الصفحة الأولى
هل تنجح بغداد في فرض معادلة سيادة متكافئة مع أنقرة؟.. الدفاع البرلمانية: وجوب سحب القوات التركية من أراضينا بعد حل {العمال الكردستاني}
بغداد - محمد التميمي
بعد عقود من التوتر الأمني والسياسي، يشهد ملف حزب العمال الكردستاني (PKK) تطورات لافتة، مع إعلان الحزب حل هياكله التنظيمية، في خطوة وُصفت بأنها "تاريخية" على مستوى المنطقة والعالم وذات انعكاسات مباشرة على الوضع الأمني داخل العراق، وعلى علاقات بغداد - أنقرة.
هذا التحوّل يفتح الباب أمام تساؤلات كثيرة وجوهرية لعل ابرزها عن دور الحكومة العراقية في استثمار الحدث، ومطالبة تركيا بالانسحاب من الأراضي العراقية بعد زوال الذريعة التي استخدمتها لعقود، وعن كيفية تعامل الحكومة العراقية مع هذه التطورات بما يحقق السيادة العراقية.
فرصة حقيقية
وتعليقاً على هذه القضية قال عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية علي البنداوي، أن التطورات الأخيرة بشأن إعلان حزب العمال الكردستاني نيته إلقاء السلاح وحل أطره التنظيمية تمثل خطوة مهمة ينبغي على الحكومة العراقية استثمارها بفعالية، مشددًا على أن العراق كان هو الطرف الذي دفع الثمن الأكبر في هذا الصراع الممتد منذ سنوات.
وأضاف البنداوي لـ"طريق الشعب"، ان "وجود حزب العمال الكردستاني في اراضينا مثّل ذريعة دائمة للتدخل التركي، سواء عبر العمليات العسكرية أو الغارات الجوية، وقد حان الوقت لوقف هذه التدخلات".
واعتبر أن الاتفاق الأخير يشكّل فرصة نحو إنهاء تواجد الحزب المسلح على الأراضي العراقية ووقف الانتهاكات التركية.
وأضاف البنداوي، ان "من المهم التوضيح أن العراق لا يصنف حزب العمال الكردستاني كمنظمة إرهابية، بل كحزب محظور، وهو تصنيف يختلف جذريًا عن التصنيف التركي الذي يضع الحزب على قائمة الإرهاب".
واكد ان "خطوة إعلان "حل الحزب" وتسليم سلاحه يجب أن تقابلها خطوات عملية من الجانب التركي، في مقدمتها سحب قواته من شمال العراق ووقف القصف المتكرر للمدن والمناطق العراقية".
وشدد البنداوي على ضرورة أن "تتحرك الحكومة العراقية بدبلوماسية نشطة، بالتنسيق مع حكومة إقليم كردستان، من أجل تحقيق نتائج ملموسة على الأرض"، داعيًا إلى “حوار رسمي مع الجانب التركي لإنهاء الوجود العسكري داخل الأراضي العراقية، خصوصًا أن الحجة التي طالما استخدمتها أنقرة لم تعد قائمة بعد إعلان الحزب نيته إنهاء نشاطه العسكري".
وأوضح أن لجنة الأمن والدفاع في مجلس النواب "تتابع هذا الملف بشكل مكثف، وقد أجرت في الفترة الماضية زيارات إلى الجهات الأمنية المختصة، من بينها مستشارية الأمن القومي، كما استضافت مسؤولين أمنيين لمناقشة التطورات المتعلقة بوجود الحزب المذكور والقوات التركية داخل الأراضي العراقية".
وفي ما يتعلق بالقلق من أن يكون إعلان حزب العمال مقدمة لتحركات جديدة، أو محاولة لترسيخ وجود سياسي أو جغرافي في كردستان العراق، قال البنداوي: “نحن ندرك هذه المخاوف، وهناك بالفعل تفاهمات أمنية واقتصادية ومائية بين العراق وتركيا، ولكن إذا لم تكن هناك جدية تركية حقيقية في سحب قواتها، فإن الموقف العراقي يجب أن يتغير، بما في ذلك التحرك على المستوى الأممي".
واختتم البنداوي تصريحه بالتأكيد على أن "أمام الحكومة العراقية فرصة حقيقية للنجاح في هذا الملف الحساس، شريطة التحرك المبكر والجاد، واستثمار المناخ الحالي لتحقيق سيادة العراق على كامل أراضيه".
تحرّك استباقي
من جهته، رأى الخبير الأمني عدنان الكناني أن قرار حزب العمال الكردستاني بشأن إلقاء السلاح قد يكون جزءًا من صفقة سياسية تهدف إلى الإفراج عن زعيم الحزب المعتقل عبد الله أوجلان، مقابل انتقال الحزب من العمل العسكري إلى العمل السياسي.
وأكد الكناني في حديث لـ "طريق الشعب"، أن تركيا لن تقدم على أي خطوة من هذا النوع دون مقابل واضح، متسائلًا: “ما هو الثمن الذي يجعل أنقرة تسمح لعناصر الحزب بالعودة إلى أراضيها بصورة طبيعية، رغم أنهم كانوا حتى وقت قريب ما زالوا مطلوبين للقضاء التركي وتلاحقهم الأجهزة العسكرية والأمنية والاستخبارية؟”
وأضاف أن "التساؤلات لا تتوقف عند حدود الصفقة المحتملة، بل تمتد إلى طبيعة التنظيمات المرتبطة بالحزب"، مشيرًا إلى أن "حزب العمال الكردستاني قد لا يمتلك “البه كه كه” كجناح عسكري فحسب، بل ربما ترتبط به بشكل غير مباشر ايضاً قوات سوريا الديمقراطية (قسد)".
ودعا الكناني الحكومة العراقية الى "تبنّي سياسات استباقية في التعامل مع التحديات وعدم الاكتفاء بسياسة رد الفعل؛ يجب أن نتوقع الأزمات قبل وقوعها ونعمل على معالجتها، من خلال مراكز أبحاث وهيئات قادرة على إعداد سيناريوهات لمشاريع تمسّ أمن العراق وحدوده، وطريقة تعامل المؤسسات الأمنية والعسكرية معها".
وأشار إلى أن العراق "يمتلك بالفعل مؤسسات قادرة على أداء هذا الدور، مثل مراكز الدراسات الاستراتيجية في وزارتي التخطيط والدفاع، بالإضافة إلى المديرية العامة للتخطيط والمتابعة في وزارة الدفاع، لكن هذا الدور ما زال دون مستوى التحديات".
وفي ما يتعلق بالوجود التركي داخل الأراضي العراقية، قال الكناني: “حتى الآن لم يُسلّم حزب العمال الكردستاني سلاحه، لكن إن حصل ذلك، فمن المفترض أن تسحب تركيا قواتها من الأراضي العراقية، لأن الذريعة التي استندت إليها في التوغل كانت محاربة الحزب".
واستدرك قائلاً: “مع ذلك، أستبعد أن تقدم تركيا على الانسحاب، بل أرجّح أنها ستزيد من عدد قواتها لتعزيز نفوذها العسكري داخل العراق.
وأضاف إن "تصريحات المسؤولين الأتراك لا توحي بانسحاب قريب للقوات التركية من شمال العراق"، مضيفًا أن "ما نراه على الأرض هو عكس ذلك تمامًا؛ فهناك توسع في القواعد والنشاطات الاستخبارية، سواء عبر الطائرات المسيرة أو غيرها".
سياسة خارجية غائبة
الى ذلك، أكد المحلل السياسي داوود سلمان أن إعلان حزب العمال الكردستاني حل نفسه وإلقاء السلاح يُعد قرارًا تاريخيًا بالنسبة لتركيا، وهو تطور مفصلي من شأنه أن يرفع الحرج عن العراق ويُضعف مبررات التدخل التركي في شمال البلاد.
وقال في تصريح لـ" طريق الشعب"، إن المرحلة المقبلة "تتطلب من الحكومة العراقية التحرك بمسؤولية وبمستوى الحدث، من خلال التعامل الجاد مع ما تبقى من نفوذ وهيكل حزب العمال في مناطق مثل سنجار وغيرها".
وأضاف سلمان، “ينبغي على تلك الجماعات إما التحول الكامل إلى العمل المدني والاندماج في المجتمع الكردي، والتخلي عن السلاح، أو مغادرة الأراضي العراقية والعودة إلى تركيا، حفاظاً على السيادة الوطنية وبناء علاقات متوازنة مع الجوار".
وأشار إلى أن "الحجة التي استندت إليها أنقرة لتبرير تدخلها العسكري داخل العراق قد انتفت الآن، بعد إعلان الحزب وقف أنشطته المسلحة"، داعياً الحكومة العراقية إلى "الضغط الدبلوماسي على تركيا لسحب قواتها وقواعدها العسكرية من الأراضي العراقية".
وفي معرض حديثه عن السياسة الخارجية، عبّر سلمان عن أسفه لغياب رؤية عراقية واضحة وموحدة في إدارة العلاقات الدولية، قائلًا: “لا نملك سياسة خارجية فاعلة، فكل طرف يغني على ليلاه، والمواقف متفرقة وغير موحدة، وهذا يضعف قدرة العراق على بناء علاقات متكافئة قائمة على المصالح المتبادلة، بعيدًا عن الضغوط والابتزاز".
****************************************************
راصد الطريق.. تواطؤ على حساب الناس والبيئة والهوية
في فترة النضال والجهاد ضد النظام الدكتاتوري المباد، كانت اصوات المعارضين تستنكر جريمة تجفيف الأهوار المروعة عقب انتفاضة آذار 1991. وآنذاك لم يخطر في بال أحد، أن يأتي يوم يُسجَّل فيه لعراقي دور في تجفيف الأهوار بعد تخلّص البلد من نظامٍ خرّب الأرض والإنسان معًا.
لكن ما يحدث اليوم في هور الحويزة الميساني، يعيد المشهد السابق ذاته. فالأهالي هناك يكررون اعتراضهم الشديد على التجفيف المتعمّد للهور، الذي يُنفَّذ لأجل مصالح شركات أجنبية، باشرت فيه استكشاف رقع نفطية جديدة.
وكأن العراق استثمر واستنزف جميع أراضيه، ولم يبقَّ سوى هذا الموقع البيئي الفريد، الذي مُنح ضمن جولة التراخيص الخامسة، وادعت الحكومة حينها أنها فعلت ذلك وفق معايير بيئية تراعي خصوصية المنطقة، لكن الواقع يناقض ذلك الادعاء.
فنحن اليوم أمام تجفيف متعمّد جديد، يهدد حياة آلاف البشر وماشيتهم، ويقوّض النظام البيئي الحساس في الأهوار، وهي من رموز التنوع الحيوي في البلاد والمنطقة.
انه تواطؤ مع شركات لا ترى في الأرض سوى منجم للربح، حتى على حساب تهجير السكان، وإبادة الحياة البرية، وطمس معالم هوية حضارية تعود الى آلاف السنين.
*************************************************
الصفحة الثانية
مالية البرلمان تحذّر: الحكومة تتلكأ في إرسال جداول الموازنة رغم جاهزيتها
بغداد ـ طريق الشعب
حذّر عضو اللجنة المالية في مجلس النواب، جمال كوجر، من تداعيات تأخر الحكومة في إرسال جداول الموازنة العامة إلى البرلمان، مشيراً إلى أن الوضع المالي الحالي لا يسمح بإقرار أية زيادات أو ترفيعات للموظفين في الوقت الراهن.
وأوضح كوجر في تصريح صحفي، أن وزارة التخطيط قد أنجزت الجداول الخاصة بالموازنة وأحالتها إلى الحكومة منذ فترة، مضيفاً: "الكرة الآن في ملعب الحكومة، لكنها حتى اللحظة لا تُبدي أي نية لإرسالها إلى البرلمان".
وأشار النائب إلى أنه تم التواصل بشكل مباشر مع وزير التخطيط، الذي أكد أن وزارته أنهت الترتيبات كافة وأرسلت الجداول المطلوبة، إلا أن الحكومة لم تتخذ أي إجراء حيال ذلك.
وبيّن كوجر أن الحديث عن علاوات وترفيعات للموظفين في ظل الظروف المالية الحالية "غير واقعي"، مضيفاً أن الوضع الاقتصادي لا يتحمل أعباءً إضافية، لاسيما وأن فاتورة الرواتب تُشكّل عبئاً كبيراً على الموازنة.
********************************************************
في بابل والبصرة.. احتجاجات واسعة تطالب بالخدمات وسلة الغذاء وفرص العمل
بغداد _ طريق الشعب
شهدت محافظتا بابل والبصرة، ثلاث وقفات احتجاجية متزامنة نظمها وكلاء البطاقة التموينية، وعاطلون عن العمل، وذوو شهداء الحشد الشعبي، والتي رفعت مطالب مختلفة تتعلق بالخدمات الأساسية، والحقوق القانونية، وفرص العمل.
تأخر إطلاق السلة الغذائية
وفي محافظة بابل، نظم عدد من وكلاء البطاقة التموينية وموظفي فرع الشركة العامة لتجارة المواد الغذائية وقفة احتجاجية أمام مقر الشركة، احتجاجًا على تأخر إطلاق السلة الغذائية منذ أكثر من ثلاثة أشهر، نتيجة ما وصفوه بـ"شائعات" حول صلاحية المواد المخصصة للتوزيع.
المشاركون في الوقفة أكدوا أن هذا التأخير ألحق ضررًا بالغًا بشريحة واسعة من المواطنين، لا لا سيما ذوي الدخل المحدود، مطالبين وزارة التجارة بالإسراع في صرف السلة لمحافظة بابل، أسوة بباقي المحافظات، ووقف ما وصفوه بـ"الحملة الإعلامية التي تهدد الأمن الغذائي".
وقال حيدر مظلوم عباس، أحد وكلاء البطاقة التموينية، إن "الوكلاء على استعداد تام للتوزيع، لكن الشائعات التي تتحدث عن فساد أو تلوث في المواد حالت دون وصول السلة للمواطنين، رغم تأكيد الجهات الرقابية على صلاحيتها للاستهلاك البشري".
من جانبها، قالت سعاد مسلم علي، وهي وكيلة توزيع أخرى، إن "المواد الغذائية لم تسجل أي خلل خلال السنوات الماضية، ولم تُرصد أية شكاوى من المواطنين الذين يعتمدون على هذه السلة، خاصة مع ارتفاع الأسعار في الأسواق".
الشركة ترد..
وفي السياق، شدد مدير فرع الشركة في بابل، أمير أسعد عبد الأمير، على أن "جميع المواد خضعت لتفتيش دقيق من قبل لجان مختصة من وزارة التجارة والرقابة الصحية، ولم تُسجل أي ملاحظات سلبية".
وأضاف أن "استمرار الترويج لمثل هذه الشائعات يضر بسمعة الشركة ويقوض جهودها في توفير الغذاء للمواطنين وسط تحديات كبيرة، منها تعطل سلاسل التوريد العالمية".
وتشهد هذه القضية منذ ايام تصعيدًا سياسيًا، بعد تداول مقطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، نشره أحد نواب المحافظة، يظهر "صغير جرذ (درص)" في مادة الحمص المخزنة، والتي كانت مخصصة للتوزيع ضمن السلة الغذائية، الأمر الذي أشعل جدلًا واسعًا، خصوصًا بعد منع نائبين من دخول مخازن الشركة لغرض التفتيش، وسط غياب موقف رسمي موحد يوضح ملابسات الحادثة.
ويُعد ملف البطاقة التموينية من أكثر الملفات إثارة للجدل في العراق، نظرًا لارتباطه بشبهات فساد وتلاعب طالما أضرا بمصالح المواطنين، في ظل مطالبات بتحديث النظام الرقابي وضمان الشفافية في عمليات التوزيع والتجهيز.
اغلاق بوابة مشروع FCC في البصرة
وفي محافظة البصرة، تظاهر العشرات من العاطلين عن العمل والباحثين عن فرص تشغيل، أمام بوابة مشروع FCC في مصفى البصرة، مطالبين بتوفير وظائف لهم داخل المشروع، خاصة بعد دخوله مرحلة التشغيل والإنتاج. وأقدم المحتجون على إغلاق البوابة الرئيسة للموقع.
أحد المشاركين في التظاهرة أكد أن الوقفة "سلمية وتهدف إلى المطالبة بفرص عمل ضمن اختصاصاتهم"، مشيرًا إلى أن العديد من المتظاهرين هم من سكان المناطق المجاورة للمشروع، ومنهم من سبق له العمل في المصفى منذ انطلاق أعمال المشروع، قبل أن يتم إنهاء خدماتهم مؤخرًا.
المحتجون دعوا وزارة النفط، وشركة مصافي الجنوب، ونواب البصرة، إلى التدخل السريع لتوفير وظائف لهم، أسوة بما جرى في مصفى كربلاء، وشددوا على أن الاحتجاجات ستتواصل ما لم تُنفذ مطالبهم.
وأشار أحدهم إلى وجود وعود أولية من قبل إدارة شركة مصافي الجنوب بالنظر في مطالب المحتجين والاستماع إلى مشاكلهم، لكنه أكد في الوقت ذاته أنهم سيصعّدون من حراكهم الاحتجاجي في حال استمرار "المماطلة أو التسويف"، بحسب تعبيره.
ذوو شهداء الحشد الشعبي
كما نظم عدد من ذوي شهداء الحشد الشعبي في البصرة وقفة احتجاجية أمام مبنى ديوان المحافظة، مطالبين بتنفيذ الوعود السابقة المتعلقة بتخصيص قطع أراضٍ سكنية لهم، إلى جانب الحقوق القانونية والامتيازات المقررة لعوائل الشهداء.
المشاركون في الوقفة أشاروا إلى حصولهم في وقت سابق على موافقة رسمية من محافظ البصرة بشأن تخصيص قطع الأراضي، إلا أن القرار لم يُنفذ حتى الآن، وسط ما وصفوه بـ"الإهمال والتأخير غير المبرر".
وأكد المحتجون، أن مطالبهم إنسانية وقانونية، وتستند إلى استحقاق رسمي نصت عليه القوانين العراقية الخاصة برعاية ذوي الشهداء، داعين الجهات المعنية في الحكومة المحلية ووزارة البلديات إلى اتخاذ خطوات جادة لتسوية الملف وإنهاء معاناتهم.
******************************************
هل تنجح بغداد في فرض معادلة سيادة متكافئة مع انقرة؟
وصار سلمان يعول عاى الحكومة المقبلة التي تفرزها الانتخابات التشريعية نهاية العام الحالي، بـ”العزيمة السياسية” في حماية سيادة البلاد والرد الحاسم على أي انتهاك تركي مستقبلي، خصوصًا بعد سقوط الذرائع السابقة".
وشدد على ضرورة “فتح صفحة جديدة في كردستان العراق بالتعاون مع حكومة الاقليم لحماية الحدود، ورفض سياسة الكيل بمكيالين في العلاقات الدولية”.
وشدّد المحلل السياسي على أن "الحكومة العراقية يجب أن تكون حكومة لجميع العراقيين، لا مجاملة فيها لحركات مسلحة أو مجاميع خارجة عن القانون"، مطالبًا بـ"فرض القانون على الجميع، وعدم السماح لأي جهة باستغلال ملف حزب العمال الكردستاني كورقة ضغط سياسية".
كما دعا إلى استثمار هذا التحول "لفتح ملفات استراتيجية مع تركيا، تشمل الأمن، والاقتصاد، والتكنولوجيا، والمياه، بعدما أسهم العراق عمليًا في إنهاء تواجد حزب العمال داخل أراضيه، يجب على تركيا أن تبادل ذلك بخطوات مماثلة، وخاصة في ملف المياه الذي يمثل أولوية وطنية".
الوجود التركي في الأراضي العراقية
ويقدر وجود نحو 80 قاعدة عسكرية تركية شمالي العراق، موزعة بين محافظات إربيل ودهوك ونينوى، وعلى امتداد الحدود العراقية ـ التركية، ضمن عمليات انتشار عسكري تقول أنقرة إنها تهدف لمحاربة حزب العمال الكردستاني (PKK).
ووفق المعلومات المتوفرة، فإن القواعد التركية تتنوع بين معسكرات كبيرة وصغيرة، يمتد بعضها إلى عمق 10 كيلومترات داخل الأراضي العراقية، بينما يتوغل بعضها الآخر حتى 40 كيلومتراً في بعض المناطق، ما يجعل طول الانتشار العسكري التركي داخل العراق يصل إلى نحو 200 كيلومتر بمحاذاة الشريط الحدودي.
ويُقدّر عدد الجنود الأتراك المنتشرين داخل الأراضي العراقية بـ ما لا يقل عن 5 آلاف عسكري، يتمركزون في قواعد تضم معدات عسكرية متنوعة، منها مدافع ومدرعات، بالإضافة إلى وجود مهابط للطائرات المروحية والمسيرة، ضمن عدد من هذه القواعد.
أعلان حزب العمال الكردستاني (PKK) عن حلّ هيكله التنظيمي وإنهاء نهجه في "الكفاح المسلح"، جاء عبر بيان نشرته وكالة "فرات" المقرّبة منه، أن الحزب "أنجز مهمته التاريخية" في نقل القضية الكردية إلى مسار الحل السياسي والديمقراطي.
وجاء هذا الإعلان عقب انعقاد المؤتمر الثاني عشر للحزب في جبال قنديل بكردستان العراق، بين 5 و7 أيار الجاري، حيث تم اتخاذ قرار بإنهاء كافة الأنشطة العسكرية المرتبطة بالحزب.
ويبعث استمرار الوجود التركي، رغم زوال الذريعة المعلنة، على القلق من استغلال هذا التواجد كأداة ضغط جيوسياسي لتحقيق أهداف توسعية.
وتطالب أوساط سياسية عراقية الحكومة باتخاذ موقف حازم إزاء استمرار هذا التواجد، والعمل دبلوماسيًا وأمنيًا على إنهائه، خصوصًا بعد انتفاء الذريعة التي تستند إليها أنقرة.
***************************************************
الصفحة الثالثة
حذّروا من خطاب يُكرّس الإقصاء والتحريض ويُعمّق أزمة الثقة بين المواطن والحكومة هيفاء الأمين وعوائل الشهداء يقاضون عالية نصيف بسبب تصريحاتها المسيئة
بغداد - طريق الشعب
في تشرين الاول من عام 2019، شهد العراق واحدة من أبرز محطات الحراك الشعبي في تاريخه الحديث، تمثلت في انتفاضة تشرين التي انطلقت في بغداد وامتدت إلى محافظات الجنوب، احتجاجاً على تردي الأوضاع الاقتصادية، وانتشار الفساد، والبطالة، وسوء الخدمات العامة.
وشارك مئات آلاف العراقيين في هذه الاحتجاجات، وكان معظمهم من الشباب الذي رفع شعار "نريد وطن".
سلطة خائفة
وفي سابقة خطرة تكشف عمق الانفصال بين ممثلي السلطة والشارع، أطلقت النائبة عالية نصيف تصريحات مسيئة شبّهت فيها انتفاضة تشرين السلمية بتنظيمات إرهابية دمّرت البلاد.
لم تكن تصريحات النائبة مجرد زلّة لسان، بل تجسيد فاضح لعقلية سلطة ما بعد 2003 التي ترى في الاحتجاج السلمي تهديداً، وفي مطالب الشعب جريمة، حتى بلغ الازدراء اقصاه حين تُساوى الحركات الجماهيرية المطلبية بداعش والقاعدة، والذي يكشف بوضوح خوف السلطة من الشعب الذي يفترض انها ولدت من رحمه.
تصريحات “مهينة ومشينة”
في هذا الصدد، أعربت الرفيقة هيفاء الأمين عن صدمتها الشديدة من التصريحات التي أطلقتها النائبة عالية نصيف في مقابلة متلفزة على قناة “العهد”، والتي شبّهت خلالها انتفاضة تشرين بحركات إرهابية مثل “داعش” و”القاعدة”.
وقالت الأمين في تصريح لـ"طريق الشعب"، انها “تفاجأت بصراحة من هذا التوصيف المرعب والمهين والمشين، الذي لا يمكن القبول به إطلاقاً. من غير المقبول أن تُشبه انتفاضة شعبية سلمية طالبت بوطن، بحركات إرهابية قتلت المدنيين ودمّرت البلاد”.
وأضافت الامين قائلة ان "انتفاضة تشرين لم تأتِ من فراغ، بل كانت نتيجة تراكمات من الفشل الحكومي المتعاقب في تقديم الخدمات، واحترام الحريات، وتحقيق الحد الأدنى من متطلبات العيش الكريم؛ هذه الانتفاضة ضمّت فئات واسعة من المجتمع، وشارك فيها الشباب بشكل أساسي في بغداد والعديد من محافظات الجنوب، ورفعت شعارات ومطالب مشروعة يكفلها الدستور”.
وانتقدت الرفيقة بشدة الربط الذي قامت به نصيف بين هذه الحركة الاحتجاجية المدنية وبين مجموعات إرهابية، قائلة: ان “تشبيه انتفاضة تشرين بالحركات الإرهابية، والادعاء بأن من يقف خلفها هو ذات الطرف الذي يقف خلف داعش والقاعدة، هو أمر خطر، ومسيء لتاريخ هذه الانتفاضة الوطنية، التي ستظل صفحة ناصعة في سجل العراق الحديث”.
دعوى قضائية
وفي رد فعل مباشر على هذه التصريحات، أعلنت الأمين رفع دعوى قضائية ضد النائبة عالية نصيف.
وأوضحت الرفيقة انها التقت يوم أمس برئيس محكمة استئناف الناصرية من أجل ترتيب أوراق الشكوى. وقبل ذلك تواصلت مع عائلة الشهيد أحمد من شهداء تشرين، وطلبت إدراج اسمه في الدعوى، وقد أبدوا تأييدهم الكامل، كما سيشارك معنا جرحى وناشطون آخرون في ايام الانتفاضة، وسينضم المزيد من ذوي الشهداء”.
كما أشارت إلى تواصلها مع النائب علاء الركابي، الذي رحب بدوره بالانضمام إلى قائمة مقدمي الشكوى. وأضافت: “بدأنا فعلياً إجراءات التقاضي، وتم توكيل أول محامي لرفع الدعوى، وبدلًا من تقديمها في الناصرية، سيتم رفعها في بغداد كونها ساحة الحدث، وسنتوجه خلال أيام إلى محكمة الكرخ لهذا الغرض”.
واختتمت الأمين بالقول: “من يطلق هكذا تصريحات لا يمثل الشعب العراقي. هذه النائبة تفتقر إلى الثوابت والمبادئ، وتمرست في التنقل بين القوى السياسية بحثًا عن مصلحة شخصية، فقد كانت بعثية سابقًا، وتنقلت بين كتل مختلفة من القائمة العراقية إلى دولة القانون، ثم تحالفت مع قتيبة الجبوري، وحاليًا مع رئيس الوزراء محمد شياع السوداني. هذا السلوك الانتهازي ليس غريباً على من يتنكر لتضحيات شباب تشرين، ولقيم المواطنة والعدالة".
إساءة وتشويه للوعي الشعبي
من جهته، اعتبر الباحث في الشأن السياسي مجاشع التميمي، أن تصريحات نصيف، والتي شبّهت فيها احتجاجات تشرين 2019 بتنظيمات متطرفة مثل “داعش” و”القاعدة”، تمثل إساءة واضحة لحراك شعبي سلمي شارك فيه مئات الآلاف من العراقيين مطالبين بالإصلاح ومكافحة الفساد وتحسين الخدمات وتوفير فرص العمل.
وقال التميمي في حديث لـ"طريق الشعب"، ان “هذا التوصيف لا يعكس الواقع إطلاقاً، بل يندرج ضمن محاولات متكررة لتشويه صورة انتفاضة كانت تمثل لحظة وعي وطني عابر للطوائف والانتماءات، وتُعد أحد أهم محطات الحراك الشعبي في العراق الحديث”.
وأضاف التميمي، أن “العداء الذي تبديه بعض القوى السياسية تجاه تشرين يعود إلى كونها شكّلت تهديداً مباشراً لبنية السلطة القائمة ومصالحها، وكشفت عن حجم الفجوة المتفاقمة بين الشعب والطبقة الحاكمة؛ الانتفاضة حطّمت هيبة الأحزاب التقليدية وعرّت فسادها، ولهذا جاء الرد عبر التخوين والتشويه بدلًا من الإصغاء للمطالب الشعبية”.
وشدّد المتحدث على خطورة صدور مثل هذه التصريحات من نائبة في مجلس النواب، قائلًا: “من المفترض أن تمثل النائبة الشعب، لا أن تهاجم أصواته وتخوّن حراكه. مثل هذه المواقف تُكرّس خطاباً إقصائياً وتحريضيًا، وتؤسس لانفصال تام عن نبض الشارع، بدلًا من المساهمة في معالجة جذور الأزمة السياسية والاجتماعية”.
وواصل حديثه ان “الاستعلاء السياسي الذي تنطق به هذه التصريحات لا يؤدي سوى إلى تعميق الانقسام، وزعزعة الثقة المتراجعة أصلًا بين المواطن والدولة”.
************************************************
منطق الربح والخسارة فوق الحق في السكن مراقبون: مشاريع الإسكان الجديدة.. استثمار لا يُراعي العدالة!
بغداد – تبارك عبد المجيد
رغم الوعود الحكومية بحل أزمة السكن في العراق عبر مشاريع إسكانية عملاقة، يواجه المواطنون، خصوصاً من الشباب وذوي الدخل المحدود، واقعاً مختلفاً تماماً. فالمجمعات السكنية الجديدة التي يجري الترويج لها كحل جذري لأزمة السكن، تحوّلت في نظر كثيرين إلى مشاريع استثمارية بحتة، تغيب عنها العدالة الاجتماعية، وتُثقل كاهل الراغبين في الحصول على سكن بدفعات مسبقة وأقساط تفوق قدراتهم المالية.
وبينما تؤكد وزارة الإعمار والإسكان أن هذه المشاريع تراعي احتياجات جميع الفئات، يرى مختصون ومواطنون أن ما يُطرح على أرض الواقع لا يتماشى مع ظروف الغالبية، بل يكرّس الفجوة الطبقية ويحوّل حلم السكن إلى عبء طويل الأمد.
أسعار خيالية
وفي ظل تزايد تكاليف المعيشة وارتفاع معدلات البطالة، خاصة بين فئة الشباب، يشهد سوق العقارات في العراق، وتحديدا في العاصمة بغداد، ارتفاعا كبيرا في الأسعار، حتى باتت تُعدّ خيالية وغير واقعية، بحسب الناشط السياسي، حسين العظماوي.
وقال العظماوي لـ "طريق الشعب"، أنه "رغم سعي الحكومة إلى تقديم تسهيلات وتشجيع الاستثمارات في القطاع السكني، خصوصا عبر بناء المجمعات السكنية الحديثة، إلا أن هذه المشاريع أُحيطت بشبهات الاستحواذ من قِبل بعض الأحزاب السياسية وأصحاب رؤوس الأموال، ما جعلها بعيدة عن متناول المواطن العادي".
ويضيف العظماوي أن "أسعار الوحدات السكنية في هذه المجمعات تجاوزت بكثير مستوى دخل الفرد العراقي، لا سيما الشباب منهم، ممّن يواجهون تحديات البطالة ويبحثون عن فرصة عمل وسكن، وهما من أبرز متطلبات الحياة الكريمة".
ويتابع قائلاً، أن "هذا الارتفاع الجنوني في أسعار العقارات لا يقف عند عتبة تعقيد امتلاك السكن، بل يمتد إلى ارتفاع الإيجارات، وانتشار البناء العشوائي، ما يهدد الاستقرار الاجتماعي ويشوّه التخطيط العمراني للمدن، في وقتٍ تتزايد فيه الحاجة إلى حلول جذرية تضمن العدالة السكنية، وتعيد التوازن إلى السوق العقاري".
لا حلول جذرية
وحذّر الباحث علي نجم العبد الله من أن المجمعات السكنية التي تشيّد اليوم في العراق، رغم الترويج لها على أنها حلول لأزمة السكن، لا تعالج المشكلة من جذورها، بل تسهم في تعقيدها.
وأوضح العبد الله لـ "طريق الشعب"، أن "معظم هذه المشاريع تستهدف الفئات ذات الدخل المرتفع، وتُهمل كليا احتياجات الشرائح الأوسع من المجتمع، مثل الشباب وذوي الدخل المحدود".
وأشار إلى أن ما يُفترض أن يكون "مشروعا لتحقيق الاستقرار الاجتماعي وتوفير سكن كريم، تحول إلى نموذج يعكس الإقصاء الاجتماعي والتمييز الطبقي، بسبب غياب العدالة في توزيع الفرص السكنية".
وأكد أن التصميم العمراني الحالي لا يعكس احتياجات المجتمع الحقيقية، بل يستنسخ نمطًا من التخطيط، يُفضي إلى مزيد من التهميش.
وأضاف العبد الله أن استمرار هذا النهج في الاستثمار العقاري دون رقابة أو توجيه حكومي عادل قد يؤدي إلى اتساع الفجوة الطبقية، وخلق بيئات سكنية منغلقة تُقسّم المجتمع على أساس اقتصادي، بدلًا من أن توحده تحت مظلة المواطنة المتساوية.
واكد ان "المستفيد من هذه المشاريع السكنية هو المستثمر فقط، لأنه يبني بأموال المواطنين أنفسهم مع وجود دغم حكومي، اذ يدفع المواطن نسبة من كلفة الوحدة قبل أن يبدأ البناء، أي أن المستثمر يعمل برأسمال المواطن، لا رأسماله".
ودعا الحكومة إلى تبني سياسة إسكان شاملة تنطلق من مبدأ العدالة الاجتماعية، وتضمن وصول الفئات المهمشة إلى السكن اللائق، عبر برامج مدعومة، وتسهيلات حقيقية، بعيدًا عن منطق الربح التجاري المجرد.
وحدات سكنية لمختلف الفئات؟
قال المتحدث باسم وزارة الإعمار والإسكان، نبيل الصفار، أن مشاريع المدن السكنية الجديدة التي أُعلن عن انطلاقها مؤخرا تأتي ضمن رؤية حكومية شاملة تهدف إلى زيادة الرصيد السكني في العراق ومعالجة الفجوة الكبيرة في هذا القطاع، من خلال توفير وحدات سكنية تناسب مختلف فئات المجتمع.
وأوضح الصفار في حديث خصّ به "طريق الشعب"، أن "هذه المشاريع تراعي احتياجات الشرائح الفقيرة والمتوسطة وذوي الدخل المحدود"، مشيرًا إلى أن "حصص هذه الفئات ستكون من الوحدات التي تُسترجع من المطورين والمستثمرين العقاريين ضمن نظام الشراكة الجديد".
وأضاف انه "للمرة الأولى، يتم اعتماد شراكة حقيقية مع المطورين العقاريين، حيث تُمنح الأراضي مجانًا مقابل تخصيص نسبة من الوحدات السكنية أو الأراضي المخدومة للدولة".
وأشار إلى أن واحدة من كبرى هذه المدن ستضم 120 ألف وحدة سكنية، منها 12 ألف وحدة ستكون من حصة الدولة، مؤكدًا أن المدينة ستحتوي أيضًا على “أكبر حديقة في العالم”، وليس فقط في الشرق الأوسط أو المنطقة العربية.
وتحدث الصفار عن تنوع المساحات والأسعار في هذه المجمعات، لتناسب جميع الفئات، حيث تتراوح مساحات الأراضي بين 200 و600 متر مربع.
وأضاف أن مبيعات بعض المدن السكنية قد انطلقت بالفعل، مثل مدينتي "الورد" و"الجواهري"، اللتين يبلغ سعر المتر فيهما 900 ألف دينار عراقي، مما يجعل سعر الوحدة السكنية بمساحة 200 متر حوالي 180 مليون دينار، وهو سعر يعتبر منخفضا مقارنة بالأسعار المتداولة حاليا في السوق.
وأكد الصفار أن ملف السكن يعد من أكثر الملفات تعقيدا، إلا أن الحكومة اتخذت حزمة من الإجراءات والمبادرات لمعالجة الأزمة، من بينها مشروع "المطور العقاري" الذي يشمل إيصال الخدمات الأساسية إلى الأراضي، إضافة إلى مبادرات"تسكين" و"أجر وتملك" وغيرها.
ورجح المتحدث أن تبدأ هذه المشاريع بـ"إحداث تأثير إيجابي في السوق العقاري خلال السنوات الأربع أو الخمس المقبلة، إذ إن زيادة العرض ستؤدي تدريجيًا إلى انخفاض الأسعار".
وفي ختام تصريحه، لفت الصفار إلى أن هناك تفاهمات مع عدد من البنوك لوضع صيغ تمويلية تسهم في تسهيل منح القروض للمواطنين، لمساعدتهم على تسديد الدفعات المقدمة وشراء وحدات سكنية، مشددًا على أن الاستثمار العقاري بات خيارًا شائعًا لدى كثير من المواطنين حتى غير المحتاجين للسكن، مما يزيد الضغط على الفئات الفقيرة والمتوسطة، ويؤكد الحاجة إلى تنظيم السوق لتحقيق العدالة السكنية.
معاناة متزايدة
من جانبه، عبّر محيي فياض، وهو شاب عراقي خريج كلية الهندسة المدنية، عن استيائه من طبيعة المشاريع السكنية الجديدة، التي يرى أنها لا تخدم أبناء الطبقة الوسطى، بل تزيد من معاناتهم في البحث عن سكن لائق.
وقال فياض لـ"طريق الشعب"، إنّ "هذه المشاريع لم تبن بمنطق العدالة الاجتماعية، بل بمنطق الربح والاستثمار على حساب المواطن البسيط. من المفترض أن تكون موجهة لذوي الدخل المحدود، لكنها في الواقع بعيدة تماماً عن قدرتنا المالية".
وأشار إلى أنه، رغم كونه مهندساً خريجاً منذ سنوات، لا يزال عاجزاً عن امتلاك وحدة سكنية، بسبب الأسعار الباهظة وشروط الدفع المجحفة.
وتابع انه "كلما تقدّمتُ للحصول على وحدة في أحد هذه المجمعات، أُفاجأ بمطالبة بدفعة مقدمة تصل إلى 30 أو حتى 60 مليون دينار، ناهيك عن أقساط شهرية تتجاوز 800 ونصف. من أين لي بذلك وأنا بلا وظيفة مستقرة؟".
ولفت فياض إلى أن الأسعار في مدينة الجواهري "لا تختلف كثيراً عن باقي المجمعات من حيث الكلفة، رغم أنها تقع خارج مركز بغداد"، مضيفاً: "الفرق الوحيد هو الموقع، أما الأسعار فتبقى مرتفعة، وتفترض أن المواطن قادر على الدفع المسبق والانتظام في الأقساط، وهو أمر مستحيل على الغالبية".
واختتم قائلاً: "نحتاج إلى مشاريع سكنية فعلية تراعى فيها الظروف الاقتصادية لشباب العراق، لا مشاريع تُحوّل الحلم بالسكن إلى عبءٍ نفسي ومالي".
************************************************
الصفحة الرابعة
الرطوبة العالية وملوحة التربة تتسللان إلى أعماق الأبنية القديمة تغيّرات مناخية وإهمال حكومي يهددان تراث العراقيين وآثارهم
بغداد – طريق الشعب
في عمق الصحراء العراقية، حيث تقف الزقورات والمعابد شاهدة على حضارات امتدت لآلاف السنين، تتسلل عوامل الطبيعة كخصم صامت. التصحر، وجفاف الأنهار، والرياح العاتية، باتت تهدد هذه المعالم أكثر من أي وقت مضى، وسط غياب الحماية الكافية من الجهات المعنية. خاصة وان العراق احد الخمس دول الأكثر تأثرا بالتغيرات المناخية.
الآثار تتآكل..
محسن محمدان، اختصاص قسم الآثار، تحدث عن التحديات التي تواجه المواقع الأثرية في ظل التغيرات المناخية القاسية. ويؤكد أن الرياح الشديدة أصبحت تشكل خطراً متزايداً، إذ تخلق كثباناً رملية تغمر المواقع المنقبة، خاصة تلك الواقعة في المناطق الصحراوية، والتي تُعد الغالبية العظمى من الإرث العراقي.
ويبين لـ "طريق الشعب"، أن "التهديد لا يقف عند الرمال. فالرطوبة العالية وملوحة التربة تتسللان إلى أعماق الأبنية القديمة، محدثتين شروخاً في أساساتها، ومهددتين بقاءها على المدى القريب"، مشيرا الى ان " الزقورات، المعابد، والقصور التاريخية تتآكل بصمت، فيما تجف المياه من حول الأهوار، التي صُنفت ضمن لائحة التراث العالمي، لتضيف أزمة جديدة إلى معاناة أماكن مثل الجبايش والحويزة والحمار".
إهمال حكومي
الآثار إذن لا تتوقف عند مواجهة هذه الهجمة الطبيعية، بل تواجه كذلك ما يصفه محمدان بـ"ضعف الاستجابة الرسمية"، مؤكداً أن جهود هيئة السياحة والآثار لحماية وصيانة هذه المواقع ما زالت متواضعة ولا ترقى لحجم الخطر المحدق.
وطالب بزيادة التخصيصات المالية، قبل أن يُدفن التاريخ تحت الرمال إلى الأبد.
التنقيب يعرضها للدمار!
بدوره، أكد كد عمار علي، مدير مفتشية الآثار والتراث في محافظة الأنبار، أن "الأبنية الأثرية والتراثية في المحافظة تواجه تحديات كبيرة ناجمة عن الظروف البيئية والمناخية، ما يتطلب إجراءات وقائية عاجلة لحمايتها".
وأوضح علي لـ "طريق الشعب"، أن "التراث الإنساني، بمختلف أنواعه، يتأثر بشكل مباشر وغير مباشر بعوامل الطقس وتغير الفصول، وهو ما ينعكس بوضوح على المباني الأثرية والتراثية في الأنبار"، مشيرًا إلى أن طبيعة المواد المستخدمة في بناء هذه المباني تلعب دورًا كبيرًا في تحديد مدى تأثرها.
وأضاف، أن "الأبنية المشيّدة من مادة اللبن أو الطوب هي الأكثر هشاشة، وتتعرض لأضرار كبيرة نتيجة الرطوبة والأمطار، خصوصًا إذا كانت مكشوفة دون حماية. أما الأبنية المبنية بالحجر أو الجص، فهي أكثر صمودًا نسبيًا، لكن لا تزال تتأثر بدرجة أقل".
ولفت إلى أن عدداً من المواقع الأثرية التي تم التنقيب عنها في فترات سابقة تُركت مكشوفة للعوامل الجوية، ما أدى إلى تدهورها بفعل الأمطار والرياح والرطوبة. وبيّن أن "الإجراءات الوقائية الحالية لا ترقى إلى المستوى المطلوب، بسبب قلة التخصيصات المالية وغياب الفرق الفنية المتخصصة في هذا المجال".
وحول الإجراءات المتبعة، قال: "نحاول قدر الإمكان الحد من الضرر البيئي الذي تتعرض له هذه المواقع، من خلال تقنيات بسيطة ومحدودة، مثل محاولة عدم كشف الأثر وتركه محفوظًا تحت الأرض عندما يتعذر حمايته فوقها".
كما أشار إلى وجود حلول معمول بها عالميا، مثل تغطية المباني الأثرية بسقائف أو إنشاء هياكل وقائية لمنع تسرب مياه الأمطار، مؤكدا أن "اختيار نوع الحماية يعتمد على طبيعة البناء ونوعية المواد المستخدمة فيه".
وأكد علي أن التأثيرات لا تقتصر على الأمطار والرطوبة فقط، بل تشمل أيضا ارتفاع درجات الحرارة، وانحسار المياه في المواقع القريبة من المجاري والأنهار، والتي تؤدي إلى تمدد المواد الإنشائية ثم تفتتها عند تعرضها لأشعة الشمس بشكل مباشر بعد الفيضانات.
وفي ختام حديثه، شدد على ضرورة توفير دعم حكومي أكبر، سواء من حيث التخصيصات المالية أو الموارد البشرية، لضمان الحفاظ على الإرث الثقافي في الأنبار من التدهور، مشيرًا إلى أن التراث المحفوظ في باطن الأرض قد يكون، في بعض الحالات، أكثر أمانًا من تعريضه لبيئة غير مؤهلة للحماية.
آلاف المواقع بلا رعاية حكومية
من جانبه، حذر الباحث في الآثار والتراث، حسن الشكرجي، من أن العراق يشهد تراجع خطيرا في الحفاظ على مواقعه الأثرية نتيجة التغيرات المناخية، إضافة إلى الإهمال الحكومي والتجاوزات المستمرة، مشيرًا إلى أن واقع الآثار بات مهددًا أكثر من أي وقت مضى.
وقال الشكرجي لـ "طريق الشعب"، إن "المتغيرات المناخية التي طرأت في السنوات الأخيرة، مثل ارتفاع درجات الحرارة، وزيادة العواصف الترابية، والأمطار الغزيرة، أثرت بشكل مباشر وسلبي على المواقع الأثرية في العراق، خصوصًا القديمة منها والتي لم تُحَصَّن أو تُحَمَ بشكل كاف".
وأوضح أن "الاهتمام بالمواقع الأثرية في العراق كان ضعيفا حتى قبل عام 2003، حيث انحصر الاهتمام بمناطق محدودة مثل الموصل وبغداد والبصرة وجزء من الناصرية، بينما تُركت آلاف المواقع الأثرية الأخرى دون رعاية تذكر"، مبينا أن "العراق يضم أكثر من 80,000 موقع أثري يعود لحضارات متعددة، من السومرية حتى العباسية، لم يُولِها النظام السابق ولا الحكومات اللاحقة الاهتمام الكافي".
وأضاف انه "بعد عام 2003، تفاقم الوضع بسبب النهب والتخريب والتجاوزات على هذه المواقع، إضافة إلى الإهمال من قبل الحكومات المحلية والمركزية، وغياب الدعم الحقيقي لهيئة الآثار والتراث"، مشيرا إلى أن "الظروف الأمنية والاقتصادية التي مر بها العراق، مثل الإرهاب والحروب والنزاعات، زادت من تدهور المواقع الأثرية".
وتطرق الشكرجي إلى التغيرات المناخية التي ضربت العراق خلال العقد الأخير، مؤكداً أنها "تسببت في تآكل المواقع الأثرية، خاصة تلك المبنية من الطين واللبن، وهي مواد ضعيفة أمام الرطوبة والحرارة والرياح".
وسلط الشكرجي الضوء على موقع أثري مهم في مدينة سامراء يُعرف بـ"تل الصوان"، قائلاً: "هذا الموقع، الذي اكتشفه العالم الألماني في عام 1910، يعود إلى العصر الأكدي ويعد من أقدم القرى الزراعية في المنطقة. وهو يمثل نموذجا نادرا للحضارات القديمة التي نشأت في وسط العراق".
تجاوزات وعوامل مناخية
وأكد أن "تل الصوان يعاني من الإهمال والتجاوزات من قبل الفلاحين، فضلاً عن تعرضه المباشر للعوامل الجوية، ما أدى إلى ذوبان جدرانه وطمس معالمه بسبب الأمطار والحرارة"، مضيفا أنه "رغم كونه موقعا مسجلاً على لائحة التراث العالمي، إلا أنه لم يلقَ الحماية الكافية".
وأشار الشكرجي إلى أنه خاطب عدة جهات رسمية وإعلامية، مناشدا رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بالتدخل المباشر، وإصدار قرار سيادي لحماية الموقع، من خلال تسييجه وتوفير مظلات واقية، مشددًا على أن "تل الصوان يمثل رمزية وطنية وتاريخية كبيرة، كونه الموقع الوحيد المعروف في المنطقة الوسطى الذي يعكس حضارة قديمة متكاملة".
واختتم الشكرجي حديثه بنداء مباشر إلى الحكومة العراقية: "إنقاذ المواقع الأثرية لم يعد ترفا، بل ضرورة وطنية وتاريخية. هذه المواقع لا تمثل الماضي فقط، بل هي جزء من هوية العراق ومستقبله الثقافي، ويجب حمايتها بقرارات فعلية وإجراءات عاجلة".
**********************************************
التيار الديمقراطي في بابل يعقد اجتماعًا تشاوريًا
الحلة – علي الويسي
عقد التيار الديمقراطي في محافظة بابل، عصر الأربعاء الماضي، اجتماعًا تشاوريًا في إطار التحضير للاستحقاقات الانتخابية المقبلة.
حضر الاجتماع الذي عقد في مقر اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في بابل، الرفيق د. علي مهدي، عضو اللجنة المركزية للحزب، إلى جانب الأستاذ ثائر الدباس ممثلًا عن التيار الديمقراطي، وبمشاركة واسعة من ممثلي قوى التيار في المحافظة.
شهد الاجتماع نقاشات مستفيضة حول آليات الإعداد للانتخابات القادمة. وقد شدد المجتمعون على أهمية التواصل مع الجماهير، وحثّهم على تحديث بياناتهم الانتخابية والمشاركة الفاعلة في الانتخابات كخطوة أساسية نحو التغيير ودفع العملية السياسية إلى الأمام.
كما تناول الاجتماع سبل تطوير الأداء التنظيمي والسياسي لقوى التيار الديمقراطي، بما ينسجم مع متطلبات المرحلة، مشددا على ضرورة توحيد الجهود لتحقيق الأهداف المشتركة.
**************************************************
في بهرز.. ندوة حول {مآلات غزة}
بهرز – طريق الشعب
عقدت منظمة الحزب الشيوعي العراقي في قضاء بهرز، أخيرا، ندوة بعنوان "مآلات غزة"، ضيّفت فيها الباحث محمد فخري، بحضور جمع من الشيوعيين وأصدقائهم.
وتناول الباحث في الندوة أوضاع غزة الجغرافية والاجتماعية، وعملية طوفان الأقصى، والدمار الذي ألحقه الكيان الصهيوني بالقطاع والجرائم التي ارتكبها بحق الأهالي وأطفالهم.
وأشار إلى أن الأمن لن يتحقق لإسرائيل، طالما بقيت القضية الفلسطينية دون حل شامل وعادل، من حيث إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.
********************************************
شيوعيو البصرة يتفقدون الشاعر كاظم الحجاج
البصرة – طريق الشعب
زار سكرتير واعضاء المكتب الاعلامي للجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في البصرة، أخيرا، الشاعر الكبير كاظم الحجاج في منزله، وذلك للاطمئنان على صحته بعد خضوعه لثلاث عمليات جراحية.
وتمنى الزائرون للشاعر الصحة والسلامة، وقدموا له باقة ورد. كما أجروا معه حوارا ثقافيا، من المقرر أن يُنشر قريبا.
وشكر الحجاج الزائرين على زيارتهم وحمّلهم تحياته وسلامة إلى قيادة الحزب وأعضائه.
ضم الوفد الزائر كلا من الرفاق ماجد قاسم، عبد السادة البصري، باسم محمد حسين وجاسم بصراوي.
***********************************************
الصفحة الخامسة
تُغريهم بـ"الربح السريع" منصات إلكترونية تسرق أموال الناس
متابعة – طريق الشعب
في مشهد يعيد إلى الأذهان حوادث الاحتيال الجماعي، التي تكررت كثيرا خلال السنوات الأخيرة، عادت ظاهرة المنصات الإلكترونية الوهمية للظهور مجدداً، مستهدفة فئة الشباب الباحثين عن فرص عمل أو استثمار سريع، وذلك من خلال حملات احتيالية تنتشر عبر تطبيقات التواصل الاجتماعي، وأبرزها "واتساب" و"تيليغرام"، وباستخدام حسابات مجهولة معظمها يحمل صور نساء ويدّعي تقديم فرص ربح مضمونة.
وتكررت القصة التي بدأت قبل سنوات في كركوك مع شركة "يونمارت"، التي استهدفت شبابا مهجرين آنذاك، بشعارات براقة مثل "غيّر حياتك" و"تعال وجيب وياك أصدقاءك نحو الأفق"، ليتبين لاحقاً أنها كانت عملية نصب محكمة خسر فيها العشرات من الشباب مدخراتهم.
أساليب الاستدراج
يبدأ الاحتيال بأخذ أموال من الضحايا بذريعة تشغيلها، ثم يتم منحهم مبالغ بسيطة لا تتجاوز في العادة 30 ألف دينار، كأرباح أولية يمكن سحبها بسهولة، في محاولة لكسب ثقتهم. بعدها تُطلب "رسوم ضمان" لسحب الأرباح التي يُقال إنها ارتفعت إلى 100 دولار أو أكثر. ويستمر هذا النمط في تصعيد تدريجي يستنزف أموال الضحية، وصولاً إلى دعوته لجلب مشاركين جدد.
وحسب ما تنقله وكالات أنباء عن مراقبين، فإن بعض الضحايا خسروا ملايين الدنانير، وأن التقديرات تشير إلى ان إجمالي الخسائر في بعض المناطق تجاوز مئات الملايين من الدنانير، وسط غياب أي جهة قانونية يمكن الرجوع إليها بعد إغلاق هذه المنصات بشكل مفاجئ واختفاء القائمين عليها.
أزمات قلبية!
أحمد الجبوري، أحد ضحايا ما يُعرف بمنصة "التداول"، يذكر في حديث صحفي أنه "في البداية، أقنعوني بأرباح يومية مغرية، وفعلاً حصلت على مبالغ بسيطة شجعتني على زيادة الاستثمار، لكن بعدها توقفت الأرباح بأعذار غريبة، مثل ضعف حركة السوق، أو وجود مشكلات تقنية. وفي النهاية اختفت المنصة تماما، لا رد على الرسائل ولا أثر للأموال"!
ويلفت إلى ان "العديد من المشاركين أصيبوا بأزمات قلبية نتيجة الصدمة النفسية التي تعرضوا لها"، مشيراً إلى أن "إجمالي الأموال التي أودعت في المنصة تجاوز مليار دينار"!
اختصاصيون يُحذّرون
من جانبه، يقول الخبير الاقتصادي يوسف محمود، ان "التداول الإلكتروني الحقيقي يتطلب ترخيصاً من جهات رقابية دولية معترف بها، وأي منصة لا تملك عنواناً معروفاً أو سنداً قانونياً، فهي غالباً مجرد فخ احتيالي".
ويحذر في حديث صحفي، الشباب من الإغراءات الربحية السريعة. ويقول أن "الاستثمار الحقيقي لا يُعرض عبر رسائل مجهولة، ولا يُطلب فيه دفع أموال مقدماً دون ضمانات".
في السياق، يقول الخبير الأمني عبد الستار العلي، أن المنصات الاحتيالية تنشط غالباً في بيئات تفتقر إلى الوعي الرقمي، محذراً من مشاركة البيانات الشخصية معها أو الانخراط في دعوات استثمارية مشبوهة.
ويؤكد أن "الوعي هو خط الدفاع الأول ضد الجرائم الإلكترونية، وينبغي استشارة متخصصين قبل اتخاذ أي خطوة استثمارية عبر الإنترنيت".
احتيال قديم بثوب جديد
إلى ذلك، يرى الناشط والمراقب المجتمعي عباس حسين، أن "هذه الظواهر ليست جديدة على المجتمع العراقي. فهي تشبه ممارسات مجموعات ظهرت في التسعينيات مثل "علاءكو" و"وسامكو"، التي مارست التهديد والنصب العلني في ظل غياب الرقابة".
ويتابع في حديث صحفي قوله: "اليوم، تتكرر الصورة نفسها لكن بأساليب رقمية ناعمة، نفس العقلية، نفس الطمع، إلا أن الأمر يتم خلف شاشات الهواتف الذكية"، منوّها إلى انه "من المهم التعلم من تجارب الماضي لتفادي الوقوع مجدداً في مصائد الاحتيال".
وتستنزف المنصات الإلكترونية الوهمية مدخرات الشباب، مخلفة آثاراً نفسية وصحية خطيرة. ويشكل الوعي الرقمي والتحقق من التراخيص واستشارة الخبراء، الوسائل الأهم للوقاية من هذه الظواهر التي تتوسع يوماً بعد آخر.
***************************************************
علاجهم نفد مرضى سرطان الدم يواجهون الموت
متابعة – طريق الشعب
وجهت جمعية مرضى سرطان الدم في العراق، نداء استغاثة إلى رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، للتدخل مباشرة من أجل توفير العلاجات الأساسية للمرضى، مؤكدة انهم يواجهون الموت إثر نفاد علاجهم.
وقال رئيس الجمعية محمد كاظم جعفر، أن "مرضى سرطان الدم الحاد يواجهون الموت البطيء بسبب نفاد علاجهم في المستشفيات الحكومية"، مضيفا في حديث صحفي أن "عقود الدواء موجودة في الوزارة، لكن مضاربات شركات الادوية حول الاسعار سوف تتسبب في موت المرضى". ولفت إلى أن العلاج الخاص بالمرضى، وهو "ابروتنيب 150 ملغم"، نفد في المستشفيات الحكومية، موضحا أن "احدى الشركات طرحت العلاج في الصيدليات الأهلية، لكن سعره اربعة ملايين ونص المليون دينار للشهر الواحد. لذلك نطلب من وزارة الصحة ورئيس الوزراء توفيره في اسرع وقت لإنقاذ المرضى من الموت المحقق".
*************************************************
كارثة تربوية في الشطرة!
الشطرة – أحمد طه
في سابقة خطيرة أثارت استياء أهالي قضاء الشطرة، التزمت المديرية العامة للتربية وقسم تربية القضاء والإشراف التربوي ونقابة المعلمين، الصمت تجاه فضيحة إشغال مدارس "القرض الصيني"، وترك "متوسطة المجتهدات" - أقدم متوسطة في المنطقة وأكثرها كثافة عددية - تواجه مصيرها بعد صدور أمر بإخلاء بنايتها الآيلة للسقوط. وبالرغم من قرار الإخلاء، حصل بعض المدارس على البنايات الجديدة بفضل الوساطات والمحسوبية، فيما تُركت "المجتهدات" وطالباتها ومدرّساتها في العراء أو في مدرسة أخرى قديمة ذات دوام ثنائي! هذه الخطوة أثارت غضب الأهالي، الذين يرون فيها إجحافًا بحق الطالبات واعتداءً على مبدأ العدالة في توزيع الموارد التربوية. ويطالب الأهالي بفتح تحقيق عاجل لمحاسبة المقصرين، وبضمان حصول "المجتهدات" على حقها في بيئة تعليمية آمنة.
**********************************************
مواطنون يطالبون بإنقاذ {نهر السوير}
متابعة – طريق الشعب
طالب عدد من أهالي قضاء السوير جنوب شرقي المثنى، الجهات الحكومية المعنية بالموارد المائية، بالتدخل العاجل لإنقاذ "نهر السوير"، الذي يواجه خطر الجفاف التام، مرجحين أن يجف النهر تماما خلال الأيام القليلة المقبلة بسبب انقطاع إيرادات المياه عنه.
وأوضحوا في حديث صحفي، أن هذا النهر يُعد مصدر المياه الرئيس لمناطق آل بوجياش والبركات والعطاوة وآل غانم، محذرين من تضرر عشرات الآلاف من السكان وأراضيهم الزراعية، في حال لم يتم وضع حلول عاجلة لمشكلة انقطاع المياه عن النهر.
**********************************************
واقع خدمي {مأساوي} في حي بصري
متابعة – طريق الشعب
يعاني أهالي "حي خلفة صالح" في منطقة البهادرية التابعة إلى قضاء أبي الخصيب في البصرة، واقعا خدميا مترديا.
وفي تظاهرة نظموها أخيرا، طالبوا بتوفير الخدمات الأساسية في الحي الذي يضم أكثر من 200 منزل، واصفين واقعهم بـ"المأساوي".
ونقلت وكالات أنباء عن أحد أهالي الحي، قوله أن شوارعهم بلا تبليط، كهرباءهم ضعيفة جدا "والمحولة تنفجر كل ساعة"! مطالبا محافظ البصرة والدوائر الخدمية المعنية بـ"مراعاتنا والالتفات إلى معاناتنا المستمرة، والعمل على إنهائها".
ونقلت وكالات الأنباء عن مواطن آخر القول أن "وضعنا الخدمي تحت الصفر. الشوارع متهالكة تغمرها مياه الأمطار في الشتاء، وتتطاير منها الاتربة صيفا. لا خدمات لا بنى تحتية، نعاني نقصا حادا في الكهرباء، وغيابا واضحا لأي جهد خدمي".
وأشار إلى أن "دائرة بلدية أبي الخصيب لم تنصفنا. أرسلتنا إلى بلدية البصرة كي تمدنا بالخدمات، وهذه تنصلت بدورها عن المسؤولية بذريعة الموقع الجغرافي للمنطقة، كونها تابعة لأبي الخصيب، ما أدى إلى تفاقم معاناة الأهالي".
وطالب المواطنون خلال تظاهرتهم المحافظ بالتدخل العاجل من أجل تحسين أوضاع منطقتهم "المهمّشة" – على حد وصفهم.
******************************************
السماوة مطالبات بتأهيل{شارع المرور}
متابعة – طريق الشعب
طالب مواطنون في مدينة السماوة، الجهات المعنية بالخدمات، بالإسراع في تأهيل شارع المرور – الحولي وسط المدينة، والذي يخدم خمس مناطق سكنية كبيرة.
وأوضحوا في حديث صحفي، أن الشارع يعاني ترديا واضحا في بناه التحتية، وانه مليء بالحفر والمطبات، ما يتسبب في عرقلة حركة السير، والإضرار بمركبات المواطنين.
وأشاروا إلى أن مركباتهم تضررت بشكل بالغ، وان الكثيرين من السائقين، لا سيما ذوو الدخل المحدود، لا يقوون على تأمين اجور تصليح مركباتهم، مطالبين بالإسراع في تأهيل هذا الشارع الحيوي.
*******************************************
اگول.. الفساد يستنزف جيوب ذوي المرضى!
آيات سعدون
يحرص الفاسدون على استغلال أي فرصة لملء جيوبهم بالمال السحت الحرام، والأسوأ في ذلك هو حينما ينتعش الفساد بمساعدة مباشرة واضحة من الحكومة عبر قرارات غريبة!
فقد سبق ان قررت وزارة الصحة جباية مبلغ 5 آلاف دينار، من أي مواطن يزور مريضا في عموم المستشفيات، خارج أوقات الزيارة المقررة يومي الاثنين والأربعاء، ما أدى الى ردود فعل غاضبة، باعتبار ان المبلغ كثير جداً، لا سيما على الفقير وذي الدخل المحدود. ثم ان موضوعة زيارة المرضى تتطلب إجراءات معينة.
رصدنا خلال الفترة القريبة الماضية، قيام موظفين مسؤولين عن هذا الملف، باستغلال حاجة الناس لزيارة مرضاهم، في ملء جيوبهم بالمال الفاسد، من خلال استلام المبلغ المحدد دون قطع تذكرة الدخول (الوصل)، ما يتطلب مراقبة هؤلاء، ومحاسبتهم.
شاهدت بعينيّ هذا الفساد في مستشفيات مدينة الطب، سعد الوتري، ابن النفيس. إذ دخلت مجموعة كبيرة من المواطنين، وجرى استحصال المبالغ المالية منهم دون ان يتم قطع تذاكر لهم، غير ان مواطنين آخرين جرى التعامل معهم وفق القرار، ما يعني أن الموظفين يستخدمون عددا قليلا من التذاكر، والبقية لا تُستخدم فتُحال مبالغها إلى الجيوب!
ان مثل هذا القرار الغريب العجيب، لم يصب في مصلحة الوزارة والمريض أبدا، بل صبّ في مصلحة هؤلاء الفاسدين. اذ يؤكد موظفون ان عدداً منهم يحرص على استلام هذه المهمة، لا بل يسعى إليها بشدة، وذلك لاغتنام مردودها المالي الفاسد!
من الجيد ان يجري تنظيم عملية زيارة المرضى بصورة حضارية، تجنبا للفوضى وازدحامات الزائرين وحفاظا على سلامة المريض وهدوئه، على ألا يفتح ذلك بابا جديدا للفساد!
ويعتقد كثيرون من الناس، أن جباية الرسوم من زائري المرضى خارج المواعيد المقررة، لم تُقرر للحد من الزيارات في أوقات معينة، إنما لزيادة مداخيل المؤسسات الصحية! فبالإمكان منع الزيارات تماما والسماح بها للضرورة القصوى، وبالإمكان أيضا تنظيمها على شكل وجبات بأعداد قليلة ووفق توقيتات محددة.
*************************************************
شكر وتقدير
تتقدم عائلة السادة آل بو خمرة في الحلة بخالص الشكر والتقدير إلى جميع من واساها وشاركها الحزن في وفاة فقيدها الشاعر موفّق محمد أبو خمرة، سواء بالحضور إلى مجلس الفاتحة، أو بالمشاركة في مراسم التشييع، أو من تجشّم عناء السفر، أو من قدّم تعازيه عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
وتخص العائلة بالشكر والامتنان أبناء مدينة الحلة الكرام، الإدارة المحلية في محافظة بابل، وزارة الثقافة العراقية، اتحاد الأدباء والكتّاب العراقيين وفروعه في المحافظات، كافة المنظمات الحزبية والثقافية والشعبية في العراق.
نسأل الله ألا يُريكم أيّ مكروه، وأن يتغمد الفقيد بواسع رحمته، ويسكنه فسيح جناته.
لؤي محمود أبو خمرة
عن عائلة السادة آل بو خمرة
*************************************************
مواساة
- تعزي لجنة الشهيد حسن عوينة الأساسية للحزب الشيوعي العراقي في النجف، الرفيق علي السعيدي، بوفاة عمه الشيخ محمد ال شمران، شيخ عشيرة السعيدي في النجف.
الذكر الطيب للفقيد والصبر والسلوان لأهله.
- تعزي اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في الكرخ الثانية الرفاق عبد الله وصلاح وباقر صادق الخفاجي بوفاة شقيقهم صديق الحزب جعفر صادق الخفاجي.
للفقيد الذكر الطيب ولعائلته جميل الصبر والسلوان.
***********************************************
الصفحة السادسة
الصهاينة يوافقون على إدخال المساعدات إلى غزة.. بالقطّارة! بالأرقام.. هذا ما خلَّفه حصار الاحتلال الخانق
متابعة – طريق الشعب
أعلن جيش الاحتلال الصهيوني أمس، أوامر إخلاء جديدة في خانيونس جنوب قطاع غزة، مؤكداً أنه سيشن هجوماً واسعاً هناك، وطلب من المواطنين التوجه إلى منطقة المواصي المدمرة، على اعتبار أنها آمنة نسبياً، يأتي ذلك مع تأكيد رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، أنه سوف تجري السيطرة على كامل مساحة غزة مع توسيع الغارات الجوية والعمليات البرية. في حين قال وزير ماليته اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش إن "الجيش سيدمر كل ما تبقى من غزة ولن يبقي حجرا على حجر فيها".
ويوم أمس فقط، استشهد ما يزيد على 35 فلسطينياً بينهم أطفال وأصيب آخرون، بقصف متفرق على قطاع غزة، بالتزامن مع تصعيد جيش الاحتلال جرائم إبادته الجماعية المتواصلة منذ 19 شهراً، فيما هاجم مستشفى الإندونيسي واستهدف صباح أمس، مستودع المحاليل والمهمات الطبية داخل مجمع ناصر الطبي، وأدت العملية العسكرية الموسعة إلى استشهاد أكثر من 500 فلسطيني في ثلاثة أيام فقط!
آثار الحصائر الصهيوني
وبعد أكثر من شهرين على فرض الحصار وسياسية التجويع، قررت حكومة اليمين المتطرف الإسرائيلي إدخال المساعدات بشكل محدود، وذلك بعد ضغوط دولية واسعة، فيما انتقد ذلك وزير خارجية هولندا، وقال إن "إعلان نتنياهو السماح بإدخال حد أدنى من المساعدات إلى غزة معيب وغير كاف".
وتشير الأرقام الصادرة عن المؤسسات المعنية برصد هذا الحصار ومنها ما ذكره المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، أن أكثر من 65 ألف طفل مهددون بالموت بسبب سوء التغذية وانعدام الغذاء الكافي، فيما أعلنت منظمة الصحة العالمية، أن لديها من الإمدادات ما يكفي لمعالجة 500 طفل فقط من سوء التغذية.
ووفقا للأمم المتحدة، إن لم تصل مساعدات جديدة فإن نحو 71 ألف طفل دون سن الخامسة مهددون بسوء التغذية الحاد خلال الأشهر 11 المقبلة. وتوفى 57 طفلا بسبب سوء التغذية، وذلك بحسب وزارة الصحة الفلسطينية.
وبحسب دراسة أجرتها منظمة "نيوتريشن كلَستر"، فإن ما بين 10 إلى 20 في المائة من الحوامل والمرضعات (عددهن 4500 امرأة شملتهن الدراسة) يعانين من سوء التغذية.
فيما أفادت المتحدثة باسم مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، أن كمية تلك الوجبات اليومية التي تقدمها المطابخ المجتمعية قد انخفضت من مليون إلى 249 ألف وجبة فقط.
وفي السياق، جدد المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، أمس، تحذيره من خطر المجاعة حيث يوجد "مليونا شخص يتضورون جوعًا" هناك.
دمار لا يُصدق
أعلنت وكالة الأمم المتحدة "أونروا"، تدمير أو تضرر 92 في المائة من منازل غزة، في وقت تواجه فيه العائلات "دمارا لا يصدق" جراء حرب الإبادة الإسرائيلية.
فيما كشف المفوض العام للوكالة فيليب لازاريني عن "مقتل أكثر من 300 من موظفي الوكالة خلال الحرب". مشيراً إلى أن "الغالبية العظمى من الموظفين قتلوا على يد الجيش الإسرائيلي مع أطفالهم وأحبائهم، بينما قُتل العديد منهم أثناء تأدية واجبهم في خدمة مجتمعاتهم".
وأوضح أن معظم القتلى كانوا من العاملين الصحيين والمعلمين التابعين للأمم المتحدة، الذين يدعمون مجتمعاتهم.
وشدد المفوض العام للأونروا أنه "لا شيء يبرر الجرائم في غزة والإفلات من العقاب سيؤدي إلى مزيد من القتل".
رفض إدخال المساعدات
ومع أن قرار إدخال المساعدات الذي اتخذ سيكون بصورة مؤقتة، بعد توصية من جيش الاحتلال، من أجل توسيع نطاق العملية العسكرية، نقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن مكتب وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير أن " نتنياهو يرتكب خطأ جسيما بقرار إدخال المساعدات إلى غزة"، مشيرا إلى أن "كل مساعدة إنسانية تدخل قطاع غزة تغذي حماس" على حد زعمه.
وذكرت هيئة البث الإسرائيلية أن قرار استئناف إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة اتُخذ دون تصويت، رغم معارضة وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش ووزراء آخرين.
************************************************
انتخابات البرتغال وبولندا ورومانيا تسفر عن فوز الأحزاب الحاكمة
متابعة – طريق الشعب
افرزت الانتخابات التي جرت في البرتغال وبولندا ورومانيا عن فوز مرشحي الأحزاب الحاكمة بنسب متفاوتة.
اغلبية غير حاسمة
ففي البرتغال تصدر التحالف الديمقراطي الحاكم في البرتغال نتائج الانتخابات البرلمانية المبكرة، لكنه أخفق مرة أخرى في الحصول على الأغلبية اللازمة لإنهاء عدم الاستقرار، فيما حقق حزب تشيغا (أقصى اليمين) نتائج قياسية.
وقال رئيس الوزراء لويس مونتنيغرو إن نتيجة الانتخابات كانت بمثابة تصويت على الثقة في حزبه، وكانت حكومته فقدت ثقة البرلمان على خلفية اتهامات بالفساد، ما أدى إلى تنحيها في آذار الماضي، والدعوة إلى انتخابات مبكرة.
وبحسب النتائج الرسمية شبه الكاملة، حصل المعسكر الحكومي على 32.7 في المائة من الأصوات، مقابل 23.4 في المائة للحزب الاشتراكي و22.6 في المائة لحزب تشيغا.
وحصل الائتلاف المنتهية ولايته على 89 مقعدا من 230، وهو أقل بكثير من الحد الأدنى المطلوب للغالبية المطلقة وهو 116.
تقدم طفيف
وأظهرت نتائج الانتخابات الرئاسية، في بولندا تقدما طفيفا لمرشح حزب "المنصة المدنية الحاكم، رافاو تشاسكوفسكي، متبوعا بمنافسه المعارض كارول نفروفسكي.
وسيتواجه المرشحان في جولة الإعادة المقرر تنظيمها في الأول من حزيران، في منافسة محتدمة لتحديد ما إذا كانت بولندا ستلتزم بالمسار المؤيد لأوروبا الذي حدده رئيس الوزراء دونالد توسك، أم ستقترب أكثر من القوميين المؤيدين للرئيس الأميركي دونالد ترامب.
وتمحورت الحملة الانتخابية في بولندا، بشكل كبير على السياسة الخارجية لتكشف عن تباين في الرؤى بشأن طبيعة علاقة بولندا بالاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.
انتخابات رومانيا
كما فاز مرشح تيار الوسط نيكوسور دان بالرئاسة في رومانيا، وفق نتائج شبه نهائية، في انتخابات أجريت بعد 5 أشهر من إلغاء اقتراع سابق شابته شكوك بشأن تدخّل روسي.
ونال دان البالغ نحو 54 في المائة من الأصوات بعد فرز أكثر من 90% من بطاقات الاقتراع، بينما نال خصمه اليميني القومي جورج سيميون البالغ 46 في المائة.
وقد أقر سيميون بهزيمته في جولة الإعادة، وهنأ منافسه على الفوز، بعد أن رفض النتائج سابقا، وأعلن أنه الرئيس الجديد.
***************************************************
الشيوعي المصري: التطبيع مع الاحتلال لن يؤدي إلى السلام
القاهرة - وكالات
أعرب صلاح عدلي، الأمين العام للحزب الشيوعي المصري، عن قلقه إزاء ما كشفته القمة العربية من ضعف وهوان في الموقف العربي، مشيرًا إلى أن مستوى تمثيل الوفود يعكس ذلك بوضوح، مضيفًا أن دول الخليج لا تزال تدور في فلك السياسة الأمريكية، غير مكترثة بالتغيرات الجارية في العالم أو بالمجازر الإسرائيلية في غزة والضفة.
ولفت إلى أن التطبيع مع إسرائيل لن يؤدي إلى سلام دائم، وأن إقامة دولة فلسطينية وفقًا للقرارات الدولية هي السبيل الوحيد لتحقيق الاستقرار في المنطقة.
ويأمل عدلي بضرورة تجميد اتفاقيات كامب ديفيد وإعادة تقييم العلاقات مع الولايات المتحدة، والتي أضعفت الدور المصري وأدت إلى تبعية اقتصادية، مشدداً على أهمية استقلال القرار السياسي الوطني، ومشيرًا إلى ضرورة الرد على الغطرسة الإسرائيلية والتجاوزات الخليجية، مما قد يسهم في إعادة التوازن للميزان الإقليمي.
*********************************************
الاحتجاجات تحاصر الاحتلال الصهيوني
متابعة – طريق الشعب
تتواصل الفعاليات الاحتجاجية المنددة بحرب الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني في غزة، وتجددت الاحتجاجات الأحد الماضي، رفضاً للحرب والمطالبة بمحاسبة الاحتلال على الجرائم التي يقترفها وإدخال المساعدات فوراً.
هولندا
وتظاهر نحو 100 ألف شخص في هولندا، في مدينة لاهاي الهولندية احتجاجًا على سياسة الحكومة الداعمة للاحتلال، ودعت التظاهرة إلى وقف الدعم العسكري والسياسي لإسرائيل وفرض عقوبات عليها.
وشارك في التظاهرة التي نظمت تحت شعار "ارسموا خطًا أحمر من أجل غزة"، أكثر من 80 منظمة محلية ودولية، بينها "هيومن رايتس ووتش" و"العفو الدولية" وفروع محلية لمجموعات داعمة لفلسطين وجمعيات إنسانية تُعنى بالنساء والأطفال.
وارتدى المتظاهرون ملابس حمراء رمزية، في إشارة إلى "الخط الأحمر" الذي يطالبون الحكومة برسمه تجاه أفعال إسرائيل في قطاع غزة.
وفي كلمات ألقيت خلال التظاهرة، أشار المتحدثون فيها إلى أن مئات الأشخاص في غزة قضوا جوعًا منذ آذار الماضي، منتقدين صمت الحكومة الهولندية تجاه الانتهاكات الإسرائيلية.
أمريكا
كما انطلقت تظاهرة مناصرة لفلسطين، في واشنطن للتنديد بحرب الإبادة الجماعية، التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين في قطاع غزة، وإحياء ذكرى النكبة الفلسطينية.
واحتج المشاركون في الوقفة التضامنية مع الفلسطينيين على الدعم الأمريكي للاحتلال الإسرائيلي، مطالبين بوقف العدوان الوحشي المتواصل.
معبر رفح
فيما تظاهر عدد من أعضاء البرلمان الأوروبي ونواب إيطاليون وممثلون عن المجتمع المدني في إيطاليا والاتحاد الأوروبي، أمام الجهة المصرية لمعبر رفح للمطالبة بوقف الحرب في غزة وإدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع المحاصر.
وقالت سيسيليا سترادا عضو البرلمان الأوروبي، من أمام معبر رفح إن "على أوروبا أن تفعل المزيد. أوروبا لا تفعل ما يكفي، لا تفعل شيئا لوقف المذبحة".
ودعت سترادا إلى تجميد الاتفاقيات بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل التي ينبغي أن تكون قائمة على احترام حقوق الإنسان، والحال ليس كذلك".
المغرب
كما تظاهر آلاف المغاربة في مدينة الدار البيضاء، للمطالبة بوقف تجويع الشعب الفلسطيني في غزة.
وعبر المتظاهرون عن رفضهم بقاء الدول العربية والإسلامية صامتة دون مساعدة الفلسطينيين، مطالبين بإيقاف الإبادة الإسرائيلية على غزة.
************************************************
بين ماركوس ودويتيرتي.. السلالات الحاكمة في الفلبين تتقاسم نتائج الانتخابات التكميلية
عادل محمد
أجريت في 12 أيار الحالي انتخابات التجديد النصفي في الفلبين الواقعة في جنوب شرق آسيا، والتي يبلغ عدد سكانها 114 مليون نسمة. بالإضافة إلى انتخابات البرلمان التكميلية، انتخاب العديد من الحكومات الإقليمية وكذلك المقاعد في مجلس الشيوخ، والتي تعتبر مهمة في ترجيح كفة المتصارعين. وكالعادة شابت اتهامات التزوير والتلاعب مسار الانتخابات، فضلا عن شراء الأصوات. وشهدت الحملة الانتخابية حوادث عنف وإطلاق نار.
محاصصة بنسخة فلبينية
رسميًا، أصبحت الفلبين دولة ديمقراطية شكلية منذ عام 1987، عندما انتهت الدكتاتورية الدموية لفرديناند ماركوس الأب بثورة شعبية. وتعيش البلاد في ظل نظام ليبرالي منخور، في بلد هيمنت عليه السلالات السياسية لعقود طويلة. لقد شهدت هذه الانتخابات صراعا مريرا بين جناحي المحاصصة عائلة الدكتاتور السابق ماركوس، بزعامة الرئيس الحالي ماركوس الابن وعائلة سلفه الرئيس المستبد دوتيرتي. وتخوض هاتان العائلتان، باعتبارهما الأقوى حاليا حربا علنية تحت خيمة النظام السائد.
ولا يدور الصراع حول المحتوى السياسي والبدائل الممكنة، بل يدور حول السلطة. في الانتخابات الرئاسية التي جرت قبل ثلاث سنوات، خاض ماركوس ودوتيرتي الانتخابات معًا وفازا بها كـ "فريق موحد": أصبح ماركوس الابن رئيسًا، وأصبحت سارة دوتيرتي، ابنة الرئيس السابق رودريغو دوتيرتي، الذي حكم البلاد في سنوات 2016 – 2022 نائبة للرئيس.
ومن خلال هذا التحالف، تمكنت العائلتان من حماية نفسيهما من الملاحقة القانونية. ولا يزال لدى عائلة ماركوس الكثير من الأموال التي يتعين عليها سدادها للسلطات الضريبية بعد سرقة مليارات الدولارات الأميركية خلال سنوات دكتاتورية ماركوس الاب. وبدوره، يتحمل رودريغو دوتيرتي، وفقا لمنظمات حقوق الانسان، المسؤولية جزئيا عن مقتل قرابة 30 ألف شخص في سياق حربه الوحشية على المخدرات، والتي من المفترض رسميا أن تجعل البلاد أكثر أمنا. لقد انهار تحالف التخادم بين ماركوس ودوتيرتي منذ فترة طويلة.
لقد وجهت نائبة الرئيس سارة دوتيرتي تهديدات بالقتل ضد رئيسها ماركوس الابن، الذي رد ببدء إجراءات عزلها. ومن الصعب تفسير حقيقة أن الرئيس السابق رودريغو دوتيرتي قد أُلقي القبض عليه في شهر آذار بموجب مذكرة اعتقال صادرة عن المحكمة الجنائية الدولية دون مساعدة ماركوس. ويواجه دوتيرتي اتهامات بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، وهو موجود منذ ذلك الحين في لاهاي في انتظار المحاكمة، لكنه رشح نفسه مرة أخرى لمنصب عمدة مدينة دافاو الجنوبية، حيث بدأ مساره السلطوي.
صعوبات اقتصادية
ويدور الصراع السياسي بين السلالات في ظل وضع اجتماعي هش. مع نمو اقتصادي يبلغ نحو 5.5 في المائة في عام 2024، تعد الفلبين واحدة من أسرع الاقتصادات نمواً في جنوب شرق آسيا، ولكن فوائد هذا النمو غير موزعة بالتساوي. يعيش أكثر من 18 في المائة من السكان تحت خط الفقر، في حين تجمع نخبة صغيرة ثروات هائلة. وقد أدى التضخم، الذي وصل في بعض الأحيان إلى أكثر من 10 في المائة في العام الفائت، إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية بشكل خاص وتفاقم الصعوبات الاجتماعية.
ويوفر هذا الغموض الاقتصادي أرضاً خصبة للوعود الشعبوية من كلا المعسكرين. لقد استوليا منذ فترة طويلة على وسائل الإعلام لتحقيق أغراضهما الخاصة ودفعا كل التيارات السياسية الأخرى جانبًا. ان الفلبين مهددة بالتقسيم. وأعلن دوتيرتي وأنصاره، الذين يتركز نفوذهم في جنوب الفلبين، في الآونة الأخيرة، وفي أكثر من مناسبة، إمكانية انفصال منطقة مينداناو الجنوبية. وبالمقابل أعلن معسكر ماركوس أنه سيستخدم الجيش أيضًا لمنع هذا التوجه.
نتائج الصراع المفتوح
لقد أبقت النتائج المعلنة، وخصوصا تلك المتعلقة بمجلس الشيوخ الجديد، الصراع بين العائلتين مفتوحا. من بين المقاعد الاثني عشر التي تم التنافس عليها في مجلس الشيوخ المكون من 24 عضوًا، حصلت عائلة دوتيرتي على 4 مقاعد. وينتسب 5 أعضاء إلى عائلة ماركوس، في حين ينتمي ثلاثة آخرون إلى المعسكر الليبرالي، الذي كان في عام 2022 يمثل المعارضة للتحالف ماركوس – ودوتيرتي. وإذا نجت نائبة الرئيس من عملية عزلها، وهو احتمال وارد، فستكون لديها فرصة للفوز في انتخابات الرئاسة المقبلة عام 2028. اما إذا تم عزلها، فستُحرم من الترشح في الانتخابات الرئاسية وهو ما يسعى له الرئيس الحالي.
********************************************
الصفحة السابعة
ألكاراز يواصل ملاحقة سينر على صدارة التصنيف العالمي للتنس
لندن ـ وكالات
واصل الإيطالي يانيك سينر تربّعه على صدارة التصنيف العالمي للاعبي التنس المحترفين، وفقًا للنسخة الصادرة صباح اليوم الإثنين، محافظًا على المركز الأول برصيد 10,380 نقطة. وشهدت قائمة العشرة الأوائل تغيرات ملحوظة، أبرزها صعود الإسباني كارلوس ألكاراز إلى المركز الثاني بعد تتويجه بلقب بطولة روما للأساتذة (1000 نقطة) للمرة الأولى في مسيرته، ليصل رصيده إلى 8,850 نقطة. في المقابل، تراجع الألماني ألكسندر زفيريف إلى المركز الثالث برصيد 7,285 نقطة، إثر خروجه من ربع نهائي بطولة روما، وفشله في الدفاع عن اللقب الذي أحرزه العام الماضي. كما شهد التصنيف تقدمًا مهمًا للإيطالي لورينزو موسيتي، الذي ارتقى إلى المركز الثامن برصيد 3,860 نقطة، مستفيدًا من وصوله إلى نصف نهائي روما، بينما تراجع الأسترالي أليكس دي مينور إلى المركز التاسع برصيد 3,635 نقطة. وتأتي هذه التغيرات في ظل اقتراب منافسات رولان غاروس، التي قد تسفر عن مزيد من التحولات في مراكز التصنيف العالمي خلال الأسابيع المقبلة.
***********************************************
اليوم ختام الجولة 34 الزوراء يُلاحق الشرطة في دوري نجوم العراق
بغداد ـ طريق الشعب
تُختتم مساء اليوم الثلاثاء، منافسات الجولة الرابعة والثلاثين من دوري نجوم العراق، بإقامة مباراتين مرتقبتين قد تؤثران في صراع الصدارة والمراكز المتقدمة.
في المباراة الأولى، يحلّ الزوراء ضيفًا على الحدود عند الساعة السادسة مساءً، في مواجهة يسعى من خلالها "النوارس" إلى استعادة صدارة جدول الترتيب من الشرطة، بعد أن فقدها مؤقتًا في أعقاب فوز الشرطة الصعب في الجولة ذاتها. ويدخل الزوراء اللقاء بطموح كبير لمواصلة مطاردة اللقب، بينما يأمل الحدود في تحقيق نتيجة إيجابية على أرضه.
أما المباراة الثانية، فتنطلق عند الساعة الثامنة والنصف مساءً، حيث يستضيف القاسم، صاحب المركز الثامن، فريق زاخو، الذي يحتل المركز الثالث. وتُنتظر من هذه المباراة مواجهة قوية تعكس المستوى الملفت لكلا الفريقين هذا الموسم، وسط آمال بتقديم أداء يليق بطموحاتهما في ختام الجولة.
وكان فريق الشرطة قد حقق فوزًا شاقًا على ضيفه ديالى بهدف نظيف، في مباراة مثيرة أُقيمت مساء الأحد، ضمن منافسات نفس الجولة. وجاء هدف اللقاء الوحيد عبر المهاجم مهند علي في الدقيقة (90+8)، ليمنح فريقه ثلاث نقاط ثمينة.
ورفع الشرطة رصيده إلى 74 نقطة في صدارة جدول الترتيب، متقدمًا بفارق 3 نقاط عن الزوراء، الذي يخوض مباراته اليوم. أما ديالى، فتجمّد رصيده عند 32 نقطة في المركز السابع عشر.
وشهد اللقاء أحداثًا دراماتيكية، أبرزها طرد لاعبي ديالى حسين يونس وناتانيل ناكولو في الدقيقتين 56 و(90+10) على التوالي، إضافة إلى طرد مدرب الشرطة مؤمن سليمان في الدقيقة (90+9)، وسط توتر كبير في اللحظات الأخيرة من اللقاء.
وفي مباريات أخرى أُقيمت ضمن الجولة، تعادل نوروز مع نفط البصرة بهدفٍ لمثله، في اللقاء الذي جرى على ملعب نوروز بمدينة السليمانية. وسجّل نفط البصرة أولاً عبر محمود أحمد في الدقيقة 25، قبل أن يعادل علي صالح النتيجة لنوروز بعد أربع دقائق فقط.
بهذا التعادل، رفع نوروز رصيده إلى 42 نقطة في المركز الثاني عشر، بينما رفع نفط البصرة رصيده إلى 29 نقطة في المركز الثامن عشر.
كما خيّم التعادل السلبي على مواجهة النفط وضيفه نفط ميسان، في المباراة التي أُقيمت على ملعب الساحر أحمد راضي في بغداد. وبهذه النتيجة، وصل النفط إلى النقطة 52 في المركز السادس، في حين ارتفع رصيد نفط ميسان إلى 44 نقطة بالمركز الحادي عشر.
**********************************************
ريال مدريد.. مشروع جديد بطموحات كبيرة
مدريد ـ وكالات
شرع نادي ريال مدريد في تنفيذ سلسلة من التحركات الحاسمة استعدادًا لمرحلة ما بعد المدرب كارلو أنشيلوتي، وذلك قبيل انطلاق بطولة كأس العالم للأندية، المقررة يوم 15 حزيران المقبل، والتي تمثل أولوية قصوى لإدارة النادي الملكي في الوقت الراهن.
وبدأ ريال مدريد فعليًا بوضع أولى لبنات المشروع الجديد من خلال التعاقد مع المدافع الهولندي دين هويسن، في خطوة أولى ضمن مجموعة من الصفقات والإعلانات المرتقبة، التي تمهد رسميًا لانطلاق ما يُعرف بـ "حقبة تشابي ألونسو".
وذكرت صحيفة "سبورت" الإسبانية أن إدارة ريال مدريد تعمل على إغلاق صفحة أنشيلوتي، الذي يقود الفريق في ولايته الثانية، تمهيدًا لإطلاق مشروع ألونسو الفني. ورغم إعلان الاتحاد البرازيلي مؤخرًا عن تعيين أنشيلوتي مديرًا فنيًا لمنتخب البرازيل، فإن النادي الملكي لم يُصدر حتى الآن بيانًا رسميًا بشأن رحيله. ويُعتقد أن الاتحاد البرازيلي استعجل في الإعلان لتجنب الفوضى الإدارية قبيل إقالة رئيسه السابق إدنالدو رودريجيز، التي تمت بالفعل. ومع ذلك، فإن ريال مدريد يفضل اتباع جدول زمني خاص به، ويتوقع أن يصدر بيان وداع لأنشيلوتي خلال الأيام القليلة المقبلة، مع تكريمه في المباراة الختامية للدوري الإسباني على ملعب سانتياغو برنابيو. من المنتظر أن يبدأ تشابي ألونسو، الذي أنهى موسمًا استثنائيًا مع باير ليفركوزن، مهمته رسميًا مع ريال مدريد انطلاقًا من كأس العالم للأندية. وقد ودّع المدرب جماهير الفريق الألماني بالفعل.
ووفقًا للتقارير، رفضت إدارة النادي فكرة تعيين مدرب مؤقت لقيادة الفريق في البطولة الدولية، حيث طُرح اسم سانتياغو سولاري، لكن تم استبعاده باعتباره خارج المشروع المستقبلي للنادي.
على صعيد التعاقدات، يواصل ريال مدريد وضع لمساته الأخيرة على عدد من الصفقات المهمة. في مقدمتها صفقة ترينت ألكسندر أرنولد، ظهير ليفربول، الذي توصل إلى اتفاق مبدئي مع "الميرينجي". غير أن ليفربول لا ينوي التفريط فيه مجانًا قبل نهاية عقده، ما يُجبر الريال على تقديم عرض مالي لضمه هذا الصيف. وتنص لوائح البطولة الدولية على السماح باستبدال لاعبين تنتهي عقودهم في 30 حزيران، ما قد يمنح النادي فرصة لقيد أرنولد كبديل للاعبين مثل لوكا مودريتش أو لوكاس فاسكيز، إذا لم تُجدد عقودهم.
كما يسعى ريال مدريد إلى تعزيز الجبهة اليسرى بالتعاقد مع اللاعب الإسباني ألفارو كاريراس، نجم بنفيكا المعار من مانشستر يونايتد، والذي سبق له التدرّب في أكاديمية النادي. ورغم أن قيمة شرطه الجزائي تبلغ 50 مليون يورو، فإن الإدارة أبدت استعدادها لإنفاق مبلغ كبير، كما فعلت مؤخرًا في صفقة هويسن (58 مليون يورو).
في خط الوسط، يطالب تشابي ألونسو بالتعاقد مع لاعب مبدع قادر على تعويض غياب توني كروس، الذي لم يُحسم مستقبله بعد. وتدرس الإدارة عدة خيارات فنية، منها: إعادة جود بيلينجهام إلى مركز صناعة اللعب، تصعيد الشاب نيكو باز، أو منح الفرصة للموهبة التركية أردا جولر.
يسير ريال مدريد بخطى ثابتة نحو بناء مشروع فني جديد بقيادة تشابي ألونسو، يهدف من خلاله إلى مواكبة التحديات القادمة ورفع سقف الطموحات على المستويين المحلي والدولي، خاصة مع استضافة بطولة كأس العالم للأندية، التي يراها النادي بوابة مناسبة لإطلاق فصله الجديد في تاريخ "الملكي".
*********************************************
عقوبة قاسية تُهدد مستقبل المدرب مسعود ميرال مع دهوك
متابعة ـ طريق الشعب
بات المدرب مسعود ميرال على أعتاب الرحيل عن تدريب فريق دهوك، بعد موسم ناجح قاده خلاله لتحقيق إنجاز تاريخي على المستوى الخليجي، وسط أزمات متلاحقة فرضت نفسها في الأسابيع الأخيرة، أبرزها عقوبة انضباطية قاسية أصدرها الاتحاد العراقي لكرة القدم.
وكان ميرال قد قاد دهوك لتحقيق لقب بطولة كأس الخليج للأندية الأبطال للمرة الأولى في تاريخ النادي وتاريخ الأندية العراقية، وهو إنجاز وضعه في صدارة المشهد الكروي المحلي، رغم قصر فترة قيادته للفريق.
لكن الرياح لم تجرِ كما يشتهي المدرب، إذ أشعلت تصرفاته في مباراة دهوك والطلبة ضمن منافسات دوري نجوم العراق، أزمة كبيرة انتهت بعقوبة ثقيلة. ووفق مصادر صحفية فإن لجنة الانضباط في الاتحاد العراقي قررت حرمان ميرال من مرافقة فريقه لمدة ستة أشهر، بعد أن اعتدى لفظيًا على حكم المباراة محمد طارق، وكسر إحدى شاشات تقنية حكم الفيديو المساعد (VAR) داخل الملعب.
العقوبة جاءت استنادًا إلى المادتين 47 و53 من لائحة الانضباط، حيث وُصفت تصرفات المدرب بـ "غير الرياضية والمسيئة"، وألحقت أضرارًا مادية بمرافق المباراة.
ولم يتوقف الجدل عند حدود العقوبة، إذ انتشر مقطع فيديو لميرال أثار موجة غضب في الشارع الرياضي العراقي، ظهر فيه وهو يتهجم على ما بدا أنه "الشعب العراقي"، مستخدمًا عبارات وُصفت بـ "المسيئة"، ما دفع جماهير وإعلاميين للمطالبة بإبعاده فورًا. لكن المدرب سارع إلى إصدار بيان توضيحي قال فيه: "يؤسفني أن البعض يحاول خلط الحقائق والإيحاء بأنني أسأت للشعب العراقي، وهذا لم يحدث أبدًا. ما قلته كان موجهًا لفئة معينة من الإعلاميين الذين يسعون لتشويه سمعتي، والمقطع المنتشر تم اقتطاعه بشكل مجتزأ".
واعترف ميرال في بيانه بأن ردة فعله خلال المباراة الأخيرة كانت "عصبية وغير موفقة"، مؤكدًا تقديم اعتذاره الرسمي للحكم وللشركة الناقلة، واستعداده لتقبّل أي قرار يصدر بحقه.
ورغم الأزمات، فإن الفريق الذي يقوده ميرال يحتل المركز السادس في جدول ترتيب دوري نجوم العراق برصيد 51 نقطة، مع خمس مباريات مؤجلة. وفي حال تمكن من الفوز بجميع مبارياته المؤجلة، يمكنه القفز إلى المركز الثالث، ما يعكس حجم العمل الفني والنتائج الإيجابية التي حققها الفريق هذا الموسم.
**************************************************
وقفة رياضية.. ماذا حلّ بالرياضة العراقية؟
منعم جابر
الجميع يأسف لما حلّ برياضة الوطن من فشل وتقاطعات وتناحر ومشاكل لا أول لها ولا آخر. فجميع المؤسسات الرياضية القيادية تعاني من المشكلات نفسها، وكأننا خُلقنا للصراعات والمشاكل، دون رادع أو رقيب. وأتذكّر أنني، في أحد الأيام الأولى للتغيير، عندما كان يقود الرياضة واللجنة الأولمبية الوطنية العراقية المرحوم أحمد الحجية، وكانت تلك الخلافات والمشاكل في أوجها (وكلٌ يدّعي وصلاً بليلى!)، قلت له: "أقترح عليكم أن تعملوا على تقسيم العاملين في المؤسسات الرياضية إلى طرفين: طرف أول، وهم العاملون في المؤسسات، تشرفون أنتم على عملهم بحكم قيادتكم الرسمية، وطرف ثانٍ، وهم المعارضون، يكون بإشراف أحد أعضاء المكتب التنفيذي وتحت إشرافكم المباشر؛ عندها يمكنكم السيطرة على الرياضة وتفاصيلها."
لكن الأحوال تغيّرت اليوم، وأصبح المشهد الرياضي يعج بالجماعات والشلل والإقطاعيات. وعلى الرغم من كل المحاولات والجهود التي تبذلها الجهات الرسمية، فإن المشاكل قد تفاقمت حتى وصلت إلى مستويات مضاعفة، ولا مجال لحلّها، لأن الجميع لا يعرف سوى لغة "التخوين" والعدائية، ولا مكان للعقل الإنساني أو لغة التسامح.
وهكذا، نجد أن الرياضة، كما هو الحال في بقية قطاعات الحياة، زُرعت فيها بذور اللعنة والاختلاف. وقد ظهرت هذه الخلافات بوضوح في مجال كرة القدم، إلا أن الصراعات تمتد إلى مختلف المجالات الرياضية، وهي ملتهبة على كل المستويات، ولا أملا في حلّها بالتراضي.
وأعتقد أن الواقع الرياضي عانى كثيرًا من تسلّط النموذج الديكتاتوري بشكل مباشر وحاد لفترات طويلة (عدي)، وكان ردّ الفعل حادًا وقويًا نتيجة لذلك. كما أن غياب النموذج الديمقراطي عن المؤسسات الرياضية، والتي كانت خاضعة للتلاعب والعبث من قبل أبناء النظام وحماياته، هو ما أوصلنا إلى هذا الحال.
واليوم، نجد أن النماذج السائدة في المؤسسات الرياضية تنتمي إلى جماعات الأحزاب الدينية والقومية والمناطقية والعشائرية. وبسبب هذه الولاءات والتكتلات، أصبح الغياب جليًا لأصحاب الخبرات والكفاءات والشهادات والمعارف العلمية. ولهذا، فإن القطاع الرياضي عانى من الفشل والإحباط والتغييب المتعمد للكفاءات، ما أدى إلى واقع رياضي بائس ونتائج مخيبة، في حين سبقتنا دول الجوار والمنطقة والعالم بخطوات واسعة، وبقينا نحن، في بلد الحضارات والتاريخ، نتعثر في خطواتنا الأولى والأصعب.
لذا، أقول لقادة الرياضة وزعماء الحركة الرياضية، وقادة المؤسسات السياسية وأحزابها: اتركوا الرياضة لأهلها، ولا تتدخلوا فيها، ولا تزرعوا فيها بذور المحاصصة، ولا تدمّروها من أجل حماية أبنائكم وبناتكم. فالمجال الرياضي وسط شفاف، حساس، ومتسامح؛ فلا تكرّروا ما فعله النظام المقبور حين اقتحم الرياضة وخربها خدمةً لمصالحه ومصالحه الحزبية الضيقة، مما تسبب في غرق الرياضة وإخفاقها وضياعها.
ولا نزال نحصد "إنجازات سياستكم الفاشلة" منذ أكثر من عقدين في القرن الحادي والعشرين. فاتركوا الرياضة لأهلها وأبنائها. وأنتم يا مَن اقتحمتم الميادين والساحات الرياضية دون أهلية، غادروها غير مأسوفٍ عليكم... ولنا عودة.
************************************************
الصفحة الثامنة
هل هناك تعارض بين الطبقة وسياسة الهويات؟.. السياسة الطبقية مشروع لهوية متعددة
إعداد: رشيد غويلب*
سياسة الهويات، أو المكونات، كما يحلو للمتنفذين في العراق تسميتها، قادت عمليا إلى مجتمع منقسم ودولة فاشلة. وبالتالي فان السؤال الأهم ما هو المشروع البديل. "ليبراليون" عراقيون مرتبطون بمراكز الرأسمالية، يدعون لحل يتمحور حول نسخة محسنة لمشروع الاحتلال، أو إلى مشروع "احتلال جديد". وانطلاقا من تجربة أكثر من عشرين عاما من خراب شامل ومتنوع، ليس لهذه الدعوة من مستقبل في بلد ليس فيه تقاليد ليبرالية وليبراليون حقيقيون، بل يمكن القول في أحسن الأحوال هناك جماعات محدودة من الحالمين بالليبرالية، إلى جانب حفنة من العراقيين المرتبطين بالمؤسسات الغربية، المستعدين للعب دور التابع المطيع، عالي الصوت في الحديث عن الوطنية والديمقراطية، المستعارة من مراكز التأهيل الأمريكية.
كيف تبدو حظوظ البديل اليساري وتعبيراته الأوسع "المشروع الوطني الديمقراطي"؟ وهل يمكن الاستفادة من القراءات الماركسية لهذه الأسئلة في أوربا، مهد الماركسية وموطن نشوء اليسار العالمي المعاصر؟
غالبًا ما يُنظر إلى السياسة الطبقية والسياسة الهوياتية على أنهما متعارضتان، حيث تتمتع السياسة الطبقية بسمعة كونها قريبة من الناس، في حين يُنظر إلى السياسة الهوياتية على أنها حضرية ونخبوية. إن اليمين يغذي هذا التناقض خاصة حينما يتنافس الليبراليون الجدد والفاشيون على تمثيل "الناس العاديين". ولكن ماذا لو كانت السياسة الطبقية والهوية هي الشيء نفسه في نهاية المطاف؟ فالطبقة لم تأت أبدًا من تلقاء نفسها، وهي التي تشكل في أي مجتمع رأسمالي، هوية سياسية، تخضع بالضرورة لإعادة تنظيم.
الاشتراكية والحركة النسوية
في بداياتها، كانت الاشتراكية الناطقة بالألمانية حركة رجالية بكل تأكيد. كان برنامج آيزناخ لحزب العمال الديمقراطي الاجتماعي الذي أسسه أوغست بيبل وويلهلم ليبكنخت في عام 1869 يطالب بالحق في التصويت "لجميع الرجال من سن العشرين فما فوق" ويريد تقييد عمل المرأة، وهو ما كان بمثابة معاداة نسوية بروليتارية بوضوح. وبعد مرور عشرين عاماً، أصبح برنامج إرفورت لعام 1891 مختلفاً تماماً، حيث طالب بحق التصويت "دون تمييز على أساس الجنس"، وعلاوة على ذلك، "إلغاء جميع القوانين العامة والخاصة التي تميز المرأة مقارنة بالرجل". وهذا يعني أن الانتخابات لم تكن وحدها التي أصبحت سياسية، بل الحياة الخاصة أيضاً، ففي غضون جيل واحد فقط، تغيرت صورة النوع الاجتماعي للاشتراكية بشكل كبير.
وكان هذا التغيير نتيجة للتطرف في العمل السري فقد كان "المستشار الحديدي" بسمارك قد حظر النقابات العمالية والأحزاب الاشتراكية منذ عام 1878. إن استخدام الصيغة المذكرة العامة مضلل، لأن الاشتراكيات تعرضن للقمع بنفس القسوة ولمدة أطول بكثير، فلم يُسمح للنساء بأن يصبحن عضوات في الجمعيات السياسية في الإمبراطورية الألمانية حتى عام 1908. لذلك أسسن منظمة ديمقراطية ديناميكية على مستوى القاعدة الشعبية. خلال فترة الحظر، اعتمدت هذه الحركة الماركسية كنظرية لها. كان لديها الكثير لتقدمه للنساء مقارنة بالبرامج السابقة المستوحاة من أخلاقيات الحرف اليدوية. وكان ماركس وإنجلس قد أثارا بالفعل في "البيان الشيوعي" لعام 1848، مطالبتهما بإلغاء عبودية المرأة. في مقالته الشهيرة "ضد دوهرينغ" عام 1878، ذكر إنجلس أنه "في مجتمع معين، فإن درجة تحرر المرأة هي المقياس الطبيعي للتحرر العام".
كان أوغست بيبل قد تناول اليسارية من منظور الجنس في كتابه "المرأة والاشتراكية" الصادر عام 1879. لقد جمع بين النضالات الطبقية وتحرير المرأة في مشروع مشترك - سياسة الهوية التي تهدف إلى الجمع بين النضالات المنفصلة في سرد مشترك. وصف بيبل المجتمع الاشتراكي بأنه النقيض للبؤس السائد في الحاضر. وبعد بضع سنوات، تبعه إنجلس بكتاب "أصل العائلة والملكية الخاصة والدولة" عام 1884، والذي طور فيه المادية التاريخية باعتبارها نظرية للتاريخ.
وصف إنجلس تسلسل أنماط الإنتاج من المجتمع البدائي إلى الرأسمالية الصناعية على أنه تقسيم للعمل على أساس الجنس؛ وكانت علاقات الإنتاج دائما علاقات بين الجنسين أيضا. لقد رأى أن الانتقال من مجتمعات الصيد وجمع الثمار إلى الزراعة وتربية الحيوانات كان بمثابة "هزيمة تاريخية عالمية" للنساء. أدت ملكية الأراضي إلى ظهور الهياكل الأبوية لأول مرة. إن حاجة الرجل إلى نقل ملكية الأرض إلى أبنائه أدت إلى الرغبة في السيطرة على قدرة المرأة على الإنجاب وجنسانيتها. لقد وفرت المادية التاريخية الزخم للحركة النسوية الثانية، التي تأثرت بشدة بالماركسية في أواخر الستينيات والسبعينيات. على سبيل المثال، تعتمد "النسوية الماركسية" التي كتبتها فريغا هاوغ، على هذا الأمر.
برنامج "تقاطعي"
إن النموذج الأولي للتنظيم الذي نراه اليوم تم اختراعه أيضًا من قبل النساء الاشتراكيات. خلال فترة الحظر، أُجبرت العاملات على اختيار أشكال غير رسمية وشعبية من التنظيم. ودعوا إلى اجتماعات مفتوحة تم فيها انتخاب لجان التحريض. وبعد حظر هذه التظاهرات، نشأ نظام أكثر مرونة لممثلي النساء المحليين. وقد أدى هذا إلى ظهور حركة نسائية بروليتارية تلاقت فيها النضالات النقابية والنضالات السياسية. وكانت شخصيتها الأبرز هي كلارا زيتكين. في عام 1889 وضعت وفي مقالها "المرأة العاملة وقضية المرأة في الوقت الحاضر"، قدمت برنامجًا اشتراكيًا لنساء الطبقة العاملة. إن القوة التنظيمية والبرمجية للعاملات كانت تعني أن برنامج إرفورت، الذي تمت كتابته بعد سقوط بسمارك في عام 1891، لم يعد بإمكانه تجاهل النساء. وقد أدان البرنامج "ليس فقط استغلال وقمع العمال المأجورين، بل كل أشكال الاستغلال والقمع، سواء كانت موجهة ضد طبقة أو حزب أو جنس أو عرق".
كان هذا أول برنامج "تقاطعي"( أي يتناول أشكال التمييز المتعددة) لليسار الألماني. وتعتبر مصطلحات مثل القمع الثلاثي، والتقاطعية، والماركسية النسوية تعبيرات عن هذا النقاش، الذي شهد العديد من النكسات والتقاطع مع التقاليد. وهكذا، فإن الماوية، التي أصبحت شائعة في أوساط الطلبة منذ عام 1970 فصاعدا، ميزت في الواقع بين التناقضات الرئيسية والتناقضات الثانوية، وهو ما لم يعرفه برنامج إرفورت.
ومع ذلك، كان البرنامج عبارة عن ادعاء نظري بعيد عن الممارسة. لفترة طويلة، اعتبرت نضالات النساء قضية ثانوية في الصحافة الاشتراكية. ولهذا السبب أسست كلارا زيتكين مجلة نسوية اشتراكية تسمى "المساواة" بلغت نسبة النساء في النقابات العمالية 2 في المائة فقط في عام 1892. وهذا يعني أن واحدة من كل ألف عاملة كانت جزءًا من الحركة العمالية. وقد انعكس هذا في الممارسة العملية، على سبيل المثال عندما نصت الاتفاقيات الجماعية على أجور أقل للنساء كمعيار. ومع ذلك، بفضل برنامج إرفورت، أصبح لدى العاملات أساس للنضال ضد هذه الظروف. ومعه أصبحت الحركة الاشتراكية فضاءً للتحرر حيث طالبت النساء بالمشاركة المتساوية. كان أحد النجاحات هو تعديل قانون الجمعيات الألماني في عام 1908. وبما أن الأحزاب السياسية كانت أيضًا جمعيات قانونية، فقد أصبح بإمكان النساء في النهاية أن يصبحن عضوات فيها، وقد عزز هذا الإصلاح دورهن في الحركة الاشتراكية.
العنصرية والاستعمار
كانت المقاومة ضد الاستعمار والأيديولوجيات العرقية والنظريات العنصرية أيضًا جزءًا من المشروع الاشتراكي للمستقبل. لم يعمل برنامج إرفورت على تفكيك مفهوم العرق، بل تحدث ضد التمييز على أساس العرق أو الجنس. وشمل ذلك أيضًا مقاومة معاداة السامية، التي كانت تتحول للتو من التحيز المسيحي إلى معاداة السامية العنصرية. لقد تم تحديد النبرة بالفعل في عام 1890 من خلال مقال كتبه فريدريك إنجلس، والذي أدان المشاعر المعادية لليهود تحت عنوان "حول معاداة السامية". ولم يتم القضاء على الأخيرة. لقد تم التبشير بها بين الشباب العاملين في الكنيسة والمدرسة ولم تختفِ بمجرد انضمامهم إلى الحزب. ومع ذلك، من المهم التمييز بين ما إذا كانت معاداة السامية موجودة في حركة ما، أو ما إذا كانت هي (أي معاداة السامية) التي ساهمت في هيكلة تلك الحركة. ولكن الأمر لم يكن كذلك في الديمقراطية الاجتماعية. كما أن الموقف المناهض لمعاداة السامية جعل منها مساحة للتحرر بالنسبة لليهود العلمانيين. ولذلك أصبح الديمقراطيون الاجتماعيون، ثم الحزب الشيوعي في ألمانيا في وقت لاحق، هدفًا معتادا لهجمات معادية للسامية.
ولم تُستخدم النظريات العنصرية ضد اليهود فقط، بل إنها استخدمت أيضاً لإضفاء الشرعية على السياسة الاستعمارية الأوروبية. ومنذ عام 1884، عندما احتلت ألمانيا أيضًا مستعمرات وبالتالي تحدت إنجلترا وفرنسا، كان اليسار الاشتراكي في أوروبا يناقش مقاومة الإمبريالية. وفي الوقت نفسه، في مملكة هابسبورغ الإمبراطورية النمساوية المجرية، دارت مناقشات حول "المسألة القومية والديمقراطية الاجتماعية"، وهو عنوان مقال كتبه الماركسي النمساوي أوتو باور عام 1907. وهكذا فإن الاشتراكية الدولية شملت ثلاثة مجمعات: الدفاع ضد سياسات العنف الاستعماري، والمطالبة بدولة متعددة الأعراق، والتعاون مع الحركات العمالية الوطنية.
ولتحقيق هذا الهدف تأسست الأممية الثانية في عام 1889، وكان الهدف منها توحيد الحركات العمالية الوطنية في حركة عالمية. ومع ذلك، وكما هو الحال مع سابقتها التي تأسست في عام 1864، فقد ظلت مقتصرة على أوروبا وأميركا الشمالية. ولم تتمكن الأممية الثالثة من إقامة شراكات دائمة مع حركات التحرر المناهضة للاستعمار في مختلف أنحاء العالم إلا في عشرينيات وثلاثينيات القرن العشرين، في حين كانت استقلالية هذه الحركات قد تعرضت للتقويض في الوقت نفسه على يد الستالينية. ورغم أن ماركس تحدث في "البيان الشيوعي" عن العمل المشترك بين البلدان "المتحضرة"، فإن هذا المنظور اتسع في نهاية القرن التاسع عشر. لقد انفصلت أعمال ماركس الأخيرة، وخاصة أعمال روزا لوكسمبورج ولينين، عن فكرة أن الثورة العالمية سوف تقتصر في البداية على البلدان الصناعية. لقد قلب لينين هذا الأمر رأساً على عقب عندما توقع الثورة في "الحلقة الأضعف" في السلسلة الإمبريالية.
الطبقة كسياسة هوية
يوضح هذا العرض التاريخي الموجز أن المساواة بين الجنسين ومكافحة العنصرية كانتا ركيزتين أساسيتين في تشكيل المشروع الاشتراكي في القرن التاسع عشر. ولكن ظلت التناقضات قائمة: إذ كان المحتوى العنصري والمعادي للنسوية ممثلاً أيضاً في الديمقراطية الاجتماعية والنقابات العمالية. وقد تسرب المحتوى الرجعي إلى هذه الحركات الجماهيرية من خلال المؤسسات الأيديولوجية مثل المدارس الابتدائية والكنائس والخدمة العسكرية. ففي عام 1884، غازل جزء من الفصيل الاشتراكي في الرايشتاغ فكرة تقديم الدعم لخطوط السفن البخارية إلى المستعمرات. ولكن جاذبية المشروع الاشتراكي لم تكن تكمن في مثل هذه التعديلات. لو لم تكن الأممية موجودة، فإن الأحزاب الاشتراكية في أوروبا كانت ستوصف كمنظمات ضغط لصالح عمالها المهرة ولم يكن هناك من يتحدث عنها اليوم.
لقد استمد المشروع الاشتراكي الذي تشكل في القرن التاسع عشر قوته من حقيقة أنه حمل المشاعر غير المبررة لأنصاره من أجل تحقيق النجاح الانتخابي. وبدلاً من ذلك، اعتمدت الحركة الاشتراكية على برنامج جذري للمستقبل، والذي اختزله دائمًا في المطالب اليومية. لقد أثار الوعد الجذري بالمساواة بين المرأة واليهود والمثليين جنسياً استياء العديد من الأعضاء والناخبين. ولكن الحركة الاشتراكية، بتركيبتها التي تجمع بين الواقعية السياسية واليوتوبيا، والصراع الطبقي ومناهضة التمييز، تمكنت في نهاية المطاف من جمع عدد أكبر من الناس مقارنة بما كان من الممكن أن تجمعه لو اقتصرت على ما كان من الممكن تصوره وقابل للتنفيذ في ذلك الوقت. ولقد كانت المناقشات حول التنوع والتعدد جزءاً أساسياً من المشروع الاشتراكي ــ حتى ولو كان التيار الاشتراكي السائد مقتنعاً بوجود اتجاه نحو العلمانية. وكان الافتراض طويل الأمد هو أن الأقليات القومية والدينية واللغوية سوف يتم استيعابها، وهي وجهة نظر يدافع عنها على وجه الخصوص اشتراكيو الأقليات على تنوعها. لم تنجح الحركة الاشتراكية في حل التناقض بين الكونية والخصوصية. لكنها لم تتجنب السؤال، بل جعلته جزءًا من مشروعها الدراسي.
لا يمكن استنتاج التناقض بين سياسات الهوية وسياسات الطبقة من تاريخهما. ومن ناحية أخرى، كان خلق الوعي الطبقي في حد ذاته بمثابة سياسة هوية. في كل خطاب ومنشور، كانت الحركة الاشتراكية تبشر العمال بأنهم جزء من الطبقة العاملة. إن فكرة اعتبار الوعي الطبقي شيئًا عضويًا "في الماضي"، تلاشى الآن مع ما بعد الحداثة، هي فكرة هراء. في ذروة الرأسمالية الصناعية، كانت الهويات الدينية والانقسامات الطائفية أكثر أهمية بالنسبة لغالبية العمال مما هي عليه اليوم. كما رأى العمال المهاجرون من الجيل الأول أنفسهم كمزارعين؛ أرادوا الخروج من العمل المأجور وحلموا بامتلاك مزارعهم الخاصة. وفي المدن أيضًا، استغرق الأمر جيلين حتى تحول الحرفيون ذوو العقلية الطبقية إلى عمال مهرة بروليتاريين يتماهون مع طبقتهم أكثر من مهنتهم. والصراعات حول الهجرة ليست جديدة أيضاً. في وقت مبكر من القرن التاسع عشر، كان هناك صراع بين الاشتراكية والكاثوليكية، حول المهاجرين البولنديين في منطقة الرور (منطقة كانت معقل مناجم الفحم في المانيا).
الطبقة كمشروع للتحالف
وكانت وصفة النجاح في بناء هوية "الطبقة العاملة" تتمثل في أن هذه الطبقة لم تنكر التمييزات الأخرى، بل صاغت مشاريع للتحالف بينها، كان أساسها مبدأ المساواة بين البشر وتنمية المصالح المشتركة. ولم يتم صياغة المطالبات بالمشاركة باعتبارها تمثيلاً رمزياً في النظام القائم، بل تم ربط المساواة أمام القانون بالمساواة المادية. وكانت المهمة التي فرضتها حركة النساء البروليتارية على نفسها هي فرض حق المرأة في التصويت والمساواة في الأجر عن العمل المتساوي.
وينطبق الأمر نفسه على مكافحة معاداة السامية أو العنصرية الاستعمارية: فقد ارتبطت المشاركة ومكافحة التمييز بالمطالبة بتغيير النظام الاقتصادي والسياسي. وقد مكّن هذا الارتباط الحركة الاشتراكية من التمييز نفسها عن الليبرالية. وكان السبب في ذلك هو أن هذه الأخيرة اعتمدت على التنوير، ولكن السياسة الحقيقية للأحزاب الليبرالية كانت تمثل مصالح الأقليات البيضاء. لم تكن لدى الليبراليين الألمان أي مشكلة مع مؤسسات مثل نظام التصويت البروسي ذي الثلاث طبقات، والذي كان للأغنياء فيه أصوات أكثر من الفقراء حتى عام 1918. كما راودت أجزاء من حركة النساء البرجوازيات فكرة "حق المرأة في التصويت" للنساء الثريات. ولكن حتى هذا كان أمراً لا يمكن تصوره بالنسبة لغالبية الليبراليين في القرن التاسع عشر.
لقد نجحت الحركة الاشتراكية في فضح هذه التناقضات. وكان غياب الديمقراطية في المصانع والموقف النخبوي للبرجوازية الليبرالية من الموضوعات الثابتة، فضلاً عن النقاط العمياء والإقصاءات في السياسة الليبرالية. ولم يكن الاشتراكيون هم الذين ناضلوا إلى حد كبير من أجل دولة الرفاه فقط، بل وأيضاً من أجل العديد من الإنجازات الاجتماعية الأخرى التي تُصنف اليوم دون نقد باعتبارها "تحريراً، فحق المرأة في التصويت كان أيضًا نتيجة لثورة نوفمبر عام 1918. ومع ذلك، تم تنظيم أول حملة على مستوى ألمانيا من أجل الحق في الإجهاض في عام 1931 من قبل نساء من الحزب الشيوعي الألماني. إن هذه الصراعات معروفة جيداً لدى الخبراء، ولكنها لا تؤثر كثيراً على هوية اليسار اليوم. وهذا إما جراء التصرف دون مراعاة للتاريخ أو تطبيق معايير عفا عليها الزمن على نماذج تاريخية. ولكن المهم الذي يتم تجاهله هو الإنجاز المتمثل في توحيد طبقة ضعيفة التعليم ومقسمة على أسس دينية وإثنية في مشروع هوية "الطبقة".
لقد أكد برنامج إيرفورت بالفعل على أن الاشتراكية لا تريد أن تكون اختزالية للطبقات. وفي محاولته لتحقيق نفس الهدف. ولكي نفهم ما يعنيه مفهوم الطبقة مرة أخرى، يتعين على كثير من الناس أن ينظروا إلى الماضي بالإضافة إلى التنظيم وحوارات طرق الأبواب والتحليل الاجتماعي للطبقة. إن دراسة تجارب الماضي توضح أن الوعي الطبقي لم يكن طبيعيا أبدا، بل كان لابد أن يكون منظما دائما.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*- عن مقالة نشرت في جريدة "نويز دويجلاند" الالمانية في 14 شباط 2025، بقلم رالف هوفروغ وهو مؤرخ وباحث ألماني في تاريخ النقابات العمالية وتاريخ العمل والحركات الاجتماعية.
*****************************************************
الصفحة التاسعة
إلى روح الشاعر موفق محمد
حسين جهيد الحافظ
الشاعر من يموت
ابحزن تنعاه القصيده
او مثل ونة يتيم
ايصير تغريد البلابل
او گبل وكت الحصاد
الروسهه تحني السنابل
والقوافي٠٠!
لبست اثياب الحداد
او بالرثاء
اتگطر الحسره مشاعر
مات شاعر
واي شاعر ٠٠٠ ؟
مات صوت الفقره
والام السنين
مات عراب المحبه
النازك الناي الحزين
شهگته حب الناس
چان ٠٠!
او حسرته تكتب خواطر
ابهيد يا شيال تابوته
اعلن هونك
خلي شط الحله
بقره الفاتحه
لا يظل مكسور خاطر
ابهيده وياه
ياحلوين اليهامه
تره بالتابوت احلام اليتامه
و بيه غصن زيتون او حمامه
ابهيده لا تكسر جنحهه
ابهيده لا تذبح فرحهه
ابهيده وي موفق ابهيده
تره مزفق ترف
احديثه او مايل زلف
روحه قارورة عطر
او حسچه او موال
او محنه ٠٠!
بيه يتباهه الشعر
روحه ورده
بيهه يتباهه الغصن
ترفه وتحب السمر
اگليبهه ينبض قصيده
بالعشگ كلش جديده
بيهه حريه او سلام
او بيهه ثوره
بيهه شوگ
او الف ذكره
تتغنه ابحب الوطن
اتغني العثمان
و أزاد او حسن
شوگ عاشگ
خلگ شاعر
بيه يتباهه الشعر
چلمته اتسطر خواطر او
موفق والشعر توم
حلم گلبه
موش بس لليوم ينظر
دوم كل عينه على باچر
موفق أيقونة شعر
ما يكفيه اسم شاعر
مات من بعده القوافي
حايره او تكسر الخاطر
تگعر ابصوت اليتامه
مات صوت الفقره مات
و انكسر جنح الحمامه
والقصيده ٠٠٠!
اتلوذ بالتابوت دمعه
اتلوذ مكسورة الخاطر
والشعر من بعده حاير
اتگطر اوزانه حزن
اينگط خواطر
ترفه مكسورة الخاطر
****************************************************
تشييع شط الشعر
يوسف المحمداوي
ورش المواجع بالوطن
ورشه تطگ بورشه…
مشيعين ليلك ياغضب
والصبح كحّل رمشه…
ومو كل شعر نقراه شعر
بعض الشعر كالممشى…
شايف خجل ما يستحي؟!
سامع فجر يتعشى…؟!
ومو كل رسول اصبح نبي
ومو كل ضريح ندشه…
ولا جار امس مثل الذي
عنوان بابه الحرشه….
موفق هلاهل كل عرس
جكليت كلنه نطشه…
باليمن ومعاشر حسن
شهگة الطير العشه…
چنك وطن يبچي وطن
مو بالدمع بالدهشه..
مالوّن اشعارك مدح
ولا مشتهر بالطشه…
آنه من اوصفك بالشعر
النواب ويه الأعشى…
والگاطع يغازل بدر
وعريان يلقي بعرشه….
يالمنطي لصوات الحكم
والظلم إذن الطرشه…
وراكب على مهور الشعر
سوده ويبيضه وبرشه…
يموفق بوجه الطغه
وفاضح لعبته وغشه…
موگلت لابنك من رحل
آنه گبر يتمشى..
گوم اعلى حيلك يانفل…
وبالشعر شطَك رشه…
والحله من غيرك تره
ليلتها كلش وحشه…
وطيور شعرك يا ترف
عالگبر حطت غبشه…
موبس بشر حتى النهر
مكسور يمشي بنعشه…
***********************************************
أبوذيّات
سامي عبد المنعم
إشكثر عثرات لاگني وعديت
وحسبتك توفي كل تعبي وعديت
ترس إذني إسمعت ذمك وعديت
وگلت بلكي بعد عندك حميه
إهمومي مثل موج البحر ما جن
وتنيت إطيوفك إمنسنين ما جن
أو سماني سفيه العقل ما جن
أفرفح وإنته بس إتلوم بيه
ردت فد يوم أنصحك وإنته صاحي
أو أبد ما خذت شوري وإنتصاحي
صفه معثوث جسمي وإنته صاحي
إبعسل شفتك إيدب السكر بيه
الوكت غدار وسيوفه سناها
ونارك سهسه إضلوعي سناها
الناس إبكيف من اتمر سناها
وأنه بالنايبات إتمر عليه
**********************************************
كحل فنجان
كاظم العطشان
رِدْ بلطّيب دلاّلي...
وخذ منّي ابسواة الطيب دلاّلك
وَفُضْ هاي الشراكه اوياك
ودْعي بكل مِسَه العباس يبرالك
ولا ظلَّن عُمر مسجون
خوصة سعف بْسلالك
بعدْ ما بيّه ركّ الحيل
يلكلّك شباب وعافيَه احوالك
يغالي الشيب مَر جّناز
ونته ايعبّر الوكتين غربالك
عساك وي العساني البيه
والبيَّه...ويَ مِثل الصار يجرالك
ادگ چادر عزَه الثكله
ولا غنّي عله بحَّة ناي موَّالك
وحِسدَه الما يفز بالليل
هنيالك يخالي البال... هنيالك
ولا مثلي بكِحِل فنجان
يسگيني المراره ابفورة ادلالك
ولا مثلي السهر نيشان
منحوت اعله هدم الليل تمثالك
يشلاّل اليجِف بجفاك
يمته اعله العطاشه ايفيض شلاَّلك ؟
ولو... عمر الجزه الخمسين
ما عدّل رسْنَهه وسبُگ خيّالك
الك فدوه العذاب الراح
من لامت عِفَه عله الشوگ عِذّالك
حبيبي ومَبري كل ذمّه
اعله كل ونَّة ضلع مكسور من شالك
حبيبي... وسرّك وي الموت
اموت بسّرك الچتّال كونه ايصير چتّالك
ولا ننطر بعد شوّال
فك عاشور حزنه ابفجر شَوّالك
ولا فرگه ونِعِدّ أيام
فارگنه النظر شنسوّي بهلالك
درِد بلطيب دلاّلي
وخذ منّي اعله ذاك الطيب دلاّلك
*************************************************
ليلك اظلم
سليم عبد الفرحاني
گال عريان بجساره
لا تغمض ليلك اظلم
خلي عينك عالنطاره
الليل مچمن للذيابه
أو بيتك امسرد اهطاره
وٱنه بدلت التفگ بالراقصات
محاضن أو غنوة سكارئ
ومن تدچ بيه الأمور
اذب جوري عله الجگاره
وما اتوب
ارجع ال خرجية امي
وٱهتك حجاب الستاره
حتئ اكشخ من جديد
بهرجه. أو چذبة عياره
ومن ارد للكهف الاضلم
افتخر عندي حضاره
المهم صوت بمزاد
مو مهم. اخسر تجاره
مو مهم اهدم عماره
المهم اكسب رضه ال يعصر نبيذ
من كرومي أو من تموري الفاخره
وبكرم منه أو عطف يشكر عليه
احضئ باصناف الثماله النادره
هيه ساحة ركض والحاكم ضرير
بعيد عن خط النهايه أو عابره
شم عطر جذاب وانهارت قواه
واعلن الفائز. مونيكا العاهره
لا ني وي عريان ومحصل ورث
ولا ني وي حسقيل داري عامره
لا ني حامي الضرع واتريگ حليب
ولا ني ارجه الذيب اكسر خاطره
بيه طگات الوكت من كل مكان
لاچن اصرخ ٱلم موش امكابره
من عگب ما چان الي هيبه أو قرار
واول. المفتوگ الحم وٱخره
هسه إيد الباگني تصدر احكام
وٱنه انفذ هالحكام الجائره
عود وكلت المحامي الروزخون
گال اصبر. جوعگ أو صبرك
طريق الٱخره
جوعك أو صبرك
طريق الٱخره
*************************************************
حامد كعيّد الجبوري .. ذاكرة التراث وصوت الوجدان الشعبي
محمد علي محيي الدين
في مدينة الحلة، حيث تمتزج أطياف التاريخ بعبق الفرات، ولد حامد كعيد الجبوري في محلة الورديّة عام 1952، فكان كما الزهر ينهل من ماء الأرض ويصغي لصدى الذاكرة، لينشأ لاحقًا واحدًا من أبرز من أخلصوا للتراث الشعبي، وكرّسوا حياتهم للكتابة عن وجدان الناس، لا من وراء المكاتب المغلقة، بل من قلب الميدان الشعبي، حيث القصيدة نابعة من جرح، والمفردة مبلّلة بندى الحقيقة.
لم يكن حامد الجبوري شاعرًا شعبيًا فحسب، بل باحثًا ومؤرّخًا لتجربة الشعر الشعبي العراقي، وصوتًا لنبضه. إذ نذر قلمه للناس، فكتب عنهم، وكتب لهم، وأوفى للذاكرة العراقية بما استطاع إليه سبيلًا. لم يغره صخب الأضواء، بل كان يعمل بصبر الأنهار، يشقّ مجراه في وجدان الناس، ويترك أثره في كل من تتبع خطاه، أو أصغى لصوته. بعد تخرّجه من الكلية العسكرية سنة 1969، اختار لنفسه مسارًا غير تقليدي، فالتحق بالدراسة المسائية للغة العربية في الجامعة المستنصرية، ليجمع بين انضباط المؤسسة العسكرية ورهافة اللغة، وهو ما انعكس في مشروعه الثقافي الذي جمع بين الرصانة في التوثيق، والعذوبة في التعبير.
نشر الجبوري العشرات من الدراسات في التراث الشعبي في مجلات وصحف مرموقة مثل التراث الشعبي والصباح وطريق الشعب، كما كان له حضور رقمي كثيف في أبرز المواقع الثقافية العراقية والعربية، مما جعله قريبًا من جمهور واسع من القراء، ومن النخبة الثقافية على حد سواء.
وقد تولّى إعداد صفحات الشعر الشعبي في صحف الدستور والفيحاء الحلية، وكان صوته مألوفًا عبر أثير إذاعة بابل في برنامجه الشهير بستان الشعر الشعبي، الذي استمر لعشر سنوات، كما قدّم برنامج أغاني للوطن والناس من اذاعة اتحاد الشعب في بابل، مستنهضًا الذاكرة الجمعية، وموثقًا محنة الوطن وتطلعاته.
يعدّه بعض النقّاد من الجيل الذي لم يكتب الشعر الشعبي بوصفه تسلية لغوية، بل بوصفه مشروعًا ثقافيًا توثيقيًا. كتب عنه الدكتور صباح نوري المرزوك في أكثر من موضع، معدّدًا إسهاماته الفكرية والتنظيمية، معتبرًا إياه من روافد النهضة الثقافية في الحلة، إذ جمع في شخصيته بين الشاعر والباحث والمنظّم الثقافي. كما ينظر إليه كثير من النقاد كواحد من الأصوات المخلصة للبيئة الشعبية، التي تمكّنت من أن تحوّل التراث من ذاكرة شفاهية إلى مادة مكتوبة ومؤرشفة.
ويرى البعض أن تجربة الجبوري تمثّل مثالًا حيًّا للكتابة التي لا تنفصل عن حياة الناس، فهو لم ينعزل في برجٍ ثقافي، بل ظلّ يكتب من عمق المكان، ومن نبض أهله، مستشهدًا بمؤلفه المواكب الحلية الذي يعد دراسة ميدانية متميزة لوظيفة المواكب الحسينية في مدينة الحلة، بعيدًا عن الخطاب التقليدي، ومقتربًا من السوسيولوجيا الشعبية في أفضل تجلياتها.
ويشير آخرون إلى أن شعره في ديوانيه الخلود وضمير أبيض يتسم بوضوح العاطفة ونبل الموقف، وأنه لا يتورّع عن مناجاة الوطن في أحلك ظروفه، حيث تظهر مفرداته كأنها خيوط من حرير منسوج على منوال الوجع العراقي المزمن.
أسهم الجبوري بفعالية في الحياة الثقافية، من خلال مشاركاته في مهرجانات عراقية وعربية، وتنظيمه لمهرجانات نوعية بالشراكة مع وزارة الثقافة، كما تولّى أدوارًا قيادية في المؤسسات الثقافية، فكان عضوًا في اتحاد أدباء وكتاب بابل، ونائبًا لرئيس اتحاد الشعراء الشعبيين، ورئيسًا لجمعية البيت العراقي للشعر الشعبي.
كما أصدر مذكراته عن حرب تشرين 1973، متناولًا تجربته كضابط عراقي، كاشفًا عن جانب آخر من شخصيته التي شهدت التحولات العاصفة في تاريخ البلاد، دون أن تنكفئ عن واجبها التوثيقي.
ولا تزال كتبه القادمة مثل شخصيات وأماكن المنتظر صدورها، توحي بأن الجبوري لم ينهِ مهمته بعد، بل لا يزال حاملًا لمسؤولية كتابة التاريخ الشعبي للعراق، من نسيجه الحقيقي، لا من زيف الرواية الرسمية. في زمنٍ تشوّشت فيه الأصوات، ظلّ حامد كعيد الجبوري وفيًا لصوت الناس، لذا بَقِيَ حاضرًا، لا بالشهرة العارضة، بل ببصمة الروح العميقة. وهو أحد أولئك الذين كلّما تقادمت أعمارهم، ازدادوا شبابًا في ذاكرة الناس، لأنه كتب من أجلهم، لا من أجل المديح العابر.
**************************************************
الصفحة العاشرة
موخيكا وموفق محمد.. الفقر والشعر
د. سعد الحسني
ليس صدفة ان يموت خوسيه موخيكا رئيس الأوروغواي اليساري الافقر في العالم وموفق محمد الشاعر اليساري الافقر في العراق فكلاهما لم يساوما على مبادئهما بل بقيا يقارعان الظلم والفساد في العالم. موخيكا كان يعيش حياة الصعاليك، يسرق الطعام كي يأكل الفقراء. اما موفق محمد فقد كان يسرق الزمن ويراوغ السلطة كي يقدم للفقراء قصيدة الى ذاكرة المتعبين عسى أن يجدوا ما يقتاتوا به عوضاً عن كسرة خبز. موخيكا رفض راتبه كرئيس وتبرع بتسعين بالمائة منه للفقراء وموفق محمد تبرع بكل شعره للفقراء والمساكين وابن السبيل. وكان دائم البحث عن وطن لايطالبه به مخبر عن هوية... فالعراق بالنسبة له كان وحشة الغربة حين انتزع منه ابنه الوحيد. وحين كنا نستمع لشعره سرا وهو يخفي جراحاته ويأن بصمت المرايا كنا نخشى ان يتوقف قلبه يوما، وربما تخيلنا ان موخيكا يربت على كتفه، يواسيه بان الظلم واحد والقهر واحد والنضال واحد. فالحاكم الظالم كان لايخشى من سلاح الفقراء، منجلا كان ام مطرقة، بل كان يخشى من سلاحهم السري: الكلمة. فالحسين ثار من أجل كلمة/ وعدل عمر جاء من وراء كلمة/ وسيف علي ارتفع لأجل كلمة. وموخيكا قبع في السجن من أجل كلمة.. الحاكم أحمق حين تصور ان وضع موفق او موخيكا وراء القضبان سيمنع الشعر من التداول ويمنع الكلمة من ان تشرق حرية ونضالا. فالفكر لايمكن سجنه، والكلمة ولدت لتبقى حرة. اليوم مات موفق ولم يزل صدى كلماته يزداد كلما امعن الدفان في تعميق قبره. واذا أراد أحد ان يقيس قيمة كلمة فلينظر لسعر سيارة الفولكسواكن المتهالكة لموخيكا وكم بلغ ثمنها بالمزاد وهي سيارة قديمة الطراز جدا. هل من سيشتريها سيفكر بها ؟ ابد بل سيفكر بمالكها الذي اذل بخطاباته وأفعاله السلطات الفاسدة. وحين رحت استقصي عن ممتلكات موفق محمد لم أجد فيما تركه وراءه سوى تمثال أقامه اهل الحلة الطيبين له، وفي كل مرة كنت انظر فيها إلى التمثال يتردد في خاطري بيتا من الشعر..
لا تجرح التمثال في احساسه
فلكم بكى في صمته تمثال
موفق ربما أراح بموته الفاسدين الذين كانوا يتهكمون غيظا من كلماته ويتهَمونه بالشاعر السكير ولكنهم غضوا الطرف عن الحشيش والافيون الذي يتاجرون به فسوء السلطة لا تخضع لتفتيش الكمارك. فقط كلمات الشعراء الاحرار تصادر عند الحدود، ووراء الحدود، وداخل الحدود. السلطة التي لا تعرف الحق والعدل والمساواة الا بالعباءة والمسبحة؛ تخشى من كلمات شاعر يعرفها بلغة الفقراء والمحتاجين. مفارقة ان يختار موفق محمد الزمن نفسه ليلتحق برفيق فقره موخيكا، ربما ليتسامرا في وحشة الانتظار.
*****************************************************
موفق محمد.. الغائب الذي يظل حاضرا
علي حسن الفواز
لا تعني الذاكرة خزّانا مجردا للأفكار والمعلومات، بل تعني ايضا بيتا وسيرة وزمنا وجوديا واحلاما، وعلى نحوٍ يُمكّنها من أن تمارس فعل الاستعادة واليقظة وكأنها تمارس نوعا متعاليا من الاركيولوجيا، تكشف من خلالها عن المخبوء، بوصفه زمنا ابداعيا، وحياة لا يسرقها الموت من الوجود.. موفق محمد كائن متمرد على الذاكرة، فهو لا يذهب الى خزانها، ولا الى مقبرتها، يكتب بلغة صاحية، وبقلق من يبحث في الشعر عن المعنى الصاخب، وعن الغائب الذي يمثل هاجسه الأكبر.
استحق كثيرا من الالقاب، لكنه ظل يحمل لقب موفق محمد الشاعر الغامر بالأسى، والمدسوس داخل اللغة وكأنه يحمل معه اصابع من الديناميت، كلما تلامسها استعاراته تتفجر، وكلما جاهر باستعادة غائبه، اكتشف مزيدا من اسرار الموت والخوف والتاريخ، وكأن هذه الاشياء تعيش لصق قميصه، ولصق غائبه الاسطوري الذي يتسلل الى اللغة/ القصيدة ليفضح ذاكرتها، وليرمي على الوقت، بما فيه الوقت الثقافي حجرا كبيرا، يتشظى ما فيه من الراكد في التاريخ، والمخفي في السياسة، والهارب الى المقبرة..
في لغة موفق محمد نعثر على زمن آخر، وعلى سيرة أخرى، فهو يكتب بلغة مكسورة، لكنها متوهجة، تستغرقها كوميديا البلاد والجسد والمقبرة، فيستعيد عبرها صور العابرين الى حروبهم القاسية والى غيابهم الغرائبي، مثلما يكتب مرثاته الشخصية وكأنها مرثاة البلاد التي اخذها المحاربون واللصوص والقتلة الى الجحيم، فعلقوا جسدها الفضي مثل ذبيحة، سرقوا عينيها لكي لا ترى، وقطّعوا ايديها لكي لا تتعرّف على القميص المقدود من الجهات الخمس...
لقصيدة موفق محمد حساسية غريبة، فهي تترك قارئها مسكونا بالشجن والأسى، فتدفعه الى أن يحكّ اللغة مثل طرسٍ قديم، تلمع عبرها الاستعارات والمجازات والكنايات والسير، حيث يتساقط ازاءها التاريخ، فاضحا زمنا عراقيا سقط في جبّ الحروب الانقلابات والفجائع من قرون، وليسقط معه محاربون ظلوا يشدّون ذاكراتهم وكأنهم يصنعون منها سجنا، وطامورا حتى لا تهرب الاصوات المخنوقة منهم، ولا تسلل الارواح لتمارس احتجاجها على تاريخ الفجائع الذي انتمى اليه موفق محمد بامتياز..
رحل الشاعر ولم يرحل، فما بين الرحيل وعدمه تبدأ الذاكرة الوطنية بتدوين السيرة، وتكشف عن علاقة موفق محمد بهذا البين بين، وبالأجيال الشعرية التي ذهبت الى المغامرة والى التجريب، تخفي خلالها هواجس الزمن الشعري القلق، والزمن السياسي الضاغط، لكنه تعالى على الذهاب، ليتشهى ذهابا الى عالم آخر، تمرد عليه بسرعة، وبغضب، ليجد نفسه وحيدا أمام وجع مفتوح، وميتات تتكرر، لم يستطع الشعراء احصاءها، لأنها ميتاتهم ومصائرهم المتروكة عند الحافة ابدا..
مات موفق محمد، لتنكشف القصيدة وكأنها اصيبت بذبحة قلبية، فما ارتعش فيها هو الوجع، وما احتج فيها هو الشاعر الموجوع الذي علّق الذاكر سرير المشفى، وكأنه حبل غسيل، ليفضح كل شيء، العالم والسلطة واللغة والجسد، فكان موته وكأنه موت بلاد بأكملها، وهذا ما جعل الجميع يحضر ليبكوا غياب التراجيديا العراقية التي طالما استفزتهم وتركتهم عند ذاكرة مذبوحة، بطلها الغائب الذي لا يحضر الّا عبر القصيدة، لكنه بمزاجِ حضورٍ دام، يشاطره الجمهور الذي تعوّد أن يصغي، وأن يبكي وأن يرى العراق المحارب والمذبوح من خلال قصائده.
لا أظن أن لموفق محمد جيلا شعريا، فهو عابر للزمن، وماكث في القصيدة، جعلها شاهدته واليفته، يؤانسنها، يشاغبها، يستعير لها قاموسا من المراثي والمدائح، قد لا تشبه ما في قاموس الشعراء في الستينيات والسبعينيات ممن اكلتهم الايديولوجيا.
ظل موفق يحمل شهادة خاصة، وقلقا خاصا، صحيح أنه انتمى من خلاله الى ايديولوجيا الحلم، والى الفقراء من يساريي العراق الحالمين بافراط، لكنه ظل يرى العالم من ابواب سرية، هي ابواب عالمه الشعري، عالم اللغة التي جعلها هيدغر الفيلسوف بيتا للسكنى العظيمة..
***************************************************
موفق محمد.. جذور المدينة المتينة
رعد كريم عزيز
استطاع الشاعر موفق محمد ابو خمرة ان يمد جذور قصيدته وحياته بمدينته الحلة الى اعماق غائرة ,لذا توثقت علاقته بالناس حتى اصبح واحدا مميزا بطريقة شعره وضحكته، وهذه ميزة لا يملكها الا النجم التلفزيوني او السينمائي ,ومما ساعده على تاثيث شهرته وامتداد شعره الى افاق واسعة في المدينة الغافية على نهر الفرات علاقته بمهنة التدريس الثانوي التي وفرت له جمهورا شبابيا نشطا صفق لشعره واصغى لطريقة تدريسه الفريدة وتطويع الشعر الشعبي والغنائي في حشاشة الشعر الفصيح ,واصبحت قصيدته المحتدمة جاذبة لاعداد غفيرة في العراق سيما بعد انتشار الاتصالات الحديثة وتسليط الاضواء الاعلامية على شخصيته ومسعاه الادبي وكذلك في المحافل الادبية الكثيرة ,وساهم هذا التلاحم الجماهيري في عدم الخشية من الرقابة وفتح الابواب على مصراعيها لمشاهد الغياب والمقابر الجماعية وهو يسأل عن مصير ابنه عدي الذي غاب في تراب العراق من دون قبر او شاهدة, وكذلك سوء الاحوال ورفع اصابع الاتهام لكل سارق ومخرب ,وتعالى الحماس ووصل الى نصب تمثال له وسط المدينة وهو حي ..ماذا يريد الشاعر اكثر من هذا الاحتفاء؟
حكاية صورة:
ومن خلال تجربة واحدة في احد المرابد في تسعينات القرن الماضي سكنا في غرفة واحدة بفندق المنصور ميليا فاصبحت الغرفة مضيفا وديوانا مفتوحا للاصدقاء ,الراحل قاسم عبد الامير عجام والشاعر هادي الناصر ابو شموس والشاعر والمهندس حيدر الفيحان والصحفي والروائي لاحقا جمال العتابي و الراحل المذيع احمد المظفر والشاعر سلمان داوود محمد والروائي طه حامد الشبيب والمصور سعد جاسم الزبيدي قبل سفره الى فرنسا والذي كان يملك ستوديو في عمارة جقمقجي في بداية شارع الرشيد فكان اقتراحة صورة جماعية فكان من اليمين قاسم عبد الامير عجام وكاتب السطور في الوسط وعلى اليسار الشاعر موفق محمد وفي المقدمة المصور سعد جاسم الزبيدي حيث تم توقيت الكاميرا لاخذ صورة سيلفي بالطريقة القديمة.
تلك الايام كان للصورة قيمة زمنية كبيرة فكان التوقيت يذكرنا قبل اليوم بالراحل قاسم عجام واليوم اصبحت بين راحلين اقسم الدموع بين قاسم وموفق الذي جمعتنا به اكثر من جلسة في قناة الحرة عراق مع الاعلامي فلاح الذهبي والصحفيان فاضل النشمي وقيس حسن حين حل ضيفا على برنامج سيرة مبدع من تقديم الشاعر عارف الساعدي.
موفق محمد لا ينسى بسهولة فهو يعيش بين الناس انسانا خفيف الظل وشاعرا يقلبك على نار من الوجع العراقي اللاهب وعلى حد تعبير صديقنا حميد عبد الرضا نزام مخاطبا موفق محمد وكانه لم يمت"دخلت قلوب الناس ودفنت في افئدتهم قبل ان تدفن في مقبرة السلام".
يا موفق الى لقاء في تراب لم يرحم اقدامنا المتعبة من الحروب والهم والسعي نحو الحرية والسلام.
*************************************************
موفق محمد: حزن بلبل عراقي
طه الزرباطي
في جلسة عن الشعر والحزن ضم مجلسنا الصغير موفقنا قيل من هو ((احزننا )) بلا تردد قلت موفق محمد، في صمت مرتقب اصطدمت بنظرات الاخرين ومنهم الراحل ابراهيم الخياط، مد يده المرتعشة لتعانق يدي،كانت حارة كيد ابي ، قلت حتى جسده (يكوي) من فرط بركانه، فابتسم حزينا ، انه الشاعر المعجون بحزن العراق، لا يختلف عن بلبل عراقي حزين ،كان يخفي معظم حزنه في سرعة بداهته ، في مُزحته ، في سخريته المُرةِ ،في ثورته الوطنية التي ما فارقته، في قصيدته التي تلتجئ الى الشعبي حين يغضب اكثر، او يحزن اكثر ،موفق كان بركانا ،لذلك قلت حين يمزح ،او يسخر يملأنا فرحا ؛ لكن حين نتأمل اكثر نكتشف جمرهُ المكنون تحت الرماد ، هكذا كان كما ارى انسانا طيبا جدا ، مزاجا متقلبا جدا ، طيبا معجونا بالطين الحرِّي لهذه الارض التي قيل انها ارض السواد ،انه اكبر حزنٍ انتج شعرا ، بل اعاد انتاج الهم العراقي،بروح انسانية شفافة ،مزج التراب الوطني العراقي بالدمع فانتج طينا حريّا اسمه الشعر حتى في اكثر لحظاته مزاحا،وخفة نفس وروح...كان صادقا جدا في الهم الجمعي ، وكان يهوى الموت وربما تمنى ان يصطاده الغدر في كل لواعج شعره الوطني ،حزنا ورثناه جميعا ،لكن ربما كان حصة موفق محمد اعظم منا،ربما تعاظم حين فقد ولده ...كان اكثرنا حساسية للهم ،وكان ماردا ثوريا ...آن لك ان تنام ، هأنت تعود للتراب العراقي ،عانقه كما فعلت، نم ايها الشفاف ،المتقد ، لتهدأ ثورتك الآن ، ليقف نزيفك ، ستخسرك الحلة كثيرا ، سيفتقدك تمثالك هناك ، سيشتاق لك شط الحلة ويردد ما قلته شعرا ولم يكتب ...
نم ايها الكبير ،احببناك جدا وهذه ثروة عظيمة لا يمتلكها كثر ...
نم ايها الدفء الحنون ...
نم موفق محمد.. هكذا فجأة.. نام.
***********************************************
موفق محمد: الناطق الشعبي
جبار الكواز
في اللحظات الأولى لوصول خبر وفاة شاعر الحزن العراقي موفق محمد ايقنت ان موفقا لم ولن يموت.. فبقصائده التي كتبها طيلة حياته ربط حياته بمصير شعب احبه وتعلق به بوصفه الناطق الشعبي عن أحزانه واشكاليات واقعه الأسود الذي أصبح ملعبا للفاشلين و المتصيدين والخائنين واللاعبين على حبال السيرك السياسي .هكذا سيظل موفقا صوتا عراقيا طهورا ضد موقف الموت الجماعي والتهميش والخيانة وصوتا حانيا لجموع الفقراء الذين أفدوا الوطن في حروب أنظمته السياسية التي صيرت الشعب العوبه القهر بالموت تحت نيران حروب عبثية لا ناقة للشعب والوطن بها..لم يكن موفقا منذ طفولته وصباه وشبابه وكهولته الا عراقيا بسيطا محبا للوطن وللناس ولم يدخل الالعوبة السياسية المتصا رعة على النفوذ والمصالح عاش فقيرا ومات فقيرا الا من حب الناس له.. كان رائد مجموعتنا في شعره الوطني الاحتجاجي الشجاع ناذرا نفسه وقلمه ومستقبله في خدمة الشعب والدفاع عن حقوقه بكشف زيف الحكومات المتعاقبة على حكمه ظلما وبهتانا..
ستبكي الحلة بكل شعبها على موفق ابنها البار وسيبكي العراق عليه بوصفه الصوت الوطني العابر للزمان والمكان في اللحظة التاريخية القاسية التي يعيشها وطنه وشعبه.
*******************************************************
مُوَفَّقٌ ماتَ يا شَطَّ الْحِلَّةِ
عادل الياسري
ما لَكَ يا شَطَّ الْحِلَّةِ ؟
ما لِلْمَوْجَةِ حاسِرَةَ الرَأسِ
عَلى الْخَدِّ دَمْعَتها
وفي الْروحِ غَصَّةْ
هَلْ أنَّ الْوَجَعَ الْنائِمُ فيكَ
ساوَرَهُ أنَّ الْمُشَيِّعَ
حَدا بِالصَوْتِ
تَدافَعَ السائرونَ في الْمَوْكِبِ
وَهُمْ يَزِفّونَ الْمُغَنّي
لِمِقْبَرَةِ الْسَلامِ التي حاوَرَها
وجاوَرَها
مُذْ أَنْبَتَتْ أَظْفارَها الْمَنِيَّةُ في لَحْمِهِ
وَفي الْقَلْبِ
إذْ سَرَقَتْ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ طَلْعَهُ الْبِكْرُ
حازَتْهُ لِتُرْبَتِها
بِلا قَبْرٍ
ولاخَبَرٍ
ما لَكَ أَيُّها الْشَطُّ
هَلْ جاوَرَكَ الْحُزْنُ مِثْلَ الأَحِبَّةِ؟
مُوَفَّقُ لَمْ يَعُدْ يُغَنّيكَ
وَلا تَراهُ مُحاوِراً "بَدْرِيَّةَ "
الَّتي عَجَنَتْهُ مِنْ طينِها
مُوَفَّقُ الْيَوْمَ بَيْنَنا
دَمْعَةٌ
وَآهَةٌ حَرّى عَلى وَجَعٍ خَسِرْناهُ
عَلى لِسانٍ يَصوغُ الْشَتيمَةَ لِلْمُشْرِفينَ عَلى الْلُّعْبَةِ
لِلْحاكِمينَ وَهُمْ يُوَدِّعونَ الْراحِلينَ بإبْتِساماتِهِم
وَبِالْكَراسِيِّ الّتي يَتَبادَلونْ
يا شَطَّ الْحِلَّةِ مَعْذِرَةً
مُوَفَّقٌ ماتَ
ماتَ الْمُوَفَّقُ
أرى حِشودَ الْدَمْعَةِ زاحِفَةً
عَلى خَدَّيْكِ أَيَّتُها الْحِلَّةْ
****************************************************
الصفحة الحادية عشر
أليف شافاك: الكتابة الخطر!
قالت الروائية التركية أليف شافاك، والمغتربة الآن في لندن اثناء مشاركتها في مهرجان أقيم هناك:
" ألجأ الى مخيلتي وألوذ بها من الواقع، وأضافت: تجربتي تكشف تصدع الديمقراطية، لكن معركتي مستمرة للدفاع عن الذاكرة وحقوق النساء وحرية التعبير.. ان تكون روائياً.. تجربة ثقيلة، وقد يجد فيها الروائي نفسه امام المحاكم والملاحقة".
وكانت شافاك قد تعرضت للمحاكمة والى حملة تشهير كانت شديدة الوطأة عليها.. وذلك بسبب روايتها الفذة "لقيطة إسطنبول" – ترجمت الى العربية – التي ادانت فيها الظلم والفساد والقمع.
ودعت شافاك في حديثها الى "عدم فقدان الذاكرة الجماعية، ونرفض ان يعلموننا على الصمت".
********************************************
ما بينَ النَّابغةِ والنُعمان
سعيد عدنان
ضنّتْ كتبُ الأدبِ بالحديثِ عن نشأةِ النابغة الذُّبيانيّ، مثلما ضنّتْ بالحديث عن نشأة غيرهِ من الشعراء القدماء؛ فأغفلتِ الموضعَ الذي تُنسجُ فيه عناصرُ النفسِ وأركانُها ، ويكونُ لها، من بعدُ، مددًا في بناءِ الرؤية وإنشاء الموقف. وإنّما كلُّ ما جاءت به تلك الكتبُ هو شعرُهم ، وبعضُ أخبارِهم حين يظهر أمرُهم، ويستوي الشعرُ على ألسنتهم؛ ولو عرفنا النشأةَ وعناصرَها لكانت لنا مادّةٌ سنيّةٌ تفسّر، بنحو ما، مناحيَ الشعرِ عندهم، ومذاهبَهم في الأخذِ به، ونوازعَهم التي تنزع بهم إليه؛ ذلك أنّ الشعرَ، في حاقِّ أمره، مغموسٌ في طيّات النفسِ، مختلطٌ بنسيجها؛ ينبثق عنها كلّما أراد أن ينبثق.
على أنّ كتبَ الأدب، حين تحدّثت عن النّابغةِ قالت:"هو أحدُ الأشراف الذين غضَّ الشعرُ منهم . وهو من الطبقة الأولى المقدّمين على سائر الشعراء." وقالت: إنّه كان يتقلّب بين الغساسنةِ في الشام، والمناذرةِ في العراق ، وإنّه كان سفيرَ قومه كلّما اقتضى الأمرُ سفارةً . وإنّ رباطًا وثيقًا كان بينه وبين النُّعمان بنِ المنذر؛ إذ كان يمدحُه فيُجيدُ مدحَه، وكان النُّعمانُ يُجيزُه فيُعْظمُ جائزتَه. وقالت: إنّه كان، من أجل ذلك، محسّدًا، يسعى به أعداؤه عند الملك، ويُدير الوشاةُ الكلامَ عنه صدقًا وكذبًا، وينالون منه؛ فكان أن أحفظوا النعمانَ عليه، وشحنوه موجدةً؛ فأخذ ما بين الشاعرِ والملكِ يهي، وشرعَ الحبلُ يرثُّ؛ فانقلبتِ المودّةُ معاداةً، وصار الصفو كدرًا؛ حتّى إذا استعلن الأمر خشيَ الشاعرُ فاستخفى من الملك، ولاذ بدياره التي أتى منها، ثمّ أنشأ يعتذر ويطلب الرضا .
ولقد كان للنّابغة أن يقطعَ ما بينه وبين النعمانِ، وأن يدعَه في شأنه، وأن يظلَّ في محيط قبيلته وهو سيّدٌ من سادتها موفورُ الكرامة فيها، وكان له أن يجدَ عند الغساسنةِ ما يحبُّ من صحبة الملوك ، وهم أهلُ حفاوةٍ به وإقبالٍ عليه؛ لكنّ غضبَ النُّعمان ظلّ يُقلقه، ويشرّدُ نومَه، ويبعثُ المخاوف في نفسه؛ فأخذ يعتذر، ويقول القصيدةَ تلو القصيدة مادحًا معتذرًا ، يُريد أنّ يردَّ النعمانَ إلى الرضا، ويمحو السخيمةَ من نفسه. وقد عُرفت قصائدُه تلك بالاعتذاريّات، واشتهرت في الأدب العربيّ كلّه، وحازت المنزلةَ الرفيعة في بابٍ قلّ من ولج فيه من الشعراء حتّى صار النابغةُ بها سيّدَ الاعتذار البصيرَ بمداخله ، ومواضعِ الإجادة فيه . فلقد قال فيه :
أُنبِئتُ أنّ أبا قابُوسَ أوعدني ...
ولا قَرارَ على زأرٍ من الأسدِ
مهلًا فِــداءً لكَ الأقــوامُ كلُّــهمُ ...
ومـا أُثَمّرُ مـن مـالٍ ومـن ولـدِ
لا تقذِفَنّي برُكــنٍ لا كفاءَ لــه ...
وإن تـأَثّفــــَكَ الأعــــداءُ بالـرفــــدِ
وقد جعل الأبيات قائمةً على مزيجٍ من المحبّة والمَخافة بحيث لا تنفصل إحداهما من الأخرى، وظلّ ، من بعد، كلّما اعتذر إلى النعمان أقام اعتذاره عليهما معًا ؛ إذ يختلج في نفسه، إزاءَه ، الحبُّ والخوفُ؛ وقلّما كان ذلك لشاعر مع ممدوح !
وقال في قصيدة أخرى وقد استبدّ به هَمٌّ شاغلٌ فأخذ في تبيّنِ أسبابه :
وقــد حـــالَ هَـمٌّ دون ذلكَ شـــاغلٌ ... مكــانَ الشغافِ تبتَغيهِ الأصابِـعُ
وعيدُ أبي قابوسَ في غير كُنههِ ...
أتاني ودوني راكـــسٌ فالضواجـعُ
فبِتُّ كأنّي ساورتنـي ضئيـــــلــةٌ ... من الرُّقْش في أنيابها السُّم ناقعُِ
فإذا بها الخوفُ من وعيد أبي قابوسَ يُقِضُّ مضجَعه ، ويردّ عنه النومَ ، على بُعْدِ ما يفصلُه عن النُّعمان من أرضٍ شاسعةٍ ممتدّة يحجزه فيها عنه راكسٌ والضواجع ؛ فلا يملك ، مع كلِّ ما يتخلّجه ، إلّا أن يظلَّ يتّخذُ إليه الوسيلةَ تلوَ الوسيلة لكي يرضى ، ويجعلَه بحيث كان عنده :
فـــلا تترُكَنِّـــي بالوعيــــد كــأنّنـــــي ... إلـى الناسِ مَطْلِيٌّ به القارُ أجربُ
ألــم تَرَ أنّ الله أعطــاك سَــــورَةً ... تــــــرى كــــــــلَّ مـــَلْـــكٍ دُونَـــها يتَـــذَبْــذَبُ
بأنّك شمــسٌ والملوكُ كــواكبٌ ... إذا طَلَـــعتْ لــــم يَبدُ منـــهُن كــــــوكـبُ
وفي موضع آخر يبدو له النعمانُ كأنّه نهرُ الفرات في طُغيانه المتدفّقِ المُخيفِ ، وفي سَيبه الغزير :
فمــــــا الفُـــــــراتُ إذا هبّ الرياحُ له ... ترمــــي غــــــواربُـــه العِبْــــرَينِ بالـــزَّبَــــدِ
يمــــــــدُّه كـــــــــــلُّ وادٍ مُتْـــــرَعٍ لـــَجِــــــبٍ ... فيـــه رُكـــامٌ مــــن اليَنْبــــوتِ والخَضَــدِ
يظَلُّ من خَوفهِ الملّاحُ مُعتصِمًا ...
بالخَيزُرانةِ بـعدَ الأَينِ والنَــّجَدِ
يومًا بأجودَ منه سَـيبَ نافلةٍ...
ولا يحولُ عَطاءُ اليومِ دُونَ غدِ
وظلّ النابغةُ يرجو أن يُرضي النعمانَ ، وأن يمحوَ من نفسه الغضبَ ؛ لكن لِمَ أراد ذلك وأوقفَ كثيرًا من شعره عليه ؟
أهو الخوفُ من النعمان ؟ ، أم الطمعُ في جوائزه ؟ ، أم شيء آخر كان يُقلق الشّاعرَ، ويجعلُه يسعى لحيازة الرضا ، واسترجاع المودّة ؟
" قال أبو عبيدة : قيل لأبي عمرو : أفمن مخافتهِ امتدحه وأتاه بعد هربهِ منه أم لغيرِ ذلك ؟ فقال : لا لعَمرُ اللهِ ما لمخافته فعل ؛ إنْ كان لآمنًا من أن يوجِّه النعمانُ له جيشًا ، وما كانت عشيرتُه لِتُسلمه لأوّل وهلةٍ ، ولكنّه رغِب في عطاياه وعصافيره . وكان النابغة يأكلُ ويشرب في آنيةِ الفضّةِ والذهب من عطايا النعمان وأبيه وجدّه ، لا يستعملُ غيرَ ذلك ."
وكان لهذا القول أن يستقيمَ ، وأن يفسّر حرصَ النابغةِ على رضا النُّعمان ؛ لولا أنّ النابغةَ ، حين انتهى إليه نبأُ مرضِ النعمان، فزِع ، وارتاع ، وضاقت به الأرض ، وأنشأ يقول :
كَتَمتُكَ ليلًا بالجَمُومينِ ساهرًا...
وهمّيـــــنِ همًّا مُستـكِنًّا وظاهِرا
أحاديثَ نفسٍ تشتكي ما يَريبُها ...
ووِردَ هُمُومٍ لن يَجِـــدنَ مصادِرا
تُكَلِّفُني أن يُغفلَ الدهرُ همّــَها ...
وهل وجدَتْ قبلي على الدهرِ قادِرا
ألَمْ ترَ خيرَ الناسِ أصبحَ نعشُه ...
على فتيــــةٍ قــد جاوزَ الحـــيَّ سـائِرا
ونحنُ لديه نسألُ اللهَ خُلدَه ...
يردُّ لنا مُلكًا ولــــلأرضِ عامِرا
وليس بخافٍ ما وراء هذه الأبيات من حبٍّ وأشفاق ؛ على أنّه ، حين سمِع النبأ، لم يستقرّ به مكانٌ حتّى جاء إلى قصر النُّعمان، ووقف على حاجبه عصام وجِلًا ملتاعًا يقول:
ألمْ أُقسِمْ عليكَ لَتُخبرَنّي ...
أمحمولٌ على النعشِ الهُمامُ
فإنّي لا ألومُك في دخولي...
ولكنْ ما وراءك يا عصامُ
فإن يهلِكْ أبو قابوسَ يهلِكْ ...
ربيعُ النـاسِ والشهرُ الحرامُ
ونُمسكُ بعده بذُنابِ عيشٍ ...
أجبَّ الظَّهر ليـس له سَنامُ
وكان من القدماء من يقول : " إنّ السببَ في رجوعهِ إلى النعمانِ بعدَ هربهِ منه أنّه بلغَه أنّه عليلٌ لا يُرجى ؛ فأقلقَه ذلك ، ولم يملِكْ الصبرَ على البُعد عنه مع علّته وما خافه عليه ، وأشفق من حدوثه به ، فصار إليه وألفاه محمولًا على سريره يُنقل ما بين الغَمر وقصور الحيرة ."
فليس الخوفُ المحضُ ، أو الطمعُ الصرف كان يحكمُ ما بين النّابغةِ والنُّعمان ؛ وإنّما قصائده في اعتذاره تنبئ عن خوفٍ يمازجه حبّ ، وعن حبٍّ يتهدّده خوف ؛ ولعلّ من وراء ذلك أنّ النّابغةَ رأى في النُّعمان وهيبته وعطائه ودنوّه منه ؛ صورةً قديمةً موغلةً في الماضي البعيد كان يحبّها ويخشاها ، فأراد أن يستعيدَها ، وأن يلمّ أطرافَها المنتشرة في شخص النُّعمان ! أكاد أقول إنّها صورةُ أبيه الضائعةُ في جنبات الزمان !
أفيكون في ذلك ما يفسّر الخوفَ والحبَّ والإشفاق ، والحرصَ الحريصَ على الرضا ... ؟!
**************************************************
رأي في أزمة الهوية الثقافية الوطنية
محمد باسـم
حين أفكر في العراق، لا أراه مجرد رقعة جغرافية محدودة، بل أراه كائناً مجروحاً، يحمل في داخله هويات متعددة تبحث عن معنى، عن وطن، عن مساحة للانتماء. العراق لا يعاني من غياب الهوية الثقافية، بل من تضارب الهويات. لدينا فائض من الانتماءات، ونقصًا في الشعور المشترك بالانتماء للهوية الوطنية.
تاريخياً، لم يُصغِ أحد لصوت الأغلبية الصامتة من العراقيين. منذ تأسيس الدولة العراقية في عشرينات القرن الماضي، حيث كانت الهوية العراقية دولة نخبوية لم تعكس تعدد الهويات الثقافية للمجتمع. ولم تُبْنَ المواطنة لتحتضن التنوع، بل لتُسيطر عليه هوية دون سواها. البعث مثلاً حاول أن يصنع هوية قومية واحدة بالقوة، لكن ما حصل فعلاً هو تعميق الإحساس بالانفصال الداخلي وعدد من المهمّشين. هذا الفشل في الاعتراف بالتعدد لم يؤدِ فقط في تمزيق الهوية الوطنية حسب، بل زرع في نفوس العراقيين شعوراً بأن الدولة ليست حيادية، بل أصبحت طرفاً في صراع الهويات.
وبعد الاحتلال الأميركي، انقلب المشهد، فلم تعد الهويات الفرعية ممنوعة، بل أصبحت رأسمالاً سياسياً. الطائفة تحولت إلى انتماء عنصري، والعشيرة عنصرية من طراز آخر، والقومية إلى انحياز فئوي. لم يعد الانتماء للعراق شرطاً للتمثيل السياسي، بل الانتماء لـ"مكوّن". وهذا أخطر ما في الأمر. فبدلاً من بناء هوية ثقافة وطنية تستوعب الجميع، تحولت إلى سباق بين المكونات، كلٌ يبحث عن حصته من "الدولة الغنيمة". والخطابات التي كان من المفترض أن توحّد، أصبحت منصات للتخوين والتذكير بالدماء والتاريخ المثقل بالصراعات.
وبات التنوع الثقافي مشكلة وضياعاً يلازم المجتمع بدلا من ان يكون هذا التنوع سبيلاً لبناء نسيج ثقافي غني، بل تم تفكيكه واستغلاله لبناء جدران من الكراهية وتم التلاعب بالذاكرة الجمعية، وتحول الاختلاف إلى أداة تعبئة وخوف وانتقام وحذر وتفرقة ولم تعد هناك ثقة بين طرف وآخر.
هذا التمزق نلحظه في المدرسة والكلية والشارع والاعلام وضاعت الهوية الثقافية الوطنية، ولم نعد نسمع "كلنا عراقيون"، من هذا المذهب وهذه الفئة.
الحل لا يكمن في طمس الهويات الفرعية، ولا في الترويج لخطاب "الوطن فوق الجميع" بشكل ساذج، بل في بناء هوية ثقافية عراقية مرنة، تحتضن التعدد وتحوله إلى قوة. هوية تُبنى على أساس المواطنة والعدالة لا الانتماء الطائفي أو الجغرافي. ولا بد ان نعنى بتاريخنا الوطني لا المجزأ وان نحتفي بالاختلاف لا ان نشظيه. ان أزمة الهوية الثقافية في العراق ليست قدراً نهائياً، لكنها جرح مفتوح به حاجة إلى رؤية وطنية حقيقية ليلتئم، فالهوية ليست شعارًا نردده، بل شعور بالانتماء إلى كيان عادل.
***********************************************
لوحة "الفتى في البطانية – غزة" للفنان الأمريكي براين كارلسون غزة.. الجسد الذي خذله العالم!
حميد عقبي*
في خضم الضجيج العالمي المتواطئ مع الحروب والتطهير العرقي، وفي زمن تتناسل فيه المآسي كأنها أخبار ثانوية، يأتي الفن عند براين كارلسون كفعل مقاومة جمالي وروحي إنساني بالمقام الأول، مستقل وبعيد عن أي تبعية أو أيديولوجيا. لوحة "الفتى في البطانية"، التي رسمها عام 2024 (أكريليك على قماش)، تأتي بمثابة شهادة بصرية على مأساة غزة، وتمثل تكثيفًا صارخًا لجسد الطفولة الفلسطينية الملقى على هامش الضمير العالمي.
الفن كصرخة أخلاقية
لا يقدم براين كارلسون في أعماله مشاهد توصيفية باردة، لكنه يضع المشاهد في مواجهة مشهد لا يمكن التهرب منه: في هذا العمل، جسد فتى، شاب صغير ملفوف ببطانية، وقد استحال وجوده الهش إلى رمز إنساني مؤلم. ليس هذا جسدًا ميتًا فحسب، بل صرخة مرئية في وجه كل أولئك الذين صمتوا.
البطانية: القماش الذي لا يحمي
تبدو بطانية في ظاهرها بينما هي ليست سوى غطاء وهمي، مجازيًا وجسديًا. قد تكون من القماش، لكنها لا تقي من الموت. نجدها تغلف الجسد الذي خذله العالم. الشاب الصغير لا يبدو نائمًا ولا حيًا تمامًا، ملامحه بين الحياة والموت، بين الغضب والانكسار، وجهه ليس مطمئنًا، بل يصرخ بعينين واسعتين: "لماذا؟ أنا وعشرات الآلاف نموت". في هذا المشهد، تعود فكرة المسيح المصلوب، ليس بوصفه مخلّصًا سماويًا، بل كرمز إنساني للخذلان الأكبر، حالة تتكرر كل يوم مئات المرات، وليست تاريخًا ولا حكاية دينية قديمة.
سيميائية اللون والضوء
يستخدم براين تدرجات داكنة في الخلفية لتأطير الفتى بلون الموت: رمادي، بنفسجي، أزرق داكن، كلها ألوان تعبّر عن البرد، الوحدة، والهلع. أما البطانية، بلونها الأبيض المائل للرمادي، فلا توحي بالسلام، بل بالتحلل. لا بياض مطمئن، بل بياض مريض، كأن الحياة قد انسحبت لتوها من الجسد.
الوجه في قلب المشهد
يركز براين بشدة على ملامح الوجوه في أغلب لوحاته، وفي هذه اللوحة يرسم وجه الضحية بدقة تؤلمنا. لا نجد بها ملامح احتضار تقليدية، بل وجهًا طفوليًا مدهوشًا، كأنه لم يصدق أن النهاية جاءت سريعًا، وأن العالم تخلّى عنه. هذه الملامح تشبه إلى حد ما وجوه الأطفال في لوحات عصر النهضة الدينية، ولكن من دون القداسة النمطية المزخرفة؛ هنا الطفل إلهي لأنه إنساني، لأنه شهيد المعنى، لأنه لم يحمل سلاحًا ويرغب في الحياة.
البنية الرمزية: من الفرد إلى الكوني
الطفل الفلسطيني هنا لا يمثّل نفسه فقط، بل يحمل داخل البطانية جراح غزة، اليمن، سوريا، العراق، وجراح الطفولة في قوارب الموت، في مخيمات اللجوء، وفي أزقة المدن المنسية. البطانية تتحول إلى كفن رمزي للعصر، إلى ملاءة خزي تفضح عورات العالم.
بين العزلة والصمت
براين لا يمنح المتلقي فرصة لتلطيف المشهد. لا مشاعر مرتبة، لا مؤثرات درامية مصطنعة. فقط جسد واحد وصمت كثيف. لا نجد في اللوحة شخوصًا أخرى، لا أم تبكي، لا أب يتكئ على الحائط. الطفل وحده، والصمت يُكمل الجريمة.
الفن كوثيقة مضادة للنسيان
ينجح براين في بناء ما يمكن تسميته "وثيقة ألم". الصورة / استعارة دائمة للخذلان. وهذه اللوحة، كغيرها من أعماله، أكبر من إدانة للقاتل، هي لنا جميعًا، للمُتفرج، للمتواطئ، للمنشغل بتفاهات يومية بينما الدماء تُسكب.
براين يرى أن الموت اليومي لا يكتمل إلا عندما نصمت. لذا، يعيد خلق هذه المشاهد، لا بنقل حرفي للصور، ولكن بتحويلها إلى رمز إنساني، إلى سؤال كبير لا يمكن تجاهله.
خاتمة: الفن كقوة خلاصية
"الفتى في البطانية"، إنها فعل ومواجهة مريرة بين الفن والعالم. براين كارلسون لا يدّعي أنه يغيّر العالم، لكنه يكتب على الجدران المهملة:
"كان هناك طفل... ولم تنقذوه."
"كانت هناك امرأة... ولم تنقذوها."
هذا الفن لا ترحب به قاعات المتاحف الباردة. براين يرسم في الوجدان، في القلب، في جدار كل من لا يزال يؤمن أن الطفولة لا يجب أن تُقتل، ولا أن تُكفَّن قبل أوانها.
هذا الفتى ومئات الآلاف من أمثاله يستحقون الحياة، فهم لم يُستشاروا في هذه الصراعات والحروب.
يستحقون الحياة الكريمة والسلام العادل.
لكن العالم يخذلهم ويدعم سعير الصراعات ووسائل الموت العنيف.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*كاتب ومخرج سينمائي يمني يقيم في باريس
**********************************************
الصفحة الثانية عشر
رضا الظاهر في كركوك.. إضاءة في {المثقف والحركة الاجتماعية}
كركوك – طريق الشعب
بحضور ومشاركة نخبة من الأدباء والفنانين والأكاديميين والمعنيين بالشأن الثقافي ضيّفت "مؤسسة دجلة" للتعايش والتنمية في كركوك السبت الماضي، الكاتب رضا الظاهر، للحديث عن "المثقف والحركة الاجتماعية".
في بداية اللقاء، الذي أداره الأستاذ آوات محمد، قُدم عزف على الغيتار، ثم وقف الحاضرون دقيقة صمت حدادا على الشاعر الكبير موفق محمد، الذي فارق الحياة أخيرا.
ورحب رئيس المؤسسة الأستاذ فلاح صلاح بالحاضرين، مضيئا جوانب من علاقته بالكاتب الظاهر وإنجازاته، ومعبرا عن سعادة المؤسسة بوجود الأستاذ المحاضر في كركوك وإسهامه في نشاط المؤسسة.
وأشار مدير الجلسة الأستاذ محمد الى محطات من حياة الظاهر وكتبه، مركزا، بشكل خاص، على الأفكار الواردة في كتابيه "موضوعات نقدية في الماركسية والثقافة" و"اقتحام السماء"، وارتباطهما بموضوع الأمسية.
وأضاء الكاتب رضا الظاهر موضوعات مداخلته "المثقف والحركة الاجتماعية"، متحدثا عن مفهوم الثقافة، وعن التزام المثقف بقضايا المجتمع، وسعيه الى تحقيق العدالة الاجتماعية، وإشاعته القيم الجمالية وثقافة التنوير، محددا الأسئلة الأساسية التي يواجهها المثقف في حياته ونشاطه الاجتماعي والابداعي.
وعن إشكالية العلاقة بين الثقافة والديمقراطية قال الظاهر أنه في إطار هذه الاشكالية تقف موضوعة العلاقة بين المثقف والسلطة والجسور التي تمتد بينهما في حالات وتنقطع في أخرى. وأشار الى الطبيعة الطبقية للدولة وممارستها السلطة بوسائل القمع والآيديولوجيا والاعلام والمال، والكيفية التي تتداخل فيها أجهزة هذه الوسائل مع عملية إنتاج وإعادة انتاج العلاقات السائدة.
وقال ان "النظام الاستبدادي يشوه وظيفة المعرفة وسمتها الاجتماعية، ويحولها الى وظيفة لانتاج وإعادة انتاج علاقات الاستبداد، ويسعى الى تحقيق نخبوية المعرفة عبر إنتاج وإعادة انتاج علاقات التجهيل وتحويل المعرفة الى وسيلة لتبرير آيديولوجيا الاستبداد"، مضيفا أن "النظام الاستبدادي يقوم على الوحدانية، لذلك يعتبر نفسه المرجع الوحيد لكل معرفة ممكنة، ويصبح دور المعرفة البرهنة على أن شرعيتها الوحيدة هي الدفاع عن شرعية الاستبداد، وهو ما يجعل المعرفة آيديولوجيا استبدادية، أو يجعل الاستبداد قائما في عملية المعرفة".
وسعى الظاهر الى الاجابة عن سؤال: هل المثقف غائب عن الحركة الاجتماعية؟ وتحدث عن المواقف المختلفة والتفسيرات المتباينة في هذا الشأن، منوها الى أن غرامشي كان يرى المثقف من خلال وجوده الاجتماعي، ويؤكد أن عالم الصراع الاجتماعي هو الذي يعيد صياغة المثقف.
وشخّص المحاضر تجليات أزمة الثقافة في العراق، وأضاء المهمات التي تواجه المثقفين ومشاركتهم في الحركة الاجتماعية.
وساهم عدد من المحاضرين في مداخلات وإضافات هامة أغنت النقاش، بينما أجاب المحاضر عليها بتعقيبات وجيزة.
وفي ختام الأمسية، ووسط أجواء احتفالية، قدمت باقة زهور ولوح المؤسسة للكاتب رضا الظاهر، الذي عبر عن سعادته بهذا التكريم.
***********************************************
احتجاجات خلف {السجادة الحمراء} عمال {مهرجان كان} يرفعون الصوت
أسامة عبد الكريم
بينما تتجه أنظار العالم إلى مهرجان كان السينمائي الدولي وتلمع الكاميرات على السجادة الحمراء، حيث يستعرض صناع الفن السابع آخر إبداعاتهم، انطلقت من خلف الكواليس دعوة احتجاجية تعكس واقعاً أكثر تواضعاً بل وأكثر قسوة. فعمال المهرجان ومعهم مئات من العاملين الموسميين في مهرجانات السينما الفرنسية، أطلقوا نداءً جديداً للفت الأنظار إلى ظروف عملهم الهشة ومطالبهم التي طال انتظار الاستجابة لها.
الاحتجاج تقوده مجموعة «Sous Les Écrans La Dèche» أو «تحت الشاشات.. البؤس ». وهي تمثل أكثر من 300 عامل من فرق التنظيم والدعم في المهرجان وأقسامه المختلفة، بما في ذلك «سوق الفيلم»، «أسبوع النقاد» و«نصف شهر المخرجين». شعار المحتجون واضح: الإنصاف المهني وحقهم في إدراجهم ضمن نظام Intermittence du Spectacle، وهو نظام فرنسي مخصص لدعم الفنانين والعاملين بعقود قصيرة في الفترات بين المشاريع، من خلال التأمين ضد البطالة ومعاشات التقاعد.
ورغم أن العام الماضي شهد حراكاً واسعاً أدى إلى محادثات بين النقابات الأربع الكبرى وإدارات المهرجانات، بل وتوقيع اتفاق مبدئي في ديسمبر 2024 لتنظيم أوضاع هؤلاء العمال، إلا أن تطبيق الاتفاق توقف عند عقبة إدارية، حين رفضت هيئة «UNEDIC» استكمال إجراءات إدراجهم ضمن النظام، ما وصفته المجموعة بـ «عرقلة غير مبررة» أدت إلى خيبة أمل واسعة.
وجاء في بيان المحتجين: "بعد عام من التنظيم والانتظار، نجد أنفسنا مجدداً في نفس النقطة. نعيش على الحد الأدنى، نمد أجورنا الضئيلة بأمل هش، فيما تغلق أمامنا أبواب الاعتراف".
ومع انطلاق النسخة الجديدة من المهرجان، يذكّر هؤلاء العمال الجميع بأن ما يبهر على الشاشة لا يمكن أن يتم دون جهدهم غير المرئي. صرختهم ليست فقط طلباً للحقوق، بل هي تذكير بأن المهرجانات لا تبنى على النجوم وحدهم، إنما على أكتاف من يعملون بصمت في الظل.
*********************************************
يوميات
- يضيّف الاتحاد العام للأدباء والكتّاب هذا اليوم الثلاثاء، الكاتب يوسف زيدان، ليلقي محاضرة عنوانها "مفهوم الرصيد الحضاري وأثر الماضي في رسم ملامح المستقبل".
المحاضرة التي سيديرها الناقد علي حسن الفوّاز، تبدأ في الساعة 6 مساء على "قاعة قرطبة" في فندق المنصور ميليا.
- يحتفي "ملتقى جيكور" الثقافي في البصرة و"دار الأدب البصري"، هذا اليوم الثلاثاء، بالشاعرة د. شيماء ثائر وإصدارها الجديد "إينانا".
تبدأ جلسة الاحتفاء في الساعة الخامسة والنصف عصرا على "قاعة الشهيد هندال" في مقر اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في البصرة.
- يضيّف الاتحاد العام للأدباء والكتّاب غدا الأربعاء، الباحث والمترجم سعيد الغانمي، ليلقي محاضرة بعنوان "أنماط القراءة وتجربة التحليل الصنفي".
المحاضرة التي من المقرر أن يديرها الناقد د.علي متعب جاسم، تبدأ في الساعة ٥ مساء على قاعة الجواهري في مقر الاتحاد بساحة الأندلس.
- تعقد منظمة الحزب الشيوعي العراقي في أربيل بالتعاون مع منظمة كلدوآشور للحزب الشيوعي الكردستاني، السبت المقبل، ندوة سياسية للرفيق رائد فهمي، سكرتير الحزب الشيوعي العراقي، يتحدث فيها عن آخر المستجدات السياسية في العراق والمنطقة.
تبدأ الندوة في الساعة 3 عصرا على "قاعة الشهداء" في مقر منظمة كلدوآشور في عنكاوا.
**********************************************
ليس مجرّد كلام.. أثمن رأس مال في الوجود
عبد السادة البصري
ذات صباحٍ ، وعند خروجي من البيت ذاهباً الى العمل ، شاهدتُ كلباً يحملُ بين فكّيه قطّةً ميتة ، قلت في قرارة نفسي : ملعون قتلتها وتريد أن تأكلها ؟!
وقفتُ أراقبه ماذا سيفعل .. اخذ يدور هنا وهناك الى أن وصل الى كومٍ من الرمل قرب بيت جيراننا - والقطّة ما تزال بين فكّيه - صعد على كوم الرمل وأخذ يحفر بيديه ( قائمتيه الاماميتين ) ثم وضع القطّة في الحفرة واهال عليها الرمل ، بعدها برك بكل جسمه ليضغطها ، ثم غادر راكضاً الى ما يريد .. تفاجأتُ بعمله هذا وتذكّرتُ حينها المجرمين القتلة من كل الاصناف الذين يرمون قتلاهم على اكوام القمامة ، وفي الطرقات دون ادنى شعور بالانسانية ابدا!
الحيوان يدفن حيواناً آخر وجده ميتاً .. والانسان يقوم بأعمال تأنف منها الحيوانات .. مفارقة عجيبة ؟!
جلست ساعات افكّر بعالمنا المليء بالغرائب والاعمال التي لا تمت الى الانسانية بصلة.. وما نعيشه من رعب حقيقي من بعضنا البعض ، وكأننا نحيا في غابة تختلف عن غابات الدنيا !
وتساءلت : لماذا نقتل بعضنا ؟ ونؤذي بعضنا ؟ ماهذا الحقد الذي نحمله ؟ وماهذا العنف ؟ ألا نعيش على نفس الارض ؟ ونتنفس الهواء ذاته ؟ ونشرب الماء الذي يجري في دجلة والفرات ؟
اذاً ، لماذا نقتل بعضنا ؟ ولأي شئ ضروري نعدم حياة انسان؟ هذا الذي رسمه الخالق في احسن تقويم ، وفتح امامه الافاق ليعمّر الارض ويديمها ، ولولاه لما كانت لها أية فائدة !
اعتقد أننا لم نفهم معنى الحياة الحقيقية التي يعيشها الناس بلا صراع ودماء، ولم نفهم أن الانسان اغلى شيء موجود على الارض، اذا اقضينا عليه اضمحلّت الارض وماتت !
لولا الانسان لما قامت مجتمعات ومدن وبلدان، ولما عمّرت ارض ابدا! لو لم يكن هناك طلبة لم تكن المدارس ، وبلا عمّال لم تشيّد مصانع ، وهكذا !
لهذا علينا أن نتأمل الوجود منذ بدء الخليقة وليوم الناس هذا، لنبصر من هو رأس المال الحقيقي. بالتأكيد سيكون الانسان، فهو الحارث والزارع والساقي والباني والصانع والعاشق والكاتب وكل شيء !
ما علينا الاّ أن نحترمه ونجلّه ونعطيه حق قدره، لا أن نقتله لأتفه الاشياء، وكل شيء مهما غلا ثمنه وعلا شأنه لن يصل الى جزيء من الذرة بالنسبة لثمن وشأن الانسان !
ولنتذكّر دائما أن الانظمة والحكومات زائلة والكراسي ستنخرها الارضة، ويصنعها ويعيدها للحياة الانسان ..
************************************************
قف.. عن الخور.. بهدوء
عبد المنعم الأعسم
تُفسَد وتتشرشح وتضيع القضايا الوطنية الكبيرة ومصالح الشعب وحقوقه، اذا ما تحَكّم فيها، طرفان، أولهما الحرامية واللصوص، ومن تنقصهم قطرة الحياء ولوازم العفة، وثانيهما، الصبيان والمزعطة مرتقو ناصية السياسة والبرلمان من بوابات غامضة من حيث تشابك الولاءات والحسابات، ومفضوحة من زاوية السباق إلى المواقع والمليارات والأصوات الانتخابية، المهووسون بالتشهير، طالما يسهل امتطاء "الرجز" بالتشهير، وقديما قيل إن بحر الرجز حمار الشعراء.
أظن ان هذه المقدمة تلامس جديد قضية خور عبد الله، والتجاذبات التي، في حال استمرارها ومرمطتها في الإعلام، والمزايدات، ستدفع العلاقات العراقية الكويتية إلى بؤرة توتر تصعب العودة عنها، مع محاولات أطراف خارجية الاستثمار في الأزمة، عبورا من فوق ملف المشكلة الأصلية ذات الصلة بغزو صدام للكويت قبل 35 سنة وبالعقوبات والقرارات الدولية العقابية المجحفة بحق العراق ومستقبله، جنب أحلام التمدد والقضم الكويتية، قصيرة النظر، حيث لا يمكن نزع الأضرار التي لحقت بالعراق إلا من خلال علاقات "اخوية" وشبكة تواصل تجاري وامني وثقافي ودبلوماسي بينية وراسخة بين الدولتين ومراعاة فروض الجيرة والخصوصيات والهواجس وتهذيب الإعلام من الصُراخ والتهديدات المتبادلة.. ثم.. التذكير بأن اللعب في الجغرافيا كما اللعب في حقلٍ ملغوم.
*قالوا:
"إذا تمّ العقلُ نقص الكلام".
الإمام علي
******************************************************
البصرة تحتضن {ملتقى السلام} الأول
البصرة – باسم محمد حسين
أقامت أبرشية البصرة والجنوب الكلدانية بالتعاون مع "منظمة أرض البشر" الإيطالية، الأربعاء الماضي، "ملتقى السلام" الأول، وذلك على قاعة "كنيسة سيدة البشارة" في مركز المحافظة.
حضر الملتقى ممثلون عن طوائف مختلفة، وأعضاء في منظمات مدنية، وجمع غفير من المواطنين.
وشهد الملتقى الذي أداره الإعلامي عبد العزيز الربيعي، إقامة معرض فني وعرض فيلم سينمائي يوثّق عددا من سفراء السلام البارزين في العالم، أمثال الأم تيريزا وغاندي ونيلسون مانديلا والبابا فرنسيس.
واستهل الملتقى بالاستماع إلى النشيد الوطني، ثم ألقى الخور أسقف عماد البنا كلمة تحدث فيها عن السلام والتعايش السلمي في المجتمع وضرورته، أعقبه الأب آرام من أبرشية البصرة، بكلمة أكد فيها حاجة الجميع إلى السلام وإلى أن يكون لهم وطن يعتمد على الكفاءات ويحتضن مختلف الطوائف والقوميات، مشيرا إلى ان السلام لا يعني غياب الحرب فقط، بل تأسيس العدالة في المجتمع.
وكانت للتدريسي في كلية الفنون الجميلة بجامعة البصرة عبد الكريم عبود، كلمة ذكر فيها أن الملتقى يحمل رسالة سلام، وانه لقاء أمل وجمال وإبداع. تلاه الشيخ عباس الفضلي بكلمة، وأخرى ألقتها ممثلة الصابئة المندائيين منيرة خلف صالح.
وفي حديث صحفي ذكرت مديرة "منظمة أرض البشر" ليمون صبار، أنهم قرروا أن تكون فعاليات الملتقى فنية، وأن تحمل رسالة سلام عبر الفن.
هذا وتخللت الملتقى قراءات شعرية للشاعرين الشابين سلام الفرطوسي ومحمد بشير. فضلا عن وصلات موسيقية وطنية تعبر عن مختلف القوميات العراقية، قدمها عازفون من "منظمة أرض البشر".