الصفحة الأولى
يوم العمال يتزامن مع الذكرى العاشرة لتشريع قانون العمل.. الشيوعي العراقي: المطلوب حراك جماهيري واسع لتغيير ظروف العمل وتحسينها
بغداد - طريق الشعب
يتزامن عيد العمال العالمي هذه السنة مع الذكرى السنوية العاشرة لتشريع قانون العمل في العراق، وهي مناسبة استثنائية يراجع من خلالها الناشطون في قطاع العمال ما قدمه القانون من امتيازات، والاخفاقات التي أدت الى عدم تطبيقه وانفاذه بالشكل المطلوب، فضلا عن استمرار الانتهاكات التي يتعرض لها العمال في القطاعين العام والخاص.
انقسامات ومسؤوليات!
عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي، علي صاحب، قال ان "هناك إشكالية حقيقية في انفاذ قوانين العمل والضمان الاجتماعي. ولغاية هذه اللحظة وزارة العمل لم تحقق شيئا كبيرا في هذا الجانب. كما ان لجان التفتيش ما زالت اعدادها محدودة، وهذا ما يؤثر على تطبيق قانون العمل".
وأضاف، ان "الشركاء الاجتماعيين لوزارة العمل يتحملون جزءا من هذه المسؤولية. كما ان نقابات العمال ـ برغم ظروفها وانقساماتها ـ تتحمل جزءا آخر، إذ يمكن لها بذل جهد أكبر من اجل إنفاذ قانون العمل والضمان الاجتماعي ومتابعة ذلك".
أزمة حقيقية وغياب المعالجات!
وأشار صاحب الى إشكالية حقيقية تتعلق بالقرارات والتعليمات التي تصدر بعد القانون. كما لا يجري حساب الأثر المترتب على عدم تنفيذ القانون.
وتابع ان الاحتجاجات التي تدشن في قطاعات عدة تعكس مدى الغبن الذي يتعرض له العمال والشغيلة سواء في القطاع العام أم الخاص، على مستوى الموظفين أو الحرفيين وغيرهم، منبها الى أن "عدم توفر الحلول والمعالجات يحول تلك الاحتجاجات الى حركة جماهيرية واسعة".
ودعا عضو المكتب السياسي الى أن يكون هناك حراك جماهيري واسع للمطالبة بتغيير ظروف العمل وتحسينها: "وهنا يتطلب من القوى الاجتماعية والطبقية ان تقود هذا الحراك وان تكون مؤثرة فيه، وداعمة ومساندة له".
أفضل التشريعات ولكن!
من جانبها، قالت الناشطة العمالية منال جبار، ان "مناسبة الأول من أيار ـ عيد العمال العالمي تمر هذه السنة بالتزامن مع مرور عقد كامل على تشريع قانون العمل العراقي، الذي كان من بين أفضل التشريعات القانونية التي أنصفت العمال وحقوقهم، وتضمن الكثير من المواد التي توفر الحماية القانونية للعمال وخاصة للمرأة العاملة".
وأضافت، انه "بمناسبة مرور عقد كامل على تشريع القانون الذي نص على حقوق ومكتسبات قانونية للمرأة خاصة، نتساءل: هل فعلا هذا التشريع أدى المهمة التي شرع من اجلها؟ للأسف لم ينفد القانون حتى الآن، وهنا تكمن المشكلة، فالواقع يعطي مؤشرات مختلفة عن الهدف الذي جرى التشريع من اجله؛ فالمرأة تعاني من تهميش وتمييز وزيادة ساعات العمل غير مدفوعة الاجر".
ضعف قانوني وإعلامي
وأشارت الى ان "المرأة العاملة لا تفصح عن الانتهاكات التي تتعرض لها أمام لجان التفتيش التي يكون أعضاؤها من الذكور عادة، وذلك لتجنب الحرج الاجتماعي"، مردفة "هذا إن وصلت لجان التفتيش إليهن أصلا!".
وتابعت ان "هناك مشكلة لدى الاتحادات والنقابات المعنية برصد الانتهاكات وتوعية العمال بالجهات التي يلجؤون اليها حتى يحصلون على حقوقهم او دفع الانتهاك عنهم. كذلك الجانب الإعلامي يشهد ضعفا كبيرا، كون الكثير من العمال والعاملات لا يعرفون حقوقهم، وهم بحاجة الى تبني اعلامي واسع وإطلاق حملة كبيرة يستفيد منها العمال والعاملات، بطريقة سهلة وسلسة".
وبيّنت الناشطة النقابية، ان "الكثير من النساء الحوامل يجري الاستغناء عنهن في سوق العمل بمجرد معرفة بدء فترة الحمل. هناك أصحاب عمل يأخذون تعهدات على النساء العاملات بعدم الحمل أثناء فترة العمل. هذا انتهاك صارخ للخصوصية بحق النساء العاملات".
العطلة للموظفين لا للعمّال!
رئيس اتحاد نقابات عمال النجف احمد عباس، ذكر ان "عيد العمال العالمي والذي يعد يوما عالميا للعمال للاحتفاء بالمنجزات التي حصلوا عليها، ويعتبر عطلة رسمية، الا انه للأسف الشديد نرى في العراق عموما، وفي محافظة النجف على وجه الخصوص، العمال يعملون في هذا اليوم، من اجل قوتهم اليومي، كون رب العمل لا يوافق على منحهم إجازة العطلة، اضافة الى ان هناك عمالا إذا لم يعملوا لن يحصلوا على قوت يومهم، فيما نجد الموظف يتمتع بعطلة ليست عطلته، وهذا غير منصف بحق العمال".
وتابع، انه "من جانب آخر نجد هناك العديد من القوانين التي شرعت ومنها (قانون العمل رقم 37 وقانون التقاعد والضمان الاجتماعي)، ولكنها لم تطبق او تفعل بشكل صحيح حتى هذه اللحظة. ولا يوجد اي شيء يخدم العامل ويضمن حقوقه ويحافظ على سلامته او يوفر الحياة الكريمة لعائلته، كون القوانين معطلة، وهي حبر على ورق".
وأضاف انه "بالنسبة لعمال الاجر اليومي في القطاع العام وبالأخص العاملين في البلديات (عمال التنظيف)، فان اجورهم لا تتجاوز 200 ألف دينار. بينما المقر رسميا يكون اقل اجر 350 ألف دينار"، مبينا انه "في القطاع الخاص سنجد الايدي العاملة الأجنبية تفوق الواقع والخيال وفي اغلب مجالات العمل، وهي ايدي اجنبية غير شرعية، وتحظى بدعم من شخصيات حكومية او رجال دين، على حساب الايدي العاملة العراقية التي وصلت البطالة فيها الى أكثر من 40 بالمئة، وغالبيتهم من الشباب، وهذا الامر أدى الى مزاولة أنشطة أخرى ومنها بيع المخدرات والتسول، ناهيك عن حالات الانتحار".
ولفت عباس الى ان "اخر ما حدث هو بيع وايقاف عمل المعامل التابعة الى وزارة الصناعة وتسريح اعداد من العمال، وعدم إعطائهم مستحقاتهم"، داعيا الحكومة المحلية في محافظة النجف الى "الالتفات إلى شريحة العمال، والعمل على زيادة أجورهم، وتوفير فرص عمل للعاطلين منهم، وإصدار قرارات داعمة لتنفيذ القوانين الضامنة لحقوقهم، وبالأخص قانون التقاعد والضمان الاجتماعي".
**********************************************
الشيوعي العراقي: نطالب بالتمسك بقرار المحكمة الاتحاديّة وضمان حقوق العراق
تنظر المحكمة الاتحادية اليوم في الطعونات المقدمة من رئيس مجلس الوزراء ورئيس الجمهورية بخصوص قرارها الذي اعتبر التصويت في مجلس النواب على إقرار اتفاقية خور عبد الله في ٢٠١٣ غير دستوري لانه لم يحظ باغلبية ثلثي مجلس النواب .
نحن نؤكد أهمية وضرورة الالتزام بقرار المحكمة الاتحادية على وفق الدستور، كما ان اتفاقية خور عبد الله تنطوي على غبن للعراق في استخدام الممرات المائية ينعكس سلبا على موانئه ، وخصوصا ميناء الفاو الكبير .
المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي
٢٠٢٥/٤/٣٠
*****************************************
راصد الطريق.. أهمية العلم.. وذوو القيود المرقنة؟!
بجرة قلم أرجعت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي الطلبة المرقنة قيودهم منذ عام ٢٠١٣ - ٢٠١٤ ، مستثنية المزورين والغشاشين والمعاقبين بقرار انضباطي. وكان دافعها الى ذلك حسب كتابها الرسمي امس - إتاحة الفرصة للمذكورين لاستكمال الدراسة، ولأن للعلم .. أهمية في بناء وطننا العراق".
وطبيعي ان كثيرين لم يتفاجؤوا بصدور هذا القرار حاليا، مع بدء العد التنازلي للانتخابات الجديدة، خصوصا وان قرارات مماثلة صدرت سابقا، ودون سابق إنذار. وهذا في وقت تشتد فيه حاجة المنظومة التعليمية الى تغييرات حقيقية.
ولا يبدو طبعا ان القرار سيعالج الأزمة البنيوية في هذا القطاع كثير المشكلات والتي تبدأ بالبنية التحتية، وتشمل نظام القبول، والمنهاج الدراسي، والأقسام الداخلية، والحريات الأكاديمية، وحق التنظيم الطلابي، واستقلالية القرار الجامعي، ولا تنتهي بظاهرة التحرش وتراجع البحث العلمي، وقضية شراء الاطاريح والرسائل والبحوث "العلمية"!
معلوم من جانب آخر ان أصحاب القرار يتعاملون مع وزارتي التعليم والتربية، مثلما يفعل منظمو لعبة كرة القدم وهم يبدلون المرمى خلال شوطي المباراة...
والفرق هو ان التبديل في حالة الوزارتين يتم على أساس كونهما من حصة المكونين الطائفيين المعروفين، فيتم استبدال وزيريهما في كل دورة برلمانية.
**********************************************
الصفحة الثانية
مجلس البصرة إلى السوداني: أين كهرباء الـ300 مليار؟
بغداد – طريق الشعب
وجه رئيس مجلس محافظة البصرة خلف البدران، امس الأربعاء، سؤالا الى رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني بشأن ملف الكهرباء، والأموال التي جرى إنفاقها على هذا القطاع، بينما عاد شبح القطع المبرمج إلى الواجهة مرة أخرى.
وطالب البدران رئيس الحكومة باستثناء المحافظة من القطع المبرمج للتيار الكهربائي.
وفي ظل لهيب الصيف الذي يطرق أبواب البصرة مبكراً كل عام، ومعاناة الأهالي التي تتفاقم تحت درجات حرارة تلامس الخمسين، يعود شبح "القطع المبرمج" ليزيد من معاناة مدينة لطالما كانت الرافد الأكبر لثروات العراق، وأحد أهم أعمدته الاقتصادية.
ودعا رئيس المجلس، وزير الكهرباء ورئيس الوزراء الى "مراعاة وضع البصرة، في ظل ارتفاع درجات الحرارة، واستثنائها من القطع".
وقال إن "المحافظة صرفت الكثير على قطاع الكهرباء من موازنة المحافظة خلال السنوات الماضية، وكان آخرها تخصيص 300 مليار دينار من موازنة 2024 لقطاع الكهرباء"، متسائلاً "كيف نصرف أموال مواطني البصرة على قطاع الكهرباء والقطع المبرمج ما زال مطبقاً على المحافظة؟".
*****************************************
ناشطون: حملات التشجير الحكومية {شكلية} والمشاريع السكنية تبتلع المساحات الخضراء
بغداد – طريق الشعب
يشهد العراق تصاعداً في درجات الحرارة، يقابله تدهور بيئي ملحوظ، تزامنا مع تصاعد درجات الحرارة لأكثر من 40 مئوية، في تراجع المساحات الخضراء، تجريف الأراضي الزراعية، ونقص الموارد المائية، فكل هذه العوامل تسهم في تفاقم الاحتباس الحراري. ويرافق هذه المشكلات ارتفاع في معدلات التلوث وزيادة في الاعتماد على المولدات الأهلية، ما يزيد من التحديات الاقتصادية والبيئية التي تهدد حياة الناس.
وتشير التقارير إلى أن درجات الحرارة في العراق ارتفعت بمقدار 4 إلى 5 درجات مئوية فوق المعدل خلال العقود الخمسة الماضية، ما يزيد من الحاجة الملحة إلى الكهرباء لتشغيل أجهزة التبريد والتكييف.
مناطق السهل الرسوبي
وأرجع المتنبئ الجوي صادق عطية، الموظف في الهيئة العامة للأنواء الجوية والرصد الزلزالي، سبب تسجيل مناطق جنوب العراق أعلى درجات حرارة خلال الصيف، إلى مجموعة من العوامل الطبيعية والبشرية المتشابكة. وقال عطية لـ "طريق الشعب"، أن طبيعة التضاريس تلعب دوراً مهماً، إذ أن معظم مناطق الجنوب لا يتجاوز ارتفاعها عن سطح البحر مترين أو أقل، في حين ترتفع المناطق الشمالية، لاسيما الجبلية منها، إلى عدة كيلومترات فوق مستوى سطح البحر، مما يجعل الجنوب أكثر عرضة لظواهر ارتفاع الحرارة مقارنة بالشمال.
وواصل عطية حديثه، أن "هذه المناطق قد تشهد أحياناً موجات من الرطوبة المرهقة، وذلك عند تحول الرياح إلى جنوبية شرقية قادمة من مياه الخليج العربي.
وأكد عطية أن استمرار التدهور البيئي يسهم في تفاقم هذه الظواهر، إذ تعاني البلاد من تراجع المسطحات الخضراء وتجريف الأراضي الزراعية، فضلاً عن انخفاض منسوب المياه، مما يحرم المناطق من عناصر طبيعية كانت تخفف من حدة الحرارة في السابق. وخلص الى ان "هذه العوامل مجتمعة تمثل سبباً رئيسياً في ارتفاع درجات الحرارة المتطرف الذي تعيشه مناطق الجنوب العراقي، خاصة خلال الفترة الممتدة من مطلع حزيران وحتى نهاية أيلول".
حملات تشجير غير مجدية
من جانبه، حذّر عضو مرصد العراق الأخضر المتخصص بشؤون البيئة عمر عبد اللطيف، من أن فصل الصيف بات يشكل تهديداً متزايداً للعراق في ظل تفاقم مشكلات الجفاف، والنقص الحاد في الموارد المائية، وتراجع الحزام الأخضر، إضافة إلى تجريف البساتين والأراضي الزراعية.
وقال عبد اللطيف في حديث لـ"طريق الشعب"، إن موسم الصيف بات يمثل وبالاً على العراقيين بسبب ارتفاع معدلات الجفاف، مشيراً إلى أن العراق يعاني من نقص كبير في المياه، ما يجعل من هذه الأزمة واحدة من أكبر التحديات البيئية والاقتصادية التي تواجه البلاد.
وأوضح عبد اللطيف أن حملات زراعة الأشجار لا تحقق نتائج مستدامة بسبب غياب مصادر مياه قريبة تضمن بقاء الأشجار على قيد الحياة، ما يؤدي إلى هلاكها.
وأضاف أن "أي حملة للتشجير يجب أن تسبقها دراسة شاملة لتوفير المياه، مشدداً على أن "الاعتماد على حملات تشجير غير مدروسة يفاقم المشكلة بدل أن يحلها".
كما دعا عبد اللطيف إلى فرض عقوبات صارمة على قاطعي الأشجار، سواء في المشاريع الاستثمارية أو في المزارع، محذراً من خطورة اتساع رقعة التصحر الذي، بحسب إحصاءات وزارة التخطيط، أصبح يشمل نحو 60 في المائة من مساحة الأراضي العراقية، وسط مخاوف من امتداده إلى مناطق أخرى مع استمرار فقدان الغطاء النباتي وشح المياه.
وأكد عبد اللطيف، أن معالجة أزمة التصحر والتغير المناخي تتطلب تعاوناً مشتركاً بين عدة وزارات، وليس وزارة البيئة وحدها، مشيراً إلى ضرورة تكاتف جهود وزارات الزراعة والموارد المائية والجهات الأخرى ذات الصلة، لوضع خطة طارئة وعملية للحد من هذه الظواهر البيئية الخطرة.
مشاريع سكنية تأكل الساحات الخضراء
فيما حذّرت الناشطة البيئية نجوان علي من تفاقم التغيرات المناخية في العراق، مشيرة إلى أن عدد السيارات في العراق، والذي يتجاوز سبعة ملايين، إلى جانب المصانع والمولدات، يفرز ملوثات يومية تفاقم الأزمة.
وأضافت أن "تراجع المساحات الخضراء لصالح المشاريع السكنية يزيد من ظاهرة ارتفاع الحرارة، مع غياب الأشجار المعمرة القادرة على مقاومة التلوث".
وأشرت عدم وجود "موقف حكومي واضح في ملفات المياه والبيئة والكهرباء"، معتبرة انها "غير جادة في وضع حلول لهذه المشاكل التي بدأت تتفاقم في السنوات الأخيرة".
**********************************************
القمصان البيض تعاني بصمت.. حالات الانتحار تكشف ضغطاً نفسياً واجتماعياً بين الطلبة
بغداد – تبارك عبد المجيد
في السنوات الأخيرة، شهد العراق ارتفاعا مقلقا في معدلات الانتحار، خاصة في أوساط الشباب والطلبة، ما يعكس أزمة نفسية واجتماعية متفاقمة.
وتشير الإحصائيات الرسمية إلى تصاعد حاد في عدد الحالات المسجلة، وسط تباين في الأسباب التي تراوحت بين العوامل النفسية والعائلية والاقتصادية. كما برزت مخاوف حقيقية من تراجع دور المؤسسات التعليمية والصحية في تقديم الدعم النفسي اللازم، في وقت حذّر فيه مختصون من هشاشة الوضع النفسي لدى فئة الأحداث وتفاقم الضغوط المعيشية.
في نهاية نيسان الجاري، وقعت حادثة انتحار مؤسفة في محافظة النجف، حيث أقدمت طالبة جامعية في المرحلة الأولى في قسم القانون على إنهاء حياتها بإلقاء نفسها من مبنى متعدد الطوابق داخل جامعتها في قضاء الكوفة.
وأفادت مصادر بأن الطالبة كانت متفوقة دراسيا، وكانت تستفيد من تخفيض في الأقساط الدراسية، إلا أن ضغوطًا نفسية ناجمة عن عدم قدرتها على سداد القسط السنوي قد تكون ساهمت في اتخاذها هذا القرار المأساوي.
هذه الحادثة أثارت موجة من الغضب والحزن في الأوساط الطلابية والمجتمعية، ودفعت الجهات المختصة إلى تشكيل لجنة تحقيق فورية للوقوف على ملابسات الحادثة وتحديد المسؤوليات.
المستثمر متنفذ
وذكر ناشط من محافظة النجف، فضّل عدم الكشف عن اسمه، أن "المستثمر للجامعة الاهلية التي أقدمت الطالبة على الانتحار في داخلها، هو قيادي في أحد الأحزاب السياسية المتنفذة"، مشيرا إلى أن هذا القيادي كان قد صرح في عام 2011 بأن الجامعة "ليست مشروعاً شخصياً، بل مشروع ثقافي خيري غير ربحي، تابع لمؤسسة خيرية عالمية".
وتساءل المصدر "كيف يمكن أن تكون الجامعة خيرية وغير ربحية، وتهدف إلى دعم الطلبة الفقراء، في حين تمارس ضغوطا شديدة على الطلبة في حال تأخرهم عن سداد الأقساط؟".
إحصائيات
وكشفت الإحصائيات الرسمية الصادرة عن مجلس القضاء الأعلى في العراق خلال عام 2024، عن حالات الانتحار خلال الفترة الممتدة من عام 2017 إلى عام 2022. فقد سجل العراق 178 حالة انتحار عام 2017، ثم ارتفعت إلى 306 حالات في 2018، و316 حالة في 2019، قبل أن تنخفض إلى 233 حالة في عام 2020. إلا أن عام 2021 شهد زيادة ملحوظة لتصل الحالات إلى 364، بالتزامن مع تداعيات جائحة كورونا، فيما بلغ العدد ذروته في عام 2022 بـ511 حالة انتحار.
إلى جانب ذلك، سجلت وزارة الصحة خلال عام 2022 أكثر من ألف محاولة انتحار لم تؤد إلى الوفاة، وكانت معظمها بين الإناث. بينما شكلت الفئة العمرية دون الـ 18 عاما، ما نسبته 20 في المائة من هذه المحاولات.
وترجع الأسباب الرئيسة للسلوك الانتحاري بحسب الوزارة إلى عوامل نفسية بنسبة تتراوح بين 45 إلى 50 في المائة، تليها أسباب عائلية بنسبة 35 في المائة، واقتصادية بنسبة 15 في المائة، إلى جانب دوافع أخرى شكلت نحو 8 في المائة.
أكثرها في مناطق حضرية
وقال الخبير الأمني رياض هاني بهار، إن عدد حالات الانتحار المسجلة خلال الربع الأول من عام 2025، بلغ 270 حالة.
وأضاف بهار أن التوزيع العمري لتلك الحالات كشف أن الذكور البالغين شكلوا النسبة الأكبر بـ121 حالة، يليهم الذكور من فئة الأحداث بـ41 حالة، بينما سُجلت 68 حالة بين الإناث البالغات و40 حالة بين الإناث الأحداث.
وأوضح لـ "طريق الشعب"، أن هذه المعطيات تشير إلى أن أكثر من 30 في المائة من المنتحرين كانوا من فئة الأحداث، وهو ما يعكس وضعاً نفسياً واجتماعياً هشاً بين أوساط الشباب، في حين كانت نسبة الذكور تقارب ضعف الإناث، ما يدل على تعرض الذكور لضغوط نفسية أو اجتماعية مضاعفة.
وهذه الأساليب، وفقًا للمتحدث، تعكس خطورة وسهولة توفر الوسائل العنيفة، ما يزيد من احتمالية تكرار مثل هذه الحوادث مستقبلاً.
تنشيط خدمات الدعم النفسي
وأكد بهار أن "مجمل هذه المؤشرات تمثل خطرا اجتماعيا ونفسيا متصاعدا، لا يمكن تجاهله أو التعامل معه بشكل سطحي، بل يتطلب تدخلًا حكوميا ومجتمعيا واسع النطاق". وشدد على ضرورة اعتبار الوقاية من الانتحار أولوية وطنية، من خلال إنشاء مرصد وطني لرصد الحالات وتحليلها، ودمج مفاهيم الصحة النفسية في المناهج الدراسية، إلى جانب تعزيز حملات التوعية الإعلامية، وتوسيع نطاق خدمات الدعم النفسي المجاني في مختلف المحافظات. كما دعا إلى تفعيل دور الشرطة المجتمعية لتكون حلقة وصل مبكرة في اكتشاف الحالات المعرضة للخطر والتعامل معها قبل أن تتفاقم.
الباحث الاجتماعي
وبالحديث عن ارتفاع معدلات الانتحار بين الطلبة، قالت الباحثة الاجتماعية بلقيس الزاملي: أن "ارتفاع حالات الانتحار بين الطلبة في العراق يمثل جرس إنذار خطير يتطلب تدخلاً عاجلاً من المؤسسات التعليمية والاجتماعية والصحية".
وأوضحت الزاملي لـ "طريق الشعب"، أن "الأسباب متعددة ومتشابكة، منها الضغط الدراسي، والتحديات الاقتصادية والاجتماعية، إلى جانب غياب الدعم النفسي وضعف الوعي بأساليب التعامل مع الأزمات النفسية التي يتعرض لها الطلبة".
وأكدت الزاملي أن "من أهم العوامل المؤثرة هو غياب دور الباحث الاجتماعي داخل المدارس، حيث يعاني هذا القطاع من نقص الكوادر المتخصصة، أو عدم تفعيل دورها بالشكل الصحيح، ما يترك الطلبة دون أي جهة مؤهلة تستمع إليهم أو تقدم الدعم اللازم في الوقت المناسب".
وأضافت ان "الباحث الاجتماعي هو صمام أمان داخل البيئة التعليمية، ومن غير المقبول أن تبقى هذه الوظيفة شكلية أو مهمشة في ظل تصاعد الضغوط على الطلبة".
ودعت الزاملي إلى "تفعيل دور الباحثين الاجتماعيين في المدارس وحتى الجامعات بشكل جدي، وتوفير برامج تدريب وتأهيل مستمرة لهم، إلى جانب تكثيف حملات التوعية النفسية والاجتماعية داخل المؤسسات التعليمية".
طلبة يعانون بصمت!
فيما قال المختص النفسي محمد حطاب، إن الطلبة يواجهون، اليوم، ضغوطًا نفسية واقتصادية كبيرة، تؤثر بشكل ملحوظ على صحتهم النفسية، ما يؤدي إلى زيادة حالات التفكير في الانتحار.
وأضاف أن الأسباب الاقتصادية والنفسية التي يعاني منها الكثير من الشباب، تعد من أبرز العوامل التي تساهم في ارتفاع معدلات الانتحار في صفوفهم، حيث يعاني العديد منهم من شعور بالعجز والإحباط بسبب الأوضاع المعيشية الصعبة والظروف الاجتماعية.
وتابع حطاب لـ "طريق الشعب"، أن "الأزمة أكبر من مجرد مشاكل اقتصادية، فهي مرتبطة أيضا بغياب الدعم النفسي الكافي في المؤسسات التعليمية. للأسف، كثير من الطلبة يعانون بصمت. ولا يجدون من يساعدهم أو يوفر لهم بيئة داعمة للحديث عن مشاكلهم النفسية".
وزاد بالقول ان "المؤسسات الحكومية الصحية تلعب دورا كبيرا في مواجهة هذه الأزمة، لكن هناك إهمالا واضحا في تقديم الدعم النفسي المناسب للذين يعانون من هذه الحالات؛ ففي كثير من الأحيان، يتم إرجاع المنتحرين إلى ذويهم دون أن تُدرس أسباب الانتحار أو يتم توفير العلاج النفسي الضروري لهم ولعائلاتهم".
***************************************
كل خميس.. طبقةٌ تصنَع وطغمةٌ تنهب
جاسم الحلفي
لم يكن الأول من أيار، منذ أكثر من قرن، مجرد يوم للاحتفال، بل هو محطة نضالٍ خاضها العمال وقدموا فيها تضحياتٍ عظيمة، وفرضوا من خلالها يوم عمل من ثماني ساعات، وشروط عمل إنسانية، وانتزعوا حقوقاً اخرى من قبضة الاستغلال.
لم تكن الطبقة العاملة يوماً مجرد أداة إنتاج صامتة، بل كانت قوة تغييرٍ حقيقية، دفعت الثمن الأغلى من أجل الحرية والعدالة. والأول من أيار ليس مجرد تاريخٍ عابر على التقويم، بل هو راية مرفوعة في وجه الاستغلال، يومٌ كُتب بنضال الطبقة العاملة، لا بشعاراتٍ فارغة. يومٌ يعكس كرامة الكادحين، وإصرارهم، وانتصاراتهم على الجشع والطغيان.
كل التحية لعمالنا، الذين يكدّون في قلب العتمة، وقلوبهم مشتعلة بأملٍ لا يخمد. في وطنٍ تهوي فيه الأحلام تحت ركام الخيبات، وتُسرق خيرات البلاد على أيدي طغمة لا تشبع، يصبح الأول من أيار مناسبةً للكشف والمساءلة، لا للاحتفال البروتوكولي.
فالطبقة العاملة العراقية، التي كانت الطليعة للنضالات التحررية، وقوة التغيير في أكثر المنعطفات حرجاً، تتعرض اليوم لتهميش متعمد، لتغييبٌ مقصود وليس وليد الصدفة. فهو جزء من استراتيجية حكم، ترى في هذه الطبقة خطراً على ديمومة الفساد، لا شريكاً في البناء.
الاقتصاد الريعي القائم على النفط، لا يرى في العامل سوى رقم زائد. لا زراعة تُبعث، ولا صناعة تُنهض. والعمال يُدفعون نحو الهامش: أجور مجحفة، بطالة مرتفعة، وانعدام للضمانات. أما العمال المؤقتون، عمال العقود والعمالة الأجنبية، فهم يُستنزفون بلا عقود ثابتة، ولا حقوق تقاعد، ولا أمان مهني. يُستبدلون متى شاء أرباب العمل، ويُستغلون في صمت ثقيل.
في ظل هذا الخراب، تُستكمل الكارثة بفساد ينهش المال العام، ويغلق فرص العمل النزيه. وتتوزع المناصب على أساس الولاء لا الكفاءة، وتُحرم الطبقة العاملة من أبسط أدوات الدفاع عن نفسها: من نقابات حرة ومستقلة. إذ تعاني الحركة النقابية من الانقسام المتعمَّد، بفعل تدخل الطغمة الحاكمة، التي تعي تماماً أن تمزيق وحدة العمال، هو السبيل الأسهل لإسكات صوتهم، وإجهاض قدرتهم على التنظيم والمواجهة.
عيد العمال، إذن، ليس طقساً احتفالياً. بل هو وقفة نضالية لتذكير الطغمة بأن من يبني هو الأحق بأن يقرر. وأن اليد التي تشيّد، لا يجب أن تبقى ممدودة للفتات. وان إعادة الاعتبار للطبقة العاملة ليست مطلباً عادلاً فحسب، بل ضرورة إنقاذ وطني. فلا بناء ممكنا بعمال مسحوقين، ولا نهوض في ظل تهميش من يصنع الحياة.
فلنُحيِ الأول من أيار لا كذكرى عابرة ، بل كرايةٍ مرفوعة، وعهدٍ نردده في وجه النسيان والتواطؤ. ونرفعه مع كل يدٍ تبني، ومع كل صوتٍ يتحدى صمت القوانين غير العادلة. فلا وطن ينهض دون عماله، ولا عدالة تُولد في ظل طغمةٍ تنهب وتُحكم باسم الشعب، وهي أول من يخذله. وتبقى دائما حقيقة إن وراء كل إنجازٍ وطني أو اجتماعي، يسيل عرقُ العاملين، وتتلاحق أحلامهم، ويشتد إصرارهم الذي لا يُكسر، مهما بلغ الإرهاق وطال.
*****************************************
الصفحة الثالثة
عين على الأحداث
آه .. يابلد!
ذكرت الإحصائيات الرسمية بأن حالات الطلاق في السنة الماضية شهدت ارتفاعاً ملحوظاً وبلغت 72842 حالة مقتربة مما كانت عليه في سنوات الجائحة. كما كشفت عن فضائع تُرتكب ضد النساء المطلقات لإجبارهن على التنازل عن حقوقهن المكفولة قانوناً، كارتفاع تكاليف التقاضي واستمرار إجراءات الدعوى لسنين وابتزاز الزوجة بصور شخصية، كانت مشروعة قبل الخلاف، وتلفيق اتهامات باطلة، وقيام بعض المشاركين في عمليات التقاضي بمساومة طالبة الطلاق والتحرش جنسياً بها. هذا وفيما يحذر الخبراء من تفاقم المشكلة بعد إقرار تعديلات قانون الأحوال الشخصية، يطالب الناس جميع المدافعين عن الحريات وحقوق الانسان لوقفات جدية من أجل إنصاف النساء.
رعاية بالحرق!
رغم مرور عدة أعوام على احتراق مستشفيات حكومية بسبب إهمال متطلبات السلامة والدفاع المدني، كشفت تقارير تفتيش لثلاثين مستشفى عن وجود سبعة منها بدون منظومات للإنذار والإطفاء نهائياً، وتعطل هذه المنظومات في 19 مستشفى، واقتصار عملها في أربع مستشفيات على الحد الأدنى. كما وجد بأن منظومة الإطفاء الرطبة غير متوفرة في 20 مستشفى من أصل 46. هذا وفيما تخلو 28 بالمئة من مستشفيات بغداد من إضاءة طوارئ بديلة و8 مستشفيات من مخارج للطوارئ، يتساءل الناس عما تحقق في القطاع الصحي بعام الانجازات، وعن السر وراء إهمال تقارير التحقيق في الكوارث التي أودت بحياة عشرات المرضى الابرياء.
حلول خائبة
أفادت بيانات وزارة التخطيط بأن عدد التجمعات السكنية العشوائية يبلغ 4679 تجمعاً يقطنها نحو 3.6 ملايين شخص، أي ما يعادل نسبة 10 في المائة من السكان، وإن نسبة الفقر قد بلغت حوالي 18 في المائة، أي ما يزيد عن 8 مليون مواطن. هذا ورغم وعود الحكومات المتعاقبة بحل أزمة السكن، وارتفاع الإستثمار في قطاع الإعمار بنسبة 70 في المائة، بسبب كرم الحكومة في تقديم التسهيلات لأصحاب الأموال، دون مساءلتهم عن مصادرها، شهدت المشكلة تفاقماً جراء الغلاء الفاحش للوحدات المشّيدة، للتأمين الجشع غير المحدود لإصحاب العقارات، في ظل صمت الحكومة، اللهم الاّ لتبرير الفشل.
الكفاح بدل الإحباط
أظهرت بعض الإحصائيات عن تسجيل العراق 1778 حالة انتحار خلال الفترة 2020 – 2024، شكّل الذكور حوالي 70 في المائة منها، فيما كشف مصدر أمني عن تسجيل بغداد وحدها 64 حالة انتحار خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الحالي. هذا وفي الوقت الذي تمثل فيه هذه المشكلة مؤشراً على فشل منظومة المحاصصة في تأمين حياة مرضية لأغلبية المواطنيين وإهمالها ما عليها من واجبات في حل مشاكل العراقيين كالبطالة والفقر والأمية ووحشة أوقات الفراغ وانتشار المخدرات، يدعو الناسُ الشبيبة للخروج من سجن اليأس لفضاء الكفاح من أجل التغيير الشامل الذي يعيد لهم وطنهم ويبنى لهم مستقبلاً مشرقاً.
منو يحقق؟
ذكر إعلام مفوضية الانتخابات، بأنها تعتمد في إجراءاتها على ضوابط قانونية واضحة، إذ تمنع تسجيل أي حزب سياسي يتبع لفصيل مسلح أو جهة أمنية، وإنها تتعامل فقط مع الأفراد غير المنتمين إلى فصائل مسلحة، مستدركاً بالقول أن دور المفوضية لا يشمل التحقق الأمني أو تشخيص الانتماءات المسلحة، بل يقتصر على تسجيل الكيانات السياسية التي تستوفي الشروط القانونية المحددة، وفي حال ثبت لاحقا وجود ارتباط بين حزب مسجل وفصيل مسلح، يتم اتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة بحقه. هذا وتذّكر الناس ساخرين وهم يستمعون للتصريح أغنية للسيدة فيروز تقول (واللي سلاحه ظاهر، ما بدو تفتيش)!
******************************************
العراق في الصحافة الدولية
ترجمة وإعداد: طريق الشعب
نفط وغاز العراق بين القانون والسياسة
كتب الخبير النفطي سيمون ويتكينس مقالاً لموقع (Oil Price) حول العلاقات النفطية بين بغداد وأربيل، أشار فيه إلى أنه في ظلّ الجغرافيا السياسية الشرق أوسطية متعددة الأبعاد، يصعب أحيانًا رؤية الصورة الكاملة، وهذا ما ينطبق بالتأكيد – حسب رأيه - على كثيرين ممن يتابعون الصراع الدائر بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان، والذي يبدو ظاهرياً خلافاً حول صلاحيات استخراج وتصدير النفط والغاز من أراضي الإقليم، فيما يمثل في الحقيقة صراعاً حول قضايا السيادة وحدود الصلاحيات المتاحة لحكومته على مختلف الأصعدة.
قراءات مختلفة للدستور
واعتبر المقال حرمان إقليم كردستان من أموال مبيعات النفط المستقلة، عبر حظر التسويق والملاحقة القانونية وحجب المستحقات المالية، بمثابة وسائل لضم كردستان من جديد إلى عراق موّحد. وضرب الكاتب أمثلة على ذلك، بما اعلنته تركيا مؤخراً عن رغبتها في بناء خطوط أنابيب جديدة لنقل النفط والغاز الطبيعي من الجنوب مباشرة إلى موانئها، متجاوزةً الشمال. وادعى بأن انهيار اتفاقية 2014 بين بغداد وأربيل حول تصدير الأخيرة 550 ألف برميل يومياً مقابل حصولها على 17 في المائة من الموازنة الاتحادية، كان انهيارا مرغوباً به من الجانبين.
وذكر الكاتب بأن الدستور العراقي ربما يساعد بشكل كبير في خلق هذا الالتباس، لخلوه من أي وضوح قانوني حول من يملك حقوق النفط في الإقليم وسلطة التحكم في تدفقات النفط المتنازع عليها. ولهذا تستند أربيل في المطالبة بهيمنتها على النفط على المادة 112 من الدستور، التي تمنح حكومة الإقليم سلطة إدارة النفط والغاز المستخرج من الحقول التي لم تكن منتجة في عام 2005، وعلى المادة 115 التي تخول سلطات الإقليم والمحافظات جميع الصلاحيات غير المنصوص عليها حصراً للحكومة الاتحادية، معتبرة ذلك ترخيصاً دستورياً لبيع وتحصيل عائدات صادراتها من النفط والغاز. من جهة ثانية، لا تعترف بغداد بهذه التفسيرات وتصّر على أن النفط في كل البلاد هو ملك حصري لأبنائها، وإن شركة سومو الاتحادية هي المسؤولة عن بيعه وتسويقه.
قوانين خلافية
وأشار الكاتب إلى أن الخلاف الحالي بين الطرفين قد بدأ في 23 نيسان 2013 عندما أقرّت حكومة إقليم كردستان مشروع قانون يسمح لها بتصدير النفط الخام بشكل مستقل من حقولها وحقول كركوك في حال لم تدفع بغداد حصتها من عائدات النفط وتكاليف الاستكشاف. كما أقرت الحكومة حينها مشروع قانون لإنشاء شركة لاستكشاف وإنتاج النفط منفصلة عن صندوق الثروة السيادية الخاص باستقبال جميع عائدات الطاقة. وكانت حكومة إقليم كردستان تنوي من مشروع قانون عام 2013 أن تمنح نفسها استقلالًا ماليًا كاملاً يسبق استفتاءً مخططاً له، وهو ما أجهضته المحكمة الاتحادية العليا في شباط 2024، عندما ألزمت أربيل بتسليم "جميع الإيرادات النفطية وغير النفطية" إلى بغداد.
العوامل الخارجية
وأعرب الباحث عن تصوره بأن الكرملين يرى في إبعاد الغرب عن صفقات الطاقة في العراق، نهاية للهيمنة الغربية على الشرق الأوسط، فيما سيكون الموقف العراقي الموحد في قطاع الطاقة مريحاً للصين، التي تدير شركاتها أكثر من ثلث احتياطيات النفط والغاز العراقية المؤكدة وأكثر من ثلثي إنتاجها الحالي. كما أشار إلى أن كلاً من طريق التنمية ومبادرة الحزام والطريق يستبعدان المرور في كردستان، مما سيخلق مصاعب أكبر لها في تسويق منتجاتها النفطية في المستقبل.
احتجاج الكارتل
ونشرت صحيفة "ذي ناشيونال" الناطقة بالإنكليزية تقريراً حول المشاكل التي تواجه القطاع النفطي في الإقليم، أشارت فيه إلى أن جمعية صناعة النفط في كردستان، والتي تضم ممثلي الشركات العاملة في الإقليم، قد انتقدت في بيان اصدرته مؤخراً حكومة بغداد لجهودها "المحدودة وغير المثمرة" لاستعادة صادرات النفط عبر خط الأنابيب العراقي التركي، والتي أدى توقفها لخسارة البلاد لأكثر من 20 مليار دولار.
اتهامات ومعوقات
وأوضحت الجمعية أنها لا تزال مستعدة لاستئناف الصادرات فورًا عبر هذا الخط بمجرد إبرام اتفاقيات ملزمة تضمن سداد هذه الصادرات بما يتماشى مع الشروط التعاقدية الحالية لكل شركة نفط دولية، وتسديد جميع متأخرات الدفع المستحقة. وأوضح التقرير بأنه ورغم توصل بغداد وأربيل إلى اتفاق لاستئناف الصادرات، فأن العملية لم تُستأنف بعد، حيث يُطالب منتجو النفط الدوليون بضمانات الدفع والتنفيذ الشفاف لأحكام قانون الموازنة، متهمين وزارة النفط الاتحادية بإعاقة الوصول إلى حلول عادلة.
*******************************************
سلوكها قبل الانتخابات مختلف تماما عما بعدها.. الجمهور فقد الثقة بالطبقة الحاكمة والزبائنية تُسيئ للتنافس الانتخابي
بغداد - بسام عبد الرزاق
برغم أهمية البرامج الانتخابية وتأثيرها في تحقيق توجهات جمهور الناخبين، فضلا عن قياس الفوارق بين المتنافسين، إلا ان القوى المتنفذة في العراق لا تعطي لهذا الموضوع أهمية كبيرة، بل ان اغلب فقرات برامجها الانتخابية متقاربة جداً من حيث المضمون، وغالباً ما تأتي التطبيقات من قبلها على عكس ما تحدثت به قبل الانتخابات، لاسيما في مشروع بناء الدولة ومكافحة الفساد، وانتجت هذه الحالة برامج حكومية مشوّهة وتفتقر للأهداف الواضحة، بحسب مراقبين.
ومع تزايد عدد الأحزاب المشاركة في الانتخابات، والتي تجاوز عددها 300 حزب (والتي هي بالغالب، أحزاب ظل للقوى المتنفذة الطائفية، بهدف تشتيت الأصوات وتشويه العمل الحزبي والديمقراطية)، لذا أصبح الاهتمام بالبرامج الانتخابية في أسفل الأولويات، والاعتماد على خلق قاعدة زبائنية وظيفتها مرتبطة بالانتخابات بشكل مباشر، وليس لها حضور في الاعتراض على تنفيذ برامج هذه الأحزاب حتى ان تسببت بضرر لهؤلاء.
برامج ديكورية!
الأكاديمي والباحث بالشأن السياسي إياد العنبر، قال ان "الجمهور وصل الى مرحلة انعدام الثقة بالطبقة الحاكمة والأحزاب التي تستحوذ على السلطة، وما تقدمه من برامج، ويعتبرونه نوعا من الخطابات التي تسبق الانتخابات، وما بعدها يختلف السلوك تماما؟".
وأضاف العنبر لـ"طريق الشعب"، أن تجربة الانتخابات اثبتت شيئا مهما جدا خلال الفترة الماضية. ان البرامج الانتخابية وحتى البرامج الحكومية تُطرح كأشياء ديكورية حالها حال الخطابات التي تتعلق في قضايا الأفق الاقتصادي ومحاربة الفساد وغيرها من الشعارات المتعلقة بمشروع بناء الدولة وإعادة الثقة للجمهور.
كسب المترددين!
وتابع انه "ربما هناك إدراك من قبل أحزاب السلطة، ان الانتخابات تعتمد على قضيتين، الأولى هي قطاعاتها او زبائنها ممن هم مرتبطون بمنفعة وفي قضايا التوظيف. بالنتيجة هؤلاء لا يهتمون بالبرامج الانتخابية".
وأكد انه "في جانب ثاني يتعلق بقضية ادارة الانتخابات من قبل هذه الأحزاب، وفق منظور كسب المترددين، وهذا يحتاج برنامج وتقديم شخصيات بأفق واضح وصريح، وهذا الموضوع لا يثير اهتمام قوى السلطة بالحقيقة، ولا يبحثون عن توسيع قاعدتهم من خلال كسب الجمهور المتردد الذي قد يقتنع بالبرنامج السياسي وغيره".
وبيّن العنبر انه "على هذا الأساس أصبحت العملية الانتخابية بالنسبة لقوى السلطة هي الاهتمام بالدرجة الأولى والأخيرة بتوسيع قاعدة زبائنها المرتبطين بها مصلحيا، ولا تهتم بقضية البرامج".
مشكلة مزمنة
من جانبه، يعتقد الكاتب احمد سعداوي، ان هناك مشكلة مزمنة منذ عام 2003 والى اليوم، تتعلق بكون الأحزاب والائتلافات الحاكمة الانتخابية تطرح عناوين كبرى. ولهذا تبدو غالبية هذه الكيانات الانتخابية متشابهة في برامجها.
وربط سعداوي هذا التشابه من خلال قوله: ان "الأمر أصبح أشبه بالجواب الموحّد لملكات الجمال، حين يتم سؤالهن من قبل لجان التحكيم: ما هو النشاط الذي ستهتمين بالعمل عليه بعد اختيارك كملكة لجمال العالم؟ فيجبن كلّهن: Peace in the world ـ السلام في العالم".
وأضاف سعداوي في حديث لـ"طريق الشعب"، انه "بينما يفترض بالشخصيات التي ترشّح نفسها ضمن ائتلافات سياسية، أن تجمع بيانات من قواعدها الانتخابية، ثم توحّد كل معلومات الاستبيان في قائمة مصغّرة، تكون هي برنامج عمل الكيان السياسي"، مستغربا من ان يجري التحرك على الجمهور في موسم الانتخابات فقط.
وأشار الى ان "تركيبة النظام السياسي العراقي لا تجعل الكيان الفائز ينفرد بتشكيل الحكومة، كما في الديمقراطيات حول العالم. وإنما ضرورة أن تنظم الكتل الكبيرة والصغيرة في الكيان المشكّل للحكومة، وبالتالي فإن الانجاز والاخفاق يتوزّع على الجميع. ولا يشعر الجمهور العام بأنه يساهم فعلاً في إدارة التوجّهات السياسية".
ويؤشر المراقبون ان "قوى السلطة تحاول الاستمرار في الحكم وهي تستخدم مختلف أساليب الاحتيال الانتخابي في سبيل تحقيق هذا الهدف، اذ تبدأ مع كل موسم انتخابي بطرح قضايا طائفية وتصدر نفسها على انها المدافع عن الطائفة والمذهب، كما انها تستخدم المال السياسي والسلاح والاعلام في حملاتها الانتخابية، وهي بذلك تشوه العملية الانتخابية".
*******************************************
الصفحة الرابعة
من يُصدق أنهم أبناء بلد غنيّ؟! سكان العشوائيات بين فكي البؤس والحرمان
متابعة – طريق الشعب
في ظل عدم اكتراث الحكومة لهموم الشعب وحاجاته ومعاناته، تستمر الأزمات الاقتصادية والاجتماعية في العراق، ويتجلى أبرز صورها في عيش عدد كبير من السكان المعدمين في أحياء عشوائية ظهرت بعد 2003، وسط ظروف قاسية تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة الكريمة، خصوصاً في التجمعات السكنية التي يُطلق عليها شعبياً "بيوت التنك" أو "حي التنك"، في إشارة إلى استعمال الصفيح لبناء منازل على أراض تمتلكها الدولة.
وتحت طامة البؤس والحرمان من أبسط شروط العيش الإنساني، يُسيطر على هؤلاء المعدمين قلق مستمر. إذ انهم يتوقعون في أي لحظة قد تصدر قرارات حكومية تُلزمهم بإخلاء مساكنهم البائسة، بلا بدائل تُغنيهم عنها، أو على الأقل سقوف بسيطة تؤويهم!
وفي تلك الأحياء يتكالب البؤس المدقع مع الأمراض والأوبئة، فيحل كاللعنة على السكان. حيث التلوث على أشده، مياه الصرف الصحي تجري في الأزقة الخربة والنفايات تُحاصر المنازل، ومياه الشرب ملوّثة والهواء مُشبَع بالسموم!
وتفيد بيانات وزارة التخطيط بأن عدد التجمعات السكنية العشوائية في العراق يبلغ 4 آلاف و679، يقطنها نحو 3.6 ملايين شخص، ما يعادل نسبة 10 في المائة من عدد سكان البلاد. وتُشكل الأحياء السكنية الفقيرة أجزاءً واسعة من مدن عدة، من بينها بغداد.
فقر وحرمان
في هذه الأحياء، تتعدد القصص وتتقاطع الأحلام المؤجلة، لكن القاسم المشترك بينها هو العوز والحرمان.
يقول الناشط التطوعي عمر العبد الله أن "من أبرز أسباب ظهور التجمعات العشوائية، هو التوسّع السكاني المتسارع الذي تجاوز قدرة الدولة على التخطيط العمراني. كما تشمل الأسباب تداعيات سنوات الحرب والنزوح الداخلي الذي دفع مئات آلاف العائلات إلى البحث عن مأوى مؤقت تحوّل مع الوقت إلى مسكن دائم رغم غياب البنية التحتية والخدمات الأساسية".
ويساهم العبد الله مع مجموعة من المتطوعين في دعم سكان العشوائيات الفقراء من خلال الأعمال التطوعية، ويؤكد في حديث صحفي أنه "في ظل ارتفاع الإيجارات وتضاؤل فرص العمل، لا يجد عراقيون كثيرون إلا خيار الاستقرار في العشوائيات الهامشية، ما يزيد حجم المشكلة ويعيق معالجتها".
من جانبها، تقول المواطنة سعاد عبد الحسن، وهي أرملة وأم لثلاثة أطفال، إنها اضطرت بعد أن فقدت زوجها في حادث عمل قبل أربع سنوات، للانتقال إلى منزل في حي عشوائي شمالي بغداد، مقابل إيجار رخيص.
وتضيف في حديث صحفي قائلة: "أعمل في تنظيف البيوت بين حين وآخر، وأبيع للجيران خبزاً أعده في بيتي، ولأنني لا أستطيع دفع أجرة النقل، يمشي أطفالي مسافة طويلة إلى المدرسة، وهم يحلمون بارتداء ملابس جديدة، وبالحصول على ألعاب مثل بقية أقرانهم، لكنني بالكاد أوفر لهم طعامهم اليومي".
أحياء نظامية تشبه العشوائية!
المواطن خالد حسين، بالرغم من كونه يسكن في حي نظامي ليس عشوائيا، إلا أن ظروف عيشه وعائلته، لا تختلف عما في الأحياء العشوائية البائسة.
يقول في حديث صحفي: "أستيقظ فجرا لألتحق بورش بناء في أطراف المدينة، وأعود قبل غروب الشمس منهكاً بمردود مالي بسيط يساعدني على تدبير معيشة أسرتي. علما أن العمل لا يتوفر يوميا"، مضيفا قوله: "أعيش مع زوجتي وأولادي الأربعة في بيت صغير آيل للسقوط، بُني منذ أكثر من مائة عام في حي الفضل السكني الفقير وسط العاصمة. فغالبية سكان الحي من الفقراء، والبيت الذي نسكن فيه يتسرب منه المطر في الشتاء، وفي الصيف يكون شديد الحرارة. أما سبب بقائي فيه، فهو إيجاره الرخيص. إذ لا قدرة لي على دفع إيجار منزل جديد في حي آخر".
ويعاني الكثير من الأحياء الشعبية القديمة في بغداد والمحافظات، حرمانا من الخدمات البلدية ومشاريع تحديث البنى التحتية، ما يجعلها شبيهة بالأحياء العشوائية، وأحيانا أسوأ منها!
البطالة تبتلع الشباب!
في خضم الظروف الحياتية القاسية التي يعيشها سكان العشوائيات، يعاني شبابهم البطالة، كأقرانهم في الأحياء النظامية.
يقول الشاب منذر كريم: "أنهيت دراستي الجامعية في المحاسبة قبل أربع سنوات، ومنذ ذلك الحين أطرق الأبواب بحثا عن وظيفة، لكن دون جدوى"، مضيفا قوله: "أقيم مع أهلي في حي عشوائي يفتقر إلى الخدمات، وأشاهد يومياً معاناة الشباب بسبب البطالة، حتى ان بعضهم بات ينجر خلف عصابات السرقة والمتاجرة بالمخدرات".
ويلفت إلى انه "خلال أيام دراستي كان يحدوني أمل كبير في أن توفر لي شهادتي عملاً جيداً. حالياً، أشعر بأن شهادتي لا قيمة لها، وأن بلدنا لا يمنحنا الفرص. إذ باتت تراودني أفكار سلبية، وصرت أرغب في الهجرة بأي طريقة".
اضطرابات نفسية
لا تنحصر تداعيات العيش في الأحياء العشوائية في الفقر المادي، بل تمتد لتؤثر بعمق على الصحة النفسية والجسدية للسكان. يقول الاختصاصي في الطب النفسي فارس موفق، أنه "أشارك في بحث حول الآثار النفسية الناتجة عن معاناة السكن في المناطق الفقيرة التي تخلو من الخدمات. واتضح لي أن أكثر ما يعانيه سكان هذه المناطق هو التوتر والقلق".
ويتابع في حديث صحفي قائلا أن "أطفال هذه البيئات أكثر عرضة للإصابة باضطرابات السلوك. فهم يعانون ضعفا في التحصيل الدراسي، وتشتتا في التركيز نتيجة الحرمان والإجهاد المزمن. وهذه البيئة من أبرز مواقع ظهور وانتشار السلوكيات الخطرة من إدمان وعنف، والتي تظهر بسبب التهميش الاجتماعي والشعور بالدونية الذي يعمّق الإحساس بالعزلة والاغتراب عن المجتمع".
وتشير وزارة التخطيط إلى أن نسبة الفقر في العراق تبلغ 17.6 في المائة، وهي نسبة مرتفعة، لا سيما أن عدد السكان يتجاوز 45 مليوناً. وتصنّف بغداد تحديداً، منذ سنوات، كإحدى أسوأ المدن للعيش في العالم، من دون أن يمنع ذلك ارتفاع الإيجارات وأسعار العقارات فيها.
وينطبق هذا الغلاء على معظم المحافظات، ما جعل امتلاك منزل أو حتى استئجار شقة جيدة، حلما للكثيرين من العراقيين، الذين باتوا يضطرون للجوء إلى المناطق العشوائية على أطراف المدن، نظرا لرخص السكن فيها.
***************************************
اگول.. أين اختفت مفاتيح السعادة؟
صلاح العمران
يقول المثل القديم: "ثلاث يَجْلُبْنَ البَصَر او (يُذهبن عن القلب الحزن): النظر إلى الخضرة، والماء، والوجه الحَسَن". لكن ماذا أبقى العمران الحديث من تلك العناصر؟!
لقد تحولت حدائقنا إلى أبراجٍ أسمنتية، وتوارت وجوهنا خلف جدران العجلة والقلق. أين اختفت بهجة الحياة، ومن يفتح لنا باب الراحة؟!
الجزء الأول: ثالوث السعادة المفقود • الخضرة: رئة المدينة وروحها
ليست الأشجار مجرد ديكور، بل هي فضاءاتٌ تتنفس بها المدن، وتُشفى بها النفوس. الدراسات تؤكد أن النظر إلى اللون الأخضر يخفض التوتر ويحسّن الإنتاجية. فما الذي ستولّده فينا مدينةٌ بلا حدائق غير الإرهاق؟!
- الماء: مرآة السماء على الأرض
البحيرات والنوافير لم تكن أماكن للتنزه فقط، بل كانت تُذكّر الإنسان بالهدوء والاتزان. اليوم، اختفت مساحات الماء تحت البنايات، واستُبدل الخرير بضجيج السيارات.
- الوجه الحسن: جمالٌ يُغذّي الروح
لم يكن "الوجه الحسن" مجرد جمالٍ مادي، بل هو ابتسامةُ طفلٍ في ملعب، أو لقاءُ الأصدقاء في المقهى. اليوم، حوّلتنا الشاشات إلى وجوهٍ بلا تعابير، وأصبح الجمال أسير الجدران.
الجزء الثاني: حين يسرق "الغول" فرح المدينة
- التحول العمراني: انتصار الأسمنت على الإنسان
لم تكن المشكلة في البناء نفسه، بل في اختزال المدن بأرقامٍ اقتصادية. كل حديقة تختفي تُستبدل بمركز تجاري، وكل مبنى يرتفع يحجب ضوء الشمس عن وجوه المارة.
- العواقب: مجتمعاتٌ منهكة
ارتفاع معدلات الاكتئاب، وانخفاض التفاعل الاجتماعي، وتشوّه الهوية الجمالية للمدينة.. كلها نتائج لسيطرة "الغول" الذي يرى الإنسان رقمًا، وليس روحًا تحتاج للجمال.
الجزء الثالث: هل نستعيد مفاتيح السعادة؟
- نماذج مُلهمة:
مدن مثل سنغافورة التي حوّلت نفسها إلى "مدينة حدائق"، أو كوبنهاغن التي خصصت 40 في المائة من مساحتها للساحات العامة. التخطيط الحضري ليس عدوًّا للجمال، إن أُحسن تنفيذه.
- حلول مقترحة:
- تشريعات تفرض نسبةً من المساحات الخضراء في كل مشروع.
- إعادة تصميم الأحياء القديمة لتحوي أماكن للمشي واللقاء.
- دعم الفنون العامة (جداريات، تماثيل) لتعويض غياب الطبيعة.
- الدور الفردي:
السعادة ليست مسؤولية الحكومة وحدها. زرع وردة في شرفة المنزل، أو تنظيم حملات لتنظيف الأنهار، خطوات صغيرة تُعيد للأماكن وجهها الحسن.
أين باب الراحة؟
ربما يكون الباب أمامنا، لكننا نحتاج أن نقرعهُ بقوة. الباب قرارٌ جماعي بأن نرفض أن تكون مدننا سجونًا رمادية، وأن نصرّ على استرداد حقوقنا في الخضرة، والماء، والجمال. وكما قال الشاعر: "لا تبيعوا الأرض، فربّ سنبلةٍ خضراء تُعيد للقلب ألفَ ابتسامة".
******************************************
المثنى دائرة المجاري تعاني نقصاً في التمويل والآليات
متابعة – طريق الشعب
أفادت لجنة الخدمات في مجلس محافظة المثنى، بأن دائرة المجاري في المحافظة تواجه صعوبات كبيرة نتيجة نقص التمويل وقلة الآليات والعمال، ما انعكس سلبًا على مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين في هذا القطاع.
وقال رئيس اللجنة سامر سلطان، في حديث صحفي أول أمس الثلاثاء، ان استمرار هذا الوضع قد يؤدي إلى تفاقم المشكلات الخدمية، داعيا الحكومة المركزية إلى دعم الدائرة بما يضمن تحسين أدائها في عموم الأقضية والنواحي.
وأشار إلى أن اللجنة قدمت تقريرا للمجلس بشأن تلك المشكلات، لإصدار التوصيات المناسبة بشأنها، وإرسالها للمحافظ والدوائر المعنية.
*********************************************
الصفحة الخامسة
الطبقة العاملة في برنامج الحزب الشيوعي العراقي
جاءت ولادة الحزب الشيوعي العراقي في 31 أذار من عام 1934، استجابة موضوعية لنشوء الطبقة العاملة العراقية وتطور نضالاتها الطبقية. وبقي الحزب طيلة ما يزيد على تسعة عقود أميناً في التعبير عن مصالحها واهدافها الأنية في الديمقراطية والخلاص من الاستغلال وتأمين مستوى معاشي يليق بها، كمنتج أرأس للخيرات المادية، وكذلك اهدافها بعيدة المدى في الحرية والمجتمع اللاطبقي.
وفي مؤتمره الحادي عشر، والذي انعقد في 2021، خصص الحزب فصلاً من برنامجه للتعريف بمفردات نضاله من أجل التطبيق الفعلي لقانون العمل النافذ رقم 37 لسنة 2015، وحماية حقوق العمال ومصالحهم الاقتصادية والاجتماعية، ومنع تعرضهم للفصل الكيفي، ورفع مستوى معيشتهم، والعمل على تنفيذ قانون التقاعد والضمان الاجتماعي للعمال، وإصدار التشريعات الكفيلة بضمان تمثيل العمال في مجالس إدارة المشاريع والمؤسسات الاقتصادية، والحكومية منها على وجه الخصوص، وضمان الحقوق والحريات النقابية للطبقة العاملة والشغيلة في جميع المشاريع الانتاجية والخدمية بما فيها مؤسسات القطاع العام، والسعي إلى تحقيق وحدة نضال الطبقة العاملة، واحترام استقلال الحركة النقابية وحق العمال في الاضراب والتظاهر والاعتصام، وفي الوقوف بوجه أي تجاوزات على حقوقهم من أية جهة جاءت، بما فيها الجهات الحكومية، فضلا عن اقرار التعددية النقابية والتعامل المتكافئ مع الاتحادات النقابية.
كما يناضل الحزب لدعم إنشاء وتطوير المشاريع الإنتاجية والخدمية الصغيرة والمتوسطة، التي تشغل مزيداً من الأيدي العاملة ولا تحتاج إلى كثير من رؤوس الأموال أو العملة الصعبة، ويدعو لرفع الحد الأدنى لأجور جميع العاملين، وحماية قدرتهم الشرائية بما يتناسب وتكاليف المعيشة المتنامية باستمرار، ولضمان حقوق ومصالح العاملين بالعقود والأجور اليومية في مختلف القطاعات وشمولهم بقانوني العمل والتقاعد والضمان الاجتماعي، ولتشريع قوانين وضوابط الصحة والسلامة المهنية في المؤسسات والمواقع الانتاجية.
ويدافع الحزب عن حقوق ومصالح الفئات المهمشة والعاملين في القطاع غير المنظم وذوي الإعاقة والاحتياجات الخاصة، ويدعو لإشراكهم في القطاعات الإنتاجية المختلفة وتقديم الدعم والمساندة لهم، ولتشريع قوانين وضوابط الصحة والسلامة المهنية في المؤسسات والمواقع الانتاجية كافة.
*************************************************
اتحاد نقابات عمال العراق: أهمية وحدة الطبقة العاملة وحركتها النقابية
بغداد – طريق الشعب
شدد اتحاد نقابات عمال العراقي، على أن " نضال العمال العراقيين في الظروف الراهنة يتكسب أهمية وطنية وطبقية رغم ظروف نضالهم الشاقة، وتفشي البطالة في صفوفهم، وتوقف الدورة الاقتصادية وعجلة الإنتاج، ومحاولة فرض سياسة الخصخصة لمؤسساتنا الإنتاجية الوطنية، وعدم توفير الخدمات العامة".
وأضاف الاتحاد في بيانه بمناسبة الأول من أيار، أن "عشرات آلاف العمال يعملون بعقود لا ضمان فيها لحياتهم و مستقبلهم، ومحاربة التنظيم النقابي ومنعه في القطاع العام من خلال الإصرار على إبقاء القرار الجائر 150 لسنة 1987، وقانون التنظيم النقابي رقم 52 لسنة 1987 رغم انضمام العراق إلى الاتفاقية الدولية رقم 87 لسنة 1948 الخاصة بالحريات النقابية وحماية حق التنظيم النقابي والمصادقة عليها، وعدم إنفاذ قانوني العمل والتقاعد والضمان الاجتماعي للعمال بما يتوافق ومصالح عمالنا ويلبي حاجاتهم ومعيشتهم ويضمن حاضرهم ومستقبلهم، ومحاولات التدخل في شؤون تنظيمنا النقابي من قبل البعض، مما يتطلب احترام استقلالية وحرية كل تنظيم نقابي وفق نظامه الداخلي". وأكد البيان أهمية وحدة الطبقة العاملة وحركتها النقابية.
ودعا البيان الذي حصلت "طريق الشعب" على نسخة منه، إلى حماية الصناعة الوطنية في قطاعات العمل العام والمختلط والخاص، كما رفض خصخصة القطاع العام والخدمات العامة وشدد على أهمية الاستثمار الوطني المباشر لثرواتنا النفطية والدفاع عن حقوق ومكتسبات المرأة العاملة في المساواة في مجالات العمل السياسية والاجتماعية والاقتصادية والنقابية كافة.
وأكد البيان على ضرورة حل أزمة البطالة حلاً جذرياً وبدون تأجيل، ومكافحة الفساد المالي والإداري، ومنح العمال المتقاعدين حقوقهم بما ينصفهم ويضمن مستقبلهم، والعمل على إنهاء عمالة الأطفال وتوفير الحماية الاجتماعية لهم، وغيرها من القضايا الاقتصادية والاجتماعية والأمنية التي يعاني منها عمال وعموم كادحي شعبنا العراقي.
وجدد الاتحاد دعوته لكادحي الشعب العراقي بمختلف الانتماءات إلى توحيد طاقاتهم وجهودهم من أجل نبذ الطائفية والمحاصصة المقيتة وبناء العراق الديمقراطي الخالي من العنف والاضطهاد وتكريس قيم التسامح والحوار والديمقراطية، وتشديد نضالهم من أجل التأكيد على حرية التنظيم والعمل النقابي وبشكل خاص في القطاع العام، وعلى ضرورة مشاركة طبقتنا العاملة في رسم السياسات الاقتصادية والاجتماعية لبلدنا والمشاركة الفاعلة في العمل التنموي.
****************************************
رابطة المرأة العراقية: المرأة العاملة تواجه تمييزا وإقصاءً وتحرشا
بغداد – طريق الشعب
أصدرت رابطة المرأة العراقية بياناً في مناسبة الأول من أيار، حيت فيه عاملات وعمال العراق في مناسبة يومهم العالمي، وقالت في بيان حصلت "طريق الشعب" على نسخة منه: إنها مناسبة ملهمة تزيد من عزيمة وإصرار الطبقة العاملة ومناصريها، للمطالبة بفرص عمل أكبر تزيد من فاعلية المشاركة دون تمييز بين النساء والرجال في الحصول على عمل لائق وبيئة آمنة تضمن لهم الحماية والعدالة، التي تعود بالنفع للجميع وتعزز من تنمية الاقتصاد العراقي وتطوره وتقدمه.
وأكد البيان، أن " المرأة العراقية العاملة، تواجه تحديات معقدة كالتمييز والإقصاء والتحرش في مواقع العمل، وغياب الحماية القانونية والرعاية الاجتماعية التي تضمن حماية حقوقها"، وأكد كذلك على أن" الطبقة العاملة في العراق هي الأكثر تضرراً ومعاناة، وان أوضاعها تزداد بؤساً وسوءاً، أمام استشراء البطالة والفساد وتوقف التنمية الاقتصادية وتعطيل عجلة الإنتاج ونهج الخصخصة ، وارتفاع نسب من يعيشون تحت خط الفقر، وغياب توفير الضمانات والخدمات العامة، والإخفاق في تطبيق القوانين بما يحسن أجورهم اليومية دون استغلال".
وطالب البيان بالتطبيق الفعلي لقانون العمل والشروع بتطبيق وتنفيذ اتفاقية 190 لأنهاء العنف ومنع التحرش والإساءة في مواقع العمل، وإصدار التشريعات الخاصة بتمثيل العمال في مجالس إدارة المشاريع والإعمار والمؤسسات الاقتصادية والحكومية، وتعزيز مشاركة التنظيمات النقابية العمالية في رسم السياسات الاقتصادية والاجتماعية مع ضرورة المشاركة العادلة للمرأة العاملة وتمكينها وإتاحة الفرصة اماها للإسهام بفاعلية أكبر في تطوير وتنمية الاقتصاد الوطني لتحقيق الازدهار والتقدم والعدالة الاجتماعية.
***************************************
الاتحاد العالمي للنقابات العمالية: التنظيم والنضال سبيلاً لتغيير واقع البؤس والاستغلال والظلم الاجتماعي
بغداد – طريق الشعب
أصدر الاتحاد العالمي للنقابات العمالية بياناً في مناسبة الأول من أيار يوم العمال العالمي والذي يصادف الذكرى الثمانين لتأسيسيه، بياناً شدد فيه على أهمية التنظيم والنضال في سبيل تغيير واقع البؤس والاستغلال والظلم الاجتماعي القائم.
وجاء في البيان الذي حصلت "طريق الشعب" على نسته منه: يصادف عيد العمال هذا العام الذكرى الثمانين لتأسيس اتحاد النقابات العالمي، الذي ولد في رماد الحرب الأكثر تدميراً في تاريخ البشرية، وفي الهواء الثوري النقي للنصر العظيم للشعوب مع الاتحاد السوفييتي في المقدمة ضد الفاشية، ويكمل ثمانية عقود من النضال المستمر والمتواصل من أجل حقوق العمال، من أجل العدالة والتقدم الاجتماعي، ضد جميع أشكال التمييز، وضد الحروب والتدخلات الإمبريالية، وضد استغلال الإنسان للإنسان.
وتابع، أن "الإبادة الجماعية للفلسطينيين في غزة والضفة الغربية، والقصف في لبنان ودول أخرى في منطقة الشرق الأوسط الأوسع، بدعم وتشجيع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وحلفائهما، مستمرة، لتكشف بكل عظمتها عن نفاق وسخرية وطبيعة الإمبريالية اللاإنسانية."
ولفت البيان، إلى أن " التحول نحو اقتصاد الحرب يشكل أولوية بالنسبة للدوائر الحاكمة في الرأسمالية، لأنه يحفز الربحية للاحتكارات المتعددة الجنسيات ويوسع القوة الجيوسياسية للدول الإمبريالية المتقدمة." وتابع "هذه الزيادات الهائلة الجديدة في الإنفاق العسكري، إلى جانب كونها تهديدًا للسلم والأمن العالميين، تعني أيضًا سياسات تقشفية أشد صرامةً وتفاقمًا للتفاوت الاجتماعي، تُقتطع الموارد المخصصة للأسر والعمال وعامة الناس وتُحوّل إلى إعادة التسلح، وتُوضع الحقوق والحريات المدنية والاجتماعية تحت الوصاية، لأن اختلاف الآراء ممنوعٌ في التحضير للحرب." وأدان التوجه استعدادات البرجوازية إلى الحرب.
وأكد الاتحاد، أن "الطبقات الشعبية لا تتوقع من الحرب سوى الموت والفقر والدماء وزيادة معاناة اللاجئين"، وطالب بالإنفاق على الاحتياجات المعاصرة للعمال والشعب وكذلك التعليم والصحية الكافية، وبظروف عمل ومعيشة كريمة والانفاق على الثقافة والرياضة والترفيه، بدلاً من انتاج الأسلحة والذخيرة والصواريخ والطائرات المقاتلة والسفن الحربية.
وعارض البيان جميع أشكال الخصخصة وأساليب العمل المرنة التي تفاقم البطالة الهشة والاستغلال، واكد ضرورة إيجاد إجراءات لمواجهة ارتفاع التضخم وتكاليف المعيشة التي تضعف مستوياته.
وختم الاتحاد بيانه بالقول: التنظيم والنضال هما السبيل الوحيد لتغيير واقع البؤس والاستغلال والظلم الاجتماعي القائم، سلاح العمال في كل مكان هو التضامن والأممية.
*****************************************
توفير فرص العمل بين الادعاءات والواقع
د. إبراهيم إسماعيل
تشير الاحصائيات الرسمية إلى أن عدد العمال في العراق قد تجاوز 15 مليون عامل، إضافة إلى أعداد كبيرة، مختلف عليها، من العمالة الاجنبية. ورغم إقرار السلطة التشريعية لقانون العمل رقم 37 لسنة 2015، والذي يعّد متقدماً في تنظيم العلاقة بين أصحاب العمل والعمال، وتحديد حقوقهم والتزاماتهم، ومصادقة مجلس شورى الدولة على قانون التقاعد والضمان الاجتماعي بعد مرور عام كامل على تشريعه، فما زالت الطبقة العاملة تعاني من مشاكل لا حصر لها، تتعلق بضعف الرقابة على تنفيذ القوانين، والمنافذ الكبيرة التي يوفرها الفساد للتهرب من الالتزام بها، وضعف الثقافة القانونية لدى أغلبية الناس، وتخلي بعض العاطلين عن حقوقهم القانونية مقابل الحصول على فرصة للعمل، مهما كانت قساوة ظروفها وشروطها، جراء ندرة هذه الفرص في ظل قلة المشاريع التنموية، إضافة إلى ما يضمره المتنفذون وأركان الطغمة الأوليغارشية من رفض لدور وحقوق الشغيلة، رغم ادعاءاتهم بنصرتها، وهي ادعاءات تخالف علناً حقيقتهم. وتبقى البطالة التي بلغت معدلاتها 16.5 في المائة، المشكلة الأخطر التي تعاني منها طبقتنا العاملة، وهي معدلات تزداد جراء فقدان الآلاف لفرص العمل وتدفق آلاف آخرين لسوق العمل كل عام في بلد يمثل الشباب ثلثي سكانه.
إصلاح القطاع الحكومي
وإذا كانت الدولة قد تحولت إلى أهم رب عمل في البلاد منذ الستينيات، فإن اقتراب نسبة العاملين في القطاع الحكومي من 40 في المئة، لم يجعله متخماً بالعمالة وأكثر مستهلك لأموال الموازنة والأقل انتاجاً قياساً بباقي القطاعات فحسب، بل وعائقاً أمام خلق بيئة استثمارية تساهم في توفير فرص عمل مجدية وتخفف من معضلات الاقتصاد الريعي.
ويشير تقرير لمنظمة العمل الدولية، صدر قبل عامين، إلى أن الحكومة تسيطر على ثلث قطاع التصنيع، وهو الثلث المهيمن والأهم من حيث حجم الاستثمارات، وإن كان الأقل ربحاً في بعض الأحيان وسبباً في حدوث خسائر كبيرة تسبب ارتفاع الإنفاق الحكومي. ولا يشكل هذا الأمر ذريعة للخصخصة الفاشلة كما يسعى البعض لاستثماره، حيث يمكن معالجته بتفعيل دور الدولة في خلق فرص للشراكة الاقتصادية بين الشركات اﻟوطﻧﻳﺔ واﻟﺷرﻛﺎت الخاصة المحلية والأجنبية، بحيث تكون الحكومة ضامنة لوجود شراكة متكافئة بين قطاع الدولة والقطاع الخاص الوطني والشركات العالمية العملاقة، إضافة إلى زيادة معدلات الادخار الوطني، عبر تقليص الاستهلاك والاستيراد غير المحدود، وتجنب الاهتمام بالكماليات، وتعديل السياسات التشغيلية، التي تضخ بطاقات كبيرة إلى ساحة البطالة المقنعة، وتحويلها إلى ساحة الإنتاج، واستبدال الصرف غير المجدي اقتصادياً إلى صرف على مؤسسات إنتاجية تخلق المزيد من الوظائف وتساهم في تنويع الاقتصاد العراقي، حيث آن الأوان لإعادة هيكلة الاقتصاد والتركيز على الجانب الإنتاجي وليس الجانب المالي، أي التخلص من خطط قيام اقتصاد ريعي/خدمي كما حدث في أوربا الشرقية في التسعينيات وأثبت فشله. كما لا بد من إيقاف هروب الأموال من العملية الإنتاجية وتقنين حرية التجارة المنفلتة، التي خلقت منافسة غير متكافئة مع الإنتاج المحلي، مما وجه ضربة قاصمة للصناعة والزراعة وبالتالي للسياسة التشغيلية، ونسف عملية التراكم الرأسمالي والتنمية.
قطاع خاص مهم ولكن!
إن ما يعانيه العمال في القطاع الخاص، من زيادة في ساعات العمل وقلة الإجازات مدفوعة الأجر وعدم الحصول على الحق في التعويض وضعف التزام صاحب العمل بالضمان الاجتماعي لشغيلته، وهو ما يبقيها تحت وطأة التهديد بالإقصاء التعسفي والشعور المتواصل بالضيم، لا يحجب الدور التنموي المهم للقطاع الخاص، ومساهمته في توفير فرص عمل لجموع العاطلين، شريطة خضوع مؤسساته للقانون والرقابة الحقيقية.
ورغم مرور أكثر من نصف المدة المقررة لتطبيق استراتيجية تطوير القطاع الخاص (2014-2030)، فإنه لا يزال عاجزاً عن الإسهام في تقليص البطالة، حيث لا يعمل فيه سوى أقل من 20 في المائة من الأيدي العاملة، التي تصل العمالة المؤقتة وغير المنتظمة منها لخمسة ملايين شغيل. كما لا تزال مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي الإجمالي متواضعة ولا تتعدى 1.77 في المائة، ولا يمثل عدد العاملين في المنشآت الصناعية المصنفة كبيرة ومتوسطة وصغيرة، سوى أقل من 0.4 في المائة من عدد سكان العراق، فيما لم ترتفع حصة رأس المال الخاص في التنمية الوطنية حتى الان، مثلما سبق ووعدت الحكومة بذلك في استراتيجيتها المذكورة.
إن العمل على إقامة علاقات تكامل بين قطاع الدولة والقطاع الخاص، وإطلاق مبادرة لتطوير مختلف أشكال الملكية، العامة والخاصة والمختلطة والتعاونية، وتخصيص حصة مهمة من الريع النفطي للاستثمار الصناعي (تمويل الدولة عبر قروض ميسرة، دعم التصدير، تخفيض الضريبة، الأرض.. الخ)، سيسهم في تطوير هذا القطاع وخلق المزيد من فرص العمل وتحقيق تنمية مستدامة.
العمالة الأجنبية
تشير بعض التقارير إلى أن سوق العمل في العراق بات مغرياً للعمالة الأجنبية، رغم كل المشاكل التي يعاني منها، الأمر الذي يظهر جلياً في تدفق العمال من الدول الفقيرة وبصورة غير شرعية، حتى فاقت أعدادهم المليون شخص، في وقت لم تمنح فيه السلطات سوى 51 ألف إجازة عمل أصولية. ويبدو وحسب التقديرات الرسمية، إن 85 في المائة من هؤلاء هم من العمالة غير الماهرة التي تكلف قيمة التحويلات السنويَّة لهم ما لا يقل عن ملياري دولار.
وفي إطار من التضامن الأممي بين شغيلة العالم واعتماداً على المصلحة الوطنية ذات الجوهر الانساني، لابد من معالجة أوضاع العمالة الأجنبية بما يتناسب والحاجة الفعلية والفنية لخبرتهم وعدم تعريضهم للاستغلال والتعسف وضمان قانونية وشرعية تواجدهم في البلاد.
******************************************
الصفحة السادسة
تاريخ مُشرّف العامل المناضل عبد الحميد بخش (أبو زكي)
فيصل الفؤادي
يقول المناضل سليم إسماعيل البصري في كتابه الصراع - مذكرات شيوعي عراقي - عن النشاط الحزبي في البصرة في بداية الخمسينيات، "...كان الرفيق حميد بخش سكرتير محلية البصرة آنذاك، بأنه الداينمو المحرك للعمل، فهو ذو جهادية عالية وتفان وإخلاص منقطعي النظير، كما كان يمتلك شجاعة نادرة، كنت تراه في أي تجمع عمالي، ويعتمد على الصلات الفردية في عمله، اعتقل وسجن وجرى تعذيبه، الا انه اجتاز كل الصعوبات بأمانة".
وحينما اعتقل من قبل السلطات الحكومية في تلك الفترة، حول إلى المحكمة الخاصة بمحاكمة الشيوعيين، كان موقفه بطوليا حيث هتف باسم الحزب وأدان الحكومة الملكية وتصرفاتها اتجاه المعارضين من الحزب الشيوعي والقوى الديمقراطية الأخرى.
انضم الرفيق أبو زكي إلى الحزب في المنتصف الثاني من الأربعينيات، وقيل إنه استلم بطاقة عضوية الحزب موقعة من الرفيق فهد سكرتير الحزب. وخلال عمله الحزبي ونشاطه أصبحت له خبرة تنظيمية وحزبية كبيرة. وهو منظم في حياته دقيق في اختياراته، وله إمكانيات فكرية وسياسية وثقافية في المعارف والعلوم الماركسية والفلسفية.
عمل في إذاعة صوفيا في إذاعة العراق الحر في بلغاريا من سنة 1963 إلى سنة 1968 مع مجموعة من الرفاق ومنهم الرفيق عبد الرزاق الصافي. كما عمل في صحيفة طريق الشعب بين الفترة 1974 إلى الفترة 1976.
تعرفنا نحن الأنصار على الرفيق أبو زكي في كردستان في عام 1985، فبرغم عمره الكبير بالنسبة لنا، التحق بالحركة الانصارية في بهدينان، وعمل بالقرب من المكتب السياسي، وكان في هيئة تحرير مناضل الحزب وله الدور الكبير في استمرار إصدار هذه النشرة التنظيمية السرية التي توجه العمل الحزبي والتنظيمي وبإشراف من المكتب السياسي، خاصة وهو الضليع في القضايا التنظيمية، حيث حصل على شهادة الدكتوراه في المبادئ التنظيمية (بناء الحزب) للحزب الشيوعي من أكاديمية العلوم الاجتماعية في بلغاريا في عام 1980. وطبعت هذه الاطروحة باللغة البلغارية وقد ترجمت إلى اللغة العربية وطبعتها مؤسسة المدى.
لديه خبرة حزبية طويلة في العمل بين الجماهير وفي قيادة التنظيم الحزبي وبالأخص نشاطه بين العمال ومنهم عمال النفط والميناء إضافة إلى الطلبة والمعلمين. وقد سعى مع رفاقه إلى احترام الناس والسمعة الطيبة للشيوعيين في نضالهم ومطالبهم في القضايا الوطنية وفي الاستقلال والسيادة الوطنية.
يذكر الكاتب صادق محمد عبد الكريم الدبش (...حين أتذكر الرفيق أبا زكي، هذا المقدام النبيل والمناضل الزاهد الصابر القوي في تحمله وقدرته على مقارعة نوائب الزمن وصعوباته، والتي تخطاها برجولة واقتدار!).
في آخر السنوات وبسبب الظروف المعيشية، عمل حارس وعامل في محل مخزن بيع الملابس في مركز صوفيا.
عبد الحميد بخش من مدينة البصرة من محلة البلوشي متزوج وله ولد (زكي) وأثناء دراسته في بلغاريا تزوج من السيدة البلغارية دورا وله منها الأبناء (منير وندى)، وحفيدته (ادريانا 33 سنة)، انهت الدفاع عن اطروحتها للحصول على شهادة الماجستير (السمات المعجمية الدلالية في الخطاب الإعلامي والإعلاني" باللغة البلغارية واللغة التركية).
يبقى رفيقنا المناضل عبد الحميد بخش امثولة للمناضل الملتزم والأمين على الحزب وقيمه واخلاقه الشيوعية، مصدر الهام لنا جميعا.
ألف تحية لرفيقنا المقدام أبو زكي.
***************************************************
العمال.. القلب النابض لعالمٍ عادل
سعد عزيز دحام
في الأول من أيار من كل عام، تتجدد الذكرى ويعلو صوت الكادحين في كل أصقاع الأرض. إنه عيد العمال العالمي، اليوم الذي لم يولد من فراغ، بل خرج من رحم النضال الطويل والتضحيات الجسام التي قدّمها الملايين من العمال في وجه الاستغلال، وفي سبيل العدالة الاجتماعية وكرامة الإنسان. العمال ليسوا مجرد عجلة تدور في آلة الإنتاج، بل هم الجوهر الحي الذي يمنح العالم نبضه. كل خدمة نستهلكها، هناك يد عاملة أخلصت وأعطت من وقتها وعرقها لتستمر عجلة الحياة. لكن، على الرغم من هذه الأهمية الجوهرية، ما يزال العمال في بلدانٍ كثيرة، ومنها عراقنا الجريح، يرزحون تحت وطأة التهميش، والبطالة، وسوء ظروف العمل، وانعدام الضمانات الاجتماعية. فكم من عاملٍ يُطرد من عمله دون إنذار، وكم من عاملٍ لا يجد قوت يومه، وكم من يدٍ ماهرةٍ عاطلةٍ عن العمل لأن أرباب المال لا يرون في الإنسان إلا وسيلة للربح.
إن وجود طبقة عاملة واعية ومنظمة هو الضامن الحقيقي لأي مشروع تغييري يروم العدالة والمساواة. فالتاريخ علمنا أن التغيير لا يصنعه الأفراد بمعزل عن الجماهير، بل تقوده القوى العاملة حين تتحول من أداة إنتاج إلى قوة فعلٍ اجتماعي وسياسي. والحزب الشيوعي العراقي، الذي وُلِد من رحم الطبقة العاملة وناضل من أجل حقوقها، يرى في الأول من أيار مناسبة لتجديد العهد مع العمال، لتكثيف الجهود من أجل تشريعات عادلة، وحماية نقابية حقيقية، ووطنٍ يوفر العمل الكريم والعيش الكريم.
فلنرفع راية النضال من أجل حقوق العمال، ولنجعل من عيدهم مناسبة لا للاحتفال فقط، بل لمواصلة الكفاح ضد كل أشكال الظلم والاستغلال. فالعمال ليسوا فقط (طبقة)، بل هم المستقبل الذي نحلم به: عالمٌ لا يُستغَل فيه الإنسان، بل يُحترم ويُقدَّر ويُحتفى بعطائه.
*****************************************
في الأول من أيار.. المرأة العاملة والتحديات التي تواجهها
ماجدة الجبوري
يحتفل العالم في الأول من أيار من كل عام في عيد الطبقة العاملة، امتناناً وتثميناً لإنجازات العمال، ودورهم في بناء اقتصاد البلد وتطويره نحو الأفضل، ويرمز أيضا لنضالات العمال المستمرة من اجل تحسين ظروف العمل، وتوفير ضمان اجتماعي عادل في ظل ظروف إنسانية آمنه.
وهنا يبرز دور المرأة العاملة في البناء والتقدم، ولابد من الإشارة والإشادة بدور المرأة العراقية العاملة، سواء في الريف او المدينة، والتي لعبت دورًا حيويًا على مر السنين في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، بالرغم من التحديات والصعوبات التي تواجهها.
وحسب الإحصائيات الاقتصادية في الريف فإن النساء يشكلن نسبة كبيرة من العاملات في الزراعة، خاصة في زراعة المحاصيل المختلفة والحصاد ومعامل الطابوق، وتربية ورعاية الحيوانات، والعمل في المهن والحرف اليدوية والتقليدية منها النسيج وصناعة المنتجات اليدوية مثل الخزف، والتطريز والخياطة وغيرها وهذه الأشغال غالباً ما تنجز بالبيوت أو المعامل الصغيرة، عليه هناك حاجة لتشجيع صناعة هذه المنتجات من قبل الدولة ومؤسساتها لأنها تحافظ على تراث البلد واستمراريته.
ويعد عمل المرأة العراقية متعبا ومزدوجا، فهي تعمل وتدير الأعمال المنزلية، وتتحمل مسؤولية الأسرة، وتربية الأطفال وهذا العمل مجاني، لا يقل أهمية عن الأعمال التي تقوم بها حيث مسؤوليتها بإعداد جيل المستقبل ليأخذوا طريقهم بالعمل في بناء الوطن على أسس سليمة، مما يثقل كاهل النساء.
كما تواجه المرأة العراقية مصاعب وتحديات عديدة منها قلة الفرص التعليمية، وعدم حصولها على التدريب المهني الذي يأهلها للإبداع والإنتاج، كما تعيش معظم النساء وضعا اجتماعيا معقدا يكمن في عدم سماح أغلب العوائل لبناتهم بالعمل بالوصول لأهدافهن، وهو نوع من التخوّف لدى الأهل من تحرر المرأة الاقتصادي واعتمادها على نفسها، وهذا لا يروق لبعض العوائل، وخاصةً بعض الرجال لكي تبقى تحت رحمتهم ووصايتهم والتحكّم في حياتها.
ما تحتاجه المرأة العاملة اليوم هو سن قوانين عادلة تدعمها وتحميها من التمييز والتحرش الذي تتعرض له أغلب النساء في العمل، والحصول على قروض مالية لفتح مشاريع صغيرة، وتوفير حضانة أطفال في أماكن العمل لتخفيف عبء كبير عنها.
إذا توفرت هذه العوامل سواء في الريف أو المدينة، سوف تسهم المرأة مع أخيها الرجل بشكلٍ كبير في بناء مجتمع متعاف ومتطور.
*****************************************
رفاق الشمس
مشرق المظفر
وحدها الشمس هنأتكم يا عمال (المسطر)
الحكومات نائمة وأنتم تبحثون عن لقمة خبز لصغاركم
وحدها الشمس،
تعود معكم في المساء
وتنامون معا.
من يبحث عن وطن
يجده عند عتبات بيوت العمال المحاصرين بالعوز والحكومات التي تأتي ولأتأتى
وحدكم تعانون من الخذلان
مواصلين صنع الدمى ليفرح اطفالنا
فمن يشترى لكم فرحة خجولة في صباح (المسطر)؟
وحدها الشمس رفيقتكم.
******************************************
يا سواعد الطين والحنين: الأول من أيار لا يموت
إبراهيم برسي*
حين يعلو هدير المصانع فوق صخب الخيانات، وحين تفوح رائحة العرق في الميادين أكثر من رائحة العطور في الصالونات، نعرف أن التاريخ لم يُكتب بعد، وأن معركتنا لم تنته.
في عالمٍ يعاد تقسيمه كل صباح بين بورصة النفط وأمراء الطوائف، تبقى اليد العاملة وحدها تحمل هشيم الأيام، وتصنع، رغم الإهانة، خبز الغد.
في العالم طبقتان:
من يصنع الخبز… ومن يلتهمه بشراهة وينظّر لآداب الطاولة.
ولأن الكرامة لا تنبت في الصالونات، ولأن التاريخ لا يُكتب بالحبر الرسمي، كان لا بد من أن نضع أصابعنا — نحن أبناء الحقول والمصانع والضواحي المنسية — على الجرح، لا لنعدّه، بل لنتأكد أن القيح لم يتحول بعد إلى سياسة دولة.
الأول من أيار ليس “يومًا” في الرزنامة، بل شتيمة في وجه كل سلطة جعلت من الخبز امتيازًا، ومن العمل عقوبة، ومن النقابة تابوتًا.
هو لا يُحتفَل به، بل يُرتكب.
يُرتكب كما تُرتكب الجرائم الجميلة:
أن تكتب بيانًا يشبه العرق، أن تهتف لا لأنك تُجيد الهتاف، بل لأنك سقطتَ كثيرًا، وقررتَ أن تقوم دون أن تعتذر.
في بيان الحزب الشيوعي العراقي، هذا العام،
ما يُشبه النفس الأخير الذي يخرج من فم عامل محاصر،
وما يُشبه اليد التي لا تزال ممدودة، لا لتستجدي، بل لتزيح الغبار عن الراية القديمة:
راية «يا عمال العالم اتحدوا» … وقد بللتها الخيانات مرارًا.
لكن، ها هو البيان يعود، لا كمناسبة، بل كتهمة.
تهمة ضد الذين باعوا المصانع، وورثوا النقابات كما تورث المزارع، ضد الذين استبدلوا الشعارات بالمنح، والمنابر بمقاعد في مجالس الإدارة، ضد الذين يكتبون تقارير “الإنتاجية” فيما دم العامل لا يزال على أرضية الورشة.
حين ينهار المصنع، ولا يُسأل عن انهياره أحد،
وحين يغدو الإضراب جريمة، والمطالبة بالحق تمرينًا على السجن، نعرف أن الزمن الذي يخص الفقراء ما زال مؤجلاً، وأن الأول من أيار ليس احتفالًا، بل صرخة معلقة فوق كل رأس منكسر.
هل تسمعونه؟
صوت مظفر النواب، يصرخ من قاع الروح:
«ما أظنُّ أرضًا رُويت بالدم والشمسِ كأرض بلادي… ولكنها بلادي.»
بلاده التي يبيعونها الآن على أقساط،
ويشترون بها صمت الفقراء بوجبة باردة وموعظة مزيّفة.
في هذا البيان، تستعيد الطبقة العاملة صوتها.
لكن الصوت لا يكفي، ما لم يصرخ.
والصرخة لا تكفي، ما لم تُربك القاتل.
فالأنظمة التي تعتاش على الاستلاب لا تسقط تحت وقع الشكوى، بل تحت وقع القبضة التي تتعلم، أخيرًا، أن السماء لا تمطر خبزًا، ولا الحرية تأتي مع التصويت الورقي.
من سنار إلى بغداد، من عطبرة إلى البصرة،
لم تكن المسألة يومًا زيادة أجور، بل استعادة صوت، لم يكن النضال خُبزًا فحسب، بل لغة جديدة تُكتب بالحطب، لغة لا تمر عبر البرلمانات، بل عبر الحناجر المُشققة.
وحين يقول البيان «لا كرامة بلا عدالة ولا عدالة بلا تنظيم»، فإنه لا يعظ، بل يضع خارطة:
خارطة الذين لم يركعوا، والذين لن يغفروا لهذا النظام الطبقي ما فعله بعظامهم.
تلك الخارطة التي رسمتها الأيدي السودانية والأنامل العراقية، حين كانت النقابة وطنًا صغيرًا، والشارع مكتبة مفتوحة للذين يعرفون أن الطريق إلى الكرامة يمر دائمًا عبر دموع الأمهات.
في الأول من أيار، نُذكّر لا لنُحتفل، بل لنقول: لسنا أبناء الصمت، ولا أبناء الرغيف الحلال فقط، نحن أبناء السواعد التي بنت العالم، ثم جرى تجريدها من اسمها لصالح “الاقتصاد الحر”.
أبناء الأمهات اللائي بكين أولادهن ليس في الحرب، بل في المصانع التي لا يعود منها أحد منتصرًا.
وفي كل دمعة سالت من أمّ فقيرة،
وفي كل قميصٍ ملطخ بزيت الماكينات،
وفي كل صرخة معلقة فوق باب مصنع مهجور،
يتجدد سؤال الأول من أيار:
هل الخبز وحده يكفي، أم أن الحرية جزء من المائدة المنهوبة أيضًا؟
التحية للبيان الذي لم يخن لغته، وللحزب الذي، رغم العزلة، ما زال يُجيد تسمية العدو.
وللذين في العراق… في السودان…
ما زالوا يرفعون التراب إلى شفاههم، لا ليأكلوه، بل ليعرفوا إن كان هذا ما تبقى من الوطن.
لأولئك الذين، رغم الهزيمة الطويلة، ما زالوا يصرون أن للتراب رائحة لا يفهمها السماسرة،
وأن للأرض ذاكرة تحفظ من حرثها ومن خانها.
عاش الأول من أيار.
وليعش كل مَن آمن أن الكرامة لا تُؤخذ على دفعات.
ولتسقط كل يد تكتب القوانين بلغة السوق وتنسى أن اليد التي تحفر الأرض أسبق من كل الدساتير.
ـــــــــــــــــــــ
* كاتب سوداني
****************************************
الصفحة السابعة
أول أيار
شهاب الفضلي
في اليوم الأول من شهر أيار، ومع دفء الربيع الذي يبعث الحياة في الأرض، يتوقف الناس في جميع أنحاء العالم للتأمل والإشادة بأرواح العمال الدؤوبة التي تعمل جاهدةً لبناء مجتمعاتنا واستدامتها وتشكيلها. يوم العمال العالمي، المعروف غالبًا باسم عيد العمال، ليس مجرد تاريخ في التقويم؛ إنه تذكير مؤثر بنضالات وتضحيات وصمود أولئك الذين يعملون، غالبًا بصمت، سعيًا وراء حياة أفضل. إنه يوم يتميز بالاحتفال والوقار، إنه وقت لتكريم الروح الإنسانية التي تصمد في وجه الشدائد وتنهض بالأمل.
أصول هذا اليوم متجذرة في التاريخ، ولدت عبر نضال مرير للعمال الذين تجرأوا على الحلم بشيء أعظم. في أواخر القرن التاسع عشر، ضجت شوارع أمريكا بسخط العمال الذين عملوا لساعات شاقة في ظل ظروف قاسية، وأصواتهم موحدة في المطالبة بالعدالة. خلال هذه الفترة، في مدينة شيكاغو، اندلعت قضية هاي ماركت - لحظة محورية ستُخلّد الحركة العمالية في سجلات التاريخ. ما بدأ كمسيرة سلمية تطالب بيوم عمل من ثماني ساعات، انفجر في فوضى وسفك دماء، مخلفًة ندوبًا وجروحًا عميقة في مسيرة الإنسان طلبًا للعدالة ورفضًا لاستغلال الإنسان لأخيه الإنسان. في هذا اليوم الأول من أيار والذي تحول إلى رمز للتضامن ومنارة أمل للعمال في بقاع العالم.
في حين أن الجذور التاريخية ليوم العمال العالمي مليئة بالشجاعة والتحدي، فإن سرده أيضًا قصة تضحية عميقة. خلف اللافتات والشعارات، تكمن حقيقة حياة العمال الهادئة، والتي غالبًا ما يتم تجاهلها - معاركهم اليومية، وصمودهم الصامت. إنهم يعملون في المصانع حيث يطغى ضجيج الآلات على أصواتهم، وفي مواقع البناء حيث يمتزج عرقهم بالغبار، وفي أماكن أخرى لا حصر لها حيث تكون مساهماتهم حيوية ولكن غالبًا ما يتم تجاهلها. قد تكون أيديهم قاسية، وظهورهم منحنية تحت وطأة كدحهم، لكن قلوبهم تنبض بعزيمة لا تتزعزع. كل قطرة عرق، كل لحظة إرهاق، تحكي قصة طموح - حلم الكرامة، أمل في حياة أجمل.
على الرغم من الانتصارات التي حققتها الحركة العمالية على مر الزمن، غالبًا ما يبدو المشهد الحالي وكأنه ظل لتلك المكاسب التي ناضلوا من أجلها بشق الأنفس. يوم العمل بثماني ساعات، الذي كان مطلبًا جذريًا في السابق، أصبح الآن أمرًا مفروغًا منه في كثير من الأماكن، إلا أن وعد العدالة والإنصاف لا يزال بعيد المنال بالنسبة للملايين. لقد ترك تزايد العمل غير المستقر - العقود المؤقتة، والعمل المؤقت، والوظائف بدون مزايا - العديد من العمال في حالة من عدم اليقين. الاستغلال، وإن كان ربما أقل وضوحًا مما كان عليه في الماضي، لا يزال يلوح في الأفق، وواضحًا في نسيج الرأسمالية الحديثة. بالنسبة لعدد لا يحصى من الأفراد، تلاشى الأمان والاستقرار اللذان بدوا في متناول اليد، تاركين وراءهم متاهة من الصراعات والإحباطات والاحتياجات غير الملباة.
في عالمنا اليوم، غالبًا ما يُقدّم السعي وراء الربح على رفاهية مَن يُمكّنون من تحقيقه. يجد العمال أنفسهم عالقين في صراعٍ مؤلم، وغالبًا ما يكون مروعًا. تصطدم أحلامهم بأجورٍ عادلة، وساعات عملٍ معقولة، وظروف عملٍ آمنة، بنظامٍ يُعطي الأولوية للكفاءة والإنتاجية والربح الصافي فوق كل اعتبار. إنه صراعٌ بين القيم - صراعٌ بين إنسانية العمل وآلية الربح. ومع ذلك، حتى في مواجهة هذه التحديات، لا تزال روح الصمود قائمة. تواصل النقابات العمالية والنشطاء برفع أصواتهم، مُشكّلين جوقةً قويةً من التحدي ضد الظلم. إنهم يُناضلون لاستعادة سرديةٍ معينة، لتذكير العالم بأن مُثُل العدالة والإنصاف ليست من مخلفات الماضي، بل هي تطلعاتٌ يجب أن تُوجّه حاضرنا ومستقبلنا.
إن النضال من أجل حقوق العمال ليس من مخلفات حقبةٍ غابرة؛ بل هو معركةٌ مستمرة، معركةٌ لا تزال ذات صلةٍ اليوم كما كانت قبل أكثر من قرن. ربما تكون التحديات قد تطورت، لكن القضايا الجوهرية لا تزال مألوفةً بشكلٍ لافت. لا يزال العمال ينشدون الكرامة والاحترام. ويطالبون بنصيب عادل من الثروة التي يساهمون في صنعها. ويناضلون من أجل عالم يُقدّر فيه عملهم، ليس اقتصاديًا فحسب، بل كجزء أساسي من التجربة الإنسانية. وما زالوا يواجهون مقاومة - مقاومة من الشركات التي تراهم مجرد أرقام في ميزانياتها، ومن الحكومات التي تُعطي الأولوية للنمو الاقتصادي على رفاهية الإنسان، ومن الأنظمة التي يبدو أنها مصممة لتكريس عدم المساواة.
مع تجمع العالم لإحياء ذكرى يوم العمال العالمي، من المهم تجاوز الاحتفالات السطحية والتعمق في المعنى الأعمق لهذه المناسبة. إنه ليس وقتًا للمسيرات والخطابات فحسب، بل للتأمل والعمل. إنها فرصة لتكريم تضحيات من سبقونا، والاعتراف بنضالات من يعملون اليوم، والالتزام بالنضال المستمر من أجل عالم أكثر عدلًا وإنصافًا. قصصهم - من حزن وقوة، من مشقة وأمل - ليست مجرد حكايات من الماضي؛ إنها حكايات حية. حكاياتٌ حيةٌ تتكشف من حولنا.
علينا أن نتذكر أن جمال الصمود يكمن في قدرته على الإلهام. العمال الذين يسيرون متضامنين، ويرفعون أصواتهم احتجاجًا، ويرفضون قبول الظلم - يُذكروننا بما يُمكن تحقيقه عندما يجتمع الناس على هدفٍ مشترك. يُذكروننا بأن التقدم ليس هبةً، بل نضال مُضنٍ، يتحقق بالمثابرة والشجاعة والعمل الجماعي. ويُذكروننا أيضًا بأن النضال من أجل الكرامة والإنصاف لا يقتصر على تحسين ظروف قلةٍ من الناس، بل يشمل أيضًا بناء عالمٍ يزدهر فيه الجميع.
وعندما نتأمل في أهمية يوم العمال العالمي، دعونا لا نغفل عن هدفه الحقيقي. إنه ليس مجرد احتفالٍ بالإنجازات الماضية، بل دعوةٌ للعمل، وتذكيرٌ بأن النضال من أجل حقوق العمال لم ينتهِ بعد. إنه يومٌ لتكريم العمال الذين تبني أيديهم العالم، ولإسماع أصواتهم، والمضي قدمًا في أحلامهم. إنه يومٌ لنتصوّر مستقبلًا يُقدّر فيه كل عامل، ويُعترف فيه بكل مساهمة، ويُعامل فيه كل إنسان بالكرامة التي يستحقها.
فلنأخذ دروس هذا اليوم على محمل الجد. ولنُدرك قوة التضامن، وأهمية الصمود، وقيمة الأمل الدائمة. ولنعمل معًا لبناء عالمٍ لا تُنسى فيه تضحيات الكادحين، بل تُكرّم فيه بأسمى معانيها - من خلال بناء مجتمعٍ يُقدّر حقًا إنسانية العمل. ففي النهاية، لا يقتصر يوم العمال العالمي على العمل فحسب؛ بل يشمل أيضًا الكادحين، والأحلام التي يحملونها في قلوبهم.
*********************************************
تحسين أوضاع العمال الزراعيين في العراق
متابعة - طريق الشعب
يُعدّ القطاع الزراعي في العراق من القطاعات الحيوية التي يعتمد عليها جزء كبير من السكان في معيشتهم، وخاصة العمال الزراعيين الذين يواجهون تحديات متعددة مثل تدني الأجور وضعف الحماية الاجتماعية، وتدني شروط العمل.
ويعّد تشريع قوانين تحمي حقوقهم كتحديد الحد الأدنى للأجور وتنظيم ساعات العمل وضمان حقوق التقاعد والتأمين الصحي، والسماح بإنشاء نقابات قوية تمثلهم وتساعدهم على المطالبة بحقوقهم وتحسين شروط عملهم، من أبرز الخطوات لإنصافهم.
كما تحتاج هذه الشريحة الهامة إلى تطوير برامج التدريب والتأهيل المهني لرفع كفاءتهم وتحسين فرصهم للحصول على أعمال أفضل بأجور أعلى وتطوير إنتاجية المزارع، فالتخلف التقني ومحدودية الاستثمار في هذا القطاع، هي أبرز اسباب تخلفه، حيث لا تزيد مساهمته في الناتج الاجمالي عن 4 في المائة.
ويلعب تأمين بيئة عمل آمنة وصحية، وتوفير مساكن ملائمة قريبة من أماكن العمل، إضافة إلى ضمان توفر الخدمات الأساسية مثل المياه النظيفة والكهرباء دوراً في هذا التطوير. ولا بد من إعادة النظر في قوانين الزراعة والإصلاح الزراعي، ووضع مصالح صغار الفلاحين والعمال الزراعيين في صدارة الاهتمام، ومكافحة المساعي الرامية إلى إعادة العلاقات شبه الإقطاعية، أو إلى الخصخصة في القطاع الزراعي، مع تنظيم برامج لدعم المشاريع الزراعية الصغيرة والمتوسطة، وتوفير القروض الميسرة للمزارعين، مما يخلق مزيدًا من فرص العمل ويحسن الدخل العام في المناطق الزراعية. وأخيراً يجب نشر حملات توعوية للعمال الزراعيين حول حقوقهم وكيفية المطالبة بها، ما يعزز من قدرتهم على الدفاع عن أنفسهم في مواجهة الانتهاكات.
********************************************
رابطة المرأة في النجف تزور معامل الطابوق
النجف – طريق الشعب
زار وفد من رابطة المرأة العراقية في محافظة النجفالثلاثاء 29 نيسان 2025، عدد من معامل الطابوق الأهلية في المحافظة لتفقد أوضاع العاملات والعاملين وتقديم التهاني لهم في مناسبة عيد العمال العالم.
ووزعت الرابطة هدايا على العاملين، وتحدث سهاد الخطيب سكرتير الفرع في تصريح لــ"طريق الشعب" عن ظروفهم، اذ يتواجد اسر كاملة بينهم الأطفال اذ يلتحقون في العمل منذ الثانية عشر ليلاً وحتى التاسعة صباحاً، وهم يعيشون في ظروف صحية واقتصادية قاسية نتيجة التلوث البيئي.
وكذلك تحدثت عن غياب الخدمات وانتشار الامية كما انهم يعيشون في أوضاع معيشية صعبة بسبب الأجور الزهيدة التي يتلقونها في عملهم دون ان يكون هناك رقابة حكومة لتنفيذ قوانين العمل والضمان الاجتماعي.
وأكدت الخطيب أهمية الاهتمام بهؤلاء العمال ومنحهم الحق في حياة كريمة وقانون تقاعد وضمان اجتماعي عادل.
********************************************
شغيلة العراق في أتون عذابات العيش والمعاناة
د. تيسير عبد الجبار الآلوسي
بات العراق ذلك البلد الذي احتل مراتب عليا من المستوى المتوسط اقتصاديا بين دول العالم أو ما يمكن تسميته مجازا الغنى بخلفية ثرواته، بات اليوم بظروف مزرية بمختلف مؤشرات الاقتصاد ومستويات العيش فيه..
إذ تراجعت الزراعة مع انهيارات بيئية بشأن حصصه المائية المتجاوز عليها واحتباس الأمطار وارتفاع درجة الحرارة بمعدل عام وتفاقم مستويات التصحر التي التهمت سنويا أكثر من 100 ألف دونم لتنحدر نسبة الأراضي الزراعية إلى أقل من النصف وحتى المتبقي تفاقمت به الملوحة لتنخفض إنتاجيته دع عنك ما يجابه الفلاح بشأن التسويق وما يعترضه حتى في إنتاج الخضراوات إذ تجتاح السوق منتجات دول جوار معروفة... وبشأن نخيل العراق فلم تجد أرض السواد وغاباته التي تغطيه أي أثر لاهتمام فعلي غير التحدث عن مشروعات لم تُعِدْ 25 مليون نخلة تم إعدامها في حروب البلاد ومنها جرائم تجريف البساتين والغابات لصالح بدائل غير محسوبة الأثر استراتيجيا وما بقي من الملايين الستة أو الثمانية بأبعد التقديرات ليست جميعها مثمرة أو غير مندرجة بإمكانات مكافحة الأمراض المعروفة لها بخاصة مع إهمال خطير للمختبرات النوعية المطلوبة..
وفي ميدان الصناعات فإن ما يناهز تقريبا العشرين ألف مشروع صناعي متوقفة منذ 2003 حتى يومنا وبعدما كانت البلاد دخلت فضاءات التصنيع بميادين عديدة أطيح بها وحتى الـ 227 مصنعا تابعة للقطاع العام فإن النشط منها فعليا لا يتجاوز نصفها والصناعة بعامة تواجه مشاكل استثمارية وأخرى بنيوية سواء للقطاع العام أم الخاص.. وبهذه الأجواء المتراجعة فإن عشرات آلاف شغيلة اليد والفكر قد تمَّ تسريحها لتضاف إلى جيش البطالة التي وصلت نسبتها حدوداً غير مسبوقة بخاصة هنا من النساء والشبيبة..
وبين نسب البطالة وتعاظم حجم عمال المساطر والمعتمدين على الأعمال الهامشية من الكسبة وباعة متجولين من جهة وبين تدني نسب الأجور وتضخم العملة وانهيار القدرة الشرائية تفاقمت نسب الفقر حتى فاقت أكثر من نصف المجتمع إذ وصلت بسنوات لما يقارب الـ 90 بالمائة، كما كان بمحافظة المثنى التي مازالت حتى يومنا تحتل موقع المحافظة الأفقر بنسبة أكثر من 50 بالمائة ومعها محافظات الديوانية وبابل وغيرها في ظروف الفقر والفقر المدقع بما ارتفع بفجوة الفقر لحدود لم يشهدها العراق الحديث في أسوأ ظروفه..
إنَّ شغيلة البلاد تتعرض لهجمة شرسة تتسم بالوحشية منها أن شغيلة الفكر تعرضت للتصفيات الجسدية والابتزاز وتشويه التركيبة العاملة باختراقها بعناصر مرضية لا تمتلك مؤهلات العمل بميدانها وفُرِضت إدارات توجه الأمور بطريقة لا تُنتج سوى مزيد تجهيل وعناصر محشوة بمنطق الخرافة والتخلف.. وهكذا وجدنا سياقات عمل غير سوية حتى أن نظام التعاقد المجاني لم يحظَ بحلول مناسبة بل أضيف فوقه ظاهرة تأخير رواتب العاملين الفعليين وتركهم لأسوأ ظروف العيش وامتهان الكرامة..
لقد جابهت الشغيلة ظروفا قاسية سواء بممارسة ضغوط تستغل (القانون) كما قوانين النظام السابق بشأن تحويل العمال إلى موظفين ومنع عمل النقابات والجمعيات العمالية بصورة عرقلت بتأثير فج وسلبي خطير أوقعت النشاطات العمالية بمطبات المصادرة والإلغاء وبذرائع الحظر (القانوني) الذي يعتدي على كل جهد للدفاع عن المصالح الطبقية..
وبمحاور المعاناة وظروف الطبقة العاملة يمكن أن نسجل لشغيلة العراق اليوم المشكلات الآتية:
- أولى معاناة الطبقة العاملة تتعلق بحماية هويتها في ظل منظومة تعاديها وجودياً سواء باستغلال طابع النظام السياسي أم هوية الاقتصاد الريعي وحجم الاختراق البنيوي للفساد بدءاً برسم الموازنات بما يتلاءم وإدامة النظام المافيوي وليس انتهاءً بتعثّر خطط الاستثمار مع نهب حصص الاقتصاد التشغيلي..
- مع تفاقم المشكلات الاقتصا-اجتماعية وتعطيل الدورة الاقتصادية تتعاظم معضلات البطالة الكلية والمقنّعة وحجم الفقر أفقيا عموديا حيث مخاطر فجوة الفقر ومعانيه في توسيع نسب الفقر المدقع..
- تشوّه ملامح الحماية الاجتماعية والافتقار للضمان الاجتماعي وانحداره لأدنى المستويات فعليا بخاصة بظروف التلاعب بتطبيقات القوانين لكن مع ذرائع اجترار ماضويات صادرت وتصادر الحقوق المشروعة.
- تجابه الطبقة العاملة تخريب مستويات التطور المعرفي وإفشاء منطق الخرافة وثقافة ظلامية للتخلف.. ونضيف هنا ظواهر تجاوز دورات التأهيل ونشر المعارف والعلوم وتشويه الثقافة العمالية بترهات التقسيم الهيكلي لوجودهم مجتمعياً بصيغة توصيف فئات منهم على أنهم موظفين على سبيل المثال لا الحصر..
- اختلاق أشكال التمييز بين النساء والرجال من منطلق التمييز الجندري الجنسي بما ينصب على سرقة الأجور مرةً واختلاق فضاء الابتزاز والاستغلال والتحرش وغيرها مما يلحق بالتمييز..
- رسم أداءات (التقاعد) بقوانين ولوائح تلغي حقوق العمال لتضع ذلك بجيوب الأوليغاركية بطرق ملتوية من الفساد وأشكال الاستغلال وامتهان الكرامة..
- وهناك مسارات استغلالية موغلة في ضيمها وظلمها للشغيلة ومصالحهم لعل بينها ظاهرة العمل بالسخرة في ظروف تشغيل فئة عمالية تعمل من دون مقابل سوى الوعود الوهمية المضللة!
- تشغيل الأطفال في أعمال محظورة على الأطفال لخطورتها عليهم ومن ثمّ استغلال ذلك في ممارسة الضغوط على مجمل الطبقة العاملة ولا ننسى هنا ظواهر التحرش والابتزاز والاستغلال لهذه الفئة الهشة حدّاً يجري الاتجار بهم أنفسهم..
- استغلال آخر باستقدام العمال الأجانب بكل ما اختلقه ذلك من مشكلات للطبقة العاملة العراقية من جهة ولهم أنفسهم من جهة أخرى سواء بابتزازهم ومساومتهم إلى حد جرائم الاعتداء الجنسي على العاملات بلا حماية أو توفير أية قوانين رعاية؛ سواء باستغلال قضية (الإقامة) أم أية قضايا استغلالية أخرى..
- حظر الاحتفالات العمالية وتحول اليوم العالمي لمنصة احتجاجية أكثر منها احتفالية بسبب الويلات التي تتعرض لها الطبقة العاملة.
- حرمان الطبقة العاملة من تنظيمات غير مشوهة أو مخترقة ومن ثم حرمانها من إقامة العلاقات الوطنية والإقليمية والعالمية بمختلف التلاعبات الجارية مع تمرير ممارسات للتغطية على المجريات والحقائق..
وإذا أردنا التحدث اليوم عن مراجعة جدية مسؤولة في اليوم العالمي للطبقة العاملة فإننا نشدد على أن المجتمعات بخاصة منها مجتمعات التخلف كما العراق قد باتت تحت سطوة تشوهات بنيوية تلغي الطبقي مثلما إلغاء الوطني وهما جناحا كفاح الشغيلة، تلغيهما لصالح تشوهات البنية الطائفية للدولة والمجتمع وتصادر بذلك فرص بناء التنظيمات النقابية الطبقية العمالية مثلما تفرض قيودها على مسار الكفاح من أجل وجود حقيقي لحزب عمالي ولا نقول حزب يهتم بالعمال لأن الأول يتشكل بنيويا بمستوى التنظيم عماليا وبمستوى الفكر العمالي بمنهجه وطروحات الحلول والبدائل التي تتقدم فيها المحددات الطبقية بجانب الوطني وهنا نبقى بحاجة فعلية للارتقاء ببرامجنا وهويتها العمالية ولتعزيز التنظيمات بصورة يمكنها أن تتصدى لمسؤولية وقف التخريب المجتمعي للبنى الطبقية بامتداداتها الوطنية والأممية..
إنني أتطلع مع جمهور غفير من قوى التحرر والكفاح الطبقي والوطني إلى ضرورة الالتفات مجدداً لأهمية المعارف والعلوم في كفاح الشغيلة وإلى أهمية ثقافة التنوير وطابعها الطبقي والوطني الأممي بما يتلاءم وحجم المسؤوليات التي تنجح في بناء الذات النضالي والاتساع نحو البنى الفعلية للمجتمع على أساس ثقافة علاقات إنتاج تنتمي للعصر لا لتعطيل يمرَّر عبر التجهيل واختلاق الانفصام مع التطور العاصف لوسائل الإنتاج وما تتطلبه ولعلاقات إنتاج متحررة من التشويه والاستغلال الذي وصل اليوم حد اجترار منظومة الاسترقاق والاستعباد وإدارة حيوات الناس بصور وحشية بلا وسائل كفاحية تتناسب وما هبطت إليه الأوضاع من انحدار..
فلتكن احتفالية العام الجاري موسومة بشعارات تتبنى مصادر الانتماء للعصر علميا معرفيا وثقافيا فكريا بما يحافظ على الهوية الطبقية الأكثر صوابا وسلامة للتعامل مع متغيرات العصر ومتطلباته.. بجانب الانعتاق الوطني والاستقلالية التي لا ترضخ لعبث قوى الكربتوقراط الديني مزيفة الإيمان بقصد التضليل والتمكين للاستغلال..
والثقة وطيدة بقوى العمل والعمال من منتجي الثروة لا مستهلكيها بصورة القطيع المضلل..
عاش العمال عاش يومهم الأممي نبراسا لكفاح من أجل الإنسان وكرامته وقيمه الأسمى...
*****************************************
الصفحة الثامنة
يحلّ الأول من أيار ويستمر التضييق على النقابات وتغييب حقوق العمال
بغداد – طريق الشعب
يشتكي ياسر المحياوي، أحد عمال القطاع الخاص، من ضآلة مرتبه الذي ينفد قبل منتصف الشهر، فيضطر دائما إلى الاقتراض لتوفير متطلبات عائلته. وقد أدى هذا إلى تراكم الديون عليه حتى صار يعجز عن تسديدها.
أجور بائسة
ويقول المحياوي لـ ”طريق الشعب" أن أغلب عمال القطاع الخاص "تُفرض عليهم شروط عمل شديدة، لا تنسجم مع طبيعة الأجور اليومية أو الشهرية التي يتقاضونها"، مشيرا إلى صعوبة أوضاعه المادية كونه أبا لطفلين، ويسكن مع زوجته في غرفة مستأجرة مقابل 400 ألف دينار شهرياً. ولا غرابة في هذا، فالعمال هم الأكثر فقراً وتهميشاً في البلاد منذ عقود، حيث لا تُنفذ التشريعات المحلية والاتفاقات الدولية التي تنصفهم وتضمن حقوقهم. وفي حين يحتفل أغلب دول العالم في أول أيار بعيد العمال كيوم عطلة يمنحون فيه المكافآت، يظل العامل العراقي محروماً ليستفيد الموظفون الحكوميون من العطلات الرسمية، التي تتجاوز 150 يوماً في السنة.
عيدي ساعة استلام أجري
ويشير المحياوي إلى أنه لم يطّلع على قانون العمل النافذ، ولم يسمع بدور ملموس للنقابات العمالية في المطالبة بحقوق العمال، الذين يعانون مظلومية كبيرة في مختلف قطاعات العمل". ويضيف قائلا:"مرتبي لا يتجاوز 600 ألف دينار شهريا مقابل 10 ساعات عمل يوميا، باستثناء يوم الجمعة". أما عن الأول من أيار، فيقول ان "العيد بالنسبة للعمال هو ساعة استلام أجور عملهم. اما العطل الرسمية فليست من مصلحة عمال الأجور اليومية، لأن أجورهم تقطع أيام الإجازات والمناسبات. وحتى الإجازات القليلة التي يتمتعون بها تُخصم اجورها من دخلهم، وهم يفتقرون إلى ضمانات العمل بأشكالها كافة".
نقابات عمال مقيدة
وعلى الرغم من وجود حرية في تشكيل النقابات العمالية، فإن هذه النقابات تعاني هي الأخرى من القيود التي تفرضها السلطات على العمل النقابي. يقول هاشم جونة، رئيس اتحاد نقابات عمال العراق بهذا الصدد لـ "طريق الشعب" إن "الحركة النقابية رغم أهمية مطالبتها بحقوق الطبقة العاملة، تواجه قيودا عديدة. قبل عام 2003، قيّدت الحكومة الدكتاتورية عمل النقابات بتحويل العمال إلى موظفين. وبعد 2003 لم يُلغ هذا القانون ولم يُشرَّع قانون جديد يُنصف العمال".
تواصل العمل رغم القيود
ويضيف جونة أنه "رغم التضييق، تحرص النقابات العمالية على دعم المنتفضين والمتظاهرين من العمال، المطالبين بتحسين ظروفهم المعيشية وأجورهم، في كافة ميادين العمل وساحات الاحتجاج".
ويؤكد أن "ما تقوم به النقابات العمالية، رغم الفوضى التي تعيشها البلاد ومماطلة الجهات التشريعية في اقرار قانون حرية العمل النقابي، هو إنجاز كبير لخدمة العمال والحركة النقابية"، داعيا إلى ضرورة "مواصلة العمل لدعم مصالح الطبقة العاملة وانتزاع حقوقها من السلطات".
القانون حبر على ورق
وفي السياق نفسه، يرى جعفر عبد الله، المختص القانوني في الشأن العمالي، أن الأول من أيار يأتي كل عام والعمال يعانون في كافة قطاعات العمل، رغم التشريعات المحلية والدولية التي أقرتها السلطات. ويقول لـ "طريق الشعب" أن "الحكومة تكتفي كل عام بإعلان اليوم عطلة رسمية، وبإصدار تصريحات تهنئة، بعيدة عن معاناة العمال". ويضيف ان "قانون العمل النافذ الذي أقره البرلمان عام ،2015 بحاجة إلى تعزيز وتعديلات تجعله يواكب سوق العمل ومستوى المظلومية التي يعانيها عمال القطاع الخاص، إضافة إلى ضرورة تكثيف الضغط لتشريع قانون حرية العمل النقابي، ومتابعة آلية تنفيذ شمول العمال بالضمان الاجتماعي، وتعزيز الرقابة الحكومية على شركات القطاع الخاص، التي تتخلف عن تنفيذ القانون".
ويؤكد عبد الله أن هناك حاجة ملحة لإعادة النظر في الحد الأدنى لأجور العمال، داعيا الحكومة إلى تعديله "ليصبح الأجر كافيا لتغطية الاحتياجات اليومية للعائلات، مع تقوية الرادع لكل من يخالف القوانين".
ظروف عمل صعبة
ويرى عبد الله أن وضع العمال في العراق سيئ، حيث يعملون في ظروف خالية من متطلبات السلامة. ويضيف إنه "بسبب الإهمال للقطاع الصناعي، أصبح العامل طاقة مستنزفة وغير منتجة. كما أن العمالة الأجنبية غير الرسمية تُفضل على المحلية نظرا للفوارق في الأجور وساعات العمل، ما يزيد من التحديات التي تواجه العمال العراقيين".
عطلة العامل للموظف
ويختتم عبد الله حديثه قائلاً إن "الحكومات المتعاقبة لم تقدم أي شيء يخدم مصلحة الطبقة العاملة. وحتى عطلة الأول من أيار يتمتع بها الموظفون الحكوميون، بينما يظل العمال المهمشون خارج دائرة الاهتمام".
*****************************************
لحظة عمالية.. أول أيار عطلة رسمية للموظفين لا للعمال
نورس حسن
مع الإعلان الحكومي السنوي عن عطلة الأول من أيار، يخرج المواطن العراقي في القطاع الحكومي ليرفع راية الفرح. فهذه عطلة رسمية تُضاف إلى سلسلة أيام الاستراحة المتكررة، التي تبدو مثل محاولة لإثبات أن الموظف الحكومي يعمل بجد وتفانٍ، الى درجة أنه يستحق قسطا إضافيا من الراحة.
لكن ماذا عن عمال الأجور اليومية؟ هؤلاء الذين تتحول "العطلة" بالنسبة لهم إلى كارثة معيشية؟
عمال الأجور اليومية، الذين يعتمدون على كل ساعة من ساعات العمل لتأمين قوت يومهم، لا يملكون رفاهية الاحتفال بهذه المناسبة. بل إن الأول من أيار يعني بالنسبة لهم خسارة يوم عمل جديد، يواجهون فيه الحيرة في كيفية سد النقص في ميزانية البيت اليومية. فهم يحتفلون فعلا ولكن بطريقة معكوسة، احتفالا بنفاد ما في الجيب! والسؤال الأكثر إثارة للسخرية هنا هو: كيف يمكن لعطلة عيد العمال أن تتحول إلى عقوبة للعمال؟ وكأن الحكومة أرادت أن تقول لهم "استريحوا، ولكن على حساب لقمة عيشكم".
وإذا ما أضفنا إلى هذه الصورة القيود المفروضة على التنظيم النقابي، والقيود القانونية التي تجعل العمال عاجزين عن المطالبة الفاعلة بحقوقهم، فإن عيد العمال يصبح بالفعل رمزا لا لتكريم العمال، بل لتذكيرهم بواقعهم المؤلم.
لهذا فأن مفهوم العطلة لدينا يتطلب مراجعة شاملة، ليتناسب مع ظروف جميع فئات الشعب، لا أن يصبح مناسبة لتكريس الفجوة بين من يتمتع براتب ثابت، ومن يكدح ليحصل على أجور يومية.
كما يجب أن يتحول الأول من أيار إلى مناسبة لطرح حلول حقيقية لمشاكل العمال، مثل الضمان الاجتماعي والصحي، وتحسين الظروف المعيشية، وحتى مجرد السماح لهم بالتعبير عن آرائهم بشأن قضاياهم، دون خشية من قوانين تقيد عمل نقاباتهم. فربما حينها فقط سيكون لهذا اليوم معنى حقيقي، بدلا أن يكون مجرد عطلة رسمية تزيد الأعباء على البعض، وتمنح الراحة للبعض الآخر.
**********************************************
ارتفاع {مقلق} لوفيات العمال في الإقليم
متابعة- طريق الشعب
بالتزامن مع اليوم العالمي لإحياء ذكرى ضحايا حوادث العمل، المصادف 28 نيسان من كل عام، تم الكشف عن إحصاءات "مقلقة" تتعلق بالضحايا من العمال في إقليم كوردستان خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام الحالي، والتي بلغت 12 حالة وفاة، نتيجة نقص إجراءات الحماية والسلامة داخل مواقع العمل.
كما أعلن أنه خلال العام 2024 تم تسجيل 47 حالة وفاة بين العمال في مناطق مختلفة من الإقليم، فيما بلغ العدد الإجمالي لحالات الوفاة خلال الستة عشر شهراً الماضية 59 حالة، وهو ما يعّد مؤشراً خطيراً على التراجع الكبير في تطبيق شروط السلامة المهنية. وقد دعا المختصون الجهات الحكومية والنقابات المعنية إلى ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة لتوفير بيئة عمل أكثر أماناً لحماية حياة العمال، مشدداً على أن استمرار هذا المعدل المرتفع من الحوادث يُشكل تهديداً حقيقياً للقطاع العمالي في كوردستان.
*****************************************
نضالات عمالية عالمية
متابعة- طريق الشعب
بروكسل: الغت المطارات البلجيكية منذ يوم الثلاثاء جميع رحلاتها بسبب تنظيم إضرابٍ عام في جميع أنحاء البلاد من قِبل الاتحادات العمالية التي تحتج على التخفيضات المُعلنة من قِبل الحكومة في الميزانية العامة للبلاد. ويُذكر أن مختلف الأنشطة العامة، خاصة قطاع النقل، شهد شللاً كبيراً، بسبب هذه الاضرابات، التي تأتي لإجهاض السياسات التي تطبقها الأحزاب اليمينية الحاكمة ومحاولاتها تقليص وإلغاء ما حققته الطبقة العاملة وعموم الشغيلة من مكتسبات بنضالهم الطويل.
الولايات المتحدة: شهدت مدينة لوس أنجلوس الأمريكية، بدء إضراب واسع النطاق نفذه العمال التابعون لنقابة العاملين في الخدمات العامة، وذلك احتجاجًا على تعثر المفاوضات بشأن عقد عمل جديد، بعد انتهاء العقد السابق. وقد تسبب الاضراب في إغلاق عدد من المرافق العامة والخدمات الإدارية، بما في ذلك المكتبات وبعض العيادات الصحية، ودورات المياه على الشواطئ، ونوافذ الخدمات في قاعة الإدارة. هذا وأكدت نقابة العاملين، التي تمثل أكثر من 55 ألف موظف في مجالات الصحة العامة، والخدمات الاجتماعية، والحدائق والترفيه، والنظافة، والإدارة، على أن هذه هي المرة الأولى التي يضرب فيها جميع أعضائها دفعة واحدة، مشيرة إلى أن عمالها هم من وقفوا في الخطوط الأمامية لمواجهة الكوارث المتتالية التي مرت بها المقاطعة، من حرائق وازمات صحية، ومن غير المقبول أن تستمر الانتهاكات بحقهم، وقد حان الوقت للمطالبة بالاحترام والعدالة.
**************************************
فكر عمالي.. الماركسية والنقابات العمالية
حوراء فاروق
نشأت الماركسية في منتصف القرن التاسع عشر كاستجابة للتحولات الاقتصادية والاجتماعية الكبرى التي أفرزتها الثورة الصناعية، وسعت إلى تقديم تفسير علمي للمجتمع ورؤية لتحرير الطبقة العاملة. ولهذا كانت، كإطار نظري وفلسفي، مرتبطة على الدوام بالحركات العمالية والنقابية.
النقابات العمالية في النظرية الماركسية
تُعرِّف الماركسية النقابات العمالية بأنها أدوات تنظيمية تهدف إلى توحيد العمال للدفاع عن حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية. وقد أشار ماركس في كتاب رأس المال، إلى أن النقابات تنشأ كضرورة لمقاومة استغلال رأس المال للعمال، وهي وسيلة لضمان حصولهم على حصة أكبر من فائض القيمة. ولهذا تُعتبر النقابات العمالية خطوة أولى نحو تشكيل الوعي الطبقي، وهو العنصر الحاسم في تحقيق الثورة الاجتماعية.
ويرى ماركس بأن النقابات، رغم أهميتها، ليست كافية لتحقيق التغيير الجذري، إذ يُنظر إليها كأداة للدفاع عن المصالح الاقتصادية المباشرة للعمال، لكنها تظل محدودة إذا لم ترتبط بنضال سياسي أوسع يهدف إلى القضاء على النظام الرأسمالي. ومن هنا، تناول ماركس تحويل الوعي النقابي إلى وعي سياسي وأقرن الحزب بالطبقة العاملة التي عرفها أساساً بموقعها الاقتصادي، وكشف عن طبيعة العلاقة بين الاقتصاد والسياسة وعلى وجه التحديد بين الصراع الاقتصادي للطبقة العاملة وتطور وعيها السياسي وتنظيمها.
وهناك عدة كتابات في هذه الفترة تشير إلى تبني ماركس الرأي القائل بأن (الوعي السياسي يظهر بشكل تلقائي من الأوضاع الاقتصادية والصراع الطبقي)، وهو ما أكد عليه في خطبة له أمام ممثلين من النقابيين الألمان عام 1869 حين قال (إن النقابات هي مدارس الاشتراكية. ففيها يعّلم العمال أنفسهم ويصيرون اشتراكيين، لأن الصراع مع رأس المال يحدث كل يوم على مرأى من عيونهم… إن غالبية العمال مهما كان انتماؤهم الحزبي، قد فهمت أخيراً أن وضعها المادي يجب أن يتحسن. ولكن بمجرد أن يتحسن وضع العامل المادي فسوف يستطيع أن يكرس نفسه لتعليم أطفاله، ولن يحتاج أطفاله وزوجته للذهاب إلى المصنع، ويستطيع هو نفسه تطوير فكره بشكل أفضل، ويولي صحته رعاية أفضل ويصبح اشتراكياً دون أن يلحظ ذلك".
النقابات بين الإصلاح والثورة
واحدة من القضايا الرئيسية التي أثارتها الماركسية هي ما إذا كانت النقابات العمالية قادرة على لعب دور ثوري أم أنها تقتصر على تحقيق إصلاحات ضمن النظام القائم. اعتبر بعض المفكرين الماركسيين، مثل روزا لوكسمبورغ، أن النقابات غالبا ما تنخرط في مساومات مع رأس المال، مما يؤدي إلى فقدانها لدورها الثوري. ورأت أن التركيز على تحسين ظروف العمل والأجور دون معالجة الأسباب الجذرية للاستغلال يؤدي إلى تعزيز استمرارية النظام الرأسمالي. على الجانب الآخر، جادل منظّرون ماركسيون آخرون، مثل فلاديمير لينين، بأن النقابات يمكن أن تكون أدوات فعالة للتغيير إذا تم ربطها بحركة سياسية منظمة، ودعا إلى إنشاء حزب طليعي يقود الطبقة العاملة ويوجه النقابات نحو تحقيق أهداف الثورة البروليتارية.
التحديات التي تواجه النقابات العمالية
في ظل العولمة الاقتصادية وظهور أشكال جديدة من العمل غير المستقر، أصبحت النقابات تواجه تحديات كبيرة. من أبرزها:
- تراجع معدلات التنظيم: مع زيادة العمل غير المنتظم والعمل الحر، أصبح من الصعب على النقابات تنظيم العمال بشكل فعال.
- التشريعات المعادية للنقابات: في العديد من البلدان، تم تشريع قوانين تحد من قدرة النقابات على الإضراب أو المفاوضات الجماعية، خاصة بعد توطد سلطة الليبرالية الجديدة على يد تاتشر وريغان.
- التغيرات في هيكل الاقتصاد: مع انتقال الصناعات الثقيلة إلى البلدان النامية وتركز الاقتصاد في القطاعات الخدمية والتكنولوجية، تغيرت طبيعة الصراع الطبقي.
الماركسية والواقع المعاصر للنقابات
اليوم، تعيش النقابات العمالية حالة من التراجع النسبي في العديد من الدول، خاصة في الدول الصناعية المتقدمة. ويعود ذلك جزئيا إلى تأثير السياسات النيوليبرالية التي قلصت من دور الدولة في حماية العمال، إضافة إلى تراجع الصناعات التقليدية التي كانت تشكل معاقل للنقابات.
وعلى الرغم من ذلك، هناك أمثلة على حركات عمالية نجحت في تحقيق إنجازات ملموسة. ففي أمريكا اللاتينية، على سبيل المثال، لعبت النقابات دورا محوريا في مقاومة السياسات النيوليبرالية وتعزيز حقوق العمال. وفي بعض الدول الأوروبية، استمرت النقابات في الدفاع عن دولة الرفاه الاجتماعي رغم الضغوط المتزايدة.
من جهة أخرى، عاد النقاش حول الماركسية إلى الواجهة في السنوات الأخيرة، خاصة بعد الأزمات الاقتصادية المتكررة التي أظهرت هشاشة النظام الرأسمالي. في هذا السياق، يمكن للماركسية أن تقدم رؤى جديدة للنقابات حول كيفية مواجهة التحديات وتحقيق العدالة الاجتماعية.
ورغم هذه التحديات، ما زالت النقابات تمثل أداة مهمة للدفاع عن حقوق العمال، لكنها تحتاج إلى التكيف مع الواقع الجديد. وتمثل العلاقة بين الماركسية والنقابات العمالية إحدى القضايا المحورية في فهم تطور الحركات الاجتماعية والصراعات الطبقية. ومن خلال تبني رؤية ماركسية معاصرة تأخذ في الحسبان التغيرات الاقتصادية والاجتماعية، يمكن للنقابات أن تستعيد دورها كقوة دافعة للتغيير الاجتماعي والثوري.
****************************************
الصفحة التاسعة
صرخات الأطفال الجوعى تخترق الصمت العالمي المخزي العفو الدولية: غزة تشهد إبادة جماعية على الهواء مباشرة
متابعة – طريق الشعب
تصدر وسم "غزة تموت جوعاً" منصات التواصل الاجتماعي" العالم، حيث تداول ناشطون ومدونون عرب وأجانب مقاطع وصور تدمي القلوب، تظهر الأطفال والنساء والشيوخ يتزاحمون من أجل الحصول على أي طعام يسد جوعهم، وذلك بعد 60 يوما على إغلاق الاحتلال الصهيوني معابر قطاع غزة ومنع إدخال المساعدات.
ولم تعد الجرائم التي ترتكب على الهواء مباشرة مجرد أرقام او تقارير، بل تحولت إلى مشاهد متداولة تبين صرخات الأطفال الجوعى التي تخترق الصمت العالمي المخزي. وقد وصف مدير مكتب المفوضية الأممية لحقوق الإنسان بالأراضي الفلسطينية أجيت سونغاي ما يجري في قطاع غزة بأنه غير مسبوق، وأكد أن "وضع غزة هو الأسوأ منذ 18 شهرا حيث لا مياه نظيفة ولا أغذية يتم توزيعها"، وقال "منذ 60 يوما لم تدخل حبة قمح أو أي من المساعدات الإنسانية والطبية ولوازم السكن".
وفي وقت تتواصل فيه جرائم حكومة الاحتلال الفاشية حرب الإبادة على الشعب الفلسطيني، وصل عدد الشهداء في غزة يوم أمس إلى أكثر من 40 شهيدا مع عدد آخر من المصابين.
وواصلت محكمة العدل الدولية جلسات الاستماع بشأن تقييم مسؤولية إسرائيل والتزاماتها بعمل منظمات الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية، ووجودها ميدانيا على الأراضي الفلسطينية.
حل الدولتين بعيد المنال!
حذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في حديث اثناء جلسة لمجلس الأمن الدولي، من أن "الشرق الأوسط في مفترق طرق حرج" وقال: "الوعد بحل الدولتين معرض لخطر التلاشي تماماً.. الإرادة السياسية لتحقيق هذا الهدف تبدو بعيدة المنال أكثر من أي وقت مضى".
وحث غوتيريش الدول على تجاوز التصريحات وتحديد خطوات محددة لإحياء حل الدولتين. وقال إن "الوقت يمر، الوقت ينفد". وأعرب عن قلق عميق إزاء تدهور الوضع في قطاع غزة. وأدان استمرار الحصار.
وتحدث غوتيريش عن "شعوره بالقلق من تصريحات المسؤولين الإسرائيليين التي تشير إلى أن المساعدات تستخدم كوسيلة ضغط لتحقيق مكاسب عسكرية.. وقال: المساعدات ليست ورقة مساومة. إنها غير قابلة للتفاوض".
على الهواء مباشرة
ندّدت منظمة العفو الدولية، في تقرير بـ "إبادة جماعية" ترتكبها إسرائيل "على الهواء مباشرة".
وكتبت الأمينة العامة للمنظمة أنييس كالامار، في توطئة التقرير السنوي في مجال حقوق الإنسان، الذي صدر أمس، أنه "منذ 18 شهرا يتفرّج العالم على شاشاته على إبادة جماعية على الهواء مباشرة". وأضافت "لقد تفرّجت الدول، كما لو أنّها عاجزة تماما، على إسرائيل وهي تقتل آلاف الفلسطينيات والفلسطينيين، وترتكب مجازر بحقّ عائلات بأكملها من عدة أجيال، وتدمّر المنازل وسبل العيش والمستشفيات والمؤسسات التعليمية". وجدّدت أمنستي اتهام إسرائيل بارتكاب "إبادة جماعية" بحقّ الفلسطينيين في غزة، في الشقّ المخصّص للشرق الأوسط من تقريرها الشامل. وسبق أن وجّهت نهاية 2024 الاتّهام نفسه لإسرائيل التي نفته بشكل قاطع وقتها.
توسيع العمليات العسكرية!
وكشفت وسائل إعلام إسرائيلية، عن تعليمات جديدة في الجيش الإسرائيلي تتضمن حشد القوات الاحتياطية، تمهيدا لتوسيع العمليات العسكرية في قطاع غزة، وذكر موقع "ويللا" أن "ألوية الاحتياط الإضافية في الجيش الإسرائيلي ستتولى الحفاظ على المناطق العازلة في غزة، وتأمين الحدود والطرق"، مشيرا إلى أن هذه الألوية تلقت خلال الأيام الأخيرة إخطارات للتعبئة من أجل القتال في قطاع غزة.
وأكد الموقع أن الجيش الإسرائيلي يتحدث أن هذه الخطوة هي مجرة خطوة من بين خطوات عملياتية كثيرة، للقيام بمهمة "عسكرية ضخمة" مخطط لها في قطاع غزة.
*************************************
"الميدان" السودانية: التسويات الخارجية مصيرها الفشل
الخرطوم –طريق الشعب
قالت "الميدان" لسان حال الحزب الشيوعي السوداني، أن " الحرب تدخل عامها الثالث والمواطن السوداني لا يزال ينوء تحت أثقال الخراب والدمار والموت والنهب وجرائم الاغتصاب والاستعباد الجنسي، ويعيش الناس بين أنياب المسيرات الدامية في الفاشر وسائر المدن، أو تائهين في المنافي ومآسي النزوح واللجوء، وعلى الرغم من تفاقم الكارثة وتعمق المأساة، يعجز المجتمعان الدولي والإقليمي عن الوصول إلى تسوية توقف هذه المذبحة وتنقذ البلاد وأهلها من السقوط الحر نحو الانهيار الكامل".
وذكر أنه "في ظل هذا المشهد المظلم، يبرز فشل مؤتمر لندن الذي دعت إليه الحكومة البريطانية، حيث فضحت الخلافات بين القوى الإقليمية المتورطة في حرب السودان حقيقة ما يدور خلف الكواليس، إذ تدور معاركهم حول اقتسام الغنائم لا حول خلاص الشعب أو وقف نزيف البلاد".
ولفتت إلى صواب ما نبه اليه الحزب الشيوعي السوداني وقوى الثورة، بأن " أي تسوية للأوضاع تأتي عن طريق الخارج وتتجاهل مصالح الشعب فمصيرها الفشل الذريع، وهي امتداد لصراعات المصالح والتناقضات الإقليمية والدولية"
وأكدت الافتتاحية على أن " مبادرة الحزب لإيقاف الحرب واسترداد الثورة لا تتحقق إلا بالتماهي مع الجماهير، بالاستماع لها والتعلم منها، واكتشاف ما تختزنه من طاقات وقدرات جبارة قادرة على المواجهة والتغيير".
**************************************
سوريا.. اعتداء إسرائيلي جديد
دمشق - وكالات
أعلنت إسرائيل، أمس، أنها شنت هجوما تحذيريا على مجموعة وصفتها بالمتطرفة، كانت تستعد لمهاجمة الأقلية الدرزية في بلدة صحنايا السورية بريف دمشق، وفق بيان أصدرته بهذا الشأن، في حين أكدت وزارة الداخلية السورية تعرض المدينة لهجومين إسرائيليين منذ صباح أمس.
وقال رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ووزير دفاعه يسرائيل كاتس، في بيان مشترك، إن "إسرائيل وجهت رسالة إلى النظام السوري بأنها تتوقع منه التحرك لمنع إلحاق الأذى بالدروز".
وجاء في البيان "وجهنا رسالة إلى النظام السوري، أن إسرائيل تتوقع منه التحرك لمنع إلحاق الأذى بالدروز".
****************************************
الصين: لن نرضخ لضغوط ترامب المتنمر
بكين - وكالات
انتقدت الصين الحرب التجارية التي يشنها الرئيس الأميركي دونالد ترامب ضدها، مؤكدة أنها "لن ترضخ"، ودعت المجتمع الدولي للوقوف في وجه التنمر الأميركي وفق تعبيرها.
وقالت وزارة الخارجية الصينية في فيديو نشرته باللغة الإنجليزية مع ترجمة للصينية، إن "الانحناء أمام المتنمر أشبه بتجرع السم لإرواء العطش، ويُفاقم الأزمة".
ووصفت الصين الولايات المتحدة بأنها "نمر من ورق"، وأشارت إلى أن "الواردات والصادرات الأميركية تُشكل أقل من خُمس التجارة العالمية"، وأن الولايات المتحدة "لا تُمثل العالم بأسره".
وأضافت "لقد أثبت التاريخ أن الرضوخ لا يُؤدي إلا إلى مزيد من التنمر، والصين لن ترضخ".
كما دعت الخارجية الصينية في الفيديو دول العالم إلى كسر الهيمنة الأميركية، وتعهدت بأن بكين "ستصمد مهما هبت الرياح، وعلى أحدهم أن يتقدم، حاملاً مشعلاً في يده، ليبدد الضباب وينير الطريق".
*****************************************
حزب العمال التونسي: نريد اسقاط منظومة الحكم
تونس – وكالات
قال الأمين العام لحزب العمال التونسي المعارض حمة الهمامي، انه "يشعر بالسعادة بسبب تعمق الوعي بمخاطر الاستبداد" وذلك في رده على تصريحات الرئيس التونسي قيس سعيد الذي يتحدث عن أن "الحريات في بلاده، وعلى رأسها حرية الرأي والتعبير، مضمونة بالدستور".
وأكد أن "هناك حد أدنى لا يتنازل عنه حزب العمال، ولكن عندما ندافع عن دولة القانون والمحاكمة العادلة وحرية الرأي، لا يعني أننا أصبحنا على نفس الموقف مع حركة النهضة أو الدستوري الحر أو حتى مع أصدقائنا في الحركة الديمقراطية". الذين تجري محاكمة قياداتهم بتهم التآمر.
وأضاف: إننا في "حاجة إلى جبهة واسعة ديمقراطية تقدمية واسعة للسياسيين فقط، فحقوق النساء مضروبة وكذلك حقوق الشباب والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والمثقفين والمبدعين". وبين ان ذلك يتطلب ان تنمو الحركة الشعبية وان يجري تقييم المرحلة التي وصلت اليها تونس، حتى لا نقع في أخطاء الماضي.
وتحدث الهمامي عن مساعي لتشكيل قطب يساري تقدمي، يناهض الأقطاب الأخرى ومنها القطب الشعبوي الذي يمسك الحكم" مبيناً انهم يريدون بناء دولة قانون، ليس مجرد شعار، ولذلك نرفض الظلم ضد أيا كان.
وشدد الأمين العام لحزب العمال التونسي على ان الديمقراطية تسترد من خلال الحركة الشعبية، وليس من خلال النخب، وأضاف: "نعتقد أن استرداد المكاسب الديمقراطية وتطويرها نحو نظام ديمقراطي ونظام عدالة اجتماعية وتغيير القاعدة الطبقية والخيارات الاقتصادية وتحقيق سيادة الشعب على الدولة وعلى الثروات، سيقوم به الشعب".
وتابع: "نريد إسقاط هذه المنظومة، ولكن ليس بالجيش ولا بالخارج، لأن الجيش إذا أتى لن يذهب، والخارج إذا أتى لن يغادر".
************************************************
عَلّمَنا ان هزيمة الامبريالية ممكنة.. في الذكرى الخمسين لانتصار الشعب الفيتنامي
رشيد غويلب
في مساء 29 نيسان 1975، أقلعت آخر طائرة هليكوبتر من سطح السفارة الأميركية في سايغون، حاملة أكبر عدد ممكن من المتعاونين مع الجيش الأمريكي ونظام فيتنام الجنوبية التابع له. وبعد ساعات قليلة، في 30 نيسان 1975، دخل جنود جبهة التحرير الوطني إلى سايغون المحررة. لقد انتهت حرب فيتنام. وانتصرت إرادة شعب علّم البشرية أن هزيمة الإمبريالية ممكنة. وهتفت الملايين التي تضامنت مع نضال الشعب الفيتنامي، وغنوا لسايغون الحرة. في البلاد العربية يتذكر الكثيرون رائعة أحمد فؤاد نجم والشيخ إمام "سايغون عادت للثوار".
محطات تاريخية
توج انتصار 30 نيسان 117 عامًا من النضال التحرري لفيتنام وشعوب الهند الصينية. في عام 1858، احتلت القوات الفرنسية الهند الصينية، المنطقة التي تضم حاليًا فيتنام ولاوس وكمبوديا. وفي عام 1930 تأسس الحزب الشيوعي في الهند الصينية في هونغ كونغ، الذي انحدر منه الحزب الشيوعي الفيتنامي لاحقًا، وكان هوشي منه الشخصية الأبرز في تاريخ الحزب وفيتنام الحديث.
في عام 1941، تأسست رابطة استقلال فيتنام لمحاربة المحتلين اليابانيين والقوة الاستعمارية الفرنسية التي تعاونت معهم. وفي الثاني من أيلول 1945، أعلن هو تشي مينه استقلال البلاد وقيام جمهورية فيتنام الديمقراطية. وفي 6 كانون الثاني 1946، جرت أول انتخابات للجمعية الوطنية، وبدأ عهد البلاد الاشتراكي.
على الرغم من ذلك، كانت باريس عازمة على الحفاظ على إمبراطوريتها الاستعمارية واستعادتها. وبدعم من بريطانيا، عادت القوة الاستعمارية الفرنسية في عام 1945، واحتلت جنوب فيتنام وحاولت إعادة الشمال تحت سيطرتها. وقاوم جيش الشعب ذلك. لقد استمرت حرب الهند الصينية حتى النصر الحاسم الذي حققه مقاتلو الحرية في معركة "ديان بيان فو" في عام 1954. لقد اضطرت فرنسا إلى الاستسلام للفيتناميين. وفي مؤتمر السلام في جنيف، حصلت لاوس وكمبوديا على استقلالهما، وتم تقسيم فيتنام بين الشمال الذي تحكمه جبهة التحرير الوطني، والجنوب الذي يسيطر عليه الإمبراطور باو داي. وكان من المقرر أن يستمر التقسيم لمدة أقصاها عامان.
في 1 تشرين الأول 1955 استولى نجو دينه ديم، بدعم أمريكي، على السلطة، وأعلن قيام "جمهورية فيتنام" في الجنوب، التي تولى رئاستها. وكان الهدف الأساسي هو منع إجراء الانتخابات الحرة المخطط لها، لأنها كانت ستؤدي على الأرجح إلى انتصار الفيت مينه والشيوعيين. وكانت واشنطن تخشى أن يتحول جنوب شرق آسيا بأكمله إلى منطقة "حمراء".
كذبة الحرب
نتيجة للرفض الواسع للنظام التابع في الجنوب، لم تجد واشنطن بديلًا من الاحتلال المباشر لجنوب فيتنام، فأشاعت كذبة قيام زوارق فيتنامية شمالية سريعة، بمهاجمة سفينتين حربيتين أميركيتين بشكل متكرر ودون سبب. وعلى إثر ذلك قصفت الطائرات الأمريكية الموانئ ومواقع الدفاع الجوي في شمال فيتنام.
لقد تم إسقاط قنابل على جمهورية فيتنام الديمقراطية أكثر من تلك التي أسقطت على أوروبا خلال الحرب العالمية الثانية. وكان الهدف المعلن هو إعادة البلاد إلى العصر الحجري (كما هو الحال في العراق لاحقًا). ولكن فيتنام لم تكن وحدها. لقد تضامن الاتحاد السوفييتي وجمهورية الصين الشعبية مع الشعب الذي تعرض للهجوم وساعداه بالمال والأسلحة وأشكال الدعم الأخرى.
في عام 1973، وعلى الرغم من الهجمات المستمرة التي تشنها القوات الأميركية، زار الرئيس الكوبي فيدل كاسترو المنطقة التي تسيطر عليها جبهة التحرير في جنوب فيتنام وافتتح سفارة بلاده هناك. وخرج الملايين في جميع أنحاء العالم إلى الشوارع للاحتجاج ضد الحرب الأمريكية، وفي الولايات المتحدة تحول الاحتجاج ضد العدوان إلى حركة جماهيرية.
أيار الأحمر
في عام 1973 اضطرت واشنطن إلى توقيع اتفاق وقف إطلاق النار مع فيتنام الديمقراطية وسحبت كل قواتها من الجنوب. وفي المقابل، أطلقت جمهورية فيتنام الديمقراطية سراح جميع أسرى الحرب الأميركيين. لم يكن بعدها لدى النظام في الجنوب ما يواجه به قوات جبهة التحرير، لقد تم اتخاذ القرار بتحرير العاصمة سايغون. وعشية الأول من أيار 1975، انتهت الحرب وأصبحت فيتنام حرة. وبعد مرور عام واحد، اتحد الشمال والجنوب لتشكيل جمهورية فيتنام الاشتراكية وعاصمتها هانوي؛ وسُميت سايغون مدينة هوشي منه.
كان ثمن الحرية باهظًا. دمرت البلاد، ووصل عدد الضحايا إلى 3 ملايين مواطن. وأدى الغاز السام، الذي استخدمته الولايات المتحدة، إلى مقتل أكثر من مليون فيتنامي، وبعد فترة طويلة من نهاية الحرب؛ أنجبت الأمهات أطفالًا معاقين. بالمقابل قُتل أكثر من 60 ألف جندي من المعسكر المعادي.
قال تو لام، الأمين العام للحزب الشيوعي الفيتنامي، في اجتماع مع قدامى المحاربين في أوائل نيسان 2025: "ستتذكر أجيال الفيتناميين إلى الأبد التضحيات العظيمة لأولئك الذين ضحوا بدمائهم وأرواحهم من أجل بقاء الأمة وتنميتها". لم يكن النصر في ربيع عام 1975 ذا أهمية تاريخية للشعب الفيتنامي فحسب، بل شجع أيضًا حركات التحرير في جميع أنحاء العالم وعززها، وأصبح واضحًا أن هزيمة الإمبريالية ممكنة.
*****************************************
الصفحة العاشرة
جامعة هارفارد تقف في وجه ترامب، فإلى متى ستصمد؟
روبن ليفنسون-كينغ ومايك ويندلنغ
أعلنت جامعة هارفارد أنها لن ترضخ لمطالب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، سواءً استمرت في الحصول على التمويل الفيدرالي أم لا.
وقال آلان غاربر، رئيس جامعة هارفارد، في رسالة نشرت على موقع الجامعة الإلكتروني: "لا ينبغي لأي حكومة، بغض النظر عن الحزب الحاكم، أن تملي على الجامعات الخاصة ما يمكن تدريسه". وبعد فترة وجيزة من رفض هارفارد الموافقة على قائمة مطالب البيت الأبيض الشاملة، والتي تضمنت توجيهات حول كيفية الإدارة والتوظيف والتدريس، جمّدت إدارة ترامب 2.2 مليار دولار من الأموال الفيدرالية المخصصة للجامعة.
وأشاد العديد من الطلاب والخريجين بقرار الجامعة بالتمسك بموقفها، على الرغم من عواقبه. ووصف الرئيس السابق باراك أوباما، وهو خريج هارفارد، خطوة ترامب بأنها "متهورة"، وأشاد بهارفارد باعتبارها "مثالاً يحتذى به لمؤسسات التعليم العالي الأخرى".
ورداً على قرار جامعة هارفارد رفض مطالب الحكومة، اتهمت وزارة التعليم الجامعة بأنها تتحلى بـ "عقلية الاستحقاق المزعجة التي تتفشى في أعرق جامعات وكليات بلادنا - مفادها أن الاستثمار الفيدرالي لا يرافقه مسؤولية احترام قوانين الحقوق المدنية".
وقد تكون المعركة بين ترامب وجامعة هارفارد مجرد بداية لحرب استنزاف بين الحكومة الفيدرالية والتعليم العالي.
ولم يتقصر الأمر على جامعة هارفارد، حيث حددت فرقة العمل الحكومية المعنية بمعاداة السامية ما لا يقل عن 60 جامعة للمراجعة.
ولم تكن هذه الخطوة مفاجئة، فلطالما انتقد ترامب ونائبه، جيه دي فانس، مؤسسات التعليم العالي. وفي عام 2021، ألقى دي فانس خطاباً وصف فيه الجامعات بـ "العدو".
وشن ترامب حملة لتقليص التمويل على الجامعات في حملته الرئاسية، واصفاً إياها بأنها معادية للمحافظين. وقبل عام تقريباً من بدء الصراع الحالي في غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023، طرح ترامب مبادرة لسياسة حرية التعبير وعدت بـ "تحطيم نظام الرقابة اليساري"، مستهدفة الجامعات جزئياً.
وأشار استطلاع رأي أجرته مؤسسة غالوب الصيف الماضي إلى أن الثقة في التعليم العالي آخذة في التراجع مع مرور الوقت بين الأمريكيين من جميع الخلفيات السياسية، ويعزى ذلك جزئياً إلى اعتقاد متزايد بأن الجامعات تدعم أجندة سياسية. وكان هذا التراجع حاداً بشكل خاص بين الجمهوريين. ويقول فريق ترامب إن القضية المطروحة الآن هي الاحتجاجات الجامعية المؤيدة للفلسطينيين العام الماضي. وعصفت هذه الاحتجاجات بالجامعات في جميع أنحاء البلاد، وساهمت في مضايقة الطلاب اليهود، وفقاً لإدارة ترامب.
وفي الشهر الماضي، وافقت جامعة كولومبيا على العديد من مطالب الإدارة في أعقاب الاحتجاجات، بعد أن خفضت الحكومة تمويلها بمقدار 400 مليون دولار.
وقدّمت جامعة هارفارد أيضاً تنازلات، حيث وافقت على التعاون مع فريق عمل إدارة ترامب لمكافحة معاداة السامية. وقامت الجامعة بطرد قادة مركز دراسات الشرق الأوسط التابع لها، وعلقت مبادرة الدين والصراع والسلام بسبب اتهامات بالتحيز ضد إسرائيل.
وفي يناير/كانون الثاني، قامت جامعة هارفارد بتسوية قضيتين رفعهما طلاب يهود زعموا تعرضهم لمعاداة السامية. ولم تعترف الجامعة بأي مخالفات، وقالت إن التسوية تظهر التزامها بدعم طلابها وموظفيها اليهود.
لكن الجامعة رفضت يوم الجمعة قائمة مطالب البيت الأبيض.
وقالت سمايا إيفانز، طالبة بهارفارد وناشطة وعضوة بمنظمة مقاومة الأمريكيين الأفارقة والأفارقة في الجامعة، إن قرار الجامعة باتخاذ موقف كان متوقعاً منذ فترة طويلة.
وقالت لبي بي سي: "لن تفعل هارفارد إلا ما تتحمل مسؤوليته". وأشارت إلى الاحتجاجات التي شهدها الحرم الجامعي في الأسابيع القليلة الماضية - والانتقادات الواسعة للاتفاق بين جامعة كولومبيا وإدارة ترامب - باعتبارها عوامل ضغط على مسؤولي الجامعة.
وقالت إيفانز: "إنهم يعرفون الجمهور - سيواجهون رد فعل عنيف" إذا رضخوا.
وأضافت: "سيكون من غير المعتاد أن تفعل هارفارد أي شيء يتجاوز ما يخدم مصالحها الخاصة".
وبفضل المنح التي تحصل عليها هارفارد والتي تصل لـ 53.2 مليار دولار، وهو رقمٌ يفوق الناتج المحلي الإجمالي لبعض الدول الصغيرة، تتمتع الجامعة بقدرةٍ فريدةٍ على الوقوف في وجه هذه العاصفة . لكن خبراء يقولون إنها لا تزال في أزمة.
وقال ستيفن بلوم، المتحدث باسم المجلس الأمريكي للتعليم: "ينظر معظم صانعي السياسات إلى المنح على أنها حساب جارٍ، أو بطاقة مصرفية تمكنك من سحب الأموال واستخدامها لأي غرض. لكنها ليست كذلك".
وقال بلوم إنه في حين أن قيمة منحة هارفارد ضخم، إلا أنه يشير إلى أن 70 في المئة من هذه الأموال مخصصة لمشروعات محددة، وهو أمر معتاد في المنح التعليمية.
ويتعين على هارفارد إنفاق الأموال بالطريقة التي حددها المانحون، وإلا ستخاطر بالمساءلة القانونية.
كما أن نفقات هارفارد ضخمة جدا، حيث بلغت ميزانيتها التشغيلية لعام 2024 6.4 مليار دولار. وتمول منحة هارفارد حوالي ثلث ميزانيتها التشغيلية، في حين تأتي 16 في المئة من الحكومة الفيدرالية، وغالبا ما تكون للمساعدة في أمور يفترض أن تعود بالنفع على الولايات المتحدة بأكملها، مثل أبحاث الطب الحيوي.
وستزداد متاعب الجامعة إذا نفذ ترامب تهديده بإلغاء إعفاء هارفارد من الضرائب. فهذا الإعفاء يُساعد الجامعة على تجنب دفع الضرائب على استثماراتها وعقاراتها.
وتمتلك هارفارد فروعا جامعية في جميع أنحاء منطقة بوسطن الكبرى، وتشير تقديرات بلومبرغ إلى أنها وفرت 158 مليون دولار من فواتير ضريبة الأملاك في عام 2023.
وفي أحدث تصريحاته بشأن الجامعة صباح الأربعاء، هاجم ترامب قيادة هارفارد "اليسارية المتطرفة"، وقال إن المؤسسة "لم تعد تعتبر حتى مكانا لائقا للتعلم".
وأدى ذلك إلى تشكك بعض الطلاب بشأن استمرارية الجامعة في ظل هذه الأوضاع الصعبة.
وقال ماثيو توبين، الممثل الأكاديمي في مجلس طلاب هارفارد: "هناك المزيد مما يمكن للحكومة فعله إذا أرادت مهاجمة هارفارد، ولست متفائلاً بأنها ستتوقف بعد خفض 2.2 مليار دولار من الأموال المقدمة للجامعة".
وقال توبين إن فكرة أن إدارة ترامب تقدم هذه المطالب لمساعدة هارفارد "هراء".
وقال لبي بي سي: "إنه هجوم سيء النية تماماً. تخفيضات التمويل لها علاقة بمهاجمة ترامب لمؤسسة يراها ليبرالية، ورغبته في ممارسة سيطرة أكبر على ما يدرّسه الناس وكيف يتعلم الطلاب ويفكرون".
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"بي بي سي" – 17 نيسان 2025
**********************************************
سينما غودار ورسومات إكزوبيري في مزاد في باريس
سمير رمان
أعلنت دار سوثبيز في باريس عن مزاد على أشياء نادرة تعتزم عرضها في الصيف المقبل، بما في ذلك كتب ومخطوطات نادرة سيتم عرضها للبيع في مزاد عبر الإنترنت خلال الفترة من 4 إلى 18 من حزيران/ يونيو. المخطوطات هي رسوم توضيحية لمضمون رواية "الأمير الصغير/ le petit prince"، رائعة الكاتب والرسام والطيار الفرنسي الشهير، أنطوان دي سانت إكزوبيري/ Antoine de Saint Exupery، وكذلك مخطوطة سيناريو الفيلم الشهير "نفس لاهث" للمخرج الفرنسي الشهير جان لوك غودار/ Jean- Luc Godar. في المبنى الجديد لدار المزادات في منطقة Four Saint- Nore، سيجري عرض 83 سيارة نادرة، وكذلك لوحات ومنحوتات من مبنى البرلمان البرازيلي الشهير، إلى جانب عدد من الأكياس والحقائب النسائية الملونة باهظة الثمن. غير أنّ أكثر الأشياء إثارة، وهي محور المؤتمر الصحافي، رغم أنها كانت تبدو متواضعة للغاية من حيث المظهر: حوضان زجاجيان يشبهان أحواض السمك، فيهما ذكريات نادرة تتعلّق بأشهر أفلام "الموجة الجديدة"، وكذلك لوحة عُلقت عليها رسومات توضيحية لروايته الشهيرة، رسمها الكاتب أنطوان دي سانت إكزوبيري بنفسه، وخطّ عليها كلمات بيده.
حكاية هذه الرسومات رواها مالكها، جامع التحف والكاتب والمصوّر بيير عمروش. جرى الحديث مع الصحافيين عن بعد عبر خدمة السكايب من دولة توغو في أفريقيا، حيث يعيش ويعمل حاليّا على تأليف كتاب عن الفن الأفريقي. أما والده فهو الكاتب الجزائري المعروف جان آلموهوف عمروش، الذي تعرّف في الجزائر على الفرنسي الكاتب والفيلسوف أندريه جيد، الذي لجأ إلى الجزائر خلال الحرب العالمية الثانية هربا من اضطهاد السلطات النازية له.
في الجزائر، عرّف أندريه جيد أسرة بيير على الطيار والكاتب أنطوان دي سانت أكزوبيري، الذي كان وقتها في قمة مجده. خلال العشاء العائلي، راح دي سانت إكزوبيري يحكي لمضيفيه الكرماء جدّا عن كتابه الجديد، الذي لم يصل الجزائر بعد. دعم الكاتب حكايته برسومات رسمها في البداية على عجل على علبة السجائر، ومن ثمّ انتقل للرسم على غطاء الطاولة. عندما رأت ربّة المنزل ما يفعله الضيف، سارعت في إحضار دفتر ليرسم عليه الضيف المتحمس. وهكذا، ظهر إلى الوجود 16 رسما أوليا لكتاب "الأمير الصغير". تمثل الرسومات محبوبة الأمير الصغير، الوردة متقلبة المزاج، ورجل الأعمال الذي يقوم بعدّ نجوم السماء.
جرت العادة أن تباع المعروضات قطعة قطعة، وبأسعار قدرتها الدار بين آلاف عدة إلى عشرات الآلاف من اليوروهات. غير أن الدار تأمل هذه المرة في بيع جميع المعروضات دفعة واحدة. في مثل هذه المزادات، تستهدف مجموعة الكتب النادرة والمخطوطات بالدرجة الأولى عشاق الأدب، وليس هواة اللوحات الفنية. على سبيل المثال، بالنسبة لصناع السينما، أعدت إدارة المزاد مجموعة وثائق مرتبطة بفيلم جان لوك غودار "نفس لاهث" الذي عرض عام 1960، وهو الفيلم الذي دخل قائمة أهم الأعمال السينمائية الفرنسية والعالمية، والذي لم يقتصر دوره على رفع مخرجه جان غودار، من مجرد ناقد صارم إلى مصاف مشاهير المخرجين المؤثرين، بل وحوّل أيضا بطليه جان بول بلموندو، وجين سيبيرغ، إلى ثنائي يمثل نموذجا للحب في صناعة السينما برمتها. تم تصوير الفيلم خلال الفترة من 17 آب/ أغسطس إلى 15 أيلول/ سبتمبر عام 1959، مباشرة تحت أشعة الشمس من دون أية ديكورات، وأيضا من دون كاميرا محمولة باليد. في ذلك الفيلم النموذج، لم يكن الممثلون يعلمون ماذا سيطلب المخرج منهم بعد ساعة واحدة، وكذلك لم يكن غودار نفسه يعلم هذا، فقد كان، حفاظًا على الروح العامة للمغامرة، يكتب الحوار، حرفيّا قبل دقائق معدودة من التصوير، ثم يقوم برمي الأوراق التي استخدمها في كتابة الحوارات. يرى المؤرخون السينمائيون أنه كلما قلّ عدد أوراق السيناريو الناجية بأعجوبة من الضياع، كلما ارتفعت قيمتها. لم يسبق نشر أيّ صفحةٍ من الـ72 صفحة من مجموعة الأوراق الناجية، التي خطّتها يد غودار بأحرف كبيرة واضحة. تتضمن هذه الأوراق تصورات أولية لشارة البداية، والأطر الأولية، وكذلك ملخصات المشاهد والحوارات. من بينها مشاهد الافتتاح الدرامية، وأيضا مشهد اللقاء مع البطلة سيبيرغ، ومع باترشيا في الشانزليزيه، وأيضًا مشهد كابينة الهاتف، وأخيرا مشهد راكب الدراجة النارية، ونهاية الفيلم المشهورة.
سيتم عرض جميع هذه المواد للبيع في المزاد العلني من قبل عائلة منتج الفيلم، التي يمثلها جورج دو بورغارد، والتي تقدر قيمتها ما بين 400 و600 ألف يورو.
في التاسعة والعشرين من عمره، أنتج جان لوك غودار فيلمه الأول، الذي أصبح أحد أبرز أفلام السينما الفرنسية. ويعود الفضل في ظهور هذه المقتنيات إلى النور لجورج دو بورغارد، الذي واجه صعوباتٍ جمة للحصول على التمويل اللازم لإنجاز هذا العمل. وأوضحت آن هيلبرون، رئيسة قسم الكتب والمخطوطات في دار سوثبيز للمزادات في باريس، أن هذه المخطوطة النادرة نجحت في الجمع بين شخصيتين بارزتين من "الموجة الجديدة" للسينما الفرنسية، الأمر الذي زاد من قيمتها الفنية والمادية. يتساءل بعضهم عما إذا كان المالك سيأسف بعد التخلي عن هذه الوثائق. لكن بيير عمروش يؤكد أن المالك القديم ليس آسفًا البتة، بل هو سعيد بالفعل لأن هذه التحف النادرة ستجد مالكا جديدا يعتني بها ويحرص عليها ويحبها، على الرغم من أنه سينفق كثيرا من المال للحصول عليها.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
"ضفة ثالثة" – 7 نيسان 2025
*************************************************
جائزة أندريه بلوين... رحلة «البان أفريكانزيم} المناضلة السمراء التي تجاهل العالم جنازتها
رولا عبدالله
الآن دعونا نبدأ من جديد سرد الحكاية المنفية إلى غياهب القارة السمراء. هذه المرة، "الحدوتة" ليست عن الشاطر حسن أو علي بابا والسندباد، لكنها شعبية بمزاج التاريخ المتعثر أحياناً. تاريخ يهادن قليلاً، تفتر ثوراته، لكنه يعود الى الضوء شعلة بهمة أوفياء. تماماً مثلما فعلت أخيراً، دار نشر "إنكاني بوكس"، التي أعلنت عن جائزة أندريه بلوين لإبراز أصوات النساء الأفريقيات.
وأندريه في زمانها، في الستينات والسبعيات من القرن المنصرم، كانت شعلة على منابر نادت بالثورة على الظلم. عرفت بملهمة لومومبا، وأقوى امرأة في أفريقيا، لكنها حين توفيت، قلة مشوا في جنازتها. عاشت تنادي من أجل أفريقيا حرة من الاستعمار وماتت مهمشة. فما حكاية سيدة حكمت أفريقيا من دون كرسي ولا مراسم تنصيب رسمية؟
إنها سيرة ذاتية للباشوناريا السمراء، كتبتها ابنة تاجر فرنسي أحب ابنة زعيم قبلي من جمهورية أفريقيا الوسطى. وفي زمن المستعمرات الأفريقية الفرنسية والبلجيكية، على أي طفل يولد من ثمرة هذه العلاقة أن ينفى الى دير للراهبات يعيش فيه أطفال من أعراق مختلفة. هكذا بحكم الاستعمار يُفصلون عن الأهل والمجتمع، وهذا حال أندريه التي عاشت طفولة معذبة.
في الرابعة عشرة من عمرها، صدر قرار الدير بحقها في أن تزوّج باعتبارها "مشاكسة وبحاجة لوصي". لم تستسلم الطفلة القوية التي فتحت كوة في الجدران وهربت. وعن تلك الحادثة كتبت في مذكراتها بعنوان "موطني أفريقيا": "كانت دار الأيتام بمثابة نوع من سلة المهملات لنفايات هذا المجتمع الأسود والأبيض: أطفال الدم المختلط الذين لا ينتمون إلى أي مكان. هناك تعرضت للضرب والجلد وسوء التغذية والإساءة اللفظية".
بإرادتها أحبت وتزوجت مرتين، لكن الظلم الناتج عن لون بشرتها الداكن، هي التي حملت بالاسم جنسية فرنسية، تجرعته علقماً حين فقدت طفلها ابن العامين. عام 1964، وبينما كانت في أفريقيا الوسطى، أصيب ابنها بالملاريا، وكان مختلط العرق مثل والدته. وللسبب الأخير رفضت السلطات الفرنسية إعطاءه الدواء بذريعة "ثمة من هم أولى بالعلاج".
كتبت أندريه عن رحيله: "لقد سيّس موت ابني حياتي أكثر من أي شيء آخر. الاستعمار لم يعد مسألة تتعلق بمصير أحدنا، وإنما نظام شرير امتدت مخالبه إلى كل مرحلة من مراحل الحياة في أفريقيا".
وبارتباطها ثانية برجل غيني، قاتلت أندريه من أجل ثورة الشعوب على الظلم. اغتنمت أول فرصة استقلال لاحت في أفق الجمهورية الغينية، لتعتلي المنابر ثائرة وملهمة. انضمت الى الفرع الغيني للحركة الأفريقية الموحدة التجمع الديمقراطي الأفريقي (RDA)، معلنة بدء مشوارها السياسي من خلال مساندة زعيم التجمع سيكو توري الذي نجح في أن يكون أول رئيس للبلاد.
اكتسبت السمراء الأفريقية الجميلة شهرة خولتها تطوير نفوذها في الدوائر الأفريقية ما بعد الاستعمارية. قدمت التعبئة والمشورة للرئيس الجديد لجمهورية أفريقيا الوسطى بارثيليمي بوغاندا ودخلت على خط حل نزاعاته مع زعيم الكونغو فولبيرت يولو. وذات أمسية على طاولة عشاء في أحد مطاعم غينيا، التقت بسياسيين من الكونغو البلجيكية لتصبح من خلال توطيد علاقاتها مع زعيم حزب التضامن الأفريقي بلوين بأنطوان جيزينجا رئيسة الجناح النسائي للحزب.
كتبت عنها الصحافة في حينه: "لقد كانت شخصية لافتة للنظر، سافرت عبر الأدغال بشعرها المصفف وفساتينها الأنيقة ونظاراتها الشمسية. وعلى مساحة 2.4 مليون كيلومتر مربع، خاطبت حشوداً من النساء، وشجعتهن على الدفع من أجل المساواة بين الجنسين وكذلك استقلال الكونغو".
وتبقى المحطة الرئيسية في حياة الناشطة الأفريقية المفوهة في مجالي التعبئة والخطابة يوم تعرفت الى "رجل رشيق وأنيق في الرابعة والثلاثين من عمره يدعى لومومبا". عام 1960 أصبح الأخير أول رئيس للكونغو، وقد عمل الثنائي معا حتى أن الصحافة أطلقت عليهما لقب "لوموم بلوين"، الى حين اغتيال لومومبا بتواطؤ من القوى الاستعمارية لاستعادة منطقة غنية بالمعادن.
في مذكراتها تحكي أندريه عن صعوبة تلك المرحلة: "كان لومومبا بطلاً حقيقياً في العصر الحديث، لكن أولئك الذين يتمتعون بأفضل الإيمان هم في الغالب الأكثر خداعاً بقسوة". ومن جديد دفعت الثمن غالياً بنفيها الى فرنسا وإجبارها على توقيع تعهد بعدم إجراء مقابلات أو لقاءات سياسية تحت طائلة التنكيل بأسرتها التي بقي أفرادها كرهائن في الكونغو.
وبتعرض والدة أندريه لضرب وحشي أدى الى كسر في عمودها الفقري، رد أول رئيس للجزائر بعد الاستقلال أحمد بن بيلا الجميل للمناضلة السمراء التي كرست حياتها لحركات الاستقلال باستضافتها وعائلتها.
توفيت أندريه في باريس عام 1986 متأثرة بالسرطان الذي رفضت أن تعالج منه بعد أن شعرت باليأس. كتبت في مذكراتها: "الغرباء ليسوا هم الذين ألحقوا الضرر بأفريقيا أكثر من غيرهم، بل إرادة الشعب المشوهة وأنانية بعض قادتنا. دع الحمقى ينادونني بما يحلو لهم... أنا "Pan Africanist". وقد نعتها ابنتها "إيف" بتدوينة موجعة: "استقبل العالم وفاة والدتي بلامبالاة كئيبة. لا حشود في جنازتها ولا من يذكر تاريخها".
أيقظت عبارة الابنة تلك حركات التحرر لتعود المناضلة السمراء مجدداً إلى الضوء من خلال الفيلم الوثائقي الذي تم ترشيحه لجائزة الأوسكار عام 2024 بعنوان "موسيقى تصويرية لانقلاب".
وحسناً تفعل دار نشر "إنكاني بوكس"، وهي مشروع تابع لمعهد القارات الثلاث للبحث الاجتماعي في جنوب أفريقيا، بإطلاق الجائزة هذا العام وإحياء ذكرى مناضلة تتحرر مجدداً من ظل النظام الاستعماري إلى النضال من أجل حرية ملايين الأفارقة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
"النهار العربي" – 1 نيسان 2025
******************************************
الصفحة الحادية عشر
جديد اتحاد الادباء
عن اتحاد الادباء والكتاب في العراق، صدرت مؤخراً الكتب الآتية، ابرزها:
- تاريخ المرايا/ رواية علي لفتة سعيد.
- هذه المرة سجادة فارسية/ انطولوجيا الشعر الإيراني المعاصر/ ترجمة وتحقيق: حسين طرفي عليوي.
- انتصار الجنون/ تأملات في تحولات الجسد والسحر والجنون/ تأليف حميد المختار.
- علامات سردية/ روايات عراقية في مشغل النقد من 2003- 2025/ تأليف مروان ياسين الدليمي.
- اعدام رصاصة/ شعر نعمت خلات.
- رأس القرية/ رواية احمد القيسي.
- آخر صدى للماء/ شعر جنان قرغولي.
- سيرة شائكة/ شعر غزوان البسنو.
- موسيقى الامل/ شعر كاظم ناصر السعدي.
********************************************
مساكن خارج النصّ ألتقي بطاقية عمالية أو قيثارة مبللة بالدم
علاء حمد
أين تسكنُ
أيها الملفوف بعباءة الورق؟!
أنا أقطن في الحائط المدبّب
إيّاك أن تركله
أو تُزعجَ رأسَه المأخوذ بالأشياء
خلفه تقطن آلاف من الأواني الفارغة
وآلاف من الصرخات التي تطالبُ
بجرّة خبزٍ أو صحن أسئلةٍ
غير قابلةٍ للنقاش بسبب الفساد الحكوميّ...
أعشّش بفوهة مدفع من طراز نحيف
فلا تغشّني بعبوّة بلاستيكيّة...
أنا أسكن في مزرعة القهوة
فلا تضع الثور في فوهتي
وتحرث ما تبقى لي
من أسلاك شائكة..
أسكن قربكِ أيتها الدواجن القابلة للتصدير
أستعمر قفص بلبل
أو عصفورة بحَنجرة مبحوحة...
هناك
تراني بين مقاهي العالم
ألتقي بطاقيّة عمّاليّة
أو قيثارة مبللة بالدم
أو عود ترتّشه الأنامل...
**********************************************
الأهزوجة الخالدة العمال.. سجلوا أسرع رقم قياسي في عشق الوطن والناس
عبد السادة البصري
للماشين صوب الشمس
للحاملين على أكتافهم تأريخاً من الحكايات والأحداث
للرافعين بيارقهم معطّرة بعرق جبينهم الناصع بياضاً
للفاتحين دكاكينهم كلّ صباح بأدعية الخير والمحبّة والأمنيات
والغالقينها بآيات الشكر والقناعة وراحة البال
لمن أهزوجتهم صكّت الأركان بصداها في خمسينات القرن الماضي،
و ما تزال ترنّ في كلّ الأرجاء :ــ
( حيّ ميّت هندال انريده )
العمّال ....
العمّال الذين سجّلوا أسرع رقمٍ قياسيٍّ
في عشق الوطن والناس
ورسموا أجمل لوحات الانتماء الحقيقي
بإضراباتهم ،
ومواقفهم ،
وأهازيجهم ،
ونكران ذواتهم ،
الذين كتبوا تأريخاً مكلّلاً بالنصر والفخر والكبرياء
ببدلاتهم الزرق التي استعارت لونها السماء
الذين طرّزوا حياتنا بالأمل والفرح وموسيقى العمل
الذين تعلّمنا منهم، ونتعلّم كل يوم أبجدية معنى الحريّة
الذين ما تزال صورهم تداعب خيالاتي في كل وقت
أبي ــ عامل الميناء الطيّب
أوصاني بالمحبّة وعشق الوطن والناس
وخالي النقابي الحالم بوطنٍ حرٍّ وشعب سعيد
رسم لي دروباً من أملٍ وحكاياتٍ ورؤى
وعمّي البحّار الذي سكنته رائحة البحر وصوت الأمواج
أعطاني دروساً عن البحر ما له وما عليه،
لأرفع قبّعتي للموج راسماً حلمي زورقاً من قصائد وأغنيات
وجارنا خرّيج جامعة ( نقرة السلمان ) الذي كان يلقّنني في كل يومٍ
جملة من الأفكار وتعاليم الإنسانية والطيبة
و... و... و...
وكثير من الأسماء والأشكال والأنواع والصور
التي لمّا تزل تسكنني
ويمرّ شريطها السينمي أمام ناظري في الأول من آيار في كل عام
أدعوكم لنردد أغنية كتبتها ذات يوم :ــ
للعمّال.. بواحد من آيار
للعمّال نهتف زغار كبار
عمّي يبو الجاكوج
منجلك شك الروج
وحناجرنا تردد:
حيّ، ميّت، هندال نريده
***************************************
السجين السياسي يكتب سيرته: حتى مصرع الفجر
حسب الله يحيى
السيرة الذاتية، ذاكرة تحمل بصماتها الشخصية وحضورها زماناً ومكاناً.. ولما كان لكل انسان سيرته الذاتية التي تختلف عن سواها؛ يصبح من الطبيعي ان يكتب كل فرد ما يشاء من تجارب وذكريات ومواقف ومحن.. على وفق ما يراه يستحق الذكر او يحتفظ به ليظل قيد كتمانه.
واذا كانت السير الذاتية لبابلو نيرودا او اندريه مالرو، او حمزاتوف، او استيفان زفايج، او رامبو وغيرهم قد تركت آثارها الحية في حياة قرائها وجعلتهم يقفون عند محطات استثنائية وتجارب ساخنة، فان هناك الكثير من السير الذاتية/ الشخصية العابرة التي لا تجد صداها لدى المتلقي، بوصفها سيراً عادية لا تأثير لها على الآخرين. كذلك نجد الكثير من الاعمال التي تزعم على انها (روايات) لا تخرج عن الذكريات والتجارب العاطفية وهو ما يجمع بينها في الغالب، من دون ان يكون لها أي صدى لدى قارئها، الا ان سيرة ذاتية جديدة، اطلت علينا بعنوان "حتى مصرع الفجر/ سيرة سجين سياسي"* للأستاذ خضير عبد الحريم.
تقدم عنواناً مغايراً لعبارة (حتى مطلع الفجر) ليكون هذا الفجر الذي نستبشر به في المألوف.. قتيلاً، ويعلن المؤلف مصرعه! وعندما نتواصل مع هذه السيرة التي تمتد الى مئتي صفحة، نتبين جملة من هذه السيرة التي لا تتفرد بمؤلفها ولا الشخصيات الحقيقية التي يدون اسماءها حسب؛ وانما يجد الكثرة منا حضوره في محور او اكثر من محاورها التي كانت السلطة السابقة (عادلة) في توزيعها على كل المعارضين لسياستها وأساليبها القمعية.
من هنا تتحول هذه السيرة من خصوصيتها الى اعمامها على نطاق واسع، حتى لنجد ان الأساليب القمعية والتعذيب والسجون والمحاكم والخيانة والتجسس والبسالة والمواقف الصلبة.. تمتد في حياة شخصيات وطنية عديدة، مثلما تمتد زماناً ومكاناً.. ليس في العراق لوحده وانما في كل الأنظمة القمعية الشمولية التي لا تحيا الا عن طريق كتم الانفاس واتباع شتى أساليب التنكيل بالمناوئين لها.
وفي السيرة "حتى مصرع الفجر" نجد مشاهد ساخنة، تبدأ بـ (مجرد التفكير بمعاداة السلطة سيكلفك كثيراً، بما فيها رقبتك التي ستكون ارفع من شعرة امام حسام سلطة لا ترحم). الى الإعدام والى سجن (أبو غريب) الرهيب في احسن الأحوال! وهذه المسافة بين التفكير في معاداة السلطة والنهاية المأساوية، لا بد ان تمر بسلسلة متعددة الصور.. منها: "سجن بلا قمل، هو سجن بلا هوية، والسجين الذي لا تقلق القملة نومه ولا تنغص عليه ليلته هو سجين (فايخ) ومدلل ومن طراز خاص.." او "تسلل بعض الحراس بهدوء الى القاطع لتقصي من هو على قيد الارق والسهر ومن هرب النوم من جفنيه، فيكون بذلك وجبة دسمة يتسلون بها في ليل الشتاء الطويل". او التعامل مع السجناء السياسيين كما لو انهم (قطيع اعمى) وان عليهم (ننام بميقات، ونصحو بميقات، ونأكل بموعد، ونتبول بموعد، محسوبة علينا حركاتنا في اليقظة والنوم وحتى في الاحلام"! اما أساليب التعذيب الوحشية، اما أساليب الاعتقال التعسفية، اما زرع المرتزقة والجواسيس والمتعاونين مع السلطة في صفوف المناضلين المناوئين للسلطة، فكلها ممارسات تقليدية في ظل حكم دكتاتوري لا شاغل له سوى تصفية خصومه والتخلص منهم، بوصفهم كائنات ضارة لا بد من القضاء عليها او استئصالها من جذورها. حتى لا تبقى هماً دفيناً، ولا يكون لها امل في تحقيق أهدافها يوما ما.
من هنا كان الفجر قتيلاً.. ذلك ان كل الطرق التي عمل عليها أصحاب هذه السيرة الجماعية الحية، أصابها الإخفاق وراح ضحيتها المئات.
الا ان الإشارة الى الفجر بالذات وعلى الرغم من (مصرعه) يظل موقفاً وأملاً ومساراً والوطن الأبهى والشعب الأكثر سعادة ورخاء. لذلك يمكن ان نعد هذه السيرة، صفحات خالدة لطبيعة النضال الذي خاضه أصحاب المبادئ التقدمية وهم يحملون (إرثاً) مأساوياً من العذابات والمحن والقمع والموت.. ومع ذلك احتفظ أصحاب القيم النبيلة بشجاعتهم وقوة عزيمتهم ورفضوا الانصياع لقوى الظلام والجريمة.. فكان الفجر. مطلع النهار المنشود.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
*حتى مصرع الفجر/ سيرة سجين سياسي/ تاليف: خضير عبد الرحيم- دار سطور/ بغداد 2025.
*********************************************
تشكيل.. ضياء حسن في {أغوار المدينة}
علي إبراهـيم الدليمي
في قاعة أكد للفنون، أقيم مؤخراً المعرض الشخصي الجديد للفنان ضياء حسن، تحت عنوان (أغوار المدينة)، وقد أحتوى على أكثر من خمس وعشرين لوحة مختلفة القياسات، رسمت بمادة الأكريليك. ضياء حسن، فنان يرسم بأحاسيسه اللونية الغناء، وخوالجه الدفينة أولاً، ليترجمها بالتالي إلى مساحات أو مشاهد بصرية ملونة مدروسة، بيد ممارس، ذات خبرة متواصلة، فهو يرسم بمخرجات أفكارة المخزنة، مشروطة بالعلاقات اللونية المتجاورة والمتقاربة، بشكل أو بأخر، بعيداً عن صلاحيتها او عدمه... فهو يرسم بألوان ناصعة جداً، لا يقيدها بمبدأ (الظل والضوء) أو (المنظور)، حيث ينعكس النور، وينتشر على جميع المشهد بحزمة وبمسحة ضوئية واحدة، فهو يرسم برؤية (البعد أو المنظور البصري الواحد – العامودي)، وفق منظور "سيزان" في لوحاته؛ لأنه أصلاً يرسم مشهداً بصرياً جمالياً، كون تجربته هذه بحاجة إلى تصميم لوني مستقل، أكثر بياضاَ، وأعمق نظافة، وليس بالضرورة أن يحمل (رمزية) معينة، "كما في اللوحات الإنطباعية مثلاً".
وفي تجربته هذه، كان أكثر حرية وجرأة في تناول موضوع لغة (الألوان) وتناغمها مع بعضها البعض، وكيفية التلاعب على مبدأ كتلها المختلفة المساحات بأنساق بصرية خاصة ومتميزة، فهو جرد الكتل اللونية المتقاطعة مع بعضها برؤية فنية مدروسة، دون المساس بخطوطها الخارجية، فقد تركها تتقاطع بمنظور (الخط الوهمي) الحاصل في التقاطع نفسه، لكي يقدم بالتالي مشهداً رؤيوياً بأسلوب فني متميز يحمل بصمة لونية خالصة جداً..
حيث لا يتأثر هذا التقاطع اللوني بأي حال من الأحوال، عندما يمر لون فوق لون، أو يخرق لون جسم لون أخر، مهما كان حجم كتلة هذا اللون..
أو ذاك.. فكانت بحق ولادة إيحاءات لدخولنا العميق أغوار مدينته التي يعيشها واقعياً.. أو بخياله. يستشف الباحث الأكاديمي د. علي حسين، هذه التجربة، قائلاً: "لقد أرشف الفنان ضياء حسن، سرديات أغوار المدينة وشواهدها البصرية بإيحاءاتها الدلالية، وبذا تقتضي رسوم معرضه رؤية فاحصة لملاحقة كل شواردها وشواخصها الدالة".
ويؤكد الناقد د. أسعد جواد، على أن هذا المعرض قدم على وفق سياق تعبيري وتجريدي وخصوصية أسلوبية متميزة، معتمداً على التجاور البصري لطبيعة المشهد الجمالي بتناسق وإنسجام شكلي ومضموني يعتمد فيها على مستويات بصرية.
**************************************
السياسةُ والأخلاق
سعيد عدنان
شاع بين الناس أنّ السياسةَ بمعزلٍ عن الأخلاق، وأنّ من يزاولها يستطيعُ أنْ يكذِبَ، ويغدِر، وينقُضَ العهد، ويرتكبَ ماشاء من أجل ما يريد! وقالوا إنّ الغايةَ، في السياسة، تسوّغُ الوسيلةَ المؤدّيةَ إليها، وإنّ السياسيَّ البارعَ هو من يصل إلى ما يريد مُتّخِذًا ما شاء من مراكبِ الوصول! قالوا ذلك وزادوا فيه حتّى استقرَّ في الأذهان أنّ السياسةَ شيءٌ، والأخلاقَ شيءٌ آخر، وأنّهما لا تأتلفان في نسيج واحد!
ولكن ما السياسة؟ وما الأخلاق؟ وعلى أيّ نحوٍ تكون الصلةُ بينهما؟
السياسةُ هي إدارةُ الشأنِ العامّ بما يحقّقُ مصالحَ الناس؛ بالأمنِ، والعدلِ، والرَّخاء، والارتقاءِ بالحياة نحو ما هو أجمل، وما هو أسمى. وكلُّ ما انحرَفَ عن ذلك فليس من حاقِّ السياسةِ بما ينبغي لها أن تكونَ عليه؛ وإنّما هو أَثَرَةٌ قبيحة، واستحواذٌ بغيض. أمّا الأخلاقُ فإنّها نظامٌ من القيم التي استصفاها البشرُ عبرَ تاريخِهم من أجل أن تكون الحياةُ صحيحةً سليمةً، تسعُ الناسَ أجمعين، بدون تدافعٍ، أو اعتراك؛ كالأمانةِ، والصدق، والعدل، والإخلاص، والوفاء، وما يدور مدارها. إنّ الأخلاقَ، في نشأتها وتكاملِها، نظامٌ يحفظُ النفس، ويُشبعُ الرغباتِ، ويجعلُ المصالحَ منسجمةً، غيرَ متدافعةٍ. وهو نظامٌ، من بعدُ، يُصلحُ الإنسانَ الفرد، ويردُّه إلى القصدِ والاعتدال، ويُصلحُ المجتمعَ، ويدفعُ عنه التغالبَ والعدوانَ.
ولكي تُتِمَّ السياسةُ، الصحيحةُ، مسعاها في حُسن إدارةِ الشأنِ العامِّ؛ بإقامةِ العدل، ونشرِ الخير ، وإشاعة الفضيلة؛ لا بدَّ لها من أن تُحكِمَ أمرَها بالأخلاق، وتقيّد مسلكَها بالقيمِ الرفيعة؛ فإن زاغت عن ذلك سالت الدماءُ، وأُهدرت الحقوقُ، واستُبيحتِ الكرامة. والناس، من بعدُ، إنّما تنظر إلى من يزاول شأنَ السياسةِ والحكم، وتقتدي به، بنحوٍ ما، فإذا كذب، وغدر، وارتكب المخادعة، وتورّط في الدماء؛ نفَذت هذه الصفات فيهم، بوعي منهم أو بدون وعي، فأفسدت حياتَهم!
على أنّ السياسة، على ما جرت عليه في تاريخ البشر، كانت تزوغ وتنحرفُ عن الأخلاق، والفضائل جملةً، وتتورّط في حمأة الخطيئاتِ، ثمّ يجيء من رجالها من يسوّغ ذلك، ويزعم أنّ الأخلاقَ إنّما تصحّ إذا كانت في مدار الهيئة الاجتماعيّة ؛ بين الإنسان ونظرائه؛ فإذا صعِد الأمرُ إلى السياسة العليا، وأفانينِ الحكم فإنّ اصطناعَها يغدو ضعفًا وعجزًا؛ ولهم من التاريخ وحوادثه ما يشهد لهم ، ويؤيّد مدّعاهم. وهم يصوّرون، بذلك وبغيره، منافاةَ السياسةِ الأخلاقَ على أنّه أمر واقع لا مندوحةَ منه، وأنّ الطبيعةَ جرت به؛ من أجل أن يُسرفوا في الجبر والطُّغيان، وحيازةِ المنافع، واحتجانها عن جمهور الناس!
ولكنّ شهادةَ التاريخ هذه التي يتكئون عليها، ويريدون أن يُثبتوا بها أهواءهم؛ لها جانبٌ آخر، ينقُض ما يسعَون إليه؛ ذلك أنّ التاريخ يشهد أيضًا أنّ السياسةَ إذا قامت على القهر والغَلَبة ومجافاةِ الخُلق الكريم؛ أدّت إلى إسالة الدماء، وتمزيق النسيج الاجتماعيّ! ثمّ تعود، من بعدُ، على صاحبها الذي حمل وزرها فتُطيحُ به، وتسقيه بالكأس التي كان يسقي بها ، فيكون شاهدًا بيّنًا على أنّ المكرَ السيّئَ، لا محالةَ، يُحيق بأهله !
إنّ الأخلاقَ ، في سموّها الرفيع ، خلاصةُ ما اهتدى إليه البشر في حفظِ الحياة، وإقامةِ العدل، وصيانةِ النسيج الاجتماعيّ، وإنّها، بما هي عليه، تحكمُ مناشطَ الإنسان كلَّها، وإنّ السياسة، لكي تبلغَ غايتَها في حسن إدارة الشأن العامّ، بما يحقّق مصالحَ الناس، لا بدّ لها من فضائل الأخلاق...!
******************************************
الصفحة الثانية عشر
بسمة الأوقاتي في «ملتقى لكش الثقافي} عن المتغيرات السياسية في المنطقة
بغداد – طريق الشعب
ضيّف "ملتقى لكش" الثقافي في بغداد، الجمعة الماضية، أستاذة العلوم السياسية د. بسمة الأوقاتي، التي تحدثت في ندوة سياسية حول "المتغيرات السياسية في المنطقة وآفاق المفاوضات الإيرانية – الأمريكية"، بحضور جمع من المثقفين والمهتمين في الشأن السياسي.
الندوة التي احتضنتها حديقة مقر اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في الرصافة الأولى، أدارها الحقوقي محمد السلامي، فيما استهلتها الضيفة، وهي أستاذ مساعد في كلية العلوم السياسية بجامعة بغداد، بالحديث عن أربعة عوامل للمتغيرات السياسية في الوضع الدولي الحالي، هي: وصول ترامب إلى السلطة وما فرضه من ضرائب وتعريفات كمركية أربكت السوق العالمي، الحرب الروسية – الأوكرانية مع اعتبار ان إيران مساندة لروسيا، الحرب الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني في غزة والملف النووي الإيراني.
وتطرقت د. الأوقاتي إلى قضية حرب التعريفات الكمركية التي شنها ترامب على صادرات الدول إلى الولايات المتحدة، لا سيما التعريفات التي فُرضت على قطاع الالكترونيات، مبينة ان نحو 90 في المائة من الالكترونيات يتم تصنيعها أو تجميعها في الصين، والمتبقي يُصنع في الولايات المتحدة ودول أخرى.
وأوضحت أنه من الملاحظ أن سياسة ترامب الحالية على المستوى الاقتصادي، أضعفت العولمة، التي تبنتها الإدارات الأمريكية السابقة.
فيما تناولت قضية تخصيب اليورانيوم في ايران، والذي كان قد أنجز بحدود 30 في المائة، لافتة إلى ان إلغاء ترامب الاتفاقية مع إيران في هذا الشأن، خلال الدورة الأولى لرئاسته، أدت إلى تسارع التخصيب ليصل إلى 60 في المائة، ما شكّل عنصرا جديدا خطيرا له حساباته في المفاوضات.
وأشارت إلى ان ما يخيف الولايات المتحدة وإسرائيل في موضوع الصناعة النووية الإيرانية، نابع من عدم اطمئنانهما لإيران، منوّهة إلى ان المفاوض الإيراني له نفس طويل في المفاوضات.
وتحدثت الضيفة عن الوضع الحالي في مجلس الشيوخ الأمريكي، والذي اصبح لصالح الجمهوريين، موضحة أنه خلال سنتين ستجري انتخابات نصفية، وقد تتغير النسب، وربما يتغلب الحزب الديمقراطي على الجمهوري، وبالتالي لن يكون ترامب حرا في اتخاذ قرار الحرب.
وختمت الضيفة حديثها بالقول أنه "من المؤكد ان إسرائيل لا توافق على وجود دولة لها قدرة نووية في المنطقة".
وفي سياق الندوة، قدم عدد من الحاضرين مداخلات عقّبت عليها د. بسمة الأوقاتي بإسهاب.
****************************************
بعد منحه «جائزة الإنجاز} صانع «العرّاب} يُكرّم من قبل زملائه
نيويورك ــ أسامة عبد الكريم
في احتفالية أقامها معهد الفيلم الأمريكي (AFI)، أخيرا، اجتمع المخرجان الكبيران ستيفن سبيلبرغ وجورج لوكاس لتكريم صديقهما وزميلهما فرانسيس فورد كوبولا، مخرج الفيلم الشهير "العرّاب"، في مناسبة منحه جائزة الإنجاز مدى الحياة بدورتها الخمسين.
وخلال كلمته أمام الحضور، تحدث سبيلبرغ عن أول لقاء جمعه بكوبولا عام 1967، عندما كانا شابين يافعين في مقتبل مشوارهما السينمائي. وأشاد بزميله قائلاً: "كنت دائماً محازباً للفنانين المستقلين، جريئاً في تقبلك الأفكار الجديدة والإلهام".
واسترجع سبيلبرغ ذكريات عرض خاص لفيلم "القيامة الآن" لكوبولا، بنسخة أولية استمرت خمس ساعات. حيث دعا كوبولا وقتها زملاءه لمناقشة آرائهم حول الفيلم بكل صراحة.
وقال سبيلبرغ أن هذه الروح المنفتحة على النقد والتعلم كانت "القوة الخارقة" لكوبولا.
ورغم عظمة فيلم "القيامة الآن"، خصّ سبيلبرغ فيلم "العراب" بإشادة وصفه فيها بأنه "أعظم فيلم أمريكي صُنع على الإطلاق".
وأكد أن كوبولا أعاد تعريف معايير السينما الأمريكية، ملهماً أجيالاً من صانعي الأفلام الذين يسعون لإرضائه بمستوى أعمالهم، مضيفا القول: "أنت يا فرانسيس بلا نظير. لقد تجاوزت حدود التقدير العادي وأصبحت رمزاً للأجيال".
واختُتمت الاحتفالية بتصفيق حار من الحاضرين، في لحظة اعتراف جماعي بقيمة كوبولا كأحد أعمدة السينما العالمية.
***************************************
في البصرة تأبين الأديب الراحل جمعة اللامي
البصرة – طريق الشعب
بحضورٍ نخبويٍّ ثقافي وأدبي، عقد "ملتقى جيكور" الثقافي في البصرة و"دار الأدب البصري"، أول أمس الثلاثاء، جلسة تأبين للأديب الكبير الراحل جمعة اللامي، على "قاعة الشهيد هندال" في مقر اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في البصرة.
أدار الجلسة رئيس "ملتقى جيكور" الشاعر والإعلامي عبد السادة البصري، وافتتحها بالحديث عن الفقيد ومسيرتيه الحياتية والأدبية.
ثم قرأ كلمة بحق الفقيد مرسلة من الأمين العام لاتحاد الأدباء والكتاب العراقيين الشاعر عمر السراي.
بعدها تحدث الكاتب الكبير محمد خضير عن علاقته باللامي، وعن حواره الذي سجله وإياه على مدى ستة أيام قضاها معه في الشارقة.
من جانبه، عرض الإعلامي باسم محمد حسين فيلماً وثائقياً عن الراحل، يُلقي الضوء على طفولته وشبابه حتى تشييعه. ثم تحدّث الاديب زكي الديراوي عن علاقته باللامي وعن استضافته إياه في البصرة قبل سنوات.
هذا وساهم عدد من الحاضرين في الحديث عن الفقيد، وهم كل من الناقد مقداد مسعود، الشاعرة العمارتلية ليلى البهادلي، والكاتب ماجد قاسم الذي قرأ ورقة مرسلة من د. عبد الكريم الحلو.
***********************************
يوميات
- تضيّف رابطة المرأة العراقية بالتعاون مع منتدى "بيتنا الثقافي" في بغداد، بعد غد السبت، المخرجة السينمائية إيمان خضير، لتعرض فيلمها "جواد سليم وسيمفونية البرونز".
يبدأ العرض في الساعة 11 ضحى على قاعة المنتدى في ساحة الأندلس.
************************************
عدد جديد من «النصير الشيوعي}
عن رابطة الأنصار الشيوعيين العراقيين، صدر أخيرا العدد (34) أيار 2025 من جريدة "النصير الشيوعي". ضم العدد أخبارا وتقارير عن نشاطات الرابطة في العراق والخارج، وكتابات عن مسيرة الحركة الانصارية وشهدائها، غطت جميعها 12 صفحة ملوّنة.
********************************************
أما بعد.. إعلامنا فاشل..
منى سعيد
قالاها صراحة و"بالفم المليان" في مناسبة ثقافية وإعلامية مهمة، أثناء انعقاد ثامنة الندوات الثقافية بعنوان "الإعلام في العراق - جدوى التأثير والتأثر" في اليوم الثاني لمعرض أربيل الدولي للكتاب، بنسخته الـ 17 المنعقدة في 9 – 19 نيسان الجاري، بمشاركة أكثر من 350 دار نشر من 22 دولة.
المتحدثان في الندوة الدكتور نبيل جاسم وأحمد الزاويتي، وهما مسؤولان إعلاميان في مؤسستين معروفتين، أشرا مدى فشل مؤسساتنا الإعلامية، وانعدام ثقة المتلقي بها. ولا أدل على ذلك من لجوء الجمهور وحتى أصحاب المؤسستين، إلى الرصين من المؤسسات الإعلامية العربية والأجنبية، لتلقي الأخبار والتطورات المهمة من دون الاعتماد على مصادرنا المحلية، التي تُنفَق عليها أموالا ضخمة بلا طائل.
وأرجع المسؤولان الخلل الى أسباب عدة، منها عدم اعتماد المعايير المهنية الصحيحة في إعلامنا، وعدم التقيد بالاتفاقيات الدولية الخاصة باحترام حقوق الإنسان وكرامته، إلى جانب عدم حيادية مقدم البث الذي أصبح يفرض رأيه الخاص على المتلقي، بينما ينحصر دوره بوظيفة الناقل الإعلامي ولا غير، كذلك خضوع الإعلام للأجندات السياسية للأحزاب السياسية التي تموَّلها، ما جعلها أسيرةً مؤدلجة لها، وبلوغها في كثير من الأحيان حد التطرف وإثارة النزعات الطائفية والعنصرية، الأمر الذي شكل خطرا جسيما على الأمن الوطني ككل.
ويشهد الإعلام العراقي فوضى مكملة لفوضى الوضع العام، وبحسب إحصائيات عام 2022 تبث في العراق 57 قناة تلفزيونية عراقية مرخصة، إضافة الى 152 وسيلة إذاعية ، وأكثر من 60 مكتبا خارجيا لقنوات موجهة الى العراق، اغلبها تفتقر للوسطية في الطرح وتلتزم بسياسة الممول حسب. وكثير منها تعود الى اتحاد التلفزيونات والإذاعات الإسلامية التي تلتزم نهجا محددا غير مهني في الغالب.
قبل التغيير في 2003 كان الإعلام يقدم من جهة واحدة باتجاه الجمهور، أما الآن فتلعب وسائل التواصل الاجتماعي ادوارا مختلفة، أصبح فيها المرسل هو المستقبل نفسه بلا حدود أو رقابة.
ولعل من بين الحلول المرتقبة التي طالبت بها مديرة الجلسة الأستاذة تيما رضا ، هي ضرورة تحمل المسؤولية من قبل كافة الأطراف المجتمعية ، بدءا من الإعلاميين أنفسهم وأهمية تزويدهم بدورات تثقيفية وتربوية وإعلامية ولغوية ،وأضفت بدوري في مداخلة أن لا تُعقل مثلا ظاهرة سذاجة المقدمات حصرا واهتمامهن بأشكالهن وملابسهن من دون ثقافة ومعرفة مع تجاوزهن باعتداء سافر على اللغة العربية.
وحين سؤل المحاضران عن دورهما في الإصلاح قالا: ما نحن إلا برغيان صغيران في ماكينة إعلام ضخمة ينبغي إصلاحها.
جدير بالذكر أن معرض الكتاب انطلق تحت شعار " العالم يتكلم كردي" نظرا لاتساع حركة الترجمة الى اللغة الكردية، واحتفاءً باعتمادها ضمن اللغات الأساسية لمحرك البحث العالمي غوغل.
***************************************
في البصرة تأبين الأديب الراحل جمعة اللامي
البصرة – طريق الشعب
بحضورٍ نخبويٍّ ثقافي وأدبي، عقد "ملتقى جيكور" الثقافي في البصرة و"دار الأدب البصري"، أول أمس الثلاثاء، جلسة تأبين للأديب الكبير الراحل جمعة اللامي، على "قاعة الشهيد هندال" في مقر اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في البصرة.
أدار الجلسة رئيس "ملتقى جيكور" الشاعر والإعلامي عبد السادة البصري، وافتتحها بالحديث عن الفقيد ومسيرتيه الحياتية والأدبية.
ثم قرأ كلمة بحق الفقيد مرسلة من الأمين العام لاتحاد الأدباء والكتاب العراقيين الشاعر عمر السراي.
بعدها تحدث الكاتب الكبير محمد خضير عن علاقته باللامي، وعن حواره الذي سجله وإياه على مدى ستة أيام قضاها معه في الشارقة.
من جانبه، عرض الإعلامي باسم محمد حسين فيلماً وثائقياً عن الراحل، يُلقي الضوء على طفولته وشبابه حتى تشييعه. ثم تحدّث الاديب زكي الديراوي عن علاقته باللامي وعن استضافته إياه في البصرة قبل سنوات.
هذا وساهم عدد من الحاضرين في الحديث عن الفقيد، وهم كل من الناقد مقداد مسعود، الشاعرة العمارتلية ليلى البهادلي، والكاتب ماجد قاسم الذي قرأ ورقة مرسلة من د. عبد الكريم الحلو.
****************************************
قف.. الابواب المغلقة
عبد المنعم الأعسم
تتسرب لشبكات الاخبار عناوين التجاذبات الانتخابية، التي تدور وراء الابواب المغلقة، بين اقطاب منطومة الفساد والمحاصصة، حيث صارت حديث الدواوين ووسائل الاعلام واقنية التواصل الاجتماعي، وعززت المعلومات المتداولة عن مخاوف الجماعة مما ستحمله نتائج الانتخابات المقبلة، عدا عن انها تكشف عن فضائح ادارية ومالية تتصل بسوء ادارة الدولة والفشل في تحقيق الوعود، في وقت نتابع في منافذ اخرى كيف تجهّز كل جهة اتباعها وجمهورها بابشع صور التأليب على "شركاء" كانوا بالامس موثوقين، ثم انقلبوا على التعهدات والتفاهمات، حتى ليحير المتابع في تعيين من هو الثابت على الصفقات ومن هو المنقلب عليها، وفي غضون ذلك نتفاجأ بولائم بوس اللحى وتبادل القبل على الشاشات الملونة، وفي الصور تحت الترويج.
يقول المصريون القدامى "قـُبلة من غير محبة تحرق الشوارب" ويبدو ان تلك القـٌبل من لوازم بناء الثقة لعبور الاستحقاق الانتخابي، وكتب معلق اجنبي عنها قبل سنوات "في العراق يهزون يدك قبل الانتخابات، ويهزون ثقتك بعدها.." والمشكلة ان وسيلة كسب صوت الناخب بالوعود، والرشى، والتهديد بلقمة العيش عادت بنتائج عكسية، وما يجري خلف الابواب الموصدة من فضائح، الآن، احد معالمها.
*قالوا:
" ليس هنالك شي ء أسوأ من باب مغلق".
هيتشكوك
******************************************
في اتحاد الأدباء العراقيين ندوة حول المسرح الجامعي
متابعة – طريق الشعب
نظم بيت المسرح في الاتحاد العام للأدباء والكتاب، أول أمس الثلاثاء، جلسة بعنوان "الشباب فضاءات متجددة/ المسرح الجامعي أنموذجاً"، ضيّف فيها الناقد والكاتب المسرحي د. رياض موسى سكران، بحضور جمع من الأدباء والمثقفين والمسرحيين.
أدارت الندوة الناقدة د. سافرة ناجي، واستبقتها بالحديث عن المسرح الجامعي ودوره في الاعتناء بالطاقات الشبابية التي تفكر خارج الصندوق وتطرح رؤاها بحرية وجرأة.
من جانبه، تطرق الضيف إلى تجربة منتدى المسرح وريادته عربيا بوصفه طاقة مستمرة بالتوهج على مستويات التمثيل والأداء والنقد، مشيرا إلى ان انحياز الشباب لمسرح العبث وللعروض المسرحية الجادة والمثقفة، يبعث رسائل اطمئنان تفيد بأن المسرح العراقي بخير.
ولفت سكران إلى أن مهرجان المسرح الجامعي خطوة مهمة جداً للعمل نحو مسرح جاد ينتصر للإنسان عبر رسائل تبعثها مجموعة من الشباب المتحصنين بكتلة من النشاط.
وتخللت الجلسة مداخلات قدمها عديد من الحاضرين، وناقشوا فيها تاريخ المسرح العراقي الذي أسس له منتدى المسرح، لا سيما المسرح الجامعي الذي بات عتبة مهمة لصناعة مسرح إبداعي.
*****************************************
أمسية مقام عراقي في كركوك
متابعة – طريق الشعب
شهد مبنى القشلة في مدينة كركوك، أخيرا، أمسية للمقام العراقي، نظمها بيت المقام وحضرها جمع من محبي الموسيقى والغناء التراثيين.
وخلال الأمسية، عزفت الفرقة وغنت بقيادة الفنان أحمد فائق، مقامات عراقية عربية وكردية وتركمانية، عكست هوية كركوك الغنية بثقافاتها.
وفي حديث صحفي، ذكر فائق أن فرقتهم تعد واحدة من الفرق المتخصصة في المقام العراقي، المتميزة على مستوى العراق، وانها شاركت في مهرجانات فنية داخل المحافظة وخارجها، ما ساهم في تعزيز حضور المقام في المحافل الثقافية. واشار إلى ان كركوك تزخر بقرّاء المقام، وانها غنية بتنوعها الفني والثقافي وتراثها الأصيل. وتأتي هذه الأمسية بهدف ترسيخ الهوية الثقافية والموسيقية الكركوكية، وإحياء المقام العراقي الذي تشتهر به هذه المدينة.