الصفحة الأولى
نائب: الحكومة تعتمد جداول 2024 في الإنفاق تأخر الموازنة وتراجع أسعار النفط يُضاعفان تداعيات الاقتصاد الريعي
بغداد -طريق الشعب
قاد تأخر إقرار الموازنة العامة للعام الحالي، والذي يتكرر سنوياً نتيجة الخلافات السياسية الحادة، إلى تعطيل مشاريع استثمارية وخدمية أساسية، وتجميد الإنفاق الحكومي في قطاعات حيوية. كما أدخل الاقتصاد المحلي في مرحلة تباطؤ ملحوظة، نتيجة تداخل عوامل داخلية وخارجية، عمّقت من الأزمة المالية والمعيشية، وفاقمت الضغوط على الفئات الضعيفة وحتى الفئات المتوسطة.
وفي وقت تعتمد فيه البلاد على النفط كمصدر رئيس للإيرادات، تسبب تراجع أسعاره في الأسواق العالمية خلال الأشهر الأخيرة في تقليص الموارد المالية، وهو ما انعكس سلباً على الإنفاق الحكومي، وقدرته على مواجهة الالتزامات المتزايدة؛ إذ أن الاعتماد المفرط على النفط، وضعف تنويع الاقتصاد وتراجع قدرة الدولة على تنفيذ إصلاحات مالية حقيقية، جعلت البلاد في وضع هشّ تنعكس ارتداداته بشكل مباشر على المواطنين عموما.
مالية البرلمان: تأخر الموازنة غير مبرر
ويصف عضو اللجنة المالية النيابية، معين الكاظمي، تأخر الحكومة في إرسال جداول الموازنة المعدلة إلى مجلس النواب بأنه "أمر غير مبرر"، ويؤثر بشكل مباشر على الوضع الإداري والمالي للبلاد، خصوصاً ما يتعلق برواتب الموظفين والمتقاعدين والمستفيدين من الرعاية الاجتماعية.
وقال الكاظمي، إن "لقاء سابقاً جرى قبل نحو شهر مع رئيس مجلس الوزراء تم خلاله التأكيد على ضرورة الإسراع بإرسال جداول الموازنة"، مضيفاً أن السوداني وجه وزارة المالية بالشروع في إعداد الجداول، وقدمت الوزارة بالفعل نسخاً أولية إلى مجلس الوزراء، لكن بعض الجوانب ما زالت بانتظار رأي من رئيس الوزراء والمجلس الوزاري، ولم يصل أي رد حتى الآن.
وأضاف أن "جداول وزارة المالية معروفة وتشمل رواتب الموظفين والمتقاعدين والرعاية الاجتماعية وشراء الحنطة والأدوية والمصروفات التشغيلية للوزارات. والوزارة تمتلك خبرة متراكمة تخولها إنجاز الجداول خلال أسبوع واحد فقط"، مشيراً إلى أن "الجداول الاستثمارية جاهزة من قبل وزارة التخطيط، وأي تأخير في إرسالها لا يمكن تبريره إلا إذا كانت الحكومة ماضية في تسيير الأعمال وفق تقدير رئيس الوزراء".
ونوّه الكاظمي إلى أن "تأخر المصادقة على جداول الموازنة انعكس سلباً على الموظفين والمواطنين، حيث ربطت وزارة المالية تنفيذ الكثير من الإجراءات الإدارية والمالية بالمصادقة على الجداول، مثل النقل بين الوزارات أو حتى داخل الوزارة الواحدة، بالإضافة إلى صرف العلاوات والترفيعات التي تخص نحو 4 ملايين موظف، فضلاً عن تأثر ملايين المتقاعدين والمشمولين بالرعاية الاجتماعية".
وأشار إلى أن "وزارة المالية إذا ما قررت فك الارتباط بين هذه الإجراءات الإدارية والمالية وبين مصادقة الجداول، فإنها قد تمتص ردود الفعل الغاضبة من تأخرها، خاصة أن الحكومة تواصل الصرف المالي رغم عدم مصادقة البرلمان".
الحكومة تعتمد على جداول 2024؟
وفيما يتعلق بالمشاريع الاستثمارية، أوضح الكاظمي أن "رئيس الوزراء عقد قبل أيام اجتماعاً مع المعنيين لمتابعة المشاريع المستمرة مثل بناء المدارس والمستوصفات والمستشفيات، والتي توقفت خلال الشهرين أو الثلاثة أشهر الماضية"، لافتاً إلى أن "هذا التصرف عليه إشكالات قانونية لأن المادة (77) من قانون الموازنة تلزم الحكومة بتقديم جداول معدلة، ولا يجوز استمرار العمل بجداول موازنة 2024 نفسها في عام 2025".
وبيّن الكاظمي أن "جداول موازنة عام 2024 كانت مُقدّرة بـ211 تريليون دينار، بينما لم يُصرف فعلياً سوى 156 تريليون فقط، لذا فإن اللجنة المالية تطالب الحكومة بتقديم جداول واقعية لا تتجاوز 150 تريليون دينار، وهو مبلغ يمكن تغطيته من الإيرادات النفطية وغير النفطية".
وشدد الكاظمي على أنه "لا يجوز بقاء الوضع على ما هو عليه"، داعياً الحكومة إلى "تقديم الجداول في أقرب وقت، حتى يضع مجلس النواب يده على الملف ويصادق عليها في جلسة واحدة، من دون الحاجة إلى قراءة أولى أو ثانية"، موضحاً أن "عودة البرلمان إلى الانعقاد في 9 تموز المقبل يجب أن تتضمن إدراج جداول الموازنة كأولوية في جدول أعماله".
ضعف الاستقرار وتراجع الدولة عن التزاماتها
أما الخبير الاقتصادي باسم جميل انطوان، فيرى أن الانتعاش الاقتصادي في العراق لا يمكن تحقيقه من دون توفر بيئة آمنة ومستقرة سياسيًا وأمنيًا، مشيرًا إلى أن التوتر الحالي في البلاد ينعكس سلبًا على حركة السوق.
ويقول انطوان في حديث لـ"طريق الشعب"، أن "الأجواء غير المستقرة تدفع المواطنين لتقليص نفقاتهم والتريث في الشراء، وهو ما يؤدي إلى انخفاض الطلب على البضائع ويُسهم في حدوث ركود اقتصادي"، مضيفًا أن "الدولة، من جانبها، تعاني من عجز في تسديد التزاماتها تجاه المواطنين والمقاولين، ما يُفاقم من جمود السوق".
ويضيف أن "انخفاض أسعار النفط، ولو بشكل مؤقت، زاد من حالة القلق في المشهد الاقتصادي، خصوصًا في ظل غياب مؤشرات ثابتة لعودة الأسعار إلى مستويات مطمئنة"، لافتًا إلى أن "الأزمات الاقتصادية لم تعد محلية فقط، بل باتت تؤثر على العالم بأسره، نتيجة اضطرابات في سلاسل الإنتاج والشراء".
ويؤكد أن "المواطن العراقي بات يُفضّل الاحتفاظ بمدخراته بدلاً من ضخها في السوق، تحسبًا لأي تطورات مفاجئة، خاصة في ظل تفاوت قيمة العملة والصرف".
ويجد انطوان أن هذا الانخفاض "يعكس أزمة أعمق في البنية الاقتصادية للعراق"، مشدداً على أن "الاقتصاد المحلي ما يزال “ريعياً” ويعتمد بشكل كامل على إيرادات النفط، دون وجود قاعدة إنتاجية متنوعة في القطاعات الصناعية والزراعية والسياحية والخدمية".
ويوضح أن الحل يكمن في "تحوّل الحكومة نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي وتقليل الاعتماد على الاستيراد، ما سيؤدي إلى خفض الطلب على الدولار وتقليل خروجه من البلاد"، داعيًا إلى "التركيز على تنشيط القطاعات الإنتاجية بدلاً من الاعتماد فقط على الضرائب والرسوم كمصادر بديلة للدخل".
سببان رئيسيان
من جانبه، رأى الخبير الاقتصادي أحمد عبد ربه أن تراجع مبيعات الدولار في البنك المركزي العراقي في الوقت الحالي، يعكس ركوداً قائماً أصلاً في السوق، نتيجة عوامل عدة، أبرزها انخفاض أسعار النفط وتأخر إقرار الموازنة العامة.
وقال عبد ربه في حديث لـ"طريق الشعب"، إن البلد دخل في الشهر السابع من العام دون موازنة، وهو ما ينعكس سلباً على حركة السوق، إذ أن إطلاق الموازنة غالبًا ما يُفعّل النشاط الاقتصادي من خلال صرف مستحقات المقاولين ومنح العلاوات، مما ينعكس على زيادة الطلب وحركة السيولة.
وأضاف أن ما يدعو "للقلق ليس انخفاض مبيعات الدولار، بل القلق الحقيقي يظهر عندما ترتفع هذه المبيعات بشكل كبير ومبالغ به، لأن ذلك يعكس ضعفاً في الإنتاج المحلي وزيادة في الاعتماد على الاستيراد".
ودعا إلى "توسيع القاعدة الإنتاجية للاقتصاد العراقي، لا سيما في مجالي الزراعة والصناعات الغذائية، والعمل على تحقيق الاكتفاء الذاتي كخطوة أولى قبل التفكير بالتصدير".
وأشار إلى أن الركود الحالي "لا يرتبط فقط بعوامل مالية، بل أيضاً بتردد الحكومة في إطلاق مشاريع جديدة، نتيجة عدم وضوح الرؤية الاقتصادية في ظل تذبذب أسعار النفط"، مطالباً بإطلاق حزمة اصلاحات جادة.
وفسّر حزمة الاصلاحات المطلوبة بأنها تشمل "الإسراع بإقرار قانون الموازنة، تشكيل مجلس تنسيق اقتصادي أعلى يضم البنك المركزي ووزارة المالية وهيئة الاستثمار، إجراء إصلاحات تشريعية في القطاع المصرفي، إطلاق مشروع الدينار الرقمي العراقي وتوسيع سلة التعاملات التجارية بعملات بديلة عن الدولار، مثل اليوان الصيني، الروبية، واليورو، وتقليل الاعتماد على النفط كمصدر وحيد للدخل القومي".
وخلص عبد ربه الى القول إن "استمرار الوضع على حاله سيُبقي السوق في حالة ركود عميق، ما لم تُتخذ قرارات إصلاحية واضحة ومدروسة خلال الفترة القريبة القادمة".
وكشف الخبير في الشأن الاقتصادي منار العبيدي، عن تسجيل البنك المركزي العراقي تراجعاً في إجمالي مبيعات الدولار الأمريكي خلال الأشهر الخمسة الأولى من عام 2025 بنسبة 4%، مقارنة بالفترة نفسها من عام 2024، محذرًا من أن هذا الانخفاض قد يكون مؤشرًا مبكرًا على دخول السوق العراقية في حالة من الركود.
*****************************************
راصد الطريق.. سبات السيادة
مع تفاقم أزمة المياه في البصرة، بدأت الكارثة بالتوسع لتطال العاصمة بغداد، حيث شكا مواطنون من انبعاث روائح كريهة من مياه الإسالة، بشكل لا يُطاق.
وبعد سنوات من التعتيم والتستر على نسب التلوث في الأنهار، اضطرت بعض الجهات المعنية أخيرًا إلى كشف المستور، فأعلنت أن التراكيز الملحية بلغت 32 ألف TDS في قضاء السيبة جنوبي البصرة، فيما وصلت إلى 12 ألف TDS في مركز المدينة، بحسب مدير ماء المحافظة.
خبراء ومستشارون في وزارة الزراعة حذروا من أن العراق تجاوز مرحلة شح المياه، ودخل فعليًا مرحلة الندرة، وهو ما ينذر بخطر وجودي يُهدد بلاد الرافدين.
وللتذكير، فقد قررت الحكومة – بكل فخر – أن تجعل من ملف المياه "ملفًا سياديًا"، وأوكلت أمره إلى مكتب رئيس الوزراء حصراً في ما يتعلق بالتفاوض مع دول المنبع.
لكن، ومنذ هذا التحول "السيادي"، لم نرَ من السيادة سوى الصمت! لا إجراءات، ولا اتفاقات، ولا حتى موقف جريء واحد يُدافع عن حقوق العراق المائية، رغم تكرار الزيارات المتبادلة بين العراق وتركيا، وعلى أعلى المستويات.
وهنا نسأل: متى تتحركون؟ وماذا تبقّى من مياه العراق لتتحركوا من أجلها؟
سيادتكم تُغرق البلاد في الملوحة والتلوث... فهنيئاً لكم بهذا الصمت "السيادي"!
******************************************
الصفحة الثانية
المفوضية تتحرك على الترويج المبكر: لجان لرصد المخالفات الدعائية
بغداد ـ طريق الشعب
كشفت المتحدثة باسم المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، جمانة الغلاي، أمس الاثنين، عن تشكيل لجان رصد إعلامي مركزية وفرعية في مكاتب المحافظات لمتابعة الدعاية الانتخابية.
وقالت الغلاي، إن "مهمة هذه اللجان تتضمن رصد ومتابعة المخالفات الانتخابية وتلقي الإخبارات، لا سيما ما يتعلق بالإعلان المبكر عن الترشح، أو ذكر رقم المرشح قبل الموعد الرسمي لانطلاق الحملات الدعائية".
وأشارت إلى أن "الإعلان المبكر يعد مخالفة صريحة لنظام الحملات الانتخابية".
وتوعدت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، باتخاذ إجراءات قانونية لمنع حدوث أي خروقات تهدد سلامة العملية الانتخابية.
وذكرت المفوضية في بيان أنه "نظراً لقرب موعد إجراء انتخاب مجلس النواب 2025، نود أن نبين للرأي العام ولجميع المعنيين بالشأن الانتخابي، أنها ستتخذ الإجراءات اللازمة لمنع حدوث أي خروقات تهدد سلامة العملية الانتخابية".
وأضافت أن "عملية بيع أو شراء بطاقات الناخبين البايومترية أو الشروع بهذا الفعل واستغلال موارد الدولة لأغراض انتخابية هي من الجرائم الانتخابية التي يعاقب عليها القانون سواء كان المخالف ناخباً أو مرشحاً أو تحالفاً أو حزباً سياسياً"، متوعدة بـ "إجراءات قانونية بحق من يثبت قيامه بالأفعال المذكورة". وبينت أن "المفوضية ستتخذ عقوبات رادعة أخرى قد تصل إلى استبعاد المرشحين المخالفين وإلغاء المصادقة على التحالفات والأحزاب السياسية المخالفة".
**************************************
في ذكرى إعلان الحزب الشيوعي الكردستاني: مستمرون في النضال من أجل المساواة والعدالة
إعلان الحزب الشيوعي الكردستاني في 30 حزيران 1993 كان نقطة تحول أخرى في مسيرة نضال الشيوعيين. وهو استمرار لنضال عشرات الآلاف من أبناء الشعب الكردستاني من مختلف المكونات الذين ناضلوا سابقًا في إطار منظمة إقليم كردستان للحزب الشيوعي العراقي.
تُعدّ الذكرى الثانية والثلاثون لإعلان الحزب الشيوعي رسالةً في كيفية استكمال مرحلة التحرر الوطني وإحداث تغيير اجتماعي نحو العدالة والمساواة الطبقية، وتحقيق حقوق شغيلة اليد والفكر وضمان مستقبل زاهر للأجيال القادمة.
فيما نحتفل بهذه الذكرى، تشهد المنطقة تحولات متسارعة. وتُعد الحرب بين إسرائيل وإيران إحدى نتائج هذا التحول في سياق تغير موازين القوى وهيمنة الدول الكبرى وأزمة دول المنطقة.
وعلى الصعيد الداخلي، وبسبب سياسات الحزبين الحاكمين، يواجه إقليم كردستان أزمة شاملة، وقد خلقت حالة من اليأس العام. في وقت ستُجرى الانتخابات البرلمانية العراقية خلال الأشهر القليلة المقبلة، ولكن بعد مرور أكثر من ستة أشهر على انتخابات برلمان إقليم كردستان، وإعلان نتائج الانتخابات، ما زال عمل البرلمان في إقليم كردستان معلقًا، وأبواب البرلمان مغلقة! وهذا يُعدّ إهانةً لإرادة أصوات جميع الناخبين، بمن فيهم ناخبو حزبي السلطة.
ولمواطني كردستان الحق في السؤال: لماذا لا يزال برلمان كردستان معطلاً بعد كل هذه المدة؟ وكيف وبأي منطق يدعون إلى مشاركة الشعب في الانتخابات البرلمانية العراقية وتفعيل دور المواطنين في الشرعية السياسية؟!
ومن جانب آخر وبسبب سياسة حكومة الإقليم النيوليبرالية، تتصاعد الفوارق الطبقية بالتزامن مع بيع القطاع العام إلى القطاع الخاص. وبالرغم من زيادة الضرائب والرسوم، تعجز حكومة الإقليم عن صرف رواتب الموظفين لمدة شهرين وتأخير رواتب شريحة واسعة من المتقاعدين لمدة ستة أشهر.
هنا، نحتج بصوت عالٍ ونستنكر سياسات حكومة إقليم كردستان التي أدت إلى خلق أزمة اقتصادية واحتكار السوق وتفشي حالة الفساد وتدخل الحزب في شؤون الحكومة وتتحمل الحكومة المسؤولية تجاه البطالة وأزمة السكن وأزمة الوقود والتهريب في الحدود والتبعية لدول الجوار.
وفي هذه المناسبة، نؤكد موقفنا من النقاط التالية:
1- نؤكد على ضرورة إجراء تغييرات وإصلاحات شاملة في النظام السياسي والاقتصادي، ومراجعة جميع السياسات التي تنتهجها حكومة إقليم كردستان، والتي هددت، جزئيًا، الأمن القومي في مختلف مجالات الحياة اليومية.
2- يجب توضيح الإصلاح وحل الأزمة للجماهير بخطوات عملية، والقضاء على الاحتكار، والحد من تدخل الأحزاب في شؤون الحكومة والمؤسسات والسلطات الأخرى.
3- مراجعة السياسة الاقتصادية، والابتعاد عن سياسات البنك الدولي وخطواته لخصخصة مؤسسات القطاع العام. وعلى الحكومة الوفاء بالتزاماتها في مجالات التعليم والصحة والخدمات العامة مجانًا، وتوفير الشفافية وتفعيل الرقابة، والقضاء على الاحتكارات.
4- تفعيل برلمان كردستان وتشكيل الحكومة الجديدة في أسرع وقت ممكن، وحل مشكلة الرواتب والوظائف والاحتياجات الأساسية للحياة اليومية للمواطنين.
5- وضع خارطة طريق وطنية كوردستانية لمواجهة ضغوط سياسات الحكومة العراقية وتجاوز إقليم كردستان الحصار المفروض عليه. إلا أن هذا لا يتحقق إلا بالتغيير وتطبيق ما ذكرناه وبدعم واسع من الشعب الكوردستاني.
6- تنويع مصادر الدخل وتطوير قطاعات الزراعة والسياحة والصناعة، ودعم الشباب لإنشاء المشاريع الصغيرة والمتوسطة، التي تُعدّ أساس النمو الاقتصادي والازدهار في منطقتنا.
7- تشكيل جيش كوردستاني موحد، مهني ومحترف، قائم على الثوابت والتربية الوطنية، بعيدًا عن أي تدخل حزبي أو شخصي.
ولتحقيق الحد الأدنى من هذه المطالب، وإجراء التغييرات والإصلاحات الشاملة، علينا حشد جميع الإمكانيات والقدرات والعمل المشترك بطرق سلمية مع الحركات الاجتماعية والقوى والأحزاب التي تعتبر نفسها جزءًا من قوة التغيير الاجتماعي والسياسي.
في هذه المناسبة، نُحيي تضحيات جميع شهداء طريق الحرية والمساواة. ونُرسل تحياتنا وباقة ورد إلى عوائل الشهداء، والبيشمركة القدامى، والسجناء السياسيين وعائلاتهم. مستلهمين من تجارب نضال الشيوعيين في مختلف مراحله ومنعطفاته. كما نتقدم بأحرّ التحيات لجميع أعضاء ومناصري الحزب، وجميع القوى اليسارية والتقدمية والشعب الكوردستاني، ولكل من يعتبر نفسه قوة التغيير الاجتماعي والسياسي.
الحزب الشيوعي الكردستاني هو تعبير عن مشروع فكري وإرادة وإيمان، يسعى إلى الديمقراطية والعدالة والحرية وإعادة بناء الإنسان، وصولاً إلى إقامة اشتراكية بخصائص كوردستانية.
لتكن كوردستان أفضل، كردستان المساواة والعدالة، النصر للنضال من أجل المساواة والعدالة.
عاشت الذكرى الثانية والثلاثون لإعلان الحزب الشيوعي الكوردستاني.
اللجنة المركزية
الحزب الشيوعي الكردستاني
30 حزيران 2025
********************************************
تصاعد وتيرة الاحتجاجات مطالب خدمية ومعيشية ومشاكل متراكمة
بغداد ـ طريق الشعب
شهدت محافظات عدّة خلال الأيام الماضية موجة من الاحتجاجات المتزامنة، عبّرت فيها شرائح اجتماعية مختلفة عن استيائها من التهميش والتأخير في تنفيذ استحقاقاتها القانونية والمعيشية، وسط دعوات إلى تدخل عاجل من قبل الحكومة المركزية لإنصافهم.
البصرة وأزماتها المتراكمة
ففي محافظة البصرة، تصاعدت الاحتجاجات لتشمل المحاضرين المجانيين، وسائقي الشاحنات، وسكان منطقة القبلة، في تعبير واضح عن تنوّع الأزمات وعمقها.
ففي ساحة تربية البصرة، خرج العشرات من المحاضرين والإداريين المشمولين بملف الـ19 ألف درجة وظيفية، احتجاجاً على ما وصفوه بـ"الإهمال والتسويف" في حسم قضيتهم التي مضى عليها سنوات.
وقال ممثل المحتجين عبدالخالق الشاوي، إن "المحاضرين عملوا بالمجان لأكثر من أربع سنوات وكانوا دعماً للعملية التربوية، ورغم استكمال تربية البصرة جزءاً كبيراً من إجراءات التعاقد منذ عام 2023، إلا أن الأوامر الإدارية لم تصدر حتى الآن".
وحمّل المحتجون مديرية التربية كامل المسؤولية، فيما دعوا رئيس الوزراء ومحافظ البصرة إلى التدخل العاجل لإنهاء معاناتهم.
أما في ناحية أم قصر، فقد نظّم العشرات من سائقي الشاحنات تظاهرة قرب المدخل الرئيس للميناء، احتجاجاً على قرار "منع دخول شاحناتهم التي لا تتجاوز حمولتها 15 طناً، فيما يُسمح بدخول شاحنات ثقيلة تابعة للقيادة البحرية". ووصف السائقون القرار بـ"التمييزي وغير المبرر"، وأكدوا أنه ألحق أضراراً كبيرة بمصدر رزقهم، وأعلنوا استعدادهم للتصعيد باستخدام كافة الوسائل القانونية.
وفي منطقة القبلة وسط البصرة، نظّم الأهالي وقفة احتجاجية، للمطالبة بمعالجة أزمة تلوث وشح المياه وارتفاع نسب الملوحة.
وأكد المحتجون، أن مياه الإسالة الواصلة إلى منازلهم "غير صالحة للاستخدام البشري وتشكل تهديداً مباشراً على الصحة العامة"، واقترحوا على الحكومة اعتماد مبدأ "النفط مقابل الماء" كحل لإنهاء معاناتهم وضمان حقوقهم الأساسية.
ردم بحيرات الأسماك
وفي ميسان، أقدم العشرات من المواطنين على قطع الطريق الرابط بين بغداد والعمارة قرب منطقة الكميت، احتجاجاً على قيام الجهات المختصة بردم بحيرات الأسماك التي تعد مصدر رزقهم الوحيد. وقد أشعل المتظاهرون النيران في إطارات العجلات، ما أدى إلى شلل الحركة المرورية في الطريق الحيوي، مؤكدين أنهم سيواصلون احتجاجهم حتى يتم وقف عمليات الردم. وأشار المتظاهرون إلى أنهم يعتمدون بشكل أساسي على تربية الأسماك في الأحواض، خصوصاً بعد منعهم من الزراعة الصيفية بسبب شح المياه، وأن عمليات الردم تتم دون تعويض أو توفير بدائل، ما يهدد أمنهم المعيشي.
وطالبوا بتدخل حكومي عاجل ووقف ما وصفوه بسياسات "الإقصاء المعيشي" التي تستهدف الفئات الأكثر ضعفاً.
اعتصام مفتوح للفلاحين
وفي محافظة المثنى، نظّم العشرات من المزارعين وقفة احتجاجية أمام سايلو السماوة، احتجاجاً على تأخر صرف مستحقاتهم المالية الخاصة بتسويق محصول الحنطة، وأغلقوا أبواب السايلو كخطوة تصعيدية وأعلنوا دخولهم في اعتصام مفتوح حتى تحقيق مطالبهم.
وقال المزارع قيس عبد الكاظم: "نطالب بصرف مستحقات الفلاحين، لكننا فوجئنا بأن الحكومة قررت دفع 20% فقط من قيمة المستحقات، وهذا مجحف بحقنا".
فيما أوضح المزارع ناجي فليح أن معظم الفلاحين حصلوا على البذور والأسمدة بالدين، وكان موعد التسديد في الأول من حزيران، لكن الدولة لم تلتزم سوى بدفع ربع المبلغ، مما أوقعهم في أزمة مالية خانقة، خصوصاً أن الزراعة تعتمد على الآبار، وتصل كلفة الدونم الواحد إلى 600 مليون دينار.
وقال المزارع ضياء مرزوق، أن نسبة الـ20% قد تكون مناسبة لبعض المحافظات بسبب صغر حجم العقود، "لكن أغلب الفلاحين في المثنى يملكون أراضي تزيد عن 50 دونماً، ولا تكفي المبالغ المدفوعة لتغطية التكاليف".
وانتقد غياب الاستجابة الرسمية، قائلاً: "لم يأتِ إلينا أي مسؤول أو نائب، فقط قوات الشغب موجودة".
جرحى الجيش يطالبون بقطع أرض
وفي كركوك، تجمّع العشرات من جرحى الجيش أمام مبنى المحافظة، مطالبين بتخصيص قطع أرض سكنية ضمن استحقاقاتهم القانونية، أسوةً بما جرى في محافظات أخرى.
وقال الجريح فلاح محمود: "مطالبنا مشروعة، فنحن ضحينا من أجل الوطن، ونطالب بحق بسيط كقطعة أرض نؤمّن بها مستقبل عائلاتنا".
وأكد المتظاهرون، أنهم ينتظرون تنفيذ الوعود منذ سنوات دون استجابة، داعين إلى وضع آلية شفافة تضمن شمول جميع الجرحى دون تمييز، وطالبوا الحكومة المحلية ومجلس الوزراء بالتدخل العاجل لإنهاء هذا الملف المتعثر.
فاحصو وزارة الدفاع يطالبون بالتعيين
وفي بغداد، تظاهر العشرات من الفاحصين المدنيين في وزارة الدفاع أمام مبنى مجلس الخدمة الاتحادي، للمطالبة بتسريع إجراءات تعيينهم، بعد حصولهم على موافقة مجلس الوزراء دون تنفيذ فعلي حتى الآن.
ورفع المتظاهرون شعارات تطالب بالإسراع في استكمال الإجراءات الإدارية والقانونية لإصدار أوامر التعيين، مؤكدين أنهم استوفوا جميع الشروط وتم إدراج أسمائهم ضمن القوائم المعتمدة.
وأشاروا إلى أن تظاهرتهم سلمية وتهدف إلى المطالبة بحقوق قانونية أقرتها الدولة ولم تُنفذ.
وتُظهر هذه الاحتجاجات المتعددة والمتزامنة اتساع رقعة المطالبات في العراق، وتراكم الأزمات الخدمية والاقتصادية، ما يضع السلطات المحلية والمركزية أمام مسؤولية عاجلة للمعالجة وتقديم حلول واقعية تُعيد الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة.
***************************************
تهنئة
الرفاق الأعزاء في المكتب السياسي واللجنة المركزية للحزب الشيوعي الكردستاني – العراق
رفاق النضال والتضحيات والغد المشترك
نتقدم بأحر التهاني والتبريكات اليكم، وإلى الرفيقات والرفاق في الحزب الشيوعي الكردستاني لمناسبة حول ذكرى تأسيس الحزب في ٣٠ حزيران ١٩٩٣، ولمناسبة نجاح مؤتمركم الثامن، الذي شكل محطة مهمة في مسيرة حزبكم النضالية دفاعًا عن حقوق الشعب الكردستاني وعموم جماهير العراق الكادحة.
إن حلول الذكرى المجيدة للتاسيس ونجاح مؤتمركم الثامن في ظل الظروف المعقدة والتحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في كردستان على وجه الخصوص والعراق عموما ناهيك عن الظرف الإقليمي، يعكس إصرارا على مواصلة النضال من أجل العدالة الاجتماعية، والديمقراطية، وحقوق الإنسان، كما يؤكد الحرص على تعزيز دور الحزب في الحياة السياسية وتطوير أدوات العمل الكفاحي والتنظيمي.
اننا اذ نتطلع الى مزيد من العمل المشترك والتشاور وتبادل وجهات النظر على مختلف الأصعدة السياسية والاجتماعية والاقتصادية منها، يحدونا امل مقرون بالعمل على الامكانية الفعلية في المزيد من العطاء والارتقاء بدور الحزب، مستندا على ارثه التاريخي في التضحيات الجسام التي شهدتها جبال كردستان وزنازين النظم البائدة في كل بقاع بلدنا العزيز، وحاضرا في الدفاع عن مصالح المستغَلين والكادحين وأصحاب الرأي، وفي سبيل عراق ديمقراطي اتحادي حر آمن مزدهر يرفل ابناؤه بالاستقرار وينعمون بثرواته، من دون قلق على مستقبل اجياله.
نكرر تقديرنا العالي لمواقفكم ونضالكم، ولنعمل سوية على توطيد التعاون المشترك بين قوى اليسار والتقدم والديمقراطية، لما فيه مصلحة شعبنا في الإقليم والعراق.
كل التمنيات لكم بالتوفيق والنجاح ومواصلة السير الى امام بثبات وعزيمة شيوعية لا تلين .
المكتب السياسي
للحزب الشيوعي العراقي
٣٠ حزيران ٢٠٢٥
********************************************
الصفحة الثالثة
تفكيك 74 شبكة خلال عامين.. وافتتاح 16 مصحة لعلاج الإدمان المخدرات.. خطر صامت يهدد الأمن والمجتمع
بغداد – تبارك عبد المجيد
تشهد ظاهرة المخدرات في العراق تنامياً مقلقاً، وسط تحذيرات من تحول البلاد إلى مركز ناشط في تجارة وتصنيع المواد المخدرة على مستوى المنطقة، في وقت تتزايد فيه معدلات التعاطي بين فئة الشباب تحديداً. وتُظهر المعطيات الميدانية وجود محاولات موثقة لإنتاج المخدرات في محافظات مختلفة، من الجنوب إلى الشمال، بالتزامن مع نشاط شبكات التهريب والترويج عبر الحدود. وبينما تكثف الجهات الأمنية حملاتها لملاحقة المهربين وتجار المخدرات، يرى متخصصون أن المعالجة لا تكتمل من دون تطوير البنى الصحية المخصصة للعلاج والتأهيل، وتعزيز الوعي المجتمعي، وتفعيل دور المؤسسات الرقابية والتشريعية، مؤكدين أن المخدرات باتت "تهديداً صامتاً" يضرب في عمق الأسرة والمجتمع، ويستدعي استجابة شاملة تشمل جميع المستويات: الأمنية، الصحية، والتعليمية.
وكشف تقرير صادر عن الأمم المتحدة، بالتزامن مع انعقاد مؤتمر بغداد الدولي الثاني لمكافحة المخدرات في وقت سابق عن تنامي خطر تحول العراق إلى نقطة رئيسية لإنتاج وتجارة المواد المخدرة في منطقة الشرق الأوسط. ولفت التقرير إلى محاولات موثقة لإنتاج المخدرات في محافظات عراقية، أبرزها المثنى جنوبي البلاد، إلى جانب كركوك وطوزخورماتو في الشمال.
وأشار التقرير الأممي إلى أن الشباب هم الفئة الأكثر تضرراً من انتشار هذه الظاهرة، والتي تغذيها عوامل عدة أبرزها البطالة وتراجع مستويات الرقابة الأمنية والمجتمعية. كما حذر من أن العراق، إلى جانب دول المنطقة، بات مهدداً بأن يكون بيئة خصبة لعمليات التهريب والتصنيع غير المشروع.
وقدم التقرير سبع توصيات أساسية، شملت تفعيل الاتفاقيات الإقليمية الخاصة بمكافحة المخدرات، وتعزيز التعاون بين العراق وجامعة الدول العربية ودول الخليج، إلى جانب الدعوة لإنشاء مركز إقليمي متخصص بإنفاذ القانون ومكافحة المخدرات.
ترابط العنف مع الإدمان
أكد عصام كشيش، رئيس منظمة التعافي للحد من خطورة المخدرات، أن هناك علاقة مترابطة بين العنف والإدمان، مشيرا إلى أن العنف الأسري قد يدفع بعض الأفراد نحو تعاطي المخدرات، في حين يؤدي الإدمان بدوره إلى سلوكيات عنيفة وتوترات داخل الأسرة والمجتمع.
وقال كشيش أن "الإجراءات الحكومية في مواجهة الإدمان كانت واقعية وسريعة، ولم تنتظر تشريعات البرلمان، على عكس التحركات البرلمانية التي اتسمت بالبطء في إقرار القوانين المرتبطة بالإدمان".
وأضاف أن تلك الجهود الحكومية أسهمت بشكل كبير في الحد من انتشار الظاهرة خلال النصف الثاني من عام 2024 وبداية 2025، رغم التقارير السابقة التي تحدثت عن تزايد أعداد المدمنين.
وبيّن أن العراق لا يزال يعاني من ضعف في البنى التحتية الصحية لعلاج الإدمان، مشيرا إلى وجود مستشفيين فقط في جانب الكرخ ببغداد، فيما تفتقر المحافظات إلى مراكز متخصصة وتكتفي بأقسام ضمن المستشفيات العامة. ودعا إلى إنشاء مستشفى متخصص في كل محافظة، وهو ما يتطلب موافقات برلمانية ومخصصات مالية.
الظاهرة تنحسر
ونوّه كشيش بدور وزارة الداخلية، وجهود مكافحة المخدرات، فضلاً عن دور الإعلام في التوعية، رغم عدم وصوله إلى المستوى المطلوب بعد. كما نوه بمساهمة منظمات المجتمع المدني وشيوخ العشائر في جهود العلاج والحد من الظاهرة.
وأشار إلى أن منظمته "تعافي" عالجت أكثر من 3,000 حالة إدمان خلال السنوات الثلاث الماضية، بين ذكور وإناث، مؤكدًا أن العراق يشهد حالي تحسن نسبي في مواجهة الإدمان، لكنه شدد على أن "الظاهرة لم تنتهِ بعد، بل انحسرت بشكل واضح بفضل تعاون عدة جهات".
واختتم كشيش بالتحذير من أن المخدرات لا تُعد فقط ظاهرة صحية أو اجتماعية، بل تُستخدم أحيانًا كسلاح من قبل أجهزة استخبارات دولية لزعزعة استقرار الدول.
المنافذ الحدودية.. ثغرة كبيرة
من جهته، حذر الخبير الأمني سرمد البياتي من تفاقم خطر المخدرات في العراق، مؤكدًا أن تأثيرها الأمني والاجتماعي لا يقل عن خطر السلاح، خاصة على فئة الشباب.
وقال البياتي في حديث لـ "طريق الشعب"، انه "في عام 2014، كان التهديد الأكبر بالسلاح الناري، أما اليوم فالمخدرات تقتل بشكل صامت، وتدمر الشباب من الداخل".
وأشاد البياتي بالجهود التي تبذلها وزارة الداخلية لمكافحة المخدرات، لا سيما بالتعاون مع دول الجوار. لكنه شدد في الوقت نفسه على ضرورة السيطرة المحكمة على المنافذ الحدودية، كونها تمثل مدخلا رئيسيا لتهريب المواد المخدرة.
ودعا البياتي إلى فرض عقوبات مشددة على تجار المخدرات، قد تصل إلى الإعدام، مع ضرورة تنفيذ هذه العقوبات بشكل صارم، مؤكدا أن التغاضي عنها سيفاقم المشكلة على المدى البعيد.
واكد أن استمرار تجارة المخدرات دون رادع سيؤدي إلى آثار مدمرة ليس فقط على المستوى الأمني، بل الاجتماعي والاقتصادي أيضًا.
تفكيك 74 شبكة
أما الناشطة في مجال مكافحة المخدرات إيناس كريم، فأكدت ما ذهب اليه المتحدثان السابقان بأن العراق يشهد جهودا أمنية حقيقية ومتواصلة في مكافحة شبكات تهريب وترويج المخدرات، مشيرة إلى أنه "من عام 2023 وحتى عام 2025 تم تفكيك أكثر من 74 شبكة في مختلف المحافظات العراقية، وذلك بفضل التعاون بين عدة أجهزة أمنية".
وأضافت كريم لـ "طريق الشعب"، أن "هناك تحسنا ملحوظا في الجانب العلاجي أيضا، حيث تم افتتاح 16 مصحة قسرية لمعالجة المتعاطين الذين يُحالون إليها بدلا من السجون، في خطوة مهمة نحو التركيز على إعادة التأهيل بدلاً من العقاب فقط".
كما أشارت إلى وجود "مراكز علاجية متخصصة تابعة لوزارة الصحة، منها مركز القناة للتأهيل الاجتماعي ومركز العطاء في بغداد، بالإضافة إلى مستشفى جديد يُتوقع افتتاحه خلال هذا العام في منطقة العامرية بجانب الكرخ".
وفي ما يتعلق بالإطار الوطني لمكافحة المخدرات، كشفت كريم عن مشاركتها في إعداد الاستراتيجية الوطنية لمكافحة المخدرات 2025 – 2030، التي وصفتها بأنها "خطة شاملة، تم اعتمادها وتطبيقها على جميع أجهزة الدولة ومؤسساتها، تحت إشراف مستشاري الأمن القومي"، مشيدة بتعاون كل الأطراف في صياغتها.
وأشارت إلى أنها تمكنت خلال عام 2025 من معالجة حوالي 420 حالة إدمان من خلال مؤسستها، التي تنفذ حملات توعية واسعة تستهدف المدارس والجامعات والمنتديات الشبابية.
وحول تقييمها لتقرير الأمم المتحدة بشأن الوضع في العراق، أكدت كريم دقته من ناحية الاشارة الى وجود تداعيات اجتماعية واقتصادية وصحية، لكنها قالت إن "الوضع اليوم بات أقل خطورة مما كان عليه، بفضل الجهود الأمنية المتواصلة، وتزايد أعداد المتعافين من الإدمان".
وشددت على "الحاجة الملحة لضبط الحدود والمطارات بشكل أكبر، وتوسيع شبكة المستشفيات والمراكز العلاجية، إضافة إلى تفعيل دور الإعلام في نشر الوعي، من خلال البرامج والمسلسلات والمحتوى الرقمي المؤثر". واختتمت كريم حديثها بالتحذير من خطورة تعاطي المخدرات، واصفة الظاهرة بـ"الإرهاب الناعم أو الإرهاب الصامت، لأنه "ينخر في جسد المجتمع دون أن يشعر به أحد، ويتسلل إلى البيوت والمدارس والجامعات، ويستهدف فئة الشباب بشكل مباشر".
وأكدت أن المتعاطين، في حال عدم تلقيهم العلاج المناسب، قد يتحولون إلى مصدر خطر على أسرهم ومجتمعاتهم، مشيرة إلى أن "الإدمان على مخدرات مثل الكريستال يمكن أن يقود إلى سلوكيات عنيفة قد تصل إلى الاعتداءات الجسدية أو الجنسية".
وأضافت أن "المدمن غير المعالَج أشبه بقنبلة موقوتة قابلة للانفجار في أي لحظة".
كما أعربت عن أملها في "تحويل المتعافين من الإدمان إلى معالجين يساعدون الآخرين على التعافي، مما يخلق سلسلة أمل وإنقاذ جديدة داخل المجتمع".
***************************************
العراق في الصحافة الدولية
ترجمة وإعداد: طريق الشعب
العراق وسياسة ضبط النفس
نشر موقع معهد تشاتهام البريطاني مقالاً للباحث رينارد منصور حول ظروف العراق وسط عواصف التوتر والحرب في الشرق الأوسط، أشار فيه إلى أنه ولأول مرة في الذاكرة الحديثة، يجد العراق نفسه على هامش صراع شرق أوسطي كبير، بدلاً من أن يكون في مركزه، خاصة وقد جاءت حرب الكيان مع إيران بعد فترة نادرة من الاستقرار النسبي والتقدم التنموي، وصارت تنذر بنهاية هذا الهدوء الهش وانجرار العراق إلى ما يبدو أنه تحول جذري في النظام الإقليمي.
الخروج من سنوات الصراع
وأشار الكاتب إلى أن إيران قد برزت كقوة إقليمية مهيمنة غداة الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 والذي أعاد تشكيل المشهد الجيوسياسي، وأنها بقيت كذلك حتى 7 تشرين الأول، حين بدأ تحول غير واضح في مكانتها، رغم أن دلالات كبيرة وكثيرة تميل للتأكيد على أنه سيكون مضطربًا وعنيفًا. ويأتي هذا التحول في وقت بدأ فيه العراق بالخروج من سنوات من الصراع، وتزامن مع الضعف الذي تشعر به مختلف الأطياف السياسية العراقية، وممارستها الحذر من الانجرار إلى صراع إقليمي، بغض النظر عن انتماءاتها الأيديولوجية أو العرقية - الطائفية، بما في ذلك القوى المسلحة ذات العلاقات التاريخية مع طهران.
الحرص على المكاسب
وعزا الكاتب ضبط النفس، الذي ساد في الأحداث بل وفي السنوات الأخيرة، إلى ترسيخ العديد من القوى لنفوذها داخل الدولة العراقية، سواء في الحقائب الوزارية والمناصب الإدارية العليا التي تشغلها أو في الهيمنة على الشركات المملوكة للدولة والتي تدر إيرادات كبيرة، في بلاد تجاوز متوسط ميزانيتها السنوية 100 مليار دولار، متوقعاً أن يبقى عدم الاستقرار أمراً سيئاً لأصحاب الأعمال، خاصة عندما يكون تأثير مشاركتهم في أي نشاط عسكري ضئيلاً.
ماذا يُخبئ الغد؟
وأكد المقال على أنه وفي الوقت الذي كشفت فيه الأحداث محدودية سيطرة العراق على مجاله الجوي وسيادته، فإنها شكلت أساس الحسابات الاستراتيجية للجهات الفاعلة العراقية حتى الآن، رغم أن لا أحد بقادر على التنبؤ بالمسارات التي ستعيد تشكيل حسابات بغداد في المرحلة المقبلة.
وتساءل الكاتب عن موقف بغداد إذا ما اندلعت حرب مطولة بين إيران وإسرائيل، بدعم من الولايات المتحدة، أو إذا ما ادّعت إيران وجود نشاط للموساد ضدها، ينطلق من الأراضي العراقية، وأرادت التدخل للقضاء عليه وتفكيكه بنفسها، أو إذا ما استمرت هدنة بين المتحاربين، تحميها وترعاها واشنطن. وتوقع بأن العراق يفضل عزل نفسه عن التورط المباشر والسعي للتركيز على التنمية الاقتصادية المحلية والاستقرار، ففترات الاضطراب الطويلة ستُقوّض روابط الطاقة والتجارة الحيوية، مما يُعيق الانتعاش الاقتصادي الهش للعراق. كما قد يُعرّض للخطر السلطة التي بدأت النخب العراقية مؤخرًا في ترسيخها، وقد تُعيد التهديدات الأمنية إشعال الصراع الداخلي أو تُورّط العراق في حروب خارجية، بينما قد تُؤدّي الصدمات السياسية من طهران إلى تفتيت توازن القوى الدقيق في بغداد.
وتوقع الكاتب بأن يسعى العراق إلى التعاون مع شركائه في الخليج لتطوير هيكل أمني إقليمي أكثر متانة، مصمم لتقليل التعرض للصدمات الخارجية المستقبلية، مؤكداً على أن أهم عناصر هذا التكامل مع الخليج، يكمن في بذل جهد دبلوماسي مستدام لحل النزاع الحدودي البحري مع الكويت، واستثمار أي فرصة تتاح لتأكيد استقلالية أكبر للقادة العراقيين.
ورأى الكاتب بأن هذا الاستنتاج الأخير لا يبدو واقعياً إذا أعادت طهران فرض سيطرتها واستقرارها داخليًا، حيث من المرجح حينها أن يستمر العراق في مساره الحالي.
**********************************************
افكار من اوراق اليسار.. التجديد بين تغير الواقع وتطور الوعي
إبراهيم إسماعيل
جاء أعرابي إلى المأمون وهو في رحلة صيد، وأهداه قربة ماء جلبها له من غدران الجزيرة، سائلاً منه مكرمة مقابل "ماء الجنة" هذا. وجد الخليفة الماء مالحاً، فابتسم في سره وأمر الحاشية أن يملؤوا قربة الإعرابي ذهباً، ويرافقوه إلى الصحراء، وشدّد عليهم أن يمنعوه من دخول العراق، إذ لن يستطيع أحد حينها إبقاءه تابعاً مطيعاً، إذا ما ذاق ماء الفرات.
لا أدري ما إذا كان المأمون مدركاً لعلاقة الوعي بالواقع، الا أن هذه الحادثة تمثل حكمة، أعطت الماركسية تعليلها العلمي بعد قرون، حين أثبتت بأن اختلاف الظروف يغيّر من وعي البشر، ويجعل بالتالي من تبني معالجات مختلفة للقضايا الاستراتيجية، بدءاً من الشعارات ومروراً بالتنظيم وانتهاءً بأساليب الكفاح، أمراً جوهرياً، تنهار بدونه السقوف وتتعطل بوصلة المسار.
وتمثّل أول إقرار بهذه القاعدة، في مساحة التنوع التي وُضعت في البيان الشيوعي وخلقت الفرص لتطوير الممارسة وفق متغيرات الواقع، وفيما ضمّته الأممية الأولى من تيارات، لم يكن يجمعها الكثير غير السعي لإنهاء الانقسام الطبقي وإلغاء الرأسمالية. كما تم تبنيها بعد ثورة أكتوبر، فرغم ما تميزت به نظرية الحزب اللينينية، من مركزية خاصة فرضتها الظروف الاستثنائية الموغلة في القمع والحرب الأهلية والعدوان الخارجي، سارع البلاشفة لاحقاً للتعامل بمرونة سياسية وتنظيمية تتناسب مع تغير الظروف، فتحوّلوا إلى حزب جماهيري كبير، قبل أن تَئِد الستالينية تلك المرونة وتحل قرارات "أبو الشعوب" محل المركزية الديمقراطية. وفي "الغرب" حيث تهيمن الديمقراطية البرجوازية، وفّرت الظروف المختلفة مساحة أكبر للإبداع الفكري، فأنتجت غرامشي ومارشيه وبرلينغوير وكاريو واليسار الأوربي واليسار الوردي في أمريكا اللاتينية، وأعادت الحياة لفكرة التنوع في إطار الوحدة، تمهيداً لبناء هيمنةِ أيديولوجيةِ يسارية، في مواجهة الهيمنة الأيديولوجية البرجوازية، تُفضي للتحرر من الرأسمالية.
وحين تحققت الثورة الصناعية الرابعة وشهدنا تطوراً هائلاً في التقنية، توزع اليسار بين من بقّي محافظاً حتى على نصوص اغتربت عن السائد، وبين من رأى في التجديد الفعال على ضوء الواقع، ضرورة وجودية، ليس على صعيد بنائه الداخلي فحسب، بل وفي كل مفاصل عمله، ودعا لاعتماد الفكرة والتنظيم والممارسة، القادرة على التكيّف مع الظروف الملموسة لكل زمان ومكان وما وصلت اليه التكنولوجيا من تقدم.
كما حذر هذا اليسار من الخشية من نقد الذات أو تضرر الكواحل عند الاستداريات، ورأى بأن أي تجديد يتبناه، لا يبقى يبعث على الفخر بالضرورة، الاّ إذا تمت مراجعته واختباره بشكل دوري، والإسراع بتغييره كلياً أو جزئياً على ضوء التطورات وما تنتجه من تقدم أو تخلف في الوعي، لأن إغفال المراجعات قد يجعل متلّقي خطاب اليسار أشبه بجمهور صيني يستمع لإحدى روائع الجواهري.
وساعد هذا التوجه أطيافاً من اليسار على تكوين حركات منظّمة في صفوف أجيال جديدة، غالباً ما نفرت من الالتزام السياسي والمركزية المفرطة وعبادة الفرد وتقييد روح المبادرة، محققاً منجزات مهمة على صعيد الحراكات الشعبية أو الانتخابات المحلية والبرلمانية، وعلى صعيد تعبئة آلاف الشباب ممن لا يعرفون رفاقهم أو قيادتهم، ولا تلزمهم أي قيود سوى المبادئ الأساسية التي جذبتهم حين عبّرت عن مصالحهم.
وكما وفّر الواقع التقني المختلف جهوداً كبيرة لتنظيم هذه الأعداد وتربيتهم بضرورة بناء التنظيم السياسي المقترن بأرقى ديموقراطية تتيحها التكنولوجيا، وخلقَ مشاركة جماعية في تطوير الفكرة والأهداف، وفي تنفيذ وتقييم خطط العمل، أثمر عن تنمية الوعي بأهمية بناء أغلبية اجتماعية مناهضة للرأسمالية وتعيق إنتاج استبداد جديد.
***************************************
الصفحة الرابعة
بعض المعاملات تُكلّف مئات آلاف الدنانير دوائر الدولة.. رسوم وضرائب مرتفعة مقابل خدمات رديئة!
متابعة – طريق الشعب
في الوقت الذي يفترض أن تكون فيه المؤسسات الحكومية الخدمية، مثل المستشفيات، ودوائر المرور والأحوال الشخصية والتسجيل العقاري والكهرباء وغيرها، أماكن لتقديم الخدمات مقابل رسوم رمزية، يصطدم مراجعوها بواقع مختلف تماماً. فبينما يفتقر الكثير من تلك الدوائر لأبسط وسائل راحة المراجع، من قبيل قاعات انتظار نظامية مكيفة تضم مقاعد جلوس كافية.. بينما لا يتوفر كل ذلك تُفرض على المراجع رسوم وضرائب مقابل خدمات ضعيفة، ناهيك عن الروتين القاتل والتعقيدات المفتعلة وفرض الوساطات وغيرها – على حد ما يراه متابعون.
فمن المستشفيات التي تفرض مبالغ غير قليلة على إقامة المرضى ومرافقيهم دون توفير أبسط مقومات الراحة، إلى دوائر حكومية تفرض رسوماً على معاملات روتينية دون تحسين ملموس في الأداء، تتكرر المعاناة وتتوسع الأسئلة.
أين تذهب أموال الرسوم؟!
أين تذهب كل هذه الرسوم التي تُجبى من المواطنين، ولماذا لا تترجم إلى خدمات ملموسة؟ سؤال يتردد كثيراً منذ سنوات عدة دون إجابات واضحة - حسب ما يؤكده مواطنون ومراقبون.
ويتحمل المواطن الذي يراجع دائرة ما لترويج معاملة بسيطة، رسوماً تتراوح بين 20 إلى 100 ألف دينار وأكثر حسب معاملته وملحقاتها. في حين تصل المبالغ إلى مئات الآلاف من الدنانير في بعض الدوائر، ما يثقل كاهل المواطن الذي لا يجد بداً من دفع الرسوم لترويج معاملته. إضافة إلى ذلك ان أغلب الدوائر يفتقر الى سبل راحة للمراجع كوجود مقاعد او تبريد في الممرات خلال ساعات الانتظار.
عضو اللجنة العليا للإصلاح الضريبي، خالد الجابري، يقول في حديث صحفي، أنه "يجب التمييز بين الضرائب والرسوم. فالأخيرة هي من صلاحيات الوزارات. أما الضرائب فتُفرض بقانون وليس تعليمات وزارية. حيث تنص المادة 28 من الدستور على أنه لا تفرض الضرائب والرسوم، ولا تعدل، ولا تجبى، ولا يعفى منها إلا بقانون".
ويشير إلى أن "الرسم يختلف عن الضريبة لأنه عبارة عن مبالغ تدفع للدوائر والمؤسسات مقابل الخدمات التي تقدمها للمواطنين"، لافتاً إلى أن "الضرائب تجبى من الدخل المتحقق باستمرار، بينما الرسم يؤخذ مرة واحدة فقط".
وينوه إلى أن "مبالغ الرسوم تختلف من دائرة لأخرى بحسب نوعية الخدمات التي تُقدم للمواطنين، لكن العديد من الخدمات الحكومية لا يصل إلى مستوى مبالغ الرسوم التي يدفعها المواطن".
ويوضح الجابري، ان "الضرائب تذهب إلى الخزينة العامة، لكن التصرف بها من قبل الجهات المعنية لا يتم وفق دراسة جادة لتوزيع المبالغ بين المحافظات حسب حاجتها"، مبيناً أن "بعض المدن العراقية ما تزال تعاني ضعف أو انعدام البنى التحتية الأساسية". يشار إلى أن هناك دوائر حكومية تستوفي رسوماً مبالغ بها لا تتناسب مع دخل الكثير من الشرائح الاجتماعية. إذ تزيد كلفة إصدار إجازة السوق على 100 ألف دينار تدفع وفق وصولات رسمية، هذا إضافة إلى أجور الاستنساخ وغيرها. وتبلغ كلفة تجديد سنوية السيارة لأول مرة مبلغاً قدره 240 ألف دينار، تدفع كرسوم بوصولات رسمية. كما تُدفع الرسوم أيضاً على جميع معاملات المرور بما فيها رسوم الطرق والجسور، دون أن يلمس المواطن أي عمليات ترميم حقيقية للشوارع والطرقات.
وتم فرض مبلغ 2000 دينار على قسيمة تسديد أجور الكهرباء كأجور طباعة، حتى وإن لم تكن الوحدة السكنية مأهولة ولا تستهلك الكهرباء تصل القائمة لصاحب الوحدة السكنية مثبت فيها مبلغ 2000 دينار كأجور طباعة القسيمة، بينما تتدهور الكهرباء سنة بعد أخرى ويزداد اعتماد المواطن على المولدات الأهلية.
الحكومة تُعظم إيراداتها من جيب المواطن!
من جانبه، يقول عضو اللجنة القانونية البرلمانية محمد الخفاجي، أن "الرسوم التي تستوفيها المؤسسات الحكومية من المواطنين تستند إلى فقرة قانونية تتيح لها استيفاء رسوم مقابل الخدمات، وتفوضها زيادة الرسوم إن قدمت خدمات إضافية".
ويضيف في حديث صحفي، أن "الحكومة تسعى إلى تعظيم الإيرادات من خلال تفويض المؤسسات استحداث خدمات جديدة، وهو ما فتح الباب واسعاً أمام المؤسسات للتعاقد مع شركات القطاع الخاص ومضاعفة الرسوم بشكل يرهق المواطنين، وفي المقابل لا توجد خدمات حقيقية". ويؤكد الخفاجي أنه "لا يوجد سبب حقيقي للتعاقد مع شركات خاصة لإصدار جوازات السفر وتسليم بيانات المواطنين ومعلوماتهم لتلك الشركات، إلا من أجل رفع قيمة الرسوم".
زيادات مفاجئة
بدوره، يوضح النائب المستقل أمير المعموري أن "كلاً من الضرائب والرسوم يتم تسليمها إلى خزينة الدولة وفق خطة معدة لذلك، إلا أن الرسوم لا تتناسب مع الخدمات التي تقدمها الدوائر الحكومية، ولا يتم توزيع الأموال بطريقة مدروسة تلبي احتياجات المدن". ويضيف أن "الشوارع الرئيسة والطرقات الخارجية لم تشهد تحسناً ملحوظاً، وأغلب سائقي المركبات يشكون من وجود تخسفات في الطرق، بينما يتم استيفاء مبالغ من المواطنين تحت هذا العنوان".
ويلفت المعموري إلى أنه "في الفترة الأخيرة حصلت زيادة كبيرة في مبالغ الرسوم والضرائب والتعرفة الجمركية، لا تتناسب مع قيمة المواد المستوردة، ما سببت ضررا كبيرا للتجار، لأن رفع الضرائب تم بدون سابق إنذار"، مشيراً إلى "عدم سيطرة الحكومة على بعض المنافذ بالشكل المطلوب، وهو ما يزيد من عمليات التهريب مع ارتفاع التعرفة الجمركية". وينوه إلى "وجود تحركات في مجلس النواب لمناقشة قرار مجلس الوزراء الأخير المتعلق برفع الضرائب من أجل إعادة النظر في تلك القرارات". في مقابل شكاوى المواطنين من ارتفاع الضرائب والرسوم، يقترح مراقبون اقتصاديون مجموعة من الحلول لهذه المشكلة أهمها ربط تلك المبالغ المستوفاة، بتحسن الخدمات.
"ورطة كبيرة"
إلى ذلك، يقول المواطن خلدون حسن أن "مراجعة الدوائر أصبحت مشكلة كبيرة بسبب ارتفاع الرسوم"، واصفا في حديث صحفي تلك المراجعة بـ"ورطة كبيرة. فترويج أي معاملة مهما كانت بسيطة تكلفنا مبالغ لا جدوى منها ولا طائل".
ويضيف أن "أقل رسم يبلغ 10 آلاف دينار. وقد ارتفعت الرسوم مع ارتفاع السوق والدولار. ولترويج أي معاملة يجب أن يكون في حوزتك مبلغاً لا يقل عن 100 ألف دينار". فيما يشير حيدر عبيد إلى أن "فواتير الكهرباء تصلنا مرتفعة المبالغ، ولا تتناسب مع ساعات تجهيزنا بالطاقة الكهربائية"، مضيفا أن "المستشفيات تستوفي من كل مواطن 5 آلاف دينار من أجل زيارة مريض، بينما لا يجد المواطن كرسياً يجلس عليه خلال الزيارة"!
****************************************
اگول.. عاصمتنا تُجَرَّد من أشجارها
أسامة عبد الكريم
في الأزمنة التي تنهب فيها المدن من داخل مؤسساتها، يصبح الحديث عن الأشجار سياسياً، بل وجودياً. لا تعني الأشجار مجرد ظل في شارع صيفي أو ديكوراً طبيعياً يزيّن الرصيف، بل هي نَفَس المدينة، ذاكرتها الحيّة، وكينونتها المعنوية. وما يجري في بغداد اليوم من قلعٍ مبرمجٍ ومستمر للأشجار تحت مبررات إدارية أو بيئية لا يمكن عزله عن سياق أكبر: تفكيك المدينة ككيان حيّ، وخصخصة فضاءاتها العامة على مراحل.
في محلة 333 بمدينة الشعب، تم قَطْع نصف متنزه عام وبُنيت مكانه محالّ تجارية، بينما تم تقسيم الأرض خلفها إلى قطع صغيرة وبيعها. هذا ليس " تطويراً عمرانياً "، بل انقضاض على الأملاك العامة، حيث تحوّل المتنزه من مكان للعب الأطفال وتنزّه العائلات إلى مشروع خاص، لا يستفيد منه سوى القلّة، فيما يُقصى أهالي الحي من حقهم في المكان.
وتكرر المشهد ذاته في موقع آخر: مسبح النادي العربي الذي أُهمل حتى أفلس، ليُستبدل لاحقاً بثلاثين محلًا تجارياً. هنا أيضاً، لا يمكن تجاهل طابع التفكيك الممنهج للمنشآت الرياضية والثقافية التي كانت جزءاً من البنية الاجتماعية لبغداد. فالمؤسسات التي بنيت لخدمة المجتمع، تُحوّل بهدوء إلى أدوات للربح السريع، بلا أي تخطيط حضري حقيقي، وبلا احترام لذاكرة المدينة وساكنيها.
أما ما يُقال عن "دودة العارضة" بالعامية « دودة الإرضّه» وضرورة قلع الأشجار المصابة، فهو حيلة مكشوفة كجزء من الفساد الإداري.. نعم، هذه الحشرة موجودة، لكنها لا تبرّر اقتلاع جذوع عمرها عشرات السنين. كان يمكن رش المبيدات، أو تقليم الأغصان المصابة، لا اجتثاث الشجرة من جذورها. ما يُراد هو إخلاء الشارع من الحياة لتهيئته لمشاريع غير معلنة، غالباً ذات طابع تجاري، كاستخدام حطب المسكوف!
الأخطر من كل هذا، هو الحديث المتكرر عن بناء منازل وعمارات بدون رخص قانونية، أو عبر إجازات وهمية، مقابل "مساومات" تبدأ من خمسة ملايين دينار وتصل إلى خمسة وعشرين مليوناً. هذه ليست مخالفات فردية، بل نظام فساد منظم، تُشارك فيه أطراف من داخل البلدية نفسها. ما ينتج عن ذلك ليس فقط فوضى عمرانية، بل تشويه للنسيج الاجتماعي، واختناق للفراغات العامة، واختفاء تدريجي لما تبقى من ملامح المدينة. إنّ ما يحدث في بغداد ليس مجرد إهمال إداري. إنه هدم بطيء للمدينة ككائن حيّ. في كل شجرة تُقلع، يُقتل جزء من الروح العامة. في كل متنزه يُباع، يُسلب المواطنون حقّهم في الفسحة والتنفس. وفي كل مشروع غير قانوني يُمرر، يُرسَّخ الإحساس بأن المدينة لم تعُد لهم، بل لمن يملك النفوذ والمال.
بغداد اليوم لا تنزف فقط بسبب الأمن أو الفقر، بل لأنها تُفرغ من مضمونها، من أشجارها، من أرصفتها، ومن أمكنتها المشتركة. هذه ليست خسارة بيئية فحسب، بل خسارة أخلاقية وثقافية. فالمدينة التي تُباع على قطع، لا تعود وطناً، بل تصير سلعة. وأهلها، لا يعودون مواطنين، بل زبائن في مزاد مفتوح.
هل يا ترى هناك رقابة فعلية من الجهات البرلمانية، أم أن لجنة النزاهة نفسها قد أصبحت ظلًّا باهتاً لما يفترض أن تكون عليه؟ من يحاسب من، إذا كانت الأشجار ترجمة قتل في وضح النهار، والمساحات العامة تقسّم وتباع بلا خجل؟ وهل سيبقى اقتلاع الظل وبيع المدينة شأناً عاديّاً لا يهزّ ضمير أحد؟!
**************************************
في البصرة {ساحة اختبار السائقين} بائسة وتحت مسؤولية مستثمر!
متابعة – طريق الشعب
تعقيبا على شكاوى مواطنين بصريين من "بؤس" ساحة اختبار السائقين الراغبين في الحصول على إجازات سوق في مديرية مرور المحافظة، نقلت وكالة أنباء "المربد" عن مسؤول محلي قوله أن هذه الساحة تقع تحت مسؤولية مستثمر حصل على تلك الفرصة منذ سنوات طوال، دون أن ينفق على الساحة أو يطورها، رغم جباية الأموال من السائقين، وهي غير قليلة. وأوضح المسؤول الذي حجبت وكالة الأنباء اسمه، أن "مديرية المرور في البصرة تلقت عدة انتقادات بهذا الشأن عبر مناشدات ترد (المربد) وغيرها، من أجل توفير المكان المناسب لاختبار سائقي المركبات بدلا من المسقف (الجينكو) تحت أشعة الشمس اللاهبة، خصوصا مع تقدم فصل الصيف والارتفاع الشديد في درجات الحرارة"، مضيفا قوله أن مراجعي مديرية المرور يطالبون بتوفير أماكن جلوس لائقة ومظلات تؤويهم خلال أوقات الانتظار.
ولفت إلى ان المستثمر لم يُحاسب ولا يوجد من يقوم بذلك، كونه "مُسنَدا" – على حد وصفه!
*******************************************
اختفاء 400 غزال ريم في ديالى!
متابعة – طريق الشعب
أخلت مديرية زراعة ديالى مسؤوليتها عن تراجع اعداد غزال الريم في محمية مندلي، مؤكدة أن المحمية من مسؤولية دائرة الغابات والتصحر. جاء ذلك وسط تحقيق كبير فتح في المحافظة بعد اختفاء قرابة 400 غزال في المحمية.
وكانت وكالة أنباء "شفق نيوز" قد كشفت السبت الماضي عن تراجع أعداد غزلان الريم النادرة في محمية مندلي من 400 رأس إلى 10 فقط، وسط ظروف غامضة. وبحسب قائم مقام قضاء مندلي علي ضمد الزهيري، فإن المحمية تقول أن الغزلان نفقت بسبب الجوع، لكنه استبعد هذا التبرير ولمح إلى "سرقتها" أو "تهريبها" – وفقا لوكالة الأنباء.
ونشرت مديرية الزراعة أول أمس الأحد بيانا مرفقا بالوثائق يفيد بأنها سلمت مسؤولية المحمية وفيها 300 غزال ريم، إلى دائرة الغابات والتصحر عام 2019، مضيفة أن الدائرة تسلمت المشروع عبر إيصال تسليم رسمي.
ووفقا للزهيري، فإن "اختفاء غزلان الريم بهذه السرعة من المحمية دفعنا لمخاطبة الجهات الحكومية العليا بالتحقيق العاجل لكشف ملابسات هذا الملف، ومحاسبة المقصرين واعادة احياء المحمية باعتبارها من أبرز المحميات على مستوى العراق وتضم أنواعا نادرة ومميزة من غزلان الريم".
وحسب وكالات أنباء فإن "الجهات الحكومية والأمنية فتحت تحقيقا كبيرا بشأن اختفاء الغزلان في محمية مندلي وتراجع أعدادها من 400 الى 10 او أقل".
******************************************
إثر شح المياه كركوك تلغي خطتها الزراعية الصيفية
متابعة – طريق الشعب
أعلنت دائرة الموارد المائية في كركوك أول أمس الأحد، عن إلغاء الخطة الزراعية للموسم الصيفي في المحافظة، وتعليق عمل غالبية البوابات المائية الفرعية، وذلك بسبب شحّ المياه.
وقال مدير الموارد المائية زكي كريم، ان "الوضع المائي في البلاد يمرّ بخطر حقيقي نتيجة قلة الأمطار وانخفاض منسوب الخزين المائي في السدود، لا سيما سد دوكان الذي تراجعت كميات المياه المدفوعة منه إلى أقل من النصف".
وأوضح في حديث صحفي أن "دائرة الموارد المائية اضطرت إلى غلق جميع البوابات الفرعية على مشروع ري كركوك، وذلك ضمن إجراءات منع الهدر المائي ومنع استغلال المياه بشكل غير قانوني، خاصة أن القناة الرئيسة للمشروع تغذّي مدينة كركوك، إضافة إلى أقضيتها ونواحيها، فضلاً عن قضاء طوزخورماتو".
وأضاف كريم قوله أن "الموسم الزراعي الصيفي أُلغي بشكل رسمي في كركوك بسبب شدة الأزمة المائية، وأي مزارع يخالف التعليمات سيُعرّض نفسه للمساءلة القانونية"، مشيراً إلى أن "هذه الخطوات تأتي ضمن مساعٍ عاجلة للتعامل مع المتغيرات المناخية التي تؤثر بشدة على الأمن المائي في البلاد".
وتسببت أزمة المياه في تقليص الخطط الزراعية بشكل كبير في معظم المحافظات، الأمر الذي قطع سبل معيشة المزارعين، واضطر الكثيرين منهم إلى ترك أراضيهم والهجرة نحو المدن بحثا عن وسائل عيش بديلة يعيلون بها عائلاتهم.
***************************************
الصفحة الخامسة
هل تُغلق أبواب الزراعة؟ مصير مجهول يواجه شركة التجهيزات الزراعية بعد قرار هيكلتها
فلاح حسين
تُعدّ الشركة العامة للتجهيزات الزراعية، إحدى المؤسسات الحكومية ذات الباع الطويل، منذ تأسيسها كمؤسسة للمكننة الزراعية. ومنذ ذلك الحين، وهي تسهم في تجهيز المزارعين والدوائر والجهات المستفيدة بالمكائن والآلات والمستلزمات الزراعية المختلفة، وتسهم في تطوير القطاع الزراعي، لكونها تمتلك فروعًا تغطي خمس عشرة محافظة في عموم العراق، وتضم مخازن كبيرة ومراكز لبيع قطع الغيار منتشرة في الأقضية والنواحي.
بالإضافة إلى ذلك، تحظى الشركة بقبول واسع وتحتل مكانة موثوقة لدى المزارعين والجهات المستفيدة، بفضل المناشئ والمواصفات الفنية التي تتعامل بها، وتقديمها لخدمات ما بعد البيع، وتوفير الأدوات الاحتياطية المختلفة، إلى جانب الخدمات المتعددة الأخرى التي تقدمها، مثل تسجيل الساحبات الزراعية في دوائر المرور، والحصول على إجازات الاستيراد للأسمدة، وتوفير الوكالات للمكاتب الزراعية، وغيرها.
ومن مميزات نشاط التجهيزات الزراعية، تنوّع نشاطها الزراعي ليشمل جميع أنواع المكائن والمستلزمات، سواء كانت مبيدات أو أعلافًا أو أدوية بيطرية أو أسمدة أو ساحبات أو منظومات ري. كما تتعدد أساليب البيع لديها، مثل البيع بالأجل، والبيع المدعوم، والبيع بالتصريف، وغيرها.
إن موضوع حل شركة التجهيزات الزراعية ليس موضوعًا جديدًا، بل طُرح منذ سقوط النظام السابق عام 2003. ولم يُتعامل معه بشكل جدي في إطار تطوير الشركة، بل صدرت قرارات أدت إلى تراجع نشاطها، مثل رفع الدعم عن المكائن والآلات الزراعية، وإيقاف القروض الزراعية للمزارعين عن طريق المصارف الزراعية، وآخرها رفع الدعم عن الأسمدة، وهو ما أدى إلى تدمير البنية الأساسية للشركة.
ومع تصاعد الأصوات المطالبة بهيكلة الشركة، وبعد صدور قرار من مجلس الوزراء بخصوص الهيكلة، نتساءل:
- هل يمتلك القطاع الخاص مساحات خزن كبيرة تضم مخازن كافية لاستيعاب منظومات الري المحوري، والحاصدات، والمكائن التي تحتاج إلى مساحات شاسعة للتخزين؟
- هل القطاع الخاص هو من يضع خارطة احتياجات السوق من المكائن والمستلزمات الملائمة للبيئة العراقية والمواسم الزراعية؟ وهل يمارس دور الرقابة عليها دون خلق توازن بين القطاعين العام والخاص؟ وهل يخطط لسياسة تسعيرية تراعي المصلحة العامة دون الانحياز للربحية المالية؟
- هل أعلنت شركة التجهيزات الزراعية إفلاسها مثل بعض شركات وزارة الصناعة التي لم تعد قادرة على دفع رواتب موظفيها؟ وما هو مصير كوادرها التي يبلغ عددها نحو (6000) موظف، من مهندسين بمختلف الاختصاصات، وفنيين، وإداريين، وغيرهم؟
- ما مصير الالتزامات التعاقدية مع الشركات العالمية والعربية والعراقية؟ وماذا عن المناقصات والالتزامات القانونية المترتبة على الشركة؟
- لماذا لم يُستفد من تجربة وزارة التجارة، مثل شركة الأسواق المركزية التي دُمّرت بالكامل وتوقفت لسنوات، لكنها اليوم عادت من خلال "هايبر ماركت التعاون" إلى بعض فروعها، مع انتظار تأهيل الباقي، وذلك بالتعاون مع القطاع الخاص؟ بل وافتُتح فرع للتعاون الإنشائية بهدف زيادة وتوسيع نشاطها.
- ما هي الجهة التي ستعمل على سدّ الفراغ الذي ستتركه شركة التجهيزات الزراعية؟ وهل سيتم دمج الشركة مع دائرة أخرى؟ أم سيُوزع كوادرها على دوائر مختلفة؟ أم سيُغيّر نشاطها؟ أم ستُنهى خدماتهم وتُسرّح كوادرها؟
*****************************************
أراضٍ عطشى وأزمة مستعصية.. البحث عن حلول مستدامة للجفاف
عبدالكريم عبدالله بلال*
يتعرض العراق إلى حالة جفاف غير مسبوقة في تاريخه القديم والحديث، وذلك بسبب قيام دول المنبع، وهما الجارتان تركيا وإيران، بقطع مياه نهري دجلة والفرات دون مسوّغ قانوني، ما يُعدّ تجاوزًا على الحصة المائية للعراق. يُضاف إلى ذلك تأثيرات الاحتباس الحراري والتغيرات المناخية وسوء إدارة الموارد المائية من قبل الجهات ذات العلاقة.
كل هذه العوامل مجتمعة فرضت على وزارتي الزراعة والموارد المائية منع الفلاحين من زراعة بعض المحاصيل، وخصوصًا محصول الشلب (الرز)، باستثناء مساحة ألف دونم فقط لغرض الحفاظ على النوع. هذا الإجراء سيؤثر بشكل كبير على الوضع الاقتصادي للفلاح والمزارع، وعلى الأمن الغذائي لمواطني بلدنا عمومًا، كما سيؤدي إلى تصحر الأراضي الزراعية في حال تركها دون زراعة، ويؤثر سلبًا على البيئة العامة للمجتمع.
كل ذلك يتطلب من ذوي الاختصاص البحث عن بدائل تتلاءم مع الظروف الحالية. وقد طُرحت عدة مقترحات، منها:
- استمرار زراعة الشلب باستخدام ماكنات الشتال، لتقليل فترة السقي إلى شهرين، لكن مع ذلك، فإن الكميات المتوفرة من المياه غير كافية.
- زراعة محاصيل قليلة الاستهلاك للمياه، مثل الماش، الذي يُعطي مردودًا اقتصاديًا جيدًا للفلاح. إلا أن الفلاحين غالبًا ما يرفضون ذلك بسبب ضعف الوعي، واعتبارهم زراعة الشلب جزءًا من التراث.
لهذا، نعتقد أن الحل الجذري يكمن في تغيير نمط الإنتاج، وتحويل الأرض من زراعة الشلب إلى بساتين نخيل وفواكه وحمضيات وخضروات، وهي ذات مردود اقتصادي عالٍ، وتحافظ على جودة التربة وتمنع التجريف والتصحر. ويتطلب هذا التوجه حزمة من الإجراءات، منها:
- تمليك كافة أصحاب العقود الذين يقومون بتحويل أراضيهم إلى بساتين نخيل وفواكه وخضر، ومنحهم سندات ملكية (طابو).
- منح الفلاحين والمزارعين سلفًا زراعية من قبل المصرف الزراعي بفوائد رمزية وتسهيلات إدارية، على أن يبدأ التسديد عند بدء الإنتاج.
- قيام محطات النخيل بتزويد الفلاحين بالأصناف الجيدة، ووفق مشروع وزارة الزراعة السابق، الذي ينص على أن يُقدّم الفلاح مقابل كل فسيلة يستلمها ست فسائل بعد (5–7) سنوات، أو تُمنح لهم الفسائل بأسعار تتناسب مع دخل الفلاح البسيط، على أن يشمل ذلك أشجار الفاكهة الأخرى.
- تجهيز الفلاحين والمزارعين بالمكائن والآليات المتخصصة بالعمل في بساتين النخيل، وتوفيرها من مناشئ رصينة.
- توفير منظومات ري بالتنقيط والرش، بمقاسات وأحجام تتناسب مع طبيعة الأراضي البستانية، وبأسعار مناسبة وأرباح رمزية.
- إنشاء صندوق طوارئ لتعويض الفلاحين المتضررين نتيجة هذا التحول في نمط الإنتاج.
- تنفيذ حملة إرشادية واسعة النطاق في أرياف الفرات الأوسط والجنوب، تتولاها المراكز الإرشادية في المحافظات، والأقسام الإرشادية في مديريات الزراعة.
وأخيرًا، يمكن القول إن هذه الأراضي، وبفضل مساحتها الواسعة، يمكن أن تُزرع بأكثر من (15) مليون نخلة، بالإضافة إلى أشجار الفاكهة والحمضيات والخضروات، ما يساهم في الحفاظ على التربة، وتحسين دخل الفلاح، وتعزيز الأمن الغذائي للمواطن، فضلاً عن زيادة الدخل القومي، والتقليل من التعويضات التي تُقدَّم للفلاحين نتيجة منعهم من الزراعة، خاصة أن هذه البدائل تحتاج إلى كميات قليلة نسبيًا من المياه.
ـــــــــــــــــــــــــــ
- مهندس زراعي استشاري
*****************************************
تربة البساتين العضوية
د. علي سالم
تنمو أشجار الفاكهة في معظم أنواع الترب، غير أن اختيار تربة عميقة، جيدة التصريف، خالية من الحصى، تحتفظ بالماء والمغذيات، وتحتوي على نسبة جيدة من الدبال، يُزيد الإنتاج ويُحسّن النوعية ويجعل الثمار متجانسة في الشكل والحجم والطعم وموعد القطاف بدرجة كبيرة.
ولهذا، يُنصح بالتأكد من جودة التربة، قبل الشتل، عبر فحص مختبري لعيّنات منها، يتحدد فيها تركيبها ونسجتها ودرجة خصوبتها. ويعتبر المختصون التربة الممزوجة بالدبال، ذات البنية الجيدة، والتي يكون ثلثها مكونات صلبة (عضوية وغير عضوية)، وثلثها مشبع بالماء وثلثها الأخير مملوء بالهواء، التربة الأفضل لإنشاء بستان عليه. كما يجب إيلاء اهتمام خاص بالمحتوى من الدبال، الذي يحّسن التركيبة ويرفع من قدرة التربة على الاحتفاظ بالماء والمغذيات، ويساعد النشاط البيولوجي على إطلاق العناصر الغذائية وجعلها متاحة بسهولة أكبر للنباتات، وينصحون بأن لا تقل نسبة الدبال عن 2 في المائة. ويمكن للفلاح زيادة نسبة الدبال وتحسين بنية التربة الكلية والحفاظ عليها، من خلال استخدام السماد العضوي، وزرع ألواح من العشب بين صفوف الأشجار وتجنب الغرس في ظروف رطبة جدًا، كي لا تُدمر بنية التربة.
يمكن التحكم في معظم أنواع الأدغال بحرث التربة حتى عمق 20 -40 سم وقد يلزم تكرار المعالجة عدة مرات حتى تصبح التربة خالية تمامًا من الأعشاب المعمرة. ولما كان استخدام مبيدات الأعشاب في البساتين العضوية ممنوعاً، يمكن اللجوء إلى رش الأدغال بالخل (تركيز 12 في المائة) أو بالأوزون. ويجب الانتباه إلى أن المنحدرات الشديدة تسبب تآكل التربة وسرعة جريان المياه، وعليه يجب أن يكون الحرث باتجاه المنحدر.
كما يفضل عدم غرس أشجار نفس الفاكهة في أرض كانت تُزرع فيها الفاكهة سابقًا لتجنب نمو أنواع مختلفة من البكتيريا والفطريات والديدان الخيطية، ومنع الضرر الحاصل من إفرازات الجذور القديمة، التي يلجأ لها النبات عادة لتقليل منافسة النباتات المشابهة له. وإذا اضطر الفلاح لإستخدام نفس الأرض فعليه إزالة أكبر قدر ممكن من الأشجار والجذور القديمة والحرث جيدًا وبعمق عند إعادة الزراعة، واستبدال أكبر قدر ممكن من التربة بتربة سماد طازجة أو تربة مخصبة.
********************************************
مفوضية حقوق الإنسان: الحلول قوبلت بالاستخفاف والتجاهل البصرة.. في مواجهة أسوأ أزمة ملوحة وجفاف منذ ثمانين عاماً
متابعة ـ طريق الشعب
في ظل تصاعد أزمة المياه التي تضرب محافظة البصرة منذ مطلع العام الحالي، نظم العشرات من أهالي حي المهندسين في منطقة القبلة، غرب المحافظة، وقفة احتجاجية عبّروا فيها عن غضبهم من سوء نوعية ماء الإسالة وقلة كمياته الواصلة إلى منازلهم.
احتجاجات في حي المهندسين
المحتجون طالبوا الحكومة المحلية في البصرة وممثليها في مجلس النواب بالتدخل العاجل لإنهاء ما وصفوه بـ"كارثة إنسانية يومية"، مؤكدين أن مياه الأنابيب تصل إلى منازلهم لساعات قليلة بعد منتصف الليل، وغالباً ما تكون مالحة، ملوثة بالطين، سوداء اللون وذات رائحة كريهة، وغير صالحة للاستهلاك البشري.
وأشار الأهالي إلى أن الوضع كان أفضل في السابق، وأن نوعية المياه تدهورت بشكل كبير خلال الفترة الأخيرة، مستنكرين في الوقت ذاته تسلّمهم فواتير أجور ماء مرتفعة رغم تردي الخدمة.
تدخل من وزارة الداخلية
في خطوة لتخفيف المعاناة، وجّه وزير الداخلية عبد الأمير الشمري، بتوفير 100 حوضية ماء صالحة للاستخدام، وتوزيعها مجاناً على المواطنين في محافظة البصرة. وجاء القرار عقب مكالمة أجراها الوزير مع محافظ البصرة أسعد العيداني، أكد فيها ضرورة الاستجابة الفورية لمطالب الأهالي.
وأكدت الحكومة المحلية في البصرة، أن هذه الحوضيات ستوزع باستخدام بطاقة التموين أو بطاقة الماستر كارد، فيما شكك مواطنون وناشطون في جدوى هذه الإجراءات، معتبرين أنها "حلول ترقيعية" لا ترقى لمستوى خطورة الأزمة.
تحذيرات من كارثة بيئية
الناشط البيئي في مرصد العراق الأخضر، حيدر الأسدي، حذر في تصريح صحفي من أن العراق يمر بأخطر أزمة بيئية في تاريخه، مع جفاف شبه شامل طال الأهوار والمناطق الزراعية في الجنوب، ما أدى إلى نزوح فلاحين ونفوق الكائنات الحية. وأكد أن ملوحة المياه في منطقة كرمة علي بلغت 6300 جزء في المليون، ما يجعلها غير صالحة لا للبشر ولا للحيوان.
وأشار الأسدي إلى أن بعض المناطق السياحية في الشمال فقدت جاذبيتها بسبب ارتفاع درجات الحرارة، ما زاد من تفاقم الأزمة المائية، داعياً وزارتي الموارد المائية والخارجية إلى التحرك العاجل لتنظيم الحصص المائية والتفاوض مع دول الجوار بشأن الإطلاقات المائية.
صمت حكومي وانتقادات لاذعة
من جانبه، اعتبر مدير مكتب المفوضية العليا لحقوق الإنسان في البصرة، مهدي قاسم، أن الأزمة المائية واللسان الملحي بلغت هذا العام مستوى غير مسبوق منذ 1945، منتقداً "بطء الاستجابة" من قبل الحكومة، وعدم تنفيذ مشاريع تحلية رغم تخصيص الأموال لها.
وأشار إلى أن المفوضية أعدّت أكثر من 100 خارطة طريق لمعالجة الأزمة، إلا أن جميع التحذيرات والمطالب قوبلت بالاستخفاف والتجاهل، محذراً من كارثة صحية وبيئية وشيكة.
في السياق ذاته، حذر قسم الصحة العامة في البصرة من تفشي أمراض خطيرة مثل الكوليرا والتيفوئيد، بسبب تلوث وملوحة المياه في مناطق مثل سيحان، مشيراً إلى فقدان السيطرة على نوعية المياه وارتفاع نسب الملوحة إلى مستويات تهدد الصحة العامة.
دعوات لتحرك مركزي ودولي
من جهته، حذر مدير دائرة ماء البصرة من ارتفاع خطير في نسب ملوحة المياه بالمحافظة، مشيراً إلى أن التراكيز الملحية بلغت 32 ألف TDS في قضاء السيبة جنوبي البصرة، فيما وصلت إلى 12 ألف TDS حتى في مركز المدينة، ما يُنذر بتفاقم أزمة المياه الصالحة للاستهلاك البشري.
وأوضح المدير أن السبب الرئيسي وراء هذا الارتفاع يعود إلى غلق نهر الكارون من قبل الجانب الايراني، عازياً القرار إلى “قلة الطاقات المائية، والظروف الجوية الصعبة، فضلاً عن التحديات الداخلية التي تمر بها الجمهورية الإسلامية الإيرانية”، بحسب تعبيره.
وأضاف، أن هذا الغلق تسبب في اندفاع اللسان الملحي من الخليج العربي إلى داخل شط العرب، ما أدى إلى تأثر مياه المدينة بشكل مباشر، ووصول التلوث الملحي إلى مناطق كانت تُعد آمنة نسبياً في السابق.
وأشار إلى أن الجهات المعنية حاولت مواجهة الأزمة عبر الاعتماد على مياه نهر البدعة، والقناة الإروائية، بالإضافة إلى مشروع ماء البصرة الكبير. إلا أن انخفاض الإيرادات المائية من نهر البدعة “أضعف إمكانية الاعتماد عليه لتوفير مياه الشرب”، بحسب قوله.
وبيّن أن مشروع ماء البصرة الكبير يُغطي حاليًا فقط مناطق شمال المحافظة، بينما لا تزال مناطق الوسط والجنوب تعاني من نقص حاد في المياه العذبة، في ظل استمرار التحديات البيئية والهيدرولوجية التي تواجه البصرة.
وطالبت الحكومة المحلية في البصرة الحكومة المركزية بضرورة تفعيل الاتفاقيات الدولية مع تركيا لإيقاف سياسة "التعطيش"، التي وصفتها بأنها أشبه بإعلان حرب مياه ضد العراق. كما شددت على ضرورة بناء محطات تحلية جديدة بشكل عاجل بعد أن ثبت عدم كفاية المحطات الحالية.
تتسارع تطورات أزمة المياه في البصرة بينما يقف المواطنون امام حكومية متكررة، دون حلول جذرية. ومع استمرار تراجع مناسيب المياه وتفاقم الملوحة، يبقى شبح الكارثة البيئية والإنسانية ماثلاً، في ظل ما يصفه السكان بـ"صمت رسمي" يكاد يوازي حجم الجفاف الذي يلتهم حياتهم.
***********************************************
الصفحة السادسة
أكبر صندوق سيادي في العالم يقاطع شركات الاحتلال المستوطنون الصهاينة يقتلعون أشجار الزيتون
متابعة – طريق الشعب
شن الاحتلال الإسرائيلي فجر امس الاثنين، غارات مكثفة على غزة، ونفذ عمليات نسف لمربعات سكنية كاملة في القطاع، ما أدى لسقوط المزيد من الشهداء والجرحى.
وأفادت المصادر بأن الاحتلال ينفذ عمليات نسف كبيرة لمربعات سكنية شرقي خان يونس. فيما اعلن عن استشهاد اكثر من 48 فلسطينياً، في سلسلة غارات شملت مدارس تؤوي نازحين ومراكز توزيع مساعدات وخيام إيواء، من بينهم 13 فلسطيني يبحث عن الطعام!
اقتلعوا أشجار الزيتون
واقتلع مستوطنون صهاينة، نحو 200 شجرة زيتون في منطقة مسافر يطا الفلسطينية جنوب الضفة الغربية المحتلة. وقال المزارع محمد مخامرة، إن "مجموعة من المستوطنين حطموا واقتلعوا نحو 200 شجرة زيتون بعمر 8 سنوات".
وأضاف في حديث صحفي: "أعتمد بشكل كامل على الزراعة، وأتعرض منذ عدة سنوات لاعتداءات المستوطنين، من بينها الضرب واقتلاع أشجار". وتابع أن "المستوطنين يسعون لتفريغ الأرض من الأشجار وتركها دون زراعة، لتسهيل عملية مصادرتها بدعوى أنها غير مستخدمة".
واردف مخامرة "مهما حدث سنعيد زراعة الأرض والبقاء فيها، ولن نتركها للمستوطنين".
والأحد، اقتلع مستوطنون إسرائيليون نحو 180 شجرة وغرسة زيتون وحمضيات، وقاموا بتكسيرها، في بلدة عزون شرق قلقيلية شمال الضفة الغربية.
مقاطعة شركات لها صلة بالاحتلال
وأعلن صندوق التقاعد الأكبر في النرويج، امس، استبعاد شركتين دفاعيتين من محفظته الاستثمارية بسبب علاقاتهما مع الجيش الإسرائيلي، وذلك ضمن سلسلة من القرارات المناهضة لتورط الشركات الدولية في العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.
وذكرت وكالة بلومبيرغ أن "الصندوق، الذي يدير أصولا تقدر بنحو 114 مليار دولار، أعلن في بيان رسمي أنه لن يستثمر بعد اليوم في شركتي أوشكوش كورب الأميركية وتيسنكروب إيه جي الألمانية، بسبب بيعهما أسلحة ومعدات دفاعية للجيش الإسرائيلي، جرى استخدامها في العمليات العسكرية المستمرة في قطاع غزة".
وأوضح الصندوق أن قراره جاء عقب تقرير صادر عن الأمم المتحدة في حزيران الماضي، أدرج عددا من الشركات التي ثبت تورطها في تزويد الجيش الإسرائيلي بأسلحة وقطع غيار ومكونات عسكرية، استُخدمت لاحقا في غزة.
وأكد صندوق التقاعد أنه أجرى محادثات مباشرة مع الشركتين قبل اتخاذ القرار، لكنه خلص إلى أن ممارساتهما تتعارض مع المبادئ التوجيهية للاستثمار المسؤول التي يلتزم بها الصندوق.
ولم تصدر الشركتان أي تعليق حتى الآن على قرار الصندوق.
خلافات حادة
وبخصوص ما يتسرب من معلومات عن وقف القتال في غزة، كشفت وسائل إعلام إسرائيلية أن اجتماعا للمجلس الأمني المصغر الإسرائيلي، الذي خُصص لمناقشة مستقبل الحرب في قطاع غزة، انتهى بخلافات حادة بين القيادة السياسية والمؤسسة العسكرية من دون التوصل إلى أي قرار.
واستبق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو - المطلوب للجنائية الدولية - الاجتماع بالقول، إن فرصا عدة أتيحت أمام إسرائيل بعد انتصارها على إيران، حسب تعبيره، مشددا على إعادة الأسرى في غزة أولا ثم إلحاق الهزيمة بحركة حماس.
وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية، بأن الوزراء أُبلغوا خلال الاجتماع بأنه لم يتم إحراز تقدم نحو اتفاق لإعادة الأسرى، فيما شهد الاجتماع جدلا بين مسؤولين حكوميين وقادة عسكريين، إذ عبّر أعضاء في الحكومة عن رفضهم لادعاء الجيش أن عملية عربات جدعون شارفت على نهايتها، مؤكدين في المقابل أن حماس لم تُهزم بعد.
إسقاط الحكومة
ويتصاعد الجدل في إسرائيل بشأن بقاء حكومة الفاشي بنيامين نتنياهو من عدمه. وفي هذا السياق قال رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود باراك، إن "إسقاط حكومة بنيامين نتنياهو أصبح أمرا ملحا، مشددا على ضرورة وقف الحرب على غزة".
وشدد إيهود باراك على أنه "لا شيء أكثر إلحاحا من تجديد النضال لإسقاط أسوأ حكومة في تاريخنا".واعتبر أن إنهاء الحرب في قطاع غزة أمرٌ بالغ الأهمية.
يأتي ذلك، بينما كشفت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل، عن مسؤول أميركي، أن واشنطن تخطط للضغط على وزير الشؤون الإستراتيجية الإسرائيلي لإنهاء حرب غزة.
لكنّ الحكومة الإسرائيلية لا تزال ترفض رفضا قاطعا إنهاء الحرب على غزة برغم توصيات من جيش الاحتلال بأهمية وقف القتال وإبرام صفقة تسوية مع حركة حماس.
ونقلت صحيفة "يسرائيل هيوم" عن مقربين من نتنياهو، أن "المطروح فقط صفقة وفقا لمخطط ويتكوف يمكن العودة بعدها إلى ساحة المعركة".
********************************************
السودان: وفاة 239 طفلاً بسبب نقص الغذاء والدواء
الخرطوم - وكالات
أعلنت شبكة أطباء السودان، وفاة 239 طفلا بمدينة الفاشر غربي البلاد منذ كانون الثاني الماضي جراء نقص الغذاء والدواء.
وقالت الشبكة في بيان، إن فريقها الطبي حصر عدد 239 طفلا ماتوا بسبب سوء التغذية ونقص الغذاء والدواء في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور. وشددت على "تزايد حالات الجوع ونقص الغذاء والدواء وضرب مستودعات تغذية الأطفال بالفاشر"، التي تحاصرها قوات الدعم السريع.
وتابعت: "تتأسف الشبكة لتجاهل العالم لأطفال دارفور المحاصرين لأكثر من عام، في ظل انعدام تام لأغلب المواد الغذائية وارتفاع أسعارها داخل الفاشر".
وأطلقت الشبكة نداء عاجلا لإنقاذ ما تبقى من المدنيين الذين يتعرضون للحصار والقصف المستمر بالفاشر، وفق البيان.
وتشهد الفاشر، منذ أيار 2024، اشتباكات بين الجيش والدعم السريع، رغم تحذيرات دولية من المعارك في المدينة التي تعد مركز العمليات الإنسانية لولايات دارفور، الخمس.
والجمعة الماضي، أعلن قائد الجيش عبد الفتاح البرهان الموافقة على هدنة إنسانية لمدة 7 أيام بالفاشر، بناء على طلب من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش.
ولم تعقب قوات الدعم السريع، إلا أن وسائل إعلام إقليمية نقلت عن قياداته إنهم لم يُبلغوا رسميا بأي هدنة في الفاشر.
************************************************
بعد تهديد ترامب المرشح المحتمل لرئاسة نيويورك: أعارض فكرة المليارديرات
نيويورك - وكالات
تجاهل المرشح الأول لرئاسة بلدية نيويورك، زهران ممداني، هجمات الرئيس الأميركي دونالد ترامب عليه، ونفى شيوعيته، خلال مقابلة صحفية قال فيها المرشح التقدمي لمنصب عمدة مدينة نيويورك، إنه يعارض فكرة المليارديرات.
وكان ترامب قد شدد في مقابلة أُجريت، الأحد، على أن ممداني شيوعي، وقال إن "على الفائز المحتمل في الانتخابات التمهيدية الديمقراطية أن يتصرف بشكل صحيح إذا انتُخب عمدة لمدينة نيويورك، وإلا فسيحجب التمويل الفيدرالي.
وقال ترامب في برنامج صنداي مورنينغ فيوتشرز على قناة فوكس نيوز: "لا أستطيع تخيل ذلك، ولكن لنفترض أنه إذا فاز، فسأكون أنا رئيس البلاد، وسيتعين عليه التصرف بشكل صحيح، لكنهم لا يحصلون على أي أموال. عليه أن يفعل الشيء الصحيح".
وأضاف: "أيا كان من سيتولى منصب عمدة نيويورك، سيتعين عليه أن يتصرف بشكل لائق، وإلا ستتخذ الحكومة الفيدرالية إجراءات مالية صارمة للغاية ضده".
من جهته، قال ممداني في برنامج واجه الصحافة إنه "اضطر إلى التعود على هجمات الرئيس الأميركي، الذي سيتحدث عن مظهري، وصوتي، ومن أين أتيت، ومن أكون، في نهاية المطاف، لأنه يريد صرف الانتباه عما أكافح من أجله".
وأضاف المرشح المسلم التقدمي، على حد وصفه: "أنا أكافح من أجل الطبقة العاملة ذاتها التي قاد حملة لتمكينها، والتي خانها منذ ذلك الحين. وعندما نتحدث عن توجهاتي السياسية، أُطلق على نفسي اسم الاشتراكي الديمقراطي". وردا على سؤال حول وجود مليارديرات، قال ممداني: "لا أعتقد أنه ينبغي أن يكون لدينا مليارديرات، لأنه، بصراحة، هذا مبلغ طائل من المال في ظل هذا التفاوت في الدخل بين الأفراد".
وفي نهاية المطاف، ما نحتاجه هو المزيد من المساواة في مدينتنا وولايتنا وبلدنا. وأتطلع إلى العمل مع الجميع، بمن فيهم المليارديرات، لبناء مدينة أكثر عدلا لهم جميعا".
**********************************
كوربن: السماح بتصدير قطع F-35 إلى الكيان المحتل {عار أخلاقي}
لندن - وكالات
وصف الزعيم السابق لحزب العمال في بريطانيا، النائب جيرمي كوربين، قرار المحكمة العليا في لندن بالسماح بالاستمرار في تصدير مكونات طائرات "أف-35" المقاتلة إلى دولة الاحتلال الإسرائيلي، بأنه "عار أخلاقي".
وكانت مؤسسة الحق، ومقرها الضفة الغربية المحتلة، رفعت دعوى قضائية على وزارة الأعمال والتجارة البريطانية بسبب قرارها استثناء أجزاء طائرات أف-35 عندما علقت بعض تراخيص تصدير الأسلحة العام الماضي.
وقضت المحكمة بأن قرار بريطانيا السماح بتصدير مكونات طائرات إف-35 المقاتلة إلى إسرائيل قانوني، رغم إقرار الحكومة بإمكانية استخدامها في انتهاك القانون الإنساني الدولي في غزة.
وفي تعليقه، قال كوربين على صفحته على منصة "إكس": "قرارٌ مُخزٍ حقًا. ويبقى من العار الأخلاقي أن تسمح هذه الحكومة بتوريد قطع غيار لطائرات إف-35، التي تُستخدم لقتل رجال ونساء وأطفال فلسطينيين".
وتابع: "لم ينتهِ الأمر بعد. لن نستسلم حتى نضع حدًا لتواطؤ المملكة المتحدة في الإبادة الجماعية".
وقال القاضيان ستيفن ميلز وكارين ستاين: إن الدعوى كانت تتعلق بما إذا كان بإمكان المحكمة أن تقضي بضرورة انسحاب بريطانيا من برنامج أف-35 الدولي الذي يؤكد وزراء على أهميته للأمن البريطاني والدولي.
وأضاف القاضيان أنه "بموجب دستورنا، هذه القضية الحساسة والسياسية هي من اختصاص السلطة التنفيذية، وتخضع من الناحية الديمقراطية لمسؤولية البرلمان والناخبين في نهاية المطاف، وليس المحاكم".
*******************************************
بسبب دفاعها عن حقوق شعبها.. أم فلسطينية تُفصَل عن رضيعها
رشيد غويلب
فُصلت ام فلسطينية أردنية، حاصلة على إقامة ألمانية، عن طفلها البالغ من العمر عامًا واحدًا، بعد أن صنّفته السلطات الألمانية خطرًا أمنيًا. وتُعد هذه القضية من أوضح الأمثلة على الإجراءات المتخذة ضد المتضامنين مع الشعب الفلسطيني في ألمانيا.
ويقول المركز الأوروبي للدعم القانوني الذي يساعدها في قضيتها إن المرأة هي الضحية الأخيرة للدولة الألمانية التي تستخدم قضايا الإقامة كسلاح لقمع التضامن الفلسطيني. منذ عام 2019، وثّقت المجموعة الاستشارية القانونية، ومقرها أمستردام، ٢٢ حالة على الأقل، استُخدم فيها وضع الإقامة أو قيود حرية التنقل، في ألمانيا لهذا الغرض.
لا يوجد مبرر لفصل المولود الجديد عن والديه، لكن وصفه بأنه "خطر أمني" يمثل انحدارًا جديدًا وفظيعًا، حتى بمعايير القمع. والأم ممرضة انتقلت من الأردن إلى ألمانيا عام ٢٠١٧ للعمل، ولحق بها زوجها بعد أربع سنوات. رُزقا بطفلهما الأول عام 2023.
في آب 2024، سافرت العائلة الشابة إلى الأردن ليتمكن والدا الأم وزوجها رؤية حفيدهما لأول مرة. وفي رحلة العودة، أُبلغت الام أن رضيعها لا يملك التصريح اللازم للعودة إلى ألمانيا. ووفقا لمحامي العائلة، قالت السفارة الألمانية في الأردن آنذاك إنها مسألة بيروقراطية بسيطة يمكن حلها في غضون أسابيع قليلة.
عندما تقدمت الأم بطلب الإقامة الدائمة في تشرين الأول 2023، حصلت هي وزوجها على إقامة خضراء تُمكّنهما من مغادرة ألمانيا والعودة إليها أثناء فترة انتظار الحصول على الإقامة الدائمة. وحصل ابنها على إقامة خضراء مماثلة، لكنها لا تُمكّنه من المغادرة او العودة.
رضيع يشكل خطرا أمنيا!
بعد أربعة أشهر، أرسلت السفارة الألمانية رسالة تفيد بأنه لا يسمح للرضيع بالعودة إلى ألمانيا لأنه صُنِّف كخطر أمني.
وقالت محامية العائلة المختصة بشؤون الهجرة في فرنكفورت إبرو أكجان أسيلتورك، والتي كُلِّفت بالقضية آنذاك، بأنها عندما قرأت الرسالة، افترضت أن هناك خطأ ما. واضافت: "فكرتُ: من الواضح أن هذا سوء فهم يُمكننا حله مباشرةً". ولكن في كانون الأول 2024، أرسلت دائرة الهجرة الألمانية رسالة أخرى توضح أن المشكلة كانت مع الأم، وليس مع رضيعها. وأعلمت الأم للمرة الأولى أن المخابرات الألمانية تُجري تحقيقًا معها. وما يزال التحقيق مستمر، وقد بدأ استنادا إلى طلبها للحصول على الإقامة الدائمة قبل عامين تقريبًا، وفقًا لمحاميها. أبلغت الأم أنها تخضع للتحقيق في اتهامات بمشاركتها في فعاليات تضامن مع فلسطين لمنظمة "صامدون ألمانيا"، التي حظر نشاطها في تشرين الثاني 2023.
وقالت: "لم أقل شيئًا يُعتبر خطًا أحمر. لطالما شاركت في التظاهرات التي وافقت عليها السلطات في ألمانيا. وسجّلت دائمًا جميع التحركات التي أردت القيام بها". لكنها تعتقد أن القضية محاولة لقمع وجهة نظرها، ومؤشر على حملة قمع أوسع نطاقًا تستهدف نشطاء مثلها في ألمانيا. وأضافت: " انهم لا يتمتعون بحرية التعبير. إنها موجودة فقط إذا وافقت على ما يقولون".
ويعتقد كل من الأم والمحامية وأسيلتورك أن السلطات استخدمت قضية إقامة الطفل، التي لا تسمح بالمغادرة والعودة، كذريعة لوضع الأسرة في موقف صعب يُجبرهم على مغادرة المانيا. ولم تتلق العائلة ردا من وزارة الخارجية على طلبها. وقال متحدث باسم جهاز الاستخبارات الداخلية إن السياسة المتبعة هي عدم التعليق علناً على طلبات الأفراد.
وضع صعب
الأسرة تعيش وضع صعب. في شباط الفائت، قضت محكمة برلين الإدارية، بناءً على طلب عاجل قدمته أسيلتورك في تشرين الثاني 2024، بأن عودة الطفل إلى ألمانيا ليست عاجلة. وقالت أسيلتورك: "قالوا إن الابن موجود في الأردن. ولا يمكنه العودة إلى ألمانيا، لكن يمكن لوالديه العودة إلى ألمانيا وزيارته في الأردن، أو البقاء معه في الأردن وانتظار جلسة الاستماع الرئيسية". لكن إذا بقيت الأم في الأردن، فستفقد حق الإقامة في المانيا، وفقًا لأسيلتورك، التي استأنفت القرار أمام المحكمة الإدارية العليا في برلين. في غضون ذلك، انفصلت الأسرة لمدة تسعة أشهر، حيث تواجدت الأم وزوجها بالتناوب مع الطفل في محاولة للحفاظ على حياتهما في ألمانيا. في هذه الاثناء، رفعت إحدى لجان المحكمة الدستورية الاتحادية طعنا في طريقة تعامل المحكمة الإدارية مع القضية. قد تساعد هذه النتيجة في منع تكرار هذا الأمر مع عائلات أخرى في المستقبل، وقالت الأم إنها مصممة على المضي قدمًا في القضية. وأضافت: "أنا متأكدة من أن ما حدث لي قد حدث للعديد من العائلات. لا يهم إن كانوا فلسطينيين أم لا. لا أعتقد أنهم تمكنوا من خوض غمار المحاكمة لأنهم لم يحصلوا على الدعم الذي يحتاجونه".
********************************************
الصفحة السابعة
"كفاح الشعب".. منارة إعلامية متميزة
ذياب فهد الطائي
صدرت الصحيفة في 30 -07-1935 وعرفت نفسها بانها لسان حال العمال والفلاحين وتصدر عن اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي ويذكر عزيز سباهي ( أحد قياديي الحزب الشيوعي))أنها المرة الأولى التي يعلن فيها الحزب عن هويته .
وعموما الصحافة الحزبيّة هي تلك الصحف التي تعبّر عن فكر سياسي معين أو اتجاه أو مذهب ايديولوجي خاص وتتحدّد وظيفة الصحيفة الحزبيّة في الإعلام عن فكر الحزب والدفاع عن مواقفه وسياساته.
ونجد ان هذا التأكيد الذي عرضة عزيز سباهي يستثني الصحف التي صدرت عن مجموعات ماركسية (نزعة شيوعية) قبل صحيفة كفاح الشعب، ومن أهمها:
1- صحيفة الصحيفة التي أصدرها الماركسي واحد قيادات الحلقات الماركسية في حينه (حسين الرحال ) وذلك في 28-12 -1924 ويذكر المؤرخ حنا بطاطو أن الصحيفة كانت تعتمد في ما تنشره المجلة الشهرية العمالية وعلى المقالات المترجمة عن صحيفة (اللومانتيه) الناطقة باسم الحزب الشيوعي الفرنسي .
2- صحيفة العامل
صدرت في 8 أيلول 1920 وصاحب الامتياز هو عامل المطابع عبد الجيد حسن والذي أصبح فيما بعد من نشطاء الحزب الشيوعي العراقي، وكان يتوسط الصفحة الأولى شعار (يا عمال العالم اتحدوا ) .
3- مجلة الصنائع
صدرت في 19حزيران 1930 صاحب الامتياز القائد النقابي محمد صالح القزاز كتب فيها حسين الرحال وعبد الفتاح إبراهيم .
4- صحيفة نداء العمال
صدرت في عام 1930
في هذه الصحيفة كتب القائد الشيوعي (فهد )سلسلة من المقالات باسم مستعار (فتى المنتفك ) .
من هنا، كانت صحيفة كفاح الشعب الصحيفة المركزية الأولى التي تحمل وجهة نظر الحزب الشيوعي العراقي والتي تمثل انطلاقة مغايرة في عالم الصحافة والاعلام العراقيين.
كان يتصدر الصحيفة شعار المطرقة والمنجل وتحتهما نجمة خماسية وشعار كارل ماركس (فلترتعش الطبقات الحاكمة امام الشيوعية فليس للبروليتاريا ما تفقده سوى قيودها واغلالها وتربح من ورائها عالما باسره).
لقد ترافق صدور كفاح الشعب مع انهيار الانتفاضة التي قامت بها عشائر الفرات الأوسط والتي كانت تحاول تجاوز الفشل الذي واجهته ثورة العشرين فكتبت في العدد الثاني (إن الناس فشلوا في جني ثمار انتفاضات الفرات الأوسط لسبب هام جدا، ألا وهو عدم وجود حزب طبقي ثوري على أرض المعركة السياسية ولقد ظهر هذا الحزب الآن).
ورغم ان الصحيفة صدرت بشكل سري الا انها نجحت في إصدارها الأول بفضل رئيس تحريرها عاصم فليح الذي جرى اعتقاله في أكتوبر 1935 هو ومهدي هاشم وفي ديسمبر من ذات العام تم اعتقال القيادي في الحزب زكي خيري .
ولم تتحمل حكومة ياسين الهاشمي توجهات ما تنشره فقامت بتنظيم حملة واسعة لوقفها عن العمل عن طريق الاعتقالات الواسعة التي شملت مجموعة من العاملين في الصحيفة ومن ثم الوصول الى مقر المطبعة في شهر كانون الثاني من عام 1936. وهذا ما عزز شعور التضامن الشعبي مع الحزب،
وسجلت كفاح الشعب نجاحا كبيرا في عالم الصحافة العراقية حيث بلغ عدد النسخ التي توزعاها يوميا 500 نسخة. ويذكر المؤرخ حنا بطاطو حددت كفاح الشعب في عددها الثالث الصادر في شهر اب من عام 1935بما يلي:
1- طرد المستعمرين وضمان حرية الشعب والاستقلال الكامل للكرد وضمان الحقوق الثقافية لكافة الأقليات.
2- توزيع الأراضي على الفلاحين.
3- مصادرة كل أملاك المستعمرين.
4- إلغاء كل ديون الأراضي.
5- تركيز السلطة في أيدي العمال والفلاحين.
كانت الصحيفة تطبع في أقبية مستشفى السكك الحديد في منطقة الكرخ ، وقد قام بشراء المطبعة (حسن عباس الكرباس) من شركة بيت لنج البريطانية في شارع الرشيد ببغداد .
كان إصدار الصحيفة ضرورة موضوعية ليقوم الحزب بنشر أفكاره أيديولوجيته ومواقفه السياسية من القضايا المحلية والدولية. وكذلك استخدامها كأداة دعائية وتعبوية فضلا عن فسح المجال لرفاقه واصدقائه الذين يكتبون في الصحف الأخرى وفق محددات النشر الرسمية، كما كانت صحيفة كفاح الشعب وسيلة في عملية التنظيم وإبقاء رفاق الحزب واصدقائه على اتصال بالرؤية العامة للحزب الشيوعي العراقي.
كما ساهمت كفاح الشعب في تكريس موقع الحزب الشيوعي العراقي كقوة فاعلة في الحراك السياسي العراقي ولعبت دوراً بارزاً في نشر الوعي الطبقي والخطاب المعادي للاستعمار**، خاصة ضد الهيمنة البريطانية.
وكانت لغة الخطاب الإعلامي في كفاح الشعب بسيطة واضحة تناسب القارئ العادي، ومما ساعدها أنها ناقشت قضايا المعيشة، والأجور، والحريات، مما جعلها قريبة من هموم الناس اليومية.
ومما لابد من التنويه به:
إن الصحافة الشيوعية العراقية أثّرت بعمق في الرأي العام، خاصة في الفترات التي تزامنت مع الأزمات السياسية أو صعود الحركات التحررية. وقد ساعدت على نشر الوعي الطبقي، وتحفيز النقاشات الفكرية، وتشكيل معارضة سياسية شعبية، رغم ما واجهته من قمع وملاحقة وتعرضها للمصادرة او الغلق (لاحقا)
*****************************************
شهداء الصحافة الشيوعية: شموس لا تغيب عن سماء الوطن
محمد علي محيي الدين
حين تُطلّ علينا ذكرى تأسيس الصحافة الشيوعية، لا نحني الرؤوس حدادًا، بل نرفعها فخرًا واعتزازًا، ونفتح نوافذ القلب لنستقبل نسائم الوفاء لأولئك الذين لم يكتبوا التاريخ فحسب، بل نسجوه بخيوط من دم وضمير وحلم. إنها ليست ذكرى مهنية عابرة، بل وقفة عند ضفاف الكلمة المقاتلة، الكلمة التي لبست ثياب الفقراء، ومشت في الأسواق والأزقة، وجعلت من المطبعة ملجأً، ومن الورق سلاحًا، ومن الحبر حياة.
الصحافة الشيوعية في العراق لم تكن نشرة حزبية تقليدية، ولا بيانًا يعبر ضفاف اللحظة السياسية. كانت وجدانًا جماعيًا يصوغ رؤية للعدالة، ومرآةً صافية تعكس معاناة الكادحين. في زمن كانت الحقيقة فيه تُذبح على عتبات الاستبداد، كانت "طريق الشعب"، و "اتحاد الشعب"، و"القاعدة"، و"الشرارة"، و"الثقافة الجديدة" وغيرها، بمثابة خنادق نضال، فيها يحرس الكتّاب أحلام العمال والفلاحين والمعلمين والطلبة، ويؤسسون لمستقبل يليق بالناس البسطاء الذين لا يملكون سوى قوت يومهم وكرامتهم.
لقد سطّر شهداء الصحافة الشيوعية أروع فصول البطولة المدنية. لم يحملوا بنادق، لكنهم حملوا أقلامًا صارت أكثر مضاءً من السلاح. تحدّوا الأنظمة الدكتاتورية التي توالت على العراق، وصمدوا في وجه التعذيب والملاحقة والنفي والقتل، ورفضوا أن يتخلوا عن التزامهم بالحقيقة، حتى وإن كانت ثمنًا لحياتهم.
لقد ماتوا واقفين، لأن الكلمة عندهم لم تكن زينة، بل عقيدة.
كانوا يرسمون خارطة الوطن بالمواقف، لا بالوعود. إنهم أولئك الذين رأوا الصحافة شرفًا ومسؤولية، لا مهنة مدفوعة الثمن. كتبوا بلغة الناس، وبأوجاعهم، فصاروا ضميرهم. استُهدفوا، لا لأنهم أخطأوا، بل لأنهم أصابوا. اغتيلوا لأنهم نبّهوا الناس، وأيقظوا وعيهم، وسمّوا الأشياء بأسمائها في وقتٍ كان التمويه فيه فضيلة عند البعض، وكان الصمت أضمن طريق للنجاة.
في عيون شمران الياسري، كان الوطن قصيدة، وفي قلم صفاء الحافظ كانت الحرية نشيدًا لا يصمت. وفي صوت عبد الجبار وهبي (أبو سعيد)، كان العراق فكرة تقاتل، لا جغرافيا تستسلم. أما عدنان البراك، فكان مدرسة في الصلابة الصحفية، مثلما كان محمد سعيد الصكار شاعر الحرف والصورة، ورسّام الصوت في زمن الخوف.
رشدي العامل لم يكن شاعرًا فقط، بل كان ضميرًا شعريًا ينطق بوجع المدينة. وثائرة بطرس، بحسها الصحفي العابر للنوع الاجتماعي، كتبت حضور المرأة في معركة الوعي والمساواة. وسعود الناصري، رجاء الزنبوري، حاجي جمال، ذياب كزار، خليل المعاضيدي، سامي العتابي، وغيرهم، تركوا آثارهم في سطور الصحافة، كما تركوها في قلوب قرّائهم.
هؤلاء الأبطال لم يكونوا أفرادًا، بل ظاهرة عراقية نادرة، جمعت بين النضال الصحفي والسياسي، بين الثقافة والموقف، بين الحلم والجرأة على تحقيقه. لم يتنفسوا إلا في هواء الحرية، ولم ينحنوا إلا للشعب.
نستذكرهم اليوم، وفي القلب غصّة ودهشة: أين نحن منهم؟ لقد غابوا، لا لأنهم شاؤوا، بل لأن زمنًا غادرًا قرر أن يخمد المشاعل. لكن مشاعلهم لم تخبُ. ما زالت تضيء. بل إن وهجها صار أشد سطوعًا كلما أظلمت طرق الحقيقة.
في زمن تتراجع فيه الصحافة إلى حدود الترويج والتدجين، وتُباع فيه المواقف في أسواق السياسة الفاسدة، ما أشد حاجتنا إلى عبد الحميد بخش، حسن العتابي، مصطفى عبود، محمد كريم فتح الله، عبد القادر إسماعيل، هادي صالح، كامل شياع، محمود صبري، وغيرهم من الشهداء والأحياء الذين ظلوا أوفياء للمهنة والناس.
إن القائمة التي نقرأها لا تضم فقط أسماءً، بل تفتح أمامنا كتاباً من الشجاعة والنقاء:
عبد الجبار وهبي، عبد الرحيم شريف، عدنان البراك، شمران الياسري، محمد سعيد الصكار، رشدي العامل، سعود الناصري، صفاء الحافظ، عبد الحميد بخش، رجاء الزنبوري، حسين قاسم العزيز، مصطفى عبود، ثائرة بطرس، سامي العتابي، خليل المعاضيدي، حاجي جمال، ذياب كزار، اسماعيل خليل، هادي صالح، قاسم محمد حمزة، هاشم الطعان، إبراهيم رشيد، حسن عوينه، ستار مهدي، ملا حسن، مؤيد نعمة، قاسم عبد الأمير عجام، حسن العتابي، عبد الستار زبير، مصطفى عبد الله، دلمان آميدي، محمد كريم فتح الله، فيصل عبد الغفار العاني، عمار جبار، عبد القادر اسماعيل، محمد حسين ابو العيس، ثابت حبيب العاني، محمود صبري، مهدي عبد الكريم، رحيم عجينة، عبد الأمير الحبيب، كامل شياع، محمد درويش علي، مهدي محمد علي، سليم عبد الأمير حمدان، خالد الحلي، بحر الخالدي، باسم محمد غانم.
إنهم جميعًا، بلا استثناء، مفخرة للصحافة العراقية، وللضمير الإنساني الحي. كانوا رموزًا حقيقية للثقافة الوطنية، رفعوا رايات التنوير في وجه الظلام، وبذلوا أرواحهم عن طيب خاطر كي لا تسكت الكلمة.
وها نحن اليوم، إذ نعيش وسط أمواجٍ عاتية من الردّة الحضارية، وسيادة الأمية، والتخلف المقنّع بلغة الدين أو الطائفة أو العشيرة أو السوق، نتلمّس آثار أقلامهم في الطرقات، ونسمع أصواتهم تعاتبنا من بين السطور، وتسأل: من سيكمل الدرب؟ من يحمل المشعل؟ من يتذكّر أن الصحافة شرف لا سلعة، وأن الحبر الذي لا يمتزج بنبض الناس، ماء مهدور؟
تحية من القلب، لا يحدّها زمن، ولا تطفئها خيبات الحاضر، إلى أولئك الشهداء، إلى الذين سكنوا الذاكرة مثلما سكنوا الحلم. إنهم النور الذي يضيء لنا الطريق، حين يطول ليل العراق.
في عيد الصحافة الشيوعية العراقية
كاظم الموسوي
الكتابة عن جريدة "طريق الشعب" وبمناسبة عيد الصحافة الشيوعية لذكرى صدور أول جريدة شيوعية باسم كفاح الشعب عام 1935 ليست عملا سهلا، فالذاكرة وما تختزنه قد لا توفي حق الجريدة وجنودها المعروفين والمجهولين ولكن تبقى في كل الاحوال استذكارا مطلوبا ووفاء محسوبا، مع التاكيد على المسؤولية والأمانة الأخلاقية والسياسية التي تختبرها صفحات التاريخ.
كانت جريدة "طريق الشعب"، (صدرت علنية في 16 ايلول/ سبتمبر 1973) اسما على مسمى، بلون عنوانها الاحمر وشعاراتها، ومانشيتها المتميز وصفحاتها الثماني المعبرة عن تلاوين المجتمع وهيئاته وأقسامه وفعالياته، وأعمدتها وزواياها التي تحمل اسماء معروفة، وجديدة، في شتى الاصعدة، سياسية وثقافية ونضالية. منها اسماء تتكرر كل يوم، وأكثرها تبدأ بـ" ابو" تيمنا بالطريفة التي تنقل عن الفلاح البيشمركة الكردي في تعليقه على قائمة انصاره العرب في كردستان!. وسؤاله؛ كيف تعرفونهم وكلهم اسمه ( ابو)؟!
مع كل ذلك، الح علي قلمي ان يسطر شيئا، بعض اسطر، عن عملي فيها، مشاركة وتسجيلا، واستمرارا لذاك النسغ، والجذر الذي ما هوى.
حين صدرت الصحيفة كنت في خدمة العلم. وما ان انهيتها عدت الى "الحبيبة"، مواصلا مساهمتي في شقيقتها "الفكر الجديد" (صدرت 1972) عاملا في صفحتها الثقافية، ومشاركا مع نخبة من ادباء العراق البارزين، ومن بينهم الزملاء: فاضل ثامر، ياسين النصير، يوسف الصائغ، الفرد سمعان، صباح الشاهر، حميد الخاقاني و إبراهيم احمد، يسهم معهم الادباء، الشيوعيون والمستقلون من بغداد والمحافظات اضافة الى الاصدقاء والحلفاء. وكانت ندوات لجنة العمل الثقافي الديمقراطي، وكنت عضوا فيها، والتي ادارها الاساتذة الراحلون: هاشم الطعان، خالد السلام، إبراهيم اليتيم، الفرد سمعان، وسعود الناصري في بيوتهم او بيوت الاصدقاء تضم اكثر من عشرين مبدعا كل مرة، ترفد الصفحة وتتألق اسماؤهم في اعمدتها. وليس غريبا فعلا أن يتباهى كل مبدع في العراق أنه مر خلال حياته بمدرسة الحزب، عبر منظماته او واجهاته، وتعلم منها واستفاد رغم تبدل الاحوال وتغير الأزمان. كما كان للحضور الواسع في مقر اتحاد الأدباء ومقرات النقابات الأخرى دور في الحوارات الثقافية والنشر في الجريدة.
نشرتُ في الصفحة الثقافية مقالات في النقد الادبي وعرضا ونقد كتب وهوامش ثقافية وقراءات في التراث الفكري والصحافة اليسارية. وعلى سبيل المثال، اتذكر منها، قراءة في العدد اليتيم من جريدة "الهادي" التي اصدرها الحزب الشيوعي عام 1948 بدعم وبأسماء اصدقاء له، في فترة دكتاتورية نوري السعيد واتباعه.. وكتب افتتاحيتها الرفيق فهد، وقد عثرت عليها في مكتبة المتحف الوطني. وللمصادفة الطريفة، بعد ان اكملت عملي في المتحف وتمشيت صوب الصالحية، التقيت (الراحل) الدكتور عبد اللطيف الراوي، وحدثته عنها، فاقترح زيارة صاحب الامتياز، الذي يعرفه شخصيا، وكان قريبا منا مكانا، صاحب محل موبليات، في الجهة المقابلة لموقع المتحف. استقبلنا بحفاوة وصراحة، وذكر مصدر الدعم والافتتاحية التي اغلقت الجريدة بسببها. للأسف الشديد لا اتذكر اسمه الان. ولم تكن الجريدة الوحيدة التي حررها الحزب في الظروف الحالكة التي مر بها في تاريخه، وما عدمت امكانات احتضان نشاطه الديمقراطي، ولا شحت عطاءات الناس له.
كما اتذكر قراءة اخرى في دفتر السجين الشيوعي الشهيد موسى نور، بخط يده، والذي حصلت عليه من عائلته الكريمة، وفيه اورد يوميات الحياة في السجن، ( الخمسينات من القرن الماضي) وجداول المحاضرات والنشاطات الثقافية المتنوعة، حيث كانت اضافة الى دروس اللغة وتعلم التراث والآداب، دروس في فن الموسيقى، وشرح لسيمفونيات عالمية والمدارس الموسيقية، ومواضيع اخرى لاغناء الروح وشد الانسان للحياة والجمال والإنسانية والأمل بالحرية والشمس والسلام رغم ظلام السجن، وصعوبات الظروف وقسوة الزمان.
أليس مفارقة، السؤال عما يسجل سجين ما بعد تلك الايام في دفتره، هذا اذا بقي حيا، وقادرا على التعبير عن مشاعره؟!.
في فترة العمل في صفحة الثقافة، كانت لي لأول مرة في حياتي، سفرة بالطائرة داخل الوطن، ضمن وفد الصفحة والجريدة الى البصرة مع الزميلة الصحفية، الدكتورة سلوى زكو والزميل الناقد ياسين النصير. وفضلا عن ركوب اجنحة الهواء في ثلاثة ارباع الساعة في سماء العراق، كان الاستقبال الحافل، والحفاوة الرفاقية، واللقاءات الحميمة والسهرات الفنية والغنية في مدينة السياب والملائكة وسعدي يوسف ومحمد خضير وعبد الكريم گاصد وعبد الوهاب طاهر وناصر عبود وهندال الجادر، و..و.. (التي ما زالت حلاوتها على طرف اللسان، كما يقال)..
إضافة الى العمل في صفحة شؤون عربية ودولية أعددت الصفحة النظرية، التي كانت تصدر كل يوم جمعة، والتي كانت موادها لأيام عديدة للتثقيف الحزبي والنظري، من مواد شبه جاهزة، تصلنا منقولة من مجلات البلدان الاشتراكية وطليعتها الاتحاد السوفييتي، كما كنا عليه انذاك، واستلمها الرفيق حمدان يوسف ( الراحل الدكتور صادق البلادي) حين انتقل ضيفا دائما الى بغداد من مدينته البصرة. كلفت ايضا بصفحة الاثنين لثقافة الشباب، ونظمتُ اجتماعات ولقاءات لأدباء وفنانين شباب من بغداد والمحافظات القريبة، وتصدرت الصفحة اسماء عديدين من المبدعين، الذين ساهموا، بعدها، في تحرير صحف المهاجر والمنافي، والذين ربتهم الصفحة والجريدة، وطورت مواهبهم وقابلياتهم، ومن ثم اصبحت الصفحة باشراف الراحل الشاعر الكبير سعدي يوسف، والقسم الثقافي، بعد عودته الى الوطن.
وما زال كلام الصديق المبدع الشهيد ابو كاطع، شمران الياسري، لي حين تفرغت للجريدة ولصفحة شؤون عربية ودولية، عالقا في بالي، وتكرر حين لقائنا في براغ بعد "خراب البصرة"! قبيل رحيله الاخير. اذ لم يكن مشجعا للتفرغ في ظل تلك الظروف، ورؤيته لافاقها. وابو كاطع، كاتب وروائي، حوّل قراءة الجريدة، بعموده "بصراحة" في الصفحة الاخيرة، الى طريقة قراءة المطبوع الغربي، حيث تبدأ بالعكس من المطبوع العربي.
وحين تفرغت بالدوام الكامل للتحرير في الصفحة الثانية، شؤون عربية ودولية، التقيت كتابا وادباء معروفين، وعملت معهم في "ورشة" الصفحة الساخنة. وكان لكل صفحة من الجريدة قسم، وغرفة مستقلة، يحرر فيها رفاق حزبيون، حينها، وفي صدر غرفة الصفحة الثانية يجلس الراحل الزميل فالح عبد الجبار (ابو خالد)، بشعره الأرقط، الاسود والأبيض الغالب، يكتب ويترجم يوميا، ويشتغل بيديه الاثنتين، واحدة للقلم والأخرى لشعر رأسه. يعاونه حين التحاقي الزملاء الراحلون: ابراهيم الحريري (ابو فادي) الذي كان يكتب بتوقيع (زكور)، والشاعر رشدي العامل (ابو علي)، وعبد الاله النعيمي، وأسماء اخرى، مساهمة ومتدربة، (منهم: رجاء الزنبوري، هشام داوود) اضافة الى المسؤول السياسي السابق عن الصفحة، الراحل الدكتور حميد بخش (ابو زكي) والمسؤول الجديد، الراحل الدكتور ماجد عبد الرضا (ابو دنيا)، الذي استلم مسؤولية الصفحة ونائب رئيس التحرير وعضو هيئة التحرير التي تختصر في المراسلات الى (هتج) واطلق عليها ابو كاطع اسم "هجع"!
وكنت، من بين عملي اليومي، اكتب العمود الاول في الصفحة بتوقيع ابو بشير، اتابع فيه التطورات السياسية وانعكاساتها وموقفنا منها.
كان عدد من الرفاق المساهمين في تحرير الجريدة من المناضلين المعروفين، وكنت مكلفا باللقاء والترحيب بهم، وكلما حملوا الى الجريدة موادا للنشر، أقابلهم، مرة في داخل مقر الجريدة على عجل، وأخرى خارجها في مقاه قريبة من المبنى، او محل خياطة الراحل توفيق ناجي القريب من مقر الجريدة وبداية اول فرع من مبنى سينما النصر، اتذكر باعتزاز الراحل المقدم غضبان السعد، ومقالاته او دراساته المطولة، وابو مازن وترجماته الغزيرة، وآخرين لهم الرحمة الواسعة والذكر الطيب.
علقت على الجدار خلف مكتبي رسوما للرسام الفلسطيني الشهيد ناجي العلي، واتذكر أبرزها عن الرجل الذي يسقط عقاله على صدره بعد خروجه من التواليت، وكنت معجبا بهذا الرجل الجريء في كل اعماله، وهو ينشرها في صحف عدة، أبرزها الخليجية، التي كانت ليبرالية اكثر من غيرها، ايام زمان، رغم واقع الحال. وكنت كثيرا ما ادخل في نقاشات حول هذا الرسم مع غير قليل من الزوار او العاملين في الجريدة، وكان ردي انها مهمتنا أن نضع العقال في محله على الراس ببناء وعي جديد وثقافة جديدة وشحن الناس بقوة واقناع بالتغيير والثورة و مستقبل افضل واجمل مما نعيش او نسكت عليه الآن. كان حنظلة الفلسطيني رائدا في قراءة الأوضاع وتطوراتها في الوطن العربي.
*********************************************
الصفحة الثامنة
في زمن الارتباك: لا حياد مع جرائم الهيمنة الصهيو-إمبريالية
دينا الطائي
لسنا في زمن يسمح لنا بالترف الأخلاقي أو بالاختباء خلف المواقف الرمادية. نحن في قلب العاصفة، حيث كل انحياز هو إعلان عن الذات.
ما تفعله إسرائيل اليوم ليس سوى المرحلة الأحدث من مشروع استئصالي استيطاني طويل، هدفه تصفية القضية الفلسطينية وشعوب المنطقة وإلغاء أية إمكانية للتحرر الوطني أو العدالة الطبقية. مقابلها، تلعب أمريكا دور الراعي الأعظم للخراب: من غزو العراق، إلى سحق اليمن والسودان وسوريا ولبنان، إلى تطبيع الاستبداد العربي، إلى حماية إسرائيل من المحاسبة.
معارضة سياسات إيران في المنطقة، رغم مشروعيتها في بعض السياقات، يتم استخدامها لتبرير صمت مهين على وحشية الاحتلال الصهيوني، وتحويل محور الصراع الأساسي من مناهضة الصهيونية والامبريالية العالمية بقيادة الولايات المتحدة إلى محاربة “النفوذ الإيراني” – كأننا عميان عن وجود قواعد أمريكية، وجيوش استعمارية تحت مسمى قوات التحالف، واستيطان دموي.
علينا ألا ننجرّ خلف السردية الغربية. لا نقدّس النظام، ولا نُخضِع الموقف المبدئي من حق الدفاع عن النفس والمقاومة لحسابات النفوذ. ندرك التناقض، نعم. نرفض تسييس القضية الفلسطينية لصالح أنظمة، نعم. لكن لا نقبل بتذويب جوهر الصراع: إسرائيل هي الخطر المركزي، ومن يسكت عنها ويتحدث فقط عن "النفوذ الإيراني” فقد بوصلته.
إسرائيل ليست مجرد خطر وكيان استيطاني، إنها كيان اجتثاثي، مؤسسة إبادة، تُديرها واشنطن، وتحميها أوروبا، ويُمهِد لها الطريق الإعلام الخليجي، هي مركز عصب لمنظومة عالمية هدفها خنق المنطقة والعالم. المشروع الصهيوني ليس وجهاً آخر من الاستبداد، بل أداة تنفيذ مركزية في المشروع الإمبريالي، في خطة لإعادة قولبة الشرق الأوسط بما يخدم الربح الرأسمالي والاستقرار الاستبدادي.
فما نراه في فلسطين والعراق وسوريا واليمن ولبنان والسودان، ليس سوى طبقات متراكبة من تدخلات صهيو-أمريكية، تحالفات أمنية مع أنظمة بوليسية ومليشاوية وتنظيمات إرهابية، وخرائط سياسية تُرسم فوق دماء الشعوب الحرة وثوراتها وثرواتها.
مع كل الجدل الحالي حول إيران اليوم، من المهم التذكير بحقائق لا يمكن تجاهلها: لم تكن طهران هي من بدأ العدوان، بل الكيان الصهيوني الذي بدأ بتوجيه ضربات استباقية بحجة “التهديد النووي”، في وقت يمتلك فيه ترسانة نووية خارج أي رقابة دولية. البرنامج النووي الإيراني بقي في إطار الاتفاق الذي انسحبت منه واشنطن بشكل أحادي، ضاربة بكل شيء عرض الحائط. ما يسمّى “المفاوضات” لم تكن سوى واجهة لتأجيل المواجهة وتحضيرها بشروط العدو، لا لتفاديها. من ترك طاولة الحوار هو الغرب، ومن واصل العقوبات والحصار هو واشنطن. الخطاب عن “تهديد إيران” ليس إلا غطاء لتثبيت تفوّق نووي استيطاني وشرعنة الحروب الوقائية لصالح مشروع هيمنة لا يريد أي قوة إقليمية قادرة على ردعه تحت يافطة الشرق الاوسط الجديد.
موقفي هذا مبني على قاعدة أن الخطر الصهيو-أمريكي وجودي، يعمل على تفتيت مجتمعاتنا، تدمير الذات الجماعية، وتجفيف كل منابع التحرر. والمقاومة -رغم كل تناقضاتها- تبقى الرد الوحيد المتاح لشعوب تواجه الإبادة. ولأننا لا نملك ترف الوقوف على الحياد، ولا أن نغرق في نقد جزئي على حساب الصراع الجذري.
موقفي الشامت بإسرائيل، لأنها تمثل نقيضاً تاريخياً لكل ما نؤمن به: نقيضٌ لحركات التحرر، للصراع الطبقي، للعدالة الاجتماعية، لحق الشعوب في تقرير مصيرها، ولإرادة الكادحين في بناء عالم دون استغلال أو هيمنة.
إسرائيل ليست فقط نقيضاً مفاهيمياً لحركات التحرر، بل تجسيد حي ومادي للمشروع الإمبريالي العالمي، وتطبيق مباشر للاستعمار الحديث، الذي ينقل الصراع الطبقي من مركز النظام إلى أطرافه، محوّلاً فلسطين والشرق الأوسط وشمال افريقيا إلى حقل تجارب دائم لآليات القمع والتفتيت.
هذا الكيان لا يُمارس القمع فحسب، بل يقوم على نفي وجود الآخر: نفي الشعوب، والتاريخ، والأرض، والحق، ما يجعله نفياً مادياً لكل فكرة عن العدالة الاجتماعية وحق تقرير المصير.
إسرائيل ليست ثابتة سياسية فقط، بل مفاعل لإعادة إنتاج الهيمنة: بعسكرتها، بتقنياتها الأمنية، بعلاقاتها الاقتصادية، وبدورها كبؤرة متقدمة للنيوليبرالية في قلب الشرق الأوسط.
وتحالفها العميق مع رأس المال العالمي، والأنظمة الرجعية، والدكتاتوريات، يؤكد أنها ليست مجرّد حليف للغرب، بل لاعب بنيوي داخل النظام الإمبريالي ذاته.
لهذا، لا يمكن لأي تصور تحرري أو صراع طبقي أن يتجاهل مركزية إسرائيل في شبكة السيطرة. إنها ليست مجرد “عدو سياسي”، بل أداة تنفيذ مركزية في مشروع عالمي لإعادة إنتاج الاستغلال، وسحق أي أفق للعدالة والتحرر.
ومن هنا فإن موقفي الشامت من انكشاف ضعف هذا الكيان ليس تعبيراً عاطفياً، بل موقف مبدئي من نقيضنا التاريخي والطبقي، ومؤشر على اهتزاز قلب النظام الإمبريالي نفسه. لأن هذا الضعف المتكشّف هو دليل على أن المشروع الإمبريالي ليس قدَرياً، وأن زمن التفوق المطلق ينهار، وأن كل رصاصة مقاومة، كل كلمة، كل صمود، هو انتصار جزئي ضد مشاريع الإبادة والسيطرة على مقدرات شعوبنا.
ولأن انهيار المنطقة لن يترك وراءه “ديمقراطيات حقيقية” بل خراباً شاملًا تتحكم به نخب عميلة للبيت الأبيض وربيباته. الطبقة السياسية العراقية الحالية مثلاً، هي نتاج احتلال أمريكي، تتقاسمها مع طهران، واشنطن لم تقف يوماً مع منتفضي تشرين، بل ساندت ضمنياً استمرار نظام المحاصصة القائم على الفساد والتبعية.
وهنا، لا بد من أن نرفض أيضاً اختطاف نضال الشعوب من قِبل المشروع الإمبريالي نفسه. لا تحرر يأتي على ظهر دبابة، ولا عدالة تُفرض بصواريخ “الحرية”. نحن نؤمن بالتغيير من الداخل، من صلب الحركة الشعبية، لا من عواصم القرار في واشنطن أو تل أبيب. كل تدخل خارجي تحت شعار “الديمقراطية” هو إعادة إنتاج للهيمنة بشكل جديد. من استعان بالمحتل لبناء “دولة”، إنما شرعن تفكيكها وهدمها.
اما الخليج لم يكن يوماً خندقاً للثورات وللمقاومة وحركات التحرر، بل خزاناً نفطياً يدير غرف عمليات الاستعمار والتطبيع والتجويع -بالمباشر أو بالوكالة- وإعادة رسم الشرق الاوسط وشمال أفريقيا.
نحن في لحظة مفصلية: نعم، نرفض أنظمة الاستبداد، وقمعها ومعاداتها لطموحات شعوبها، وهذا موقف ثابت لا يتغير. لكن في معادلة القوة، لا يجوز أن نغفل أن واشنطن وتل أبيب هما مركزا الهدم الجوهري. أمريكا تدفع بسياسات ترامب-نتنياهو الفاشية نحو حروب إبادة، لا فقط في غزة/فلسطين بل في اليمن وسوريا ولبنان والسودان. لذا تحميل إيران وحدها تبعات الانهيار، وتبرئة أمريكا وإسرائيل من جرائمهم، هو تزوير سياسي.. أن تكون ضد النظام في إيران لا يعني أن تتحول لبوق لإسرائيل أو وكيل ناعم للبنتاغون والصهيونية. هذا اختزال قاتل، وكل محاولة للحياد وللموازنة هي خيانة لتاريخ الشعوب ومقاومتها.
عدونا واضح؛ هو الصهيو-امبريالية. ومن لا يراه في تل أبيب وواشنطن، يرى بعين واحدة. نقف مع الشعوب، لا مع أنظمتها. ومع فلسطين، لا لأن إيران تدعمها، بل لأنها بوصلتنا. ومن لم يُصغِ بعدُ لصوت المقاومة، فليصمت على الأقل، فالصمت أقل ضرراً من التواطؤ، حتى تنضج الحقيقة في وجدان الشعوب.
في زمن المجازر، الانحياز مقاومة.
وفي زمن الصمت، الكلمة مقاومة.
********************************************
الإسكان الميسور: بديل أزمة لا خياراً للرفاهية
حسن الجواد
في ظل تزايد الأزمات السكنية، خاصة بين الشباب وذوي الدخل المحدود، يبرز الإسكان الميسور كبديل عملي وفعّال، لا كخيار رفاهية. هذا النمط من الإسكان يعتمد على حلول مبتكرة تدمج بين التقنية والتصميم والاستدامة، بهدف تقديم مساكن تحفظ الكرامة وتواكب الاحتياجات الاجتماعية والاقتصادية. فبدلاً من الاعتماد على مشاريع إسكان تقليدية مكلفة وغير مرنة، يقدم الإسكان الميسور نموذجا جديدا يعيد تعريف علاقة الإنسان بالمسكن، بوصفه حقا أساسيا لا ترفا.
فَفي الوقت الذي تتفاقم فيه أزمات السكن في مدننا العربية، وتغيب الحلول الفعالة أمام ارتفاع أسعار الأراضي وتكاليف البناء، يطلّ مفهوم "الإسكان الميسور" بوصفه أملا واقعياً يمكن أن يغير قواعد اللعبة، ويعيد التوازن إلى سوق الإسكان. وهو ليس مشروعا نخبويا أو رفاهية معمارية، بل حق إنساني بآليات اقتصادية وتقنية قابلة للتطبيق، وبديل فعّال لأزمات طال أمدها.
الإسكان الميسور لا يعني مساكن رديئة أو عشوائية، بل يقوم على تقديم وحدات سكنية منخفضة التكلفة دون المساس بالجودة أو الكرامة. وتحقيق هذا الهدف يتطلب منظومة متكاملة تبدأ من استخدام تقنيات البناء الحديث مثل البناء المعياري، الطباعة ثلاثية الأبعاد، ونمذجة معلومات البناء BIM) )، إلى اعتماد أنظمة ذكية لتقليل استهلاك الطاقة، مثل الألواح الشمسية والإضاءة الموفرة.
لكن الجانب التقني ليس وحده ما يميز هذا النمط من الإسكان؛ فالتصميم يلعب دورا جوهريا في تعزيز جودة الحياة داخل المسكن. من خلال استخدام مساحات صغيرة لكنها مدروسة جيدا، وتوفير مساحات مرنة ومتعددة الاستخدام، يصبح المسكن أكثر قدرة على التكيف مع تغير احتياجات الساكنين. كما أن إشراك المجتمع المحلي في تصميم هذه الوحدات يعزز من الملاءمة الثقافية والاجتماعية.
من جهة أخرى، توفر الحلول التمويلية مثل القروض منخفضة الفائدة، والتمويل الأصغر، والدعم الحكومي، بالإضافة إلى نماذج الإيجار المنتهي بالتمليك، فرصا حقيقية أمام الأسر محدودة الدخل للحصول على مسكن لائق. كما أن الشراكات بين القطاعين العام والخاص تُسهم في خفض الكلفة، خصوصا عند توفير أراضٍ عامة مدعومة أو مجانية.
وعلى مستوى التخطيط الحضري، يدمج الإسكان الميسور بين رفع الكثافات وإعادة استخدام الأراضي المهجورة، مع التركيز على قرب المشاريع من وسائل النقل العام، لتقليل التكاليف التشغيلية على الساكنين.
في النهاية، الإسكان الميسور ليس حلاً مؤقتا، بل استراتيجية مستدامة تعيد للمسكن وظيفته الأساسية: أن يكون مأوى آمنا، مريحا، ومتاحا للجميع.
*******************************************
حينما تُقيَّد الحقيقة!
سعد عزيز دحام
في أعماق التاريخ الإنساني، نجد أن الشعوب كانت على الدوام تتأرجح بين يقظة ثورية وسُبات عميق، بين مقاومة القهر واستسلام له. ومع ذلك، يبدو أن سبات الشعوب اليوم أعمق وأكثر تعقيدًا، بفعل قوى متعددة تعمل بشكل متشابك وذكي لإخماد وعي الإنسان وتحجيم تطلعاته. بين قمع السلطة، وخيانة الإعلام، وتضليل رجال الدين، تُدار ماكينة كبرى تُبقي الشعوب في ظلام أبدي بعيدًا عن النور. أن السلطة، بطبيعتها، تسعى إلى البقاء. ولتحقيق هذا الهدف، لا تتوانى عن استخدام أدوات القمع بأشكالها المختلفة، من القوانين الجائرة إلى السجون وعمليات الاغتيال الفكري. إنها تستهدف كل بذرة تمرد وكل صرخة وعي، وتحاول إقناع الشعوب بأن الاستسلام هو السبيل الوحيد للنجاة. لكن السلطة لا تكتفي بالقمع المادي فقط، بل تمارس قمعًا فكريًا ونفسيًا يجعل الشعوب أسيرة الخوف والتبعية. وهكذا، يتحول السُبات من حالة مؤقتة إلى نظام دائم.
في زمن كنا نأمل فيه أن يكون الإعلام منارة للحقيقة، أصبح في كثير من الأحيان أداةً خبيثة في يد السلطة.
الإعلام الخائن لا يُخبرك بما يحدث، بل يُخبرك بما تريد السلطة أن تعتقده. يمارس الإعلام خيانته بأساليب ناعمة، مُعلبًا الأكاذيب في غلاف الحقائق، ومسخرًا كل إمكانياته لإلهاء الشعوب وإشغالها بقضايا هامشية.
وعندما تصرخ الحقيقة في وجهه، يرد عليها بالتشويه أو التجاهل، لتظل الشعوب حائرة بين ما ترى وما يُقال لها.
أن الدين، الذي كان دائمًا أداة للتحرير الروحي والفكري، يتحول في بعض الأيدي إلى سلاح لقمع العقول وتكبيلها. رجال الدين المُضللون يُجيدون اللعب على أوتار الخوف، مستخدمين الدين كغطاء لتبرير ظلم السلطة وخيانة الإعلام. يُقدمون الطاعة كفضيلة كبرى، ويُصورون أي رفض أو مقاومة كخروج عن طاعة الله. وفي خضم هذا التزييف، تصبح الشعوب أكثر ضعفًا، وأقل قدرة على التفريق بين الدين الحقيقي والرسائل المُشوهة التي يُقدّمها هؤلاء المضللون.
وحين تتآمر السلطة والإعلام والدين المُضلل، يصبح السبات العميق للشعوب نتيجة حتمية. إنه سبات لا يقتصر فقط على الحركة، بل يمتد إلى الوعي والإرادة. تُصبح الشعوب أسيرة دائرة مفرغة من القهر والتضليل والخضوع، تُكرر ذات الأخطاء، وتعيش في حالة انتظارٍ عبثي لمُنقذ لا يأتي.
لكن، هل يمكن لهذه الدوامة أن تستمر إلى الأبد؟ هنا تكمن المفارقة، فالتاريخ يُثبت أن الشعوب، مهما طال سباتها، تمتلك القدرة على الاستيقاظ.
البداية تكون دائمًا بالوعي، حين تُدرك الشعوب أن القمع الذي تُمارسه السلطة، وخيانة الإعلام، وتضليل بعض رجال الدين، ليست سوى أدوات تهدف إلى إبقائها في القاع. الوعي وحده لا يكفي، بل يجب أن يُترجم إلى فعل جماعي، إلى إرادة حقيقية تُعيد صياغة الواقع، وتفتح نافذة على الحرية المنشودة.
إن الشعوب النائمة ليست مجرد ضحية، بل شريكة في تكريس سباتها حين تختار الصمت والخضوع.
ومع ذلك، يبقى الأمل في اليقظة قائمًا، والسبيل إليه يكمن في رفض كل أشكال القمع والتضليل، والتمسك بالحقيقة مهما كان الثمن. فالحقيقة هي أول خطوة نحو الحرية، والحرية هي أول خطوة نحو الحياة.
*****************************************************
الصفحة التاسعة
جيرو يعود إلى الدوري الفرنسي عبر بوابة ليل
باريس ـ وكالات
أكد المهاجم الفرنسي المخضرم، أوليفييه جيرو، عودته إلى الدوري الفرنسي بعد 13 عامًا من الغياب، حيث انضم رسميًا إلى نادي ليل الفرنسي العريق، قادمًا من فريق لوس أنجلوس الأمريكي. وانتقل جيرو إلى لوس أنجلوس في صيف 2024 بصفقة انتقال حر من ميلان، وسجل 5 أهداف خلال 37 مباراة، حيث شارك مع الفريق الأمريكي في كأس العالم للأندية قبل أن يودع البطولة من الدور الأول.
وفي مؤتمر صحفي عقب مباراته الأخيرة مع لوس أنجلوس، قال جيرو: "إذا سألني أحد قبل سنوات بشأن إمكانية عودتي إلى فرنسا، لأكدت أن الموضوع خارج خططي"، مضيفًا: "أنا متحمس للعب مع فريق ليل في الدوري الأوروبي، إنه ناد كبير في فرنسا، ويحقق لي ولعائلتي العديد من الأهداف". وأشار المهاجم الفرنسي إلى رغبته بأن يكون قائدًا داخل وخارج الملعب، وأن يكون حلقة وصل بين اللاعبين والجهاز الفني. وأعلن نادي ليل بشكل رسمي عن إتمام الصفقة، ليبدأ جيرو فصلاً جديدًا في مسيرته الكروية مع أحد أبرز الأندية الفرنسية.
**********************************************
الكشف عن خطة إعداد المنتخب الوطني قبل الملحق الآسيوي المؤهل للمونديال
متابعة ـ طريق الشعب
كشف الاتحاد العراقي لكرة القدم، أمس الاثنين، عن وضع خطة إعداد متكاملة للمنتخب الوطني استعداداً لخوض مباريات الملحق الآسيوي المؤهل إلى نهائيات كأس العالم 2026، وذلك بالتنسيق الكامل مع المدير الفني للمنتخب، الأسترالي غراهام أرنولد.
وقال عضو الاتحاد، غالب الزاملي، إن "الخطة تتضمن إقامة معسكرين تدريبيين، الأول في الإمارات نهاية شهر آب/أغسطس المقبل ولمدة عشرة أيام، يتخلله خوض مباراتين وديتين"، موضحاً أن "هوية طرفي المباراتين ستُحدد بالتشاور مع المدرب أرنولد في وقت لاحق".
وأضاف أن "المعسكر الثاني سينطلق بعد انطلاق دوري نجوم العراق لموسم 2025-2026، والمقرر أن يبدأ في 13 أيلول المقبل"، مبيناً أن "الهدف من هذا المعسكر هو تقييم جاهزية اللاعبين من خلال أدائهم في الجولات الأولى من الدوري المحلي".
وأشار الزاملي إلى أن المدرب أرنولد ارتأى إقامة معسكرين، الأول قبل انطلاق الدوري والثاني بعد عدة جولات منه، لمتابعة أداء اللاعبين المدعوين عن كثب، والوقوف على جاهزيتهم البدنية والفنية قبيل الاستحقاق القاري الحاسم.
ومن المقرر أن تُسحب قرعة الملحق الآسيوي في 17 تموز المقبل، بمشاركة المنتخبات التي احتلت المركزين الثالث والرابع في المجموعات الثلاث من التصفيات، ومن ضمنها منتخب العراق.
********************************************
دوري نجوم العراق الصراع يحتدم على آخر بطاقتي السوبر
بغداد ـ طريق الشعب
اقتربت منافسات دوري نجوم العراق لكرة القدم من نهايتها المثيرة، حيث حسمت أربعة فرق مقاعدها رسميًا في بطولة كأس السوبر العراقي التي تنطلق في 19 اب المقبل.
وتوج فريق الشرطة بلقب الدوري لموسم 2024-2025 برصيد 86 نقطة، متقدمًا على الزوراء (77 نقطة)، زاخو (70 نقطة)، والطلبة الذي ضمن مركزه الرابع بعد فوزه الثمين على القاسم بهدف دون رد.
لكن الإثارة الحقيقية تتركز الآن على الصراع المحتدم بين القوة الجوية، النفط، الكرخ ودهوك، الذين يتنافسون على بطاقتي المركزين الخامس والسادس المؤهلين إلى بطولة السوبر، قبل جولة الحسم الأخيرة التي ستحدد مصيرهم.
في المقابل، خرج فريقا نوروز والقاسم رسميًا من سباق التأهل بعد تراجع مستواهما في الجولات الأخيرة.
ويأتي هذا في ظل إعلان الاتحاد العراقي لكرة القدم عن إقامة كأس السوبر بصيغة جديدة تجمع ستة من أفضل فرق الدوري والكأس، في بطولة تعد بمتعة كروية عالية تنتظرها الجماهير.
************************************************
يوسف أمين يقترب من التوقيع مع الرياض السعودي
متابعة ـ طريق الشعب
استغل نجم المنتخب العراقي، يوسف الأمين، بندًا مهمًا في عقده مع نادي الوحدة السعودي، ليصبح لاعبًا حرًا رسميًا بعد هبوط الفريق إلى دوري "يلو" للدرجة الأولى، وذلك عقب نهاية موسم 2024-2025.
اللاعب البالغ من العمر 21 عامًا، والذي كان من أبرز لاعبي الوحدة هذا الموسم، حصل على حق فسخ عقده من طرف واحد بموجب بند خاص في العقد يتيح له الرحيل في حال هبوط النادي، وهو ما فعله بالفعل خلال فترة الانتقالات الصيفية الجارية.
وكشفت مصادر صحفية أن يوسف أمين توصل إلى اتفاق شبه نهائي مع نادي الرياض السعودي، حيث سيكمل مشواره الاحترافي في دوري روشن السعودي إلى جانب زميله في المنتخب العراقي إبراهيم بايش. وتعتبر هذه الخطوة دعمًا مهمًا للفريق السعودي الذي يسعى لتعزيز صفوفه بوجود لاعبين مميزين لتعزيز فرصه في المنافسة بعد احتلاله المركز الحادي عشر الموسم الماضي.
ويُنتظر الإعلان الرسمي عن صفقة انتقال يوسف أمين إلى الرياض خلال الأيام القليلة المقبلة، ليكون من أوائل صفقات النادي الصيفية، وسط أمل كبير لدى اللاعب في تحقيق نجاح جديد والمساهمة في عودة الوحدة سريعًا إلى دوري روشن.
يوسف أمين خاض هذا الموسم 29 مباراة مع الوحدة في دوري روشن، سجل خلالها 4 أهداف وصنع هدفين، بالإضافة إلى مشاركته في كأس الملك.
****************************************
ويمبلدون للسيدات.. بطولة بلا متصدرة والساحة مفتوحة للمفاجآت
لندن ـ وكالات
يبدو أن مشهد التنس النسائي شهد استقرارًا نسبيًا في المواسم الأخيرة، بعد فترة من التنافسية الشديدة التي وصفها البعض بـ "الفوضى التنافسية"، فيما اعتبرها آخرون "تنافسية قصوى".
في هذا الإطار، برزت البيلاروسية أرينا سابالينكا كقوة مهيمنة على الساحة، متجاوزة البولندية إيجا شفيونتيك التي كانت قد بدأت تهيمن على المشهد في السابق.
وفي خلفية التنافس، يظهر جيل جديد من اللاعبات الطموحات اللواتي بدأت تترك بصمات واضحة في البطولات الكبرى، مثل الأمريكية كوكو جوف، والروسية ميرا أندريفا، والأمريكية جيسيكا بيجولا التي تحافظ على حضورها المنتظم رغم غياب الألقاب الكبيرة، بالإضافة إلى الصينية كينوين جينج التي تزداد ثباتًا وقوة موسمًا بعد موسم.
ومع ذلك، تبقى بطولة ويمبلدون، كعادتها، تحافظ على خصوصيتها وسط هذا "الاستقرار النسبي"، إذ تصنف كأكثر البطولات الكبرى استقبالًا للمفاجآت.
فمنذ تتويج سيرينا ويليامز بلقبَيها الأخيرين عامي 2015 و2016، لم يتمكن أي لاعب من الدفاع عن اللقب عامين متتاليين، وشهدت النهائيات الأخيرة سلسلة مفاجآت بارزة، مثل فوز أنجليك كيربر على سيرينا في 2018، وتتويج إيلينا ريباكينا وماركيتا فوندروسوفا في 2022 و2023 على حساب التونسية أنس جابر، بالإضافة إلى انتصار باربورا كريتشيكوفا العام الماضي.
يربط العديد من المحللين حالة عدم الاستقرار السابقة في نتائج السيدات بأسلوب اللعب الذي يعتمد بشكل كبير على القوة البدنية، ما تسبب في تفاوت مستويات اللاعبات حتى بدأ البعض في التأقلم معه.
على سبيل المثال، تبلغ أرينا سابالينكا 27 عامًا، وكان أفضل إنجاز لها في ويمبلدون بلوغ نصف النهائي مرتين فقط. أما كوكو جوف (21 عامًا) القادمة إلى لندن بعد فوزها بلقب رولان جاروس، فلم تتجاوز حتى الآن دور الـ 16 في ويمبلدون، لكنها ما زالت تملك الوقت لتطوير أدائها.
أما الصينية كينوين جينج، المعروفة بقوة إرسالها، فقد تجد في ملاعب ويمبلدون البيئة المناسبة لتحقيق مفاجأة، رغم أنها لم تتجاوز حتى الآن الدور الثالث.
بالنسبة لإيجا شفيونتيك، التي تمر بفترة تراجع رغم مهاراتها الفنية وذكائها التكتيكي، فإن أفضل نتائجها في ويمبلدون كانت الوصول إلى ربع النهائي، وهو نفس الإنجاز الذي حققته ماديسون كيز، بطلة أستراليا المفتوحة هذا العام.
في المقابل، لا تزال الإسبانية باولا بادوسا تعاني من مشاكل في الظهر تعيق تطورها، مما يحد من فرصها.
كل هذه المعطيات تشير إلى أن منافسات السيدات في ويمبلدون هذا العام ستبدأ بدون مرشحة واضحة للقب، حيث يدخل كبار اللاعبات البطولة تحت ضغط تحقيق إنجاز طال انتظاره، في حين تدرك اللاعبات الأقل تصنيفًا أن ملاعب ويمبلدون تظل أرضًا خصبة للمفاجآت.
********************************************
وقفة رياضية.. ماذا لو قدّمنا الدعم للألعاب الفردية؟
منعم جابر
كلّ الدعم والإسناد الرسمي والحكومي يُوجَّه إلى كرة القدم، ونسينا الألعاب الأخرى، وخاصة الألعاب الفردية، حيث إن كرة القدم تحظى بالدعم الكامل من قبل الدولة، ورغم خساراتها وتراجع مستويات فرقها، فإن الإصرار والتوجّه لا يزالان قويّين لها، لأنها اللعبة الشعبية الأولى التي لا تغيب عن ملاعبها الشمس، وهي العشق الجماهيري الأول في أغلب القرارات. وقد تسبب ذلك، بشكل أساسي، في تراجع مستوى بقية الألعاب، سواء كانت فردية أو جماعية.
لقد نسينا بقية ألعابنا، وهذا يعود إلى سياسات الاتحادات الرياضية المشرفة عليها، لأنها تساهم في الصمت وعدم الاهتمام ببقية الألعاب. ولأنها (الاتحادات) تحظى بالاهتمام فوق الطبيعي، نجدها تندفع هي الأخرى نحو كرة القدم، مهملة ألعابها الأخرى.
بينما دول العالم المتقدمة وغيرها تندفع باتجاه كل الألعاب التي تحقق الميداليات والنجاح والتقدم.
وما حصل في وطننا هو أننا أحرزنا ميدالية أولمبية واحدة في أولمبياد روما عام 1960، وبقينا نتغنّى بها، ولم نسعَ لإحراز غيرها، لأننا لم نمنح الألعاب الفردية الاهتمام اللازم، ولم نفعّل وننشّط رياضتنا لتحقيق الإنجاز المطلوب. لقد آمنّا بكرة القدم فقط، ولم نسعَ لتطوير ورعاية بقية الألعاب، فكانت النتيجة أننا لم نحقق إنجازاً يُذكر في كرة القدم، ولم ننجح في بقية الألعاب.
أما دول العالم المتحضرة، فقد بذلت جهودًا كبيرة، وخطّطت لعملها الرياضي، وبرمجت نشاطها، وقدّمت لرياضتها كل العون والدعم، ولكافة الألعاب دون استثناء، وها هي اليوم تحصد الميداليات المتعددة والملونة، وترفع شأنها بين الأمم والشعوب.
أما نحن، فما زلنا نهتم بكرة القدم، ونتجاهل بقية الألعاب الرياضية، خاصة تلك التي كنّا فيها متقدّمين وناجحين، لكنها تراجعت اليوم (وبجدارة)، حتى عن مستويات دول الجوار والمنطقة.
وهنا نقول لقادة الدولة ومسؤولي الحكومة: عليكم الاهتمام ورعاية الألعاب الفردية، لأنها تشكّل ثروة من الميداليات التي نسعى لها ونتطلع إليها.
الاهتمام ورعاية كل الأنشطة الرياضية، لكافة الأبطال من البنين والبنات، ستكون فرصة ذهبية لرياضيينا، ودافعًا لتحقيق الإنجازات التي ستكون أساسًا لنجاح كل الألعاب، ومنها الألعاب الجماعية التي ستتقدم خطوات كبيرة في مختلف الأنشطة.
ونطالب بدعم وإسناد الألعاب الفردية بشكل متميّز، لأنها تحقق إنجازًا مباشرًا، ولا تكلّف الكثير من الأموال، على عكس الألعاب الجماعية والفرقية، التي تتطلب ميزانيات ضخمة. كثير من بلدان العالم المتحضر تمارس هذه الألعاب وتقدم لها الدعم، بالإضافة إلى دور الاحتراف في تمويل هذه الألعاب، مثل كرة القدم، وكرة اليد، وكرة الطائرة، وكرة السلة، دون الحاجة إلى تدخل الحكومات.
لذا، أناشد الاتحادات الرياضية المشرفة على الألعاب الفردية أن تطرح برامجها ومناهجها أمام المؤسسة الأولمبية، وأن تقدم طلباتها المعقولة، مدعومة بإنجازات أبطالها المتميّزين القادرين على حصد الميداليات وتحقيق المراكز المتقدمة على المستويات المحلية والعربية والقارية.
كما على هذه الاتحادات أن تُعلن عن كفاءاتها وقدراتها، أما الاتحادات الفاشلة والخائبة، فعليها أن تتحلّى بالشجاعة وتقدّم استقالتها في حال عدم تقديمها أي نتائج أو إمكانيات متميزة.
علينا أن نُساند الاتحادات النشطة، المتميزة، البارزة. وهنا أؤكد على دور وأهمية الألعاب الفردية وضرورة العمل الجاد معها، لأنها ستُساهم في تنشيط الواقع الرياضي ودفعه إلى الأمام.
ولنا عودة.
*************************************************
الصفحة العاشرة
الحاج زاير والقدرة الاستثنائية على ارتجال الشعر وتلحينه وغنائه
علوان السلمان
مظفر النواب: الحاج زاير هو معلمي الأول شعريا.
المستشرق الفرنسي جاك بيرك: الحاج زاير أعظم شعراء اللهجة الشعبية (العراقية) دون منافس.
النص الشعري العامي، بكل اجناسه ابتداء من الأبوذية والتجليبة والاهزوجة والميمر والدارمي والزهيري ومرورا بالقصيدة العمودية وانتهاء بالحداثة النوابية الطليقة من قيود القافية والتي شكلت نقطة تحول في تاريخ النص العامي بصورته المتمثلة بالريل وحمد، فعل ابداعي يستفز الذاكرة المستهلكة وينبش خزينها الفكري ليحقق رسالته التواصلية والتوصيلية مع الذات الجمعي الآخر، لكونه تشكيل جمالي أقرب إلى الذاكرة الجمعية باتخاذها اللفظة المتداولة، المحكية، لتحقيق وظيفة مجتمعية ونفسية وتاريخية تسعى الى اثبات وجود الذات المنتجة وتغيير الواقع.
والمتأمل في شعر الحاج زاير يجد فيه ما لا يجده في شعر غيره (في زمنه) من حيث الأفكار والموضوعات، والمحتوى والشكل، والألفاظ والتراكيب. المتجاوزة للزمن لأنه كتبه لكل الأزمان. كان الحاج زاير يرتجل الشعر ويلحنه ويغنيه في الحين نفسه، وهذا ما فعله النواب ايضاً. وكان الحاج زاير يتميز بقدرة فائقة على خلق النكتة والسخرية السوداء التي شغلت مساحة مهمة في شعره، فضلا عن اتصافه بصفات جاذبة انعكست في شعره، كرهافة حسِّه، وسرعة بديهته، وسعة ثقافته، حتى أن قصائده صارت تراقص كل الشفاه:
من يوم فركَاك جسمي من صدودك عود
وهيهات عكَبك يسليني نديم وعود
كلما يتوب الگلب روحي تكَلي عود
من حيث بجفاك صارت بالگلب لوله
وحياة من بالمهد جبريل اله لوله
لوما يكَولون واعرف بالحچي لوله
چنت احچي وياك لاچن بالزبيبة عود
فالنص يشتغل على بنية مؤطرة بالموحيات الحسية مع اتخاذ المكان حيزا فاعلا مؤثرا ومتأثراً، لأنه يتداخل مع البعد النفسي باعتماد تشكيلة بنائية يتنفس داخلها النص من خلال بنية اللهجة الشعرية وبنية الصورة والايقاع الشعري.
لقد وصف من درسوا ظاهرة الحاج زاير الشعرية، وعلى رأسهم الباحث عبد الإله الصائغ شعره بأنه امتداد حتمي للشعراء القدامى من مالك بن الريب إلى أبي فراس الحمداني، فها هو زاير يقول ما عدّه الصائغ تناصاً مع قصيدة شهيرة لأبي فراس قال فيها:
أيا جارتا ما أنصف الدهر بيننا تعالي أقاسمك الهموم تعالي
ويقول الحاج زاير...
نحل جسمي وتظل روحي تعالي/
هبطنه والنذل بينه تعالي/
يا جاره الدهر ما أنصف تعالي/
نخلط همومنا ونجسم سوية
فالنص يعبر عن كبرياء الكلمة وسموها، المحقق لموقف انساني بلغة متشابكة، مؤثرة، مكتظة بالحزن المعبر عن الوجع العراقي الذي رسمه الشاعر بحرفه المتوهج.
لقد كان الحاج زاير حاضراً في كل تجديد، واستند إليه كل شاعر كتب بالعامية بعده، وعلى رأسهم الشاعر الكبير مظفر النواب، الذي لم يتوقف يوماً عن ذكر الحاج زاير لا سيما تلك الصيحات الندائية التي كانت تصل من زاير مثل قوله:
يا صاح عودي ذبل وبكل دوا ما يصح/
والدمع سال وجره من ناظري ما يصح/
والنيب مثلي ابحنينه لو صحت ما يصح/
من حيث مضروب ما بين الجوانح تبن/
بمعالج الروح سري لما موتن تبن/
لا تنهضم للسبع لو صار علفه تبن/
واليوم حتى التبن علف السبع ما يصح
وله:
تمّيت أحوم أعلى شوفك بس اروحن ورد/
أبغي وصالك وروم من المراشف ورد/
يا صاح ذجرك علي أبكل فريضه ورد/
من حيث بسمك تتم أورودنــا والدعا/
رضوان حسن الحواري أبوجنتك ودّعا/
الورد قدم لوايح وأشتكا ودّعـا/
ويكَول أنت الورد جاليش تشتم ورد
اخيراً، فان للحاج زاير الدويج في المساجلات الكثير، منها مساجلته والشيخ محمد النجم، الذي سأله مرة عن صاحب ابوذية قافيتها (وزينه)، فقال الدويج نعم انا، وهو لم يكن يعرف لمن هي، لكنه أضمر في نفسه ان يرتجل للنجم على الفور، الذي طلب منه إن ينشدها له، فقال الحاج زاير على البديهة من غير تأمل وروية:
طبعنه ما وهم طبعك وزينه
ولا منك بدت طيبة وزينه
اريد الزم عرج شيبك وزينه
ابفرده امن....اوهاي هي
فأخذا يضحكان حتى مضت فترة من الوقت وانتقلا بالحديث الى شتى الحكايات، فالتفت الحاج زاير إلى صاحبه وقال :هل انك تعرف صاحب الابوذية التي قافيتها (وعدلك)، فأجاب النجم :نعم.. وهو لا يعلم بها لمن الا انه عزم في قلبه ان ينظم ارتجالا وقد اغتنمها فرصة للقصاص من الدويج، فقال له الحاج زاير لا بأس عليك لو أنشدتنا اياها.. فأنشد مرتجلا:
جثير احفظ امن عيوبك وعدلك
او بعد مالك صدك عندي وعدلك
ابعجد كصبة امن احطنك وعدلك
سنه وتطلع العوجة ذيج هيه
لقد كتب الحاج زاير للمجالس الحسينية والمسيرات عددا من النصوص منها:
جينا ننشد كربلا مضيعينها بيها زينب كالوا ميسرينها
من كل هذا نستخلص ان الحاج زاير شاعر اللحظة المستفزة لذاكرة المستهلك كي تكشف عما خلف المشاهد الصورية .
*****************************************
يا مظفر
إلى الشاعر العراقي الكبير مظفر النواب
سفاح ابو وليد
حزنك بقه بخاطري دم وشعب مذبوح
من يوم شفتك، نبي، استيقضت بالشعر،
واسرارك البگلب متعلگه بالسما نجمه وضواها ايلوح
تمثالّك اشگد صبّر ينراّد منّ ينحّت!؟
موياهو كلمّن يجي وگال أنه اكتب شعرّ،
صوتك ايعطر الحچي
وليل البنفسج بچي،
واسنينك البلدرب شوگ وملامه وعتب..،
طولك منارة ذهب، من اتقياء العصر..
لاحطها فوگ او بعّد ..حتى اليريد الحزن حقه عليك اينوح...
أنته الحچي والبچي اوكلّ الغنّه المملوح
هنيالك أنته اصبحٌت ثوره ابضمير الشعب واتغني بالمكشوف،
صرخة غضّب عالظلم !
لوهيچي يصفه الشعر لو عيب نكتب بعد ونحطّه فوگ ارفوف..
ياهو الحصٌد هاكثر من وكته كومه جروح !؟
منً تعبك اشحصلّت، ياحمد، غير النوح !
بعض الزلم موزلًم بس هوبزهّ عالبشرً ماعدها ذرةً بخّت .. ،
لاغيره لا احساس ..!
والريل مركّب حزن شايل هموم الناس
گمره أنته تمطر ضوه تملي السهر بالغنه والشمع يضوي الكاس
منتچي ابواحة غنّج ورده أعله تاج الراس
امحزّم أمن الجدم ليفوگ عطرّ الياس..!
ينرادلّك كل وكت ذكرى اوهنٌه اوقداّس
الخطوًه تمشي ابعزم ميٌعطّك وهواس.
تاريخكً ابيضّ صفه والزود من حيلكّ
حياّك يابو الشعر ... نبقى ونظل كل وكّت نصرخ ابليل الشعر
يمظفر ادخيلك
أنته ابسفر منً زمن شايل هدايا وتفض شوباش منً ريلك
نتعطّر ابحضرتّك وأنواسي كلّ ليلك..
*****************************************
من حزيران إلى تشرين
حسين جهيد الحافظ
بمناسبة الذكرى١٠٥
لثورة العشرين الخالدة
زلم عگرت رجلهه
أمعاند أويه الموت
أو كتبت الناريخ بالدم
ثورة العشرين
أو شباب أبعمر
عمر الورد
ضحت للوطن ترفه
غنت شوگهه أبتشرين
الدم هو ذاك الدم
أمس مكتوب بسم أجداد
اليوم أنكتب بسم أحفاد
أمس هوست زلم الثوره بحزيران
دمهم للمجد عنوان
أسباع الظوالم وأل حسان
كتبوا أبخط الكرامه
أعله الهوه الساري
أعله روج الماي
ذاك البالوفه ساري
((الطوب أحسن لو مگواري))
أو على أنجوم الثريه
أبهوسته شعلان
صاح أبشوگ يا بغداد
كلنه أوياچ
أشحده الأجنبي يدناچ
( من زاخو لحدود البصره
أو من نگرة سلمان ألبدره)
او على أنجوم الثريه
أبهوسنه شعلان
صاح أبشوگ يا بغداد
كلنه أوياچ
أشحده الأجنبي يدناچ
العراق أوياچ كله أوياچ
تركمان أو عرب
أكراد سنه أو شيعه
( هذا الوطم منبيعه)
لو أمر كلنه أنطيعه
( خل يامن گلبچ يرعيعه )
أمس هذا الصار
واليوم اليصير
شباب أبساحة التحرير
وأبساحة الحبوبي الأبيه
غنّوا غنوه ورديه
ما گالوا أبد شعليه
حطوا عالچفوف أگلوب
من أجل الوطن منذوره حريه
( هاي .. هاي الناصريه)
ما يهم ما دام من أجل القضيه
( نموت عشره أنموت ميّه )
بس كون الوطن راياته مزهيه
أمس خال الولد لأمه گال
( چن ما هزيتي أو لوليتي)
أبنچ راح لبلاده ضحيه
گالت أمه أبكل حنيه
( هزيت أو لوليت ألهذا )
أبصافي النيه.
هديه أرباي لبلادي هديه
وأم الشهيد اليوم چانت هيه هيه
وگفت أبكل الكرياء
التابوت الولد أدت تحيه
غطته بأحلام ورديه
سولفت ويّاه أبحنيه
او گالت هيه
نزف دم العراقي أبثورة العشرين
أصل دم الشباب أو نهضته أبتشرين
سجل للوطن تاريخ
غطه الگاع كل الگاع
وصل بالمجد للمريخ
تشرين أيهني أحزيران
صاروا للفخر عنوان
وغنّو أحله الأغنيات
أبكل فخر وابكل ثبات
شوگ و إصرار او فخر
( أذا الشعب أراد الحياة
لا بد أن يستجيب القدر )
******************************************
وصخ دنيه
خضير الزبيدي
انه الجنت اهز الناس
هزاني الزمان
وصرت مرجوحه
ما ابجي جذب
ابحجه الحزنان
دمعاتي اعلى خدي
دوم مفضوحه
ما سديت بابي
بوجه محتاج
مكسور القفل
بيباني مفتوحه
صديقي لو نخاني بضيج
اروح وياه للوحه
مو حامض عنبهم
ولاهو مريان
لچن للاسف
كصيره الايد متلوحه
**********************************************
يا هلي
كاظم العطشان
كُون الِم ذاك العطش كلّه العطَشْتَه
وبچي شطّين ابحظنكُم
كُون الِم ذاك الحنين الجازي وكته
وارتوي ابزَخَّة مِزَنكُم
كون بيّه..... ايدور دولاب السنين
وبلچي ارد خيط ابغزلكم
هچي واطّشر سوالف ....؟!
هچي وتلفني المغازل واغزل اظنوني ولمكم ..؟
ياهلي ...ابكل صوت خايف حشّمتكُم
ياهلي ...... ابكل طور نايل دورتكم
ماني احبكم
ماني مشتول ابدربكم
ماني معذور من اذِم طور المعاتب
خاف يطفح غيض البگلبي وذِمكُم
ياهلي...... ومامش بعد سَلْوَه التِسَلّي
ولابعد مثل الگبل حضن اليهَلّي
وتاه ظلي....
وشحَّت افراحي وعزِتكُم
وانه ذاك الما تبدَّل طبع طُوره
اشما يِهِب عطر الطُواري
تحير روحي... ابيا كتر يحبابي اشمكم
ياهلي...... وحنَّت علي وادم غريبه
وصاحو الميت غريب : امنين هذا؟
وشالو امن امتوني نعشي
وچانت الفشله صديج
وچانت الدمعه گرابه
وچانت السكته حبيبه
وخذني ليكم طيف راكد
يظفر ابدمّي الگصيبه
وانه طير... وحمل البجنحي ثجِيل
وغيمة المابيهه مطره...
الگاع مايعذر عطشهه والصبر بيهه ذِليل
واختلَط لون الصدگ ويّه التراب
وفترگ طبع الأثر عن الدليل
وضاع صوتي
وطفح هَمّي
وبيّه ناعي الغربه صاح
( امنين اجيب الجابته أمي )
والسوالف خضّرن بُرعم جديد
وطگ غصن حلمين بيّه... وفار دمي
الدمعه جمره... وصفنة البيّه كواغد
ياهلي ومامش بعد زاجل يوافي
حتّه اصوغ الكم رسايل
حته اطرّز جرحي بخيوط القصايد
ياهلي.. وبيّه الأمس رنّة جِناجِل
صابَحَنَّي اعيون ماوافت نذرهه
وديره متوحمه بهلاهل
چَنْ حِلمهِن حَنْ فخاتي وعشگ طير
الديرتي وضحكة ابوي
ومحبس امي وطولها وشذر الگلايد
ياهلي وفزّيت من غبشه اعله اسمكم
من قريت اخباركم دمعه ابجريده
گمت اشمكم رازقي ابحبر الجرايد
ياهلي.... وماظل طعم للدنيه يسوه
وحلفلكم .. شوگي عن العام زايد
وانه غير ارسومكم چا شنهي رايد
وانه غير اعلومكم چا شنهي عايز
وانه ذاك ... الصادگت كل الأطوار
المارضت بالعيد اغني
اشعندي اغني ....؟!!
وانه من جيل النعاوي العاشر ادروب الجنايز
ياهلي...
وصحره البروحي اتريد ماي
اتريد موال وتتن وغروب ناي
اتريد چادر يشرب ادموع الونين
ويكشخ ابلطم العجايز
ماني مشروع الحنين الخاوه
چويات الخساره
وچنت اظن ابكل خساره الصبر فايز
بويه غير ارسومكم چا شنهي عايز
******************************************
شلون أرتاح
محمد جواد الكعبي
يمته أرتاح ؟
من غبشة فجرنه
أنصيح
يافتاح ..
يضل مقفول رزقي
وضايع المفتاح ..
شلون أرتاح !!
وين ألگه بلد ؟
مابيه أثر لسلاح ..
ولانشتم بالمگابر
ريحة الكافور
عصاري أنريد نشتم
ريحة القداح ..
وين أرتاح ..
شلون أزرع
وباري بگاع
صبخة وبور
ولابيدر حصاد
وأسمي بس فلاح ..
عيب أرتاح ..
صرت مگدر أطرن
هور
لو بالگيش
وآنه بنص بحرهه
الكوسج السباح ..
يمته أرتاح ..
أحتاج آنه ضميري
يموت
وطبعي من الوفي
يصبح طبع بذات
وعيوني من الخجل
أيصرن عيون أوكاح ..
حتى أرتاح ..
عد بعض البشر
للضحكة والدمعة فنون
أذا يضحك بوجهك
كشرة الذيب
وأذا يبچي بدمع
من دمعة التمساح ..
شلون أرتاح
**********************************************
الصفحة الحادية عشر
رولان بارت: الأدب والحق في الموت
"رولان بارت: الادب والحق في الموت" كتاب من تأليف أريك مارتي، ترجمة نسرين شكري. اصدار: المجلس الأعلى للترجمة- القاهرة.
المؤلف يسلط الضوء على تأثير وفاة والدة رولان بارت في حياته وكتاباته، حيث كتب "يوميات الحداد" وفيه تتلاشى الحدود بين الحياة والموت، بين البوح والكتابة، ويرى أريك مارتي، ان نص بارت: "لا يمكن ان يوجد الا بعد موت الكاتب، لأنه نبع من مكان لا صوت فيه للكاتب، بل للموت نفسه" مضيفاً: نص بارت ليس مجرد حزن او نثر تأملي، بل تجربة وجودية تكشف عن علاقة الانسان بالرحيل".
وكما يقول بلانشو: " الادب هو حق الانسان ان يستولي على منطق الموت ويسبح داخله وهو فعل (مقاومة انطولوجية).
****************************************************
ذاكرة الصحافة الشيوعية.. ليس لدينا فرعٌ آخر
رياض الغريب
نحن الوحيدون في البلادِ،
نختصُّ بالوجَعِ،
واختصارِ الوقتِ في جَنْيِ الثمارِ،
ثمارِ الفرحِ الخفيِّ
في قلوبِنا.
نحن شعبٌ من الكفاحِ،
نتناسَلُ في المرايا،
منذُ أوَّلِ كفاحِ الشعبِ،
جريدةٌ تُوزَّعُ مجّانًا
على الآباءِ.
“إنهم يطبعون
جرائدَهم
على نفقتِهم الخاصّة
قال أبي.
هكذا
وجدْنا أنفسَنا
نحترقُ قليلًا قليلًا
بعدَ
أن تركَنا
الآباءُ
شمعةً لفرحٍ مفترضٍ.
هل أنت مبتهج؟
نعم،
ها هم يمرّون
أمامي:
أبي،
وكفاحُ الشعبِ،
القاعدة،
الشرارة،
اتحادُ الشعبِ،
وطريقٌ
يؤدّي للفرح،
وبهجةُ عاملٍ في
آخرِ الليلِ.
اختارَني أنا،
مِن بعدِه أتكاثرُ،
لأجيبَ عن السؤال:
“بابا، شنو؟
مكبَّعه ورحت أمشي يمَّه”.
مرّةً قرأتُ طريقَ الشعبِ،
وحين ماتَ أبي
همستُ له:
“لا تحزن،
ما زالتْ في القلب
***********************************************
التجنيس الأدبي من وجهة غير غربية
د. نادية هناوي
كثيرة هي الدلائل على تبعية النقد الأدبي العربي، فهو لا يعتد إلا بما أتى به النقد الغربي، ولا تعجبه سوى طروحات منظري الغرب، ولا يطمح أن يناقشهم، بله أن ينافسهم في ما توصلوا إليه من نتائج أو اتخذوه من تصورات وتقسيمات أو ما اعتمدوه من مفاهيم ومصطلحات. ولقد تربى الناقد العربي على التبعية، سيان في ذلك الذي نشأ في أحضان الاكاديمية والذي نما ونضج خارجها، باستثناء نفر من النقاد الأصلاء الذين ما احتكوا بالمنظومة النقدية الغربية إلا لأجل التطوير الذاتي والنماء المعرفي والاهتداء إلى صيغ كفيلة بتعزيز أساليب البحث النقدي، بغية تحليل النصوص الأدبية واستقراء أبعادها الفنية والموضوعية.
وبالطبع لا ترجح كفة الأصلاء نظرا لثقل كفة الاتباعيين من الذين يتعاملون مع النقد الغربي بشكل مقدس، بمعنى أن الصواب لا يكون إلا بالمسايرة العمياء. وعلى هذا الأساس يغدو التجديد محصورا في إطار ما أتى به النقد الغربي من نظريات وما حدده من منهجيات. ولأن هذا الأخير سابق ومتقدم يصبح أمر اللحاق به شبه مستحيل؛ ثم كيف يتاح للنقد العربي أن يسبق، وهو يضع نفسه في موضع التابع، ويقبل بهذا الوضع صاغرا عن جدٍّ وبلا اجتهاد.
إن استجلاء أسس هذه الصورة السلبية لحال النقد العربي متحقق بوضوح في تناول أية قضية من قضايا الأدب والنقد، ومنها قضية التجنيس لاسيما التجنيس الروائي: من أين أتى؟ وكيف حصل ؟ ومن سبق ؟ وما الذي كان قبله وما الذي جاء بعده ؟ وأسئلة أخرى لا إجابات محددة عنها سوى ما أتى به النقد الغربي من كشوفات، وما أقر به من إشكاليات في مناح معينة لم يحسم القول فيها حتى الآن.
وإزاء هذا الحال الاتباعي للناقد العربي في تناول التجنيس الروائي، تغيب حقيقة ما في السرد العربي القديم من أصول ومصادر، كانت محصلتها تقاليد أدبية، ترسخت بمرور الزمان وانتقلت خلال العصور الوسطى وتحديدا أواخرها إلى الأدب الأوروبي. وعليها أقام هذا الادب قواعد نهضته. وكان الادب الايطالي السباق في استلهام تقاليد السرد العربي. فهل يعترف النقد الغربي بهذه الحقيقة التاريخية؟ الجواب كلا، بل هو يفسر ظهور حكايات كانتربري لتشوسر بأنها "نوفيلا " مبنية على قصة إطارية، وداخلها قصة ضمنية وبموضوعات تدور حول الفروسية. وبهذا تغيب حقيقة التقاليد التي كان قصاصو القرن الرابع الهجري قد ساهموا في ترسيخها وانتقلت الى الأدب الايطالي واتبعها تشوسر في بناء حكاياته، مستعملا موضوع الفروسية الذي عرفه الادب العربي منذ عصر ما قبل الإسلام.
ولعل أكثر ما شاع في النقد الأدبي الأوروبي وتابعه عليه النقد العربي هو أن الآداب الأوربية في أواخر العصور الوسطى نشأت تستلهم الأدب الإغريقي والروماني. وهذا خلاف ما كان من حركة ثقافية وفكرية إشاعتها الحضارة العربية الإسلامية في أوروبا أبان العصور الوسطى وكانت كبيرة في قوة تأثيرها. وليس شعراء التروبادور وحدهم الذين ساروا على تقاليد شعر الموشحات والأزجال الأندلسية، بل معهم الأدباء الذين اتبعوا تقاليد السرد العربي. ومن المفارقة حقا أن يعتبر النقد الغربي تجنيس الرواية سابقا تجنيس القصة القصيرة بأكثر من قرنين في حين أن القصة العربية كانت قد أكدت أجناسية قالبها منذ زمن بعيد يعود الى العصور الوسطى، وفيه ابتكر الادباء العرب مواضعات كتابتها وبأساليب سردية ومرجعيات مختلفة. وهو ما تشهد عليه مخطوطات المرويات التراثية التي استقرت في مكتبات الأندلس لاسيما في آخر قرن من قرون ازدهارها.
وليس أمر تناسي تقاليد السردية العربية بمقتصر على منظري السرد ونقاده الغربيين من الكلاسيكيين وما بعد الكلاسيكيين، بل هو يشمل أيضا النقاد العرب الذين نسوا بدورهم حقيقة هذا التأسيس وراحوا يتبعون نقاد الغرب في تفسير أساليب كتابة الرواية الجديدة والرواية ما بعد الحداثية.
ولا مراء في أن ذلك التناسي يتأتى من الانبهار بالنتائج المتحصلة من النقد الغربي، ولكن هل نعد كل تلك المتحصلات صائبة وحقيقية ؟ إن هذا السؤال هو الذي يقتضي منا وقفات نقدية جادة بها ننفض عن كاهلنا الروح الاتباعية. والاسباب الموجبة للنفض كثيرة؛ منها اولا أن الإرث السردي هو أرث عربي وثانيا أنه قد أسس ولا يزال يساهم في التجديد الروائي والقصصي الغربي. وثالثا أن في الوقوف على تقاليد سردنا والعمل على كشف المزيد منها، تذكيرا وتنبيها بما في هذه التقاليد من أهمية كانت سببا في أن يقع ثرفانتس على عمل، عده منظرو الغرب جنسا جديدا اطلقوا عليه اسم "رواية" في حين أن صاحبه اتبع تقاليد السرد العربي وسماه كتابا. هذا إن لم يكن قد وجده مخطوطا أصلا. وكذلك الحال مع من يعد ( روبنسون كروزو) أول عمل روائي فهو الاخر اتبع فيه صاحبه "ديفو" تقاليد السرد العربي، محاكيا قصة( حي بني يقظان) لابن طفيل.
لا يبحث الناقد العربي اليوم عن هذا وذاك، لان اتباعيته تقيده، وتجعله لا يقر إلا بتوصلات النقدية الغربية التي تذهب بشكل قاطع إلى أن للحكاية وللقصة وللنوفيلا في الأدب الأوروبي( تاريخا !!) وأن الاخيرة كانت حكايات قصيرة !! سميت بهذا الاسم في القرن الرابع عشر ثم تحولت – بقدرة قادر - إلى نوع سردي متطور في القرنين التاسع عشر والعشرين. أما كيف ولدت هذه الحكايات ؟ فلا أهمية له، لأن الامر -من وجهة نظر النقد الغربي - تشكل من سديم فلا مقدمات واجبة ولا أصول سابقة ولا تقاليد كانت موجودة وتم السير عليها وتطويرها. ليس هذا حسب، بل إن النقد الغربي ينحاز بشكل مقيت إلى (السرد في كتابات الرجال البيض )
ولا تغرنّك محاولات هذا النقد في إعادة قراءة الأدب الغربي والتطرق الى مساهمات النساء والرجال الملونين. فهذه تبقى محض محاولات، لن تتحول الى واقع عملي. ومن ثم هي لا تقدم ولا تؤخر من حقيقة عنصرية النقد الغربي، خذ آخر منشوراته، وسترى ذلك واضحا. وانطلاقا من الفكرة المموهة التي تقول إن للأدب الاوروبي تاريخا، صارت مسميات العصور الوسطى وعصر النهضة موضع اهتمام النقد الكلاسيكي من ناحية اطلاق تلك المسميات على حركات أو اساليب أو اشتغالات الادب في القرنين التاسع عشر والعشرين، فمثلا الرومانسية التي كانت تعني في العصور الوسطى قصصا خيالية اتبعت تقاليد السرد العربي، اطلقها نفر من شعراء ونقاد عصر التنوير على ما عدوه مذهبا ادبيا هو في الحقيقة استقى كثيرا من مبادئه من تقاليد الشعر الشرقي والعربي. أما النوفيلا فتسمية أطلقت في العصور الوسطى لتوصيف القصة الايطالية التي اتبعت تقاليد السرد العربي، فقام نقاد أواخر القرن التاسع عشر بإطلاق هذه التسمية على نوع سردي هو أقصر حجما من الرواية. وترسخ اسم النوفيلا بفضل نقاد القرن العشرين الذين وضعوا اكثر من نظرية في الرواية، وعدوها وريثة للملحمة الإغريقية وليست البابلية بالطبع. ومن جراء هذه الأفكار المموهة، بدت الرواية كأنها سبقت القصة القصيرة. وبدت القصة القصيرة كأنها جاءت بعد النوفيلا وهكذا دواليك !!.
ولقد شكك كولن ولسن - وهو الأكثر تخلصا من التعنصر بما عرف عنه من اللاانتمائية للمركزية الغربية - في ما ذهب إليه غيره من أبناء جلدته من تفسيرات حول نشأة الرواية الأوروبية ، قائلا:( إن أكبر المفاهيم الخاطئة على الإطلاق أن الرواية لم يبلغ عمرها بعد سوى قرنين ونصف القرن ولكنها في ذلك الوقت غيرت من ضمير العالم المتمدن أننا نقول إن دارون وماركس وفرويد غيروا وجه الثقافة الغربية ولكن تأثير الرواية كان أعظم من تأثير الثلاثة مجتمعين) وهنا نتساءل: من الذي جعل للرواية هذا التأثير الذي به غيرت وجه أوربا أولا والغرب آخرا ؟
هذا ما لا يجيب عنه ولسن، ولكنه يقول:( إن البقاء للأصلح وأن الكتابة الإبداعية عملية شاقة كالصعود إلى أعلى التل حيث يتساقط الضعفاء بينما يواصل الأقوياء بتؤدة الصعود ) ولا خلاف في أن للتفوق الكولونيالي وسياسة العصا الغليظة فاعليتهما في أن يتجاهل نقاد الغرب دور العرب الحضاري والأثر الذي تركوه في الفكر والأدب الغربيين.
إن مثل هذا التغاضي والعزوف والاستكثار والاستنكاف والحرج هي مظاهر باتت معروفة وملموسة في النقد الغربي. وإذ يصبح من الضروري نبذ التبعية، فان ذلك لا يكون إلا بأن نضع نظرية عربية سردية تعيد أقلمة ما للمرويات التراثية العربية من تقاليد راسخة، انتقلت وأثرت في آداب الأمم المجاورة. وبذلك فقط نعيد الاعتبار لذواتنا ولمنجز أسلافنا.
وأول حجر سيحرك الطمر وينبش المغيب هو تأكيد أن الرواية الأوروبية ما صارت جنسا أدبيا الا بناء على ما تأسس من مواضعات وتقانات في السرد العربي القديم، وما ترسخت فيه من تقاليد قامت عليها أنواع سردية مختلفة كالمقامة والمنامة والقصة والحكاية والرحلة. وتعد رواية (دون كيخوته) مثالا ناصعا على ذلك، ففيها أودعت مختلف التقاليد التي ترسخت من تراكم المرويات التراثية العربية سواء في مرحلتها الشفاهية أو الكتابية.
وما اقبال الادباء العرب المحدثين في منتصف القرن التاسع عشر نحو استعادة تقاليد السرد القديم عبر كتابة المقامات ونشرها بوسائل النشر المتوفرة آنذاك سوى دليل على الرغبة في استثمار هذا الضرب من الكتابة وتطويره تطويرا تزامن مع ما كان السارد الأوروبي يجرّبه ايضا في ذاك القرن من كتابة قصص طويلة، سميت رواية ثم تقلص الطول فسميت نوفيلا ثم تقلص اكثر فسميت قصة قصيرة. وحصول هذا التزامن بين السارد العربي والغربي، يؤكد أن تقاليد السرد واحدة. فالسارد العربي لم يكن خالي الوفاض كي يقلِّد الكاتب الأوروبي ويتبعه إتباعا تاما وانما هي بضاعته الاصلية التي تم تصديرها الى نظيره الاوروبي ثم ردت إلى العربي تحت مسميات مستحدثة. ومهما تصورنا تأثير الرواية المترجمة في قصص عصر النهضة الادبية، فإنه يظل تأثيرا محدودا من ناحية ندرة هذه الرواية نظرا لقلة الترجمة لها أولا، ومدى إتقان السارد العربي اللغات الأجنبية ثانيا.
*****************************************
عن أمين معلوف وموديانو تشكيل الهوية في العمل الأدبي
إبراهيم أبو عواد*
تتشكل الهُوِيَّةَ في العملِ الأدبيِّ مِنَ الأحلامِ الفَردية، والطُّمُوحاتِ الجَماعية، والتَّجَارِبِ الشَّخصية، والإفرازاتِ الثقافيةِ، والعواملِ النَّفْسِيَّة، مِمَّا يُؤَدِّي إلى وَضْعِ العَملِ الأدبيِّ في أقْصَى مَدَاه، وإعادةِ إنتاجِ السُّلطة المَعرفية مِنْ مَنظورٍ اجتماعيٍّ قادر على اكتشافِ دَوافع الشَّخصيات، ودَلالةِ الألفاظ، والأُطُرِ المَرجعية للمَعَاني والصُّوَرِ الفَنِّية.
والهُوِيَّةُ لَيْسَتْ بُنْيَةً ثابتةً، أوْ نَسِيجًا خَطِّيًّا، وإنَّما هِيَ شَبَكَة مُعَقَّدَة مِنَ السُّلوكياتِ والمَشاعرِ وأنماطِ التَّفكير، وأساليبِ التَّعبيرِ. وهَذا يَنعكس بشكلٍ واضح على اللغةِ، بوصفها الحاضنة الاجتماعية للأفكارِ، والرَّافعة الثقافية للشَّخصيات.
والعَمَلُ الأدبيُّ هُوَ أفضلُ تَعبيرٍ عَن الهُوِيَّة بِكُلِّ تَفَاصِيلِهَا الحَيَوِيَّة، وَتَعْقِيدَاتِهَا الاجتماعيَّة، وتَجَلِّيَاتِهَا المَعنويَّة، وتَفْسِيرَاتِهَا المَادِيَّة. وفي وَاقِعِ الأمْرِ، إنَّ الهُوِيَّةَ هُوِيَّاتٌ كثيرة ومُتَعَدِّدَة، تَرْتَدِي أقنعةً كَثيرةً وَفْقَ طَبيعةِ الذِّكْرَيَاتِ، ومَاهِيَّةِ الرَّغَبَاتِ، وحَقيقةِ الأفكارِ.
وَمِنَ الكُتَّابِ الذينَ اهْتَمُّوا بِمَسألةِ الهُوِيَّة، الرِّوائيُّ اللبناني الفرنسي أمين معلوف (وُلِدَ في بيروت 1949، وانتقلَ نهاية السَّبْعينيات إلى فرنسا). في كِتابه (الهُوِيَّات القاتلة / 1998)، وهو مَجموعة مَقالات صَحَفِيَّة، تَحليلٌ اجتماعيٌّ وتاريخيٌّ لِمَفهومِ الهُوِيَّة الفَرْدِيَّة والجَمَاعِيَّة، والأهواءِ التي تُثيرها، وانحرافاتِها القاتلة، وكَيفيةِ تَحَوُّلِ بَعْضِ الجَمَاعَاتِ المُتعايشة مَعًا إلى مُتعادية تَعتمد على العُنْفِ والإقصاءِ. والكِتَابُ يَطْرَحُ أسئلةً عديدة: لماذا لا يَستطيع هؤلاء الناسُ تَقَبُّلَ انتماءاتهم المُتعددة، لماذا يُجْبَرُونَ باستمرار على اختيار أحَدِهَا؟ يُحَاوِلُ مَعلوف الإجابةَ عَنْ هَذا السُّؤالِ: " بسبب عادات التفكير والتعبير المُتجذرة فِينا جميعًا، وبسبب المفهوم الضَّيِّق، والإقصائيِّ، والمُتَعَصِّب، والتَّبسيطي، الذي يَختزِل كُلَّ هُوِيَّةٍ إلى انتماء واحد ".
ويعد مَعلوف العَوْلَمَة إذا كانتْ تَهْدِف إلى دَعْم حضارة مُهَيْمِنَة (غَرْبية)، فإنَّها سَتَقُود البشريةَ إلى مَصيرِها المَحتوم، لذلك يَجِبُ ضَمَانُ ألا يَشْعُر أحَدٌ بالإقصاءِ مِنَ الحَضارةِ الإنسانية المُشتركة، وأن يَتَمَكَّنَ كُلُّ فَرْدٍ مِنْ إيجادِ لُغَةِ هُوِيته الشَّخصية، وَرُمُوز ثَقَافَتِه الخَاصَّة، وأنْ يَتَمَاهَى _ وَلَوْ قَلِيلًا_ مَعَ مَا يَرَاه ناشئًا في العَالَمِ مِنْ حَوْلِه، بَدَلًا مِنَ البَحْثِ عَنْ شرعية الحاضر المُؤلِم في الماضي المِثَالي. في الوَقْتِ نَفْسِه، يَنْبغي أن يَقُوم الفَرْدُ بِتَضمين مَا يحسبه هُوِيَّتَه عُنْصَرًا جَدِيدًا، وهَذا العُنْصُرُ سَيَزْداد أهميةً في القَرْنِ الحادي والعِشرين، وَهُوَ: الشُّعُور بالانتماء إلى المُغامرة الإنسانية بِمَفهومها الكُلِّي الشامل.
وبِمَا أنَّ الهُوِيَّة مُتَعَدِّدَة ومُتَشَظِّيَة، فلا بُدَّ أن يَشْعُرَ البَعْضُ بِالضَّيَاعِ، وأنَّهُ في مَتاهةٍ اجتماعية، وهَذا مَا تُمثِّله أعمالُ الرِّوائي الفرنسي باتريك موديانو، وُلِدَ عام 1945، مِنْ أبٍ يهوديٍّ إيطاليٍّ وأُمٍّ بلجيكية. وَقَدْ نشأ موديانو بَيْنَ غِياب أبيه عنه وبين أسفار أُمِّه المُتعددة، ولَمْ يَتمكن من إتمام دراسته الثانوية إلا بِعَوْنٍ مِنَ الحكومة.
تَتَمَحْوَرُ كُتُبُه حَوْلَ البحث عن الأشخاص المفقودين والهاربين، وأُولئك الذين يَخْتَفُون، والمَحرومين من أوراق ثُبوتية، وأصحاب الهُوِيَّات المَسروقة. وَجَمَعَ في أعمالِه الرِّوائية بَيْنَ مَسْألَتَيْن بارزتَيْن: البَحْث عَن الهُوِيَّة، والبَحْث عَن الذات مقرونة بقضية عَصْرية، وهي الشُّعُورُ الإنسانيُّ الفَرْدِيُّ بِضَعْفِ الإنسان.
حَصَلَ موديانو على جائزة نوبل للآداب عام 2014، حيث أعلنت الأكاديمية السويدية في بيان لها أن موديانو كُرِّمَ " بفضل فَنِّ الذاكرة الذي عَالَجَ مِنْ خِلالِه المَصائرَ الإنسانية الأكثر عِصْيَانًا على الفهم، وكَشَفَ عَالَمَ الاحتلالِ ".
تَخُوضُ رِواياتُ موديانو في لُغْزِ الهُوِيَّة، ومُحاولة تَتَبُّع الأدلة على وجودها من خلال آثار الماضي، كما أنَّه هَاجَمَ فَترةَ الاضطرابِ وَالفَوْضَى أثناء الاحتلال النازيِّ لفرنسا، وَهُوَ يَسْعَى جاهدًا إلى بِنَاءِ عَمَلٍ سَرْدِيٍّ مُتجانِس، والاعتناءِ بالتفاصيلِ الدَّقيقةِ والأشياءِ الصَّغيرة، التي هِيَ في النِّهَاية جُزْء مِنْ ذات الكاتب، كما أنَّه يكتب باستمرار عن مدينة باريس، واصفًا تَطَوُّر شوارعها وعاداتها وشعبها.
إنَّ موديانو يُمثِّل دِقَّةَ الذاكرةِ، ومَفهومَ الهُوِيَّةِ المُعَقَّد، حَيْثُ يَتَّضِح الشَّغَفُ بالماضي، والبَحْثُ عَن الذكريات، وتفاصيل الحياة القاسية في المُدن الخالية من المشاعر والأحاسيس. وَرَغْمَ كُلِّ هَذه المَعَاني ذات الزَّخْمِ الفِكري، تَمتاز روايات موديانو بالهُدوءِ والتَّقَلُّبِ والرَّحْمَة.
وتَتَرَكَّز رِواياتُهُ مُنْذُ بَدْءِ مَشروعه الكِتابيِّ في نهاية السِّتينيات عَلى طُفولته الصَّعبة، التي نَتَجَتْ عَنْ تَرْبيته في كَنَفِ وَالِدَيْنِ لَمْ يَعْتَنِيَا بِه، ونَشْأته في ظِلِّ تداعيات الحرب العالميَّة الثانية، مِمَّا جَعَلَ النُّقَّادَ يُجْمِعُونَ عَلى أنَّه أفضلُ مَنْ كَتَبَ عَن هذه الفَترةِ الحالكةِ في تاريخ فرنسا، وعَن الأُبُوَّةِ المَفقودةِ، والهُوِيَّةِ الضائعة، والذاكرةِ المُتَشَظِّيَة، وانكسارِ المَعْنَى في الفِعْلِ الاجتماعيِّ.
وكِتَابَاتُهُ انعكاسٌ للمَشَاعرِ المَحفورةِ في أعماقِ نَفْسِه، حَيْثُ الشُّعُور بالضَّيَاعِ، والافتتان بِالتَّجْرِبَةِ الإنسانيَّةِ للحَرْبِ العالميَّةِ الثانية، والهَوَس بالمَاضِي هُوِيَّةً وذاكرةً وسُلْطَةً، والبَحْث عَن الأملِ في ظِلِّ تداعيات الأحداث المأساوية على مَصائر الأشخاص العاديين.
ــــــــــــــــــــــــــ
*كاتب من الأردن
***********************************************
الصفحة الثانية عشر
رائد فهمي في البصرة وحديث عن الانتخابات وأوضاع المنطقة
البصرة – طريق الشعب
قال سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي الرفيق رائد فهمي، أن تحقيق نتائج إيجابية في المنافسة الانتخابية المقبلة، منوط بأداء الشيوعيين وحلفائهم، وبالإصغاء لهموم الناس وتطلعاتهم.
جاء ذلك في جلسة حوارية عقدتها اللجنة المحلية للحزب في البصرة، مساء الجمعة الماضية على "قاعة الشهيد هندال" في مقرها، بمشاركة شخصيات ديمقراطية ومثقفين وأكاديميين وممثلي منظمات مدنية.
وتحدث الرفيق فهمي عن الانتخابات التشريعية المقرر إجراؤها في تشرين الثاني المقبل، ملقيا الضوء على ما بذله الحزب من جهود لإقامة تحالف انتخابي واسع (تحالف البديل)، يقف بالضد من نهج المحاصصة والفساد، ويؤسس لمشروع وطني ديمقراطي يتخطى الانتماءات الفرعية ويضع مصالح الوطن والشعب في مقامها الصحيح.
وأوضح أن هناك تفاهما بين مكونات التحالف الجديد، على حل المشكلات والملفات التي تواجهه، مؤكدا أن المشروع الوطني الديمقراطي الذي يتبناه التحالف لا يزال بحاجة إلى إبراز وتجميع القوى والإمكانات لدفعه قدما إلى الأمام، وفرض إرادة الشعب وكسر احتكار السلطة وإحداث التغيير الشامل المنشود و"أن أحد روافع ذلك هو المشاركة الواسعة، والفاعلة في الانتخابات البرلمانية القادمة".
من جانب آخر، تحدث الرفيق فهمي عن المتغيرات على الصعيدين الدولي والإقليمي. وبين أن السياسات المتبعة من قبل الإدارة الأمريكية - لاسيما بعد تسنم ترامب رئاستها - وعدد من حلفائها الأوربيين كذلك الكيان الصهيوني، قادت إلى توتر الأجواء، وخرق المواثيق الدولية، وإضعاف دور الأمم المتحدة، فيما الأمن والسلم الإقليميان والعالميان يتعرضان إلى مخاطر جدية، وأخذ الأمر بعدا خطرا مع عدوان الكيان الصهيوني على إيران وشعبها بدعم ومشاركة أمريكية، ومع تواصل حرب الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني، لاسيما في قطاع غزة، واستمرار الحرب الروسية – الأوكرانية.
وتطرق إلى الأوضاع السياسية الراهنة في الشرق الأوسط، وإلى تطور الصراع بين إيران من جهة وإسرائيل وحليفتها الولايات المتحدة الأمريكية من جهة أخرى، ملقيا الضوء على العدوان الصهيوني - الأمريكي على المنشآت النووية والبنى التحتية في إيران، والرد الإيراني بالصواريخ الباليستية.
فيما توقف مطولا عند الأوضاع في العراق وحالة الحذر والقلق خلال الأيام الماضية، والمخاطر الجدية التي كانت قائمة والخشية من أن تتحول البلاد إلى ساحة للمواجهة بين الأطراف المتصارعة، منوّها إلى أن التطورات الأخيرة أظهرت الضعف البيّن في إمكانية توفير حماية فاعلة لأجواء العراق التي انتهكت كثيرا، وسلامة مواطنيه وأراضيه.
وأوضح أن الولايات المتحدة غير معنية بتوفير شروط الاستقرار والتنمية في المنطقة. وذكر أن الشعب الفلسطيني لا يزال منذ أكثر من عام يواجه معاملة وحشية وممارسات عدوانية من قبل الصهاينة، في وقت يتواصل فيه تجاهل حقوق الفلسطينيين المشروعة.
ولفت الرفيق فهمي إلى أنه في حالة عدم الاستقرار الراهنة واللايقين على صعيد العالم، يزداد سباق التسلح وترتفع التخصيصات الدفاعية، لاسيما في أوربا، وكل ذلك يأتي على حساب إضعاف دعم وإسناد الفئات والقطاعات الهشة في المجتمعات، وعلى حساب الإنفاق الاجتماعي.
وأضاء الرفيق الصعوبات والمشكلات الجدية التي تعانيها اقتصاديات الدول الرأسمالية، وما فيها من إشكاليات. حيث يتباطأ النمو وترتفع مستويات التضخم، ويتراكم الدين الخارجي والداخلي مع تهميش قطاعات واسعة، مشيرا إلى أنه في الوقت الذي تسعى فيه دول عدة، ومنها الصين وروسيا الاتحادية والبرازيل والهند، إلى الدفع باتجاه عالم متعدد الأقطاب وتشجيع التجارة العالمية، تسعى أمريكا وحلفاؤها إلى استمرار الأحادية وسياسة الهيمنة والتوسع، وفرض منهج ترامب عبر الاملاءات والتهديد والعقوبات الاقتصادية و"سلام القوة".
وشهدت الجلسة مداخلات وأسئلة طرحها عديد من الحاضرين، وأجاب عنها الرفيق فهمي بإسهاب.
*****************************************
بحضور جمع من الأدباء والمثقفين احتفاء بالشاعر طالب عبد العزيز
البصرة - فالح ياسين عبود
احتضنت باحة اتحاد الأدباء والكتاب في البصرة الأسبوع الماضي، جلسة احتفاء بالشاعر والإعلامي طالب عبد العزيز، نظمتها "مؤسسة النهضة" الثقافية في مناسبة صدور كتابه الجديد "قناطر مدونة بصرية".
حضر الجلسة جمع من الأدباء والمثقفين، فيما أدارها رئيس المؤسسة الأديب كاظم صابر، الذي قدم نبذة عن سيرة المحتفى به، مبينا أنه ولد عام 1953 في قضاء أبي الخصيب، وانه يعد من أهم شعراء جيل الثمانينيات، وبرز في كتابة قصيدة النثر.
بعدها عُرض فيلم توثيقي عن البصرة، يتضمن تعليقا بصوت الشاعر عبد العزيز. إذ يتحدث عن حياته والكتب التي ألفها، منها "تاريخ الأسى" 1994، "ما لا يفضحه السراج" 1999، "الخصيبي" و"خراب البصرة".
وفي سياق الجلسة، قرأ الشاعر علي الإمارة ورقة أضاء فيها السيرة الأدبية للمحتفى به. ليعتلي الأخير المنصة بعدها، ويقرأ مجموعة من نصوصه.
وفي الختام، قُدمت لعبد العزيز هدايا تذكارية من "دار الأدب البصري" و"مؤسسة النهضة". بينما وقّع هو بدوره نسخا من كتابه الجديد ووزعها على الحاضرين.
******************************************
ليس مجرّد كلام.. وتستمرّ المعاناة!
عبد السادة البصري
أهل البصرة ومنذ أكثر من ربع قرن يعانون من ارتفاع نسبة الملوحة في شط العرب نتيجة تمدد اللسان الملحي القادم من الخليج بسبب قلة اطلاقات مياه دجلة والفرات التي تصل البصرة وما يعانيه الشط من تراكم الاوساخ وكمية المياه الثقيلة (الآسنة) التي تصبّها قنوات المجاري المفتوحة عليه.
منذ سنوات والأزمة في تفاقم مستمر، ما زاد الطين بلةً في انتشار الاوبئة والامراض الجلدية والتهاب العيون وغيرها!!
منذ سنوات والفلّاحون في البصرة يستغيثون من ملوحة الماء وانعدام الزراعة حيث مات الزرع والنخل واصيبت الحيوانات بأمراض كثيرة ادّت إلى نفوق أغلبها ولا من مغيث يغيثهم أبدا!!
ولم يكف المسؤولون منذ سنوات في اطلاق تصريحاتهم النارية بالوعود والعهود ويحلفون بأغلظ الإيمان أنهم سينهون هذه المعاناة وسيفتحون أبواب الجنة والسعادة لكنّ وعودهم العرقوبية تتبخّر وتتلاشى حال أن يديروا وجوههم نازلين من منصّة الخطابة، أو تنتهي فترة الدعاية الانتخابية ويتربّعوا على الكراسي!!
كم سمعنا من حلٍّ لهذه الأزمة؟! وكم سمعنا انه تم توقيع عقد مع هذه الشركة أو تلك لبناء محطّات تحلية هنا وهناك؟! وكم سمعنا قد جاءت شركة ما لتضع الحجر الأساس لهذه المحطّة وتلك وستنتهي معاناة البصريين؟! لكن لم نرَ فعلاً على أرض الواقع!!
كم كتبنا وتظلّمنا وشكونا وتظاهرنا وراحت أصواتنا وكلماتنا أدراج الرياح، إذ لم يسمعنا أحد من المسؤولين أو يلتفت الينا أحد، أو بالأحرى لا يريدون أن يسمعوا «أبداً وكأن في آذانهم وقراً»!!
يسدّون آذانهم حينما تتحدّث، ولن يقرأوا أي كلمة تكتبها في أي مكان (صحيفة، أو في مواقع التواصل الاجتماعي) لأنهم لا يريدون حلّاً لذلك أبدا!!
وحينما تقترب الانتخابات تجدهم في شغل شاغل هنا وهناك، يمنحون الناس صكوك غفران بالعطايا والهبات وانهم سيجعلون البلاد جنّة زاهية بكل شيء، وسننسى كلمة معاناة ولن نتطرّق لها أبداً، لأننا لم نعد نشعر بأي ضيق ماديّ أو سوء في الخدمات وما إلى ذلك من أمور نسمعها وعوداً منهم، اضافة إلى انشغالاتهم بتسقيط بعضهم البعض إذا اختلفت مصالحهم وتباينت النوايا!!
*************************************************
قف.. بلاد المشاجرات
عبد المنعم الأعسم
لم يصادف ان اجتمع عشرة عراقيين، من النُخب التي كانت تتابع اخبار الحرب بين اسرائيل وايران، ان يتفقوا على رأي أو موقف، حيال ما طرحته، وما ستنتهي اليه، والاهم، ما كان يلزم العراقي من واجب، واولوياته، بين فروض الجيرة، وفرض المصالح الوطنية، وافتراض المسؤول عن اضرام هذه الحرب، عدا عن موصوف الحرب كعدوان اسرائيلي سافر، حدث ضمن سلسلة من الافعال وردود الفعل، الشرعية. العبثية. المخطط لإشعالها. الضحية لها. المستثمر فيها. الخادع بتوليف دواعيها. الوديع في التقاط طعم الخديعة. ولها صفات اخرى تزيد عما يخترعه خيال الكسالى.
واللافت، انك لم تعثر على حد أدنى من اتفاق الرأي بين تلك العشرة المتناقشين في شأن الحرب والمعلومات المتداولة عن مجرياتها، وحتى بين اثنين منهم، تأخذهم الحمية الى التخندق في وجهة نظر لا ينزل لها احدٌ غيرهما، فيما تتطور المشاجرة الى اتهامات، والاتهامات الى تخوين، والتخوين الى نظريات، ونظريات مضادة، ومعلومات واخرى تفندها، وفي غضون ذلك تتقافز من التقويم اسماء غيبتها اعمدة الدخان، بينها اسماء مدن طمرتها الحروب تحت الارض، وامبراطوريات اختفت عن الخارطة، وعلى الشاشات الملونة قدم صاحب البرنامج الحواري جوقة باربعة اصوات عراقية، اتفقوا مع الشيطان ولم يتفق اي واحد منهم مع الآخر..ثم.. فاصل ونعود.
*قالوا:
"في اواخر تشرين الاول من عام 1779 حدثت مشاجرة بين شخصين قرب مقبرة الشيخ عمر، فلما سمع اهل الميدان بها اتخذوها ذريعة لاعلان الثورة، وأخذوا يصرخون عاليا بانهم لا يريدون الوالي".
علي الوردي- لمحات- الجزء الأول
**************************************
عن رابطة الأنصار الشيوعيين العراقيين، صدر أخيرا العدد (36) تموز 2025 من جريدة "النصير الشيوعي".
ضم العدد أخبارا وتقارير عن نشاطات الرابطة في العراق والخارج، وكتابات عن مسيرة الحركة الانصارية وشهدائها، غطت جميعها 12 صفحة ملوّنة.
*********************************************
تركيا تسلم العراق 6 ألواح طينية
متابعة – طريق الشعب
أعلنت وزارة الخارجية أمس الاثنين، عن تسلم سفارتها لدى أنقرة ستة ألواح طينية أثرية تعودُ إلى حضارة وادي الرافدين.
وذكر بيان للوزارة نشرته وكالات أنباء ان "ذلك جاء خلال مراسم رسميّة أُقيمت في متحف الجُمْهُوريَّة بالعاصمة التركية أنقرة، بحضور سفير العراق ماجد اللجماوي، ووكيل وزير الثقافة والسياحة التركيّ جوكهان يازجي، إلى جانب عددٍ من المسؤولين والدبلوماسيّين من كلا البلدين".
وأوضح السفير في البيان أنَّ "هذه الألواح تُمثّلُ جزءًا أصيلًا من الإرث الحضاريِّ العريق لبلاد الرافدين، وتُعدُّ شاهدًا على الدور الرياديِّ للعراق في مسيرة البشريّة، لا سيّما في ابتكار الكتابة وتأسيس أنظمة الحكم والتنظيم الإداري منذ فجر الحضارات".
من جانبه، ذكر يازجي، أنَّ "تسليم هذه القطع الأثريّة يأتي ثمرةً لتعاونٍ وثيقٍ بين البلدين، ويُجسِّدُ التزام الجُمْهُوريَّة التركيَّة بالقوانين والاتفاقيّات الدوليّة ذات الصلة بحماية الممتلكات الثقافيَّة، ودعمها المستمرَّ لجهود العراق في استعادة تراثه المنهوب".
وأوضح البيان، ان "هذه الخطوةُ تأتي في إطار المساعي الدبلوماسيّة والثقافيّة المتواصلة التي تبذلُها الحكومةُ العراقيّة، بالتنسيق مع الدول الصديقة والمؤسّسات المعنيّة، من أجل استعادة آثارها وممتلكاتها الثقافيّة التي فُقدت أو هُرِّبت خلال العقود الماضية".
دعمًا للحملة الوطنية لبناء مقر الحزب الشيوعي العراقي، تبرع الرفاق والأصدقاء: عائلة الرفيق (فارس كريم فارس) ابو حياة:
الرفيق كريم فارس ١٠٠ ألف دينار
الرفيقة ريزان احمد ١٠٠ ألف دينار
العزيزتان سارة و يارة فارس ١٠٠ ألف دينار
الشكر والتقدير للرفاق والأصدقاء على دعمهم واسنادهم حملة الحزب لبناء مقره المركزي في بغداد.
معاً حتى يكتمل بناء بيت الشيوعيين.. بيت العراقيين.