الصفحة الأولى
غياب الموازنة وتراجع أسعار النفط يضعان العراق أمام أزمة حادة على الحكومة مصارحة الشعب بشأن الوضع المالي
بغداد - طريق الشعب
تواجه المالية العامة للدولة ضغوطاً متزايدة مع اقتراب النصف الثاني من عام 2025، في ظل تراجع متواصل في أسعار النفط مع التطورات المستمرة التي يشهدها هذا القطاع.
والى جانب ذلك، يُرجح أن تمر السنة الحالية بلا موازنة، ولا حسابات ختامية كالعادة، وسط مخاوف من أن تؤدي الضغوط السياسية والمالية إلى تفاقم العجز وتآكل القدرة على تمويل الإنفاقين التشغيلي والاستثماري.
ويخشى خبراء اقتصاديون من أزمة مالية حادة، قد تدفع البلاد إلى مزيد من الاقتراض، وتؤثر بشكل مباشر على استقرار الموازنة الاتحادية.
عجز الموازنة لا يهدد الدين العام
وطبقا لوزيرة المالية طيف سامي، فإن الاقتصاد العراقي حقق نموًا بنسبة 5 في المائة في الناتج المحلي غير النفطي خلال عام 2024، متوقعة استمرار هذا الاتجاه التصاعدي خلال عام 2025، رغم التحديات المالية التي تواجهها البلاد.
وذكرت سامي أن "العجز المالي بلغ 5 تريليونات دينار في عام 2024، أي ما يعادل 1.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وذلك بعد استبعاد تسديدات الديون والمستحقات المتأخرة للمشاريع الاستثمارية وقطاع الطاقة".
وعدت هذا المستوى من العجز "منخفضًا، ولا يشكّل تهديدًا".
وكتب الرفيق رائد فهمي على موقعه في الفيسبوك: "فيما يرسم الخطاب الرسمي ومروجوه صورة زاهية عن الاوضاع، يواجه البلد ازمة مالية متزايدة الشدة مع انخفاض اسعار النفط وتضخم الانفاق الحكومي. سد العجز يعني حكما ارتفاع المديونية واجراءات تقشفية ستفاقم الصعوبات المعيشية. الحكومة مطالبة بالشفافية ومصارحة الشعب".
انفاق غير منضبط
واتساقاً مع ما ذهب اليه الرفيق فهمي، قال عضو اللجنة المالية النيابية، جمال كوجر، أن السياسة المالية المعتمدة في إدارة الموازنة الثلاثية أدت إلى دخول العراق في "عجز حقيقي"، نتيجة تراكم مجموعة من العوامل، من بينها تأخر الإنفاق، تراجع أسعار النفط، وعودة آلاف المشاريع المتوقفة.
وقال كوجر أن "العجز المخطط في موازنة عام 2023، والذي بلغ 64 تريليون دينار، لم يتحقق فعليًا بسبب ضعف الصرف، إذ إن بعض المحافظات صرفت فقط بين 38% إلى 70% من مخصصاتها"، مضيفًا أن "العجز المخطط كان يتحول سابقًا إلى وفرة تُرحّل إلى السنوات التالية".
وأشار إلى أن "الموازنة الثلاثية غيّرت هذا النمط، حيث امتد الإنفاق إلى سنوات لاحقة"، موضحًا أن "موازنة 2023 تُصرف في 2023 و2024 وحتى 2025، بينما تصرف موازنة 2024 و2025 تباعًا في سنواتها المحددة، وهو ما فتح الباب أمام الإنفاق غير المنضبط".
وبيّن كوجر أن "الحكومة اضطرت إلى سحب الأمانات لتغطية الإنفاق"، مشيرًا إلى أن "أكثر من 11 تريليون دينار من موازنة 2024 صُرفت لتغطية التزامات مشاريع موازنة 2023".
ونبه إلى أن "الوضع المالي تفاقم بسبب استمرار الفساد المالي، واعتماد الدولة على النفط كمورد شبه وحيد، إلى جانب انخفاض الأسعار، وتفعيل أكثر من 6 آلاف مشروع مجمّد من الأعوام السابقة".
ولفت إلى أن "هذه العوامل، إضافة إلى العقوبات المفروضة على المصارف وبعض الإجراءات الضريبية، تسببت في أزمة سيولة خانقة أدخلت العراق في أزمة مالية مركبة".
الوضع نحو الأسوأ
وحذر الخبير الاقتصادي والاكاديمي نبيل المرسومي من تدهور الوضع المالي في العراق، خلال الفترة المقبلة، متوقعًا أن ينخفض سعر النفط إلى حدود 50 دولارًا للبرميل خلال الأسبوع القادم، وهو ما يؤدي إلى تفاقم الأزمة المالية التي تمر بها البلاد.
وقال المرسومي لـ"طريق الشعب" أن العراق "رغم تحقيقه إيرادات نفطية تجاوزت 30 تريليون دينار خلال الربع الأول من عام 2025، بمتوسط سعر للبرميل بلغ نحو 72 دولارًا، إلا أنه اضطر إلى طرح سندات مالية بقيمة تزيد عن 7 تريليونات دينار، واستخدم أكثر من 3 تريليونات دينار من الأمانات الضريبية لتغطية رواتب الموظفين".
وأضاف أن "هذا الإنفاق المرتفع، في ظل التراجع المستمر في أسعار النفط، ينذر بأزمة أعمق، لاسيما إذا ما واصل سعر البرميل الانخفاض نحو الخمسينات كما يُتوقع خلال الأيام المقبلة".
وزاد بالقول أن ما يشهده قطاع النفط من تطورات متسارعة سيؤدي الى انخفاض الأسعار بعد قرار رفع الانتاج وزيادة المعروض في السوق، الامر الذي يُفاقم عجز الموازنة الاتحادية لعام 2025، مشيرًا إلى أن “رواتب الموظفين والرعاية الاجتماعية لوحدها فقط تستهلك نحو 71 في المائة من الإنفاق التشغيلي".
أزمة كبيرة
وتعقيبا على حديث وزيرة المالية بشأن السيطرة على العجز، عدّ الخبير الاقتصادي صالح الهماشي هذه الطروحات "غير دقيقة"، مشيرًا إلى أن العجز قد يصل إلى ما بين 35 إلى 40 في المائة من حجم الموازنة، والتي تبلغ نحو 170 تريليون دينار.
وأضاف في حديث لـ "طريق الشعب"، أن الحديث عن أن "العجز طبيعي ولا يؤثر على الدين العام غير دقيق، فعندما يتجاوز العجز 10 في المائة، تبدأ التداعيات بالظهور. ومع بلوغه مستويات أعلى، كـ30 في المائة مثلًا، فإن ذلك سينعكس على الدين الداخلي عبر أدوات مثل السندات، التي تُعد شكلاً من أشكال الدين العام”.
وحذر من ان العراق "يواجه أزمة حقيقية في الإيرادات نتيجة تراجع أسعار النفط، ما سيؤثر بشكل مباشر على إعداد موازنة عام 2025، متوقعًا أن لا تُقرّ الموازنة أصلاً في ظل هذه الظروف".
وأوضح أن "الموازنات العراقية بُنيت على أساس سعر 70 دولارًا للبرميل، ومع انخفاض الأسعار إلى مستويات تتراوح بين 50 و60 دولارًا، فإن العجز سيزداد بشكل كبير، في وقت تحتاج فيه الحكومة إلى تمويل متزايد لتغطية نفقات الخدمات والمشاريع المتوقفة أو المتعثرة".
وأشار الهماشي إلى أن "انخفاض أسعار النفط بنسبة 30 في المائة، سيفرض على العراق خيارات صعبة، من بينها اللجوء إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي".
وأكد أن هذا التوجه "سيلقي بظلاله السلبية على مشاريع التنمية والبنية التحتية، بل وحتى على الميزانية التشغيلية"، مبيناً انه "إذا ما استقرت أسعار النفط عند حدود 50 دولارًا للبرميل، فإن العراق سيكون أمام أزمة مالية حادة تؤثر على قدرته على تلبية الاحتياجات الأساسية، سواء التشغيلية أم الاستثمارية”.
وواصل القول إن العراق سيدخل النصف الثاني من العام الحالي من دون ان تُقر موازنة 2025 حتى الآن، مرجحًا أن يتم تجاوزها والبدء بالإعداد لموازنة 2026.
واتم حديثه بالإشارة الى انه "إذا أُقرت الموازنة في هذا التوقيت، فستكون مدفوعة بضغوط سياسية وانتخابية، وهذا سيرفع العجز بشكل أكبر، لا سيما إذا تم احتساب سعر برميل النفط بـ55 دولارًا أو أقل”.
***********************************
راصد الطريق.. انتهاكات وصلح عشائري .. خلف القضبان!
تناقلت مواقع التواصل فيديوات توثق شجارات واعتداءات داخل السجون، ثم ظهر فيديو آخر يوثق ما يبدو انه صلح على الطريقة العشائرية داخل السجن نفسه! فيما قالت وزارة العدل ان الفيديوات تعود الى اشهر سابقة.
في الاثناء تواردت معلومات بشأن انتهاكات داخل مراكز الاحتجاز، بضمنها انتزاع اعترافات بالقوة، وإجبار أهالي المتهمين على دفع حتى آلاف الدولارات، من طرف محققين فاسدين.
والظاهر أن تناول هذه الملفات بالأساليب التقليدية لم يعد مجديًا، فاعداد ضحايا الانتهاكات في السجون تتزايد، وبضمنها المرتكب من قبل عناصر أمنية، دون وضع حد لها ولكل هذه الفوضى، في مشهد يعكس حجم الخراب في إدارة مؤسسات، يُفترض بها السهر على القانون والإصلاح، لا تكريس العنف والانفلات.
اما التذرع بعقدة الأنظمة الدكتاتورية وإرثها القمعي، فانه مرفوض بعد 22 عامًا على سقوط الحكم الصدامي، ورغم أن المتنفذين والفاسدين كيّفوا تلك الأساليب القمعية وطوروها بما يخدم مصالحهم، ويغذي جيوبهم من المال العام على حساب القانون والعدالة.
وهذا كله يجري بينما قضية المهندس المغدور بشير ما زالت حاضرة، وتبقى شاهدًا صارخًا على ما آلت إليه منظومة العدالة في البلاد.
****************************************
الصفحة الثانية
منع التظاهرات قبيل القمة العربية يثير انتقادات واسعة
بغداد – طريق الشعب
لاقى قرار وزارة الداخلية القاضي بمنع تنظيم أي تظاهرة في البلاد، اعتباراً من اليوم الأحد 11 أيار وحتى 20 من الشهر نفسه، ردود فعل رافضة وواسعة من سياسيين وناشطين ومواطنين، اعتبروه انتهاكاً صارخاً للدستور وحرية التعبير.
ويأتي القرار بالتزامن مع الاستعدادات الجارية لانعقاد القمة العربية في العاصمة بغداد، المقررة في 17 من الشهر الحالي، وسط إجراءات أمنية مشددة وتحضيرات خدمية مكثفة.
وقالت الوزارة في بيان إن "منذ اللحظة الأولى لإعلان موعد انعقاد القمة العربية في بغداد، شرعت القوات الأمنية العراقية بخطواتها لتأمين هذا الحدث المهم"، مشيرة إلى أن "الاستعدادات بلغت ذروتها، وسُخّرت جميع الإمكانات لاستقبال ضيوف العراق".
وأكد البيان أن "وزارة الداخلية تشدد على عدم تنظيم أي تظاهرة مهما كانت الأسباب، خدمية أو غيرها، ولن تُمنح أي رخصة للتظاهر"، مشدداً على أن "أي محاولة ستكون مخالفة للقانون، وقد صدرت تعليمات بإلقاء القبض على كل من يحاول التظاهر خلال هذه الفترة".
وأضافت الداخلية أن "القوات الأمنية ستتخذ الإجراءات القانونية اللازمة بحق أي متظاهر يسعى لإشغالها عن واجباتها المكلفة بها خلال هذه المرحلة".
وأثار البيان موجة من الاستهجان والاستنكار، إذ اعتبره مراقبون استمراراً لنهج السلطات في تكميم الأفواه، وقمع الحريات العامة، لاسيما في ظل تزايد الأزمات الخدمية والمعيشية التي تدفع المواطنين للتعبير عن مطالبهم.
****************************************
مختصون: الأغلبية الصامتة هي مفتاح التغيير مع اقتراب نهاية الدورة التشريعية الخامسة البرلمان ينهي أعماله بفشل ذريع
بغداد - محمد التميمي
أنهى مجلس النواب فصله التشريعي الأول من سنته الرابعة والأخيرة، في أجواء إحباط وخيبة أمل شعبية واسعة، وأداء يُعدّ الأضعف في تاريخ التجربة البرلمانية بعد 2003.
دورة نيابية امتدت لسنوات أربع، ولم تثمر سوى مزيد من الانسداد السياسي والتراجع المؤسسي، حيث غابت عنها التشريعات الجوهرية، وشُلّت فيها أدوات الرقابة، فيما تحوّلت جلساتها إلى مناسبات متقطعة يغلب عليها التوافق المصلحي لا الدستوري.
وبينما تُطوى فصول هذه الدورة، يتفق مراقبون على أنها جسّدت أسوأ نماذج العمل النيابي، بعدما خضعت أولويات المجلس لإرادة الأحزاب المتنفذة والفاسدين، لا لمصالح الشعب والدولة. فالبرلمان الذي يُفترض أن يكون سلطة رقابة وتشريع، تحوّل في نظر كثيرين إلى أداة روضتها السلطة التنفيذية، ومظلة لتقاسم النفوذ والامتيازات.
اين الخلل؟
في هذا الشأن، يرى الأكاديمي والقانوني وائل منذر أن الأزمة البنيوية في مجلس النواب العراقي لا تنحصر في ضعف الأداء فحسب، بل تعود إلى خلل عميق في آلية تشكيله وبنية الأحزاب السياسية المهيمنة داخله، ما جعله مؤسسة فاقدة للفاعلية ومنفصلة عن متطلبات اللحظة السياسية والتشريعية في البلاد.
واوضح في حديث لـ "طريق الشعب"، أن "أحد أبرز أسباب هذا التردي يتمثل في نظام الدوائر المتوسطة الذي أفرز نواباً يشعرون بأنهم غير ملزمين بالانصياع لقرارات كتلهم أو أحزابهم، ما عمّق حالة التشتت داخل المجلس"، مضيفاً ان "الأحزاب السياسية نفسها لا تؤمن بالديمقراطية الداخلية، وقراراتها تُفرض من القمة دون أي تداول أو تشاور مع قواعدها، ما أدى إلى تململ واسع داخل الكتل البرلمانية”.
وأشر في سياق حديثه غياب المعارضة النيابية الفاعلة، قائلاً إن “الكتلة الأكبر أصبحت مطلقة اليد في إنتاج القوانين وفرض إرادتها، ما أفرغ البرلمان من مضمونه كسلطة تشريعية ورقابية متعددة الأصوات”.
ويعتقد منذر، ان هذا الغياب "خلق حالة استرخاء سياسي خطرة انعكست على الأداء الضعيف لأعضاء البرلمان في مواجهة تحديات داخلية وإقليمية متسارعة”.
وانتقد منذر شلل الوظائف الثلاث الأساسية لمجلس النواب: التشريع، الرقابة، والموازنة. وقال ان “عدد القوانين التي شُرعت فعلياً لا يُقارن بحجم المشاريع التي كان يجب إنجازها، سواء تلك المقدمة من الحكومة أو مقترحات النواب أنفسهم، منها قانون المحكمة الاتحادية، قانون النفط والغاز، وغيرها من القوانين الجوهرية التي بقيت طيّ الإهمال”.
وحول الجانب الرقابي، لفت إلى أن المجلس لم يُفعّل أدوات الاستجواب بشكل جاد، موضحاً أنه “خلال هذه الدورة، لم يُجر سوى استجواب واحد، انتهى باستقالة المستجوَب دون تصويت، وكان الاستجواب ذا طابع سياسي أكثر من كونه رقابياً”.
وفي ما يخص الموازنة، وصف ما حصل بـ”التحايل التشريعي”، قائلاً: “ابتكر المجلس حيلة قانونية بالاستناد إلى قانون الإدارة المالية لتمرير موازنة ثلاثية، ما أتاح له التهرب من مناقشتها سنوياً، دون أن يطالب الحكومة بتقديم الحسابات الختامية، رغم أنها من صلب واجباته الرقابية”.
وختم منذر تصريحه بدعوة إلى "إعادة إنتاج المشهد السياسي عبر إشراك الأغلبية الصامتة والمقاطعة، التي قال إنها تشكل ما يقرب من 80 في المائة من الناخبين، فمشاركة هذه الكتلة الكبيرة من المواطنين قد تفرز قوى سياسية جديدة تخلق توازناً داخل البرلمان، وتفرض على الأغلبية تحسين أدائها أو تعريتها أمام الرأي العام، ما يعيد للسلطة التشريعية هيبتها ودورها الحقيقي”
الدورة الأسوأ
من جهته، أكد القاضي المتقاعد وعضو مجلس النواب السابق، وائل عبد اللطيف، أن الدورة البرلمانية الحالية تُعد من أسوأ الدورات في تاريخ مجلس النواب العراقي، مشيراً إلى غياب الانضباط وتحول عدد من النواب إلى “معقبين” يتنقلون بين الوزارات، بدل الانكباب على مهامهم التشريعية والرقابية.
وقال في حديثه لـ"طريق الشعب"، انه منذ تأسيس مجلس الحكم، مروراً بالجمعية الوطنية، وصولاً إلى البرلمان بدوراته المتعاقبة "لم نشهد تراجعاً في الأداء كما هو الحال في الدورة الخامسة الحالية، حيث أصبح من المعتاد عدم اكتمال النصاب، ما يؤدي إلى تعطيل انعقاد الجلسات، إلى جانب تمرير القوانين بأسلوب ‘السلة الواحدة’ وغيرها من الممارسات المرفوضة”.
وأشار إلى أن هذه الدورة لم تفشل على صعيد التشريع فحسب، بل أخفقت أيضاً في أداء دورها الرقابي.
وأضاف “لم نسمع يوماً أن البرلمان استجوب وزيراً أو رئيس هيئة أو محافظاً أو وكيلاً لوزارة. الفساد بلغ عنان السماء، والرقابة غائبة تماماً. كل ما رأيناه هو زيادة رواتب النواب بنسبة 30%، دون الرجوع إلى الجهات المالية المختصة، وهو أمر مخالف من الأساس”.
ووصف عبد اللطيف غياب الموازنة حتى الآن بأنه “أحد أبرز تجليات فشل الأداء البرلماني”، مشيرا الى أن “الواجب كان يقتضي من مجلس النواب الضغط على رئيس الوزراء لتقديم الموازنة، لا التراخي في أداء هذه المهمة الأساسية”.
وانتقد أيضاً تعطل عمل اللجان النيابية، قائلاً إنها “ابتعدت عن مهامها الأساسية، وفشلت في تقديم أي جهد ملموس يعكس طبيعة دورها التشريعي والرقابي”.
واختتم عبد اللطيف تصريحه بالقول انه “منذ أول دورة برلمانية عام 2006 حتى اليوم، لم نرَ تراجعاً مماثلاً. لدينا قانون مجلس النواب رقم 13 لسنة 2018، ولدينا النظام الداخلي، أي أن الضوابط موجودة، لكن لا أحد يلتزم بها. الخلل واضح في أداء رئاسة المجلس، بدءاً من الرئيس مروراً بالنائبين الأول والثاني، فالجميع يتحمل مسؤولية تردي الأداء التشريعي والرقابي”.
أداء هزيل وهيمنة حزبية
من جهته، وصف الناشط السياسي زين العابدين البصري الدورة الحالية لمجلس النواب بأنها إحدى أسوأ الدورات في تاريخ العملية السياسية العراقية، مشيراً إلى غياب الدور الحقيقي للسلطة التشريعية في التشريع والرقابة، مقابل حضور طاغٍ لممارسات زبائنية وانحياز فاضح للولاءات الحزبية على حساب المصلحة العامة.
وفي حديث مع "طريق الشعب" قال "اننا شهدنا في هذه الدورة البرلمانية أداء لا يرتقي لطموحات الشارع العراقي، حيث غُيبت العديد من القوانين المهمة، فيما طُرحت قوانين أخرى بشكل مرتجل، مثل العفو العام غير المدروس، وقانون الأحوال الشخصية الذي ينطوي على انتهاكات واضحة لحقوق الإنسان”.
وأشار إلى أن كثيراً من النواب "مارسوا أدواراً تنفيذية تجاوزت صلاحياتهم، عبر تقديم خدمات مناطقية مثل تبليط الشوارع، أو نصب محولات كهربائية، أو التوسط في التعيينات، وهو ما أدى إلى تحويل مكاتب النواب إلى أدوات لشراء الولاء الانتخابي، لا لممارسة العمل النيابي الرقابي والتشريعي كما ينبغي”.
وتابع البصري، “شهدنا غيابات متكررة عن الجلسات، وانعدام الشعور بالمسؤولية، وكأن بعض النواب جاؤوا فقط لتقاضي الرواتب والمخصصات، دون أي التزام فعلي بمهامهم. وهم في الغالب ملتزمون بقرارات كتلهم السياسية، لا بمطالب ناخبيهم”.
ولفت إلى أن الحكومة كانت مرتاحة لهذه البنية البرلمانية، لأن القوى المهيمنة في البرلمان هي نفسها التي تدير السلطة التنفيذية، في ازدواج واضح بين الحكم والمعارضة.
وأضاف: “لم نشهد معارضة حقيقية داخل البرلمان، ولا رقابة فعالة، ولا حتى تشريعات نوعية تضمن كرامة المواطن وحقوقه الأساسية. كل ما رأيناه هو استنساخ لمنطق المحاصصة والطموحات الفئوية”.
وأشار إلى أن بعض النواب المستقلين والمعارضين حاولوا تقديم مواقف ناقدة، سواء عبر المؤتمرات أو تصريحات فردية، لكن أصواتهم بقيت ضعيفة أمام هيمنة الكتل الكبرى.
وقال: “هذا الواقع النيابي الهزيل لا يمكن أن يحقق الاستقرار السياسي أو يلبي مطالب الناس، بل يعمق الإحباط ويكرّس الانقسام بين المواطن والدولة”.
واتم حديثه بالقول: “ما نعيشه اليوم هو نتاج غياب التوازن بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وغياب الفصل الحقيقي بين القوى الحاكمة والمعارضة. البرلمان تحول إلى واجهة حزبية، وليس مؤسسة دستورية تمثل الشعب بكافة مكوناته وطوائفه ولا تعبر عنه”.
موت سريري للبرلمان
من جانبه، قال النائب محمد الشمري إن "رئيس البرلمان قد أدخل المجلس في حالة موت سريري"، محذرًا من أن "بقاء العديد من القوانين المهمة والمعطلة دون إقرار رغم قصر عمر الدورة النيابية الحالية يمثل تقصيرًا غير مقبول بحق الشعب العراقي".
وكان النائب أمير المعموري، قد أكّد أن مجلس النواب العراقي يعاني من تعطّل تشريعي ورقابي واسع، مشيراً إلى وجود أكثر من 130 مشروع قانون لا تزال مركونة في أدراج المجلس دون حسم، بينما يتعذر تمرير 40 منها رغم جاهزيتها التامة، بسبب عدم انعقاد الجلسات بشكل منتظم.
وقال المعموري، إن "البرلمان لم يتمكن خلال الأشهر الماضية من عقد حتى 8 جلسات شهرياً، وهو مؤشر على حجم التعطيل التشريعي"، مضيفاً أن "بعض النواب لا نكاد نعرفهم لغِيابهم المستمر وإجازاتهم المتكررة، وعدم مشاركتهم بأي نشاط برلماني يذكر، سواء على مستوى التشريع أو الرقابة".
وأوضح أن "مجلس النواب لم يُنجز سوى استجوابين خلال هذه الدورة، في حين بقيت 7 استجوابات معلقة، فيما توجد أخرى قيد الإعداد"، مبيناً أن "البرلمان استضاف 7 وزراء إضافة إلى رئيس مجلس الوزراء، وكانت هذه الاستضافات بغرض الاستيضاح حول ملفات وقضايا محددة".
واتّهم المعموري بعض القوى السياسية بـ"التعطيل المتعمّد لملف استجواب المسؤولين المحسوبين عليها من وزراء وغيرهم"، مشددًا على أن "ما يتقاضاه النواب المتغيبون من رواتب ومخصصات هو حرام شرعًا، ويمثل خيانة لليمين الدستوري".
واختتم المعموري تصريحه بالإشارة إلى أن مجلس النواب أنهى فعليًا أعماله في هذه الدورة التشريعية بشكل مبكر، دون أن يحقق الحد الأدنى من التزاماته التشريعية والرقابية.
************************************
الصفحة الثالثة
من بعقوبة إلى البصرة والسليمانية مدن تحتج على الإهمال الخدمي وتأخير صرف الرواتب
بغداد ـ طريق الشعب
تشهد مدن عراقية عدة تصاعداً في وتيرة الاحتجاجات الشعبية، وسط تفاقم الأزمات الخدمية والمعيشية، واستمرار التجاهل الحكومي لمطالب المواطنين، في مشهد يعكس عمق الغضب الشعبي من الأداء الحكومي وتراكم الإهمال عبر سنوات طويلة.
20 عامًا من الإهمال للگاطون
في حي الگاطون، غربي بعقوبة، تظاهر العشرات من السكان، عصر الجمعة، احتجاجًا على تدهور الواقع الخدمي، واصفين أوضاع منطقتهم بـ"الكارثية والمستمرة منذ أكثر من عقدين"، بسبب تأخر إنجاز مشروع مجاري بعقوبة المركزي، والذي تسبب في تعطيل مشاريع البنية التحتية والخدمات الأساسية.
ووجّه المحتجون انتقادات لاذعة إلى الجهات الحكومية والنواب المحليين، متسائلين عن دورهم بعد انتهاء الانتخابات؟
واكدوا أن الگاطون، الذي يضم أكثر من 200 ألف ناخب، لا يزال يفتقر إلى أبسط مقومات الحياة.
المتظاهر محمد الدليمي قال إن "أحياء غرب بعقوبة مظلومة منذ أكثر من 20 عامًا، وجميع المشاريع الخدمية الأخرى متوقفة بسبب تلكؤ مشروع المجاري"، مشيرًا إلى أن "المسؤولين لا يزورون مناطقنا إلا خلال موسم الانتخابات، رغم أهميتها الانتخابية".
فيما أكد المواطن عبدالله المعموري أن "المنطقة منكوبة ومهمشة خدمياً منذ سنوات، وتُستغل سياسيًا فقط لكسب الأصوات"، موضحًا أن "السكان يعيشون واقعًا يشبه مناطق الحرب، وسط شوارع مكسّرة، ونفايات، وحشرات، وغياب الماء، وانعدام منظومة الصرف الصحي".
وطالب المحتجون بتدخل حكومي عاجل لحسم ملف مشروع المجاري، وإنهاء ما وصفوه بـ"الانتظار القاتل"، الذي حال دون أي تطور عمراني أو خدمي منذ عقود.
قلعة القصاب تعاني العطش
في سياق متصل، شهدت قرية قلعة القصاب، التابعة لمحافظة ديالى، احتجاجًا لسكانها الذين اغلقوا طريق ناحية السلام – بعقوبة لدقائق، مطالبين بتنفيذ مشروع مياه عاجل في ظل معاناة القرية من الجفاف والعطش.
وقال شهود عيان، إن "العشرات من المواطنين عبّروا عن استيائهم من تجاهل الجهات المعنية لمطالبهم المتكررة بشأن أزمة المياه"، لافتين إلى أن القرية تعاني من شح شديد في المياه منذ فترة طويلة، دون أي استجابة رسمية.
وطالب المحتجون الحكومة المحلية بالتدخل الفوري لإطلاق مشروع مياه يضمن الحد الأدنى من احتياجاتهم اليومية، محذرين من تصعيد احتجاجاتهم في حال استمرار الإهمال.
أبو الخصيب تنتفض ضد ملوحة المياه
أما في قضاء أبو الخصيب جنوبي محافظة البصرة، فنُظّمت وقفة احتجاجية حاشدة، شارك فيها العشرات من الأهالي، تنديدًا بتردي الخدمات واستمرار أزمة ملوحة وتلوث مياه الشرب، وسط تجاهل حكومي ووعود لم تُنفذ منذ سنوات.
ورفع المحتجون لافتات تطالب الحكومتين المركزية والمحلية بالتدخل العاجل لمعالجة أزمة المياه، داعين رجال الدين ووكلاء المرجعية الدينية إلى الضغط على المسؤولين للاستجابة لمطالبهم.
وقال منظم التظاهرة، ماجد العراقي، إن "سوء الخدمات وارتفاع ملوحة المياه هما السبب الرئيس لخروجنا"، متسائلًا عن "دور وجهاء وشيوخ القضاء الذين يغيبون عن دعم الأهالي في تحركهم السلمي".
بدوره، قال عبد الرحمن العبودي، أحد وجهاء العشائر، إن "المواطنين لا يطلبون سوى حقوقهم الطبيعية، ولا يمتلكون ماءً صالحًا للشرب رغم مرور شط العرب بين منازلهم"، مطالبًا المرجعية الدينية بالوقوف إلى جانب الأهالي.
أما المواطن أحمد علي ناصر، فعبّر عن استيائه بالقول: "مطالبنا بسيطة... نريد ماءً صالحًا وخدمات تليق بنا، لكن الحكومة تحاربنا حين نحتج".
يُذكر أن قضاء أبو الخصيب يُعد من أكثر المناطق تضررًا من أزمة ملوحة المياه وتدهور البنى التحتية، على الرغم من قربه الجغرافي من شط العرب، وهو ما يزيد من حدة الغضب الشعبي في ظل غياب الحلول الحكومية الجذرية.
اضراب جديد في السليمانية
وفي خطوة احتجاجية جديدة، قاطع عدد كبير من موظفي مديرية ماء السليمانية الدوام الرسمي، مطالبين بصرف مستحقاتهم المالية المتأخرة عن شهر نيسان الماضي.
وقال أحد الموظفين المشاركين في الاحتجاج، إن "المقاطعة واسعة وتشمل أغلب موظفي المديرية، احتجاجًا على تأخر صرف الرواتب"، مشيرًا إلى أن "العودة إلى العمل مرهونة بصرف مستحقاتهم المالية".
وبيّن أن الموظفين المرتبطين بالمشاريع الخدمية استثنوا أنفسهم من المقاطعة نظرًا لحساسية أعمالهم، بينما امتنعت الغالبية عن الحضور.
وتشهد محافظة السليمانية احتجاجات متكررة من موظفين في دوائر مختلفة، وسط مطالبات دائمة بتحسين أوضاعهم المعيشية وضمان انتظام صرف الرواتب دون تأخير.
احتجاجات متعددة ومطالب واحدة
تجسد هذه التحركات الشعبية، من بعقوبة إلى البصرة، مرورًا بديالى والسليمانية، حالة الإحباط الجماهيري من التردي المستمر في الخدمات الأساسية، وغياب الخطط الحكومية الفاعلة، واستمرار الأزمات المعيشية التي تُثقل كاهل المواطنين.
ويجمع المحتجون، على اختلاف مواقعهم، على مطلب واحد: إنقاذ مناطقهم من الإهمال المزمن، واستعادة حقهم في العيش الكريم، في ظل دولة ترعى حقوقهم، لا تزيد من معاناتهم.
**************************************
العراق في الصحافة الدولية
ترجمة وإعداد: طريق الشعب
التنمية في العراق الواقع والطموح وغياب الاستراتيجيات
نشر موقع Zawya الاقتصادي مقالاً لنديم كواش، حول المشاريع التي ينوي العراق انجازها خلال السنوات القليلة المقبلة لتحسين البنية التحتية والكهرباء والمياه والإسكان والسياحة، تساءل فيه عما إذا كانت بغداد قادرة على توفير مئة مليار دولار تم تخصيصها لهذه المشاريع، في ظل نقص في السيولة النقدية التي يعاني منها ثاني أكبر منتج للنفط في منظمة أوبك.
عجز الموازنة وأسعار النفط
وذكر المقال بأن بغداد كانت قد أصدرت الشهر الماضي سندات بقيمة تقارب 2.3 مليار دولار للبنوك المحلية في محاولة لمعالجة عجز الموازنة المتزايد، وهو إجراء أثار جدلاً واسعًا حول الوضع الاقتصادي والمالي في البلاد والاستراتيجيات التي تتبعها الحكومة لمعالجة اعتمادها الكبير على صادرات النفط الخام. وأشار الكاتب إلى أن تخصيص هذا الرقم الكبير للإنفاق قد يتعارض مع التدهور الذي تشهده الأسعار في سوق النفط العالمية ويلقي بالكثير من الشك حول جدوى المخطط وامكانيات تنفيذه.
موجة اقتراض
وعلى الرغم من التأكيدات الرسمية المتكررة بأن الوضع المالي قوي، ذكر المقال بأن الإجراءات الأخيرة للحكومة أظهرت عكس ذلك تمامًا، وهو ما أبقى كما يبدو مشروع موازنة 2025 حبيس أدراج مجلس الوزراء حتى الآن، فيما عمدت الحكومة للمزيد من الاقتراض.
ففي الربع الأول من هذا العام، أصدرت وزارة المالية سندات بقيمة تزيد عن سبعة تريليونات دينار عراقي (5.4 مليار دولار) فقط لدفع رواتب موظفي القطاع العام، وحين لم تكن هذه الأموال كافية، فوض مجلس الوزراء الشهر الماضي وزارة المالية بسحب ما يقرب من 3 تريليونات دينار عراقي (2.3 مليار دولار) من مدخرات الضرائب لخمس سنوات، من أجل دفع رواتب موظفي القطاع العام ابتداءً من شهر نيسان، على أن تُعاد إلى مدخرات الضرائب حالما تتوفر السيولة.
حسابات غير مدروسة
ونقل المقال عن خبير واستاذ اقتصاد عراقي قوله بأن بغداد حققت أكثر من 30 تريليون دينار عراقي (23 مليار دولار) من عائدات تصدير النفط في الربع الأول من عام 2025، بمتوسط سعر خام يبلغ حوالي 72 دولارًا، ومع ذلك، أصدرت سندات بقيمة تزيد عن 7 تريليونات دينار عراقي، واستخدمت أكثر من 3 تريليونات دينار عراقي من وفورات الضرائب لدفع رواتب موظفي الحكومة فقط، منذراً بتدهور الوضع المالي للبلاد إذا ما استمرت أسعار النفط بالانخفاض إلى ما دون 50 دولاراً للبرميل الواحد.
الاعتماد على عائدات النفط
وأكد الكاتب على أن العراق، الذي ينتج حوالي أربعة ملايين برميل يوميًا، يعتمد اعتمادًا كبيرًا على مبيعات النفط الخام في توفير ما يقرب من 90 في المائة من دخله القومي، مشيراً إلى أن زيادة الإنفاق وغياب زيادات كبيرة في الإيرادات جراء تقلب أسعار النفط، أدى عجز مالي كبير في البلاد على مدى السنوات الماضية، وهو ما كشفه مستشار رئيس الحكومة حين أعلن بأن موازنة 2025 تتضمن عجزًا متوقعًا يبلغ حوالي 64 تريليون دينار عراقي (49 مليار دولار)، وأن العجز الفعلي قد يتسع في حال بقيت أسعار النفط دون 70 دولارًا، مع اعتماد إنفاق يصل إلى حوالي 200 تريليون دينار عراقي (153 مليار دولار)، أي ما يعادل موازنة 2024.
هذا وتجدر الإشارة إلى أن الحكومة قد وضعت أول موازنة لثلاث سنوات تغطي الفترة 2023-2025، بناءً على متوسط سعر نفط يبلغ 70 دولارًا للبرميل الواحد، وصادرات نفط خام تبلغ 3.4 مليون برميل يوميًا، لكنها تلكأت في إرسال جداول العام الجاري حتى الآن لمناقشتها وإقرارها في البرلمان رغم مطالبات كثيرة لها صدرت من هذا الأخير.
**************************************
عين على الأحداث
بابل.. ما تستاهل!
أعلنت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية بأن 34 في المائة من سكان محافظة بابل يعيشون تحت مستوى الفقر ويعانون من صعوبات كبيرة في تأمين أساسيات الحياة، مما يضع بابل في المرتبة الثانية على مستوى البلاد بعد محافظة المثنى. وإذ يكشف هذا الإعلان عن فشل الخطط الحكومية المتعددة في معالجة أزمة الفقر في البلاد، رغم تكرار المزاعم والوعود، فأنه يعيد التأكيد على أن التغيير الشامل الذي يبدل طابع الاقتصاد من ريعي أحادي الجانب إلى انتاجي غني بفرص العمل، ويقضي على الفساد، هو الطريق الوحيد لإنقاذ البلاد من الكوارث التي تعيشها في ظل منظومة المحاصصة.
فصل من الخدمة
أعلن مجلس النواب عن إنهاء الفصل التشريعي الأول بعد عقده 10 جلسات من أصل 32 جلسة، وذلك بسبب تغييب النواب وبالتالي عدم اكتمال النصاب، تاركاً جملة من الملفات المهمة كالموازنة مؤجلة حتى الخريف. هذا وفي الوقت الذي لم يسجل فيه للمجلس أي دور رقابي واقتصر دوره التشريعي على قراءة عشرة قوانين وإقرار ستة فقط، اتهم نوابُ عدداً من القوى السياسية بتعطيل دور البرلمان وجلساته خدمة لأغراضها الحزبية، في مخالفة صريحة لقوانين البلاد التي تشترط محاسبة الموظف على سوء خدمته وتهربه من أداء مهامه وخاصة التغييب عن العمل بلا مبرر مشروع.
دفاعاً عن الديمقراطية
أقرت إحدى النائبات بوجود استغلال واضح من قبل بعض الأحزاب ومرشحيها لأموال الدولة والموارد والخدمات العامة بهدف الدعاية الانتخابية وكسب أصوات الناخبين، حيث حصل بعض المرشحين على مولدات كهرباء من مؤسسات الدولة وقاموا بنصبها في أحياء معينة، وأشرف آخرون على تبليط شوارع تنفذها البلديات. وفيما وصفت النائب ذلك بالخداع الانتخابي، فالمسؤول الحريص هو من يوفر الخدمات بشكل متواصل وليس قبيل الانتخابات فقط، مع تأكيد الناس على أن استغلال المال العام والخدمات الحكومية في الدعاية الانتخابية هو أحد أبرز مظاهر الفساد، وذا تأثير سلبي على مصداقية الانتخابات، داعين إلى المشاركة فيها وحجب الأصوات عن هؤلاء المزيفين.
خوفنا من حزمكم
بدأ القضاء التحقيق في شبهات فساد شابت ملف إرسال المساعدات الإنسانية للأشقاء في لبنان بعد العدوان الصهيوني الغاشم عليهم، والتي تضمنت واردات استقطاع 1 في المائة من الرواتب والتبرعات النقدية والعينية التي جُمعت من الناس. هذا وفيما أكد فيه عدد من النواب على أن مجلسهم سيتخذ موقفاً شديداً وحازماً تجاه سرقة مساعدات المحتاجين في لبنان وغزة، يؤكد الإتهام، إذا ما ثبُت، المستوى الوضيع الذي وصله الفاسدون في العراق، جراء التهاون في مكافحتهم وما تخلقه آليات العمل في منظومة المحاصصة، من ملاذات آمنة لهم، ناهيك عن الحماية والحصانة التي يغمرها بهم متنفذون كبار في بلادنا الجريحة.
السكوت من ذهب
كشف رئيس مجلس النواب عن تكتمه على ملف فساد خطير بحجة الخشية من إنهيار النظام السياسي الحالي. ويأتي هذا التصريح استكمالاً لبازار التصريحات الغريبة التي يطلقها "أولو الأمر" قبيل الانتخابات، فيما إعتبره نواب ومراقبون استخفافاً بهيبة الدولة وقوانينها، التي تلزم المواطنين بإبلاغ النائب العام عما يمس أمن البلاد والمال العام والمخالفات القانونية. هذا وتجدر الإشارة إلى أن فشل مجلس النواب في إنجاز مهامه التشريعية والنيابية وشبهات الفساد التي تحوم حول العديد من أعضائه وتعطل جلساته، أفقدته ثقة حتى خمس الناخبين الذين ساهموا في انتخابه، فيما وصفه الخبراء بأسوأ دورة تشريعية منذ 2003.
*******************************************
الصفحة الرابعة
بين الحاجة والضغوط.. العراق يتمسك بالغاز الإيراني طلب عراقي بتمديد الاستثناء وواشنطن أمام خيارين
بغداد – طريق الشعب
في خضم تصاعد التوتر الأميركي – الإيراني، يجد العراق نفسه عالقاً بين حاجته الملحّة لتأمين الطاقة واستمرار الضغط الأميركي لمنع التعامل مع طهران.
ومع اقتراب أشهر الصيف التي تشهد ذروة الاستهلاك الكهربائي، تسعى الحكومة التي تعهدت بتحقيق اكتفاء ذاتي في استثمار الغاز، للتحرك من اجل الحصول على استثناء جديد يسمح لها باستيراد الغاز الإيراني، وسط خيارات محدودة وتحديات متراكمة في قطاع الطاقة.
بغداد قدمت طلباً جديداً للاستثناء
وكشف وكيل وزارة الخارجية لشؤون التخطيط الاستراتيجي، هشام العلوي، أن العراق قدّم طلبًا رسميًا للولايات المتحدة لتمديد استثناء استيراد الغاز الإيراني لمدة ستة أشهر إضافية.
وقال إن الحكومة العراقية تدرك صعوبة الموافقة على هذا الطلب، خاصة مع رغبة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في تشديد الضغط على إيران، إلا أن الجانب الأميركي بدأ فعليًا بدراسة الطلب بجدية.
وقال العلوي في تصريح صحفي، إن “الطلب العراقي استند إلى حاجة البلاد الملحة لاستمرار تشغيل محطاتها الغازية خلال فصل الصيف، خاصة مع قرب موعد الانتخابات، فضلاً عن عدم توفر بدائل حقيقية في الوقت الراهن، سواء من خلال تطوير الغاز المصاحب أو تعزيز الاستيراد من دول الجوار كتركيا والدول العربية”.
وأضاف، أن القرار الأميركي في مثل هذه القضايا يُتخذ على مستويات عليا، وليس فقط في وزارة الخزانة، ومن المتوقع ان يُستجاب بسهولة لهذا الطلب، مرجحًا أن تستثمر الإدارة الأميركية الطلب كورقة تفاوضية مع بغداد في حال رغبت في الموافقة.
وكانت الادارة الأميركية قد جددت، في نيسان الماضي، موقفها الرافض لاستمرار تعامل العراق مع إيران في مجال استيراد الغاز، وذلك خلال لقاء وزير الخارجية فؤاد حسين بنائب وزير الخزانة الأميركي مايكل فولكندر في واشنطن، حيث ناقشا ملف الطاقة العراقي وسعي بغداد لتحقيق الاستقلال في هذا المجال.
الخياران الوحيدان
من جانبه، أكد الخبير في مجال الطاقة دريد عبد الله أن الضغوط الأميركية على العراق لوقف استيراد الغاز من إيران، تأتي في سياق حملة ضغط منسقة تمارسها الإدارة الأميركية على طهران، مشيرًا إلى أن العراق لا يملك حاليًا سوى خيارين لمواصلة تلبية احتياجاته من الغاز حتى نهاية العام.
وأوضح في حديث لـ "طريق الشعب"، أن "الخيار الأول يتمثل بالاستيراد المباشر من إيران، على أن تُحول مستحقات الغاز إلى ديون مؤجلة، أما الخيار الثاني فهو استيراد الغاز من تركمانستان مقابل ما يقارب مليار دولار كل ثلاثة أشهر، على أن يُنقل عبر الأراضي الإيرانية ويُسلّم للعراق من منفذين حدوديين في ديالى والبصرة".
وأشار عبدالله إلى أن "الموقف الأميركي قد يتغير تبعًا لتطور المفاوضات مع إيران، ومدى قدرة العراق على إقناع واشنطن بصعوبة إيجاد بدائل واقعية وسريعة لتلبية احتياجاته من الغاز".
وبيّن الخبير في مجال الطاقة، أن “الاعتماد على الغاز المستورد ليس عيبًا أو استثناءً، فهناك دول نفطية كالكويت والبحرين والإمارات وعُمان، وحتى إيران والسعودية، تعتمد بدرجة ما على الغاز المستورد”، لكنه شدد في الوقت نفسه على "ضرورة تطوير البنى التحتية لقطاع الغاز في العراق لضمان الاستقلالية على المدى البعيد".
وأشار إلى أن "إيران تصدر الغاز إلى أكثر من ست دول، من بينها تركيا والعراق، بمعدل يقارب 10 مليارات متر مكعب سنويًا، ولدى بعض تلك الدول، مثل تركيا وأرمينيا وأذربيجان، عقود طويلة الأجل مع إيران، ما يرجح استمرار الصادرات الإيرانية رغم الضغوط السياسية".
واردف بالقول إن “أساس المشكلة يكمن في الصراع الأميركي-الإيراني”، لافتًا إلى أن قرارات الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب غير متوقعة.
ولكنه رجّح أن "تسمح الإدارة الأميركية بتمديد الاستثناء العراقي خلال الأسبوع الجاري، خاصة وأن تدفقات الغاز والكهرباء الإيرانية لم تتوقف حتى الآن. وفي حال أصرّت واشنطن على موقفها، فقد يتجه العراق إلى تفعيل عقود طويلة الأمد مع الجانب التركماني كخيار بديل".
الغاز الإيراني.. ورقة ضغط استراتيجية
وقال الخبير النفطي بلال الخليفة إن استثناء العراق من العقوبات الأميركية المتعلقة باستيراد الطاقة من إيران ليس امراً جديداً، إذ حصلت بغداد في السنوات السابقة على استثناءات مؤقتة، غالبًا لا تتجاوز ثلاثة أشهر وتمدد، في ظل حاجة البلاد الماسة للكهرباء، واعتمادها على الغاز الإيراني لتشغيل محطاتها.
وأوضح في حديث لـ"طريق الشعب"، أن "سياسة الولايات المتحدة، في عهد الرئيس الحالي دونالد ترامب، شهدت تحولاً كبيراً، حيث تم التركيز على الأبعاد الاقتصادية للمواجهة العالمية، خصوصاً مع صعود الصين".
وأضاف، أن “ترامب ينظر إلى الصين باعتبارها التهديد الأول لأميركا، وسعى لتقليص نفوذها عبر تحجيم حلفائها مثل روسيا وإيران وكسب علاقة صداقة مع هذه الاطراف لاضعاف جبهة الصين”، مشيرًا إلى أن "هذا التوجه انعكس في سياسة - العقوبات القصوى- ضد طهران".
وأشار إلى أن العراق، "بحكم موقعه الجيوسياسي وارتباطه باستراتيجية الأمن القومي الأميركي، يتأثر بهذه السياسات"، مضيفًا أن "الضغوط الأميركية بعدم تجديد الاستثناء العراقي من استيراد الغاز الإيراني، تمثل جزءاً من الضغط على طهران لا على بغداد بالدرجة الأولى".
ونوه الى ان "التقدم بقضية استيراد الغاز من جديد مرتبط بعوامل عديدة، اهمها نتائج المفاوضات بينهما، والذي من الممكن ان يرسم خارطة اقتصادية جديدة في المنطقة، ومن جهة اخرى، يعتمد على شكل الحكومة القادمة الذي سيحدد موقف الادارة الامريكية بتمديد الاستثناء".
وأوضح الخليفة، أن “العراق في وضع لا يُحسد عليه، خصوصاً ونحن مقبلون على أشهر الذروة في استهلاك الكهرباء، ما يستوجب تحركات سريعة، أبرزها تسريع وتيرة استثمار الغاز المصاحب المحروق"، منبهاً الى ان "الـ70 في المائة المستثمرة غير كافية. حيث هناك 30 في المائة غير مستثمرة وتبلغ كميته نحو 1000 مليون قدم مكعب قياسي وهو نفس مقدار المستورد من ايران".
وبيّن أن "هذه الكمية، في حال استثمارها، يمكن أن تولد نحو 4 آلاف ميغاواط، وهو بواقع الحال غير كاف، فالعراق سيظل يعاني عجزاً كهربائياً يتجاوز 10 آلاف ميغاواط، حتى مع الاستيراد الإيراني، ما يدفع للبحث عن بدائل أخرى او رديف للغاز الايراني".
ونوه الخليفة بالقول ان "الغاز المسال المستورد تكلفته مرتفعة بنحو ضعفين أو أكثر مقارنة بالغاز الإيراني أو الذي يصل عبر الأنابيب"، معتبرًا "استيراد الغاز المسال عبر منصات بحرية مكلفًا وغير مستدام”.
ولفت الى إمكانية "إحياء مشروع قديم لنقل الغاز القطري إلى العراق كحل استراتيجي أكثر اقتصادية لا سيما انه ارخص، رغم التحديات السياسية التي تعترض تنفيذه والمحاذير التي عرقلته".
*****************************************
الأتربة لا الأحزمة الخضراء تطوّق المدن توقع عواصف ترابية أسبوعية حتى نهاية الصيف!
بغداد – تبارك عبد المجيد
في ظل تصاعد وتيرة العواصف الترابية التي باتت تُهدد حياة العراقيين وصحتهم واقتصادهم، تتزايد التحذيرات من تداعيات هذه الظاهرة التي خرجت عن إطارها الموسمي، لتتحول إلى أزمة بيئية مستدامة. وبينما تشير التقديرات إلى خسائر يومية تلامس المليون دولار، تتجه أصابع الاتهام نحو السياسات الحكومية التي يُقال إنها أغفلت معالجات جذرية لأسباب التصحر وغياب الغطاء النباتي.
واعتبرت وزارة البيئة، الأحزمة الخضراء إحدى الوسائل الفاعلة في الحد من آثار العواصف الترابية، فيما أشارت إلى أن مجابهة العواصف الترابية تتطلب خططًا طويلة الأمد وتنسيقًا بين الجهات المعنية، لافتة إلى أن غالبيتها تنشأ في مساحات شاسعة خارج العراق.
خسائر يومية تقدر بمليون دولار
وكشف مرصد العراق الأخضر عن خسائر يتكبدها العراق جراء العواصف الترابية.
وذكر عمر عبد اللطيف، عضو المرصد، أن الخسائر اليومية للعواصف الترابية والرملية في العراق تقدر بمليون دولار، مؤكداً أن قطاع الصحة يتحمل العبء الأكبر من هذه الكلفة، بسبب ارتفاع أعداد المصابين بأمراض الجهاز التنفسي.
وقال عبد اللطيف في حديث لـ "طريق الشعب"، إن "العواصف لا ترهق المستشفيات فقط، بل تدفع العديد من العائلات إلى شراء أجهزة تنفس لاستخدامها في المنزل، هربًا من التوجه إلى المراكز الصحية".
وأشار إلى أن "الأضرار تمتد إلى زيادة حوادث السير نتيجة انعدام الرؤية، وتراجع الإنتاج الزراعي، فضلًا عن هدر كميات كبيرة من المياه في عمليات التنظيف، وتعطل شبكات المجاري بسبب تراكم الأوحال والنفايات".
وشدد عبد اللطيف على ضرورة معالجة هذه الأزمة بيئيا من خلال تفعيل مشاريع التشجير والحزام الأخضر، لا سيما في المحافظات الحدودية التي تعاني بشكل مباشر من آثار التصحر والعواصف.
أصبحت أكثر خطورة
ويرى الناشط البيئي كشبين علي، أن "العواصف الترابية التي تضرب العراق ليست ظاهرة جديدة، لكنها أصبحت أكثر كثافة وخطورة في السنوات الأخيرة، نتيجة التغيّرات البيئية والإهمال البشري"، مؤكداً أن "عدد العواصف سيستمر في التزايد في ظل شح الأمطار والجفاف وغياب التشجير".
وبين علي لـ "طريق الشعب"، أن "العواصف تتشكل من مرور الرياح في مناطق صحراوية مفتوحة، حيث لا يوجد غطاء نباتي يحول دون إثارة الغبار، ما يؤدي إلى انتقال كتل ترابية كثيفة إلى المدن والمناطق المأهولة".
ويؤكد أن المختصين في البيئة يحملون الجهات الحكومية مسؤولية تزايد تأثير العواصف، ويتهمونها بـ"الإهمال والتقاعس وعدم المبالاة"، رغم أن الظاهرة تضرب دولا أخرى في المنطقة، إلا أن العراق يبدو أكثر عرضة، بسبب ما يصفه بـ"الفشل في إدارة ملف البيئة ومواجهة التصحر".
ويُرجع علي تفاقم الظاهرة إلى الاعتداء المستمر على الغطاء النباتي، والدمار الذي لحق بالبيئة جراء الحملات العسكرية التي جرفت الاف الدونمات من البساتين والأراضي الزراعية، لا سيما في محيط بغداد.
ويضيف ان "الكثير من المزارعين هجروا أراضيهم بسبب شح المياه وغياب أي دعم حكومي، ما ساهم في تحويل مناطق واسعة إلى أرضٍ قاحلة قابلة للتحول إلى مصدر دائم للعواصف".
المتنبئ الجوي صادق عطية ذكر أن "العواصف الترابية تعد من السمات البارزة لمناخ العراق، خاصة في مناطقه الوسطى والجنوبية الغربية، وذلك لطبيعة هذه المناطق التي تتصف بكونها صحراوية أو شبه صحراوية، إلى جانب مناخها المتطرف من حيث كمية الأمطار".
وأوضح عطية لـ "طريق الشعب"، أن هناك علاقة عكسية بين كمية الأمطار خلال موسم الشتاء وشدة العواصف الترابية في موسم الربيع وما بعده، فكلما كانت الأمطار وفيرة، ساهم ذلك في ترطيب التربة وتقليل فرص تصاعد الغبار. أما في حال كانت الأمطار شحيحة، كما حدث خلال الموسم الشتوي الماضي، فإن جفاف التربة، خصوصاً في المناطق الغربية يؤدي إلى تكرار هبوب العواصف الترابية التي تمتد نحو الوسط والجنوب، وقد تصل أحياناً إلى مناطق شمال البلاد".
وأضاف، أن "هذه الظاهرة لا تقتصر على فصل الربيع فحسب، بل تمتد اثارها إلى فصل الصيف، الذي يتسم بهبوب رياح شمالية غربية نشطة، وهي من الخصائص المناخية المعروفة في العراق خلال هذا الفصل. وتُعزى هذه الرياح إلى تأثير المنخفضات الحرارية، خصوصاً منخفض شبه الجزيرة العربية".
وبين عطية، أن "أي نشاط للرياح في مناطق جافة يؤدي تلقائيا إلى تصاعد موجات غبار متكررة، خاصة خلال ساعات الظهيرة، وتحديداً في الفترة الممتدة من بداية حزيران وحتى نهاية تموز. وتشهد هذه الفترة تكراراً لهبوب الغبار بمعدل مرتين أسبوعياً أحياناً، قد تصل في شدتها إلى مستوى العواصف الترابية، وتخف حدتها خلال الليل مع هدوء نسبي في الرياح، ثم تعود للتجدد في اليوم التالي خلال ساعات النهار، بين الساعة العاشرة صباحاً وحتى الخامسة أو السادسة مساء".
وتُعد هذه الدورة المناخية من المظاهر الطبيعية التي يتكرر تأثيرها سنوياً، لكنها تتفاقم عند تراجع معدلات الأمطار، وهو ما يجعل التغيّر المناخي عاملاً رئيساً في اضطراب التوازن البيئي والمناخي في العراق. وفقاً لعطية.
تحذيرات من صيف قاس
من جانبه، قال الخبير البيئي أحمد صالح أن العراق مقبل على صيف قاسٍ وصعب من الناحيتين البيئية والمناخية، مشيراً إلى أن العواصف الغبارية لا تزال تمثل تهديداً حقيقياً ومستمراً يترقب تأثيره المواطنون والخبراء على حد سواء.
وأوضح صالح لـ "طريق الشعب"، أن الخزين المائي الاستراتيجي للعراق قد وصل إلى أدنى مستوياته، وهو بالكاد يكفي لتغطية احتياجات الشرب، ولا يكفي إطلاقاً لتأمين المساحات الزراعية أو دعم المناطق الرطبة كالأهوار. وبين أن الحكومة العراقية اضطرت العام الماضي إلى تقليص المساحات المزروعة إلى نحو 45 في المائة فقط، ورغم ذلك، فإن العجز المائي لا يزال قائماً، ما ينعكس سلباً على البيئة الزراعية ويهدد بتصحر مساحات أوسع من الأراضي.
وأضاف، أن أهوار محافظتي ميسان وذي قار وغيرها من المحافظات باتت اليوم في وضع بيئي حرج، معرّضة للجفاف والانكماش، ما ينذر بكارثة بيئية في حال استمرار هذا النمط خلال الصيف القادم.
وحول العواصف الغبارية، حذر صالح من احتمال تزايد العواصف المحلية نتيجة الجفاف وتدهور الغطاء النباتي، إضافة إلى العواصف القادمة من دول الجوار الإقليمي، والتي لا يمتلك العراق القدرة على التحكم بها. وبيّن أن ارتفاع درجات الحرارة وقلة الرطوبة النسبية وهبوب الرياح الجافة تشكل بيئة مثالية لتشكل هذه العواصف وانتشارها بشكل متكرر.
واختتم صالح بالقول إن المؤشرات المناخية تُظهر أن صيف هذا العام سيكون أكثر سخونة من المواسم السابقة، وهو ما قد يؤدي إلى مضاعفة تأثيرات العواصف الترابية، محذراً من تبعات ذلك على الصحة العامة، الزراعة، والتنوع البيئي في البلاد.
***************************************
الصفحة الخامسة
وسط إهمال حكومي ومجتمعي أعداد المشرّدين تتزايد ولا دور لإيوائهم
متابعة – طريق الشعب
في زمن النظام الدكتاتوري المباد، وتحت ضغط الظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المتردية، بدأت ملامح التشرد تتضح في بعض المدن. إذ يمكن ملاحظة شخص ينام في حديقة، وآخر تحت جسر، وغيره على رصيف أو في سوق، فكان التشرد موجودا لكن على نطاق ضيق. أما بعد 2003، وبفعل تحولات سياسية واجتماعية واقتصادية وأمنية، فقد أصبحت هذه الظاهرة مألوفة جدا، خاصة في المدن الكبرى المزدحمة بالسكان، مثل بغداد والبصرة.
وكثيراً ما يُشاهَد في الشوارع مشرّدون يسيرون بين الناس، أو يقفون عند إشارة مرور، أو يفترشون أرصفة. حيث يراهم الناس جالسين بصمت، أو نائمين على قارعة طريق، يحملون فوق أكتافهم تجارب قاسية تصعُب روايتها، لكن ما لا يعرفه كثيرون أن من بين هؤلاء من كانوا ذات يوم فاعلين في المجتمع، موظفين أو معلمين او أساتذة جامعات او عسكريين برتب كبيرة ، أو أصحاب مهن حرة، لكنّ تقلبات الحياة، أو الحروب، أو الانهيار النفسي، كل ذلك دفع بهم إلى الشارع، لينضموا إلى صفوف المشرّدين.
وفي الوقت الذي تتسع فيه ظاهرة التشرد بشكل لافت، وتتحول الأرصفة والمساحات العامة إلى مأوى إجباري لمئات من الفقراء والمهمّشين والمصابين بعاهات نفسية، تواصل الحكومة الوقوف موقف المتفرج، دون أن تُبدي أدنى تحرك فعلي لمعالجة هذه الأزمة الإنسانية المتفاقمة. ورغم ان الدستور ينص على كفالة الدولة حقوق المواطن الأساسية، فإن الواقع يكشف عن هشاشة المنظومة الاجتماعية وغياب خطط الإيواء والرعاية، ما يعكس فشلا ذريعا في اداء مؤسسات الدولة المعنية، وتحديدا في ما يتعلق بواجباتها تجاه الفئات الأكثر هشاشة في المجتمع.
وتعترف وزارة العمل والشؤون الاجتماعية بتفاقم ظاهرة المشردين في بغداد والمحافظات. وبحسبها فإن عدد المشردين الذين تم رصدهم في البلاد العام الماضي، بلغ 13 ألف حالة.
بين الفساد والإهمال والفقر والمخدرات
يعزو مراقبون للشأن العراقي، تزايد التشرد الى استشراء الفساد والإهمال الحكومي الذي أدى الى تدهور الأوضاع الاقتصادية وانخفاض دخل الأسرة، وارتفاع معدلات البطالة والفقر وتفشي تعاطي المخدرات، وزيادة مستوى العنف الأسري ضد الأطفال.
تحت ظل شجرة في حي الكرادة، يجلس رجل في العقد السادس بثياب رثة ولحية كثة. ويقول رعد الفراتي، وهو صاحب متجر في المنطقة، أن هذا الرجل كان يوماً ما شخصية معروفة، ويملك منزلاً وسيارة، قبل أن ينهار عقب حادث سير أودى بحياة زوجته وولديه، بعدها لم ينطق بكلمة، ولم يعد إلى منزله رغم محاولات متكررة من أقاربه وأصدقائه.
ليست هذه القصة فريدة من نوعها. فالمشهد متكرر في العاصمة، وكل شخص متشرد يُخفي وراءه حكاية، من بين الحكايات تلك التي ترويها أم حسين، وهي خمسينية تبيع شطائر البيض والجبن على عربة بسيطة. إذ تتابع بنظرات حزينة رجلاً يمرّ كل صباح بخطى واهنة.
تقول أم حسين في حديث صحفي: "كان هذا الرجل مدرّساً، وكان رجلاً وقوراً يحترمه الجميع، لكن بعد خلافات أُسَرية، انهارت حياته تماماً، فهاجرت زوجته إلى ألمانيا مع أطفاله، ولم يتحمّل فراقهم، فانسحب من الحياة. وجدناه يوماً نائماً على الرصيف، وهو يقتات على مساعدات بسيطة يقدمها له بعض أصحاب المحال، لكنه لا يطلب شيئاً، يتنقل من مكان إلى آخر فحسب، كمن يبحث عن شيء غائب".
لا برامج حكومية لمعالجة الظاهرة
لم تقدم أي من الحكومات المتعاقبة برامج لمعالجة ظاهرة التشرّد، وسط مطالبات من ناشطين بتوفير دور لإيواء هؤلاء الأشخاص، خاصة الفتيات والنساء منهم. فيما يُحذر الكثيرون من استغلال المشرّدين من قبل عصابات التسوّل والاتّجار بالبشر.
من منطقة الباب المعظَّم، يقول علي خليل، وهو سائق سيارة أجرة، إنه يشاهد يومياً العديد من المشرّدين عند الإشارات أو على الأرصفة، مؤكدا في حديث صحفي أن أحد هؤلاء ساعده في تصليح سيارته عندما تعطلت، دون أن يطلب منه ذلك!
ويحاول البعض، عبر مبادرات فردية، مدّ يد العون للمشرّدين. إذ يشارك الطالب الجامعي يوسف هاشم، متطوعاً في مبادرات خيرية متنوعة، من بينها توزيع الأطعمة على المشرّدين. ويقول: "لا نكتفي بتوزيع الطعام عليهم، بل نتحاور معهم، ونستمع إلى قصصهم. الكثيرون منهم كانوا موظفين، أو لديهم عمل ومكانة في المجتمع، لكن الحياة دفعتهم إلى الشارع بعد صدمات نفسية أو مشكلات تعرضوا لها".
قصص مؤلمة
في شارع السعدون وسط بغداد، يجلس سامي جاسم (43 سنة) إلى جانب صندوق كرتوني يحوي خبزاً يابساً وزجاجة ماء. يتحدث على نحوٍ طبيعي حين سؤاله عن حاله، لكنه يصمت لفترة قبل أن يواصل التعبير عمّا يريد قوله. ويوضح أنه كان عاملاً ماهراً في نجارة البناء قبل أن يتعرض لحادث عمل أدى إلى كسر ساقه.
ويضيف في حديث صحفي قوله: "لم أتلقَ أي تعويض، وصاحب المشروع اختفى. فوجدت نفسي فجأة بلا مأوى، وأصبحت أنام في الشارع، في الشتاء البارد، وفي الصيف الحارق. أفرح حين يترك لي أحدهم كيس خبز أو بطانية".
وتعد مرائب السيارات والحدائق العامة والمباني المهجورة، من أهم الأماكن التي يلجأ إليها المشردون للنوم. وتعتبر مناطق الباب الشرقي والباب المعظم والفضل وشارع السعدون والكفاح وأبو نؤاس وبغداد الجديدة والنهضة والعلاوي، أبرز مقصد للمشردين. ففيها جسور وأنفاق ومحلات وأزقة وساحات عامة تحتوي على بقايا هياكل سيارات أو عربات بيع مختلفة، وهي أمكنة آمنة نسبيا لهم - وفقا لناشطين.
ويلفت هؤلاء إلى أن الخطر الأكبر يتمثل في كونهم هؤلاء المشردين يتزايدون.
يعرف كثيرون في منطقة النهضة، الأربعيني النحيل فاضل، الذي يستقر عادة في مرآب النقل. إذ يتجوّل بين المحال والمطاعم حاملا كيسا قديما فيه ملابس وصورة لوالدته التي يصفها بأنها "كل ما تبقى من حياة سابقة، لكنها ماتت"!
يحرك فاضل رأسه يميناً وشمالاً حين يحاول التحدث، ويبدو أنه تعرّض لصدمة أثرت على سلوكه. ويقول: "البعض يخاف مني، وآخرون يعاملونني جيداً. أجمل ما قد يفعله أحدهم هو أن يسألني ببساطة كيف حالك اليوم؟".
ويُرجع الباحث الاجتماعي مهند الطائي، تفاقم ظاهرة التشرد إلى التغيرات العميقة التي شهدها العراق بعد عام 2003. ويوضح أن "الانهيار المؤسّساتيّ وغياب الدولة وتفشي الفساد كلّها عوامل ساهمت في دفع فئات من المجتمع إلى البقاء على الهامش".
ويشير في حديث صحفي إلى ان "الأزمات النفسية تلعب دوراً كبيراً أيضاً، سواء تلك الناتجة عن الفقد، ام الطلاق، أم النزوح، أم الإدمان، وكلها مشكلات سجلت ارتفاعاً بنسب خطيرة في المجتمع العراقي، وغالباً ما يتحمل الضحايا المسؤولية وحدهم في نظر المجتمع، رغم أنهم نتاج إخفاقات متراكمة، فردية ومؤسساتية".
دور الإيواء تستغل المشرّدين!
تضم بغداد دارين صغيرتين لإيواء المشردين من كلا الجنسين، لا تكادان تتسعان لبضع عشرات منهم. وتعاني الداران قلة الدعم وسوء الأوضاع المعيشية، فضلا عن وجود اتهامات باستغلال المشرّدين من قبل حراس الدارين، ما يجعل الكثيرين يفضلون العيش في الشارع على العيش هناك – حسب ما تُفيد به وكالات أنباء.
الباحث الاجتماعي علي السعيدي، يقول في حديث صحفي أن "ظاهرة التشرّد لم تكن منتشرة بهذه الصورة من قبل. فبرغم وجود أسبابها كانت الحكومة توفر لهم ملاذا ومأوى ولا تسمح بالنوم في الشارع"، مضيفا أن "شوارع بغداد اليوم تضم أعدادا كبيرة من المشردين، وتتحمل الحكومات المتعاقبة مسؤولية ذلك".
*****************************************
حقوق الإنسان في البصرة: التعليم الحكومي يشهد تدهوراً خطيراً
متابعة – طريق الشعب
حذّر مكتب المفوضية العليا لحقوق الإنسان في البصرة من "تدهور خطير" يشهده القطاع التربوي في المحافظة، مؤكداً أن "هذا التراجع يشكل تهديداً حقيقياً لمستقبل آلاف الطلبة، خصوصاً من غير القادرين على التوجه نحو التعليم الأهلي".
وقال مدير المكتب مهدي التميمي في حديث صحفي أن "المفوضية، ووفق تكليفها القانوني والإنساني، تضع هذا الملف أمام أنظار مجلس المحافظة"، مطالباً بـ "الوقوف الجاد أمام ما يشهده قطاع التعليم من خلل بنيوي وغياب لرؤية استراتيجية للنهوض به".
وأضاف قائلا أن "التعليم الأهلي أصبح يفرض سطوته على المشهد التربوي في البصرة، سواء على مستوى المدارس أم الجامعات، في وقت يتعرض فيه التعليم الحكومي لانتكاسات سنوية متواصلة، ما يعمّق الفجوة الطبقية ويحرم شريحة واسعة من الطلبة من حقهم في تعليم جيد".
وأشار التميمي إلى أن "المفوضية تطالب مجلس المحافظة باتخاذ قرارات جريئة ومسؤولة لحماية ما تبقى من التعليم الحكومي، عبر دراسة معمقة لواقع المؤسسات التربوية والتعليمية، بالتعاون مع الجهات التنفيذية الاختصاصية"، مؤكداً أن "غياب المعالجة سيكرّس تسلط الطبقة الرأسمالية على ملف التعليم، ويؤدي إلى اتساع رقعة الأمية التربوية والثقافية في المجتمع".
وختم حديثه قائلاً ان "إدراك خطورة المرحلة الحالية سيسجله التاريخ، وسيسجل أيضاً من يتخذ القرار الصحيح في الوقت المناسب، كما سيسجل من يتغافل عن واجبه ويترك الأجيال لمصير مجهول".
*******************************************
غضب شعبي في الفلوجة معاناة مريرة لمراجعي دائرة البطاقة الوطنية!
متابعة – طريق الشعب
يواجه مراجعو دائرة البطاقة الوطنية في مدينة الفلوجة، معاناة مريرة منذ شهور، بسبب الازدحام الشديد والتأخير الطويل. حيث يُجبرون على الانتظار ساعات طويلة قد تتجاوز 5 ساعات من أجل إتمام المعاملات. ويؤكد مراجعون في حديث صحفي، أن "المشكلة لا تتعلق بيوم معين أو ظرف طارئ، بل أصبحت حالة يومية معتادة، دون وجود بوادر لحلول جذرية حتى الآن".
ويقول المواطن محمد صالح: "وصلتُ إلى الدائرة الساعة 6 صباحاً، ومع ذلك لم ينادوا على اسمي حتى الساعة 11، هذا الوضع لا يُحتمل، خاصة لكبار السن والمرضى". فيما يشير المراجع أحمد الدليمي، إلى أن "الازدحام ناجم عن ضعف الكادر وقلة الأجهزة"، مضيفاً أن "هناك نافذة واحدة فقط لاستقبال المعاملات، وهذا لا يتناسب مع حجم المراجعين. لذلك يجب زيادة أعداد الموظفين وتوسيع مبنى الدائرة".
وتنقل وكالة أنباء "شفق نيوز" عن مصدر في الدائرة، قوله أن "الضغط الحاصل يعود إلى ارتفاع عدد الطلبات المقدّمة، بالتزامن مع نقص الكادر والموارد التقنية، وهو ما يعيق تسريع إنجاز المعاملات". ويضيف المصدر الذي حجبت وكالة الانباء اسمه، أن "المديرية العامة للأحوال المدنية في بغداد مطلعة على المشكلة، وتم رفع عدة طلبات لتعزيز الكوادر وتوفير الدعم اللوجستي، لكنها لم تُلبَّ حتى الآن".
ويطالب أهالي الفلوجة، الجهات المعنية، بـ "التدخل العاجل لحل هذه الأزمة، من خلال إرسال فرق دعم مؤقتة أو فتح منافذ إضافية لتخفيف الزخم وتسهيل إصدار البطاقات".
********************************************
اگول.. إعماركم نص ردن!
آيات سعدون
قطعت دائرة المرور في الآونة الأخيرة، لأيام عديدة، جسر المثنى، الذي يربط ضفتي نهر دجلة بالقرب من صدر القناة. وجاء القطع لغرض اجراء الصيانة اللازمة للجسر وإعادة تعبيده، نظراً لأهميته الحيوية في مرور السيارات الداخلة إلى العاصمة والخارجة منها.
انتهت اعمال الصيانة بجانب واحد فقطّ! التي تمت بصورة جيدة. فصار في حال يختلف عن السابق. حيث خلا تماماً من المطبات والتكسرات، لكن المفاجئة هي ان المقاطع التي تسبق الجسر في جانبيه، لم تطلها يد الاعمار، بقي حالها كما هو عليه. حيث يشهد الجزء الذي يقع في جانب الكرخ بالقرب من التاجيات ازدحاماً شديدا بسبب كثرة التكسرات، اما الجانب الآخر بالقرب من صدر القناة، فهو ليس افضل حالاً من الأول.
وهنا يأتي السؤال، هل انتهت مواد الصيانة ولم تتمكن الجهات المسؤولة من اكمال تصليح الشارع والذي لا يتجاوز طوله امتارا معدودة؟ ام ان القائمين على عملية الاعمار اكتفوا بصيانة هذا الجانب دون الشوارع التي تربطه، وبالتالي نحن بحاجة الى أيام أخرى تُقطع فيها تلك الشوارع في حال تكرّم المعنيون بقرار جديد لصيانتها؟!
********************************************
مواساة
- ببالغ الحزن والأسى تنعى رابطة المرأة العراقية زميلتها سكينة كاطع حسن، عضو الهيئة الإدارية لفرع الرابطة في الناصرية.
كانت الفقيدة مثالا للإخلاص والتفاني في العمل. وقد ترك رحيلها أثرا بالغا في نفوس جميع زميلاتها.
لها الذكر الطيب ولأسرتها الكريمة وزميلاتها خالص العزاء والمواساة.
- تنعى اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في واسط رفيقها المناضل جليل حسون عاصي (ابو نغم)، الذي توفي إثر مرض عضال. وتشاطر جميع افراد اسرته الحزن والمواساة.
انتمى الفقيد الى صفوف الحزب منذ نعومة أظفاره، وساهم بفاعلية مع مجموعة من الرفاق في اعادة بناء تنظيمات الحزب في الناصرية والعمارة واهوارهما، بعد الانقلاب الدموي يوم 8 شباط 1963، وبقي وفيا ومخلصا للمبادئ التي تربى عليها حتى يوم رحيله .
الذكر الطيب للفقيد، والصبر والسلوان لأسرته الكريمة وجميع رفاقه ومعارفه.
- تتقدم اللجنة الأساسية للحزب الشيوعي العراقي في قضاء الحي بخالص التعازي والمواساة إلى عائلة الرفيق المناضل جليل حسون عاصي (ابو نغم) ورفاقه، وذلك بوفاته اثر مرض عضال.
عرف الفقيد بشجاعته في ظروف العمل السري. وقد تعرض للاعتقال والملاحقة في فترات انظمة الحكم الدكتاتوري. كما استطاع مع بعض الرفاق اعادة بناء تنظيمات الحزب بعد انقلاب 8 شباط الدموي، في معظم مدن ذي قار وميسان، وبقي وفيا للمبادئ التي آمن بها حتى آخر لحظة في حياته.
له الذكر الطيب ولأسرته ورفاقه الصبر والسلوان.
كذلك تعزي اللجنة الأساسية الرفيق عادل حسين مثيني، بوفاة ابن عمه رسن ناهي طاووس.
للفقيد الذكر الطيب، ولأسرته وجميع معارفه الصبر والسلوان.
- تعزي اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في المثنى عائلة الرفيق عبد الائمة جاسم (ابو سرمد)، بوفاته.
الفقيد وجه اجتماعي معروف في السماوة، وشخصية وطنية لها تاريخ نضالي مشرّف.
له الذكر الطيب ولعائلته الكريمة الصبر والسلوان.
*********************************************
الصفحة السادسة
الاحتلال ينوي استخدام تقنية التعرف على الوجه لتقديم الغذاء للفلسطينيين!! هل يعترف ترامب بالدولة الفلسطينية؟
متابعة – طريق الشعب
تتحدث وسائل الإعلام العبرية عن الخسائر البشرية المتزايدة في صفوف جيش الاحتلال الإسرائيلي خلال حرب الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني، محذرة من تصاعد وتيرة الاشتباكات وصعوبة الميدان، مع اقتراب موعد العملية العسكرية الموسعة التي أعلنت عنها الحكومة المصغرة للاحتلال.
وأشار مراسل الشؤون السياسية في القناة الـ 12 ألموغ بوكير إلى أن هذه الحوادث الدامية تأتي ضمن عمليات قتالية شرسة ومتواصلة من بيت إلى بيت، تجري ليلا ونهارا، مما يضع القوات تحت ضغط ميداني كبير ومستمر.
خلافات أمريكية – إسرائيلية
نقلت وكالة ميديا لاين عن مصدره خليجي، قوله: إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يعتزم الاعتراف بدولة فلسطين، خلال زيارته إلى منطقة الخليج العربي، بعد غد الاثنين، فيما شكك الدبلوماسي الخليجي أحمد الإبراهيم بذلك، مشيراً إلى أن عدم دعوة قادة مصر والأردن إلى الاجتماع يفند هذه الادعاءات. وكان ترامب قد أوضح انه ينوي طرح إعلان كبير قبل الزيارة، فيما تحدث وسائل إعلام عبرية عن حل شامل ينهي الحرب في قطاع غزة. ويضيف الإبراهيم: ربما ستكون هناك صفقات ضخمة قد تشبه القمة الخليجية الأمريكية عام 2017.
وتفيد تقارير بوجود توترات كبيرة بين ترامب ورئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، حيث أفادت إذاعة جيش الاحتلال، أن مقربين من "ترامب، أبلغوا وزير الشؤون الاستراتيجية للاحتلال رون ديرمر، أن الرئيس قرر قطع الاتصال مع نتنياهو". موضحة أن "نتنياهو يتلاعب بالرئيس الأمريكي، وأن ترامب، لا يكره أكثر من أن يظهر كشخص يتم التلاعب به".
وفي الآونة الأخيرة تصاعدت المطالبات في الاعتراف بالدولة الفلسطينية، ومنها ما يجري التحضير له في عقد مؤتمر بالأمم المتحدة برعاية فرنسية سعودية سيعلن فيه الرئيس الفرنسي اعتراف بلاده بالدولة الفلسطينية.
تضليل البرلمان البريطاني
وبعد الكشف عن تقارير تفيد باستمرار تصدير الأسلحة البريطانية إلى الاحتلال الإسرائيلي، حث نواب في البرلمان، وزير الخارجية ديفيد لامي على معالجة هذه المزاعم رغم التعليق الجزئي الذي أقرته الحكومة البريطانية.
وفي رسالة وجهها 40 نائبا للوزير، قال النواب "نخشى أن يكون البرلمان تعرض لتضليل بعد تعليق تراخيص تصدير الأسلحة الرئيسية لإسرائيل".
وقبل يومين، كشف تقرير صادر عن ثلاث منظمات حقوقية، تفاصيل صادرات أسلحة بريطانية لإسرائيل، مرفقة بوثائق رسمية من مصلحة الضرائب الإسرائيلية.
تضييق على الطلبة
وبعد تنظيم عدد من الطلبة احتجاجات مؤيدة للشعب الفلسطيني، في جامعة كولومبيا الأمريكية، أفادت صحيفة وول ستريت جورنال بأن الجامعة علّقت دراسة 65 طالبا، بعدما شاركوا في احتجاج داخل المكتبة الرئيسية الأربعاء الماضي. كما حظرت دخول 33 شخصاً آخرين بينهم طلبة من جامعات أخرى وخريجين.
وأكدت مسؤول في الجامعة للصحيفة، أن " الطلبة لن يتمكنوا من خوض اختبارات نهاية العام الدراسي أو دخول الجامعة باستثناء الوصول إلى السكن الجامعي. أما طلبة السنة النهائية فلن يتمكنوا من المشاركة في حفل التخرج". ويأتي ذلك بالتزامن مع المفاوضات التي تجري بين الجامعة وإدارة الرئيس الأمريكي بشأن التمويل الفدرالي للجامعة ومدى استقلاليتها.
إجبار الفلسطينيين على النزوح
أفاد بيان صادر عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) بأن المتحدث باسمها، جيمس إلدر، أوضح أن "تحليلا دقيقا أُجري للخطة التي قدمتها إسرائيل للمجتمع الإنساني، خلص إلى أنها على الأرجح ستؤدي إلى تفاقم معاناة الأطفال والعائلات في قطاع غزة".
وأكد إلدر أن "الخطة تخالف المبادئ الإنسانية الأساسية، بما في ذلك استخدام تقنية التعرف على الوجه كشرط مسبق للحصول على المساعدات".
وأعرب عن قلقه من "استخدام تلك التقنية، مؤكدا أن فحص المستفيدين ومراقبتهم لأغراض استخباراتية وعسكرية يخالف جميع المبادئ الإنسانية".
إلى جانب ذلك، فإن "الخطة تحرم أيضا الفئات الأضعف التي لا تستطيع الوصول إلى المناطق العسكرية المقترحة، من المساعدات، في حين تُعرّض أفراد عائلاتهم لخطر الاستهداف أو الوقوع في مرمى النيران أثناء تنقلهم بين هذه المناطق"، وفق قوله.
واستكمل قائلا إن "استخدام المساعدات الإنسانية كطُعم لإجبار السكان على النزوح، وخاصة من الشمال إلى الجنوب، سيخلق خيارا مستحيلا بين النزوح والموت".
***********************************************
أطباء بلا حدود: الحرب في السودان دمرت القطاع الصحي
الخرطوم - وكالات
حذرت منظمة "أطباء بلا حدود"، أمس، من تفاقم الوضع الصحي في العاصمة السودانية الخرطوم، بسبب الحرب، واستحالة إمكانية الوصول إلى الرعاية الصحية الأساسية المنقذة للحياة.
وقال سليمان عمار منسق الشؤون الطبية بالمنظمة إن "الحرب كان لها أثر مدمر على قدرة الناس على الوصول إلى الرعاية الصحية في الخرطوم".
وأضاف: إن "العديد من سكان المناطق داخل العاصمة، بما في ذلك جنوب الخرطوم، ليس بإمكانهم الوصول إلى الرعاية الصحية الأساسية المنقذة للحياة. وقال المسؤول إن "فريقنا يعمل في مستشفى بشائر التعليمي لضمان أن تكون وحدة علاج الكوليرا جاهزة لاستقبال المرضى"، مضيفا "تم الانتهاء من تدريب أكثر من 60 من العاملين في المستشفى، كما وصلت الإمدادات الطبية الخاصة بالكوليرا وجهزنا 20 سريرا".
واعتبر عمار أن إعادة تشغيل وتوسيع الخدمات الصحية الأساسية في مستشفى بشائر وما بعده "أمر لا يمكن تأجيله لأننا كنا بحاجة لذلك منذ الأمس".
***********************************************
تصعيد إعلامي قبيل المباحثات الأمريكية – الإيرانية
عُمان - وكالات
قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، إن "سلطنة عمان ستستضيف اليوم، جولة رابعة من المفاوضات غير المباشرة بين طهران وواشنطن".
وفي الأثناء، شدد المبعوث الأميركي الخاص للشرق الأوسط ستيف ويتكوف على أن تخصيب اليورانيوم هو خط أحمر بالنسبة إلى الولايات المتحدة.
وسبق لويتكوف أن ألمح إلى مرونة أميركية بشأن مواصلة إيران تخصيب اليورانيوم إلى مستويات مخصصة حصرا للاستخدامات المدنية السلمية. لكنه تحدث في مقابلة صحفية، الجمعة عن ان " برنامجا للتخصيب لا يمكن أن يكون قائما في دولة إيران مجددا"
وتابع "هذا هو خطنا الأحمر. لا تخصيب"، موضحا "هذا يعني التفكيك، يعني عدم التسليح، ويعني أن نطنز وفوردو وأصفهان، وهي منشآت التخصيب الثلاث (في إيران)، يجب أن يتم تفكيكها".
في المقابل نقلت وسائل إعلام رسمية إيرانية عن وزير الخارجية الإيراني قوله "المفاوضات تحرز تقدما. وبطبيعة الحال، كلما تقدمنا، زادت الحاجة إلى مزيد من المشاورات والمراجعات".
وأضاف "يحتاج الوفدان إلى مزيد من الوقت لدراسة القضايا المطروحة. لكن المهم هو أننا نمضي قدما وندخل تدريجيا في التفاصيل".
*****************************************************
خيار استخدام السلاح النووي غير مطروح الآن الهند – باكستان.. الإعلان عن وقف شامل وفوري لإطلاق النار
متابعة – طريق الشعب
ذكرت وكالة فرانس برس الفرنسية في ظهر أمس، إن " الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أعلن وقفاً شاملا وفورياً لإطلاق النار بين الهند وباكستان". وقالت وزارة الخارجية الهندية إن وقف إطلاق النار سيبدأ اعتبارا من السبت (أمس).
وأوضحت الوزارة أن قائدي العمليات العسكرية الهندي والباكستاني تواصلا، وجرى الاتفاق على أن يوقف كلا الجانبين إطلاق النار، وسيجريان محادثات مرة أخرى الإثنين.
كما قال وزير الخارجية الباكستاني محمد إسحاق دار إن بلاده "سعت دائما إلى تحقيق السلام والأمن في المنطقة، من دون المساس بالسيادة وسلامة الأراضي".
وأضاف الوزير أن نحو 30 دولة شاركت في جهود دبلوماسية نشطة لوقف الحرب، مشيرا إلى "تفعيل القنوات العسكرية والخطوط الساخنة بين الهند وباكستان".
وفي وقت سابق من صباح يوم أمس، أبدت الهند وباكستان، أمس، استعدادهما لخفض التصعيد العسكري بينهما شريطة التزام كل طرف بذلك، لكنهما تبادلتا القصف، فيما استبعدت إسلام آباد الخيار النووي في المرحلة الحالية بعدما تضاربت الأنباء حول دعوتها لانعقاد أعلى هيئة نووية في البلاد ردا على الهجمات الهندية.
خفض التصعيد
وقال وزير الخارجية الباكستاني إسحاق دار، ناه "إذا أوقفت الهند تصعيدها، فستفعل إسلام آباد الشيء نفسه". وأضاف في حديث صحفي لمحطة تلفزيونية: "إذا كان هناك ذرة من العقل، فستتوقف الهند، وإذا توقفوا، فسنتوقف نحن أيضا. نريد السلام بصدق دون هيمنة أي دولة".
وبين دار، أنه "نقل هذه الرسالة إلى وزير خارجية الولايات المتحدة ماركو روبيو عندما اتصل به بعد حديثه إلى نيودلهي".
في الأثناء، أفادت قناة "سي إن إن" بأنه تم إجراء أول اتصال هاتفي بين الهند وباكستان وسط تصاعد الصراع بينهما، وقالت إن إسلام آباد تسعى لاجتماع مع نيودلهي.
من جانبها قالت المتحدثة باسم القوات الجوية الهندية فيوميكا سينغ، إن "بلادها ملتزمة بعدم التصعيد شريطة أن ترد باكستان بالمثل". مضيفة أن "القوات البرية الباكستانية شوهدت وهي تحشد قواتها نحو المناطق الأمامية، مما يشير إلى نية هجومية لتصعيد الموقف"، مشددة على أن "القوات المسلحة الهندية لا تزال في حالة تأهب عملياتي عالية".
وأوضحت سينغ أن القوات المسلحة الهندية نفذت "ضربات دقيقة على أهداف عسكرية محددة فقط ردا على الإجراءات الباكستانية، شملت البنية التحتية التقنية، ومراكز القيادة والتحكم، ومواقع الرادار، ومناطق تخزين الأسلحة لضمان أقل قدر من الأضرار الجانبية".
النووي غير مطروح الآن
من جهته، قال وزير الدفاع الباكستاني خواجة محمد آصف إن الخيار النووي "ليس مطروحا الآن، ولكن إذا طرأت تطورات على الوضع فإن المراقبين سوف يتأثرون أيضا".
وأضاف: "أقول للعالم إن هذا لن يقتصر على المنطقة فقط، بل قد يكون تدميرًا أوسع نطاقًا بكثير.. خياراتنا تتضاءل في ظل الوضع الذي تختلقه الهند".
كما نفى الوزير الباكستاني وجود دعوة لعقد اجتماع لهيئة القيادة الوطنية التي تتولى مسؤولية اتخاذ القرارات التشغيلية بشأن الأسلحة النووية الباكستانية.
فيما نقلت رويترز عن وزير الخارجية الهندي قوله إنه أبلغ نظيره الأميركي أن نهج الهند كان وسيبقى مدروسا ومسؤولا.
وفي وقت سابق، حذّر سفير باكستان لدى الولايات المتحدة، رضوان سعيد شيخ، من خطورة التصعيد العسكري بين بلاده والهند، مؤكداً أنّ: "وقوع مواجهة نووية في عالم اليوم هو: أمر لا يمكن تصوره". كاشفاً عن وجود اتصالات بين مجلسي الأمن القومي في البلدين، إلا أنه شدد على ضرورة وقف التصعيد، سواء على مستوى التصريحات أو الإجراءات، فيما حمّل الهند في الوقت ذاته: مسؤولية التوتر الراهن.
تطورات الحرب
وفي التطورات نفى وزير الخارجية الهندي فيكرام ميسري "مزاعم الجيش الباكستاني بتدميره عدة قواعد جوية في الهند وإلحاق أضرار جسيمة بمستودعات المدفعية والمؤسسات العسكرية والبنية التحتية الحيوية بما في ذلك محطات الطاقة".
فيما أعلنت الهند استهدافها قواعد عسكرية باكستانية بعد أن أطلقت إسلام آباد عدة صواريخ عالية السرعة على عدة قواعد جوية هندية في ولاية البنجاب صباح اليوم السبت.
وكانت باكستان قد أعلنت في وقت سابق أنها اعترضت معظم الصواريخ التي استهدفت ثلاث قواعد جوية، وأن ضربات انتقامية على الهند جارية.
وصرحت العقيدة الهندية صوفيا قريشي، في مؤتمر صحفي في نيودلهي، بأن باكستان استهدفت أيضًا منشآت صحية ومدارس في قواعدها الجوية الثلاث في الجزء الخاضع لسيطرة الهند من كشمير. وأضافت "لقد تم الرد على الإجراءات الباكستانية بالشكل المناسب".
وأعلنت المتحدثة باسم وزارة الدفاع الهندية أن القوات الباكستانية حاولت التوغل جوا إلى 26 موقعا هنديا.
وأوضحت المتحدثة، في مؤتمر صحفي مشترك مع الخارجية الهندية، أن باكستان تعزز من انتشار قواتها على الحدود، وأنها استخدمت صاروخا عالي السرعة لاستهداف قاعدة جوية في البنجاب.
وفي وقت سابق استهدفت الصواريخ الهندية قاعدة نور خان الجوية في مدينة راولبندي بالقرب من العاصمة إسلام آباد، وقاعدة مريد الجوية في مدينة تشاكوال، وقاعدة رفيقي الجوية في منطقة جهانج بإقليم البنجاب الشرقي، وفقًا للمتحدث العسكري الباكستاني.
وأعلن الجيش الباكستاني أنه استخدم صواريخ فاتح المتوسطة المدى لاستهداف منشأة تخزين صواريخ هندية وقواعد جوية في مدينتي باثانكوت وأودهامبور.
*******************************************
برنامج الغذاء العالمي يحذر من تفاقم الجوع في أفريقيا
روما ـ وكالات
قال برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، إن نحو 52 مليون شخص في غرب ووسط أفريقيا سيواجهون صعوبة في الحصول على احتياجاتهم الأساسية من الغذاء خلال موسم الجفاف المقبل، بسبب النزاعات المسلحة والظروف المناخية القاسية وتدهور الأوضاع الاقتصادية.
وأوضح البرنامج أن موسم الجفاف، الذي يبدأ من حزيران إلى آب، يشهد تراجعا حادا في الإمدادات الغذائية.
وأضاف أن نحو 3 ملايين شخص في المنطقة سيواجهون مستويات طارئة من الجوع، في حين قد يعاني نحو 2600 شخص في مالي من مجاعة كارثية.
وأشار التقرير إلى أن ارتفاع أسعار الوقود في دول مثل غانا وغينيا وكوت ديفوار (ساحل العاج)، وأجواء الطقس القاسية في منطقة الساحل الأوسط وحوض بحيرة تشاد وجمهورية أفريقيا الوسطى، من العوامل الأساسية في تفاقم الأزمة.
كما ذكر برنامج الغذاء العالمي أن النزاعات أدت إلى نزوح نحو 10 ملايين شخص في المنطقة، بينهم 8 ملايين نازح داخلي في نيجيريا والكاميرون.
وقالت الفاو إن نحو 2.5 مليون شخص يعانون بالفعل من الجوع الحاد في جمهورية الكونغو الديمقراطية منذ أن اندلعت موجة الصراع الجديد في ديسمبر/كانون الأول الماضي.
ويستخدم برنامج الغذاء العالمي نظام تصنيف من 5 مراحل لتحديد مستويات الجوع، حيث تُعتبر المرحلة الثالثة على أنها "أزمة"، والمرحلة الرابعة "طوارئ"، أما المرحلة الخامسة فهي "كارثية"، وقد تصل إلى مستوى المجاعة في بعض الحالات.
وفي نهاية آذار الماضي قال برنامج الغذاء العالمي إنه يعاني من أزمة تمويل غير مسبوقة، فبالإضافة إلى وقف الوكالة الأميركية للتنمية الدولية لمساعداتها التي كانت تمثل حوالي 40% من ميزانيته، خفضت عدة دول غربية أخرى إنفاقها على أجهزة البرنامج.
وفي نيسان الماضي قالت المديرة الإقليمية لبرنامج الغذاء العالمي في غرب ووسط أفريقيا مارغوت فان دير فيلدن إنه إذا لم يتم الحصول على تمويل عاجل سيتقلص حجم الطعام الذي كان يقدم إلى ملايين الأشخاص.
*******************************************
الصفحة السابعة
كتاب {مذكرات عريف شيوعي} تاريخ مجيد ونضال بطولي
فيصل الفؤادي
صدر عن دار الكتاب للطباعة في بغداد عام 2025 كتابٌ للنصير الشيوعي جراح صكر حطاب الفؤادي بعنوان "مذكرات عريف شيوعي" من الحجم المتوسط، يقع في 188 صفحة مع الملاحق والصور.
تتوزع محتويات الكتاب بين ولادة الكاتب وبواكير نشاطه الحزبي، والكفاح المسلح في الأهوار وشخصياته، ومنهم موسى عطية السويعدي وخالد أحمد زكي وغيرهما، وحرب تشرين عام 1973، حتى هجوم نظام البعث على تنظيمات الحزب الشيوعي ومغادرة الكاتب إلى هنغاريا، والعودة إلى كردستان والانضمام إلى الحركة الأنصارية، وجريمة بشتاشان كما يسميها (الغدر بالحزب الشيوعي في جبال قنديل)، ثم نزوله إلى بغداد لإعادة التنظيمات الحزبية، حتى سقوط النظام الدكتاتوري في نيسان 2003.
في مقدمة الكتاب، يذكر الدكتور عبد الله حميد العتابي: "هذه المذكرات شهادة حية بلا مواربة أو رتوش، حقائق عاشها الكاتب وعائلته، وسفر خالد في ضمير من آمن بالحزب الشيوعي طريقًا للحياة الحرة الكريمة".
يقول الكاتب: "عاش والدي التفاوت الطبقي في الريف العراقي منذ بداية شبابه، وأحس بالجور الذي يمارسه الإقطاع بحق الفلاحين المساكين، وكان من حسن حظ أبي جراح أن التقى بعبد الواحد كرم العلياوي والمناضل الراحل فعل ضمد العبودي، والحاج مهدي العلياوي" (ص13). ويضيف: "ويبدو أن ذلك كان دافعًا لوالدي للانتماء إلى التنظيمات الفلاحية للحزب الشيوعي العراقي، ولعل حسه الوطني سبب إيمانه بحزب الطبقة العاملة".
ويذكر العتابي كيف تأثر والده بأفكار الحزب فيقول: "عُرف عن والدي جراح نضاله ضد الإقطاع وتسلطهم، وكان مساهمًا فاعلًا في التنظيم الفلاحي الحزبي، ومساهمًا فاعلًا في ترسيخ مبادئ الحزب الشيوعي وثباته، وكان إيمانه عميقًا، فليس من المستغرب أن يرث أولاده فكره وعقيدته". فقد كان تأثير المد اليساري كبيرًا بين الفلاحين، حيث يشير الكاتب: "كان الحراك اليساري فاعلًا في القرية، وتأسست جمعية فلاحية قادها المناضل عبد الواحد كرم العلياوي، وعضوية جراح صكر الفؤادي ومهاوي حمود العلياوي وحسن العناكي وحسن زنيد العتابي".
ويشير الكاتب أبو ثائر إلى دور الأساتذة اليساريين الذين كان لهم تأثير بين الطلبة والفلاحين، ومن المعلمين عبد الزهرة والشيوعي عبد عون من العمارة وعبد الجبار من بغداد.
ويستعرض الكاتب حياته الدراسية في العمارة وانتقاله إلى بغداد في مدينة الحرية - الدباش وإكماله الدراسة الابتدائية فيها. هذا الطالب الذي ترسخت في مفهومه الشيوعية، حين سأله المعلم بعد انتقاله إلى بغداد ولم يفهم السؤال بشكل جيد: "أنت منين اجتنا من يا بعثة؟" فأجاب: "أنا لست بعثيًا، أنا شيوعي، أنا شيوعي".
ويتطرق الكاتب إلى بواكير نشاطه الحزبي في مدينة الشعلة، مدينة الكادحين الذين قدموا من أرياف جنوب العراق إلى بغداد أواخر خمسينيات القرن الماضي، بسبب العوز والفقر والحرمان والمرض والاستغلال من قبل الإقطاعيين وسراكيلهم. وقد اندمجوا مع حياة المدينة بأبسط الأعمال (البناء - العمالة) لتوفير حياة كريمة لهم. وبالنسبة للمناضل جراح، فقد التحق بالجيش العراقي كمتطوع في صنف الطبابة العسكرية في معسكر الرشيد وتخرج بصفة مضمد صحي. وهو المنضم حديثًا للخط العسكري للحزب الشيوعي العراقي بتنظيمه السري في عام 1965.
ويتطرق إلى فترة عصيبة من حياة الحزب وتطلعات أعضائه في تغيير النظام العارفي تحت شعار الانتفاضة الشعبية المسلحة الذي رفعه تنظيم بغداد، والعمل الحاسم الذي رفعته اللجنة المركزية، حتى الانشقاق في أيلول عام 1967. وهنا يتحدث عن انشقاق عائلي، حيث يذكر: "على المستوى العائلي، فقد بقيت مخلصًا للجنة المركزية في حين مال والدي إلى القيادة المركزية" (ص 30). ويقول نقلًا عن الكاتب نبيل عبد الأمير الربيعي: "اجتمعت مجموعة من الكوادر، منهم المناضل خالد أحمد زكي وعبد الأمير الركابي وموسى عطية (أبو صبري) وعبود خلاطي ومحسن حواس وآخرون عام 1967 في مدينة الشعلة في بيت موسى عطية لغرض مناقشة الأوضاع السياسية والحزبية، حيث قرر الحاضرون الاندماج بالقيادة المركزية بعد إصدارهم بيانًا مقتضبًا".
ومن هنا الانطلاق إلى الأهوار وتنظيم عمل مسلح من أجل تغيير النظام. وكان هذا الانطلاق يوم 28 أيار 1967 من هور العمارة، قرية موسى عطية وحسين محمد حسن، ومعهم عبد الأمير الركابي وشلش أبو بارود، وتم تأسيس القاعدة. وتقول هنا زوجة الكاتب، نهضة موسى، إن والدها موسى عطية (أبو صبري) أحد المشاركين في معركة الغموكة، حيث التحق في أيلول عام 1967 في أهوار الناصرية مع الشهيد خالد أحمد زكي الذي كانت له علاقة رفاقية حميمة مع أخيها الشهيد صبري موسى الذي استشهد في قصر النهاية أواخر عام 1969.
وتضيف نهضة موسى: "وفي آذار من عام 1970، استشهد والدي أبو صبري وأحد الرفاق من أهالي الحي في قاعدتهم التي بنوها (لاحقًا) في المجر التابعة لمحافظة العمارة، حيث تم الهجوم عليهم من قبل الخونة والجواسيس وبالتعاون مع مسؤول العمارة لحزب البعث الفاشي الدكتور جبار عجرش، وتم قتلهم ورمي جثثهم في الهور، حيث أخبرنا بعض أقربائنا المتواجدين بالأهوار بالحادث".
هذه الأحداث كتبها الروائي حيدر حيدر في "وليمة لأعشاب البحر" التي طُبعت عشرين مرة، والتي خلد فيها هؤلاء المناضلين، ومنهم موسى عطية السويعدي. هذا الرجل البسيط يدخل السجن بسبب جريمة غسل العار ليودع في سجن نقرة السلمان، وهناك احتك بالسجناء الشيوعيين واعتنق الفكر وتعلم القراءة والكتابة على يد الشيوعيين حتى يخرج عام 1958 بعد ثورة تموز المجيدة، ليصبح وكيلًا لجريدة "اتحاد الشعب" في البصرة. وبعد منع قائد الفرقة الأولى وصول الجريدة إلى الألوية الجنوبية والوسطى، يتعلم أبو صبري مهنة التصوير حتى انقلاب 8 شباط عام 1963، ويهرب إلى إيران مع الشاعر المعروف مظفر النواب.
ويتحدث الكاتب عن فترة الجبهة ونشاطه في تنظيمات الحزب في مدينة الشعلة، حتى قيام النظام الدكتاتوري بالهجمة على الحزب وتنظيماته في جميع أنحاء العراق، فيقرر أبو ثائر الخروج من العراق والالتحاق بالحركة الأنصارية التابعة للحزب الشيوعي العراقي في كردستان للنضال من أجل إسقاط هذا النظام.
وبعد سنوات، يرسله الحزب إلى بغداد لإعادة التنظيم، ويبقى هناك حتى سقوط النظام الدكتاتوري في نيسان 2003، ويعاود أبو ثائر هو وعائلته إلى الحزب وينشط في مدينة الشعلة ويفتتح مقرًا للحزب فيها.
مذكرات المناضل جراح صكر (أبو ثائر) سرد ممتع وجميل، إضافة إلى أنها كفاح بطولي لرفاق ناضلوا من أجل إسعاد الآخرين، وهذا الكتاب إضافة جديدة لتاريخ الحزب الشيوعي النضالي.
********************************************
خماس دريول غاب عن مسيرة هذا العام
البصرة – باسم محمد حسين
يحتفل عمال وشيوعيو البصرة في الأول من آيار من كل عام بعيد العمال العالمي، وكانت المسيرة الاحتفالية التي تبدأ من شارع الكورنيش وتخترق بعض شوارع وأسواق مركز المدينة هي الفعالية الأكثر تأثيراً في الجمهور والتي يسخِّر لها العمال ومحلية الحزب إمكانيات عديدة لإنجاحها. أتذكر في السنة الأولى بعد تغيير النظام وكانت بعد أسابيع قليلة من ذلك التغيير، إننا تجمعنا بالعشرات أمام تمثال الشاعر بدر شاكر السياب في بداية شارع الكورنيش، وهناك فاجأني الرفيق الشاعر والناقد مقداد مسعود بسؤال طريف (لو حضر هنا صدام وشاهد هذا العدد من الشيوعيين فسيقول أين كنتم عني ولم أقتلكم؟)، حينها كانت ضحكاتنا نابعة من القلوب منتظرين التغيير الإيجابي الذي وعدنا به الرئيس المحتل جورج بوش الابن. وعند المسير التحق بنا الكثير الكثير من المارة والمتبضعين وشغيلة الدكاكين في الشوارع المؤدية إلى مقر الحزب آنذاك في شارع السعدي حتى تجاوز عددنا الألف، والكل كانوا يهتفون وبحرارة لهذا اليوم المجيد.
لقد كان الرفيق الراحل خماس دريول يشارك في المسيرة في كل عام وهو على كرسيه المدولب صادحاً بصوته الجهوري للعمال وللحزب، كما كان حاضراً في أغلب الفعاليات التنظيمية وعدد من الفعاليات الثقافية وهو على ذات الكرسي ولم يتهاون مطلقاً عن الحضور والمشاركة، إلاّ في هذا العام حيث غادرنا إلى مثواه الأخير تاركاً فراغاً واضحاً بين رفاقه ومحبيه.
خماس أبو سمرة كما كان يحلوا لرفاقه تسميته افتقده من بقي حياً من رفاقه، عباس الساعدي، صباح لعيبي، جبار غريب، أبو صباح البصري وغيرهم. ولكن عزاءهم في مغادرته انه استُقْبِل من قبل رفاقه في العالم الآخر هاشم الطعان، سليم البلداوي، حلو خلف، محمود غريب، رجب خميس، وكمال مصطفى صبري وغيرهم الكثير ليخلد معهم في نعيم الراحة الأبدية.
لك الخلود يا أبا سمرة
*********************************************
أبو كاطع.. تاريخ ناصع في الزمن الصعب
بشار قفطان
سيد شمران الياسري أبو گاطع تاريخ ناصع في الزمن الصعب،
برز الكاتب الناقد الجريء والناقد اللاذع في نقده البناء أبو گاطع سيد شمران الياسري، في نهاية خمسينيات القرن الماضي، عرفناه بعد انتصار ثورة الرابع عشر من تموز عام 1958 من خلال عموده اليومي احچيها بصراحة أبو گاطع ومن برنامجه الإذاعي الذي يعرض من إذاعة بغداد.
كنا نتابع ما يكتبه أبو جبران بكل لهفة واهتمام، وهو ينشر عموده في الصفحة الأخيرة من جريدة اتحاد الشعب التي صدرت عام 1959، استطاع سيد شمران في كتاباته أن يوفق بين اللغة الفصحى واللهجة العراقية الدارجة بشكل متقن يصعب على الغير من توظيفها، وقد تعرض للاعتقال بسبب مواقفه وكتاباته. اعتقل في عام 1963 بسبب توقيعه على نداء السلم في كردستان مع مجموعة من المثقفين والأدباء والفنانين والشعراء وأطلق سراحه قبل انقلاب الثامن من شباط عام 1963 ليتخفى في ريف مدينة الحي، والتقى مع الشهيد أبو محيسن صالح أحمد العبيدي الذي سنحت له فرصة الهروب من سجن الكوت يوم الثامن من شباط عام 1963 مع مجموعة من السجناء الشيوعيين أثناء كسر السجن وقاما بإعادة تنظيم الحزب في ريف محافظة واسط وتمت إعادة تشكيل منظمة الحزب مع الراحل أبو عليوي عبد المحسن عليوي من أبناء مدينة النعمانية.
وقام بإصدار جريدة الحقائق بواسطة جهاز طباعة رونيو. وكان القارئ المتابع أول ما يتصفح الصفحة الأخيرة من الجريدة تتجه أنظاره إلى قراءة ما يكتبه أبو جبران سيد شمران، وله كتابات في عدة مجلات منها الثقافة الجديدة ومجلة الفكر الجديد، وكتب في عدة صحف كصحيفة التأخي.
سيد شمران تعرض للاضطهاد والاعتقال والمطاردة بسبب قلمه الناقد اللاذع الذي لا يعرف المهادنة والذي يطرح من خلاله آراءه، وأفكاره التقدمية التوعوية. وكنا نتابع ما يكتبه في جريدة طريق الشعب جريدة الحزب الشيوعي العراقي السرية والتي عادت للصدور العلني في عام .1973. سبب وجوده في وسائل إعلام الحزب الشيوعي العراقي صداعا مزمنا لسلطات النظام الحاكم وقت ذاك فاضطرته إلى مغادرة بلده الذي أنجبه.
في النصف الثاني من سبعينيات القرن الماضي وبينما كان يستعد للعودة إلى كردستان العراق للعمل في إذاعة الحزب الشيوعي العراقي السرية (صوت الشعب العراقي) تعرض إلى حادث سير مروري أودى بحياته في جيكسلوفاكيا عام 1981، وبهذا الحادث الأليم فقدت الحركة الأدبية والثقافية العراقية وحركة التحرر الوطني علما بارزا من رموزها المعروفين الذي أغناها بالفكر التقدمي من نتاجه وخصوصا رباعيته التي تحدث فيها عن جزء هام من تاريخ العراق الحديث، الزناد، بلابوش دنيا، غنم الشيوخ، فلوس أحميد.
المجد والخلود والذكر الطيب دوما للراحل أبو جبران صاحب الكلمة الرصاصة في وجه الطغاة.
*******************************************
خارج النسق.. عن احتفالية ميلاد الحزب.. وما وراء الغياب عنها
د. شاكر كتاب
للمرة الثالثة يتكرر السؤال: لماذا لم أحضر احتفالية الحزب في ذكرى ميلاده الحادية والتسعين؟
إجابتي كانت صادقة وحقيقية لكنها غير مكتملة. قلت لهم انني توهمتُ الموعد فتأخرت، فلم أرَ حينها من المناسب ان أذهب متأخراً أكثر من ساعة. وأقول إن الحقيقة غير مكتملة لأنني أرى أن الاحتفال بميلاد الحزب لا ينبغي أن يقتصر على اللقاء الجماهيري الواسع، مع كلمات طيبة وأغان جميلة نحبها وتطربنا ونحفظها عن ظهر قلب، إنما يجب أن ينطوي أيضا على أحاديث مع النفس، فيها مراجعة دقيقة وأجوبة على اسئلة عديدة منها:
ما السر في بقاء الحزب حيا فاعلا طيلة هذه الأعوام، ما جعله بالفعل عميدا للأحزاب السياسية العراقية المعتبرة وذات الشأن؟
ما السر في بقاء الحزب - رغم كل ما تعرض اليه من هجمات وأفعال دنيئة، وأعمال عنف قامت بها مختلف الأنظمة وبقسوة لا مثيل لها - صامداً بل وشامخاً؟
كيف يعاود الحزب النهوض، بعد كل كبوةٍ يتعرض لها، وأقوى مما كان؟ حتى قال عنه مظفر النوّاب: ربَّ جُرْحٍ بما قطّعوه تماسك صبرا وزاد التصاقا.
وسؤال آخر: كيف دخل الحزب في أعماق نسيج المجتمع العراقي، حتى ما عادت لأيٍّ منهما القدرة على الفكاك من الاخر؟
شاهدت بعيني، ولم أسمع من أحد، سيدةً كبيرةً في السن تشتم رجال الأمن، عندما جاءوا يبحثون عن شيوعيين من أبناء المنطقة، ولم يكن منهم أي أحد ابناً لها أو قريبا. حدث هذا أمام عيني في قضاء بعيد كنت موفدا إليه. لاحظت كيف أن زوجها كان واقفا ومنفعلاً أيضاً، لكنه لم يتفوه بمثل ما قالته زوجته الحاجة أم وردة. وحين انصرف رجال الأمن أدخل زوجته إلى البيت وبقي هو واقفا معنا أمام الدار. هذه حالة تكررت كثيرا ويعرفها كثير من الناس.
كل القصائد تتكلم عن موقف الأهل المساند لانتماء أبنائهم للحزب الشيوعي. وتلك حقيقة اجتماعية وليست صورة أدبية شاعرية. أتساءل وأنا احتفل بطريقتي الخاصة هذه: ما السر في ذلك؟ وجود الحزب في البيوت ووسط العائلات له مكانة خاصة تماما؛ لا يجوز المساس بها. عجيب.
وعلى ذكر القصائد، هل مرَّ حينٌ من الدهر لم يكن للحزب دور فاعل في المشهد الثقافي العراقي؟ متى؟ حتى في السجون والمعتقلات كان الشعر يصدح بالفكر وبالنضال وبالقضية. حتى ليبدو أحيانا أنهم مجانين، ويا محلى جنونهم هذا. هذه صوفية جميلة، لكنها منضبطة بالعقل والواقع.
اتذكّر أن أباً لأحد أصدقائي كان يمنعه من التواصل معنا ومع فلان وفلان. لكنني لن أنسى كيف أن هذا الأب نفسه أخفى فلاناً وفلاناً وغيرهم حين ضاقت بهم الأرض، ولم يكن لهم من مخبأٍ من مطارديهم، ففتح لهم بيته واختفوا فيه حتى قبيل صلاة الفجر، ومع الآذان تسللوا إلى الجامع ومن هناك انتشروا في مرابع الأرض. ليرحم الله العم أبا فاروق.
وأعود للشعر ولا أدري لماذا ابتعدت عنه قليلاً. أنجب الحزب شعراء كتبوا خيرة القصائد للوطن والحب والناس. رسموا الخطوط العريضة لمدارس أدبية وأسسوا حركات أدبية، ونشروا الثقافة في كل ثنايا المجتمع. هل ينسى أحد "طريق الشعب" أم "الثقافة الجديدة" أم "الفكر الجديد" التي حل محلها اليوم " الطريق الثقافي"؟ كان وما زال النشر في أيّ من أدبيات الحزب، مكافأته الفخر وحده وشرف الكتابة في هذه الصحافة، التي لا يمكن توصيفها غير أنها شبيهة بخبز التنور مع الشاي في جلسة العائلة وقت الغروب، في باحة الدار بين النخيل وقرب الشجر.
من يريد الاحتفال بذكرى ميلاد الحزب فليأتي معي: نعد الخلايا في كل ثنايا المجتمع. ونشمّ رائحة عرق المناضلين وهم يطبعون الصحافة، صحافة الحزب، ولا يبدو على وجوههم الضجر او التعب. نقرأ عطاءات مفكري ومثقفي الحزب، لنكتشف ان هناك عالماً عميقاً صعب المنال يتستر وراء النصوص: نشعر به، نتلمسه، لكننا نهابُهُ ونخشى الغوص فيه. إنه السهل الممتنع والصعب المبتسم المتفتح.
هل تدري عزيزي القارئ ان هناك حزبين لا حزبا واحدا؟ وهذا من الأسرار التي لم يقلها أحد. حزب كبير واسع يضم كل التنظيمات، وبرامجها وعقيدتها وسياساتها. وحزب آخر ملاصق له ينبع منه ويعود اليه، وهو الرفيق الحزبي الواحد. كيف يكون هذا؟ الرفيق الشيوعي الفرد هو الحزب كله، في أفكاره ومواقفه وسياساته وفي اخلاقه ومبادئه، يعرف كيف يُقيّم الأحداث ويتخذ المواقف والقرارات، حتى وان كان في ذاك المكان والزمان لوحده، وحتى لو انقطعت به السبل عن جسد الحزب؟ وهذا سبب خطير يضاف إلى أسباب بقاء الحزب خالدا في الفضاء وعلى الأرض، وبين أضلاع العراق والعراقيين.
هل أبالغ إذا قلت إن واحدا من أسرار خلود الحزب، هو حاجة العراق بلاداً وأناساً اليه كتشخيص ودواء وعلاج، وأن روح الحزب وغاياته وافكاره تسامت حتى غدت متشابكة مع حاجات الناس وتطلعاتهم.
اليوم هل كان علي الحضور إلى القاعة لأشارك في الاحتفال، أم أن احتفالي هكذا بما أنا عليه من دروشة، يعزيني ويغفر لي زلّتي بتأخري وعدم حضوري الاحتفال؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*مع الاعتذار للكاتب عن التأخر غير المقصود في نشر المقال.
**********************************************
الصفحة الثامنة
كاوه محمود: عالم اليوم بحاجة إلى بدائل واقعية
تحت شعار بناء جبهة أممية من اجل السلام، نظم حزب التقدم والاشتراكية المغربي والمبادرة الدولية من أجل السلام ندوة دولية في مدينة طنجة بمشاركة ممثلين عن أكثر من 27 دولة، في خطوة نوعية لترسيخ الدبلوماسية الحزبية في الدفاع عن القضايا العادلة.
أيتها السيدات أيها السادة
باعتزار كبير تلقيت دعوة المشاركة في هذا المؤتمر الهام الذي يجري انعقاده عشية اقتراب الذكرى الثمانين للانتصار على النازية والفاشية، وفي ظل تحديات كبيرة تمس الأمن العالمي المشترك وقضية السلام العالمي، وفي وقت تتزايد وتيرة الحروب وبؤر التوتر في أجزاء عديدة من المعمورة، حيث تستمر الحرب الروسية الأوكرانية، والحرب في غزة، إضافة إلى حروب الميلشيات ذات الطابع الطائفي في الشرق الأوسط، والحروب الأهلية، كما هو الحال في اليمن والسودان، والوضع المتأزم في كل من سوريا وليبيا.
وبسبب الانشغال لم أحظ بشرف المشاركة وجاهياً في هذا المؤتمر، لذا ارسلت مساهمتي في هذه الندوة.
الحضور الكريم!
يتطلب الحديث عن السلام في الوقت الحاضر، الإشارة إلى الواقع الحالي لطبيعة التناقضات والصراعات الجارية في العالم، وأود أن أشير بهذا الصدد إلى النقاط التالية:
أولاً/ انتهى القرن العشرون وانتقلت النزاعات والصراعات وبؤر التوتر وأخطرها بقايا الحروب الدائرة فيه والحروب الجديدة إلى القرن الواحد والعشرين. وترتبط هذه الحروب بأزمة الرأسمالية المعاصرة وبالأخص سُبل النيوليبرالية والاوليكارشيات الحاكمة في المراكز الرأسمالية، والنخب الحاكمة المرتبطة بها أو المناوئة لها في الرأسماليات التابعة لمعالجة أزماتها وإدارة صراعاتها من خلال الحروب.
شهد العالم منذ الحرب العالمية الثانية إلى عام 2020 أكثر من 285 نزاعاً عسكرياً، منها 122 حربا أهلية، تحولت 83 منها إلى حروب بين دول، إضافة إلى 35 حربا بين دول، و45 حربا ضد منظمات أجنبية، وضمن هذا السياق تم ادخال الكفاح المسلح للشعوب ضمن الحروب الأهلية.
ثانياً/ تتسم الحروب الحالية بمتغيرات سياسية وتكنولوجية حيث تستخدم القنابل الذكية وتزداد المخاطر على حياة المدنيين، وتدمير البنية التحتية لتصل إلى مديات تدمير مدن بكاملها. فعلى سبيل المثال لنرى ما حصل في الحرب الروسية الأوكرانية، من تدمير للمدن ونزوح للمدنيين، وما جرى في غزة من قتل وأسر للمدنيين من قبل حماس، وما يجري الآن من قبل إسرائيل من قصف المدنيين ومقتل آلاف الشيوخ والأطفال والنساء وتهجيرهم ضمن سياق لا يمكن وصفه الاّ بحرب الإبادة. ولابد لي أن أذكر ما جرى للإزيديين والإزيديات في كوردستان العراق بأيدي دولة الخلافة الإسلامية (داعش) حيث جرى إعدام الآلاف من الرجال ودفنهم في مقابر جماعية، وبيع النساء الكورد الإيزيديات في أسواق النخاسة. واتخاذ البعض منهن جواري لمقاتلي دولة الخلافة الاسلامية.
ثالثاً/ لا تستخدم في هذه الحروب القوى التقليدية للدولة، حيث يقوم أمراء الحروب والمليشيات الحزبية المتنوعة والعاملة باسم شرعيات أيديولوجية او عقائدية والشركات الأمنية بمهام الجيوش النظامية، ومن أمثلة ذلك "فاغنر" في الحرب الروسية الأوكرانية، والميلشيات الفاشية في أوكرانيا والحشد الشعبي، والمقاومة الإسلامية في المنطقة، وحروب الميلشيات في سوريا، داعش.
رابعاً/ في خضم الحروب الحالية توجد الإمكانية العسكرية لمجموعة مسلحة أو لميليشيا قليلة العدد خارج سيطرة الدولة، أن تلعب دور الدولة العميقة، وأن تقوم باحتلال منطقة جغرافية واسعة، (نموذج داعش وتأسيس دولة الخلافة الإسلامية على سبيل المثال).
خامساً/ إن التطور الكبير والخطير في مجال تكنولوجيا السلاح وتجارته جعل بإمكان الحصول على أسلحة متطورة ومدمرة من قبل مجاميع ميلشياوية إرهابية ومتطرفة وإمكانية استخدامها في النزاعات القائمة.
وعلى العموم يمكن القول بأن العالم يعيش منذ القرن العشرين ولحد الآن في ظل الحرب الباردة والحروب "الحارة"، إضافة إلى الحروب التجارية خاصة تلك الأخيرة التي أعلنها ترامب عبر زيادة الرسوم الكمركية.
إن جملة النقاط الواردة أعلاه أوجدت حالة إرهاب الدولة المنظم وإرهاب المنظمة السياسية والميلشيات المسلحة، ووفق هذين المفهومين والنقاط المشارة لها، لا بد من إجراء تصنيف لتلك العمليات العسكرية التي لا يمكن وصفها الاّ بالإرهاب.
أيتها السيدات أيها السادة
ان الأسباب الحقيقية التي تديم بؤر التوتر والحروب تكمن قيما يلي:
1ـ فشل المجتمع الدولي والمنظمات الدولية الأساسية ومنها الأمم المتحدة في حل النزاعات بشكل سلمي في ظل فقدان آلية فرض الحلول، أو تطبيق المشاريع الدولية التي تدعو إلى السلم. فعلى سبيل المثال لم يجر تطبيق قرار الأمم المتحدة منذ عام 1948 حول حل الدولتين، إضافة إلى القرارات الدولية الأخرى واتفاقية أوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل.
2ـ تراجع التيارات الفكرية الداعية إلى التنوير في ظل إشكاليات الحداثة وتزايد تأثير ونفوذ التيارات الدينية.
3ـ ضعف قوى اليسار في العالم، وفقدان الرؤية المشتركة في النظر إلى المتغيرات واتخاذ الموقف من الأحداث، مما أثر على عدم بلورة حركة سلام عالمية مؤثرة على الرأي العام العالمي والدول والمنظمات الدولية. فرغم الظروف الموضوعية التي تشجع على قيام حركة سلام في أوروبا ضد الحرب في أوكرانيا على سبيل المثال في ظل الأزمة الاقتصادية الناجمة عن الحرب وتأثير ذلك على بلدان الجنوب والدول الأوروبية، فإن مواقف الأحزاب الشيوعية والعمالية العالمية والأحزاب اليسارية حول الحرب متباينة. كما تنقسم مواقف الأحزاب الشيوعية في البلدان العربية إلى موقف مؤيد لحل الدولتين، وموقف مناوئ لهذا الحل.
4ـ دور الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي في تداول خطاب شعبوي مبني على رفض وإلغاء الآخر، وخاصة إذا كان موضوع البحث في إطار التعبير عن الرأي والموقف السياسي.
5ـ زيادة نفوذ القوى اليمينية في أوروبا، فعلى سبيل المثال استطاعت القوى اليمينية الفوز في الانتخابات في كل من السويد وهولندا والدنمارك وهنغاريا وإيطاليا، بالتزامن مع ظاهرة كره الأجانب والتشدد في قوانين الهجرة.
إن قراءة متأنية للوضع القائم في المراكز الرأسمالية والرأسماليات التابعة في ظل المؤشرات أعلاه، وبسبب غياب السياسات البديلة، خلقت الأجواء المناسبة للقوى اليمينية والفاشية القديمة والقوى التي توظف الدين في العمل السياسي والمنظمات المتطرفة والإرهابية، أن تتصدر المشهد السياسي في وقت أصبح القانون الدولي والنظام الدولي الحالي عاجزين عن إيقاف الإرهاب بكل تجلياته وإطفاء بؤر التوتر وإنهاء النزاعات وإيقاف الحروب.
الحضور الكريم!
يبدو القرن الواحد والعشرين بشكل عام متواجدا في ظل فوضى عالمية عارمة وشاملة، مفتقراً إلى آليات واضحة وناجحة لضبط الأزمات وادارتها ومعالجتها.
وبهذا الصدد لا يمكن إغفال العوامل الاقتصادية المسببة لذلك الفوضى، ومنها: تزايد الفجوة بين الشمال الغني والجنوب الفقير، والآثار السلبية لأزمة الرأسمالية العالمية على الطبقة الوسطى عالميا التي تدهور وضعها بسبب التخلي عن مفهوم "دولة الرفاه" في أوروبا، وتبعية اقتصاديات دول الشرق الأوسط الريعية للمراكز الرأسمالية.
من جهة أخرى تنبثق حركات اعتراضية واحتجاجات ضد الوضع القائم في ظل غياب برنامج واقعي بديل لمعالجة الأزمات، قائم على تشخيص ماهية الأزمة وسبل معالجتها، مما وفر الأرضية المناسبة لإنتاج نازيين جدد وقوى دينية متطرفة وارهابية.
السيدات والسادة!
إن الاشارة إلى هذه اللوحة المعقدة والمركبة الشائكة لا تعني نهاية التاريخ، ففي عمق هذه الأزمات والفرز المتوقع للقوى الاجتماعية على صعيد المجتمعات القائمة والمتغيرات في الوضع الدولي، تتواجد وتنخلق فرص جديدة للمواجهة وطرح البديل ومستجدات موضوعية تفتح آفاقاً للتغير.
تستند إمكانيات التغيير على قدرة مجتمعاتنا من جهة وإمكانية المجتمع الدولي بشكل عام على تصحيح مساراتها متجاوزاً السكون والثبات، للبحث عن بدائل واقعية تستجيب لما حدث من تغييرات موضوعية على الصعيد العالمي ككل.
ان قراءة واقعية للمستجدات تفتح أمام القوى التواقة إلى تحقيق تغيير نوعي يتجاوز التبعية ويحقق التنمية والأمن المشترك، آفاقاً نضالية واسعة مبنية على عوامل موضوعية تغتني بتفعيل العوامل الذاتية الكامنة وراء التغيير، لذا لا بد من العمل المشترك لكافة القوى الديمقراطية والتقدمية واليسارية في العالم لتفعيل حركة سلام عالمية ذات أجندات واضحة، تعمل من خلال التعاون مع كافة الحركات الاجتماعية الفاعلة في مجالات البيئة والحركات النسوية وحركات الدفاع عن حقوق النساء والنقابات العالمية لخلق جبهة عالمية ضد الحرب ومن أجل السلام.
إنني أدعو رفاقنا في حزب التقدم والاشتراكية إلى بلورة لجنة تحضيرية بمساهمة المشاركين في المؤتمر لوضع اللبنات الأساسية لتأسيس هذه الحركة.
الحضور الكريم!
اننا في الحزب الشيوعي الكوردستاني إذ ندعو إلى إنهاء الحروب والتوجه إلى مجتمع المصير المشترك للبشرية، نجدد تضامننا مع نضال الشعب الفلسطيني، وندعو إلى تفعيل مبادرة دولية لإيقاف القتال الدائر الآن في غزة وإنهاء تبادل الأسرى والمدنيين والتركيز على تطبيق القرارات الدولية وبناء سلام دائم على أساس حل الدولتين، وإيقاف زعيق خطابات الكراهية الذي يخلق وعياً مشوهاً، يساهم في إذكاء نار الحرب، وهي ليست السبيل المناسب لدعم الشعب الفلسطيني والتضامن معه لإقامة دولته الوطنية الخاصة والتضامن والدعم لقضية السلام وتعايش الشعوب في منطقة الشرق الاوسط.
ان عالم اليوم بحاجة إلى بدائل واقعية مبنية على تصورات جديدة تحقق التوجهات لضمان الأمن العالمي والتنمية العالمية عبر تفاعل الحضارات العالمية في مواجهة التخلف والفجوة الحاصلة في التنمية وخطابات التفوق الحضاري وصدام الحضارات.
كاوه محمود
سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الكوردستاني
الأول من آيار 2025
**********************************************
شيوعيو بابل يتفقدون عدداً من الرفاق
الحلة - محمد علي محيي الدين
زار وفد من اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في بابل، الاثنين الماضي، الرفيقين حسين علي ناصر (أبو أيار) وجعفر بربن (أبو علي)، في منزليهما، وذلك للاطمئنان على أوضاعهما الصحية.
وتمنى الوفد للرفيقين وافر الصحة والعافية. وقدم لكل منهما باقة ورد.
وضم الوفد كلاً من عضو المختصة الثقافية المركزية الرفيق د. علي إبراهيم، وعضو المحلية الرفيق علي عبد الزهرة، فضلا عن الرفاق كاظم هادي، علي الويسي وخطاب شاكر.
وفي اليوم التالي، زار الوفد الرفيقين خطاب شاكر (أبو عمر) وعبد السيد مهدي (أبو سامي)، أيضا للاطمئنان على وأضاعهما الصحية.
وقدم الوفد للرفيقين باقتي ورد، وتمنى لهما موفور الصحة والسلامة.
وتأتي هذه الزيارات في إطار مبادرة إنسانية تنفذها محلية بابل لتفقد الرفاق المرضى وكبار السن واطلاعهم على آخر المستجدات السياسية.
**************************************
مسيرة في بعقوبة احتفاءً بيوم العمال العالمي
بعقوبة – طريق الشعب
شهدت شوارع مدينة بعقوبة، في الأول من أيار ، مسيرة آلية وراجلة بمناسبة يوم العمال العالمي، نظمتها اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في ديالى.
وشارك في المسيرة جمع غفير من الشيوعيين وأصدقائهم، إلى جانب ممثلين عن التيار الديمقراطي واتحاد نقابات العمال، في تظاهرة حملت الطابع الاحتفالي والنضالي.
وردّد المشاركون هتافات حيّت نضال الطبقة العاملة، وأعربت عن تضامنهم مع العمال في العراق والعالم، مؤكدين على أهمية مواصلة الكفاح من أجل العدالة الاجتماعية وحقوق العمال.
**********************************************
شيوعيو البصرة يزورون الرفيق صباح لعيبي
البصرة – طريق الشعب
زار وفد من شيوعيي البصرة الرفيق صباح لعيبي (أبو رافد) في داره بمركز المحافظة، وذلك للاطمئنان على وضعه الصحي وإدامة التواصل معه.
وتمنى الوفد للرفيق وافر الصحة والعافية. ونقل إليه تحيات رفاقه في التنظيم الحزبي.
جدير بالذكر ان الرفيق لعيبي، بالرغم من ظروفه الصحية، مستمر في متابعة جريدة الحزب وأدبياته. كما انه لا يتوانى عن حضور غالبية فعاليات الحزب، على كرسيه المتحرك.
ضم الوفد كلا من الرفاق باسم محمد حسين، عبد الزهرة العبادي وعبد الكريم الحربي.
*************************************
الصفحة التاسعة
ديوكوفيتش يستعد لمطاردة حلمه على الملاعب الرملية
جنيف – وكالات
أعلن منظمو بطولة جنيف المفتوحة للتنس، اليوم الجمعة، عن مشاركة النجم الصربي نوفاك ديوكوفيتش، المصنف السادس عالميًا، في نسخة 2025 من البطولة، والتي ستقام بين 17 و24 أيار المقبل، وذلك للعام الثاني على التوالي.
ويسعى ديوكوفيتش إلى تحقيق فوزه الأول على الملاعب الرملية هذا الموسم، بعد سلسلة نتائج مخيبة على هذه الأرضية، حيث خرج مبكرًا من بطولتي مونت كارلو ومدريد دون أن يحقق أي انتصار. وتأتي مشاركة ديوكوفيتش في جنيف كآخر محطة إعدادية له قبل انطلاق بطولة فرنسا المفتوحة "رولان غاروس"، التي يضعها ضمن أهدافه الكبرى لهذا الموسم، بينما لا يزال يبحث عن لقبه الفردي رقم 100 في مسيرته الاحترافية ضمن جولة رابطة محترفي التنس. ويشارك في نسخة هذا العام أيضًا عدد من أبرز نجوم اللعبة، أبرزهم الأمريكي تايلور فريتز، المصنف الرابع، والنرويجي كاسبر رود، حامل لقب البطولة وصاحب ثلاثة ألقاب في النسخ الأربعة الماضية.
*******************************************
عدنان درجال مشرفاً عاماً على المنتخب الوطني الاتحاد يقدّم المدرب الأسترالي غراهام أرنولد لوسائل الاعلام
متابعة ـ طريق الشعب
قدّم الاتحاد العراقي لكرة القدم، أمس السبت، المدرب الأسترالي غراهام أرنولد رسمياً لوسائل الإعلام في مؤتمر صحفي عقد في العاصمة بغداد، بعد وصوله إلى العراق يوم الجمعة، لتولي مهمة قيادة المنتخب الوطني في التصفيات الآسيوية المؤهلة إلى كأس العالم 2026.
وأعلن الاتحاد العراقي تعيين رئيسه عدنان درجال مشرفًا عامًا على المنتخب الوطني، في خطوة تهدف إلى إعادة هيكلة الجهاز الإداري والفني بعد الإخفاقات التي رافقت الفترة السابقة.
من جانبه، قال عضو الاتحاد فراس بحر العلوم، إن "أرنولد طلب التعجيل بوصوله إلى بغداد من أجل متابعة الدوري العراقي عن قرب"، مشيراً إلى أن "المدرب المساعد سيتولى مهمة متابعة اللاعبين المحترفين في الخارج".
كما أكد بحر العلوم أنه "لم يتم حتى الآن تعيين منسق إعلامي أو إداري للمنتخب، ولن يتم إضافة مساعد محلي إلى الجهاز الفني الجديد".
أرنولد، الذي يمتلك خبرة كبيرة في قيادة المنتخبات، سبق أن قاد منتخب أستراليا في 56 مباراة رسمية، حقق خلالها 36 فوزاً و7 تعادلات، وتلقى 13 خسارة. كما أشرف على المنتخب الأولمبي الأسترالي في 12 مباراة.
ويستعد المنتخب العراقي بقيادة أرنولد لمواجهتين مهمتين أمام كوريا الجنوبية والأردن يومي 5 و10 حزيران المقبل، ضمن الجولتين التاسعة والعاشرة من التصفيات، في وقت لم يُحسم فيه ملف الجهاز الإداري والفني بشكل كامل بعد إقالة المدرب السابق خيسوس كاساس.
********************************************
مدرسة عمو بابا تستأنف تدريبات مواهبها الكروية
متابعة ـ طريق الشعب
أعلنت مدرسة عمو بابا الكروية، يوم السبت، استئناف تدريبات مواهبها الكروية على دفعتين، وذلك بعد توقف مؤقت تزامن مع انشغال اللاعبين الصغار بامتحاناتهم الدراسية. وقال المدرب عصام خليل، إن "تدريبات الفئة الأولى التي تضم مواليد 2017 إلى 2019 انطلقت اليوم على ملعب الشعب الدولي الثاني"، مشيراً إلى أن "التأجيل جاء بسبب ارتباط اللاعبين بالامتحانات المدرسية".وأضاف خليل أن "الفئة الثانية التي تضم مواليد 2013 حتى 2015 ستستأنف تدريباتها في 25 من أيار الجاري، بعد انتهاء التزاماتهم الدراسية".
وكشف المدرب عن استحداث فئة جديدة من مواليد 2019، تم ضمّها إلى الفئات التدريبية السابقة ضمن إطار سنوي معتمد يهدف إلى اكتشاف واحتضان المزيد من المواهب الكروية الناشئة.
وأكد خليل أن "مدرسة عمو بابا تضم عدداً من المواهب الواعدة"، متوقعاً أن "تكون لها بصمة مستقبلية في الأندية العراقية والمنتخبات الوطنية".
وأشاد بالدور الكبير الذي تؤديه المدرسة في رفد الكرة العراقية بالمواهب، مؤكداً أن "المدرسة تعمل تحت إشراف كوادر تدريبية ذات كفاءة عالية".
يُذكر أن مدرسة عمو بابا تأسست عام 2001 في العاصمة بغداد، وتُعد من أبرز روافد الكرة العراقية، حيث خرّجت العديد من اللاعبين الذين يمثلون حالياً مختلف الأندية والمنتخبات الوطنية.
************************************************
وفاة نجم الكرة العراقية السابق صاحب خزعل
متابعة ـ طريق الشعب
توفي كابتن المنتخب العراقي لكرة القدم ونجم نادي القوة الجوية السابق، صاحب خزعل، يوم السبت، في إحدى مستشفيات بغداد، عن عمر يناهز 82 عاماً، بعد معاناة طويلة مع المرض.
ويُعد صاحب خزعل من أبرز نجوم الكرة العراقية في حقبة الستينيات والسبعينيات، حيث مثّل المنتخب الوطني كمدافع أيسر، وشارك معه في العديد من البطولات الدولية، من بينها نهائيات كأس آسيا عام 1972، كما كان ضمن الفريق الذي خاض أول تصفيات كأس العالم في تاريخ العراق عام 1974.
وعانى خزعل في سنواته الأخيرة من مرض عضال أدى إلى تدهور حالته الصحية وفقدانه الذاكرة، حتى وافته المنية صباح اليوم.
الراحل وُلد في الأول من كانون الثاني عام 1943، وامتدت مسيرته الكروية الدولية من عام 1963 حتى 1975، وترك بصمة واضحة في تاريخ الكرة العراقية بأدائه المتميز وانضباطه داخل الملعب.
**********************************************
آرسنال يوجه ضربة جديدة لريال مدريد
لندن – وكالات
فاجأ نادي آرسنال الإنكليزي الجميع بحسم صفقة التعاقد مع النجم الإسباني مارتن زوبيميندي، لاعب وسط ريال سوسيداد، في خطوة أحبطت آمال ريال مدريد الساعي لتعزيز صفوفه في الميركاتو الصيفي المقبل.
ونجح "المدفعجية"، الذين كانوا قد أطاحوا بريال مدريد من ربع نهائي دوري أبطال أوروبا هذا الموسم قبل أن يودعوا المسابقة أمام باريس سان جيرمان في نصف النهائي، في التوصل إلى اتفاق نهائي مع زوبيميندي للانضمام إلى صفوف الفريق اللندني في الصيف. وكشف الصحفي الإيطالي المتخصص في سوق الانتقالات، فابريزيو رومانو، عبر حسابه على منصة "إكس"، عن تفاصيل الصفقة قائلاً: "توصل آرسنال لاتفاق مع مارتن زوبيميندي.. الصفقة أُبرمت!". وأضاف: "اللاعب وافق شفهيًا على عقد طويل الأمد، وسيتم تفعيل الشرط الجزائي البالغ 60 مليون يورو قريبًا".
وكان زوبيميندي ضمن أولويات تشابي ألونسو، المرشح الأبرز لتولي تدريب ريال مدريد خلفًا لكارلو أنشيلوتي، من أجل تعزيز خط الوسط الملكي، إلا أن تحرك آرسنال السريع حسم الأمور لصالحه.
******************************************
البرازيل حائرة بين إيطالي وبرتغالي
برازيليا – وكالات
يواجه كارلو أنشيلوتي، المدير الفني لريال مدريد، أزمة قد تعرقل خططه المستقبلية لتولي تدريب المنتخب البرازيلي، رغم اقترابه من الرحيل عن "الميرينغي" مع نهاية الموسم الحالي استعدادًا لقيادة السامبا في مونديال 2026.
ووفقًا لما أوردته صحيفة "آس" الإسبانية، فإن الاتحاد البرازيلي لكرة القدم، بقيادة رئيسه إدنالدو رودريغيز، يسعى لتوقيع عقد رسمي مع أنشيلوتي مباشرة بعد مباراة الكلاسيكو المقبلة أمام برشلونة، وذلك لتجنب أي تعقيدات محتملة قد تنجم عن تغييرات إدارية داخل الاتحاد.
وأشارت الصحيفة إلى أن رودريغيز يواجه قضية قانونية قد تؤدي إلى عزله من منصبه خلال الأسبوع المقبل، مع احتمال عودته في 28 أيار، مما دفعه للإسراع في حسم ملف أنشيلوتي قبل فقدان صلاحياته. في المقابل، لا يزال الجدل قائماً داخل البرازيل بشأن هوية المدرب المقبل للمنتخب، حيث يطالب جزء من جماهير السامبا بتعيين البرتغالي خورخي جيسوس، المدرب السابق للهلال السعودي، والذي حقق نجاحات كبيرة مع فلامنغو في الدوري البرازيلي، ويُنظر إليه كخيار مثالي لقيادة البرازيل نحو المجد العالمي.
******************************************
أبو الهيل يستدعي 45 لاعبة لتجمع منتخب السيدات
متابعة ـ طريق الشعب
أعلن مدرب المنتخب الوطني النسوي لكرة القدم، عبد الوهاب أبو الهيل، يوم الجمعة، عن دعوة 45 لاعبة للانضمام إلى التجمع الأولي لتدريبات منتخب الساحات المكشوف، وذلك استعداداً لخوض تصفيات كأس آسيا للسيدات، التي تنطلق في الثلث الأخير من شهر حزيران المقبل في تايلاند.
وستنطلق التدريبات يوم الأحد 11 أيار الجاري، عند الساعة الخامسة عصراً، على ملعب اللاعب الدولي الراحل علي حسين شهاب، التابع لوزارة الشباب والرياضة.
وضمّت القائمة الأولية عدداً من الأسماء البارزة في كرة القدم النسوية العراقية، بما في ذلك حارسات المرمى: فائزة جلال محمود، سَلار عبد الواحد، لمى جاسم، أسماء شيفان، زهراء علي حسن، وخلات أسعد مصطفى، إلى جانب مجموعة من اللاعبات الموهوبات من مختلف المحافظات.
ويلعب منتخبنا النسوي ضمن المجموعة الثانية لتصفيات كأس آسيا إلى جانب منتخبات تايلاند، الهند، منغوليا، وتيمور الشرقية. وتنطلق أولى مباريات المنتخب يوم 23 حزيران أمام تيمور الشرقية، تليها مباراة منغوليا في 26 من الشهر ذاته، ثم تايلاند في 29 منه، ويختتم مشواره في التصفيات بمواجهة الهند في 2 تموز/يوليو المقبل.
ويطمح الجهاز الفني بقيادة أبو الهيل إلى إعداد فريق قوي ومتماسك يمثل العراق بأفضل صورة في التصفيات القارية، سعياً لبلوغ النهائيات المقررة في أستراليا عام 2026.
************************************
وقفة رياضية.. قلِّصوا فرق دوري المحترفين
منعم جابر
هل تتناسب فرق دوري المحترفين مع واقع كرة القدم العراقية الحالي؟ أم أن وجود عشرين فريقاً يُعد عدداً كبيراً يستدعي التقليص؟ لقد تحدثنا مراراً، وفي أكثر من مناسبة عبر جريدة "طريق الشعب"، عن حاجة الدوري العراقي إلى تنظيم مختلف وواقع جديد يستند إلى أسس واضحة ومدروسة.
إن الدوري، بهذا العدد الكبير من الفرق، والذي يُقام تحت مسمى "دوري المحترفين"، يعاني من الترهل وزيادة عدد الأندية، وعدم القدرة على إفراز أسماء جديدة من اللاعبين الكبار الذين يمكن أن يكونوا نجوماً يمثلون الكرة العراقية. ولا يخفى أن عدد اللاعبين المحترفين (الأجانب) في كل فريق بات مرتفعاً، لدرجة أن عددهم أصبح يتجاوز عدد اللاعبين المحليين.
لذلك، أطالب الإخوة في اتحاد كرة القدم العراقي بإعادة النظر في عدد فرق الدوري، إذ أن العدد الحالي يعاني من ترهل واضح، وهذا الترهل في عدد الفرق ينعكس سلبًا على مستوى المنافسة وجودة الأداء.
وفي هذا السياق، أود أن أتناول قضية عدد اللاعبين المحترفين في كل فريق، إذ تسمح تعليمات الاتحاد العراقي المركزي لكرة القدم لكل نادٍ محلي بالتعاقد مع ثمانية لاعبين محترفين. وهذا يعني – عند احتساب مجموع اللاعبين الأجانب في الدوري – أن لدينا ما يقارب 160 لاعباً محترفاً. وهذا الرقم الكبير يحدّ من فرص مشاركة اللاعب العراقي ويقلّص من مساحة تطويره وصقله.
ومن هذا المنطلق، أدعو اتحاد الكرة العراقي إلى تقليص عدد اللاعبين الأجانب المحترفين إلى أربعة لاعبين فقط، مقابل التشديد على تحسين مستواهم الفني، ووضع معايير دقيقة لاختيارهم، من خلال الاستناد إلى التصنيف العالمي (فيفا) لمنتخبات بلدانهم، بحيث يكون اللاعبون قادمين من دول تمتلك تصنيفات أعلى أو قريبة من تصنيف العراق، لضمان الإضافة الفنية الحقيقية، ولتشجيعهم على المساهمة في تطوير كرة القدم العراقية ورفع مستوى اللاعبين المحليين.
وبناءً عليه، أقول لأحبّتي في اتحاد الكرة العراقي: أنتم مسؤولون عن تطوير اللعبة، وهذا واجبكم الأساسي. وحتى نرتقي بالمستوى الكروي العام، أرى ضرورة العمل على النقاط التالية:
تقليص عدد أندية دوري المحترفين: من أجل القضاء على الترهل، يجب تحديد عدد الفرق المشاركة بـ 14 فريقاً كحد أقصى، بهدف رفع جودة المنافسة، ومنح الفرق القدرة على ضم أفضل اللاعبين.
تقليص عدد اللاعبين الأجانب المحترفين: ينبغي تحديد عدد اللاعبين الأجانب في كل فريق بأربعة فقط، مع اعتماد سياسة "المبدع العراقي" لخلق جيل جديد من فرق الفئات العمرية، فالكرة العراقية لا تزال ولّادة، ويجب دعمها لاستثمار طاقاتها ومواهبها.
الحد من ظاهرة الفساد الإداري والمالي: يُعد "منفذ الاحتراف" أحد أبرز أبواب الفساد الإداري والمالي في الوسط الرياضي، لذا من الضروري اتخاذ إجراءات صارمة لإغلاق هذا المنفذ وسدّه أمام المتلاعبين بالمال العام، ومنع قادة الفساد من استغلاله.
*****************************************
الصفحة العاشرة
قراءة في كتاب {التمرد - كيف يهتز نظامنا العالمي}
أولريكه إيفلر*
ترجمة: رشيد غويلب
في تشرين الأول 2024، نشرت دار برومير للنشر كتابا مذهلا بعنوان: "التمرد - كيف يهتز نظامنا العالمي"، لمؤلفه، بيتر ميرتنز، السكرتير العام لحزب العمال البلجيكي. يقدم الكتاب تحليلاً ذكياً وواقعياً للأزمة العالمية الراهنة، ويساعد على فهم التطورات المعقدة، ويفحص التناقضات التي تحتويها، ويخلق أفقاً للتغيير.
اتهام الظروف
في كتابه "التمرد"، يصف ميرتنز التأثيرات المعقدة والمتنوعة لأزمة عصرنا: ظلم الكبير في التوزيع، فقر متزايد للأكثرية وثراء للقِلة، وارتفاع أسعار الإيجارات في سوق السكن، مما يضع المزيد والمزيد من الناس تحت الضغط للعثور على منزل. ظروف العمل مروعة في جميع أنحاء العالم وخطر مستمر الذي يهدد العمال بالانزلاق إلى المزيد من الفقر، ارتفاع أسعار المواد الغذائية والمضاربة الفاحشة في الأغذية، تزايد فقر الطاقة وزيادة أرباح شركات الطاقة، العواقب المخزية لعقود من خصخصة الخدمات العامة، الانهيار المناخي الوشيك. والتهديد المتزايد بالحرب. ويسلط ميرتنز الضوء على تأثير هذه التطورات على الطبقات العاملة وكذلك الدور الهائل الذي لعبته الطبقات الحاكمة غير العاملة في هذا التطور. ويصبح الوصف الشامل للظلم والأزمات والحرب بمثابة لائحة اتهام قاسية للظروف الاجتماعية.
لكن تركيز الكتاب لا ينصب على وصف الدمار المعروف منذ زمن طويل فقط، بل أيضا على تحليل المتغيرات. تقول إحدى أطروحات الكتاب المركزية، أن الليبرالية الجديدة، التي شوهت العلاقات الوطنية والدولية لقرابة خمسة عقود، دخلت الآن في أزمة التناقضات الداخلية. يتناول ميرتنز وباء كورونا، الذي دفع الاتحاد الأوروبي إلى تعليق معاييره الصارمة للميزانية والديون (ما يسمى بميثاق النمو والاستقرار) لمدة ثلاث سنوات. ويشير إلى أن إعادة تطبيق هذه القواعد الصارمة دون تغيير سيؤدي إلى انخفاض غير مسبوق في الإنفاق العام. وفي الوقت نفسه، تنتظرنا تحديات ضخمة. وسيكون من الضروري توفير 430 مليار يورو سنويا لتحقيق الهدف المناخي الأوروبي. إن مستوى الاستثمار العام في الطاقة والنقل وشبكات الألياف الضوئية والإسكان والبنية الأساسية سوف يحدد مستقبل القارة. وتعمل ألمانيا خصوصا، من خلال سياسة الميزانية الصارمة، على تحديد النغمة في الاتحاد الأوروبي للدول الأعضاء للتحرك نحو مد من اجراءات الادخار الجديدة. إن المحركات الرئيسية لهذه المدخرات هي الخطط الرامية إلى توسيع المجمع الصناعي العسكري الأوروبي: فالتخفيضات العمياء وارتفاع الإنفاق العسكري يسيران جنباً إلى جنب. ويبدو أن أزمة اليورو التي شهدناها عام ٢٠١١ ستتكرر. ولكن هذه المرة، في زمن الحرب والاضطرابات الاجتماعية والاستقطاب، وبالتالي يستنتج المؤلف أن الأمور تتفاقم.
تحليل جيوسياسي
وتكمن الاهمية الكبيرة للكتاب في التزامه المستمر بمساعدة القارئ على فهم الآليات المعقدة التي تؤدي إلى هذه التطورات، التي تدفعنا إلى أعماق أزمة الفقر، وأزمة المناخ، والحرب النووية. ويرى ميرتنز أن العلاقات بين الجنوب والشمال آخذة في التحول. ويلعب الصعود الاقتصادي والسياسي للصين دوراً رئيسياً فيها. ومن بين أهم العوامل التي ساهمت في ذلك انضمام الصين إلى منظمة التجارة العالمية في عام 2001. لقد ساهم ذلك في تعزيز التنمية السريعة للصناعات الجديدة في الصين. وللتغلب على الأزمة العالمية التي بدأت في عام 2008، استثمرت بكين بشكل كبير في البنية الأساسية والإنتاج في السنوات الأخيرة. وما يزعج الولايات المتحدة أن الصين لم تعد مجرد طاولة عمل ممتدة للعالم، بل أصبحت تنتج تقنيات ومنتجات متطورة، في حين أصبح الاقتصاد الأميركي أكثر مالية بشكل متزايد مع تراجع الصناعة، لقد ركزت الصين على التصنيع، وانتقل مركز العالم الصناعي تدريجيا إلى جنوب شرق آسيا.
وفي ظل هذا المزيج، تحاول الولايات المتحدة، بكل الوسائل، فرض نفسها كقوة عالمية. على سبيل المثال، بعد الهجوم الروسي على أوكرانيا، تمكن جو بايدن من ممارسة ضغوط هائلة على أوروبا من أجل إحداث تحول في سياسة الغاز. لقد أدت سياسة العقوبات إلى حرمان السوق الأوروبية الكبيرة من الغاز الرخيص القادم من روسيا عبر خطوط الأنابيب، وربطتها بالغاز الصخري الأميركي القذر والمكلف، والذي كان من الصعب بيعه في السابق. وهي خطوة أدت في غضون بضعة أشهر فقط إلى إضعاف موقف الصناعة الأوروبية بشكل كبير وتعزيز موقف الصناعة الأمريكية. ويأتي هذا التطور في إطار استراتيجية الولايات المتحدة الهادفة إلى استقطاب الصناعة الأوروبية، وخاصة في مجالات بطاريات السيارات، وطواحين الهواء، والخلايا الشمسية، وأشباه الموصلات. إن أسعار الطاقة المرتفعة وبرنامج الدعم الشامل مع الإعانات السخية ــ قانون خفض التضخم ــ يخلقان الظروف المناسبة لذلك. ولكن ميرتنز يرى أن هذه ليست نهاية الليبرالية الجديدة، بل بداية حرب باردة جديدة. وبذلك، ستُعطى مصالح القوة الجيوسياسية الأولوية على وصفات أصولية السوق: "نحن ندخل مرحلة جديدة لا تحمل اسما مناسبا بعد. ولكنها ستتأثر بشكل كبير بالواقع المتنامي للصين الصاعدة".
تحولات في العلاقات العالمية
بالإضافة الى ذلك يتسم العالم أيضا بحمائية جديدة. وتهدف الرسوم الكمركية على الواردات والعقوبات الأمريكية القاسية إلى حماية السوق الأمريكية وإبطاء التطور التكنولوجي والاقتصادي في الصين. ويتزايد خطر تحول المنافسة الاقتصادية إلى منافسة عسكرية. وتعتبر المواد الخام مثل الليثيوم والكوبالت والنيكل والجرافيت ضرورية للانتقال إلى الإنتاج منخفض الكربون. ومع ذلك، فإن أكثر من أربعة أخماس المعادن المهمة تتم معالجتها الآن في دولة واحدة هي الصين. لقد أصبح إنتاج البطاريات ساحة معركة، مما يؤدي إلى تفاقم الصراع بين الشمال والجنوب. وتقاوم بالفعل إندونيسيا وزيمبابوي وناميبيا وتشيلي والبرازيل وبوليفيا النهب المستمر لموادها الخام على يد الولايات المتحدة. لقد أدت خمس نقاط تحول في التاريخ الحديث إلى تعزيز هذه الثقة الجديدة بالنفس لدى بلدان الجنوب واستعداده لتحدي الهيمنة الأميركية: حرب العراق غير الشرعية في عام 2003، والأزمة المالية العالمية في عام 2008، وقمة المناخ في عام 2009، ووباء كورونا، ومنذ عام 2022، حرب أوكرانيا. وقد أظهرت هذه اللحظات الخمس الرئيسية، وفق ميرتنز ما يلي: "لقد أصبحت واشنطن عرضة للخطر، وبات عدد متزايد من البلدان يبحث عن بدائل".
وتشكل هذه التغيرات الاقتصادية الأساس المادي للتحولات في العلاقات بين الشمال والجنوب العالمي. في عام 2023، ولأول مرة منذ قرون، تجاوزت حصة الجنوب العالمي في الناتج الإجمالي المحلي العالمي حصة بلدان الشمال. وتفوقت مجموعة دول بريكس على مجموعة الدول السبع الكبرى، في حصتها من الاقتصاد العالمي،. إن حقيقة انضمام المزيد من البلدان إلى مجموعة بريكس، وإعراب 40 دولة أخرى عن اهتمامها بالتعاون، تشير إلى أن التعاون في ما بين بلدان الجنوب آخذ في الازدياد. ولم تعد بلدان الجنوب راغبة في الالتزام بالانضباط، بل أصبحت تضع مصالحها الوطنية في المقام الأول، مثل ضمان واردات الطاقة والغذاء. وفي سياق هذا التطور، تنشأ علاقات عالمية جديدة لم تنعكس بعد في المؤسسات الدولية، لا في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ولا في صندوق النقد الدولي.
التمرد كعنوان فخري
تتحدث فيونا هيل، المسؤولة السابقة في مجلس الأمن القومي الامريكي، عن "تمرد"، وعن "تمرد مفتوح"، وعن "ثورة البقية ضد الولايات المتحدة". ويقترح ميرتنز اعتماد هذا المصطلح كنوع من "العنوان الفخري" وعدم إغفال العلاقة الجدلية بين التمردات المختلفة للغاية: على سبيل المثال، بينما تتمرد الحكومة الهندية ضد النظام العالمي الحالي (التمرد الأول)، ينتفض المزارعون والنساء والعمال والأقليات الهنود ضد حكومة ناريندرا مودي الرجعية (التمرد الثاني). ويتحدث ميرتنز عن "تمرد مزدوج". من ناحية أخرى، يثور الجنوب العالمي ضد الشمال. ومن ناحية أخرى، تتزايد الضغوط في بلدان الجنوب نفسها. هناك "حركات شعبية تسعى لتمرير أجندة تقدمية. كلٌّ منها يفعل ذلك في سياقه الخاص: من حركة الفلاحين المعدمين في البرازيل، إلى الحركة النسوية العظيمة في الهند، إلى نضال نقابة عمال المعادن في جنوب أفريقيا. إنها انتفاضة تحت السطح، ترفع صوتها عاليا من أجل الحقوق الديمقراطية، وإصلاح الأراضي، والعمل بأجر جيد. وفي الوقت نفسه، إنها نضال من أجل الحرية، ضد الأنظمة الرجعية والديكتاتورية".
بالنسبة لميرتنز، هذه هي أعراض لعالم يحتضر. ويقول إن العديد من الناس يريدون أشياء بسيطة مثل دخل لائق، اطعام صحي، سقف فوق رؤوسهم، وطاقة بأسعار معقولة. وللقيام بذلك، ينضمون لبعضهم البعض وينهضون. ويحذر قائلاً: "ما دام هناك ظلم وقمع، فسوف تكون هناك مقاومة أيضاً"، ويحثنا على التفكير في تناقضات عصرنا. نحن نقف عند مفترق طرق في عالم مستقطب قد يتأرجح في أي لحظة. الوحوش ليست بعيدة. الأمل مجرد كلمة، وعلينا أن نعمل على تحقيقه. بمساعدة الناس على النهوض بشموخ، ورفع أصواتهم، والوحدة، وتثقيف الذات، واتخاذ ما يلزم".
كتاب لحزب يساري قوي
في "التمرد" نجد كتابا توجيهيا وملهما ومستنيرا، لكل الذين لا يريدون أن يكتفوا بديناميكيات الأزمة والحرب الحالية. إذا كانت الرأسمالية لاتؤدي إلى نهاية الكوكب، فلا بد أن لا تكون نهاية التاريخ. يهدف الكتاب إلى التشجيع واستنهاض العزائم وبالتالي يسعى إلى شرح العلاقات المتبادلة المعقدة للتغيرات العالمية بلغة مفهومة، مع العديد من النوادر والحجج الجيدة.
وليس مصادفة أن يصدر كتاب بهذه القوة التحليلية والوضوح من أحد الأحزاب اليسارية القليلة المستقرة في أوروبا اليوم. يحدد ميرتنز ثلاثة أشياء يجب أن تشكل الأساس لليسار من أجل النجاة من عواصف عصرنا وإطلاق أشرعته: الثقة بالنفس، والطبقة، والأممية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*أولريكه إيفلر: مواليد 1975، المتحدثة باسم شؤون النقابات العمالية والمصانع، وعضوة اللجنة التنفيذية لحزب اليسار الألماني. الترجمة باختصار طفيف لنصها المنشور في 14 كانون الثاني 2025 في موقع "شيوعيون" الألماني.
*******************************************
لا بد من العودة إلى الفيلسوف غرامشي في أزمنة الحروب
موسى برهومة
في الليلة الظلماء يُفتقد غرامشي، وما أكثر ليالينا الظلماء الموحشة نحن، المنذورين للعيش في طاحونة الحروب والآلام. يلمع أنطونيو غرامشي في الذاكرة كخشبة نجاة، ومرشداً، ومواسياً نفسياً، ورائياً، مع أن حياته كانت سلسلة لا متناهية من التحديات والعذابات، لكن عقله الذكي انتصر، على رغم تشاؤمه، وذلك بفضل إرادته المتفائلة.
ومن بين مختلف المثقفين والمنظرين اليساريين، يبرز الشيوعي الإيطالي والبرلماني والمناضل كنموذج لما يتعين أن يعيشه الإنسان التواق إلى النبل وغير المبالي بالإغراءات، والعاضّ على جرحه، والممسك بجمرته حتى لو أحرقت عظام كفه. نعم تلك صورة مثالية، ربما يكون تحققها متعذراً أو ذا حظ قليل، ولكن لا بأس فلتختبر الندرة تجربتها من إمكانية التحقق والتبلور، أو عدمه.
يعني استحضار غرامشي الآن، إنعاشاً لمقولته الخالدة في الانحياز للإرادة المقاتلة، وقهر المطارق التي تدق في العقل محرضة إياه على مزيد من القلق والقليل من المبادرة لحل المشكلات. العقل، وبخاصة الفلسفي الذي كان يقصده غرامشي في عبارته التي صارت مثلاً وعبرة، لا يؤول إلى حلول "منطقية" للمشكلات التي تؤرقه.
وإذا كان العقل منشغلاً بالقضايا الوجودية، والأسئلة المتصلة بالكينونة والعدم، فإن تشاؤمه يتضاعف، وهذا ما واجه غرامشي وهو يعيد ترسيم الخريطة السياسية والاجتماعية والاقتصادية في بلاده، والعالم أيضاً. إنه يتوق إلى زمن ينهي، ببطء، هيمنة السلطة على المجتمع استناداً إلى كفاءتها المالية، أو أصولها الرأسمالية.
عقل غرامشي، وهو يفكك هذه المعضلة، كان يقود إلى موانع شاهقة، تكاد تكون مستحيلة.
بيد أن تفجير العقل إلى حدوده القصوى ألهم غرامشي إلى القطع مع ماركس، وفي ما بعد التخلي عن ستالين، وقبلهما الاحتكاك الخشن مع أفكار لينين (في الثورة المسلحة بالضربة القاضية)، ليخلص إلى أن الثقافة، وليس الاقتصاد وحسب، يمكن أن تشكل أداة هيمنة مبتكرة ونظيفة (أي بلا استغلال رأسمالي متوحش). لذا يمكن للثقافة أن تصنع الفارق في التحول، من خلال المثقفين الذي وصفهم بالعضويين، تمييزاً لهم عن المثقفين التقليديين المتقاعسين المدافعين عن الموروث البالي والمتطلعين دائماً إلى مصالحهم الذاتية الضيقة.
الثقافة العضوية
هؤلاء المثقفون العضويون يمكن أن يشكلوا الرباط المتين الذي شبهه بـ"الأسمنت" الذي يشبّك البنية الاجتماعية بالبنية الفوقية، ما ينتج "كتلة تاريخية"، بمعنى حشد كل القوى الاجتماعية الباحثة عن التغيير في مرحلة تاريخية معينة، تحت هيمنة الحزب الماركسي، من أجل تغيير النظام الرأسمالي القائم. واستخدم مفهوم "الكتلة التاريخية" في معانٍ شتى، حتى أنه أخرج عن سياقه الذي قصده غرامشي، وراح يُعتقد أنه محض تشكيل جبهة وطنية أو تحالف سياسي، مع أحزاب ربما تكون برجوازية، وهو أبعد من مظان غرامشي وتطلعاته. كما استخدم مفهوم "الكتلة التاريخية" من قبل محمد عابد الجابري في كتاباته عن القبيلة والغنيمة والعقيدة، حيث يتبنى المفكر المغربي هذا المفهوم للخروج من أزمة الحكم في العالم العربي، من خلال جمع كل القوى الاجتماعية الباحثة عن التغيير في مرحلة تاريخية معينة، منشئاً مقارنة بين حال الأمة العربية الحالية، وما كانت عليه إيطاليا الرأسمالية مطلع القرن الـ20، حيث التفاوت القهار بين شمالها وجنوبها.
غرامشي، المولود في جزيرة ساردينيا الإيطالية، ذات الاقتصاد الضعيف المستلب، أراد أن ينصف الطبقات المعذبة في جنوب بلاده، فكان ذلك دافعاً أساساً لانخراطه في الحزب الشيوعي الإيطالي، وتصدره المشهد السياسي المعارض الذي قاده، بعد انتخابه في البرلمان، إلى السجن بأوامر من الحكم العسكري المستبد لموسوليني الذي لم يرأف بأمراض غرامشي وتصلب شرايينه، وتركه يموت ببطء في معتقله الذي قضى فيه 10 أعوام خرج بعدها جثة، بعدما أصيب بنزف دماغي، وهو في الـ46. عذاب غرامشي ملهم أيضاً، لقد كان أول من منح للأفكار حيوية جبارة، واهباً الثقافة قوة لم يسبق لها أن نالتها في التاريخ. صار لها المقدرة على الهيمنة الاجتماعية. والهيمنة في الفكر الغرامشي تقوم على القبول الذي يؤسس لحال تشاركية واعية وطوعية للمحكومين في الهيمنة عليهم، وهذه الحال تقودها قيادة سياسية هدفها تعميم أفكار الطبقة الحاكمة، بصورة رضائية قائمة على توازن القوة والأفكار.
ويعد مفهوم "الهيمنة على الثقافة" من أكثر المفاهيم الجدلية التي صاغها غرامشي في كتابه الأشهر "دفاتر السجن" الذي يقال إن المفكر الإيطالي كتبه بلغة "مواربة" لضمان ألا يعترض عليه الرقيب العسكري أو يصادره، حيث إنه كان يكتب على كراسات ويهربها إلى الخارج، وهذا ما يقتضي النظر إليه بحسن نية من قبل ناقدي غرامشي الذين عابوا عليه تواطؤه مع السلطة الموسولينية وممالأته لها. وقد تأثر المفكر الفلسطيني إدوارد سعيد في فكرة الهيمنة الغرامشية، لكنه طوّر من هوامشها ووضعها في سياق خلاق عندما قدم تصوره لنقد الخطاب الكولونيالي وتفكيكه، كما تجلى في كتابه "الاستشراق".
بيد أن أثر ميشيل فوكو كان أبعد مدى من سعيد لا سيما في تصورات المفكر الفرنسي للخطاب والسلطة والمعرفة.
لقد آمن غرامشي، وهذا ما يجعل استدعاءه ملحاً الآن، بقوة المجتمع المدني الذي يضم إلى المثقفين العضويين، النشطاء وقادة الفكر والنقابيين ومروحة واسعة من الفاعلين الاجتماعيين. وهذا المجتمع هو أحد مكونيْ الدولة، إذ إن الأول يمثل المجتمع السياسي بأدواته الحكومية والتنفيذية والبيروقراطية. لم يدعُ غرامشي إلى القطيعة المطلقة بين المجتمعين، وراح يسعى إلى تجسير الهوة بينهما في خطوة لتمكين المجتمع الأول من الهيمنة بعيداً من مبدأ حرق المسافات الذي كان يتبناه لينين الداعي إلى المقاومة المسلحة التي تنقلب على النظام وتنسفه وتجتثه من جذوره.
المعايير المحلية التي كانت تحكم آليات النضال في إيطاليا تختلف عن روسيا، وهذا سر آخر من أسرار غرامشي الذي طور الماركسية وطوّعها لتكون بنت البيئة التي تستهدفها، مع ما يتطلب ذلك من تعديلات جوهرية على النظرية والممارسة. التغيير، خصوصاً في العالم العربي، مسيرة صعبة مزروعة بالألغام والأشواك، لكنها ليست مستحيلة.
مضى موسوليني إلى النسيان والغبار، وظل غرامشي يشع بأفكاره التي تصلح كمنهجيات عمل. في إحدى رسائل السجن الموجهة إلى والدته، يقول غرامشي "بطبيعة الحال، لا أطير فرحاً، لكني أيضاً لست كئيباً ويائساً، أنا أحس بالهدوء والسكينة كما يجب أن يكون عليه شخص يتمتع بضمير حي، وينظر إلى الحياة من دون أوهام."
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"اندبندنت عربية" – 13 تشرين الأول 2024
***************************************************
قاموس اقتصادي فلسفي.. التويوتية
اعداد: د. صالح ياسر
التويوتية (Toyotism) هي طريقة في تنظيم العمل وضعها المهندس الياباني (Taiichi Ōno). يرتكز نظام تويتا الإنتاجي على ركيزتين أساسيتين وهما: فقط عند الحاجة (just-in-time) والأتمتة الذاتية أو الجيدوكا (Autonomation). ومبدأ (فقط عند الحاجة) يعني أن المواد الأولية أو القطع لن تصل إلى خط الانتاج النهائي إلا عند الحاجة إليها، وأيضا لن يتم تصنيع أي قطع أو أجزاء في أي قسم من اقسام المصنع إلا عند الحاجة إليها وبالكمية المطلوبة فقط. هدف هذا المبدأ التقليل من الهدر بانتاج قطع لا يُحتاج إليها كما يقلل من المساحات المطلوبة للتخزين ويسرع عملية الإنتاج بجعل بيئة العمل مثالية. اما مبدأ الأتمتة الذاتية أو الجيدوكا فيعني أن الآلات يجب أن تكون بمفردها ودون تدخل الإنسان قادرة على التوقف عن العمل في حال حصول أي خطأ، أو في حال كانت المواد الداخلة إلى الآلة أوالخارجة منها معيبة. هذا المبدأ يؤدي إلى تقليل الهدر الناتج عن انتاج قطع معيبة، كما يقلل من عدد العمال المشغلين والمراقبين للآلات حيث لا حاجة للعامل إلا عند توقف الآلة.
*********************************************
الصفحة الحادية عشر
الجديد في المكتبة
- رحلة الى البلدان الاشتراكية/ غابرييل غارسيا ماركيز. ترجمة وضاح محمود. اصدار: دار تنوير- بيروت.
- الأيدي/ ماذا نفعل بها ولماذا؟/ ترجمة د. هناء خليف غني. اصدار: دار عدنان- بغداد.
- نسر وحيد تتبعه العائلة/ شعر رياض الغريب. اصدار: دار الشؤون الثقافية- بغداد.
- نظرية الفعل التواصلي/ المجلد الأول/ عقلانية الفعل والعقلنة الاجتماعية- تأليف يورغن هابرماس. ترجمة فتحي المسكيني. اصدار المركز العربي للأبحاث.
- فلاسفة والحب/ تأليف ماري لومونييه و اود لانسون. ترجمة دينار مندور. اصدار: دار التنوير – بيروت.
- الاعمال الشعرية الكاملة للشاعر آرثر رامبو. ترجمة وتقديم رفعت سلام. اصدار: الهيئة المصرية – القاهرة.
*************************************************
ضمن توجهنا الدائم في رعاية الآداب والفنون في المحافظات، نقدم رصداً نقدياً لعرضين مسرحيين كلاهما من تأليف علي عبد النبي الزيدي. على امل التواصل مع عطاء محافظاتنا جميعاً.
المحرر الثقافي
مسرح المحافظات{النكات}: الحقيقة تنتظر المواجهة
مروان ياسين الدليمي* - كركوك
العرض المسرحي لفرقة كركوك المسرحية "النكات " للمؤلف علي عبد النبي الزيدي ، ومن تمثيل واخراج مريون زنكنه ;رحلة عميقة في أروقة النفس لكشف أوجاعها وتناقضاتها، رحلة تجمع بين الكوميديا والتراجيديا. لتروي قصة ممثل يحاول تقديم مجموعة "نُكات" في عروضه المباشرة لأجل أن يدخل المتعة والبهجة لجمهور المسرح ، لكن الفشل بات يأخذ نصيبه منه في زرع الابتسامة على وجوههم . هذا التحول يحدث في مساره المهني بينما بات عالمه الداخلي والخارجي ينهار ،تحت وطأة الحقيقة التي يرفض مواجهتها في أنه قد أصبح عاجزا عن اضحاك الجمهور،حيث تلتقي الأضواء بالظلال، وتتداخل الأصوات مع الصمت، ليقف وحيدا أمام نفسه ، قبل أن يكون الأمر مواجهة مع الجمهور . حاملا على كتفيه عبء دوره وحياته على حد سواء .
ومنذ اللحظة الأولى، يأسر العرض اهتمام المتلقي بفكرته: ممثل يقدم عرضا مسرحيا، لكنه في الوقت ذاته يعيش صراعا داخليا وخارجيا يتجاوز حدود الخشبة. هذا الإطار السردي، المعروف بـ"العرض داخل العرض"، يخلق طبقات من التأويل والتفاعل. والممثل ليس مجرد شخصية تؤدي دورا، بل هو مرآة تعكس فشل الإنسان في مواجهة ذاته. يبدأ العرض بحيوية، بينما يتحرك الممثل بمرونة على الخشبة، متنقلا بين شخصيات مختلفة، وهو يحاول أن يبدو مقنعا للمتلقي. لكن سرعان ما تتكشف هشاشته، فكل خطوة يخطوها تبدو وكأنها محاولة يائسة للهروب من الحقيقة.
تتخلل العرض خلفية قاتمة تحمل طابعا سياسيا واجتماعيا. فالحرب، ليست مجرد حدث بعيد، بل لأن حضورها يهيمن في الأفق، وينعكس على الشخصيات التي يؤديها الممثل، بما في ذلك النساء اللواتي ينتظرن عودة الرجال من الحرب . هذا السياق يضفي على العرض طابعا كونيا، حيث يصبح الممثل رمزا للإنسان المعاصر الذي يعيش في عالم مضطرب، محاط بالمخاطر الخارجية والداخلية.
ويبرز وباء كورونا معززاً حالة القلق. فالممثل يرفض فتح الباب لزوجته التي تطرق بإلحاح، خوفا من المرض الذي اجتاح البلاد. هذا الرفض ليس مجرد رد فعل عابر، بل تعبير عن عزلته المتزايدة وخوفه العميق من العالم الخارجي. الطرقات على الباب تصبح رمزا للواقع الذي يحاول الهروب منه، واقع يتمثل في زوجته، في حياته الاجتماعية، وفي فشله المهني. لكنه، بدلا من مواجهة هذا الواقع، يختار الاستمرار في عرضه المسرحي، كما لو كان الأداء هو الملاذ الوحيد المتبقي له.
في قلب العرض، تقبع شخصية الممثل الفاشل، الذي يمثل تجسيدا للإنسان المعاصر الذي يعيش حالة خداع ذاتي. إنه يحاول تقديم شيء ممتع ومسلٍ للجمهور، لكنه يفشل في إقناع نفسه. وفي كل محاولاته يبدو مقنعا وماهرا ومؤثرا تبوء بالفشل، ليس بسبب ضعف موهبته، بل لأنه يعاني من شلل نفسي واجتماعي يلازمه في كل جانب من حياته. فهو لم يعد ممثلا ناجحا، ولا زوجا ناجحا، بل مخلوقا فاشلا وبائسا ،يعيش حالة من الإنكار المستمر.
النكات التي يلقيها لا تثير الضحك، بل تقابل بالصمت من الجمهور، وهو صمت يعكس فشله في التواصل مع الآخرين. هذه الكوميديا السوداء ، والتي كان يفترض أن تكون مسلية ، تتحول إلى مصدر للسخرية من الممثل نفسه. فالجمهور لا يضحك معه، بل عليه، لأنه يجسد صورة الإنسان الذي خدع نفسه بأنه شيء ما ، على عكس ما هو عليه. حتى الاتصالات الهاتفية والطرقات على الباب، التي يفترض أنها من زوجته، يشك في صحتها، مما يكشف عن عمق انفصاله عن الواقع. أين الحقيقة؟ هذا السؤال يظل يطارده قبل أن يطارد متلقي العرض ، لكن دون إجابة واضحة.
ما يجعل هذا العرض ممتعا ومؤثرا،قدرة الممثل مريوان زنكنه على المزج بين الكوميديا والتراجيديا بطريقة تثير القلق والتأمل في آن واحد. الكوميديا هنا ليست للضحك، بل لكشف المأساة. الممثل، في محاولاته اليائسة لاستجداء ضحك الجمهور، يكشف عن وجع عميق، وجع الإنسان الذي يدرك فشله لكنه يرفض الاعتراف به. هذه الازدواجية بين الضحك والبكاء تجعل العرض تجربة إنسانية مؤثرة، تترك الجمهور في حالة من التساؤل عن الحدود بين الحقيقة والوهم.
يتركنا العرض أمام مرآة كبيرة تعكس قصة الممثل الفاشل، الى جانب قصة كل إنسان يحاول الهروب من حقيقته. إنه عرض عن الخوف والعزلة والفشل والرغبة اليائسة في أن نكون شيئا أكثر مما نحن عليه. ومن خلال شخصية الممثل، يطرح العرض أسئلة عميقة عن الهوية، عن العلاقات الإنسانية، وعن تأثير الظروف الخارجية مثل الحرب والأوبئة على النفس البشرية.
هذا العرض ليس مجرد تجربة مسرحية، بل رحلة تأملية تأخذنا إلى أعماق الذات. تذكير مؤلم بأن الحقيقة، مهما حاولنا الهروب منها، تظل واقفة خلف الباب، تطرق بإلحاح، وتنتظر لحظة المواجهة.
الديكور هنا عنصر حي يتفاعل مع الممثل ليعزز من دلالات الأحداث.هذا التوظيف الديناميكي للديكور وقطع الاكسوارات يخلق إحساسًا بأن المسرح "يتنفس" مع الممثل وليس مجرد فضاء مادي، بل فضاء نفسي يتغير مع تطور الحالة العاطفية للشخصية.مما يعمِّق فكرة العرض داخل العرض، لتبدو خشبة المسرح امتدادا لعقل الممثل المضطرب، وهذا ما قد يدفع المتلقين إلى الشعور بأنهم يتجولون داخل أفكار الممثل وصراعاته. تبدو قطع الديكور والاكسوارات شريك فاعل في الفعل الدرامي ، تتحرك وتتفاعل مع الممثل، لتعكس حالته النفسية المتقلبة. تارة تكون ملاذا يختبئ فيها، وتارة أخرى تتحول إلى عائق تحد من حركته، كما لو كانت تجسيدًا ماديًا لصراعاته الداخلية. هذا التوظيف للسينوغرافيا اضفى على العرض عمقا بصريا ودلاليا، يجعل المشاهد جزءا من تجربة الممثل المضطربة.
السينوغرافيا في العرض تعتمد على نهج متعدد الطبقات، حيث تجمع بين العناصر المادية (مثل الأثاث والإضاءة) والعناصر التكنولوجية (مثل شاشة العرض). هذا التكامل يخلق تجربة بصرية تشير إلى السياق المعقد للعرض، الذي يمزج بين الحرب، ووباء كورونا، والصراع الشخصي للممثل. أما الصوتيات، مثل طرقات الباب أو الاتصالات الهاتفية، فقد عززت من إحساس التوتر والضغط الخارجي على الممثل. مجموع هذه العناصر السينوغرافية عملت معًا لخلق فضاء مسرحي يبدو وكأنه قفص يحاصر الشخصية، مما يعكس عجزها عن الهروب من واقعها. وشاشة العرض في خلفية الخشبة كانت العنصر الأكثر بروزًا وتأثيرًا في السينوغرافيا. حيث لم تكن مجرد أداة لعرض صور أو خلفيات، بل كانت بمثابة شخصية تتفاعل مع الممثل وتؤثر في إيقاع العرض. فالشاشة تم توظيفها لتكون بمثابة نافذة إلى عقل الممثل، تكشف عن أفكاره التي لا يستطيع التعبير عنها مباشرة. فلعبت دورًا واضحا في إحضار السياق الخارجي - الاجتماعي والتاريخي والواقعي - إلى قلب العرض، من خلال عرض صور أو مقاطع تتعلق بالحرب فأصبحت جسرًا يربط بين العالم الداخلي للممثل والعالم الخارجي المضطرب.
أظهر الممثل مريوان زنكنه قدرة استثنائية على تقمص وتجسيد شخصيات متعددة، مما أضفى عمقًا وحيوية على الأداء. لقد انتقل بسلاسة بين شخصيات متنوعة، كل منها تحمل سماتها النفسية والعاطفية الخاصة، معتمدًا على تغييرات في نبرة الصوت،وملامح الوجه، وحركة الجسد. إلى جانب ذلك، جسّد شخصية الممثل المهرج بمهارة وأضاف طبقة تراجيدية للشخصية الكوميدية، جسدت الصراع الداخلي للممثل المهرج. هذا التأرجح بين الكوميديا والمأساة أظهر مرونته وقدرته على التقاط التناقضات الإنسانية. الممثل مريوان أخذ الجمهور إلى كل شخصية قدمها بصدق وإتقان.
هذا العرض تم تقديمه في كركوك والسليمانية ودربندخان وربما يعرض في مهرجان قرطاج في تونس، ومهرجان المونودراما في تركيا لاحقاً.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
*شاعر وناقد من كركوك
*******************************************
{صمت الفردوس}.. انهزامية انسانية في ظل الموت
د. محمد فضيل الخفاجي* - بابل
اطاح عرض "صمت الفردوس" مآل الانسان في نيل المكان اليوتيبي المرتجى؛ بعد تلك الحياة القاسية التي رزحت بها الذات في اتون النسف الحياتي في اروقة الحرب ودمارها الشامل والضاغط على الوجود المادي والمعنوي؛ تلك الذات التي سِيقت الى الحرب على وفق مفاهيم الشرف والنبل والدفاع عن الوطن لتنساق بتيار الوعي المغيب؛ تغريرًا تارةً وترهيبًا تارةً أخرى؛ من هنا تذوب تلك الذات ويضمحل وجودها المادي، لتتحول اداةً ووقودًا للحرب؛ لتتصير مصائر ذوات الى القتل والعدم لأسباب شخصية فردية مريضة وضيقة. شخصيتان معدمتان قُتلِتا في الحرب من كِلا الجانبين؛ تدعى كلًا منها انها حصلت على نيل الشهادة، تقفان عاجزتين عن دخول الجنة؛ ليتحول المنال اليوتيبي الى مكان ديستوبي؛ اذ تتفاجأ كل شخصية من الشخصيتين في عدم قدرتهما المرور الى ذلك المآل المنشود؛ لعدم وجود اسميهما في جواز العبور الى الجنة، هنا ينشأ الجدل الحواري بين الشخصيتين المتقاتلتين في وصف احدهما على حق والاخرى على باطل.. إذ ارهاصات يوميات الحرب تحكى وتسرد وافكارًا تطرح لمسببات الحرب ودوافعها وممكنات استمرارها؛ وصولًا الى الحقيقة التي تكشف انهما قتلا سوية بصاروخ بعيد المدى؛ وانهما من عقيدة واحدة ودين واحد، ومن ثم التعرف العميق على انهما اصبحا وقودًا للحرب واداةً لأوهام وطموحات ونزوات شخصية تستخدمها السلطة لمكاسبها الفردية..
ازاء هذا التعرف والمآل المفقود بنيل المكان (اليوتيبي) تتصارع الشخصيتيان، شأن شخصيات اخرى مماثلة في العرض في قائمة من الاسماء غير معروفة الهوية من خلال فيلم.. وقد حاولت هي الاخرى في نيل ذلك المكان لتتصير الى مكان (ديستوبي) صائر اليها رغمًا عنها..
(صمت الفردوس).. رحلة حياتية شدَّت رحالها الشخصيات؛ لتتصير (هي/ نحن /الراؤون) عن طريق المرايا المستخدمة في العرض لتعكس ذواتها وتقدمها للمتلقي والتي قد الفناها وعشناها معًا.. وكدرس مادي لمخلفات الحرب ونتائجها الكارثية على الذات والوجود.. وكيف للمآل الوجودي وغاياته المثالية في ذلك الهدف (اليوتيبي) المنشود الذي تهشَّم على طاولة الحضور المادي القاسي الصلد الذي امات الموت مرتين، مرة في الشهادة ومرة في عدم نيل المآل النهائي، لتتحول (اليوتوبيا) الى عذابات التوبيخ واعادة النظر في تلك المسميات والمقولات والسرديات الكبرى ازاء الحياة والوجود كمناهض موضوعي لتلك المتخيلات الواهمة للنهايات البشرية، بفعل المستحدثات السلوكية البعيدة عن الانسانية التي حولت الانسان وفعله الى مسخ متصارع بشموليته السلبية المتأطر بنوع من التهكم والفوضى والفردانية ؛ ليقدِّم صورة وهمية مظللة للحياة التي رزحت وترزح بفيض هائل من الخراب والقيح المادي الذي البس الوجود ذلك التيه والضياع.. اجاد الممثل حسن الغبيني وبحنكة عالية في تصوير تلك الدواخل النفسية للشخصية وما مرت به من عتبات حياتية ورجَّات نفسية لتجربته الادائية الثرّة التي افاد منها في تصوير لهذه التجارب التعبيرية الدالة لما مرت به الشخصية؛ كما كان اداء الممثل حسين جواد في اناقة ادائية كملَّت تلك الدائرة الوجدانية لدالة العلاقات ما بين الشخصيتين وما افرز ذلك الجدل المادي والمثالي بينهما.. ويظهر كعلامة جمالية دالة في بنية الاداء ما جاد به الفنان كاظم خنجر من اداء مزدوج تراوح بين الاداء السينمائي المنتمي لبنية الاداء المسرحي.
هذه المسرحية مأخوذة عن نص "الشهداء لا يدخلون الجنة" لـ علي عبد النبي الزيدي .. اخراج: حسن الغبيني.
تمثيل: حسن الغبيني.. حسين جواد.. كاظم خنجر.. تقديم كلية الفنون الجميلة.. جامعة الحلة الاهلية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*اكاديمي وناقد مسرحي من بابل.
******************************************
ليست مرثية
ليث الصندوق
سأرحلُ وحيداً
وملفوفاً بخرقة بيضاء
خرقةٍ تُعينني على خِداع النسور القمّامة
فتظنّ أني من فصيلتها
ستمضي روحي كالسهم مخترقة السقوف
ومحدثة فيها بعضَ الصدوع
أيها الواقفون على سطوح منازلكم
أطلقوا أياديكم حماماتٍ لتوديعي
إطمئنوا
ستعود إليكم أياديكم سالمة
من دون أن تفقد ريشة واحدة
ولكن أرجوكم
لا أريد مجالسَ عَزاء
ولا نُواحَ
أتركوا روحي تتحرّر من قنينة الغاز بدون خسائر
أزيلوا لافتاتِ النعي
فهي تُعيقُ تنقية الهواء
أخلعوا الملابس السود
كي لا تُحرّضوا الغربان على مضاعفة التفقيس
هكذا أرحل مطمئناً بأن الطريق سالكة
وأن حذائي الجديد لن يُلوّثَ بالوحل
أسمع طَرقاً على باب ذاكرتي
أنهم أصدقائي الراحلون
جاءوا من أقاصي السماء للترحيب بي
ربطوا عند الباب الغيومَ التي جاءوا عليها
وترجّلوا
حاملين ابتساماتهم في أوانٍ من الفضّة
بينما نبضاتُهم ما زالت تُخلخل مسامير الأبواب
أعذروني أيها الأصدقاء
كان ينبغي أن أكون معكم قبل اليوم
ولكنّ دائرة الجوازات
تأخرت في ختم جواز سفري
لا أحدَ يعلمُ أين سأذهب
حتى الذين رافقوني في حياتي
لن يجرأوا اليوم على مرافقتي لتبيّنِ الطريق
ربما سأذهب إلى السماء
لكني أخاف المرتفعات
ولم أتناول فطوري في صحن واحد
مع الطيور الجارحة
وربما سأذهب إلى حفرة في الأرض
حفرة ليست عميقة
لأتمكن من رصد لصوص الأسنان الذهبية
ألحمد لله ليس في فمي شيء من الذهب
لأني أخفيته بعيداً عن اللصوص
أنه في ضميري
سانام إلى أن يصل القطار الذي يُعيدني لحياة ثانية
لكن كيف أواجه في محطة الوصول الأحياء المتأنقين ؟
وليس على جسدي سوى خرقة نخرها الدود
******************************************
الصفحة الثنية عشر
في يوم الأديب العراقي إعلان نتائج مسابقة الأدباء الشباب
متابعة – طريق الشعب
أقام الاتحاد العام للأدباء والكتاب، الأربعاء الماضي، حفلا في مناسبة يوم الأديب العراقي 7 أيار، ذكرى تأسيس الاتحاد عام 1959. بينما أعلن في الحفل نتائج مسابقة الأدباء الشباب بدورتها السادسة/ دورة القاص والروائي الراحل أحمد خلف.
الحفل الذي أقيم على قاعة الجواهري في مقر الاتحاد، حضره جمع كبير من الأدباء والمثقفين، وأدارته الشاعرة راوية الشاعر، مفتتحة إياه بالإشارة إلى أهمية أن يكون يوم الأديب العراقي، فرصة للاهتمام بالأدباء الشباب ونتاجاتهم، فضلا عن الاحتفاء برواد الأدب.
بعد ذلك ألقى المستشار الثقافي لرئيس الوزراء الشاعر د.عارف الساعدي، كلمة في المناسبة، أعقبه الأمين العام للاتحاد الشاعر عمر السراي بكلمة ذكر فيها أن "الاتحاد اليوم يُتمُّ عامه السادس والستين، مستقبلاً عاماً جديداً من عمره المطرّز بالورد"، مضيفا أنه "على مدى هذه الأعوام البيض قدّم كل شيء، قدّم الثقافة والمعرفة والأدب بفنونه، والكتب والمجلات والجلسات والندوات والتواصل والدعم واللقاء والمحبة والمواقف الجليلة والذكريات والمستقبل والاحتضان والسماح والطمأنينة والبهاء".
بعدها أعلن أمين الشؤون الثقافية في الاتحاد الشاعر منذر عبد الحر، أسماء الفائزين في المسابقة، في حقول المخطوطات من المجموعات الشعرية والنصوص المسرحية والرواية والقصة والمسرح والقصيدة.
وأحرز المراكز الثلاثة الأولى في حقل المجموعة القصصية المخطوطة، على التوالي كل من العراقي حسين كامل سعدون والسوداني محمد أحمد محمد اسحق والعراقي ناظم حسين سنوح.
أما في حقل النصوص المسرحية المخطوطة، فقد أحرز المراكز الثلاثة الأولى كل من المغربي زهير بوعزاوي والعراقية سمية ياسر عبد الصاحب والعراقي الأمير حيدر عبد الله.
وفي حقل الرواية المخطوطة، أحرز المراكز الثلاثة الأولى كل من العراقي غيث جواد كاظم الشطري واللبناني جواد سيف الدين والسوري أحمد خضر أبو إسماعيل.
بينما في حقل المجموعات الشعرية المخطوطة، كانت المراكز الثلاثة الأولى من نصيب العراقيين حسين عماد صادق العبد الله وعباس عبد العالي وفاضل عباس عبيد.
*********************************************
افتتاح متحف العلاّمة الراحل د. أحمد سوسة
متابعة – طريق الشعب
افتتح رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، أمس السبت، متحف العلاّمة الراحل مهندس الري والأديب والمؤرخ د. احمد سوسة، في منطقة الوزيرية وسط بغداد.
وفي آذار العام الماضي، جرى تأهيل منزل الراحل ضمن مشاريع "صندوق تمكين" للمبادرات المجتمعية، بإشراف الدائرة الهندسية لرابطة المصارف الخاصة العراقية و"شركة لوفت" الاستشارية. وقد تم تحويل المنزل إلى "دار العلاّمة أحمد سوسة"، كمركز ثقافي ومتحف لمقتنياته.
ويضم المتحف وثائق خاصة بالدولة العراقية منذ تأسيسها، وتحديدا ما يتعلق بمشاريع الري ضمن مجلس الإعمار العراقي في خمسينيات القرن الماضي. حيث كان الراحل يشغل منصب معاون مدير المشاريع في المجلس.
كما يضم كتب الراحل وأبحاثه ومخطوطاته وصوره التذكارية، ومطبوعات تعّرف بسيرته ودراساته ورحلاته.
وخلال الافتتاح، وجّه السوداني بعقد مؤتمر عن العلاّمة أحمد سوسة، وإطلاق جائزة باسمه. كذلك وجه وزارة التربية بتسيير رحلات للمدارس الابتدائية والمتوسطة لزيارة المتحف، للاطلاع على تاريخ ومنجزات الرموز العراقية التي خدمت البلد.
وثمّن السوداني جهود سارة الصرّاف، حفيدة الراحل، في الحفاظ على تراث جدها، وإصرارها على تأهيل منزله وتحويله إلى متحف ومركز للدراسات والبحوث. كما أشاد بجهود الجهات التي دعمت إنشاء المتحف.
جدير بالذكر أن العلاّمة أحمد سوسة المولود في مدينة الحلة عام 1900 لأسرة يهودية، كان قد وضع أفكاره ولمساته على معظم منظومات الري العراقية. كما أشرف على بناء عدد من السدود، وهو أول مهندس عراقي يحصل على شهادة الدكتوراه في الولايات المتحدة، وأول مؤسسي نقابة المهندسين العراقيين. وله أطالس عديدة خاصة بالعراق، ومطبوعات كثيرة حول الري.
****************************************
{سعيد أفندي} يمثل العراق في {مهرجان كان} السينمائي
بغداد – أسامة عبد الكريم
أعلنت "لجنة الحسن بن الهيثم" للذاكرة العراقية المرئية، التابعة لمكتب رئيس الوزراء، عن اختيار الفيلم الكلاسيكي العراقي "سعيد أفندي"، من إخراج كاميران حسني بدرخان وإنتاج عام 1956، لتمثيل العراق رسميًا في الدورة 78 لمهرجان كان السينمائي الدولي في فرنسا، ضمن قسم "كان كلاسيك" الذي يعيد إلى الواجهة روائع سينمائية منسية في نسخ مرممة.
وبحسب بيان صدر عن اللجنة، فإن هذا الاختيار يُعتبر سابقة تاريخية للسينما العراقية، مبينة أن الاختيار تم بجهودها ودعم السفارة الفرنسية في بغداد ووزارة الخارجية الفرنسية، فضلا عن التعاون مع "منظمة اكسبيرتس فرانس" عبر مشروع "سينماتك العراق".
وذكر البيان انه تم ترميم الفيلم بالشراكة مع مؤسسات أرشيفية عربية وأوربية. حيث جرى الترميم باستخدام تقنية K4 في المعهد الوطني للسمعي البصري الفرنسي (INA)، من خلال النيغاتيف الأصلي. وتم حفظ النسخة المرممة لدى اللجنة.
يُذكر أن الفيلم مقتبس من قصة "شِجَار" للكاتب إدمون صبري. ويُعدّ من أبرز الأعمال الكلاسيكية العراقية. إذ يناقش الصراع بين القيم التقليدية والجديدة في مجتمع ما بعد الحرب العالمية الثانية، من خلال شخصية موظف بسيط يحاول التمسك بكرامته في عالم يضيق على الضعفاء.
ويهدف مشروع سينماتك العراق إلى حفظ أرشيف الأفلام العراقية. ويشمل مجموعة من 104 أفلام روائية عراقية تم إنتاجها بين أربعينيات القرن الماضي والعقد الأول من الألفية الثانية. ويحظى المشروع بدعم السفارة الفرنسية في بغداد، ووزارة أوربا والشؤون الخارجية الفرنسية. ويتم تنفيذه من قبل "منظمة اكسبيرتس فرانس".
وفي السياق، أشار الناقد زياد الخزاعي إلى واقعية الفيلم قائلاً أن "الواقعية في سعيد أفندي ليست مجرد أسلوب، بل هي روح الفيلم وهويته. لقد التقط بدرخان ملامح بغداد اليومية، ووجوه الناس المهمشين، بحسّ شعري يُضاهي كبار مخرجي الواقعية الإيطالية."
ينتظر أن يشهد العرض حضوراً نقدياً واسعاً، ضمن سعي "كان" لإعادة كتابة تاريخ السينما العالمية من خلال أرشيفها المنسي.
*********************************
يوميات
يقيم منتدى الانصار الثقافي في أربيل بالتعاون مع الجمعية الثقافية الكلدانية، غدا الاثنين، أمسية ثقافية للكاتب النصير زهير الجزائري، ليتحدث عن روايته "آخر المدن".
الأمسية التي سيديرها الشاعر عامر حسن، وسيوقع فيها الكاتب روايته، تبدأ في الساعة 6 مساء على قاعة الجمعية في أربيل.
وسيجري نقل وقائع الأمسية على منصة "ينابيع العراق" في فيسبوك.
*******************************************
مهرجان {سوق ألقوش القديم} بنسخته الثالثة
متابعة – طريق الشعب
شهدت ناحية ألقوش في نينوى أول أمس الجمعة، المهرجان السنوي الثالث لـ"سوق ألقوش القديم".
المهرجان الذي حضره جمع كبير من أهالي الناحية، والذي أقيم وسط السوق التراثي، عُرضت فيه أكلات شعبية ومنتجات وأعمال يدوية. كما تخللته دبكات شعبية وفقرات عزف وغناء. فيما قدم عدد من الفلاحين، وهم يرتدون أزياء تراثية ويحملون ادوات زراعية قديمة، لوحة استعراضية.
في حديث صحفي، قال مطران أبرشية ألقوش مار بولص ثابت حبيب، أن هذا المهرجان الذي يُطلق عليه "شوقا علايا"، يُعتبر من أبرز الفعاليات التراثية التي تُقام سنويا في ألقوش لإحياء الذاكرة الشعبية.
وأشار إلى ان "سوق ألقوش القديم" هو نبض المدينة، وأن المهرجان ساهم في إبراز التراث المحلي عبر فقرات متنوعة تعكس الحياة التقليدية والثقافة المحلية، مبينا أن الغاية من المهرجان هي إعادة إحياء السوق "وبالفعل، استطعنا إعادة قسم من المحال، وسوف نعيد البقية كي تستقبل سكان الناحية والزائرين".
وأوضح المطران أن عدد المحال في السوق يزيد على 40 محلا.
فيما قال راني فلاح، أحد المساهمين في المهرجان، أن سوق ألقوش شاخص تاريخي، وكان في السابق مركزا تجاريا لأهالي الناحية والمناطق القريبة، لكن تم إهماله بفعل تطور الحياة.
وتابع قوله: "اليوم، ومن خلال هذا المهرجان، نعيد إحياء السوق. وفي كل عام سيكون هناك تقدم في ترميم المحال".
وأشار فلاح إلى ان المهرجان يُعد فرصة لتعزيز الروابط الاجتماعية والثقافية بين سكان ألقوش وزوارها، وانه يساهم في الحفاظ على التراث الثقافي ونقله إلى الأجيال الجديدة.
******************************************
قف.. المشهداني.. ساكها بتبنها
عبد المنعم الأعسم
عندما فاجأنا رئيس مجلس النواب محمود المشهداني، وعلى الهواء، أن ثمة ملف فساد لو كشف عنه لانهار النظام السياسي في العراق، فقد "ساكَها بتبنها" كما يقال حين يتعلق الأمر، بشيء مخفي، بالغ السرية والحرج والخطورة، فيتم فضحه مرة واحدة من دون مقدمات "وليكن ما يكون" لكن قنبلة المشهداني أثارت من الاسئلة أكثر مما أثارته من ردود أفعال، أو تصورات عن محتوى ذلك الملف، ولعل أكثر الاسئلة سذاجة، ودارت بين الكثير من العراقيين ما له صلة بموقف القضاء من واقعة التستر المُعلن، بالصوت والصورة، على ما يُعدّ جرما بموجب قانون العقوبات النافذ رقم 58 لعام 1937 في الباب الثامن.
إلى ذلك أجمعت غالبية التعليقات على القول إن الرجل يمازح أصحابه في قارب الحكم، وهو معروف بتطبيب خواطرهم "الطائفية" بتصريحات مادحة، وربما (أقول ربما) كان يقصد أن كشف ملف الفساد سيؤدي، لا إلى انهيار النظام السياسي الفاسد، بل انهيار الأخلاقيات التي تدير أزرار ذلك النظام.. فلا خشية من انهيار ما هو منهار أصلاً.
*قالوا:
"لا يكونن قولُك لغواً، في عفوِ، ولا في عقوبة".
الخليفة الأول
************************************************
في الزبير اكتشاف موقع أثري يعود للعصر العباسي
متابعة – طريق الشعب
أعلنت مفتشية آثار وتراث البصرة عن اكتشاف موقع أثري في قضاء الزبير غربي المحافظة، مساحته تُغطي أكثر من ألف دونم، ويعود تاريخه إلى العصر العباسي، مبينة أن الموقع يضم حارات سكنية ومباني وقصورا، فضلا عن أنظمة صرف صحي فخارية متطورة نسبياً، تعكس مستوى التنظيم المدني آنذاك.
وقال مدير المفتشية مصطفى الحصيني في حديث صحفي، أن الموقع يقع في محيط مدينة البصرة باتجاه الغرب، وبالقرب من "مسجد خطوة الإمام علي"، مشير إلى ان هذا الموقع يعتبر من أبرز الاكتشافات التي تبيّن تخطيط المدن في الدولة العباسية، ومدى التطور العمراني والحضاري في تلك الحقبة.
وأوضح انه "تمت مباشرة العمل في هذا الموقع، قبل ثلاث سنوات، ونحن الآن في نهاية مراحل التنقيب"، لافتا إلى ان "البعثة التي نقبت في الموقع مكونة من خبراء عراقيين، ولم يتم استقدام أي خبرات أجنبية".
وأضاف قوله أن "من بين الدلالات الأثرية التي وجدت في الموقع، مسكوكات معدنية تعود لحكم الخليفة المطيع لله، وهو الخليفة الثالث والعشرون من خلفاء بني العباس، والذي استمرت خلافته حتى 363 للهجرة. كما تم العثور على مسكوكات معدنية أخرى تشير إلى فترات متوسطة ومتأخرة من الحكم العباسي".