الصفحة الأولى
نائب يدعو لمساءلة الحكومة عن 420 تريليون دينار.. غياب الحسابات الختامية مؤشر على الفوضى وسوء الإدارة
بغداد -محمد التميمي
برغم مرور أكثر من عقدين على التغيير السياسي في العراق، ما تزال الحكومات المتعاقبة تُحجم عن تقديم الحسابات الختامية للموازنات، برغم الإلزام الدستوري والقانوني، في سلوك بات يُنظر إليه على نطاق واسع كغطاء لتبرير الفوضى وحتى الفساد في إدارة المال العام، والتستر على اختلالات مالية باتت متجذّرة في بنية الدولة بعد عام 2003.
ويحذّر خبراء اقتصاديون من أن هذا الإخفاق تجاوز كونه قصورا إداريا فحسب، بعد ان أصبح يُعد ممارسة ممنهجة لإخفاء الانحرافات المالية، ويكرّس منطق الإفلات من المساءلة، ويُضعف أدوات الرقابة البرلمانية، في وقت تتصاعد فيه الدعوات لتصحيح المسار المالي، واعتماد الحوكمة الرشيدة
وفي تشرين الثاني من العام 2023 أصدرت المحكمة الاتحادية العليا قرارا يلزم الحكومة بتقديم الحسابات الختامية مع كل موازنة ترسل الى البرلمان، بناءً على الدعوى التي أقامها سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي رائد فهمي، بعد خوضه الكثير من جولات المرافعات القضائية لحسم هذا الملف، إلا أن الحكومة التي لم ترسل جداول موازنة 2025 حتى الآن الى مجلس النواب، لم تلتزم بهذا القرار، لتضاف هذه السنوات الى سنوات ماضية لم تنجز فيها الحسابات الختامية لغاية اليوم.
تحدٍ للحكومة
واتهم النائب ياسر الحسيني، الحكومة بعدم الالتزام بمبدأ الشفافية المالية، متسائلًا عن مصير الحسابات الختامية للعامين الماضيين، والتي قال إن إنفاقها تجاوز 420 تريليون دينار.
وفي منشور له على صفحته في فيسبوك قال الحسيني: “بعد مقتل البرلمان بنيران الحكومة، نتحدى السوداني أن يرسل الحسابات الختامية للسنتين الماضيتين والتي كانت أكثر من 420 ترليون دينار”.
تجاهل دستوري
في هذا الصدد، أكد الخبير الاقتصادي عبد الرحمن الشيخلي أن الحسابات الختامية، التي تُعد وتُدقّق من قبل ديوان الرقابة المالية، تُعد من أبرز أدوات الشفافية المالية، وتشكّل ركيزة أساسية لضمان سلامة الإنفاق العام ومنع الفساد والعبث في صرف مستحقات الموازنة.
وأوضح، أن الدستور العراقي أشار بوضوح في المادة (62/أولاً) إلى أهمية هذه الحسابات، معتبراً أن عدم تقديمها يمثّل خرقاً دستورياً يُحاسب عليه قانوناً. كما أشار إلى أن هذا الإخلال يتعارض صراحةً مع المادة (34) من قانون الإدارة المالية رقم (6 لسنة 2019)، والتي تنص على وجوب تقديم الحسابات الختامية من قبل المؤسسات الحكومية إلى مجلس الوزراء، تمهيداً لرفعها إلى مجلس النواب.
واعتبر الشيخلي في حديث لـ "طريق الشعب"، الامتناع عن إرسال الحسابات الختامية "خرقاً فاضحاً للدستور وتجاوزاً قانونياً، يجب أن تُحاسب عليه الجهات غير الملتزمة"، مشيراً إلى أن "الحكومات المتعاقبة بعد عام 2003 سعت للتهرب من كل ما من شأنه تعزيز الشفافية، في محاولة للتغطية على تفشي الفساد المالي والإداري الذي استفحل بعد الاحتلال الأميركي".
وأضاف أن غياب هذه الحسابات "يتيح المجال لاستخدام المال العام لأغراض لا تتطابق مع أبواب الموازنة، ويُسهم في توجيه الموارد نحو الكسب السياسي والدعاية الانتخابية، بل وربما لأغراض شخصية، على حساب المصلحة العامة".
واتم الشيخلي حديثه بالتحذير من استمرار هذا النهج، مشدداً على أنه "يعيق رسم سياسات مالية دقيقة، ويفاقم حالة الفوضى المالية، لذا بات من الضروري اعتماد سياسات واضحة للحوكمة الرشيدة وتعزيز الرقابة والمساءلة داخل مؤسسات الدولة".
وقال إنه “على مستوى الأسرة الصغيرة ستواجه مشاكل جمة في حالة غياب الشفافية، فكيف بدولة بحجم العراق تُدار وفق أهواء المتنفذين السياسيين، بعيداً عن أي اعتبار للمصلحة الوطنية؟”.
إفلاتٌ من المساءلة والرقابة
من جانبه، أكد المختص في الشأن الاقتصادي صالح الهماشي أن عدم الالتزام بتقديم الحسابات الختامية، يمثّل أحد أخطر مظاهر الفوضى المالية في العراق، لما يشكله من تهرّب مباشر من المساءلة القانونية والمؤسساتية، وتغييب متعمد للرقابة البرلمانية على الإنفاق العام.
وأوضح الهماشي أن الحسابات الختامية "تُعد بمثابة المرآة التي تعكس الأداء المالي الفعلي للحكومة، بعيداً عن الأرقام التخطيطية المجردة، ومن دونها لا يمكن التحقق من مدى الالتزام بأبواب الموازنة، أو كشف الانحرافات المالية وتحديد المسؤولين عنها".
وأشار في حديث لـ"طريق الشعب"، إلى أن هذا الإهمال المتعمد يتسبب بـ”تدوير الفساد بدل تدوير الفائض حيث يُستغل غياب البيانات الختامية في إعادة توجيه الأموال العامة لجهات نافذة أو لمشاريع وهمية، ما يسهم في ترسيخ بيئة مالية غير منضبطة تخدم مصالح ضيقة على حساب المصلحة الوطنية".
وأضاف الهماشي، أن المادة (34) من قانون الإدارة المالية ألزمت صراحةً جميع الجهات بإعداد وتقديم حساباتها الختامية، وأن عدم الالتزام بذلك لم يُعد فقط مخالفة قانونية، بل يمثل أيضاً مؤشراً على خلل جوهري وهذا الخلل تحول الى سلوك"، داعياً إلى "تفعيل الأدوات الرقابية، سواء من البرلمان أو من ديوان الرقابة المالية، لمواجهة هذا التراخي الخطير".
واعتبر الهماشي أن “استمرار تغييب الحسابات الختامية يُبقي المالية العامة في دائرة العتمة، ويُفرغ الموازنات من مضمونها الرقابي، بل ويحوّلها إلى أداة للترضية السياسية والمحاصصة، بعيداً عن منطق الكفاءة والعدالة في توزيع الموارد”.
وفرغ الى القول أن “التحول نحو شفافية مالية حقيقية لا يبدأ بطرح الخطط الرنانة، وانما بإرساء الالتزام الصارم بالحسابات الختامية وتقديمها للرأي العام”، مشدداً على أن “أي إصلاح اقتصادي جاد لا يمكن أن ينهض في ظل دولة لا تلتزم مؤسساتها بأبسط معايير الشفافية والإفصاح المالي”.
الاتحادية تلزم والحكومة تتجاهل!
وفي حديث سابق للمحامي زهير ضياء الدين، الى "طريق الشعب"، أكد أن "الالزام الذي صدر عن المحكمة الاتحادية يضع الحكومة امام مسؤولية انجاز الحسابات الختامية، وحتى من دون قرار المحكمة الاتحادية يجب على الحكومة والبرلمان انجاز الحسابات الختامية".
وأوضح ضياء الدين، ان "الدولة ومؤسساتها ملزمة بتقديم الحسابات الختامية للسنة السابقة مع كل موازنة ترسل الى مجلس النواب، لغرض تدقيقها ومعرفة تفاصيلها لغرض تشخيص الخلل ومعرفة وجه القصور، لكن هذا الموضوع مهمل بشكل كبير ومنذ سنوات".
********************************************
الحزبان الشيوعيان العراقي والكردستاني.. يبحثان التنسيق المشترك والتحديات الراهنة
بغداد _ طريق الشعب
استضاف الحزب الشيوعي الكردستاني، اجتماعاً مشتركاً للمكتبين السياسيين للحزبين الشيوعيين العراقي والكردستاني، في اربيل، أمس الاربعاء، لبحث آخر التطورات في العراق وكردستان والمنطقة.
وافتتح الرفيق عبد الرحمن فارس (ابو كاروان) سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الكردستاني، الاجتماع مرحبا بالرفاق الحضور، فيما تطرق الى اهمية الاجتماع في هذه الفترة التي تلت انعقاد المؤتمر الثامن للحزب، لغرض ادامة التواصل بين الحزبين، وتفعيل آليات العمل والتنسيق المشترك.
بعدها قدم الرفيق رائد فهمي سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي التهاني للشيوعيين الكردستانيين في مناسبة ذكرى اعلان الحزب الـ ٣٢ وانتهاء اعمال مؤتمره الثامن بنجاح.
وتطرق اللقاء الى الاوضاع السياسية في العراق، حيث تزداد حالة الاسنداد السياسي التي قادت الى تدهور الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية للغالبية العظمى من الشعب العراقي، فيما تتحسن اوضاع القلة الحاكمة والمقربين منها شيئاً فشيئاً على حساب ثروات البلد واستقراره.
وتناول الاجتماع التحضيرات الجارية للانتخابات النيابية في تشرين المقبل، وجرى التطرق الى اهمية ضبط العملية الانتخابية وتطبيق شامل لقانون الاحزاب ومكافحة شراء الاصوات واستخدام المال السياسي. وشدد على اهمية خوض حملة انتخابية تحقق الحضور للتحالفات السياسية التي يشارك فيها الشيوعيون.
وعلى صعيد الأوضاع في اقليم كردستان، بحث الاجتماع حالة الشلل السياسي وعدم تكليف حكومة جديدة، لغياب التقارب بين الحزبين الكردستانيين الحاكمين، وما زال عمل مجلس النواب معطلاً نتيجة لغياب الاتفاق.
ودعا الاجتماع الحزبين الحاكمين الى الاسراع في حل الاشكاليات العالقة وتجاوز الازمة الراهنة.
وتناول المجتمعون المشكلات العالقة بين الحكومة الاتحادية وحكومة الاقليم، بجوانبها القانونية والسياسية، والتي ادت الى عدم توزيع رواتب الموظفين والمتقاعدين لمرات عديدة، ما قاد الى تضرر شرائح واسعة من المواطنين في الاقليم، وتحميلهم مصاعب اقتصادية واجتماعية ثقيلة.
وتناول الاجتماع ايضاً العلاقة بين الحزبين، وآليات التعاون والتنسيق بين مختلف اللجان التنظيمية والاختصاصية.
وتوصل الاجتماع الى جملة من القرارات التنظيمية التي سيجري متابعتها في المستقبل.
*****************************************
راصد الطريق.. مولدات وهمية.. الفساد يُضيء جيوب المتنفذين!
في حلقة جديدة من سلسلة الفساد المتجذر في مؤسسات الدولة العراقية، كشفت تقارير صحفية عن فضيحة تتعلق بوجود مولدات كهربائية وهمية مسجلة رسميًا ضمن قوائم وزارة النفط (الشركة العامة لتوزيع المنتجات النفطية)، وتتلقى حصصًا منتظمة من وقود "الكاز" المجاني والمدعوم في وقت لاحق، من دون أن يكون لها أي وجود فعلي على الأرض.
هذه المولدات، التي لا تتجاوز كونها أسماءً على الورق، تحوّلت إلى بوابة للتربّح غير المشروع، إذ يتم بيع الوقود المخصص لها في السوق السوداء بأسعار مضاعفة، بتواطؤ من بعض موظفي الدولة وتسهيلات إدارية مشبوهة.
التقارير تشير إلى أن هذه الشبكات لا تعمل لوحدها، بل هي مرتبطة بجهات محلية متنفذة، تستغل نفوذها لتوقيع المستندات الرسمية والتلاعب في سجلات التوزيع، ما يؤدي إلى حرمان المولدات الأهلية العاملة فعلا من حصصها المشروعة.
ليست هذه الفضيحة مجرد انحراف فردي أو ثغرة إدارية عابرة، بل هي تجسيد واضح لتحوّل مؤسسات الدولة إلى شريك فعلي في نهب ثروات العراقيين.
فحين يُمنح الوقود المجاني لمولدات غير موجودة، ويُباع في السوق السوداء أو يهرّب، فهذا لا يعكس فقط ضعف الرقابة، بل تواطؤًا مفضوحًا مع شبكات الفساد، ويؤشر الى امتداده العمودي والافقي.
إن صمت الجهات الرقابية وعدم إعلان أية نتائج حقيقية من لجان التحقيق المتكررة، يكشف أن هذا الملف محاط بجدار سميك من الحماية السياسية لفاسدين يسيطرون على مواقع صنع القرار.
****************************************************
البصرة تغرق بالمشاريع المتوقفة
بغداد – تبارك عبد المجيد
وجّه رئيس الوزراء محمد شياع السوداني في 19 حزيران الماضي بتشكيل لجنة مختصة لدراسة أسباب انتفاء الحاجة إلى 28 مشروعاً في محافظة البصرة، على الرغم من صرف مبالغ مالية وإنجاز نسب متفاوتة في بعضها. يأتي هذا التوجيه في ظل تصاعد الانتقادات حول توقف عدد كبير من المشاريع التنموية في المحافظة، وغياب الرقابة الفعالة، ما أسهم في تأخر التنفيذ وهدر الموارد.
**********************************************
الصفحة الثانية
المفوضية تحذر المرشحين من استغلال ممتلكات الدولة
بغداد ـ طريق الشعب
أكد رئيس الفريق الإعلامي في المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، عماد جميل، أن المفوضية تتابع بشكل دقيق خروقات الدعاية الانتخابية، محذرًا من استغلال المرشحين أو الأحزاب لممتلكات الدولة أو التلاعب بالناخبين، خاصة الفئات الفقيرة.
وقال جميل في حديث صحفي، إن "المفوضية شكّلت لجانًا مركزية في المكتب الوطني ولجانًا فرعية في مكاتب المحافظات لمراقبة أي خروقات تتعلق بسير العملية الانتخابية، وهناك تعاون مع وزارة الهجرة والمهجرين لتسجيل النازحين ومراقبة أوضاعهم الانتخابية"، مشددًا على أن "أي محاولة لاستغلال هذه الفئات تعد مخالفة لنظام الدعاية الانتخابية، وتعرّض المرشح للمساءلة، وقد تصل العقوبة إلى استبعاده من الترشح".
وأشار إلى أن "المفوضية تتعامل بحزم مع أي محاولات للتلاعب ببطاقات الناخبين، وتقوم بإحالة الأطراف المتورطة – سواء كانت مرشحين أو جهات سياسية – إلى القضاء"، مؤكدًا أن "الإجراءات المتخذة في هذا الجانب شديدة وحازمة".
وحول المخاوف من استغلال موارد الدولة لأغراض انتخابية، أوضح جميل أن "المفوضية تجري اجتماعات تنسيقية مع هيئة النزاهة وديوان الرقابة المالية لمتابعة هذه الملفات، مذكّرًا بأن الانتخابات السابقة في عام 2021 شهدت رصد عدة حالات استغلال لأموال وممتلكات الدولة من قبل مرشحين، وهو ما لن يُسمح بتكراره".
واختتم جميل بالتأكيد على أن "المفوضية تراقب جميع الظواهر المرتبطة بالعملية الانتخابية، وتحذر بشدة من استثمار نفوذ الدولة أو مؤسساتها الرسمية في الترويج الانتخابي"، داعيًا "الجميع إلى الالتزام بالقوانين لضمان انتخابات نزيهة وشفافة".
******************************************
الرقابة معطلة ومقاولون يربحون عشرة أضعاف البصرة تغرق بالمشاريع المتوقفة
بغداد – تبارك عبد المجيد
وجّه رئيس الوزراء محمد شياع السوداني في 19 حزيران الماضي بتشكيل لجنة مختصة لدراسة أسباب انتفاء الحاجة إلى 28 مشروعاً في محافظة البصرة، على الرغم من صرف مبالغ مالية وإنجاز نسب متفاوتة في بعضها. يأتي هذا التوجيه في ظل تصاعد الانتقادات حول توقف عدد كبير من المشاريع التنموية في المحافظة، وغياب الرقابة الفعالة، ما أسهم في تأخر التنفيذ وهدر الموارد.
الرقابة معطلة
وقال مراقبون، أن ضعف الرقابة الشعبية والحكومية، وصعوبة الوصول إلى أصحاب القرار المسؤولين عن تنفيذ العقود، أدى إلى غياب المحاسبة ومواصلة التلكؤ في تنفيذ المشاريع. كما أبدوا قلقهم من عدم وضوح تفاصيل هذه المشاريع وأصحاب العقود المتعاقد معهم، ما يعزز مخاوف الفساد وسوء الإدارة.
وقال عمار سرحان، مراقب للشأن المحلي، ومدير منظمة بصرياثا، إن أغلب المشاريع المتلكئة والمتوقفة في المحافظة تعود إلى الوزارات الاتحادية، مشيراً إلى أن "ضعف الرقابة سواء الشعبية أو الحكومية يعد السبب الرئيس وراء هذا التلكؤ".
وأضاف سرحان في حديث لـ "طريق الشعب"، أن "الجهات الرقابية تجد صعوبة كبيرة في الوصول إلى صاحب القرار المسؤول عن تنفيذ هذه المشاريع والعقود، مما يؤدي إلى غياب المحاسبة".
وتابع أن "نحو 90 في المائة من المشاريع الوزارية في البصرة متلكئة، في حين أن النسبة في العاصمة بغداد لا تتجاوز 10 في المائة ما يعكس فجوة كبيرة في مستوى الأداء والمتابعة بين المركز والأطراف".
وفي المقابل، أشار إلى أن بعض المشاريع المحلية التي نفذتها الحكومة المحلية في البصرة حققت نجاحات ملموسة، مشددا على ضرورة تعزيز التنسيق بين المحافظات من خلال هيئة التنسيق المشترك، والتي يُفترض أن تلعب دورا شفافا في عرض ومتابعة المشاريع المنفذة".
وأشّر سرحان عددا من المشاريع المتلكئة، من بينها مشروع مجمعات سكنية تابع لوزارة الإعمار والإسكان، ومشروع لتحلية المياه، بالإضافة إلى مشروع "مدينة النخيل السكنية" الذي بدأ في عام 2013 وتوقف دون إنجاز يُذكر.
واختتم حديثه بالقول: "هناك مئات المشاريع في البصرة تعاني من الإهمال أو تم إيقافها دون مبررات واضحة، ما يتطلب وقفة جادة من الجهات المعنية ومراجعة شاملة لآليات الرقابة والتنفيذ على مستوى المشاريع الوزارية".
الاعمار والإسكان: ليست مشاريعنا
وتواصل مراسل "طريق الشعب" مع وزارة الإعمار والإسكان للاستيضاح بشأن المشاريع المُشار إليها خلال اجتماع رئيس الوزراء بالهيأة العليا للتنسيق بين المحافظات، حيث أوضح المتحدث باسم الوزارة، المهندس نبيل الصفار، أن تلك المشاريع لا تعود للوزارة: انها "تابعة للحكومة المحلية في البصرة". دون الإشارة الى نوعية المشاريع وتفاصيلها.
وأوضح الصفار، في حديث لـ"طريق الشعب"، أن هناك مشاريع تنفذها الوزارة في المحافظة، منها مشروع إنشاء جسر الشهيد عز الدين ومشروع إزالة الجسر الحديدي المؤقت وإنشاء جسر العلي الكونكريتي ضمن قطاع الطرق والجسور.
وتابع الحديث عن قطاع المجاري بالقول: ان "المديرية العامة للمجاري تُشرف على تنفيذ المرحلتين الرابعة والخامسة من مشروع محطة المعالجة (مركز تصفية حمدان)، بينما تتولى المديرية العامة للماء المرحلة الأولى من مشروع ماء البصرة الكبير".
وأشار الى انه في ما يخص قطاع الإسكان فان "العمل مستمر على إنشاء مجمع شط العرب 2 السكني. كما تنفذ شركة الفاو الهندسية العامة عدداً من المشاريع لصالح المحافظة، منها إعادة إنشاء وتأهيل محطة تعبئة وقود المربد الحكومية، وإنشاء مدرسة الأحرار (18 صفاً) في حي الأحرار".
فساد واضح ومفسدون في الظل!
الناشط السياسي حكيم العيداني، قال لـ"طريق الشعب"، أن مستوى المشاريع المنفذة في محافظة البصرة لا يرتقي إلى حجم الخيرات التي تمتلكها المحافظة، مؤشر تقصيرا واضحا في المتابعة والرقابة من قبل ممثلي البصرة في مجلس النواب وأعضاء مجلس المحافظة. واضاف العيداني، "إذا أردنا تقييم المشاريع في البصرة، فسنجد أنها قليلة جدًا مقارنة بما تستحقه المحافظة من خدمات وبنى تحتية. في المقابل، نشهد هدرا كبيرا في المال العام، والسبب في ذلك يعود إلى ضعف المتابعة من نوابنا وأعضاء مجلس المحافظة".
وأشار إلى أن بعض المقاولين يستغلون هذا الغياب في الرقابة لتحقيق أرباح خيالية، موضحا انه "قد يُمنح المقاول مشروعا بكلفة مليار دينار، لكنه يسجله على الورق بعشرة مليارات. هذا الفرق الكبير يمر بسبب غياب الدور الرقابي الفعّال من الجهات المعنية".
الارباح تتضاعف عشر مرات
واسترسل المتحدث بأن "أحد الجسور في المحافظة بلغت كلفته 80 مليار دينار، وهو مبلغ ضخم يكاد يوازي تكلفة ناطحة سحاب. وفي المقابل، ما زلنا نعاني من مشكلات مزمنة مثل انقطاع الكهرباء وتفاقم أزمة المياه المالحة".
وذكر العيداني أن المليارات صُرفت على مشاريع تحلية المياه ومحطات ضخ المياه، ومشاريع من الفاو إلى مركز المدينة، من دون أن تظهر نتائج واضحة على أرض الواقع، معتقدا ان "الخلل يكمن في مجلس النواب وأعضاء مجلس المحافظة الذين من المفترض أن يتولوا المتابعة والتشريع والمحاسبة، لكن للأسف، خلال السنوات الماضية لم نرَ لهم أي دور حقيقي".
واردف العيداني: أن الهدر في المال العام ليس حكرا على البصرة فقط، بل يشمل معظم المحافظات العراقية، لكنه أكد أن البصرة لها وضع خاص كونها "أم النفط، وأم الخير، وأم الموانئ"، ويجب أن تحصل على ما تستحقه من موازنات عادلة ودعم مركزي.
وأضاف أن هناك العديد من المشاريع الوزارية المتلكئة، إضافة إلى المشاريع المحلية التي تعاني من عدم صرف الأموال، وهو ما يعرقل تنفيذها، مضيفا أن "الوزارات الاتحادية تتحمل جزءًا من المسؤولية بسبب الفساد الإداري والتلكؤ، فضلًا عن الصراعات بين الحكومة المحلية والحكومة الاتحادية".
وانتقد العيداني الهيئة التنسيقية للمحافظة، قائلاً: "لم تُبين الهيئة ما هي المشاريع المتلكئة، ولم توضح من هي الجهات المتعاقدة والمسؤولة، ولا من يقف وراء الفساد".
وخلص الى ان محافظة البصرة لديها 25 نائبا في البرلمان وهناك 22 عضوا في مجلس المحافظة، متسائلا: أين هم من مسؤوليتهم الرقابية، إذا كانت هناك سرقات أو شبهات فساد؟ أين اللجان الرقابية؟ وأين المحاسبة؟".
انتقادات لاذعة
من جهته، وجّه نائب رئيس لجنة الأقاليم والمحافظات النيابية، جواد اليساري، انتقادات لاذعة للجهات التنفيذية بشأن الإهمال الحاصل في مشاريع خدمية متلكئة منذ سنوات، مشيراً إلى أن العديد من هذه المشاريع اندثرت رغم صرف أموال طائلة عليها.
وقال اليساري، إن "الهيئة التنفيذية غابت طوال هذه الفترة عن متابعة المشاريع، رغم أن بعضها مضى عليه أكثر من 14 عامًا"، متسائلاً عن دور الحكومة الاتحادية الحكومات المحلية والوزارات المختصة في التعامل مع هذه المشاريع.
وأضاف أن "بعض المشاريع التي أُهملت كان من الممكن أن تخدم آلاف المواطنين، مثل المدارس المتهالكة التي أصبحت بلا نوافذ ومهددة بالانهيار"، مشيراً إلى أن "غياب الجدية في المحاسبة ورفع الدعاوى القضائية ضد المقاولين أو الجهات المنفذة أسهم في اندثار هذه المشاريع".
وكشف اليساري عن لقائه ببعض المقاولين الذين أشاروا إلى أن "غياب الصرف الحكومي، وتوقف المشاريع خلال فترة سيطرة داعش، وارتفاع أسعار المواد الإنشائية، دفعهم لترك المشاريع بسبب الخسائر".
وضرب مثالاً بمشاريع حيوية قال إنها ما تزال متوقفة، مثل مشروع النبراس للبتروكيماويات، وأكاديمية المحاربين، ومحطة معالجة مياه المجاري في أبو الخصيب، مؤكداً أن هذه المشاريع مهمة لمعالجة مشكلات التلوث والملوحة، لكنها تعاني من نقص التمويل.
وأشار اليساري إلى أن "المحافظات لا تحصل إلا على جزء بسيط من تمويل المشاريع"، موضحاً أن "المحافظة التي يُخصص لها 100 مليار دينار، لا تستلم سوى 35 ملياراً، والباقي يُدوَّر دون أن تعيد وزارة المالية ضخه مجدداً".
***************************************
كل خميس.. جفاف الرافدين.. وفيضان الفساد
جاسم الحلفي
لم يعد الجفاف في العراق أمرا طبيعياً، ولا نقص المياه قدراً مناخياً. لقد تحوّل العطش إلى سياسة ممنهجة، وصار الجفاف عقوبة جماعية بعد أن سُرقت مياهنا، كما سُرقت أموالنا، وإرادتنا، وقرارنا الوطني.
منذ سنوات، تنتهج دولتان جارتان، تركيا وإيران، سياسة الخنق المائي ضد العراق. الأولى شيّدت السدود، وقلّصت الحصص، وتحكمت في دجلة والفرات كما لو أنهما ملك خاص لها، لا شريان حياةٍ لواحد من اعرق بلدان المنطقة والعالم. والثانية غيرت مجاري الأنهر، وأغلقت روافد أساسية، من دون اكتراث بمباديء الجيرة أو بأحكام القانون الدولي.
لكن السؤال الأهم يبقى: ماذا فعلت الحكومات العراقية المتعاقبة، التي يُفترض أن تحمي سيادة الدولة وتصون حقوق مواطنيها وكرامتهم؟
للأسف الشديد لم تفعل شيئاً.
والسبب هو ان ما لدينا ليس نظاماً سياسياً وطنياً بمفهومه الحقيقي، بل سلطة محاصصة، تُدار عبر وكلاء توزعت ولاءاتهم إقليمياً ودولياً. وحين تراجعت حكوماتنا المذكورة عن المطالبة بحقوقنا المائية، لم تفعل ذلك حرصاً على التهدئة، بل تواطؤاً مغطىً بادعاءات ديبلوماسية. وحين غاب القرار العراقي عن طاولات التفاوض الإقليمية، لم يكن ذلك انشغالاً بقضايا مصيرية، بل بصراعات المغانم، وتقاسم المناصب ومناطق النفوذ.
ولأن قرارنا الوطني بات منقسماً، مرتهناً، وبالتالي غائباً، لم نفلح حتى اليوم في اتخاذ موقف صريح تجاه من حجبوا المياه عن أهل العراق.
لم نوقّع اتفاقية ملزمة تحفظ الحصص المائية. لم نفعّل أدوات الضغط السياسي والاقتصادي. لم نطالب بتدويل الملف، ولم نربط العلاقات التجارية بحقنا السيادي في الحياة.
ولم تعد القضية الجوهرية تكمن في سدود تركيا وفي أنهار إيران وحسب، بل وفي تحويل العراق إلى حديقة خلفية، بلا سيادة، ولا قرار، ولا موقف.
نعم، ثمة أسباب خارجية جلية، لكن من جعل الأزمة مميتة هو المنظومة السياسية القائمة ذاتها: فمن فرّط بالماء هو نفسه من فرّط بالثروات، وبالسيادة والكرامة الوطنيتين. وهو ذاته من خضع للخارج، وانساق خلف الإرادات الإقليمية، واعتبر المياه ورقة تفاوض ثانوية، تُبادَل بالمواقف والاصطفافات الطائفية.
وعلى المستوى الداخلي، لم تُبذل أية جهود حقيقية لوضع استراتيجية وطنية تعيد النظر في أساليب الري البدائية، أو تستثمر في تقنيات المعالجة والتدوير، أو تنظم استهلاك المياه بين القطاعات.
أما الفلاحون، وهم عماد هذا البلد، فقد تُركوا يواجهون الجفاف وحدهم، بلا دعم، ولا تعويض، ولا أفق.
الأمل لا يولد من الصمت، بل من الفعل. وكما قاوم هذا الشعب الاستبداد والطغيان والاحتلال، عليه اليوم أن يقاوم من تسبب في جفاف الأنهار. ولا أمل في استعادة مياه العراق دون استعادة قراره الوطني أولاً، ودون مواجهة صريحة مع أدوات الفشل، ثم التوجه إلى المجتمع الدولي بملف سيادي واضح، ووضع قضية المياه على رأس أولويات الدولة والمجتمع.
لا حل بلا إرادة وطنية. ولا معنى لأي سلطة لا تعتبر دجلة والفرات خطوطاً حمراء لا يُساوَم عليها، ولا تُهدى، ولا تُرهن.
ومن هنا، يصبح تحقيق الحل مرهوناً بالتحرك في المسارات التالية:
استعادة القرار الوطني المستقل كأساس لأي تفاوض مائي أو سياسي.
تدويل ملف المياه وطرحه أمام الأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية كقضية وجودية.
ربط ملفات التعاون الاقتصادي والتجاري مع تركيا وإيران بحقوق العراق المائية كشرط لا تنازل عنه.
إطلاق استراتيجية مائية وطنية تستثمر في تقنيات الري الحديثة، وتحدّ من الهدر، وتعيد توزيع الموارد بعدالة، بعيداً عن الفساد الذي يكاد فيضانه يغمر كل شيء.
بناء حركة مجتمعية ضاغطة من الفلاحين والنقابات والناشطين، لتكريس حق الناس في الماء كحق سيادي، لا كمنّة من أحد.
لن يمنحنا أحد الماء.
علينا ان ننتزعه بإرادة حرة، وقرار مستقل، وقلب غير هيّاب.
*********************************************
الصفحة الثالثة
أصحاب العقود في النجف يغلقون مبنى المحافظة وقفات احتجاجية في البصرة والسليمانية للمطالبة بالحقوق ورفض الخصخصة
بغداد ـ طريق الشعب
شهدت محافظتا البصرة والسليمانية، وقفات احتجاجية نظّمها موظفون من قطاعات مختلفة، مطالبين بحقوقهم المشروعة وللتعبير عن رفضهم قرارات إدارية واستثمارية تصادر حقوقهم وتضع مستقبلهم على المحك. بينما عبّر أصحاب مولدات أهلية في السليمانية عن استيائهم من خسائرهم بعد تطبيق مشروع حكومي جديد للطاقة.
موظفو مطار البصرة
ونظم موظفو مطار البصرة الدولي وقفة احتجاجية داخل صالة المطار الرئيسية، رفضاً لما وصفوه بمحاولات تقسيم شركة إدارة المطارات والملاحة الجوية، مطالبين بإعادة الحوافز التي تم إيقافها مؤخراً، وصرف رواتبهم المتأخرة، إضافة إلى تأسيس شركة وطنية موحدة لإدارة المطارات العراقية.
ورفع المحتجون شعار "قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق"، وأكدوا رفضهم المطلق لما اعتبروه سعياً لتحويل المطارات إلى مشاريع استثمارية تجارية، ملوّحين بخطر فقدان السيادة على أحد أهم القطاعات الحيوية في البلاد.
كما أعلن المحتجون رفضهم لاتفاقية (IFC)، وهي عقد استثماري أبرم عام 2023 بين سلطة الطيران المدني ومؤسسة التمويل الدولية، التابعة للبنك الدولي، خلال فترة إدارة عماد الأسدي، مشيرين إلى أن العقد تحوّل من استشارة فنية إلى استثمار مباشر، وسط شبهات قانونية وانتقادات برلمانية.
وشهد المطار خلال الشهور الماضية تغييرات متلاحقة في إدارته، آخرها إعادة المدير السابق حسن عبد الهادي إلى منصبه تحت التجربة لمدة ثلاثة أشهر، ما زاد من حدة التوتر الإداري بين الموظفين والإدارة العليا.
موظفو الكهرباء
وفي البصرة أيضاً، نظّم عدد من موظفي شركة توزيع الكهرباء في المنطقة الجنوبية وقفة احتجاجية أمام مقر الشركة، طالبوا خلالها بمنحهم العلاوات والترفيع وإضافة الخدمة واحتساب الساعات الإضافية وكتب الشكر وتصحيح الشهادات.
وقال علي الفرطوسي، المتحدث باسم "الملاك الجديد"، إن الموظفين لم يلمسوا أي تجاوب من الإدارة منذ عامين، مشيراً إلى عدم صحة احتساب الساعات الإضافية، وغياب العدالة في معالجة القضايا الإدارية، داعيًا الجهات الرقابية ووزارة المالية إلى التدخل العاجل.
وحذر المحتجون من تصعيد احتجاجاتهم في حال استمرار التجاهل الرسمي، ولوّحوا بإغلاق أبواب الدوائر إذا لم تُنفذ مطالبهم الأساسية.
أصحاب المولدات في السليمانية
وفي محافظة السليمانية، خرج عدد من أصحاب المولدات الأهلية في وقفة احتجاجية أمام مبنى القائممقامية، اعتراضاً على قرار حكومي يمنعهم من رفع مولداتهم أو بيعها، بعد دخول مشروع "روناكي" الحكومي حيز التنفيذ، والذي يوفّر الكهرباء الحكومية على مدار 24 ساعة.
وقال بلند جلال، ممثل المحتجين، إن المشروع أدى إلى توقف أعمال أصحاب المولدات في معظم مناطق المحافظة، ومع ذلك تُمنع عمليات البيع أو نقل المولدات إلى محافظات أخرى يمكن الاستفادة منها.
وأضاف أن أصحاب المولدات تلقوا وعودًا بتعويضات رمزية مقابل تحويل الملكية إلى الحكومة، إلا أن هذا الطرح لا يعوّضهم عن الخسائر المزدوجة التي تعرضوا لها – نتيجة التوقف ومنع التصرف بالمعدات.
ودعا جلال حكومة الإقليم والإدارة المحلية في السليمانية إلى إيجاد تسوية عادلة تضمن عدم الإضرار بمصدر رزق مئات العائلات، مؤكدًا دعمهم للمشاريع الحكومية الخدمية، شريطة أن لا تكون على حساب أرزاق الناس.
أصحاب العقود
من جهتهم، نظّم المئات من التربويين من أصحاب العقود المؤقتة، تظاهرة احتجاجية أمام مبنى مجلس محافظة النجف، بعد انطلاقهم بمسيرة من ساحة الصدرين، مطالبين بنقل ملفاتهم من ديوان المحافظة إلى دوائرهم التربوية، وتثبيتهم على الملاك الدائم أو تحويل عقودهم إلى نظام القرار 315.
وقال عامر نصر الله، ممثل المتظاهرين، خلال الوقفة الاحتجاجية، إن "المشاركين يطالبون بالإجابة الفورية على كتاب الأمانة العامة لمجلس الوزراء، ورفع الأسماء والجداول والبيانات الخاصة بنا لغرض نقل ملفات العقود من ديوان المحافظة إلى دوائر التربية التي نسبنا إليها".
وأضاف نصر الله أن مديرية تربية النجف الأشرف بحاجة إلى أكثر من 15 ألف درجة وظيفية، مؤكداً أن "التثبيت أو التحويل إلى القرار 315 هو مطلب أساسي لجميع العقود، كما جرى في محافظات أخرى".
وأشار إلى أن هناك 3045 إدارياً لم يباشروا بعد في وظائفهم، ويطالب المتظاهرون بالإسراع في مباشرتهم وصرف رواتبهم، مبيناً أن "تأخير إجراءات التعاقد تم بشكل متعمد، وهو ظلم واضح بحقهم".
واختتم المتظاهرون احتجاجهم بالتأكيد على الاستمرار في التصعيد لحين تلبية مطالبهم، مشددين على أنهم "لن يتراجعوا عن حقوقهم الوظيفية المشروعة".
*******************************************
العراق في الصحافة الدولية
ترجمة وإعداد: طريق الشعب
العراق وآفاق الصراع الأمريكي الإيراني
تناول الكاتب انتوني بفاف في مقال نشره على موقع المجلس الأطلسي، التطورات التي تشهدها المنطقة في ظل الصراع بين إسرائيل وإيران وتأثيراتها العميقة على مستقبل العلاقات الأمريكية العراقية، أشار فيه إلى أن تراجع تهديد (داعش) وتنامي المعارضة الشعبية للوجود العسكري الأمريكي في إطار عملية العزم الصلب، دفع بواشنطن وبغداد إلى تقليص دور القوات الأمريكية في مكافحة الإرهاب والانتقال إلى علاقة أمنية جديدة، قبل أن تعكر حرب غزة والدعم الذي قدمته واشنطن لإسرائيل، صفو الهدوء وتزيد من المشاعر المعادية للولايات المتحدة وتدفع بفصائل مسلحة عراقية للهجوم على قواتها وعلى شركات مرتبطة بها، مما تضاءل معه التعاون الأمني بين البلدين وضاق مجال التوسع في قطاعات أخرى.
زيارة لإذابة الجليد
وأشار المقال إلى أن رئيس الحكومة العراقية سعى، مع اشتداد الحرب في غزة، لتشجيع التعاون الأمني والاقتصادي، فسافر إلى واشنطن وهيوستن وتكساس، ووقّع اتفاقيات مع كبرى شركات النفط الأمريكية، ووعدها بمعاملة تفضيلية على حساب الشركات النفطية الصينية، بالإضافة إلى تأكيد التزامه بالتعاون الأمني مع الولايات المتحدة، وتوقيع اتفاقيات مع شركات دفاع أمريكية للتدريب والمعدات، في إطار برنامج شامل لإصلاح مؤسسات الأمن، يضّم جميع الجهات المعنية في هذا القطاع ويلعب فيه المستشارون الأمريكيون دورًا بارزًا. الاّ أن سير أحداث الحرب ربما جمّد تفعيل هذا التقدم، وأعاد مستقبل العلاقات إلى دائرة الغموض مجدداً.
ووضع الكاتب احتمالين لمستقبل العلاقات الأمريكية العراقية الحالية، أولها أن لا تكون قادرة على الصمود أمام محاولات طهران ضربها وإقناع بغداد بالتخلي عن الحياد والانحياز لها وطرد المستشارين الأمريكيين المتبقين، خاصة بعد الحرب الأخيرة، مما قد ينهي العلاقة بين البلدين، وثانيها أن تبدي بغداد قدرة على الحفاظ على حيادها، وربما أن تلعب دوراً ما في تهدئة الصراع، تنال به دعماً يقلل من اعتمادها في الطاقة على إيران.
توازن لتجنب المعضلات
ورأى الكاتب إنه وبسبب حجم وكثرة المعضلات التي تواجه العلاقة بين بغداد وواشنطن، اضطرت الدولتان إلى موازنة علاقاتهما مع بعضهما البعض، ومع علاقة كل منهما بإيران. فبنت الولايات المتحدة علاقات أوثق مع العراق لاسيما في الأمن والطاقة، بالتوازي مع علاقة الردع التي اتبعتها تجاه إيران، فيما لم تهتم إيران بتلك العلاقة لأنها ضمنت مصالحها في البلاد من خلال حلفائها ونفوذها الكبير في العديد من القطاعات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، في وقت نجح فيه العراق بإقامة توازن في علاقته بشريكيه المتصارعين، أبقت له مساحةً للتعامل معهما دون الحاجة ليتعاملا مع بعضهما البعض.
وأعرب الكاتب عن شكوكه من أن يُجبِر التشدد الحالي تجاه واشنطن وقواتها - التي يطعن البرلمان والرأي العام في شرعيتها - الولايات المتحدة على الانسحاب والتخلي عن مُعظم، إن لم يكن جميع، برامج تعاونها الأمني مع بغداد وإنهاء العلاقة بها فعليًا، خاصة إذا ما تزايدت خشية واشنطن من الدخول في مواجهة انتقامية مع مهاجمي قواتها، رغم بقاء بغداد مقاومة للضغط الإيراني، حيث ستخلق كل ضربة رد فعل مضاد، يُنذر بتصعيد دوامة الانتقام ويُقوض مصداقية الولايات المتحدة، ويُوثر سلباً على علاقتها ببغداد.
لكنه عاد واستبعد هذه الاحتمالات، فبالنظر إلى الخيارات التي تواجهها، توقع الكاتب أن لا تختار بغداد التخلي عن حيادها، كما وجد لحلفاء طهران منافع اقتصادية كبيرة من الوضع القائم، لا يمكنهم المغامرة بها إذا ما توسع نطاق الصراع، خاصة بعد أن تجاوزت المليار دولار سنوياً.
****************************************
عين على الأحداث
بين الواقع والادعاءات
أصدر المنتدى الاقتصادي العالمي، المؤشر السنوي لتحول الطاقة، على ضوء البيانات المتعلقة بمواجهة التحديات في هذا القطاع، والجهود المبذولة لتقليل المخاطر سواء في تعزيز البنية التحتية ورأس المال الداعم أو في السياسات التي تحقق الأمن والعدالة والتنمية المستدامة. هذا ولم يدرج المنتدى العراقَ في مؤشره، بسبب محدودية الجهود التي بذلتها حكومته في هذا المجال، رغم كل ما نسمعه منها عن المنجزات والنجاحات، ورغم أن وطننا هو خامس البلدان الأكثر عرضة للتدهور المناخيّ عالميًا، جراء درجات الحرارة العالية والجفاف والعواصف الترابية وامتداد التصحّر لأربعين في المائة من أرضنا وخسارتنا لعشرة مليارات دينار يومياً بسبب ذلك.
الما يعرف تدابيره..
وصف خبراءُ الأرقامَ التي تعلنها الحكومة عن الاقتصاد بغير الحقيقية، لأنها تغافلت عن التأثيرات السلبية التي أفرزها عدوان الكيان على إيران، كارتفاع كُلف التأمين بنسبة 60 في المائة والنقل بنسبة 195 في المائة وكتضرر سلاسل الإمدادات العالمية وارتفاع أسعار السلع المستوردة، ناهيك عن مخاطر توقف تصدير النفط بسبب التوترات في الخليج. هذا ويحمّل الخبراء الحكومة المسؤولية عن هذه المخاطر، جراء فشل سياساتها الاقتصادية والمالية، وارتهان الواردات لأسعار النفط المتذبذبة، وما سببه الفساد والسلاح المنفلت وفوضى التشريعات وضعف هيبة الدولة وغياب البنى التحتية، من فشل في السياسة الإستثمارية، مما أدى لهروب المستثمرين الحقيقيين.
الكارثة المحدقة
حملت وكالات الأنباء مؤخراً، ثلاثة مؤشرات خطيرة، تمثلت بتوقف شلال كلي علي بيك عن الجريان لأول مرة في تاريخه، وبنفوق أغلب غزلان الريم في محميتهم بخانقين، فيما سجلت الأهوار حالات لا تحصى من نفوق السلاحف، نتيجة موجة الجفاف الشديدة التي تضرب المنطقة، لحد استحالت معه حياة العديد من الأنواع البيولوجية، وهجرة أكثر من نصف مليون مواطن من مناطق الأهوار إلى المدن. هذا وما زال "أولي الأمر" يتعاملون بإهمال شديد مع مشكلة التغيير المناخي، ويعّتبرون الدعوة إلى حماية البيئة بطراً، دون أن تخيفهم أو تهز مشاعرهم كل هذه المخاطر التي تواجهها البلاد كل يوم.
تجهيل منظّم!
لفت أحد النواب الانتباه إلى ما تعانيه ملايين العوائل في نهاية كل عام دراسي، من مشاكل إيجاد مدارس تضمن لأبنائهم وبناتهم مستقبلاً جيداً، في ظل تدهور شديد بمستوى المدارس الحكومية، منهجاً وتعليماً ومعدات وعدد الطلاب في الصف من جهة، والعبء المالي الذي تشكله المدارس الأهلية ومخالفاتها الكبيرة على صعيد الضوابط وشروط العمل التدريسي من جهة أخرى. هذا وفيما بات معروفاً للناس فشل الحكومة في تطوير هذا القطاع، ذكرت إحصائيات اليونسيف بلوغ العجز في عدد المدارس 10000 مدرسة، وغياب فرص التعلم لحوالي 2.3 مليون طفل، والإرتفاع المتسارع في عدد الأميين والذي بلغ 47 في المائة.
مستعجلين على الخراب!
أصدر المجلس العلمي لديوان الوقف الشيعي قراراً بإسقاط حق الأم في حضانة طفلهاعند بلوغه سن السابعة، وأمر بنقله تلقائياً إلى الأب، وهو القرار الذي دخل حيّز التنفيذ فور صدوره، وجاء تطبيقاً لتعديل قانون الأحوال الشخصية، الذي أحّل مؤسسة الوقف وشيوخها محل القضاة، في وقت كان القانون المعّدل يحدد سقف الحضانة بخمسة عشر عاماً. هذا وفيما تقرر أيضاً تنفيذ هذا التعديل بأثر رجعي لصالح أي رجل يشاء ذلك ودون سماع الزوجة، تمتع الوقف بصلاحياته الجديدة حتى قبل أن يصدر مدونة الأحكام ويصادق عليها البرلمان، كما نضّ عليه التعديل وكما هو متبع في الأنظمة الديمقراطية.
*********************************************
الصفحة الرابعة
الفرات ينحسر ويخلّف أزمة اجتماعية في الأنبار
متابعة – طريق الشعب
تشهد محافظة الأنبار هذه الأيام واحدة من أخطر الأزمات المائية التي مرت بها منذ عقود، في ظل الانخفاض الحاد في الإيرادات المائية لنهر الفرات.
وأدت هذه الأزمة الشديدة إلى انحسار المياه في أهم بحيرتين استراتيجيتين في المحافظة، وهما الحبانية والثرثار، وسط تحذيرات بيئية ومجتمعية من تداعيات كارثية تهدد الأمن الزراعي والمائي في العراق بشكل عام، والأنبار بشكل خاص.
وتعاني محافظات العراق بعامة، أزمة مائية حادة أضرت كثيرا بالقطاعات الزراعية والصناعية والحياة اليومية للمواطنين، ودفعت بالكثير من العائلات التي تعتاش على الزراعة، إلى الهجرة نحو المدن بحثا عن فرص عمل بديلة، ما خلّف فوضى سكانية شديدة.
واستفحلت هذه الأزمة بفعل عوامل عديدة أبرزها التغيّر المناخي وتراجع حصص المياه القادمة من تركيا وإيران بسبب بنائهما السدود، فضلا عن سوء إدارة الموارد المائية، والتلوث البيئي، والزيادة السكانية والطلب المتزايد على المياه.
مستويات خطرة جدا!
في حديث صحفي، يقول رئيس مركز الفرات البيئي صميم سلام، أن "الإطلاقات المائية في نهر الفرات كانت تصل سابقا إلى 500 متر مكعب في الثانية. أما اليوم فقد تراجعت إلى مستويات خطيرة جدا، تتراوح بين 65 و78 متراً مكعباً في الثانية، وتتذبذب أحياناً بين 120 إلى 145 متراً مكعباً في الثانية"، مبينا أن "هذا التذبذب أثر بشكل فعلي وواضح على مستوى الخزين الاستراتيجي للمياه، خاصة في سد حديثة الذي يعد الشريان الحيوي لتغذية مناطق غربي العراق، بما فيها الرمادي والفلوجة والحبانية والكرمة".
ويضيف أن "ما يدخل العراق الآن من مياه قليل جدا، لا يتجاوز في بعض الأوقات 130 إلى 175 متراً مكعباً في الثانية. وهذه كميات ضئيلة لا تفي بالغرض، ولا تكفي حتى للخزن الاستراتيجي في سد حديثة، لا سيما ان الإطلاقات الحالية هي آنية، وتُصرف مباشرة دون خزن، ولا يمكن تقسيمها بين تصريف وخزن، وهذا ما يزيد من تعقيد الأزمة".
ويشير سلام إلى أن "الخطورة لم تعد نظرية أو مؤجلة، بل أصبحت واضحة ومباشرة، في ظل تزايد الطلب على المياه، ليس فقط لأغراض الزراعة، بل على مستوى الاستخدام المنزلي والأمن المجتمعي، وحتى الأمن الوطني".
ويتابع قائلا أنه "كنا نحذر منذ سنوات من عملية تقنين الإطلاقات المائية، ومن التعامل مع نهري دجلة والفرات وكأنهما ليسا من حق العراق، المشكلة الأساسية تكمن في عدم اعتراف تركيا بأن النهرين هما نهران دوليان عابران للحدود، وهو ما يخالف القوانين الدولية. العراق لا يستجدي المياه، بل يطلب استحقاقه المائي المشروع".
متنفذون يستنزفون الخزين المائي!
ويوجه رئيس مركز الفرات انتقادات شديدة لإدارة ملف المياه، متحدثاً عن "وجود خلل كبير في آليات توزيع وإدارة الموارد المائية، وفشل في تبني خطط واضحة لترشيد استخدامها، خاصة في ظل وجود مشاريع زراعية عملاقة وبحيرات أسماك يملكها متنفذون، تستنزف الخزين المائي بشكل كبير".
ويؤكد أنه "حذرنا مراراً وتكراراً من تصريف المياه من السدود الخزنية بهذه الطريقة. تفريغ بحيرة الحبانية وبحيرة الثرثار وغيرهما جاء نتيجة مشاريع خاصة لمتنفذين، ومنها بحيرات أسماك تمتد على مئات الدونمات، ومزارع شلب تُروى بطريقة الري الصيفي (غمر الحقول بالمياه)، ما أدى إلى حلول كارثة فعلية في الخزين الاستراتيجي".
ويوضح أن "الآثار لم تتوقف عند الزراعة، بل امتدت إلى النزوح البيئي. حيث تحذر تقارير بيئية من موجة هجرة عكسية من الريف إلى المدينة نتيجة انعدام الموارد المائية وترك الأراضي الزراعية، ما يعمق ظاهرة التصحر الثانوي، الذي يزحف على المدن بمعدل يفوق 100 دونم سنوياً".
أرقام مرعبة
ويلفت صميم سلام إلى ان "العراق اليوم يعد خامس أكثر دولة في العالم تأثراً بالتغيرات المناخية، وثاني أكثر دولة تعاني الشح المائي والتصحر، وهذه أرقام مرعبة تؤكدها التقارير الأممية. المشكلة لم تعد فقط زراعية أو فنية، بل هي أمن قومي ومجتمعي حقيقي"، مشيرا إلى أن "الوضع في الأنبار يتطلب خطة طوارئ وطنية لإعادة النظر في إدارة المياه، وحماية البحيرات والسدود من الانهيار الكامل، وضمان حصة عادلة من المياه للمحافظة وسكانها".
وينوّه بأن "كل مخلوق ينمو على ضفتي نهر الفرات يتطلب حصة مائية، النمو السكاني والاقتصادي والصناعي يحتاج إلى موارد مائية مستقرة، وأي تقصير في هذا الجانب يهدد الأمن المائي والاستقرار المجتمعي في الأنبار والعراق ككل".
وفي وقت سابق، حذرت مجلة "فوربس" الأمريكية في تقرير لها من "جفاف غير مسبوق" يصيب العراق ودول المنطقة بشكل عام، والتي توصف بأنها من الأكثر جفافا على الأرض، لافتة الى ان تداعيات استمرار ذلك، ستكون مدمرة لهذه الدول.
ولفت التقرير إلى أن الاحتياطيات الاستراتيجية المائية في العراق تراجعت الى 10 مليارات متر مكعب فقط، ما يمثل نصف ما يحتاجه البلد خلال فصل الصيف والمقدر بـ18 مليارا، واقل بكثير من 20 مليارا التي كانت متوفرة في العام الماضي، مبيّنة ان من أبرز أسباب ذلك التراجع تقلص تدفقات الأنهار وشح الأمطار وضعف ذوبان الثلوج.
جدير بالذكر أن مرصد العراق الأخضر المتخصص في شؤون البيئة، حذّر قبل أيام من خطورة الوضع المائي في العراق خلال الشهور المقبلة، مبينا أن المياه أصبحت تمثل "تحدياً وجودياً" في عموم المحافظات دون استثناء.
ومما قاله في بيان صحفي أن "الجفاف وصل إلى 80 في المائة في مناطق الأهوار، ما أدى إلى نفوق الكثير من الكائنات الحية والجواميس وهجرة الفلاحين لأراضيهم، ناهيك عن الجفاف الذي أصاب الكثير من المناطق السياحية في الإقليم والتي كان يقصدها أبناء محافظات الوسط والجنوب في فصل الصيف من أجل الاستمتاع بالأجواء"، منوهاً إلى أن "درجات الحرارة باتت في تلك المناطق أعلى مما يسجل في المناطق الجنوبية".
وأكد أن "كل هذه المعاناة من الوضع المائي السيء وفصل الصيف لم يدخل ذروته حتى الآن"، مرجحاً أن تكون الشهور المقبلة "قاسية على جميع المحافظات بسبب قلة المياه، ما لم تتدخل الحكومة في إيجاد صيغة لحل هذه المسألة مع الدول المجاورة بزيادة الإطلاقات المائية والاتفاق على حصة ثابتة".
****************************************
الموصل.. مبادرة تطوعية لإيصال المياه لأحياء سكنية عطشى
متابعة – طريق الشعب
أطلق متطوعون في مدينة الموصل مبادرة لإيصال مياه الشرب إلى أهالي منطقة العبور الثانية/ بدرية، بعد انقطاع المياه عنهم لأكثر من ثلاثة أسابيع، وسط مناشدات الأهالي الحكومة المحلية، التدخل العاجل.
وقال الناشط المجتمعي عبد الله الدليمي في حديث صحفي، أن "المبادرة جاءت استجابة لنداءات من أهالي منطقة بدرية، الذين يعانون انقطاع المياه منذ أكثر من 3 إلى 4 أسابيع"، مبيناً أن "المتطوعين بادروا إلى توفير ست حوضيات (تناكر) لإيصال المياه إلى نحو 55 منزلاً فقط من منازل المنطقة".
وأضاف أن "أبسط مقومات الحياة مفقودة في هذه المنطقة، خصوصاً في فصل الصيف الذي تزداد فيه الحاجة للماء أكثر من أي خدمة أخرى"، منوّها إلى أنه "حتى هذه الحوضيات لن تكفي لأكثر من خمسة أو ستة أيام".
وأكد أن "عدد سكان المنطقة يتجاوز 30 ألف نسمة، وهناك قاطع كامل لا تصله المياه نهائياً".
ووجه الدليمي رسالة إلى الحكومة المحلية، قال فيها: "نعرف أن لديكم جهوداً كبيرة في دعم المحافظة، لكننا نناشدكم اليوم الالتفات إلى هذه المناطق المهمّشة وتوفير المياه لها كأولوية إنسانية لا تحتمل التأجيل".
من جهته، عبّر المواطن عمار عكلة، أحد سكان منطقة بدرية، عن استيائه من الإهمال المزمن لمنطقتهم. وقال أنه يسكن هنا منذ 12 سنة، وان الأهالي طرقوا جميع الأبواب من المحافظ إلى النواب والمسؤولين، ولم يُحظوا بحل لأزماتهم، حيث يعانون نقصا حادا في الخدمات، وعلى رأسها الماء.
وأضاف أن "مدرستنا الوحيدة تضم أكثر من 2500 طالب"، متابعا القول أن "المواطنين يشترون الماء من أصحاب التناكر الذين يطلبون 5 آلاف دينار مقابل كل تنكر. في حين لا يستطيع كثيرون دفع هذا المبلغ".
وتساءل المواطن: "نحن الآن في 2025، أليس من المعيب اننا لا ننعم بماء صالح للشرب؟!"، مشيرا إلى أن "الأهالي باتوا يشعرون بأن منطقتهم منسية تماماً من قبل الجهات الحكومية، رغم تكرار المناشدات والمتابعات المستمرة من قبلهم".
وتعد منطقة العبور الثانية من المناطق ذات الكثافة السكانية العالية، وهي تفتقر إلى الخدمات الأساسية منذ سنوات، وسط مطالبات متكررة بوضعها ضمن أولويات جدول المشاريع الخدمية لنينوى.
******************************************
اگول.. يدٌ مكسورة.. وضمير غائب!
أسامة عبد الكريم
على مواقع التواصل الاجتماعي، ظهر عامل نظافة بيده اليسرى مكسورة ومتورمة، يعمل رغم إصابته البالغة خشية فقدان وظيفته. المشهد الصادم لا يحتاج إلى تعليق، لكنه يفتح الباب واسعاً أمام أسئلة موجعة: كيف يُسمح بعمل مصاب بهذه الحالة؟ وأين المسؤولية الطبية والإدارية؟ بل أين الضمير؟
العامل، كما تشير الشهادات، لم يُمنح إجازة أو علاجاً لائقاً، بل استمر في أداء مهامه تحت ضغط الخوف، لا الواجب. وهو خوف مفهوم في بيئات عمل يعامل فيها العمال كأنهم أدوات قابلة للاستبدال، بلا حماية، ولا ضمانات، ولا صوت يُسمع.
هذه ليست حالة فردية، بل نموذج يتكرر في قطاعات كثيرة، حيث يضطر العامل إلى الصمت، لأن الشكوى قد تكلّفه مصدر رزقه. نحن أمام واقع ينتهك أبسط الحقوق، ويكشف هشاشة الحماية للطبقات العاملة، التي يُطلب منها أداء أقصى ما تستطيع، دون أي ضمان لسلامتها. ما جرى يجب ألا يمرّ مرور الكرام. لا يكفي الغضب العابر على مواقع التواصل. المطلوب تحقيق رسمي، ومحاسبة من سمح بإجبار المصاب على العمل، وتوفير علاج كامل، وإجازة مدفوعة، وضمان بعدم تعرضه لأي عقوبة إدارية بسبب ظهوره أو شكواه. ويجب على وزارة العمل أن تتحرك، لا أن تنتظر أن تفضح الكاميرات ما يجري في الخفاء.
كرامة العامل مسؤولية جماعية، وأي صمت عنها هو تواطؤ. وفي قلب هذا المشهد، تظهر أهمية النقابات العمالية، التي يُفترض أن تكون الحامي الأول للعامل، لا الغائب الأكبر. من واجبها التدخل لمتابعة الحالة، وتقديم الدعم القانوني والطبي، والضغط لتوفير بيئة عمل آمنة تحفظ كرامة الإنسان قبل كل شيء. لا معنى لأي حديث عن التنمية أو التقدم، إن كان يُسمح بكسر الإنسان وإرغامه على الصمت. اليد التي تكنس الشوارع بصدق لا يجب أن تُكافأ بالإهمال، بل بالإنصاف.
***************************************
مرصد بيئي: الفرد العراقي الأعلى استهلاكا للمياه!
متابعة – طريق الشعب
أفاد مرصد العراق الأخضر البيئي بأن معدلات استهلاك المواطن العراقي للماء يومياً هي الاعلى عربياً وعالمياً، مبينا ان العراق في صدارة مهدري المياه.
وأوضح في بيان صحفي أمس الأربعاء، أن "معدل استهلاك المواطن العراقي من الماء يبلغ 400 لتر يوميا، ما يؤكد أنه الاعلى استهلاكاً عالمياً، وينافس مواطنين في دول أخرى يتمتعون بوفرة مائية في بلدانهم، إلا أنهم يحافظون على هذه الثروة التي تعتبر ضمن الأمن القومي للبلد".
وأضاف أن "المواطن العراقي يتفنن في كيفية هدر الماء بدءاً من غسل الشوارع والعمارات والسقي العشوائي للحدائق الداخلية والخارجية مروراً بمرائب غسل السيارات، والمولدات الاهلية والمبردات وغيرها من الطرق المنتشرة، دون أن تحرك الجهات المسؤولة ساكناً أمام مثل هذه التصرفات".
ودعا المرصد الى "ضرورة اتخاذ الإجراءات المناسبة تجاه من يهدر هذه الثروة، خصوصاً ان العراق يعاني ازمة حادة في المياه أدت الى حصول جفاف في المناطق الوسطى والجنوبية وحتى الشمالية وهجرة الكثير من العائلات وتوجهها نحو المناطق التي تتوفر فيها المياه، من اجل العيش".
******************************************
مواساة
- تعزي اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في ديالى الرفيق رعد البرام (ابو رنين)، بوفاة زوجة شقيقه احمد البرام.
للفقيدة الذكر الطيب ولأهلها في بهرز الصبر والسلوان.
- تعزي اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في واسط صديق الحزب د. عبد الأمير كاظم، معاون مدير المستشفى البيطري في واسط، وذلك بوفاة خاله مهدي صالح مالح.
الذكر الطيب للفقيد والصبر والسلوان لذويه.
- ببالغ الحزن والاسى تعزي اللجنة المحلية العمالية في الحزب الشيوعي العراقي الرفيق كريم حواس، والد الرفيق حيدر، بوفاة ابنته الدكتورة شيماء اثر مرض عضال لم يمهلها كثيرا.
الذكر الطيب للفقيدة والصبر والسلوان لعائلتها.
*******************************************
لقطة اليوم
بدلا من الأشجار، النفايات تجاور سياج "مستشفى النعمان" في الأعظمية!
يقول مواطن في منشور له على "فيسبوك" أرفق معه هذه الصورة، أن البلدية تُنظف الموقع باستمرار، لكن المواطنين يعودون ويرمون نفاياتهم فيه.
بينما يرى آخرون أن المواطن يضطر إلى رمي نفاياته على الأرض في حال عدم توفر حاويات لجمعها، أو عند امتلاء الحاويات إن توفرت.
عن "فيسبوك"
*************************************
الصفحة الخامسة
العنف ضد المرأة: تزايد مخيف وتحديات مستمرة
بغداد - طريق الشعب
يشهد مجتمعنا معدلات مقلقة من العنف الأسري، الذي يقع غالباً داخل إطار الأسرة، ويشمل الضرب والحرق والتنكيل النفسي والجسدي والتحرش الجنسي وغير ذلك. وما يفاقم هذا القلق، الصمت الذي يرافق حدوث الجرائم، فالعادات والتقاليد تمنع غالبية النساء من التحدث علنا أو تقديم شكاوى للسلطات، كي تعاقب المجرمين وتردعهم، وكي تكافح بشكل جذري هذه الظاهرة الخطيرة.
قصص من الواقع
في إحدى الحالات التي سلطت الضوء على العنف الأسري، أحالت الطبيبة رشا عبد الله، فتاة تبلغ من العمر 23 عاما إلى لجنة الفحص الطبي بعد تعرضها لضرب شديد أدى إلى كسر في أحد أضلاعها. كانت الضحية قد زارت المستشفى أربع مرات خلال فترة قصيرة برفقة أختها، لكنها لم تفصح عن هوية المعتدي إلا بعد تدخلت الطبيبة، لتكتشف لاحقا بأن الجاني هو زوج الفتاة.
تقول الطبيبة إن معظم النساء يفضلن الصمت خوفا من الفضيحة، وغالبا ما تضغط العوائل على بناتهن لحل الأمور داخل الأسرة بدلا من اللجوء إلى القضاء. وتضيف "إن الزواج المبكر، وتعاطي المخدرات، وقلة التعليم لدى المعتدين، هي أسباب رئيسية لمعظم الحالات التي تصل إلى المستشفيات".
أرقام مرعبة
ووفقا لإحصاءات وزارة الداخلية، تم تسجيل نحو 14 ألف دعوى عنف أسري خلال الأشهر الخمسة الأولى من عام 2025، بلغت نسبة الاعتداءات ضد النساء منها 73 في المائة، أي بمعدل 90 حالة يوميا، وهو ما يؤشر تصاعداً خطيراً مقارنة بالعام السابق، الذي شهد تسجيل 18 ألفا و436 حالة عنف أسري طيلة سنة كاملة.
العنف ضد النساء ذوات الإعاقة
وتعاني النساء ذوات الإعاقة، واللواتي يبلغ عددهن 580 ألف امرأة، من أشكال مروعة من العنف، حيث تشير تقارير وزارة التخطيط إلى أنهن أكثر عرضة للاستغلال بسبب ضعف قدرتهن على الدفاع عن أنفسهن. ونقلت مواقع التواصل الاجتماعي مؤخراً، تعرض فتاة مصابة بمتلازمة داون، للاغتصاب من أحد الاقرباء. ورغم صدور حكم قضائي ضد الجاني، فإن هذه القضايا تفضح العجز الكبير في حماية النساء الأكثر ضعفا.
معوقات التشريعات
وتعاني جهود مكافحة العنف الأسري من عوائق تشريعية، إذ تنص المادة 41 من قانون العقوبات لعام 1969 على حق الزوج والأب في "التأديب في حدود الشرع والقانون"، ما يمنح المعتدين غطاءً قانونياً للإفلات من العقاب.
ورغم تقديم مشروع قانون "مناهضة العنف الأسري" إلى البرلمان منذ عام 2020، فأنه لم يقّر حتى الآن، بسبب معارضة بعض الاحزاب والشخصيات السياسية، بحجة الدفاع عن الدين، حسب قراءتها الخاصة له، أو التذرع بإمكان تشجيع المرأة على "التمرد" أو بفرية مُضحكة، تصف مناهضة العنف الأسري باستنساخ قوانين غربية لا تناسب المجتمع العراقي.
ويؤكد النائب المستقل في البرلمان باسم خشان في تصريح سابق أن "الأحزاب الإسلامية التي تعارض القانون تريد أن تضع العراق تحت بنود الأحكام الشرعية والعرفية. لذا تعمد إلى ترحيله لأكثر من مرة، حتى بات قانون مناهضة العنف الأسري في عداد القوانين المُّرحلة إلى المجهول".
جهود حكومية محدودة
وعموماً، تقوم وزارة الداخلية بجهود في نشر التوعية عبر منصاتها على وسائل التواصل الاجتماعي وتحذر من جرائم العنف الأسري. كما أعلنت عن اتخاذ إجراءات حازمة في بعض الحالات. ومع ذلك، يبقى تأثير هذه الجهود محدوداً، خاصة في ظل نقص دور الإيواء الحكومي للنساء المعنّفات وغياب برامج دعم فعّالة لهن.
حلول مقترحة
الناشطة الحقوقية آيات الزويني ترى بإن الحل يبدأ في زيادة وعي المجتمع حول خطورة العنف ضد النساء وضرورة الإبلاغ عن هذه الجرائم. وتشدد على أهمية إنشاء دور حكومية لإيواء النساء المعنفات، إلى جانب دعمّهن مادياً ومعنوياً.
وتضيف الزويني بأن عدم فضح المجرمين يجعل النساء أكثر عرضة للخطر، مشيرة إلى أن العديد من الجرائم تسجل كحوادث عرضية أو حالات انتحار، كما حدث في بغداد عندما قتلت فتاة على يد شقيقها بعد معرفته بأنها تعمل في إحدى الشركات الأهلية.
نحو مستقبل أفضل
إن معالجة ظاهرة العنف ضد المرأة تتطلب إصلاحات جذرية تشمل تعديل القوانين لتجريم العنف الأسري بوضوح، وتوفير ملاذات آمنة للضحايا، وتعزيز دور المجتمع المدني في حماية النساء.
ورغم الجهود المبذولة من قبل بعض الجهات الحكومية ومنظمات حقوق الإنسان، فالطريق مازال طويلا لتحقيق العدالة والمساواة للنساء، حيث يتطلب الأمر تعاوناً مجتمعياً وتشريعياً شاملاً لوضع حد لهذه الجرائم.
*****************************************
الأمم المتحدة: التغيرات المناخية تهدد صحة النساء في أفغانستان
متابعة - طريق الشعب
حذر صندوق الأمم المتحدة للسكان في تقرير جديد من تأثير التغيرات المناخية والجفاف المستمر في أفغانستان على صحة النساء الحوامل والأمهات، مؤكدا أن نقص المياه النظيفة والغذاء يزيد من مخاطر مضاعفات الحمل والولادة.
وأوضح التقرير، الصادر يوم الاثنين 30 حزيران، أن موجات الجفاف الطويلة التي تعاني منها أفغانستان أدت إلى نقص كبير في الغذاء وجفاف المحاصيل الزراعية، مما عمّق معاناة السكان، وخصوصا النساء.
وأشار التقرير إلى أن العديد من النساء الأفغانيات يعشن في ظروف قاسية ويُجبرن على الزواج في سن مبكرة، ما يزيد من الأعباء الصحية عليهن. وأضاف أن القيود المشددة على وصول النساء إلى الخدمات الصحية، خاصة في المناطق الريفية، تُفاقم الوضع سوءا. ورغم ذلك، تعمل فرق صحية متنقلة على تقديم المساعدة، بما في ذلك فحص النساء الحوامل ووصف الأدوية وتوفير استشارات ما بعد الولادة، لضمان ولادة آمنة وصحية.
وأفاد التقرير بأن أفغانستان تعاني منذ عقود من جفاف حاد وأزمات بيئية، تسببت في تفاقم الفقر وسوء التغذية، خاصة مع تزايد الهجرة الداخلية وعودة آلاف النازحين. ويحذر الخبراء من أن غياب الدعم المحلي والدولي الكافي لمواجهة التغيرات المناخية قد يؤدي إلى كوارث إنسانية أوسع، مؤكدين أن التدخل العاجل ضروري لحماية الفئات الأكثر ضعفا في أفغانستان من تفاقم هذه الأزمات.
******************************************
تكاليف الاشتراك بالمولدات الأهلية يفاقم معاناة الأمهات
بغداد - طريق الشعب
في ظل ارتفاع تكاليف الاشتراك بالمولدات الأهلية في بغداد، أُجبرت العديد من الأسر على الاستغناء عن الكهرباء، والاعتماد كليا على الكهرباء الوطنية، التي تغيب عن التجهيز لأغلب ساعات اليوم في مختلف المناطق.
تقول المواطنة أم نور، وهي أم لثلاثة أطفال تسكن في منطقة الشعب، إن "تكاليف اشتراك الأمبير الواحد هذا الشهر بلغت 18 ألف دينار، ما يعني دفع أكثر من 100 ألف دينار شهريا للحصول على 6 أمبيرات فقط، وهو ما يفوق قدرتي المادية".
وتضيف "اضطررت لإلغاء اشتراكي هذا الشهر وتحمل انقطاع الكهرباء الوطنية، من أجل توفير بعض متطلبات الدروس الخصوصية لابنتي التي تؤدي الامتحان الوزاري للصف السادس الاعدادي، رغم أن ذلك سيؤثر سلبا على عائلتي لكن علينا التحمل، خصوصا مع ارتفاع درجات الحرارة".
وفي السياق ذاته، قالت المواطنة فاطمة أم علي، وهي من المستفيدات من راتب الرعاية الاجتماعية بأن "تكاليف اشتراك الكهرباء أصبحت عبئا ثقيلا لا يمكنني تحمله. دخلي الشهري بالكاد يكفي لتأمين احتياجات أسرتي الأساسية، واضطررت تقليل عدد أمبيرات الاشتراك الشهري للمولد الاهلي، رغم أن هذا يؤثر على اسلوب حياتنا اليومية".
وتضيف أم علي في تصريحها لـ "طريق الشعب": "الأمر لا يتعلق فقط بالحرارة أو تشغيل الأجهزة، بل أيضا بحياتنا اليومية، إذ إن عدم توفر الكهرباء الكافية يجعل أبسط المهام المنزلية معقدة، ويضعنا أمام خيارات صعبة بين دفع تكاليف الكهرباء أو شراء الغذاء".
*****************************************
الصحافة الشيوعية العراقية.. تسعون عاماً من الدفاع عن حقوق المرأة
نورس حسن
تعّد الصحافة الشيوعية العراقية جزءاً لا يتجزأ من تاريخ النضال الوطني والاجتماعي، حيث مثلت منبرا للتغيير والدفاع عن قضايا الطبقات المسحوقة والمرأة على وجه الخصوص. ومع حلول الذكرى التسعين لانطلاقتها، تحضرنا مسيرة طويلة من العمل الصحفي الملتزم الذي واجه أصعب التحديات وأشرس الهجمات، لكنه ظل صامدا ومنحازا لقيم الحرية والعدالة والمساواة.
المرأة في صلب الخطاب الصحفي الشيوعي
منذ بداياتها، حملت الصحافة الشيوعية العراقية مشعل الدفاع عن حقوق المرأة، مدركة أن تحرير المجتمع لا يمكن أن يتحقق دون تحرير نصفه. تناولت هذه الصحافة بجرأة قضايا المرأة في مختلف مراحل النضال الوطني، بدءا من الدعوة إلى تعليم الفتيات، ومرورا بالنضال من أجل تحسين ظروف العمل للنساء، وانتهاء بالدفاع عن حقوقهن السياسية والاجتماعية.
وركزت الصحافة الشيوعية على مواجهة التقاليد البالية التي حجّمت دور المرأة، وعملت على تعزيز الوعي بضرورة مشاركتها الفاعلة في الحياة العامة. وتحت عناوين جريئة وافتتاحيات مميزة، طالبت بتوفير فرص متساوية في التعليم والعمل، كما دعت إلى إلغاء القوانين التي تكرس التمييز ضد النساء.
المواجهة مع الأنظمة القمعية
لم يكن طريق الصحافة الشيوعية العراقية مفروشا بالورود، بل واجهت ملاحقات مستمرة من الأنظمة الاستبدادية التي رأت فيها تهديدا لسياساتها القمعية. ومع ذلك، ظلت هذه الصحافة وفية لقضية المرأة. فعلى الرغم من الرقابة والمصادرة، تمكنت من تسليط الضوء على معاناة النساء العاملات وتطالب بحقوقهن المشروعة، وطرحت الحلول من منظور تقدمي مطالبة بتحقيق العدالة الاجتماعية.
في فترات القمع الشديد، لجأت الصحافة الشيوعية إلى وسائل سرية لإيصال رسائلها، وواصلت نشر قصص النساء المكافحات، مما جعلها صوتا صادقا لمن لا صوت لهن.
قضايا المرأة في الصحافة الشيوعية الحديثة
مع التحولات الاجتماعية والسياسية في العراق، واصلت الصحافة الشيوعية تطوير خطابها النسوي ليواكب القضايا الراهنة، فتناولت تحديات النساء في مواجهة العنف الأسري، وزواج القاصرات، والتمييز في أماكن العمل، بالإضافة إلى انعكاسات الأوضاع الاقتصادية الصعبة على حياتهن.
لم تكتف الصحافة الشيوعية بنقد الواقع، بل طرحت رؤى مستقبلية تسعى لتحقيق المساواة بين الجنسين. وشددت على أهمية وضع سياسات حكومية تعزز دور المرأة في المجتمع، مثل دعم النساء العاملات، وتشجيعهن على المشاركة السياسية، وتوفير بيئة آمنة تحمي حقوقهن.
ووجدت الصحافة الشيوعية العراقية، أن النضال من أجل حقوق المرأة لا يمكن فصله عن النضال العام ضد الاستبداد والاستغلال. فحقوق المرأة، وفقا لهذا الخطاب، جزء من رؤية أشمل تسعى إلى تحقيق العدالة الاجتماعية وتحرير المجتمع بأكمله من الظلم الطبقي والسياسي.
سفر مجيد يستحق الاحتفاء به
في الذكرى التسعين، تستحق الصحافة الشيوعية العراقية أن نحتفي بها كإرث نضالي عريق، نجح في تقديم نموذج متميز للإعلام الملتزم بقضايا الشعب، وعلى رأسها قضية المرأة.
ولذا تبقى الصحافة الشيوعية رمزا للصمود والكفاح، وشاهداً على دورها المحوري في تعزيز الوعي بقضايا النساء، وتمكينهن من أن يصبحن جزءاً فاعلا في مسيرة التغيير. وفي الوقت الذي نعيش فيه اليوم تحولات معقدة، يبقى الإرث الذي قدمته هذه الصحافة منارة للأجيال القادمة في مواصلة النضال من أجل عراق أكثر عدلاً ومساواة.
****************************************
عين المرأة.. النساء المعيلات.. عاملات بلا أجور ولا ضمانات
انتصار الميالي
تعيل أسرتها منذ عقود، أي مذ اختارت التضحية وتحمل المسؤولية من أجل والدتها المقْعدة ووالدها الذي تقاعد قبل عقد من الزمان، وكلاهما غير قادرين على الاعتناء بأنفسهما، جراء الأمراض المزمنة التي أخذت نصيبها من حياتهما. اعتكفت على مساعدتهم دون مقابل، ولم تفكر بأن العمر يمضي وهي لا تمتلك دخلاً أو ضماناً حكومياً، يحميها وسط مجتمع لا يرحم ولا تسمع فيه سوى عبارة (فاتها القطار)، في حين ان جميع شقيقاتها وأشقائها نجحوا في بناء حياة خاصة بهم!
عانت المرأة في بلادنا، وماتزال تعاني من ظروف غاية في القسوة، نظراً لارتفاع نسب الفقر وانتشار الحروب والأزمات الاجتماعية والاقتصادية المستمرة وأحداث العنف، حيث فقدت الكثيرات أزواجهن وأبناءهن وأسرهن، وبقيّن وحيدات، مما يجعلنا أمام أزمة تعصف بالمجتمع، وتترك آثاراً سلبية على المرأة خصوصا والأسرة والمجتمع بشكل عام، وتلحق بالوضع النفسي للنساء أضراراً كبيرة، لكونهن أكثر العناصر الاجتماعية المعرضة للأذى، وهذا من شأنه أن يشكل خطراً جدياً على الكيان النفسي والبناء الذاتي للمرأة، كما ينعكس خطره على المجتمع بأسره.
عمل النساء المعيلات السبب الأساس في بقاء الملايين من الأسر الفقيرة على قيد الحياة، رغم الظروف الاجتماعية والسياسية والصور النمطية السائدة التي تجعلهن رهينات للفقر والاستغلال المادي والمعنوي، ورغم ان ملايين النساء أخذن أدوار الرجال، ويتحملن أعباء مضاعفة في سبيل إعالة أسرهن وتوفير متطلبات أبنائهن، أو أولياء امورهن وحتى أنفسهن.
ورغم الوعود الحكومية ووجود قانون للضمان والرعاية الاجتماعية لحماية المرأة، إلا أن الفقر المدقع مازال يحاصر النساء أكثر من الرجال، بسبب التمييز الممنهج ضدهن وانحسار فرصهن في سوق العمل بسبب عدم مواصلة الدراسة وقلة المهارات، وصعوبة حصولهن على احتياجاتهن الأساسية وتهميش دورهن في الأسرة والمجتمع.
تعيش النساء المعّيلات في دوامة من المشقة والعزلة والقلق بعدما أرغمن على تحمل مسؤولية عائلاتهن بمفردهن، بالمقابل يجب الاعتراف بتضحياتهن الكبيرة المقدمة للأسرة وللمجتمع من الناحية الاجتماعية والاقتصادية والانسانية، ومنحهن التقدير والاعتزاز لصمودهن وثباتهن في مواجهة أزمات الحياة وإزالة نظرات الترحم والإشفاق والتنمر، ومن أهم القضايا التي يجب أن نتبناها إنشاء برنامج طموح يضمن عددا من المشروعات لخدمة المرأة المعيلة، بالإضافة إلى القيام بدراسة متعمقة عن المرأة المعيلة وأوضاعها المختلفة.
والسعي الحثيث لتعليمهن المهارات الاقتصادية اللائقة للعمل، كذلك منحهن الضمان والحماية وشمولهن بالقروض المادية واتاحة فرص العمل وتعزيز مشاركتهن في النشاطات الاجتماعية وتخليصهن من الشعور بقلة القيمة وجعل نظرة المجتمع لهن نظرة سليمة.
***************************************
محو الأمية.. ولكن كيف؟
أعلن الجهاز التنفيذي لمحو الأمية، مؤخراً، عن "انخفاض" نسبة الأمية في العراق، وأكد لنا بكل ثقة أن عدد مراكز محو الأمية في تزايد مستمر. للحظة، شعرنا بأننا على أعتاب نهضة تعليمية تضع البلاد في مصاف الدول المتقدمة. لكن قبل أن نفرح، دعونا ندقق ونستقصي عن الحقيقة.
الواقع يقول إن النساء، وخصوصا في المناطق الريفية، ما زلن يعانين الأمرّين بسبب الضغوط المجتمعية التي تمنعهن من التعليم، مما يضعف من مصداقية اعلان الجهاز، إذ كيف يمكن أن تنخفض نسبة الأمية بينما تُمنع النساء من الوصول إلى المدارس أصلا؟ وهل نحن نحارب الأمية بالأوهام والشعارات؟ وهل تسطير الإحصائيات على الورق كافٍ لتحسين الواقع؟ ثم أين هذه المراكز التي "تتزايد"؟ أهي موجودة في أحياء بغداد فقط؟ أم أنها مجرد لافتات تعلق على جدران فارغة في القرى النائية؟ المشكلة ليست في عدد المراكز، بل في الوصول إليها، وفي مدى قدرتها على جذب النساء، خاصة وهّن يعاملن وكأن التعليم رفاهية وليس حقا أساسيا.
محو الأمية، يا سادة، لا يتم بمجرد إعلان انخفاض النسبة، ولا بتزايد عدد المراكز على الورق. إنه يبدأ برفع القيود الاجتماعية التي تمنع المرأة من التعلم، وتوفير بيئة حقيقية تشجع الفتيات والنساء على التعليم.
حتى ذلك الحين، دعونا نستمتع بالإحصائيات ونصدق أننا بخير، لأن الحقيقة دائما صعبة على غير الجادّين!
محرر الصفحة
************************************
الصفحة السادسة
وجهة نظر.. في ضوء الحروب الراهنة مستقبل النظام الدولي
د.خالد حمزة المعيني*
اذا كان المقصود بالبنية الفوضوية للنظام الدولي هو غياب سلطة دولية (ما فوق الدول) او مؤسسات دولية للضبط، وظيفتها (الحل أو الحد او الحيلولة دون ان يؤدي تعارض مصالح الدول المتضاربة الوصول الى نقطة الصدام العسكري)، كما في وظيفة عصبة الأمم بعد الحرب العالمية الأولى (1914 – 1918) والتي فشلت كمؤسسة ضبط دولي دون الحيلولة في قيام الحرب العالمية الثانية (1939 – 1945) والتي تشكلت على أثر خسائرها البشـرية الهائلة (الأمم المتحدة) كحكومة عالمية من خلال مجلس الامن وابواب الميثاق/ السادس والسابع، لمنع أي تهديد للسلم والأمن الدوليين، فأنه من الواضح على ضوء حروب (أوكرانيا 2022 ، غزة 2023 ، الحرب الإيرانية – الإسرائيلية 2025) ان الأمم المتحدة باتت مؤسسة عاجزة ومشلولة كلياً في ضوء تحكم الدول العظمى، وباتت هياكلها متخلفة عن طبيعة متغيرات ومستجدات التحديات الدولية وغير قادرة على منع او تفادي قيام حروب فيها خروقات جسيمة للقانون الدولي، ويمكن بهذا الصدد تشبيهها بما آل اليه دور جامعة الدول العربية كمنظمة إقليمية، لا تتعدى مقرراتها سوى حبر على الورق.
مما تقدم فإن طبيعة النظام الدولي في طريقه في ظل شلل وعجز مؤسسات الضبط الدولية القائمة (الأمم المتحدة، محكمة العدل الدولية ، المحكمة الجنائية الدولية)، وفي ظل بـروز قوى فاعلة تستطيع تعظيم قوتها عبر تكنولوجيا السلاح المطعمة بالذكاء الاصطناعي، رغم انها دول صغيرة او مجموعات متطرفة أو ربما حتى افراد، فإن النظام الدولي في ظل هذه المتغيرات قد يهبط باتجاه بنية دولية (فوضوية)، وبحالة من السيولة وعدم اليقين لا يمكن التنبؤ بنتائجها او حسابها بدقة، كما كان هذا الحال سابقاً من خلال قياس عناصر القوة الملموسة وغير الملموسة للدول كوحدات يتشكل منها النظام الدولي حصرياً.
من الواضح ان النظام الدولي يسير بقوة باتجاه معادلة توازن القوة، حيث ستتحكم القوى العظمى بالمشهد العالمي القادم، وتدير مصالحها وفق هذه المعادلة، في حين سيضمحل دور مؤسسات الضبط الدولية كالأمم المتحدة وملحقاتها، ويتلاشى تدريجيا (مبدأ تساوي الدول وسيادتها في ظل ميثاق الأمم المتحدة).
وهنا، لا بد من الاشارة الى أن مبدأ الأمن الجماعي يختلف عن مبدأ توازن القوى؛ فعلى الرغم من إن كلاهما يسعى لحفظ السلم والامن الدوليين، إلا إن الآلية تختلف؛ حيث يعتمد مبدأ توازن القوة على إعادة توزيع القوة بين الدول بحيث لا تستطيع دولة لوحدها السيطرة على باقي الدول، في حين يقوم مبدأ الأمن الجماعي على التعاون والتحالف بين الدول لمنع وردع أي اعتداء على أي دولة منظمة للتحالف.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*مدير مركز دجلة للدراسات والتخطيط الاستراتيجي
*******************************************
هدنة قريبة أم صفقة سياسية؟ ترامب يعد بوقف الحرب في غزة.. وسط تصاعد الضغوط على نتنياهو
متابعة ـ طريق الشعب
في ظل استمرار المجازر اليومية بحق الفلسطينيين، لا سيما منتظري المساعدات الإنسانية في قطاع غزة، تتكثف التحركات السياسية الإقليمية والدولية سعياً لوقف الحرب المستمرة منذ تشرين الأول عام 2023، وسط وعود أمريكية بإنجاز هدنة "قريبة جداً". الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، أعلن أن "إسرائيل وافقت على الشروط اللازمة لوقف إطلاق النار لمدة 60 يوماً"، مشيراً إلى أن المبادرة تتم بالتنسيق مع مصر وقطر اللتين ستقدمان المقترح النهائي لجميع الأطراف خلال الأسبوع المقبل، بحسب تعبيره. وأضاف ترامب في حديث للصحافيين قبل توجهه إلى فلوريدا: "سأكون حازماً مع نتنياهو بشأن إنهاء الحرب، ونأمل أن نتوصل إلى هدنة خلال الأيام القليلة المقبلة"، مشدداً على أنه سيضغط على حكومة الاحتلال لإنجاح المبادرة.
تعويضات سياسية
لكن صحيفة هآرتس العبرية، كشفت عن مخطط يجري التفاوض عليه خلف الكواليس، يتضمن تقديم ما وصفتها بـ"تعويضات سياسية" لإسرائيل، لتليين موقف وزراء اليمين المتطرف في حكومة بنيامين نتنياهو، الذين يعارضون وقف الحرب دون مكاسب سياسية واضحة. وتشمل هذه التعويضات، بحسب مصادر إسرائيلية وأمريكية وخليجية لم تُكشف هوياتها، إعادة إطلاق محادثات تطبيع مع السعودية، وصفقة مماثلة مع سلطنة عمان، وإعلاناً محتملاً من سوريا لإنهاء حالة العداء مع إسرائيل. وتهدف هذه التحركات إلى "إقناع نتنياهو بقبول اتفاق تبادل أسرى يتضمن وقفا كاملا للقتال"، وفق المصدر.
موقف عائلات الأسرى
في المقابل، تتصاعد الضغوط الشعبية والسياسية داخل إسرائيل، إذ أصدرت عائلات الأسرى المحتجزين في غزة بياناً شديد اللهجة، اعتبرت فيه أن تصريحات ترامب "تحمل رسالة واضحة لنتنياهو بأن الوقت قد حان لإنهاء الحرب"، مضيفة: "المخطوفون لا يستطيعون الانتظار، ونحن أيضاً". وأكدت العائلات أن "الجنود لا يجب أن يدفعوا حياتهم ثمناً لمصالح سياسية شخصية"، في إشارة إلى اتهام المعارضة الإسرائيلية لنتنياهو بـ"إطالة أمد الحرب لخدمة استمراره في السلطة، وإرضاء شركائه في اليمين المتطرف".
مقترح قطري جديد
في سياق متصل، كشفت وسائل إعلام عبرية أن دولة قطر قدمت مقترحاً جديداً لإسرائيل يتضمن تبادلاً للأسرى ووقف إطلاق نار مؤقت.
ووفقاً لهيئة البث العبرية، فإن المقترح يشمل إطلاق 10 أسرى إسرائيليين أحياء، وتسليم جثامين 18 آخرين، مقابل انسحاب جزئي للجيش الإسرائيلي من قطاع غزة، وزيادة المساعدات الإنسانية.
أما صحيفة معاريف، فنقلت أن المقترح القطري ينص على وقف إطلاق نار لمدة 60 يوماً، مع إطلاق سراح ثمانية رهائن أحياء في اليوم الأول، ثم رهينتين إضافيتين في اليوم الخمسين، وإعادة 18 جثة على ثلاث مراحل. كما يشمل انسحاب الجيش الإسرائيلي إلى محور موراج. ورغم التفاؤل الأمريكي، تؤكد مصادر مطلعة على المفاوضات أن خلافات جوهرية لا تزال قائمة بين إسرائيل وحركة حماس، ما يهدد فرص التوصل لاتفاق نهائي في الوقت القريب.
القتال مستمر.. ومجازر يومية
وعلى الأرض، لا تزال آلة الحرب الصهيونية مستمرة في قتل المدنيين، حيث تُسجل مجازر شبه يومية بحق الفلسطينيين، خصوصاً في المناطق التي تشهد تجمعات لمنتظري المساعدات. وتؤكد مصادر طبية أن أعداد القتلى والجرحى تتزايد بشكل يومي، في ظل غياب ممرات آمنة وانعدام المساعدات الإنسانية الكافية. ورغم الوعود الأمريكية بالهدنة، تبدو الصورة الميدانية مختلفة، حيث تواصل قوات الاحتلال عملياتها العسكرية في شمال ووسط القطاع، وسط تصعيد في القصف الجوي والمدفعي.
في ضوء التصريحات الأمريكية المتكررة، والتحركات القطرية والمصرية، تظل التساؤلات قائمة: هل نحن أمام صفقة سياسية متعددة الأطراف تنهي الحرب على حساب القضايا الجوهرية؟ أم أنها مجرد محاولة لإنقاذ نتنياهو من مأزقه الداخلي؟ وهل سيكون لهذه الهدنة المؤقتة أثر فعلي في تخفيف معاناة المدنيين، أم ستكون فصلاً جديداً من لعبة الوقت؟
القتل او الجوع!
من جانب اخر، دعت 169 منظمة حقوق إنسان ومنظمة إنسانية من إسرائيل والعالم، حكومة الاحتلال إلى الوقف الفوري لعمل "مؤسسة غزة الإنسانية" (GHF) والسماح للأمم المتحدة باستئناف توزيع الغذاء على السكان في غزة.
وجاء في بيان مشترك نُشر أمس الاول الثلاثاء، أن نظام توزيع الغذاء الذي أنشأته إسرائيل عبر المؤسسة يضع الفلسطينيين أمام "خيار مستحيل" – إما الجوع أو المخاطرة بالتعرض لإطلاق النار.
وأشارت المنظمات إلى أن إسرائيل والمؤسسة استبدلا 400 نقطة توزيع غذاء كانت تعمل أثناء وقف إطلاق النار بأربع نقاط فقط تخضع لسيطرة جيش الاحتلال، ما اضطر مليوني شخص لدخول مناطق عسكرية والتعرض لإطلاق نار يومي أدى إلى سقوط عدد كبير من الشهداء. وأضاف البيان: "مدنيون جوعى وضعفاء يُجبرون على السير لساعات عبر مناطق خطرة"، مؤكدًا أن هذه المناطق تحولت إلى ساحات مجازر متكررة في تجاهل صارخ للقانون الإنساني الدولي. وأضاف البيان، أنه حتى في حال تمكن بعض العائلات من الحصول على بعض المواد الغذائية من المؤسسة، فإنها لا تستطيع طهوها بسبب نقص المياه النظيفة وغاز الطهي. ومن بين الموقعين على البيان: منظمة العفو الدولية، أطباء بلا حدود، أوكسفام، أنقذوا الأطفال، إضافة إلى معظم منظمات حقوق الإنسان الإسرائيلية، مثل جمعية حقوق المواطن، بتسيلم، أطباء من أجل حقوق الإنسان، و"جيشا".
******************************************
رئيس الوزراء اللبناني: لا استقرارَ بوجود الاحتلال الإسرائيلي
بيروت – وكالات
أكد رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام، امس الأربعاء، أن تحقيق الاستقرار في لبنان غير ممكن ما دامت إسرائيل تواصل احتلال أراضٍ لبنانية وانتهاك السيادة الوطنية، مشيراً إلى أن حكومته تبذل جهوداً دبلوماسية مكثفة لتنفيذ القرار الدولي رقم 1701، والضغط من أجل إعادة الإعمار وضمان العودة الكريمة للمهجرين.
جاءت تصريحات سلام خلال كلمة ألقاها في اجتماع خاص في العاصمة بيروت، حيث شدد على أن الدولة اللبنانية "تسعى لبسط سلطتها الكاملة على جميع أراضيها بقواها الذاتية، وحصر السلاح بيدها وحدها"، مضيفاً أن الحكومة "عززت السيطرة على مطار رفيق الحريري الدولي والطريق المؤدي إليه عبر إجراءات إدارية وأمنية صارمة تهدف إلى الحد من التهريب وتعزيز السلامة العامة".
وأشار رئيس الوزراء إلى أن الحكومة أطلقت تعاوناً مباشراً مع الجانب السوري لضبط الحدود، ومكافحة التهريب، وتأمين العودة الآمنة والكريمة للنازحين السوريين.
وفي سياق متصل، كشف مسؤول لبناني في تصريح لوكالة الأناضول، أن المقترح الذي قدمه المبعوث الأميركي إلى سوريا ولبنان، توم باراك، خلال زيارته إلى بيروت في حزيران الماضي، يتمحور حول ثلاثة عناوين رئيسية، أبرزها حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية.
*******************************************
استعداداً للانسحاب.. فرنسا تسلّم قاعدة روفيسك إلى السنغال
داكار – وكالات
سلّمت القوات الفرنسية، قاعدة روفيسك العسكرية إلى الحكومة السنغالية، في خطوة تُعد الرابعة ضمن خطة الانسحاب الكامل من البلاد، التي من المقرر أن تكتمل بحلول 18 تموز الجاري، لتُطوى بذلك صفحة وجود عسكري فرنسي استمر لأكثر من 100 عام في الدولة الواقعة غرب أفريقيا.
وجرى تسليم القاعدة دون مراسم رسمية، واقتصر الحدث على توقيع بروتوكولي بين ممثلين عن الجيشين السنغالي والفرنسي، إلى جانب مسؤولين من سفارة باريس في داكار. وتقع القاعدة على بُعد 30 كيلومترًا جنوب العاصمة داكار، وكانت تُستخدم منذ عام 1960 كمحطة بث إذاعي عسكرية، مكلفة بالتواصل مع السفن والغواصات الفرنسية على السواحل الأطلسية.
وشهدت الأسابيع الماضية مغادرة آخر 20 جندياً فرنسياً من القاعدة، ليُطوى بذلك فصل آخر من الوجود العسكري الفرنسي في السنغال، التي يُطلق عليها بعض المثقفين في غرب أفريقيا لقب "باريس الصغيرة".
ومن المقرر أن تستلم السلطات السنغالية في منتصف الشهر الجاري قاعدتين إضافيتين، إحداهما وسط مطار داكار الدولي، والأخرى في حي بلاتو المطل على الميناء، ما سيُنهي الوجود العسكري الفرنسي بشكل كامل.
ويأتي هذا الانسحاب تنفيذاً لقرار اتخذته الحكومة الجديدة برئاسة الرئيس باسيرو ديوماي فاي، الذي اعتبر أن "الوجود العسكري الفرنسي يتنافى مع سيادة السنغال واحترام استقلالها".
ويعكس القرار اتجاهاً متصاعداً في عدد من دول غرب أفريقيا لإعادة النظر في الشراكات العسكرية التقليدية، في ظل تصاعد الأصوات المطالبة بالاستقلال الفعلي عن النفوذ الفرنسي، والتحول إلى نماذج تعاون جديدة تحترم سيادة الدول الأفريقية.
****************************************
72 في المائة من الأوكرانيين يريدون نهاية سريعة للحرب
متابعة – طريق الشعب
بين استطلاع جرى أخيرا، أن هناك أغلبية واضحة في أوكرانيا تريد السلام مع روسيا على الرغم من خسارة بعض المناطق، وهناك أقلية بنسبة 21 في المائة تريد مواصلة الحرب، وان 36 في المائة فقط من الأوكرانيين يؤيدون العضوية الاتحاد الأوروبي.
ترغب غالبية كبيرة من الشعب الأوكراني في إنهاء الحرب ضد روسيا بسرعة عبر الوسائل السلمية. جاء ذلك نتيجة لاستطلاع رأي تمثيلي أجرته مؤخرًا ثلاثة معاهد أوكرانية. وعند سؤال المشاركين عن اختيار أحد سيناريوهات الحرب الأربعة المحددة مسبقًا، اختار حوالي 56 في المائة منهم خيار "البحث عن حل وسط بمشاركة قادة دول أخرى لإنهاء الحرب". بينما اختار أكثر من 16 في المائة منهم خيار "تعليق الأعمال العدوانية وتجميد النزاع مؤقتًا على طول خط التماس الحالي". واختار حوالي 21 في المائة فقط من المشاركين الخيارين الآخرين، واللذين ينصان على استمرار الحرب حتى الوصول إلى حدود شباط 2022 وحدود عام 1991 على التوالي. ولم يتمكن أو لم يرغب أقل من 7 في المائة من المشاركين في الاستطلاع في اختيار أي من الخيارين المحددين مسبقًا. أُجري الاستطلاع بين 6 و11 حزيران الفائت، وشارك فيه 2000 مواطن بالغ في المناطق الخاضعة لسيطرة كييف في أوكرانيا، وذلك بالتعاون مع معهد الدراسات الاستراتيجية (جانوس)، ومركز البحوث الاجتماعية والسوقية (سوسيس)، ومعهد بارومتر الرأي العام. وتؤكد النتائج استطلاعات سابقة أجرتها معاهد أخرى، على سبيل المثال، في شباط 2024 وكانون الثاني 2025، حيث دعا أكثر من 70 في المائة من الأوكرانيين أيضًا إلى إجراء مفاوضات سلام سريعة.
ووفق الاستطلاع، في حال إجراء مفاوضات و"وقف مؤقت للأعمال العدوانية"، أيد ما يقرب من 58 في المائة إجراء انتخابات رئاسية على الفور. بينما أيد حوالي 4 في المائة إجراء انتخابات محلية حصرية، وأيد 33 في المائة تأجيل الانتخابات حتى لو رُفعت الأحكام العرفية.
عند سؤال المشاركين عن مسار التنمية الذي ينبغي أن تسلكه أوكرانيا بعد انتهاء الحرب، وأيّد قرابة 36 في المائة فقط منهم عضوية الاتحاد الأوروبي. في المقابل، فضّل حوالي 57 في المائة منهم مسارًا أوكرانيًا مستقلًا قائمًا على "موارده الخاصة".
مع ذلك، لو أُجري استفتاء على انضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي قريبًا، لصوّت حوالي 69 في المائة منهم بـ "نعم"، بينما رفض 20 في المائة فقط عضوية الاتحاد الأوروبي. سيصوّت أكثر من 62 في المائة من الأوكرانيين لصالح عضوية بلادهم في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، بينما سيعارضها حوالي 25 في المائة المشاركين.
تناولت المواضيع الأخرى التي غطاها الاستطلاع الحالي قضايا السياسة الداخلية. ووفقًا للاستطلاع، يرى حوالي 82 في المائة من المشاركين أن "المستوى الحالي للفساد في أوكرانيا" "مرتفع جدًا" (44 في المائة) أو "مرتفع" (38 في المائة). وحمل 55 في المائة المشاركين الدولة مسؤولية ارتفاع مستوى الفساد، وحمل 40 في المائة من المشاركين هيئات مكافحة الفساد، في حين حمل 31 في المائة رئيس الجمهورية مسؤولية الفساد.
******************************************
الصفحة السابعة
اقتصاد الحرب هل تم الاستعداد له؟
إبراهيم المشهداني
انشغل سياسيون واقتصاديون من دول مختلفة خلال الفترة الماضية من احتمال امتداد الحرب إلى العراق بعد أن اشتد تبادل القصف بين إسرائيل وإيران بمختلف الأسلحة المتطورة في كل منهما، وبالنظر للظروف الجيوسياسية التي تحيط بساحة الحرب فقد حذر هؤلاء العراق من إمكانية انتقال سعيرها إلى ساحته سواء إذا ما تحولت إلى حرب إقليمية شاملة.
إن نذر الحرب الشاملة وعوامل اندلاعها ما تزال قائمة فان روسيا على لسان نائب وزير الخارجية الروسي نقل عن بوتين قلقه من شمولية الحرب فإنها إن وقعت ستغير الشرق الأوسط جذريا ولهذا حذر أمريكا من مغبة التدخل المباشر، كما أن إسقاط النظام الإيراني كان مخططا تاريخيا فان مؤشرات ما يحدث ترجعها التحليلات إلى الكتاب الصادر عن مؤسسة بروكنيز عام 2009 تحت عنوان (أي طريق إلى بلاد فارس). أصدر هذ الكتاب خبراء السياسة الخارجية بمن فيهم كنيث بولاك وسوزان مالوني وروس ريدل وقد حددت خيارات السياسة الأمريكية للتعامل مع إيران، وسرب الكتاب خمسة خيارات استراتيجية للتعامل معها وتضمن الفصل الخامس منها تركها لنتينياهو السماح لحثه على تنفيذ هجوم عسكري، ومن جهة أخرى فان السفير الأمريكي في إسرائيل وجه رسالة ما إلى ترامب يحثه في اتخاذ خطوة تاريخية على غرار قرار ترومان الرئيس الأمريكي الأسبق في عام 1945 بضرب هيروشيما وناغازاكي اليابانيتين بالقنبلة الذرية قائلا له أنا لا حثك ولكن أشجعك.
وفي تقرير نشرته مجلة فورن بوليسي قال نيكولاس مولدر إنه يغير المجتمع خطواته تجاه موقف الحرب فإن ذلك لا يساعد في التغلب على الازمة فحسب وانما يساهم في تغييره إلى الأبد، لكن ما هو اقتصاد الحرب وما تم استخدامه وما هي التغييرات التي يحدثها في المجتمع؟
وفي اقتصاد الحرب جوهر موضوعنا فإن الانفاق العسكري سيكون مهيمنا على كل أشكال الانفاق بسبب تعاظم متطلبات الحرب التي تتطلب بشكل أساس إدارة كفوءة في تعبئة الموارد وأوجه التصرف بها بعيدا عن الهدر المالي وكل اشكال الفساد. ومن الطبيعي أن اقتصاد الحرب لا ينبغي النظر اليه بوصفه فرعا مستقلا من فروع علم الاقتصاد بل من كونه أسلوبا مؤقتا في تحليل الأنشطة العسكرية مرهونا بحالة الحرب وامدها.
وانطلاقا من هذه المفاهيم المتقدمة والتي لا يمكن اسقاطها حرفيا على الحالة العراقية ولكنها مبادئ عامة يمكن الاسترشاد بها بما يتلاءم مع خصوصية طبيعة الحرب ومع ذلك فان الاقتصاد في العراق يتسم يهيمنه الريع النفطي وغياب الدور الفعال للإنتاج الصناعي والزراعي وفيه الاقتصاد الموازي والتهريب والابتزاز، وتحكم العصابات وتجار الحرب في التجارة والتوزيع وبروز قوى فاعلة تمتلك القوة والميليشيات والأموال تستطيع استغلال اقتصاد الحرب لتعزيز سيطرتها على موارد البلاد والتحكم بالجماهير المسحوقة.
إن التعريف الأوسع لاقتصاد الحرب قائم على النموذج الاقتصادي الذي يتم ارساؤه في المجتمع من أجل التعامل مع النزاعات المسلحة بشكل عام يفيد الاستدلال على هذه النماذج إلى أمور كثيرة على غرار تغير الإنتاجية، طلب تقديم التضحيات من قبل المواطنين في حياتهم اليومية والتوصل إلى إصلاحات سياسية وعند الحديث عن اقتصاد الحرب تشير الحكومة او القادة السياسيون إلى تركيز جميع الجهود الاقتصادية وإطلاق تعبئة عامة للمجتمع لدعم المجهود الحربي ليس فقط توفير الجنود للحرب وانما تعزيز الإنتاج.
ومن خلال انشاء اقتصاد الحرب فمن الطبيعي تغيير ما تنتجه المصانع والتركيز على الإنتاج الزراعي او فرض ضرائب جديدة على الفئات الاجتماعية الميسورة وقد تخار الحكومة اصدار سندات خاصة للدولة وان كان الطلب على مثل هذه السندات بدون حالة الحرب حاليا بطيئا، يمكن للمواطنين بموجبها تقديم الأموال إلى الدولة مباشرة كنوع من الإقراض، مقابل فوائد مناسبة يمكن استردادها عند انتهاء الحرب.
**************************************************
ترامب يريد توسيع التطبيع.. فهل يضغط لوقف الحرب على غزة؟
د. ماهر الشريف*
بعد الضربة الجوية التي وجهها إلى منشآت إيران النووية، ثم نجاحه في التوصل إلى وقف لإطلاق النار في الحرب بين إسرائيل وإيران التي استمرت 12 يوماً، يأمل الرئيس الأميركي الآن في استئناف السير على طريق تطبيع العلاقات بين إسرائيل ودول عربية أخرى، فهل يسعى إلى إقناع بنيامين نتنياهو بإنهاء الحرب في قطاع غزة، كتمهيد لتوسيع اتفاقيات التطبيع؟
هل تسعد دول عديدة فعلاً للتطبيع مع إسرائيل؟
في 27 حزيران/يونيو الجاري، قال الرئيس الأميركي من المكتب البيضاوي خلال احتفالية بالاتفاق بين الكونغو ورواندا، إنه "تحدث إلى بعض المعنيين" بالمفاوضات، وأضاف: "أعتقد أن الأمر قريب؛ نتوقع التوصل إلى وقف لإطلاق النار خلال أسبوع". وقدّرت صحيفة "ليبراسيون" الباريسية أن دونالد ترامب ما زال يحلم بأن يكون "صانع سلام"، والفائز بجائزة نوبل للسلام، و"ها هو الآن يتجه مرة أخرى نحو غزة، بتفاؤل غامر لا تثنيه عنه الضربات الإسرائيلية المستمرة على القطاع الفلسطيني، لا سيما بالقرب من مواقع توزيع المواد الغذائية" .
أما نشرة "مختارات من الصحف العبرية"، التي تصدرها مؤسسة الدراسات الفلسطينية، فقد نقلت عن صحيفة "يديعوت أحرونوت"، في اليوم نفسه، أن هناك تقديرات في إسرائيل تفيد بأن يتوجه بنيامين نتنياهو إلى واشنطن، في الأسبوع الثاني من شهر تموز/يوليو المقبل، للقاء الرئيس دونالد ترامب، وأن يبحث معه "توسيع نطاق اتفاقيات أبراهام، والدفع قدماً باتفاق لإطلاق سراح المخطوفين الإسرائيليين وإنهاء القتال في قطاع غزة". وأضافت الصحيفة أن هذه التقديرات تستند إلى إشارة المبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، في 26 من الشهر الجاري، إلى احتمال توسيع نطاق "اتفاقيات أبراهام"، وتحقيق الاستقرار الإقليمي.
كان ستيف ويتكوف قد عبّر في مقابلة مع قناة التلفزة الأميركية "سي إن بي سي"، يوم الأربعاء في 25 من الشهر الجاري، عن اعتقاده "بأن دولاً أخرى ستنضم قريباً إلى اتفاقيات أبراهام"، وقال "نتوقع أن نصدر قريباً إعلانات رئيسية حول انضمام دول إلى اتفاقيات إبراهام"، وأن "من أهم أولويات الرئيس توسيع نطاق اتفاقيات أبراهام وضم المزيد من الدول إليها، ونحن نعمل بنشاط على ذلك" إلا أإنه لم يُسمِّ الدول المتوقع انضمامها إلى هذه الاتفاقيات. وأضاف: "ستكون هذه خطوة قيّمة نحو تحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط".
وفيما يتعلق بالصراع الحالي مع إيران وبرنامجها النووي، صرّح ستيف ويتكوف بأن "أنشطة التخصيب والأسلحة النووية التي تقوم بها إيران تُمثّل خطوطاً حمراء للولايات المتحدة"، معرباً عن أمله في التوصل إلى اتفاق سلام شامل مع طهران، وحذر قائلاً: "لا يمكننا قبول الأسلحة النووية؛ سيزعزع ذلك استقرار المنطقة بأكملها: سيرغب الجميع حينها في امتلاك قنبلة، وهذا ليس خياراً". وكان المبعوث الأميركي قد أشار إلى توقعات مماثلة بشأن التطبيع في فاعلية أقيمت الشهر الماضي بمناسبة "عيد الاستقلال"، وقال: "نعتقد أننا سنعلن قريباً عن بعض الإعلانات، إن لم يكن الكثير منها، ونأمل أن تُمثل تقدماً كبيراً بحلول العام المقبل". بينما أعلن دونالد ترامب في منتصف أيار/مايو الفائت، في خطاب ألقاه في الرياض في افتتاح قمة استثمارية: "أملي وأمنيتي، بل حلمي، أن تنضم السعودية قريباً إلى اتفاقيات أبراهام". وفي اليوم التالي، التقى ترامب بالرئيس السوري أحمد الشرع ودعاه أيضاً إلى الانضمام إلى هذه الاتفاقيات.
من جهته، قال بنيامين نتنياهو مساء الخميس في 26 حزيران/يونيو الجاري، في مقطع فيديو بثه مكتبه، إنه يرى فرصة "لتوسيع اتفاقيات السلام" بعد الحرب مع إيران، وأضاف: "لقد قاتلنا بإصرار ضد إيران وحققنا انتصاراً كبيراً، وهذا الانتصار يمهد الطريق لتوسيع اتفاقيات السلام بصورة كبيرة". وطلب نتنياهو، الذي يواجه محاكمة طويلة الأمد بتهمة الفساد، تأجيل جلسات الاستماع المقبلة، واستند محاميه إلى "التطورات في المنطقة والعالم"، بعد الحرب مع إيران واستمرار الحرب في غزة. وأضاف نتنياهو في هذا الفيديو: "إلى جانب تحرير رهائننا والانتصار على حماس، فتحت نافذة فرصة - لا يجب أن نفوتها، لا يجب أن نضيع يوماً واحداً". وقد انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي صورٌ للوحات إعلانية في تل أبيب كُتب عليها "عهد أبراهام؛ حان الوقت لبناء شرق أوسط جديد"، إلى جانب صور قادة عرب.
هل هناك ما يدعو إلى التفاؤل بقرب إنهاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة؟
أعلن دونالد ترامب يوم الأربعاء في 25 من الشهر الجاري، خلال مشاركته في قمة حلف الأطلسي في هولندا، أن "تقدماً كبيراً قد أحرز نحو وقف إطلاق النار في غزة بين إسرائيل وحركة "حماس"، بعد أكثر من 20 شهراً من الحرب، مضيفاً أن مبعوثه الخاص ستيف ويتكوف أخبره أن "غزة قريبة جداً" من التوصل إلى حل. وأعرب عن تفاؤله بشأن "أخبار جيدة جداً لغزة"، في ضوء وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران.
وكانت قطر قد أعلنت، يوم الثلاثاء في 24 من هذا الشهر، أنها ستطلق مبادرة جديدة لوقف إطلاق النار في القطاع المنكوب. وبينما قال طاهر النونو، أحد المتحدثين باسم حركة "حماس": "اتصالاتنا مع الإخوة الوسطاء المصريين والقطريين لم تتوقف أبداً، بل ازدادت كثافة في الساعات الأخيرة"، لكننا "لم تتلق أي مقترحات جديدة بعد"، رفضت الحكومة الإسرائيلية التعليق على أي محادثات محتملة لوقف إطلاق النار، مؤكدة "أن الجهود لإعادة الرهائن مستمرة على أرض المعركة ومن خلال المفاوضات".
هل بنيامين نتنياهو على استعداد لوقف حرب الإبادة؟
يواجه بنيامين نتنياهو ضغوطاً متزايدة من المعارضة، ومن أقارب المحتجزين في قطاع غزة، وحتى من بعض أعضاء ائتلافه، لإنهاء الحرب في القطاع، وخصوصاً بعد تزايد الخسائر التي صار يتعرض لها جيش الاحتلال في مواجهاته مع المقاومين الفلسطينيين. وتنعكس هذه الضغوط في المقالات التي تنشرها الصحف الإسرائيلية في الأيام الأخيرة. ففي مقال بعنوان: "هذا هو وقت إيقاف الحرب الدامية في غزة"، نُشر في 25 من الشهر الجاري على قناة "ن 12"، ربط خبير "الأمن القومي" والعقيد المتقاعد كوبي ماروم ما بين إنهاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة والتقدم على طريق تطبيع العلاقات بين إسرائيل، من جهة، والمملكة العربية السعودية ودول عربية أخرى، من جهة ثانية. وقد بدأ مقاله، الذي نقلته نشرة "مختارات من الصحف العبرية"، بالتعليق على مقتل ضابط وستة جنود إسرائيليين في اليوم نفسه في خان يونس، فكتب: "صباح اليوم (الأربعاء)، تلقينا نبأ الكارثة الثقيلة في خان يونس، حيث سقط سبعة من مقاتلينا جرّاء عبوة ناسفة؛ بعد نشوة الإنجازات الهائلة في إيران، ارتطمنا بأرض الواقع الدامي في غزة"، مقدّراً أن هذه الإنجازات "تتيح فعلاً للمستوى السياسي ورئيس الحكومة اتخاذ قرار شجاع بشأن إنهاء الحرب في غزة، انطلاقاً من موقع القوة؛ فهذه الحرب يتبين، أكثر فأكثر، أنها حرب استنزاف، ولا تساهم في تحرير الأسرى، في رأيي، بل تعرّضهم للخطر، وتقيّد قدرة الجيش الإسرائيلي على القتال، ولن تؤدي إلى تدمير "حماس"".
ورأى الخبير العسكري نفسه أن على بنيامين نتنياهو "أن يُظهر قيادة شُجاعة، ويتخذ قراراً استراتيجياً بشأن إنهاء الحرب، وذلك على الرغم من القيود السياسية والمطالب باجتياح القطاع وفرض إدارة عسكرية من التيارات اليمينية في الحكومة، ومن خلال رؤية استراتيجية للواقع المتغير لمصلحة أمننا القومي"، معتبراً أن إنهاء الحرب في غزة "يمثل رافعة استراتيجية للإنجازات الهائلة التي حققها الجيش الإسرائيلي لبناء ذلك المحور السنّي بقيادة الولايات المتحدة ضد إيران، بما يعمّق عزلتها وضعفها في المنطقة، ويعزز الردع في مواجهتها"، ذلك إن اتفاق تطبيع مع السعودية ودول أُخرى "سينتج واقعاً جيوسياسياً جديداً يصب في مصلحة إسرائيل"، ليخلص إلى أن الرئيس ترامب، الذي "اتّخذ قراراً شجاعاً في المسألة الإيرانية، يرغب في رؤية شرق أوسط جديد مع نظام جديد، يتضمن اتفاق تطبيع مع السعودية، وبناء محور سنّي ضد إيران، وتوسيع اتفاقات أبراهام لتشمل سورية ولبنان، اللذين كانا حتى وقت قريب جزءاً من المحور الشيعي" (6).
في مقال آخر بعنوان: "القيادة لا ترى الانهيار: مقاتلون مُنهكون، وضباط يستقيلون، ووهم الانتصار يتبدد"، نشرته صحيفة "معاريف" في 26 من الشهر الجاري، ركّز المحلل العسكري للصحيفة آفي أشكينازي على الإنهاك الذي أصاب جنود جيش الاحتلال وضباطه وعلى عدم وضوح أهداف الاستمرار في حرب لا تنتهي، فتوقف عند مقتل ضابط وحدة الهندسة الحربية وجنوده الستة في تفجير عبوة ناسفة في مركبتهم في خانيونس، معتبراً أن هذا الحدث "يُعد إخفاقاً خطِراً يصل إلى أعلى مستويات القيادة في إسرائيل، من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، مروراً بوزير الدفاع يسرائيل كاتس، وصولاً إلى رئيس الأركان اللواء إيال زامير ونائبه العميد تامير يدعي وقائد المنطقة الجنوبية الجنرال يانيف عاشور، وغيرهم من كبار الجنرالات".
وأضاف: "بعد 629 يوماً من القتال، حان الوقت للاعتراف بأن الجيش الإسرائيلي يواجه صعوبات كبيرة، بل صعوبات خطِرة، يعمل الجيش بقوة في غزة، وقد نفّذ كل ما في وسعه - احتل جباليا عدة مرات، دمّر بيت حانون، احتل رفح أكثر من مرة، ودمّر معظم مبانيها وأحيائها، وفي خان يونس، يشن عمليات متكررة في محاولة للقضاء على الكتائب المحلية"، كما يواجه إنهاكاً يؤدي إلى نتائح سلبية: "من حوادث ميدانية، إلى تباطؤ في الأداء، إلى انخفاض في الحيوية القتالية، وإرهاق ذهني وجسدي، وضعف في التخصص العسكري، وإلى جانب الإنهاك البشري، هناك تآكل في الأسلحة، وفي الدبابات وناقلات الجند والطائرات"، ليخلص إلى أن مشكلة الجيش الإسرائيلي الكبرى "هي أن القيادة السياسية لا تعرف إلى أين تريد الذهاب في غزة؛ فعملية "عربات جدعون" لا تزال بعيدة عن تحقيق الأهداف التي وضعها المستويان السياسي والعسكري"، لكن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الحرب يسرائيل كاتس "منفصلان عن الواقع، يتجاهلان الوضع، وينشغلان الآن بحملة انتخابية بعضلات منفوخة، ويجب أن نقول بوضوح: إنهما لا يتصرفان بمسؤولية وطنية، لا يريان حال الجيش، ولا حجم الإنهاك، ولا عدم وجود هدف من استمرار الحرب"، الأمر الذي يفرض الآن، على رئيس الأركان، الجنرال إيال زامير، أن يعرض صورة الوضع: "حرب لا هدف لها، ويجب أن يعرض حال الجيش، وتبعات الاستمرار في الغرق في المستنقع الغزاوي، والتكاليف المحتملة التي قد ندفعها".
فهل سيخضع نتنياهو لهذه الضغوط ويعمل فعلاً على إنهاء حرب الإبادة التي يشنها جيشه على قطاع غزة؟
في حوار أجرته معه قناة "ت ف1 إنفو" الفرنسية، قدّر جان بول شانيولو، الأستاذ الفخري في الجامعات الفرنسية والمتخصص في الشأن الفلسطيني، أن المجتمع الدولي يؤيد بأكمله وقف إطلاق النار في قطاع غزة، "لكن الائتلاف الحاكم في إسرائيل لا يريده؛ من الصحيح أن رئيس الحكومة الإسرائيلية سيُجبر على القيام بذلك يوماً ما، ولكن لكي يحدث ذلك نحتاج إلى الضغط على بنيامين نتنياهو مجدداً"، مشيراً إلى أن هذا الأخير "يتعرض لانتقادات شديدة في بلاده لعدم جعله قضية الرهائن على رأس أولوياته، أما بالنسبة لبقية القضايا، وتحديداً سحق غزة وتدميرها، فقد حظي دائماً بدعم الرأي العام"، إذ أعلنت إسرائيل "أنها ستستأنف القتال ضد حماس، لكن الوضع وصل إلى طريق مسدود". فاليوم لم يعد الأمر يتعلق بحرب "بل بتطهير عرقي متقدم بالفعل، لا سيما مع تركيز سكان قطاع غزة بالقرب من المواصي (جنوباً) واستخدام الجيش الإسرائيلي للمساعدات الغذائية، مع مقتل العشرات من المدنيين يومياً غالباً برصاص القناصة".
وأضاف: "دعونا لا ننسى أن عملية وقف إطلاق النار قد وُضعت موضع التنفيذ في يناير قبل أن يلغي بنيامين نتنياهو ذلك في مارس؛ والآن، فإن السؤال الحقيقي هو ما إذا كان المجتمع الدولي سيتدخل لإنهاء الصراع". لكن في الوقت الحالي، كما تابع، "يلتزم مجلس الأمن الدولي الصمت، بينما يتبنى الأوروبيون موقف الانتظار والترقب، بعد تأجيل مناقشات فرض عقوبات محتملة على إسرائيل، ويكمن الحل، مرة أخرى، في واشنطن، يكمن مفتاح إنهاء هذا الصراع في يد شخصية، أقل ما يُقال عنها، إنه لا يمكن التنبؤ بتصرفاتها".
وتعليقاً على قيام الرئيس إيمانويل ماكرون بتأجيل مؤتمر الأمم المتحدة في نيويورك، برعاية فرنسا والمملكة العربية السعودية، الذي كان يهدف إلى اقتراح مسار لحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني على قاعدة "حل الدولتين"، رأى شانيولو أن بنيامين نتنياهو "أراد تدمير هذه المفاوضات [في نيويورك]، تماماً مثل تلك التي كان المخطط لها في عُمان بشأن البرنامج النووي الإيراني"، وخلص إلى أن من الآن فصاعداً، يبرز طريقان محتملان: إما أن نتمسك بمنطق الهيمنة القائمة على القوة العسكرية فقط، أو أن نحاول تهدئة المنطقة حقاً من خلال تسويات سياسية تفاوضية؛ هذا يعني، عملياً، أننا سنستأنف المفاوضات مع إيران ونسعى إلى اتفاق يُفضي في النهاية إلى قيام دولة فلسطينية؛ أما إذا تمسكنا بسياسة التدمير بالوسائل العسكرية، فلن نحقق شيئاً".
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* باحث ومؤرخ في مؤسسة الدراسات الفلسطينية – بيروت.
********************************************
الصفحة الثامنة
الصحافة الشيوعية في عيدها التسعين.. أداة لتنمية الوعي
د. جاسم محمد حافظ الساعدي
يحتفل الشيوعيون العراقيون بالذكرى التسعين لصدور أول صحيفة سرية، صحيفة (كفاح الشعب) في 31 تموز 1935، وما تلاها من صحف مركزية كالشرارة والقاعدة واتحاد الشعب وطريق الشعب، وأخرى يسارية كالحارس والعصبة والفكر الجديد والمثل العليا والفرات ووحدة العمال ونضال الفلاح وكفاح الطلبة وصوت الشعب وحرية الوطن وغيرها.
ويحتفل معهم في هذه المناسبة كل وطني، وجد في حزبهم وصحافته ملاذا آمنا له، للتعبير عن رؤاه، لاسيما عندما تشتد وتائر الصراع الطبقي ويفقد الوطن استقلاله وتعصف بشعبه محن الاستبداد وغياب الحريات وكتم الأفواه، وذلك لأن هذه الصحافة كانت دوماً ساحة رحبة للتعبير عن مصالح الناس، ومنفذاً واضحاً للخروج من العتمة الماضوية في الفكر والممارسة الحياتية، وقارباً للإبحار نحو المستقبل، ومشّغلاً لنشاط العقول الباحثة عن وطن حر وشعب سعيد، عن وطن للتآخي والمحبة والسلام، بعيداً عن اوجاع وفتن العنصرية والطائفية والمناطقية.
كما كانت هذه الصحافة منظّماً مخلصاً للسواعد الخيّرة في دفاعها عن كل ما يستهدف بلادنا لموقعها الاستراتيجي الهام ولثرواتها الطائلة ودورها التاريخيّ في منطقة الشرق الأوسط. ولذا كان طبيعياً أن يواصل الحزب إصدار صحفه على مدى عمر الدولة العراقية، كأقدم حزب عراقي، ما حاد يوماً عن طريق الحق، وعن تبني مصالح الكادحين والفقراء والدفاع عنها، غير هيّاب من القمع الوحشي الذي تعرض له رفاقه واصدقائه على طول تاريخه المعّمد بدماء شهدائه الخالدين.
كما كان طبيعياً أن تكون صحافة الحزب السرية منها والعلنية، أداة لتنمية الوعي ولحشد الجماهير في الدفاع عن مصالحها الوطنية العليا ومصدر قلق للقوى الرجعية المعادية لمصالح الشعب والوطن. وسأبقى أعتز بعلاقتي بهذه الصحافة التي تعلمت منها حب الوطن وكادحيه، وكان ثمن هذه الدروس يوماً، تفتيشي عند مدخل مدينة الموصل، قادماً من حمام العليل، وكنت أحمل الجريدة بين أوراقي في أول أيام صدورها العلني، فإعتقلوني وإقتادوني الى مدیریة أمن الموصل، حيث تعرضت في المدیریة الى تعذيب نفسي وجسدي وألقوني ومعشوقتي (طريق الشعب) في غرفة نتنة ومظلمة، قبل أن يفرجوا عني بعد تدخل لجنة الجبهة في نينوى.
تحية للعاملين في صحافة الحزب والمجد لشهدائها وللفقيد الكبير ابو گاطع شمران الياسري والتهنئة العطرة لقرائها المحترمين.
****************************************
نبع التنوير
القاضي زهير كاظم عبود
مثل كنز لايقدر بثمن، نلفلف أوراق (طريق الشعب) السرية، ونحاول أن نجعلها أصغر حجما ليسهل تداولها بيننا، نضعها بين القلب والعقل بشوق، حتى نختلي بمكان لايشاركنا به الاّ الثقاة، نفتح صفحاتها القليلة بحذر، ونطالع تلك الموضوعات الشيقة التي تهتم بقضايا الشعب. تزيدنا وعياً ونلتهف أن نطالعها مرة أخرى قبل أن نودعها أمانة عند رفيق آخر.
تلك المساحة الصغيرة التي حصدت وعياً واندفاعاً وحرصاً على المصالح الحقيقية للفقراء من أهل العراق باختلاف طبقاتهم، شكلت لنا سببا لتطوير الذات وادراك معاني الحرية والديمقراطية والحياة الحرة الكريمة، وفوق كل هذا نمعن النظر في الشعار الذي يتوج صفحتها الاولى (وطن حر وشعب سعيد)، نتمعن في المعاني العميقة لكلمات الشعار الجميلة، وندخل في لجة الحلم العراقي، أن يكون لنا وطن يوفر لنا الكرامة والاستقلال والحرية والخبز، وأن يكون شعبنا وأهلنا من بين أسعد الناس، يتمتعون بالحرية ويمارسون حقوقهم في الاختيار والنقد والرصد والتمتع بخيرات العراق سواسية دون قيود.
وحتى تعود "طريق الشعب" إلينا، حاملة آثار تعدد الأصابع والعيون التي طالعتها، في سفرتها التي لا ينهي حلمها الا ورود عدد جديد، شكّلت جميع إصدارات الحزب الشيوعي العراقي من مجلات وصحف سرية أو علنية، واحة سياسية وثقافية، توثق افكاره النيّرة وتعّبر عن مواقفه الفكرية والسياسية، وتساهم في رفع المستوى الفكري والسياسي ليس للشيوعيين الجدد فحسب بل وحتى أصدقاء الحزب وجماهيره.
فقد اشتهر الشيوعيون بثقافتهم وتمّيزوا في ساحة السياسة والثقافة والنزاهة، وراحوا ينشرون تلك الثقافة في مناطقهم الشعبية وفي مقاهي الفقراء، وتلك ميزة انفردوا بها حين أعطوا للثقافة والفكر السياسي المتطور والمتجدد اهتماماً وعمقاً. ولم يتخل الحزب عن تلك الميزة حتى خلال مقاومته لسلطة الدكتاتور فقد استغل الشيوعيون ابسط الإمكانيات لديمومة تلك الميزة، وبقيت تلك الرسالة زاوية مضيئة وبارزة في مسيرة الحزب. تحية تقدير وفخر بصحافة الحزب الشيوعي العراقي في عيدها التسعين.
*********************************************
طريق الشعب.. مساحة ضوء
عواد ناصر
لم تكن "طريق الشعب" أول صحيفة عراقية أنشر فيها قصائدي، أنا الشاعر الشاب، بل كانت صحيفة "الفكر الجديد" الأسبوعية قبل أن تصبح يومية، فيما بعد، لكن "طريق الشعب" صارت هي الصحيفة الأم، لاحقاًً.. أقتنيها، يومياً، وأنا في السنة الثانية، في معهد إعداد المعلمين، رغم ما يمثله هذا الفعل من دليل دامغ على ثبوت التهمة وما تعنيه من تبعات خطيرة.
فوجئت بخبر منشور، في صفحتها الأخيرة، يعلن عن أمسية شعرية ستقام بعد يومين (أو ثلاثة) في جمعية الفنانين التشكيليين، لأعثر على اسمي بين المشاركين، فغمرتني موجة عاتية من الفخر والفرح والخوف، إذ لم يبلغني أحد بموعد الأمسية ولم يأخذ رأيي، وإذ أتحرى الخبر علمت أن الراحل سعدي يوسف هو أحد الذين وراء فكرة الأمسية وهو من اقترحني لأكون بين شعراء عراقيين سبقوني خبرة وشهرة، فأنا في بداية عشريناتي، وليس من ريشٍ كافٍ بأجنحتي لأطير شاعراً بين أسماء الكبار الذين سبقوني ولست على معرفة شخصية بأكثرهم، رغم أنني قرأتهم وتأثرت بهم وأعجبت بتجاربهم، وفي مقدمتهم، طبعاً سعدي يوسف الذي صار فيما بعد أقربهم لمزاجي، صديقاً شخصياً وشاعراً شخصياً، منذ بغداد حتى منذ لندن، حيث كان جاري.
"طريق الشعب" مساحة ضوء في مسيرتي، ليست كصحيفة ورقية، بل كمحطة للشعر والصداقات والتغيير.
بعد أن أغلقت "طريق الشعب" ظلت "الفكر الجديد" تصدر! فعدت إليها متطوعاً مجانياً، عام ١٩٧٨، وهو سنة ظلماء شديدة القسوة على الشيوعيين، فشكلنا لجنة متطوعين سرية، من الشاعر الراحل وليد جمعة وشاعر آخر، وافق على مشركتنا ولكنه لم يسهم في الكتابة، ولا أريد ذكر اسمه، فتناوبنا وليد وأنا على تحرير الصفحة الأخيرة، كانت بعنوان "صفحة المحرر"، يختار محررها نصوصاً عدة، قصائد ومقولات وإشارات، من عصور مختلفة وبلدان متنوعة. كانت صفحة وليد من أجرأ الصفحات في لمز وغمز سلطة البعث.
"طريق الشعب" لم تزل "مساحة ضوء" رغم التعتيم، السابق واللاحق، ورغم الحصار الراهن على الكلمة الحرة والنقد الجريء.
*****************************************
الصحافة الشيوعية في ذكراها التسعين
ماجد مصطفى عثمان
تحلّ علينا مناسبة عزيزة، وهي الذكرى التسعون لصدور أول صحيفة شيوعية عراقية، ألا وهي صحيفة "كفاح الشعب"، التي صدرت في 31 تموز 1935، لتكون أول صحيفة عراقية تصدر سراً، وتفتح السجل النضالي الحافل لصحافة الحزب الشيوعي العراقي، التي رافقت مسيرته النضالية المجيدة، ولعبت دوراً نضالياً بارزاً في سبيل سعادة الشعب وحرية الوطن.
لم يكن إصدار "كفاح الشعب" سوى تعبير عن حاجة الحزب الشيوعي العراقي، حديث النشأة آنذاك، إلى صحيفة مركزية ناطقة باسمه، تنشر أفكاره وسياسته وبرامجه، وتكسر احتكار الأفكار ونشر المعلومات الذي كانت تمارسه الصحافة الرسمية الحكومية، المرتهنة سياساتها بعجلة الاستعمار والاحتكار، والتي كانت تضلل جماهير الشعب بأفكارها الرجعية والعميلة.
وقد جاء إصدار "كفاح الشعب" انطلاقاً من المبدأ اللينيني الذي يؤمن بأن: "الصحيفة ليست فقط داعية جماعي ومحرض جماعي، بل هي في الوقت نفسه منظم جماعي".
وهكذا، وبالرغم من أن أعضاء الحزب وأصدقاءه، وبعض أعضاء قيادته، كانوا ينشرون مقالاتهم في العديد من الصحف الوطنية، وأحياناً بأسماء مستعارة، إلا أن إصدار صحيفة مركزية ناطقة باسم الحزب أصبح من المهام الأساسية لقيادة الحزب الشيوعي العراقي آنذاك، وهو ما تطلّب تذليل كمّ هائل من الصعوبات الفنية، من إيجاد المطبعة وشرائها، ثم تأمين المكان، وتوفير العاملين المؤهلين، كل ذلك ضمن متطلبات العمل السري، الذي كان يستلزم شدة اليقظة والحذر.
وقد شكّل صدور "كفاح الشعب" السرية حدثاً فريداً في تاريخ الصحافة العراقية، إذ خرقت الأعراف التقليدية، وتحدّت شرط الحصول على إجازة لإصدار صحيفة، وأرست تقاليد عمل جديدة في تاريخ الصحافة الوطنية.
ولعبت صحافة الحزب الشيوعي العراقي دوراً مؤثراً وأساسياً في كشف وفضح سياسات الحكومات العميلة المرتبطة بالاستعمار وقوى الاحتكار، وحملت تطلعات وآمال جماهير الكادحين.
وتوالى بعد "كفاح الشعب" صدور العديد من الصحف السرية والعلنية، تبعاً للظروف النضالية والسياسية التي عاشها الحزب. ففي مطلع أربعينات القرن الماضي صدرت صحيفة "الشرارة"، وبعد أن استولى مجموعة من المنشقين على مطبعة "الشرارة" السرية، أصدر الحزب صحيفة "القاعدة" سراً في كانون الثاني 1943.
وفي ظل تلك الظروف النضالية الصعبة، تمكّن الحزب من إصدار صحيفة "العصبة" بشكل علني عام 1946، ناطقة باسم "عصبة مكافحة الصهيونية في العراق"، ثم أصدر "الأساس" علنياً أيضاً عام 1948.
وكانت صحافة الحزب السرية والعلنية تواصل نضالها في نشر الوعي الوطني، والكفاح ضد الأفكار النازية والشوفينية، والمطالبة بالحريات الديمقراطية، بما في ذلك حرية الصحافة والتنظيم، والدفاع عن حقوق الشعب الكردي وباقي الأقليات القومية.
وفي منتصف عام 1956، أصدر الحزب بشكل سري صحيفته ذائعة الصيت "اتحاد الشعب"، التي استمرت في الصدور سراً لمدة عامين ونصف، ولعبت دوراً نضالياً بارزاً في قيادة معركة الشعب العراقي تحت راية جبهة الاتحاد الوطني، حيث تُوّج هذا النضال بانطلاق ثورة الرابع عشر من تموز 1958.
وقد استطاعت "اتحاد الشعب"، بعد الثورة، أن تصدر بشكل علني في 25 كانون الثاني 1959، ولكن لفترة محدودة. ومع إغلاقها في آب 1961، عاود الحزب إصدارها سراً تحت اسم "طريق الشعب"، وذلك ابتداءً من نهاية عام 1961.
ومن الجدير بالذكر أنه بعد انطلاق ثورة 14 تموز، وفي الأول من أيار 1959، صدرت بشكل علني صحيفة "ئازادي – الحرية"، الناطقة باللغة الكردية، وهي صحيفة الحزب الشيوعي العراقي، والتي كانت قد صدرت لأول مرة بشكل سري في نيسان 1944، لتكون أول صحيفة كردية سياسية تصدر سراً. وقد جاء إصدارها منسجماً مع سياسة الحزب ومبادئه التي تؤمن بالحقوق القومية المشروعة للشعب الكردي، وتناضل من أجل إبراز تاريخه وخصائصه القومية.
وفي 16 أيلول 1973، صدرت "طريق الشعب" علناً، لكنها سرعان ما عادت للصدور سراً في ظل حكم النظام الديكتاتوري المقبور.
وطوال سنوات نضالهم المجيد، ومنذ تأسيس الحزب الشيوعي العراقي، ساهم الشيوعيون العراقيون في إصدار العديد من الصحف الوطنية الديمقراطية اليسارية التي ظهرت لفترات قصيرة ثم توقفت، كما نشروا مقالاتهم في الصحف الوطنية، مستثمرين كل فرصة وظرف ملائم للنشر.
لقد كانت صحافة الحزب، السرية والعلنية، ميداناً للنضال من أجل حقوق الجماهير والأفكار التقدمية النيرة، ومدرسة لأجيال من الصحفيين والمثقفين العراقيين، الذين تعلموا على صفحاتها، وشقّوا طريقهم إلى ميدان الصحافة والأدب. كما ساهمت صحف الحزب في توسيع العمل التنظيمي، من خلال استقطاب العناصر الشابة التي رأت فيه حزباً ثورياً يناضل من أجل المطالب العادلة للشعب العراقي، فضلاً عن نضاله من أجل حقوق الشغيلة، والحقوق القومية المشروعة للقوميات، وحقوق المرأة، وحقوق الإنسان، والدفاع عن التنظيم النقابي، وحرية الصحافة، والحريات المدنية، وغيرها من القضايا الجوهرية.
وقدّمت صحافة الحزب، خلال مسيرتها النضالية الحافلة بالأمجاد، من أجل مستقبل أفضل لأبناء شعبنا، كوكبة خالدة من الشهداء من المناضلين والصحفيين، نذكر منهم:
محمد الشبيبي، عبد الرحيم شريف، محمد حسين أبو العيس، جمال الحيدري، نافع يونس، عبد الجبار وهبي (أبو سعيد)، عدنان البراك، ولا ننسى الفقيدين زكي خيري، شمران الياسري، عامر عبد الله، وغيرهم كثيرون يطول تعداد أسمائهم.
لم تكن صحافة الحزب الشيوعي العراقي، طيلة سنوات نضالها، مجرد وسيلة لإيصال سياسة الحزب وبرامجه، بل كانت ميداناً لنشر الفكر التقدمي في مختلف مجالات الحياة.
لقد كانت صحافة الحزب أمينة للمبادئ اللينينية في العمل الصحفي، حيث كتب لينين:
"لا بدّ لنا أن نشرع بالعمل بانتظام لخلق صحافة لا تسلّي وتُخدع الشعب بالتوافه والإثارة السياسية، بل تخضع قضايا الحياة اليومية الاقتصادية لحكم الشعب وتساعد على الدراسة الجادة لهذه القضايا".
وكانت جماهير الشعب تجد في صحافة الحزب آمالها وطموحاتها وهمومها، ولهذا كان انتظام صدورها يشكل أهمية كبيرة لدى جماهير الكادحين، وأعضاء وأصدقاء الحزب. ولهذا السبب، كانت صحافة الحزب السرية في فترات نضالية عديدة توزع أعداداً تفوق الصحف الرسمية العلنية.
وفي ظل الظروف الجديدة، بعد زوال النظام الديكتاتوري الشوفيني، يواصل الشيوعيون العراقيون نضالهم أوفياء لمبادئهم وتضحيات روّاد الصحافة الشيوعية في العراق، ومن أجل أن تبقى صحافة الحزب ميداناً للأفكار التقدمية، معبرة عن هموم جماهير الكادحين وطموحاتهم وآمالهم، قريبة من نبضهم، وتنادي ببناء عراق ديمقراطي جديد، فدرالي، تعددي، ينعم فيه المواطن بحياة حرة كريمة، في ظل دولة القانون، بعيداً عن كل فكر تعسفي وظلامي يصادر حق الإنسان في الحياة الحرة الكريمة والآمنة.
****************************************
الصفحة التاسعة
العراق يشارك برباعين في بطولة آسيا للناشئين والشباب لرفع الأثقال
متابعة ـ طريق الشعب
يشارك المنتخب العراقي لرفع الأثقال في بطولة آسيا للناشئين والشباب، المقرر انطلاقها في كازاخستان خلال الفترة من 4 إلى 10 تموز الجاري، بوفد يضم رباعين فقط.
وقال رئيس الاتحاد العراقي لرفع الأثقال، محمد كاظم مزعل، إن "الاتحاد اختار الرباعين سيف حسين (وزن 71 كغم) وموسى خضير (وزن 89 كغم) لتمثيل العراق في البطولة، إلى جانب المدرب حازم داود والإداري حسنين مزهر".
وأوضح مزعل أن "الاتحاد لم يتمكن من إقامة معسكر تدريبي تحضيري للمنتخب بسبب الظروف التي مرت بها المنطقة"، مبيناً أن "الرباعين واصلوا تدريباتهم في مدينتي النعمانية وبدرة".
وأكد رئيس الاتحاد أن "الوفد غادر إلى كازاخستان قبل يومين من انطلاق البطولة"، مشدداً على "جاهزية اللاعبين للمنافسة وتحقيق نتائج إيجابية رغم قلة عدد المشاركين".
****************************************
المنتخب العراقي للسيدات ينهي مشواره في تصفيات آسيا بخسارة أمام الهند
بغداد – طريق الشعب
أنهى المنتخب العراقي للسيدات، أمس الأربعاء، مشواره في تصفيات المجموعة الثانية المؤهلة إلى نهائيات كأس آسيا 2026، بخسارة قاسية أمام نظيره الهندي بنتيجة 5-0، ليفشل في حجز بطاقة التأهل إلى النهائيات القارية.
وجرت المباراة على ملعب شيانغ ماي الرياضي في تايلاند، حيث انتهى الشوط الأول بتقدم المنتخب الهندي بهدفين دون مقابل، قبل أن يعزز النتيجة في الشوط الثاني بثلاثة أهداف أخرى، ليحسم اللقاء لصالحه بخماسية نظيفة.
وبهذه الخسارة، تجمد رصيد المنتخب العراقي عند أربع نقاط من أربع مباريات، جمعها من مواجهاته ضد منتخبات تيمور الشرقية، ومنغوليا، وتايلاند، والهند، ليحتل المركز الثالث في ترتيب المجموعة.
من جانبها، أكدت عضو اللجنة النسوية في الاتحاد العراقي لكرة القدم، وهاد مصطفى، أن مشاركة منتخبنا الوطني للسيدات في تصفيات كأس آسيا الجارية في مدينة شيانغ ماي التايلاندية، مثّلت نقلة نوعية في الأداء مقارنة بالنسخ السابقة.
وقالت مصطفى في تصريح نشره الموقع الرسمي لاتحاد الكرة إن "الصورة النمطية عن المنتخب النسوي تغيّرت بشكل كبير، حيث أن الفريق لم يحقق أي نقطة في مشاركته السابقة عام 2017، بينما نجح في النسخة الحالية (2025) في حصد أربع نقاط، بعد تعادله مع تيمور الشرقية وفوزه على منغوليا".
وأشارت مصطفى إلى أهمية تواجد لاعبات شابات تحت سن العشرين في تشكيل المنتخب لضمان استمرارية الأداء والتطور في المرحلة المقبلة، مؤكدة أن "الاحتكاك مع المنتخبات الآسيوية القوية ساهم في تطوير اللاعبات من الناحية الفنية والبدنية".
كما لفتت إلى أن" المنتخب استعان بعدد من اللاعبات العراقيات المغتربات، ما أضاف عنصر الخبرة والاحتراف إلى التشكيلة، مؤكدة أن جميع المنتخبات المشاركة قدّمت مستويات عالية من الاحترافية".
وتعد هذه المشاركة خطوة مهمة في مسار تطوير كرة القدم النسوية في العراق، رغم التحديات التي واجهت المنتخب خلال التصفيات.
*******************************************
مواعيد الأدوار المتبقية لبطولة كأس العراق
متابعة ـ طريق الشعب
أعلنت لجنة المسابقات في الاتحاد العراقي لكرة القدم، أمس، مواعيد الأدوار الثلاثة المتبقية من بطولة كأس العراق لكرة القدم للموسم 2024-2025، والتي تتضمن مباريات الدور ربع النهائي ونصف النهائي، إضافة إلى المباراة النهائية.
وأجريت قرعة مواجهات الدور ربع النهائي، وأسفرت عن أربع مباريات قوية، حيث يلتقي دهوك مع الميناء على ملعب دهوك، ويواجه زاخو نظيره نوروز على ملعب زاخو، فيما يستضيف القوة الجوية فريق النجف على ملعبه، وتُختتم مواجهات الدور بلقاء يجمع الطلبة مع الشرطة على ملعب الشعب الدولي.
وحددت اللجنة يوم 8 تموز الجاري موعداً لانطلاق مباريات الدور ربع النهائي، بمشاركة الأندية الثمانية المتأهلة، وهي: الشرطة، القوة الجوية، زاخو، الطلبة، الميناء، النجف، دهوك، ونوروز.
كما تقرر إقامة مباريات نصف النهائي يوم 12 من الشهر ذاته، بين الفرق الأربعة المتأهلة من ربع النهائي، على أن تُقام المباراة النهائية يوم 16 تموز، لتحديد بطل النسخة الحالية من بطولة كأس العراق.
********************************************
وقفة رياضية.. نادي الشرطة بطلاً للدوري العراقي
منعم جابر
هكذا يؤكد نادي الشرطة زعامته للكرة العراقية للموسم الرابع تواليًا، في حالة فريدة تحدث للمرة الأولى في تاريخ الدوري العراقي لكرة القدم، من خلال تقديمه عروضًا متميزة، وسعيه الدائم لتحسين صورته بين الفرق العراقية، وتقديم صورة زاهية في الساحة العربية والقارية.
هذا الإنجاز لكرة الشرطة لم يأتِ من فراغ، بل إن تاريخ النادي مزدان بالإنجازات والبطولات، حيث قدّم الفريق الشرطاوي أبرز الإنجازات على الساحة الآسيوية عندما بلغ المباراة النهائية لبطولة أبطال القارة، قبل أن ينسحب أمام فريق مكابي (الإسرائيلي).
لقد قدم نادي الشرطة خلال المواسم الأربعة الماضية أداءً كبيرًا بفضل جهد وعطاء لاعبيه وسعيهم المستمر نحو القمة، ما أهّله للفوز باللقب للمرة الرابعة. وهو إنجاز لم يسبقه إليه أي نادٍ عراقي، ليكون بذلك إنجازًا شرطاويًا مميزًا يستحق أن يُحتفى به، ويستحق من خلاله أعضاء الفريق وكادره التدريبي والإداري كل الحب والتقدير.
إن نادي الشرطة، من خلال إدارته الناجحة، قدّم نموذجًا إيجابيًا للعطاء والتعاون المثمر. فقد كان عمل الإدارة متميزًا، حيث نجحت في تجاوز كل الصعوبات التي واجهت النادي، وتفوقت في جميع المهام، محققة مستوى راقيًا من العمل الاحترافي، قاد الفريق إلى النجاح والتقدم.
وهنا، نشدّ على يد الكادر التدريبي لما بذله من جهد وما قدمه من عطاء في سبيل الارتقاء بالمستوى الفني للاعبين. كما نثمّن دور اللاعبين، ونشدّ من أزرهم لما قدموه من أداء راقٍ وعروض متميزة طوال الموسم الكروي الذي شارف على نهايته.
إن عطاء لاعبي نادي الشرطة في المواسم الأربعة المنصرمة هو امتداد طبيعي لعطاء عمالقة النادي السابقين. وفي هذه المناسبة، يحق لنا أن نستذكر نجوم الشرطة الراحلين والمبدعين، أمثال: عبد كاظم، والشهيد بشار رشيد، والشهيد مظفر نوري، ودكلص عزيز، ولطيف شندل، والراحل ستار خلف، ومنعم حسين، وصباح حاتم، ورياض نوري، وطارق عزيز، وغيرهم من الذين سطّروا أسماءهم بحروف من ذهب.
إن ما تحقق لنادي الشرطة من إنجاز جاء بفضل تكاتف جميع الأطراف التي أشرنا إليها، وبفضل مساندة الجمهور الشرطاوي الوفي، الذي كان ولا يزال الداعم الحقيقي لمسيرة النادي وإنجازاته.
***********************************
الصفحة العاشرة
أندية القراءة الإلكترونية العربية فضاء مشترك عنوانه الشغف بالأدب
إبراهيم عادل
في عصر السماوات المفتوحة ووسط ضوضاء وسائل التواصل الاجتماعي وتسارع وتيرة مقاطع الفيديو المثيرة، يظل اللجوء إلى الكتب والقراءة وسيلة نادرة للحصول على المتعة والفائدة مع الكثير من الهدوء واللجوء إلى عالم الخيال والأفكار. لا شك أن كل قارئ بحاجة إلى من يشاركه تلك الحالة، سواء كان لتبادل الآراء حول ما يقرأ أو النقاش حول ما تطرحه من الأفكار والرؤى المختلفة، وربما الانتقال إلى ترشيحات كتب أخرى والسعي إلى توسيع المدارك وفهم ما يدور بشكل أكثر ثراء. لعل من حسن الحظ أن عددا من هؤلاء القراء استطاع أخيرا أن يفرض حضوره ويثبت وجوده في الفضاء الإلكتروني وينتشر في وسائل التواصل الاجتماعي، وسعى بعد ذلك إلى أن يجمع حوله محبي القراءة والمهتمين بشغف المعرفة والغوص بين صفحات الكتب، فكانت أندية القراءة الالكترونية، التي لفتت الأنظار حول العالم، وأصبح لها تأثيرها ومريدوها في عالم اليوم.
صيدلية الكتب
ربما كان نادي "صيدلية الكتب" من أوائل الصفحات والأندية التي أنشئت على الفضاء الإكتروني. أسسته انطلاقا من الأردن ناديا ياسين طعمة في صيف 2020 أثناء جائحة كوفيد10 كصفحة على "إنستاغرام"، واسم الصفحة يضم مهنة مؤسستها وشغفها. بعد أقل من عام، تبنت الصفحة مبادرة "كتابنا أولى بقراءاتنا" في "دعوة لمطالعة الأقلام العربية على تنوعها، مع انتشار الكتب المترجمة، وغياب إعلام ثقافي جاد يشير الى أقلام قد تبدو مجهولة للكثيرين"، كما تقول ياسين طعمة. شيد في ظلال المبادرة "ملتقى صيدلية الكتب الشهري" في يوليو/ تموز 2021 مستهلا اول لقاء له على "زوم" من فلسطين في حضور الكاتب الفلسطيني عباد يحيى لنقاش روايته "رام الله" الحديثة الصدور حينذاك. تقول ياسين طعمة: "تناوبت الملتقيات بعد ذلك، وكان الملتقى حريصا على الجمع بين الفكر والأدب بتصنيفاته، فاستضفنا قامات عربية على امتداد العالم العربي، وتنوعت قائمة ضيوف الفكر خلال السنوات الأربع وكان من بينهم الدكتور سعد البازعي وإبراهيم البليهي من السعودية، وسعيد يقطين من المغرب وحبيب سروري من اليمن، والأستاذة ألفة يوسف من تونس ونادر كاظم من البحرين، وغيرهم، كما شملت قائمة ضيوف الأدب من مختلف أرجاء العالم العربي، وقمنا على مدار سنوات الملتقى بتكريم الاساتذة المترجمين في يوم الترجمة العالمي، ثم أدخلنا نقاشات الكتب المترجمة، كما أن لملتقى صيدلية الكتب حصادا سنويا في بداية العام يشارك فيه قراء من أنحاء العالم أفضل مطالعاتهم على مدار العام الماضي".
مجموعة نرد
من السويد، وفي فترة كوفيد19 أيضا، انطلقت مجموعة "نرد"، تحكي عنهم مؤسستها الروائية الفلسطينية هدى مشهراوي: "الفكرة جاءت في وقت كوفيد حيث نشطت جمعيتنا، "نرد للاداب والفنون"، إلكترونيا، وتضم مجموعة من الكتاب الموجودين في دول مختلفة من اوروبا وأماكن اخرى من العالم. كان من المهم جدا لنا التواصل مع الإنتاج الأدبي العربي، سواء في الدول العربية أو دول الاغتراب، والتعرف الى أسماء جديدة لكتاب عرب. فكرة اللقاء إلكترونيا كانت بسبب الجغرافيا، فنحن نقيم في أماكن مختلفة من العالم ولا سبيل للقاء على أرض الواقع. نقرأ الرواية فقط، ومجموعتنا صغيرة بين 6 و8 اشخاص. تدار اللقاءات والنقاشات دوريا بيننا، وفي كل لقاء يتولى شخص منا تقديم الكتاب وإدارة النقاش حوله، كل بطريقته. وبما أن أغلبنا يمارس الكتابة، كان من الضروري لنا القراءة المشتركة التي تساهم في فتح مجالات لرؤية وقراءة مختلفة ومشتركة للكتاب نفسه، وأن نتعلم ممارسة النقد ولو بشكله البسيط الانطباعي على الأغلب، وهو ما يساهم في زيادة وعينا بالأدب العربي وبما يحصل في الساحة الأدبية والثقافية العربية".
من خلال مجموعة القراءة تأسست علاقات بين أفرادها على الصعيد الشخصي والأدبي، وأقمنا فعاليات جمعت بعضنا في أماكن مختلفة من اوروبا ونطمح إلى المزيد منها. في البداية كانت المجموعة مقتصرة على كتاب في دول الاغتراب، حرصنا لاحقا على ان ينضم الينا كتاب من فلسطين ونأمل أن نتعرف على المزيد من باقي الدول العربية".
نادي الكتاب
منذ نحو عامين وبين العراق والأردن، أنشأ علي الأسدي ورائدة نيروخ نادي الكتاب على "يوتيوب". يقول الأسدي: "أسسنا النادي لكي نجتمع ونقرأ على مبدأ العبارة الرنانة 'نلتقي لنرتقي'، والفكرة أن شغفنا بالقراءة موجود بالقوة ونادي الكتاب حافز ليصبح موجودا بالفعل، في الأصل يقرأ كل فرد ما يناسبه، حسب ظروفه ووقته، لكن في النادي يخرج القارئ من منطقة راحته ليكتشف عوالم أخرى في الكتب أدبا وفكرا وعلما وفلسفة وسواها، ثم إن المناقشات تثبت المعلومة وتستقر وتدوم أكثر مما لو قرأ المرء كتابا ما وحده فشرع في سواه. إلى اليوم أتذكر كثيرا من المناقشات التي خضناها في كتب جمة، ربما أنسى مع الوقت تفاصيل الكتاب لكن تفاصيل النقاش تستمر". يضيف الأسدي: "تطور الأمر بعد ذلك، وأحببنا أن نسجل تلك النقاشات، فأنشأنا قناة على "يوتيوب" باسم نادي الكتاب رغبة منا في خلودها ولتكون مرجعا لأنفسنا على الأقل كلما شعرنا بالحنين إلى كتاب ما خضناه إلا أن الزمن شاء أن ينسينا إياه. أدعي أن نادي الكتاب او القراءة الإلكتروني مساحة نادرة للتأمل والتفكير الجماعي في زمن السيولة الذي نعيشه بل زمن لحاق 'الترند'، هو منصة حقيقية من أجل اللقاء والحوار والانفتاح على عقل الآخر وتبادل الفكر والحكم على ما نقرأ بحسب مخزوننا المعرفي، ومصدر لشحذ القريحة، ودافع للمزيد من القراءة بل هو حبل يشدنا إليها، في عصر كل ما فيه يبعد الإنسان عن القراءة، ذلك أن النادي يشعرنا بالانتماء والالتزام الأخلاقي على الأقل تجاه الصديق الذي يشاركنا العمل نفسه".
سرديات
من طريق آخر، بدأت هاجر رابعي وصديقاتها من تونس، تحكي عن تجربة إنشاء نادي قراء "سرديات" فتقول: "بدأت مسيرة سرديات مع نواة أولى هن صديقات تونسيات يجمعهن حب القراءة وذلك في شهر سبتمبر/ أيلول 2023. لم يكن من الممكن الإلتقاء للحديث عن قراءاتهن لوجودهن في مناطق وبلدان مختلفة؛ فجاءت فكرة مجموعة سرديات على منصة فيسبوك والاعتماد على تطبيق زوم لمناقشة القراءات مع الكاتب. لاقت الفكرة استحسان الأدباء، وإلى اليوم استضافت المجموعة بأكثر من ثلاثين جلسة أدباء من مختلف أقطار العالم العربي ومن فرنسا. المجموعة اليوم تضم أكثر من ألفي عضو من جنسيات عربية مختلفة، مما أضاف ثراء كبيرا في جلسات النقاش، عدا الصداقات الكثيرة التي تكونت وتوطدت افتراضيا. تقوم المجموعة شهريا بقراءتين جماعيتين بالعربية وبالفرنسية أو الإنكليزية، ولائحة القراءات الجماعية هي خلاصة ترشيحات أعضاء المجموعة لثيماتها المتنوعة التي تعنى بهموم العالم العربي دون أي اعتبارات أخرى. نوقشت أعمال كثيرة طيلة السنتين السابقتين لعدد من الروائيين والكتاب. وفي خطوة أخرى، قررت المجموعة مطلع هذا العام إنشاء جائزة عربية مستقلة للقراء، انطلاقا من القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية، لتكون صوت القارئ. فقد لاحظنا في السنوات السابقة اختلاف أذواق القراء في كل عام عن اختيارات لجنة التحكيم، وفي الوقت نفسه أردنا أن يكون لنا اطلاعنا على طريقة الاختيار والتقييم بين الروايات الست المرشحة على القائمة القصيرة، فكونت لجنة من تسعة قراء من العالم العربي اجتمعوا عبر تطبيق زوم لساعات طويلة لمدة شهرين لمناقشة مختلف روايات القائمة القصيرة بحثوا فيها مختلف الجوانب السردية واللغوية واختاروا في النهاية الرواية الفائزة بجائزة القراء". هكذا استطاع أصدقاء القراءة ومحبو المعرفة أن يتجمعوا ويتحدوا المسافات والعقبات وينشئوا أنديتهم الإلكترونية الحرة، وأن يلتقوا في محبة الكتب والأدب، ولا شك أن الفضاء يمتلئ بنماذج مختلفة غيرهم، يسعى كل منهم بطريقته من خلال أدوات بسيطة لكي يجتمع ويشارك غيره في التحفيز على القراءة والمشاركة في الرأي وإثراء الفضاء الافتراضي العربي.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مجلة "المجلة" – 16 حزيران 2025
***************************************************
{بانيبال} الجديدة تنشر الأدب العربي في إسبانيا وأميركا اللاتينية
كاتيا الطويل
صدر العدد الـ16 من مجلة "بانيبال" الإسبانية، وهو عدد ربيع 2025 المخصص للحرب اللبنانية (1975-1990) وأدبها. ويصدر هذا العدد لمناسبة مرور 50 عاماً على اندلاع الحرب اللبنانية ، فتقدم المجلة على مدار الـ190 صفحة التي تمتد عليها لمحات عن أدب الحرب اللبنانية بأقلام أعلامها وعيونهم وكلماتهم.
افتتاحية عدد "بانيبال" خصصت للملف الأكبر فيها، وهو ملف أدب الحرب اللبنانية، الذي ضم عدة مقالات عن الحرب اللبنانية أو ترجمات لأدب الحرب. فإضافة إلى مراجعات نقدية وترجمات وردت مقالات تحليلية عن أدب الحرب اللبنانية احتلت ما يربو على نصف صفحات المجلة. فضم العدد مقالة مقارنة مطولة للكاتبة اللبنانية كاتيا الطويل تناولت خمس روايات لبنانية منتمية إلى أدب الحرب وقارنت في ما بينها، والروايات هي رواية رشيد الضعيف "فسحة مستهدفة بين النعاس والنوم" (منشورات مختارات، الطبعة الأولى، 1986)، ورواية جبور الدويهي "شريد المنازل" (دار النهار، الطبعة الأولى، 2010)، ورواية حنان الشيخ "حكاية زهرة" التي صدرت عام 1980 وصُنفت ضمن قائمة أفضل 100 رواية عربية صدرت خلال القرن الـ20، ورواية الكاتبة اللبنانية علوية صبح "مريم الحكايا" (دار الآداب، الطبعة الأولى، 2002)، ورواية "تقرير ميليس" لصاحبها ربيع جابر (المركز الثقافي العربي في المغرب ودار الآداب، الطبعة الأولى، 2005). وعكست الروايات الخمس المختارة الانشقاقات العميقة التي كانت موجودة في النسيج الاجتماعي اللبناني جراء الاختلافات حول الدين والأيديولوجيا ومفهوم الوطن. ضم العدد كذلك مقالة لجوسلين ميشيل ألمايدا عن مؤلف "الماء على النار: مذكرات الحرب" للكاتب والباحث اللبناني ورئيس قسم دراسات الشرق الأوسط في كلية دارتموث طارق العريس. وتلت هذه المراجعة ترجمة لمقتطف من النص مترجم من الإنجليزية (لغة الكتاب الأصلية) إلى الإسبانية. واحتوى العدد كذلك مقدمة وضعها أنطونيو مارتينيز كاسترو لرواية يوسف بزي "نظر إلى ياسر عرفات وابتسم" (دار الراوي، 2005)، تلتها الترجمة الإسبانية للكتاب قامت بها المترجمة كوبادونغه باراتيش. ومن الجدير ذكره أن "بانيبال" الإسبانية حرصت كذلك على تقديم أكبر عدد من روايات الحرب اللبنانية المترجمة إلى الإسبانية، وهي فكرة قيمة ومفيدة للترويج لهذه الروايات ولتعريف القارئ باللغة الإسبانية بها وبوجودها، ولتحريك عجلة الترجمة والروايات المترجمة ودفعها إلى ترجمة مزيد. ومن الروايات المذكورة وردت رواية راوي الحاج "لعبة دي نيرو" ورواية "عزيزي السيد كواباتا" للروائي رشيد الضعيف، و"مطر حزيران" لجبور الدويهي و"مسك الغزال" لحنان الشيخ من بين روايات أخرى للكاتبة، وكذلك روايات إلياس خوري ومنها "يالو" و"باب الشمس" وغيرهما. ويأتي هذا التعداد لإثراء القارئ المتحدث باللغة الإسبانية ولتوسيع معرفته بما يمكن أن يقرأه من روايات عربية ولبنانية، خصوصاً المنقولة إلى الإسبانية. وفي حوار أجريناه مع رئيس تحرير مجلة "بانيبال" صموئيل شمعون عن أهداف تأسيس المجلة بالإسبانية منذ خمسة أعوام، بعدما صدرت بالإنجليزية لـ25 عاماً، يؤكد شمعون أن الهدف هو تعريف قارئ اللغة الإسبانية بالأدب العربي والكتاب العرب، والهدف أيضاً هو تحفيز حركة ترجمة المؤلفات العربية إلى الإسبانية، فغاية "بانيبال" كانت دوماً تعريف الغرب بأدب العرب، واليوم كما الأمس ترمي "بانيبال" إلى "فتح شهية القارئ والناشر غير العربي لاكتشاف الأدب العربي"، وهو أمر يظهر واضحاً ضمن أعداد المجلة السابقة التي كرس كل عدد منها أدب دولة عربية معينة أو حقبة من تاريخ الحضارة العربية، وهو مجهود محمود ومشكور وقيم.
وبعيداً من ملف الحرب اللبنانية يرد فصل من رواية الكاتب السوداني عبدالعزيز بركة ساكن "الأشوس الذي حلقت أحلامه مثل طائرة مسيرة" ترجمة رافائيل أورتيغا رودريغو، وكذلك مقتطف من قصيدة طويلة للشاعر المغربي رشيد نيني ترجمة ماريا لويسا برييتو، وأيضاً ترد ترجمة قصائد متعددة للشاعر السوري بشير البكر ترجمة ماريا لويسا برييتو أيضاً.
وكتبت الباحثة التشيلية دانا نينيوز في هذا العدد مقالة عن رواية العراقي أزهر جرجيس "النوم في حقل الكرز" الصادرة بالإنجليزية عن منشورات "بانيبال بوكس"، وصدرت الرواية للمرة الأولى عام 2019 عن دار الرافدين في بغداد، ودخلت القائمة الطويلة للجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر) لعام 2020. أما الشاعرة الضيفة في هذا العدد فكانت الشاعرة التركية إلتشين سيفغي صوتشن، وتُرجمت 20 قصيدة لها على يد المترجمة تشغلا إيسيل سويكان.
خصصت مجلة "بانيبال" الصادرة بالإسبانية من مدريد صفحاتها الأخيرة لملفات قيمة وتقارير خاصة، فورد تقرير عن القائمة القصيرة لجائزة الشيخ زايد للكتاب، عُرِّف خلاله بالكتاب الذين بلغوا القوائم القصيرة في مختلف الفئات. وورد كذلك تقرير عن فوز المترجمة كاثرين هولز بجائزة سيف غباش بانيبال للترجمة الأدبية للعام 2024، ليكون التقرير الأخير عن معرض غوادالاخارا الدولي للكتاب الذي حدث خلال ديسمبر (كانون الأول) 2024، وشاركت فيه المجلة حاملة راية الأدب العربي المعاصر متمثلة بالكاتب صموئيل شمعون والشاعر السوري نوري الجراح وبمشاركة كل من شادي روحانا وخيمينا سانتاولالا عبده. إن مجهود "بانيبال" الإسبانية كبير، داخل هذا العدد والأعداد السابقة والأعداد المقبلة لا محالة، فتحرك هذه المجلة عجلة قراءة الأدب العربي والاطلاع عليه، وتشجع على ترجمة أحدث الإصدارات العربية وأجملها من دون أن ننسى أنها تسلط الضوء على نصوص مختارة بدقة وعناية من مشرق العالم العربي إلى مغربه، لتكون بذلك وكيلاً أدبياً ممتازاً وقيماً نحن في أمس الحاجة إليه داخل عالمنا العربي.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"إندبندنت عربية" – 19 حزيران 2025
*********************************************
فواز طرابلسي.. الناقد مستكشفاً تخوم الحرف والفن
بمزيج بين عوالم الأدب والثقافة والفن، يقدم المفكر والكاتب اللبناني فواز طرابلسي (1941)، كتابه الجديد "حروف وخطوط"، الصادر عن "منشورات المتوسط" في ميلانو. تضعنا صيغة التعاطف بين الحروف والخطوط أمام سلسلة من المقالات النقدية التي تتأمل مشهداً ثقافياً معاصراً وتخلص منه إلى قراءة كاشفة. من محمود درويش وعبد الرحمن منيف إلى إتيل عدنان، ومن أنطون تابت وإدوارد سعيد وغسان كنفاني ومحيي الدين اللباد إلى رندا مدّاح وعمر أميرالاي وآخرين. أسماء من أجيال وتيارات مختلفة ساهم كل منها في رسم الخريطة الواسعة التي يقرأها طرابلسي.
الثقافة بوصفها اختباراً اجتماعياً ومشاغبة
يعيد المؤرخ اللبناني في كتابه (252 صفحة)، تعريف الثقافة، منذ المقال الأول "ليس بالثقافة وحدها يحيا الإنسان"، لافتاً إلى مساهمة المفكر البريطاني ريموند وليامز في هذا السياق، والذي عرّف الثقافة بأنها "نظام دلالات يتم من خلاله تعميم نظام اجتماعي معين وإعادة إنتاجه واختباره واستكشافه"، وهذا بالفعل المنهج الذي تقوم عليه قراءة طرابلسي، إعادة الإنتاج والاختبار. ثم يستكمل رؤيته مع المنظّر البريطاني تيري إيغلتون الذي يرى الثقافة بوصفها "مجموعة طاقات تتولد عن التاريخ، ولكنها تعمل داخله على نحو مشاغب وتخريبي أحياناً". هناك لمسة تراثية في "حروف وخطوط" مع مقالات مثل "غواية النجوم"، و"هيت لك! قمصان يوسف الحسن"، و"الأدب الجنسي والصراع الطبقي"، حيث يعود الكاتب اللبناني إلى رموز عربية وإسلامية معروفة من كتب التصوف إلى "ألف ليلة وليلة"، وبعد هذه الرحلة يدرج صاحب "صورة الفتى بالأحمر" (1997)، في كتابه الجديد "رباعية السوائل" التي تتوزع على أربعة مقامات: "الماء" و"الدم" و"النفط" و"العسل". كذلك يقف عند أحوال المدن، بداية من بيروت التي يتناولها في مقالين: "تاريخ مختصر لصورة بيروت"، و"أنطون تابت وبداية الحداثة في بيروت"، قبل أن يكتب عن "نيويورك" و"نوادر الزمان في بلاد الألمان".
عن الشاعر الفلسطيني محمود درويش يكتب طرابلسي في مقال عنوانه "ذكاء القلب": "على مدى ربع قرن، نعمتُ بصداقة محمود درويش. من بيروت السبعينيات إلى بيروت القرن الواحد والعشرين، نما هذا التواطؤ وتطور عابراً البحار والبلدان". كما يستذكر صداقته بإدوارد سعيد بالقول: "بعد (خارج المكان): ترجمتُ لإدوارد سعيد كتابين صدرا بعد الوفاة: مجموعة محاضرات بعنوان (الأنسنية والنقد الديمقراطي) (2005)... و(عن الأسلوب المتأخر: أدب وموسيقى عكس التيار) (2015)". أما التشكيلية والشاعرة الراحلة إتيل عدنان فيخصها بمجموعة من الرسائل وحوار أخير بعنوان "اللون هو التعبير عن إرادة القوّة في المادة".
وجوه وأصوات في مرآة الفن والسياسة
في القسم الثاني من الكتاب "خطوط"، يتأمّل فواز طرابلسي في أحوال الفن، يقف أولاً عند منحوتة للألماني ألكسندر بولتسن، المنتصبة في إحدى محطات المترو في برلين، ويقرأ التعالق بين الإنسان والشجرة، بل الإنسان-الشجرة، مستعيناً بمقولة ابن عربي "واعلم أن الإنسان شجرة من الشجرات". كما يستعيد عوالم الرسام المصري الراحل محيي الدين اللباد (1940 - 2010)، من خلال كلمة ألقاها في حفل تكريمي أُقيم في بيروت عام 2010. من الأسماء الفنية التي يلتفت إليها طرابلسي أيضاً في كتابه الفنانة السورية رندا مدّاح (1983)، وعنها يكتب: "رندا مدّاح امرأة معلّقة. مثلها مثل بلادها الجولان: منطقة سورية تحت الاحتلال الإسرائيلي. أرض محتلة مثل أرض فلسطين دون أن تكون فلسطينية. هضبة مضمومة إلى إسرائيل، يرفض أهلها حمل الجنسية الإسرائيلية". ويختم كتابه بوقفة مع الفن السابع، من خلال استعادة فيلم المخرج السوري الراحل عمر أميرالاي "طوفان في بلاد البعث"، وتجربة المخرج المجري ميكلوس يانكشو (1921 – 2014). يستكمل فواز طرابلسي في "حروف وخطوط" كتاباته السابقة، وبالأخص تلك التي اشتغلها في الفترة التي تولى فيها رئاسة تحرير "مجلة بدايات" حتى توقفها عن الصدور قبل عامين. كتابات تجمع وعياً كلياً بالتاريخ والأدب والسياسة والحركات التحررية، أو كما جاء في كلمة الناشر: "نصوص تتحرر من أسر التنظير الأكاديمي لتطرح أسئلة جارحة وممتعة وفاضحة. حيث يفكك طرابلسي بأسلوبه الحاد الأساطير الثقافية المعاصرة".
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"العربي الجديد" – 20 حزيران 2025
***********************************************
الصفحة الحادية عشر
هكذا تكلم ماركس حقاً
كتاب "هكذا تكلم ماركس حقاً" للمفكر النمساوي ارنست فيشر، ترجمة الاديب اللبناني التقدمي الراحل محمد عيتاني. صدر عن دار العودة- بيروت 1968، وصدرت مؤخراً طبعة جديدة منه.
الكتاب يقدم قراءة موجزة وعميقة لفكر ماركس وجوانبه الإنسانية وطبيعة علاقته الفكرية المثمرة مع انجلز وتفاعلهما واهتمامهما المشترك بالأدب والفن من المنظور الجوهري للإنسان والعمل على تطوير الذات والمجتمع، الى جانب مناقشة العمل بوصفه جوهر الانسان والاغتراب الذي يطبع المجتمع الرأسمالي، كمما يؤكد على انن الصراع الطبقي هو المحرك للتغيير الاجتماعي وفهم العلاقات الاقتصادية والاجتماعية في تطور المجتمعات.
************************************************
ذاكرة الصحافة الشيوعية.. تسعون عاما من وهج الكلمة..
حمدي العطار
في الحادي والثلاثين من تموز، يحتفل الشيوعيون العراقيون، وأصدقائهم من المثقفين والوطنيين، بذكرى انطلاق أول صحيفة سرية للحزب الشيوعي العراقي، وهي مناسبة رافقت تاريخ الحزب ونضاله، وكانت شاهدة حية على تحولات العراق السياسية والاجتماعية والفكرية.
لم تكن صحافة الحزب مجرد أوراق تطبع وتوزع في الخفاء، بل كانت منبرا للنضال، ومنارة للوعي والفكر الحر في زمن القمع والتضليل، كما وصفها لينين ذات يوم.
تأسس الحزب الشيوعي العراقي في 31 آذار 1934، في ظروف بالغة الصعوبة، حيث اجتمع عدد من الشيوعيين الأوائل في بغداد، بعد سنوات من العمل السري في العاصمة ومدن الجنوب. في البداية، حمل التنظيم اسم "لجنة مكافحة الاستعمار والاستثمار"، قبل أن يتحول إلى "الحزب الشيوعي العراقي".
إيمانا بالدور المركزي للإعلام في تشكيل الوعي وتنظيم النضال، أصدر الحزب أول صحيفة سرية له باسم "كفاح الشعب" في 31 تموز 1935، وسط أجواء القمع السلطوي في عهد ياسين الهاشمي، وبعد أسابيع من قمع انتفاضة الفرات الأوسط.
كانت "كفاح الشعب" أول صحيفة سرية في العراق، تحمل شعار "يا عمّال العالم اتحدوا" وتتزين بالمنجل والمطرقة. منذ عددها الأول، رفعت الصحيفة شعارات وطنية تطالب بحكومة برلمانية، وإنهاء الهيمنة البريطانية، وإنصاف العمال والفلاحين، وحقوق المرأة والأقليات، وعلى رأسهم الشعب الكردي.
لم تتوقف مطابع الحزب السرية على الرغم من الملاحقات. فأصدر تباعا صحفا مثل "الشرارة" 1940 و"القاعدة" 1943 و"اتحاد الشعب" 1956، الى جانب جرائد "العمل" و"وحدة النضال" و"النجمة" و"شورش".
كما أصدر صحفاً ناطقة باسم المكونات: "همك" للأرمن، و"آزادي" باللغة الكردية بإشراف فهد وزكي بسيم وملا شريف عثمان، تأكيدا على التعددية التي حملها فكر الحزب.
ومع تواضع الشكل وصغر الحجم وبدائية الطباعة، تميزت هذه الصحف بمحتوى متقدم. كتبها قادة وكوادر الحزب من المثقفين المرتبطين بالناس وهمومهم، فحملت كتاباتهم صدقا ووضوحا في الطرح، وانتزعت ثقة القراء متحدية الرقابة والملاحقة.
بعد انتصار ثورة 14 تموز 1958، أطلق الحزب صحيفة "اتحاد الشعب" علنا، فحققت انتشارا غير مسبوق، إذ بلغ توزيعها اليومي 26 ألف نسخة، ووصل في بعض الأيام إلى 46 ألفا، وهو رقم هائل بمقاييس تلك المرحلة. لكن الصحيفة أُوقفت في آب 1961 بعد تضييقات متزايدة من حكومة عبد الكريم قاسم.
وفي تشرين الثاني من العام نفسه، أطلق الحزب صحيفة "طريق الشعب" التي استمرت حتى عام 1971، قبل أن تعود للصدور رسميا في 1973 بعد اتفاق الجبهة مع البعث، لتتحول إلى واحدة من أبرز الصحف العراقية، وإلى "سليلة كل تلك التجارب النضالية المعمدة بالشهادة"، كما وصفت آنذاك.
وعقب انهيار الجبهة في 1979، توقفت "طريق الشعب" لتعود سرا خارج العراق، وتنتقل لاحقا إلى كردستان، ثم تعود للصدور في بغداد بعد سقوط النظام في 2003، لتكون أول صحيفة توزع علنًا بعد الاحتلال الأميركي.
لم تكن "طريق الشعب" وحدها. فقد صدرت أيضا مجلة "الثقافة الجديدة" و"الطريق الثقافي"، لتواكب الحركة الفكرية والسياسية، وتؤكد أن صحافة الحزب ليست مجرد إعلام حزبي بل مشروع وطني وفكري متكامل.
*******************************************
قراءة في رواية "قافز الموانع" لسلام حربة.. اللعب على أوتار العاطفة والعقل معاً
حسين سميسم
أصدر الاتحاد العام للادباء والكتاب في العراق رواية بعنوان (قافز الموانع) للكاتب المبدع سلام حربة، وهي رواية ركزت على ترابط ظواهر الحملة الايمانية واستمرارها بعد سقوط نظام صدام عام 2003، فقد راقب الكاتب المتغيرات النوعية الحاصلة خلال تلك الفترة ومازالت عواقبها حية ناشطة لغاية هذا الوقت، فهي ظواهر تجذرت في الوعي العام مسنودة باللاوعي وبالمال والسلاح، وقد عودنا سلام حربة على تأسيس أسلاك كهربائية غير معزولة بين سطور روايته تصعق القارئ لتعيد إليه التفكير بتلك الظواهر والخرافات والأوهام المصنوعة التي بدت في سياقها التاريخي وكأنها طبيعية وختمها الزمن بأختام الأصالة والمنعة، وحازت على مقبولية شعبية مفتوحة على شتى الفلسفات والعقائد، وهي تعيد صياغة الحكايا القديمة والكرامات بطريقة جديدة ملموسة، يستطيع بها الحكاؤون من ممارسة الحرية التامة لوضع ذخيرتهم الذهنية في هذا الإطار الجديد، فقد مل الناس من اللغة القديمة للأساطير والحكايات! وهاهي أمامهم تجارب حية ملموسة توقد خيالاتهم بأنوار ترافقهم في صحوهم واحلامهم !
عمل الكاتب في رواية(القفز على الموانع)على ترميز أسماء أبطاله بأسماء دالة، فأعطى اسم علاء لبطل الرواية وربطه بمعاني الرفعة والسمو والشرف، وخص والده فاضل بالعفة والطهارة، وأصبح الناس ينعتونه بالخّير، وهي كلمة ليست لها علاقة بالدين بل بالاخلاق وبالطهارة والامانة، وقد اضمحلت هذه الكلمة، وسيطرت عليها طرق التدين الجديدة، وحلت محلها كلمة (المتدين) التي تشير الى التدين القشري الخارجي، كما اكتسب اسم جده معيوف، وطراد، وعمه ناصر معاني خاصة في سياق الرواية، وهو العم الذي ينتصر في النهاية على الرفعة والشرف رغم ماضيه غير المشرف، فهو لص وفاسد ونزيل السجون ..
بدأ الكاتب بإحاطة(علاء)بطل الرواية بمجموعة من المشاكل الشخصية والعوامل السلبية المثبطة، فعمه الأكبر ناصر لص ومحتال(طأطأ رؤوسهم في الطين)، واخوه باسم الذي خلقه الله بصفات يندى لها الجبين، فهو خنثى ويخجل منه كل أفراد العائلة، كما اضافت الموجة العشائرية التي مثلت أول تراجع اجتماعي كبير بعد التراجع السياسي في تسعينيات القرن الماضي، حيث طردتهم هذه الحملة العشائرية من مساحة اجتماعية كانوا يعيشون بها بأمان منذ حوالي اربعة قرون، وقامت هذه الموجة العشائرية التي ارتبطت بالبرنامج المخابراتي والسياسي للدولة بشطب النظام العشائري الطبيعي المتوارث الخالي من تلك الإضافات، وأحلت محله شيوخ مجالس الاسناد، وشيوخ الفصول، وشيوخ هدايا الرئيس القائد ورواتبه، واشاعت ظاهرة شيوخ المقاهي، وانتشر لقب(شيخ العموم)حتى على الفرد الذي لا يتجاوز عدد أتباعه عدد أصابع اليد الواحدة، وفرخت هذه الترتيبة العشائرية المصطنعة(الشيوخ النسابة)الذين يتعاملون بالمال من اجل كتابة الأنساب العشائرية المصطنعة في الغالب، التي تعطي حاملها الأصل العشائري العربي الرصين والحماية المجتمعية، والفخر بذلك الماضي والمباهاة به، وتسمح لحامله في إيجاد مساحة نفسية وثقافية تسنده وتربطه مع باقي العشائر الأخرى، وكلما تركت الدولة فراغا في سيطرتها تمكنت العشائر من ملئ هذا الفراغ، وقامت بدور البديل للحكومة والقضاء، وشاعت تجارة رسم شجرة العائلة التي تختم بختم شيوخ النسابة، وأصبح لهم موقع اجتماعي وتشريعي معروف .
لعبت هذه الإمارات العشائرية في عزل الضعفاء، وحصار مَنْ لم يبادر في الوقت المناسب في شراء نسب له، وأدى ذلك الى صعوبة زواج الاب فاضل، وفشل زواج علاء من جميلة ابنة مختار المحلة (الشيخ جودي)، رغما عن سمعة علاء الطيبة، فهو أستاذ مادة التاريخ في الثانوية حيث انتشر طلابه في أنحاء المدينة حاملين معهم سمعته الحسنة .
لقد شعر العم ناصر بمتطلبات مرحلة الحصار للخروج من صعوباتها في تسعينيات القرن الماضي، واستلهم تجارب الفساد والسرقة المتزاوجة مع ثقافة السجون لينطلق في جمع أسباب النجاح . لم يذكر الكاتب شيئا عن نشاط عمه قبل سقوط النظام، لكن تصرفاته اللاحقة وشت به، فقد بدأ النظام السابق بالحملة الإيمانية التي تجاوب معها الكثير من اصحاب السوابق، و تدربوا على الخطابة وحفظ بعض الآيات القرآنية واتقان المقدمة والخاتمة، ولا يهم مضمون مايقال، لان المهمة هي تحييد الناس، وربطهم بالسماء عن طريق استخدام الكلام البليغ والفهلوة لكي يرفعوا أيديهم بالتسبيح لاستدرار عواطفهم وإفراغ جيوبهم وعقولهم فيما بعد .
ابدع العم ناصر في جمع عدة المهنة الدينية ومقتضياتها، فقد أعاد بناء بيته وكساه بطابع ديني مناسب، وحوله الى مزار يؤمه الناس من جميع المحافظات، ونصب موائد للعامة، وهم جنود مستقبله وقوته الضاربة، واستطاع تغيير اسمه من(ناصر)الى(المبروك)، واحضر شجرة للعائلة التي تربطه بآل البيت، واصبح الخطيب المفوه الذي أقنع الحاضرين ببركته وقداسته، ولم ينس أن يغري علاء برشوة كان بامس الحاجة اليها، واصبح (باسم) سيدا بعمامة سوداء تحمل من القداسة الكثير، والتجأ العم ناصر الى فكرة الغيبة عن الناس لحملهم على التفكير بالغيب والمعاجز التي تسكن وتختفي في المستحيلات، فهو في البيت لكن روحه الشفافة سوف تملأ ذلك البيت وتراقب المقلدين وتحصي عليهم ذنوبهم واخطاءهم، وهي تذكرنا بغيبة الحاكم بأمر الله الفاطمي عام 411 هج، والغيبات العديدة التي تشيع الحيرة بين أوساط المقلدين .
نسى علاء في غمرة صراعه مع تلك الظواهر خسائره الشخصية مع عمه واخيه، كان قد عانى من سمعتهما السيئة، فقد كان الأول لصا والثاني مخنثا، كما خسرت عائلته حصتهم من بيت الجد عن طريق تزوير المستندات بطرق شتى، وادعى تنازل الجد عن حقوق الملكية لصالح العم ناصر، ولم يولي علاء تلك الأمور اهمية كبرى، بل ركز على افشال التدين الكاذب للعم والاخ وانتحالهما الصفات الدينية، واتخذ طريقة فضح وافشاء الاسم الحقيقي ل(المبارك)، وهو الاسم المدعى وغير الحقيقي للعم ناصر، ولجأ الى التذكير بماضيهما غير المشرف، كما قام شخصيا بالكشف عن حقيقة الغيبة التي ادعاها، فبحث عنه وكشفه قابعا في السرداب الخفي للبيت، كما باشر في جمع الدلائل عن اصل العائلة، فخاطر في الذهاب الى النسابة ابراهيم الساقي في الانبار، وناقشه عن خطأ انتساب العائلة ليحيى بن زيد الشهيد، لان يحيى المتوفى عام 126 هج قد قتل وعمره ثمانية عشر عاما وليس له اولاد، وكان صاحب الشأن (علاء)مدرسا لمادة التاريخ ويستطيع كشف خطأ رواية ابراهيم الساقي، واستطاع في هذه العملية من كشف حرفة النسابة الوهمية، وذهب كذلك الى تركيا للحصول على وثيقة رسمية عن اصل العائلة التي جاءت عام 1553 مع حملة سليمان القانون الى العراق، ومن ذلك الحين سكنت هذه العائلة العراق واندمجت مع المجتمع، ومجرد ان اعلن عن النسب الحقيقي الموثق على باب بيته سارع العم والاخ الى اغتيال (علاء)وشنقه امام بيته في عملية تذكرنا بأساليب النظام السابق وتوحي بالتشابه مع افعال النظام السابق، وهي عملية تشير الى ترابط ما حصل بعد التغيير مع الحملة الايمانية وتتويجا لمضمونها .
استطاع الكاتب الكشف عن انتهازية النظام العشائري الجديد من خلال ابراز سهولة تبعية (جودي) للعم (ناصر) مع معرفته بتاريخه المشين، واوضح بأن النظام العشائري المتربع على المال والسياسة ينتج مثل هذه التبعية، وبيّن بأن شيخ العشيرة الجديد لا يستند الى التراث العشائري القديم الذي ظهر إبان ثورة العشرين مثلا، وذلك نظام يتمتع بأخلاق الشهامة والرجولة، ولا يمكن لشيخ العشيرة ان يشترى بالمال ويصبح ذيلا له كما فعل (جودي) الذي مشى ذليلا خلف العم (ناصر) .
وتنبه علاء الى جوهر التدين الجديد الذي لم يرث من التدين القديم إلا شكله، فقد كان التدين المتوارث أشبه بعباءة واسعة تحتمي بها العائلة والمجتمع، مفعمة بالحنين والرضا، لا تُفتش في النوايا ولا تُحاكم التفاصيل. وكانت طقوسه امتدادًا للحياة، تُمارس بعفوية وتسامح. أما التدين الطقوسي الجديد، فغالبًا ما يتجلى في برد الطقوس الخالية من الروح والمعنى المشترك، حيث تُؤدى الشعائر بأهداف ربحية وسياسية، وكأنها غايات في ذاتها، لا وسائط للسمو الروحي أو التآلف الاجتماعي. إنه تدين يعلي من الشكل على الروح، ومن الالتزام الظاهري على الانتماء الوجداني، فيخلق بذلك شعورًا بالفرقة بدل الأُلفة، وبالقوة بدل الرحمة، هذا التدين الذي يقبل اللص والفاسد والمخنث، ويجعلهم على رأس المؤسسة الدينية، ظل(علاء)يدعو للرجوع إلى التدين القديم الذي شوهه هؤلاء، وتكررت تعبيراته في الرواية مثل( ما أرمي إليه هو المحافظة على ديني )ورفض انتساب( مقطوعي النسب والفاسدين وأصحاب التاريخ الوسخ والأقوام الغريبة التي لم تعرف الإسلام إلا من عهد قريب)(ص198) وكررها في ص 242(لن اسكت، خوفي على وطني وديني من الفاسدين والمنافقين ). وتتعاظم حبكة الرواية عندما تجد بأن (علاء) اليساري الذي يشرب الخمر وغير المتدين يحترم الدين عكس أصحاب التدين الجديد ويدافع عنه، نظرا لزيادة بدع التدين الزائف وغرائبيته، وهو أمر لمسه عدد من المثقفين في الفترة الأخيرة.
ان حبكة الرواية متينة ومحكمة البناء، استطاع المؤلف فيها ان يجمع شتى المتناقضات تتصارع أمام القارئ في واقع مرئي ومعروف، ويؤدي في النهاية إلى التفكير المستفيض، ويحرض القارئ على إيجاد حلول لمختلف المشاكل المطروحة، وساعدت الكاتب في ذلك جمال اللغة، والتوقف عند هذه الجمالية وقتا يسمح للقارئ بالتفكير والهدوء هنيهة من التوتر الذي يصاحب المعركة الناشبة بين الفكر والخرافة.
ويبرز الى الواجهة في سياق الرواية العمل الفردي الذي قام به (علاء) وكأنها مغامرة فردية غير محسوبة النتائج وانتهت بمقتله، فلم يشرك بها محيطه البشري، ولا تلاميذ مدرسته، حتى ان عائلته هربت من هذه المواجهة غير العادلة وتنبأت بنتائجها، وهو أمر يزكيه الواقع . كما أن اسم( قافز الموانع )لا يدل على وقائع الرواية، ولا يعكس سيرها، فلم يترك (علاء) شأنا قفز علية، بل ساهم في تحطيم أسس تلك الظواهر مضحيا بنفسه، ويمكن أن يصدق العنوان( قافز الموانع) على أمر هو خارج الرواية، كأن يكون الكاتب قد قفز على بعض المحرمات المانعة من الكتابة، وبنى له موقعا صغيرا من الحرية، استطاع به البوح بتلك المواضيع المغلفة بالكفر والخطوط الحمراء.
الرواية جميلة وهي ليست سردا للأحداث، بل عمل ادبي ينسج الواقع بخيوط من الجمال اللغوي والعمق الإنساني، وهي فرصة للتفكير والتأمل، كما أن الكاتب كان في هذه الرواية مهندسا للمشاعر، ويجيد اللعب على أوتار العاطفة والعقل معا.
*****************************************
عَلَى غَيْرِ مَا كُنَّا نريْدُ
عبد الزهرة الديراوي
على قدْرِ حَذْرِ السَّاقِ
في الضوْءِ نعْثرُ
أمنْ سلْطةِ الانْسانِ ، ذي السَّاقُ تَحْذرُ
على غيْرِ ما كنّا نريدُ
نَرَى الأَسَى
حسيرًا على نَخْلِ القُرَى يتكسَّرُ
على غيْرِ وَعْدٍ
يلتقي الناسُ دوْنهُ
وما حدَّدَوا وقتًا خلافَ الذي رأوا
على غيْرِ ما اعتدنا
نعلّقُ نجْمةً
على صَدْرِ نُصْبٍ لا تَعِي و تفكّرُ
جريحًا يمرّ العمْرُ
فوقَ يَدِ المَدَى
ويمْحُو من الايّامِ ما كانَ يُبْصَرُ
على كَتفِي
أعْبَاءُ همٍّ كثيرةٍ
ظنونٌ ، وإطراءٌ ، وحزْنٌ مُكدّرُ
ولي من بروجِ الليلِ
نجمٌ أحبّهُ
وانْ غيّبتهُ الحوْتُ يومًا ، سأنْطرُ
على غيْرِ ما كنّا نريدُ
حياتنا
تباعُ برُخْصٍ والضُنَى مُتحيّرُ
وحيدونَ .. ،
نمْشِي في طلاسم ظُلْمةٍ
وليسَ لنا من حاجبِ الشَّمسِ ما يتنوّرُ
الى أينَ ؟
لا ندْري بأيّ متاهةٍ
نَزَلْنَا ، بما لا يَشْتهي المتبصّرُ
دراكًا هي الدُنْيا
لذاذةُ شاربٍ
وإنْ أجفلتْ كالبغيَ لا تتستّرُ
عناصِرُها
لُغْمٌ بحقْلِ كمائنٍ
وكلُّ ارتكازٍ فوْقَهُ يتفجّرُ
تدقُّ على بابِ السماءِ
عيوننا ، فلمْ نَرَ
غيرَ الغيم بالدمِ يُعْصرُ
وبرقًا تدلّى
من سَمَاءٍ مغيْرَةٍ
وأصْبحَ مخلوقًا غريبًا يكشّرُ
عموديةً صَارتْ حدودُ مدينتي
وفي العرْضِ
لا تُرْبٌ ، ولا خورُ يذْكرُ
فرشْنَا عباءاتِ الثكالى
وقدْ دَجا بياضُ عيونٍ بالترابِ يُبخّرُ
وسَودُ جراحٍ
في العقولِ ترسّبتْ
فأينَ التفتْنَا ثَمَّ قيْدٌ ، ومُخْبرُ
أنا ذلكَ الشطّ الذبيح
منَ الأذَى ،
ولفْحُ حصَاةِ الرّيحِ بالجرْفِ تَطْمرُ
أنا كنْتُ محْرابَ المصلّينَ
انْ اقمْ ــ يقوْمُوا
وان بشّرْتُ بالخيرِ بشّروا
أرَى اللهَ في ظلٍّ
وفيَّ صَبابةٌ
اعوذُ بها من كلّ شرٍّ وأصْبرُ
مررْتُ بقفْرٍ ، أسألُ الريحَ
ما لَها
تهبّ على أرْضِ العراقِ وتصْفرُ
كثيرٌ علينا
نزرعُ الأرْضَ ورْدةً
وفي رأسِهَا الغرْبانُ بالشؤمِ تنْذرُ
نقولُ لها :
يا ريح ُمن ايّ وجهةٍ
أتيتِ ، ارْجعِي لا بَذْر بعْدكِ ينْثرُ
**********************************************
الصفحة الثانية عشر
قف.. اقرأوا هذا الكتاب
عبد المنعم الأعسم
هل يمكنك أن تقرأ طوال خمسين سنة، وتعبّ مئات الروايات والمخطوطات ودواوين الشعر وكتب علم الاجتماع والدراسات المستقبلية، وان تصبر على اكمال قراءة مجلد "موبي ديك" المعقد والمتشابك، وتفكك خطب صدام حسين ومؤلفات اسحاق دويتشر والمركيز دي ساد ونيتشه وامهات كتب التراث، بثلاث لغات حية: العربية والانكيزية والروسية، ثم (بعد ذلك) تؤلف كتابا واحدا لا يتجاوز عدد صفحاته المائة والاربعين، عن شخصية صدام حسين، هي خلاصة كل ما قرأتَ وتأملتَ؛ اذ تراه فنانا بارعا في تدمير كل من القاه حظه العاثر على طريقه: دولا وأحزابا واشخاصا. وقد تجبّرَ على الله ومخلوقاته، وانتهى قبل عقدين من السنين الى خارج المعادلة بعد ان تسببت حماقاته في كل ما حل بالعراق من كوارث، فيما تحاول (الآن) إهابات صوتية إحياءه من قاع التقويم الفاجر للماضي.
احدثكم هنا عن (واحرضكم على قراءة) هذا الكتاب الذي ألفه "رياض رمزي" منذ سنوات بعنوان "الدكتاتور فناناً". وقال في مقدمته، ما له صلة بأحوالنا اليوم: "بالرغم من ان العراقيين، على عكس الشعوب الاخرى، لا يعِدون ظاهرة العنف حالة طارئة في تاريخهم، فأنهم مع اطراد الكوارث المفجعة كثيرا ما يتساءلون: أي لعنة خيمت عليهم؟ وما هو سبب هذه التراجيديا التي بدأت تقود الى اعتقاد سطحي لدى البعض يتمثل في تسمية مبسطة يطلق عليها عادة "سوء الطالع"؟
*قالوا:
"تحدّث رجلٌ، فقال: هربتُ من الحجاج حتى مررتُ بقرية، فرأيت كلبا نائما في ظل حبّ (زير) فقلت في نفسي ليتني كنت كلبا لكنت مستريحا من خوف الحجاج، ومررتُ، ثم عدتُ من ساعتي فوجدت الكلب مقتولا".
ابن نباتة - سرح العيون
******************************************
رسم على الزجاج في هواء العمارة الطلق
متابعة – طريق الشعب
احتضنت "حدائق النخيل" وسط مدينة العمارة، أخيرا، معرضا فنيا متخصصا في الرسم على الزجاج، شارك فيه نحو 30 شابا وشابة موهوبين من أبناء المحافظة.
المعرض الذي شهد حضورا كبيرا من مثقفين وفنانين ومواطنين آخرين، عرض فيه المشاركون لوحات زجاجية وأواني وتحفا كانوا قد نفذوا عليها رسوما ملونة، إضافة إلى نماذج من الخط العربي.
وأبدى الكثيرون من زائري المعرض إعجابهم بمواهب الشباب، داعين إلى دعمهم وتطوير مواهبهم، لا سيما أن فن الرسم على الزجاج من الفنون النادرة في ميسان- حسب ما نقلته عنهم وكالات أنباء.
ورأى عدد من الزائرين أن مثل هذه المعارض تساهم في رسم مسار تفاعلي للفنون، وتشجع على إبراز مواهب الشباب من كلا الجنسين. ودعوا إلى ديمومة واستمرارية هذه الأنشطة الفنية، لما لها من دور كبير في صقل المواهب الشابة ومنحها فرصة لعرض إبداعاتها أمام الجمهور.
******************************************
ندوة حول {المسرح العمّالي العراقي}
متابعة – طريق الشعب
عقد المنتدى العمّالي الثقافي التابع إلى اللجنة المحلية العمالية في الحزب الشيوعي العراقي، أخيرا، ندوة بعنوان "المسرح العمّالي العراقي: تاريخ ثقافي ونضال طبقي"، قدمّها الأستاذ بشار طعمة عكاب.
الندوة التي احتضنتها "قاعة الشهيد أبو فرات" في مقر المحلية، حضرها جمع من المثقفين والمهتمين في المسرح. بينما استهلها الأستاذ بشار بالحديث عن بدايات المسرح العمالي في العراق، مشيراً إلى تأسيس فرقة مسرحية في مقر الاتحاد العام لنقابات عمال العراق خلال سبعينيات القرن الماضي، تحت اسم "بيت المسرح العمالي".
وأضاف قائلا إن الفرقة قدمت أعمالا مسرحية عديدة، وان كادرها كان يروّج العروض بين العمال وعائلاتهم.
وتابع عكاب قائلا إنه بالرغم من حل الفرقة لاحقا، إلا أن النقابات العمالية استمرت في تقديم أعمال مسرحية، ووحدت جهودها تحت اسم "البيت الثقافي العمالي"، الذي سرعان ما اختفى وتفرقت كوادره.
وحظيت الندوة بتفاعل الحاضرين، الذين دعوا إلى إحياء المسرح العمالي، لما له من أهمية في توثيق نضال الطبقة العاملة، وفي تثقيفها، خاصة في ظل التحديات الحالية التي تواجه عمال البلاد.
*******************************************
في {بيتنا الثقافي}.. سلام حربة وحديث سياسي– اجتماعي
بغداد – طريق الشعب
ضيّف منتدى "بيتنا الثقافي" في بغداد صباح السبت الماضي، الكاتب سلام حربة، الذي ألقى محاضرة بعنوان "النظام السياسي والوعي الاجتماعي"، بحضور جمع من المثقفين والمهتمين في القضايا السياسية والاجتماعية.
المحاضرة التي احتضنتها قاعة المنتدى في ساحة الأندلس، أدارها الكتبي سعدون هليل، واستبقها بتقديم نبذة عن سيرتي الضيف الذاتية والثقافية.
من جانبه، استهل الضيف محاضرته ذاكرا أن "الإنسان وأفكاره ومشاعره وعلاقاته الاجتماعية وكل بنى كينونته نتاج الواقع الاجتماعي الذي يعيش فيه، دون إغفال إرثه الجيني الذي يساهم بشكل وبآخر في صياغته الوجودية".
ولفت إلى أن الانسان الذي يعيش في نظام سياسي اجتماعي بنته الجماهير بإرادة حرة وبوعي ثوري قائم على العدالة الاجتماعية ودولة المؤسسات وازدهار النظم التعليمية والصحية والتطور الصناعي والزراعي والاحتكام إلى النظم الدستورية والقانونية الرصينة التي لا تفرق بين مواطن وآخر، هذا الإنسان سيشهد نمو وعيه الاجتماعي وازدهار قيمه الثقافية والروحية ويتعمق لديه الشعور الوطني، منوّها إلى أن "كل القيم الحياتية والبنى العقلية والنفسية هي نتاج النظام الاقتصادي الذي يمسك بزمام العملية السياسية في البلد مضافا إليه بعض العوامل التاريخية".
وأشار حربة إلى أن السلطات السياسية الفاسدة التي لا هم لها سوى مصالحها الحزبية، والتي تأتمر بقوى الاستعمار والاحتكار، وتستحوذ على خيرات البلد وتخلق الفوضى وتغيّب العدالة الاجتماعية وتثير النعرات الطائفية والعرقية لإدامة نظامها السياسي، وتؤسس نظاما اقتصاديا أحاديا مشوّها، تخلق فجوة بين طبقات المجتمع "أعداد قليلة تمتلك المليارات والحياة الباذخة، وعامة الشعب يتضورون جوعا".
وفي سياق حديثه، ذكر المحاضر أن المجتمعات المتحضرة السليمة ينعم أبناؤها بوعي اجتماعي حاد في حين ينعدم هذا الوعي في مجتمعات الرثاثة والتحلل والهمجية والتخلف، حتى تُصبح في النهاية مفككة وتتحول إلى جزر من الكيانات الطائفية والمذهبية والعرقية لا علاقة لها بشيء اسمه وطن.
وفي الختام، قدم الرفيق د. صبحي الجميلي، شهادة تقدير باسم المنتدى إلى الكاتب سلام حربة.
*******************************************
دار المأمون تحتفي بالشاعر والمترجم ياسين طه حافظ
متابعة – طريق الشعب
احتفت دار المأمون للترجمة والنشر، أخيرا، بالشاعر والمترجم ياسين طه حافظ، في مناسبة اختياره رمزا للشعر العربي لعام 2025 من قبل المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (ألكسو).
جلسة الاحتفاء التي حضرها جمع من الأدباء والمترجمين والمثقفين، والتي احتضنتها "قاعة شهرزاد" في مبنى هيئة السياحة، استهلتها مديرة قسم الترجمة في الدار زينب عبد اللطيف، بقراءة كلمة نيابة عن مدير عام الدار السيدة إشراق عبد العادل، ذكرت فيها أن المحتفى به قامة مهمة من قامات الترجمة العراقية، وانه يمثل أحد رموز الشعر والأدب العربي. كما انه صحفي كبير.
وخلال الجلسة التي أدارها الكاتب والناقد علي حسن الفواز، تحدث عن المحتفى به الشاعران عمر السراي ومنذر عبد الحر والمترجم سهيل نجم وآخرون.
وفي الختام، قدم وكيل وزارة الثقافة لشؤون الفنون قاسم طاهر السوداني، لوح التميّز للشاعر والمترجم ياسين طه حافظ. فيما أهداه عدد من الحاضرين كتبا وهدايا تذكارية وورودا.
جدير بالذكر، أن ياسين طه حافظ ولد عام 1936 في بغداد، وبدأ مشواره الأدبي بعد تخرجه في قسم اللغات الأجنبية في كلية التربية. وعمل مدرسا للغة الانكليزية ثم أمين تحرير مجلة "الطليعة"، وبعدها رئيس تحرير مجلة "الثقافة الأجنبية".
*********************************************
في كربلاء.. سلام القريني يتحدث عن كتابه الجديد
كربلاء – طريق الشعب
أقامت المختصة الثقافية التابعة إلى اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في كربلاء بالتعاون مع "نادي الكتّاب" الكربلائي، أخيرا، أمسية ثقافية ضيّفت فيها الرفيق سلام القريني، ليتحدث عن كتابه الجديد الموسوم "التفاعل الحضاري بين التاريخ والأدب". وهو جزء ثانٍ من كتاب جمع فيه معظم دراسات أستاذ التاريخ في كلية الآداب بجامعة بغداد، العلامة الراحل د. حسين قاسم العزيز (1922 – 1999).
الأمسية التي احتضنتها "مقهى بن رضا علوان" وسط كربلاء، والتي حضرها عدد من المثقفين والمهتمين في الشأن الثقافي، أدارها الرفيق كامل حلاوي، وأشاد في مستهل حديثه بجهد القريني في إلقاء الضوء على شخصيات ثقافية وفكرية رحلت وتركت وراءها إرثا مهما. إذ سبق له أن أصدر كتابا جمع فيه دراسات العلامة اللغوي الراحل د. هاشم الطعان.
بعد ذلك تحدث القريني عن فكرته في إصدار مثل هذه الكتب، مبينا أنه في العام 2000 حاول أن يجمع دراسات المفكر الراحل هادي العلوي المنشورة في مجلة "الثقافة الجديدة"، لكن المهمة لم تنجح.
وأوضح أنه بعد التغيير، حيث تيسرت وسائل الاتصال الحديثة، شجعه صديقه الأكاديمي د. سعيد عدنان على جمع دراسات العلامة الطعان في كتاب، بعد أن تبين له أن القريني يحتفظ بأغلب كتاباته، مشيرا إلى انه تمكن من طباعة كتاب يضم تلك الدراسات بالتعاون مع الاتحاد العام للأدباء والكتاب وأرشيف مجلة "الثقافة الجديدة" واللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في الديوانية.
وتابع القريني قوله إن ما يعمل عليه من مشاريع جمع الدراسات وإصدارها في كتب، هو أقل ما يمكن تقديمه لأساتذة أجلاء عمدت الأنظمة الاستبدادية إلى تهميشهم ومنع نشر نتاجاتهم، مشيرا إلى ان خطوته التالية كانت إصدار كتاب يجمع فيه دراسات د. حسين قاسم العزيز. حيث أصدر جزأه الأول مطلع هذا العام تحت عنوان "التراث وعوامل التطور الحضاري"، وقبل أسبوع أصدر الجزء الثاني بعنوان "التفاعل الحضاري بين التاريخ والأدب".
ونوّه القريني إلى انه في حفل توقيع كتابه الأول عن الطعان، فوجئ بأكاديميين لم يسمعوا بهذا العلامة أو يقرأوا له، ولا حتى لـ د. العزيز، لذلك وجد من المناسب أن يواصل مشروعه هذا.
وأشار إلى ان في جعبته أسماء مطروحة على الطاولة، وحاليا يعمل على شخصية أخرى منسية، لافتا إلى ان جهده يحتاج إلى دعم ومساندة "فالأمر مكلف جدا".
وتخللت الأمسية مداخلات ساهم فيها كل من الباحث د. حسن عبيد عيسى والباحث والصحفي عبد الهادي البابي والناشط المدني صباح أبو دكة والروائي علي لفتة سعيد.
*********************************************
فيصل لعيبي في سمبوزيوم بنك القاهرة عَمّان الدولي
متابعة – طريق الشعب
يشارك الفنان التشكيلي فيصل لعيبي في سمبوزيوم بنك القاهرة عمان للفنون التشكيلية بدورته التاسعة، والذي ينطلق بعد غد السبت في العاصمة الأردنية، ويتواصل حتى يوم 14 من تموز الجاري.
وإلى جانب لعيبي سيشارك في السمبوزيوم فنانون من مصر وسوريا وفلسطين والأردن وقطر وأذربيجان وأوزبكستان وروسيا والهند والصين وبريطانيا.
ودأب السمبوزيوم على تكريم قامتين فنيتين سنويا، وفي هذه الدورة سيكرّم الفنان فيصل لعيبي والفنان السوري سعد يكن. ووفقا لما أعلنته إدارة السمبوزيوم في بيان صحفي، فإن الحدث سيشهد ندوات فنية عن كل فنان مشارك. حيث يجري عرض تجربته وخبرته الفنية من خلال وسائط متعددة.
ويقام السمبوزيوم في ساحة البنك الرئيسة في وادي صقرة، ويختتم بمعرض دولي في غاليري البنك.
****************************************
اما بعد.. الفقر خيار سياسي.. وليس واقعا حتميا
منى سعيد
في سنوات سابقة كثيرا ما التقيت أثناء عملي في الخليج بعمال خدمات ومنظفات بيوت، ممن ينتمي أغلبهم إلى ولاية كيرالا الواقعة جنوب الهند بين بحر العرب وسلسلة جبال غاتس الغربية، ولفت انتباهي حينها المستوى الثقافي المتقدم وحسن هندام ولياقة هؤلاء العمال نسبة لغيرهم من عمالة الجنسيات الآسيوية الأخرى. ومنهم تعرفت على طبيعة تلك الولاية ذات المناظر الطبيعية الخلابة الشهيرة بالسياحة وبرخص تكاليف العيش فيها لأكثر من 34 مليون نسمة عدد سكانها بينهم ثمانية ملايين مسلم. وعلى الرغم مما تتمتع به المنطقة من موارد طبيعية، حتى يقاُل إن أصل مفردة كيرالا يرجع لعبارة "خير الله" لغزارة خيراتها من التوابل والأرز وجوز الهند، لكنها عاشت دهورا من الفقر والعوز مما دفع بهؤلاء العمال للهجرة نحو الخارج بحثا عن لقمة العيش.
المدهش أن كيرالا ذات الحكم الشيوعي الواقعة في منطقة غالبا ما تُسمع فيها طبول الحرب، خاصة بين الجارتين النوويتين الهند وباكستان، أعلنت منذ سنوات عن معاركها الحقيقية ضد الفقر والأمية والبطالة والأزمات الصحية العامة، وإنها لا تُعنى بترسانتها الحربية قدر اهتمامها برفاهية شعبها، وسعيها للقضاء على الفقر المدقع.
ومن مقال نشرته جريدتنا "طريق الشعب" أخيرا بترجمة نادر رضا، عرفنا أن هذه المنطقة تشهد بارقة أمل بأن تصبح أول ولاية هندية تقضي نهائيا على الفقر المدقع بحلول شهر نوفمبر – تشرين ثاني من هذا العام.
يرجع هذا الانجاز إلى عقود من السياسات المستوحاة من الاشتراكية التي تعطي الأولوية للتنمية العادلة وللديمقراطية الشعبية وللكرامة الإنسانية، مقدمة رؤى حاسمة حول كيفية تمكين الاستراتيجيات النظامية القائمة على خدمة المجتمع من انتشال الملايين من الحرمان، مما يثبت أن الفقر خيار سياسي وليس واقعا حتميا.
وفي مسح كانت قد أجرته السلطات هناك عام 2021 ركز على أربعة مؤشرات: نقص الغذاء، الدخل، السكن، الرعاية الصحية، تبيّن ان 64006 أسرة تعيش بفقر مدقع، 81 بالمائة منها تقيم في المناطق الريفية، ما استدعى وضع خطط مصممة خصيصا لكل أسرة، من الإغاثة الفورية (طرود غذائية، رعاية صحية طارئة) والدعم قصير الأمد مثل السكن المؤقت والمساعدة في التوظيف، إلى جانب وضع حلول طويلة الأمد تتعلق بالتدريب على المهارات، وتوفير السكن الدائم.
مكافحة الفقر حدثت عبر تاريخ طويل من الإصلاحات التي قادها الحزب الشيوعي الهندي والجبهة الديمقراطية اليسارية، محققة التحول عبر مجموعة من الابتكارات السياسية التي أعادت تشكيل علاقات ملكية الأرض ونظام الحكم وآليات تقديم الرعاية الاجتماعية، وتحسين المستويات المعيشية وإرساء قاعدة التعليم، حتى بلغت نسبة الإلمام بالقراءة والكتابة 96.2 بالمائة، إلى جانب العمل على تمكين المرأة عبر برنامج (رفاهية العائلة) بقيادات نسائية تجمع بين تمويل المشاريع الصغيرة وريادة الأعمال، مع توفر برامج للضمان الاجتماعي.
هنا لابد أن نقارن بحسرة أوضاع بلدنا (الغني) بولاية كيرالا عند الإشارة لآخر إحصاءات وزارة التخطيط التي بيَّنت بلوغ نسبة الفقر في العراق 17.5 بالمائة وتفاوتت بين المحافظات فسجلت المثنى أعلى نسبة فقر بلغت 43 بالمائة، تلتها بابل والبصرة 27 بالمائة والأنبار 22 بالمائة وبغداد 13 بالمائة.