اخر الاخبار

الصفحة الأولى

 

هل كانت {الثلاثية} بدعة؟ موازنة ٢٠٢٥ في مهب الريح الحكومة مشغولة بالدعاية الانتخابية والبرلمان ميّت سريريا!

بغداد - طريق الشعب

أعادت أزمة تأخير إقرار جداول موازنة 2025، واحدة من أكثر المعضلات البنيوية في الإدارة المالية للدولة العراقية، الى الواجهة، كون ذلك تسبب في تعطيل تنفيذ مئات المشاريع وتجميد صرف التخصيصات للمحافظات والمؤسسات ومستحقات الموظفين وغيرها.

ويبرر التاخير بأسباب فنية وإجرائية ومنعاً لاستغلالها مع اقتراب موعد الانتخابات، لكن مراقبين عدوا كل هذه الذرائع "واهية وتعكس ضعفاً وصراعاً بين الكتل السياسية المتنفذة".

وتوقعوا ان يكون هناك "توظيف سياسي" للموازنة في الصراع بين تلك القوى، لكن يبقى السؤال الاهم: ما جدوى الموازنة الثلاثية إذا كانت تُدار بهذه الطريقة المرتبكة؟

الموازنة انتهت والبرلمان معطل

في هذا الصدد، أكدت اللجنة المالية في البرلمان، أن جداول موازنة سنة 2025 أصبحت من الماضي.

وقال عضو اللجنة النائب مصطفى الكرعاوي، في تصريح تابعته "طريق الشعب"، إن "الحكومة منذ البداية لم تكن لديها أي جدية في إرسال جداول موازنة سنة 2025 إلى البرلمان لغرض التصويت عليها، وذلك بسبب عدم وجود أموال لديها لتمويل هذه الموازنة وصرفها على المشاريع وغيرها، خاصة انها لم تطلق أموال موازنة 2023 و2024 حتى الآن بشكل كامل، بسبب الازمة المالية".

وأوضح أن "مجلس النواب معطل منذ أشهر ولا نعتقد أنه سيلتئم في ما تبقى من عمره الدستوري، ولهذا يمكن القول ان جداول موازنة سنة 2025 أصبحت من الماضي، ولن يتم التصويت عليها، وستحرص الحكومة على تغطية رواتب الموظفين فحسب خلال الأشهر المقبلة".

وقبل أسبوعين، أكد عضو اللجنة المالية في البرلمان جمال كوجر، أن "الحكومة ليست لديها أي نية لإرسال جداول موازنة سنة 2025 إلى مجلس النواب لغرض التصويت عليها، وذلك بسبب الأزمة المالية التي تمر بها وقلة السيولة"، مبيناً أنه "مع انخفاض أسعار النفط زاد العجز بشكل كبير في هذه الموازنة".

وقال إن الحكومة "تعاني من نقص في الأموال، لهذا هي حتى الآن لم تكمل الصرف المالي المخصص ضمن موازنة سنة 2023 ولا سنة 2024، وبالتالي فانها لا تحتاج إلى جداول جديدة، طالما لم تستطع تغطية التخصيصات المالية السابقة بسبب نقص السيولة".

ورجح كوجر "سيبقى الوضع على ما هو عليه لحين انتخابات مجلس النواب وتشكيل حكومة جديدة".

من جانبه، انتقد عضو اللجنة القانونية النيابية عارف الحمامي، "تأخر الحكومة في إرسال جداول الموازنة العامة إلى البرلمان"، محذراً من "الآثار الاقتصادية السلبية التي قد تترتب على عدم التصويت على هذه الجداول"، مطالباً الحكومة بـ"توضيح أسباب هذا التأخير وإحالة الجداول إلى البرلمان بأسرع وقت".

تهديد مباشر للوضع السياسي

وفي السياق، ذاته قال المراقب للشأن السياسي باسل الكاظمي، إن “تأخير إرسال مشروع قانون الموازنة إلى مجلس النواب لا يمكن تبريره بالاستعداد للانتخابات أو بأي حجج سياسية أخرى، لأن الموازنة تتعلق بالحياة العامة وبرواتب الموظفين والمتقاعدين وتنفيذ المشاريع الخدمية والتنموية، وأي تأخير في إقرارها يُعد تهديدًا مباشرًا للوضع الاقتصادي والمعيشي في البلاد”.

وأضاف الكاظمي في حديث لـ"طريق الشعب"، أن “التبريرات الخاصة بعدم إرسال الموازنة، مثل قرب الانتخابات، هي ذرائع واهية سيما ان هناك الكثير من الوسائل والاليات التي تخدم هذا الغرض، ولكنها تبريرات تخفي وراءها صراعات أعمق بين القوى السياسية".

وقال: " لا اعتقد ان هذه المعلومات صحيحة. لانه لا يجوز التعامل مع ملف الموازنة بهده الطريقة غير المسؤولة، لا سيما ان هناك جهات رقابية مسؤولة عن مراقبة اليات وابواب وطريقة الصرف".

وأشار إلى أن "هناك معلومات تتحدث عن محاولات من بعض الأطراف السياسية للاستفادة من التخصيصات في الدعاية الانتخابية".

وأكد الكاظمي أن “غياب الانسجام بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وانعدام لغة الحوار بينهما، هو السبب الحقيقي وراء هذا التعطيل، وليس مسألة الانتخابات كما يُروَّج. ولو كانت هناك جدية في العمل المؤسسي، لكان من حق البرلمان أن يُلزم الحكومة بإرسال الموازنة خلال فترة زمنية محددة”.

واردف الكاظمي كلامه ان “الحديث عن الخشية من استغلال الموازنة في أغراض انتخابية لا يصمد أمام الواقع، فالحكومة الحالية، التي أعلن رئيسها عن ائتلاف انتخابي مع بعض الوزراء والنواب والمحافظين، تحاول تعزيز حضورها السياسي، وهي مستمرة في الإنفاق على قدم وساق، بينما تصدر أزمة الضائقة المالية إلى الشارع".

وخلص الى القول: "إذا كانت هناك رغبة حقيقية بالإصلاح، فيجب ان تكون البداية من رئيس الوزراء نفسه، الذي يتردد بأنه يستغل مؤسسات الدولة في حملته الانتخابية"، مردفا أن "استغلال موارد الدولة لأغراض انتخابية أصبح نهجاً سائداً وليس استثناءً”.

الموازنة الثلاثية "عديمة الجدوى"

وفي سياق متصل، قال المحلل الاقتصادي حسنين تحسين، إن “الموازنة الثلاثية، وعلى الرغم من أنها طُرحت كآلية لتبسيط الإجراءات المالية وتفادي تعطيلها سنويًا، لم تُحقق الفائدة المرجوة منها، وذلك لعدم إقرار جداولها التفصيلية حتى الآن”.

وأضاف في حديثه لـ"طريق الشعب"، أن “المشكلة الحقيقية لا تكمن في قانون الموازنة بحد ذاته، بل في الجداول الملحقة به، حيث تحدث عادة الخلافات داخل مجلس النواب، نتيجة السعي لإدخال إضافات تخدم مصالح بعض القوى السياسية، أو تمرير قرارات خاصة، ما يؤدي إلى عرقلة إقرار الجداول”.

وأشار تحسين إلى أن “عدم إرسال الحكومة لجداول الموازنة حتى الآن إلى البرلمان، يعني أن موازنة 2025 لا تزال غير مفعّلة، ولن تُنفذ إلا بعد إرسال الجداول، ومناقشتها، والتصويت عليها داخل مجلس النواب”.

ولفت إلى أن “الظرف السياسي الراهن يزيد الأمر تعقيدًا، فالعراق مقبل على انتخابات برلمانية، ومع اقتراب موعدها، يصبح من الصعب عقد جلسات منتظمة لمجلس النواب، الأمر الذي يعرقل عملية إقرار الجداول حتى في حال إرسالها من قبل الحكومة الى البرلمان”.

أضحى من الواضح أن الوقت قد تأخر لإقرار جداول موازنة عام 2025، في ظل استمرار الصرف استناداً إلى قرارات حكومية، ما يثير تساؤلات مشروعة حول الجهة الرقابية المسؤولة عن تدقيق أوجه الصرف وضمان شفافيتها. ويستحضر هذا الواقع الغامض ما جرى مع موازنة عام 2014، التي لا يزال مصيرها مجهولاً حتى الآن.

********************************************

راصد الطريق.. ماذا تريد وزارة التعليم العالي من إعمامها؟

منذ عامين ونصف العام ووزارة التعليم العالي تواصل توجهها نحو التضييق على الحريات في الجامعات الحكومية والأهلية. وفي الوقت ذاته تفسح في المجال وتوسعه امام تمددات سياسية ودينية محددة، إضافة الى إدخالها مناهج دراسية تدعم هذا التوجه.

وفي هذا السياق وجهت الوزارة في ١٤ أيار الجاري إعماما الى الجامعات المختلفة، قالت فيه:  "يرجى بذل اقصى الجهود في حث المدرسين والموظفين والطلبة، على تحديث بطاقاتهم الانتخابية "

ولو اقتصر الامر على هذا لكان من الممكن النظر الى الإعمام والتعامل معه بحسن نية، ضمن الجهد الوطني العام للتشجيع على المشاركة الواسعة في الانتخابات. لكن الإعمام ألزم "عمداء الكليات كافة في متابعة عمليات التحديث داخل الجامعات، وارسال نسب التحديث بشكل يومي الى الوزارة".

نعم هناك ضرورة للتحديث والحصول على بطاقة الناخب الباروميترية، لكن ما يثير الاستغراب هو انفراد وزارة التعليم العالي باطلاق هذا التعميم، مثلما يثير التساؤلات مدى أحقية الوزارة في إلزام منتسبيها بذلك، فيما الانتخاب أساسا حق لمن يريد ان يمارسه، وليس "خدمة الزامية ".

 هكذا يفصح الإعمام عن نفسه بنفسه !   

**********************************************

الصفحة الثانية

خلال عام.. {المركزي} يفقد أكثر من 11 تريليون دينار من احتياطي العملة الصعبة

بغداد ـ طريق الشعب

كشف البنك المركزي العراقي، امس الأربعاء، عن انخفاض الاحتياطي الرسمي أكثر من 11 تريليون دينار خلال عام واحد.

وقال البنك في احدث تقرير حول المؤشرات المالية والنقدية في العراق لشهر شباط 2025، ان "الاحتياطي الرسمي للبنك بلغ في شباط 127.20 تريليون دينار منخفضا بنسبة 8.21 في المائة عن نفس الفترة من العام الماضي الذي بلغت فيه الاحتياطيات 138.570 ترليون دينار وهو بذلك يفقد 11 تريليون 370 مليار دينار".

واضاف ان "الدين العام الداخلي انخفض في شهر شباط 2025 الى 82.81 تريليون دينار مقارنة بشهر كانون الثاني الماضي الذي كان قد بلغ 83.04 تريليون دينار، و مرتفعا مقارنة بشهر شباط من عام 2024 الذي كان قد بلغ 73.75 تريليون دينار".

*************************************************

حَمَلة الشهادات العليا والأوائل ينددون بالتهميش الحكومي احتجاجات بابل تفتح ملف {السلة الغذائية} وبصريون يطالبون بالسكن

بغداد _ طريق الشعب

طرحت الحكومة الحالية في برنامجها الوزاري كثيرا من الحلول لمشاكل الخدمات الأساسية والبطالة وازمة السكن، لكن الناس لم تلمس سوى الوعود، بينما توشك هذه الكابينة على مغادرة القصر الحكومي في المنطقة الخضراء.

وخلال اليومين الماضيين نظمت وقفات احتجاجية واعتصامات مفتوحة في مناطق مختلفة من البلاد، تحمل العديد من المطالب التي تمحورت حول الخدمات وقطع الأرض والتعيينات وغيرها.

وقفة احتجاجية في خور الزبير

ونظم العشرات من أهالي ناحية خور الزبير جنوبي البصرة، وقفة احتجاجية مطالبين بإيقاف ازالة الدور السكنية، وتوفير البديل قبل الازالة واعطائهم مهلة كافية قبل تنفيذ القرار.

وطالب المحتجون محافظ البصرة بإيقاف حملة هدم الدور وإخراج أهاليها من دون بديل، رافضين اجراءات لجنة إزالة التجاوزات في التعامل معهم.

واكد مواطنو ناحية خور الزبير في وقفتهم انهم مع تنظيم المدن وازالة العشوائيات والتجاوزات ولكن مع حفظ كرامة الموطن وتوفير البديل وتخصيص سكن لهم وفقا للدستور .

 احتجاجات غاضبة في بابل

وعلى الضغوط الشعبية، شرعت الشركة العامة لتجارة المواد الغذائية التابعة لوزارة التجارة اول امس الثلاثاء، في فتح مخازنها المركزية لتوزيع مفردات السلة الغذائية، في محافظة بابل.

وجاءت الخطوة عقب تظاهرات حاشدة أمام أحد المخازن، طالب خلالها المحتجون بالكشف عن أسباب التأخير وفتح تحقيق فوري بأداء فرع الشركة في المحافظة، وسط اتهامات سابقة بوجود مواد تالفة في المخازن.

من جهته، دافع مدير فرع الشركة في بابل، أمير سعد عبد الامير، عن نفسه أمام تلك الاتهامات قائلًا ان "جميع المواد الموجودة صالحة للاستهلاك ومطابقة للمواصفات، وهي من مناشئ معروفة ومعتمدة"، نافياً وجود "حالات فساد أو تلاعب".

وردا على ذلك، يؤكد المحتجون، إنهم سيتابعون نوعية المواد لضمان مطابقتها للمواصفات"، مطالباً بـ "محاسبة المتسببين في التأخير، ومعرفة الأسباب التي حرمت العائلات من حقها الغذائي لفترة طويلة".

هذا وأكد عدد من وكلاء التموين أن عملية التسليم انطلقت بانسيابية، وشملت كميات من الرز والزيت والعدس والسكر، على أن تُستكمل بقية المفردات خلال الأيام المقبلة.

وعلى اثر ذلك، تجددت الدعوات من ناشطين ومواطنين لإعادة النظر في آلية توزيع مفردات البطاقة التموينية في عموم البلاد، وتحسين جودة المواد الموزعة، والتعجيل بتوزيعها في مواعيدها المحددة، حفاظاً على الأمن الغذائي لشريحة واسعة من ذوي الدخل المحدود.

جرحى الأمن يغلقون مبنى حكوميا

ودشن جرحى القوات الأمنية وذوو الشهداء، الثلاثاء، اعتصاما مفتوحاً أغلق بوابة مجلس محافظة ديالى، وسط مدينة بعقوبة، مطالبين بتوزيع قطع أرض.

وقال وسام الدليمي (أحد الجرحى)، إن "الجرحى والشهداء لم ينصفوا بشأن توزيع قطع الاراضي وهناك اكثر من 800 قطعة صوت عليها المكلس لتوزيع على شريحتنا ولكن هناك تسويف ومماطلة دون معرفة الأسباب".

جريح اخر يدعى عدي حمد، قال أن "الجهات الحكومية أهملت شريحة الشهداء والجرحى في ديالى ولا نعرف الأسباب"، مبينا أن "مقاطعة أراضي نهر الشيخ التي خصصت لنا لا نعرف مصيرها".

حملة الشهادات العليا والأوائل

ونظم حملة الشهادات العليا والخريجون الأوائل، وقفة احتجاجية، أمام مجلس الخدمة الاتحادي في بغداد، مطالبين بفتح منظومة الكود وتفعيل تعييناتهم.

ورفع المحتجون شعارات تندد بالتهميش الحكومي، مؤكدين سلمية احتجاجهم، بعد وقوع مشادات واحتكاكات مع قوات الأمن من دون ان تتطور.

**********************************************

خطط {حصر السلاح} شعارات حكومية تتعثر على أرض الواقع

بغداد ـ طريق الشعب

لا تزال قضية حصر السلاح بيد الدولة تمثل تحدياً كبيراً أمام الحكومات المتعاقبة ومن بينها الحالية، على الرغم من تبنيها المتكرر لهذا الشعار وطرحه كأولوية أمنية في البرامج الحكومية.

وتعلن وزارة الداخلية بين حين وآخر عن مبادرات لتقنين السلاح وتسجيله ضمن سجلات رسمية، لكن الصراعات القبلية لا سيما في مناطق جنوب البلاد، تكشف بشكل جلي عن عدم جدوى تلك المبادرات.

وسبق لرئيس الوزراء محمد شياع السوداني أن أعلن نهاية العام 2022 تَعهّده بإنهاء ظاهرة السلاح المنفلت.

هذا الشعار رفعته كافّة حكومات بغداد بعد العام 2005، لكنّها لم تتمكّن من تطبيقه، لأسباب معروفة. ومن هذا المنطلق أعلنت الداخليّة في السابع عشر من كانون الثاني 2024 عن جهوزيّة 697 مركزا، إضافة إلى البوابّة الإلكترونيّة، لشراء الأسلحة من المواطنين ضمن مشروع "حصر السلاح بِيَد الدولة". وتعقيبا على ذلك، قال عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية، محمد الشمري، ان السماح بامتلاك قطعة سلاح واحدة لكل عائلة، بشرط تسجيلها رسمياً، يمثل خطوة ممتازة في اتجاه تنظيم حيازة السلاح، مضيفا أن هذه الخطوة "ستجعل عدد ونوعيات الأسلحة بيد المواطنين معلومة لدى الدولة"، ما ينعكس إيجاباً على الواقع الأمني، بحسب رأيه.

وأردف كلامه بأن نجاح هذه الحملة مرهون بوعي المواطنين واستعدادهم للتفاعل مع المنصة.

في المقابل، يرى الخبير الأمني عماد علو أن مسألة حصر السلاح بيد الدولة لا تزال "شعاراً مرفوعاً دون تطبيق فعلي"، موضحاً أن أغلب البرامج التي طرحتها الجهات الأمنية بهذا الخصوص تفتقر إلى الفاعلية والتطبيق الميداني الجاد. 

ورأى أن المواطن لا يزال يفتقد الإحساس بالأمن نتيجة تفاقم ظاهرة السلاح المنفلت، سواء كان بيد مدنيين أم ميليشيات تابعة لأحزاب متنافسة على السلطة والامتيازات، مبينا أن المبادرات الحكومية، كدعوة المواطنين لإحصاء السلاح الخفيف والمتوسط، أو طرح برامج لشراء الأسلحة، لم تُترجم إلى نتائج ملموسة، بل واجهت قصوراً في التنفيذ.

 وشدد الخبير الأمني على أهمية الاستفادة من تجارب دولية سابقة، جرت تحت إشراف الأمم المتحدة أو منظمات دولية مختصة، في إدارة حملات نزع السلاح.  وأضاف أن الأسواق العلنية لبيع الأسلحة، والتهريب المستمر عبر الحدود، تُعد من أبرز العقبات التي تُقوض جهود الدولة في هذا الملف، مشيراً إلى أن هذه الظاهرة تغذي الجريمة المنظمة، وتُستخدم من قبل مافيات تجارة المخدرات، ما يؤثر بشكل مباشر على الأجهزة الأمنية، ويقوّض شعور المواطنين بالأمن.

رغم تعدد المبادرات الحكومية والنيابية، تبقى مسألة ضبط السلاح في العراق مرهونة بإرادة سياسية حازمة، وبرامج أمنية واقعية، تتكامل فيها الخطط والتدابير مع حملات التوعية، وتستند إلى تجارب دولية ناجحة. وبغير ذلك، سيظل شعار "حصر السلاح بيد الدولة" حبراً على ورق، في بلد يعاني من تعدد مصادر العنف وتداخل سلطات السلاح.

********************************************

كل خميس.. اقتصاد الرثاثة.. في بلدٍ منهوب

جاسم الحلفي

لم يعد الفساد في العراق مجرد أرقام في التقارير أو صفقات تمرّر في الظل، بل أصبح منظومة شاملة تدمج بين الاقتصاد والسياسة والثقافة، وتشمل حتى الذوق. إنه فساد متعدد الوجوه، أحد أخطر تجلياته ما يمكن تسميته بـ"اقتصاد الرثاثة"، اقتصاد لا ينتج، بل يستهلك كل شيء: الثروة، والمعنى، وحتى الوعي.

في بلدٍ يقوم على الريع، ويُدار بمنطق المحاصصة، لا تنتج الدولة اقتصاداً بالمعنى التنموي، بل تنتج خطاباً زائفاً يغطي النهب المنظّم بشعارات جوفاء عن الإصلاح والإنجاز.

فالدولة الريعية لا ترى في المواطن منتجاً أو شريكاً، بل متلقياً للفتات، وورقة في لعبة الولاءات. تُدار الموارد بوصفها غنائم تُقسّم، لا أدوات تنمية تُستثمر. وهكذا، تتحوّل الموازنات الانفجارية إلى بالونات إعلامية، تنفق على مشاريع متعثرة، ومقاولات وهمية، وعقود تُفصّل على مقاس المحسوبين.

ويُهدَر المال العام على بنى تحتية لا تُنجَز، أو تُنجز بشكل مشوّه، وعلى خطط تنموية لا تتجاوز أرشيف الوزارات. في المقابل، تتكدّس الثروات في أيدي قلة متخمة من الطغمة الحاكمة، فيما تعيش الغالبية تحت خط الفقر، وتعاني من انعدام أبسط مقومات الحياة.

وما يُفاقم المأساة أن هذه المنظومة، بدل أن تعترف بفشلها، تُجمّل الخراب بخطاب تزييني: مهرجانات ومؤتمرات ومشاريع "استراتيجية" تُروَّج على الورق، وتُنسى بمجرد انتهاء التغطية الإعلامية.

في المحصلة، نحن أمام اقتصاد لا يُنتج، بل يُستهلك ذاته،  يستنزف موارده، ويخدع جمهوره، ويعيد إنتاج الأزمات بوصفها وقائع عادية.

لكن الأخطر من ذلك أن هذا الخراب لا يُقدّم للناس بوصفه أزمة، بل يُسوّق كواقع "طبيعي" لا بديل له. وهنا يدخل دور "ثقافة الرثاثة"،  تلك البنية الرمزية التي تنتجها السلطة وتعممها عبر الإعلام، والفن، والتعليم، والخطاب الطائفي، حيث تُقدَّم الرداءة كذوق، والتفاهة كترفيه، والابتذال كحرية، والجهل كهوية.

إنه اقتصاد لا يصنع فرصاً، بل يصنع أوهاماً. تُباع فيه المسابقات التلفزيونية كأمل، والمهرجانات الفارغة كمؤشر نهضة، وتُرمى فئات واسعة من المجتمع في هوامش الاستهلاك، لتُقنع بأنها جزء من "المشهد"، رغم أنها لا تملك من هذا المشهد شيئاً.

فمن يدفع الثمن؟ تدفعه الطبقات الكادحة والمهمّشة، التي لا تستفيد من الطفرة النفطية، ولا من التوسّع العمراني المصنوع للاستهلاك السياسي. بل تُثقل كاهلها الديون، ويُفرَغ تعليم أبنائها من التفكير، ويُرغَم شبابها على الاختيار بين البطالة أو الهجرة أو الالتحاق بماكينة الفساد نفسها.

هذا الاقتصاد لا ينمو، بل ينتفخ. لا يُحرّك الإنتاج، بل يدوّر الريع. ولهذا، فإن الفساد فيه ليس خللاً طارئاً، بل من صميم بنيته. وثقافة الرثاثة ليست عرضاً جانبياً، بل آلية تطبيع، تُنتج وعياً خانعاً، وذوقاً مشوّهاً، وفضاءً عامّاً بلا معنى.

إن السؤال الحقيقي لم يعد فقط "أين ذهبت الثروات؟"، بل "كيف صيغ الوعي كي لا يسأل؟". ولذلك، فإن مواجهة هذا الخراب تبدأ من فضح العلاقة بين النهب الرمزي والنهب المادي، بين إنتاج الجهل وإعادة إنتاج التبعية.

فالتحرّر من هذا النظام لا يمر فقط عبر الإصلاح الاقتصادي أو تشريعات النزاهة، بل يبدأ من مقاومة ثقافة الخرافة، واختراق بنية الرثاثة، واستعادة الوعي بوصفه فعلاً سياسياً وموقفاً طبقياً.؟

************************************************

الصفحة الثالثة

المحافظ يرفض إيقاف الهدم: المتجاوزون ليسوا بصريين!  أزمة السكن العشوائي في البصرة تتحول صراعاً اجتماعياً وقانونياً وسط محاولات كسب انتخابي

بغداد – طريق الشعب

أثارت حملة إزالة التجاوزات السكنية في محافظة البصرة موجة استياء شعبي واسع، لا سيما بعد رفض المحافظ أسعد العيداني تنفيذ توجيه رئيس الوزراء بإيقاف عمليات الهدم مؤقتا لحين إيجاد بدائل للمتجاوزين من ذوي الدخل المحدود. وزاد من حدة الجدل تصريحات العيداني التي ألمح فيها وفق مراقبين إلى أن "أغلب المتجاوزين ليسوا من أبناء البصرة"، وهو ما اعتبروه خطابا تمييزيا يعزز الانقسام الاجتماعي ويستهدف شرائح سكانية على أساس الانتماء المناطقي.

وبينما استندت الحكومة المحلية إلى المادة 154 من قانون إزالة التجاوزات في تمسكها بالإجراءات، يرى ناشطون أن الحملة افتقرت إلى البُعد الإنساني والاجتماعي، وضربت عرض الحائط المبادئ الدستورية التي تكفل حق المواطن في السكن الكريم.

وأدى تداول مشاهد مؤثرة لعمليات الهدم، خاصة تلك التي طالت منازل تحتضن نساء وأطفالا في مناطق فقيرة، إلى تصاعد الغضب الشعبي، ودفع زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر إلى دعوة موظفي البلدية للانسحاب من الحملة، أعقبها توجيه رسمي من رئاسة الوزراء بإيقاف الإزالات مؤقتا.

وتحولت القضية إلى صراع بين اقطاب متعددة وسباق انتخابي يحاول استغلال حاجة المواطنين، وسط تساؤلات حول مسؤولية الدولة عن معالجة أزمة السكن قبل استخدام الجرافات.

توجيهات غير ملزمة

ووجّه رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، بحسب وثيقة رسمية صادرة عن مكتبه بتاريخ 19 أيار الجاري بـ"إيقاف حملات تهديم الدور السكنية العشوائية للأراضي المتجاوز عليها، والتي يقطنها مواطنون معدومو الحال، ممن لا يملكون مأوى بديلا"، مشددًا على "أهمية إيجاد البديل قبل رفع أي تجاوز سكني، مراعاة لأوضاعهم".

في المقابل، ردّ محافظ البصرة أسعد العيداني على التوجيه، مشيرا إلى أن "العراق دولة اتحادية، وتوجيهات حكومة المركز غير ملزمة للمحافظات".

وأضاف العيداني في بيان اطلعت عليه "طريق الشعب": أن "المحافظ يُنتخب من قبل مجلس المحافظة ولا يُعد موظفا تابعا للحكومة الاتحادية"، معتبرا أن التوجيه الأخير "يتعارض مع المادة 154 من قانون إزالة التجاوزات، ويُعد سابقة خطرة قد تفتح الباب أمام مزيد من التعديات على الأملاك العامة والخاصة".

وأوضح أن "الإجراءات التي اتخذتها الحكومة المحلية في البصرة جاءت بناء على قرارات قضائية باتّة تقضي بإزالة تجاوزات على أراضٍ تعود لمالكين أصليين".

قانوني يرد على العيداني

وعلق المحامي والناشط السياسي من محافظة البصرة، عبد الكاظم الكناني، على ما وصفه بـ"الاستناد غير الدقيق" من قبل محافظ البصرة أسعد العيداني إلى المادة 154 لتبرير حملة إزالة التجاوزات، مؤكدًا أن "ما ورد على لسان العيداني بشأن تنفيذ قرارات الهدم بناءً على أحكام قضائية استنادا إلى المادة 154 غير صحيح ولا يستند إلى غطاء قانوني واضح".

وأوضح الكناني في تصريح لـ "طريق الشعب" أن "القرار 154 الذي استند إليه المحافظ هو في الواقع قرار صادر عن مجلس قيادة الثورة المنحل، ولا يُعد مادة ضمن القانون المدني أو القوانين الجزائية النافذة"، مبينًا أن "نص القرار المذكور يتحدث فقط عن فرض عقوبات جزائية – مثل الحبس أو الغرامة – على المتجاوزين على أملاك الدولة، وهذه العقوبات تُفرض بموجب حكم قضائي صادر من المحكمة الاتحادية، وليس فيها ما يجيز تنفيذ الهدم مباشرة من قبل السلطات المحلية".

وشدد الكناني على أن "ما يجري من عمليات هدم في البصرة هو سلوك تعسفي، ويمس شرائح واسعة من أبناء المحافظة الذين لا يمكن اعتبارهم متجاوزين بالمعنى الحقيقي، بل إن الدولة هي من تجاوزت على حقوقهم، عبر الفساد وسوء إدارة الثروات الذي حرمهم من السكن والخدمات".

وأكد الكناني أنه "لا يعارض تنظيم ملف التجاوزات ومعالجة العشوائيات، لكن يجب أن يتم ذلك بعد توفير البدائل السكنية الملائمة للفقراء والمحتاجين، التزاما بالمادة 30 من الدستور التي تنص على حق المواطن في السكن الملائم، إلى جانب البُعد الإنساني الذي يفرض حماية الأسر الهشة من التشرد والانهيار الاجتماعي".

مخالفات قانونية

وأكد المحامي جعفر إسماعيل، الخبير القانوني ومستشار مركز العراق لحقوق الإنسان، أن حملة إزالة التجاوزات التي نُفّذت مؤخرا في منطقة النجمي بناحية خور الزبير في محافظة البصرة، شابها العديد من المخالفات القانونية والدستورية، داعيا إلى فتح تحقيق عاجل وشفاف بشأنها.

وقال إسماعيل لـ"طريق الشعب"، إن "الحكومة المحلية في البصرة، وبإشراف مباشر من المحافظ أسعد العيداني، شرعت في حملة لهدم منازل مشيّدة منذ سنوات في منطقة النجمي، بذريعة التجاوز على أراضٍ تابعة للدولة، إلا أن الوقائع تشير إلى أن عدداً من تلك الأراضي تعود لمالكين من القطاع الخاص".

وأوضح أن "المحافظ استند في قراره إلى قرار مجلس قيادة الثورة المنحل رقم 154 لسنة 2001، والذي يختص فقط بالتجاوزات الواقعة على أراضي الدولة والبلديات، في حين أن أغلب العقارات التي طالتها الحملة تقع على أراض خاصة، ما يُعد تجاوزاً على صلاحيات القضاء".

وبيّن إسماعيل أن "الإطار القانوني السليم في هذه الحالة يتمثل في قانون التنفيذ رقم 45 لسنة 1980، وتحديدا ما نصت عليه المادة 1119 من القانون المدني العراقي رقم 40 لسنة 1951، والتي تشترط صدور حكم قضائي من محكمة البداءة المختصة مكانياً قبل الشروع بأي عملية إزالة، وهو ما لم يحدث في هذه القضية".

وأضاف انه "إلى جانب المخالفة القانونية، فإن الحملة تمثل خرقا واضحا للدستور العراقي، وبالأخص المادة 30 التي تلزم الدولة بتوفير السكن الملائم للمواطنين، وكذلك المادة 37 التي تنص على صون كرامة الإنسان وحرمة مسكنه، بينما تُركت العائلات المتضررة من الهدم في العراء دون بدائل سكنية، وتحت ظروف إنسانية صعبة".

وأشار إلى أن تصريحات المحافظ التي المح فيها إلى أن بعض المتجاوزين "ليسوا من أهل البصرة"، تتعارض بشكل صريح مع المادة 44 من الدستور، التي تكفل حرية التنقل والسكن لجميع العراقيين في أي مكان داخل البلاد، وهو ما يُعد انتهاكًا لمبدأ المساواة ويكرّس خطابًا تمييزيًا مرفوضاً.

وختم إسماعيل بالتشديد على أن "ما حدث في النجمي لا يمكن اعتباره فقط إجراء إداريا، بل هو انتهاك للحقوق الدستورية والإنسانية، ويستوجب تدخلًا عاجلًا من الجهات الرقابية والقضائية لوقف هذه التجاوزات، وضمان تطبيق القانون بعدالة، وحماية كرامة وحقوق المواطنين".

الحملة قديمة وتفعليها يثير الاستغراب

من جانبه، يقول الناشط من محافظة البصرة المحامي مدرك الاسدي، رئيس لجنة المنظمات في اتحاد حقوقي البصرة، أن حملة إزالة التجاوزات ليست بالأمر الجديد في المحافظة، إذ سبقت تولي المحافظ أسعد العيداني، غير أن وتيرتها تصاعدت بشكل واضح في عهده، واتخذت طابعا اجتماعيا مثيرا للجدل.

وأوضح البصري لـ "طريق الشعب"، أن المحافظ ركّز في خطابه على وصف المتجاوزين بأنهم "ليسوا من أهل البصرة"، وهو ما اعتبره البصري خطابا تحريضيا غذى الانقسام المجتمعي، وعمّق الفجوة بين فئات السكان.

وأضاف أن "هناك حالات إزالة تمت لأسباب مختلفة؛ فبعضها نفذ بناء على شكاوى مقدّمة من أصحاب أراض متضررين من التجاوز، والبعض الآخر أُزيل برغم عدم وجود مشروع في الأرض، ما أثار تساؤلات بشأن أولويات الحملة وأهدافها".

وتابع أن "الموضوع تحوّل إلى قضية رأي عام، خاصة بعد تداول مقطع فيديو لإزالة تجاوز تعود لامرأة في قضاء خور الزبير، وهو ما شكّل نقطة تحول وضغطا شعبيا على الحكومة المحلية".

وأشار إلى أنه من الناحية القانونية، لا يُسمح بالتجاوز على أراضي الدولة، غير أن المادة 30 من الدستور العراقي تنص بوضوح على حق المواطن في السكن الملائم، وهو ما يحمّل الدولة مسؤولية توفير هذا الحق قبل الشروع في إزالة أية تجاوزات.

وبين البصري أنه عقب تفاقم الأزمة، وجه زعيم التيار الصدري، دعوة إلى موظفي بلدية البصرة بالانسحاب من الحملة وعدم المشاركة في عمليات الهدم، وهو ما تبعه توجيه رسمي من رئيس مجلس الوزراء بإيقاف حملة الإزالة مؤقتًا لحين توفير البدائل السكنية.

وأكد أن هذا التدخل كان له الأثر الأكبر في تهدئة الشارع، مؤكدًا أن الغالبية العظمى من المواطنين ليست ضد تنظيم ملف الأراضي، لكنها تطالب بتحقيق العدالة الاجتماعية وتوفير سكن بديل قبل تنفيذ الإزالة، لافتًا إلى أن السبب الأساس للتجاوز هو غياب الحلول السكنية وارتفاع أسعار الأراضي والدول السكنية في المدينة.

وتساءل البصري "هل من المنطقي أن تقوم الدولة بإزالة مساكن عشوائية يسكنها فقراء ومحتاجون، دون أن تتيح لهم فرصة أخرى؟"، مشددا على أن بعض هذه البيوت لا تصلح للعيش أصلا، وهي مبان متهالكة أُقيمت اضطرارا، وليست تعديا بدافع الطمع.

واختتم بالقول: "نحن لا ندافع عن التجاوز كمبدأ، لكننا نؤمن أن الدولة، قبل أن تزيل منازلهم، يجب أن تبني. الحل ليس في الجرافات، بل في المجمعات السكنية وتفعيل برامج الإسكان. عندها فقط، سيتخلى المواطن طوعا عن السكن غير القانوني، لأنه سيكون قد حصل على بديل كريم يحفظ له كرامته وحقه الدستوري".

ويتساءل مواطنون عن دور الحكومة الاتحادية والحكومات المحلية في معالجة أزمة السكن، بعد سنوات من الوعود الجوفاء التي لم يجنِ منها المواطنون سوى أبراج فارهة يسكنها الأثرياء، فيما تُرك الفقراء ومحدودو الدخل أمام خيارين لا ثالث لهما: إما دفع بدلات إيجار باهظة، أو السكن في تجاوزات تفتقر لأبسط مقومات العيش الكريم. ولا يمكن تجاهل من استغل هذه الأزمة لتحقيق مكاسب شخصية، متخذاً منها بوابة للربح والنفوذ.

ويؤكد مواطنون أن التصعيد الإعلامي وتبادل التصريحات بين المسؤولين لم يكن يوماً حلاً، بل كان الأجدر أن تُتخذ خطوات فعلية تحفظ كرامة المواطن العراقي، قبل أن يُدفع به إلى الأرصفة والمصير المجهول.

*****************************************************

شحّ في الأسمدة وغياب للدعم الفني أزمة زراعية تهدد الأمن الغذائي في العراق.. وواسط تتصدر المشهد!

بغداد – تبارك عبد المجيد

في الوقت الذي يُفترض أن تكون فيه الزراعة إحدى ركائز الأمن الغذائي والاقتصادي في العراق، يواجه فلاحو محافظة واسط أزمة متفاقمة تهدد استقرارهم المعيشي، وتضع مستقبل الزراعة على المحك.

إزاء شح الأسمدة، وغياب الدعم الفني، والقرارات الحكومية المثيرة للجدل بخفض أسعار شراء المحاصيل الاستراتيجية، يعيش الفلاحون حالة من الغليان الشعبي واليأس المتزايد، تُرجمت مؤخراً في تظاهرات سلمية قابلتها السلطات بالقمع، بحسب شهادات وشكاوى متكررة من مزارعين ومسؤولين محليين.

فلاح: تلقينا ضربة موجعة

قال عباس محمد، وهو فلاح من أهالي محافظة واسط، إن المزارعين باتوا يشعرون بأنهم مستهدفون من السياسات الحكومية التي تزداد قسوة عاماً بعد آخر، مشيراً إلى أن قرارات خفض أسعار شراء المحاصيل وعدم توفير مستلزمات الإنتاج الأساسية "أصبحت تهدد حياة آلاف العائلات التي تعتمد على الزراعة كمصدر رزق وحيد".

وأضاف محمد لـ"طريق الشعب"، أنهم يطالبون بحقوقهم الأساسية "وبدعمٍ يعيننا على الزراعة، لا يُجبرنا على تركها"، معتبرا تخفيض أسعار شراء الحنطة والشعير في هذا التوقيت "كارثة، لأننا زرعنا وحصدنا بكلف عالية وديون متراكمة".

وأوضح، أن الفلاحين كانوا ينتظرون موسم التسويق لتعويض ما دفعوه من أموال على البذور والأسمدة والمحروقات، لكنهم فوجئوا بقرار اعتبروه "ضربة موجعة"، مضيفاً: "كأن الحكومة لا تدرك ما نعانيه من شح المياه، وارتفاع أسعار السماد، وصعوبة الحصول على الوقود، والآن تبيعون محصولنا بأقل من كلفته!".

وتابع بغضب "نحن من يرزع لقمة العيش في هذا البلد، لكننا نُقابل بالتجاهل، وأحياناً بالقمع عندما نخرج لنعبر عن صوتنا. هل أصبحت المطالبة بالعيش الكريم جريمة".

وطالب عباس محمد بضرورة التراجع عن قرار تخفيض الأسعار، وتوفير الدعم الحقيقي للفلاحين، محذراً من أن استمرار هذه السياسات سيؤدي إلى "انهيار الزراعة وهجرة الأرض، وما يعنيه ذلك من تهديد مباشر للأمن الغذائي الوطني".

وقال أحمد القصير، مزارع ومستشار رئيس الجمعيات الفلاحية، إن محافظة واسط تُعد من أبرز المحافظات في إنتاج الحنطة، بعد العاصمة بغداد، وذلك بفضل موقعها الزراعي المميز على نهر دجلة. وأكد أن “انخفاض الإنتاجية هذا الموسم لا يعود إلى تقليص متعمد، بل هو نتيجة لتقليص الخطط الزراعية من مئة في المائة إلى مستويات متدنية تصل أحيانًا إلى 20 في المائة".

وأوضح القصير أن "وزارة الزراعة قلّصت المساحات المخصصة للزراعة، بحيث أن من كان يزرع أربعين دونما، خُفضت خطته إلى خمسة 25 دونما فقط. ومع ضعف الإنتاجية، فإن بعض الفلاحين يواجهون رفضا لمحاصيلهم عند التسويق، خصوصا إذا تجاوزت الإنتاجية الحد المسموح به (طنًا ز800 كيلوغرام للدونم )، ما يؤدي إلى عدم استيعاب السوق للزيادة.

غياب الدعم الحكومي

وأضاف أن "بعض المحافظات الأخرى رفعت سقف الغلة المستلمة، ما خفف من هذه المشكلة محليا، لكن الوضع لا يزال صعبًا في واسط".

وأشار إلى أن "غياب الدعم الحكومي، خاصة فيما يخص الأسمدة، أدى إلى تفاقم الوضع، حيث لا تتوفر أسمدة مثل الداب واليوريا من خلال الدولة، ما يفتح الباب أمام المضاربات في السوق، ويزيد التكاليف على الفلاحين".

وزاد بالقول إن الأرض أصبحت ضعيفة زراعيا ولا تعطي إنتاجية جيدة دون إضافة الأسمدة بشكل متكرر، ما يتطلب ثلاث وجبات تسميد على الأقل، وهو أمر مكلف جدا للفلاح. كما بيّن أن الحكومة رفعت يدها عن دعم المستلزمات الزراعية الأساسية، وبقي الدعم محصورًا بالبذور التي تُوزع وفقًا للخطة الزراعية.

ورغم أن الدولة ما زالت توفر بذورا محسنة، إلا أن الفلاحين لا يثقون بها بسبب ضعف نوعيتها وارتباطها بعلاقات ومصالح لبعض الشركات والمكاتب الزراعية، ما يدفعهم إلى شراء بذور مغلّفة أو مستوردة، تصل أسعارها أحيانًا إلى ثلاثة ملايين دينار للطن.

واختتم القصير حديثه بالتحذير من أن استمرار الوضع الحالي سيؤدي إلى عزوف الفلاحين عن زراعة الحنطة، مؤكدًا أن السعر المحدد حاليا من قبل الدولة  850 ألف دينار للطن، وأحيانًا أقل ولا يغطي التكاليف، ولا يتيح للمزارع القدرة على المنافسة مع المنتجات المستوردة والمدعومة من حكوماتها.

وحذر مدير زراعة واسط، أركان مريوش، من تداعيات نقص الأسمدة الزراعية على واقع الزراعة في المحافظة، مؤكداً أن الفلاحين يواجهون صعوبات متزايدة في الحصول على هذه المادة الأساسية، ما ينذر بتراجع الإنتاج الزراعي وربما عزوف البعض عن الزراعة في المواسم المقبلة.

نقص في الاسمدة

وقال مريوش لـ"طريق الشعب"، إن "الفلاحين في واسط كانوا يحصلون على الأسمدة من خلال دعم حكومي سابق، حيث كانت الأسعار مناسبة والنوعية جيدة، لكن الأمور تغيرت بسبب قلة التجهيزات في الوقت الحالي".

وأوضح أن "شركة التجهيزات الزراعية التابعة لوزارة الزراعة تعاقدت مع الشركة الجنوبية لصناعة الأسمدة لتأمين مادة اليوريا، إلا أن هذه الأخيرة لا تجهّز سوى 15 شاحنة فقط بحمولة 45 طناً لكل منها"، مضيفاً أن "هذا العدد غير كافٍ لتغطية احتياجات الفلاحين، ما تسبب في ارتفاع الأسعار بشكل كبير في السوق السوداء".

وأشار إلى أن الطلب على الأسمدة يزداد مع دخول الزراعة مراحلها الحاسمة، خصوصاً وأن الفلاحين باتوا في الثلث الأخير من الموسم الزراعي الحالي"، محذراً من أن استمرار هذا النقص قد يؤدي إلى عزوف عدد كبير من الفلاحين عن مواصلة نشاطهم الزراعي في المواسم المقبلة.

واختتم مريوش بدعوة الجهات المعنية في وزارة الزراعة إلى زيادة كميات التجهيز، وتحسين آليات التوزيع، بما يضمن استمرار العملية الزراعية ويخفف العبء الاقتصادي عن كاهل الفلاحين.

**************************************************

الصفحة الرابعة

تحذيرات دولية من استمرار السياسات الاقتصادية الحكومية توسع الإنفاق يهدد الاستقرار المالي..  وغياب الرؤية السياسية يُعّطل التنمية

بغداد - طريق الشعب

بينما تتزايد الضغوط والدعوات لإدارة الوضع المالي المتأزم، حذّر خبراء محليون ودوليون من استمرار التوسع في الإنفاق العام وغياب استراتيجية واضحة لتنويع مصادر الدخل، لا سيما أن صندوق النقد الدولي اكد في تقرير حديث أن التباطؤ في القطاعات غير النفطية، والاعتماد المفرط على عائدات النفط، يهددان الاستقرار الاقتصادي في المدى القريب، ما يستدعي إصلاحات هيكلية عاجلة. فيما دعا اقتصاديون ومعنيون الى ضرورة تبني رؤية اقتصادية بديلة، تقوم على تنمية القطاعات غير النفطية وتوسيع القاعدة الإنتاجية.

تباطؤ في النمو وعجز متفاقم

وقد كشف خبراء صندوق النقد الدولي اخيراً عن تراجع الوضع المالي فيما سجل نموا أبطأ قياسا خلال العام الماضي في القطاعُ غير النفطي

وقالت البعثة في بيان اعقب على اجتماع عقده خبراء البعثة مع مسؤولين عراقيين في عمّان وبغداد خلال المدة من 4 الى 13 أيار الحالي، ان "القطاعُ غير النفطي نما بوتيرة أبطأ في العام الماضي، وظلَّ التضخُّم منخفضاَ. فبعد تحقيق نمو قوي جدًّا بنسبة 13.8 في المئة في العام 2023، من المتوقع أن يكون الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي للعراق قد تراجع إلى نسبة 2.5 في المئة في العام 2024، بسبب التباطؤ في الاستثمار العام، وفي قطاع الخدمات، فضلًا عن ازدياد الضعف في الميزان التجاري".

ولفت البيان الى "ازدياد مواطن الضعف في العراق في السنوات الأخيرة بسبب التَّوسُّع الكبير في المالية العامة، فإلى جانب التأثير على آفاق النمو الذي يقوده القطاع الخاص، فإن سياسات التوظيف المعمول بها حاليًّا في القطاع العام، وتكاليف الأجور المترتبة عليها لا يمكن أن تستمر، وذلك نظرا إلى تدني حجم الوعاء الضريبي غير النفطي لدى العراق. وتبعًا لذلك، فقد تفاقم الاعتماد على عائدات النفط، وازداد سعر برميل النفط المطلوب لتصفير العجز في الموازنة، إلى حوالي 84 دولارًا في العام 2024، مرتفعا من 54 دولارا للبرميل في العام 2020".

وأشار في جزء منه الى انه "من المتوقع أن يظل النمو غير النفطي ضعيفًا في العام 2025 في خضم بيئة عالمية تكتنفها التحديات، والقيود على التمويل. ومن المتوقع أن يتباطأ الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي إلى 1 في المئة هذا العام حيث يُثقل انخفاض أسعار النفط والقيود على التمويل كاهلَ الإنفاق الحكومي ومعنويات المستهلكين".

ما المعالجات المطلوبة؟

في هذا الصدد، أكد المستشار المالي لرئيس الوزراء، د. مظهر محمد صالح، أن العراق يُعد من الدول المؤسسة لصندوق النقد الدولي منذ عام 1945، وتربطه بالصندوق علاقة ممتدة لأكثر من 80 عامًا، تتسم بالتعاون المستمر وتبادل الرؤى.

وقال صالح في تصريح لـ"طريق الشعب"، أن ما يُعرف بـ "مشاورات المادة الرابعة" هي: "تقييم سنوي شامل يجريه الصندوق للاقتصاد الكلي للدولة، ويشمل مراجعة المؤشرات الاقتصادية العامة، وتحديد نقاط القوة والضعف، والتحديات والمخاطر، وكذلك الفرص المتاحة"، مبيناً إن “هذا التقييم لا يترتب عليه التزامات أو إجراءات إلزامية، بل هو أقرب إلى تقرير استشاري تأخذه الحكومة العراقية بعين الاعتبار”.

وأضاف، أن وزارات المالية والنفط والتخطيط، والبنك المركزي، إضافة إلى الأجهزة الرقابية، تتابع هذه التوصيات، وتقوم بتحليلها والاستفادة منها، خاصة في ما يتعلق بتشجيع الاستثمار وتحسين مناخ الأعمال وتعزيز العلاقات المالية الدولية.

وأكد المستشار، أن الحكومات المقبلة مطالبة بوضع خطط لمعالجة قضية التوسع المالي، والعمل على تنويع مصادر الدخل من خلال تعظيم الإيرادات غير النفطية، مثل الشراكات مع القطاع الخاص، وتشجيع الاستثمار المشترك في قطاعات جديدة".

وشدد على أهمية "إيجاد نظام ضمانات فعّالة للعاملين في القطاع الخاص، ما من شأنه تشجيع المواطنين على الانخراط في سوق العمل الحر وتخفيف الضغط على التوظيف الحكومي"، مشيراً الى أن "توفر نظام تقاعدي عادل في القطاع الخاص للناس، من شأنه ان يغير نظرتهم لوظيفة الدولة، ويتحقق التوازن المطلوب”.

وخلص الى القول  انه “لا يمكن تحقيق نمو حقيقي دون تنمية القطاعات غير النفطية عبر شراكات مع الشركات العالمية والإقليمية لاستثمار الموارد الطبيعية غير المستغلة، ليس فقط في مجال الاستخراج، بل عبر سلاسل إنتاج وصناعة تضيف قيمة مضافة وتدعم الاستدامة المالية. هذا هو الطريق الوحيد نحو اقتصاد متنوع ومستقر”.

توسع خطر في الانفاق

وضمن السياق، حذر الخبير الاقتصادي أحمد عبد ربه من أن التوسع في الإنفاق العام، في ظل استمرار الأزمة المالية، قد يتسبب بمشكلات مالية حادة للعراق، لاسيما مع وجود عجز كبير في الموازنة لم يتم التعامل معه بصورة صحيحة حتى الآن.

وقال عبدربه في حديث لـ"طريق الشعب"، إن “الاستمرار في الاعتماد على مورد النفط كمصدر وحيد للدخل يمثل مخاطرة استراتيجية”، مشددًا على ضرورة أن "تعمل الحكومة على تنويع مصادر الإيرادات عبر إطلاق مشاريع تنموية حقيقية، من شأنها أن تخلق فرص عمل وتسهم في زيادة موارد الدولة".

وأشار إلى أن تقارير صندوق النقد الدولي الأخيرة أشارت بوضوح إلى تباطؤ نمو القطاعات غير النفطية في العراق، وهو ما يعكس ضعفا في السياسات الحكومية المتعلقة بالتنمية الاقتصادية خارج قطاع الطاقة.

وأوضح عبد ربه، ان "العراق بلد يمتلك مقومات زراعية وسياحية وصناعية كبيرة، لكنه يفتقر إلى الإرادة السياسية للنهوض بالقطاعات غير النفطية وتوظيف هذه الإمكانات”.

وانتقد عبد ربه أداء عدد من الشركات الحكومية، واصفًا إياها بـ "الخاسرة والعاجزة عن تحقيق نتائج، رغم ما يتوفر لها من أراضٍ واسعة وموارد طبيعية ومواقع سياحية مؤهلة للاستثمار"، مضيفاً ان “المشكلة ليست في غياب الموارد، بل في غياب الرؤية السياسية والقرار الاقتصادي الواضح”.

****************************************************

من يدير العجز: الشعب أم {المسؤولون} العاجزون؟

أسامة عبد الكريم

تواجه البلاد اليوم أزمة مالية متفاقمة، لا يمكن تجاهلها أو التهوين من تداعياتها، خصوصاً في ظل استمرار انخفاض أسعار النفط، المصدر الرئيسي لعوائد الدولة. وفي وقت يمسّ فيه القلق جميع طبقات الشعب، فإن أقل ما ينتظر من الحكومة هو قدرٌ عالٍ من الشفافية والمصارحة، بعيداً عن التصريحات المضللة أو التطمينات الشكلية التي لا تستند إلى وقائع ملموسة. فالشعب الذي يتحمل تبعات الأزمات على الدوام، يستحق أن يخاطب بصدق، لا أن يحمَّل وزر أخطاء لم يكن طرفاً فيها، ولا شريكاً في صناعتها. الإنفاق الحكومي ما زال يتضخم عاماً بعد آخر، لكنه لا يتجه بالضرورة نحو القطاعات الحيوية أو الخدمات الأساسية. بل بات واضحاً أن توزيع الموارد يتم بطريقة مبعثرة، تفتقر إلى التخطيط الاستراتيجي والرؤية التركيبية المتماسكة. تصرف الموازنات على مشروعات لا تتكامل، بل تتضارب في أهدافها أو تركن لاحقاً في رفوف النسيان، في حين تظل الأولويات الحقيقية – من صحة وتعليم وبنية تحتية – إما مهملة أو ممولة تمويلًا هامشياً. ومع تزايد العجز في الموازنة، تلوح في الأفق خيارات لا مفر منها، على رأسها اللجوء إلى الاقتراض لسد الفجوة، وهو ما يعني، ببساطة، ارتفاعاً جديداً في المديونية العامة.

المديونية، كما أثبتت التجارب القريبة والبعيدة، ليست رقماً عابراً في دفاتر الحسابات، بل قيد ثقيل على عنق الاقتصاد الوطني. إنها التزام طويل الأمد يستنزف مقدرات الدولة أكثر مما يضيف إليها، حيث تُستنفد نسبة معتبرة من الإيرادات المستقبلية في خدمة فوائد الديون بدلاً من توجيهها نحو مشاريع تنموية تمس حياة المواطنين. بهذا الشكل، تتحول المديونية إلى أداة تقييد لا تحفيز، تعرقل حركة الاستثمار العام وتزيد هشاشة السيادة الاقتصادية. الأسوأ من ذلك أن الحكومة قد تلجأ إلى حزمة من الإجراءات التقشفية التي، وإن بدت حتمية من منظور المحاسبة، إلا أنها ستضاعف الأعباء المعيشية على المواطنين، خصوصاً في ظل تآكل القدرة الشرائية وغياب شبكة حماية اجتماعية فعالة. وليس سراً أن هذه الحكومة تفتقر إلى المصداقية الكافية لتطلب من الشعب مزيداً من الصبر؛ فهي مثقلة بإرث من الفساد والمحاصصة وسوء الإدارة المالية، الذي أطاح بثقة الناس في مؤسساتها.

أمام هذا المشهد، هناك حاجة ملحة إلى مبادرة عقلانية تبدأ أولًا بمراجعة هيكل الإنفاق الحكومي وضبطه وفقاً لأولويات اجتماعية واقتصادية واضحة، تضع مصلحة المواطن في القلب منها. وثانياً، لا بد من تشكيل لجنة اقتصادية مستقلة من خبراء مشهود لهم بالكفاءة والنزاهة، تتولى تقديم خارطة طريق شاملة للخروج من الأزمة، بعيداً عن الحسابات السياسية الضيقة. الشفافية والإصلاح الحقيقي لم يعودا ترفاً؛ بل شرطاً أساسياً للبقاء.

***********************************************

وقفة أقتصادية.. في مؤتمر القمة غابت السوق المشتركة

إبراهيم المشهداني

انتهت يوم السبت السابع عشر من أيار أعمال مؤتمر القمة العربية  واتخذت قرارات تتسم بالأهمية ومن بينها تحقيق التنمية المستدامة  وهي تسمية عامة، لا ترتقي مع اتفاقيات سابقة اتخذها مجلس الوحدة الاقتصادية في الثالث عشر من آب عام  1964وقعت عليها  المملكة العربية السعودية ومصر والعراق والأردن ولبنان ثم التحقت بها الكويت في وقت لاحق، ووصل عدد البلدان المشتركة فيها 17 دولة عربية، وقد كانت مبادرة خيرة لتشجيع التكامل الاقتصادي بين الدول العربية بهدف تحفيز التنمية المستدامة وتنظيم التجارة والإدارة المشتركة للموارد الاقتصادي المتوافرة على امتداد  الجغرافية  العربية  وتسهيل حركة السلع  والخدمات وراس المال

لقد طرحت فكرة إقامة سوق عربية مشتركة بعد بضع سنوات من إبرام معاهدة الدفاع المشترك والتعاون الاقتصادي بين دول الجامعة العربية في عام 1950  وتبلورت الفكرة في عام 1959 بعد إسباغ كيان ذاتي على المجلس الاقتصادي المنصوص عليه في المعاهدة المذكورة،  وقد أقرت استراتيجية العمل الاقتصادي العربي المشترك  في قمة الدول العربية المنعقد في عمان عام ،1980  ورغم القناعات المشتركة بين الدول العربية بأهمية السوق إلا أن الفترة الماضية اتسمت بتراجع معدلات التنفيذ وقلة الإنجازات الحقيقية على الرغم من ظهور تكتلات اقتصادية كبرى على الصعيد العالمي كالوحدة الاوربية وتجمع تافتا في أمريكا الشمالية والتمع الاقتصادي الاسيوي (أسيان ) وظهور تكتلات جديدة (معاهدة شنغهاي ) وتجمع دول بريكس الذي أضيفت اليه العديد من الدول بينها مصر والسعودية وايران.

وطبقاً لقاعدة بيانات ومعلومات المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع لجماعة الدول العربية فأقر المجلس القرار رقم (1317 د 59) بتاريخ 19 شباط 1997 البرنامج التنفيذي وجدوله الزمني لإقامة منطقة تجارة حرة عربية وفقاً لأحكام اتفاقية تيسير وتنمية التبادل التجاري بين الدول العربية، وتتماشى هذه المنطقة مع أحكام منظمة التجارة العالمية، وقواعدها العامة المنظمة للتجارة العالمية، على أن تدخل حيز التنفيذ مطلع كانون الثاني 1998 بنسبة تخفيض 10 في المئة سنوياً.

وتضمنت الاتفاقية تحرير كل السلع العربية المتبادلة بين الدول الأطراف وفقاً لمبدأ التحرير التدريجي الذي طبق بدءاً من كانون الثاني  1998، على أن يجرى إنجاز التحرير الكامل لكل السلع العربية مع نهاية الفترة المحددة لإقامة منطقة التجارة الحرة العربية بتاريخ كانون الثاني 2005، ويمكن باتفاق الدول الأطراف في أثناء تنفيذ البرنامج وضع أي سلعة تحت التحرير الفوري، كما ينطلق التحرير المتدرج على قوائم السلع العربية التالية السلع الزراعية والحيوانية، ما يعني تحرير كل السلع الزراعية وإعفائها من كل الرسوم الجمركية، والضرائب ذات الأثر المماثل.

 ومن الواضح أن الرغبة المشتركة بين بعض الدول العربية المبادرة قد ساهمت في إيجاد نوع من التكامل الاقتصادي للارتقاء  باقتصاداتها ومواجهة المنافسة الاقتصادية التي تشتد في بعض المراحل حتى تصل إلى حد قطع العنق ومواجهة العولمة التي  تمنح الفوائد لتلك التكتلات العملاقة التي يتعذر مواجهها في ظل اقتصادات متخلفة تعتمد في احسن حالاتها على البترول والرغبة في اللحاق بالاقتصادات المتطورة على النطاق  العالمي. غير أن مثل هذه السوق المرتقبة  لا يمكن بناؤها على رغبات عابرة أو موسميه تقررها سياسات تفتقر إلى الاستقلال السياسي الوطني لبعض الحكومات وانما تتطلب قبل كل شيء توطيد استقلاها السياسي والقدرة على اتخاذ قرارات غير خاضعة للضغوط الخارجية وانما تتطلب دراسات معمقة لطبيعة اقتصاداتها وآفاق تطورها عبر الاستثمار الأمثل للموارد المتاحة  ولدراية التامة لأبرز التحديات التي تواجهها ومعالجتها في إطار من العمل المشترك تتداخل في جهود الكفاءات الاختصاصية عبر مؤتمرات لدراسة كل ما من شانه تشخيص العوائق واليات التخلص منها  ومن بين هذه التحديات الواجب مواجهتها ابتداء الاختلاف في المواقف السياسية خاصة الناجمة عن الضغوط الخارجية التي تمارسها مجموعات ضغط تنطلق من أهداف الاستحواذ على أسواق وموارد الدول العربية عبر الفجوات الكبيرة بين اقتصادات رأسمالية متطورة تقابلها اقتصادات متباينة في مستوى تطورها وتفتقر إلى التنسيق المشترك، أليس ذلك أفضل من تعزيز الاقتصاد الأمريكي بتريليونات الدولارات الاقتصادات العربية أولى بها ؟

************************************************

الصفحة الخامسة

من الازدهار إلى الإهمال! النقل السككي .. خدمات رديئة وبنى تحتية متهالكة 

متابعة – طريق الشعب

يعد العراق من أول دول المنطقة في النقل السككي. إذ دخلت السكك الحديد إلى البلاد عام 1869 مع إنشاء أول خط ترامواي بين بغداد والكاظمية، ثم خط آخر يربط النجف بالكوفة. وخلال فترة الحرب العالمية الأولى جرى إنشاء مشروع سكة حديد برلين – بغداد، الذي نفذه الألمان والعثمانيون. وفي العام 1936، انتقلت إدارة السكك الحديد إلى الحكومة العراقية. أما في الستينيات والسبعينيات فقد ازدهر النقل السككي، وانتشرت المحطات على امتداد مساحة البلاد، لكن منذ فترة الحصار الاقتصادي في التسعينيات وحتى بعد 2003، تعرض قطاع النقل السككي إلى إهمال واضح، ولم يطرأ عليه تأهيل وتطوير بالشكل الذي يجعله يواكب أمثاله في الدول الأخرى. وهو اليوم قطاع يعاني تدهورا ملحوظا في مستوى الخدمات المقدمة للمسافرين، إضافة إلى تهالك وقدم البنى التحتية المتمثلة في خطوط السكك الحديد والقاطرات والعربات، ما يجعلها تفتقر إلى الراحة والسرعة والأمان، وهذا بدوره أدى إلى خفض الطلب على القطاع، على الرغم من توفيره أرخص وسائط النقل وأهمها في تجنب الازدحامات والحوادث المرورية.

يأتي هذا في الوقت الذي تُحمّل فيه لجنة النقل البرلمانية، الحكومة الحالية مسؤولية عدم إكمال المنهاج الوزاري لتطوير قطاع النقل. فرغم قرب انتهاء ولايتها لا تزال غالبية المشاريع في طور الاستشارات. في المقابل، تؤكد وزارة النقل تأهيل 12 خطاً سككياً وإعادتها إلى الخدمة خلال السنوات الثلاث الماضية، وان العمل مستمر لإكمال بقية المشاريع.

إهمال كبير

في هذا السياق، يقول الخبير في مجال النقل باسل الخفاجي، أن العراق كان من الدول الأولى في تطور النقل السككي منذ الستينيات والسبعينيات، مبينا في حديث صحفي أن "القطار كان ينطلق من محطة المعقل في البصرة ثم إلى ميناء أم قصر، وبعدها يتجه نحو بغداد وكل المحافظات، وصولا إلى تركيا".

ويضيف قائلا أن "القطار كان يتجه من المحطة العالمية في منطقة العلاوي نحو تركيا، ثم ينتقل أكثر الركاب والسائحين إلى قطار آخر للذهاب إلى ألمانيا، وهذا غير متوفر حالياً نتيجة الإهمال الكبير من قبل وزارة النقل".

ويشير الخفاجي إلى أن "سكك قطار طريق التنمية من المفترض أنها موجودة وتمتد من المعقل في البصرة إلى تركيا. فتلك السكك بحاجة إلى استبدال بأخرى حديثة، على أن تصل إلى ميناء الفاو الكبير عبر مدها لمسافة 400 كيلومتر بعد ميناء أم قصر، للاستفادة منها في نقل البضائع والركاب".

عدم الالتزام بالمنهاج الوزاري

من جهته، يقول عضو لجنة النقل البرلمانية هيثم الزركاني، أن "الحكومة الحالية لم تلتزم بالمنهاج الوزاري حتى بنسبة 25 في المائة. ورغم قرب انتهاء ولايتها لا تزال غالبية المشاريع في طور الاستشارات والاجتماعات".

ويدعو في حديث صحفي إلى "محاسبة رئيس الوزراء لعدم إكمال المنهاج الحكومي الذي كان يتضمن تطوير قطاع النقل من فك الاختناقات ومعالجة طرق النقل وسكك الحديد"، مشيرا إلى أن "قطاع النقل لا يرتقي بالمستوى، خصوصاً سكك القطارات، فهي غير مؤهلة ولا تواكب التطور الحالي في دول العالم - حيث تصل سرعة القطارات هناك إلى نحو 300 كيلومتر في الساعة - بل أن قطاعنا السككي لا يواكب حتى قطاعات دول مجاورة مثل تركيا وإيران".

ويشير الزركاني إلى ان "هناك حاجة للربط السككي في نقل البضائع، خاصة عند الانتهاء من ميناء الفاو. فالقاطرة الواحدة قد تعوّض عن عشرات شاحنات النقل"، مبينا أن "أهمية تلك السكك لا تقتصر على نقل البضائع، بل تشمل نقل المسافرين بين المحافظات. لذلك أن افتتاح النقل السككي أخيرا بين بغداد والموصل، كان إضافة جيدة".

تأهيل 12 خطاً

في المقابل، يؤكد المتحدث باسم وزارة النقل ميثم الصافي، أن "الوزارة أكملت تأهيل 12 خطاً سككياً، وتمت إعادتها إلى الخدمة خلال السنوات الثلاث الماضية. وفي العام الماضي تم افتتاح مشروع ساوة – حجامة، وان العمل مستمر لإنجاز بقية المشاريع".

وعن سكك خط البصرة - الشلامجة، يوضح الصافي في حديث صحفي، أن "هذا المشروع مخصص للمسافرين. وتم التعاقد مع شركة (إيماثيا) الإسبانية التي شرعت بإجراءات تنفيذه"، لافتا إلى ان "هذا المشروع يحتاج إلى أعمال تأهيل من حيث إزالة الألغام ورفع المخلفات الحربية والتجاوزات على الطريق. وقد بدأت وزارة النقل بعمليات التأهيل، وهي الآن في مراحل متقدمة، وعلى أبواب تنفيذ المشروع بشكل مباشر".

ويتابع قوله ان "هناك مشروعا آخر، وهو مشروع طريق التنمية المرحلة الأولى. إذ يجري العمل حاليا على تأهيل الخطوط القديمة للاستفادة من هذا المشروع في تشغيل ميناء الفاو. فضلا ذلك سيتم تنشيط قطاع السكك في المحافظات التي يمر فيها طريق التنمية. حيث وضعت وزارة النقل خطة لإعادة تأهيل الخط من البصرة إلى بغداد ومن ثم من بغداد باتجاه المناطق الشمالية". وعن خط البصرة - الشلامجة، يقول الصافي أن "طوله يبلغ 36 كيلومترا من الحدود الإيرانية إلى محطة البصرة، ومنها ينطلق إلى عدة محافظات بينها كربلاء، إضافة إلى ذلك، هناك مشروع آخر يربط النجف مع كربلاء، وهو مشروع قطار معلق بطول 85 كيلومترا، وهناك عروض عليه من قبل شركات عدة، وهو حالياً محال إلى هيئة الاستثمار". ويشير الصافي إلى ان "العمل مستمر في مشروع طريق التنمية الاستراتيجي، وتم إكمال مرحلة التصاميم الأولية فيه، وهو حالياً في مرحلة التصاميم التفصيلية، وهذه تنتهي نهاية العام الحالي، وبعدها يعرض المشروع أمام الشركات لغرض تنفيذه".

*********************************************

موجة سرقات تُقلق أهالي اليرموك

متابعة – طريق الشعب

شهدت منطقة اليرموك في بغداد منذ فجر أول أمس الثلاثاء، موجة سرقات أقلقت السكان، بعد تسجيل خمس حالات سطو باستخدام “ستوتة” بلا لوحات تسجيل.  ووثقت كاميرات المراقبة تلك الحوادث، حيث تتوقف المركبة أمام المنزل الهدف، وتجري العملية بلمح البصر.  وحمل السارقون أشياء خفيفة وسهلة الحمل مثل قناني الغاز، كابلات الكهرباء، أغطية المجاري، دراجات هوائية ومولدات كهرباء.  ووقعت تلك الحوادث تحديدا في المحلة 608، وغالباً في الليل أو بعد صلاة الفجر، ما دفع الأهالي للمطالبة بنشر دوريات أمن في المنطقة. 

يقول مختار المحلة 608 اياد إبراهيم، أن هناك ستوتات مشبوهة تدخل إلى المنطقة دون رادع، وقد ناشد السكان القوات الأمنية مرارا، وضع حد لهذا الأمر، داعيا الأهالي في حديث صحفي إلى تركيب كاميرات مراقبة، وتنصيب إنارة قوية أمام منازلهم.  كذلك يدعوهم إلى الإسراع في التبليغ عن حوادث السرقة "وإذا لم يتمكن شخص من إبلاغ القوات الأمنية، فليبلغني أنا أو المختارين الآخرين، وسنتخذ الإجراء المطلوب".

ويُطالب المختار بوضع دوريات أمنية في المنطقة بعد الساعة 12 ليلاً إذا أمكن، لملئ الفراغ الأمني خلال هذه الفترة. 

من جانبه، يقول المواطن رسول أن هناك ستوتات تدخل إلى المنطقة بغية السرقة، وما أن يرى أصحابا بابا مفتوحا حتى يسارعوا إلى الدخول للمنزل، والتقاط ما يمكن التقاطه من قناني الغاز أو أغطية المنهولات، فضلا عن حاويات النفايات!

فيما يقول المواطن غيث، أنه خلال 24 ساعة حدثت خمس حالات سرقة في مربع سكني واحد، لافتا في حديث صحفي إلى أنه قبل أيام حصلت حالات سرقة مشابهة، وتم القبض على السارق.

*********************************************

العشوائيات بين العدل والتعسف!

وصفي السامرائي

رحم الله الزعيم عبد الكريم قاسم، الذي لم يقم بإزالة بيوت الفقراء الطينية، ممن هاجروا من جنوب البلاد، قبل أن يبني لهم بيوتا تحفظ كرامتهم!

أثارت الحملة التي قام بها محافظ البصرة اسعد العيداني لإزالة بيوت المتجاوزين بحجة أنها مبنية على أملاك عامة وخاصة، استياء الكثيرين.

وانا أتساءل: لو وفرت الدولة بيوتا واطئة الكلفة لهؤلاء المواطنين، هل كانوا سيتجاوزون على اراض لا تعود لهم؟ الم يحمّل الدستور الدولة مسؤولية القيام بواجبها في هذا الاتجاه؟ ثم ما هذه النظرة العنصرية، إذ يصرّح القائمون على حملة الإزالة بأن العديد من المتجاوزين جاءوا من الناصرية والعمارة؟! ألم يكفل الدستور للمواطنين، حق السكن في أي بقعة من بقاء الوطن؟

**************************************************

الحمى القلاعية تستفحل في الجبايش

متابعة – طريق الشعب

كشفت منظمة الجبايش للسياحة البيئية، في قضاء الجبايش بمحافظة ذي قار، عن تسجيل إصابات عديدة بمرض الحمى القلاعية FMD في صفوف حيوانات الجاموس في مناطق الأهوار، الأمر الذي يهدد حياة آلاف الرؤوس من الثروة الحيوانية.

وقال رئيس المنظمة رعد الأسدي في حديث صحفي، أن "الإصابات المسجلة تعتبر كارثة حقيقية، نظرا لعددها الكبير"، داعيا الجهات المعنية، وفي مقدمتها وزارة الزراعة والمنظمات الدولية، إلى التدخل الفوري قبل حصول الكارثة وفقدان الآلاف من المواشي، التي تعتبر المصدر المعيشي الأساس لسكان الأهوار.

**********************************************

حقوق الإنسان في البصرة: 40 في المائة من السكان بلا سكن كريم!

متابعة – طريق الشعب

كشف مكتب المفوضية العليا لحقوق الإنسان في البصرة، أمس الأربعاء، عن ارتفاع نسبة الفقر في المحافظة. فيما لفت إلى ان 40 في المائة من مواطني البصرة يفتقرون للخدمات الأساسية ولا يمتلكون مساكن خاصة بهم.

وقال مدير المكتب مهدي التميمي في حديث صحفي، أن "أكثر من 40 في المائة من سكان البصرة ما زالوا لا يمتلكون سكناً كريماً. وأن نسب الفقر في المحافظة قد تتجاوز 40 في المائة، إذا ما تم اعتماد معيار الدخل السنوي الذي تعتمده دول العالم، ومنها الدول النامية، في تفسير الفقر"، منبها إلى أن "هذه الأرقام تعكس أزمة اقتصادية حقيقية تتطلب تدخلاً عاجلاً".

وأشار إلى أن "البصرة تعاني نسب تلوث خطيرة في الماء والتربة والهواء، تصل في بعض المناطق إلى أكثر من 50 في المائة، ما يشكل تهديداً مباشراً للصحة العامة، بالتزامن مع ارتفاع معدلات الأمراض الاجتماعية، والتطرف الفكري والديني، وظهور جرائم هجينة".

وبيّن التميمي أن "هناك إهمالاً كبيراً لمنظومة بناء الإنسان في المحافظة، إلى جانب تدهور واضح في البيئتين التربوية والصحية، وهو ما لا يتناسب مع حجم وثروات وتاريخ محافظة البصرة التي يُفترض أن تكون نموذجاً للتنمية والاستقرار الإنساني".

وبينما تُقدم الحكومة المحلية في البصرة وغيرها على إزالة المنازل المتجاوزة، معتبرة ذلك تطبيقا للقانون، لا توفر بدائل معقولة لسكان تلك المنازل، وجلّهم من المعدمين جدا. ولا يعترض هؤلاء المنسيون على تطبيق القانون، لكنهم أيضا لا يريدون أن يُرمى بهم وأطفالهم الى الشوارع، في ظل غلاء السكن في المحافظة بشكل مبالغ فيه، بموازاة استفحال البطالة.

ويرى مراقبون أن تلك التجاوزات لم تأت عبثا، إنما هي صورة فاضحة واضحة لأزمة السكن المتنامية في البلاد، مشيرين إلى انه قبل الشروع بتطبيق قانون رفع التجاوزات، يجب تطبيق المواد الدستورية التي تقر صراحة بكفالة السكن الكريم واللائق للمواطن!

*******************************************

مواساة

  • تعزي اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في الرصافة الاولى، الرفيق عبد الإله خميس ( ابو حيدر)، بوفاة شقيقه د. غازي خميس، إثر مرض عضال. الفقيد من الشيوعيين القدامى. وقد تعرّض مع عائلته إلى شتى أنواع الملاحقة والتعذيب على يد النظام المقبور.

له الذكر الطيب ولعائلته الصبر والسلوان.

***********************************************

الصفحة السادسة

بريطانيا وكندا وفرنسا ينوون الاعتراف بالدولة الفلسطينية {معاً} تصعيد أوروبي ضد الاحتلال والعدوان الصهيونيين متابعة – طريق الشعب

انتقد عدد من الدول الأوروبية بشكل غير مسبوق، الاحتلال الصهيوني الذي يواصل حرب الإبادة الجماعية على الفلسطينيين، وفرضه حصارا خانقا فاقم أعداد الضحايا. وجاءت هذه الانتقادات بعد تصاعد نبرة الانتقادات الغربية لحكومة نتنياهو المتطرفة، اذ أعلنت بريطانيا فرض عقوبات ضد مستوطنين، وتعليق بيع أسلحة ومفاوضات للتجارة الحرة. كما استدعت سفيرة الاحتلال وأبلغتها رفض توسيع العمليات في غزة.

ويبدو أن ترامب هو الآخر يريد إنهاء لحرب، وفق ما أكده مسؤولان في البيض الأبيض، وأكدا شعوره بالإحباط والانزعاج بعد مشاهدة صور معاناة الأطفال الفلسطينيين، وعلى إثر ذلك طلب من مساعديه ابلاغ نتنياهو بإنهاء الأمر وإعادة الرهائن وإدخال المساعدات والبدء بإعادة إعمار القطاع.

تصريحات تندد!

وفي تطور لافت، أدلى عدد من المسؤولين الأوروبيين خلال اليومين الماضية، بتصريحات ضد الاحتلال الصهيوني في غزة، ويأتي ذلك بعد صمت مطبق إزاء الفظائع التي ترتكب بشكل يومي، فقد طالب وزير خارجية إيطاليا أنطونيو تاياني بوقف العمليات ضد المدنيين في غزة وفتح المعابر فورا لإدخال المساعدات الإنسانية.

من جهته قال رئيس وزراء النرويج يوناس غار ستوره إن بلاده ستواصل اتصالاتها الدولية بهدف الاتفاق على تدابير فعالة يمكنها مواجهة الانتهاكات الإسرائيلية للقانون الدولي، بما في ذلك العقوبات الاقتصادية.

بدورها، أكدت وزيرة خارجية السويد ماريا مالمر ستينرغارد أنه إذا كانت إسرائيل تنوي السيطرة على غزة فهذا يعني ضمها وهو أمر يتعارض مع القانون الدولي. وأضافت أن السويد متمسكة بإيمانها الراسخ أنه لا يجوز تغيير أو تقليص مساحة أراضي غزة.

السلام بحل الدولتين

وفي لندن، قال وزير البيئة البريطاني ستيف ريد إن الوضع في غزة لا يطاق متهما حكومة بنيامين نتنياهو باتخاذ قرارات تزيد الأمر تعقيدا. مؤكداً أن السلام لن يتحقق إلا بحل الدولتين، وأشار إلى أن بلاده تعمل مع الحلفاء للضغط على حكومة نتنياهو "للبدء في تحسين الأمور ومنع تدهور الوضع، ستفعل حكومتنا ما يلزم لوقف الأعمال العدائية".

فيما طالبت وزيرة الخارجية الأسترالية بيني وونغ إسرائيل بالسماح بالعودة الكاملة والعاجلة لدخول المساعدات لقطاع غزة، ودانت ما وصفتها بالتصريحات البغيضة والفظيعة لأعضاء من حكومة نتنياهو بشأن أهل غزة الذين يعيشون هذه الكارثة.

مراجعة اتفاقية الشراكة

وفي التطورات، أعلنت منسقة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس، أنها طلبت مراجعة اتفاقية الشراكة مع الاحتلال، مؤكدة وجود أغلبية مع ذلك واصفة الوضع في غزة بالكارثي ومشددة على أن الضغط مطلوب لتغييره.

وقالت مصادر صحفية، إن 17 دولة أوروبية وافقت على مراجعة الاتفاقية، مقابل رفض 9 دول، حيث تنص الاتفاقية التي دخلت حيز التنفيذ عام 2000 على استناد العلاقة بين التكتل وإسرائيل "على احترام حقوق الإنسان والمبادئ الديمقراطية، التي توجه سياستهما الداخلية والدولية".

وأضافت المصادر أن "المراجعة ستزيد فرص فرض عقوبات تجارية على إسرائيل".

الاعتراف بدولة فلسطين

ويوم الثلاثاء، أكد رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا بايرو أن "التحرك للاعتراف بدولة فلسطينية لن يتوقف" مؤكداً في حديثه امام الجمعية الوطنية أن "بريطانيا وكندا وفرنسا ستتحرك معاً وكذلك ستعترض على ما يحدث في غزة".

وجاء ذلك في رده على زعيمة كتلة حزب "فرنسا الأبية" ماتيلد بانو التي سألته عما إذا كان ينوي "الاعتراف بدولة فلسطين بعدما لم يبق هناك من فلسطينيين".

وكان قادة فرنسا والمملكة المتحدة وكندا حذروا، الاثنين، من أنهم "لن يقفوا مكتوفي الأيدي" في مواجهة "الأفعال الشائنة" في غزة، وهددوا باتخاذ إجراءات ملموسة إذا لم يتوقف الاحتلال هجومه العسكري ولم يسمح بدخول المساعدات الإنسانية.

حظر تجارة الأسلحة

وفي خطوة جديدة، صدّق البرلمان الإسباني على النظر في مقترح حظر تجارة الأسلحة مع إسرائيل، وهو مقترح قدمته أحزاب يسارية وقومية يدعو إلى حظر بيع الأسلحة إلى الدول المتورطة في ارتكاب إبادة جماعية، بما في ذلك إسرائيل.

وسبق ذلك دعوة رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز إلى استبعاد إسرائيل من الفعاليات الثقافية الدولية مثل مسابقة الأغنية الأوروبية "يوروفيغن"، قائلاً: "لا يمكننا أن نسمح بازدواج المعايير، حتى في الثقافة". ويقصد بذلك إبعاد روسيا من هذه المسابقة بعد الحرب مع أوكرانيا.

جريمة ضد الإنسانية

وفي آسيا، قال مدير العلاقات العامة بالقوات المسلحة الباكستانية الجنرال أحمد شريف شودري إن ما "يحدث في قطاع غزة أقل ما يمكن وصفه أنه جريمة ضد الإنسانية" وطالب "إسرائيل بالتوقف عن العنجهية وقتل الأطفال والنساء والأبرياء، فهذا لن يكون إلا سببا في تراجعها ونفور العالم منها، وخلق أعداء لها".

كما وصف رئيس الوزراء الاحتلال الإسرائيلي الأسبق إيهود أولمرت ما تفعله إسرائيل الآن في قطاع غزة بأنه "يقارب جريمة حرب".

وقال إن "مشهد الحرب الواضح هو مقتل آلاف المدنيين الفلسطينيين الأبرياء وعديد من الجنود". مضيفاً "هذه حرب بلا هدف وبلا فرصة لتحقيق أي شيء يمكن أن ينقذ حياة الرهائن".

*********************************************

مليونان ضحايا للمجاعة 14 ألف رضيع فلسطيني مهددون بالموت

متابعة – طريق الشعب

احتج مؤسس موقع ويكيليكس جوليان أسانج على قتل أطفال غزة من قبل الاحتلال الإسرائيلي، خلال ظهوره على السجادة الحمراء في مهرجان كان السينمائي، اذ ارتدى قميصا طُبع عليه أسماء 4986 طفلا فلسطينيا دون سن الخامسة، فقدوا حياتهم منذ اندلاع الحرب في رسالة قوية لتسليط الضوء على الثمن الإنساني الباهظ، كما كتب على ظهره عبارة "أوقفوا إسرائيل"، ما أضاف مزيدا من الرمزية والاحتجاج إلى ظهوره على السجادة الحمراء في المهرجان.

ويوم أمس، دعا البابا ليو الرابع عشر، إلى السماح بدخول مساعدات إنسانية كافية إلى القطاع و"وضع حد للقتال الذي يدفع ثمنه الباهظ الأطفال والمسنون والمرضى". في حين اتهمت منظمة أطباء بلا حدود، الاحتلال بالسماح بدخول مساعدة "غير كافية بشكل مثير للسخرية" مؤكدةً أن ذلك يظهر "نيتها تجنب اتهامها بتجويع الناس في غزة، بينما في الواقع هي تبقيهم بالكاد على قيد الحياة".

حصيلة التصعيد

واستشهد ما يزيد على 52 فلسطينياً منذ فجر أمس الأربعاء، جراء القصف الجوي والمدفعي الإسرائيلي المتواصل على مناطق متفرقة في القطاع، فيما أفادت وزارة الصحة الفلسطينية باستشهاد 98 فلسطينيا آخرين، يوم أمس الأول، في حين اقر الاحتلال بمقتل جندي واصابة آخرين بعد سقوط مبنى كانوا يختبئون فيه بعد استهدافه من المقاومة الفلسطينية. وفي آخر التطورات أطلق الاحتلال النار على 25 دبلوماسياً اوروبياً في مدينة جنين للاطلاع على الواقع المأساوي للمخيم.

تحذيرات

وحذرت منظمات إنسانية من أن سياسة التجويع الممنهجة، قد تسفر عن وفاة نحو 14 ألف رضيع خلال اليومين المقبلين، ما لم يتم إدخال مساعدات غذائية عاجلة وبشكل كافٍ.

ورغم ما أُعلن عن سماح الاحتلال بدخول 5 شاحنات إغاثة محملة بأغذية ومساعدات للأطفال إلى القطاع المحاصر، وصف خبراء هذه الخطوة بأنها مجرد "قطرة في بحر الاحتياج".

وقال مسؤول الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، توم فليتشر، أن فرق الإغاثة تقدر احتمال وفاة 14 ألف رضيع خلال 48 ساعة في حال لم تصلهم مساعدات غذائية فورية.

مليونان يعانون من المجاعة

من جهته، قال واسم مشتهى من منظمة أوكسفام إن "إسرائيل حرمت سكان غزة من الغذاء والماء والدواء، وتواصل قصفها العشوائي والوحشي"، مضيفا: "هناك مليونا إنسان على شفا المجاعة يعانون من الجوع والمرض والصدمة والتشريد".

واعتبر مشتهى أن السماح المحدود بدخول المساعدات لا يمثل تقدما حقيقيا، بل هو "تنازل ضيق" يعكس تصاعد الضغوط الدولية على إسرائيل. بدورها، أكدت مسؤولة السياسات في المنظمة بشرى الخالدي، أن المطلوب الآن هو: "فتح كل المعابر فورا لتأمين استجابة إنسانية شاملة وآمنة تحترم القانون الدولي".

كما شدّدت على أن "قافلة رمزية لا تمثل تقدما"، وأن "وقف القصف وتحقيق العدالة والمساءلة" يمثلان شرطين أساسيين لإنهاء المأساة المتصاعدة.

أرقام جديدة

وأعلن المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، أرقاما جديدة نتيجة الحصار على القطاع، وأكد "أن سياسة التجويع الممنهجة أدت خلال 80 يوما من الحصار الكامل إلى استشهاد 326 شخصاً، بينهم 58 بسبب سوء التغذية، و242 نتيجة نقص الغذاء والدواء".

وقال المكتب إن "من بين الشهداء أيضا 26 مريض كلى قضوا بسبب انعدام الرعاية اللازمة، كما تم تسجيل أكثر من 300 حالة إجهاض بين النساء الحوامل، بسبب نقص العناصر الغذائية الأساسية لاستمرار الحمل".

***********************************************

الصين وروسيا تعترضان على مشروع القبة الذهبية الامريكي

متابعة – طريق الشعب

أعربت الصين، أمس، عن قلقها البالغ إزاء مشروع القبة الذهبية الذي أعلن عنه الرئيس الأميركي دونالد ترامب، فيما اعتبرته روسيا "شأن سيادي أميركي".

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، "ينتهك هذا النظام الهجومي بدرجة عالية مبدأ الاستخدام السلمي للفضاء الخارجي". مضيفة، أن المشروع "يزيد من خطر تحويل الفضاء إلى ساحة معركة، ويهدد بإطلاق سباق تسلح جديد، كما يهزّ أسس الأمن الدولي ونظام الحد من التسلح"، حسبما أورد موقع "نيوزويك".

وتابعت: "الولايات المتحدة، من خلال وضع مصالحها أولا وهوسها بالسعي وراء أمن مطلق، تنتهك مبدأ الأمن المتبادل وتضعف أمن الجميع، مما يزعزع التوازن والاستقرار الاستراتيجي العالمي".

واختتمت المتحدثة قائلة: "نشعر بقلق بالغ حيال هذا الأمر، ونحث الولايات المتحدة على التخلي عن تطوير ونشر النظام في أقرب وقت، واتخاذ خطوات ملموسة لتعزيز الثقة الاستراتيجية المتبادلة بين الدول الكبرى، والحفاظ على الاستقرار الاستراتيجي العالمي".

الى ذلك، اعتبرت روسيا، مشروع القبة الذهبية شأن سيادي أميركي، لكنها قالت إن التواصل مع موسكو بشأنها يبقى ضروريا.

وقال الناطق باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، أنه "في المستقبل القريب، سيتطلب مسار الأحداث استئناف الاتصالات بهدف استعادة الاستقرار الاستراتيجي.

وأعلن ترامب، الثلاثاء، عن رؤيته المقترحة لبرنامج "القبة الذهبية" الدفاعي الصاروخي، الذي يتضمن نشر أسلحة أمريكية في الفضاء. وقال إنه يتوقع أن يكون النظام جاهزا للعمل بالكامل قبل نهاية ولايته عام 2029. ووفقاً لترامب ان النظام سيكون قادرا على اعتراض الصواريخ حتى لو أطلقت من الفضاء.

******************************************

ازمة العقارات عاملٌ مهمٌ في التحول الملحوظ.. الناخبون البرتغاليون يتجهون يمينا

رشيد غويلب

فاز التحالف الديمقراطي المحافظ (أي دي) بزعامة رئيس وزراء البرتغال الحالي، مونتينيغرو، في الانتخابات البرلمانية التي جرت الأحد الفائت، بحصوله على 89 مقعدا (+9). هو تحالف انتخابي بين الحزب الديمقراطي الاجتماعي المحافظ وأحزاب يمينية أصغر حجما.

الفائز الحقيقي مرة أخرى هو اليمين المتطرف العنصري "تشيغا" (كفى)، الذي شهد نموا مستمرا في السنوات الأخيرة، وتوجها بحصوله على قرابة 23 في المائة من أصوات الناخبين، منحته 58 نائبا في البرلمان (+8).  وأصبح منافسا قويا للحزب الاشتراكي (ديمقراطي اجتماعي) على المركز الثاني. ويبدو ان الحزب أصبح لأول مرة يمتلك قاعدة انتخابية مستقرة.

حافظت المبادرة الليبرالية مواقعها كرابع قوة في البرلمان بتسعة نواب (+1).  ودخل حزب "من أجل الشعب" في جزيرة "اديرا" البرلمان بمقعد واحد.

الخاسرون

يعد الحزب الاشتراكي أكبر الخاسرين، بعد تعرضه لانتكاسة كبيرة، أدت إلى استقالة سكرتيره العام بيدرو نونو سانتوس. واستمرت سلسلة خسارته، فحصل على 23,38 في المائة (58 نائبا)، مقابل 28 في المائة (78 نائبا) في آخر انتخابات. في السابق حكم الحزب الاشتراكي يحكم بأغلبية مطلقة. ولم تتمكن حملته الانتخابية التي تضمنت سياسات جديدة في مجال الصحة والإسكان من إخفاء حقيقة حزب كان يتمتع بالأغلبية قبل فترة ليست طويلة. كان بإمكانه معالجة المشاكل، ولكنه لم يفعل. وفي مجالات السياسة الأكثر تأثيراً على حياة الناس، كان الحزب الاشتراكي جزءاً من المشكلة، وليس جزءاً من الحل.

الهزائم الصعبة لحقت بأحزاب اليسار الماركسي الرئيسية الحزب الشيوعي البرتغالي، وحزب كتلة اليسار، اللذين لعبا دوراً أساسياً في الدفاع عن الحقوق الاجتماعية والمدنية.

خرج حزب "كتلة اليسار" من هذه الانتخابات بمقعد واحد شغلته منسقة الحزب ماريانا موراتهغوا. كان لدى الحزب في عام 2015، 19 نائباً. وتراجعت حصة الحزب الشيوعي البرتغالي الى 3 نواب (-1)، وكان للحزب 15 نائبا في عام 2015،. ومعروف ان الحزب الشيوعي البرتغالي صاحب دور ريادي في تاريخ البلاد، وهو الحزب الذي جسد فكرة مناهضة الفاشية ومقاومة دكتاتورية سالازار من عام 1926 إلى عام 1974. وفي أول انتخابات ديمقراطية في عام 1975، حصل الحزب على 12 في المائة، منحته 30 مقعدا.

التشكيل اليساري الوحيد الذي سجل مكاسب في هذه الانتخابات هو حزب "ليفر" اليساري الأخضر، الذي جاء في المركز الخامس بحصوله على 4 في المائة من الأصوات، منحته 6 نواب (+2). من حيث برنامجه وسياساته الانتخابية، يحتل الحزب موقعا وسطا بين الحزب الشيوعي وحزب "كتلة اليسار".  بالإضافة الى ذلك، احتفظ حزب "الإنسان والحيوان والطبيعة" ذو التوجه اليساري بمقعده الوحيد.

وباختصار شديد، فإن المجموعات اليسارية، التي حصلت على ما مجموعه حوالي 2,8 مليون صوت في عام 2015، لن تحصل إلا على 1,7 مليون صوت في عام 2025، وهو انخفاض كبير بنسبة 35 في المائة تقريبا.

سيناريوهات مستقبلية صعبة

انتخب البرتغاليون برلمانا جديدا للمرة الثالثة خلال ثلاث سنوات. كانت الانتخابات الحالية مبكرة، بسبب خسارة الحكومة، في اذار الفائت الثقة في البرلمان. بالنسبة للناخبين د كان خيارًا غير مرغوب. لقد انتخبوا حكومة قبل عام واحد فقط ويواجهون جدولاً انتخابياً مليئاً بالتحديات: الانتخابات المحلية في أيلول وتشرين الأول 2025 والانتخابات الرئاسية في كانون الثاني 2026.

لعدم تحقق اغلبية مطلقة (116 مقعدا)، سيضطر رئيس الوزراء القديم الجديد الى الذهاب الى تشكيل تحالف يقود حكومة اقلية. لقد فشلت أحزاب اليمين التقليدي الثلاثة في الحصول على الأكثرية. ولهذا تتسع فرص اليمين المتطرف الصاعد للاشتراك في التحالفات الحاكمة، ربما تبدو هذه الامكانية حاليا صعبة، ولكن من المتوقع ان تتحقق في الدورات الانتخابية المقبلة.

وهذا ما يسعى له أندريه فينتورا - رئيس ومؤسس، حزب اليمين المتطرف. ويتطلب ذلك، تطبيعاً سياسياً وإعلامياً لحزبه، وهو ما بدأ بالفعل جزئياً. هناك قطاعات مؤثرة في المجتمع، من قطاع رجال الأعمال إلى بعض وسائل الإعلام، تبدو مستعدة بشكل متزايد لقبول تسوية من أجل ضمان الاستقرار وتهميش الحزب الاشتراكي وأحزاب اليسار الجذري.

أزمة العقارات

لقد ساعد الارتفاع الهائل في أسعار الإيجارات، والذي بدأ في المدن الكبرى ولكنه انتشر الآن في جميع أنحاء البلاد، في إعادة تشكيل المشهد السياسي في البرتغال. وفي استطلاعات الراي الأخيرة، جاءت قضية الإسكان في مقدمة المخاوف بالنسبة لسكان البرتغال..

في 28 حزيران، ستنزل حركات الإسكان إلى الشوارع في جميع أنحاء البرتغال للمطالبة بفرض ضوابط على الإيجارات، ووضع حد لعمليات الإخلاء، وتنظيم عمل ملاك العقارات، وإلغاء الإعفاءات الضريبية للمضاربين العقاريين، وزيادة الاستثمار في الإسكان العام والتعاونيات الإسكانية.

لقد نجح اليمين المتطرف في تحميل المهاجرين والمهمشين، مسؤولية انفجار أسعار الإيجارات. ومع ذلك، يظل التناقض الحاصل بشأن عدم استطاعة الحزب الشيوعي وحزب كتلة اليسار، الحزبين الأقرب تاريخيا إلى الحركات المطالبة بإسكان ميسور والوحيدين في البرلمان اللذين وضعا بند الرقابة على الإيجارات في برنامجهما الانتخابي، من تحقيق نتائج أفضل؟

**********************************************

الصفحة السابعة

جهد قانوني جديد دعوى ضد تعديل قانون الأحوال الشخصية

بغداد - نورس حسن

أثار تعديل قانون الأحوال الشخصية، جدلا واسعا بين الأوساط القانونية والمجتمعية، مع تصاعد الانتقادات للانتهاكات الناجمة من تطبيقه وتأثيره السلبي على حقوق المرأة وما انتزعته من مكتسبات على مر عقود من كفاح لا يلين. وتتصاعد المطالبات بإعادة النظر في هذا التعديل ضمن الدورات البرلمانية المقبلة، وسط جهود قانونية ومدنية متواصلة للتصدي له.

المحامي محمد جمعة قال لـ "طريق الشعب" لقد بدأت الخلافات والمشاكل تظهر منذ بدء تنفيذ التعديل، فكيف سيكون الوضع بعد سنتين؟ وأضاف " وبالنظر إلى المستقبل، فأن هناك أمل في أن تستجيب المحكمة الاتحادية العليا للدعوة المقدمة بشأن المخالفات الدستورية التي تضمنها نص التعديل. وإذا لم يتحقق ذلك، يبقى الأمل الأخير في مجلس النواب القادم، المعّول عليه في ان يُحدث التغيير ويصحح المسار".

دعوى جديدة

وفيما يخص الدعوى الجديدة أوضح جمعة "سبق أن رُفعت دعوى مماثلة وردتها المحكمة لأسباب معينة، ولكننا نأمل أن تكون هذه الدعوى الجديدة قد عالجت تلك الأسباب، وهي تضم تسعة مدعّين من مختلف الشرائح الاجتماعية، بما في ذلك أمهات وشخصيات سياسية ومنظمات مجتمع مدني وقوى واحزاب وطنية، منّوها إلى أن هذا التنوع "هو تأكيد على شمولية الدعوى التي تهدف إلى تحقيق المصلحة العامة".

واكد المحامي جمعة على " أننا نسعى من خلال هذه الدعوى إلى توفير تمثيل يعكس جميع الأطراف المتأثرة بالتعديل، رجالا ونساء على حد سواء، لضمان تطبيق عادل للقانون. وننتظر الآن انتهاء الجلسات القادمة، والتي من المقرر أن تُعقد في الأول من تموز المقبل".

ثغرات وانتهاكات

بدورها، أوضحت المديرة التنفيذية لشبكة النساء العراقيات، أمل كباشي لـ"طريق الشعب"، أن قانون تعديل الأحوال الشخصية، أصبح قانونا نافذا و ملزما التطبيق، على الرغم من المخالفات الدستورية والاعتراضات المجتمعية الواسعة. وأشارت إلى أن" الآثار السلبية الناتجة عن تطبيقه بدأت تظهر بوضوح، ما يُهدد تماسك الأسرة العراقية ومتانة المجتمع".

تحديات التحول المذهبي

وأكدت كباشي على أن تحالف 188 يواصل العمل على رصد الانتهاكات بالتعاون مع عدد من المحامين والمحاميات، خاصة فيما يتعلق بإصدار حجج الزواج وتطبيق قانون الأحوال الشخصية الجعفري. وأوضحت بأن "التحول إلى المذهب الجعفري يتم عبر تقديم طلب للمحكمة التي تصدر القرار دون استشارة الزوجة أو الحصول على موافقتها، سواء كانت على ذمة الزوج أو مطلقة. وهذا يتعارض مع مبادئ المساواة والعدالة، لأن عقد الزواج هو عقد رضائي، وحتى الطلاق يتطلب اتفاق الطرفين".

وأشارت إلى أن أي تغيير في طبيعة العقد باتجاه مذهب معين يجب أن يتم باتفاق الطرفين مع احترام وجهة نظر المرأة وموافقتها. ومع ذلك، تواجه عملية تطبيق القانون تحديات كبيرة بسبب غياب مدونة قانونية واضحة يمكن الاطلاع على مضمونها، مما يُفاقم من صعوبات تنفيذ القانون ويثير تساؤلات عديدة حوله.

تأثيرات اجتماعية وسياسية متوقعة

من جانبها، تحدثت الناشطة المدنية د. عواطف رشيد، عن قانون الأحوال الشخصية وأوضحت أن "الحملة الشعبية الواسعة التي شهدتها البلاد رفضاً لتعديل قانون الأحوال الشخصية سيكون لها تأثير، خاصة في الدورات البرلمانية القادمة التي قد تشهد تغييرات في التركيبة البرلمانية بوجود عناصر نسوية بنوعية أكبر".

مشاكل تطبيق القانون الجديد

وأكدت رشيد على وجود أمل في أن تسهم هذه الأصوات النسوية في إعادة صياغة القانون ليكون أكثر توافقا مع حقوق المرأة والطفل في العراق. وأضافت أن التعديل الحالي خلق فجوات طائفية واجتماعية وأدى إلى تعقيد أوضاع المرأة داخل الأسرة والمجتمع، مما قد يسبب مشكلات مستمرة على المدى الطويل.

وأوضحت أن "هناك العديد من القضايا التي برزت بشكل جلي بعد تطبيق القانون، خاصة في حالات النفقة وحضانة الأطفال، بالإضافة إلى تزايد ظاهرة التنمر داخل العلاقات الأسرية".

واختتمت رشيد حديثها بالتأكيد على أهمية التحضير للدورات البرلمانية المقبلة، لتبني رؤية تؤمن بالعدالة الاجتماعية والمساواة بين الرجل والمرأة، سعيا لتغيير هذا القانون الذي وصفته بأنه "كارثي وبائس".

*********************************************

انتهاكات داخل مراكز الشرطة

تعرقل تحقيق العدالة في شكاوى النساء متابعة – طريق الشعب

تتزايد الانتقادات بشأن التعامل مع قضايا النساء في مراكز الشرطة، حيث تشير شهادات قدمتها قانونيات وناشطات إلى تأخر الإجراءات وسوء المعاملة، مما يحوّل رحلة البحث عن العدالة إلى مسار محفوف بالمخاطر.

القانونية رنا الجنابي انتقدت الإجراءات المعتمدة داخل مراكز الشرطة، ووصفتها بـ "المتأخرة والمعقدة"، مشيرة إلى أن الضحايا يواجهن تحديات متعددة، أبرزها غياب العنصر النسائي بين الكوادر العاملة.  وأكدت الجنابي على أن هذا الواقع يعرض الضحايا للتحرش أو حتى الاعتداء، في حين أن طبيعة الأسئلة المطروحة غالبا ما تكون غير لائقة، مما يدفع كثير من الضحايا إلى التراجع عن تقديم شكواهن.

وأضافت الجنابي أن التعامل مع حالات الاغتصاب يشهد إهمالا واضحا، حيث يتم تأخير إحالة الضحايا إلى المستشفيات أو الطب العدلي لساعات طويلة أو أيام، مما يؤدي إلى ضياع الأدلة. وأشارت إلى أن بعض الضحايا يودعن في سجون التسفيرات بدلا من توفير الحماية، مما يزيد من معاناتهن ويعرضهن لمزيد من المخاطر.

غياب الأمان وضعف الكوادر

من جانبها، شددت الناشطة في مجال حقوق الانسان هناء إدور على افتقار مراكز الشرطة لعناصر نسوية مدربة، بالإضافة إلى غياب الكاميرات وعدم وجود أماكن آمنة لحماية النساء. وقالت إدور إن "الضحايا بحاجة إلى بيئة تحميهن من الأخطار، خاصة إذا كنّ مهددات بالقتل تحت ذريعة حماية الشرف، إلا أن الواقع المؤلم هو احتجازهن في ظروف غير إنسانية، حيث يمكن أن يتعرضن لمزيد من الانتهاكات داخل مراكز الشرطة نفسها".

تحديات قانونية ومجتمعية

بدورها، سلّطت النائبة المستقلة نيسان الزاير الضوء على معضلة إثبات جرائم الاغتصاب، مؤكدة أن ضعف الأدلة والضغط المجتمعي يجعل الجناة يفلتون من العقاب، بينما تحّمل الضحية المسؤولية. وروت الزاير حادثة أثرت في مسيرتها السياسية، قائلة "أثناء عملي في المحاماة، شاهدت مجموعة من النساء يجّبرن على التنازل عن قضاياهن تحت التهديد. هذه التجربة دفعتني لمتابعة هذا الملف، لكونه يعكس صمتا ممنهجا حيال حقوق الضحايا".

*********************************************

متى ينتهي حرمان النساء من التعليم؟!

بغداد - طريق الشعب

رغم التقدم النسبي في أوضاع المرأة خلال العقود الماضية، إلا أن العديد من الفتيات والنساء في مناطق مختلفة من البلاد ما زلن يواجهن قيودا تحول دون حصولهن على التعليم. وقد أجرت بعض المنظمات الحقوقية لقاءات مع نساء عراقيات تحدثن عن تجاربهن المؤلمة في هذا السياق.

آمنة خليل، شابة تبلغ من العمر 18 عاماً من محافظة نينوى، تقول "كان حلمي أن أصبح طبيبة، لكن عائلتي رفضت إرسالي إلى المدرسة الثانوية بحجة أن التعليم غير ضروري للفتيات، وأنا الآن أعمل في المنزل وأشعر أن أحلامي تحطمت". وفي محافظة الأنبار، تشرح المواطنة سعاد محمد، وهي أم لطفلتين، العقبات المجتمعية التي تحول دون تعليم بناتها، فتقول "زوجي يعتقد أن الفتاة يجب أن تتزوج بدلا من ان تتعلم. حاولت إقناعه، لكن الضغط العشائري جعله يتمسك برأيه".

أما "زينب كاظم"، التي كانت تعمل مدّرسة في إحدى المدارس الابتدائية بمحافظة البصرة، فتقول إن الوضع الأمني أثر بشكل كبير على تعليم الفتيات "فكثير من الأسر تخشى إرسال بناتها إلى المدارس بسبب حوادث التحرش أو غياب وسائل النقل الآمنة، وعدم وجود مدارس في المناطق التي يسكنوها".

وفي هذا السياق تقول الناشطة هناء الحكيم، إن "منع الفتيات من التعليم لا يتعلق فقط بالقيود الثقافية، بل يمتد إلى غياب السياسات الحكومية الفعالة التي تدعم تعليم المرأة وتضمن حمايتها". وتضيف بأن الإحصاءات تظهر أن نحو 30 بالمائة من الفتيات في المناطق الريفية يتركن التعليم قبل إتمام المرحلة الابتدائية، بينما تقل نسبة التحاق الفتيات بالجامعات عن 25 بالمائة في بعض المحافظات الجنوبية.

********************************************

رؤية ماركسية حول تحرير المرأة

حوراء فاروق

تعتبر قضية تحرير المرأة واحدة من أبرز القضايا الاجتماعية والثقافية في العصر الحديث، وقد نالت اهتماما واسعا من مختلف التيارات الفكرية والسياسية. ومن بين هذه التيارات، تقدم الماركسية رؤية شاملة لتحليل جذور القهر الذي تتعرض له المرأة.  الكاتبة والمفكرة الماركسية إيفلين رييد تناولت هذه القضية بشكل معمق، حين قدمت تفسيرا جذريا للعوامل التاريخية والاقتصادية التي أدت إلى اضطهاد النساء.

الجذور التاريخية لاضطهاد المرأة

فوفقا لإيفلين رييد، لم يكن اضطهاد المرأة ظاهرة أزلية أو طبيعية، بل هو نتاج تطور تاريخي معين، تعود جذوره إلى ظهور الملكية الخاصة والأنظمة الطبقية. في المجتمعات البدائية، حيث كانت الموارد تدار بشكل جماعي، لم يكن هناك تمييز كبير بين الجنسين من حيث الأدوار والقيمة. لكن مع تطور الزراعة وظهور الفائض الاقتصادي، بدأت تتشكل الطبقات الاجتماعية، وكان لذلك تأثير كبير على وضع المرأة، لاسيما عندما أصبح الرجل المالك للأرض والثروة، ففرض سيطرته وبدأ التعامل مع المرأة وكأنها جزء من الممتلكات. هذا التحول، وفقا لرييد، هو ما رسخ البنية الأبوية التي لا تزال قائمة حتى اليوم. وهكذا، فإن اضطهاد المرأة ليس مسألة بيولوجية أو قدر محتوم، بل هو نتيجة هيكل اجتماعي اقتصادي يمكن تغييره.

الماركسية وتحرير المرأة

وترى إيفلين رييد بأن تحرير المرأة لا يمكن أن يتحقق بمعزل عن التحرر الاجتماعي الشامل. فالاضطهاد الذي تعانيه النساء متجذر في النظام الرأسمالي، الذي يعزز التفاوت الطبقي والجندري، ويستفيد من استغلال المرأة بطرق متعددة منها:

  • القوى العاملة الرخيصة: فغالبا ما تستغل النساء كقوى عاملة بأجور منخفضة مقارنة بالرجال، مما يعزز أرباح الرأسماليين.
  • العمل غير المدفوع: تتحمل المرأة الجزء الأكبر من العمل المنزلي وتربية الأطفال، وهو عمل غير مدفوع يعتبر أساسيا لاستمرار المجتمع، لكنه لا يُحتسب ضمن الناتج الاقتصادي.

من هذا المنطلق، تؤكد رييد على أن النضال من أجل حقوق المرأة يجب أن يكون جزءا من النضال الأوسع ضد النظام الرأسمالي. فالتحرر الحقيقي للمرأة لا يمكن أن يتم إلا من خلال القضاء على الجذور الاقتصادية والاجتماعية للاضطهاد.

نقد الحركات النسوية البرجوازية

وتوجه إيفلين رييد انتقادات للحركات النسوية البرجوازية التي تسعى لتحقيق مساواة شكلية ضمن إطار النظام الرأسمالي. ووفقا لها، فإن هذه الحركات تركز على إصلاحات سطحية، مثل زيادة تمثيل النساء في المناصب العليا، دون معالجة الجذور العميقة للقهر. وترى بأن هذه الإصلاحات لا تخدم سوى شريحة صغيرة من النساء، وغالبا ما تكون على حساب الطبقة العاملة، لأن تمكين قلة من النساء لا يعني تحرير الأغلبية، بل قد يستخدم كأداة لإعادة إنتاج التفاوت من جديد.

دور المرأة في الثورة الاجتماعية

تشدد إيفلين رييد على أهمية دور المرأة في النضال الثوري، وترى بأن النساء، بحكم تعرضهن للاستغلال المزدوج كعاملات وكمعيلات، لديهن وعي حاد بطبيعة الظلم الاجتماعي. لذلك، فإن مشاركتهن في الحركات الثورية ليست فقط ضرورة، بل هي عامل حاسم لتحقيق التغيير الجذري.

وتشير رييد إلى التجارب التاريخية التي لعبت فيها النساء دورا قياديا في الثورات الاجتماعية، مثل الثورة الروسية عام 1917، مؤكدة على أن تحرير المرأة لا يمكن فصله عن النضال ضد الرأسمالية، وأن تحقيق الاشتراكية هو السبيل الوحيد لتحقيق مساواة حقيقية.

آفاق التحرر

ومن وجهة نظر إيفلين رييد، يتمثل الطريق إلى تحرير المرأة في بناء مجتمع اشتراكي يلغى فيه الاستغلال الطبقي والجندري. في هذا المجتمع، ستكون الموارد ملكا جماعيا، مما ينهي الحاجة إلى العمل غير المدفوع ويمكن النساء من المشاركة الكاملة في الحياة الاقتصادية والاجتماعية.

وتتطلب هذه الرؤية حدوث تغييرات جذرية، تشمل:

  • إعادة توزيع العمل: تقاسم العمل المنزلي والرعائي بشكل عادل بين الجنسين.
  • التعليم والمساواة: توفير فرص تعليم متساوية للجميع، مما يمّكن النساء من تحقيق ذواتهن.
  • إلغاء الفوارق الطبقية: بناء اقتصاد يلبي احتياجات الجميع بدلا من تعظيم الأرباح.

واخيرا، تقدم إيفلين رييد رؤية ثورية لقضية تحرير المرأة، تنطلق من تحليل ماركسي يربط بين اضطهاد النساء والنظام الرأسمالي. تؤكد رييد أن التحرر الحقيقي لا يمكن أن يتحقق من خلال إصلاحات سطحية أو حلول جزئية، بل يتطلب نضالا جماعيا لإعادة هيكلة المجتمع بشكل جذري، وإن النضال من أجل تحرير المرأة جزء لا يتجزأ من النضال من أجل العدالة الاجتماعية.

***********************************************

عندما تصبح النفقة سلاحا للانتقام

في ظل التعديلات الأخيرة لقانون الأحوال الشخصية، شهدت المحاكم تصاعدا ملحوظا في دعاوى رفع النفقة المقدمة من رجال ضد نسائهم. هذه الظاهرة، التي كانت شبه نادرة سابقا، أصبحت اليوم عنوانا بارزا في نقاشات الأسرة والمجتمع.

بعض الرجال استغلوا هذه التعديلات لتحويل النفقة من حق أساسي للمرأة، يضمن كرامتها ويؤمن احتياجاتها، إلى أداة للمساومة والانتقام. وبدلا من الالتزام بروح القانون، التي ترمي إلى تحقيق العدالة بين الجنسين، يتم الالتفاف عليه بطرق تعمق الانقسامات داخل الأسرة العراقية.

هذه الظاهرة ليست مجرد مسألة قانونية، بل تعكس أزمة أعمق تتعلق بتدهور العلاقات الأسرية وغياب الحوار المبني على الاحترام المتبادل. هنا يأتي دور المشّرعين والمجتمع المدني لإعادة النظر في تفاصيل التعديلات، وضمان عدم استخدام القوانين وسيلة للإضرار بالطرف الأضعف، بل كآلية لدعم التوازن والإنصاف.

القوانين وجدت لخدمة الإنسان، وحين تتحول إلى أدوات للظلم، فإن ذلك يهدد السلم الاجتماعي ويضعف أواصر الثقة داخل الأسرة العراقية.

المحرر

*****************************************

عين المرأة.. المرأة والاسرة والسكن اللائق

انتصار الميالي

"قبل ان تهدم بيوت العشوائيات (التجاوز كما تسمى عندنا) فكر في تأمين السكن اللائق، الذي يحمي الاسرة والنساء والاطفال من التشرد وفقدان الامان"

المرأة والاسرة لهما الحق الكامل في السكن اللائق، وهو حق يمتد ليشمل السكن المستقل والمناسب للنساء الارامل والمطلقات وحتى غير المتزوجات، والعيش في بيئة آمنة. وهذا الحق متأصل في العديد من النصوص الشرعية والقانونية، ويضمن للمرأة العيش بكرامة واستقلال في مسكن لا يلحقها فيه أذى أو ضرر، سواء كانت بمفردها أو مع اطفالها واسرتها.

يُنظَر للسكن وكأنّه سلعة، ولكنّه في الواقع حق من حقوق الإنسان بموجب القانون الدولي، والحصول عليه يعني ضمان حيازة المساكن والاراضي للفقراء، من خلال قانون تشريعي أو عرفي، أو ترتيبات غير رسمية ومختلطة، تُمكّن الفرد من العيش باحترام، وصولا الى ما هو ملائم من خدمات ومدارس وفرص عمل. فهو عنصر أساسي في التمتع بكامل الحقوق المدنية والثقافية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية، بمنأىً عن الخوف من الإخلاء أو الحرمان.

غالبًا ما تترافق انتهاكات الحق في السكن مع الإفلات من العقاب. ومن أسباب ذلك أن السكن قلما يُعتَبَر على المستوى المحلي حقًّا من حقوق الإنسان. علما ان العامل الأساسي لضمان السكن هو ان يكون أولوية عبر السياسات والبرامج الحكومية، بضمنها استراتيجيات الإسكان الوطنية.

ان على الدول الالتزام بضمان تمتع جميع المواطنين بالسكن، وكفالة الحماية القانونية من الإخلاء القسري والمضايقة والتهديدات، حتى وان كانت هناك ظروف استثنائية تبرر الإخلاء كالكوارث البيئية والنزاعات لتخفيف المخاطر، ولا ينبغي استخدام اللوائح الهادفة للحماية كذريعة لتقويض حق السكن ومصادرته. ويتوجب على الدولة الالتزامٌ بإيجاد حلول واتخاذ تدابيرَ تدريجيةٍ، لتعزيز أمن جميع الأشخاص الذين يستخدمون الأراضي أو المساكن، لتلبية احتياجاتهم الأساسية التي يفتقرون إليها، خصوصا من لا يملكون خيارًا آخر نتيجة الفقر. كذلك الاهتمام بتحديد الاحتياجات المكانية لإيواء الفقراء في المناطق الحضرية دون تمييز. وهنا تأتي اهمية تعزيز وحماية أمن المرأة في حيازة المسكن، بغض النظر عن عمرها أو حالتها الزوجية أو المدنية أو الاجتماعية، وبغض النظر عن علاقاتها بأفراد الأسرة أو المجتمع الذكوري.

*********************************************

الصفحة الثامنة

موفق محمد.. حين تتجسد المدينة في رجل

هندي حامد الهيتي

ثمة أشخاص لا يشبهون المدن، بل يكونونها. وإذا ما تلبس إنسان بمدينة، وتحول في عينيك إلى طيبتها وعمقها وجمالها، فأنت حتماً أمام شخص استثنائي. وموفق محمد، في حضوره وأثره، هو مدينة الحلة نفسها؛ الفرات حين يتهادى على ضفافها، وصوت سعدي الحلي إذا ما ضحك، وروجة الماء تنساب تحت الجسر حين تعبره مشياً برفقته.

لم يكن موفق الذي رأيته على المنصات، أو في ساحات الوطن، يشبه موفق الذي التقيته في الحلة. هناك، في موطنه الأول، بدا لي وكأنه شارع من شوارعها القديمة، أو دكان عطّار يعبق بعطر الذكريات، أو حتى زقاق في "محلة الهيتاويين" يهبط ويصعد لتبقى الحلة مرفوعة الرأس، باسقة الروح.

كان اللقاء به عند صديقه القصّاب، ذات صباح من شتاء حلّي دافئ، بعد ليلة قضيناها نحلم بلقائه. كنا نزلاء بيت قاسم، وضيوفاً لدى ثائر، ابن أستاذ الحلة عبد العباس. برفقتي شلة من الاصدقاء... جمعتنا رغبة واحدة: أن ننهل من نبع موفق في مدينته. كنا قد اختلفنا في بغداد على مكان السهر، فاقترحت أن نهرب إلى الحلة، حيث الدفء لا يُختصر في المدافئ، بل في القلوب.

حين دخلتُ المحل ورأيته ينهض نحونا، بشعره الثلجي، وقميصه البسيط، وابتسامته التي تشبه طلعة النهر، شعرت بشيء من الغبطة والطمأنينة. لم يكن لقاؤه مجرد استقبال، بل طقوس حب ونشيد ترحيب... كانت كلماته كطيور الفخاتي، بيضاء الجناح، تتراقص فوق نهر الحلة، حزينة من الداخل، مبهجة في حضورها. في تلك اللحظات، شعرنا أننا لا ندخل إلى موفق، بل إلى الحلة من بوابتها الأعمق، من روحها. هو لم يستقبلنا كما اعتدنا حين نلقاه في بغداد أو في ساحات الشعر، بل كأنما استعار طيبة النهر وعبق توابل ((باكلة الحلة بالدهن)) ، ونثرها على رؤوسنا هيلًا وفرحًا.

وحين اقترح علينا زيارة تمثاله الشامخ، لم تكن الدعوة لزيارة نصبٍ فني، بل لحجٍّ شعري إلى ذاته الأخرى، المنحوتة في البرونز. كنا نخطو خلفه فوق الجسر، وهو يسترق النظرات إلى النهر، وإلى نصبٍ يشبهه، يرفع يديه للسماء. كان موفق يحكي عن الحلة كما لو كان يحكي عن أمه، وعن طفولته، عن تلك المحلة التي ولد فيها فسمّته ((الحبوبة)) "موفق"، وبالحب ربّته.

كان اللقاء به ذكرى لا تُنسى، وفرحًا لا يُقاس، وأيقونة حلاوية نُقشت في الذاكرة...

أن تلتقي موفق محمد في الحلة، فذلك يشبه أن تلتقي الحلة في لحظة صفاء نادرة.

************************************************

موفق محمد.. صرخة قلب مفجوع

محمد علي محيي الدين

ليس الرثاء عند الشاعر موفق محمد مجرّد غرض شعري، بل هو خيطٌ دامٍ يمتدّ من قلب مفجوع إلى قلب وطنٍ مصلوب. وهو حين يرثي ولده الذي اختطفته المقابر الجماعية، لا يكتب قصيدة، بل يصرخ، ينزف، ويشهق بالكلمات كما يشهق المذبوح.

في قصيدته الشعبية المؤلمة: "ميت أنا"، لا يسرد حكاية فقط، بل يسكن في رمادها، في ترابها، في الظلمة التي لا يعرف لها شروق.

الرثاء الصادق هو ما لا يُصاغ، بل ما يُجترح. لا يصدر عن عقل شاعر، بل عن وجع أب. ومهما تعدّدت قصائد الرثاء في تراثنا، فإن لمراثي الآباء لأبنائهم طعمًا آخر، مزيجًا من الذهول والرفض والتكذيب القاتل. هكذا نقرأ رثاء موفق محمد، ونشعر أننا أمام لطمات تُلقى على صدر الوطن لا على صدر الأب وحده.

القصيدة تنطلق من العنوان: "ميت أنا"، وهي ليست مبالغة شعرية، بل حقيقة نفسية. فالحيُّ الذي يرى ولده يُغتال دون قبر، يُعدم دون خبر، يُغيّب دون أثر، لا يعود حيًا إلا بالاسم.

"ميت آنه ....  ولا خط يجي عن موتك

سودة وحشتك يَولِدي حرموك من تابوتك"

الغياب هنا مضاعف: غياب الجسد، وغياب الأثر، وغياب الرسالة. حتى الموت لم يُمنح كرامته. لا تابوت، لا قبر، لا وداع. هكذا يكون الرثاء نكبة مزدوجة، لا تبكي الغياب فقط، بل الطريقة التي غاب بها الحبيب، غيابًا غليظًا فظًا بلا رحمة.

ثم تتحوّل صورة الابن إلى أيقونة سماوية:

ما ناح طير اعلى الشجر إلّا اعلى نغمة صوتك"

الابن المغدور صار طيرًا مغنيًا، ونغمته باتت حُزن الأشجار، طيفه حاضر في كل تنهيدة، في كل غصن، في كل جناح يخفق. لكنه، في ذات الوقت، جرحٌ مفتوح في قلب الأب:

"الگلب صاير كربلة ولا خط يجي عن موتك"

ها هنا تتجسد ذروة الألم: أن يتحول قلب الأب إلى كربلاء... وكأنَّ الفاجعة ليست ذكرى عاشورائية تمر، بل تتكرّر كل صباح. الجراح ذاتها، المأساة ذاتها، الطغيان ذاته، والسكاكين لم تزل ساخنة.

ثم تتصاعد مرارة القصيدة حين يتذكّر الشاعر المصير المفجع لابنه:

"ياحلم ما رد لـهله   وصدره رصاص ومنقلة"

ما أقسى هذا المشهد: الحلم نفسه لم يعد، الصدر مخروق، والرصاص طبعَ عليه ختم الفقد الأبدي. وكأن القصيدة تسأل: كيف لحلم أن يُقتل هكذا؟ كيف لطفل، لشاب، لولدٍ خرج من رحم الحب، أن يُدفن في ليل المقابر بلا شاهد ولا شمعة؟ الرثاء هنا لا ينحصر في خاصرة الأبوة. إنما يمتدّ ليشمل الوطن الجريح.

وفي نشيج مدمى يقول:

إبموس الخناجر تاكل بلحمه وتفطر النجمه

عميه وتدور رويحتي إبيا بير أدوّر يمّه

وما ظِن بعد تطلع شمس وتزول هاي الغمّه

وفرﮔاك فتّ إمرارتي وضاﮔت عليّه الـﭽلمه

لا ﮔبر وتهدّل إله

وألهم ترابه وأسأله

انه تصوير لحالة من الحزن العميق والضياع بعد فقدان شخص عزيز، وقد استخدم الشاعر مشاهد قوية ومشحونة بالرمز والأسى لتجسيد ذلك: إذ يبدأ بإحساس قاتم يُخيّم على القلب والعالم، حيث الظلمة تعمّ، والقمر نفسه ينزف، مما يدل على عمق المصاب. ويصف الفقد بطريقة عنيفة، كأن الموت لم يكن مجرد رحيل بل تمزيق مؤلم، حتى أن النجمة، رمز النقاء، تشارك في التهام الجسد.

وتهيم الروح باحثة عن المفقود في الأعماق، بلا هدى ولا بصيص من الأمل، فالشمس نفسها – رمز الرجاء – لا يُنتظر طلوعها. ويبلغ الألم ذروته حين يتمنى حتى وجود قبر يبكي عنده، فيخاطب التراب، ويشبّه قلبه بساحة كربلاء، دلالة على الفاجعة. فيما يختم بالخذلان الكامل: لا خبر، لا أثر، لا عزاء، وكأن الموت وقع في صمت مطبق لا يترك مجالًا للتصديق أو التماسك.

إنه صدام حسين ونظامه الذي لا يكتفي بالقتل، بل يتلذذ به. وكل ضحية تُضاف إلى سجلّه لا تكون فردًا، بل وطنًا صغيرًا يُذبح في الظلام. حتى الدفان تعب:

"ما تخلص گبور البلد    دفان ينخى بدفان"

نعم، إنه رثاء لا يُراد له أن يُنشد فحسب، بل أن يُصرخ، أن يُبكى، أن يُتلو في المآتم والمجالس، لأنه لا يرثي شابًا فحسب، بل يرثي جيلًا دفنته الطغمة، وأمًّا حرمت من التشييع، وأبًا صار قبرًا يمشي:

    "إنچان متّ بلا گبر    آني گبر يتمشّى"

أي بلاغة تلك؟ وأي صورة أكثر إيلامًا؟ لم يُدفن الابن، لكن الأب صار قبرًا متنقلًا، حاملًا ضريحه في قلبه، يمشي والرماد في عينيه، والحسرة على كتفيه، ولا نهاية لهذا العذاب.

قصيدة موفق محمد لا تُقرأ كما تُقرأ القصائد، بل تُلطم كما تُلطم الخدود في مأتم دامٍ. وهي شاهد حي على أن الرثاء، حين يخرج من نياط القلب، يصبح أكثر صدقًا من التاريخ، وأبلغ من الخطب، وأشد تأثيرًا من كل المجلدات.

ختامًا، فإن هذا الرثاء ليس مجرد حزن، بل إدانة، وثيقة جرح، شهادة دامغة على واحدة من أبشع جرائم الأنظمة القمعية في العصر الحديث. وإن كان الابن قد مضى، فإن صوت الأب سيبقى حيًا، يطارد الطغيان، ويُنبّت القصاص من الدموع.

في رحيله اليوم، طوى الشاعر العراقي موفق محمد الصفحة الأخيرة من سِفرٍ كان فيه الألم قصيدته الأصدق، والفقد جمره الأبدي. رحل صاحب "ميت أنا" تاركًا في أعماق الشعر نداءً لا يخبو، وجرحًا لا يندمل.

فهل سيكون له هناك لقاء؟

هل سيعانق ابنه الذي خطفته المقابر الجماعية، ويواجه وجوه قاتليه التي لطالما أرّقته في اليقظة والمنام؟

يقال إن للمظلومين يومًا ينصفهم، وإن للمقهورين موعدًا في ضفةٍ أخرى، لا تعرف القتل ولا الظلم.

وسيأتي ذلك اليوم وذلك الموعد شاء القتلة الغادرون أم أبوا.

*********************************************

كامل قزانجي.. شخصية وطنية استثنائية

د . عباس التميمي

ولد كامل بطرس رفو قزانجي في مدينة الموصل في عام 1907، وأستشهد فيها في عام 1959. وأنهى دراسته في الجامعة الامريكية عام 1930. ودرس القانون في بغداد وتخرج عام 1947، وهو محام وكاتب ومترجم وناشط سياسي.

يعد المحامي الشهيد كامل قزانجي شخصية وطنية استثنائية في تاريخنا المعاصر. لقد خلف قزانجي تاريخا لا يمكن إغفاله، على الرغم من عدم الاهتمام الكافي بسيرته، فحتى كبار المؤرخين من أبناء مدينته المناضلة (الموصل) لم يكتبوا عنه ولم يذكروه.

كامل قزانجي من أبناء مدينة الموصل الحدباء ومن أهم رجالها المناضلين من أجل العراق الحر والشعب السعيد، كان سفير العراق في الهند، وغادر منصبه الحكومي، لينتقل إلى صفوف الشعب، مدافعا عنه ومساهما في بناء الوطن. وكان قزانجي أحد مؤسسي لجنة للدفاع عن المعتقلين السياسيين، الذين لا يستطيعون تغطية تكاليف محامي الدفاع، شاركه في ذلك عدد من المحامين من بينهم المحامي المعروف الشهيد توفيق منير. لقد أدت به هذه المساهمات إلى سجن نقرة السلمان. وهناك زاره اعتزازا بدوره في الدفاع عن حقوق الانسان   النائب في البرلمان البريطاني” بالم دات “.

بعدا انتهاء سنوات السجن، وفي عام 1954، نفي إلى مدينة بدرة، التي كانت من أشهر منافي سجناء الراي في العهد الملكي. شاركه منفاه العديد من الشخصيات المعروفة حينها من بينهم، المحامي الشهيد رحيم شريف شقيق الشخصية الوطنية المعروفة، وعضو مجلس السلم العالمي عزيز شريف، وشهاب أحمد التميمي الذي انتخب نقيبا للصحفيين بعد عام 2003.

 كان قزانجي رجل قانون قولا وممارسة، فعندما انتهت مدة نفيه، ناقش ذلك مع معاون شرطة قضاء بدرة، ودعاه إلى الالتزام بتطبيق القانون، ومنحُه حريته. ثم ذهب إلى مرآب سيارات الكوت واستقل أمام أنظار الشرطة، الباص. وعندما تحرك الباص أوقفته الشرطة، وقدم للمحكمة فحكم عليه ثلاثة أشهر، لمحاولته الهروب من المنفى.  في حين نجح زميله المحامي رحيم شريف   في وقت سابق الإفلات من قبضة الشرطة.

 نقل القزانجي إلى سجن الكوت، بعد أن تحول السجن، إلى سجن للسجناء العاديين، إثر مجزرة سجن الكوت الشهيرة التي اقترفها مدير السجون العام طاهر محمد الزبيدي آنذاك. وأمضى ثلاثة أشهر في زنزانة انفرادية في سور السجن، حتى لا يختلط بالسجناء العاديين وهو ما كان يخشاه حكام ذلك الزمان.

 وبعد صدور قانون إسقاط الجنسية العراقية في عهد وزارة نوري السعيد ودخول العراق حلف بغداد الذي ضم إلى جانبه إيران، باكستان، وتركيا إضافة إلى بريطانيا والولايات المتحدة، وبموجب ذلك القانون، سيء الصيت، قامت الحكومة بنفي قزانجي وزميله المحامي المعروف " توفيق منير " إلى تركيا ٠ وقد أخذ معه حفنة من تراب الوطن المقدس لديه، واحتفظ به إلى أن عاد إلى بلاده، بعد انتصار ثورة ١٤ تموز عام ١٩٥٨ وسقوط حلف. لقد كان واثقا من عودته وانتصار قضيته.

كان قزانجي أول شهداء مدينة الموصل، على إثر أحداث مؤامرة الشواف في عام 1959، وانضم إلى قافلة شهداء الوطن، التي أنارت وتنير طريق المناضلين من أجل غد أفضل، لقد رحل قزانجي، ومازال الشعب العراقي ينزف دما على أيدي جلادي الأمس وامتداداتهم، مضاف لهم منظمات القتل والارهاب مثل داعش وأخواتها.

لابد من دعوة كل من عرف قزانجي ورافقه للكتابة عنه وعن رفاقه وأبناء جيله، لاعتقادي بنسيان الموصل لابنها البار، فلم ينل من اهتمام مؤرخي المدينة ما يستحق، وبالتالي لم يتسن لأفراد عائلته التعرف على سيرته. وعانى من إهمال المتعاقبين على السلطة في العراق، بسبب عداء مخفي ومعلن لتوجهات الشهيد الفكرية. ولم يعترف النظام السياسي في العراق بعد نيسان 2003، بحقوقه وفقا للقوانين النافذة، ولو قدر له ان يكون بيننا لرفض أي تعويض او امتياز، هذا ما فعله مناضلو العراق بعد انتصار ثورة 14 تموز المجيدة، لقناعتهم بأن نضالهم كان خدمة للشعب والوطن، وان انتصار الثورة حينها كان التعويض الأفضل لنضالهم..

لكامل قزانجي وجميع شهداء الوطن المجد والخلود، واتمنى أن تطلع الأجيال الشابة في العراق، على ماضي بلادهم القريب، وان يهتموا برموز عملت واستشهدت من أجل عراف جديد سعيد.

****************************************************

في أربعينية الكادر الشيوعي العمالي أسطة فيروز أبو حيدر

عبدالكريم جعفر الكشفي                        

في عام ١٩٣٩م ولد المناضل العمالي الشيوعي اسطة فيروز أبو حيدر بالهويدر في بيئة عمالية ووسط عائلة عرف عن أفرادها الكدح والعمل المتواصل، كما أفنوا زهرة حياتهم في حب الناس، مما وفر فرصا مهمة لأبي حيدر الاقتراب من جمهور الطبقة العاملة ومن الكوادر الشيوعية والوطنية والتقدمية، ومنذ نعومة أظفاره بدأ بالعمل بناء حتى وصل إلى أشهر أسطة بناء في قريته الهويدر. وفي سنوات عمره الأولى وفي مقتبل شبابه تعرف على الأفكار الشيوعية والتقدمية، وعلى ثلة طيبة من الشيوعيين أمثال المناضل الكبير محمد الدفاعي وعبدا الأمير تكة الربيعي وسيد عبود الهاشمي وفرج إسماعيل زهدي وغيرهم، وبعد قيام ثورة ١٤ تموز الخالدة سنة ۱۹٥٨م ازداد نشاطه السياسي والعمالي، وانخرط في صفوف الحزب الشيوعي العراقي على الرغم من كونه في مقتبل العمر، واطلع على جريدة الحزب الشيوعي اتحاد الشعب وأدبيات ونشرات وتوجيهات الحزب.

وبعد الاجهاض على ثورة ١٤ تموز الخالدة من قبل عناصر البعث المجرم الذين جاؤوا بالقطار الامريكي، أخذ نصيبه من الاعتقال والتعذيب حيث أودع سجن بعقوبة مع مجموعة من رفاقه أمثال المناضل فرج إسماعيل زهدي وفاروق هادي الصالح وسيد عبود الهاشمي والكاتب المشهور يوسف عبد المسيح ثروت وغيرهم، وبعدها نقل إلى سجون بغداد الرهيبة حيث تعرف على المناضل الشيوعي الكبير يحيى قاف وغيره، وبعد فترة أطلق سراحه من المعتقل وظل يعاني حتى آخر حياته من آلام الظهر نتيجة التعذيب.

 وفي عام ١٩٧٢م عندما سمح للحزب الشيوعي العراقي بالعمل العلني، وقيام الجبهة الوطنية كان أول الملتحقين بالحزب الشيوعي العراقي، وعمل في خلية شيوعية عمالية يقودها المناضل جهاد جواد أبو رنا المغترب الأن في السويد، وكانت تضم كلا من الراحلين: محمد العلي التميمي أبو جاسم، وهاشم حمود بردي المجمعي أبو عدنان، وصاحب عبد العباس التميمي أبو باسم، وأسطة فيروز أبو حيدر، و مجبل حسن الدليمي أبو حسن، وحسن هادي التميمي أبو علي، وعند الاجهاض الجبهة الوطنية من قبل غربان البعث المجرم، اعتقل أسطة فيروز وأودع أمن بعقوبة وعذب تعذيبا وحشيا، وحدث له انزلاق في الظهر ظل يعاني منه حتى نهاية حياته المفعمة بالنضال.

وفي عام ٢٠٠٣م وعند نهاية حكم البعث وسقوط الصنم، كان أسطة فيروز من أوائل الملتحقين بمحلية ديالى، وواصل عمله العمالي والحزبي حتى وصل إلى عضو لجنة محلية ديالى للحزب الشيوعي العراقي، ومسؤول مختصة العمال في محافظة، لكن في السنين الأخيرة من عمره وبسبب الشيخوخة، توقف عن النشاط الحزبي لكنه بقي إلى آخر حياته ملتصقا بالحزب الشيوعي مدافعا عن مبادئه بإخلاص.

وفي ٦/شباط/ضيع الموت شخصية مناضلة كبيرة حملت المبادئ بكل أمانة وإخلاص، فضلا عن أنه كان إنسانا أبي النفس مخلصا محبا للناس ترك إرثا سياسيا متميزا.

   ختاماً أرفع لك قبعتي أيها  المناضل الجسور  الثائر البطل صاحب المعدن الأصيل، الذي عجزت خفافيش البعث المجرم على تغيير بريق ألقه، وأثبت رغم المحن وفي كل  المراحل الثورية والنضالية أنه أصيل شهم، وأعلم يا أبا حيدر أن ليس كل ما يلمع هو ذهب، فشتان ما بين الذهب الأصلي وبين الذهب المزيف، ولقد أثبتت وقائع الأيام أن أبا حيدر  هو ذهب أصلي ومعدن نفيس، المجد و الخلود لك أيها  للمناضل الشيوعي الباسل، الذي نذر عمره  من أجل الحرية والاشتراكية والديمقراطية، والقيم الإنسانية، سلام عليك يا أسطة فيروز إنسانا تحمل كل معاني القيم الإنسانية وسلام عليك راحلا.

*************************************************

عن الشيوعي الباسل.. جليل حسون عاصي (أبو نغم)

نجم خطاوي

كنت أسمع بأخباره الطيبة ودوره في النشاط والعمل الجماهيري في الكوت والصويرة وواسط عموماً، كمناضل وطني شيوعي، منذ أيام السبعينيات والجبهة مع البعث، ولكني لم ألتقه مباشرة.

 وشاءت الصدف أن تفرق المناضلون والشيوعيون بعد الهجمة البربرية ضد الحزب الشيوعي العراقي في عام ١٩٧٨.

في آيار من عام ٢٠١٢، كان لي شرف حضور المؤتمر التاسع للحزب الشيوعي العراقي، في مدينة شقلاوة في كوردستان العراق، ممثلاً لرفاقي في منظمة الحزب في السويد، وشددت رحالي من السويد باتجاه الوطن في الكوت، ومن هناك باتجاه شقلاوة، حيث حضيت بصحبة ومرافقة رفاقي من مندوبي محافظة واسط المشاركين في مؤتمر الحزب التاسع، حين أقلتنا سيارة باص صغيرة من الكوت باتجاه مدينة شقلاوة.

في اليوم الذي سبق المؤتمر، كانت لنا فرصة جميلة، حين زارت وفود المؤتمر، مناطق شلالات كلي علي بك ومناطق راوندوز الجميلة.

 في هذه الرحلة تعرفت عن قرب على الرفيق والكادر الوطني والشيوعي الرفيق جليل حسون عاصي (أبو نغم)، وكان يشعرك من أول تعارف بمدى طيبته وبساطته وخلقه الثوري الشيوعي، ودون تكلف واصطناع.

وطوال أيام المؤتمر الثلاثة، كانت لي فرصة في الحوار والحديث مع هذا الوطني والشيوعي الشهم، حيث كان للعزيز (أبو نغم) الكثير من العبر والأفكار والملاحظات المفيدة والعملية.

في كتابه المهم (البيت، السياج، الطريق)، الذي وثق به سيرته الذاتية، وهو يسرد بالقص الأدبي الجميل، عن تلك اللحظات والأيام والليالي التي عاشها مطارداً ومناضلاً، في أرياف الصويرة والزبيدية والنعمانية والكوت والحي، وغيرها من أرياف ومدن العراق.

في ٧ آيار ٢٠٢٥، غادرنا (أبو نغم) وهو حتى لحظات وداعه الأخيرة، لم يهن ولم تضعف عزيمة تمسكه بجذور قيمه وافكاره الوطنية والشيوعية، وكانت لحظات مؤثرة ومؤلمة تلك التي عبر عنها وهو يغادرنا، في دعوة القريبين منه على عدم نسيان إيصال مبلغ (بدل اشتراكه الحزبي) لرفاقه.

في رسالة التعزية والمواساة التي أرسلها الرفاق في المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي، إشارة لها الكثير من المعاني المعبرة:

(لقد كان الفقيد مثالاً للشيوعي الأصيل، على جميع الصعد، وامتلك وعياً طبقياً وثورياً وجهادية واخلاصاً منقطع النظير، فكان الحزب بالنسبة له فوق كل اعتبار).

والحقيقة تكمن في كل الكلمات التي وصف بها الحزب، سجايا وخصال ومسيرة حياة هذا الشيوعي الباسل المضحي.

يوم الأحد الماضي ١١ آيار ٢٠٢٥، زار وفد من رفاق لجنة محلية الحزب الشيوعي العراقي في واسط، عائلة الرفيق الراحل جليل حسون عاصي، في مدينة الصويرة، وكانت فرصة للقاء مع العزيز علاء جليل حسون، ابن الفقيد، واستذكار الكثير من المحطات النضالية والثورية في مسيرة وحياة الرفيق (أبو نغم).

وفي يوم الاثنين ١٢ آيار ٢٠٢٥، زار العزيز أحمد جليل حسون، الابن الثاني للفقيد، مقر الحزب في الكوت، لتقديم الشكر على اهتمام الحزب بمراسيم التأبين وزيارة العائلة في قضاء الصويرة، وكانت الدموع تنهمر من عينيه وهو يتحدث عن الوصية التي اوصاهم بها الوالد، على دوام واستمرار دفع بدل اشتراكه الحزبي النقدي بدلاً عنه، ومن أجل مواصلة دعم الحزب ومعاضدته.

المجد والخلود لك أيها (المناضل الكبير والباسل)

جليل حسون عاصي (أبو نغم)، وسنظل على العهد في مواصلة طريقك الذي نذرت له الغالي والنفيس، طريق حرية الوطن وسعادة الشعب.

********************************************

الصفحة التاسعة

قلق في ريال مدريد من احتمال خضوع بيلينغهام لجراحة في الكتف

مدريد – وكالات

يعيش نادي ريال مدريد حالة من القلق والترقب بسبب احتمالية خضوع نجمه الإنكليزي جود بيلينغهام لعملية جراحية في الكتف، قد تُبعده عن الملاعب لفترة تصل إلى 3 أشهر، وفقًا لما ذكرته صحيفة "سبورت" الإسبانية. وأشارت الصحيفة إلى أن إدارة النادي الملكي تنوي تأجيل قرار الجراحة حتى نهاية كأس العالم للأندية، التي ستُقام هذا الصيف في الولايات المتحدة الأمريكية، وهو ما يعني أن الموعد المحتمل للتدخل الجراحي سيكون في منتصف تموز المقبل. ويُعاني بيلينغهام من إصابة في الكتف منذ أكثر من 18 شهرًا، وهي إصابة لم تُعالج بشكل نهائي حتى الآن، مما يزيد من تعقيد العملية المرتقبة ويجعل فترة التعافي منها أطول من المعتاد. ورغم المخاوف داخل أروقة "سانتياغو برنابيو"، إلا أن هناك قناعة لدى الطاقم الطبي والإداري بأن بداية الموسم المقبل هي الوقت الأنسب لإجراء الجراحة، لتجنّب فقدان اللاعب في الأدوار الحاسمة من البطولات، سواء محليًا أو أوروبيًا. لكن هذا القرار، بحسب الصحيفة، قد يؤدي إلى غياب بيلينغهام عن فترة التحضير للموسم الجديد، وربما عن انطلاقته الرسمية، ما يضع الجهاز الفني بقيادة كارلو أنشيلوتي أمام تحديات فنية تتطلب تحضير بدائل في مركزه.

***********************************************

اتهامات بالتلاعب في النتائج الزوراء والشرطة في صدارة دوري نجوم العراق

بغداد ـ طريق الشعب

تمسّك فريق الزوراء بصدارة ترتيب دوري نجوم العراق لكرة القدم مع ختام منافسات الجولة الرابعة والثلاثين، بعد أن رفع رصيده إلى 74 نقطة، متساويًا مع الشرطة الذي حلّ ثانيًا بفارق المواجهات المباشرة التي صبت لصالح الزوراء.

وفي بقية المراكز، جاء زاخو ثالثًا بـ 62 نقطة، يليه الطلبة رابعًا بـ 56 نقطة، متساويًا بالنقاط مع القوة الجوية الذي احتل المركز الخامس بفارق المواجهات. أما النفط فقد جاء سادسًا بـ 52 نقطة، يليه دهوك سابعًا بـ 51 نقطة، ثم الكرمة في المركز الثامن بـ 49 نقطة، والقاسم تاسعًا بـ 48 نقطة.

واشتد التنافس في وسط الترتيب، حيث تساوت فرق أربيل، نفط ميسان، والكهرباء بـ 44 نقطة، لكن فارق المواجهات منح أربيل المركز العاشر، ونفط ميسان الحادي عشر، والكهرباء الثاني عشر.

في المناطق القريبة من الهبوط، حلّ نوروز في المركز الثالث عشر بـ 42 نقطة، يليه النجف بـ 41 نقطة، ثم الكرخ بخمسين نقطة، والميناء في المركز السادس عشر بـ 39 نقطة.

وفي قاع الترتيب، يقبع ديالى في المركز السابع عشر بـ 31 نقطة، يليه نفط البصرة بـ 29 نقطة، ثم كربلاء بـ 22 نقطة. أما الحدود، فقد ودّع دوري الأضواء رسميًا بعد تجمّد رصيده عند 17 نقطة، ليهبط إلى دوري الدرجة الأولى.

خارج المستطيل الأخضر، تصاعدت وتيرة الجدل بعد إصدار الهيئة المؤقتة لنادي الزوراء بيانًا رسميًا، يوم الأربعاء، أعربت فيه عن "بالغ استغرابها وقلقها" إزاء ما وصفته بـ "التجاوزات المتكررة" في الدوري، موجهة انتقادات حادة لاتحاد الكرة ولجنة الحكام، ومطالبة بفتح تحقيق فوري في تصريحات مدرب دهوك التي اعتُبرت "تشهيرًا صريحًا" بأحد الأندية.

وأكدت الهيئة في بيانها أنها تسجل "تحفظًا شديدًا" على بعض قرارات اللجان التابعة لاتحاد الكرة، مشيرة إلى وجود "حالات تحكيمية مثيرة للجدل، ومحاباة مكرّرة لفرق على حساب أخرى"، وهو ما اعتبرته "تهديدًا مباشرًا لمبدأ العدالة وتكافؤ الفرص".

وانتقد الزوراء ما وصفه بـ "صمت الجهات المختصة" إزاء تصريحات مدرب دهوك، محذرًا من أن هذا الصمت "يفتح الباب أمام الفوضى ويقوض مصداقية المنافسة"، بحسب البيان.

كما دعت الهيئة إلى مراجعة شاملة لآلية عمل اللجان الانضباطية، مؤكدة رصد "تباين واضح في تطبيق العقوبات"، حيث أُقرت العقوبات بسرعة بحق نادي الزوراء، بينما تم التغاضي عن مخالفات مشابهة صادرة من أندية أخرى.

وفي لهجة أكثر حدة، اتهم البيان بعض الأندية بـ "استخدام الأموال خارج الأطر القانونية للتأثير على سير المنافسات"، معتبرًا ذلك "تهديدًا خطيرًا لنزاهة البطولة والمشهد الرياضي في البلاد".

واختتمت الهيئة المؤقتة بيانها بالتأكيد على "عزمها اتخاذ كافة الإجراءات القانونية المتاحة"، مشيرة إلى تقديم شكوى رسمية إلى الاتحاد العراقي لكرة القدم ولجنة الانضباط، لمحاسبة كل من "يسيء إلى سمعة الكرة العراقية ويعبث بنزاهتها".

*************************************************

درجال: طوينا صفحة كاساس واستعدادات مكثفة لمواجهتي كوريا والأردن

متابعة ـ طريق الشعب

أكد رئيس الاتحاد العراقي لكرة القدم، عدنان درجال، أن مرحلة المدرب السابق خيسوس كاساس قد انتهت، مشيرًا إلى أن المنتخب الوطني دخل مرحلة جديدة من التحضير المكثف استعدادًا للتصفيات النهائية المؤهلة إلى نهائيات كأس العالم.

وقال درجال في تصريح صحفي، إن "الاتحاد يسعى لتوفير أفضل الأجواء للمنتخب قبل مواجهتي كوريا الجنوبية والأردن"، لافتًا إلى أن "ما مضى كان درسًا مفيدًا للجميع، وأن التركيز ينصب الآن بالكامل على المرحلة المقبلة".

وكشف رئيس الاتحاد أن الطاقم التدريبي الجديد قد وصل بالكامل إلى العاصمة بغداد، وبدأ العمل اليومي "من ساعات الصباح وحتى وقت متأخر من الليل"، وذلك ضمن خطة إعداد دقيقة للمرحلة المقبلة.

وأشار درجال إلى أن الكادر الفني سيتوجه إلى محافظة البصرة في الثالث والعشرين من الشهر الجاري، للوقوف على جاهزية المدينة الرياضية، ومتابعة جميع المستلزمات الفنية واللوجستية اللازمة قبل انطلاق المعسكر التدريبي.

وأوضح أن تجمع المنتخب سيكون في البصرة في الخامس والعشرين من الشهر الجاري، بحضور معظم اللاعبين، مع غياب ثلاثة إلى أربعة لاعبين فقط سيلتحقون مطلع شهر حزيران بسبب ارتباطاتهم مع أنديتهم.

وختم درجال بالقول إن "الاستعدادات تسير على أعلى مستوى، وجميع اللاعبين لديهم حافز كبير لتمثيل العراق بأفضل صورة"، مؤكدًا أن هدف الجميع هو "بلوغ نهائيات كأس العالم وإسعاد الجماهير العراقية الوفية".

***************************************************

انطلاق بطولة {أبطال الشاطئ المفتوحة} للكرة الطائرة في بغداد

متابعة ـ طريق الشعب

أعلنت الهيئة الإدارية للنادي الأرمني العراقي "الهومنتمن"، يوم الأربعاء، عن إقامة بطولة "أبطال الشاطئ المفتوحة" للكرة الطائرة الشاطئية في العاصمة بغداد، بمشاركة واسعة من الفرق الأرمنية من مختلف محافظات البلاد.

وقال رئيس النادي، رافي توماسيان، إن البطولة ستقام لفئتي الرجال والسيدات، على ملعب الكرة الطائرة الشاطئية التابع للنادي، مشيرًا إلى أنها ستكون من "أوسع الأنشطة الرياضية التي يقيمها النادي لهذا الموسم".

وبيّن توماسيان أن البطولة ستشهد مشاركة فرق أرمنية من بغداد ومحافظات أخرى، توافد أعضاؤها إلى العاصمة للمشاركة في الحدث، مؤكدًا أن نادي "الهومنتمن" هيأ كافة الجوانب التنظيمية والفنية والإدارية، من أماكن إقامة ونقل، لضمان نجاح البطولة.

وأوضح أن انطلاق البطولة سيكون مساء يوم الخميس عند الساعة السابعة مساءً، حيث ستُقام عدة مواجهات رسمية، مضيفًا أن مؤتمرًا فنيًا سيُعقد في وقت سابق من مساء اليوم ذاته، لإجراء قرعة الفرق المشاركة وتحديد جدول المباريات.

***********************************************

أتلتيكو مدريد يخطط لضم داروين نونيز من ليفربول

مدريد – وكالات

يستعد نادي أتلتيكو مدريد الإسباني للدخول في مفاوضات جادة خلال فترة الانتقالات الصيفية المقبلة من أجل التعاقد مع المهاجم الأوروغوائي داروين نونيز، نجم نادي ليفربول الإنكليزي، بحسب ما كشفته إذاعة "كادينا سير" الإسبانية.

ووفقًا للتقارير، فإن نونيز اتخذ قراره بمغادرة ليفربول مع نهاية الموسم الحالي، بعد فترة صعبة لم يظهر فيها بالمستوى المتوقع منذ انتقاله من بنفيكا في صيف 2022، مقابل صفقة كبيرة.

ويمثل العودة إلى الدوري الإسباني خيارًا مطروحًا بقوة أمام نونيز، خاصةً مع الاهتمام المتزايد من أتلتيكو مدريد، حيث سبق للمهاجم الأوروغوائي أن خاض تجربة ناجحة مع نادي ألميريا في الليغا قبل انتقاله إلى البرتغال.

الإذاعة الإسبانية أفادت أن إدارة ليفربول منفتحة على بيع اللاعب، في وقت عبّر فيه نونيز عن رغبة واضحة في الانتقال إلى الروخيبلانكوس، والعمل تحت قيادة المدرب الأرجنتيني دييغو سيميوني، الذي يرى فيه خيارًا مثاليًا لتعويض الرحيل المحتمل للمهاجم أنخيل كوريا.

وذكرت التقارير أن محادثات أولية جرت بالفعل بين أتلتيكو مدريد وممثلي اللاعب، حيث أبدى نونيز حماسه الكبير للانضمام إلى المشروع الجديد للنادي المدريدي، الذي يثق بقدرته على استعادة مستواه السابق الذي لفت الأنظار به في بنفيكا.

ورغم المنطقية الفنية للصفقة، إلا أن إتمامها قد يواجه صعوبات مالية، حيث يطالب ليفربول بمبلغ لا يقل عن 45 مليون يورو مقابل التخلي عن نونيز، وهو رقم قد يمثل تحديًا لإدارة أتلتيكو، في ظل بحث النادي عن تعزيزات أخرى تشمل لاعب وسط جديد مثل أليكس باينا، بالإضافة إلى قلب دفاع.

يُذكر أن نونيز (24 عامًا) انضم إلى ليفربول في صيف 2022، وسجل عددًا من الأهداف الحاسمة، لكنه واجه انتقادات متكررة بسبب تذبذب مستواه، ما جعله خارج حسابات الفريق الأساسي في فترات متقطعة هذا الموسم.

**********************************************

وقفة رياضية.. إلى متى تجاهل وتغييب الألعاب الفردية؟!

منعم جابر

قلنا ذلك مرارًا، وكرره العديد من الزملاء الإعلاميين: إنكم، يا قيادات المؤسسات العامة والمجتمعية والرياضية، تركزون جلّ اهتمامكم على رياضة كرة القدم، دون أن تفكروا أو تقدموا الدعم الكافي والمناسب لبقية الألعاب، وخاصة الألعاب الفردية، التي أثبتت دومًا قدرتها على تحقيق الإنجازات والنجاحات.

إن هذا التجاهل لبقية الألعاب، لاسيما الفردية منها، ساهم بشكل واضح في تراجعها وفشلها، رغم أهميتها وضرورة ممارستها، فهي ألعاب قادرة على تحقيق النجاحات والمكاسب بدعم أقل، كما أنها تشجع الشباب على الانخراط في الرياضة.

وبسبب هذا النهج والسياسات الرياضية غير المتوازنة، تحولت الرياضة في بلادنا إلى كرة قدم فقط، مع بعض الألعاب المساعدة، في حين ساهم الإعلام الرياضي، للأسف، في ترسيخ هذا التوجه غير الصحيح، إذ يتركز اهتمامه على أخبار دوري كرة القدم، والمنتخب الوطني، دون الالتفات إلى بقية الألعاب، ومنها الألعاب الفردية.

فعلى سبيل المثال، أحرز أحد أبطال رفع الأثقال، الشاب موسى خضير صبحي، وسامًا فضيًا في بطولة العالم للشباب والناشئين في بيرو، وهو مشروع بطل قادم كما أشار إلى ذلك خبراء اللعبة، مثل الحاج عقيل عطرة والدكتور محمد صالح محمد كاظم، وآخرون. وكذلك الحال مع الرباع الشاب علي عمار يسر، حيث أكد الخبراء والمدربون المختصون في رياضة رفع الأثقال أن هؤلاء يمكن أن يكونوا أبطالًا أولمبيين، إذا ما تم توفير الدعم والرعاية والظروف المناسبة لتطويرهم وتدريبهم بشكل صحيح.

إن هذه المواهب الصاعدة تحتاج إلى الدعم والإسناد، لكن زملاءنا في البرامج الرياضية لم يسلّطوا الضوء على هؤلاء الأبطال، ولم يستضيفوهم في لقاءات خاصة، لأن اهتمامهم يتركز فقط على كرة القدم، دون منح مساحة كافية لبقية الرياضات.

أقول لأحبتي في الإعلام الرياضي: إنكم أمام واجب تاريخي ومسؤولية مضاعفة، تتمثل في إنصاف بقية الألعاب، لاسيما الفردية منها، كرفع الأثقال، والمصارعة، وغيرها، فقد كنّا في هذه الألعاب أبطالًا مشهودًا لنا بالكفاءة والقدرة. لذلك، علينا أن نعيد لها مكانتها، ونعمل على نشرها وتطويرها في جميع المحافل والمشاركات.

كما أن من واجب المؤسسات الرسمية، لا سيما وزارة الشباب والرياضة، واللجنة الأولمبية الوطنية العراقية، أن تهتم وترعى الألعاب الفردية، لأنها تمثل الأساس الحقيقي للنجاح الرياضي في العراق، من خلال تأسيس مراكز تدريب متخصصة، وتوفير الدعم المالي، وتعيين المدربين والخبراء المؤهلين.

عندها فقط نستطيع أن نعدّ أبطالًا ينافسون أبطال العالم، ويحققون الإنجازات المرجوة. أما أن يبقى التركيز فقط على كرة القدم، فهذا وضع بائس وغير منصف.

أقول مجددًا لأحبتي في وزارة الشباب والرياضة واللجنة الأولمبية: نعم، اهتموا بكرة القدم، وادعموها بما تستحق، ولكن ليس على حساب بقية الألعاب. لأن التركيز على كرة القدم فقط سيؤدي بنا إلى خسارة الرياضات الأخرى، وهذا ظلم وإجحاف بحقها، خاصة وأن لكل لعبة جمهورها ومحبوها.

فلنعطِ كل رياضة حقها، كما هو الحال في سائر دول العالم. وقد كانت خطوة وزارة التربية في استحداث مدرسة إعدادية متخصصة في شؤون الرياضة خطوة مباركة وفي الاتجاه الصحيح، لأنها تشكل نواة لصناعة أبطال في مختلف الألعاب.

أملنا أن نجد من يهتم ويرعى رياضة الألعاب الفردية، لما لها من دور في رقي وتقدم الرياضة العراقية، سواء الفردية منها أو الجماعية.

**************************************************

الصفحة العاشرة

فرانز فانون.. نبي المستعمرين و{معذبي الأرض}

جاد حجار

فيلم يوثّق حياة المناضل المارتينيكي حوصر من قبل الصالات السينمائية في فرنسا! لكن هذه المقاطعة التي تعرض لها «فانون» (2025) في الصالات أدت إلى نتيجة عكسية في ظل المناخ السياسي والاجتماعي المخيّم على العالم بدءاً من حرب الإبادة على غزة. إذ تصدر كتاب فانون «معذّبو الأرض» (1961) قائمة الكتب الأكثر مبيعاً في فرنسا. ومع أن الفيلم يبدأ من حياة فانون في الجزائر ولا يذكر شيئاً عن حقبة فرنسا، إلا أن اللوبيات اليمينية لم يعجبها استذكار حقبة الاستعمار الفرنسي من منظور المستعمَر، أي الجزائريين.

يعدّ فكر فرانز فانون (1925 ــ 1961) الفيلسوف والطبيب المناضل الأسود، ذا طابع تحرّري لا سيما ضد الاستعمار الفرنسي في الجزائر والاستعمار بشكل عام.

ثمة طريقتان لعرض فكر فانون: الأول وضعه في سياقه التاريخي، إلا أننا بهذه الطريقة سنجعل فكره قديماً طواه الزمن. أما الطريقة الثانية، فهي تأويل فكره بغية فهم كيفية تأثير الماضي الاستعماري في واقعنا الحديث وهذا ما سنفعله. ولد فانون في المارتينيك التابعة للاستعمار الفرنسي عام 1925. في عام 1943، انضم إلى مقاومة الجنرال شارل ديغول. لاحظ حينها بأن المسلحين الأوروبيين يتمتعون بامتيازات لا يتمتع بها الجنود الأجانب كالجزائريين والسود.

بعد تحرير فرنسا، لاحظ فانون بأنّ «جبهة التحرير الفرنسية» تهمش المقاتلين الأجانب.

عاد فانون إلى المارتينيك وأنهى دراسته الثانوية، وحصل على منحة من أجل دراسة الطب في الجزائر. تخصص في طب الأعصاب، ثم فتح عيادة خاصة في محلة البليدة في الجزائر.

مع بداية حرب التحرير في الجزائر، انخرط فانون عام 1954، في النضال من أجل دحر الاستعمار وتحقيق الاستقلال، وانضمّ إلى «جبهة التحرير الوطني». وفي تلك الحقبة، بدأ بنشر أفكاره التحرّرية عبر الكتب والمقالات، قبل أن يرحل عن عمر 36 عاماً جراء إصابته بسرطان الدم. صدر فيلم «فانون» (2025) الذي يوثق حياة فانون وفكره في فرنسا هذا العام. إلا أنّ قلة قليلة من الصالات السينمائية قبلت بعرضه. مع أن الفيلم يبدأ من حياة فانون في الجزائر ولا يذكر شيئاً عن حقبة فرنسا، إلا أن اللوبيات اليمينية الفرنسية لم يعجبها استذكار مدة الاستعمار الفرنسي من منظور المستعمَر أي الجزائرين.

هي تحاول الحفاظ على سرديتها الخاصة ذات الطابع القومي والاستعلائي. وهذا الأمر ليس مستغرباً في عام 2025، حيث شهدنا سقوط كل مفاهيم حرية التعبير الغربي، فإعلامهم وجامعاتهم وكلّ صروحهم وقفت مع حرب الإبادة في غزّة ولبنان وقمعت أي صوت يعترض على أكثر إبادة موثقة في التاريخ!

فلسفة العنصرية

يقول فانون إنّ معرفة «أنني رجل ذو بشرة سوداء، لا يعني أنني أعرّف نفسي كرجل أسود في فرنسا». هذه العبارة البسيطة، ستطلق فلسفة جديدة عن العنصرية.

لو كنت رجلاً فرنسياً أبيض في ستينيات القرن الماضي، ونظرت إلى المرآة، ستتأمل ملامحك كما تراها أنت شخصياً، ولن تقول بالطبع إنّني رجل أبيض البشرة، مع أن بعضهم ينظرون إليك كأبيض في الدرجة الأولى. إلا أن هذا لن يغير شيئاً في نظرتك إلى نفسك.

خلال دراسته الجامعية، لاحظ فانون أنه ليس حراً بتعريف هويته في المجتمع، فهو رجل أسود يدرس الطب وليس مجرّد رجل فرنسي يدرس الطب، فصفة السواد ملصقة عليه قبل أي شيء آخر. يقول: «لقد تعرضت لثقل نظرة الأبيض إليّ. في القطار يترك لي مقعدين أو حتى ثلاثة. كنت ببساطة أريد أن أكون رجلاً عادياً في المجتمع. لكن المجتمع الأبيض لم يسمح لي بذلك. لقد كنت مجبراً على العزلة والتقوقع. كنت أكره العالم والعالم يكرهني. عندما يكرهونني، يقولون نكرهك وليس لأنك أسود.

وعندما يحبونني، يقولون نحبك مع أنك أسود، أنا أسير لون بشرتي».

الحالة التي يصفها صاحب «بشرة سوداء... أقنعة بيضاء» تسمّى فلسفياً بالاغتراب وهي حالة عدم انتماء، بحيث لا يستطيع الفرد أن يحدد هويته في المجتمع. لكن تجدر الإشارة هنا بأن العنصرية التي يتحدث عنها فانون، ليست فعل شر قصدياً، فالعنصري ليس شخصاً شريراً، بل إن المشكلة تنبع من نظرته إلى الآخر.

والعنصري لا يدرك أنه عنصري وبأنه يسبب الأذى للآخر. وعلى هذا المبدأ تماماً، سوف نحلل ماهية العنصرية.

العنصري هو شخص لديه نظرة تحصر هوية الآخر بلونه أو بعرقه، ويعمم صفات معينة على مجموعة معينة. هذه النظرة تعد فعلاً عنيفاً، حتى لو لم يقم العنصري بأي فعل يؤذي الآخر، فنظرته تضع الآخر في سجن لن يستطيع الإفلات منه. الرجل الأسود هو كل شيء أسود، وتلك النظرة إليه تكون بشكل غير واع وغير مقصود، والعنصرية ليست قراراً شخصياً، بل حالة مجتمعية.

يقول فانون إن «مجتمعاً ما هو عنصري أو غير عنصري. لا درجات في العنصرية». ما يعنيه فانون بهذا، هو أن مكافحة العنصرية لا تكون على المستوى الفردي. فقد تجد في مجتمع ما غالبية غير عنصرية، إلا أنه لو وجد شخص عنصري واحد، سيكون هذا المجتمع عنصرياً برمته، لأنه يستشف أفكاره من اللاوعي المجتمعي الذي ينتمي إليه. ويزيد فانون على ذلك بأنه من المحال ألا تكون عنصرياً في مجتمع عنصري.

إنّ الأفكار العنصرية المسبقة في لا وعي المجتمع ستنتقل بشتى الطرق إلى الضحية، وهو بالتالي سينظر إلى نفسه كما يراه الآخرون. سوف يؤدي ذلك إلى فصام داخلي عنده بين ما هو عليه فعلاً وبين ما يُنظر إليه من الآخر، فكيف يتعامل ضحية العنصرية مع هذا الانفصام؟

هناك ثلاثة خيارات وفقاً لفانون: الأول هو الرضوخ لنظرة الآخر فتصبح الضحية فعلياً ما يصنفه الآخر. والخيار الثاني هو الاعتداد والفخر بما نحن عليه كسواد البشرة مثلاً، مثل حملة black is beautiful. أما الخيار الثالث، فهو «تدمير منهجي للتفكير الاستعماري الذي جعل من العنصرية وجهة نظر» وفقاً لفانون.

حجّة للاستعمار

ليست العنصرية ميزة طبيعية عند الإنسان مثل الغضب أو الحب، فهي نتاج لا وعي جماعي في المجتمع الأبيض وُضعت عن قصد كي يبرر الغرب حقه في الاستعمار. فالخطاب الغربي لا يقر بأن السود أدنى مرتبة لذلك تم استعمارهم، بل على العكس تماماً: من أجل تبرير الاستعمار، اختلقوا نظريات شبه علمية عن اختلاف الأعراق البيولوجي من أجل الإيهام بأن مسألة الاستعمار علمية لا حقوقية.

أوجد التمدد الأوروبي في نهاية القرن الخامس عشر في شتى أرجاء العالم، فكرة الاستعباد عبر إرسال الأفارقة السود إلى أميركا.

وفي القرن الثامن عشر، عملت النخب الأوروبية على ابتداع نظريات شبه علمية عن الأعراق من أجل تبرير الاستعمار. وقد ارتدّت تلك النظريات عليها لأنّها أسست في القرن العشرين للفكر النازي الذي يرتكز على نظرية سموّ العرق الجرماني. وبعد هزيمتهم، اضطر الأوروبيون إلى التراجع عن تلك النظريات، وابتداع أفكار جديدة من أجل تبرير الاستعمار فسموها «صراع الحضارات».

يقول فانون إن «العنصرية الغربية لم تتوقف أبداً، إلا أن وجهها قد تبدل، فالعنصرية القديمة القاسية أوجدت على مرتكزات بيولوجية كاذبة. أما العنصرية الحديثة، فبنيت على قاعدة ثقافية تحت عنوان اختلاف الحضارات وطرق التفكير».

ينطوي الخطاب المعاصر حول صراع الحضارات، على فكرة أن الحضارات مختلفة وثمة صعوبة في تعايشها معاً. إلا أن من ينظّر في تلك الأفكار هو الغرب الأبيض حصراً، وهو يضع معاييره في التصنيفات وهنا يكمن الفخ.

تدمير المنظومة الفكرية البيضاء

من أجل ذلك تحديداً، اختار فانون الطريقة الثالثة التي ذكرناها أعلاه لمحاربة العنصرية، ألا وهي تدمير المنظومة الفكرية التي قام عليها الاستعمار. وبذلك يكون فعل مكافحة العنصرية هو عمل سياسي شامل وليس عملاً اجتماعياً أو تربوياً فردياً.

تتطلب محاربة العنصرية تغييراً كاملاً للعلاقات الاقتصادية العالمية، فطالما أن الدول الغربية تتحكم بالمصادر الاقتصادية لدول الجنوب الفقيرة، ستظل هناك ضواح مليئة بالمنبوذين في عواصمهم. وتجدر الإشارة إلى أن أي فعل عنصري فردي يعاقب عليه القانون في الغرب، إلا أن حكوماتهم لا تتوقف عن تشريع قوانين تضيّق على الأجانب وتحثهم على الرحيل. هذا التناقض في المعايير يجعل من المجتمعات الغربية تعاني من التخبط الثقافي والسياسي.

الانقسام الغربي بين يمين يريد التخلص من الآخرين المختلفين عنه، وبين يسار يريد أن يستوعبهم، يجعل اللاوعي الجماعي لتلك الشعوب يقر بأن مشكلاتهم كلها نابعة من الآخر.

يقر فانون بأن الحل هو جماعي: على السود والبيض سواسية نزع أقنعتهم الملونة، والنظر إلى الماضي البشع بعين موضوعية، والتعامل مع الحاضر بطريقة: «الحب الثوري»، أي ألا تكون هناك مصالحات وغض نظر عن مشاعر الكره، بل مواجهة الحقائق التاريخية ونزع ثوب الاستعمار ومصادره الاقتصادية.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

"الأخبار" اللبنانية – 3 أيار 2025

****************************************************

{الأمير الصغير} يضيء باريس: سرد بصري وتجربة غامرة

بعد جولة أولى في مدينة بوردو، حيث احتضنه مركز الفن الرقمي "باسّان دي لوميير"، يحط عرض "الأمير الصغير: الأوديسة التفاعلية" (Le Petit Prince : l’odyssée immersive) رحاله في باريس، ليمتد حتى السادس من تموز/يوليو، حاملاً معه سرداً بصرياً ينفخ الحياة من جديد في رائعة أنطوان دو سانت-إكزوبيري، ضمن تجربة غامرة تنسج الخيال والفن معاً.

منذ صدوره عام 1943، لم يكفّ كتاب "الأمير الصغير"، أحد أكثر الكتب مبيعاً في تاريخ الأدب، عن التحليق من اقتباس إلى آخر، بين السينما والرسوم المصورة والمسرح الغنائي. وها هو اليوم يدخل فضاءً جديداً: "أتولييه دي لوميير" (Atelier des Lumières)، مركز الفن الرقمي الباريسي، الذي سبق له أن غاص في عوالم غوستاف كليمت، وأستريكس، وتان تان. لكن التحدي هذه المرة مع "الأمير الصغير" كان أكثر عمقاً، وأشد حساسية.

فخلافاً لتلك الأعمال المليئة بالرسوم، لا يضم كتاب سانت-إكزوبيري سوى نحو أربعين رسماً وتخطيطاً مائياً، ما دفع استوديو "Spectre Lab" وشريكه "Start-  Rec"  إلى أن يغرفا من خيالهما أبعد مما هو مرسوم، لصوغ عرض مدته عشرون دقيقة، يعيد سرد القصة، ويلتقط روحها وتيماتها الكبرى. يقول نيكولا شارلان، المدير الفني للمعرض التفاعلي: "تساءلنا كثيراً بشأن بعض المشاهد مثل مشهد الأفعى، وحتى في ما خص المقدمة، إذ إنها مجرد سطر في الرواية، بينما حولناها إلى مشهد يمتد ثلاث دقائق"، ويضيف في حديثه إلى "راديو فرنسا الدولي": "لذا، كان علينا أن نبتكر، وأن نغوص عميقاً في روح النص. كذلك طرحت العلاقة مع الوردة تساؤلات كثيرة: كيف نعرضها؟ كيف نزيل الغبار عنها ونقدم إليها قراءة ثانية، من دون أن نخِلّ بأمانة العمل الأصلي؟".

انفجار ألوان وموسيقى

تبقى لمسات أنطوان دو سانت-إكزوبيري البسيطة ماثلة، لكنها تمتزج هذه المرة بانفجار بصري من الألوان يتجه في كل صوب، لصوغ كونٍ جديد حول "الأمير الصغير". وقد حظي الفريق بحرية إبداعية واسعة لتوسيع هذا العالم، بعدما منحت عائلة المؤلف ثقتها الكاملة لصنّاع العرض."فهموا سريعاً أننا لسنا هنا لتشويه العمل، بل لإعادة قراءته بمنظور معاصر"، يؤكّد شارلان، رافقونا خلال جميع مراحل الإنتاج، ووفروا لنا صوراً بجودة عالية، وفتحوا لنا قاعدة بياناتهم، وكانوا دائماً على استعداد للإجابة عن أسئلتنا".

ويبدو أن التجربة حظيت بتقدير خاص من توما ريفيير، ابن شقيق حفيد الكاتب، الذي قال: "مع إضافة المؤثرات الصوتية والبصرية، ومع شعور الزائر بأن الأرض تتحرك تحته، نشهد فعلاً تجربة غامرة بالكامل". ويضيف: "التمازج بين كل هذه المواهب والأفكار جعل من العرض تجربة استثنائية".

قبل ثمانين عاماً، همس "الأمير الصغير": "لا نرى جيداً إلا بالقلب، فالجوهري غير مرئي للعين". وما زالت هذه الحكمة تتردد اليوم، رغم سيل الصور والموسيقى والمؤثرات. ففي قلب هذا البذخ البصري، تظل الرسائل النقية للكتاب -عن الطيبة، والصداقة، والرغبة في الاكتشاف، والحفاظ على البيئة- مشعّة كما كانت، لا تطفئها الأضواء، بل تمنحها حياة جديدة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

"النهار العربي" – 19 نيسان 2025

************************************************

مارغريت ماتيس: عارضة أبيها الخالدة

ارتبط اسم مارغريت ماتيس بلوحات والدها الشهير هنري ماتيس، أحد أبرز الفنانين التشكيليين في القرن العشرين، في علاقة فنية استثنائية امتدت لعقود. ويحتفي متحف الفن الحديث في باريس حاليا بهذه العلاقة المميزة من خلال معرض "ماتيس ومارغريت: نظرة الأب"، الذي يضم أكثر من مائة عمل فني صورها ماتيس لابنته. ظلت مارغريت، التي ولدت في آب/ أغسطس 1894 من علاقة الفنان الشاب مع عارضته كارولين جوبلو، النموذج الأكثر ثباتا في مسيرة والدها الفنية. فمنذ طفولتها وحتى نهاية الحرب العالمية الثانية، كانت الشخصية المتكررة في أعماله المختلفة، حيث ظهرت في أكثر من مائة لوحة وعمل فني متنوع. تميزت صور مارغريت بعمق استثنائي وصدق لافت، تعكس علاقة عاطفية خاصة بين الأب وابنته. ووفقا لما نشرته صحيفة "لوموند" الفرنسية، فإن ماتيس كان يرى في ابنته انعكاسًا لذاته، محققا من خلالها التطابق شبه الكامل بين الرسام والعارضة الذي طالما حلم به. ويضم المعرض الحالي، المرتب زمنيًا، 110 أعمالًا فنية متنوعة تشمل لوحات زيتية ورسومات ومطبوعات ومنحوتات وأعمالا خزفية، بالإضافة إلى رسومات نادرة العرض. كما يعرض لأول مرة في فرنسا أعمالًا رئيسية من مجموعات أميركية وسويسرية ويابانية. ومما يثري المعرض وجود صور فوتوغرافية ومواد أرشيفية ولوحات رسمتها مارغريت نفسها، مما يساعد على فهم أعمق لشخصية هذه المرأة التي لم تحظ بالشهرة الواسعة رغم حضورها الدائم في أعمال والدها.

وقد اعتاد محبو فن ماتيس على رؤية نظرة مارغريت الجادة في لوحات شهيرة مثل "مارغريت تقرأ" (1906)، و"مارغريت مع القط الأسود" (1910)، ولوحة "الآنسة ماتيس في معطف اسكتلندي" (1918)، ولوحة "مارغريت النائمة" (1920)، التي نادرا ما عرضت للجمهور حتى اليوم.

ويشير مؤرخو الفن إلى أن مارغريت لعبت دورًا محوريًا في تطور أسلوب ماتيس الفني، إذ كانت نموذجًا مثاليًا لاستكشاف التقنيات والأساليب المختلفة. فقد استطاع ماتيس من خلالها تجربة ألوان جديدة وتقنيات متنوعة في الرسم والتظليل، ما ساعده على تطوير أسلوبه المميز الذي عرف به فيما بعد.

ومن الجدير بالذكر أن مارغريت نفسها كانت فنانة موهوبة، وإن لم تنل شهرة والدها. وقد أظهرت اهتماما كبيرا بالفن منذ صغرها، متأثرة بوالدها الذي كان يشجعها على تنمية موهبتها. وخلال الحرب العالمية الثانية، انضمت مارغريت إلى صفوف المقاومة الفرنسية ضد الاحتلال النازي، مما عرضها للاعتقال والتعذيب، لكنها نجت بأعجوبة. يعد معرض "ماتيس ومارغريت: نظرة الأب" فرصة استثنائية لمحبي الفن للاطلاع على جانب شخصي من حياة أحد أبرز فناني القرن العشرين، ويسلط الضوء على علاقة فريدة بين الأب وابنته، تجاوزت حدود العلاقة الأسرية لتصبح إلهاما فنيا خالدا عبر الزمن.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

"ضفة ثالثة" – 13 نيسان 2025

**************************************************

الفلسفة السياسية النسوية – تاريخ من العدالة المراوغة

يناقش كتاب "الفلسفة السياسية النسوية – تاريخ من العدالة المراوغة" للباحثة د. إكرام طلعت البدوي، الانشغال السياسي بالحركة النسوية، الذي يأتي تعبيرا عن التزام أيديولوجي بالدعوة والعمل معا على تحقيق المساواة على مستويات عدة: المساواة الاجتماعية، والاقتصادية، والسياسية في بقاع مختلفة من أنحاء العالم. كما يناقش التطور الذي لحق بالحركة النسوية فكريا، وانطلق من بلاد يقال إنها أحرزت من الديمقراطية السياسية نجاحا كبيرا، حيث تعد الديمقراطية بمعناها السياسي تجسيدا للمساواة، ومن ثم فإنها محور الارتكاز للمطالب النسوية بالحقوق التي يتمتع بها الرجال. من هنا يحاول الكتاب الإجابة عن الأسئلة: ما الذي يحدد النسوية ويميزها كنظام سياسي؟ وما المشاكل الهيكلية الأساسية لعدم المساواة بين الجنسين؟ وما التحديات التي تواجه منظور النوع الاجتماعي في النظرية السياسية؟

أما ماذا قصدت الكاتبة بتعبير "المراوغة"، فنجده في حوار معها حول كتابها حيث قالت إنها عندما شرعت في تأليفه وجدت أنه من الضروري التوغل في جذور الفكر السياسي الكلاسيكي، لاكتشاف كيف صورت المرأة بوصفها "آخر" أو كيانا تابعا. واقترحت ما أسمته بـ"المراوغة"، وهي تراكمات فلسفية ودينية وقانونية سمحت باستمرار النظرة التي تقلل أهلية المرأة ودورها، حتى بعد حركات الإصلاح والتنوير.

ترى الكاتبة أن مجال النظرية السياسية النسوية انبثق من الحركات النسوية في القرن العشرين، حيث يقع مجال النظرية السياسية النسبية عند تقاطع النظرية النسوية والنظرية السياسية، وهدفه الأساس تعزيز توزيع الحدود السياسية، أما النسوية فهدفها محاربة التمييز والأشكال المتنوعة من التبعية، مثل الاضطهاد الاجتماعي والثقافي والاقتصادي والسياسي للمرأة، والهدف النهائي للسياسة النسوية هو فهم الطريق التي من خلالها يمكن تحسين الحياة المجتمعية، ومن ثم معالجة اقصاء المرأة من خلال تحليل وتعديل المؤسسات والنظريات التي تديم تبعيتها. فالنظرية النسبية السياسية تطبق منظورا نسبيا على الأسئلة التقليدية في الفلسفه السياسية التاريخية والحالية، وما الذي يحدد مفهوم النسوية ويميزها كنظام سياسي، ما المشكلات الهيكلية الأساسية لعدم المساواة بين الجنسين، ما التحديات التي تواجه منظور النوع الاجتماعي في النظرية السياسية، هل استطاعت النسوية بموجبها أن توحد صفوفها من أجل التغيير الاجتماعي السياسي.

وهذا الكتاب، الصادر مؤخرا عن بيت الحكمة للثقافة في مصر، كتاب يضيء الكثير من المفاهيم والاشكاليات حول المرأة تاريخيا وفي الحاضر، وهو إضافة مهمة للنظرية النسوية وللنظر في واقع المرأة المستمر في تهميشها.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مجلة "المجلة" – 29 نيسان 2025

*************************************************

الصفحة الحادية عشر

جديد دار المأمون

عن دار المأمون في وزارة الثقافة، صدرت حديثاً الكتب الأتية.

- الترجمة والثقافة والايديولوجية/ سياسات، منظورات، مشكلات

تقديم: إشراق عبد العادل

تحرير: لؤي خزعل جبر

- المأزق الاقتصادي للعراق

تحرير: كامل عباس مهدي

ترجمة: سعد الحسني

- الاجندة النيوليبرالية لغزو العراق

تأليف: كريس دوران

ترجمة: رغد قاسم

-الاستشراق السويدي/ منتخبات

ترجمة: سعيد الجعفر

- موجز تاريخ الزمن / مسار الكون: التمدد من التمدد الهائل إلى الثقوب السود

ترجمة: باسل محمد الحديثي

- وداع وقصص قصيرة أخرى

ترجمة: عماد مبارك غانم

*************************************************

روايات تصادم الحضارات.. عصفور توفيق الحكيم، حيّ سهيل إدريس، هجرة الطيب صالح

داود سلمان الشويلي

أصدر الكاتب الأمريكي هينتينكتون مطلع التسعينيات من القرن الماضي كتابه "صراع الحضارات" الذي يستشرف فيه القرن الواحد والعشرين كونه صراع ثقافي للحضارت، على العكس من القرن العشرين الذي كان فيه الصراع ايديولوجيا، بين الرأسمالية، والاشتراكية، وكان الاستشرف هذا هو صراع بين مجموعة من الحضارات من بينها الحضارة الاسلامية (الدول ذات الأغلبية المسلمة)، ناسيا ان الصراع منذ القرن الثامن عشر كان بين الدول المستعمَرة، ومنهم العرب المسلمين، وبين الدول الأوربية المستعمرة "بجر الميم"، وقد توج هذا الصراع في القرن العشرين الى الصراع الذي ستنقله عدد من الروايات.

منذ بداية القرن العشرين أصبح الطريق سالكا أمام كتاب الرواية المسافرين الى أوربا، فذهب الروائي المصري توفيق الحكيم (مواليد 1898) الى فرنسا ليدرس هناك. وذهب الروائي السوداني الطيب صالح (مواليد 1929) الى انكلترا ليدرس فيها. وذهب الروائي اللبناني سهيل إدريس (مواليد 1923) ليدرس في فرنسا. هؤلاء الثلاثة أكملوا دراستهم، وعادوا الى بلدانهم، فكتبوا رواياتهم إن كانت عن تجربة واقعية، أو كانت من الخيال، عن فكرة تجول في خاطرهم، وبدافع الاحساس بالفرق بين الحضارة في بلدانهم، وبين الحضارة عند الشعوب الأوربية التي درسوا فيها.

من المؤكد ان الحضارة الانجليزية، والحضارة الفرنسية، ليستا كالحضارة في البلدان العربية المسلمة التي جاء منها الكتاب الثلاثة، وهم مسلمون، إذ ان هذه الحضارة العربية الاسلامية، محكومة بتأثير الدين الاسلامي والتقاليد الشرقية، ذات الصفات الصحراوية البدوية فيما الحضارات الأوربية قد أبعدت الدين، وتركته في الكنائس. وأيضا هي حضارة من بيئة صناعية. فيها المطر، والبرد، قد ابعدت هذه الحضارة من بيئة الصحراء الجافة التي تؤثر في نفسية الانسان العربي التي يكون فيها الجو جافاً، ولا يترك عاداته التي شبّ عليها بسهولة، كالاغارة، والنهب، والسلب، والغيبيات التي تتحكم به.

ان هذه النصوص المختارة ستبين للقاريء الحصيف، الفرق بين الشرق، والحضارة العربية الاسلامية خاصة، الشرق المحافظ على تراثه، وعاداته، وأعرافه، وخصوصياته،  الجيدة، والسيئة، والملتزم بالأمور الايمانية الغيبية، والغرب المتحرر، والمنفتح، وبعيد عن تأثيرات الدين عليه في الأمور العامة، والشخصية.

ان هذا الصراع بين الشرق الروحي، والمغلوب، وبين الغرب المادي والغالب، فيشير الى غلبة المادي للروحي، وهي فكرة ماركسية في أن الأولوية لما هو مادي، فهل كان الكتّاب الثلاثة ماركسيين في توجههم الفكري، أو انهم في لا شعورهم تنبض هذه الفكرة؟

***

أمامنا ثلاث روايات الأولى (عصفور من الشرق - 1938) للمصري توفيق الحكيم، والثانية للبناني سهيل إدريس رواية (الحي اللاتيني -1953). والثالثة رواية (موسم الهجرة الى الشمال – 1966)  للسوداني الطيب صالح.

هذه الروايات رصدت الواقع الذي عاشه الانسان العربي المهزوم في حضارة مغايرة لحضارته التي تربى عليها، وهي حضارة الغرب، الحضارة الغالبة.

كتبت هذه النصوص تحت تأثير بقايا هيمنة الاستعمارين الانجليزي في مصر، والسودان، والفرنسي في لبنان. إذن، فالكتاب الثلاثة ينظرون الى شعوب تلك الدول على انها شعوب غالبة، فيما هم شعوب مغلوبة من قِبَلها، وفي النتيجة الحتمية لا يمكن أن يجتمع الشرق، والغرب تحت سقف واحد.

وسنناقش الروايات الثلاثة من خلال الموضوعات التالية:

- الأهداف.

- الهيمنة.

- علاقات الحب.

الأهداف:

لكل كاتب هدف يريد الوصول له فيما يكتب، وكذلك يريد ايصاله لقرائه، وأهداف الكتّاب الثلاثة فيما كتبوا تمثلت في الآتي:

- ان هدف رواية "عصفور من الشرق" هو اثبات إنه مهما تبدل مكان ذلك العصفور، الذي يرمز الى الرجل الشرقي - سيظل حاملًا بين أجنحته المرفرفة صورة الشرق الذي ولد وعاش فيه، فيعود له في نهاية المطاف بمفرده.

- فيما تهدف رواية "الحي اللاتيني" الى ان الشرقي، وخاصة العربي الشاب كمال لا تراب يصلح له إلا تراب أرض وطنه فيعود له بمفرده.

- أما رواية "موسم الهجرة الى الشمال" فهدفت الى تبيان ان العربي الأفريقي خاصة يفشل في التأقلم مع الحضارة الأوربية، فيفشل الشاب السوداني "مصطفى سعيد" في التأقلم مع الحضارة الأوربية في لندن رغم فحولته الأفريقية كما يوصف من قبل الانجليز أنفسهم، فيعود الى وطنه في النهاية، وبمفرده.

يقول مصطفى: ((المهم إنني عدت وبي شوق عظيم الى أهلي في تلك القرية الصغيرة عند منحنى النيل. سبعة أعوام وأنا أحن اليهم وأحلم بهم)).

وحتما فإن بطلي الروايتين الأخريتين يشعرون الشعور ذاته.

الهيمنة:

يحاول بطل توفيق الحكيم الهيمنة على الفتاة التي يرتبط بعلاقة حب معها إلا ان تلك العلاقة تفشل فلا يمكنه الهيمنة عليها.

   والأمر نفسه يحدث لبطل سهيل إدريس، فعندما يعود مرة ثانية لمن أحب ترفض الزواج منه، فلا يمكنه الهيمنة عليها.

وبطل الطيب صالح يخرج من كل علاقاته مع الفتيات بخفي حنين، وباللعنة، لا الهيمنة عليهن. كان ذكيا، وكان يوصف كالآلة، ودون ان ينسى عقله أبدا.

يخرج أبطال الروايات الثلاثة من أوربا خاليِي الوفاض، فهم لم يستطيعوا السيطرة، والهيمنة، على النساء، ولم يستردوا شيئا مما أخذه الأوربيون منهم حتى النساء على أقل تقدير، وظلوا مغلوبين كبلدانهم.

علاقات الحب:

- في "عصفور من الشرق" يقع محسن في قصة حب فاشلة مع الفتاة الفرنسية، إذ لا يُمكن أن يجتمع الشرق، والغرب بالقوة نفسها، فأحدهما الغالب، والآخر هو المغلوب، لأن المجتمعين، الشرقي، والغربي، يحملون الرواسب نفسها، من العصر الاستعماري.

- أما في "الحي اللاتيني" فيقع البطل "كمال" في حب فاشل لفتاة فرنسية. إذ ان "جانين مونرو" الشقراء دارسة الصحافة، ترى فيه عطيل الشرق، بينما يرى فيها هو الغرب الغالب ككل، فتبادله حبا صادقا ينتهي بحمل هذه الفتاة لجنين منه، أو من غيره. يترك البطل هذه الفتاة تحت تأثير تلك الرواسب، ويعود الى بلده لبنان.

يعود الى فرنسا مرة ثانية ليطلب يدها إلا انها ترفض الزواج منه، فيعود بشهادة الدكتوراه، أي العلم فقط، وهذا ما يجب ان يحصل عليه العربي من الغرب لا النفس البشرية، فالنفس الشرقية، والنفس الغربية، قطبان لا ينجذبان لبعضهما لما بينهما من تاريخ طويل بين الغالب والمغلوب.

- (موسم الهجرة الى الشمال) بدأت عند تشكل الوعي العربي بعد الحروب التحررية للأقطار العربية من نير الاستعمار، والتبعية. فلازمة الرواية "مستر سعيد، لعنة الله عليك" خاتمة لأي علاقة جنسية تحدث بين "مصطفى سعيد" وبين الانجليزيات، فانهن بمجرد أن تنتهي علاقتهن بمصطفى سعيد يقدمن على الانتحار بعد ان يتركن كلمات اللعنة تلك.

كان مصطفى يقول: ((أفعل كل شيء حتى أدخل المرأة في فراشي. ثم أسير الى صيد آخر)).

ويتابع القول في مكان آخر: ((ثمة بركة ساكنة في أعماق كل امرأة. كنت أحركها)).

فالعلاقات بين الشاب الشرقي، ومن  ضمنه العربي، وبين الفتاة الأوربية، مهما تعددت، وتنوعت، تبقى محكومة بالفشل ما دامت  الرواسب تلك التي تحدثنا عنها في السطور السابقة باقية في لا وعي الاثنين، وهي رواسب الغالب، والمغلوب.

فأبطال الروايات الثلاثة لم يستطيعوا الزواج من فتاة أوربية، أي السيطرة، والهيمنة، عليها كما في مفهوم الزواج الشرقي، العربي.

ان الشرق شرق، والغرب غرب، وهما لا يلتقيان لما في نفوس أبناء مجتمعاتهم من رواسب الماضي الأليم، كمجتمعات مغلوبة والهيمنة والسيطرة في نفوس أبناء المجتمعات الغربية كمجتمعات غالبة. ان الثلاثة دخلوا المجتمع الأوربي كأنهم غزاة.

ان الأبطال الثلاثة كانوا مثل مصطفى سعيد، كما قال عنه المدعي العام في محاكمته: (مصطفى يا حضرات المحلفين إنسان نبيل، استوعب عقله حضارة الغرب، لكنها حطمت قلبه).

**********************************************************

سينما.. {ابراهيم} تقنية الصمت والرهان على الصورة البصرية 

لندن - عدنان حسين أحمد 

تُراهن السينما الصامتة منذ بدايتها على الصورة ولا تعوّل على الحوار أو اللغة المنطوقة لكنّ هذا الرهان سوف يتبدّل في 6 أكتوبر 1927م عندما ينطق أول فيلم في تاريخ السينما وهو "مغنّي الجاز" للمخرج الأمريكي آلان گروسلاند الذي أحدث نقلة نوعية في عالَم الفن السابع علمًا بأنّ الصوت لا يقتصر على الحوار حسب وإنما يتعداه إلى الموسيقى التصويرية والمؤثرات الصوتية.

وعلى الرغم من مرور 98 سنة على الفيلم الصامت يعود بعض المخرجين إلى الرهان البصري الأول الذي يستطيع فيه الممثل أن يقول كل شيء من دون أن ينبس ببنت شفّة. ولو تأملنا الفيلم الوثائقي القصير "ابراهيم" للمخرج العراقي علي يحيى الذي بلغت مدته 16 دقيقة لا غير لوجدناه مستوفيًا لغالبية اشتراطات الفيلم الوثائقي الناجح رغم أنّ بطله "ابراهيم" لم ينطق بحرف واحد لكنه قال كل ما يريد بواسطته معالم وجهه المعبِّرة، وقدرته على تجسيد حالات الغربة، والألم، والحزن العميق على ما حلّ بعائلته وأرضه وبيئته التي كان مندمجًا بها إلى حد التماهي.

تتمحور ثيمة الفيلم الرئيسة على "التغيّير المناخي" والجفاف الذي ضرب خمسة بلدان من بينها العراق. ولم يشأ المخرج علي يحيى ومعه الكاتب محمد باز الذي شاركه في كتابة السيناريو، ونعني به القصة الصامتة التي تحتاج من المتلقي أن يُعيد لملمة أطرافها المتناثرة التي تروي معاناة ابراهيم الذي لم يجتز عامه العشرين بعد.

ورغم قِصر مدة هذا الفيلم الوثائقي إلّا أنه يعالج ثيمات متعددة من بينها الطبيعة وخاصة الأهوار، والحيوانات وإن اقتصرت على الجاموس، والعائلة وإن جاء التركيز على الأم والابن المستوحد وبعض الشخصيات الأُخَر التي رأيناها وهي تجزُّ القصب والبردي أو تُلقي النظرة الأخيرة على الجاموسة التي نفقت بسبب الجوع والعطش وقسوة الظروف المناخية الجديدة.

لقد اختار المخرج وكاتب النص بيئة الأهوار بوصفها "جنة تجري من تحتها الأنهار" وإن كان العنوان الأجنبي للفيلم (Flow Beneath Which Rivers) الذي يعني حرفيًا "تحت أي الأنهار تتدفق" لكنه يحيل إلى جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها . .

كما جاء في سورة (التوبة: 72) ولو تأملنا وجوه الشخصيات الرئيسة وخاصة ابراهيم وأمه التي كانت تصنع الخبز لوجدناها متوحدة معزولة لكنها راضية بهذه العزلة ومندغمة بأجوائها وفضاءاتها الساحرة؛ فالجاموسة هي رفيقته الوحيدة التي تعرف خلجاته الداخلية فلا غرابة أن يحتضنها في البرِّ والنهر ويُطعمها بما تجود عليه الطبيعة المائية الحانية بما تبقى من خيراتها التي كانت وفيرة ذات يوم. ذات صباح ضبابي كثيف يشعر ابراهيم بنُذُر السوء حيث تنحسر الأنهار، وتتشقق الأرض، وتتلاشى أوتار القصب في إشارة واضحة إلى انهيار عالمه الجميل الذي يحتضن البشر وبقية الكائنات الحيّة وأهمها الجاموس الذي يستطيع أن يتفاهم معه بلغة الحواس. لقد استطاع المخرج علي يحيى أن يروي لنا قصة متكاملة لشاب عراقي يحمل بين جوانحه أخطار الكارثة التي تُهدد وجودهم وتنسف نمط حياتهم.

ما يميز هذا الفيلم ليس قصته المحبوكة فقط وإنما أسلوبه الشاعري في اصطياد وتصوير اللقطات التأسيسية والمقرّبة التي رصدت العلاقة الإنسانية بين ابراهيم وجاموسته الأليفة، ووفائه لهذا المكان الحميمي الذي لا يريد أن يغادره مهما تفاقمت الأزمات والشرور التي جاءته من حيث لا يحتسب.

أشادت لجنة التحكيم الدولية في الدورة الـ 75 لمهرجان برلين السينمائي الدولي ومنحت الفيلم تنويهًا خاصًا لما ينطوي عليه الفيلم من تصوير شاعري للتغيرات المناخية التي طرأت على أهوار العراق المُدرَجة على قائمة التراث العالمي لليونسكو كونها من المواقع الطبيعية الأكثر تفردًا في العالم.

عُرض الفيلم في خمس صالات سينمائية إضافة إلى مشاركته في سوق الأفلام الأوروپية وحظي باهتمام واسع من لدن النقاد والمتلقين.

********************************************

{المتألم المتأمل}، مخاض يطاله النور

صباح محسن جاسم

 

بعد روايته البِكْر "قصدها يوما" يطلّ الروائي  حسام آل زوين برواية جديدة هي "المتألم المتأمل"* تشكّل شبه خلاصة لواقع ما قبل وما بعد الحرب على العراق وتكالب دول الرأسمال العالمي ولغز المخطط الاستعماري لنهب خيرات البلاد فضلاً عما تمخض غزو العراق من واقع جديد طرح إشكالية دعوة أصحاب الكفاءات من أساتذة ومهندسين وأطباء وعلماء باحثين في شتى مجالات الحياة والتطبيقات المعرفية الحديثة، دعوة خالصة لشمول المغتربين بتشريفهم للعودة إلى العراق بعد زوال أبشع حكم دكتاتوري طال العديد من المناضلين الذائدين عن كرامة البلاد. اشتغل الكاتب على آلية سردية تحفز لدى القارئ شعور الانتقال من مشهد إلى آخر بقصدية فنيّة ليست بالتخيلية بقدر ما لامست الواقع الحي المُعاش، كما عمد الكاتب لاستيلاد نمط جديد من السرد الروائي عابرا للتجريب لخلخلة الجاهز من السرد البعيد عن الوعي بكل ما تعرض له مبدأ صراع الطبقات وبشاعة المحاولات البائسة لتمييع دور الطبقة العاملة على مستوى صيرورتها التاريخية في قيادة المجتمع. لقد اختصر كاتب رواية  " المتألّم المتأمّل"* كل الرواية بمسلّمتين لغويتين متلاعبا بحروفهما بفنية عالية، وكأنه يحضّر لولادة توأم يحمل متساوقين لفظيين: الألم، الأمل. توريَة مذهّبة بضوء الحقيقة التي لابد منها وإن تأخرت.

وطنه، مدينته، بيته – حلم المدينة الفاضلة “.. تنتفي فيها الشـرور، الآثام، الجرائم لا فساد ولا ظلم، لا قتل ولا عـدوان، سكنتها اناسٌ طيبـون يعيشـون في سلام ووئام لا يعرفـون غـلّا ولا حسـد."   عاشها بحذافيرها، بأزقة البيوتات المطلّة والحانية على بعضها البعض، بطيبها وعطر ماضيها، جامعاُ كل معاناة شغيلة اليد والفكر، معاندا منتصرا على كل ما يعترضه من مصاعب تعذّر على قدره النيل من روحه العنود على الحق، فراح يفترس جسده جزءً جزءً...!

قلة من الروايات السردية تجمع ما بين الواقع المؤلم وأسلوب المذكرات والمزج ما بين قادة الحزب (سلام عادل) وروح كاتب الرواية "عادل"، سيما التقارب الانتمائي والروحي المركب.

عمدتُ مستفزا ًالست القائل - لم يعـد ذلك الصباح يزهو بأغاني فيروز ويبهج النفوس وتصغي لها الاذان-؟

فما كان منه إلّا وصوّب لي تزاحم متاعبي الجسدية واستفزازي البريء له، في أنه باقٍ على العهد ولن يتخلى عن حلم جمهوريته... ومما عزز من رأيه في بشارة الضوء، تعقيبه، كوننا ما نزال معاً...

وما يزال " عادل" على الرغم من آلامه المبرحة ساندا جراحاته بيديه متأمـلاً عنيداً لا يأبه بما فعلت به الغربة وسنواتها العجاف، تحلو له طيور النورس المرفرفة الأجنحة على ضفتي الفـرات وتراقص شموع النذور والامنيات عند الغروب ... ومثله دجلة عند مدخل المتنبي حيث تجمعه سنوات الدراسة وحماس الطلـبة، فيما يتسللون فـرادا تجنبا لعيون العسس، يتيهـون بين كتب المعرفة والعلم والآداب والفنـون.

هنيئاً للقارئ الحصيف مواصلة شم عبق هذه الوردة التي ما تخلى عنها شذى عبيرها. 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*- الرواية من اصدار مطبعة الرفاه- بغداد 2025

*******************************************************

الصفحة الثانية عشر

  • يُنظم "مركز سومر" الثقافي في النجف غدا الجمعة، ندوة بعنوان "ماهية المثقف ودوره في الحياة"، يتحدث فيها الباحث عبد الحكيم الوائلي.

تبدأ الندوة في الساعة الخامسة والنصف عصرا في مقر المركز الكائن تحت "مجسرات ثورة العشرين" جنب "مطبعة الحمراني".

  • يعقد منتدى "بيتنا الثقافي" في بغداد، بعد غد السبت، ندوة بعنوان "دور المثقف في صناعة البديل: قراءة في الراهن الثقافي"، يتحدث فيها د. علي إبراهيم والشاعرة والإعلامية ابتهال بليبل، ويديرها الشاعر حسين المخزومي.

تبدأ الندوة في الساعة 11 ضحى على قاعة المنتدى في ساحة الأندلس.

************************************************

اما بعد.. {الفاشنستات} تسقيط ممنهج

 

 منى سعيد

مثلما تروّج لماركات الملابس أو الأكسسوارات أو لكيفية شرب القهوة، استغلت إحدى الفاشنستات وسائل التواصل الاجتماعي للترويج لشخص يعتزم الترشيح في الانتخابات القادمة ..

ترى كيف بلغت قضايانا السياسية المُلحَّة هذا الحال من التردي؟! وهل تمثل الفتاة المذكورة نساءنا؟ بل وما علاقتنا بها أصلا؟!

الأمر لا يعدو كونه تسقيطا ممنهجا لقضايانا، تسعى اليه جهات متنفذة ضمن سلسلة إجراءات تقمع دور المرأة اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا.

أُثير هذا الموضوع وغيره في جلسة مهمة للعصف الذهني، عقدت أخيرا تحت عنوان "الطاولة النسوية المستديرة الأولى : واقع وآفاق وتحديات الحركة النسوية في العراق" على قاعة جمعية الأمل في بغداد. وضمت الجلسة عددا من الباحثات والناشطات، اللاتي قدمن في يوم حافل عددا من البحوث المتخصصة.

شخصت الندوة قلة فاعلية حركتنا النسوية في المجتمع المدني اليوم، وإنه لابد أن تصبح للحركة رسالة واضحة وقوية، قبل ان تتدهور وترجوع الى نقطة الصفر. فالمسألة وجودية بحتة، خصوصا بعدما أشار الإعلام الى ما لا يقل عن ثلاث حالات قتل للنساء يوميا ..

الباحثات اوضحن أننا كنساء مهددات في وجودنا وبأن يتم ابعادنا عن الحياة السياسية ، فضلا عن السعي للفصل بين الجنسين في كل مرافق الحياة وبضمنها الجامعات.

كذلك بيَّنّ أننا لم نزل متشظيات، ولا سقف لنا نتحرك تحته، وأن التغيير لابد أن يحدث من الداخل، في مجتمع متدين في العموم يأخذ من الدين أغلب تفصيلات حياته.

وأشرت الندوة تأخرنا كعراقيات مقارنة بنساء العالم العربي الاخريات، اللاتي تتشابه ظروفهن دينيا معنا. فنحن لا نشكل واقعا مؤثرا، ولم نُسوَّق إعلاميا مثل الدكتورة نوال السعداوي في مصر وفاطمة المغنيسي في تونس. وليس عندنا مؤتمر وطني عام نناقش فيه قضايانا علنا، و كثير من نشاطاتنا النسوية يجرى بطرق مخفية متسترة، خشية المحاربة وحتى القتل.

وعلى الرغم من عدم بخسنا جهود النساء وتحركهن منذ 2003 حتى اليوم، لكن هذا النشاط لم يبلغ المستوى الفكري والسياسي المرتجى، ولم نزل نفتقر الى خط فلسفي منتظم. فالمشروع النسوي يعني رؤية فكرية متكاملة للمجتمع، لها استراتيجيتها بما يعبر عن هويتها الثقافية.

وأشرت الندوة أهم التحديات التي واجهتنا او تواجهنا، ومنها : النظام الشمولي وسياسته المعادية للنشاط النسوي، الحروب وآثارها ، العنف الطائفي، البنية الذكورية للمجتمع ، العشائرية والعادات والتقاليد البالية. فضلا عن شيطنة مصطلحات الحركة النسوية، مثلما حدث لمصطلح "الجندر" ، وإلى انعدام المؤسسات الحكومية التي تدافع عن المرأة، باستثناء "المجلس الأعلى للمرأة" الذي يحق لنا التساؤل عما انجز وحقق؟

وشددت الندوة أيضا على ضرورة التمسك بقانون الأحوال الشخصية، وبرفض تعديلاته الأخيرة، مع التأكيد على المشاركة السياسية للمرأة وإقرار قانون محاربة العنف ضد النساء. هذا إضافة الى تشخيص الضعف الفكري لكثير من النساء، نتيجة غياب النظام التعليمي الجيد، وشيوع الطائفية واحتكار السلطة في ظلّ ديمقراطية عرجاء.

**********************************************

ألقى محاضرة في الثقافة.. يوسف زيدان في ضيافة الأدباء العراقيين

متابعة – طريق الشعب

ضيّف الاتحاد العام للأدباء والكتاب أول أمس الثلاثاء، الكاتب والروائي المصري المعروف د. يوسف زيدان، الذي ألقى محاضرة بعنوان "مفهوم الرصيد الحضاري وأثر الماضي في رسم ملامح المستقبل".

المحاضرة التي احتضنتها "قاعة قرطبة" في فندق المنصور ميليا وسط بغداد، استمع إليها جمع كبير من المثقفين والأدباء والأكاديميين والمهتمين في الشأن الثقافي. وأدارها رئيس الاتحاد الناقد علي الفواز، الذي قدم نبذة عن المحاضر، مبينا أنه مثقف إشكالي استطاع حجز مكانته في الثقافة العربية عبر كتبه وتنظيراته وآرائه في الدين والسياسة والثقافة والأدب.

وفي مفتتح محاضرته ذكر زيدان أن "بغداد تمثل عندي الرصيد الحضاري، وهي واجهة حضارية لا يمكن التغاضي عنها أو نسيان دورها في التراث العربي عموماً".

ثم تطرق إلى موضوعات كثيرة تخص التراث العربي ومدى تعلق العرب به، مشيرا إلى انه من الضروري الاحتكام للمنطق عند التنقيب في القضايا التراثية والتاريخية، ودراستها.

وعن عنوان محاضرته، قال انه يأتي في إطار عمله الساعي إلى إعادة بناء المفاهيم الكلية والتصورات الكبرى في الثقافة العربية.

وعرّج زيدان على بعض المفاهيم الكلية الراسخة في العقل الجمعي، مثل الفكرة، السياسة، المعنى وغيرها. فيما ألقى الضوء على بعض مؤلفاته، التي نوّه إلى انها تحمل طابعا صوفيا.

كما تحدث عن روايته "عزازيل" الفائزة بجائزة البوكر العربية 2009، موضحا أنها رواية تاريخية فلسفية بحتة.

جدير بالذكر أن أحداث هذه الرواية تدور في القرن الخامس الميلادي في صعيد مصر والإسكندرية وشمال سوريا، عقب تبني الإمبراطورية الرومانية للمسيحية. كما انها تلقي الضوء على الصراع الذي كان دائرا وقتذاك بين آباء الكنيسة والمؤمنين الجديد.

هذا وأثارت المحاضرة مداخلات وأسئلة طرحها عديد من الحاضرين.

*******************************************************

بابلية تُصمم روبوتا طبيا لعلاج السرطان

متابعة – طريق الشعب

استطاعت الباحثة أنوار حمزة من جامعة بابل، تصميم روبوت لاسلكي صغير، يقدم علاجاً دقيقاً للأورام السرطانية ويساهم في تقليل الأضرار الجانبية المرتبطة بالعلاج الكيميائي التقليدي.

ووفقا للمشرف على هذا المشروع، الاختصاصي في علم الالكترونيات د. حيدر صاحب المؤمن، فإن المشروع يأتي استجابة لتوجه عالمي لتطوير تقنيات علاجية وتشخيصية دقيقة، غير جراحية.

وأوضح في حديث صحفي أن "الدراسة التي أنجزتها الباحثة أنوار حمزة بريسم عبيد، تحت عنوان (مقترح روبوت لاسلكي صغير للتطبيقات الطبية الحيوية)، تمثل نقلة نوعية في التكنولوجيا الطبية الحديثة. حيث تمكنت الباحثة من تصميم روبوت ذكي متناهي الصغر يهدف إلى إحداث ثورة في مجال التطبيقات الطبية الحيوية، من خلال تقديم علاج دقيق للأورام السرطانية وتقليل الأضرار الجانبية المرتبطة بالعلاج الكيميائي التقليدي".

**************************************************

رعد عبد الرحمن وجماليات الخط العربي

البصرة - صلاح العمران

مساء السبت الماضي، افتتح على قاعة جمعة الفنانين التشكيليين في البصرة، المعرض الشخصي الخامس للفنان الخطاط رعد عبد الرحمن عبود، تحت عنوان "جماليات الخط العربي"، وذلك بحضور نخبة من الفنانين التشكيليين والخطاطين ومتذوقي الخط العربي.

ويعد هذا الفنان، المولود عام 1954 في قضاء الفاو، أحد أبرز رواد الخط العربي في العراق والعالم العربي. حيث بدأ رحلته الفنية من مسقط رأسه عام 1972 بمعرضه الأول، لينتقل بعدها إلى عوالم إبداعية دولية عبر معارض في المغرب (1987)، وفي مليلية الإسبانية (1998)، وصولًا إلى معرضه الرابع في البصرة (2010).

ولم تكن مسيرة رعد محصورة في المعارض وحسب، بل انه ترك إرثًا ماديًا عبر شواهد ميدانية عديدة، منها نصب تذكاري في مدينة تافوغالت المغربية، و"نصب الشهيد والشراع" في البصرة، إضافة إلى تصميم العملة المغربية الورقية والمعدنية.

"طريق الشعب" التقت بالفنان رعد على هامش معرضه، وأجرت معه حوارا قصيرا ألقى فيه الضوء على عمله في صحف كويتية ومغربية، فضلا عن تلفزيون البصرة ووزارة الثقافة.

وعما يميز معرضه الأخير، يقول أنه خلاصة تجاربه السابقة التي بدأت من الفاو مرورا بالمغرب، مبينا أن "كل معرض هو تجربة تختلف عن سابقتها، لكن هذا المعرض يجسّد تراكم خمسة عقود من الحوار بين الحرف والفرشاة". 

ويلفت إلى أن "القرآن الكريم كان المنبع الأول لأعمالي، يليه الشعر العربي. فقد استوحيت لوحات من قصائد للجواهري وغيره. فيما أنجزت لوحة خاصة بالشاعر الراحل موفق محمد".

وعن مدى تفاعل الجمهور مع أعماله، يقول أن "الفن مرآة تختلف زوايا رؤيتها باختلاف الناظر. إذ تتنوع تفاسير الجمهور لأعمالي، وهذا التنوع هو جوهر الفن".

ويتحدث رعد عن الخطاطين الذين تأثر بهم خلال مسيرته، أمثال قيس عبد الرزاق وصبحي المدرس في البصرة، وقاسم البغدادي وغيرهم.

فيما يدعو الجيل الفني الناشئ، إلى التعمق في الفن العراقي والعالمي، وعدم الاكتفاء بالمعلومات الجاهزة، مشددًا على أهمية الانفتاح الفكري لتطوير المدارك الفنية. 

أما عن أعمال معرضه الجديد وأسلوبيتها، فيقول أنها مزيج من الأعمال الكلاسيكية والمعاصرة. إذ تُظهر اللوحات حوارًا بين الخط العربي والرموز التراثية العراقية، مع إشارات إلى البيئة الجنوبية التي نشأ فيها الفنان.

************************************************

قف.. هواجس

عبد المنعم الأعسم

شاءت الحروب والأحداث والصراعات التي شهدها العراق، والخيبات المتواصلة من حكومات وزعامات ما بعد نظام الدكتاتورية، أن تضع المواطن نهب هواجس عميقة، ومؤثرة، تتمظهر في الخوف من المستقبل، وعدم الاطمئنان للوعود، والخشية من الاشخاص الذين يصعدون سلالم الجاه والثروة والمواقع بسرعة، وفي سوء الظن المشروع حيال عبارات الشفقة والتعاطف، والرعب من أصوات الانفجارات، وصفارات سيارات الإسعاف، والشكوك في سِيَر الزعامات ونزاهتهم وتاريخهم المُعلن، وأدوارهم، وسلامة مواقفهم، والاستهزاء من الأرقام والحيثيات طالما أوردتها أقنية الدولة، وعدم الثقة بالخطاب الرسمي حتى وهو يذرف الدموع على معاناة الأرامل والمهمشين وسكان العشوائيات، أو الغيرة على السيادة ومصالح البلاد، وتمتد هذه الهواجس في عمق التاريخ ما أشار لها التوحيدي في "البصائر والذخائر" فكلما يفاجئهم أمرٌ غريب، وغير متوقع، يتعاملون معه بهاجس يتصل بالمستقبل، فاذا صاحت البومة لوحوا لها بالسكين، واذا نعق الغراب قالوا "خير خير وانت شرّ طير" واذا اختلجت عين أحدهم من الأسفل قال إنه سيبكي ، واذا طار الخفاش صاحوا "باطل باطل" أما إذا حلت الخنفساء في بداية الصيف، مثل أيامنا هذه، فكان العراقيون يقولون إنها رسولٌ من العقرب.. ويمدون ايديهم إلى النعال.

*قالوا:

جاءني كابوس بالمنام أني طُردتُ من الوظيفة، فاستيقظت مذعورا، ثم فرحت بعد ذلك لأني عاطل عن العمل".

مترجمة

****************************************************

أصدار.. كلنا جئنا من معطف الحزب

عن "دار ميزر" للطباعة والنشر، صدر حديثا للنصير فيصل الفؤادي، كتاب بعنوان "كلنا جئنا من معطف الحزب - مشاركة المثقفين في الحركة الانصارية".

يتناول الكتاب ثقافة الأنصار التي تشكل صفحة مضيئة من صفحات الثقافة العراقية التقدمية. ويوثق النشاط الثقافي للعديد من الكتاب والفنانين الذين برزوا في مختلف أوجه الابداع، إبان الحركة الأنصارية. كما يتحدث عن وصولهم إلى الناس في المدن والقرى القريبة، وذلك من خلال الأغنية والمسرح والندوة والشعر.

ويستعرض المؤلف أهم نتاجات المبدعين الأنصار، الذين برزت من بينهم أسماء لامعة في الأدب والفن والثقافة، والذين عكس الكثيرون منهم تجاربهم الفريدة في رواياتهم او مسرحياتهم او ألحانهم وأغانيهم أو لوحاتهم، أو في أي مجال إبداعي آخر.

يقع الكتاب الذي صمم غلافه سليم جواد، في 326 صفحة من القطع المتوسط.