اخر الاخبار

الصفحة الأولى

مشاكل البلاد لا تأتي فرادى.. المحاصصة تسحق الكفاءات الدبلوماسية بعجلات عوائل المتنفذين

بغداد ـ طريق الشعب

تعيش الدبلوماسية العراقية واحدة من أسوأ مراحلها منذ تأسيس الدولة، بعدما تحوّل منصب السفير – الذي يُفترض أن يكون واجهة العراق في الخارج – إلى غنيمة سياسية تُوزّع وفق صفقات المحاصصة الحزبية والطائفية. وقد انعكست هذه السياسة على أداء السفراء، حيث يمتنع بعضهم عن العودة، فيما يُقدم آخرون على طلب اللجوء في الدول التي يُفترض أنهم يمثلون العراق فيها، إلى جانب ممارسات مشوهة أخرى.

ويرى مراقبون أنّ اعتماد نهج المحاصصة، وتحويل السلك الدبلوماسي إلى ساحة لتقاسم النفوذ لا إلى أداة لخدمة المصلحة الوطنية، كانت نتيجته واضحة: سفراء يفتقرون إلى الخبرة، وزارة مهمّشة، وتمثيل خارجي باهت انعكس سلباً على ملفات سيادية خطرة، مثل خور عبدالله وملف المياه وغيرهما.

وعلى مدى السنوات الـ22 من عمر النظام الجديد، تحولت المناصب في السلك الدبلوماسي العراقي إلى "جوائز ومكافآت" تسعى الأحزاب المتحكمة بالمشهد السياسي للحصول عليها، وإسنادها لأعضائها وأفراد أسرهم والمقربين منهم.

تهميش للكفاءات

وأعرب مصدر في وزارة الخارجية لم يكشف اسمه عن استيائه من الآلية المعتمدة في تعيين السفراء، مؤكداً أنّها باتت خاضعة تماماً للمحاصصة الحزبية على حساب الكفاءة والمعايير المهنية التي ينص عليها القانون.

وقال المصدر في حديث لـ "طريق الشعب"، إنّ "الوزارة تضم كفاءات وخبرات دبلوماسية كبيرة، لكن يتم تهميشها لصالح أسماء يتم اختيارها وفقاً للتوازنات السياسية، وكأن الوزارة خلت من الكوادر المؤهلة".

وأضاف المصدر، أنّ قانون وزارة الخارجية يحدد بشكل واضح أن تكون نسبة 75% من تعيينات السفراء من داخل الوزارة، مقابل 25% فقط من الكفاءات خارجها، مردفا "لكن ما يحدث هو العكس تماماً، إذ باتت حصة موظفي الوزارة لا تتجاوز 25%، فيما جاءت ثلاثة أرباع الأسماء التي ظهرت في القوائم الأخيرة من خارج الوزارة".

وتابع أنّ "الكادر الدبلوماسي يتم إعداده على مدار عقود طويلة، ويحتاج الموظف إلى سنوات لاكتساب الخبرة والمعرفة المتراكمة، لكن في النهاية يُفاجأ الجميع بأنّ من يتبوأ المناصب العليا هم أشخاص من خارج الوزارة، لا يملكون ربع مؤهلات الكادر المهني".

ولفت المصدر إلى أنّ "الارتقاء درجة داخل الوزارة يخضع لإجراءات دقيقة تشمل تقييمات متعددة، وبحوث ترقية، ومقابلات رسمية قبل رفع التوصية"، مضيفا "فما بالك بمن يُفترض أن يكون سفيراً، ثم نجد أن المعايير كلها تُسقط لصالح التعيينات السياسية المحددة مسبقاً".

وخلص الى القول إنّ "هذا النهج أضعف وزارة الخارجية وأفقد الدبلوماسية العراقية فاعليتها، بعدما شغل هذه المناصب الحساسة أشخاص يفتقرون إلى الخبرة والمعرفة بأساسيات العمل الدبلوماسي".

حراك نيابي لوأد الصفقة

وهناك حراك لوقف تمرير القائمة عبر مجلس النواب، وسط تحذيرات من تداعياتها على سمعة العراق الدبلوماسية.

وقال عضو مجلس النواب النائب ثائر مخيف الجبوري، بشأن تصويت مجلس الوزراء قائلاً: إنّ "هذا التصويت يكرس المحاصصة الحزبية والطائفية. وكان الأولى الابتعاد عن تلك المحاصصة الحزبية التي لا تساعد على بناء العراق".

وأضاف أن دفع الأحزاب بشخصيات غير مؤهلة للمناصب العليا يهدف إلى الحفاظ على النفوذ السياسي وليس خدمة المواطن.

فيما أكد عضو لجنة العلاقات الخارجية النائب حيدر السلامي رفضه شبه الكامل للقائمة، مشيرا الى ان هناك مساعي ومحاولات لمنع تمرير هذه القائمة"

وتضم قائمة السفراء التي جرى تسريبها للإعلام، شخصيات مقربة من كبار المسؤولين، منهم أبناء وأصهار، موزَّعة على كتل وحسابات حزبية.

من جهته، اتهم عضو مجلس النواب عامر عبد الجبار الكتل السياسية الكبرى بـ"تفصيل" تلك القائمة على مقاسها، مؤكداً أن الترشيحات تمت وفق مبدأ المحسوبية والمنسوبية وليس على أساس الكفاءة والخبرة.

وقال عبدالجبار، إن "ما جرى في ملف ترشيح السفراء يمثل قمة الاستهزاء بالكفاءات الوطنية، حيث تم اختيار أسماء بناءً على الولاءات الحزبية والعلاقات العائلية، وليس وفق معيار الاستحقاق المهني أو الوطني"، مضيفا أن "بعض قادة الأحزاب لم يكتفوا بترشيح مقربين من الحزب، بل ذهبوا إلى ترشيح أبنائهم وأشقائهم وأصهارهم وحتى أقرباء زوجاتهم، في تجاوز صريح على مبدأ العدالة والمساواة، ما يعكس وجود دكتاتورية حزبية داخل هذه الكيانات".

أزمة الدبلوماسية العراقية

من جانبه، أكد الباحث في الشأن السياسي مجاشع التميمي أنّ الدبلوماسية العراقية تعاني أزمة بنيوية عميقة، تقف المحاصصة الحزبية والطائفية على رأس أسبابها.

وقال التميمي، إنّ المحاصصة "حوّلت السلك الدبلوماسي من أداة لتمثيل المصالح الوطنية إلى وسيلة لتقاسم المناصب بين القوى السياسية، بعيداً عن الكفاءة والمعايير المهنية"،

وأضاف التميمي في حديث لـ"طريق الشعب"، أنّ الموافقة على تعيين سفراء من خارج وزارة الخارجية بنسبة تتجاوز 50% تكشف حجم الخلل، حيث يُمنح المنصب كمكافأة سياسية لا كاستحقاق مهني مبني على الخبرة، مشيرا الى أنّ هذا النهج ترك انعكاسات خطرة على صورة العراق ومصالحه في الخارج.

واستشهد التميمي بفشل العراق في ملف ترسيم الحدود البحرية مع الكويت، مشيراً إلى أنّ غياب الوفد الدبلوماسي المحترف القادر على مواجهة الضغوط والتفاوض وفق أسس مهنية، ساهم في تعقيد القضية، معتبرا "إشكالية خور عبد الله الحالية هي نتيجة مباشرة لهذا الضعف البنيوي، وتعكس غياب استراتيجية دبلوماسية موحّدة تخدم المصلحة الوطنية العليا وتحصّن البلاد أمام التحديات الإقليمية والدولية".

ورهن التميمي معالجة هذا الخلل بـ"إعادة الاعتبار للمهنية في السلك الدبلوماسي، والالتزام الصارم بالقانون الذي يضمن أن تكون غالبية التعيينات من كوادر الوزارة المؤهلة، بما يعيد للدبلوماسية العراقية وزنها وهيبتها على الساحة الدولية".

"السلة الواحدة" مجددا

من جانب اخر، أعرب عدد من أعضاء مجلس النواب العراقي، أمس السبت، عن خشيتهم من تمرير قائمة تضم أسماء مرشحين جدد لمنصب سفير بـ"سلة واحدة"، من دون مناقشة فردية، داعين إلى تنظيم آلية التعيين عبر تشريع قانون خاص بالخدمة الخارجية.

وقال النائب أمير المعموري، خلال مؤتمر صحفي عقده في مبنى البرلمان، "نتخوف من إدراج قائمة السفراء على جدول أعمال جلسة اليوم بعد انعقادها، ونشدد على ضرورة عدم التصويت عليها بهذه الصيغة".

وأشار المعموري إلى وجود العديد من الملاحظات على القائمة، مطالباً بعرضها أمام أعضاء المجلس مع تزويدهم بالسير الذاتية لكل مرشح. كما دعا لجنة العلاقات الخارجية إلى تقديم رأيها بشأن كل مرشح على حدة، مؤكداً ضرورة التأكد من عدم شمولهم بقضايا فساد أو مساءلة وعدالة، فضلاً عن التحقق من صحة الشهادات والوضع الأمني.

ولفت إلى أن بعض الأسماء الواردة في القائمة "مشمولون بعفو عام، أو كانوا منتمين لحزب البعث، أو صغار في السن ولا تنطبق عليهم المعايير المطلوبة".

من جانبه، أعلن النائب علي الساعدي عن تقديم مقترح لتعديل قانون الخدمة الخارجية، مشيراً إلى أنه "مدعوم بتواقيع نيابية، ويهدف إلى ضمان اختيار السفراء وفق معايير مهنية وقانونية". وشدد الساعدي على أن "مطالبات الكتل السياسية بالحصول على مناصب دبلوماسية لا تستند إلى الدستور، وتخالف المصلحة العامة".

**************************************

راصد الطريق.. الفوضى بعينها!

أجّل مجلس النواب جلسته التي كان من المقرر انعقادها يوم أمس إلى إشعارٍ آخر.

وأخذ النواب يلوم بعضُهم بعضًا على ذلك، محمّلين هيئة الرئاسة المسؤولية الكبرى، وهي قد بادرت، إلى سابقة غير معهودة، برغم الإخفاقات المتكررة السابقة في انعقاد الجلسات.

الحديث، هنا، ليس عن جدول العمل الاشكالي، الذي أدرج من دون إنضاج كافٍ لمواده، وإعدادها إعدادا سليما لمناقشتها، وخاصة ما يتصل منها بقضايا أساسية، يُفترض أن يُفصل فيها بالدستور، كمشروع قانون حرية التعبير والتظاهر والتجمع.

إنّ صراع الكتل المتنفذة في المجلس، وحتى في داخل كل كتلة منها، والهرولة الى إعداد جدول العمل، كثيرًا ما يدفع نوابًا إلى جمع تواقيع لإدراج هذا الموضوع أو ذاك ضمن جدول الجلسة، وهو ما يعكس نوعاً من الفوضى، وغياب الدراية، والابتعاد عن مصالح الناس وأولوياتهم، والسعي لتحقيق مكاسب آنية عشية الانتخابات، وفي ليّ الأذرع.

ويبقى السؤال الهام: لماذا فقط في هذه الجلسة تذكّرت رئاسة البرلمان وجود إمكانية لنشر أسماء النواب المتغيبين، وقطع مليون دينار من رواتبهم؟

**************************************

الصفحة الثانية

المفوضية تؤكد بدء تطبيق نظام الحملات الانتخابية

بغداد ت طريق الشعب

أكد رئيس الفريق الإعلامي في المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، عماد جميل، أن المفوضية شرعت رسميًا بتطبيق نظام الحملات الانتخابية رقم (4) لسنة 2025، مؤكدًا أن عملية الرصد تجري عبر لجان مركزية موزعة في جميع المحافظات، إضافة إلى لجنة رئيسية في المكتب الوطني.

وأوضح جميل، أن "هذه اللجان تعمل على متابعة المخالفات الانتخابية، سواء عبر وسائل الإعلام أو في ساحات الحملات أو من خلال البلاغات المقدّمة من المواطنين، الأحزاب، أو منظمات المجتمع المدني".

وأشار إلى أن "المفوضية لم تسجل حتى الآن أي خروقات كبيرة، مرجعًا ذلك إلى "جهل بعض المرشحين بتعليمات المفوضية"، مضيفًا: "بعد التنبيه، لمسنا تجاوبًا ملحوظًا من قبلهم، والمفوضية مستمرة في الرصد والتشديد على الالتزام بالنظام الانتخابي".

وبيّن جميل أن "مسؤولية تنظيم الحملات الانتخابية تقع على عاتق جهات متعددة"، مشددًا على أن "البلديات في المحافظات وأمانة بغداد في العاصمة تتحملان مسؤولية ضمان العدالة في تخصيص مواقع الحملات بين الأحزاب والتحالفات، فيما يتركز دور المفوضية في إعلان بدء الحملات ومتابعة مدى التزام الجهات المعنية بالضوابط".

وأكد أن "المفوضية تتابع باهتمام بالغ مجريات الحملات الانتخابية، في إطار حرصها على توفير بيئة نزيهة ومتوازنة للمنافسة"، داعيًا جميع الأطراف إلى احترام التعليمات واللوائح المعتمدة لضمان نزاهة العملية الانتخابية المقبلة.

**********************************************

في الذكرى السنوية الأولى لرحيله.. استذكار القائد الأنصاري الرفيق نعمان علوان سهيل {أبو رائد}

أربيل – طريق الشعب

أقامت رابطة الأنصار الشيوعيين العراقيين بالتعاون مع منظمة أربيل للحزب الشيوعي العراقي، مساء الخميس 31 تموز 2025، فعالية جماهيرية مهيبة بمناسبة الذكرى السنوية الأولى لرحيل الرفيق الفريق الأول نعمان علوان سهيل (أبو رائد)، رئيس رابطة الأنصار، وذلك في "قاعة الشهداء" بمقر منظمة كَـلدو وآشور للحزب الشيوعي الكردستاني في مدينة أربيل. وحظيت المناسبة بحضور واسع ولافت، ضمّ نخبة من رفاق درب الفقيد، وأصدقائه وعائلته، إلى جانب عدد من الشخصيات السياسية والاجتماعية المعروفة. كان من بين الحضور الرفيق جاسم الحلفي، والرفيق كاو محمود، والرفيق كمال شاكر، كما شارك في الفعالية السيد فاضل ميراني، سكرتير المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني، ما يعكس التقدير العميق الذي تحظى به شخصية الفقيد داخل الأوساط السياسية الوطنية. وتخللت الفعالية كلمات ومداخلات مؤثرة قدّمها عدد من الرفاق والضيوف، تناولت أبرز المحطات في حياة ومسيرة الرفيق الراحل، وسلطت الضوء على دوره البارز في العمل السياسي والتنظيمي والعسكري، فضلاً عن خصاله الإنسانية، منها التواضع، وصلابة الموقف، وحسه الوطني العالي. وألقى الرفيق وسام الخزعلي، عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي، كلمة الحزب في هذه المناسبة، مستعرضًا فيها المسيرة النضالية الطويلة والغنية للرفيق أبو رائد، ومؤكدًا على أن استذكار القادة التاريخيين للحزب هو وفاء لتضحياتهم، وتجديد للعهد على مواصلة طريق النضال الذي ساروا عليه.

نص كلمة اللجنة المركزية للحزب في المناسبة:

الرفيقات والرفاق،

الأصدقاء الأعزاء،

الحضور الكريم...

في هذه المناسبة المفعمة بالمشاعر، نلتقي اليوم لنستذكر معًا أحد القادة الكبار الذين نقشوا أسماءهم في سجل الكفاح الوطني والطبقي لشعبنا، الرفيق الفريق نعمان علوان سهيل، أبو رائد، الذي ودّعنا قبل عام بعد صراع طويل مع المرض، لكنه ترك إرثًا نضاليًا وبصمة خالدة لا تمحى.

لقد كان الرفيق أبو رائد من الرعيل الذي حمل السلاح من أجل مبادئه، وانتمى منذ شبابه المبكر إلى صفوف الحزب الشيوعي العراقي، مؤمنًا بقضية الشعب، وواضعًا العدالة الاجتماعية في مقدمة أهدافه.

تميّز الفقيد بمسيرة عسكرية رفيعة وكان خلال خدمته مثالًا للانضباط والكفاءة والإخلاص. لم تكن رتبته العسكرية حاجزًا أمام وعيه الطبقي وانحيازه للفقراء والمحرومين، بل كانت أداة لتعزيز قناعته بأن التغيير الحقيقي لا يتم إلا من خلال النضال الجماهيري المنظم.

وعندما شدّد النظام الدكتاتوري قبضته القمعية في أواخر السبعينات، وازدادت حملة الاستهداف ضد الشيوعيين والديمقراطيين، كان أبو رائد من الأوائل الذين التحقوا بالحركة الأنصارية المسلحة التي انطلقت في جبال كردستان، معلنًا موقفًا واضحًا وشجاعًا في رفض الدكتاتورية والدفاع عن المبادئ التي نذر لها عمره. وفي صفوف الأنصار الشيوعيين، لعب أبو رائد دورًا قياديًا بارزًا، حيث ساهم في تنظيم القواعد وتخطيط العمليات الانصارية، وحرص على ترسيخ قيم التضامن والانضباط الرفاقي. وكان بمثابة المعلم والمربي والموجه، يزرع الثقة في نفوس المقاتلين، ويعكس بصلابته وهدوئه عمق الإيمان بعدالة القضية. وعلى الرغم من ظروف القتال القاسية، والبرد والجوع والتهديدات اليومية، لم يفقد أبو رائد بوصلته الإنسانية، وظل منفتحًا على هموم الناس، حريصًا على ربط النضال المسلح بنضال الجماهير في المدن والقرى. لم يكن أبو رائد مجرد عسكري متمرس أو مناضل ميداني فقط، بل كان مثقفًا حزبيًا واعيًا، يحمل فكرًا نقديًا ورؤية واضحة. شارك في العديد من المؤتمرات والفعاليات الحزبية بعد سنوات النضال المسلح، وأسهم في توثيق التجربة الأنصارية لتبقى حيّة في ذاكرة الحزب والحركة الوطنية.

أيها الرفاق والأصدقاء...

إن استذكار أبو رائد اليوم، ليس مجرد وفاء لشخصه، بل هو وفاء لذاكرة نضالية جمعيّة، تمثل جيلًا من المناضلين الذين قدّموا أرواحهم وأعمارهم من أجل عراق حر، ديمقراطي، تسوده العدالة والمساواة.

وإننا في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي، إذ ننحني اليوم إجلالًا لذكراه، نؤكد أننا ماضون على الدرب الذي سار فيه، متمسكين بمبادئه ومخلصين لقيمه، ومؤمنين بأن إرادة التغيير ما زالت حيّة في نفوس الأجيال الشابة. وفي هذا اللقاء الاستذكاري، نتوجه بخالص الشكر والامتنان إلى رفاقنا في منظمة أربيل للحزب الشيوعي العراقي، ورابطة الأنصار الشيوعيين العراقيين، على تنظيمهم هذا الاستذكار المهيب، وعلى حرصهم الصادق في إبقاء سيرة الرفيق أبو رائد حيّةً في وجدان رفاقه ومحبيه.

كما نُحيّي جهود رفاقنا في الحزب الشيوعي الكردستاني، ومنظمة كَلدَوَاشور، على استضافتهم الكريمة وتوفيرهم كل مستلزمات إقامة هذه الفعالية.

تحية لروحك الطاهرة أبا رائد،

ولك السلام في ذكراك، والمجد في نضالك،

وستبقى حيًا في وجدان رفاقك ومحبيك.

اللجنة المركزية

للحزب الشيوعي العراقي

٣١ تمــــوز ٢٠٢٥

*********************************************

أهالي تكريت يحتجون على قانون حرية التعبير.. تظاهرة في الشحيميّة احتجاجاً على انقطاع الكهرباء وشحّ المياه

بغداد – شاكر القريشي

تظاهر المئات من أهالي ناحية الشحيميّة والقرى التابعة لها في محافظة واسط، أمام محطة واسط الحرارية، احتجاجاً على الانقطاع التام للتيار الكهربائي وشحّة المياه، في ظل تدهور الأوضاع الخدمية والمعيشية في المنطقة. ورفع المتظاهرون، وغالبيتهم من فئة الشباب، شعارات منددة بالفساد وبأداء الحكومة المحلية ونواب المحافظة، مؤكدين استمرار حراكهم حتى تلبية مطالبهم المشروعة.

لا مياه ولا كهرباء

وفي حديث لـ"طريق الشعب"، قال الناشط المدني أبو هاجر العيساوي إن "ناحية الشحيمية تعاني من نقص حاد في الكهرباء والمياه الصالحة للشرب، رغم أهمية مشروع الشحيمية الإروائي الذي يُعد من أبرز المشاريع الزراعية في الأراضي المستصلحة بمحافظة واسط". وأضاف أن المشروع يعتمد على مضخات عائمة على نهر دجلة، تبعد حوالي 20 كم عن الناحية، وتحتاج إلى تيار كهربائي مستمر لضخ المياه إلى المنطقة.

من جهته، أكد المزارع حسين الكلابي أن "الانقطاع المستمر للكهرباء وشحة المياه ألحقا أضراراً جسيمة بالمحاصيل الزراعية الصيفية، وتسببا بتراجع الثروة الحيوانية، ما اضطر العديد من العائلات إلى النزوح نحو المدن القريبة بحثاً عن ظروف معيشية أفضل". وطالب المتظاهرون بمحاسبة الجهات المقصّرة، وعلى رأسها النواب الذين "لم يمثلوا تطلعات الناس"، بحسب الكلابي، الذي أكد أن "الاحتجاجات مستمرة ولن تتوقف إلا بتحقيق المطالب".

احتجاج مسائي في تكريت

من جانب اخر، شهدت مدينة تكريت، مساء الجمعة، وقفة احتجاجية نظمها عدد من الشباب والناشطين، حملت ثلاث مطالب رئيسة، تمثلت في المطالبة بإعادة نازحي المحافظة إلى مناطقهم، ورفض أي تسويات بشأن ملف خور عبد الله، إضافة إلى الاعتراض على مشروع قانون حرية التعبير المطروح حالياً في البرلمان. وأكد المشاركون في الوقفة تمسكهم بحق عودة جميع النازحين، محذرين من محاولات تمييع هذا الملف لأغراض سياسية أو فئوية. كما عبر المحتجون عن رفضهم لأي تسويات تتعلق بملف خور عبد الله، مؤكدين ضرورة الحفاظ على السيادة الوطنية ورفض التنازل عن الحقوق العراقية. وأعلن شباب تكريت رفضهم القاطع لمشروع قانون حرية التعبير عن الرأي، المزمع مناقشته في مجلس النواب، مؤكدين أن "بنود القانون المقترح تتعارض مع مبادئ الحريات العامة، وتقيد الحقوق الدستورية للمواطنين". وطالب المحتجون بسحب مشروع القانون الحالي، وفتح حوار مجتمعي واسع لصياغة قانون يضمن حرية التعبير والتظاهر السلمي دون قيود مجحفة.

**********************************************

تعزية

بشديد من الحزن والاسى غادرنا في الصباح الباكر اليوم 30 تموز 2025 الدكتور كاظم الصائغ شقيق الرفيق الشاعر صادق الصائغ وزوج الصديقة سامية تقي العطار، بعد صراع طويل مع المرض.

والدكتور كاظم من مواليد عام 1948 انهى كلية الطب في الموصل وعمل في بغداد قبل ان يهاجر من العراق على اثر الهجمة الفاشية للنظام السابق.

نتقدم بهذه المناسبة الأليمة باحر التعازي والمواساة القلبية لزوجته سامية وشقيقه الرفيق صادق الصائغ وابنه نورس وابنته ميس، راجين لهم جميل الصبر والسلوان وللفقيد الغالي الذكر الطيب الدائم.

منظمة الحزب الشيوعي العراقي في بريطانيا

30/7/2025

**************************************************

في لقاء مع مجموعة من عوائل الشهداء.. رائد فهمي يؤكد أهمية التعبئة الشعبية لخوض الانتخابات

بغداد – طريق الشعب

التقى الرفيق رائد فهمي، سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي، بمجموعة من عوائل الشهداء وعدد من الرفاق الراحلين الذين كان لهم دور بارز في المسيرة النضالية، والذين تميّزوا بعطائهم وإخلاصهم لقضية الوطن والعدالة الاجتماعية.

استُهلّ اللقاء بنقاش مفتوح حول الأوضاع العامة في البلاد والتحديات التي تواجهها، حيث تم التأكيد على أن المرحلة الراهنة تتطلب جهودًا استثنائية من جميع القوى الوطنية والمدنية من أجل إنقاذ البلاد من أزماتها المتراكمة.

وتناول الحديث ملف الانتخابات المقبلة باعتباره لحظة سياسية مفصلية يمكن أن تسهم في إفراز سلطة تشريعية وتنفيذية قادرة على التصدي لهذه التحديات.

وقال فهمي، أن تحقيق هذا الهدف مشروط بجملة من العوامل الأساسية، أبرزها تطبيق قانون الأحزاب، وضمان استقلالية مفوضية الانتخابات، والحد من استخدام المال السياسي والنفوذ.

وانتقد الرفيق رائد فهمي اختزال القضايا السياسية في مقايضات من نوع "خدمة مقابل صوت"، مؤكدًا ضرورة التركيز على الطروحات الجوهرية التي تمس مستقبل البلاد وتخدم مصلحة المواطنين.

وأوضح أن الحزب الشيوعي العراقي يخوض الانتخابات المقبلة ضمن "التحالف البديل" وتحالفات مدنية أخرى في بعض المحافظات، بهدف توسيع دائرة القوى ذات الطابع المدني والوطني.

وبيّن أن هذه التحالفات تعبّر عن تطور عملي ملموس يعكس طموح الجماهير في بناء دولة مدنية ديمقراطية عادلة.

وأشار إلى وجود إمكانيات حقيقية أمام الحزب وأصدقائه وقوائمه الانتخابية، إذا ما جرى تحقيق تعبئة فعالة وتنشيط التواصل المباشر مع الجمهور، لافتًا إلى الاستجابة الإيجابية التي لمسها خلال اللقاءات، في ظل حاجة المواطنين لفهم أوضح للخيارات السياسية المطروحة.

ودعا فهمي في ختام اللقاء إلى تحرك واسع من رفاق الحزب وعوائل الشهداء والسجناء السياسيين، لضمان مشاركتهم في الانتخابات بدءًا من استلام بطاقاتهم الانتخابية، وصولًا إلى تعبئة محيطهم وتشجيع المشاركة الشعبية.

وشهد اللقاء تفاعلاً ملحوظًا من الحضور، الذين شاركوا بتجارب ملهمة وعبّروا عن حماسهم واستعدادهم لخوض غمار المرحلة المقبلة، ما اعتبره فهمي رصيدًا أساسيًا لتعزيز فرص التغيير وتحقيق نتائج إيجابية في الانتخابات القادمة.

.. ويلتقي ممثلات مجلس المرأة {السوريتو}

التقى الرفيق رائد فهمي، سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي، أخيرا، مع ممثلات عن مجلس المرأة "السوريتو"، وفيه جرى التوقف عند أوضاع النساء في العراق عموما وعلى نحو خاص ما يتعلق باوضاع نساء الأقليات ولاسيما ما يخص المسيحيات في ظل الأوضاع السياسية والاجتماعية الراهنة.

وفي اللقاء تم  التداول في عدد من المحاور، وجرى تشخيص التراجع الحاصل في السنوات الأخيرة في ما يتعلق بمكتسبات المرأة، وتصاعد وتيرة خطاب الكراهية والعنف القائم على النوع الاجتماعي، إضافة الى التهميش المتزايد الذي تعاني منه وتتعرض له نساء الأقليات سواء في سوق العمل او في مواقع صنع القرار.

واكد اللقاء على أهمية وضرورة توسيع قاعدة التنسيق بين الحركة النسوية والقوى السياسية التقدمية في العراق، والعمل المشترك من أجل الدفاع عن حقوق النساء وتفعيل دورهن في ظل تداعيات الازمات والتحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية الراهنة.

في اللقاء عبر الرفيق رائد فهمي عن دعم الحزب الكامل لقضايا المرأة ووقوفه الى جانب المطالب العادلة للحركة النسوية، مؤكدا أهمية ضمان تمثيل حقيقي للنساء في المجالات كافة، وخصوصا للنساء من مختلف الاطياف القومية والدينية، والاقرار بتعددية المجتمع العراقي.

وتوصل اللقاء الى أهمية العمل معا على تعزيز التواصل ووضع اليات ملموسة لمتابعة ما جرى تناوله من قضايا، وان يصار الى اعداد ورقة عمل مشتركة تتضمن توصيات ومطالب تتم الدعاية والترويج لها في المحافل السياسية والاجتماعية والثقافية، وعلى مختلف الصعد.

******************************************

الصفحة الثالثة

قانون {حرية التعبير} تحت مطرقة البرلمان مجددا  ومراقبون يحذرون من {تشريعات قمعية}

بغداد – محمد التميمي

بينما يشهد العراق تراجعاً ملحوظاً في مؤشراته الديمقراطية وحرية الصحافة، يعود إلى الواجهة مشروع قانون "حرية التعبير" المثير للجدل، الذي ترى فيه أوساط أكاديمية وسياسية ومجتمعية، انه أداة جديدة لتقييد الحريات بدل صيانتها.

ويعكس الجدل الدائر حول القانون صراعاً محتدماً بين إرادة سياسية تسعى لتمريره، وأصوات برلمانية وشعبية تحذر من نتائجه الكارثية على مستقبل الديمقراطية في البلاد.

مشروع خطر!

حذّر عضو مجلس النواب، ياسر الحسيني، من خطورة مشروع قانون حرية التعبير بصيغته الحالية، معتبرًا أنه لا يمثل حماية لحرية التعبير، بل يشكل أداة لتقييدها بشكل أكبر. وقال: “القانون المطروح لا ينسجم مع روح الديمقراطية ولا مع الدستور العراقي الذي يكفل حرية الرأي، وقد أشرنا إلى هذه الملاحظات خلال مناقشته، لكن هناك إصرار على تمريره رغم اعتراضات واسعة”.

وأضاف في حديث لـ"طريق الشعب"، “نخشى أن يُمرّر القانون باستخدام أسلوب (مطرقة التصويت)، ومن دون توفر نصاب حقيقي، كما جرى في بعض الصفقات السياسية السابقة. وهذا يمثل تجاوزاً خطيراً على الأطر الدستورية والقانونية، ويفتح الباب أمام تشريع قوانين أخرى بطريقة مماثلة تخدم مصالح الأحزاب المتنفذة على حساب حقوق المواطنين”.

وأشار إلى أن تمرير القانون بهذه الصيغة سيُستخدم كأداة سياسية لتكميم الأفواه وملاحقة الناشطين والصحفيين، مؤكدًا أن “القانون يتعارض مع التزامات العراق الدولية في مجال حقوق الإنسان، وسيُفقد البلاد ما تبقى من مصداقية أمام المجتمع الدولي الذي يراقب تراجع الحريات والديمقراطية في العراق”.

وأوضح الحسيني، أن “الأغلبية السياسية الحالية تنسجم مع مخرجات الكتل الكبرى، وهي المشكلة الحقيقية في إنتاج قوانين تقيّد الحريات وتخدم مصالح السلطة بدلًا من مصالح الشعب”.

وحذر بالقول من انه “إذا ما تم تمرير هذا القانون بالأسلوب الملتوي نفسه الذي مُرّرت به القوانين الثلاثة والسلة الواحدة، فسنلجأ إلى المحكمة الاتحادية وسنرفع دعاوى قضائية للطعن بإقراره. لن نقف مكتوفي الأيدي أمام أي محاولة لإعادة البلاد إلى مربع الديكتاتورية وتكميم الأفواه، وسنواصل التصدي لهذه التشريعات الخطيرة التي تهدد مستقبل الديمقراطية في العراق”.

مواد فضفاضة

من جهته، حذّر رئيس مركز التفكير السياسي، إحسان الشمري، من خطورة تمرير القانون الجديد بصيغته الحالية، مبينًا أن مواده ستكون قابلة للتأويل والاستخدام التعسفي من قبل السلطات العراقية.

وقال الشمري في حديث مع "طريق الشعب"، أن رفض العديد من النواب والسياسيين والفاعلين ومنظمات المجتمع المدني ونخب أصحاب الرأي لهذا القانون، يؤكد المخاوف من أنه قد يقيّد حرية التعبير.

 وأضاف أن تقريرًا صادرًا عن منظمة دولية حذّر من أن إقرار القانون سيؤدي إلى اهتزاز الديمقراطية في العراق، التي تشهد تراجعًا كبيرًا بالفعل.

وبيّن أن العراق، كونه نظامًا ديمقراطيًا موقّعًا على اتفاقيات دولية متعلقة بحقوق الإنسان وعضوًا في منظمات حقوقية دولية، سيواجه انتقادات واسعة إذا تم تمرير القانون، لأنه يتعارض مع المبادئ التي أقرتها الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية العالمية.

وحذر الشمري من أن إقرار القانون سيزيد من سوء صورة العراق، خصوصًا في ظل التقارير الدولية التي تشير إلى وجود انتهاكات بحق الصحفيين وملاحقات لأصحاب الرأي وتضييق على الحريات، وهو ما سيضعف مصداقية الديمقراطية في البلاد ويعكس عدم تقبّل الرأي الآخر.

كما توقّع أن يؤدي "إقرار القانون بصيغته الحالية إلى صدور بيانات إدانة وقرارات من منظمات ودول عدة، الأمر الذي سينعكس سلبًا على العلاقات الثنائية بين العراق وهذه الأطراف، وقد يسهم في تراجع التعاون الدولي معه على المستويات السياسية والحقوقية".

تشريعات قمعية

الى ذلك، انتقد الكاتب والأكاديمي فارس حرام إصرار البرلمان على تمرير ما يُسمى بـ”قانون حرية التعبير”، مؤكداً أنه ليس مجرد توجه من رئيس البرلمان وحده، وانما هو توجه تدعمه القوى السياسية المتحكمة بالسلطة، والتي باتت تخشى الحريات أكثر من أي وقت مضى، بما في ذلك الاحتجاجات والاعتصامات والمظاهرات المطلبية وأي نقد جوهري لأدائها.

وأوضح حرام في حديثه لـ"طريق الشعب"، أن القوى السياسية تلجأ إلى استخدام عناوين مضللة لتمرير تشريعات قمعية، مشيراً إلى تجربة سابقة مع ما سُمّي بـ”قانون حرية الحصول على المعلومة”، الذي كان في جوهره تقييدًا لحرية تداول المعلومات.

وشبّه هذا السلوك بما كان سائداً في الحقبة الدكتاتورية، معتبراً أنه اتجاه خطير يتزايد منذ احتجاجات تشرين 2019-2020، نتيجة ذعر السلطة غير المسبوق من الحريات.

وبيّن أن القوى السياسية تسعى إلى إحياء مواد قانونية قديمة مقيّدة للحريات، مثل بعض مواد قانون العقوبات رقم 69، والتي جرى تعطيلها بعد 2003، لكن أعيد تفعيلها لتجريم المحتجين، كما حدث في ما سُمي بـ”الحملة على المحتوى الهابط” التي استندت إلى مفاهيم فضفاضة مثل “سمعة الدولة” و”الآداب العامة” و”النظام العام”.

وتوقف حرام عند اللائحة المثيرة للجدل الصادرة عن هيئة الإعلام والاتصالات بعنوان “لائحة تنظيم العمل الاعلامي الرقمي”، واصفاً إياها بأنها “مجزرة من المصطلحات العامة” مثل “الإساءة لرموز الدولة” و”سمعة الدولة”، وهي مصطلحات مبهمة تُستخدم تاريخياً من قبل الأنظمة القمعية لقمع الشعوب.

وأكد أن سلوك القوى السياسية في هذا المجال يتسم بـ”الغباء والتناقض”، لأنها لا تفكر بعواقب أفعالها، ولأنها تعتقد أنها ستبقى في السلطة دائماً.

وبيّن أن سلوك القوى السياسية في هذا المجال يتصف بالغباء والطيش السياسي، لأنه غير محسوب العواقب ويعتمد على ردود فعل انفعالية أشبه بسلوك “المراهق” الذي لا يدرك نتائج قراراته.

ونبه الى أن سنّ القوانين القمعية يؤدي إلى تأجيج الشارع وتفجير الأوضاع مجدداً، كما حدث عندما أصدرت حكومة عادل عبد المهدي قرار حظر التجوال في بداية احتجاجات تشرين، لكن الناس تحدت القرار وخرجت متحدية للسلطة.

وختم حرام حديثه بالقول بأن هذه الدورة النيابية تُعدّ من أسوأ الدورات البرلمانية، إذ اجتمع فيها سوء أداء السلطة مع تخاذل وفشل النواب المستقلين وممثلي الاحتجاجات الذين أصبحوا، على حد وصفه، “أكبر إساءة ممكنة للفعل الاحتجاجي وللمستقلين”، ما جعلها دورة برلمانية كارثية بكل المقاييس.

*****************************************

العراق في الصحافة الدولية

ترجمة وإعداد: طريق الشعب

أنبوب النفط والعلاقات العراقية التركية

كتب هالوك ديريسكينيلي مقالاً لموقع (Eurasia review) حول أزمة خط أنابيب النفط التركي العراقي، ذكر فيه بأن النزاع طويل الأمد بين الحكومة المركزية العراقية في بغداد وبين تركيا حول تصدير النفط الخام من كردستان قد وصل إلى منعطف حرج في عام 2023، حين أمرت محكمة التحكيم التابعة لغرفة التجارة الدولية، تركيا بدفع 1.4 مليار دولار كتعويضات لتجاوزها سلطة بغداد، في قضية بدت مثالاً محورياً على نزاعات الطاقة، والتي تنطوي على مسائل السيادة والالتزامات القانونية والنفوذ الجيوسياسي.

إطار قانوني تحت الضغط

وبيّن الكاتب بأن اتفاقية عام 1973 بين البلدين تنص على أن أي تدفق للنفط عبر خط أنابيب كركوك - جيهان يجب أن يكون بإذن من الحكومة الاتحادية العراقية، وهو ما لم تلتزم به أنقرة عام 2014 حين سمحت لحكومة إقليم كردستان بتصدير النفط بشكل مستقل ودون موافقة بغداد، متذرعةً بمصالحها العملية في مجال الطاقة وتحالفاتها الإقليمية، وهو ما اعتبرته بغداد انتهاكًا لحقوقها السيادية، فرفعت دعوى أمام المحكمة الجنائية الدولية وكسبتها.

خسائر بغداد وأربيل

وذكر الكاتب بأن النفط الخام المستخرج من حقول النفط الخاضعة لسيطرة حكومة إقليم كردستان، كان يُنقل إلى الحدود التركية عبر البنية التحتية الداخلية لحكومة الإقليم، ويدخل عبر معبر فيش خابور ثم يتدفق عبر خط أنابيب النفط الخام العراقي التركي (ITP) إلى ميناء جيهان، حيث يُخزن ويُحّمل على ناقلات للتصدير إلى الخارج عبر تجار عالميين مثل فيتول وجلينكور وترافيجورا. وقد حققت أربيل من هذه العملية حوالي 50 مليار دولار على مدى ما يقرب من عقد من الزمان، وتراوحت واردات تركيا من ذلك بين 1.5 و5 مليار دولار خلال نفس الفترة، وربح التجار مئات الملايين من الدولارات نتيجة شراء هذا النفط بأسعار لا تتجاوز 50 دولاراً للبرميل الواحد، فيما تعتقد بغداد بأنها خسرت بين 25 و30 مليار دولار بسبب ذلك.

عدم تنفيذ الحكم

وأشار المقال إلى أن أنقرة لم تنفذ حتى الآن حكم محكمة التجارة الدولية رغم تراكم الفوائد على عدم السداد، ويُقال إنها تتفاوض على تخفيضه، في وقت رفعت فيه بغداد دعوى أخرى تطالب فيها تركيا بتعويض إضافي يتراوح بين 3 و5 مليارات دولار عن الصادرات غير المصرح بها بين عامي 2018 و2023، في وقت توقف فيه تصدير ما يقارب 450 ألف برميل يوميًا من الإقليم وأُغلق خط أنابيب كركوك-جيهان نهائيا اعتبارًا من يوليو 2025.

ماذا يحمل الغد؟

وتوقع الكاتب أن يسعى العراق إلى تجميد الأصول التركية في الخارج، بما في ذلك الأسهم في خطوط أنابيب مثل تاناب وتاب، إذا لم تسدد تركيا ديونها، مما سيبقي صادرات النفط الإقليمية معطلة على المدى الطويل، تاركاً أثاراً سلبية على أسعار خام برنت العالمية.

أنبوب شامل

ولموقع (Oil prices) كتبت تسفيتانا باراسكوفا مقالاً حول نفس الموضوع، ذكرت فيه بأن تركيا تريد من العراق ضمان استغلال خط أنابيب النفط الواصل بين إقليم كردستان العراق وميناء جيهان التركي على البحر الأبيض المتوسط بكامل طاقته، التي تبلغ قرابة 1.5 مليون برميل يوميًا، ولم تستغل يوماً بكامل طاقته، وذلك عبر توسيع دوره لينقل النفط من حقول في جنوب العراق.

ووفق الكاتبة فإن قرار أنقرة بإنهاء العمل باتفاقية خط أنابيب النفط الخام بدءًا من 27 تموز 2026، يأتي للتفاوض على توسيع اتفاقية خط الأنابيب لتشمل التعاون في مجال الطاقة والنفط والغاز والكهرباء والبتروكيماويات، خاصة وإن تركيا غير راضية عن ضعف استغلال خط الأنابيب، والخلافات المستمرة حول الصلاحيات.

موقف انتهازي أم حقيقي؟

ولموقع Argus كتب بشار حلبي مقالاً نسب فيه إلى وزير الطاقة التركي قوله بأن اتفاقية الطاقة الجديدة التي تسعى تركيا لإبرامها مع العراق يجب أن تضمن استخدام خط الأنابيب (ITP) بكامل طاقته، وإن أنقرة قد استثمرت بشكل كبير خلال السنوات الماضية للحفاظ على تشغيل هذا الخط.  ويبدو حسب الكاتب بأن بغداد قد تلقت مقترحًا تركيًا لتجديد وتوسيع اتفاقية الطاقة بين البلدين، لتشمل التعاون في مجالات النفط والغاز والبتروكيماويات والكهرباء، إضافة إلى تمديد خط الأنابيب جنوبًا، حيث تتركز غالبية حقول النفط العراقية، وحيث يرى وزير الطاقة التركي الأمر مفيدًا للعراق، مع تكرار المخاوف من إغلاق مضيق هرمز.

***************************************

عين على الأحداث

وإن كانوا أميين

مثّلت قوائم أسماء السفراء الجدد، والتي تسربت إلى وسائل الإعلام، فضيحة جديدة لمنظومة المحاصصة، حيث كشفت عن توزيع المناصب على أساس درجة القرابة من زعماء المنظومة، بغض النظر عن التحصيل المناسب والكفاءة والتجربة العملية. هذا وفي الوقت الذي تعرضت فيه القوائم إلى انتقادات عدد من المتنفذين أنفسهم بسبب "الغبن" الذي لحقهم، عبّر الناس عن سخطهم من عدم أهلية العديد من المختارين لتمثيل دولة مثل العراق في المحافل الدولية، مؤكدين على أن الخلاص من هذا الفشل في تفعيل الدبلوماسية لا يتحقق الاّ بالتغيير الشامل، الذي يضمن تكافؤ الفرص بعيداً عن المحاصصة والمحسوبيات.

حساب عرب!

أعلنت الحكومة عن بناء ألف مدرسة موزعة على جميع المحافظات خلال عامين، بعد نجاحها في معالجة تسع مشكلات فنية وإدارية كانت تعيق استكمال أكثر من 450 مدرسة متوقفة منذ نحو عشر سنوات، مؤكدة على أنها تستهدف سد النقص الحاد في الأبنية المدرسية وإنهاء ظواهر الدوام الثلاثي والمزدوج والمدارس الكرفانية والطينية! فرحة الناس بالإنجاز تبددت بسرعة، إذ وجدوا بأن تحقيق الأهداف التي وعدت بها الحكومة يتطلب بناء 10000 مدرسة، وهو رقم ستقضي الحكومة عشرين عاماً لإنجازه، وحينها ستكون الحاجة للمدارس قد زادت إلى 16 ألف مدرسة، إذا ما بقيت نسبة الزيادة السكانية بحدود 3 في المائة.

صوج الجشع مو الاستيراد

عاودت أسعار صرف الدولار الإرتفاع ثانية بعد إن أقترب السعر الموازي من السعر الرسمي لأول مرة منذ فترة طويلة، وذلك نتيجة لتوفير الدولار إلكترونياً وبالسعر الرسمي واستخدام الحوالات الخارجية المباشرة وتراجع عمليات تهريب الدولار. هذا وفيما بقيت السوق بعيدة عن الإستقرار بسبب ركود الحركة التجارية وضعف الثقة بالسياسة المالية، واصلت أسعار السلع والخدمات ارتفاعها السريع رغم تحسن سعر صرف الدينار، الأمر الذي يؤكد على أن الجشع واللهاث وراء أقصى الأرباح وضعف المتابعة والمحاسبة وتدني هيبة الدولة، هي أسباب غلاء الأسعار، وبشكل مؤذٍ للناس وخاصة الكادحين منهم، وليس التذرع بارتفاع كلفة المستورد.

راشد لا يزرع!

أعلنت وزارة الزراعة عن انخفاض كبير في إنتاج الحنطة لهذا العام، متوقعة أن لا يكون هناك إنتاج للرز على الإطلاق، وذلك بسبب قلة الأمطار الشتوية وتراجع الإطلاقات المائية من دول المنبع، محذرة من أن محافظات النجف وذي قار والمثنى ستتحمل أكبر الأضرار. هذا وفيما تواجه البلاد أزمة جفاف هي الأشد منذ أكثر من 90 عاماً، يكتفي "أولو الأمر" بوصف الكارثة ومنع الناس من كسب قوتهم، متخلين عن مهمتهم في حل المشكلة عبر تحسين طرق الري وتخزين المياه وإنقاذ حصتنا من مياه الرافدين وتعويض الفلاحين عن الخسائر التي يسببها فشلهم في تنفيذ التزاماتهم تجاه الشعب.

ما تنِّحل باللجان، خنقتونا!

تصاعدت شكاوى الناس في محافظة كركوك من انتشار رائحة غاز كريهة خلال الأيام الماضية، خاصة من الجهة التي تتركّز فيها آبار شركة نفط الشمال. ويذكر المواطنون بأن هذه الظاهرة الخطيرة على صحة الناس وحياتهم اليومية راحت تتكرر بين فترة وأخرى، في ظل تجاهل السلطات الاتحادية وخاصة وزارتي النفط والبيئة. هذا وفي الوقت الذي شكّل فيه المحافظ لجنة لتحديد مصدر الروائح واتخاذ الإجراءات اللازمة لمعالجة المشكلة، وهو إجراء بات مضحكاً لاعتماده في مواجهة كل المشاكل دون أن تقدم أي لجنة شيئاً يذكر، يطالب الناس بتحرك عاجل لتقليل مخاطر الكوارث التي دمرت بيئتنا.

*****************************************

الصفحة الرابعة

وسط حلول ترقيعية مؤقتة شريان ذي قار المائي يموت عطشاً.. وصمت حكومي

بغداد – تبارك عبد المجيد

يشهد نهر البدعة في محافظة ذي قار انخفاضاً غير مسبوق في منسوب المياه، ما تسبب بأزمة حقيقية لسكان المناطق القريبة منه، خصوصاً المزارعين ومربي المواشي الذين يعتمدون عليه بشكل مباشر. ومع استمرار الجفاف، تحولت مساحات واسعة من الأراضي الزراعية إلى أرض قاحلة، فيما تكافح العائلات لتأمين مياه الشرب، وسط غياب واضح للحلول من الجهات المعنية.

شريان حياة الناس يموت عطشا

وحذر المواطن والباحث البيئي سجاد عبد المنعم، من أهالي محافظة ذي قار، من تفاقم أزمة الجفاف في مناطق واسعة من المحافظة، لاسيما في المناطق المحيطة بـ نهر البدعة، الذي يشهد انخفاضاً حاداً في منسوب المياه منذ أشهر، وسط غياب أي حلول ملموسة من الجهات المعنية.

وقال عبد المنعم لـ "طريق الشعب"، إن "الوضع أصبح لا يُطاق. نهر البدعة كان شريان حياة لآلاف العائلات، خو اليوم مجرد مجرى ترابي شبه جاف، لم يعد يصلح لا للري ولا للشرب". وأضاف "نحن نعيش على الزراعة وتربية المواشي، والجفاف دمر كل شيء. الأراضي تحولت إلى أرض بور، والمزارعون خسروا محاصيلهم، فيما ماتت أعداد كبيرة من الأغنام بسبب العطش ونقص العلف".

وأشار إلى أن الأهالي في القرى الواقعة قرب النهر، خصوصاً في أطراف قضاء الغراف والنصر والجبايش، يضطرون إلى شراء المياه عبر الصهاريج التي تصل بأسعار مرتفعة، قائلاً: "صرنا نشتري المياه مثل الوقود، وهذا عبء لا تتحمله العائلات الفقيرة".

وأعرب عبد المنعم عن استغرابه من "الصمت الرسمي"، مضيفاً "طرقنا أبواب المسؤولين، رفعنا مناشدات، لكن لا أحد يسمع. هل نحن نطالب بالمستحيل؟ نريد الماء فقط".

وتابع انه "حتى الحيوانات البرية بدأت تنفق أو تهاجر من المنطقة. هذا الجفاف لا يهدد المزارع فقط، بل يهدد توازن الحياة بالكامل في ذي قار".

وطالب عبد المنعم الجهات الحكومية، وخصوصاً وزارة الموارد المائية ووزارة الزراعة، بالتدخل العاجل من خلال زيادة الإطلاقات المائية إلى نهر البدعة، وإنشاء مشاريع بديلة لضمان وصول المياه إلى المناطق المتضررة، مع تعويض المتضررين من المزارعين والمربين. واختتم حديثه بالقول: "إذا استمر الوضع على ما هو عليه، سنشهد هجرة جماعية من الريف إلى المدينة، وسنخسر ما تبقى من البيئة الزراعية في ذي قار".

البدعة.. أهمية تاريخية واستراتيجية

من جانبه، قال حيدر السعدي، مسؤول لجنة التصحر والتغيرات المناخية في محافظة ذي قار، أن موضوع الشحة خلال هذا الوقت متوقع. هناك تحرك فعلي من قبل الجهات المعنية، سواء المديريات القطاعية أو الحكومة المحلية، لمواجهة أزمة الجفاف التي تشهدها المحافظة، ولا سيما في منطقة نهر البدعة.

وأوضح السعدي لـ "طريق الشعب"، أن "نهر البدعة يُعد من الموارد المائية الحيوية التي تغذي مناطق واسعة في شمال شرق المحافظة"، مشيراً إلى أن النهر يعتمد بشكل كبير على الإطلاقات المائية القادمة من سد الكوت، مروراً بـنهر الغراف.

وأشار إلى أن هذه المنطقة ذات أهمية تاريخية واستراتيجية، حيث كانت محط اهتمام حتى في زمن الاحتلال البريطاني لما لها من دور بيئي وزراعي وسياحي. واكد ان الجفاف يعود الى تراجع الاطلاقات لنهر دجلة من قبل الجانب التركي، او لعدم التزام المزارعين بالخطة الزراعية.

وأضاف أن النهر لا يقتصر على كونه مصدر ري، بل يُستخدم أيضاً في تأمين مياه الشرب، حيث تعتمد عليه مضخات المياه التي تغذي المناطق السكنية في عموم المحافظة. وتابع ان "أي تهديد لتدفق المياه عبر هذا النهر ينعكس مباشرة على مشاريع الري، ومياه الشرب، وحتى الحياة اليومية لأكثر من مليونين ونصف المليون نسمة في المحافظة".

نظام مائي هش

وأوضح السعدي، أن أزمة المياه الأخيرة كشفت هشاشة النظام المائي، إلا أن التدخلات العاجلة ساهمت في تفادي الأسوأ، إذ تم التنسيق مع وزارة الموارد المائية لزيادة الإطلاقات المائية، وتخفيض الخطة الزراعية في بعض المحافظات بهدف إعطاء أولوية لمحافظة ذي قار. وأسفر ذلك عن ارتفاع مناسيب المياه تدريجياً، حيث ارتفعت خلال ساعات بمقدار 25 سم، وهو ما ساهم في استعادة تشغيل معظم المضخات وعودة المياه إلى المناطق المتضررة.

وأكد أن الحكومة المحلية، تواصل اجتماعاتها مع رئاسة الوزراء والجهات ذات العلاقة، ضمن إطار خطة الطوارئ لمواجهة تحديات الشحة المائية وارتفاع درجات الحرارة، مبيناً أن الخطة تشمل أيضاً تعاوناً مع مديرية الدفاع المدني، الموارد المائية والشباب والرياضة، وقيادة الشرطة، وبقية الدوائر ذات العلاقة لضمان الاستجابة الشاملة.

وخلص السعدي الى التأكيد على أهمية استدامة الموارد المائية وتكثيف التنسيق بين المحافظات الوسطى والجنوبية والمركز الاتحادي لضمان عدالة التوزيع المائي وتحقيق الأمن المائي لذي قار، لا سيما في ظل التحديات المناخية المتفاقمة.

فشل سياسي!

وانتقد الناشط المدني سجاد ستار، من محافظة ذي قار، تدهور الأوضاع المائية في جنوب العراق، مؤكدًا أن جفاف سدة البدعة لا يُعد كارثة طبيعية، بل نتيجة مباشرة لـ "فشل سياسي مزمن" امتد لعقود.

وقال ستار لـ "طريق الشعب"، إن "جفاف نهر البدعة أثر بشكل مباشر على سكان المناطق المحيطة، حيث تضرر الصيادون من غياب المياه، وانعدمت مصادر الشرب والغسل للأهالي، وتلفت البساتين والأراضي الزراعية التي كانت تعتمد على النهر في ريّها". وأضاف أن المنطقة التي كانت تُعرف بطابعها السياحي وتُعد متنفسا للعوائل من مختلف أنحاء ذي قار، فقدت ملامحها بالكامل.

وأوضح أن نهر البدعة، الذي يعود إنشاؤه إلى عهد الاحتلال البريطاني، كان يعد من أهم مشاريع الري في الجنوب، فيما يعتبر نهر الغراف الشريان المغذي لشمال ذي قار. ومع ذلك، تُركت سدة البدعة اليوم لتجف، في ظل صمت حكومي مطبق.

وقال ستار: "هذه ليست كارثة طبيعية، بل انعكاس لفشل سياسي عمره أكثر من عشرين سنة، تخللتها شعارات كاذبة ووعود فارغة. الحكومات المتعاقبة عجزت عن تأمين أبسط مقومات الحياة لأبناء الجنوب".

وأشار إلى أن سدة البدعة، التي كانت تشكّل مصدر مهم لإنقاذ الأراضي من الجفاف، تُهمل اليوم وكأن الجنوب "خارج حدود العراق"، على حد وصفه. ولفت إلى أن ضعف التنسيق الإقليمي، غياب التخطيط، والصمت المتواصل من الجهات الرسمية، إلى جانب الفساد في ملف إدارة المياه، كلها عوامل أسهمت في هذه الكارثة البيئية والإنسانية.

وخلص الى طرح تساؤل: "أين وزارة الموارد المائية؟ وأين النواب الذين لا يظهرون إلا في مواسم التصويت؟"، مضيفاً أن المشكلة "ليست فقط في الجفاف، بل في منظومة سياسية عطّشت الناس، ولا تنظر للجنوب إلا كخزان انتخابي".

*****************************************

الشطرة تواجه العطش  والحلول الترقيعية لا تعالج أصل الأزمة

في الوقت الذي نثمّن فيه الاستجابة السريعة من قبل السيد محافظ ذي قار، والسيد رئيس وأعضاء مجلس المحافظة، وقائممقام الشطرة، والناشطين المدنيين، وتفاعلهم الميداني مع بيان اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في الشطرة، وما نتج عن ذلك من زيادة ملحوظة في الإطلاقات المائية وارتفاع مناسيب المياه خلال ساعات قليلة — نؤكد أن ما تحقق حتى الآن لا يعدو كونه حلولاً ترقيعية مؤقتة، جرت على حساب سد العديد من الجداول والأنهر الفرعية المتفرعة من نهر الغراف، ورفع المضخات عن ضفافه، الأمر الذي حرم مناطق ريفية وزراعية واسعة من حصصها المائية.

إننا نؤكد مجددًا على الحاجة الماسة إلى حلول جذرية ودائمة، تبدأ بتثبيت حصة نهر الغراف من المياه في سدة الكوت، ومنع أي تجاوزات عليها مستقبلاً، وتوثيق ذلك رسميًا من قبل وزارة الموارد المائية وهيئة تشغيل السدود. كما ندعو الحكومة الاتحادية، ممثلة برئاسة الوزراء، إلى تحمّل مسؤولياتها الوطنية والأخلاقية، والضغط على دول الجوار — وفي مقدمتها تركيا وإيران — لزيادة الإطلاقات المائية باتجاه العراق، ومعالجة أزمة المياه المتفاقمة التي باتت تهدد الأمن البيئي والزراعي والغذائي للبلاد.

وندعو كذلك الفعاليات الجماهيرية والناشطين المدنيين إلى إطلاق حراك جماهيري واسع ومنظّم، للضغط على الحكومتين المحلية والاتحادية من أجل تحمّل مسؤولياتهما الكاملة في مواجهة هذه الكارثة، التي حولت الأهوار إلى صحارى، وألغت الخطط الزراعية، وتسببت في توقف أكثر من 50% من مشاريع الماء والمجمّعات الحيوية.

إن الضغط الجماهيري السلمي والمنظم، هو أحد أدوات التغيير المشروعة، ووسيلة فعالة لانتزاع الحقوق وإنهاء الأزمات المزمنة التي تُرهق حياة الناس وتهدد مستقبل الأجيال.

اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي

في الشطرة

29 تموز 2025

*********************************************

دعوات الى حلول حكومية عاجلة في مناطق الأهوار حرائق متكررة بلا وقاية.. والتوازن البيئي في خطر

بغداد – تبارك عبد المجيد

في ظل تصاعد موجات الحر، وجفاف المسطحات المائية، وتجدد الحرائق في مناطق الأهوار، تثار عدة تساؤلات حول الأسباب الحقيقية لهذه الكوارث البيئية، وما تخلّفه من أضرار، على السكان والتنوع البيولوجي، بينما يستمر "الفشل الحكومي" في ايجاد خطط وقائية فاعلة إزاء تلك الكوارث.

واستعانت السلطات بطائرات مكافحة الحرائق الإيرانية لإخماد النيران في هور الحويزة، بعد ان تواصلت لأربعة أيام.

ويذكر خبراء مناخ، أن هناك عناصر مشجعة على استمرار اشتعال النيران في تلك المنطقة، منها هبوب الرياح والجفاف التام للقصب ودرجة الحرارة العالية.

يشار الى ان حريقا مماثلا حصل في عام 2021 واستمر 16 يوماً.

ويُعد هور الحويزة جزءا من منظومة الأهوار الجنوبية المدرجة على لائحة التراث العالمي منذ عام 2016، والتي تُعد موطناً بيئياً وثقافيا غنيا، وهو مهدد اليوم بمخاطر بيئية جسيمة نتيجة التنقيب والتجفيف والحرق.

التوازن البيئي مهدد

يقول الخبير البيئي أحمد صالح نعمة، إن "الحريق الأخير التهم مساحات شاسعة من الأراضي المائية والنباتية في الهور". وأشار إلى أن بعض هذه الحرائق قد تكون متعمدة، بهدف إعادة نمو القصب والبردي، وهما من الأعلاف الطبيعية الممتازة، بحسب الدراسات النباتية.  ورغم عدم وجود أدلة قاطعة على أسباب اندلاع الحرائق، فإن نعمة لا يستبعد أن يكون بعض الصيادين هم من يشعلون النار لأغراض متعددة، منها الطهي أو التنقل، مردفا أن "الجفاف الشديد، وارتفاع درجات الحرارة، وهبوب الرياح، كلها عوامل ساهمت في تسريع انتشار الحريق".

ويردف كلامه بأن هور الحويزة يعتبر محمية حدودية تخضع لسيطرة أمنية مشددة، مما يُستبعد دخول الصيادين أو السياح، لكنه يحتمل أن الحادث قد حصل نتيجة لعمل الجهد الهندسي التابع للواء العاشر في المنطقة الحدودية، الذي بادر بإكمال إنشاء السد الحدودي الفاصل بين العراق وإيران، بعد توقف دام عامين. ويواصل حديثه، أن هذا السد سيوفر منفذًا جنوبيًا يمكن أن تستخدمه سيارات الإطفاء. كما أنه سيساهم أيضًا في تحسين المراقبة الحدودية، وتقليل الحاجة لتراخيص الدخول السياحي، وتحقيق فوائد أمنية وبيئية متعددة.

ويضيف، أن "النظام البيولوجي للأهوار تأثر بشدة ـ من حشرات وزواحف إلى طيور وحتى البكتيريا الدقيقة ـ مما يهدد التوازن البيئي للمنطقة"، لافتا إلى أن دخان الحريق امتد إلى المدن العراقية والإيرانية المجاورة، ما تسبب في حالات اختناق وانبعاثات كربونية عالية، إلى جانب تطاير رماد القصب في الهواء ووصوله إلى مناطق بعيدة.

وبالعودة إلى الجدل حول المشروع النفطي، يوضح الخبير أن الصيادين رصدوا وجود آليات تابعة لوزارة النفط، وأبلغوا الجهات المختصة. لكن المفارقة أن وزارتي الموارد المائية والبيئة لم يكن لديهما أي علم بهذه الأنشطة، وهو ما دفع ناشطين بيئيين الى رفع شكوى أمام البرلمان.

ورغم نفي وزارة النفط وجود أي مشروع داخل الأهوار، إلا أن صورا ومقاطع فيديو وثّقت الأعمال، ما أدى إلى نقل الآليات جزئيا إلى مناطق أخرى.

وهنا، يؤكد نعمة أن الخبراء البيئيين لا يعارضون تطوير الموارد النفطية، لكنهم يشددون على ضرورة احترام الطبيعة الحساسة للأهوار، التي أُدرجت على لائحة التراث العالمي منذ عام 2016.

حالات اختناق عديدة

من جهته، قال قائمقام قضاء الكحلاء علي شبوط، في حديثه لـ "طريق الشعب"، إن الدخان الكثيف الذي نتج عن الحرائق انتشر في سماء محافظة ميسان، وبشكل خاص في قضاء الكحلاء، ما تسبب بحالات اختناق عديدة، خصوصا بين المرضى الذين يعانون من أمراض تنفسية كالربو.

وأضاف أن تصاعد أعمدة الدخان تزامن مع ارتفاع غير مسبوق في درجات الحرارة عن المعدلات الطبيعية، ما زاد من تفاقم الوضع الصحي، مشيرا إلى أن هذا النوع من التلوث يؤدي إلى أمراض سرطانية على المدى البعيد، ما يشكل تهديدًا جديًا لسكان المناطق المحيطة بالأهوار.

وتابع شبوط أن "جفاف مساحات واسعة من الهور، واتساع رقعته، جعلا السيطرة على النيران مهمة صعبة، بخاصة مع ضعف الإمكانيات الفنية لمحافظة ميسان والوحدات الإدارية المعنية.

واختتم المسؤول المحلي تصريحه بدعوة الحكومة المركزية ووزارة الموارد المائية إلى التدخل العاجل، عبر زيادة الإطلاقات المائية إلى مناطق الأهوار، للحد من خطر الحرائق، ومنع تكرار مثل هذه الكوارث. كما طالب وزارة البيئة باتخاذ موقف جاد وحاسم تجاه ما يحدث، حفاظًا على حياة المواطنين والثروات البيئية الفريدة التي تمتلكها الأهوار العراقية.

مطالبات بدعم حكومي حقيقي

أما الناشط البيئي علي جبار فقد أعرب عن قلقه من تكرار حرائق الأهوار دون وجود استراتيجية وقائية فعالة، قائلاً "ما يحدث في هور الحويزة ليس كارثة بيئية فحسب، بل فشل إداري متكرر في التعامل مع بيئة حساسة تُعد من كنوز التراث العالمي. الأضرار لا تقتصر على فقدان التنوع البيولوجي، بل تطال السكان المحليين الذين تعتمد حياتهم على الصيد والرعي، إلى جانب تلوث الهواء وتأثيره على الصحة العامة".

وأضاف جبار لـ "طريق الشعب"، أن "الغريب في هذه الحرائق هو تكرارها الدائم، ومع ذلك لا توجد إجراءات استباقية حقيقية، ولا خطط طوارئ مفعلة، ولا حتى فرق مختصة مدربة للتعامل مع هذا النوع من الكوارث".

واكد أن هناك حاجة إلى "توحيد الجهود بين الجهات البيئية والهندسية والأمنية، وتوفير دعم حكومي حقيقي لمنع تكرار هذه الكوارث، وليس الاكتفاء بردود الفعل بعد اشتعال النيران".

*****************************************

الصفحة الخامسة

تزايد حالات الإجهاد الصوتي التلوث الضوضائي في العراق يتجاوز المعدلات الآمنة

متابعة – طريق الشعب 

في زحام مدن العراق، لا سيما بغداد، لم يعد التوتر النفسي وليد لحظة عابرة، بل بات رفيقا يوميا لسكانٍ تتعالى فوق رؤوسهم ضوضاء لا تنام، تخترق تفاصيل حياتهم اليومية منذ الصباح حتى المساء.

تلك الضوضاء لم تعد تقتصر على الأماكن العامة كالأسواق وشوارع مراكز المدن، بل امتدت إلى الأحياء السكنية. فكثيرا ما يستيقظ الناس على أصوات باعة جوالين يروجون بضائعهم بين الأزقة عبر مكبرات الصوت، أو يستيقظون على أصوات منبهات سيارات أو ضجيج دراجات نارية، فضلا عن مولدات الكهرباء، لتستمر تلك الضوضاء حتى آخر أصوات أطفال يختتمون يومهم بصراح ومزاح مع حلول الليل، قبل أن يتفرقوا إلى المنازل! ويأتي التلوث الضوضائي مكملا للتلوث البيئي الذي تعانيه البلاد في هوائها ومائها وتربتها. ويرى اختصاصيون في الصحة والبيئة، أن التلوث السمعي لا يقل خطرا عن التلوث البيئي، فكلاهما يؤثر سلبا على الإنسان والبيئة، مشيرين إلى ان الضوضاء قد تسبب فقدان السمع، وارتفاع ضغط الدم، واضطرابات النوم، ومشكلات صحية نفسية، وغيرها من الأمراض التي باتت تنتشر بشكل كبير في العراق.

تحذير من ارتفاع معدلات الضجيج

رئيس المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان فاضل الغراوي، كان قد حذّر في بيان صحفي إبان أيار الماضي، من تفاقم التلوث الضوضائي في البلاد.

وقال أن "80 في المائة من العراقيين مصابون بمرض (التلوّث الضوضائي)"، مبينا أن نسب الضجيج المسجلة في بغداد تجاوزت المعدلات الآمنة المحددة من قبل منظمة الصحة العالمية، والتي تبلغ كحد أقصى 85 ديسيبل لمدة أقصاها 8 ساعات في اليوم. فما فوق ذلك قد يؤثر سلبا على الصحة الجسدية والنفسية للإنسان.

وتحدث الغراوي عن مصادر الضجيج في البلاد، موضحا انها لا تقتصر على المركبات والمولدات، بل تشمل أيضاً المعامل والورش الصناعية المنتشرة داخل المدن من دون رقابة بيئية، إلى جانب أصوات الطائرات، منوّها إلى أن "هذه البيئة المشبعة بالضوضاء تنعكس على الصحة العامة وتفاقم من المشكلات اليومية للعراقيين، لا سيما مع محدودية الخدمات الصحية النفسية".

وتفيد تقارير رسمية بأن عدد السيارات الخاصة في عموم العراق يبلغ نحو 8 ملايين سيارة، منها نحو 4 ملايين في بغداد التي لا تستوعب طرقاتها أكثر من 700 ألف سيارة.

هروب من المدينة إلى الريف!

من جانبه، يقول المواطن الخمسيني سعد العجيلي: "اتخذت قبل ثلاثة أعوام قراراً اعتبره كثيرون غير عقلاني حين استقلت من عملي في شركة تجارية كبيرة داخل بغداد، وانتقلت مع أسرتي إلى بلدة ريفية في محافظة ديالى، رغم ما سببه ذلك من تراجع كبير في دخلي". ويوضح في حديث صحفي أنه "كنت أعيش وسط بغداد وكان دخلي جيداً، لكنني كنت أسمع يومياً صراخ الناس ومنبهات السيارات وضجيج المولدات، فأعود منهكاً من العمل ولا أستطيع النوم حتى منتصف الليل. ثم وجدت نفسي أصرخ بوجه أطفالي بلا سبب".

ويتابع العجيلي حديثه قائلا: "انتابتني حالات من العصبية والقلق، وكنت افتعل مشكلات في العمل أو في الطريق أثناء الازدحام المروري، حتى انني ابتعدت عن أصدقائي، وبت لا أرغب في الخروج مع عائلتي أو أصدقائي للتنزه"، مضيفا قوله: "قبل ثلاثة أعوام اختفت هذه الأعراض والتصرفات بعد أن طبقت نصيحة قريبي المتخصص في علم النفس، بأن أغير أسلوب حياتي ومنطقة سكني، وأنتقل للعيش مع أقاربي في القرية. كل شيء بخير الآن فالضوضاء شبه معدومة"!

الجدران لا تمنع الضجيج من دخول البيوت!

سعد العجيلي ليس الوحيد الذي عانى اضطرابا نفسيا بسبب الضوضاء. فبحسب تقارير متخصصة فإن حالات "الإجهاد الصوتي" ارتفعت في العراق. وهو اضطراب نفسي ينجم عن التعرض المزمن للضوضاء، ويُعد من عوامل الضغط النفسي التي قد تتطور إلى سلوكيات عدوانية أو انهيارات نفسية.

وإذا كان العجيلي قد استطاع الانتقال إلى منطقة هادئة للتخلص من الضوضاء، فإن معظم الناس لا يستطيعون القيام بذلك، ومنهم سلوى عايد التي تعيش مع أسرتها في منزل صغير داخل حي شعبي مزدحم وسط بغداد.  تقول سلوى في حديث صحفي، أن "زوجي لا يستطيع أن يتحمّل نفقات السكن في مكان أهدأ. لذلك نعيش في هذا الحي الشعبي المزدحم بالسكان والضجيج الخانق"، مبينة أن "أصوات الباعة وصغار الحي ومولدات الكهرباء كلها تدخل دفعة واحدة إلى بيتنا. لا أذكر انني نمت بشكل متواصل مرة واحدة. أعاني دوارا دائما بسبب الإرهاق والحرمان من الراحة".

هل تقود الضوضاء إلى الانتحار؟!

إلى ذلك، يقول اختصاصي الطب النفسي فارس موفق: "فعلياً لم يعد التلوث السمعي في العراق مجرد إزعاج كما يعتقد البعض، بل بات عاملاً نفسياً مؤذياً يتسلل بصمت إلى حياة الناس"، لافتا في حديث صحفي إلى ان "التعرض المستمر أو لوقت طويل لأصوات مرتفعة ومتكررة في بعض المناطق، لا يعطي أي فرصة للراحة أو الهدوء. وتؤكد مشاهداتنا اليومية ارتفاع عدد المواطنين الذين يتعرضون لإرهاق نفسي واضطرابات نوم وقلق وانفعالات زائدة". ويتابع قوله: "مع تراكم الظروف الاقتصادية الصعبة والمشكلات الاجتماعية، يصبح الفرد أكثر عرضة للتصرفات غير المنضبطة، وقد يقوده ذلك إلى العنف أو حتى إلى الانتحار"! ويشير موفق إلى ان "الضوضاء لا تهاجم الجهاز العصبي فقط، بل تؤثر أيضاً على القلب، وتزيد احتمالات الإصابة بأمراض خطيرة كالسكري من النوع الثاني، وتؤثر على التركيز والذاكرة خصوصاً لدى الأطفال، وهذه الأعراض شائعة في بلدنا اليوم". ورغم خطورة الظاهرة، لا تزال المعالجات الرسمية غائبة. إذ لا قوانين فعّالة للحدّ من التلوث الضوضائي، ولا أجهزة رقابة بيئية حقيقية تتابع هذه المشكلة المؤرقة الممرضة. 

**************************************

خطأ جامعي يحرم خريجاً من التعيين والدراسة العليا

متابعة – طريق الشعب

ناشد خريج قسم الرياضيات في كلية التربية للعلوم الصرفة في جامعة الموصل، نزار إلياس، الجهات المعنية إعادة حقه الأكاديمي، بعد أن أثبتت لجنة تحقيق رسمية وجود خطأ في كتابة معدله وتسلسله الدراسي على وثيقة التخرج. حيث أدرج تسلسله في الوثيقة الرسمية على أنه الرابع على القسم، بمعدل 85.6، للعام الدراسي 2016 – 2017، في حين أن معدله الفعلي هو 91.127 وفق نتائج أصدرتها لجنة تحقيق عام 2022، ما يمنحه المركز الأول على قسمه وجميع أقسام الكلية.

يقول إلياس وهو من أهالي قضاء سنجار، أنه رغم مراجعات استمرت أكثر من 5 شهور، لم يتم اتخاذ أي إجراء إداري بشأن إعادة حقوقه أو التعويض الأكاديمي، باستثناء منحه وثيقة معدلة بالمعدل الصحيح. فيما يؤكد أن هذا الخطأ أفقده فرصة الحصول على التعيين الأكاديمي، وعلى مقعد دراسات عليا. ويوضح أنه منذ لحظة التخرج كان يتوقع أن يكون الأول على القسم، لكن بعد صدور النتائج وسحب الوثيقة الرسمية تبين أنه الرابع، مشيرا إلى انه قدم اعتراضاً لرئيس القسم حينها، وبعد مراجعته الثانية بُلّغ بأن النتيجة والتسلسل مطابقان "لكنني لم أقتنع بذلك"! ويتابع إلياس قوله أنه "في نهاية عام 2022 قدمت اعتراضا رسميا إلى شعبة الوثائق، وبعد تشكيل لجنة تحقيق ثبت أن هناك خطأ واضحاً، ما يعني أنني كنت الأول على القسم، بل على جميع أقسام الكلية".

ويؤكد أنه "أراجع جامعة الموصل منذ أكثر من 5 شهور، وحتى الآن لم أحصل على أي من حقوقي، باستثناء الوثيقة المعدلة"، منوّها إلى ان الوثيقة الأولى صدرت اعتمادا على موافقة 4 لجان، هي: الامتحانية، التدقيق، الوثائق وسجل الكلية. ويتساءل: "هل من المعقول ألا تلاحظ هذه اللجان أن معدلي الحقيقي 91؟ أنا أشك في الموضوع، وأعتقد أن ما حدث لم يكن صدفة"! ويلفت إلى انه "لو لم يحدث هذا الخطأ، لكان من الممكن أن أحصل على تعيين وأتابع دراساتي العليا وأحصل على الماجستير والدكتوراه".

******************************************

النجف مرضى السرطان يناشدون توفير دواء {ارميدكس}

النجف – ملاذ الخطيب 

‏يشتكي العديد من مراجعي المستشفى الوطني للأورام وأمراض الدم في النجف، من اختفاء دواء ارميدكس منذ اكثر من سنة ونصف السنة، والذي كان يوزع عليهم مجانا كل شهر.

فبسبب انقطاعه بات المرضى يشترونه من الصيدليات الأهلية بأسعار باهظة تصل إلى 85 ألف دينار شهريا.

ويذكر المرضى لـ"طريق الشعب"، أنه "ليس الجميع قادرا على تحمل تكلفة هذا الدواء. إذ ان المرضى من شريحة الفقراء يعانون كثيرا في توفير علاجاتهم"، مشيرين إلى ان عدم توفر الأدوية في المؤسسات الحكومية يساعد على انتعاش السوق السوداء.

ويشيرون إلى أن الفقير يكون في النهاية ضحية أزمة الدواء. حيث تتعرض حياته لمضاعفات خطيرة، في وقت يعجز فيه عن تأمين مبالغ شراء الدواء المكلفة، مؤكدين أن عدم تناول مريض السرطان علاجه بانتظام، يزيد من خطر تفاقم المرض، وعودته بالنسبة للمتعافين.

المرضى يناشدون دائرة صحة النجف وبقية الجهات المعنية، توفير هذا الدواء عاجلا، لحمايتهم من الموت.

*********************************************

اگول.. الزراعة في ديالى من أين وإلى أين؟!

 طاهر أحمد زيدان

كلما لاحت لنا كلمة "زراعة" بمعناها المهني والفني، تذكرنا ثورة 14 تموز 1958 وإنجازاتها الكبيرة على المستوى الزراعي، والتي لا تزال آثارها شاخصة حتى اليوم. وفي الوقت نفسه يحز في أنفسنا ألم دائم طالما أرقنا وأقض مضاجعنا، سببه قيام الحكومات المتعاقبة بطمس معالم الثورة الزراعية التي أطلقتها ثورة تموز.

مما يؤسف له هو قيام الحكومة الاتحادية بهيكلة الشركة العامة للتجهيزات الزراعية. وهي الجهة الخدمية والمهنية المخولة باستيراد المكننة الزراعية والاسمدة والمبيدات وكافة مستلزمات إنجاح ودعم القطاع الزراعي، التي تساهم بشكل او بآخر في رفع المستوى الإنتاجي للمحاصيل الزراعية بكل أشكالها.

وسبّب هذا الإجراء غير المبرر مزيدا من التقهقر والإحباط لدى المزارعين والعمال والكسبة، الذين يزاولون مهنة الزراعة.

أتحدث هنا عن محافظة ديالى، المعروفة على مر الأزمان كمنطقة زراعية بامتياز، والتي هلكت مساحات واسعة من أراضيها الزراعية وبساتينها، بسبب أزمة المياه وتراجع دعم القطاع الزراعي.

ومن أجل النهوض بواقع زراعي متجدد وناجح في ديالى، لا بد للحكومة من تفعيل مهام عدة، أبزرها إنشاء سدود وبحيرات اصطناعية ذات جدوى اقتصادية مستدامة، لمواجهة أزمة المياه في المحافظة، حث المزارعين على زراعة المحاصيل الطبية ذات الجدوى الاقتصادية، والتي تساهم في تشغيل مصانع الأدوية، ومن تلك المحاصيل الزعتر وإكليل الجبل والبقدونس والنعناع وحبة البركة.

كذلك حثهم على زراعة المحاصيل التي تدخل في صناعة المواد العطرية والتجميلية، مثل الياسمين والريحان والقرنفل والبابونج والزعفران.

ولا بد أيضا من مراعاة توقيتات تسميد أشجار الفاكهة المعمرة بأسمدة عضوية، مع الأخذ في نظر الاعتبار اختيار الموسم الخريفي في إنجاز هذه العملية، كون الطقس في هذا الموسم يساعد على تحلل الأسمدة بشكل بطيء، ما يُحافظ على مسامية التربة ودفئها في أيام الشتاء الباردة، ويسمح للأرض بامتصاص المواد العضوية لتتهيأ للموسم الزراعي القادم.

***************************************

مواساة

  • تنعى اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في النجف فقيدها الرفيق عبد الحر كامل السلطاني (أبو زمن).

للفقيد الذكر الطيب ولأهله الصبر والسلوان.

  • تعزي منظمة الحزب الشيوعي العراقي في قضاء الهندية الرفيق عبد الكريم عليوي، بوفاة عمه والد زوجته. للفقيد الذكر الطيب ولذويه الصبر والسلوان.
  • تعزي اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في بابل ومعها منظمة الحزب في المحاويل، عائلة الفقيد مشتاق طالب جبر، بوفاته إثر حادث مؤسف، وهو ابن الرفيق الراحل طالب جبر، وابن أخ الرفيق طارق جبر، وابن خال الرفيق محمد صادق. للفقيد الذكر الطيب ولأهله وأصدقائه الصبر والسلوان.
  • تتقدم اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في واسط بالتعازي والمواساة إلى عائلة صديق الحزب عبد الرزاق رشاد، بوفاة زوجته.

الذكر الطيب دوما للفقيدة والصبر والسلوان لعائلتها الكريمة وجميع معارفها.

*********************************************

إجابة من وزارة النفط

تلقت "طريق الشعب" من وزارة النفط كتابا رسميا يحمل إجابة عن تقرير نشرته الجريدة في عددها المؤرخ 20 أيار 2025، وهذا نص الكتاب:

إلى صحيفة طريق الشعب الغرّاء

نهديكم أطيب تحياتنا..

إشارة إلى ما نشرته صحيفتكم الغراء بتاريخ 20/5/2025، تحت عنوان (في بابل والبصرة.. احتجاجات واسعة تطالب بالخدمات وسلة الغذاء وفرص العمل)، نود إعلامكم بأن شركة مصافي الجنوب قد أوضحت ان الدائرة القانونية في الوزارة بينت ان قانون الموازنة العامة الاتحادية لجمهورية العراق للسنوات (2023-2024-2025) بضمنها المادة (14/ثانيا/أ) ينص: (على الوزارات والجهات غير المرتبطة بوزارة والمحافظات كافة إيقاف التعيينات ضمن التشكيلات التابعة لها من المديريات الممولة مركزيا والشركات العامة الخاسرة والرابحة والهيئات والمديريات الممولة ذاتيا).

شاكرين تعاونكم معنا مع التقدير  

**************************************************

الصفحة السادسة والسابعة

   الرفيق عبد الرزاق الصافي لـ{طريق الشعب}: صحافتنا كانت أقرب إلى نبض الشارع من صحافة السلطة *

شغل الرفيق عبد الرزاق الصافي مواقع حزبية وإعلامية متقدمة في الحزب الشيوعي العراقي، وطوال عقود من السنين، فقد كان عضواً في اللجنة المركزية للحزب وفي مكتبها السياسي فترة طويلة من الزمن، كما عمل في مواقع إعلامية هامة للحزب منذ انقلاب شباط الأسود عام 1963، وإلى سنوات قريبة سابقة، إذ  عمل في ( إذاعة صوت الشعب العراقي ) التي كانت تبث من صوفيا، بعد انقلاب شباط الدموي، ثم عمل في طريق الشعب السرية، ولعل عمله في رئاسة تحرير صحيفة (طريق الشعب) العلنية من أيلول 1973 إلى نيسان 1979  يعتبر أبرز وأهم نشاط إعلامي حزبي للرفيق، لما لتلك الفترة من حساسية وإشكالية وتفرد، ولما لتلك الصحيفة من مكانة  في ذاكرة القراء، ومن خصوصية من حيث التجربة والغنى والتميز، لذلك فإن اللقاء بالرفيق (أبو مخلص) بمناسبة يوم الصحافة الشيوعية العراقية، يكتسب أهمية استثنائية في ظل الظروف الحالية من أجل إطلاع جيل الشيوعيين الشباب على تلك التجارب الصحفية والإعلامية الرائدة للحزب، ومن أجل التوثيق التأريخي لحقبة هامة من حقب نضالنا الصحفي الشيوعي.

إن اللقاء والحديث مع الرفيق (أبو مخلص) بالنسبة لي ممتع وشيق، فالرفيق ومنذ عرفته منذ عقود، لم تتغير انطباعاتي عن روحه الشبابية المتجددة، وتمتعه بروح المرح والدعابة، بالإضافة لذاكرته الممتازة، والتي (يدعي!) أنها كليلة!!

س1 جرى اختيارك رئيساً لتحرير جريدة "طريق الشعب " عندما أمكن صدورها علنية بعد إعلان "الجبهة الوطنية والقومية التقدمية " في العام 1973. ماهي اسباب هذا الاختيار؟

ج1 ليس سراً أنى كنت أحد إعلاميي الحزب منذ عام 1963، أي في اعقاب انقلاب شباط 1963 المشؤوم. ذلك أنى كنت محرراً رئيسياً في إذاعة "صوت الشعب العراقي" التي كانت تبث برامجها يومياً، ولمدة ساعة باللغتين العربية والكردية، من صوفيا عاصمة جمهورية بلغاريا الشعبية، من صيف 1963حتى صيف 1968. وعند عودتي إلى العراق في تموز 1968انضممت إلى محرري "طريق الشعب "التي كانت تصدر سراً. وواصلت العمل فيها حتى خريف 1971 إذ توقفت عن الصدور بعد ذلك، وعندما صدرت جريدة "الفكر الجديد/بيري نوي" التي كان صاحب امتيازها وأبرز العاملين فيها الرفيق فخري كريم، في 18/6/1972كنت من بين الرفاق الذين تولوا تحريرها إلى جانب الرفيق فخري كريم والرفيقين الفقيدين الدكتور رحيم عجينة ومهدي عبد الكريم. وكان ممن تولى التحرير فيها الرفاق سلوى زكو ومحمد كريم فتح الله ورفيق صابر وجلال الدباغ.

وعندما تقرر إصدار "طريق الشعب " علنية جرى تكليفي، باعتباري إعلامياً حزبياً وعضواً في اللجنة المركزية، لأترأس هيئة تحريرها التي ضمت الرفيق فخري كريم مديراً للتحرير وعضوية الرفيق سلام الناصري والفقيد الرفيق محمد كريم فتح الله.

س2 العدد صفر الذي صدر في ايلول 1973 من "طريق الشعب" كان مفاجأة للقراء. فالشكل مختلف وكذلك المضمون! هل يمكن ان تحدثنا عن ظروف إصدار هذا العدد والأعداد التي تلته من ناحية المطبعة والمحررين؟

ج2 عندما صدر العدد الذي تسأل عنه كنتُ في باريس أمثل صحافة حزبنا في مهرجان جريدة "اللومانيتيه" لسان حال الحزب الشيوعي الفرنسي، الذي يقيم فيه حزبنا جناحاً باسم "طريق الشعب" منذ ستينيات القرن الماضي حتى الآن. ولعل خير من تحدث عن العدد صفر الرفيق محمد سعيد الصكار العام الماضي في "طريق الشعب". وكيف انه كُلّف بتصميمه من قبل الفقيد الرفيق شمران الياسري (أبو كاطع). وكان أن اختار حجماً صغيراً هو نصف حجم الجريدة الذي اعتدنا عليه في العراق، بالاتفاق مع الرفيق فخري كريم، الذي تولى في حينها استقطاب الكفاءات الصحفية الشيوعية للعمل في "طريق الشعب". وقد سمـّى الصكار هذا الحجم بـ "الحضاري"! غير أنه جرى التخلي عنه. ولذا دعا الرفيق الصكار كل من يملك نسخة من هذا العدد إلى الاحتفاظ بها، ربما كتحفة من تحف الصحافة العراقية. ومن الجدير بالذكر ان الحجم المذكور هو نفس حجم الملحق الثقافي الشهري لـ "طريق الشعب" حالياً وملاحق جريدة المدى: "عراقيون" و"ذاكرة عراقية" و"تاتو". هذا ولا أدرى شيئاً عن اختلاف المضمون الذي أشرتم إليه.

كانت الجريدة تطبع في البداية في مطبعة جريدة (الثورة) ذلك ان المطبعة الالمانية التي كانت تطبع جريدة "اتحاد الشعب "في أواخر الخمسينيات واوائل الستينيات من القرن الماضي كانت مصادرة من قبل انقلابيي شباط الأسود. ولم نسترجعها إلا بعد فترة. وقد بادلها الحزب مع الرفاق الالمان بمطبعة جديدة، إذ أخذ الرفاق الالمان مطبعة "اتحاد الشعب" ليضعوها في أحد المتاحف الالمانية، باعتبارها جزءاً من تاريخهم، لأنها كانت تطبع جريدة الحزب الشيوعي الالماني في عشرينيات القرن الماضي. وكان من جملة من عمل في إدارة المطبعة الجديدة في البداية الرفيق عبد الخالق زنكنة، وتولى العمل في إدارة المطبعة بعده الرفيق الشهيد سعدون علاء الدين وهو ابن أخت الرفيق زكي خيري.

اما المحررون فقد بدأنا بتجميعهم من الرفاق والاصدقاء ذوي الكفاءات. ومن الجدير بالذكر في هذا المجال أن قيادة الحزب قررت عدم سحب بعض رفاقنا من الصحفيين الكفوئين من أمثال الرفيق عزيز سباهي، الذي كان يعمل في جريدة الثورة كمحرر في الصفحة الفكرية والفقيد الرفيق سعود الناصري، الذي كان يتولى تحرير الصفحة الاخيرة في جريدة الجمهورية.

س3 من تتذكر من الرفاق والاصدقاء الذين عملوا في تحرير الجريدة؟

ج3 يخيّل لي أن هذا السؤال كبير وصعب نسبياً، ويشكّل احراجاً بالنسبة لي. ذلك أن عدد العاملين في التحرير ممن توظفوا في الجريدة او عملوا فيها كمتطوعين يزيد عن الستين، ناهيك عن المراسلين الذين يبلغون المئات. والاعتماد على الذاكرة الكليلة وحدها، ربما يؤدي إلى نسيان البعض او عدم اعطائهم حقهم فيما أدوه من دور في تحرير الجريدة، التي كانت بنظر مؤرخي الصحافة العراقية تجربة رائدة، شكلت مرحلة هامة باعتبارها مدرسة خرجت الكثيرين من الصحفيين اللامعين والكتاب والشعراء.

س4 ومع ذلك هل لك ان تذكر من تتذكرهم، اعتماد اعلى سماحة من تنساهم؟

ج4 طيب سأخوض التجربة ولكن على مسؤوليتك!

كان محرر افتتاحيات الجريدة في الغالب مدير التحرير الرفيق فخري كريم، وفي غيابه كنت أتولى انا هذه المهمة. وكان المشرف السياسي على الجريدة في البداية ولأشهر عدة الفقيد الرفيق زكي خيري عضو المكتب السياسي للجنة المركزية للحزب. وكنا أنا وفخري نشرف، ليس فقط الصفحة الاولى، بل على كل صفحات الجريدة. اذ لم تكن تطبع مادة في الجريدة لا تحمل توقيع أحدنا.

الصفحة الاولى عمل في تحريرها الرفاق يحيى علوان وعبد المنعم الأعسم ولؤي غالب ودوامهم في المطبعة، وهشام داود.

الصفحة الثانية كانت مخصصة لـ "شؤون عربية ودولية " ويتولى تحريرها عدد من الرفاق اتذكر منهم: إبراهيم الحريري (الذي كان يوقع مساهماته في الصفحة وخارجها بتوقيعات عدة ومنها المحرر وزكور وأبو عمشة ونفر وغيرها) وفالح عبد الجبار والفقيد رشدي العامل. ويتولى الترجمة للصفحة الرفيق عبد الإله النعيمي، الذي كان يتولى ترجمة بيانات الحزب وتقارير اللجنة المركزية وافتتاحيات الجريدة المهمة إلى الانجليزية لإيصالها إلى الأحزاب الشقيقة والصديقة. وكان يتولى الإشراف الإداري على الصفحة الفقيد الرفيق حميد بخش (أبو زكي). أما الصفحة الثالثة وكانت صفحة "ثقافة". فقد تولى تحريرها بالتعاقب الرفيقان سعدي يوسف وحميد الخاقاني، وكانت إحدى الأبواب المتميزة في هذه الصفحة "أوراق الاثنين" التي كان سعدي يوسف يرعى فيها الكفاءات الشابة الجديدة في ميدان الشعر ممن لمعت أسماؤهم في سماء الشعر العراقي الحديث فيما بعد. وكان الشاعر الرفيق كريم كاصد وقتذاك يشارك في عمل المكتب الصحفي للجريدة في البصرة.

كما أولت الجريدة اهتماماً بالشعر الشعبي الذي عمل ونشر فيه أبرز الشعراء الشعبيين وفي مقدمتهم الرفاق عريان السيد خلف والفقيد أبو سرحان الذي خـُطف وغـُيـّب في لبنان أيام الحرب الأهلية في لبنان.

وكانت الجريدة تحوي صفحات مخصصة للشؤون المحلية وحياة الشعب والعمال والفلاحين التي كان يشرف عليها الرفيق عبد السلام الناصري ومن أبرز العاملين فيها الرفاق زهير الجزائري ومخلص خليل ومحمد خلف ولؤي الصالحي (أبو همام) وفاضل الربيعي وعبد الله عطية وعبد جعفر وجمعة ياسين وجمعة الحلفي والشهيد إسماعيل خليل الذي تولى سكرتارية قسم المحليات. وسمير سالم داود.... وغيرهم.

وكان يحرر الصفحة الرياضية في بداية صدور الجريدة، متطوعاً على ما أتذكر، أحد المع المحررين الرياضيين الصديق إبراهيم اسماعيل، الذي سرعان ما تركنا احتجاجاً على تضييع جهده لأننا كنا ننشر خطب المسؤولين الكبار البكر وصدام الطويلة، التي ترد متأخرة، كاملة دون مبرر، على حساب صفحة الرياضة.

 ومن الصفحات المتميزة في الجريدة كانت الصفحة الاخيرة التي كان يتولى الإشراف على تحريرها الرفيق عدنان حسين ويحرر صفحة الخميس المكرسة للأطفال ومعه الرفيقة ناهدة محمد علي. وتولاها بعده الفقيد الرفيق مصطفى عبود الذي كانت مساهماته متنوعة في التحرير والترجمة وغيرها.

اما الصفحات الأسبوعية التخصصية التي كان يشرف عليها، متطوعاً، الرفيق الدكتور غانم حمدون، ويساعده في بعضها الرفيق خالد الحلي فقد كانت تحمل عناوين: الاقتصادية ويحرر فيها الرفيق ضياء المرعب، والتعليم والمعلم وكان من محرريها المربون: الرفاق الفقيد حسن العتابي وإبراهيم الرشيّد وصاحب حداد وعلي محمد ونعمة عبد اللطيف وعبد الستار زبير وآخرون. وكلهم متطوعون. وصفحة المرأة التي عملت في تحريرها في البداية متطوعة الرفيقة سعاد خيري، وكانت توقع باسم "تسواهن" ومعها الرفيقة الشهيدة عايدة ياسين. وعملت في تحريرها الرفيقة الفقيدة رجاء الزنبوري التي كانت تساهم في الترجمة ايضا ًوالرفيقة فاطمة المحسن وسعاد الجزائري وأخريات. والصفحة الرابعة من الصفحات التخصصية كانت للطلبة والشباب التي يحرر فيها جمع من الرفاق الطلبة والشباب من اعضاء اتحاد الطلبة العام في الجمهورية العراقية واتحاد الشبيبة الديمقراطي العراقي.

وكان عدد من الرفاق المحررين الجيدين يعملون في الجريدة كتابة وتحريراً وترجمة وفي مقدمتهم الرفيق الفقيد شمران الياسري (أبو كاطع)، الذي يحرر حقله المتميز "بصراحة أبو كاطع" ويوسف الصائغ، الذي يحرر باباً يومياً والرفاق صادق الصائغ ود. صادق البلادي (حمدان يوسف) وفاضل السلطاني وعصام الخفاجي وخالد الحلي والفقيد سليم عبد الامير (أبو مازن) وحمدي فؤاد العاني.

وشغل سكرتارية التحرير بعد فترة من صدور الجريدة الرفيق رضا الظاهر، بعد ان كان مسؤولاً عن المكاتب الصحفية في منطقة الفرات الاوسط التي تشمل محافظات بابل(الحلة) وكربلاء والنجف والقادسية (الديوانية) والمثنى (السماوة) والتي كانت تضم حوالي الاربعمئة رفيق وصديق. وعمل في سكرتارية التحرير، بالإضافة إلى الرفيق الظاهر الرفاق فايق بطي وصادق البلادي ويوسف الصايغ.

وتولى إعداد الكاريكاتير للجريدة الفقيد الرفيق مؤيد نعمة الذي كان واحداً من ألمع الكاريكاتيريين العرب بشهادة رئيس اتحادهم (السوري علي فرزات) والرفيق بسام فرج. اما التخطيطات والرسوم فكانت من إبداع الرفيقة الفنانة عفيفة لعيبي والرفيق الفنان حميد عبد الحسين. وتولى التصميم الرفاق: الفقيد الشهيد سامي حسن العتابي وليث الحمداني وصائب العاني وصفاء العتابي والشهيدة ثائرة فخري بطرس وزاهرة التميمي وقيس قاسم. وكان خطاط الجريدة الاول الرفيق جمال العتابي وجاء بعده الرفيق مصطفى...وعمل في قسم الخط والتصميم الرفيق عبد الله الرجب. وكان سكرتير القسم الفني في الفترة الأخيرة الرفيق محمود حمد.

وسعينا في الجريدة لتأسيس ارشيف ومكتبة. ومن أبرز من عملوا في هذا المجال الرفاق: سهام الظاهر واموري عطية وسميرة سالم والشهيد هادي صالح (أبو فرات) والعشرات من الشبيبة المتطوعين الذين كانوا يقضون الساعات في أيام عطلهم في إغناء الارشيف بالصور والمواد التي تحتاجها الجريدة.

وأنشأنا قسماً للتصوير عمل فيه الرفيق قتيبة الجنابي ورفيق من الكاظمية اسمه قاسم. ولا أنسى قاسماً آخر كان يتولى مهمة اعداد الشاي للمحررين، وتطورت كفاءاته فيما بعد ليصبح صحفياً عندما كان في اليمن.

أما الطباعة على الآلة الكاتبة فكانت تتولاها الرفيقة أميرة مهدي (ام خالد) والرفيقة كوثر

وتولى ادارة مقر الجريدة أكثر من رفيق وفي مقدمتهم الفقيد الرفيق نوزاد نوري.

ولا يفوتني أن اذكر ان الرفيق الدكتور فائق بطي عمل معنا منذ البداية في إدارة التحرير. وكان عدد من الكتاب يوافون الجريدة بمقالاتهم في مجالات متنوعة أذكر منهم الرفاق الفقيد غضبان مردان السعد والدكتور كاظم حبيب والفقيد ماجد عبد الرضا، الذي ضُم إلى هيئة التحرير لفترة في أواخر العام 1978قبل مغادرته العراق بقرار من الحزب في ربيع 1979بعد اعتقاله من قبل الأمن الصدامي وإطلاق سراحه إثر الحملة التي نظمها الحزب. كما لا بد لي ان أذكر مساهمات أدباء وفنانين متطوعين ومنهم الرفاق فاضل ثامر والفريد سمعان وياسين النصيـّر والشهيد قاسم عبد الامير عجام (الذي كان يتناوب على متابعة الدراما التلفزيونية مع عضو المكتب الصحفي في الفرات الاوسط أمين قاسم خليل).

أرجو ان لا يكون هذا الاستطراد قد أثقل موضوع السؤال، فقد تحدثتُ فيه بناءً على مسؤوليتك!

المحرر: لا رفيق أُخذ راحتك!!

س5 بعد أقل من عام على صدور الجريدة (اي في تموز 1974) كانت هناك تجربة رائدة، وهي إقامة الدورة الصحفية المركزية الأولى لممثلي جميع المحافظات، وكان لي شرف ان اكون أحد طلابها، لماذا فكرتم بمشروع كهذا؟ وهل كانت نتائجه ايجابية بحيث كررتم التجربة في السنوات الثلاث التالية 75 و76و77، وكان لي شرف المساهمة في دورة 76ايضاً؟ كما كانت هناك دورات صحفية على مستوى المناطق والمحافظات! ما جدوى كل هذه الدورات؟

ج5 لقد كان من نتائج توقف الارهاب البعثي ضد حزبنا إلى درجة كبيرة، قبيل قيام الجبهة وبعد قيامها في 16/7/1973، اقبالٌ واسعٌ من جانب الشبيبة على الحزب. وكانت غالبية الشباب الذين انخرطوا في مراسلة الجريدة والكتابة لها حديثي العهد بالصحافة، وقليلي الخبرة. وكنا نمتلك في الكادر العامل في الجريدة طاقات غنية بالتجربة. وكنا حريصين على أن لا تظل هذه الطاقة حبيسة بناية الجريدة في بغداد. ولذا أقدمنا على إقامة هذه الدورات في بغداد، ومن ثم في المناطق والمحافظات، لإعداد الكوادر الصحفية الشابة وتدريبها على فنون العمل الصحفي. وجندنا لها أكفأ المحررين، كما لابد وأنك لاحظت، بحكم مشاركتك في دورتين من الدورات، المستوى الرفيع الذي كانت عليه الدورات ومدى الفائدة التي يجنيها المشارك فيها. أما جدوى الدورات فقد ظهر في تطور عمل الجريدة في العديد من النواحي. وانا اتذكر ما كتبته انتَ في "الثقافة الجديدة" في ثمانينيات القرن الماضي عن تجربة المكاتب الصحفية. إذ كان توثيقاً جيداً لهذه التجربة، حبذا لو اقتدى الرفاق الذين عملوا في التحرير، كل في مجاله، بما قمتَ به خدمة لتاريخ "طريق الشعب" والحزب والصحافة العراقية.

س6 تعتبر تجربة المكاتب الصحفية في بغداد والمحافظات واحدة من أكثر التجارب جدةً وثراءً. كيف تقيمون هذه التجربة؟ وما أثرها على عملية التحرير وتوزيع الجريدة؟

ج6 بقدر ما يتعلق الأمر بنا قيـّمنا التجربة تقييماً ايجابياً حملنا على تكرارها وتوسيعها لتشمل المناطق والمحافظات. ولا شك أن أثرها كان كبيراً نسبياً على عملية التحرير. اما التوزيع فإن عوامل أخرى تلعب دورها. وأهم هذه العوامل هو ضيق السلطة وأمنها بالجريدة، وسعيها إلى منع اتساع توزيعها، من خلال حصر بيعها بباعة مجازين من الأمن! ومنعنا من تولي جانب من التوزيع عن طريق رفاقنا وأصدقائنا ومحبي الجريدة، الذين كانوا يتعرضون للملاحقة إذا ما أقدموا على بيع الجريدة او توزيعها من دون إجازة من دوائر الأمن! ومع ذلك كان رفاقنا في المحافظات وفي بغداد أيضاً يلجأون إلى تولي التوزيع عندما اشتدت المضايقات ضد الجريد ة في العام 1977وتفاقمت في العام 1978. اما في العام 1979وقبل تعطيلها في الخامس من نيسان، في العام نفسه، فقد تحولت المضايقة إلى حصار بالغ الشدة ابتدأ في المحافظات وشمل بغداد.

وما دمنا في الحديث عن المكاتب الصحفية لا بد من ذكر انها ليس فقط ساهمت في تحسين أداء الجريدة وتعزيز صلتها بالجماهير، وانما ساهمت مساهمة كبيرة في توثيق صلات الأدباء والفنانين والكتاب في بغداد والمحافظات بالجريدة وبالحزب ايضاً.

س7 التنظيم والبرمجة هما سر نجاح اي عمل. واذكر ان التنظيم في "طريق الشعب" العلنية في تلك الفترة كان دقيقا ًإلى درجة إننا كنا نعرف المادة التي ستنشر قبل أشهر من موعدها أحياناً. كما كانت صلتنا منتظمة مع هيئة التحرير. كيف تفسر تلك الظاهرة؟ وهل تعتقد بضرورتها الآن ايضاً؟

ج7 لقد كنا حريصين في الجريدة على بناء علاقات متينة مع المكاتب الصحفية لتشجيعها على العمل بحماس. ولأننا ندرك ان مراسلينا وكتابنا في بغداد والمحافظات كافة حريصون على معرفة مصير ما يرسلونه للجريدة. وهل سينشر ام لا؟ ومتى؟ ولذا سعينا إلى تنظيم هذا الأمر الذي كان له مردود ايجابي على نشاط رفاقنا في المكاتب الصحفية ومن يعملون معهم من الكتاب والفنانين والشعراء. وبطبيعة الحال إن هذا الامر لا يخص فترة معينة دون اخرى. إذ انه يظل ضرورة في كل وقت، تعزيزاً لصلة الجريدة بمراسليها وكتـّابها.

س8 لقد واجهت "طريق الشعب" العلنية حرباً سرية ومكشوفة من قبل سلطة البعث واجهزتها القمعية. هل يمكن ان تنوّر القراء ببعض تلك المواقف التي واجهتها الجريدة؟

ج8 بالإضافة إلى ما ورد بشأن منع بيع الجريدة وتوزيعها إلا من قبل مجازين من الأمن يمكن ان نذكر بعض المضايقات السياسية. فقد امتنعنا عن نشر بيان رسمي يتهم سوريا بأنها وراء التفجيرات التي حدثت في الصحن الحسيني الشريف في كربلاء، فخرجت علينا جريدة الراصد بموضوع استفزازي بعنوان: "هل لـ "طريق الشعب" رأي آخر بالمجرمين القتلة؟!"وقد أهملنا الرد عليه في حينه، لأنه كان "حرشة" واضحة. غير اننا في مناسبة اخرى كتبنا تعليقاً بعنوان "ماذا يفعل شتراوس في بكين؟!"وشتراوس هذا سياسي الماني يميني متطرف. فكان ان وجهت الينا وزارة الاعلام، وكان طارق عزيز هو الوزير يوم ذاك، انذاراً او ما أ شبه، بزعم أننا أسأنا إلى دولة صديقة. فرددنا عليه بإيضاح من الجريدة، يبدو انه لم يرق للوزير فاستدعاني لإبلاغي بأنهم يريدون منا ان ننسجم مع سياستهم ونلتزم بضوابطهم. فبينت له أننا نتلقى الكثير من الملاحظات والانتقادات لمجاملتنا لهم في الكثير من المواقف. وأشرت إلى موقفهم من سورية، الذي لا يمكن ان نشاركهم فيه، فرد علي، بما معناه، بان موضوع سوريا خط أحمر.

واتذكر إننا كنا في تلك الايام نشرنا تضامناً حاراً مع خمسة أدباء إسبان حكموا بالإعدام لمعارضتهم نظام فرانكو الدكتاتوري. وقد توجه طارق عزيز في هذه المقابلة بطلب ترك موضوع التضامن مع الديمقراطيين الإسبان إلى رفاقنا في الأحزاب الشيوعية والعمالية، لـ "اننا لا نريد لنظام فرانكو ان يسقط ليحل محله الحزب الاشتراكي" على حد تعبيره. أسارع إلى القول إن كل هذه المضايقات كانت لا شيء بالنسبة لما حدث بعد ذلك من ملاحقات واعتقالات وتعذيب لرفاقنا ومن بينهم عدد من العاملين في الجريدة بعد ارتكاب جريمة إعدام العشرات من اصدقاء الحزب بالتهمة الملفقة، تهمة اقامة تنظيم عسكري في القوات المسلحة في ربيع 1978، وخصوصاً في الاشهر الاولى من العام 1979التي سبقت تعطيل الجريدة في الخامس من نيسان من العام نفسه. فقد اعتقل الفقيد الرفيق د. صباح الدرة وكان يتردد على الجريدة مع الرفيق الشهيد صفاء الحافظ، وجرى تعذيبه. واعتقل الرفيقان عضوا هيئة التحرير عبد السلام الناصري ومحمد كريم فتح الله، كما اعتقل الرفيق الشهيد محمد حسن عيدان أحد السواق في الجريدة وعـُذب بشدة أدت إلى وفاته فيما بعد. اكتفي بهذا المقدار لأن المجال لا يتسع لتعداد كل وقائع الملاحقات والاعتقالات والتعذيب وغيرها التي تعرض لها العاملون في الجريدة، كتاباً ومحررين وشغيلة.

وبودي في هذا السياق أن اذكر بعض الوقائع ما دامت الاجابة على هذا السؤال تشكل جزءاً من تاريخ طريق الشعب العلنية في الأعوام 1973-1979، هذا التاريخ الذي يستحق في تقديري ان يكون موضوع دراسة أكاديمية لنيل شهادة الدكتوراه في كلية من كليات الصحافة في العراق او في الخارج. فقد صار مقر "طريق الشعب "المقر الحزبي العلني الوحيد في بغداد بعد اغلاق المقرات الاخرى منذ بداية العام 1979، بما فيها مقر اللجنة المركزية الذي لم يعد يحوي غير عدد من الحراس، الذين استشهدوا فيما بعد في كردستان. وذلك بسبب اشتداد الحملة الارهابية ضد الحزب. ولذا فقد صار يداوم في مقر الجريدة، بالإضافة إلى كادر الجريدة الرفاق جاسم الحلوائي والشهيدان صفاء الحافظ وصباح الدرة لتمشية بعض الأعمال الحزبية. ولا أنسى ان الصديق الشاعر نبيل ياسين كان قد تطوع للعمل في الجريدة في الشهر الاول من ذلك العام، واذكر انه ساهم معنا في تحرير عدد الجريدة في ذكرى وثبة كانون الثاني المجيدة عام 1948. وفي تلك الايام الصعبة التحق بالعمل في الجريدة الرفيق الشهيد المحامي أبو عمر (أيوب عمر) الذي كان مسؤولاً للمكتب الصحفي في البصرة قبل مجيئه إلى بغداد.

س9 اذكر ان المعادلة التي كانت تضعها هيئة التحرير على عاتقنا ككتاب ومحررين كانت في منتهى الصعوبة. فالمعادلة تقول (من أجل الدفاع عن مصالح الكادحين وتوطيد الجبهة الوطنية) وهما طرفان لا يتوازنان في كثير من الاحيان، وأسأل: هل نجحت الجريدة في تحقيق هذه الموازنة الصعبة؟

ج9 التاريخ يقول انها لم تنجح، لا لأن المعادلة خاطئة. ذلك أننا كنا نستهدف التمسك بالميثاق الوطني وتطبيق بنوده التقدمية بمعايير تلك الفترة ، وخصوصا تلك المتعلقة برفع مستوى معيشة الشعب ومراعاة مصالح أغلبية السكان من عمال وفلاحين وكسبة وحرفيين، وإطلاق الحريات الديمقراطية وتطبيق اتفاقية 11آذار 1970بشكل نزيه وإنهاء الاوضاع الاستثنائية وإجراء انتخابات حرة لممثلي الشعب وانتهاج سياسة خارجية معادية للاستعمار والصهيونية وغيرها من الاهداف التي نص عليها الميثاق الوطني الذي قامت الجبهة على أساسه، بل لأن الطرف الآخر في الجبهة ، الذي يمسك بزمام السلطة، لم يكن مخلصاً لما وقـّع عليه والتزم به عند توقيع الميثاق، ولذلك ما أن فضحنا تصاعد الارهاب ضد الحزب و طالبنا بما نص عليه الميثاق من إنهاء الأوضاع الاستثنائية وإجراء انتخابات حرة لمجلس نيابي وانتهاج سياسة تضامن عربي وغيرها من المطالب الشعبية، في بيان اللجنة المركزية في العاشر من آذار1978، حتى كشّر البعث الحاكم عن أنيابه ووضع عملياً نهاية الجبهة، النهاية التي صارت واقعاً ملموساً بعد أشهر قليلة.

س10 يقال ان صدام حسين عنـّف العاملين في جريدة "الثورة" قائلاً لهم ان "طريق الشعب" تكتب عن كيفية الاستفادة من لب الصمون! رغم عدد محرريهم القليل. وقد وفرنا لكم كل شيء وانتم متخلفون عنهم ! ما مدى صحة ذلك؟ ولماذا تفوقنا على صحفهم؟

ج10 إن موضوع تعنيف صدام لمحرري "الثورة" كان إثر صدور العدد الألف من الجريدة . وكان عدداً غنياً بمواده جميلاً بتصميمه، إذ اجتمع بمحرري جريدة حزبهم "الثورة" وطرح عليهم العدد الألف وسألهم: كم هو عدد محرري "طريق الشعب" فأجابوا أنهم في حدود ثلاثين إلى اربعين محرراً. وعندها سألهم: وكم هو عدد محرري "الثورة" فقالوا ثلاثمئة. كما اننا سمعنا في تلك الايام أن المسؤولين في جريدة الثورة كانوا يعقدون اجتماعاً لمحرريهم عند صدور الاعداد الخاصة التي تصدرها "طريق الشعب" لتدارسها بأمل محاكاتها. ويقال إن أحد المسؤولين قال عن محرري "طريق الشعب " إنهم فدائيون. بمعنى انهم متفانون في خدمة جريدتهم ومبدعون في جعلها جريدة مقروءة تشبع نهم القارئ للمعرفة والمتعة الفكرية. وهذا صحيح. وهو سبب تفوق صحافتنا على صحافتهم، إلى جانب كون صحافتنا كانت أقرب إلى نبض الشارع وما يتطلبه القارئ من الجريدة، ولتبنينا لمطالب الناس في المعامل والمصانع والمدارس والجامعات وفي القرى والارياف وملاحقة المسؤولين لتلبيتها. الأمر الذي يجب ان نضعه نصب اعيننا دائماً وابداً لننجح في جذب القراء.

س11 لقد ضمت الجريدة خيرة الكفاءات الثقافية والصحفية العراقية من كتاب وشعراء وسياسيين وفنانين، بين محررين دائميين ومتطوعين، برواتب او مكافآت متواضعة قياساً بما تدفعه صحف السلطة ووسائل إعلامها. ما الذي يدفع هؤلاء للعمل في "طريق الشعب" دون سواها؟

ج11 القضية باختصار، فيما اعتقد، وهو الواقع، انهم يعتبرون العمل تطوعاً او لقاء مكافآت متواضعة او رواتب هي دون ما يمكن ان يتقاضوه في أماكن أخرى هو مهمة نضالية. وهو جزء مما ينبغي على الشيوعي ان يقوم به تجاه حزبه والقضية التي نذر نفسه لإدائها. وأحسب أن المجال يضيق عن ذكر الرفاق الذين رضوا برواتب قليلة جداً والذين تخلوا عن رواتب عالية ليكرسوا كل طاقاتهم لـ "طريق الشعب"، فضلاً عن المتطوعين الذين جئت على ذكر عدد منهم في الاجابة على سؤال سابق.

س12 يخيل إلي انكم كنتم مثل أسرة واحدة، فعدا العمل الصحفي كان هناك مطعم عام في دار الرواد يقدم وجبات مقبولة بأسعار متهاودة للمحررين والشغيلة. كما كانت هناك رحلات نهرية جماعية وعائلية وبطاقات مجانية لحفلات موسيقية وحفلات ترفيهية وغيرها. هل تعتقد ان تلك الاساليب كانت ضرورية لتفعيل العمل الصحفي في الجريدة؟

ج12 نعم لقد كنا أسرة واحدة. وكل ما ذكرته كان بهدف تعزيز لحمة العلاقات الرفاقية بين العاملين في الجريدة. فقد كانت ساعة تناول الغداء في الجريدة من أمتع الساعات. اما السفرات والحفلات الفنية والترفيهية فهي بقصد تجديد الطاقات. فالنفوس او القلوب، كما يقال، إذا كلّت عميت!

س13 هل تتذكر أعلى وأدنى رقم توزيع وصلت له الجريدة في تلك الفترة، ولماذا؟

ج13 لست على اطلاع دقيق بهذا الشأن. ولكني أتذكر أننا كنا نطبع بحدود أقل من عشرين ألف نسخة يومياً. وكان المرجوع، ولا توجد جريدة بدون مرجوع، قليلاً بالمعايير المتعارف عليها. وكنا نطبع الاعداد الخاصة والتي تحوي بيانات اللجنة المركزية ووقائع المؤتمر او ذكرى تأسيس الحزب بأعداد أكبر، نظراً لأنها تلقى إقبالاً أكبر.

اما أدنى رقم فلا اتذكر بشأنه شيئاً لأنه كان بفعل الاجراءات التعسفية التي قامت بها الاجهزة القمعية لمنع وصول الجريدة للقراء.

س14 تجربة العدد 1000كانت متميزة. ولم تتكرر. كيف فكرتم بها؟ وكيف تقيـّمونها؟

ج14 العدد 1000مناسبة ابتدعناها إذ لم يكن لها سابقة في الصحافة العراقية. وكنا نريد من خلالها ان نتصل بأكبر عدد من الجهات لكي تتحدث للناس من منبر "طريق الشعب". واتذكر ان أحد الوزراء البعثيين تحدث في البداية بإيجابية عالية عن "طريق الشعب" غير انه تنصل عن الايجابية في حديثه قبل ان يـُنشر، ولربما حصلت له "جرة إذن" بسبب حديثه الايجابي. اما عن تقييمنا للفعالية فانه كان ايجابياً لأنها عكست الامكانيات الابداعية لكادر الجريدة وقدرته على خلق المناسبات لتوسيع صلته بالناس من مختلف الاوساط. ولم تتكرر التجربة في ما بعد لأننا لم نصل العدد الالفين اولاً، فضلاً عن ان الاوضاع اخذت في التردي بعد صدور العدد الألف.

س15 وزعتم في إحدى السنوات أوراق استبيان لمعرفة رأي القراء في صفحات الجريدة. هل كانت تلك الفعالية نافعة ولها نتائج ايجابية لتحسين العمل؟

ج15 بالتأكيد. فقد كنا حريصين على معرفة رأي القراء بالجريدة ككل، وبكل صفحة من صفحاتها. خصوصاً وان الجريدة كرست صفحات معينة تعنى بفئات محددة: مرأة، شباب، طلاب، تعليم ومعلم، اقتصاد، رياضة، حياة الشعب، العمال والفلاحين والاطفال الخ. وكانت حصيلة الاستبيان جيدة. إذ عرفتنا برأي القراء بشكل أكثر تفصيلاً عما كنا نعرفه. واستفدنا من ذلك كثيرا لتحسين العمل.

س16  "طريق الشعب" هي أول صحيفة يومية سياسية تكرس صفحة اسبوعية للأطفال! لماذا فعلتم ذلك؟ وهل نجحتم في هذا الميدان الذي قلدتكم به صحف السلطة بعد حين؟

ج16 الأطفال هم رجال المستقبل. ولذا كنا حريصين على مخاطبتهم وتنمية مواهبهم. وللعلم فإننا لم نكتف بالصفحة الخاصة بهم وانما هيأنا الفرص لهم للرسم، بأن زودناهم مجاناً بمستلزماته. وأقمنا معارض مفتوحة للجمهور لأعمالهم. واتذكر عند افتتاح أحد المعارض أن قــُدّم لي المقص لقص الشريط فقدمته لاحد الفنانين الصغار من المشاركين في المعرض فكان فرحه عظيماً ونال استحسان جمهور الحاضرين. اما عن نجاحنا في هذا الميدان فهو لا شك فيه.  ولعله السبب الأهم في مبادرة صحف السلطة البعثية إلى تقليدنا فيه.

س17 هل تذكر للقارئ اسماء أبرز المحررين واقسام الجريدة وشغيلة الظل من سواق وحراس ومصححين؟

ج17 لقد أوردت في الاجابة على سؤال سابق اسماء الكثير ممن تسأل عنهم. وهنا لا بد لي من ذكر معتصم عبد الكريم الرسام الذي استشهد في كردستان ايام الكفاح المسلح. والشهيد ياسين طه خضير الذي ترك راتبه الكبير لدى شركة اجنبية كانت تعمل في العراق ليأخذ اقل من نصف راتبه هناك عندما عمل عندنا، ليعمل في الجريدة في اشد الايام التي مرت بها صعوبة قبل تعطيلها. فكان محرراً وسائقاً ومصلحاً كهربائياً ومنظماً لعدد من الشبيبة المقطوعين عن الحزب بفعل الحملة الارهابية الشرسة. وكذلك السائق الشهم محمد حسن عيدان الذي سبق ذكره، والسائق أبو عمار الذي لايزال يعمل في ادارة "طريق الشعب" الآن والسائق سعيد رشيد الذي عمل معنا سائقاً سنوات عديدة في بيروت ودمشق، وخالته أم جاسم التي كانت تتولى توزيع طعام الغداء كل يوم، والتي لم تسلم، رغم كونها امرأة أمية بسيطة وطيبة جداً، من مضايقات الأمن الصدامي. وكذلك الاختان حياة وبسعاد اللتان عملتا في استعلامات الجريدة وبدالة التلفون. اما عن المصححين فلا يمكن ان أنسى مدرساً للغة العربية والرفيق عبد الحسن عيسى (أبو سيسيل)، أزعجه تدخلي في "تصحيح" خاطئ من قبلي لما اجازه هو، فقدم استقالته من العمل. الامر الذي حملني على تقديم اعتذاري الشديد له مكتوبا وموقعاً من قبلي، فقبل الاعتذار وواصل العمل. وكذلك الرفيق عيسى غيدان.

س18 كانت الجريدة تطبع في دار الرواد وهي دار حزبية في خدمة الجريدة ومطبوعات الحزب الاخرى، هل لك ان تحدثنا عمن أدارها؟

ج18 كان المسؤول الاول عن ادارتها الفقيد الرفيق أبو عامل (سليمان يوسف سليمان) ويعاونه عدد من الرفاق العسكريين سابقاً ومنهم كمال نعمان والفقيد أحمد الجبوري (أبو ازدهار) وجواد كاظم والشهيد كريم أحمد (أبو شروق) والشهيد سعدون علاء الدين. وهؤلاء هم الذين يتولون ادارة المطبعة وتوزيع الجريدة والمطبوعات الحزبية وحسابات الجريدة والمطبعة. وقد تعرضوا شأنهم شأن محرري الجريدة وشغيلتها إلى ملاحقات أجهزة القمع وكان من بينهم الشهداء الذين جئت على ذكرهم.

س19 على ذكر الشهداء الا ترى من المناسب ان نفرد لهم فقرة في هذا الحديث لنذكر ظروف استشهادهم؟

ج19 طبعاً. الشهداء: اسماعيل خليل وسعدون علاء الدين وقاسم محمد حمزة (مسؤول المكتب الصحفي في الفرات الاوسط) والشاعر خليل المعاضيدي (من المكتب الصحفي للمنطقة الوسطى) وكريم احمد (أبو شروق) وياسين طه خضير والمحامي أبو عمر (أيوب عمر) جرى اعتقالهم في العام 1979 وغـُيـّبوا. وأكبر الظن انهم قتلوا تحت التعذيب او أعدموا بقرارات من المحاكم البعثية.

الشهيدان د. صفاء الحافظ ود. صباح الدرة جرى اعتقالهما في شباط 1980وانكرت السلطات هذا الاعتقال، وزعمت في ردها على برقية من مجلس السلم العالمي تطالب بإطلاق سراحهما، نظراً لأن الدكتور صفاء الحافظ عضو في المجلس، انهما غادرا العراق. وعلمتُ، في آذار الماضي عندما كنت في بغداد، من مصدر موثوق في المحكمة الجنائية العليا ان حكماً بالإعدام صدر بحق د. صفاء الحافظ وان ملفا للشهيد موجود لدى المحكمة. وافترض ان الحكم شمل د. صباح الدرة لأن قضيتهما واحدة.

الشهيد سامي العتابي حـُكم بالإعدام بتهمة تزوير وثيقة رسمية.

الشهيدة ثائرة فخري بطرس استشهدت في بيروت إثر غارة اسرائيلية في ثمانينات القرن الماضي عندما كانت تعمل في صحافة المقاومة الفلسطينية.

الشهيد قاسم عبد الامير عجام استشهد على ايدي القتلة الارهابيين بعد سقوط النظام الدكتاتوري.

الشهيد معتصم عبد الكريم استشهد ايام الكفاح المسلح ضد الحكم الدكتاتوري عندما كان يناضل في فصائل أنصار الحزب الشيوعي العراقي.

الشهيد هادي صالح (أبو فرات) القائد النقابي استشهد على ايدي الارهابيين بعد سقوط النظام الدكتاتوري. بالإضافة للعديد من شهداء المكاتب الصحفية وبينهم شهداء المكتب الصحفي في الناصرية الشهيد مجيد فيصل (أبو رؤوف) والشهيد عبد العباس سالم (أبو عاهدين) ومسؤول المكتب الصحفي في العمارة، الشهيد كاظم طوفان (أبو ليلى) ورفيقه الشهيد باسم، وعضو المكتب الصحفي في المنطقة الجنوبية القاص الشهيد جليل المياح (أبو ربيع) وغيرهم.

اغتنم هذه الفرصة لأقدم اعتذاري الشديد ممن لم تسعفني الذاكرة الكليلة بتذكرهم، ولأحيي كل الذين عملوا ويعملون في "طريق الشعب". واتمنى عليهم ان يكتبوا ذكرياتهم عنها. مع تمنياتي للجميع بالموفقية والنجاح.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* مقابلة مع الرفيق الراحل عبد الرزاق الصافي، أجراها الرفيق داود امين، ونشرت في منابر إعلامية عدة.

ولأهمية ما جاء فيها من معلوماتٍ عن صحافة الحزب الشيوعي العراقي والعاملين فيها، نعيد نشرها لمناسبة العيد الـ90 للصحافة الشيوعية في العراق.

************************************************

الصفحة الثامنة

وقفة سريعة مع إعلام الحزب الشيوعي العراقي في حركة الأنصار (1979 – 1989)

قاسم علي خضر

حظي الإعلام في حركة الأنصار الشيوعيين العراقيين ويحظى في الوقت الحاضر باهتمام الباحثين والمختصين بالشؤون الإعلامية في حركات المقاومة المسلحة للأنظمة الدكتاتورية والاستبدادية. تلك الأنظمة التي لم تألوا جهداً بمصادرة حق الانسان في التعبير عن آرائه بحرية، والإيغال في قمع الاصوات المنتقدة لسياساتها الهوجاء، وتسارع أجهزتها الأمنية إلى اعتقال واغتيال كل من يبدي معارضة لنهج حكمها او يشك في احتمال ان يبدي معارضة لها.

لقد تم منع الحزب الشيوعي العراقي بعد انهيار "الجبهة الوطنية والقومية التقدمية" من مواصلة اصدار صحيفته المركزية "طريق الشعب" في نيسان عام 1979 بقرار جائر من وزارة الإعلام البعثية، وفرض حصار أمني غير معلن على مقري هيئة تحرير الجريدة ومطبعتها، واعتقال كل من يدخل ويخرج منهما. مما اضطر الحزب إلى إيقاف إصدار كل صحافته العلنية: جريدة "الفكر الجديد/ بيري نوي" الاسبوعية باللغتين العربية والكوردية ومجلته الشهرية "الثقافة الجديدة"، وإغلاق مكتبة "الطريق" في العاصمة بغداد.

لم يكن أمام الشيوعيين العراقيين سوى اللجوء إلى الجبل والعمل تحت الارض، حفاظاً على أرواحهم وعلى كيانهم التنظيمي المستهدف بقوة من جلاوزة اجهزة الدكتاتورية الصدامية الصاعدة في أواسط عام 1979. وقد سارعت قيادة الحزب الشيوعي العراقي إلى اتخاذ قرار بـاعتماد الكفاح المسلح، بصيغة حركة الأنصار بدءاً من كوردستان، أسلوباً رئيسياً في الكفاح السياسي، من أجل العودة والدفاع عن وجوده، وإعادة بناء منظمات الحزب في كل أنحاء البلاد. كان على بينة من أنه يتناسق، ويترابط بلا انفكاك، مع أساليب ووسائل كفاحية أخرى لها نفس الأهمية، في إطار النضال الشامل وضمن وسائل العمل الثوري لبلوغ الأهداف المرحلية والاستراتيجية (1). وهكذا أقر الحزب سياسته الجديدة "من الجبهة إلى الجبل"، وبدأ الحزب ينادي بإسقاط سلطة البعث الفاشي في أول اجتماع للجنة المركزية في تموز 1979 بعد القمع الوحشي وتزايد الحملات الإرهابية ووضع الحزب في عنق الزجاجة، ورفع شعار "في سبيل إنهاء الدكتاتورية وإقامة البديل الديمقراطي". وعلى ضوء اتخاذ هذا القرار تم التوجه إلى المناطق الجبلية في كوردستان لتكوين قواعد ومقرات لتجميع الأنصار والبدء في عملية النضال ضد النظام الدكتاتوري وأعوانه وبالتعاون مع القوى العراقية المتواجدة في الجبل.

باشر الرفاق الإعلاميون تحت اشراف أعضاء من المكتب السياسي للحزب بتشكيل هيئات ومكاتب للإعلام والعمل الصحفي والثقافي، في كل مقرات القواطع (بهدينان، أربيل، السليمانية وكركوك)، ولكل مفرزة ووحدة من الوحدات الأنصارية في ربوع كوردستان العراق والمناطق المجاورة لها. وشهدت الفترات الأولى إصدار العديد من "المجلات الدفترية" بأقلام الأنصار وباستخدام الدفاتر المدرسية العادية، التي تحولت إلى مجلات عامرة بمختلف المواد الصحفية والثقافية، مقابلات، تحقيقات، رسوم وكاركتيرات وذكريات وقصص وأشعار وخواطر، ومن تلك المجلات:"النصير الثقافي"، "الشراع"، "الجبل الابيض"، "4 اكتوبر" - وهو تأريخ تأسيس القاعدة الأنصارية في قاطع بهدينان (الموصل ودهوك) عام 1979.

وأولت قيادة الحزب اهتماماً استثنائياً بمعاودة إصدار جريدة" طريق الشعب" السرية من داخل الوطن، بعد أن باشرت صدورها في الخارج بتاريخ 4/10/1979 بحجم صغير وبأربع صفحات. واستمرت بالفعل مواصلة الصدور من كوردستان حتى سقوط النظام الدكتاتوري في 9/4/2003، وكانت أول صحيفة توزع بشكل علني في شوارع العاصمة بغداد. ولا زالت الجريدة مستمرة بالصدور ورقياً والكترونياً.

كما أعيد في الفترة الأنصارية إصدار نشرة " مناضل الحزب" النشرة الداخلية التنظيمية التي تخص أعضاء الحزب وتوزع عليهم فقط. وكانت قد صدرت منذ أربعينيات القرن الماضي، استمرت بالصدور دون انتظام وحسب الحاجة اليها، ولازالت مستمرة في الصدور.

وفي المقابل سارع الحزب إلى تشكيل مختصة إعلامية خارج الوطن، سعى من خلالها وبمعية رفاق المنظمات الحزبية في الخارج لإعادة تشكيل هيئة تحرير جديدة لإصدار "الثقافة الجديدة" المجلة الثقافية والفكرية للحزب. وبادر الرفاق الإعلاميون إلى إصدار مجلة "رسالة العراق"، التي تراوحت مواضيعها بين السياسية والاقتصادية والتعبوية وفضح جرائم النظام الدكتوري ونشر الوثائق والمقابلات، والصور والبوسترات التحريضية والرسوم الكاريكاتيرية. بالإضافة إلى ذلك قام إعلام الخارج بترجمة بيانات الحزب ومنشوراته السياسية إلى اللغات الاجنبية لتعبئة الراي العام العالمي لنصرة           شعبنا العراقي ضد سلطة الحرب والدكتاتورية.

إذاعة "صوت الشعب العراقي" السرية

حظيت مسألة ايصال صوت الحزب إلى كل بيت عراقي باهتمام خاص. ولم تكن الثورة التكنولوجية قد بلغت مدياتها المعروفة حالياً، ولم تكن متوفرة وسائل التواصل الاجتماعي المتعددة أواخر سبعينيات وأوائل ثمانينيات القرن الفائت، وحتى ولو كانت متوفرة فان النظام الدكتاتوري كان سيحجبها بالتأكيد عن المواطنين العراقيين. ولكن بمقاييس ذلك الزمان، كانت المحطة الإذاعية تؤدي مهمة الدخول إلى بيوت الناس بدون استئذان! وقد تمكن رفاقنا البواسل من نقل معدات المحطة الإذاعية المهداة من الحزب الشيوعي السوفييتي إلى اراضي كوردستان العراق في أوائل شهر تشرين الاول من عام 1980 (2)، وجرى تنصيبها في إحدى القواعد الأنصارية القريبة من قرية "ناوزنك" الواقعة مع مجموعة من القرى الأخرى في واد حدودي يفصل بين العراق وإيران. وبعد محاولات تجريبية عديدة بدأت اذاعة "صوت الشعب العراقي" السرية تبث برامجها مع حلول الذكرى الـ (47) لميلاد الحزب الشيوعي العراقي في 31/3/1981 باللغتين العربية والكردية، ولكل قسم مدة نصف ساعة وبفترتين صباحية ومسائية، والبث يصل للمدن الجنوبية، ويسمع في الكويت أيضاً، ويصل للمدن السورية وحتى العاصمة اللبنانية بيروت، حيث كنت ضمن الرفاق المكلفين بالإنصات للإذاعة وإعداد نشرة بموادها الملتقطة على الرغم من التشويش الحكومي الهائل، الذي كان يحاول بشراسة حجب البث على الموجة الطويلة.

كان طابع مواد الاذاعة تحريضي، يستهدف فضح النظام الدكتاتوري وكشف جرائمه وادانة قادسيته المشؤومة ضد إيران وتعبئة الرأي العام العربي والعالمي للتضامن مع الشعب العراقي في إنهاء الحرب واسقاط النظام واقامة البديل الديمقراطي. وكانت المواد تكتب بأشكال صحفية مختلفة، تتراوح بين الافتتاحية والتعليق والمتابعة والبلاغ العسكري والحديث الشعبي والمادة الثقافية، وبرامج خاصة باركان الطلبة والشبيبة والمرأة والعمال (3).

لقد مرت اذاعة "صوت الشعب العراقي" السرية بمراحل عديدة منذ انطلاقتها الجديدة في عام 1981. ولست بصدد التوقف عند كل مرحلة من تلك المراحل المشرفة لضيق المساحة المحددة لهذه الوقفة، ولكني أستطيع التوقف كشاهد عيان ومشارك في مرحلة بثها من منطقتي "لولان" و"خواكورك" بمحافظة اربيل، حينما تم تكليفي بالانضمام إلى القسم العربي في تشرين الاول من عام 1984 لإعداد مواد "ركن الشبيبة والطلبة" الاسبوعي. وكان في قوام هيئة تحرير القسم، الذي قاده الرفيق النصير الفقيد عبد الرزاق الصافي، كل من الرفاق الأنصار: مفيد الجزائري، الفقيدة رجاء الزنبوري، عبد الله عطية، مصطفى ياسين، سمير سالم داود، الفقيد لطيف حسن. وانضم إليهم لاحقاً بعد المؤتمر الرابع للحزب في خريف عام 1985 الرفاق الأنصار: رضا الظاهر، داود امين، الفقيد يحيى علوان، الفقيد مالك يوسف شيخ نور.

في الإذاعة تأسس كذلك القسم الكوردي، وكان يقوده عندما التحقت بالإذاعة الرفيق النصير جلال الدباغ، ولاحقاً قاده النصير الشاعر هاشم كوجاني، وضم مجموعة من الشبيبة الكوردية المثقفة، من بينهم الرفاق الأنصار: حسن كرمياني، ريواز احمد باني خيلاني، دكتور متين، بيان سيد باقي، حمة رنجاو، برشنك سعيد، كاروان، شمال حويزي، شاكر، آسو كريم، آزاد حمد امين، سرو قادر.. وغيرهم. كان البث باللهجتين السورانية والبهدنانية. وقد لعبت الإذاعة الكوردية دوراً كبيراً في دعم الحركة الاحتجاجية الطلابية في المؤسسات التعليمية بالمدن الكوردستانية العراقية عامي 1982 و1984 ضد سوق الطلبة إلى معسكرات التدريب القسرية وسوقهم للمعايشة في جبهات القتال مع ايران.

استمر البث الاذاعي باللغتين العربية والكوردية يومياً، لمدة ساعة لكل منهما ولفترتين صباحية ومسائية، لغاية الهجوم الواسع على مقراتنا القيادية (الاذاعة والمطبعة، المكتب السياسي للحزب، المكتب العسكري المركزي "معم"، مكتب العلاقات المركزية للجبهة الكردستانية، الطبابة المركزية) في منطقة "وادي خواكورك" بمحافظة اربيل، وانسحابنا إلى قرية "ناوزنك" الحدودية في اواخر شهر اب من عام 1989، بعد معارك بطولية اجترحها الأنصار الشيوعيون وحلفاؤهم من بيسشمركة الاحزاب الكوردستانية المتواجدين آنذاك في المنطقة، او الذين جاءوا كدعم من مناطق اخرى في معارك "قبر زاهر". وكنت ضمن الرفاق الأنصار المكلفين بدفن معدات الاذاعة قبل انسحابنا من المقرات في منطقة "ارموش" بمحافظة أربيل باتجاه قمة جبال "قبر زاهر" على المثلث الحدودي بين العراق وإيران وتركيا. وشاهدت دموع الحزن والألم في عيون مهندسي الاذاعة الرفاق الأنصار: صفاء حسن العاني، محمد صالح هادي ياسين، ومرتضى "أبو سهيل". ولا شك ان المهندسين الآخرين إحسان طبلة وهاشم حسين علي وعلي خزعل حسين كانوا يشاركون رفاقهم هذا الحزن والألم.

معاودة إصدار صحافة الحزب باللغة الكوردية

مع انتعاش الحركة الأنصارية اوائل عقد الثمانينيات، تشكلت هيئتان للأعلام الكوردي، واحدة تابعة للجنة منظمة اقليم كوردستان للحزب الشيوعي العراقي مهمتها الرئيسة اصدار (ريكاي كوردستان/ طريق كوردستان)، والثانية تابعة إلى الإعلام المركزي للحزب ومهمتها استمرار القسم الكوردي من الإذاعة. كما سارع الإعلام الحزبي إلى معاودة اصدار بقية الصحف والمجلات باللغة الكوردية:

- الصحيفة المركزية للجنة إقليم كوردستان "ريكاي كوردستان/ طريق كوردستان". فقد عاودت الصدور باللغة الكوردية في مطلع عام 1980.

- صحيفة "ريبازي بيشمركة/ نهج الأنصار" صدرت باللغتين الكوردية والعربية في شباط 1980.

- مجلة "بيري نوي/الفكر الجديد" باللغة الكوردية عاودت الصدور بشكل فصلي في عام 1984 بمئة صفحة شملت مختلف المواضيع الثقافية والفكرية.

صحافة المنظمات الديمقراطية العراقية

في ظل الظروف الجديدة وتوفر الامكانيات المادية والتقنية لدى فصيل الإعلام المركزي للحزب الشيوعي العراقي في حركة الأنصار، جرى تقديم الدعم الكافي لنشطاء المنظمات الديمقراطية من أجل طباعة منشوراتها وبياناتها وإعادة إصدار صحافتها المركزية شهرياً وبانتظام وبحجم صغير وبأربع صفحات وباللغتين العربية والكوردية، استمرت حتى حملة "الأنفال" سيئة الصيت في عام 1988:

- الصحيفة المركزية لاتحاد الطلبة العام في الجمهورية العراقية "كفاح الطلبة" عاودت الصدور في شباط عام 1985.

-                     الصحيفة المركزية لرابطة المرأة العراقية "نضال المرأة".

- الصحيفة المركزية لاتحاد الشبيبة الديمقراطي العراقي "الشبيبة الديمقراطية"، عاودت الصدور في خريف عام 1981.

- مجلة "ثقافة الأنصار"، التي اصدرها فرع رابطة الكتاب والصحفيين والفنانين الديمقراطيين العراقيين في كوردستان.

مطبعة الإعلام المركزي للحزب

ابدى الرفاق الأنصار العاملون في مطبعة الإعلام المركزي للحزب في حركة الأنصار جهوداً كبيرة اتسمت بالتضحية والإيثار وتحمل صعوبات الحصار العسكري والاقتصادي بسبب الأعمال القتالية، والطبيعة القاسية لجبال كوردستان ومناخها، إضافةً إلى المهمات الأنصارية المطلوبة في الحياة اليومية للمقرات الخلفية: الاستطلاعات العسكرية، الحراسات اليومية، الخفارات الرفاقية (الطباخة والخبازة)، حملات جمع الحطب، التموين، تأمين الوقود، نقل البريد بين المقرات.. وغيرها من المهام الأخرى. وبفضل جهود هؤلاء الرفاق البواسل تم اعادة اصدار صحافة الحزب وطباعة وثائق مؤتمراته وبيانات لجنته المركزية ومنشوراته السياسية التحريضية الكثيرة، بالإضافة إلى ما ذكرته من إصدارات، التي شارك في تحريرها العديد من الأنصار من الصحفيين والكتاب والشعراء والفنانين والأنصار الهواة، الذي أصبح بعضهم فيما بعد كتابا وصحفيين وأدباء وشعراء معروفين في الوسط الصحفي والفني والأدبي داخل الوطن وخارجه.

لعل من بين أبرز الذين عملوا في المطبعة خلال فترة (1984 – 1989)، كانوا الرفاق الأنصار: كتاب الطابعة باللغة العربية (سمير طبلة، تغريد موسى حسين و"أبو نضال")، المصمم والخطاط حسام آل زوين، الرسام أسامة ختلان، كتاب الطابعة باللغة الكوردية (الشهيد "راويش" و"روشنغ")، التصوير والاستنساخ وسحب المطبوعات حمزة حكيم وعبد الكريم توما يوسف. يضاف إليهم لاحقاً بعد انسحابنا إلى "ناوزنك" الرفاق الأنصار كتاب الطابعة ("ابو نضال"، كفاح كونجي، حسن علي خليفة).

لمناسبة الذكرى الـ (91) للصحافة الشيوعية العراقية، نستذكر باعتزاز كبير سيرة شهداء إعلام الحزب الشيوعي العراقي في كل مراحله ومفاصله.. ونحيي باعتزاز كبير ايضاً كل من ساهم ويساهم في تنشيط الصحافة الشيوعية والديمقراطية التقدمية في العراق، ونحيي بشكل خاص رفاقنا الأنصار البواسل، الذين ذللوا الصعوبات من أجل ايصال صوت الشيوعيين إلى الرأي العام العراقي والعالمي، ورفعوا عالياً راية الحزب وشعاره العتيد "وطن حر وشعب سعيد".

هوامش:

  1. عبد اللطيف السعدي "الإعلام الأنصاري، تشكيلات ترسخت أفقياً وعمودياً … ونشاطات فاعلة، كبحتها مواقف ضيقة..!". موقع ينابيع العراق 18/8/2024.
  2. سالم جورج "ذكريات ومعلومات تصحيحية موثقة عن إذاعة صوت الشعب العراقي الاولى في كوردستان العراق". موقع الحوار المتمدن 27/9/2022.
  3. داود امين " إعلام الحزب الشيوعي العراقي خلال فترة الكفاح المسلح 1979 _ 1989". موقع الحزب الشيوعي العراقي 15/9/2015.

الاسماء الموجودة بين قويسات هي اسماء حركية للرفاق الأنصار، ولا أعرف اسماءهم الحقيقية للأسف الشديد.

************************************************

الصحافة الشيوعية في العراق ودورها في تنمية الوعي

صبحي الجميلي

لعبت الصحافة اليسارية والشيوعية في العراق دورا بارزا ومشهودا في تنمية الوعي السياسي والوطني والاجتماعي والثقافي والارتقاء به منذ أواسط العشرينات، وأخذ هذا الدور بعدا نوعيا متميزا خاصة بعد تأسيس الحزب الشيوعي العراقي (اذار ١٩٣٤) وصدور جريدته المركزية الأولى " كفاح الشعب" في ٣١-٧-١٩٣٥ التي لم تر النور منها الا خمسة اعداد، وضاقت بها الدوائر الحاكمة آنذاك، والتي تحدث عن خطورتها الفائقة، أقطاب من السلطة، لما حملته من شعارات ونادت به من أهداف، معلنة انحيازها الكامل للوطن والمواطن.

وفي وقت مبكر من تأسيس الحزب تم الإدراك العميق بأهمية العمل على ترقية الوعي وتجلى   أهمية ذلك على نحو خاص بالارتباط بالظروف التي كان يعيشها المجتمع وبدايات تشكل مؤسسات الدولة العراقية.

وهذا التوجه ينطلق من قراءة واقعية للحال ذلك الزمان وهيمنة الأفكار والعادات والتقاليد التي هي بنت ظروفها. ومع دخول البلاد في مراحل جديدة، وما واجهه شعبنا من متطلبات للسير على طريق التحرر والانعتاق بات لزوما التخلي عن الكثير وبناء منظومة قيم جديدة، وكذلك مفاهيم ومعايير تواكب حالة تطور المجتمع الصاعد نحو ملاقاة الجديد ومحاكاة دول العالم وشعوبه، خصوصا وهو قد بدأ صلاته وعلاقاته مع دول وشعوب أخرى، حيث أخذت الحاجة تبرز بضرورة الانتقال من " الوعي الزائف " إلى آخر مختلف يعي مصالحة بالترابط الوثيق بين ما هو وطني، وما هو اجتماعي وطبقي. 

تنمية وترقية الوعي، مقدمات لا غنى عنها لأي تغيير منشود، ولاسيما عندما يكون بحجم التغيير الاجتماعي الجذري. ويبقى العامل الحاسم في هذا ليس التعليم المدرسي فقط وعلى أهميته، بل هو وثيق الصلة بتغيير الشروط المادية التي يعيش فيها الناس.

 وهنا يأتي الدور الكبير الذي نهضت به الصحافة الشيوعية في إعلاء شأن الوعي، بل إنها، مثلما هم الرواد، كانوا السباقين إلى نشر مفاهيم: الطبقات، الاستغلال، الصراع الطبقي، التحرر، الحرية، المساواة، تحرر المرأة، الديمقراطية، فائض القيمة، الاشتراكية، الاقطاع، البرجوازية، الاستعمار، الاستقلال، والسيادة الكاملة، العدالة الاجتماعية، السلام العالمي، وغيرها.

ولعل ما يميز هذه الصحافة، هو أنها، وعلى وفق سياسة الحزب وتوجهاته. رسمت لها خطا وطنيا واضحا، وهو ما كان له الأثر البين في تنمية المشاعر الوطنية، والحث والتعبئة للتحرر والاستقلال الكاملين.

هذا الخطاب الوطني الرافض للطائفية والمناطقية والعشائرية (وليس العشائر)، والتعصب والانغلاق، كان ضروريا لإعلاء شأن المواطنة العراقية، والآن أصبحت الحاجة أشد له من أي وقت مضى.  

 هذه الصحافة كانت ميدانا رحبا للانفتاح على قضايا الشعوب ودعم حقوقها في تقرير المصير واختيار أنظمتها وفقا لإرادتها الحرة، وهنا جاء الفضاء الآخر الأممي إلى جانب البعدين الاجتماعي – الطبقي والوطني.

ولا يمكن إلا الإشارة إلى دور صحافتنا الملحوظ في بلورة وعي ثقافي نقدي وتقدمي منحاز

 وقدمت عبر مسيرة التسعين عاما مساهمات رصينة في المجال الثقافي والفكري والادبي والفني،

إنها بحق مدرسة فكرية وجمالية بامتياز.

إن الصحافة الشيوعية ليست وسيلة اعلام عادية تقليدية، بل هي أداة للتنظيم والتعبئة والتحريض والتنوير وترقية الوعي والنهوض به إلى مستوى أدارك المصالح وامتلاك إرادة التغيير. هذا ما نهضت به تلك الصحافة وما تواصله اليوم، رغم كل التحديات، وسائل إعلام الحزب الراهنة، ومنها وفي المقدمة "طريق الشعب”.

********************************************

الصفحة التاسعة

الصحافة الشيوعية كانت وما زالت راية الكادحين

محمد جاسم اللبان

منذ صدور العدد الأول من "كفاح الشعب" عام 1935 ولحد الآن، ومستقبلاً أيضاً ستبقى الصحافة الشيوعية معيناً لا ينضب في عملية التنوير والحداثة، سياسياً واجتماعياً وثقافياً وفي ترسيخ التقاليد النضالية لجموع الشيوعيين والتقدميين ولعامة المواطنين.

وكان هاجس كل من عمل في صحافة الشيوعيين، بدءاً من كفاح الشعب والشرارة والقاعدة واتحاد الشعب، وطريق الشعب والثقافة الجديدة، وبقية الأسماء اللامعة من صحافة الحزب، هو أن تعبر عن سياسة الحزب وأهدافه وبرامجه، وعن الحاجات الملحة للجماهير أفضل وأدق تعبير، وكانت بحق المرجع الأساسي في الوصول إلى كبد الحقيقة، وسط كم هائل من الأكاذيب، والتضليل، وتزييف الوقائع، الذي كانت تمارسه العديد من الصحف الأخرى، التابعة للأنظمة الاستبدادية والقمعية ومعها كل الصحف المعادية للشيوعية والديمقراطية.

ولهذا رأت فيها هذه الأنظمة، عدواً خطيراً لمشاريعها الشريرة، وسعيها لإدامة سلطتها، عبر إشاعة الجهل والتخلف وتزييف الوعي فردياً وجماعياً أملاً في البقاء في دست الحكم، وإجهاض نضالات وتطلعات الشعب العراقي في الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية.

كانت الأفكار الوطنية التحررية والديمقراطية، والمطالبة بالاستقلال الوطني الناجز وضرورة النضال ضد الاستعمار الإنكليزي والرجعية من السمات البارزة في الصحافة الشيوعية حيث تناقش كل الأمور والقضايا التي تطرحها بروح مبسطة ومستندة إلى الوقائع الملموسة، بغية توعية الجماهير، ورفع مستوى إدراكها إلى الحد الذي يؤهلها لفهم ما يدور حولها، ومعرفة الأسباب الحقيقية للتخلف والظلم السائدين في المجتمع، ومن هو المسؤول عنهما، دون ان تغفل تحديد السبل الكفيلة للخلاص من هذا الواقع المزري واستبداله بالتقدم والازدهار اللذين يستحقهما الشعب العراقي، عبر نضالات جماهيرية حاشدة، وقادرة على تغيير ميزان القوى السياسية، وإحداث التغيير المنشود، كما حصل في ثورة 14 تموز المجيدة.

لقد تبنت الصحافة الشيوعية، منذ لحظة انطلاقها، الدفاع عن مصالح الجماهير الكادحة من العمال والفلاحين والمثقفين الثوريين والشبيبة والنساء، وطالبت بحقوقهم المستلبة من قبل المستعمرين والحكام العملاء والرجعيين، فتلقفتها جماهير واسعة بلهفة واعتزاز لأنها وجدت فيها لغة وخطاباً جديدين، يجسدان مصالحهم الجذرية وبرسم الطريق السليم لانتزاعها من مغتصبيها، وان الحزب الذي يقف وراءها ويصدرها، هو فعلاً حزب من طراز جديد، وأثبت بالتجربة الصادقة والناضجة استعداده للتضحية في سبيل هذه الأهداف النبيلة، وقدم الآلاف من الشهداء الأبرار وفي السجون والمعتقلات والمنافي، وتعرضهم لأبشع أنواع التعذيب الجسدي والنفسي، دون أن يفت ذلك في عضدهم.

ومع كل القمع والمحاربة الدائمة للصحافة الشيوعية كانت هي الأوسع انتشاراً حتى في ظروف العمل السري، حيث كانت الجريدة السرية تقرأ للأميين ونسائهم، وتنتقل من يد إلى يد، وفي السجون كانت تكثر بالاستنساخ، إضافة إلى ما يصدره السجناء الشيوعيين أنفسهم من صحف ونشريات.

اما في أثناء العمل العلني، فحلقت بعيداً عن بقية الصحف والمطبوعات، فعلى سبيل المثال لا الحصر، كانت صحيفة "اتحاد الشعب" بعد ثورة 14 تموز توزع وحدها يومياً (50.000) نسخة، حتى آخر عدد لها في خريف 1962، بينما هناك (12) صحيفة أخرى في نفس الفترة لا توزع مجتمعة الا ما بين (32.000) – (33.000) نسخة، رغم أن بعضها كان حكومياً وتكرر هذا المثال المشرق في أيام الجبهة مع البعث، لا سيما في السنتين الأوليتين منها، وبعد سقوط الطاغية مباشرة.

واما نحن القراء، فكنا نمشي بخيلاء وزهو بالغين، إذا ما نشرت لنا خاطرة، او موضوعاً حتى لو كان صغيراً، وكأن الأرض لا تسعنا، وعندما نشتري نسخة منها، كنا نتعمد أن نضعها في جيوبنا او نحملها بصورة واضحة ومرئية للجميع، لأنها حسب وعينا، آنذاك بان الجريدة، إضافة إلى مسبحة حمراء، وشوارب ستالينية، إنما تدل على هوية الشيوعي التي نفتخر بها، أيما افتخار، ونحظى لدى الآخرين بالاحترام والتقدير.

في بناء الكوادر الحزبية وتأهيلها، وتزويدها بالخبرة الضرورية، لكونها أداة لبناء الوعي السياسي، ومنظماً في الوقت ذاته، ساهمت الصحافة الشيوعي بفاعلية وجدية، في عملية البناء هذه، لتكون الكوادر بمستوى المهمات الملقاة على عاتقها، ولردم الهوة بين ضعف التنظيم أحياناً، والمهام السياسية والاقتصادية الاجتماعية، التي ينهض بها الحزب ويتصدى لتحقيقها في ظل ظروف غاية في التعقيد والصعوب.

ومن هذا المنطلق أولت الصحافة الشيوعية مسألة التثقيف بمواضيع تستبطن القدرة على الاستيعاب ليس من قبل الكادر الحزبي فحسب، بل ومن عامة الشيوعيين، مستلهمة آراء وأفكار الرفيق "فهد" الذي حدد عملية خلق الكادر بثلاثة عوامل او مرتكزات هي الجذر الطبقي، والتثقيف الذاتي والخلوي، والممارسة العملية النضالية، فكانت المواضيع والمقالات التي تنشرها، يجري التثقيف بها في الاجتماعات الحزبية، بالإضافة إلى الفقرات والعناوين الأخرى، التي تزخر بها البرامج الفكرية المركزية والمحلية، بدءاً من الخلايا إلى أعلى المواقع الحزبية، كما أنها أولت أهمية قصوى للتحريض السياسي وجعله حجر الزاوية في كل البرنامج والتكتيك والعمل التنظيمي، سواء في مراحل السكون التام او في الوضع الثوري وإيصاله إلى أوسع الجماهير، باعتباره شرطاً اساسياً لا بد منه لتربية وتعزيز نشاط الجماهير الثوري، وكذلك توضيح مفهوم العفوية في تحركات الجماهير، بصفتها في الجوهر المشكل الجنيني للوعي، محذرة في الوقت ذاته من الوقوع في فخ تقديس العفوية والسجود أمامها. كما حصل في انتفاضة تشرين البطولية مع الأسف الشديد، وتناولت على صفحاتها أيضاً وجهي الديمقراطية السياسية والاجتماعية، فضلاً عن الديمقراطية الحزبية الداخلية، وضرورة وحدة الإرادة والعمل، بالإضافة إلى السمات السياسية والأخلاقية التي يجب ان يتحلى بها الشيوعي بصرف النظر عن موقعه الحزبي، وكانت تحث دوماً على الوصول إلى الجماهير والاندماج بها في كل الأماكن والمواقع التي تتواجد فيها، وعدم انتظار مجيئها الينا، مرسخة في أذهاننا الفكرة الاساسية بان الجماهير هي صانعة التاريخ، وأن المكاسب والإنجازات التي تحققها تأخذها بنضالها المتفاني ولا تعطى لها من النخب السياسية الحاكمة كهبات ومكرمات.

ولهذه الأسباب وغيرها، فضلاً عن المستوى الراقي للصحافة الشيوعية شكلاً ومضموناً التي تدخل الأفئدة والعقول والضمائر الحية بسهولة ويسر، كان الغالبية من المبدعين العراقيين يتباهون، ويفتخرون بأنهم مرّوا وتتلمذوا في صحافة الحزب، التي كانت بحق مدرسة فكرية وثقافية ونضالية، ثم توزعوا لاحقاً على الصحف والمجلات الصادرة في مختلف العهود التي مرّ بها العراق، فكانت الممون الرئيسي لكثير منها بالكوادر الصحفية البارزة، والتي يشار لها بالبنان.

هذا غيض من فيض الدور المجيد، والبالغ الأهمية، الذي نهضت به الصحافة الشيوعية، خلال أعوامها التسعين الماضية من عمرها المديد.

*****************************************

المجد للصحافة الشيوعية في العراق منهجا فكريا وثقافيا وسياسيا تنويريا

جواد وادي

لم تكن الصحافة الشيوعية في العراق عبر تأريخها الممتد لأكثر من مائة عام ويزيد، مجرد إصدار ورقي عادي مقارنة ببقية الصحف المتداولة، انما كانت مدرسة فكرية وصحافة علمية تقدمية رصينة تنفح من الواقع العراقي المعاش بكل حيثياته الطبقية والنضالية والثقافية بمنهج علمي تربى على مواكبتها أجيال واجيال، تناولت واقعا مريرا وعكست آلام المسحوقين والطبقة العاملة وكل الفئات العراقية المحرومة من ابسط حقوق العيش الإنساني حين كرست أقلام مناضلة غير مهادنة لها رسالة إنسانية بمواقف نضالية أثبتت رصانتها واسست لمنهج علمي قد يندر أن تتسم به صحف أخرى معاصرة لها او حتى لاحقة.

كانت الصحافة الشيوعية صحافة علم ومعرفة بتشخيص موضوعي لواقع المعاناة لشريحة المحرومين والمسحوقين نذرت مهمتها الأساسية لتشخيص الخلل وفضح الممارسات غير الإنسانية التي كانت تمارسها سلطات القمع لما تتسم به من تجاوزات خطيرة بحق غالبية العراقيين والطبقة العاملة العراقية وشريحة الفلاحين المعدمين، حيث آلت على نفسها منذ سنوات التأسيس الأولى أن تكون منبرا حقيقيا لبث الوعي الطبقي والمعرفة العلمية لتشخيص مثالب الواقع المرير ونشر الفكر العلمي الطليعي والتقدمي المستمد من الفكر الماركسي اللينيني كأسلوب عمل جديد لم يكن جل العراقيين على دراية به خلال الأيام الأولى آنذاك، تناولت الواقع العراقي بكتابات رصينة وكاشفة لمثالب السلطات القمعية، وبرز كتاب مهمون اعتاد القارئ العراقي على متابعاتهم وتحليلاتهم وتصديهم للممارسات التي اضرت كثيرا بواقع المواطنين، مما حدا بالمتابعين بشتى مستوياتهم أن يجدوا في صحافتهم الجماهيرية هذه مرشدا ومدرسة فكرية ومطلبية أسست لقيم حقيقية لما تكون عليه الصحافة التقدمية المغايرة لبقية الصحف الصفراء الموالية لسلطات القمع بتشويهها لواقع الحال للأوضاع المزرية. وكنا نحن جيل الخمسينيات والستينيات التلامذة الحقيقيين حيث تربينا ونهلنا وتعلمنا ابجديات الوعي السياسي والطبقي. حيث كنا وبفرح غامر نتابع جريدة اتحاد الشعب، ومن ثم طريق الشعب ومتابعهما بلهفة وشوق ونزوع معرفي من صفحاتها الأولى حتى الأخيرة دون أن نغفل او نتجاوز سطرا واحدا لأننا كنا نعتبرها مدرستنا ووسيلة توجهنا وتعميق ثقافتنا بأبجديتها الأولى.

كانت الجريدة وسيلة للتحريض وكشف المثالب متصدية لتجاوزات السلطة الفاشية التي كانت اشد ما يزعجها ما تبثه من وعي طليعي وفكري لخلق جيل مغاير لما اعتادوه قبلا.

ومن باب تسليط الضوء على تاريخ الصحافة الشيوعية منذ تأسيسها ان كانت سرية او علنية نذكر نبذة تاريخية مختصرة لكفاح الصحافة الشيوعية الخالد.

صحيفة القاعدة وهي لسان حال الحزب استمر صدورها ثلاثة عشر عاما ومن ثم فرضت عليها القيود من قبل الطغمة الحاكمة آنذاك. وكانت بداية صدور الصحافة الشيوعية في العراق صدور جريدة الصحيفة عام 1924 وهي الميلاد الحقيقي للصحافة الشيوعية في العراق.

لعب الرفيق الخالد فهد دورا بارزا في إرساء المبادئ الأساسية للصحافة الشيوعية في العراق وكان ذلك قبل تأسيس الحزب الشيوعي العراقي حيث عمل الرفيق الخالد مراسلا لجريدة الأهالي في الناصرية وقد تبنى من خلال كتاباته معانة الكادحين من عمال وفلاحين وشرائح معدمة، واللافت أنه كان يذيل مقالاته تحت اسم مستعار، ومن ثم اصدرت الخلايا الأولى للحزب جريدة كفاح الشعب بتاريخ 31 تموز عام 1935 ورغم ان الرفيق فهد كان خارج الوطن لكنه كان من ابرز كتابها  وكان له الدور الأكبر في إرساء الأسس القويمة للصحافة الشيوعية في العراق.

ومن ثم صدرت جريدة الشرارة عام 1940 تلتها صحيفة القاعدة عام 1943ومن ثم جريدة العمل ثم وحدة النضال وفيما بعد جريدة النجمة (شورش)، وحين كان الرفاق في السجن أصدروا جريدتي الأساس والعصبة عام 1953-1954وهنا يلاحظ القارئ حرص الرفاق الأوائل على سعيهم لإصدار الصحف لنشر الفكر الشيوعي باعتبار ذلك من اهم المهام المناطة بالرفاق وقناعتهم بأهمية الصحافة الشيوعية لنشر الفكر والوعي الطبقي وبالتالي تقوية أسس العمل الحزبي القويم. 

أصدر الرفاق فيما بعد جريدة آزادي (الحرية) باللغة الكردية وكانت سرية وكان الرفيقان فهد وحازم يشرفان عليها بمشاركة الملا شريف عثمان.

كما أصدر الحزب جريدة همك (القاعدة) وكانت ناطقة بلسان الفرع الأرمني للحزب. أسس الحزب دار نشر اسماها دار الحكمة لإصدار الكتب التقدمية لكن السلطات الملكية آنذاك اغلقتها خشية من نشر الفكر التقدمي.    

ان الصحافة الشيوعية في العراق لعبت دورا رئيسيا في بث الوعي الماركسي- اللينيني وكانت مهمة ليست بالهينة لكون عيون سلطات القمع آنذاك اشد ما تخشاه من هكذا حراك إعلامي يهدد وجودها ويستهدف سلطتها، سيما أن الوعي الطبقي كان في بداياته ويتطلب جهدا فكريا وعلميا لبث الوعي السياسي التقدمي، والمشهود للصحافة الشيوعية في العراق انها كانت منهجا فكريا يحاكي وعي المواطنين بشتى مستوياتهم ومعارفهم وكان لها الدور الأعظم في اتساع التأثير الإيجابي وكانت بمثابة ثورة فكرية حقيقية يراد منها تأسيس فكر تقدمي جديد لم يكن المواطن العراقي على دراية به فبرز كتاب تقدميون نهلوا من الفكر الشيوعي بنضال مستميت ونذروا انفسهم واقلامهم ووعيهم التقدمي في ترسيخ مبادئ طبقية كان العراق أحوج ما يكون إليه، لأنه السبب الرئيسي في تغيير واقع الحال فكريا وعلميا. وطبقا لذلك التأسيس الإعلامي بدأ الحراك الجماهيري والانتفاضات المطالبة بالتغيير والتصدي لتجاوزات السلطات الملكية القمعية آنذاك ومدى تبعيتها للمستعمر المحتل وتأثيراته في بسط النفوذ المعادي لتطلعات الشعب العراقي بكادحيه وفئاته المجتمعية المحرومة.

ومن أجمل الذكريات واسماها نذكر هنا مدى تعلقنا وعلاقتنا الحميمة مع صحافتنا الشيوعية الخالدة وكيف كانت مدرستنا الأولى وبث الوعي بأبجدياته التي ظلت راسخة في وجداننا وكفاحنا وصلابة نضالنا ضد الحملات القمعية الشرسة منذ العهد الملكي التابع لسلطة الاحتلال حتى يومنا هذا.

أذكر هنا هذا الحدث الذي يوضح ما اسلفناه، ذلك انني كنت في نهاية العقد الأول من عمري في نهاية الخمسينيات، كنا نسكن في المجزرة (الميزرة) في بيوت طينية متهالكة ولا تتوفر فيها أبسط وسائل العيش الآدمي، فلا مدارس ولا مستشفيات ولا ماء ولا كهرباء ولا خدمات أخرى وكان يسكن معنا العم بشكو رجل كردي في عقده الخامس، كان مناضلا شيوعيا صلبا ومتابعا لسياسة الحزب زمن الزعيم الخالد عبد الكريم قاسم، كان هذا الشيوعي الفذ معلمي الأول الذي بث في وعي البسيط العشق الحقيقي للحزب الشيوعي، اعتاد ان يكلفني يوميا بالذهاب الى خلف السدة جهة باب الشيخ لأشتري جريدة اتحاد الشعب وأعود مسرعا لنبدأ بقراءة المقالات وكان هو من يفسر ما موجود في تلك المقالات ومعانيها الكبيرة، وكان من أهم الكتاب الذي دأب على قراءة عموده، الرفيق الخالد عبد الجبار وهبي (أبو سعيد)، كان يقرأ المقالة ويبتسم مفسرا لي محتواها بلغة بغدادية ساخرة، وهكذا استمر الحال حتى وقعت الكارثة الحقيقية بالتآمر على الزعيم الوطني الشهيد عبد الكريم قاسم في شباط الأسود عام 1963. عندها هو العم بشكو متخفيا في غرفته ويكلفني بقضاء بعض الحاجات التي كان هو بأمس الحاجة لها خشية أن تصل اليه أيادي القتلة البعثيين وحرسهم المجرم.   

كان العم بشكو لا يمر يوم دون ان يرجع لأرشيف الجريدة ليعاود قراءته وفاء لكتابها الذين وصلت اليهن يد الجلادين القتلة. وفي يوم وجدته يبكي بحرقة وعند سؤالي عن السبب قال لي بان الجلادين قتلوا أبا سعيد. نشروا جسده الطاهر، فشاركته حزنه المرير، ومنذ تلك اللحظة حتى يومنا بعد أن تجاوزت عقدي السابع بقيت تلك اللحظات شاخصة امامي ودموع العم بشكو لم تجف أبدا.

ونحن نغادر هذا التناول لتاريخ صحافتنا الشيوعية المشرف، نؤكد بأن الفكر الشيوعي مهما تعرض للمحن وحملات الإبادة، ما افلحت قوى الظلام ومجرمو البعث ومن سبقهم وقد يأتي لاحقون من الحد من النشاط الوطني المتشبث بأحلام الفقراء ولم ولن يتخلى عن النضال الطبقي والذي كينونة الشيوعي وسر وجوده الوطني والإنساني

المجد للعيد الوطني لصحافتنا الشيوعية المناضلة

والمجد والخلود لكتابها والعاملين فيها

ومجدا لقرائها الأوفياء

*********************************************

مشهد من ساحة الفردوس

ستار الناصر

لم تكن جريدة طريق الشعب جريدةً تعلمتُ منها المبادئ الأساسية للصحافة فحسب، بل كانت لي مدرسةً بكل ما تحمله الكلمة من معانٍ جميلة.

(من ساحة الفردوس كانت البداية)

كان سقوط تمثال الطاغية حدثًا جللًا، حيث اقترب أمل عودة الحزب وجريدته الغرّاء طريق الشعب إلى ممارسة العمل العلني في الداخل، كما كانا دائمًا رأسَي حربة في النضال من أجل وطن حر وشعب سعيد. كذلك كان السقوطُ صرخةً مدويةً تُعلن بقوة زوال الطغيان إلى الأبد.

الرفاق المحتشدون في ساحة الفردوس كانوا يحدوهم الأمل بلقاء رفاق الأمس، رفاق الدرب القدامى، أيام كانت تجمعاتهم تحمل أجمل الذكريات الرفاقية رغم مرارتها؛ ذكريات التشرد والملاحقات المقرفة من لدن نظام قمعي جبان.

ولا أستطيع وصف سعادتي وأنا أرى تلك الجموع من الشيوعيين وأصدقائهم وسط الناس، وقد علت وجوههم ابتسامات الفرح والابتهاج، وهم يرفعون الأعلام الحمر وشعارات الاحتفاء بعيد العمال العالمي.

وفي الساحة ذاتها، وفي زاوية منها، جلستُ على أريكة هناك لأكتب ما يدور في خلدي عن هذا التجمهر الشيوعي الذي جمعهم والناس من مختلف المشارب في تظاهرةٍ كبيرة، بعد أن انقشعت ـ وإلى الأبد ـ غمّةُ نظام قمعي مقيت، ليحتفوا بعيد العمال العالمي.

جلستي هذه كانت أول الغيث في تحقيق حلمي بأن أكتب في جريدة الشعب.

وكان العنوان الذي اخترته: (مشاهد من ساحة الفردوس).

والمشهد الذي كتبته يبدأ من تساؤلٍ لرجلٍ من عامة الناس، أخذته الدهشة حين رأى الناس يملؤون ساحة الفردوس، وقد قدموا من كل صوبٍ في بغداد وضواحيها.

إذ قال متعجبًا:

"ما السر في تجمع الناس تتوسطهم الأعلام الحمر؟"

قلت له:

"سيدي، إنهم الشيوعيون وأصدقاؤهم يحتفلون بعيد العمال العالمي."

فرد عليّ الرجل ـ وما فارقته دهشته:

"عمي، الشيوعيين كلهم بالسجون، وبيهم من هرب ناجيًا بنفسه خارج العراق، وبيهم من راح لكردستان، وبيهم من ظل هنا يطارده الأمن. جا اشوكت التميتوا وترستوا الساحة أنتو وأعلامكم الحمر؟"

تركني الرجل متمتمًا، لا يكتم سروره بمشاركته الناس فرحهم الغامر.

كتبت هذا المشهد، ولما انتهيت، أعدت صياغته مرارًا حتى أيقنتُ بأنه اكتمل.

ثم توجهت به، مدونًا على الورق بخطٍ واضح، وسلّمته إلى مقر الحزب في منطقة الأندلس.

وبقيتُ أنتظر.

تأخر صدور الجريدة حينها بسبب العديد من المعوّقات؛ فقد كانت المواد الصحفية تُرسل إلى مقر الحزب في كردستان ثم تعود إلى الداخل بعد إنجازها.

وجاءت الفرحة...

ابتسامةُ فرحٍ لا توصف ملأت وجهي، حين رأيت موضوعي

(مشاهد من ساحة الفردوس)

يتوسط الصفحة الأخيرة من عدد الجريدة.

ومن هنا تحديدًا بدأت علاقتي بالجريدة، أي منذ اليوم الأول لصدورها في بغداد، كمحرر فيها.

وبقيت أعمل بها حتى عام 2009.

*************************************************

الصفحة العاشرة

الصحافة الشيوعية في العراق نجاح باهر ودور مؤثر

زهير ضياء الدين

بعد تأسيس الحزب الشيوعي العراقي في الحادي والثلاثين من آذار/1934، أُوليَت الصحافة الشيوعية دورًا أساسيًا ومهمًا ومؤثرًا، بهدف نشر أفكار الحزب والتواصل والتفاعل مع الجماهير ومنظمات الحزب.

وكانت باكورة هذا النشاط صدور العدد الأول من جريدة "كفاح الشعب" في الثلاثين من تموز عام 1935، أي بعد سنة ونيف من تأسيس الحزب. وللتعبير عن هوية الصحيفة، حملت صفحتها الأولى شعار المطرقة والمنجل وعبارة: "يا عمال العالم اتحدوا".

وبقي هذا الشعار ملازمًا لصحافة الحزب، ومعبرًا عن التصاقها بالطبقة العاملة التي شكلت نواته الفاعلة خلال مسيرته الطويلة. ومن عايش وتفاعل مع الحزب الشيوعي العراقي خلال مسيرته النضالية الطويلة، يدرك بوضوح أن صحافة الحزب شكلت جزءًا أساسيًا في نضاله، إذ كانت الصوت المعبر عن معاناة الشعب العراقي بجميع مكوناته، وفي مقدمتهم الطبقة العاملة، من الظلم والقهر والإفقار الذي مارسته القوى المتحكمة بمصير العراق، بدءًا بالاستعمار، ومرورًا بمن جندوا أنفسهم لتنفيذ سياساته، خاصة الإقطاع المتسلط على الفلاحين، والبرجوازيين الذين جعلوا من أنفسهم وحلفائهم من القوى الرجعية سياطًا لجلد العمال والفلاحين والقوى التقدمية، ووسائل لامتصاص دمائهم.

وبالرجوع إلى مسيرة الحزب الطويلة، نجد أن أسماء الجريدة الناطقة باسم الحزب الشيوعي العراقي قد تغيّرت تبعًا لتعدد المهام في كل مرحلة من مراحل نضاله. فكانت البداية بعنوان "كفاح الشعب" في مرحلة التوعية والنضال الوطني ضد الاستعمار، والسعي لتحقيق حقوق العمال والفلاحين، ثم جاءت تسمية "الشرارة" عام 1940 تجسيدًا لنشر أهداف ومبادئ الحزب والوعي الطبقي في صفوف العمال والفلاحين والطبقة المثقفة.

وفي عام 1943، ومع سعي الحزب للبناء التنظيمي لمنظماته، تم اعتماد اسم "القاعدة"، واستمر هذا العنوان لصحيفة الحزب حتى عام 1956، حيث أصبحت المهمة الرئيسية للحزب وبقية القوى الوطنية هي إسقاط النظام الملكي الرجعي المرتبط بالدول الاستعمارية عبر أحلاف ومعاهدات كرّست لقمع الشعب. وفي هذه المرحلة، تم تبني اسم "اتحاد الشعب" كعنوان للصحيفة المركزية.

واستمرت الصحيفة بالصدور بهذا الاسم حتى تم إغلاقها من قبل حكومة عبد الكريم قاسم عام 1961، مما اضطر الحزب لإصدار جريدة بشكل سري باسم "طريق الشعب"، وهو الاسم الحالي للجريدة.

ومن عايش الحزب الشيوعي العراقي في مسيرته النضالية الطويلة، يدرك بوضوح أن صحافة الحزب كانت تشكل جزءًا أساسيًا ومهمًا وفاعلًا من نشاط الحزب، حيث ساهم معظم رفاق الحزب وعوائلهم وأصدقاؤه في نقل وتوزيع الصحيفة، وبخاصة عندما كانت تصدر بشكل سري. وقد شارك حتى أطفال عوائل الرفاق في هذه المهمة، متحدّين بذلك العديد من المخاطر لإيصال الجريدة إلى أكبر عدد من المواطنين.

ولي ذكريات شخصية مع جريدة "طريق الشعب" خلال الفترة السابقة لانهيار الجبهة الوطنية؛ فقد كنت حينها منسبًا للعمل في المكتب المهني المركزي ممثلًا للقطاع الصحي. وكانت الجريدة تصدر صفحة أسبوعية عن الخدمات الصحية، وقد تم تكليفي بالإشراف على المواضيع المنشورة في هذه الصفحة. وكانت إدارة الجريدة آنذاك تقع في شارع السعدون، وكانت الصفحة تصدر كل يوم أربعاء، حسب ما أتذكر. وكنت أزور إدارة الجريدة كل يوم ثلاثاء لتسلُّم المواضيع المرشحة للنشر، من أجل مراجعتها وبيان الملاحظات إن وُجدت. وبسبب قساوة الظروف آنذاك، كانت المواضيع الواردة غير كافية لاستكمال الصفحة، فكنت أقوم بتحرير مواضيع صحية لاستكمال العدد.

وفي المهرجان الثالث لجريدة طريق الشعب، تم تكريمي بجائزة هادي المهدي لحرية التعبير، تقديرًا لمساهماتي في النشر ضمن هذا المجال.

ومن بين الصحف المهمة التي أصدرها الحزب أيضًا، صحيفة "الفكر الجديد"، التي تم الترخيص بإصدارها في 18 أيلول 1972. وهي صحيفة ثقافية كانت تصدر أسبوعيًا باللغتين العربية والكردية. وبعد عام من صدورها باللغة العربية، استمرت بالصدور باللغة الكردية فقط، بعد أن استأنفت جريدة طريق الشعب صدورها. ثم عادت "الفكر الجديد" إلى الصدور باللغتين في 18 آب 1975، إلى أن توقفت في أوائل عام 1979 بعد تشديد الحصار على صحافة الحزب.

ومن الذكريات التي أحتفظ بها مع صحيفة "الفكر الجديد"، أنني في عام 1973، كنت طالبًا في الجامعة المستنصرية، وأُعلن عن احتفالية في القاعة الرئيسية للجامعة بمناسبة يوم الطالب العربي. حضرت الاحتفالية، وفي الوقت المقرر، دخل القاعة صدام حسين، نائب رئيس مجلس قيادة الثورة آنذاك، وألقى كلمة قصيرة، ثم تم توزيع قصاصات ورقية على الحضور لتثبيت الأسئلة التي ستُطرح عليه.

وبعد استلامه للقصاصات، قال: "من منكم لم يُتح له تسجيل سؤال ويريد طرحه مباشرة؟". فرفعت يدي، وكنت أول من أُذن له بالكلام، وقلت له:

"سيادة النائب، من المعروف أن العراق يسير في النهج الاشتراكي، وتربطه بالاتحاد السوفيتي معاهدة للصداقة والتعاون، إلا أن بعض التدريسيين في الجامعة يتهجمون على الفكر الاشتراكي والاتحاد السوفييتي. فهل لدى قيادة الثورة خطة لاستئصال هذه العناصر المعادية للثورة؟"

فأجاب: "لا نتفق مع الطريقة التي طرح بها السائل الموضوع، ولكننا لن نسمح للفكر البرجوازي بالتسلل إلى التعليم العالي."

وعند صدور العدد اللاحق من جريدة "الفكر الجديد"، نوّهت الجريدة إلى الاجتماع، وكان العنوان الرئيسي:

"السيد النائب: لن نسمح للفكر البرجوازي في التعليم العالي"، مع تفضيل الموضوع.

ومن المفيد الإشارة إلى أنه سبق أن صدرت صحف فرعية عن الحزب لتغطية نشاطات محددة، منها جريدة "اتحاد الأمل" التي صدرت عام 1955، وركّزت على القضايا الزراعية.

ولا يفوتنا أن نتطرق إلى مجلة "الثقافة الجديدة"، التي صدرت لأول مرة عام 1953، وبعد توقفها لعدة سنوات، عادت للصدور، وهي مستمرة حتى اليوم، محافظة على بعدها اليساري والماركسي والنقدي.

لقد كانت صحافة الحزب، وعلى الدوام، تمثل المادة الأساسية في الجانب الثقافي ضمن اجتماعات منظمات الحزب الدورية.

*******************************************

تجربة صحفية برائحة الإقحوان

إبراهيم المشهداني

عندما صدرت طريق الشعب بحلتها العلنية في عام 1973 اثر قيام التحالف الجبهوي بين الحزب الشيوعي وحزب البعث في ظروف كان الحزب يعتزم، المضي  بأداء واجبه الوطني والطبقي في أجواء علنية يفجر فيها كامل طاقاته النضالية ولاسيما طاقاته الشبابية من كافة الفئات العمرية والاجتماعية وخصوصا الحركة الطلابية التي سجلت تاريخها النضالي، رغم أساليب القهر السياسي في السجون والمعتقلات وقدمت على امتدا سفرها النضالي ابرز قياداتها منذ تأسيس اتحادها المجيد اتحاد الطالبة العام في ساحة السباع في 14 نيسان من عام 1948 بحراسة الطبقة العاملة.

 ووسط أجواء صدور الجريدة، كان لابد من العمل الجاد للإسهام في العمل الصحفي  العلني فقد شكل الحزب  مكتبه الصحفي الطلابي الذي يمثل الطلبة والشباب  ليكون مكملا للمكاتب الصحفية  النوعية الأخرى العمالي والثقافي والتعليمي والمنظمات المحلية، وكانت الخطوة الأولى،في هذا السفر،  اختيار الكوادر القادرة على إدارة النشاط الصحفي  للمكتب ليكون جديرا ومعبرا حقيقيا عن طموحات وهموم  الاوساط الطلابية  والشبابية في ظروف المرحلة الجديدة الى جانب الطبقات والشرائح الاجتماعية التي عبرت عن نفسها ضمن هذا الاطار الصحفي الجديد المتمثل  بوليدها العلني الملتزم، بتشكيل مكاتبها الخاصة بها  وهي تشق طريقها وسط عديد الصحف الأخرى ذات المنهج القومي التابعة لحزب السلطة في ذلك الوقت  ولكي تستكمل هذا التشكيل الجديد،سعت المنظمة الطلابية لاختيار العناصر التي تجد لديها الإمكانيات المؤهلة  لممارسة العمل الصحفي الذي يتناسب مع خط الجريدة وعلى هذا الأساس تكون المكتب الصحفي الطلابي من الرفاق رواء الجصاني  سكرتيرا للمكتب  وإبراهيم المشهداني  وكفاح حسن عبد الأمير وسعد صالح  السماوي وغفار كريم (استشهد لاحقا من قبل سلطة صدام الفاشية) وساهرة أعضاء المكتب.

لقد وضع المكتب نفسه في حالة انذار لاستقبال ما ستنتجه العقول النيرة وهي تكتب بأقلامها الغضة وافكارها المتوقدة، طبيعة الحياة في المؤسسات التعليمية والتكيف مع أجواء الصراع  مع الاتحاد البعثي  الذي كان يحتكر العمل الطلابي العلني فيها وينفث حقده  ضد الزائر الاحمر الذي بدأت هيبته تتجلى بأفكارها النيرة في معبدها العلمي والإنساني  الجديد. ووسط تلك الساحات الساخنة كانت ماكنة الأقلام الحرة تنتج ما تعانيها المؤسسات التعليمية من تخلف في مناهجها التي تقيد الأفكار وتحجم الابداعات الطلابية المزهرة برائحة الاقحوان بهذه  الأجواء كان المكتب الصحفي يستلم رزمة اثر أخرى مما انتجته تلك الايادي الناعمة، لتبدا مرحلة فتح مغلفات البريد وتجري عملية الفرز لتلك المساهمات  وتدقيق محتوياتها فاذا بين طياتها مواضيع غزيرة في افكارها ولكن بعضها لا يحتمل النشر لركة صياغتها بما لا تنسجم مع شروط النشر الصحفي والبعض الاخر يحتاج الى إعادة صياغة ليكون صالحا للنشر وما لم يصلح كله لمتطلبات النشر ولكن فكرته صالحة لكتابة موضوع يحافظ على جوهرها ليتولى الرفاق تحويل الفكرة الى مادة صحفية صالحة للنشر. وكان المكتب يرد على كافة المساهمات ويتابع ما ينشر منها. وعلى هذ المنوال تحولت المكاتب الصحفية وهي تستلهم من سياسة الجريدة وخطها العام  القوة والمنعة، الى مدرسة لتدريب مراسليها والمساهمين في الكتابة الى الجريدة وتراكم الخبرة  بالعمل الصحفي والاستفادة من الدورات التي تقيمها إدارة الجريدة لتعليم فن الكتابة الصحفية.ان المكاتب الصحفية بما فيها المكتب الصحفي الطلابي الذي تحمل مسئوليته الرفاق رواء الجصاني تلاه الرفيق فيصل قحطان العاني (استشهد لاحقا اثناء الحملة البعثية البربرية في الهجوم على منظمات الحزب )ثم تلاه إبراهيم المشهداني حتى اعتقاله في اذار عام 1978،كانت ترتبط بالمكتب الصحفي لمنطقة بغداد الذي قادته الرفيقة  الراحلة سعاد خيري وعلى الرغم من الذاكرة المتعبة بفعل تقادم الزمن فلن تنسى الرفاق الاماجد الذين قادوا  تلك المكاتب وبرعوا في تقديم الاحسن مما يستطيعون  لهم الذكر الطيب من استشهد منهم او رحل الى عالم الخلود اوما زال يتنفس عبق النضال الوطني، الراحل حسن العتابي صاحب اجمل خط ضمن الفريق  والشهيد عبد الرزاق أبو رياض وهاتف الاعرجي وحميد الخاقاني، واخرون لا تسعفني الذاكرة ذكر أسمائهم، كانوا يشكلون ورشة عمل يحولون ما تجترح به العقول والأفكار وتدونها الأقلام  التي تسهم في نقل ما يعانيه البلد والمجتمع من متاعب وتناقضات الى مادة صحفية ترفد بها جريدتنا الغراء  لتجد طريقها الى النشر.

*****************************************

تجربة العمل في الصحافة الشيوعية من يمسك بصحيفة شيوعية كمن يمسك بجمرة!

حسب الله يحيى

تسعون عاماً من غابة الكلمات الوطنية التقدمية؛ ليست قليلة ابداً، فهي عمر من الفكر الذي يمد الإنسانية بالوعي النير والتجارب الإنسانية الفذة إلى جانب ما يزرعه هذا الفكر من قيم الرفعة والمساواة والعدالة والنقاء والجمال كذلك.

تسعون عاماً وصحافة الشيوعيين توقد الشموع في ظلام دامس يحيط بها من كل الجوانب. هذه الصحافة الحية، لم تستسلم ولم تنكفئ على الرغم من كل العقبات التي لاحقت بهاء كلماتها، وشغيلة محرريها وكتابها وقرائها ايضاً. كان الإمساك بصحيفة "كفاح الشعب" في ميلادها البكر عام 1935 كمن يمسك بجمرة من النار.. ذلك ان كل السلطات المتلاحقة كانت تخشى ما ينشر فيها، بوصفها تحمل خطاب المعدمين والمهمومين والمضطهدين.

إنها لسان حال الطبقة العاملة.. الأساس في بناء الحياة، وإن كانت هذه الحياة غير ميسورة أمامها، بل على العكس من ذلك، كانت كل وسائل الاضطهاد والتعسف يلاحق هذه الطبقة التي تعبر عنها "كفاح الشعب" وسواها من المطبوعات المتلاحقة، وصولاً إلى منابر الشيوعيين العراقيين الثلاثة: "طريق الشعب، "الثقافة الجديدة"، "الطريق الثقافي" إلى جانب المنابر المنتشرة في محافظات العراق.

الشيوعيون.. بناة وعي وحضارة وتقدم، وسائلهم سلمية، ومنابر رسائلهم واضحة، تستقي من بئر النظرية الماركسية سبيلاً من سبل النضال الباسل الذي خاضته عبر كل هذه السنوات القاسية.

من هنا، كانت شغيلة الفكر.. هم اللبنة الأولى التي يتعلمها كل من يخوض النضال الباسل مع الشيوعيين.. ولهذا السبب، بات هذا الحزب، يعد المرجع الأهم، لدراسة جذور وآفاق الحياة الثقافية في العراق.. حتى أصبح العامل والفلاح يعدان وجودهما، وجوداً مقترناً بالثقافة، بوصفها الأداة الفاعلة والحية في نشر الوعي بين كل افراد المجتمع، وإعدادهم لتغيير الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتربوية.. وصولاً إلى شعار حي ما زال يشكل راهنية الصحافة الشيوعية ممثلاً بـ "وطن حر وشعب سعيد".

ذلك أن حرية الوطن مرهونة بوعي ودراية ونباهة أبنائه، ووصول الشعب إلى حياة سعيدة منشورة، لا يمكن ان يمر الا عن هذا الطريق، طريق الوعي المسؤول والعقل المضيء الذي لا يمكن ان يستسلم للنداءات المبحوحة والكاذبة التي تعمل على تشويه الخطاب الحي الذي تحمله الصحافة الشيوعية.

وفي تجربتي الشخصية مع الصحافة الشيوعية التي نمت بالقراءة النهمة لكل تفاصيلها، ورصد كل كلمة مضيئة فيها؛ تطور هذا الخزين المعرفي بهذه الصحافة إلى النشر فيها.

وكان نشر قصتي القصيرة " خوبي " في العدد 51/ آب 1973 من مجلة "الثقافة الجديدة" نقطة تحول كبرى في حياتي الشخصية ومسيرتي الثقافية، ذلك ان النشر في مجلة راقية مثل "الثقافة الجديدة" التي تحمل أسماء نجوم كالدكتور صفاء الحافظ (صاحب المجلة) ومكرم الطالباني (رئيس تحريرها) وشمران الياسري (مدير ادارتها) يعني الشيء الكثير.

وفي الفترة الزمنية ذاتها كانت "طريق الشعب" تنشر عمودي الصحفي بتوقيع (فلان الفلاني) وهو الأمر الذي كان يعني بالنسبة لي الشيء الكثير وجعلني أعمد إلى إشغال وجودي كله للارتقاء بمسؤوليتي الثقافية والمعرفية لكي أكون على قرب من الأسماء الكبيرة التي عرفت برصانتها ومكانتها ورفعتها ومسؤوليتها ونضالها الذي دفعت ثمنه السجون والملاحقات والتعذيب ومن ثم البحث عن وطن آمن يمكن للإنسان ان يتنفس فيها رأيه.

وبين حضور وغياب وصمت وحسرات ويأس واحباط والقليل.. القليل من الآمال.. ظل خزين تعلمته من صحافة الشيوعيين يعمر الرأس وينعش القلب ويملأ الروح انشراحاً حتى كان تاريخ العمل في "طريق الشعب" يوم 28/ 4/ 2019 ومن ثم في " الثقافة الجديدة " في 15/ 9/ 2019، من الأيام الخالدة في مسيرة حياتي الثقافية التي اتشرف بها وأعنى بوجودها وأخلص لها وأتفانى من أجلها..

نعم، كان العمل مع اسرة الجريدة والمجلة، عملاً يرقى إلى ان يكون من أبهى وأجمل وأغنى وأعمق الأزمنة التي عشتها عبر مسيرتي الصحفية التي بدأت منذ العام 1964.

إن زمن العمل مع الشيوعيين في صحافتهم الوطنية التقدمية لا يقترن بالساعات الكسولة، ولا بالجهد المضني أبداً، وانما كان وسيظل الوجود الثري، أباهي نفسي به وأعده من أكثر الأزمنة السعيدة والبهية التي عشتها حتى أجدني أردد مع نيرودا: " أشهد أني عشت" ذلك ان العيش مع الشيوعيين وصحافتهم.. عيش زاده الكلمة النقية والموقف النبيل.. وكلاهما مسار عمل ومسار حياة كذلك.

*******************************************

الصفحة الحادية عشر

سلاماً لوردة الجوري.. وفاءً لـ{لطريق الشعب} 

كاظم الموسوي

أواصل ما كتبته في حلقة سابقة عن ايام وذكريات وصفحات في جريدة " طريق الشعب" ، بعنوانها البارز، وبمانشيتها العريض بالحبر الاحمر، برئاسة التحرير الرفيق عبد الرزاق الصافي (ابو مخلص) عضو المكتب السياسي. وصاحب الامتياز الرفيق ثابت حبيب العاني (ابو حسان)، عضو المكتب السياسي. انغمرت في شؤون السياسة كتابة وتحليلا وعرضا صحفيا، (واظبتُ على كتابة رأي وتحليل سياسي على العمود الأول من الصفحة الثانية باستمرار بتوقيع؛ أبو بشير) ولم أنقطع عن الأدب اهتماما وفعلا، حيث نشرت الشعر والنقد والقراءة الثقافية في الجريدة والصحافة العراقية والعربية المختصة، إلا ان الورشة اليومية، وجدية الاسهام في صحيفة شيوعية تشغل الكاتب، وتضمه إلى ماكنة الإنتاج الآلية، وواجباتها على حساب الزمن، والمهمات والنشاطات الاخرى. وتثير النشاطات المتميزة، كعادة عربية أو عراقية، "حسد" او "غيرة" بعض من العاملين او المشاركين في العمل الصحفي او الثقافي عموما، ويتجاوز بعض منهم حدوده ومحدوديته في مثل هذا الجانب او الزاوية. ولكن العمل الدؤوب والجدية في الأداء وحتى الحماس في القناعة بما كنت أكلف أو أقوم به، يجعلني لا أعير لها بالا كبيرا، ونلت تقديرا وشكرا من المسؤولين عن العمل، رئاسة وهيئة التحرير، على ما بادرت به أو انتجت عمليا وملموسا لاسيما حين تولي مهمة سكرتير التحرير، عند غيابه سفرا بمهمة او بإجازة اعتيادية، خلاف "الناعقين"!.

ساعات العمل مثل دوام الدوائر الحكومية، لكن الكثيرين لم يحسبوا لها او تعاملوا بها، خلاف بعض من توظف شعورا ومسلكا و"نضالا"، ولم يتقاعد في عمله. وقد كانت التضحية والإيثار سيدة الموقف، والالتزام والمسؤولية الجماعية والفردية في كل المجالات، من العمل في لسان الحزب إلى الهيئة الحزبية والاجتماعية.

مع وصول لفات/ رزم الأوراق القادمة من وكالات الأنباء كانت لقاءات الصباح اليومية تنفيذا للبرامج وتوزيعا للمهمات والتكليفات. اختص أبو خالد (فالح عبد الجبار) بالشؤون الدولية وأنا بالعربية. وكان المرحوم أبو علي (الشاعر رشدي العامل) يصلنا متأخرا كعادته، تفوح منه رائحة التعب والسهر يسأل عن مهمته ويحمل حصته التي أعدها له أبو خالد ويعود إلى خمارته ليرتوي بكسر خماريته، عند بار سينما النصر، وبعد فترة الغداء يعود حاملا تعليقا سياسيا، يثير استغراب غير العارفين به، في قوة سبكه ولغته، مغزاه، وهو في تلك الحالة من السكر والمعاناة والسياسة والشعر والمرأة.

وقبل ان يدخل الزميل "زكور" (إبراهيم الحريري) القسم تكون زقزقة جرس دراجته قد أعلنت وصوله. ويسرع إلى طاولته، ليكسر جدية المكتب وحاجز الصمت بفاتحته المعهودة، "أي... اكو الله" ويرددها لكل من يفتح الباب، خاصة من أعضاء "هتج" الذين يرتاح لهم! وقبل ان يودعنا يترك لنا مساهمته، تعليقا او تحليلا سياسيا لمواضيع ذات اهتمام او لأحداث بارزة، بأسلوبه المتميز، ولغته الهادئة، وخطه الواضح، ويسرع بدراجته للعمل الثاني.

يأتي الزميل عبد الإله النعيمي من عمله الأول، بعد الغداء، تصحبه حقيبته اليدوية الحافلة بالأوراق والملفات ليسطر ترجمة لما يختاره منها بالتشاور خلال سويعات. ويتعامل مع المواد حسب الأهمية والقيمة، والحدث والإضاءة لها.

في نهاية كل اسبوع يجرد كل قسم في قسيمة تثمين المشاركة في تحرير الصفحة وإنتاجيتها، كنت منتجا ومتفرغا بالكامل، وفي الساعات الأخيرة للعمل قبل العطلة الأسبوعية يبدأ التفكير والتشاور بجدول تنشيط خلالها، وبرنامج او فقرة ترفيه بعيدا عن الجدية المهيمنة، وتكليف من ينفذ ذلك، اذا تم الاتفاق، او ترك الأمر لكل منا ومشاريعه.

أجد كل صباح على طاولتي في القسم وردة جوري بكاس ماء. ولأنها فقط على مكتبي أثارت تعليقات، ولم تسلم من غمزات، ربما من الغيرة، وكنت فرحا بها رغم أني لم أعرف مقدمت(ها) ومراميها، "افتراضا"، حيث كانت تبعث الجمال في غرفة السياسة ورجالها "الخشنين"، ولو السياسة "فن"، ولها ايضا رموزها واشاراتها، والعاقل يفهم!.

ومع الرائحة الزكية للزهرة الصباحية، وهيل الشاي الذي يتسابق فتية طيبون، رفاق شباب، على توزيعه بأوقات معلومة، و"متاعب" الارشيف والإدارة والمطبعة، والترجمة والطابعة وغيرها، كانت رائحة النعناع طاغية في أكثر وجبات الغداء، التي كنا نتناولها في حديقة الجريدة الخلفية، التي تعدها الادارة بمشاركة رمزية من المحررين، وبمودة عائلية لأسرة التحرير. (وكانت تساعد بها اضافة إلى عملها الاساس في الجريدة المرأة المضحية ام جاسم).

وددت هنا الاشارة فقط إلى أقسام أخرى في الجريدة، واتمنى ان يكتب عنها من بقي حيا من الرفاق العاملين فيها. فإضافة إلى القسم الأكبر في الجريدة، الذي يحرر صفحات عدة تبدأ من حياة الناس والعمال والفلاحين والطلبة والشباب والمرأة ومختصات النقابات المهنية وما يرتبط بها، وهو القسم الذي يضم عددا كبيرا من المحررين والمساهمين والمنتدبين والمتعاونين، وبمسؤولية الراحل عبد السلام الناصري، عضو المكتب السياسي وعضو هيئة التحرير، وسكرتارية الرفيقين مخلص خليل وزهير الجزائري وربما آخرون. ولابد من ذكر قسم الادارة والمالية، حيث لا يختلف عن غيره من أركان العمل الإداري، شاملا إعداد وجبات الطعام والشاي والاستعلامات والحراسة والنقل وغيرها من شؤون عمل القسم.

وكذلك هناك قسم آخر من الجنود المجهولين في الجريدة وهو قسم الأرشيف، في تلك الأيام وصعوباته وتعقيدات العمل اليومي فيه، أعرف فيه الرفيقة سهام الظاهر، ومعها رفيقات ورفاق اخرون، لا أتذكر أسماءهم الان. وبالتأكيد تبتعد اسماء رفاق آخرين كانوا الجنود المجهولين في حياة الجريدة اليومية، كما في تحرير الصفحة الاولى وظروفها ومتطلباتها، وكذلك الصفحات، الأخيرة والرياضية والمنوعات…

الحياة في صحيفة طريق الشعب لم تكن كلها ماكنة عمل اعلامي وسياسي، فهناك لقاءات اجتماعية وعائلية نهاية كل اسبوع، وبداية الشهر، وسفرات القسم والجريدة الجماعية، كلها محطات استراحة، فيها ذكريات أيضا، ولها معان!. من بين تلك السفرات، سفرة إلى جزيرة ام الخنازير، على سفينة صغيرة، وكان عريف السفرة والحفل، الزميل عبد المنعم الأعسم، (أبو حارث)، وكان يردد جملا محددة، اصبحت محفوظتنا المتداولة حتى بعد تلك السفرة التاريخية. وكانت فرقة (العتابي) الموسيقية، مديرة القسم الفني في كل السفرة وكذلك في الاحتفالات الأخرى.

رغم تقادم الزمن، وتباعد المسافات، ما زلت اشم رائحة الوردة والنعناع، وأتخيل صورة الحديقة، والسفرات، ووجوه العاملين في الطريق بمحبة ومودة واعتزاز.. فهل ستعود تلك الايام؟ التقيت ببعضهم في فصائل الأنصار أيامها، وبعدها في المنافي العديدة، لكن في المنافي دروبا كثيرة. منهم من أكمل دراسته وعمل بشهاداته، ومنهم من واصل العمل الصحفي في المؤسسات الاعلامية، وأبرزها الفلسطينية، ايام انفتاحها الإعلامي وانتشارها وتنافسها الفصائلي، وتدرج في درجات الرقي الوظيفي والمالي والعناوين الإدارية أو الإعلامية المؤشر لها، ومنهم من اغرقته المنافي في لجتها وترتيباتها، وتلك سنة الحياة.

كانت طريق الشعب مدرسة، تعلّم فيها كل من دخلها عاملا ومتفرغا في صفحاتها، وعاش متاعب العمل في صحيفة سياسية في ظروف غير سياسية، بمعناها الطبيعي.

 وآخر الأمر لابد من القول ان ما كتبته لمناسبة ملف عن "طريق الشعب" عام 1994، وأعدت نشره مع إضافات له، احتفاء ورسالة ذكرى وتذكير في كلمات من دفتر الأحوال، لابد من الاشارة إلى أن بعض الأسماء التي وردت رحل عنا وافتقدناه، (كنت قد ذكرتهم في صفحات سابقة): شمران الياسري، هاشم الطعان، إبراهيم اليتيم، خالد السلام، عبد اللطيف الراوي، رشدي العامل، يوسف الصائغ، سعود الناصري، رجاء الزنبوري، حميد بخش، ماجد عبد الرضا، أم الجاسم، وسامي حسن، ومؤخرا صادق البلادي، وفالح عبد الجبار، وعبد الرزاق الصافي، وعبد السلام الناصري، وصباح الشاهر، ومصطفى عبود، وإبراهيم الحريري، وفائق بطي، ونوزاد نوري، وربما غيرهم، اعتذر لعدم تذكرهم، خاصة الجنود المجهولين في العمل الإعلامي او الإداري او ما يرتبط بهما من أعمال ليست بسيطة أو سهلة في تلك الايام، وأدعو بالرحمة للجميع.

سألت صديقي اذا يتذكر اسما لرفيق رحل ولم اذكره، كعادته أخذ يردد شعرا للإمام علي:

تُؤَمِّلُ في الدُّنْيا طويلاً ولا تدري ***   إِذا حَنَّ لَيْلٌ هَلْ تَعْيشُ إلى الفَجْرِ

فكم مِنْ صَحِيْحٍ مَاتَ مِنْ غَير عِلَّةٍ *** وَكَمْ مِنَ عَلِيْلٍ عَاشَ دهرا إلى دَهْرِ

وَكَمْ مِنْ فَتىً يُمْسِي وَيُصْبِحُ آمِنا  ***   وَقَدْ نُسِجَتْ أَكْفَانُهُ وَهْوَ لاَ يَدْرِي

**********************************************

صحافتنا السريّة في الداخل.. الحقيقة انموذجا

عبد السادة البصري

عندما تكون الكلمة تعبيراً حقيقياً وصادقاً عن مشاعر الناس وما يعيشونه بكل تفصيل وبلا تزويق وتصنّع وتكلّف ولا تزييف للحقيقة والوقائع يتلقّفها الناس بكل محبّة ويسكنونها القلب لتكون لسان حالهم دائماً، هكذا كانت صحافة الحزب الشيوعي العراقي منذ انطلاقتها الأولى عام 1935 وليوم الناس هذا!!

في تسعينيات القرن المنصرم وبعد فترة قصيرة لخروجنا من الاعتقال في منتصف عام 1993 الذي قضينا فيه سنة كاملة، تم اعتقال مجموعة من أصدقائنا البصريين، فلازمنا القلق والتوجّس من إعادة اعتقالنا مرّة أخرى، صرنا نتوجّس خيفة من كل شيء كون المعتقلين من أصدقائنا المقرّبين جداً، مرت الأيام والشهور فتمّ الإفراج عنهم لنعرف أنهم اعتقلوا لأنهم كانوا يصدرون صحيفة سريّة في زمن اعتقالنا تتحدّث بلسان حال الشيوعيين في الداخل والخارج وحتى المعتقلين أمثالنا أطلقوا عليها اسم (الحقيقة) هذه الصحيفة التي أقضّت مضاجع السلطة البعثية الفاشية وأزلامها، وضمن برنامجنا في المكتب الإعلامي لمحلية البصرة وملتقى جيكور الثقافي للاحتفال بالذكرى التسعين لتأسيس الصحافة الشيوعية استضفنا أحد رفاقنا الذين كان لهم دور كبير في إصدارها وتوزيعها، انه الرفيق عباس الجوراني حيث قال في استذكاره لتلك الأيام-

الحقيقة تعبير عن يقين الشيوعيين بضرورة التواصل مع شعبهم وفيما بينهم حيث شكّلت انتفاضة الشعب عام 1991 حافزاً لانبثاقها بجهود رفاق الفرات الأوسط بقيادة الرفيق الفقيد زهير ناهي الحسناوي (أبو ظافر)، وسرعان ما توسّعت بتوسّع التنظيم ووصوله إلى المحافظات الجنوبية، فكان حي الفرات (آل خليفة) مكاناً ربضت به الطابعة بين حنايا الوكر الذي حرسته عيون وآذان تلك العائلة المضحيّة (عائلة أبو ظافر) لتنشر أريجها فوّاحاً يغطّي بغداد وكل الفرات الأوسط ومحافظات الجنوب وخاصة البصرة، التي ثارت بها ثائرة أجهزة الآمن الصدّامي وحزبها الفاشي، حيث تسبّبت بقيام المجرم اللواء مهدي الدليمي بمعاقبة أعداد غير قليلة من المنتسبين ما بين نقل وتأخير علاوات، في زمنٍ كان الحصول فيه على (بند) ورق من المكتبات يثير آلاف الشكوك والمتابعات كما أن نقل نسخ العدد الصادر منها ما بين ريف الديوانية ومركز البصرة عبر المرور بــ(16) سيطرة أمنيّة بمثابة معجزة، ومع كل المخاطر هذه ظلت الحقيقة آصرة قويّة بين الشيوعيين في الداخل وقيادة حزبهم في شقلاوة، وكذلك وسيلة تنوير لشعبهم مسلّطة الضوء على جرائم الحكم وفضح جرائم النظام الفاشي بحق الشعب والوطن.

وأشار الجوراني في حديثه أن الصحيفة كانت تنشر كل الأحداث والوقائع في الداخل والخارج مشيراً إلى تعاون الرفاق والأصدقاء في إصدارها وتوزيع بعض النسخ سراً وبشكل انفرادي فيما بينهم حيث قال :-

المواد المرسلة للصحيفة  من البصرة ما بين سياسية وثقافية وأدبية ساهم فيها الرفاق خالد السلطان وعباس الجوراني ومحمد البطّاط ورسام الكاريكاتير  الفقيد داود الر بيعي، وكذلك ساهم معنا الصديق الروائي جابر خليفة جابر وآخرون .

استمرّت الحقيقة بالصدور من خلال تفاني كادرها العاملين فيها مباشرة أمثال عائلة الفقيد أبي ظافر وآخرين، وقد كانت تُنقل إلى البصرة عبر (علّاقة) من أشرطة النايلون الملوّنة والمصنّعة بطريقة فنيّة، حيث تم عمل جيب سرّي في هذه العلّاقة ليتمّ تطبيق وكبس 9 نسخ ووضعها في أكياس نايلون بطريقة لا تثير الشك والريبة ثم وضعها داخل الجيب السرّي في أسفل العلّاقة التي غالباً ما تكون محمّلة بالفواكه والرُطَب.

كانت تصدر شهريا، حيث  صدر منها (20) عدداً قبل أن يتمّ اعتقال جميع أعضاء التنظيم في الداخل بوقت واحد وتتوقف عن الصدور،  لكنّها عادت للصدور وبشكل علني أسبوعياً بعد سقوط النظام الفاشي في آذار 2003 بإشراف محليّة البصرة للحزب واستمرّت لمدة سنتين .

الصحيفة هذه كانت النواة الحقيقية لانطلاق مجلّة الغد التي ما تزال تصدر عن محليّة البصرة كل شهرين حاملة بين طيّاتها فكر الحزب وهموم الناس وصوراً حيّة عن واقع الناس جميعاً بكل أبوابها حالها حال أي صحيفة أو منشور من منشورات الحزب الإعلامية والثقافية ،بوركت صحافتنا الشيوعيّة السرّية التي كانت مشاعل تنوير لجميع الناس.

********************************************

في لاهاي.. حفل بهيج في عيد الثورة المجيدة

لاهاي - مجيد إبراهيم

أقامت تنسيقية التيار الديمقراطي العراقي في هولندا، بالتعاون مع اتحاد الجمعيات الديمقراطية العراقية (البلاتفورم)، حفلا بهيجا بالذكرى 67 لثورة 14 تموز، وذلك على حدائق "فلاسْ كامبْ" في لاهاي .

وبحضور جمع متنوع من بنات وأبناء الجالية العراقية في هولندا، رحبت السيدة باسمة بغدادي بالحضور الكريم. ثم طلبت من الجميع الوقوف دقيقة صمت في ذكرى شهداء الثورة وشهداء غزة الباسلة وضحايا كارثة الكوت المروعة.  بعدها توات الكلمات في المناسبة العزيزة. حيث ألقت السيدة فاطمة العتابي كلمة اتحاد الجمعيات الديمقراطية العراقية، وأشارت فيها إلى أسباب اندلاع الثورة، وإلى ضرورة تغيير الأوضاع القائمة آنذاك. ثم ألقى الرفيق قاسم العثماني كلمة منظمة الحزب الشيوعي العراقي في هولندا وبلجيكا، ونوّه فيها إلى أهمية المناسبة باعتبارها حدثا تاريخيا فاصلا في حياة البلاد. كما توقف عند حال الوطن حيث تعصف به الأزمات المتناسلة. وأشار لدعوة الحزب إلى أوسع تحالف مدني ديمقراطي يسعى لإقامة الدولة المدنية الديمقراطية.

ثم ألقى الأستاذ هشام خلف كلمة التيار الديمقراطي العراقي في هولندا، واستذكر فيها بفخر واعتزاز ثورة تموز، مستعرضا مسيرتها وإنجازاتها.

وكان للأدب والفن نصيب في الاحتفالية. فقد ألقت الشاعرة وئام السوادي قصيدة تغنت بالوطن وتموز. وشارك الفنان ستار الساعدي وفرقته في موسيقى وغناء شجيّ وطني وعاطفي، أخذ بذاكرة الحاضرين الجمعية إلى معالم الوطن العزيز. كما قدّم الفنان سعد عزيز دحام مشهدا مسرحيا مؤثرا عن ذكرى الثورة.

هذا وسادت أجواء الحفل المسرّة والبهجة الغامرة، وانغمر الجميع في استذكار أيام تموز، واستعراض ما أنجز في عمر الثورة القصير.

********************************************

شيوعيو نينوى يزورون مديرية السجناء السياسيين

الموصل – طريق الشعب

زار وفد من لجنة العلاقات التابعة إلى اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في نينوى، مديرية السجناء السياسيين في المحافظة، لمناقشة أوضاع السجناء السياسيين وحقوقهم القانونية. وكان في استقبال الوفد، المدير أكرم الحمداني، الذي أكد أن مديريته لعبت دورا إيجابيا في استحصال حقوق أعضائها من السجناء السياسيين المشمولين بقانون المؤسسة، من خلال متابعة إنجاز معاملاتهم.

وأوضح أن المستفيدين من هذا القانون في نينوى، يزيد عددهم على ألفي شخص. فيما أثنى على دور الحزب الشيوعي العراقي في متابعة قضايا المواطنين بشكل عام.

وقدمت لجنة العلاقات ممثلة بسكرتيرها، الشكر إلى المديرية على جهودها في إنجاز معاملات السجناء. فيما سألت المدير عن شمول العسكريين المفصولين من الخدمة من غير المحكومين، بقانون المؤسسة، وعما إذا كان المقيمون خارج العراق منهم يستطيعون تقديم معاملات للشمول بالقانون.

وقد أجاب الحمداني عن السؤال مبينا أن هناك منصة الكترونية يستطيع عبرها المواطن تقديم معاملته، وبالنسبة للعسكريين يستوجب توفير اسباب الفصل، بعدها تُحدد امكانية الشمول من عدمها. وفي الختام، أهدت اللجنة مديرية السجناء، نسخا من "طريق الشعب".

*********************************************