن هذا يعني استمرار الاحتلال والهيمنة العسكرية والقصف المتواصل والاغتيالات المحددة مسبقا.. وبالمقابل ستتصاعد الصراعات الإقليمية، وربما تأخذ اشكالا جديدة، في مواجهة التدخلات العسكرية المستمرة، التي تمثل انتهاكات خطيرة للقانون الدولي. ان المراهنة الإسرائيلية على وجود دول فاشلة، وغياب أنظمة تقدمية، وغياب دور مؤثر لقوى اليسار والتقدم، ينسيها ان هذا الواقع سيدفع شعوب المنطقة إلى رد مقاوم أكثر راديكالية، قد لا يظهر سريعا، لكنه لا يغيب. ما حدث أشر غياب مقاومة ذات طابع وطني جامع وهوية تحررية، وهناك نقاشات واسئلة بشأن أشكال جديدة لمقاومة مشاريع الهيمنة الامبريالية عالمية كانت ام إقليمية، فضلا عن ان ظهور مقاومة مسلحة بمضامين جديدة أمر منطقي.
**********************************************
الصفحة التاسعة
تعليق انتخابات الاتحاد العراقي لكرة القدم
بغداد – طريق الشعب
طلب الاتحاد الدولي لكرة القدم "افيفا"، أمس السبت، من الاتحاد العراقي لكرة القدم تعليق انتخاباته حتى إشعار آخر.
وأوضح الاتحاد الدولي في بيان أن هذا الإجراء يأتي "لحماية نزاهة وسلامة سلوك العمليات الانتخابية للاتحاد العراقي، والتي كان من المقرر إجراؤها خلال المؤتمر الانتخابي الاستثنائي المقرر في 16 أيلول 2025".
وأشار البيان إلى أن "الفيفا والاتحاد الآسيوي لكرة القدم (AFC) سيقومان بتنظيم بعثة تقصي حقائق مشتركة إلى العراق خلال شهر أيلول، تشمل اجتماعات مع جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك الاتحاد العراقي لكرة القدم".
*****************************************
مواجهات قوية تنتظر الشرطة والزوراء في دوري أبطال آسيا
متابعة ـ طريق الشعب
أسفرت قرعة بطولتي دوري أبطال آسيا للنخبة ودوري أبطال آسيا 2، التي سُحبت يوم الجمعة الماضي في العاصمة الماليزية كوالالمبور، عن مواجهات قوية ومعقدة لممثلي الكرة العراقية، الشرطة والزوراء، في النسخة الجديدة من الموسم 2025-2026.
الشرطة في مجموعة نارية
ووجد فريق الشرطة العراقي نفسه في مواجهة عدد من كبار أندية القارة في دوري أبطال آسيا للنخبة، حيث أوقعته القرعة مع أندية السد والغرافة والدحيل من قطر، إلى جانب الأهلي والاتحاد والهلال من السعودية، فضلًا عن تراكتور سازي الإيراني وناساف الأوزبكي.
ووصف نجم الفريق السابق، سعد قيس، مجموعة "القيثارة الخضراء" بالصعبة، وقال ان "الشرطة هو الفريق الأفضل محليًا حاليًا، والجماهير العراقية تعوّل عليه قاريًا بعد إخفاقه في النسخة الماضية، ما يجعل المسؤولية مضاعفة على الفريق الذي حقق إنجازًا تاريخيًا بحصد أربع بطولات دوري متتالية".
وأضاف قيس: "القرعة جاءت معقدة بوجود أندية سعودية قوية تضم نجومًا عالميين، وأخرى ذات باع طويل في البطولة، وهو ما قد ينعكس على مشوار الشرطة محليًا في دوري نجوم العراق".
وأكد أن الفريق بحاجة إلى تدعيم صفوفه بمحترفين على مستوى عالٍ، خاصة في خط الهجوم بعد رحيل هدافه مهند علي، مشددًا على أن نجاح الفريق يتطلب الجاهزية البدنية والذهنية، مع ضرورة تدوير اللاعبين وتوظيف المرونة التكتيكية من قبل المدرب.
وكان الشرطة قد أبرم صفقات جديدة استعدادًا للموسم، أبرزها التعاقد مع البرازيلي موسيس لوكاس، والسنغالي دومنيك ميندي، والمغربي مهدي أصحابي.
وسيبدأ الشرطة مشواره في دوري أبطال آسيا "النخبة" بمواجهة السد القطري يوم 15 أيلول المقبل على ملعب الزوراء في بغداد، قبل أن يلاقي الغرافة في الدوحة يوم 29 من الشهر نفسه، ثم يعود ليستضيف الاتحاد السعودي في 20 تشرين الأول. وفي الجولة الرابعة يواجه تراكتور الإيراني في طهران يوم 3 تشرين الثاني، على أن يلتقي الهلال السعودي في الرياض يوم 25 من الشهر ذاته، ثم يستضيف الأهلي السعودي يوم 22 كانون الأول في بغداد. ويحل الشرطة ضيفاً على ناساف الأوزبكي في 9 شباط 2026، فيما يختتم مبارياته بمواجهة الدحيل القطري على ملعب الزوراء يوم 15 شباط.
الزوراء أمام تحدٍ جديد
في المقابل، أوقعت قرعة دوري أبطال آسيا 2 فريق الزوراء العراقي في المجموعة الرابعة إلى جانب النصر السعودي، الاستقلال الطاجيكي، وغوا الهندي. وتقام أولى المباريات في 16 سبتمبر/أيلول المقبل.
وقال ممثل النادي في القرعة، غيث عبد الغني، إن "الفريق استعد مبكرًا لهذا الاستحقاق، وأبرم صفقات مهمة ليصبح أقوى فنيًا تحت قيادة المدرب عبد الغني شهد، ما يعزز طموحه بالمنافسة على اللقب القاري".
وبيّن أن الزوراء سيخوض مبارياته على ملعبه في بغداد بعد أن حصل على إشادة من الاتحاد الآسيوي، مشيرًا إلى أن الإدارة تواصل أعمال الصيانة والتأهيل لاستقبال الجماهير والضيوف بأفضل صورة.
ويستعد الفريق لمعسكر خارجي الأسبوع المقبل ضمن خطة التحضيرات، بعدما دعم صفوفه بعدد من اللاعبين البارزين، بينهم الثلاثي الأردني نزار الرشدان، وعبد الله نصيب، ورزق بني هاني، إضافة إلى نجم البحرين مهدي الحميدان.
ويستهل مشواره بمواجهة غوا الهندي في 17 أيلول بالهند، قبل أن يستقبل النصر السعودي في بغداد يوم 1 تشرين الأول، ثم يرحل إلى دوشنبه لملاقاة الاستقلال الطاجيكي في 22 من الشهر ذاته. وفي الجولة الرابعة يواجه الفريق مجدداً الاستقلال لكن في بغداد يوم 5 تشرين الثاني، ثم يلتقي النصر السعودي في الرياض يوم 26 من الشهر نفسه، ليختتم مشواره بمواجهة غوا الهندي في بغداد يوم 24 كانون الأول المقبل.
*****************************************
برشلونة ينجح في تسجيل غارسيا رسمياً
برشلونة – وكالات
نجح نادي برشلونة رسميًا في تسجيل الحارس خوان غارسيا في قائمة الفريق لدى رابطة الدوري الإسباني، ليصبح متاحًا للمشاركة في المباراة الافتتاحية لليجا أمام ريال مايوركا، اليوم السبت.
وذكرت صحيفة "موندو ديبورتيفو" الإسبانية أن الوضع يختلف بالنسبة للإنكليزي ماركوس راشفورد، الذي ينتظر الحصول على بطاقة اللعب الخاصة به بعد اعتماد الضمان المالي من رابطة "الليغا".
وظهر اسم غارسيا في قائمة برشلونة على الموقع الرسمي للدوري الإسباني، لكنه لم يحصل بعد على رقم رسمي، في حين تم تسجيل إيناكي بينيا بالقميص رقم "1".
وجاء تسجيل غارسيا بعد قرار اللجنة الطبية في "الليغا" التي اعتبرت أن إصابة الحارس الألماني مارك أندريه تير ستيغن تدخل ضمن حالات الغياب الطويل، إذ تأكد أن فترة غيابه لن تقل عن خمسة أشهر، ما سمح للنادي الكتالوني باستخدام جزء من عقده لقيد الحارس الشاب.
******************************************
العراق يشارك في بطولتين عالميتين لألعاب القوى
متابعة ـ طريق الشعب
أعلن الاتحاد العراقي لألعاب القوى، أمس السبت، مشاركة المنتخب الوطني في بطولتين بارزتين خلال شهري أيلول وتشرين الثاني المقبلين.
وقال المنسق الإعلامي للاتحاد، ميثم الحسني، إن "المنتخب العراقي سيشارك في بطولة العالم المقررة في العاصمة اليابانية طوكيو خلال أيلول المقبل، إضافة إلى دورة ألعاب التضامن الإسلامي 2025 بنسختها السادسة، التي ستقام في مدينة الرياض السعودية للفترة من 7 إلى 21 تشرين الثاني المقبل". وأشار الحسني إلى أن المنتخب بدأ تحضيراته في الهند استعدادًا للاستحقاقين، معربًا عن أمله بتحقيق نتائج إيجابية. يذكر أن المنتخب العراقي كان قد أحرز الميدالية البرونزية في سباق التتابع 4×400 متر ضمن ملتقى الجولة القارية بالهند، فيما حلّ العداء عبد الله جلال سابعًا في منافسات الوثب الطويل.
********************************************
اتحاد الكرة ينفي صعود أربعة أندية إلى الدوري الممتاز
متابعة ـ طريق الشعب
نفى الاتحاد العراقي المركزي لكرة القدم، أمس السبت، إصدار أي قرار يقضي بصعود أربعة أندية هي (الصناعة، الصناعات الكهربائية، الصوفية، الشرقاط) إلى مصاف دوري الدرجة الممتاز.
وقال عضو الاتحاد، غانم عريبي، في تصريح للوكالة الرسمية: "أستغرب هذه التصريحات، فالاتحاد لم يصدر مثل هذا القرار، إذ إن صلاحية صعود الفرق تعود إلى الهيئة العامة للاتحاد، وفق ما نص عليه النظام الأساسي".
وأضاف عريبي أن "من غير الممكن أن يكون عدد فرق الدوري الممتاز 24 فريقاً، في وقت لا يتجاوز فيه عدد الأندية المشاركة في دوري النجوم 20 فريقاً فقط".
**********************************************
ألكاراز يتأهل إلى نصف نهائي سينسيناتي ويضرب موعداً مع زفيريف
سينسيناتي – وكالات
تأهل الإسباني كارلوس ألكاراز، المصنف الثاني عالميًا، إلى نصف نهائي بطولة سينسيناتي للأساتذة (1000 نقطة)، بعد فوز صعب على الروسي أندري روبليف، المصنف التاسع، بمجموعتين مقابل مجموعة واحدة بواقع (6-3) و(4-6) و(7-5)، في مباراة استغرقت ساعتين و17 دقيقة.
وبهذا الانتصار، بلغ ألكاراز نصف النهائي رقم 12 في مسيرته الاحترافية ببطولات الأساتذة، معادلًا إنجاز مواطنه كارلوس مويا كثالث أكثر لاعب إسباني يصل إلى هذا الدور، خلف رافائيل نادال (76 مرة) وديفيد فيرير (18 مرة). كما واصل سجله المميز هذا الموسم، حيث تمكن من الفوز في 9 مباريات من أصل 10 خسر خلالها المجموعة الثانية بعد حسم الأولى.
وقال ألكاراز عقب المباراة في تصريحات لموقع رابطة اللاعبين المحترفين: "الأمر يتعلق بقبول اللحظة وخوض معركة ثالثة، أحب هذه الأجواء الصعبة المليئة بالطاقة. رغم فقداني التركيز في المجموعة الثانية، حافظت على الصلابة الذهنية وهذا ما يجعلني فخورًا".
وسيلتقي النجم الإسباني في نصف النهائي الألماني ألكسندر زفيريف، المصنف الثالث عالميًا، الذي تخطى الأمريكي بن شيلتون، المصنف الخامس والمتوج مؤخرًا ببطولة تورنتو، بمجموعتين دون رد (6-2 و6-2) في غضون ساعة و17 دقيقة.
وكان زفيريف قد عانى من بعض المشاكل التنفسية خلال اللقاء، ما استدعى تدخل الطبيب وهو متقدم 2-1 في المجموعة الثانية، قبل أن يؤكد بعد المباراة: "دخلت وأنا أشعر بحالة رائعة، لكن مع مرور الوقت بدأت أعاني من صعوبات في التنفس. لا أعرف ما الذي حدث بالضبط، لكنني الآن في نصف النهائي وسأفعل كل ما بوسعي لأكون جاهزًا للمباراة المقبلة".
**********************************
وقفة رياضية.. واجب الصحافة تشخيص الأخطاء في المؤسسات الرياضية
منعم جابر
يقود العمل الرياضي في بلدنا عددا من المؤسسات الرياضية الرسمية والشعبية، وهو يعتمد أولاً على الدعم الحكومي، إضافةً إلى النشاطات التي تدر عليه واردات وأموالاً خاصة. إلا أن واقعنا الرياضي ما زال يعتمد بدرجة كبيرة على الدولة ومؤسساتها الرسمية. وبحكم هذا الواقع، فإن من الواجب على القائمين عليه تقبّل الأفكار والمقترحات والملاحظات، بل وحتى النقد والانتقاد عند وقوع العيوب والأخطاء، لأن الأموال التي تُصرف على الرياضة هي أموال الشعب والمجتمع، ولا يمكن للمجتمع أن يتنازل عن حقه في إبداء الملاحظات وتقديم التصويبات لجميع المؤسسات التي تدير هذا القطاع.
وعلى هذا الأساس، يتوجب على قادة المؤسسات الرياضية ـ اتحادات وأندية رياضية واللجنة الأولمبية الوطنية ـ أن يؤمنوا بأن هذه الملاحظات والأفكار والانتقادات صادرة من الشعب وإليه، مما يستدعي قبولها والتعامل معها بروح رياضية. لكن ما نلاحظه في الواقع أن الكثير من قادة هذه المفاصل الرياضية يتعاملون مع الصحافة والإعلام، باعتبارهما "السلطة الرابعة"، بحساسية وبمواقف سلبية ومزاجية، بعيداً عن المطلوب والمتعارف عليه. فكثير من مسؤولي الرياضة وقادتها اتخذوا مواقف مسبقة من الإعلام الرياضي، ومن كتابه ومعدّي برامجه، بحجة مواقف شخصية أو تقاطعات معينة.
في المقابل، نجد أن معظم معدّي البرامج الرياضية ومقدميها يتسمون بالإيجابية والتفاعل مع الحدث الرياضي، باستثناء قلة قليلة منهم ممن يتعاملون مع أحداث معينة بحساسية وبمواقف مسبقة، وهؤلاء لا يمثلون إلا نسبة محدودة في الإعلام الرياضي. أما الغالبية العظمى من الزملاء العاملين في الصحافة والإعلام فهم من الواعين والموضوعيين، ويضعون مصلحة الرياضة والوطن في المقام الأول.
لقد كان الإعلام الرياضي، وما يزال، إيجابياً تجاه الأحداث الرياضية. فعند تحقيق الفوز والنتائج الإيجابية ـ سواء في الرياضات الفردية أم الجماعية ـ نجده متفاعلاً ومصفقاً لأبطال الرياضة وصانعي الإنجاز. أما في حالات الإخفاق والفشل، فإن الكثير من الإعلاميين يسوقون ملاحظات وأفكاراً موضوعية تُطرح بحيادية، بعيداً عن الشخصنة والحساسيات. وهذه المواقف تُسهم في خدمة الواقع الرياضي، وتصب في مصلحة البطل أو الفريق الذي أخفق، بعيداً عن تصفية الحسابات أو المواقف الشخصية.
من هنا نقول ونؤكد لأحبائنا في الإعلام الرياضي: عليكم أن تميزوا بين مواقفكم الشخصية وعلاقاتكم المهنية في كتاباتكم وتحليلاتكم، وأن يبقى الاحترام والحياد حاضرين فيما تعرضونه أو تتحدثون به وتقدمونه لأبناء الرياضة وعشاقها، فذلك أمانة في أعناقكم ومسؤولية تاريخية تجاه شعوبكم ورياضتكم. كما ندعو زملاءنا الإعلاميين، بكل صنوفهم، إلى التمسك بالموضوعية والحديث بالحق ولأجل الحق، بعيداً عن التزلف أو التلاعب بالألفاظ والحكايات التي قد تُضلل المتلقي وتزوّده بمعلومات غير دقيقة، فتزرع الشك وتضيّع الحقيقة التي يسعى المواطن الرياضي إلى الوصول إليها.
وفي المقابل، نقول لأحبائنا في قيادة المؤسسات الرياضية: تقبّلوا الملاحظات والأفكار والانتقادات التي يطرحها الإعلام الرياضي حول مؤسساتكم وإنجازاتكم وإخفاقاتكم، فالمصارحة هي الطريق الصحيح والوحيد نحو التقدّم والنجاح الرياضي. ونوجّه خطابنا أيضاً إلى بعض الإعلاميين: قولوا الحقائق كما هي، وإن أخفقتم فاقبلوا ذلك بروح رياضية عالية، وضعوا أساساً لنجاح قادم بعيداً عن المغالاة والعناد.
**********************************************
الصفحة العاشرة
مكسيم دلبْيار.. ابن سينا وخلاصات {الحكمة الشرقية}
مارلين كنعان*
في التجديد الذي تشهده الدراسات الإسلامية الحديثة في أوروبا، يأتي كتاب الباحث الفرنسي مكسيم دلبْيار الصادر حديثاً، إثر تراجع الخطاب الذي كان سائداً لفترة طويلة، والذي كان يرى في ابن سينا أحد آخر ورثة التقليد الفكري اليوناني الذي أعلن عن أفول الفلسفة في أرض الإسلام بعد القرن الثاني عشر الميلادي.
ويلقي كتابه "نصير الدين الطوسي، فيلسوف التقدّم، عودة إلى معنى ابن سينا" (منشورات فران، باريس، 2025)، ضوءاً جديداً على عمل من الأعمال الفلسفية الكبرى في الإسلام: شرح عالم الكلام والفلك والطب والفيلسوف نصير الدين الطوسي لكتاب "الإشارات والتنبيهات" للشيخ الرئيس ابن سينا، المعروف باسم "حل مشكلات الإشارات". الطوسي عاش في زمن مضطرب سياسياً، شهد اجتياحات المغول وتدمير مكتبة ألموت الكبرى وسقوط بغداد عام 1258، وهي أحداث هزّت عصره وأثّرت في مسيرته. أما ابن سينا فيعدّ كتابه "الإشارات والتنبيهات" من أهم كتبه. لذا تناوله الكثيرون من علماء المسلمين بالشرح والتحليل، ولعل أهم هذه الشروح إلى جانب شرح الطوسي شرح فخر الدين الرازي وسيف الدين الآمدي وغيرهما.
يدافع الكتاب عن أطروحة مفادها أن الطوسي لا يُؤسّس لتقليد تفسيري لفلسفة ابن سينا فحسب، بل يكرس صورة "عرفانية" لهذه الفلسفة، سرّعت في تشكُّل فلسفة "ابن سينيّة فارسية" التقت فيها تيارات فلسفية ولاهوتية وروحية متعددة داخل الإسلام كالشيعة والتصوف، وغيرها. وإذ يعتبر أن الصراع التأويلي الذي خاضه الطوسي مع المتكلم الأشعري فخر الدين الرازي صراع حاسم، فإنه يرى أن الدفاع عن ابن سينا اقترن بمشروع أوسع لتأسيس لاهوت فلسفي شيعي، سرعان ما كرّس بدوره سلطة الطوسي كمرشد روحي لعصره. ولأن فكرة التقدّم كانت تخترق، كخيط ناظم، حياة الطوسي وأعماله في خضمّ فوضى الغزوات المغولية وسقوط الخلافة العباسية، فذلك لأنه تصوّر الفكرَ أيضاً بوصفه تقدّماً.
ينطلق دلبْيار من مسلمة تؤكد أن شرح الطوسي يُعدّ شرحاً مهماً لأنه غدا برأيه تمريناً مدرسياً لا غنى عنه في تكوين أجيال من الطلبة في القرون الأولى لما بعد ابن سينا؛ ولأنه أصبح معياراً للحقيقة في ما ينبغي أن يُفهم من فلسفة ابن سينا، بحيث فرض، من ناحية المعنى، تأويلاً قوياً لهذه الفلسفة، ومن ناحية المبنى، منهجاً خاصاً؛ ولأن الفلاسفة الذين ساروا على نهج ابن سينا رأوا في فلسفته الأخيرة، أي "الحكمة المشرقية"، خلاصة فلسفته كلها. فصار شرح كتاب "الإشارات" النص المرجعي في التعليم الفلسفي، لا بل النص الرائج في الأوساط العلمية وبين النخب المثقفة. فشكّل هذا الكتاب لحظة فاصلة في تاريخ الفكر الإسلامي، إذ رسم "صورة جديدة للفكر" تُعرف باسم "العرفان"، وجعل من "العارف" نموذجاً لما يمكن تسميته بتحفظ، "الفيلسوف الجديد".
ينبه الباحث الفرنسي قرّاء كتابه إلى أن شرح الطوسي لـ "الإشارات" ظهر في وقت نشأت فيه تقاليد جديدة في التفسير وصيغت فيه صور مختلفة للأفلاطونية والمشّائية السينية، وأن المعنى الحقيقي الذي بيّنه الطوسي لفلسفة ابن سينا أظهر في الوقت عينه سوء تأويل هذه الفلسفة. إذ رسم إلى جانب تأويله صورة لتأويلات "زائفة" تبدت بحسبه في قراءة فخر الدين الرازي، جازماً أن معنى هذه الفلسفة هو كما قرأها هو، لا كما قرأها الرزاي. وهذا برأي دلبْيار موقف شارح متمكن يدفع كل قارئ إلى اختيار واحد من اثنين لا ثالث لهما.
ويبيّن دلبْيار كيف أن شرح الطوسي أعطى نَفَساً جديداً لفلسفة ابن سينا، وأسهم في نشرها في الأوساط الشيعية، حيث لم تكن تحظى بعدُ بقبول واسع. غير أن إعادة الاعتبار إلى هذه الفلسفة لم تكن أمراً بديهياً. ولهذا نرى الطوسي يبذل جهداً كبيراً في محاولة التوفيق بين مقولات ابن سينا وبعض العقائد الإسماعيلية، حتى ولو كان ذلك على حساب "التواءات" مذهلة محاولاً المواءمة بين الفلسفة السينية والعقيدة الاثني عشرية الناشئة، سعياً لإنقاذ فكرٍ مُهاجَم من خصوم عديدين: الأشاعرة (فخر الدين الرازي)، والصوفيون (صدر الدين القونوي تلميذ ابن عربي)، والإسماعيليون أنفسهم (كما في حالة الشهرستاني)، وهم من أشد الخصوم خطراً لأن علاقتهم بابن سينا لم تكن بالضرورة علاقة رفض، بل كانت ممزوجة أحياناً بشيء من التعاطف. ويجوز القول إن شرح الطوسي قد مكّنه من ضرب عصفورين بحجر واحد: إفشال محاولة الرازي للاستيلاء الأشعري على ابن سينا، والتمهيد لاستيلاء شيعي على فكره. ويبدو أن الطوسي وجد في التربة الشيعية الإسماعيلية أولاً، ثم في الاثني عشرية، البيئة المثلى لزراعة هذا المشروع.
يقارب المؤلف شرح كتاب "الإشارات" من زاوية المنظور التعاقبي التاريخي الذي يضعه ضمن سلسلة التقليد التأويلي الممتد عبر الزمن، مؤكداً أن الاهتمام المتجدد في السنوات الأخيرة بكتاب "الإشارات" يعود بالدرجة الأولى إلى اتباع المنظور التاريخي، الذي أعاد النظر في مكانة "الإشارات" ضمن تاريخ الفلسفة السينية ومكانتها في الفلسفة الإسلامية، مبيناً أن أبرز التيارات الحالية في البحث حول تاريخ فلسفة ابن سينا تتجه إلى دراسة "الإشارات" بوصفها المنبع المؤسِّس لهذا التقليد الفلسفي. لكنه بالتوازي يشير إلى النزعة التنظيرية المنهجية التي حلّت محلّ روح الجدل والخصومة، مغلبةً روح الفهم والاستيعاب والتي استثمرت بدورها في مراجعة دور فخر الدين الرازي في نشأة هذا التقليد التفسيري وفي صياغة إحدى صور الفلسفة السينية نفسها.
يشدد دلبْيار على أن تاريخ الفلسفة وعلم الكلام في الإسلام شهد في القرن الثاني عشر الميلادي تحولاً جوهرياً بدأ مع الغزالي وانتهى مع الرازي. فمن جهة، لدينا "القدماء"، ومن جهة أخرى لدينا "المحدثون". والمحدثون هم أصحاب فكر جديد وُلِد من تفاعل علم الكلام الكلاسيكي وفلسفة ابن سينا التي شكلت أعمال الرازي أولى تحوّلاتها، فأفرزت ما يمكن تسميته "أشعرية ذات نزعة سينية" أو "لاهوتاً فلسفياً"، له من الأهمية في علم الكلام الإسلامي ما لابن سينا في الفلسفة العربية. يتجاوز الكتاب الأحكام المسبقة التي كرّستها دراسات صدرت في القرنين الماضيين، والتي صورت الرازي على أنه "غزالي" جديد جاء ليقضي على ابن سينا، قبل أن يأتي الطوسي، حامي حمى الفلسفة السينية، ليتحدى الأشعري ويتغلب عليه.
صحيح أن الرأي السائد بين المتخصصين كان يعتبر الرازي، الوريث الشرعي للغزالي، ناقداً بلباس المتكلم الأشعري لابن سينا، بينما نُظِرَ إلى الطوسي كمدافع عن شيخه دفاع الجندي الصغير المخلص للفلسفة السينية. وقد سلطت أولى الدراسات المقارنة الضوء على أوجه الخلاف بين الشخصيتين في طبيعة المكان والجسم وقدم العالم وعدد السماوات وطبيعة المعرفة الإلهية والإنسانية ووجود العقل المفارق وإمكانية التوبة وطبيعة العقاب الإلهي وطبيعة الإيمان. لكن هذا الرأي أصبح اليوم أكثر تعقيداً. إذ يبدو أن البحث الحديث في التقليد السيني بدأ يركز من الناحية المنهجية على الفيلولوجيا وتاريخ النصوص، ومن ناحية الموضوع على الدور التأسيسي لفخر الدين الرازي، وذلك على الأقل لسببين: اختياره "الإشارات" نصاً مرجعياً في الفلسفة السينية، ومحاولته بناء هذه الفلسفة كنظام فكري متكامل.
إلا أن كتاب دلبْيار يسلك اتجاهاً معاكساً للاتجاه الذي تسلكه الدراسات الرازية: فأسطورة "صراع الأبطال" المنتمين إلى معسكرين متقابلين، ليست برأيه وليدة القرنين الماضيين، بل هي بالضبط ما أراد الطوسي تأسيسه وصياغته. لذا اختار هذا الباحث النظر إلى فلسفة ابن سينا من منظور الطوسي، لكي يفهم، ولو جزئياً، منطقه وخلفياته. فإن كان فهم الموقف الحقيقي للرازي يتطلب فصله عن الصورة المشوّهة التي رسمها له الطوسي، فإن فهم الموقف الحقيقي للطوسي، على العكس، يتطلب الاحتفاظ بهذه الصورة. ويتطرق الكتاب كذلك إلى تأويلات المستشرقين وعلماء الإسلاميات الفرنسيين في القرن العشرين الذين منحوا كتاب "الإشارات" وتأويلاته المختلفة مكانة بارزة، ليس فقط داخل المتن السيني، بل في تكوين الفلسفة السينية ذاتها. ويشدد على أن هذه الأبحاث قد أهملت وبشكل كبير القيمة الفلسفية لشرح الطوسي، مكتفيةً باعتباره تابعاً أو مقلداً لامعاً ليس أكثر.
يمثل رأي الباحث الفرنسي نقطة تحول جديدة في الدراسات السينية، حدّدت بعض الاتجاهات الحاسمة في تلقي فكر هذا الفيلسوف في أوروبا عموماً وفرنسا خصوصاً. كان من أبرز مظاهرها صدور الترجمة الفرنسية لكتاب "الإشارات والتنبيهات" سنة 1952 والذي اختارت مترجمته أن تزود نص ابن سينا بجهاز حواشٍ، ركزت فيه بشكل كبير على شروحات الطوسي ووظفتها في خدمة فهم كتاب ابن سينا. وقد كان خيارها برأي دلبْيار موفقاً في كثير من الأحيان. وإيلاء هنري كوربان اهتماماً خاصاً بالحكاية الرؤيوية عن "سلامان وأبسال" التي ترد في بداية الفصل التاسع من كتاب "الإشارات" والتي فُقِد نصّها الأصلي، فدرسها العالَم الفرنسي من خلال نسخة مختصرة نقلها الطوسي، واصفاً إياها بخاتمة القصص الرؤيوية والمعرفة العرفانية لدى ابن سينا، مبيناً الفرق بين السينية الفارسية والسينية اللاتينية. ولئن اهتم كوربان بشروحات الطوسي لكتاب "الإشارات"، فإنه، برأي دلبْيار، لم يمنحه حقه من التقدير، بل أنصفه إنصافاً جزئياً.
من هذه الزاوية يأتي كتاب دلبْيار ليبين قدرات الطوسي الإبداعية في التأويل، انطلاقاً من فرضية أنه إذا كان تعليق الطوسي قد استُخدم مراراً لخدمة قراءة نص ابن سينا، فإنه على الباحث اليوم أن يجرب العكس، أي أن يجعل من نص ابن سينا أداة لقراءة شروحات الطوسي، لا باعتبارها ملحقاً ثانوياً، بل عملاً مستقلاً بذاته. فشروحات الطوسي برأي الباحث لعبت دوراً تأسيسياً في نشوء النزعة الصوفية في قراءة ابن سينا، وهي النزعة التي ستشكّل الأفق الذي لا يمكن تجاوزه لكل قراءة لاحقة كالدراسات والترجمات التي وقعها كريستيان جامبي وروجيه أرنالديز في فرنسا وجواد بداخْشاني في بريطانيا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* كاتبة وأكاديمية من لبنان
"العربي الجديد" – 21 تموز 2025
*********************************************
أشعيا برلين ثعلب ليبرالي متقنفذ
ماجد الياسري
لغير المطلع على كتابات المفكر والفيلسوف الروسي – البريطاني أشعيا برلين (1997) الذي يمثل أحد رموز الفكر الليبرالي في القرن العشرين، واشتهر بأعماله في مجالات الكتابة والمحادثات والخطابة، سيبدو العنوان غريبا ومبهما. فأحد أعماله التي حازت على شهرة لم يتوقعها داخل الوسط الثقافي البريطاني والأمريكي بشكل خاص وأعيد نشرها مرات عدة مما اثار استغرابه معقبا «لم أقصد أن تؤخذ المقالة بجدية. قصدت منها أن تكون مجرد لعبة ذهنية مسلية». ويعود أصل التسمية الى الشاعر والروائي المسرحي اليوناني القديم أسخيلوس (525 ق م -456 ق م ) بينما استخدم برلين مفهومي القنفذ والثعلب لتصنيف نوعين من المفكرين. فالقنفذ يرمز الى من يعرف ويكتب عن موضوع واحد كثيرا، اما الثعلب فهو رمز لمن يعرف ويكتب عن أشياء كثيرة . وقد اعتبر نفسه أقرب إلى الثعلب كمفكر موسوعي يرى العالم من زوايا متعددة بينما شبّه ماركس بالقنفذ..
وقد ولد أشعيا في عائلة روسية ثرية من أصول يهودية في ريغا. هاجرت الى بريطانيا في بداية 1921 وسكنت لندن هربا من الحرب الأهلية التي فرضت على روسيا بعد انتصار ثورة أكتوبر التي قادها البلاشفة في 1917 وظلت هاجسا لديه صبغت أفكاره السياسية ومسيرته العملية بنزعة معادية للفكر الاشتراكي وتجربة الاتحاد السوفيتي بشكل خاص. وبفضل ثراء عائلته أكمل دراسته في كلية خاصة في منطقة بارنز في جنوب غربي لندن، ومن ثم درس الفلسفة والسياسة والاقتصاد في جامعة أوكسفورد. وبسبب تفوقه عيّن كمعلم لمادة الفلسفة فيها ومن ثم أستاذا للنظرية السياسية والاجتماعية فيها (عدا سنتين خلال فترة الحرب العالمية الثانية قضاهما كدبلوماسي في نيويورك في خدمة جهاز المعلومات البريطاني المتخصص بالنشاطات الإعلامية والحرب النفسية في نيويورك ثم موظفا في سفارة بريطانيا في واشنطن). وأسس أشعيا كلية ولفسون للدراسات العليا في جامعة أكسفورد كي تكون مركز تمييز أكاديمي يعتمد قيم المساواة والديمقراطية، وصار أول رئيس لها ثم أصبح بعد تقاعده رئيس الأكاديمية البريطانية لمدة أربعة سنوات. ولخدماته قلد وسام الفارس عام 1971 إضافة الى جملة من الأوسمة والجوائز الأخرى.
وخلال مسيرته الفكرية تأثر بالفيلسوف الألماني إيمانويل كانت (1724-1804) والمدارس الفلسفية المثالية الأخرى، ولكن تعاطف بعدها مع أطروحات المدرسة الوضعية المنطقية في فيينا، ومنهم الفيلسوف البريطاني من أصول نمساوية لودفيغ فنغنشتاين (1889-1951) حول علم اللغة والمنطق، والفيلسوف البريطاني ألفرد جول اير (1910-1989) الذي تركزت أفكاره على نقد الميتافيزيقيا بسبب عدم إمكانية اخضاعها للتجربة العلمية للتحقق من مصداقيتها. وتأثر برلين أيضا بالمدرسة التجريبية البريطانية وبالمدرسة التحليلية التي كان أحد روادها روبن كولينجوود (1889-1945) وهو مؤرخ وعالم آثار بريطاني، وهي تؤكد على دور المنطق والمعرفة.
وبعد تعرفه في خمسينيات القرن الماضي على أستاذ المنطق في جامعة هارفارد هنري شيفر ( 1882-196) تحول من الفلسفة الى دراسة تاريخ الأفكار، فنشر كتابه حول مفهومين للحرية. واهتم بدراسة دور الاخلاق والقيم في حياة الانسان وبفلسفة ومنطق العلوم ودور التجريبية والاستنباط في اغناء المعارف العلمية كنقيض للفلسفة التي لها منهجها الخاص في التعامل مع المفاهيم والفرضيات والتصنيفات الذهنية. وهي ذات أهمية اجتماعية وليست علمية كونها تجعل الفرد يفهم ويعي ذاته ووجوده. وشكك بالقدرة على امتلاك المعرفة بالحقيقة النهائية وباستحالة اختزال التنوع في السلوك البشري الى نموذج أو نظرية أو معيار محدد في معرض نقده للفلسفة الماركسية .
وفي خضم المذاهب الفلسفية المتعارضة التي رسمت المشهد الثقافي في القرن العشرين ونمو دور المراكز الجامعية في بحوث العلوم الطبيعية اقترب برلين من المدرسة الكانتيه الفلسفية الجديدة التي سعت الى إعادة قراءة كانت في ضوء الاكتشافات الحديثة في العلوم مثل النظرية النسبية لآينشتاين القابلة للاختبار والتجريب. وأكدت هذه المدرسة على أن المفاهيم والمقولات الفلسفية تدرس من داخلها وتتأثر بالدوافع والمشاعر وتعتمد التقييمات الذاتية التي تتحول الى مسلمات بسبب عدم وجود قوانين عامة تفسر التاريخ أو السلوك الإنساني كما هو الحال في العلوم الطبيعية. ونجد في هذه المواقف الفلسفية استمرا للمنهج المعارض للمدرسة الفلسفية الماركسية في نظرية المعرفة التي ترى وجود قوانين عامة تحرك المجتمع والتاريخ مثل القوانين الطبيعية، وهي تمثل البعد المادي التاريخي من الفلسفة الماركسية.
ونجد استمرار هذا الموقف المناهض للفكر الماركسي في تناوله مفهوم الحرية وقد طرحها في محاضرة شهيرة له عام 1958 اتبعت مقاربة الفلسفة التحليلية في دراسة الفلسفة السياسية وطرح مفهومين حول الحرية الإنسانية يتسمان بأهمية مركزية في نسقه الفكري، وهما الحرية السلبية التي تسعى الى التحرر من القيود التي يفرضها الآخرون عليه ليمارس حريته بدون تدخل خارجي من قبل الدولة او الجماعات. تاريخيا تمثل حرية التعبير بدون قيود جوهر أفكار الطبيب والفيلسوف جون لوك (1632-1704) والفيلسوف الاقتصادي جون ستيوارت ميل (1806-1873) وكلاهما من منظري المدرسة الليبرالية الكلاسيكية. اما الحرية الإيجابية فيفصد بها برلين تحقيق الذات كي يصبح الفرد سيد نفسه وحاكم أمره عبر تمكنه من التعلم وفي المشاركة والتصدي للاستبداد بشرط أن لا تكون تبريرا لقمع الآخرين. ويؤكد برلين على أهمية التوازن بين الجانبين كضرورة لبناء مجتمع عادل وحر، منتقدا الماركسية التي تختزل المجتمع الى قوانين وصراع طبقي وحتمية تاريخية وطموح ثوري للتغيير نحو الاشتراكية.
ونسج برلين علاقات واسعة مع الوسط الثقافي الغربي والروسي لتجنيد المثقفين والادباء السوفييت ودعمهم في معارضة النظام السوفيتي. كما احتل نقد الأفكار الاشتراكية والماركسية جزءا هاما من نشاطاته الفكرية. ومن هذه الصلات صداقته مع الكاتب والشاعر فلاديمير نابوكوف (1899-1977) والشاعرة المثيرة للجدل أنا أخماتوقا (1889-1966) والروائي بوريس باسترناك ( 1890-1960) الذي ساعده برلين في تهريب روايته "دكتور جيفاكو" وطبعها في بريطانيا لتصبح أحد أدوات الحرب الباردة في مجال الثقافة والأدب بسبب نقدها الحاد للاتحاد السوفيتي. وقام أيضا بترجمة بعض أعمال الروائي الروسي إيفان تورغنيف (1818-1883) وكتب عن فلسفة وحياة الكاتب والمصلح الاجتماعي ليو تولستوي (1828-1910) وكتابات أخرى عن تاريخ الفكر والثقافة الروسية.
وكان أول كتاب نشره عام 1939 عن حياة كارل ماركس، وتعرّفه على تراث اثنين من كبار المفكرين الثوريين الروس هما ألكسندر هيرزن (1812-1870) الذي تزعم تيار الفلاحين الشعبي، والماركسي الشهير جورجي بليخانوف (1856-1918) وشكل ذلك أساسا مهما للاطلاع على الاتجاهات الفكرية في روسيا عند زيارته الاتحاد السوفيتي والتقرب الى الكتاب والمفكرين المعارضين للسلطة السوفيتية والدفاع عنهم ودعمهم.
و كان موقف برلين من ماركس معقدا حيث جهد على أن يقدم تحليلا فلسفيا واجتماعيا في سياقه التاريخي يتضمن اعجابا بالماركسية كونها استمرت حية ومؤثرة ومن الضروري فهمها كأساس لتقييم الفكر السياسي والحركات الاجتماعية التي شهدها القرن العشرون. وقد حاول برلين أن يقدم نفسه كمحلل فلسفي نقدي لماركس، وبشكل خاص البيئة الفكرية والاجتماعية التي تطورت فيها الماركسية، وبذلك اختلف عن مقاربة الفيلسوف النمساوي البريطاني كارل بوبر (1902-1994) الذي كان رافضا كليا للماركسية. ويرى البعض أن نقد أشعيا الفلسفي لماركس قد أسهم في ظهور تيارات ماركسية أوروبية تعاملت مع التراث الماركسي الكلاسيكي بشكل انتقائي.
ويلاحظ على برلين تنوع اهتماماته الفكرية، ومنها نقد حركة التنوير الأوروبية وخاصة فكرة وجود غاية مثالية واحدة للبشرية، وأيضا في دفاعه عن تعددية القيم التي تتصارع بهدف الوصول الى الحقيقة حتى وإن تعارض بعضها مع مبدأ العدالة الاجتماعية. وهنا يختلف أيضا مع المفهوم الماركسي للحرية الذي كان حاضرا في أعماله، حيث يرى ماركس أن الحرية الحقيقية تتحقق عندما يتحرر الإنسان من الاستغلال الاقتصادي والاجتماعي، ويصبح قادرا على التحكم في ظروف حياته لان الحرية ليست مجرد مسألة فردية، بل مرتبطة بالبنية الاجتماعية والاقتصادية.
لقد تعددت اهتمامات أشعيا الفكرية والفلسفية الا أن ما يربطها هو سعيه لتقديم رؤية فكرية ليبرالية تتصدى للماركسية وبذلك أصبح قنفذا أكثر منه ثعلبا متعدد الاهتمامات.
*************************************************
الصفحة الحادية عشر
صنع الله ابراهيم.. صانع الرواية التسجيلية.. وداعاً
بغياب الروائي المصري البارز صنع الله ابراهيم، نكون قد فقدنا اهم روائي عربي عرف بكتابته الروايات التسجيلية التي تؤرخ وتوثق حياة السجون وبناء السد ومرحلة حكم عبد الناصر.
وكان صنع الله ابراهيم قد رفض جائزة القاهرة الكبرى للإبداع انطلاقاً من حرصه على ان جائزته الكبرى يتلقاها من قرائه الذين فتنو بأعماله الروائية الفذة، ومثلما كان صنع الله ابراهيم متميزاً في اعماله: تلك الرائحة، اللجنة، ذات شرق، وردة، برلين 69، العمامة والقبعة البيضاء، امريكاني، الجليد، النجوم الزرق، 1970، كان يحرص اشد الحرص على انتمائه للحزب الشيوعي المصري وتفاعله مع حركات التحرر الوطني.. وقد اتخذ من الرواية سبيلاً للتعبير عن افكاره اليسارية حتى يكون لسان حال كل المتعبين والمقهورين والمنسيين.
********************************************
العقوبة الأبدية وسادية التعذيب
أ.د. لمى عبد القادر خنياب
التعذيب خصيصة بني الإنسان، لا ينازعهم فيها أحد من الكائنات، يقول ديسبروجيس (( إنَّ ممارسة التعذيب هي ما يميِّز الإنسان – بالتأكيد - عن الحيوان )). ولعل إدراك الإنسان للسلطة المقرون بنشوة الهيمنة، هو الباعث على التعذيب، إذ يقترن التعذيب أبدًا بالتمرد على السلطة، ولاسيَّما التعذيب العلني، فتحضر العقوبة المرعبة كأداة رادعة، مقتضية التعدد في أساليبها: من رجم، وصلب، وتحريق، وتقطيع، وسحل، بل ابتكرت آلات معاقبة خاصة كـ(ثور فلاريس) ذلك الثور النحاسي، الذي اضطلع بمهمة تحميص المتمردين أحياءً في جوفه. و(عذراء الحديد) تابوت حديدي مزوَّد غطاؤه بمسامير عملاقة تخترق جسد المتمرد عند غلق التابوت، وغيرها كثير من فنون التعذيب وأدواته. [المراقبة والمعاقبة، فوكو:71 وما بعدها]
ولعلَّ حكاية تعذيب روبرت فرانسوا داميان مثال يتراءى على مرايا الأزمنة، فلكل عصر (داميانه)!
في هذه الحكاية ما يغني عن التفصيل في الصلة بين العقاب المرعب والتمرد على السلطة، السلطة التي تلصق نفسها بالرَّب أبدًا، إذ قُدِّم داميان لمحاكمة علنية أدانت جرمه، وحكمت عليه بعقوبات وحشية، إليكَ جانبًا من نصِّ حكمها: (( بناء على اعترافه بجرم الاعتداء على صاحب الجلالة الملك (لويس الخامس عشر) بصفته الإلهية البشرية كونه الرئيس الأول، تلك الجناية الفظيعة الشنعاء الموجَّهة ضد شخص الملك، وللتكفير عن فعلته يحكم عليه بالآتي:
1- يُقاد عارياً إلا من قميص، ممسكًا بمشعل من الشمع الملتهب إلى أمام الباب الرسمي لكنيسة باريس، وهناك يركع ويعترف جهارًا بأنَّه أقدم على ارتكاب جريمة قتل الملك، تلك الفعلة الشنعاء الممقوتة، وأنَّه جرح الملك بضربة سكين في خاصرته اليمنى، وأنَّه قد تاب وأناب فيطلب العفو من الله ومن الملك ومن العدالة.
2- يُساق إلى محل الإعدام ويُرفع على صقالة ثم يُسحب ثدياه ولحم ذراعيه وفخذيه ورجليه بكلاليب، أمَّا يده اليمنى فيمسك بها السكين التي حاول بها قتل الملك وتحرق بالنار والكبريت، وأمَّا الأقسام التي جُزَّ لحمُها فيصبُّ عليها الرصاص الذائب، والزيت الحامي، وصمغ البُطْم الحار، والشمع، والكبريت ممزوجة جميعها معًا.
3- يَشدُّ بدنَهُ أربعةُ أحصنة وتقطَّع أطرافه ثم تُحرق بالنار حتى تصير رمادًا تذرى في الهواء )). [أشهر المحاكمات الجنائية: كريجيل، مجلة الرسالة، ع276 ]
لكنَّ حدود السادية البشرية تخفق دائمًا في بلوغ ذروتها فعلى ما في أدوات التعذيب وألوانه من سحق للذات المتمردة جسدًا وروحًا، إلا أنَّها تتلاشى عند موت المعذَّب، هناك ينتهي العرض البربري ويُسدل الستار، وتنطفئ نشوة النفوس التي لم تُشفِ غليلها من المتمرِّد بعد، فمهما بلغت العقوبة من شدة تظل مؤقتة تنتهي بنهاية حياة المعذَّب. هكذا تبدو العقوبة الموقوتة - على تفننها في الإرهاب - قاصرة؛ لذا صِيرَ إلى البحث عن عِقاب أبدي، عِقاب لا ينتهي بنهاية حياة المعذَّب، إذ يُعاد إلى الحياة ليعذَّب ثانية وثالثة وإلى الأبد، ومَن أجدر من الآلهة للقيام بهذا الدور ! فمَن سواها قادر على إحياء الموتى لتجديد العذاب، والحفاظ على جذوة النشوة المستعرة!
يضمن الإرهاب الرمزي المتمثل بالعقاب الأبدي توفير سلطة عليا تصطف بشكل ما مع السلطة الدنيا، لتكون أداتها في الحد من التمرد، فكيف لخطيئة موقوتة أن تُجزى بعقاب لا نهائي ما لم يكن مباركًا من الأعالي ؟!
تنشعب العقوبات الألوهية الأبدية إلى شعبتين: عقوبة تتغذى على الألم الجسدي، كعقوبة (بروميثيوس) المحب لبني البشر، الذي سرق شعلة النار من الآلهة وأهداها للبشر الذين أحبهم فصار لهم معلمًا، يقول (اسخيليوس) في مسرحيته أغلال برومثيوس، على لسان الأخير: (( لقد رأيتُ الإنسان أحمق، فجعلته سيِّد عقله... أنا الذي أعطيته الأعداد والحروف، وعلَّمته الحساب والكتابة، وعلمته الصناعة وترويض الحيوانات ))، أحبَّ (برومثيوس) البشر؛ لذا تمرد على الإله جوبيتر (زيوس) وسرق لهم قبسًا من النار ليكون أسًا لمعارفهم اللاحقة، لكنَّه دفع ثمن هذا التمرد، فعوقب عقابًا أبديًا بربطه بسلاسل قويه على صخرة في جبال القوقاز، وكان كل صباح يأتيه نسر عملاق ينهش كبده، الذي ينمو مجددًا ليعاوده النسر في المساء لينهش كبده أبدًا، هكذا يُعاقب كلَّ يوم؛ ليكون عقابًا رمزيًا لمَن يفكر بالتمرد على الإله. لكنَّ الأدب يمجِّد المعلم فيظل (برومثيوس) رمزًا للتمرد على السلطة، وضياء معرفة للمستضعفين في الأرض، يقول (اسخيليوس) على لسانه: (( نعم، سوف يسقط زيوس يومًا ما. يجلس الآن بكل ثقة على عرشه، لكنَّ السقوط المدوي آتٍ لا محالة )) [أغلال برومثيوس] .
وهناك عقوبات من ذوات الألم النفسي، ينتشي مُوقِعها بنخر الأرواح، ويستلذ بسحق الأنفس، على ما فيها من مساس بالجسد، كعقوبة المسكينة (إيكو) الحورية الثرثارة، كان يستخدمها الإله (جوبيتر) عينًا ترقب الطريق؛ ليتسنى له اللهو مع الحوريات بعيدًا عن مرأى زوجه الإلهة (جونو)، فما إن تظهر (جونو) حتى تشاغلها (إيكو) بثرثرتها، فتتمكن حينئذٍ الحوريات من الفرار، وإذ فطنت (جونو) للمكيدة قالت: (( لسوف أحرمكِ قدرة هذا اللسان الذي خدعني، فلا تهنئينَ باستخدام صوتكِ إلَّا في أضيقِ مجال )) [مسخ الكائنات: 83] مذ ذلك الحين أخذت (إيكو) بالتلاشي ولم يبقَ منها إلا صوت يمتلكه الأغيار، فليس لها إلا ترديد أواخر العبارات التي تسمعها، ذلك الصدى ذو الحضور الكسير أبدًا.
نعم، تمرر أسطورة (إيكو) رسالة تُجمل فيها جزاء مَن يحاول خداع السلطة، لكنَّني أهجسُ ظنًا أبعد يتمثل بتحذير لِمَن يرتضي لنفسه دور الخط المائل المتموضع بين سلطتين متضادتين، يخال أنَّه سيحظى بالمكاسب منهما معًا، لكنَّه لن يجد إلَّا طحن الذات وتلاشي الكينونة عقوبةً أبدية.
وليس (سيزيف) بمنأى عن هذا الموضع، حين قرر شَغل المسافة بين (إسوبس)و (جوبيتر)، إذ اختطف الأخير (إجينا) ابنة الإله (إسوبس) تاركًا إياه يتفجر غضبًا، وهنا يقرر البشري المسكين (سيزيف)أن يساوم على تفاصيل هذا الاختطاف وفاعله، مقابل وصول الماء إلى قلعته (كورنث)، ولن يخفى الأمر – بالتأكيد- على (جوبيتر) الذي يقرر معاقبته على إفشاء سره، يصف هوميروس هذه العقوبة على لسان (أوديسيوس): (( ورأيتُ سيزيفوس... كان قابضًا بكلتا يديه على صخرة ضخمة، يحاول دفعها على منحدر هضبة إلى قمتها، وكان يدفعها بعد أن يُجهِدَ ركبتيه وذراعيه، لكنَّها كانت إذا ما شارفت القمة تُفلتُ منه وتتدحرج بسرعة عظيمة مرتدة إلى سفح الهضبة، ليعاود الكرة مرارًا )). [الأوديسا : 144] هكذا حُكم عليه أن يُرهقَ صعودًا بلا جدوى، يقول كامو فيه: (( ليس هناك عقاب أبشع من العمل التافه الذي لا أمل فيه )). [أسطورة سيزيف: 169].
المعذَّبون: بروميثيوس، وإيكو، وسيزيف، انعكاس رمزي للتعذيب الأرضي الذي يتلقاه المتمردون على السلطة عبر التاريخ، وتتمة لحفلها السادي، وسِفر من أسفار مناهجها العقابية العديدة .
************************************
رأي
المستضعفون وصناعة الرمز
د. علي المرهج
مشكلة بسطاء الناس من المستضعفين أنهم مستلبون دومًا ولا قدرة لهم على اتخاذ قرار في حياتهم من دون الاعتماد على مقولات شائعة في صناعة الرمز.. هناك آخر يصنع للجماعة رمزها، وهي تستجيب بحكم الموروث الديني او الاجتماعي الذي يحمله الرمز، فتكون رهينة لمقولاته من سؤال لماذا وكيف يمكن أن يكون هذا الشخص رمزًا؟، وقد يكون لديها الاستعداد للتضحيك بالنفس من أجل عدم مس هذا الرمز بكلمة، وإن سألت الكثير منهم عما يعرفوه عن تاريخ هذا الرمز الذي له كل هذا التأثير والسحر لدرجة التضحية بالنفس لما تمكن كثير منهم تقديم إجابة عقلانية لما هم مؤمنين به.. أغلب شعوب الأرض على اختلاف طبيعة الاستجابة للرمز بين مؤمن به من دون معرفة ومستفيد من ادعائه الإيمان به من دون علم بقيمة ما عنده إنما هم يستجيبون لأنهم ورثوا التقديس له والإيمان بزعامته بوصفه رمزًا، وقد ينطبق هذا لا على المتدينين الذين يُجيدون صناعة الرمز، بل وعلى كثير من العلمانيين الذين يعتقدون برموز صنعت لها تاريخ نضالي، ولكنهم لا يعرفون ما قدمه هذا الرمز.
ذات مرة عندي اخ يُحب جيفارا ويلبس تيشيرت مرسوم عليه صورة جيفارا، فسألته من هو هذا الشخص المرسومة صورته على (التي شيرت) الذي تلبسه، فأجابني مندهشًا معقولة دكتور متعرف جيفارا، فأجبته قل من هو؟ فحار واحتار رغم أنه يُسمي نفسه (بهاء جيفارا) فوجدت أنه لا يعرف عنه غير أنه مناضل وثوري وغير هذا لا يعلم شيئًا.. الحال ينطبق على كثير من أبناء مجتمعنا الذين يُقدسون رموزًا دينية أو مدنية وإن سألتهم عن تاريخ هذه الشخصيات والرموز وما قدموه لمجتمعنا لا تجد عندهم إجابة كافية ووافية.. نحن نرث محبة الرمز مثلما نرث محبة العقائد الدينية والاجتماعية ونجد ونجتهد في الدفاع عنها لا لأننا عرفنا قيمتها التاريخية بما ينسجم والرؤية العقلانية للوجود والعالم والحياة، ولكن بحكم تعودنا عليها بأنها تستحق التقدير وأن تكون رموزًا لنا نهتدي بها. نحن مجتمعات ترث الرموز والقداسة ولا تمنح لنفسها أو لأفراد فيها أن يُشككوا في بعضها أو نقد بعض توجهاتها، لأننا مجتمعات نعيش على وفق إنموذج سبق، فمن شكك فيه فقد كفر، وفي أقل الأحوال فهو خالف الاجماع وأخل في معتقدات المكون الاجتماعي الذي ينتمي إليه. كلما اتسعت مساحة المقدس كلما ضعف فعل العقل، وكلما زاد عدد الرموز التي لا يمكن لنا نقدها كلما وجدنا مجتمعنا أكثر تخلفًا.. قد يكون لكل مجتمع رموزه، ولكنها ليست رموزًا لا يصح ان يمسها النقد لأن كل ابن آدم خطاء. يقول سقراط: "إن الحياة التي لا تخضع للنقد لهي حياة لا تستحق أن تُعاش".
********************************************
صور الغائبين عن المائدة
عبد العظيم فنجان
يتفاوضُ الساسةُ، وأمُّكِ، في المطبخ، تغسل الصحونَ: تترنمُ بأغنية عن الحب، عن الأنهار، وتغوص حتى القعر في خواطرها، لتصطاد ابتسامة توّزعها على الصور ، صور الغائبين عن المائدة .
يتناقشُ الساسةُ، والعصافيرُ تنقرُ الحَبَّ، فيما الشجرةُ تهزّ الريحَ، وتكنس الأوراقَ المتساقطة عن بهجة العشب .
يتشاجر الساسةُ، فجأة، فتتوقف الأغنيةُ: يسيل الدمُ من الصور، صور الغائبين عن المائدة، فتكسر أمُّكِ الصحونَ، تسقطُ الشجرة ميتةً بشظية عابرة، والعصافير تفرّ من الحديقة ..
****************************************
نصوص
حميد حسن جعفر
أولاً
بإمكانك أن تتخذ من انفصالي عنك / وهذا ما سيحدث لاحقاً/ سنةً تترك خيولي من غير اسطبلات، و أنهاري من غير سداد، و تعلن عن جمهوريتك على اسنة الرماح او فوهات البنادق و انت ما زلت تعتمد المقلاع، والمنجنيق و القداحة التي تعمل بالكيروسين ، تحالفاتك التي ملأت جيوبك منها و التي ستتخلى عنها عاجلاً او آجلاً قد يستعيرها فصيلك المسلح ، فلاحوك استبدلوا —التراكتور— بالمجنزرات و الحقول بالثكنات ،و الله الذي يعطي ما يشاء بغير حساب بوزارات النفط و الصناعة و المالية والرعاية الاجتماعية و البطالة المقنعة، و زوجاتك المطلقات او اللواتي ما زلن بعهدتك يرددون شعارات / من راقب الناس مات هماً/ و النفط والكبريت و حبيبات المعامل الكيمياوية هي — زينة الحياة الدنيا— و تؤكد للوفود الزائرة المعارضة و المقاومة، إن التوافق الطبقي هي الصيغة المثلى لصناعة المواءمة بين الطبقات مهما اختلفت بمصادر افكارها ، وان عملية استبدال المسؤولين بآخرين مضيعة للوقت و المال و فرص الإعمار ، و ضرورة تأجيل الحوارات الى ما بعد الإستقلال الإقتصادي فنحن لا نسعى الى العزلة الدولية.
ثانياً
بإمكانك أن تنفي عني ما تشاء من التهم
بإمكانك ان تنفي عني ما تشاء من التهم كما لو كنت احد مواليك، أو أن تؤكد ما لا علاقة لي بالإلحاد او الزندقة كما لو كنت عدوك اللدود كما لو. إن الله قد سلط سيوفي عل رقبتك و أنت الذي تصفه زوجاته الأربعة بالحليم ويقول عنك خصومك من مناوئي العالم الثالث و جائزة اللوتس، و اتحاد الادباء الأفروآسيوي، باللاديني ، و أنت. الورع التقي وأنا الرجل الذي يفتقد المعرفة و الحكمة ، و لأني لا أفهم ما تعني الأنثى في حياة الذكر كانت امي في أحاديثها عني لصويحباتها إني الرجل -الطرطميس الذي لا يعرف الجمعة من الخميس، منذ خمسين عاماً وانت تشتغل اضافة لوظائفك المعلن عنها عن طريق الاعلانات وانت تحول الفائض من ملابسي. المحملة برائحة مساماتي —هذا ما أخبرني به العديد من عمالك — و من غير علمي ، تعمل على تحويل تلك الملابس المهملة الى شرائط تربط. على بطون العواقر من النسوة وعلى زنود الذاهبين الى ساحات المعارك،،البستانيون يشدون بها جذوع الشجار فتزهر و تثمر عنباً، و رماناً، و زيتوناً، من الطلبة المستعدين لأداء الامتحانات الوزارية حولوا بعض انواع الاشرطة من جواريبي الى اربطة عنق او لمناديل يهدونها لحبيباتهم هل من المتوقع أن تقيم لي مرقدا، وأنا حي أرزق، وأنا ما زلت وإياك ما في داخل المرآة وما يقف خارجها، تقيم لي مرقداً و تبحث عن مستثمر يدير شؤونه.
ثالثاً
ولأن المسرح حرفتك و ثقافتك فبإمكانك أن تقنعني بأنك لا تحسن أداء دور الشيطان و إن الأباطرة كائنات طيبة ومن يعتقد غير ذلك لابد من شطبه من قائمة الترشيح او الإنتخاب بحجة اصابته بعجز جنسي وفق رؤية أحد أفراد شعبة مكافحة الإجرام، المرفوع لجناب المدير العام، أو مصاباً بلوثة عقلية تحول بموجبها الى قط أليف.
الإمبراطور: تكون فيه من صفات المبعوثين ما يتنزه عبرها عن السيئات ولا يرتكب أخطاءً ، ولا موبقات في ما يعمل او يقول او يأمر. العامة و الخاصة من الشعب او الشريحة الإجتماعية، يمكن أن يتعرف على هذا او ذاك عبر المعارف و الثقافات التي يسعى الاعلام عبر مؤسساته و أقرب المصادر من المواطن الشريف هي منابر الشعراء و خشبات المسارح حين ترتفع اصوات هؤلاء و هتافات أولئك ليوفروا فرص وجود، حقيقة إن الإنتصارات لا يمكن أن تتحقق من دون قائد أو زعيم او قيصر او داعية سياسي او إعلامي محنك او شاعر فحل، او ممثل، من غير تمثال او إنشودة او أغنية، او قتلى او اسلحة جرثومية، لا دولة تقف على قدمين ثابتين لا على عكازين من خشب صناديق الفاكهة، من غي قوة قد تعلن عن نفسها عبر شيء من التفريط بالأمان المجتمعي.
*********************************************
الصفحة الثانية عشر
في «بيتنا الثقافي» {تفكيك خبايا النص في ملحمة جلجامش}
بغداد – طريق الشعب
ضيّف منتدى "بيتنا الثقافي" في بغداد، أخيرا، د. عدنان عبيد المسعودي، الذي ألقى محاضرة بعنوان "تفكيك خبايا النص في ملحمة جلجامش: مقاربات منطق الصراع، فلسفة العمل، المقاومة"، بحضور جمع من المثقفين والأدباء والمهتمين في الأدب والتاريخ.
المحاضرة التي احتضنتها قاعة المنتدى في ساحة الأندلس، أدارها الأستاذ سعدون هليل. واستبقها بتقديم نبذة عن المحاضر الضيف. فيما ألقى الضوء على أبرز مفاهيم منهجيات تفكيك النصوص وتحليلها.
بعد ذلك، استهل د. المسعودي محاضرته قائلا: "الحياة التي نقاسيها بالكدح والدم، تعطي الموت كما تمنح الحياة. تظهر الزائل والفاني، وتخبئ بذرة الخلود في أحشائها كحلمٍ"، مضيفا أنه "ليس بعيداً أن يكون شيوخ أوروك وحكمائها الذين استنجد بهم جلجامش، قد اشاروا عليه أن يكف عن اليأس، ويبدأ رحلة البحث عن الخلود".
وأشار إلى أن العراقيين تعلموا منذ عهود السومريين الأوائل، حكمة مفادها أن "النفوس التي تخسر فرصة الإيمان بالنجاة، ستنطفئ كما ينطفئ السراج الذي ينضب زيته، ولسوف تتعفن في الجسد قبل أن يموت الجسد نفسه"، موضحا أن "من نقطة الشروع هذه بدأ جلجامش رحلة البحث عن الأمل".
وذكر المحاضر أن "الحكمة التي عرضها السومريون في وقائع الملحمة، تتكشف في خطوط متعاكسة ومتوازية، متمايلة ومتعرّجة كالفراتين يقطعان السهول والتلال والصحارى"، مضيفا أن "في دراما الحدث المتنامي عند خط اللقاء على شاطئ البحر، وبعد أن يتحدّى جلجامش الأهوال ويقطع الساعات والساعات المضاعفة، يلتقي بسيدوري صاحبة الحانة، والتي تسارع فتوصد أبواب الحانة في وجهه. يبدو جلجامش في مظهر القاتل أو قاطع الطريق، يرتدي جلد الأسد، وقد أشعثّ شعره، وتلبّدت سحنته، وبانت دلائل توحشه. وبعد أن أنهكه التعب واضناه الجهد، وأضمأه العطش، ها هو يقف عند أبواب سيدوري متوعداً، مزمجراً، عازماً على تحطيم الأبواب المقفلة".
وأوضح أنه "في تلك الصورة التي توحي بالشرّ وبالعدوان والانتكاس إلى أدنى صور التوحش والبهيمية، تنهض في نفس جلجامش وفي أصفى صور النقاء رسالته النبيلة في إنقاذ الجنس البشري كله من آفة الموت، ذلك ما تستبطنه روحه الأخلاقية العظيمة بالضبط".
وعلى هامش المحاضرة قدم عدد من الحاضرين مداخلات ألقوا فيها الضوء على بعض أحداث الملحمة، وما تعرضت له من قراءات وتفسيرات متعددة.
***********************************************
الرفيق رائد فهمي يستقبل عددا من الرياضيين
بغداد – طريق الشعب
استقبل سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي الرفيق رائد فهمي، أخيرا في مقر الحزب بساحة الأندلس، عددا من الرياضيين الشباب والفتيان المنتسبين إلى "أكاديمية الكابتن علي حسين جابر" للفنون القتالية.
وكان في استقبال الرياضيين إضافة إلى الرفيق فهمي، سكرتير اللجنة المحلية للحزب في الرصافة الأولى الرفيق علي كريم.
وكانت محلية الرصافة الأولى قد خصصت قاعة مقرها منذ نحو عامين، لهؤلاء الرياضيين دون مقابل، كي يزاولوا تدريباتهم فيها، في سياق دعم الحزب المتواصل للنشاطات الرياضية والثقافية وغيرها. وتضم الأكاديمية فئات عمرية متعددة، من كلا الجنسين.
وخلال اللقاء، تحدث الرفيق فهمي عن الرياضة وأهميتها باعتبارها حقا دستوريا لكل مواطن. وتطرق إلى برنامج الحزب الخاص برعاية الرياضة والرياضيين. فيما قدم للشباب ملاحظات من شأنها الارتقاء بنشاطهم الرياضي.
إلى ذلك، أثنى الكابتن علي حسين جابر وفريقه، على دور الحزب في رعاية الرياضة والرياضيين.
*********************************************
معاً لبناء بيت الحزب.. بيت الشعب
دعماً للحملة الوطنية لبناء مقر الحزب الشيوعي العراقي، تبرع الرفاق والأصدقاء:
- سعيد كريم 2000 كرون سويدي
- احمد عبد كاظم شريف (أبو ماهر) 250 الف دينار
الشكر والتقدير للرفاق والأصدقاء على دعمهم واسنادهم حملة الحزب لبناء مقره المركزي في بغداد.
معاً حتى يكتمل بناء بيت الشيوعيين.. بيت العراقيين.
*****************************************
في {بيت المدى} مثقفون يناقشون ظاهرة قرصنة الكتب
متابعة – طريق الشعب
نظم "بيت المدى" للثقافة والفنون في شارع المتنبي بالتعاون مع جمعية الناشرين والكتبيين في العراق، أخيرا، ندوةً نقاشية حول ظاهرة قرصنة الكتب وتزويرها في البلاد، وأثرها السلبي على صناعة الكتاب وحقوق المؤلف ودور النشر.
أول المتحدثين في الندوة كان نائب الأمين العام لاتحاد الأدباء والكتاب العراقيين الناقد علي حسن الفواز، الذي ذكر أن "ضعف البيئة القانونية والثقافية أتاح مساحة واسعة للتزوير والانتحال والاحتيال. وهناك محترفون يتفننون في تجاوز الرقابة التي تعاني أصلاً محدودية كبيرة، إن لم تكن غائبة تماماً".
وأوضح أن "ظاهرة التزوير ليست جديدة. فهي تمتد من أطاريح ورسائل الدراسات العليا، إلى طباعة الكتب والمواد العلمية، مروراً بتأسيس دور نشر تحولت، للأسف، إلى بؤر للفساد"، مشيرا إلى ان "عدم وجود توصيف قانوني دقيق لدور النشر، أو غطاء قانوني يحكم عملها، سهّل عملية تزوير المحتوى والعناوين".
وأشار إلى ان "هذه الممارسات دفعت عدداً من المؤلفين العراقيين إلى التوقف عن النشر، أو التوجه إلى خارج العراق، رغم ما يرافق ذلك من تحديات. إذ أصبحت بعض دور النشر العربية تتعامل مع الكتاب باعتباره سلعة تجارية يدفع الكاتب مقابل نشرها"، لافتا إلى ان "الإجراءات القانونية لملاحقة التزوير الثقافي تفتقر إلى التكييف القانوني، وتعاني البيروقراطية، ما يجعل المتضرر عاجزاً عن تحصيل حقه أمام القضاء".
وخلص الفواز إلى ان "المشكلة ليست في وزارة الثقافة وحدها، بل في غياب دور مجلس القضاء الأعلى في تحديد هوية دور النشر وتوصيفها. فعلى دار النشر أن تمتلك هوية قانونية ومحرراً ثقافياً ومحامياً، ولا يطبع أي كتاب إلا وفق اتفاقية واضحة تضمن حقوق المؤلف والمعايير المهنية لدور النشر".
أما الخبير القانوني علي الرفيعي، فقد ذكر أن "ظاهرة تزوير الكتب تنامت أخيرا نتيجة التقدم التكنولوجي، الذي سهل عملية النسخ والتلاعب بالمحتوى، ما يعد سرقة مباشرة لجهد المؤلف أو المترجم"، مضيفا أن "الخطورة لا تكمن فقط في الطباعة والتغليف، بل في تحريف محتوى الكتاب، وهو جوهر العمل الفكري للمؤلف".
وأوضح أنه "رغم إدخال تقنيات مثل (الباركود) كوسيلة لتتبع صحة مصدر الكتاب، إلا انها لا توفر حماية كافية أمام أساليب التزوير الحديثة"، داعيا وزارة الثقافة إلى "اتخاذ خطوات لتخفيض أسعار الكتب الأصلية بهدف منافسة الكتب المزورة المنتشرة بأسعار زهيدة. فالتشجيع على شراء الكتب القانونية يبدأ من جعلها في متناول القارئ".
وكانت للأمين العام لاتحاد الادباء والكتاب العراقيين، الشاعر عمر السراي، مداخلة تناول فيها دور الاتحاد في التصدي لظاهرة تزوير الكتب. فيما اشار إلى أهمية إنشاء مؤسسة معنية بمتابعة مشكلة التزوير والقرصنة، تضم لجانا متخصصة، على أن يكون للمؤسسة جناح قضائي خاص.
*********************************************
قف.. امرأة واحدة تكفي لهزيمتكم
عبد المنعم الأعسم
يجب ان نثق بقدرة امرأة واحدة، شجاعة، ومؤمنة بقضية العدالة، قضيتها، على ان تهزم عددا كبيرا من فلول انظمة القمع والفساد والجور، فكيف اذا ما تشكل طيف من الرائدات وكوكبة من النساء الناشطات اللواتي لا يبخسن قضيتهن، ومستعدات للدفاع عنها؟ وهذا ما يحدث على مدار الايام الفائتة من امثلة جديرة بالفخر، لنساء ناشطات تحدين اصوات التهديد وفنون التشهير والاباطيل، وتقدمن مشهد الحراك السلمي واصابعهن في عيون الردة والظلامية وخطاب الكراهية والتحريض وقاهري المجتمع، والاهم، انهن واعيات ويمتلكن مرشدات عقلية الى ما هو صحيح وما يضمن كسب المعركة مع خصوم قضية الحريات. احدثكم (مثلا) عما جرى في بلاد بعيدة، ففي يوميات استعادة الديمقراطية بالأرجنتين انطلقت حركة نسوية العام 1977 بتجمع من اربع عشرة امرأة فقط في ساحة "ميدان مايو" أمام قصر الرئاسة. كنّ أمهات يطالبن بمعرفة مصير أبنائهن المختفين، ولأنهن مجرد مجموعة من الأمهات المسالمات فقد اضطر العسكر الى تركهن من غير تعرض، فزاد بأسهن بمرور الوقت، واصبحن قوة لقضية لا تقهر، إذ لم يتخلفن مرة واحدة، حتى اطيح بالدكتاتورية.
*قالوا:
"تعلمت منذ زمن ألا أتصارع مع خنزير أبداً، لأنني سأتسخ أولاً، ولأنه سيسعد بذلك"
برنارد شو
**************************************
في البصرة محاضرة عن {آليات العمل الإعلامي}
البصرة – طريق الشعب
احتضنت قاعة الشهيد هندال في مقر اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في البصرة، الثلاثاء الماضي، محاضرة بعنوان "آليات العمل الإعلامي والصحفي"، نظمها "ملتقى جيكور" الثقافي وقدمها الإعلامي فالح ياسين الربيعي.
المحاضرة التي استمع إليها جمع من المثقفين والمهتمين في الإعلام، أدارها رئيس الملتقى الشاعر والإعلامي عبد السادة البصري، واستبقها متحدثا عن الاعلام وماهيته وحيثياته. بعد ذلك، استهل الربيعي محاضرته ملقيا الضوء على كيفية كتابة الخبر والتقرير والتحقيق والعمود الصحفي، شارحا آليات العمل على تلك الأصناف من الكتابات الصحفية، وتعدد الآراء في هذا الشأن. وتخللت المحاضرة مداخلات ساهم فيها عدد من الحاضرين، بضمنهم عبد المنعم الديراوي، بهاء مانع شياع، كاظم محسن، مؤيد الشاوي، سالم محسن، باسم محمد حسين، صلاح عمران، ليث غالب، غيداء محمد وعباس فاضل.
وفي الختام، سلّم الرفيق كاظم محسن المحاضر، هدية مقدمة من "دار الأدب البصري" ممثلة برئيسها زكي الديراوي.
******************************************
هنا تكمن الشجاعة!
متابعة – طريق الشعب
في 13 حزيران 1936 ألقى أدولف هتلر خطاباً في مناسبة تدشين سفينة جديدة في هامبورغ. كانت تحية هتلر إلزامية :آلاف العمال والجنود، رجالًا ونساءً يؤدون التحية باستثناء رجل واحد. عامل وحيد في حوض بناء السفن وقف بعناد وجعل ذراعيه متقاطعتين رفضا أداء التحية الهتلرية!
عندما تكتسب الأفكار الاستبدادية أرضية في أنحاء كثيرة من العالم، وعندما يُمكّن الانتهازيون والمتملقون من البدء في تفكيك الديمقراطية، وتقسيم الناس إلى "نحن" و"هم"، وتطبيق قوانين وأنظمة تتعارض مع المبادئ الإنسانية، لا بد أن يرمز هذا الرجل إلى المقاومة التي لا تزال مطلوبة اليوم.
لا يبدأ الأمر أبداً بالإبادة الجماعية او بغرف الغاز، بل يبدأ بإيجاد عدو مشترك لشحن الجمهور ضده. وهنا لا ينتهي الأمر بخير أبدًا.
الصورة مُعلقة في متحف الرعب في برلين، عنوانها "طوبوغرافيا الرعب".