اخر الاخبار

الصفحة الأولى

مواقف الرأي العام تقلق الكتل المتنفذة.. قرارات {قمعية} تستهدف مصادرة الحريات وتكميم الافواه

بغداد ـ طريق الشعب

شهدت الأيام الأخيرة اتخاذ مجموعة من القرارات التي تصادر حق الناس في التعبير وإبداء الرأي وتكمم الأفواه، والتي تهلل لها الكتل المتنفذة.

فقد قامت نقابة المحامين بتشكيل لجان تحقيقية بحق محامين يرفضون مساعي الكتل المتنفذة لتمرير تعديل قانون الأحوال الشخصية النافذ رقم (188) في مجلس النواب. كما أصدرت هيئة الإعلام والاتصالات توجيهات باستضافة مجموعة محددة من المحامين في القنوات الفضائية دون سواهم. فيما وجهت وزارة التعليم العالي بمنع أساتذة الجامعات من الظهور الإعلامي دون علم مسبق من جامعاتهم حول المواضيع التي سيتناولونها.

وتأتي هذه الإجراءات في إطار سلسلة من التحركات التي تهدف إلى ترهيب المعترضين على تمرير التعديلات المقترحة على قانون الأحوال الشخصية ودفعهم للتخلي عن حقهم الطبيعي في التعبير عن آرائهم والدفاع عن حقوق الإنسان، ففي وقت سابق واجه الناشط علي العبادي رئيس مركز العراق لحقوق الإنسان في البصرة، دعوى قضائية، على أثر مشاركته في تظاهرة طالبت بقطع الأرض.

إجراءات قمعية

ويصف الخبير القانوني أمير الدعمي، الإجراءات الأخيرة بأنها "قمعية" وتفتح الأبواب أمام عودة الديكتاتورية في العراق، منبها الى أن الدستور العراقي يكفل حرية التعبير والآراء، ولا يجوز تحديد أو قمع الأفكار فقط لأن الفرد موظف في الدولة أو محامٍ في نقابة المحامين.

وفي حديث لـ"طريق الشعب"، أوضح الدعمي أن "نقابة المحامين لا تستند إلى قانون يخوّلها حظر الظهور الإعلامي لأعضائها"، مبينا أن دور النقابة يقتصر على منح التراخيص للترافع أمام المحاكم.

وعدّ الدعمي هذا القرار بأنه يعكس سطوة الديكتاتورية وقمع الآراء المخالفة، محذراً من أنه "لا يمكن منع الأكاديمي أو المحامي لمجرد تبنيه رأياً مخالفاً لرأي الحكومة".

امتيازات مقابل الولاء

من جانبها، أعربت النائبة السابقة ريزان الشيخ دلير عن قلقها من أن سيطرة القوى المتنفذة على مؤسسات الدولة، وصلت إلى مصادرة حريات الموظفين وحقهم في التعبير عن الرأي.

وفي حديث لـ"طريق الشعب"، أكدت دلير أن هناك "مساومات" تتم في العديد من المؤسسات، مثل نقابة المحامين، بهدف تمرير قوانين تتماشى مع مصالحهم، محذرة من ان تلك القوى التي دفعت بالسوداني إلى منصب رئاسة الحكومة، أضحت تلعب دورا سيئا في جميع قطاعات الدولة، بهدف قمع الأصوات المعارضة، حيث أصبح من الصعب على الأفراد التحدث عن قضايا الفساد في الدولة، بما في ذلك القضايا المرتبطة بسرقة القرن.

وتحدثت عن مشروع قانون الجرائم المعلوماتية، مؤكدة أنه يُعتبر قانونًا قمعيًا وليس لمصلحة الشعب، مشيرة الى ان "عشائر ورجال دين أيضًا يسيطرون على الدولة، ما يجعل الأمور أكثر تعقيدًا وصعوبة".

وشددت على أن المجتمع يفتقر إلى المعلومات الضرورية حول هذه القضايا، ما يؤدي إلى قبول الأفراد لكثير من الانتهاكات.

وأكدت دلير، أن الوضع الحالي يعكس دكتاتورية وقمعًا من الدرجة الأولى، حيث تُحكم البلاد بقبضة قوية، مع عدم وجود معارضة حقيقية في مجلس النواب.

ودعت إلى ضرورة التحرك من أجل استعادة حقوق المواطنين وضمان حرية التعبير في العراق.

توجهات بالضد من الديمقراطية

بدوره، أكد الأكاديمي وائل منذر أن "القرارات التقييدية للرأي العام تتعارض مع الأطر الدستورية الموجودة في دستور عام 2005"، مشيراً الى ان المادة 20 في الدستور تكفل حرية التعبير، والمواد 37 و38 و42 تكفل تلك الحقوق أيضا.

وفي حديثه لـ"طريق الشعب"، قال منذر إن هذه الإجراءات "تعكس توجهاً مضاداً لفكرة الديمقراطية، وتتعارض مع البناء الديمقراطي السليم"، معتبراً أن العراق لا يزال في مرحلة بناء تجربته الديمقراطية التي لم تترسخ بعد مرور 21 عاماً على التغيير.

وحذّر من أن السكوت على مثل هذه القرارات وعدم إلغائها يفتح الباب أمام إجراءات تشددية أخرى.

ونبه إلى أن هذه التوجهات تعني "أننا لن نكون أمام حرية تعبير واسعة، وإنما نواجه رأياً حكومياً فقط، وهذا يتعارض مع فكرة رقابة الرأي العام أو الرقابة الشعبية، التي لا تكون إلا من خلال النقاش العام في المنتديات والملتقيات ووسائل الاتصال المختلفة".

وخلص منذر إلى أن هذه الإجراءات "ستؤدي إلى فرض الرأي الواحد وعدم القبول بالتعددية والرأي الآخر".

مقدمة لخطوات لاحقة؟

بدوره، عبّر منتظر ناصر، كاتب وصحفي، عن قلقه الشديد من الإجراءات الأخيرة بالتضييق على الحريات العامة في العراق، مشيراً إلى أنها تتعارض مع الدستور الذي يضمن حرية التعبير بموجب المادة 38.

وفي حديث لـ"طريق الشعب"، قال ناصر أن هذه الخطوات تعتبر "منافية للدستور" وقد تكون جزءاً من "مخطط ربما مقصود أو غير مقصود" لتقويض الحريات العامة.

وأكد ضرورة أن تكون هناك وقفة جادة من قبل المدافعين عن حرية التعبير والحريات الصحفية، بالإضافة إلى المؤسسات الصحفية والناشطين ومنظمات المجتمع المدني، لمواجهة هذه الانتهاكات. كما طالب البرلمان بتحمل مسؤولياته تجاه هذه الخروقات الدستورية.

وأضاف ناصر، أن هناك مخاوف جدية من هذه الإجراءات، مشيراً إلى أنها قد تكون مقدمة لخطوات لاحقة من قبل وزارات أخرى تقوم بتطبيق نفس السياسات.

********************************************************

تحالف 188 : نؤمن بأهمية عمل النقابات المهنية ودورها في حماية الحقوق لا سلبها

لطالما أكد ويؤكد اعضاء التحالف بمختلف مكوناته، على ضرورة احترام المؤسسات في الدولة العراقية، ومن بينها النقابات المهنية التخصصية، بل ويؤمن بضرورة تفعيل دورها في حماية حقوق من ينتمي اليها، وفي مقدمتها نقابة المحامين التي كان لها مواقف عديدة في ضمان حقوق ابناء القضاء الواقف.

وما شهدته الايام الماضية من جدل حول مقترح تعديل قانون الاحوال الشخصية النافذ، ومحاولة سلب حقوق النساء والأطفال وتفتيت بنية المجتمع على اساس مذهبي، وهو الأمر الذي تقدم برفضه عدد من الزميلات والزملاء المحامين كونه يحمل مخالفات دستورية، لعل اخطرها سلب السلطة التشريعية لمهامها، من خلال احالة الأمر إلى مدونات "شرعية" غير واضحة المضامين، وما كان دفاع هؤلاء المحامين إلا نصرة لسيادة القانون، والذي نعتقد بأن نقابة المحامين تضع في اولوياتها فرض سلطة القانون، فكيف لا وهي جزء من الركن القضائي للدولة، الذي يتكئ عليه الجميع.

لكن نتيجة لمواقف كل من المحامية زينب جواد والمحامي محمد جمعة، من محاولة تعديل قانون الاحوال الشخصية، ودفاعهما وتوضيحهما لملابسات المقترح وصياغاته الملتبسة، فقد تعرضا الى حملة تشويه ممنهجة وغير مبررة على منصات التواصل الاجتماعي.

وقد علمنا باحالتهما إلى مجلس تأديبي داخل النقابة، ولكوننا في تحالف 188 - وكما تقدم - نؤمن باهمية عمل النقابات المهنية ودورها في حماية الحقوق لا سلبها، ونثق بان نقابة المحامين  ستكون مهنية كما عهدناها في اجراءات مجلسها التأديبي وما سيسفر عنه من قرارات تنصف الزميلة زينب جواد والزميل محمد جمعة، حماية للحق في حرية التعبير المكفول دستوريا،

فاننا نؤكد دوماً على اهمية حماية الديمقراطية العراقية وضمان المكتسب الاكبر ما بعد 2003، ألا وهو حرية الرأي والتعدد الفكري في العراق الجديد.

بغداد 18/9/2024

******************************************

راصد الطريق.. انحياز مع سبق الإصرار!

من تابع  جلسة البرلمان الاثنين الماضي، استهجن بالتأكيد ما تعرّض له قسم من النواب من محاولة واضحة لتكميم أفواههم، سواء بمنع ظهور مداخلاتهم كاملة في البث التلفزيوني أو برفض رئيس المجلس بالإنابة تسلم طلب 124نائبا رفع القراءة الثانية لمقترح تعديل قانون الأحوال الشخصية من جدول أعمال الجلسة.

كانت مداخلات النواب المعترضين على تمرير التعديل تناقش جوهر الموضوع بشكل مهني، وتهدف إلى حفظ الدور التشريعي للمجلس وضمان عدم تجاوز الدستور وتأمين الفصل بين السلطات. إلا أن الرئاسة، وبما يتنافى مع النظام الداخلي للمجلس والأعراف البرلمانية، حاولت فرض تقييد على النواب المعترضين، ما عكس انحيازاً فاضحا من جانب الرئيس بالإنابة، الذي يبدو أنه  نسي دوره في إدارة أعلى سلطة تشريعية، وما يتطلبه من تعامل مع الجميع دون اعتبار لانتماءاتهم وآرائهم.

ندرك أن ما حصل ليس ببعيد عن الصراع على اختطاف مؤسسات الدولة، وتكوين مؤسسات بديلة بهدف تقويض سلطة القانون وهدم مؤسسات الدولة المدنية، وإنشاء مؤسسات تعمل لصالح الأحزاب النافذة، كما حدث في المؤسسات الاقتصادية والعسكرية للدولة.

ان ما حدث في مجلس النواب مؤسف، ويجب ألا يمر مرور الكرام مثل بقية التجاوزات على القانون.

فمن سيسعى لايقافه وقطع دابره؟

*********************************************

الصفحة الثانية

الإعمار تشرع في تنفيذ الطريق الحَلَقي الرابع ببغداد

بغداد ـ طريق الشعب

أعلنت وزارة الإعمار والإسكان والبلديات العامة، أمس الأربعاء، انطلاق أعمال فتح المسار لمشروع الطريق الحلقي الرابع حول العاصمة بغداد.

وذكر بيان للوزارة، أن “المشروع الذي تشرف على تنفيذه دائرة الطرق والجسور التابعة للوزارة، يبلغ طوله (94) كم وعرضه (120) متراً، وهو بممرين للذهاب والإياب، بواقع أربعة مسالك لكل ممر، مع إنشاء ممر خاص للباصات، وطرق خدمية وجسور ضمن مساره”.

وبين، أنه “تم تقسيم مقاطع الطريق إلى أربعة مقاطع، الأول بطول (21) كم، والثاني بطول (30) كم، والثالث بطول (26) كم والرابع بطول (18) كم، وباشرت شركتا حمورابي وآشور التابعتان للوزارة بأعمال فتح المسار للمقطعين الثاني والثالث”.

وأشار إلى “المباشرة بعمال قشط الأرض الطبيعية وتسويتها وإزالة التعارضات، وإجراء المسوحات، ورفع المشيدات الثابتة وغير الثابتة ومخلفات البناء، وتحديد جانبي الطريق بسياج معدني منعاً للتجاوزات”.

وأضاف البيان، أنه “تم إعداد آلية مناسبة لإزالة التعارضات الواقعة على مسار الطريق؛ عبر تشكيل لجنة مختصة بذلك، تتولى تحديد التعارضات المتمثلة بالمشيدات والمزروعات والمغروسات والأشجار، وفقاً لنص المادة رابعاً من قانون الطرق والجسور رقم 35 لسنة 2002، التي أشارت إلى أن للدائرة في الحالات المستعجلة وضع اليد على قطع الأراضي كافة، التي تقع ضمن مسارات الطرق والجسور، بعد أن تقوم اللجنة المذكورة بضمان حقوق أصحاب العلاقة وحصر قيم ممتلكاتهم”.

**********************************************************

الحكومة تتعهد بخفضه الى مستوى الصفر انبعاثات غاز الميثان تحدٍ بيئي خطر يُفاقم التغيّر المناخي

بغداد ـ محمد التميمي

تحيط الأجواءَ العراقية الكثيرُ من الملوثات، لكن غاز الميثان في العراق يعد اخطرها، وأبرز التحديات البيئية، في وقت تحتل فيه البلاد مراتب متقدمة عالمياً في انبعاثات هذا الغاز، وفقاً لتقارير حديثة.

ويُطلق العراق سنوياً نحو 17 مليون طن من الميثان.

ولا تقتصر هذه الانبعاثات على التأثير المناخي فحسب، بل تمثل تهديداً حقيقياً لصحة الإنسان، حيث تزيد من خطر الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي والعصبي بنسبة تصل إلى 30 في المائة. بالإضافة إلى ذلك، إن الميثان يلحق ضرراً كبيراً بالزراعة، حيث يقلل من إنتاجية المحاصيل، ويؤدي إلى تدهور جودة التربة، ما يفاقم من أزمة الأمن الغذائي في البلاد.

أبرز مصادر الانبعاثات

في هذا الشأن، قال الأكاديمي والناشط البيئي د. شكري الحسن ان “انبعاثات غاز الميثان في العراق هي مشكلة بدأت تتفاقم في السنوات الاخيرة في العراق، خصوصاً بعد بدء جولات تراخيص الشركات النفطية في عام 2010”.

وأضاف قائلاً، ان “سماء البلاد شهدت ازديادا في كميات الميثان المتحررة الى الجو، نتيجة زيادة النشاط النفطي في العراق”، مبينا ان “أبرز مصادر هذه الانبعاثات عالمياً هو حرق الوقود الأحفوري، والمطامر الصحية ومزارع تربية الابقار والدواجن، حيث ان الانبعاثات من روث الحيوانات تسبب زيادة في تراكيز الميثان”.

ونوه الى ان “مصادر انبعاث غاز الميثان كثيرة، ولكن في العراق المصدر الابرز والرئيس والمؤثر، هو حرق الغاز المصاحب لعمليات الانتاج النفطي خصوصاً في المناطق الجنوبية وفي البصرة بشكل خاص، حيث تتمركز أكبر حقول النفط في هذه المنطقة”.

وتابع قائلا، ان “التقديرات تشير الى ان العراق يسهم بحوالي 9 في المائة من انبعاثات غاز الميثان في العالم، وهذه النسبة قد تكون نسبة كبيرة لبلد واحد منفرد”، مبيناً ان “اقمار الرصد الاصطناعي الفضائية سجلت اكبر سحابة لانبعاثات غاز الميثان في العراق خلال عام 2021، وقدرت في حينها بأكثر من سبعين طنا في الساعة. هذه كمية هائلة ومؤثرة في زيادة ظاهرة الاحتباس الحراري”.

وواصل القول ان “غاز الميثان بالرغم من انه غير سام، ولكنه مسبب رئيس للاحتباس الحراري بأكثر من حوالي 80 في المائة مما يسببه غاز ثنائي اوكسيد الكربون”، مشيراً الى انه “يؤثر بشكل غير مباشر على مفاصل الحياة الاخرى لما يسببه من اضرار على البيئة والمناخ والكائنات الحية والنشاطات البشرية والكثير من الظواهر البيئية كالجفاف والتصحر وغيرهما”.

واردف بالقول: ان “خفض انبعاثات غاز الميثان هو مسعى عالمي، خصوصاً انه يمكن الاستفادة منه في عملية تحويله الى طاقة حرارية وتوليد الطاقة الكهربائية”.

وفي ما يخص العراق وخفض الانبعاثات قال: “اننا نسمع عن توجهات حكومية نحو تخفيفها الى مستوى الصفر بحلول عام 2027 او 2028، ولكن حتى الآن ما زالت هذه المشكلة تعد تحدياً بيئياً خطيراً”.

أسباب الانبعاثات

من جهته، قال مدير شبكة البصرة لحماية وتحسين البيئة وبرنامج العدالة البيئية، فلاح الاميري، ان “غاز الميثان من الغازات الدفيئة القوية والملوثات المناخية قصيرة العمر، ويعتبر في المقام الاول ناتجا عن الانشطة البشرية بما فيها الانشطة الطبيعية الحيوية ونشاط الاستخراجات النفطية”، مبيناً أن غاز الميثان “يؤثر في التغيّر المناخي وله تأثيرات أيضا غير مباشرة على صحة الانسان وعلى الزراعة، وعلى مستوى الغطاء النباتي. كما انه مؤثر كبير على عملية الاحترار بنسبة 86 مرة، اكثر من ثاني اكسيد الكربون. وفي المحصلة كلما خفضنا نسبة انبعاث غاز الميثان قللنا نسبة الاحترار بالغلاف الجوي، وقلت نسبة التغير المناخي”.

وتابع قائلا لـ”طريق الشعب”، ان “النظر الى العراق باعتباره مشاركاً بالتغير المناخي مسألة طبيعية، كونه منتجا او مستخرجا للنفط مثل اي دولة نفطية أخرى”.

ولفت الاميري الى ان غاز الميثان يؤثر على الجهازين العصبي والهضمي وعلى الجهاز التنفسي وعلى معدل الحياة ويسهم بالتشوهات الخلقية بالجينات”.

مليارات منهوبة

الى ذلك، اوضح الخبير النفطي حمزة الجواهري، ان “المناطق القريبة من حرق الغاز تكون فيها نسبة غاز ثاني اوكسيد الكربون عالية وتسبب اختناقا. ومع هذا فأن شركات النفط ملزمة ان تقدم أموالا لترميم البيئة في المناطق التي تتعرض لحرق الغاز”.

وفيما يتعلق بالتزام الشركات النفطية اكد لـ”طريق الشعب”، ان “هذه الشركات ملتزمة بهذا الشرط في عقود جولات التراخيص، وتستقطع هذه الاموال سلفاً وتصرف الى المحافظة التي فيها حرق غاز”، مردفا “لكن القوى المتنفذة تسيطر على تلك الأموال، ولا نرى لها اي انعكاس على واقع الناس في المناطق النفطية”.

***************************************************

مواساة

الرفيقة العزيزة سهاد ناجي

تلقينا بحزن بالغ نبأ وفاة والدتكم الحاجة (أم عماد)، رفيقة درب الرفيق المناضل العمالي ناجي محمد حسن (أبو حسون). خالص العزاء والمواساة لكم وللرفيق ناجي محمد حسن وللعائلة الكريمة، والذكر الطيب للفقيدة الراحلة.

 

هيئة تحرير «طريق الشعب»

*********************************************************

مواساة

الرفيق العزيز حمزة عامر العلوجي

تلقينا بألم كبير نبأ وفاة عمتكم، المربية الفاضلة أمل كاظم دروش العلوجي.

خالص العزاء لكم وللأسرة الكريمة، والذكر العطر للفقيدة الراحلة.

هيئة تحرير «طريق الشعب»

********************************************************

كل خميس.. قمع الاحتجاجات وأزمة البطالة..  وجهان لأزمة عميقة

جاسم الحلفي

تستمر السلطات في مواجهة الاحتجاجات الشبابية بالحلول القمعية، وأحدث مثال ما وقع يوم 16/9/2024 في البصرة والناصرية، متجاهلة أن القمع لن ينهي الحراك. قد يوقف الاحتجاجات مؤقتًا، لكنه في الواقع يزيد من نقمة الشباب على النظام السياسي، الذي فشل في تأمين أبسط حقوقهم في العمل والحياة الكريمة. هؤلاء الشباب الذين يعانون من البطالة المدمرة، يشعرون بتهميش الدولة لهم، وقد عجزت عن إيجاد حلول جذرية لمعاناتهم. فالاحتجاجات ليست فقط تعبيرًا عن غضب لحظي، بل هي انعكاس لسخط أعمق تجاه سياسات اقتصادية فاشلة ومؤسسات غير قادرة على تطمين احتياجات المواطنين.

التوجه الاقتصادي الذي تتبعه الدولة أثبت فشله بوضوح. فمنذ سنوات، تعتمد الدولة بشكل رئيسي على النفط لتأمين إيراداتها، ولتوظيف الأعداد المتزايدة من الشباب في القطاع الحكومي كحل مؤقت لأزمة البطالة. ولكن، كلما وفّرت فرص عمل في الدولة لشريحة معينة من الشباب، ظهرت شرائح أخرى تطالب بالمثل. هذه الحلقة المفرغة تزيد من تعقيد الأزمة بدلاً من حلها، مما يؤدي إلى حالة من الاختناق الاقتصادي والاجتماعي. ومع امتلاء مؤسسات الدولة بالموظفين وعدم وجود فرص حقيقية لمزيد من التوظيف، أصبح الوضع الاقتصادي أكثر تعقيدًا.

وما يزيد الطين بلة اعتماد ميزانية الدولة بشكل رئيسي على عائدات النفط. فإذا حدث أي انخفاض في أسعار النفط عالميا، فإن الدولة ستواجه أزمة في تأمين رواتب الموظفين، مما يفاقم  الأزمة الاقتصادية والاجتماعية. وهكذا بدلاً من الاستثمار في القطاعات الإنتاجية مثل الصناعة والزراعة، تتبنى الدولة حلولًا مؤقتة تعتمد على توزيع الثروة النفطية، وهو أمر غير مستدام ويجعل البلاد رهينة لتقلبات السوق العالمية.

إن دعم الصناعات الوطنية وتطوير القطاع الزراعي باستخدام التكنولوجيا الحديثة هو السبيل الوحيد لمواجهة أزمة البطالة بشكل حقيقي. ويجب أن تتبنى الدولة سياسة طويلة الأمد تهدف إلى تحسين الإنتاجية وخلق فرص عمل جديدة تساهم في تقليل الاعتماد على النفط. ويمكن لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة أن يفتح المجال أمام جيل جديد من الشباب لتأسيس مستقبلهم المهني، بعيدًا عن الاعتماد على القطاع الحكومي المشبع.

وفي ظل هذا الوضع، يمكن القول إن الفساد المستشري في مؤسسات الدولة لم يكن فقط في سرقة الأموال والمشاريع، بل في هدر الإمكانيات الاقتصادية وتأخير التنمية المستدامة. و”سرقة القرن” ليست سوى جزء من مشكلة أكبر تتمثل في السياسات الاقتصادية الفاشلة التي أفسدت الاقتصاد وأدت إلى تدهور الأوضاع المعيشية لغالبية الشعب.

إن حل مشكلة البطالة وغيرها من المعضلات الاقتصادية – الاجتماعية لا يكمن في قمع الاحتجاجات أو في محاولة تسكين الأزمات بشكل مؤقت. فالدولة بحاجة إلى سياسات اقتصادية جريئة وشاملة تعيد بناء الثقة بين الشعب والنظام. وبدون إصلاح اقتصادي حقيقي وتوجه استراتيجي لدعم الصناعات الإنتاجية،لن يكون الانفجار الاجتماعي القادم بعيدًا، ولن تتمكن السلطات من السيطرة عليه بمجرد اللجوء إلى الحلول الأمنية.

***************************************************

الصفحة الثالثة

تظاهرات حاشدة في بابل رفضا للاستثناءات في 8 محافظات.. الاحتجاج يتواصل ولا حلول في الأفق

بغداد ـ طريق الشعب

شهدت العديد من المدن العراقية خلال اليومين الماضيين، سلسلة من التظاهرات والاحتجاجات من قبل مختلف الفئات الاجتماعية، حيث عبّر المتظاهرون عن مطالبهم المشروعة بخصوص الرواتب، وتحسين الخدمات، وتثبيت أصحاب العقود.

رواتب الرعاية الاجتماعية

تظاهر العشرات من المتقدمين للحصول على رواتب الرعاية الاجتماعية أمام دائرة الحماية الاجتماعية وسط مدينة الناصرية، مطالبين بإطلاق رواتبهم وصرف بطاقات الكي كارد.

وأوضح محمد ثائر، أحد المتظاهرين، أنه مرّ على تقديم معاملته أكثر من خمس سنوات، وأنه أكمل كافة إجراءات الشمول برواتب الرعاية، مشددًا على ضرورة إصدار بطاقة الكي كارد: "خرجت اليوم مع المتظاهرين للمطالبة بحقوقنا التي كفلها الدستور".

من جانبه، عبر المتظاهر ستار غانم، عن استيائه من الوعود المتكررة بشأن إطلاق بطاقات الكي كارد، مشيرًا إلى أن آخر تلك الوعود كان من قبل وزير العمل خلال زيارة الأربعين.

احتجاج في سوق الشيوخ

وخرج العشرات من أهالي قضاء سوق الشيوخ جنوبي محافظة ذي قار بتظاهرة غاضبة احتجاجًا على سوء الخدمات في منطقتهم. ورفع المتظاهرون مطالب بتحسين المشاريع الخدمية في مناطقهم، بالإضافة إلى المطالبة بإقالة قائممقام القضاء، نبيل الموسوي، من منصبه. وأغلق المحتجون المدخل الرئيس للقضاء بالإطارات المحترقة، معبرين عن استيائهم من الوضع الراهن.

أصحاب العقود

نظم العشرات من المتعاقدين المفصولة عقودهم ضمن عقود بشائر السلام اعتصامًا أمام مبنى ديوان محافظة ميسان، مطالبين بشمولهم بالتعاقد وإعادتهم إلى دوائرهم التي عملوا بها لأكثر من عام.

وأفاد عدد من المعتصمين أنهم تعاقدوا مع دوائر حكومية مختلفة في ميسان منذ عام 2008، حيث باشروا العمل لمدة عام كامل، لكن تم فصلهم لاحقًا بداعي عدم وجود غطاء مالي. ورغم التصويت على إعادة عقودهم تحت قبة البرلمان قبل عام، لم يتم تنفيذ هذا القرار. وطالب المعتصمون بإعادة التعاقد، محذرين من أنهم سيقومون بإقامة خيام الاعتصام أمام ديوان المحافظة إذا لم تُلبَّ مطالبهم.

موظفو دائرة الإصلاح

وخرج موظفو ومنتسبو دائرة الإصلاح العراقية بتظاهرة أمام مبنى وزارة المالية في بغداد، مطالبين بشمولهم برفع مخصصات الخطورة وبدل العدوى.

ورفع المتظاهرون لافتات تعبر عن مطالبهم، مؤكدين ضرورة تحسين ظروفهم المالية والإدارية، في ظل التحديات التي يواجهونها في أداء مهامهم.

خريجو بابل يرفضون الاستثناءات

وشهدت محافظة بابل تظاهرات حاشدة لخريجي كليات التربية، الذين طالبوا بإلغاء الاستثناء من التعيينات والعودة إلى نظام المنافسة العادلة. وتأتي هذه الاحتجاجات بعد إعلان الحكومة المحلية عن المقبولين في التعيين بصفة عقد، حيث بلغ عددهم 7400 شخص، بينهم 1630 شخصًا تم استثناؤهم في قطاع التربية بقرار من رئيس الوزراء.

وخلال التظاهرات، صرح علي سعدي، ممثل المتظاهرين، بأن "الاستثناء الأخير لم يكن واقعياً، وشابته الكثير من عمليات الفساد الإداري". وأوضح أن هناك أسماء لم تُعرف ولم تُشاهد في التظاهرات، حيث كانت القوائم المقدمة للحكومة المحلية قبل خمسة أشهر تتضمن 1200 خريج تربوي، بينما وصل عدد المشمولين بالاستثناء إلى 1630.

وأشار سعدي إلى أن "ما حدث يؤكد وجود تلاعب واضح، ويجب أن يكون الاستثناء خارج العدد الكلي للتعيينات، وليس مدرجًا ضمنها، فهذا يعد مخالفة واضحة ومحاولة للالتفاف على حقوق المتظاهرين".

من جانبه، قال مرتضى العسكري، أحد المتظاهرين، إن "التعيينات الأخيرة ظلمتنا كثيرًا، خاصة خريجي السنوات السابقة. فلا يمكننا السكوت عن موضوع الاستثناء".

وأكد أنه إذا لم تستجب الحكومة لمطالبهم، فإنهم سيذهبون للاعتصام أمام مبنى الحكومة المحلية وسيقومون بإغلاق الشوارع، ولن يقبلوا بأية حلول غير عادلة.

موظفو بلدية السماوة

تظاهر العشرات من موظفي بلدية السماوة، مطالبين بصرف مستحقاتهم المتأخرة، بما في ذلك نسبة الـ 50% لعمال الدوائر الخدمية.

وأوضح بعض الموظفين أن مطالبهم تركزت على سرعة صرف مستحقاتهم، التي تأخرت لعدة أشهر. وأكدوا أنهم سيستمرون في تنظيم الاحتجاجات حتى تتم تلبية مطالبهم، ملوحين بالإضراب عن العمل إذا لم تتحقق الاستجابة.

احتجاج منتسبي الدفاع

ونظم العشرات من منتسبي وزارة الدفاع في البصرة وقفة احتجاجية أمام مبنى دائرة عقارات الدولة، استنكارًا للمماطلة والتسويف بشأن تخصيص الأراضي الذي أُعلن عنه من قبل رئيس الوزراء.

وأفاد عدد من المحتجين أن الوقفة تأتي نتيجة التأخير في تنفيذ الأوامر الوزارية الخاصة بتخصيص مقاطعة للعسكريين.

وأشاروا إلى معلومات تفيد بأن فرع عقارات الدولة في بغداد يسعى لتمرير الموضوع وفق قانون 21 المادة 15 لسنة 2013، ما يعد مخالفًا لتوجيهات رئيس الوزراء.

ونظم منتسبو وزارة الدفاع في محافظة كربلاء المقدسة تظاهرة للمطالبة بتخصيص قطع أراضٍ لهم. وطالب المشاركون بتوفير سكن لائق يعكس جهودهم في خدمة الوطن، مؤكدين أن تخصيص الأراضي يعد حقًا أساسيًا لهم. ورفعوا لافتات تعبر عن مطالبهم المشروعة في الحصول على حقوقهم السكنية.

موظفو العقود في السليمانية

من جانبهم، نظم موظفو العقود في السليمانية، وقفة احتجاجية، أمام مبنى محافظة السليمانية، مطالبين حكومة إقليم كردستان بتثبيتهم على الملاك الدائم.

وفي مؤتمر صحفي، أوضحت ممثلة موظفي العقود، سازان توفيق، أن هؤلاء الموظفين عملوا بعقود تتراوح فتراتها بين 10 إلى 20 عامًا. وأكدت أن تضحياتهم شملت العمل خلال الأزمات المالية، والحرب على داعش، وأزمة جائحة كورونا.

وأضافت توفيق، أن "موظفي العقود، رغم أزمة الرواتب التي شهدتها المؤسسات الحكومية في السليمانية، التزموا بالدوام في أصعب الظروف". كما أشارت إلى قرار صادر من رئيس حكومة إقليم كردستان في 8 أيار 2024 بتشكيل لجنة لتحويل موظفي العقود إلى موظفين دائمين، إلا أن هذا القرار لم يُنفذ حتى الآن.

ودعت توفيق رئيس الحكومة إلى الإسراع بحسم ملف تثبيتهم على الملاك الدائم، لضمان حقوقهم وحقوق أسرهم.

********************************************

العراق في الصحافة الدولية

ترجمة وإعداد: طريق الشعب

عودة داعش حقيقة أم تهويل مقصود

نشرت صحيفة الواشنطن بوست، المقربة من دوائر البيت الأبيض الأمريكي مقالاً للكاتب ماكس بوت حول خطط الإنسحاب الأمريكي من العراق أشار فيه إلى أن الجماعة الإرهابية (داعش) كانت قد استثمرت اندلاع الحرب الأهلية السورية وانسحاب القوات الأميركية من العراق في عام 2011 لشن هجوم كبير عبر البلدين، سيطرت فيه على حوالي 30 بالمائة من سوريا و40 بالمائة من العراق، ونفذت مجازر وفظائع مروعة ضد المدنيين.

انتصار ولكن!

وبعد أن ذّكر البيان بالنجاحات التي حققتها قوات الجيش العراقي وقوات سوريا الديمقراطية وبمساعدة قوات التحالف الدولي في القتال ضد تنظيم داعش والإنتصارات الحاسمة عليه، أشار إلى أن من الصعب السيطرة على هذه الجماعة الإرهابية، التي تستعيد – حسب تعبير الكاتب – بعضاً من مواقعها ببطء شديد، وتتمدد نسبياً في أفغانستان وأفريقيا، حيث تقدر الأمم المتحدة أعداد مقاتليها ما بين 3000 و5000 مقاتل في سوريا والعراق، وحيث يعّد العام الحالي أسوأ عام منذ هزيمة التنظيم حسب تصريح القائد المشارك لقوات سوريا الديمقراطية لصحيفة وول ستريت جورنال.

كما ينقل الكاتب بوت عن تقرير لمجموعة صوفان الاستشارية الأمنية، قولها بأن تنظيم داعش يعمد إلى الاستفادة من اهتمام الجميع بقضايا أخرى مهمة في المنطقة، مثل غزة وأوكرانيا، لإعادة تجميع صفوفه، ليس فقط في أفغانستان، بل وأيضاً في أجزاء من أفريقيا وسوريا، داعية إلى الانتباه لذلك من قبل دول المنطقة والتحالف الدولي.

الإنسحاب من العراق

وأشار المقال إلى أن بغداد نجحت في إبرام اتفاق مع واشنطن حول سحب القوات الإمريكية من العراق في موعد أقصاه خريف 2026، هذه القوات المتمثلة بحوالي 2500 جندي أمريكي، أغلبهم من الخبراء والمستشارين، والذين يركزون في الغالب على تقديم المشورة والاستخبارات والغطاء الجوي والخدمات اللوجستية وأشكال أخرى من الدعم لقوات الأمن العراقية وقوات سوريا الديمقراطية، لكنهم يشاركون في بعض الأحيان في العمليات القتالية، كما جرى في الأنبار في أواخر أب الماضي.

وأبدى الكاتب مخاوفه من أن يشجع الإنسحاب تعزيزاً لمواقع داعش وأن يكون له تأثيرات سلبية على القدرات العملياتية لقوات سوريا الديمقراطية، التي ترتبط مساعدتها بالدعم اللوجستي للقوة الأميركية الأكبر في العراق، معرباً عن اعتقاده من ضرورة الحذر الشديد، كي لا تتكرر مأساة 2014 في العراق وكي يتوقف التهديد المتزايد الذي يشكله تنظيم الدولة الإسلامية في أفريقيا وأفغانستان، فتحويل الإنتباه لقضايا مختلفة لا يعني بالضرورة أن التهديدات قد اختفت، حسب تعبير كاتب المقال.

لا عودة في المستقبل

وفي الصحيفة نفسها كتب أندريو يونغ مقالاً أشار فيه إلى أن الاتفاق المبدئي حول انسحاب القوات الأميركية من العراق سيتضمن بقاء قوة صغيرة في إقليم كوردستان لعام آخر، تكون من مهامها، ليس فقط مكافحة داعش، بل وايضاً المساهمة في حماية الإقليم. وادعى الكاتب بأن البيت الأبيض ووزارة الدفاع الأميركية رفضتا الإجابة عن سؤال حول تفاصيل هذا الإتفاق، فيما أعرب هو عن تصوره بأن الإنسحاب سيتم من بلد يعاني من نقاط ضعف أمنية ومن استقطابات طائفية وعرقية ومن فساد شامل، وأن الخبراء الذين حاورهم كاتب المقال حول الموضوع أعربوا عن شكوكهم من قيام أي رئيس أميركي قادم بإرسال قوات إلى العراق مرة أخرى في المستقبل، مما يتطلب من بغداد أن تمنع التدخلات الإقليمية في شؤونها الداخلية وتقضي على الفساد وتبني قوات أمنية فاعلة، لتتمكن من الحفاظ على استقرار البلاد.

********************************************

عين على الأحداث

السكوت من ذهب

مجموعة الإتهامات التي وجهها رئيس هيئة النزاهة في مؤتمره الصحفي قبل أسبوع، لم تكن كافية كما يبدو ليتحرك المدعي العام أو مجلس النواب للتحقيق، رغم أنها كانت تتعلق بمنحِ عطايا لمسؤولين في السلطات الثلاث من أجل إسكاتهم، وبتورط كثيرين في سرقات المتهم الهارب نور زهير، المعروفة منها كسرقة أموال الأمانات الضريبية، وغير المعروفة كسرقة أموال أمانات الكمارك والاستحواذ على 724 دونماً من الأراضي، والمشاركة في صفقة تتعلق بالسكك الحديد قيمتها 18 مليار دولار. هذا وقد اتسعت دهشة الناس حين نسي رئيس الوزراء ايضاً، الحديث عن المصيبة، في الكلمة التي خصصها مؤخراً للتعريف بإنجازات الحكومة.

تعليم فص كلاص

مع انطلاق العام الدراسي الجديد، كشف مختصون عمّا تعانيه العملية التربوية من مشاكل مستعصية في مدارس الأرياف، كغياب الكادر التربوي المتمرس والنقص في الكتب والمناهج والرحلات والسبورات والإنارة والمرافق الصحية والماء الصالح للشرب، إضافة إلى أن هذه المدارس إما مبنية من الطين أو تستخدم فيها الكرفانات. ويذّكر الناس وزارة التربية بوثيقة البنك الدولي، التي وصف فيها نظام التعليم في العراق على أنه أضعف الأنظمة في المنطقة، وأن الطفل المولود في بلادنا لن يصل إلا إلى 40 بالمئة من إمكاناته، متسائلين عن المستقبل في ظل هذا المستوى المتدني من رأس المال البشري.

غسل ولبس

كشف اقتصاديون عن بلوغ حجم الأموال التي يتم غسلها في العراق 950 مليار دولار، تأتي معظمها من تجارة المخدرات وتهريب النفط والرشوة والعمولات إضافة إلى سرقة المصارف. وأكد هؤلاء على أن القسم الأكبر من هذه الأموال يتم غسله في الاستثمار العقاري الأكثر ربحاً بسبب أزمة السكن وتزايد عدد السكان ووجود 4 ملايين مواطن في العشوائيات. ورغم ما تسببه هذه الجرائم العلنية من تدهور بسعر الدينار واخلال بالاستقرار النقدي واضعاف للدخل القومي، فإنها لا تحل مشكلة السكن بسبب الأسعار الخيالية التي يفرضها "المستثمرون" للوحدات التي يشيدونها، والتي لا تناسب حتى دخل الطبقة المتوسطة.

لماذا تنسون المياه؟!

دعا رئيس الجمهورية ضيفه الرئيس الإيراني، أثناء لقائهما في بغداد، إلى إطلاق مياه الأنهر الحدودية والتوصل إلى تفاهمات مُرضية للجميع حول تقاسم المياه، مشدداً على أهمية تعزيز التعاون المشترك وروابط الصداقة بما يخدم المصالح المشتركة بين البلدين. هذا وفي الوقت الذي أدت فيه السياسات المائية لطهران إلى حجب 90 بالمائة من حصة العراق من المياه القادمة من الشرق، مشددة من المخاطر التي يواجهها الأمن المائي للبلاد، وتاركة تأثيرات سلبية قاسية على الإنتاجين الزراعي والحيواني، خلت الإتفاقيات الأربعة عشرة التي وقعها البلدان على هامش الزيارة، والتصريحات التي أطلقتها الحكومة، من أية إشارة إلى مشكلة المياه.

وهل يصلح العطار..؟

زفّ رئيس هيئة النزاهة بشرى للعراقيين بتحسن مكانة بلادهم على مقياس الفساد من الموقع 157 إلى الموقع 153 من أصل 180 دولة يقيّمها المقياس، واعداً بتواصل التقدم على هذا الطريق بتعاون الجميع وبدعم المنظمات الدولية ذات الصلة. هذا وفي الوقت الذي جمع فيه العراق 23 نقطة من أصل 100، وللعام الرابع على التوالي، مما يعني عدم تحسنه وضعه وبقاءه متخلفاً في مستوى الشفافية ومكافحة الفساد عن معظم الدول العربية المستقرة، يتساءل الناس عن معنى لجوء "أولي الأمر" لتجميل صورة الواقع البشعة، فالاعتراف بالحقيقة أولى خطوات النجاح، ولن تُحجب عين الشمس بغرابيل الإدعاءات.

*******************************************************

الصفحة الرابعة

الفرات يتغذى على الثرثار..  مفاوضات العراق مع دول المنبع تتواصل ولا بشائر في الافق

بغداد – تبارك مجيد

في ظل أزمة المياه المتفاقمة التي يعاني منها العراق، يُعد نهر الفرات رمزاً لأحد أهم التحديات البيئية التي تواجه البلاد. مع مرور السنوات، أصبح النهر الذي كان يُعد شريان الحياة للأراضي العراقية يعاني من جفاف شديد، ما يهدد الأمن المائي والاقتصادي للبلاد.

ويؤكد مراقبون ان ابرز الأسباب يعود لسوء الإدارة الحكومية وصولاً إلى التأثيرات الخارجية لدول المنبع على صانع القرار الحكومي.

سوء الإدارة

وتحدث الخبير المائي عادل المختار عن التحديات الكبرى التي تواجه نهر الفرات، مشيراً إلى أن المشكلة الأساسية هي نقص المياه في النهر، حيث أكد أن “الفرات يعاني من جفاف شديد منذ سنوات، لدرجة أن مياهه لم تعد تصل إلى شط العرب”.

وأضاف المختار لـ “طريق الشعب”، أن “هذه المشكلة تعود بشكل أساسي إلى إهمال الحكومات المتعاقبة ووزارات الموارد المائية في العراق”، موضحاً أن “سوريا، على سبيل المثال، تأخذ حصتها من مياه الفرات وتخزنها في سد الطبقة الذي لا يخضع لسيطرة الحكومة السورية بشكل كامل، ما يزيد من صعوبة إدارة المياه بشكل منسق بين الدول”.

وأكد أن “العراق يستقبل كميات كبيرة من المياه في بعض المواسم”، مشيراً إلى أن “خزين المياه هذا العام بلغ 21 مليار متر مكعب، في حين أن الاحتياجات اليومية للاستهلاك الزراعي والصناعي والحياتي تصل إلى 15 مليار متر مكعب سنوياً”.

وأضاف، أن العراق “تلقى خلال هذا العام أكثر من 55 مليار متر مكعب من المياه، لكن بسبب سوء الإدارة وسوء التصرف في هذه الموارد، تم فقدان جزء كبير من هذه المياه. ورغم هذه التحديات، نجحت الجهود في الحفاظ على حوالي 20 مليار متر مكعب من المياه لاستخدامها”.

وفي ما يتعلق بالحلول، شدد المختار على ضرورة إعادة النظر في السياسة الزراعية في العراق وتشكيل فريق من الخبراء المتخصصين في إدارة الموارد المائية، من أجل تحسين السيطرة على المياه والتخطيط الأفضل للاستفادة منها في المستقبل.

مفاوضات “خجولة”

الخبير المائي تحسين الموسوي سلط الضوء على تحديات الملف المائي في العراق، قائلا أن هذا الملف يتألف من محورين، داخلي وخارجي.

وفي ما يخص المحور الخارجي، أوضح الموسوي أن العراق “كونه بلد مصب، يعتمد بشكل كبير على المفاوضات مع الدول المشاركة في المياه، مثل تركيا وسوريا وإيران”، لكنه أشار إلى أن هذا الملف يشهد تراجعاً وليس تقدماً، اذ هناك العديد من العوامل التي تلعب دوراً في ذلك، منها زيادة الطلب العالمي على الموارد المائية، في مقابل انخفاض العرض.

وأضاف الموسوي في حديث لـ “طريق الشعب”، أن “هذه الدول خالفت القوانين والأعراف الدولية، حيث تمارس سيطرة تامة على الموارد المائية المشتركة دون التوصل إلى اتفاقيات ملزمة تضمن توزيعاً عادلاً للمياه”. وانتقد الموسوي ضعف المفاوض العراقي، الذي لم يستخدم بشكل فعال وسائل الضغط المتاحة أو يلجأ إلى المجتمع الدولي للدفاع عن مصالح بلاده.

وأشار الموسوي إلى أن وزارة الموارد المائية تلعب دورًا فنيًا في هذا الملف، لكن المسؤولية الكبرى تقع على عاتق الفاعلين السياسيين والدبلوماسيين.

وأوضح أن العراق لم ينجح حتى الآن في التوصل إلى اتفاقيات ملزمة مع دول الجوار لضمان إطلاق حصصه المائية أو وقف المشاريع التي تضر بالموارد المائية العراقية.

وأكد أن ما يجري حاليًا هو مجرد محادثات بين الطرفين دون مفاوضات جادة تؤدي إلى توقيع اتفاقيات حقيقية.

وأكد الموسوي، أن “هذا الملف المعقد يتطلب إرادة وطنية قوية، وتدخلاً من منظمات دولية، واستخدام نقاط القوة في المفاوضات مع الدول المشاركة في الموارد المائية”، معتبرا أن أية مفاوضات أو اتفاقات مع هذه الدول يجب أن يكون ملف المياه فيها جزءاً سيادياً، نظراً للوضع الحرج الذي يواجه العراق، خاصة بعد مرور البلاد بأربع سنوات عجاف.

وشدد على ضرورة “إجراء مفاوضات حقيقية وفعالة مع الدول المشاركة في المياه، لضمان تحقيق شراكة عادلة ومستدامة تحفظ حقوق العراق في الموارد المائية، وتحمي بيئته من مزيد من التدهور”.

وتناول الموسوي موضوع السياسة المائية في العراق، مشيرًا إلى التراجع الكبير في هذا الملف وعدم كفاءة الإدارة الحالية. حيث أكد أن السياسة المائية في العراق متأخرة، إذ لا توجد مشاريع استراتيجية فعّالة مثل بناء السدود أو مشاريع حصاد المياه.

وأضاف، أن هناك فشلًا في تحقيق العدالة في توزيع المياه بين المناطق المختلفة، إلى جانب غياب مشاريع إعادة تدوير المياه ومعالجة الملوثات التي تضر أحواض الأنهار، مشيرًا إلى أن استخدام التقنيات الحديثة في تقنين استهلاك المياه شبه غائب عن الإدارة الحالية.

الثرثار تروي عطش الفرات

 وفي ما يتعلق بموضوع التحلية، أكد الموسوي أن “المقصود ليس تحلية مياه الفرات. بل يُرجح أن الحديث يدور حول وحدات معالجة المياه وإعادة تدويرها، وكذلك محطات معالجة مياه الصرف الصحي ومياه البزل”. وأضاف أن “تحلية مياه البحر قد تكون جزءًا من الحلول المقترحة بالنظر إلى أن العراق يمتلك ساحلًا على الخليج العربي”. وذكر الموسوي أن بعض “المحطات قد تكون مخصصة لتنقية المياه القادمة من مصادر أخرى، مثل بحيرة الثرثار، التي أصبحت تغذي نهر الفرات بعد انقطاع الإيرادات المائية من تركيا”.

وحول جفاف حوض الفرات، أوضح الموسوي أن “بحيرة الثرثار أصبحت حاليًا المصدر الرئيس لتغذية نهر الفرات، بعد أن انقطعت الإيرادات المائية القادمة من الجانب التركي”. وأشار إلى أن وزارة الموارد المائية قامت بتركيب محطات عائمة لسحب المياه من الأجزاء الميتة في البحيرة، حيث تحتوي البحيرة على حوالي 40 مليار متر مكعب من المياه التي تعتبر غير قابلة للاستخدام بسبب الترسبات والطمي.

 وأضاف أن هذه المياه لا يمكن الاستفادة منها إلا من خلال المضخات العائمة التي نصبتها الوزارة، والتي تضخ ما يقرب من 100 متر مكعب في الثانية إلى حوض الفرات من أجل إنعاشه، في ظل قلة الإيرادات القادمة من تركيا.

واختتم الموسوي بالتأكيد على أن العراق يعتمد بشكل كبير على الإيرادات المائية القادمة من تركيا، حيث أن 90 في المائة من مياه نهر الفرات تأتي من تركيا، في حين تأتي 10 في المائة فقط من سوريا وايران. وأضاف أن هذا الاعتماد الكبير على تركيا يجعل العراق في موقف صعب، خاصة في ظل عدم وجود اتفاقيات ملزمة تضمن تدفق المياه بصورة مستدامة.

تقليص مستمر لحصة العراق المائية

وقالت نجوان علي، عضو في إحدى المنظمات البيئية، لـ “طريق الشعب”، إن أزمة شح المياه في العراق قد تفاقمت بشكل ملحوظ خلال السنوات الأخيرة بسبب سوء إدارة استخدام المياه، والتغير المناخي، وتراجع الإمدادات من دول المنبع مثل تركيا، إيران، وسوريا.

وأضافت أن هذه العوامل المتشابكة صنعت مشكلة أساسية لم تتم معالجتها حتى الآن.

وأرجعت علي سبب انحسار مياه نهري دجلة والفرات إلى “سياسات دول المنبع” التي قامت ببناء العديد من السدود والمشاريع الكبرى دون التنسيق مع العراق، وهو ما أثر بشكل مباشر على استحقاقات العراق المائية، حيث تراجعت الإيرادات الواصلة.

كما أشارت إلى أن الجهات الحكومية العراقية المعنية بهذا الملف “لم تعره الأهمية الكافية”، ما أتاح لدول المنبع الاستمرار في تقليص الحصة المائية للعراق دون مراعاة لمبادئ حسن الجوار، مما يمنع التوصل إلى أي اتفاق معها.

وأكدت أن العراق بحاجة ماسة إلى ضمان حقوقه في الأنهار المشتركة مع دول الجوار وفق القوانين الدولية، داعية إلى اتخاذ إجراءات عادلة ومنصفة لضمان توفير كميات كافية من المياه للبلاد، خاصة في ظل المعاناة الشديدة التي تواجهها مناطق واسعة من جنوب ووسط العراق.

وطالب مختصون في مجال المياه تحلية مياه الفرات في بعض المناطق التي تكون ملوثة أو تحتوي على نسبة عالية من الأملاح والمعادن، حيث يرون ان تحليتها يمكن أن تساعد في تحسين جودة المياه، مما يجعلها صالحة للشرب وللاستخدامات الزراعية والصناعية.

*****************************************************

في بيان لهم.. مثقفون عراقيون يستهجنون الممارسات القمعية

بغداد ـ طريق الشعب

أكد المثقفون العراقيون وقوفهم ضد ممارسات الأنظمة القمعية وشجبهم للموقف الغريب لنقابة المحامين التي تخلت عن مهمتها الأساسية في حماية أعضائها وحماية حقوقهم وتنظيم شؤونهم، بل تمادت في سعيها لتبرير وشرعنة سياسة الإقصاء والتهديد والتغييب والتي تُوجه ضد حرية التعبير وأصواتها الداعية إلى بناء وعي عراقي خالٍ من اليقينيّات الظلامية التي باتت تُهيمن على المجتمع العراقي.

وأشار المثقفون في بيان حصلت “طريق الشعب” على نسخه منه، إلى تضامنهم مع نخلتين عراقيتين، الدكتورة زينب جواد والدكتورة قمر السامرائي، واللتين وقفتا وقفتهما الشامخة والرافضة لمحاولات تسميم أحوال العراقيين المدنية وإرجاعها إلى ظلام الكهوف وتفريغها من حقوق المرأة العراقية وذبح تلك الحقوق ووضع فرمانات زمن الجواري بدلاً منها، الأمر الذي رفضه الوعي العراقي المضاء.

ودعا المثقفون إلى الحفاظ على حياة مدنية تحفظ حقوق وكرامة الرجل والمرأة على حد سواء وتصون مستقبل الأطفال، مطالبين جميع المثقفين العراقيين بالتوقيع على هذا البيان وابتكار طرق الاحتجاج والتضامن مع المحاميتين زينب جواد وقمر السامرائي وبقية المحامين والمدافعين عن حرية التعبير والرأي في جميع مستويات الحياة العراقية.

الموقعون على البيان لحين استلامه:

(فاروق صبري، علي حسين، عواد ناصر، ضياء الأسدي، جليل حيدر، شاكر لعيبي، فيصل لعيبي، عدنان الفضلي، رياض محمد، فلاح المشعل، قاسم حسن، علي الطوكي، أمير حداد، شوقي كريم حسن، عامر العامل، محمد العطراني، أباذر وحيد، محمد رحيمة، عماد عامر، تبارك عامر، هرمز البازي، الدكتور جواد الزيدي، صلاح زنكنة، عامر القيسي، رياض النعماني، شمخي جبر، طه رشيد، صباح المندلاوي، الدكتورة خيال الجواهري، سلام الصكر، دلال جويد، نضال عبدالكريم، صلاح الصكر، صباح كنج، صباح الأنبار، جواد الزيدي، رشيد خيون، حمه سوار عزيز، سلام إبراهيم، ناهدة جاسم، عبدالزهرة زكي، علي سعدون، حذام يوسف طاهر، شاكر نوري، هادي الخزاعي، أميل ناجي، شرؤق العبايجي، أفراح شوقي القيسي، خيرالله سعيد، فاروق فياض، ستار نعمة، رائد الأسدي، عباس حسن، جمال العتابي، عبدالجبّار العتابي، أمال سعد، كريم سامي، خضر حمودي، زهير التكمه جي، عدي فلاح الهاجري، خضير فليح الزيدي، عبدالكريم داود، محمد الجادري، تحسين كرمياني، ريسان الخزعلي، بهجت ناجي، حميد مطلب، سعاد الجزائري، عبد الوهاب الدايني، لاهاي عبد الحسين، عادل كنيش مطلوب، عبدالاله توفيق، د. عدنان رجيب، د. مهران موشيخ، د. قيس حمزه، د. صبحي الجميلي، الأستاذ ضياء الشكرجي، د. فؤاد حسين، د. نعيم الشذر، د. علي شوكت، د. سعدي النجار، البروفسور نوري جعفر، د. جواد الهاشمي، الدكتور شفاء السدّاوي، الدكتورة سلمى السدّاوي).

*********************************************

وقفة اقتصادية.. القطاع الصناعي واعتلالاته البنيوية

إبراهيم المشهداني

تحتل الصناعة في أي بلد أهمية كبيرة في زيادة الإنتاج المحلي الإجمالي وتمويل الموازنة العامة ومعالجة الاختلال البنيوي في الاقتصاد، بل يعد العمود الرئيس في الاقتصاد إلى جانت معالجة الارتفاع في معدلات البطالة وتخفيض الاستيرادات من خلال وضع الاستراتيجيات التي تتماهى مع الواقع الصناعي بجانبية الإنتاج الاستهلاكي والانتاجي بما يؤدي إلى تامين الطلب المحلي والتخلص من سياسات الاغراق المفروضة على الاقتصاد العراقي منذ عام 2003.

ومن المعروف ان القطاع الصناعي بوجه عام يتكون من صناعات متعددة يتمحور دورها في صناعة السلع الاستهلاكية والسلع الإنتاجية ( الاستثمارية ) وصناعات ثالثة كثيفة رأس المال،  وبمعنى ثان تصنف على أساس صناعة استخراجية وصناعات تحويلية،  وفي العراق يتوزعان على قطاعي الدولة والقطاع الخاص بالإضافة إلى القطاع المختلط،  لكن الواقع يشير إلى التركيز على الصناعات الاستخراجية وتحديدا  البترول ومنتجاته  وإلى حد ما انتاج الغاز في طور التكامل الكمي، أما الصناعات  الأخرى كالكبريت والفوسفات  والمعادن الأخرى لم تكن في وارد استراتيجيات الحكومة  فإن تقارير البرلمان العراقي على قلتها  في مجال الإصلاح الاقتصادي، تشير إلى أن وزارة الصناعة  لم تكتف بطرح المصانع فوق الأرض إلى الاستثمار بيد الشركات الوطنية بل توجهت إلى باطن الأرض  وفق قرارات، واجهت معارضة شديدة برلمانية وخارج البرلمان من المهتمين بالشأن الاقتصادي والصناعي في، السنوات السابقة، عبر التوجه لمنح الثروة المعدية تحت الأرض إلى شركات أردنية وأمريكية بأرخص الأثمان  حيث يتم بيع الطن الواحد من الكبريت بخمسة دولارات مع أن سعرها في السوق العالمية 400 دولار  للطن الواحد  بالرغم من التقديرات  المؤكدة أن حجم الكبريت في العراق يناهز الـ 500 مليون طن من خزين مكتشف  يشكل 16 في المائة  من الأراضي العراقية، ألا يدل ذلك على فشل في السياسة والتخطيط  وبالتالي غياب الاستراتيجية الواضحة  في هذا القطاع المهم ؟

وبناء على ما تقدم فإن وزارة الصناعة بمختلف مراحلها بعد عام 2003 حولت الشركات الصناعية إلى شركات خاصة تحت مفهوم غامض للاستثمار بسبب المقاييس التي تبنتها الحكومات المتعاقبة بتحويل إدارات هذه المشاريع إلى أشخاص من الأحزاب الحاكمة يفتقرون إلى الكفاءة والخبرة تذهب إلى إبرام عقود تشغيل مشتركة سيئة الصيت وبيعت وفقها الكثير من خطوط الإنتاج الصناعية كأكوام خردة.

وتشير البيانات المتوافرة إلى أن القطاع الخاص يشكل 98.3 في المائة يقابلها 1.5في المائة ضمن الملكية العامة و0.2 في المائة ملكية مختلطة وأن بعض الدراسات تشير إلى أن 56 في المائة من معامل الشركات العامة تصنف من مستوى المكون التكنولوجي بأنها منتجات عالية ومتوسطة المكون التكنولوجي مقابل 28 في المائة منها منخفضة المكون التكنولوجي.

إن الفساد المتعاظم في جهاز الدولة  بما فيه القطاع الصناعي  واستمرار الاستيراد  بدون ضوابط  على حساب دعم المنتج الوطني  والتراخي في تطبيق القوانين الحمائية  وآثار السياستين النقدية والمالية  وسياسات الإنتاج التي  مارستها وزارات  التخطيط والصناعة والتجارة  وقدم خطوط الإنتاج التي زاد عمرها على أكثر من 30 سنة  كلها عوامل أزاحت بمجرفتها   قاعدة الصناعة الحكومية التي كانت في مرحلة  سابقة كمعامل البتروكيمياويات  والمعامل الورقية والبلاستيكية  والأدوية وغيرها التي اختفت من السوق من جراء سياسة الانفتاح  الفاحش  وانعدام الدعم الحكومي  وفقا لقرارات صندوق النقد الدولي  ونصائح الدول الصديقة ! كل ذلك يتطلب من الحكومة التي تمتلك قبل غيرها وسائل تمكين القطاع الصناعي من أجل إعادة الحياة ليس في القطاع الحكومي وانما كافة القطاعات الأخرى من خلال:

  1. الاتجاه نحو تطوير الصناعة التحويلية والتخطيط لاستيراد أفضل أنواع التكنولوجيا المتاحة وفي ذات الوقت تضمين عقود الشراء التدريب الكامل للكادر الوطني على هذا النوع من التكنولوجيا القادر على التشغيل والصيانة والمشاركة الفعلية في نصب المعدات.
  2. وضع الخطط ذات البعد الاستراتيجي بإحياء الصناعة البتروكيمياوية وصناعة الحديد والصلب والفوسفات والكبريت التي تشكل عصب الصناعة التحويلية وإحياء الصناعات اتي برع القطاع الخاص بإنتاجها وتشجيع الاستثمار المحلي والأجنبي في هذه القطاعات.

**************************************************

الصفحة الخامسة

"الشيوعي" اللبناني و"الشعب" الفلسطيني يدينان جريمة تفجير أجهزة الاتصالات.. هل ستشتعل حرباً شاملة بين حزب الله والاحتلال؟

متابعة – طريق الشعب

أعلن وزير الصحة اللبناني، صباح أمس، ارتفاع عدد ضحايا تفجيرات أجهزة الاتصالات اللاسلكية (بيجر) في لبنان إلى 12 شخصاً بينهم طفلان، فيما أعلن العراق إرسال مساعدات عاجلة.

وأوضح الوزير فراس الأبيض أنه "خلال نصف ساعة توافد إلى المستشفيات أمس ما بين 2750 و2800 جريح، وأن عدد الإصابات الخطرة بلغ نحو 300، بينهم أطفال ونساء وليس فقط عناصر حزب الله".

وأفادت وسائل إعلامية، امس الأربعاء، بوقوع انفجارات جديدة في أجهزة اتصالات لا سلكية، بعد يوم من وقوع هجمات واسعة عبر أجهزة البيجر.

وحسب قناة الجزيرة فإن الانفجارات الجديدة استهدفت أجهزة اتصالات لاسلكية في عدد من المناطق اللبنانية.

من جهتها نقلت وكالة رويترز عن مصدر أمني وشاهد عيان أن أجهزة الاتصالات التي انفجرت بعدد من مناطق لبنان الأربعاء هي أجهزة لاسلكي محمولة ومختلفة عن أجهزة البيجر التي انفجرت الثلاثاء.

إدانة ودعم

دعا الحزب الشيوعي اللبناني، رفاق الحزب وجماهيره إلى حملة تبرع واسعة بالدم، ودعم لجان وهيئات الدفاع المدني والصمود الشعبي. غداة تفجير أجهزة الاتصال التي وقعت في لبنان أمس.

وطالب الحزب من المؤسسات الصحية مؤسساته الصحية والاجتماعية لاستكمال مساهماتهم في أعمال الإسعاف والإغاثة.

وأدان الحزب في بيان، تلقته "طريق الشعب" هذه الجريمة البشعة والتي أدت إلى سقوط عدد كبير من الشهداء والجرحى وحمل حكومة اليمين الفاشية في الكيان الصهيونية مسؤولية هذه الجريمة.

كما أعرب حزب الشعب الفلسطيني عن إدانته الشديدة للهجوم الإجرامي الذي استهدف آلاف المواطنين من أبناء الشعب اللبناني.

وحمل الحزب، الكيان الصهيوني مسؤولية هذه الجريمة الإرهابية، وأضاف في بيان، صدر أمس، وتلقته "طريق الشعب": إن حزبنا وشعبنا الذي يدرك الدور الإرهابي لدولة الاحتلال الصهيوني وتهديداتها وخطرها على شعوب وسيادة دول المنطقة برمتها، يعبر عن وقوفه إلى جانب لبنان وشعبه الشقيق، ويتمنى الشفاء العاجل للمصابين جراء هذا الهجوم الاجرامي لأجهزة الاحتلال، والسلامة والاستقرار للبنان.

حرب محتملة

ونقلت شبكة إيه بي سي عن مسؤولين عسكريين من الاحتلال الإسرائيلي قولهم "إن إحجام رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو عن التوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار مع حماس يدفع إسرائيل إلى حرب كارثية محتملة مع حزب الله في لبنان إلى جانب أن إسرائيل عالقة في غزة وتخسر الحرب والردع والأسرى".

وأوضح المسؤولون أن "نتنياهو يحاول عمدا نسف المفاوضات لإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين المتبقين الذين تحتجزهم حركة حماس من خلال الإصرار على بقاء محور فيلادلفيا تحت سيطرة إسرائيل".

بدوره، دعا المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة الأونروا، فيليب لازاريني، إلى رفع الجاهزية لحرب محتملة من الاحتلال الاسرائيلي على لبنان، وذلك على وقع تصاعد التوترات بين الاحتلال وحزب الله. وذلك عقب لقائه رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري في العاصمة بيروت.

استعدادات الاحتلال

من جهته، قال جيش الاحتلال إن رئيس الأركان هرتسي هاليفي عقد جلسة لتقييم الوضع بمشاركة أعضاء هيئة الأركان لبحث حالة الاستعداد على الصعيدين الهجومي والدفاعي، عقب تفجير أجهزة أتصال بلبنان.

وأشار المتحدث باسم الجيش إلى أنه لم يطرأ أي تغيير على تعليمات الجبهة الداخلية، مطالبا الإسرائيليين بالحفاظ على حالة اليقظة للاطلاع على أي تغيير في السياسة المتبعة والالتزام بها بشكل فوري.

وقبل ذلك، عقد رئيس وزراء الاحتلال مشاورات أمنية محمومة مع وزير دفاعه الذي ينوي إقالته، ورؤساء الأجهزة الأمنية في "الحفرة" (قاعة محصنة تحت الأرض) في الكرياه (مقر وزارة الدفاع) بتل أبيب لبحث الوضع في لبنان.

في الأثناء، اعترضت الدفاعات الجوية الإسرائيلية طائرتين مسيّرتين تابعتين لحزب الله فوق منطقتي طبريا ونهاريا، بينما قصفت طائرات إسرائيلية بلدات بجنوب لبنان.

وصباح أمس الأربعاء، توعد حزب الله إسرائيل "بحساب ‏عسير" ردا على هجوم تسبب في تفجير أجهزة (البيجر) مؤكدا أنه سيواصل في الوقت ذاته عملياته اليومية لمساندة قطاع غزة في مواجهة الحرب الإسرائيلية.

صحيفة نيويورك تايمز كشفت -في وقت مبكر من يوم أمس الأربعاء- عن معلومات جديدة بشأن كيفية تفخيخ إسرائيل أجهزة الاتصال التي انفجرت وأسفرت عن مقتل وإصابة كثيرين من عناصر حزب الله في لبنان وسوريا.

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين مطلعين أن إسرائيل أخفت متفجرات داخل دفعة من أجهزة اتصال (بيجر) تايوانية تم استيرادها إلى لبنان.

وقال المسؤولون إن حزب الله طلب من شركة "غولد أبولو" التايوانية أكثر من ثلاثة آلاف جهاز اتصال، وأضافوا أنه تم زرع مادة متفجرة صغيرة الحجم بجانب بطارية كل جهاز.

وأوضحوا أنه تم التلاعب بأجهزة الاتصال التي طلبها حزب الله قبل وصولها إلى لبنان.

كما نقلت الصحيفة عن المسؤولين الإسرائيليين أنه تم توزيع أجهزة الاتصال على أعضاء حزب الله في جميع أنحاء لبنان وعلى بعض حلفائه في إيران وسوريا.

وفي نفس الإطار، نقلت صحيفة المونيتور عن مصادر استخباراتية أن آلاف الأجهزة التي حصل عليها حزب الله فخختها إسرائيل قبل تسليمها للحزب.

*****************************************************

الصحة العالمية: أوقفوا إطلاق النار في غزة

غزة - وكالات

قال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم " إن دبابتين إسرائيليتين أطلقتا النار على قافلة مساعدات تابعة للمنظمة الأممية كانت أعطيت الإذن بالعودة من شمال قطاع غزة المدمّر من جراء الحرب".

وأضاف أدهانوم في منشور على منصة إكس: "السبت الماضي، في طريق العودة من مهمة إلى شمال غزة، وبعد إعطاء القافلة التي تقودها منظمة الصحة العالمية الإذن، وعبورها نقاط التفتيش على الطريق الساحلي، واجهت القافلة دبابتين إسرائيليتين".

وأكد أن الحد الأدنى الذي تستحقه قوافل المساعدات مقابل خدماتهم هو السلامة. يجب التقيد بآلية منع الاشتباك. وتابع "أوقفوا إطلاق النار!".

*************************************************

الاحتلال يؤكد مقتل أربعة من جنوده في رفح

غزة - وكالات

كشف جيش الاحتلال الإسرائيلي تفاصيل جديدة عن الكمين الذي نصبته المقاومة، أمس الأول، في رفح جنوبي قطاع غزة مما خلف مقتل أربعة عسكريين وجرح خمسة.

وبحسب المعلومات التي تم الكشف عنها، فقد فجرت كتائب القسام، الجناح العسكري لحماس، مبنى برفح كانت فيه قوة إسرائيلية، مستخدمة عبوة شديدة الانفجار مما أدى إلى مصرع العسكريين الأربعة على الفور، ومن بينهم طبيبة عسكرية.

وحسب المراسلة العسكرية في الجيش الإسرائيلي، فإن الجنود تعرضوا بعد الانفجار لإطلاق نيران مكثف من قبل مقاومين فلسطينيين.

وقال شهود عيان، لمراسل قناة الجزيرة، إن "مروحيات الاحتلال الإسرائيلية هبطت أكثر من مرة في المنطقة لإجلاء مصابين في صفوف جيش الاحتلال وسط تحليق كثيف لمقاتلات حربية إسرائيلية على ارتفاع منخفض غربي المدينة".

*****************************************************

124 عضوا صوتوا لصالح القرار وعارضه 14 وامتنع 43 الجمعية العامة للأمم المتحدة تصوت على قرار إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين خلال 12 شهرا

نيويورك – وكالات

بأغلبية 124 عضوا وبمعارضة 14 وامتناع 43 عن التصويت، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارا يطالب بأن تنهي إسرائيل “وجودها غير القانوني في الأرض الفلسطينية المحتلة” خلال 12 شهرا، بناء على فتوى طلبتها الجمعية العامة من محكمة العدل الدولية بشأن الآثار القانونية لسياسات إسرائيل وممارستها في فلسطين.

ووفق الموقع الإعلامي للأمم المتحدة، جاء التصويت خلال الدورة الاستثنائية الطارئة العاشرة للجمعية العامة للأمم المتحدة حول فلسطين، حيث قدم مشروع القرار عدة دول منها فلسطين، للمرة الأولى بعد حصولها على امتيازات إضافية بموجب قرار سابق من الجمعية العامة.

ويدعو القرار “أن تنهي إسرائيل - دون إبطاء - وجودها غير القانوني في الأرض الفلسطينية المحتلة في غضون مدة أقصاها 12 شهرا من تاريخ اتخاذه، وأن تمتثل دون إبطاء لجميع التزاماتها بموجب القانون الدولي، بما في ذلك على النحو الذي تنص عليه مـحكمة العدل الدولية“.

كما طالب القرار الدولة العبرية بـ”سحب جميع قواتها العسكرية من الأرض الفلسطينية المحتلة، إنهاء سياساتها وممارساتها غير القانونية بما في ذلك الوقف الفوري لجميع الأنشطة الاستيطانية الجديدة وإجلاء جميع المستوطنين من الأرض الفلسطينية المحتلة وتفكيك أجزاء الجدار الذي شيدته إسرائيل، إعادة الأراضي وغيرها من الممتلكات غير المنقولة، وجميع الأصول التي تم الاستيلاء عليها منذ بدء احتلالها عام 1967”.

ودعا القرار إسرائيل إلى “عدم إعاقة الشعب الفلسطينية عن ممارسة حقه في تقرير المصير بما في ذلك حقه في إقامة دولة مستقلة ذات سيادة على كامل الأرض الفلسطينية المحتلة”.

وناشدت الجمعية العامة في القرار جميع الدول الامتثال لالتزاماتها بموجب القانون الدولي.

وتقرر عقد مؤتمر دولي خلال الدورة التاسعة والسبعين للجمعية العامة لتنفيذ قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بقضية فلسطين وحل الدولتين لتحقيق سلام عادل ودائم وشامل في الشرق الأوسط.

ويطلب القرار من الأمين العام أن يقدم إلى الجمعية العامة، خلال 3 أشهر، تقريرا عن تنفيذه.

*************************************************

مهرجان اللومانتيه والآمال الكبيرة.. اليسار الفرنسي يملك بدائل لحكومة اليمين

رشيد غويلب

عاشت العاصمة الفرنسية باريس خلال أيام 13 – 15 أيلول الحالي يوميات المهرجان السنوي لجريدة اللومانتيه الشيوعية.  وسيطر على الأجواء السياسية لمهرجان هذا العام ملف تشكيل الحكومة الفرنسية الجديدة. فقد أعلن رئيس الوزراء الجديد اليمني ميشيل بارنييه أنه سيكشف في نهاية الأسبوع الحالي عن تشكيلة حكومته. ويريد رئيس الحكومة الذي عينه الرئيس إيمانويل ماكرون تقديم حكومته إلى البرلمان الفرنسي في بداية تشرين الأول المقبل. وما زال يواصل اتصالاته بالوزراء المحتملين وأحزابهم، وعلى الرغم من المشارب السياسية المختلفة، يسعى بارانييه، بهذا القدر او ذاك، إلى تشكيل حكومة موحدة، لاستكمال سيناريو الالتفاف على الجبهة الشعبية الموحدة، وحرمان اليسار من حقه في تشكيل الحكومة الجديدة، بعد فوزه في الانتخابات العامة المبكرة التي جرت مرحلتها الحاسمة في 7 تموز الفائت.

تحالف اليسار والحكومة الجديدة

أكد بارنييه أنه يريد ضم وزراء يساريين إلى حكومته، لكنه لم يجد أحداً حتى الآن. إن الأحزاب اليسارية التي اتحدت في الجبهة الشعبية الجديدة، والتي قدمت، بعد فوزها في الانتخابات البرلمانية المبكرة الأخيرة، مرشحتها لوسي كاستيتس لمنصب رئيس الوزراء وبرنامج ملموس ما تزال غاضبة للغاية من الرئيس الفرنسي الذي تنكر لنتائج انتخابات ديمقراطية، وعين سياسيا من الحزب الجمهوري المعارض اليميني رئيسا للوزراء.

وكانت حلقة النقاش بشأن الحكومة الجديدة من أبرز فعاليات مهرجان الصحافة السياسية، والتي شاركت فيها وحضرتها مرشحة اليسار لوسي كاستيتس، والسكرتير الوطني للحزب الشيوعي فابيان روسيل، والسكرتيرة العامة لاتحاد نقابات "سي جي تي" اليساري   سوفي بينيه، اتضح أن هناك تباينا بين أحزاب الجبهة بشأن التعامل مع دعوات رئيس الحكومة الجديدة، الذي لا يمكن الجزم بمسارات هذا التعامل النهائية الآن، ويمكن أن يكون ذا طبيعة مؤقتة.

الشيوعيون يريدون توضيح المواقف

أعلنت حركة فرنسا الأبية بزعامة ميلنتشون بأنها ستهاجم الحكومة الجديدة، لعدم شرعيتها، بسلسلة من مشاريع حجب الثقة عنها حتى اسقاطها. أما الاشتراكيون والخضر فهم أكثر تحفظاً، لكنهم سيظلون بعيدين عن المشاورات التي دعا إليها رئيس الوزراء الجديد في بداية هذا الأسبوع. الحزب الشيوعي الفرنسي سيلبي الدعوة، وكما أكد سكرتيره الوطني العام فابيان روسيل من أجل "أخذ فكرة وتوضيح مواقفنا".

شهدت خيم منظمات الحزب الشيوعي الفرنسي المختلفة في المهرجان، مناقشات وحوارات مكثفة حول المشاكل الاجتماعية الحالية ومطالب العمال، التي يجب على الحكومة الجديدة التعامل معها.

لقد سلطت بعض وسائل الإعلام اليسارية الضوء على موقف الشيوعيين، باعتباره يعكس عدم اتفاق بين الأحزاب المتحالفة في الجبهة الشعبية، على الرغم من إعلان الحزب الشيوعي لموقفه، فان فكرة اشتراكه في الحكومة الجديدة بمفرده صعب للغاية، كما أن رئيس الوزراء اليميني المحافظ، سوف لن يجازف باشراك شخصيات شيوعية او قريبة من الحزب في حكومته، فامر كهذا سيمنح اليمين المتطرف فرصا أكبر لتعزيز مواقعه.

تأكيد مفردات برنامج اليسار

عكست المناقشات السياسية في المهرجان التمسك بمفردات برنامج الجبهة الشعبية الجديدة، مثل زيادة الحد الأدنى للأجور، في ظل انخفاض القوة الشرائية بسبب ارتفاع معدلات التضخم وارتفاع أسعار الطاقة، وكذلك دعوات لزيادة الأجور. بالإضافة إلى تأكيد المطالبة بالتراجع عن "إصلاح" نظام التقاعد المثير للجدل. وحتى رئيس الوزراء بارنييه يدرك ضرورة القيام بشيء ما في هذا الاتجاه، رغم تمسكه بجوهر "الإصلاح" الأساسي (رفع سن التقاعد إلى 64 عاماً)، يبدو أنه على استعداد لتقديم تنازلات بشأن عناصر أخرى من "إصلاح" نظام التقاعد.

وسيكون يوم الإضراب الوطني، في الأول من تشرين الأول المقبل، مناسبة لتأكيد هذه المطالب. وكانت اتحادات "سي جي تي" و "التضامن" و"اف اس يو" النقابية قد دعت للأضراب، في حين لم تشارك في الاضراب الاتحادات النقابية التقليدية الكبيرة. وسيجدد المضربون مطالب إضراب 11 تموز الفائت: الغاء إصلاح نظام التقاعد الذي تم إقراره في عام 2023، وعدم تشديد قواعد استحقاق إعانات البطالة، وإجراءات لتحسين القوة الشرائية للأسر، والمزيد من التمويل للمستشفيات وغيرها من مؤسسات قطاع الخدمات العامة.

الاتحادات النقابية التقليدية الكبيرة تعلن عن دعمها لمطالب الإضراب، لكنها يفضلون الاطلاع على إجراءات الحكومة الجديدة، قبل الاشتراك في نضالات نقابية.

**************************************************

الصفحة السادسة

عين المرأة.. لسنا مشروع "فصلية"

انتصار الميالي

لا يبدو غريباً ان أبدأ عمودي ببيت شعر للراحل مظفر النواب (أروني موقفا أكثر بذاءةً مما نحنُ فيه)، لأننا وبصراحة نعيش مرحلة خطيرة تنحرف فيها السلطة التشريعية عن مسار عملها المطلوب وتتحول إلى سوق للمساومات التي تجعلنا نشعر بأننا نسير باتجاه اللا دولة.

فعندما يغيب الدور الرقابي، وحين تصبح التشريعات مزاداً للمساومات، وحين يغالي المسؤول في مقايضاته كنخاس لايملك ذرة من الانسانية، وحين يلقون بنا في مستنقع المحاصصة والطائفية المقيت، نصبح شعباً يعيش في نظام اللادولة.

قد يدعي البعض من "ممثلي" الشعب بأن برلمانه نتاج الديموقراطيةُ التي تستند شرعيتها إلى قانون العدد. إلا أن "قانون العدد" لا يتوافق واحترامَ الحق دوماً، ولا يضمن قانون الأغلبية  احترام الفريضة الأخلاقية التي تؤسس للديموقراطية، إذ يمكن لدكتاتورية الكثرة أن تكون أشرس من استبداد الفرد الواحد.

ماذا ينبغي أن يحدث عندما تتعارض إرادةُ الشعب مع العدالة وترتضي الطغيان؟ في نظر المواطن الديمقراطي لامجال لأي شك بأن الفريضة الأخلاقية يجب أن تعلو على إرادة الأكثرية، والحق يجب أن يُغلَّب على العدد، ففي الديمقراطية الحقيقية، احترام الحق ملزِم أكثر من احترام الاقتراع العام.

إن مايضمن الديمقراطية ليس دولة قادرة، بل دولة القانون. فالتهديدات التي تعيق النظامَ الديمقراطي سببُها أولاً الإيديولوجيات المرتكزة على التمييز والإقصاء، مهما كانت طبيعتها، والتي تستسهل ممارسة العنف وشرعنته كلما خدم مصالحها، وتنشر جراثيمها داخل المجتمع وخارجه دون أن تعرف حدوداً. ولما كان العنف أكثر المشاكل التي تمثل خطراً على الديمقراطية، فإن الدفاع عنها وتحقيق التحول الديمقراطي يستدعي مواجهة هذه الإيديولوجيات، وشن كفاح عنيد ضدها وضد ما تمارسه من عنف.

إن المخاطر التي تهدد الديمقراطية لا تعبِّر عن نفسها من خلال الأفكار الفاسدة التي يُسبب نشرُها تقويض مبادئ الديمقراطية وحقوق الانسان وحسب، بل تتجلى أيضًا من خلال تنظيم أعمال تهدف إلى زعزعة استقرار المؤسسات الديمقراطية والسلم المجتمعي، وهذا ما يحصل الآن في العراق من خلال حزمة المساومات التي يناقشها البرلمان العراقي، مما يتطلب شن صراع سياسي وفكري وجماهيري، قوي ومتماسك،  وينبغي على المواطنين الأوفياء للديمقراطية أن يستنفروا طاقاتهم ويحتشدوا وينتظموا للتصدي والمقاومة، ومن الضروري أن تنسجم وسائلُ النضال مع مبادئ الديمقراطية وان تكون لاعنفية، كما يريد لها المساومون ذلك، وأن القوانين والحقوق في العراق ومنها قانون الاحوال الشخصية وحقوق المرأة ليست مشروع "فصلية" ولن تكون.

**********************************************************

دعوات للاصرار على وجود قانون مدني يضمن حقوق الجميع دون تمييز طائفي

بغداد – نورس حسن

عبر عدد من الناشطين والقانونيين عن استيائهم من إجراءات مجلس النواب بشأن تعديل قانون الأحوال الشخصية، مؤكدين أن تجاهل المجلس لمطالب الشعب والإصرار على القراءة الثانية لمقترحات التعديل يُعد انتهاكًا لحقوق الإنسان. وشددوا على تكليف لجان متخصصة لصياغة التعديلات بما يخدم مصلحة جميع طوائف الشعب العراقي دون تمييز طائفي، وبما يضمن حماية حقوق المرأة والطفل.

انتقادات لإجراءات المجلس

تقول أمل كباشي، المديرة التنفيذية لشبكة النساء العراقيات، لـ"طريق الشعب"، ان "إصرار مجلس النواب على المضي في القراءة الثانية لمقترحات تعديل قانون الأحوال الشخصية مرفوض من قبل شبكة النساء العراقيات"، معتبرة أن إجراءات المجلس تمثل تجاهلاً واضحًا لمطالب الشعب والمنظمات الدولية.

وترى كباشي أن المشكلة ليست في إجراءات التعديل بحد ذاتها، بل في الدوافع السياسية والمصالح الخاصة التي تقف وراء هذا الإصرار، رغم الرفض المجتمعي الواسع وغياب المشاركة الجماعية. وبخصوص الحاجة إلى تعديل القانون القائم، أفادت كباشي أن "القانون القائم قد خدم المجتمع العراقي لسنوات طويلة، ووجدنا أن بعض الفقرات القانونية تحتاج إلى تعديل لتواكب تطورات العصر".

وتضيف ان"المجتمع العراقي يواجه خطرًا كبيرًا، حيث يؤثر قانون الأحوال الشخصية على الأسرة والإنسان من لحظة ولادته حتى وفاته". وشددت على ضرورة الحوار ودراسة جميع البنود القانونية في القانون ، وإعادة صياغة الفقرات المتنازع عليها.

ضرورة مراجعة القرارات

من جانبه، يرى القاضي السابق هادي عزيز أن تعديل قانون الأحوال الشخصية يتطلب العودة إلى قرارات المحكمة الاتحادية السابقة. وقال لـ "طريق الشعب" إن "المحكمة الاتحادية العليا ردت في وقت سابق جميع الدعاوى التي قُدمت ضد بعض مواد قانون الاحوال الشخصية النافذ، معتبرة أن القانون لا يتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية ويتماشى مع البنود الدستورية".  وأضاف أن" القانون بحاجة إلى تعديل ليتماشى مع تطورات المجتمع، لكن مسودة التعديل الحالية تتضمن انتهاكات صريحة لحقوق الإنسان وتناقضات مع المواد الدستورية، ولا تفيد المجتمع". واعتبر القاضي عزيز أن "القراءة الثانية لتعديل قانون الأحوال الشخصية تهدف إلى تحقيق مساومات سياسية لا أكثر ولا تخدم مصالح المجتمع العراقي الذي يعاني من تحديات اقتصادية كبيرة".

دعوات لتعديل مدني

بدورها، أكدت الناشطة في مجال حقوق المرأة سارة جاسم لـ"طريق الشعب"على أهمية تعديل القانون باتجاه مدني يضمن حقوق الجميع دون تمييز طائفي، مشيرة إلى أن "مسودة قانون الأحوال الشخصية الحالية تنتهك حقوق المرأة والطفل وهي بعيدة عن المصلحة المجتمعية العامة".

 وتوقعت جاسم أن يؤدي المضي في تشريع مقترحات التعديل إلى زيادة حالات العنف الأسري وارتفاع نسب الطلاق، مؤكدة على ضرورة الحوار مع جميع الأطراف المعنية وإعداد مسودة قانون تتماشى مع الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها العراق.

تحذيرات "هيومن رايتس ووتش"

هذا وكانت منظمة "هيومن رايتس ووتش" قد حددت في وقت سابق، التداعيات الكارثية للتعديلات المقترحة، مشيرة إلى أن البرلمان العراقي يسعى لتعديل قانون الأحوال الشخصية بما يسمح للمرجعيات الدينية بتنظيم شؤون الزواج والميراث بدلاً من قانون الدولة. وحذرت المنظمة من أن هذا التعديل سيؤدي إلى زواج الفتيات في سن مبكرة وتقويض مبدأ المساواة وإزالة الحماية القانونية للنساء في الطلاق والميراث.

***************************************************

إضطهاد النساء في افغانستان

متابعة - طريق الشعب

أعربت الأمم المتحدة عن رفضها لما تمارسه حكومة طالبان من اضطهاد بغيض للمرأة، واصفة ذلك بإنه "أمر صادم، ويرقى إلى اضطهاد النساء بصورة ممنهجة، ويعرّض أيضاً مستقبل البلاد للخطر عبر خنق تطورها بشكل كبير".

 وقال فولكر تورك مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان "أني ارتجف عندما أفكر فيما ينتظر النساء والفتيات في أفغانستان. إن هذه السيطرة القمعية على نصف سكان البلاد لا مثيل لها في العالم اليوم".

من جهتها، أدانت السيدة أولريكا غراندين، الأمينة العامة لمنظمة نساء الأمم المتحدة من أجل المساواة والتمكين، القرارات المجحفة التي اتخذتها حكومة طالبان ضد النساء الأفغانيات كمنعهن من الحديث مع الآخرين أو الخروج من البيت وفرض النقاب عليهن ومنعهن من التعليم وتجريم المنظمات المدافعة عن حقوقهن، واصفة ذلك بالقرارات المنافية للعقل الإنساني والمتعارضة مع جميع المواد الثلاثين من إعلان الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، وحتى مع قوانين أفغانستان نفسها والتزاماتها الدولية.

وأشارت المنظمة إلى أن طالبان قد أدخلت ومنذ استيلائها على السلطة قبل ثلاث سنوات، أكثر من 70 لائحة تحد بشكل مباشر من حياة وحقوق النساء والفتيات وتفرض عليهن عزلة اجتماعية تامة. ورغم تزايد حالات الانتحار، أكد البيان على مواصلة المرأة الأفغانية وبشجاعة ومرونة رائعة، الدفاع عن حقوقها ومحاولة النضال من أجل مجتمع عادل على الرغم من المخاطر الهائلة التي تواجهها.

هذا وكانت حركة طالبان، التي استولت بالقوة على حكم البلاد، وبصفقة مريبة مع واشنطن، قد فرضت مؤخراً سلسلة من الأحكام ضد النساء منها منع تعليم الفتيات اللواتي تجاوزن 12 عاماً والغاء التعليم الثانوي والجامعي للفتيات، وهو ما سيحرم 2.5 مليون أمرأة من التعليم، وفرض ارتداء النقاب على المرأة ومنعها من الحديث أمام "الأغراب" باعتبار صوتها عورة يجب حجبها، ناهيك عن منعها من الغناء والموسيقى والإستماع لها. ووصفت طالبان أي اعتراض على هذه الأحكام بأنه اعتراض على الدين، في مسعى لإرهاب المعارضين لنهجها المتشدد، رافضة تدخل المجتمع الدولي بذلك بإعتبار اعمالها شؤوناً داخلية.

***************************************************

ارتفاع نسب الطلاق في العراق تدني الحالة المعيشية يهدد استقرار الأسرة

بغداد – طريق الشعب

كشف المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان، مؤخراً، عن تسجيل أكثر من 357 ألف حالة طلاق في العراق خلال الأربع سنوات الماضية. وتعّد الضغوط الاقتصادية المتزايدة، وتغير الأدوار الاجتماعية، والتأثيرات السلبية لوسائل التواصل الاجتماعي، من بين الأسباب الرئيسة التي تساهم في هذه الزيادة الملحوظة، مما يثير تساؤلات حول تداعيات هذه الظاهرة على المجتمع ومستقبل الأسر العراقية. ووفقاً لما ذكره رئيس المركز، فاضل الغراوي، في بيان اطلعت عليه "طريق الشعب"، فإن "حالات الطلاق في العراق خلال السنوات الأربع الأخيرة شهدت ارتفاعاً مقلقاً يهدد استقرار الأسرة والمجتمع". وأوضح أن "العدد الإجمالي لحالات الطلاق سجل 357887 حالة خلال هذه الفترة، باستثناء إقليم كردستان". كما أشار إلى أن "عام 2021 شهد تسجيل 73155 حالة، في حين سجل عام 2022 ما مجموعه 68410 حالة، وبلغ العدد 71016 حالة في عام 2023، و45306 حالة طلاق خلال الأشهر السبعة الأولى من عام 2024".

وأضاف الغراوي أن "خلال العقد الممتد بين 2004 و2014، انتهى زواج واحد من كل خمس زيجات بالطلاق، وسُجلت خلال هذه الفترة 516784 حالة طلاق من بين 2.6 مليون زواج، باستثناء إقليم كردستان".

وتتضمن الأسباب التي تساهم في ارتفاع نسب الطلاق، وفقاً للغراوي، المشكلات الاقتصادية وعدم التفاهم والتقارب بين الأزواج من حيث المستوى الفكري والثقافي والعمر، بالإضافة إلى تدخل عائلات الزوجين أو الأصدقاء، وارتفاع معدلات العنف الأسري، والخيانة الزوجية، وسوء استخدام وسائل التواصل الاجتماعي.

ودعا الغراوي الحكومة إلى "إطلاق حملة توعوية حول مخاطر الطلاق وتأثيرها على الأسرة والمجتمع، وإعداد دراسة وطنية تشارك فيها جميع الفعاليات للوقوف على أسباب الطلاق ومعالجتها".

****************************************************

لنقف جميعاً ضد الظلم

حوراء فاروق

في اطار النضال لمنع تمرير التعديلات المراد منها افراغ  قانون الأحوال الشخصية 188 من محتواه الضامن لمعظم حقوق المرأة والطفل، شهدت وسائل التواصل الاجتماعي مؤخراً، نقاشات وصراعات حادة بين المؤيدين للتعديلات والمعترضين عليها، كشف البعض منها طرحاً ديمقراطياً للأراء وبمستوى لائق من احترام المختلفين، فيما عكس البعض الأخر نزعات عدوانية ورغبات استبدادية وتعصب مقرف ورفض مطلق لسماع المختلفين، بل وصل الأمر بهذا البعض لتخوين مخالفيه وتكفيرهم وتوجيه السباب والشتائم بهم، ربما استكمالاً لما فعله هذا البعض أو مناصرية من اطلاق التهديدات بالقتل والتشويه لكل من "تجرأ" وأبدى رأياً بقانون يمس حياة كل بيت عراقي تقريباً.

وفي الوقت الذي يجب أن نحيي فيه كل من تحاور بإحترام ولم يفسد الخلاف من مشاعر الود والتقدير تجاه مخالفيه، فإننا نرى بأن الأخرين لا يمثلون سوى شريحة مهووسة بالتشبه بأزلام الطاغية البائد، وأنها لن تتمكن مهما أوتيت من عدة وعدد من فرض التراجع على حركة التاريخ.

إن إتهام المختلفين بقلة الحياء والطعن بأخلاقهم وسمعة عوائلهم واللجوء الى تهديدهم، لا يعكس سوى عجزاً عن المحاججة ومسعى بليداً لتبرير الظلم والدفاع عن مرتكبيه، فالظلم يبقى مهما تم تجميله، جريمة منافية لحقوق الإنسان، في جميع التشريعات السماوية والوضعية. كما إن حقوق المرأة ليست مجرد قضية نسائية، فهي حق من حقوق الإنسان ومتطلب من متطلبات العدالة التي تهمنا جميعاً.

فرغم كل ما حققته النساء في بلادنا من مكتسبات مهمة، بعد سفر نضالي مجيد دام عقوداً من التضحيات، فإنها لا تزال تخضع للظلم ولهيمنة ذكورية غير عادلة، تُحرم بسببها الكثير من الفتيات من التعليم والرعاية الصحية المناسبة ويتم تزويج القاصرات بالقوة وبدون ارادتهن ويحرمن من العمل في تجاوز خطير لتكافؤ الفرص، ناهيك عن تزايد جرائم العنف ضد المرأة والطفل وهي أحدى أكثر أشكال انتهاكات حقوق الإنسان انتشارًا.

ولهذا، فإننا حين نرفع اصواتنا ضد التعديلات المراد فرضها على المجتمع، فإننا نساهم في إنهاء التمييز القانوني ضد النساء في مجالات عديدة كالزواج والطلاق وحضانة الأطفال، وعدم منح الأفضلية للرجال في التعامل القانوني مع المواطنيين. كما نقاوم اية مساعي لقوننة العنف الجسدي أو النفسي داخل المنازل أو في الأماكن العامة، والعمل على توفير الحماية القانونية والاجتماعية للنساء المعنفات، ولمنح المرأة الحق في اختيار الدراسة والعمل وتحقيق إمكاناتها الكاملة.

إننا لا نقف ضد التعديلات لتمسكنا بالقانون 188 لسنة 1959، بل لعلنا ندافع عن تعديل ما فيه من ثغرات، بعد حوار مجتمعي ديمقراطي، ودراسات قانونية واجتماعية كافية، شرط أن تقربنا أية تعديلات من تحقيق المساواة بين الجنسين بشكل حقيقي، وتغير المواقف والأعراف التي تدعم عدم المساواة، وخاصة في منظومة الأسرة وفي التعليم والدخل والعمل وبناء المستقبل، وأن لا تتضمن التعديلات أي تسامح مع العنف مهما كان شكله وحجمه ومصدره، وتؤسيس لمنظومة قضائية وامنية واجتماعية لإجتثاث العنف الأسري بشكل نهائي ولخلق مجتمع الحرية والعدالة والإزدهار.

************************************************

الصفحة السابعة

نتائج اجتماعية سلبية محتملة لمقترح تعديل قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959

لاهاي عبد الحسين

وإنْ ظهرت بعض التصريحات المهدئة من قبل المتحمسين لمقترح التعديل الجائر بحق العائلة والمرأة العراقية والمواطن العراقي نتيجة الجهد الثقافي والأدبي والاعلامي العراقي المعارض الذي اشتركت به أكثرية من النساء والرجال المنصفين تبقى الحاجة قائمة لمزيد من العمل لتسليط الضوء على آثاره البعيدة على حاضر ومستقبل ملايين العراقيين. ومهما يكن من أمر فقد كان لحملة الاعتراض على مقترح التعديل المزعوم التي ظهرت بجهود طوعية من قبل فئات اجتماعية متنوعة دور مهم بإثارة نقاشات تناولت جوانب متعددة فيه. ويبدو أنّ من قدم مقترح التعديل اضطر للخروج عن عزلته بدعوة بعض المختصين للتشاور معهم واستشارتهم والاستماع إلى آرائهم وقناعاتهم. مع ذلك، لا زال الوقت مبكراً لنهنئ المعترضين من مختصين ومثقفين واعلاميين وناشطين على ما بذلوا من جهد من حيث أنّ الطريق لا تزال طويلة، ومحطة الوصول بعيدة.

فقد أثار مقترح تعديل قانون الأحوال الشخصية المرقم 188 لسنة 1959 منذ تقديمه بتاريخ 23 تموز الماضي موجة من الجدالات الحامية سرعان ما ساهمت باستحداث خندقان يقف فيهما جمهوران متضادان ومتخالفان. فهذا يدعم ويدافع ويعتقد أنه مقترح تعديل طال انتظاره، وذاك يعارض وينتقد ويحذر من المرامي المعلنة والخفية في منطوق المقترح. وانشغلت وسائل الاعلام باستضافة مختصين جادلوا مقترح التعديل باستفاضة بيد إنّ هؤلاء المختصين كانوا في الغالب من المشتغلين في مجالات القانون أو الفقه، والدين والمذهب. ولوحظ غياب المشتغلين في مجال علم الاجتماع، وعلم النفس، والأطباء على وجه التعيين ممن كان يمكن أنْ يضيئوا على ما يترتب عليه من نتائج تؤثر على صحة الأفراد، وبخاصة النساء المعنيات به بما يمتلكونه من معلومات وخبرة ميدانية مهمة.

تمثلت أولى التداعيات التي ظهرت على الصعيد الاجتماعي بحملة سب وشتم وتجاوز وانكار غير مسبوق لدور المرأة العراقية في المجتمع حتى اعترت الكثيرات منهن مشاعر الاغتراب من بيئة أظهرت أنيابها على نحو مفاجئ. ويبدو أنه لهذا السبب لا بد من التوقف قليلاً عند الدور المهم والحيوي الذي تؤديه المرأة على مستوى مؤسسات العمل على سبيل التذكير، والتذكر. حسب الإحصاءات الرسمية المحدثة الصادرة عن وزارة التخطيط العراقية تنهض بالحضانات ورياض الأطفال بالعراق المربيات من النساء بنسبة 100٪. وتتولى 65٪ من المعلمات مهام القيام بالتعليم الابتدائي لأطفال العراق. وتشكل المدرسات المشتغلات في المدارس المتوسطة والثانوية 53٪ من مجموع المشتغلين. وتمثل الطالبات في مرحلة الدراسات العليا في مختلف الاختصاصات العلمية والإنسانية 51٪ من مجموع الطلبة الدارسين. وتشكل النساء اللواتي يعملن بصفة طبيب عام غير مختص 52٪ من مجموع الأطباء، فيما تعمل 58٪ منهن في مجال طب الأسنان، و59٪ في مجال الخدمة التمريضية و60٪ منهن في مجال الصيدلة. هذه مسحة سريعة لحجم مساهمة المرأة العراقية على صعيد الحياة العامة.

اجتماعياً، تنتشر أفكار غير ممحصة تحمّل النساء أعباءً نتيجة ادعاءات كاذبة لا أساس لها من الصحة. من هذه الأكاذيب قيام البعض بإشاعة فكرة أن ارتفاع معدلات الطلاق في العراق سببها تساهل القانون الساري في منح الأم المطلقة حق الحضانة. يذكر إنّ القانون يمنح الأم حق الحضانة للأطفال بالتساوي بين الذكور والإناث حتى عمر عشر سنوات، يمكن أنْ تمدد إلى سن 15 سنة ليخيّر الولد أو البنت حينها بين أنْ يعيش مع أمه أو أبيه. فات مدعو هذه الفكرة أنّ القانون لا يمنح الأم المطلقة حق الحضانة هكذا بلا شروط، وبخاصة من حيث التأكد من أهليتها الاجتماعية والاقتصادية الأمر الذي يخضعها لسلسلة من المراجعات لمحاكم الأحوال الشخصية والتحقيقات من قبل الباحث الاجتماعي وهي مراجعات وتحقيقات لا تخلو من الإهانة والاذلال. جوهرياً وأخلاقياً تغافل مطلقو هذا الادعاء أنه لا وجود لأم وزوجة مستعدة للتضحية بحياتها الزوجية، وبالتالي أبناءها واستقرارها. الحقيقة، فإنّ الزوجات والأمهات يتحملن الويل في سبيل الاستمرار بالحياة الزوجية حمايةً للسمعة، وخوفاً على مستقبل الأولاد حتى بلوغهم سن الزواج. تدرك هؤلاء الأمهات أنّ فتياتهن سيتعرضن لمخاطر عدم الحصول على فرصة زواج مناسبة بسبب الموقف الاجتماعي من مكانة الأم المطلقة وتحميلها عبء ذلك بسبب التصورات النمطية التي تميل إلى إلقاء اللوم عليها، وتحميلها تبعة الفشل في الحياة الزوجية. يتبع ذلك الاعتقاد النمطي السائد في أنّ الفتيات يتطبعن بطبع أمهاتهن، وأنهن سيكررن نفس الأخطاء المفترضة التي وقعن بها. ولا يقل القلق بشأن ابن المطلقة الذي يفترض المجتمع أنه عاش في أجواء تفكك عائلي ستنعكس على سلوكه، حتماً. هكذا يجري ديدن الفهم الاجتماعي السائد بعيداً عن أي محاولة لإعادة النظر أو التماس هامش التبرئة والإعفاء من مثل هذه الافتراضات المجردة من الحجة والدليل.

أضف إلى ذلك أنّ معدلات الطلاق في العراق تعتبر ثاني أوطأ المعدلات بعد المملكة العربية السعودية التي يبلغ معدل الطلاق فيها 14٪، يليها العراق بمعدل 23٪. هذا فيما تشهد دول المنطقة تصاعداً كبيراً في معدلات الطلاق تصل إلى 50٪ في اليمن، 46٪ في الكويت، 40٪ في سوريا، 32٪ في إيران، 30٪ في تركيا ودولة الامارات العربية المتحدة على التوالي، و27٪ في البحرين ولبنان، على التوالي أيضاً. يمكن للمقاربة التقليدية أنْ تقودنا إلى النظر إلى الظروف الخاصة في أي من هذه المجتمعات فنقول إنه الفقر والتفاوت الطبقي في العراق. وأنها الحرب والاضطرابات المستمرة في اليمن وسوريا. بيد إن هذه التفسيرات تقف عاجزة أمام ما يحدث في دول الخليج العربي كالكويت والامارات العربية المتحدة والبحرين اللواتي لا يعانين من ضائقة اقتصادية، ولا يعتبر العامل الاقتصادي أو الأمني من بين العوامل المؤثرة فيها على هذا الصعيد. وهذا ما يؤدي بنا إلى التأمل بسبب أكثر أهمية ويشمل أوضاع النساء في كل هذه البلدان مجتمعة ويتمثل بالتغير الذي حققته المرأة مقابل تمسك الرجل بالصيغ والتوقعات التقليدية التي تظهر في ظل الحياة الزوجية وتحت سقفها، وتقود بالتالي إلى تفككها وفشلها. لا يملك كثير من الرجال شجاعة التسليم بهذه الحقيقة، والاعتراف بعدم اللحاق بالمرأة لخلق حالة من الانسجام والتوافق التي تسمح ببناء علاقة إنسانية ناجحة. المرأة اليوم تطالب بالاحترام والثقة المتبادلة، وبأنْ تكون الحياة الزوجية نقلة تعزز حقها في الحياة كإنسان ولا تخفضه إلى مستوى خادم وآلة إنجاب. وهذا ما يؤدي بالبعض منهم ممن يفشل في إدراك هذه الحقوق المستحقة إلى خلق مبررات من شأنها أنْ تعزز تصوراتهم الجامدة عن أنفسهم، والبحث عن شريك بديل يتطابق في سلوكياته مع توقعاتهم. يقع أمثال هؤلاء الرجال بفخ الإيهام بالتوافق والتطابق بالتصورات والتوقعات قبل الزواج، ولكن ما أنْ تدخل الحياة الزوجية مرحلة الرفقة والشراكة الروتينية فإنّهم يرون وجوهاً مختلفة ساهموا بصنعها من حيث يعلمون أو لا يعلمون.

من جانب آخر فات دعاة "الزواج هو الحل"، وإنْ كان بعمر مبكر ما يترتب على ذلك من مخاطر صحية على المرأة. فالمرأة لا تستطيع أنْ تحمل حملاً سليماً قبل بلوغ سن العشرين من عمرها لضعفها، وعدم تحمل بنيتها الجسدية لأعباء الحمل والولادة. أما الإصرار على تزويج الفتيات صغيرات السن فإنه يعرضهن لا محالة لمخاطر الأمراض الملازمة للحمل كالسكري وارتفاع ضغط الدم والنزيف بل قد تتأثر الأعضاء المجاورة كالمثانة وتتسبب في التهابات خطيرة حتى وإنْ بدت الفتاة بالغة، شكلاً. هذا إلى جانب أمراض الشيخوخة المبكرة مثل هشاشة العظام ووجع المفاصل، وما إليها. يذكر إنّ محاكم الأحوال الشخصية في العراق تطلب تقريراً بفحص طبي خاص لاستكمال تصديق عقد الزواج من قبلها بالنسبة إلى الفتيات القاصرات دون سن الرشد (18 سنة). يختلف هذا الفحص عن الفحص الذي يخضع له البالغون من النساء والرجال والذي يتضمن التأكد من السلامة من أمراض العوز المناعي (الإيدز) والتهاب الكبد الفيروسي والأمراض القابلة للانتقال جنسياً. تحال حالات الفحص الطبي للقاصرات والذي يركز على تكامل بنيتهن الجسدية والتناسلية على وجه الخصوص إلى الطبيبات عادة ممن يجدن أنفسهن في أوضاع لا يحسدن عليها بسبب التدخلات العائلية والعشائرية التي تطالب بالحصول على تقارير مقبولة، وغير قابلة للطعن بافتراض تأهل الفتاة للزواج، واستكمال نموها الجسدي. تضطر هؤلاء الطبيبات، وأحياناً الأطباء إلى التوقيع على تقارير غير صحيحة لتفادي التهديدات والمخاطر الحقيقية التي يمكن أنْ يتعرضوا لها في حال توصلوا إلى أنّ هناك حالة اعتداء أو انتهاك من نوع ما أو لمجرد التصريح بأنّ البنت غير جاهزة جسدياً للزواج. ولنا أنْ نتوقع الإشكالات التي تترتب على قبول عقود الزواج خارج المحكمة التي لا تضع ضوابط من أي نوع كان، وتتجاوز نتائج العلم الحديث الذي يحدد البلوغ والعقل عند سن الـ 18 وترفعه بعض المجتمعات إلى 21 سنة. ويرتبط بالزواج المبكر زيادة في معدل وفيات الأطفال الرضع في الفئة العمرية سنتين فما دون والتي تبلغ في العراق 22 لكل ألف من السكان حسب أحدث الإحصاءات الصادرة عن وزارة التخطيط. وكذلك الحال في ارتفاع معدل وفيات الأمهات الذي يبلغ 46 لكل 100 ألف ولادة حية، وهو الآخر معدل مروع وخطير وتبتلى به في الغالب الأمهات صغيرات السن. هذا إلى جانب زيادة ملحوظة في حالات الإسقاط وعدم الاحتفاظ بالجنين حتى الولادة وما يرتبط بذلك من حالات نفسية تتمثل بالكآبة والقلق والتوتر بسبب عدم الاستعداد لكل هذه التغيرات الغامرة لحياتهن. يضاف إلى ذلك حقيقة معروفة طبياً وهي أنّ المرأة لا تتحمل أكثر من أربع ولادات خلال فترة حياتها الإنجابية التي تتحدد بالفئة العمرية 15-45 سنة من العمر إذ ستنال أي حالة ولادة إضافية للنيل من صحتهن. سيؤدي الزواج بعمر مبكر إلى زيادة حالات الحمل عن أربعة المحددة طبياً مما يعرضهن ومواليدهن إلى مخاطر صحية جدية.

أما الاعتراف بالزواج المؤقت والمنقطع فهو دعوة مفتوحة للانهيار الأخلاقي من حيث أنّ الناس يقولون ما لا يفعلون. فمن ذا الذي يضمن أنْ يلتزم الأزواج بمسؤولياتهم الأخلاقية والأدبية تجاه شركائهم حيث تكثر حالات التخلي والهجر والغدر في ظل انعدام الضوابط القانونية التي تنظم الحياة الزوجية، وتحد من تجاوزات الشريك بحق الشريك الآخر. أضف إلى ذلك أنّ الاعتراف بالزواج المؤقت والمنقطع سيعرّض ملايين الرجال العراقيين إلى القلق على أحوال بناتهم وزوجاتهم وأخواتهم بسبب شيوع حالات الابتزاز والتحرش الجنسي التي يُكشف عن بعضها بين فترة وأخرى في مؤسسات العمل والدراسة. وفي ضوء إحصاءات وزارة التخطيط التي تشهد بزيادة أعداد المواليد غير الشرعيين سنوياً في العراق لا يستبعد أنْ تؤدي مثل هذه التعديلات المقترحة إلى مزيد منهم الأمر الذي ينذر بنشوء طبقة من الأشخاص مجهولي النسب ممن يواجهون صعوبات في التأقلم في مجتمع يهتم بالأصل، والفصل، وصحة النسب. وليس هذا فقط بل إنّ أصول الناس وانتماءاتهم التقليدية حق من حقوق الإنسان يطالبون بها ويهمهم المحافظة عليها، وحري بالقائمين على إدارة شؤون المجتمع أنْ يحافظوا على هذا الحق ويساهموا في حمايته. من جانب آخر، لا يستبعد أنْ تمتنع الكثير من الفتيات والنساء في العراق عن الزواج بإرادتهن كرد على مقترح التعديل هذا الذي يعرضهن إلى زيجة غير آمنة، وغير مستقرة، ولا يعد بضمانات تحمي حقوقهن كزوجات وأمهات.

هناك الكثير مما يستطيع مجلس النواب العراقي العمل لتمتين اللحمة الاجتماعية والمساعدة على بناء مجتمع آمن ومستقر بما في ذلك العمل على إحياء قوانين سابقة خدمت المجتمع العراقي. ومن هذه القوانين قانون التعليم الالزامي رقم 118 لسنة 1976 الذي شرع لدفع كل أطفال العراق في الفئة العمرية 6-11 سنة للالتحاق بالمدارس الابتدائية. تضمن القانون عقوبات على أولياء الأمور في حال تخلفوا عن دفع أبنائهم للدراسة. وكلفت إدارات المدارس في حينها في الأحياء السكنية التي يعملون فيها بمتابعة كل الأطفال في الفئة العمرية المحددة للتأكد من التحاقهم بالمدارس. وكان مخططاً للقانون أنْ يمتد ليشمل الأطفال في مرحلة الدراسة المتوسطة في الفئة العمرية 12-15 لولا اندلاع الحرب العراقية الإيرانية 1980 والتي أدخلت العراق في دهليز التخلف الاجتماعي، ونالت من رصيده البشري في الأعمار الشابة على وجه التعيين، وساهمت بتعطيله.

*********************************************************

ضوابط الشرف في الاختلاف

زهير كاظم عبود

يفترض ان تكون النصوص الدستورية متوافقة مع القوانين، وهي نتيجة للواقع الاجتماعي والسياسي في العراق، وجاء الدستور بنصوص لم نكن نمارسها او نحلم بالعمل بموجبها في العهود السابقة، ومن الطبيعي ان نختلف في فهم تفسير هذه النصوص ، وان نختلف في استغلال مثل هذه النصوص ،ربما لحداثة تجربتنا الديمقراطية ، او لسوء فهم بعض منا أو امعانا في مخالفة النص .

ومهما كانت درجة الاختلاف بيننا الا انه يستوجب ان تحكمنا قيم واعراف نعتقد بها جميعا، وتحكم المجتمع العراقي، فالاختلاف ليس جديدا وهو يشكل حالة صحية للتوصل الى توافق او مشتركات بين البشر.

وتعج الساحة العراقية اليوم بمواقف وانتهاكات صارخة وخروج عن المألوف في الطعن والاتهام والتجريح بين الأطراف المعنية في قضية تعديل قانون الأحوال الشخصية العراقي ، ويعرف الجميع ان ابداء الرأي مهما كان لا يشكل خروجا عن الاطار الذي حددته المادة ٣٨ من الدستور ، والتي الزمت الدولة ان تكفل حرية التعبير عن الرأي بكل الوسائل بشرط ان لا يخل ذلك بالنظام العام والآداب .

ولهذا تقاس ثقافة المجتمعات وتطورها وفقا لمبدآ ممارسة هذا الحق والحرية بشكل حضاري ويليق بالإنسان، ويعبر عن مستوى فهم وعقلية المختلفين، والحوار والنقاش مهما كانت درجته او الوسيلة التي يستعملها يتقيد بأصول لا يمكن تجاوزها ، الا ان ما يجري على الساحة السياسية اليوم في العراق يشكل نكوصا وتراجعا في مفهوم التعبير عن الرأي، بالنظر للجوء العديد من الأطراف إلى إلصاق الاتهامات الباطلة والتنابز وإطلاق العبارات التي تمس الشرف والسمعة، والتي لها وقع وتأثير في مجتمعنا الذي يعير لها كل الاحترام والتقدير.

ويكشف لنا بشكل واضح النفوس المريضة والعقليات المتخلفة التي تريد محاربة الرأي الاخر بالتسقيط والتجريح والاتهامات الباطلة ، ويمكن ان يكون الطعن بالشرف والأخلاق اكثر ما يثير العراقي ويستفزه ، لما لهذه الأمور من قيمة اعتبارية واجتماعية بيننا ، فسنحتاج الى تربية عقولنا والتعود على الاختلاف ، والنظر لكل قضية بمنظارين او برأين مختلفين ، وانه لا يمكن فرض رأي على آخر ، ولهذا علينا ان نأخذ درسا نتعلم فيه أصول الحوار وعدم نسيان واقعنا الاجتماعي ، وان يدرك المتحاور بان هناك قانون للعقوبات يمكن ان يلجأ اليه الخصم في حال تجاوز حدوده والطعن بالأخلاق والشرف ، وان الانصاف والعدالة ستكون له بالمرصاد لتقويم سلوكه وخرقه للقوانين ، باعتبار ان القانون هو الذي يشكل الحماية التي يضفيها القضاء المستقل لكل متضرر يلجآ الى ساحة القضاء .

ووفقا لما ورد في نص الدستور نجد لزاما ترجمته الى واقع عملي نتدرب عليه ونتكاتف من أجل أن يكون نمطا من السلوك الإنساني المعتمد في حياتنا، ونحن نزعم بأننا نخطو نحو رسم الديمقراطية في سلوكنا وحياتنا وكيفية تعديل نصوصنا القانونية. وتحديث القوانين القديمة التي تنسجم مع التطور الإنساني.

وليس فقط النص الدستوري من يقول ان العراقيين متساوون في الحقوق والواجبات، انما الواقع العراقي يفرض نفسه، فلا افضلية لأحد على اخر، ولاحصانه لاحد مهما كانت وظيفته او مهنته، فنحن متساوون امام القانون دون تمييز ، ولايحق لاحد فرض ارادته او اسكات خصمه الا وفقا للقانون .

الاختلاف المعلن في الصحف والفضائيات يعبر عن مستوى التربية والعقلية والثقافة للشخص ،  ومن صفات الإنسان العاقل أن يكون واسع الصدر يتقبل النقد مثلما يتقبل الآخرين أفكاره   التي تتقاطع معهم ، ومن صفاته كذلك أن يلجأ إلى الحجة بعيدا عن أي أسلوب آخر، وعدم التمسك بالرأي في حال عدم وجود سند أو قرينة أو دليل تثبت صحته، وغير مقبول مطلقا اللجوء إلى التجريح والتشهير والكذب والتنابـز، فسلوك التنــكيل والقذف لا يشكل جريمة يعاقب عليها القانون فحسب، بل هي من الصفات الذميمة التي يلجأ إليها الفاشل والفارغ الذي يجد في التجاوز اللفظي وإلصاق التهم الوسيلة الوحيدة التي تسوغ فشله وخسرانه لمقابلة ومواجهة الرأي الآخر.

اننا بحاجة الى قيم تحكم اختلافنا، واعراف تحكم اقوالنا، وكلمة شرف تلزمنا وتقيدنا جميعا، وان ندرك ان هذه الحرية لم تأت اعتباطا او حبرا على الورق ، انما هي نتيجة تجارب إنسانية لا يمكن ان نتخطاها او نمسحها من دستورنا.

********************************************************

الصفحة الثامنة

أهالي "حي الفرات" في سوق الشيوخ: مخططات الحدائق العامة تتحول الى مكبات للنفايات!

سوق الشيوخ – بسيم ناصر

يشتكي أهالي حي الفرات في مركز قضاء سوق الشيوخ، من تراكم الأزبال في أزقتهم وفي ساحة عامة تتوسط الحي، كان مخططا لها أن تكون حديقة.

ويؤكد عدد منهم لـ"طريق الشعب" أن هذا الحي الذي تأسس إبان سبعينيات القرن الماضي، يُعد من أرقى أحياء القضاء، والأعلى ضريبة على بيع أو شراء عقاراته، مشيرين الى انه "يعاني إهمالا خدميا واضحا".

ويلفت الأهالي إلى أن الحي يبعد نحو 50 مترا عن المركز الثقافي في سوق الشيوخ، الذي تزوره بين فترة وأخرى وفود وشخصيات من خارج المدينة وخارج محافظة ذي قار والبلد، مشيرين إلى أن أبرز موقع تتراكم فيه النفايات، ساحة كان مخططا لها أن تكون حديقة عامة، إضافة إلى الشارع الذي يحاذيها.

ويطالب الأهالي بتنظيف الساحة والشارع، وبقية أزقة الحي، وتخصيص آليات تقوم بهذه المهمة بشكل منتظم، مطالبين أيضا بتحويل الساحة آنفة الذكر، إلى حديقة عامة لتكون متنفسا للعائلات وأطفالها، بدل أن تبقى مكبا للنفايات وبؤرة ملوثة بالجراثيم والأوبئة. 

فيما يلفتون إلى ان البلدية كانت قد عبّدت شوارع غير نظامية وبعيدة عن مركز القضاء، وأهملت شوارع الأحياء الواقعة في المركز!

*****************************************************

الإهمال يعصف بمواقع ديالى السياحية

متابعة – طريق الشعب

رغم الاستقرار الأمني الذي تشهده مناطق محافظة ديالى اليوم، والتي كانت توصف بـ"الساخنة" سابقا، إلا أن الإهمال لا يزال يضربها العديد منها، ومن ذلك مواقعها السياحية في منصورية الجبل والصدور وشيروين.  ورصدت عدسات وكالات انباء، العديد من المواقع السياحية المهملة في المحافظة، والتي كانت تُعتبر وجهات محببة لأبناء مختلف المحافظات. حيثُ كانت تفتح أبوابها أمام السائحين في الأعياد والمناسبات.

وأظهرت الصور التي نشرتها الوكالات، مدن ألعاب ومساحات طبيعية مهملة ومتروكة وخالية من البشر.

********************************************************

دائرة ذوي الإعاقة في المثنى تختنق بالمراجعين

متابعة – طريق الشعب

شكا عدد من مراجعي دائرة ذوي الإعاقة والاحتياجات الخاصة في المثنى، من صعوبة إنجاز معاملاتهم، مشيرين إلى ان مبنى الدائرة عبارة عن منزل يكتظ يوميا ويختنق بالمراجعين، الأمر الذي يتسبب في تأخير إنجاز معاملاتهم. وأوضحوا في حديث صحفي انهم يضطرون إلى مراجعة الدائرة باستمرار، للتسجيل في نظام المعين المتفرغ، إلى جانب إكمال المعاملات الخاصة بـ"الماستر كارد"، مطالبين الجهات المعنية بتنظيم عمل الدائرة وزيادة عدد موظفيها بالشكل الذي يغطي حاجة الأعداد الكبيرة للمراجعين.

********************************************************

من "مكتبة الطفل العراقي" قرطاسية إلى تلاميذ أيتام

بغداد – مروة فاضل

تزامنا مع قرب انطلاق العام الدراسي الجديد، وزعت "مكتبة الطفل العراقي" التابعة إلى رابطة المرأة العراقية في مدينة الثورة (الصدر)، أول أمس الثلاثاء، قرطاسية على مجموعة من التلاميذ الأيتام، وذلك بالتعاون مع الرابطية أم لينا، وبتبرع من قبل أفراد عائلتها.

وشمل التوزيع نحو 25 تلميذة وتلميذا في مراحل دراسية مختلفة.

**********************************************************

واسطي يبني مجمعا سكنيا للفقراء!

 متابعة – طريق الشعب

تحولت مبادرة الشاب الواسطي حسين العراقي، من بناء منازل متفرقة للفقراء، إلى تشييد مجمع سكني لهم يضم حتى الآن 68 منزلا بمساحة 100 متر لكل منزل.

ووزع الشاب المنازل على المستفيدين ضمن حملته "تراحموا"، التي يقدم فيها مساعدات إنسانية للعائلات المتعففة والأيتام.

وكان العراقي وفريقه وداعموه من الخيرين، قد اشتروا دونما في "شارع النفط" جنوبي مدينة الكوت، وشيدوا عليه منازل بسرعة فائقة، وبتكلفة بسيطة.

يقول العراقي في حديث صحفي، أن مبادرته أطلقها عام 2018، وهي مستمرة حتى اليوم في مهامها المتعددة، مشيرا إلى أن المبادرة استطاعت تخليص عشرات العائلات الفقيرة من مآسي العوز والإيجارات. 

ويوضح انه "شيدنا حتى الآن 68 منزلا بأموال متبرعين. وقد كلف بناء المنزل الواحد 15 مليون دينار فقط، بعد أن تبرع عدد من مجهزي مواد البناء بمواد مختلفة".

وأكد أنهم كانوا يطمحون إلى بناء دور أفضل وأكثر، لكنهم عادة ما يعملون بسرعة من أجل إسكان العائلات الفقيرة في منازل نظامية، وتخليصهم من معاناة دفع الإيجارات.

ولفت العراقي إلى ان العائلات المشمولة بالمبادرة، معروفة بالنسبة لهم. فهم يواصلون مساعدتها منذ سنوات، مبينا أنه في حالة الأيتام، يطلبون كفالة أحد أقاربهم من أجل أن تكون هناك مكاتبات أصولية للدور.

**************************************************

الصفحة العاشرة

نافس كاتبها على رئاسة بلاده رواية «حرب نهاية العالم» التي منحت فارغاس يوسا جائزة نوبل

على الرغم من أن المسافة الزمنية التي فصلت بين حصول غابرييل غارثيا ماركيز على جائزة نوبل، والإعلان عن فوز الروائي البيروفي ماريو فارغاس يوسا بالجائزة نفسها، قد قاربت الثلاثة عقود، فقد كانت هناك قناعة، ظلت تلازم غالبية من ينتمون إلى الوسط الثقافي، بأنها ومهما طال الوقت، سوف تذهب إليه في نهاية المطاف، وطوال الوقت الذي ظل الحديث، يتناول فيه من وقت إلى آخر، موضوع هذه الجائزة، كانت بورصة الترشيحات تتواصل، ويتردد خلالها اسمه من عام إلى الذي يليه، حتى حصل عليها في النهاية.

كان اسم فارغاس يوسا هو الأكثر ارتباطا باسم غارثيا ماركيز، اعتبارا من وقت الصداقة التي جمعت بينهما وبين الرئيس الكوبي فيديل كاسترو، وحتى في الحكايات التي ظلت تتردد، عن خلافات ظلت تندلع بين الكاتبين، ووصلت إلى حد الاعتداء الجسدي.

كان يوسا واحدا من بين 4 كتاب، وصفوا في القارة اللاتينية بأنهم الكبار، من بينهم الأرجنتيني خوليو كورتاثار، والمكسيكي كارلوس فوينتس، والكولومبي غابرييل غارسيا ماركيز، وأخيرا البيروفي ماريو فارغاس يوسا. وقد جاء صعودهم في تلك القارة، والانطلاق منها إلى بقية بلدان العالم، اعتبارا من بدايات الستينيات، بالتزامن مع ما بات يُعرف بطفرة الرواية التي شهدتها أميركا اللاتينية، وكان هؤلاء الأربعة، من بين أبرز ممثليها. في حين كان مجرد ذكر أسمائهم، يستدعي اسم خورخي لويس بورخيس، الكاتب الأرجنتيني الذي كان له الفضل، في تشكيل خريطة الأدب اللاتيني خلال القرن الـ20.

تطلعات بشرية

كانت رواية “حرب نهاية العالم” هي التي فتحت الطريق أمام فارغاس يوسا، الأمر الذي كان له أثر واضح في وصول جائزة نوبل إليه في عام 2010، تلك الرواية التي يزيد عدد صفحاتها المترجمة إلى العربية عن 700، يتناول فيها الكاتب أحداث الحرب الأهليّة، التي اندلعت في شمال البرازيل، أواخر القرن الـ19، ويروي فيها قصة حرب “كانودوس”، وكأنه يرسم لوحة جدارية مدهشة، ويستعرض فيها تطلعات الإنسان، في عالم لم تغادره تلك المفاهيم التي تتعلق بالمدينة الفاضلة.

تأخذ تلك الرواية القارئ، إلى أماكن غير معروفة، بهدف تعويضه عن افتقار الحياة، من خلال ضخ الأمل بإمكانية وجود عالم أفضل. هذا الأمر ويبدو واضحا من خلال الشخصيات، التي تدور جميعها حول الشخصية الرئيسية، التي يطلق عليها مسمى “المستشار”.

ويكشف يوسا هنا عن أنه اعتمد في بناء هذه الرواية على أحداث حقيقية، قائلا في كتابه الذي يحمل عنوان “الكاتب وواقعه” “قررت أن أستخدم كانودوس التاريخية، كمادة خام لكتابة هذه الرواية، التي أردت أن أكون فيها حرا تماما”.

لكنه حين انتشلها، قرر أن يضع فيها “بعض المفارقات والتجليات الماكرة، لأن القصة الحقيقية التي استندت إليها الرواية تعود إلى عام 1897. وقت أن اندلعت في منطقة كانودوس البرازيلية، ثورة بين ما يقارب من 5 آلاف ثائر، وبين الحكومة، بسبب تحول نظام الحكم فيها إلى جمهوري، وقد شارك في هذه الثورة فلاحون ومشردون وعبيد، وقامت الحكومة المركزية وقتها، بتجنيد 4 حملات عسكرية لقمعها. لكن قبل اشتعال هذه الثورة بـ8 سنوات، كان النظام السياسي في البرازيل، قد تغيّر من الملكية إلى الجمهورية”.

ومن بين أسباب هذه الثورة، كان ظهور المرشد، وهو كاهن أسمر نحيف، طويل القامة يرتدي ثوبا أرجوانيا، ويتجول بين القرى وينادي قائلا إن الجمهورية هي الدجّال، ثم يواصل تحريض الناس على القيام بالثورة، في حين كان ينجح في تحويل كثير من الفقراء والمشردين والمنبوذين إلى أشخاص صالحين ومؤمنين، وزاهدين أيضا في الحياة، بسبب قدرة هذا المرشد على التأثير فيهم. لينتهي هذا التحريض باتخاذ تلك القرية مقرا للثورة، ثم يقوم هؤلاء الأشخاص بتحصينها وزراعتها، قبل أن يندفعوا فيما بعد للقيام بحملات من أجل قتل رجال الدولة وحرق أراضيهم، وعندها تبدأ الحكومة في إرسال حملاتها المتتابعة، لإخماد وهج الثورة وإطلاق اتهامات للثوار، بأنهم ليسوا سوى مجموعة من العملاء للإنجليز.

بين نقيضين

كان يوسا قد بدأ حياته مثل عديد من مثقفي أميركا اللاتينية، متعاطفا مع أهداف اليسار، لكنه مع حلول الثمانينيات، أصبح يدعو بحماس لقيم التجارة الحرة والليبرالية السياسية. ولم يكتف بذلك، بل انتقل إلى مرحلة أخرى عندما شارك كمرشح رئاسي عن تيار يمين الوسط، في الانتخابات الرئاسية البيروفية التي جرت عام 1990، لكنه لم ينجح في حصد النجاح.

وفي أعقاب ذلك، واصل يوسا إبداء حماسه الشديد، وميله الواضح نحو اليمين، وعندها أعلن انضمامه في عام 2014، إلى جمعية مونت بيليرين، المعروفة باحتضانها لليبرالية الجديدة.

لم يكن يوسا كما بات معروفا عنه، يتردد في التصرف، إذا ما رأى أن الأمر يستوجب ذلك، وفي هذا الإطار يمكن تفسير تقدمه لترشح إلى منصب رئاسة بلاده. بعد أن بات مؤمنا أن من واجبه الأخلاقي أن يكون ناشطا فعّالا في الحياة العامة، واتخاذ موقف لشجب ما يصدر عن الحكومات الشمولية أينما وجدت.

كما يمكن في هذا الإطار، تفسير صعوده إلى خشبة المسرح، لأداء أحد الأدوار التمثيلية، بدافع ميله الشديد للتمثيل المسرحي.

منعطف فكري

كانت أفكار يوسا قد تغيرت في أعقاب القراءات التي انشغل بها، والتي كانت لمفكرين كبار، من أمثال آدم سميث، وكارل بوبير، وأورتيغا إي غاسيت. وفي كتابه الذي أصدره تحت عنوان “نداء القبيلة”، أكد على ذلك، كما أنه كان قد عاش في فرنسا لمدة 7 سنوات، وتأثر خلالها بأفكار ألبير كامو، وفي عدة حوارات تناولت تلك الفترة، أكد يوسا أن إقامته في فرنسا، شكلت منعطفا جوهريا في حياته. كما أن انتقاله من الماركسية إلى الليبرالية، كان وراء تلك القطيعة التي حدثت في علاقته مع خوليو كورتاثار، وكارلوس فوينتس، وغابرييل غارثيا ماركيز.

من بعد هذا التحول الذي كانت لافتا في مسار فارغاس يوسا، راح يصف الزعيم الكوبي فيديل كاسترو بأنه دكتاتور، ويعتبر نظامه من أبشع الديكتاتوريات في أميركا اللّاتينيّة، في حين أن ماركيز وفوينتس وكورتاثار كانوا يعبرون في كل وقت، عن دعمهم التام لكاسترو ونظامه.

خلال ذلك، انتهت العلاقة الوثيقة بين يوسا وماركيز، بسبب ذلك الخلاف الشخصي الذي راح يتطور، إلى أن بلغ الحد الذي اندفع فيه الكاتب البيروفي إلى توجيه لكمة إلى وجه غارسيا ماركيز، وهو ما تسببت له بكدمة دكناء تحت العين اليسرى.

وقبل حدوث ذلك بوقت، كان فارغاس يوسا، قد تحدث في العاصمة الإسبانية مدريد، عن طبيعة العلاقة الشخصية والمهنية التي كانت تربطه بغارسيا ماركيز، والتي بدأت بالتدهور بسبب اختلاف في المواقف السياسية التي تبناها كل منهما تجاه الثورة الكوبية، وانتهت تماما، إثر مواجهة حامية. وقعت في بهو قصر الفنون الجميلة في مدينة مكسيكو سيتي، عندما اقترب غارسيا ماركيز للترحيب بيوسا فاتحا له ساعديه، لكن فارغاس يوسا ومن دون أن ينبس بكلمة، سارع إلى توجيه لكمة قوية لوجه الكاتب الكولومبي.

قوة الأدب

ظل يوسا في كتاباته يواصل الاهتمام بإسقاط الماضي على الحاضر، فطبيعة الإنسان ثابتة دائما مهما بدت البيئة متحولة. وبجرد بسيط للشخصيات يمكن توضيح لعبة يوسا السياسية لإيصال رسائل معينة ضمن إطار أدبي، فهو يتحكم في الشخصيات، فيجعل منها فاعلا مؤثرا في الأحداث وناتجا عنها في الوقت ذاته.

وعندما تلقى سؤالا أثناء مقابلة أُجريت معه في عام 1990 عن الأسباب التي تدعوه للكتابة، سارع يوسا للقول “أكتب لأني غير سعيد. ولأن الكتابة طريقة لمحاربة التعاسة، كما أن قوة الأدب تكمن في أنه يسمح لنا بأن نحيا حيوات عديدة، وهذه واحدة من أعظم ميزاته.. إذ ينتشلنا من واقعنا ويجعلنا ندخل إلى عوالم رائعة، نعيش حيوات غنية بكل ما هو مثير، ونغوص مغامرات في عوالم غير عالمنا، ونحن نتقمص شخصيات كثيرة، نختبر نفسيات مختلفة وعقليات متباينة. إنه إغناء مذهل للحياة. لكن الأدب في الوقت ذاته ليس شيك ضمان على السعادة، بل العكس ما يحدث أحيانا، بطريقة ما، فهو يحولك إلى شخص حزين لأن من خلاله تفهم أن هناك حيوات أغنى من حياتك. فأنت تصبح واعيا بحقيقة أنك قليل الأهمية”.

وفي حواره مع صحيفة لوفيغارو الفرنسية، قال يوسا “نحن نؤلف روايات ليس فقط لنحكي واقعا موجودا بل لنغيره مضيفين له شيئا ما”، وتابع قائلا إن “الأدب هو يوتوبيا الواقع” فهو لا يحكي لنا واقعا متوارثا محققا، ودرسا تاريخيا أكاديميا، بل يفتش بدقة حاويا محترفا، على إسقاطات تجمع الماضي بالحاضر، في توليفة سردية، غالبا ما تخرج بنتائج تنعكس على المستقبل. مؤكدا أن “الأزمنة تمر على المواقف السياسية البليدة، لكن الرواية العظيمة تبقى مؤثرة وخالدة على مرّ الزمن”. مشددا على ضرورة أن على المرء أن يتقبل الحرية بوصفها عنصرا أساسيا للتمتع بثقافة غنية وإبداعية. ولا يمكن أن تُحبَس الثقافة، في سجن أخلاقي أو ديني أو لائق سياسي، إذ يجب أن ندافع عن الحرية. لأن الأعمال الأدبية العظيمة لم تكن أبدا لائقة من الناحية السياسية، وفي كثير من الحالات، كان الأدب يأتي في صدارة العديد من الأشياء التي بدت رهيبة في بادئ الأمر، ثم صارت مقبولة على اعتبار أنها تمثل طفرات وتقدما اجتماعيا وثقافيا. وفي هذه المقابلة لخص يوسا مفهومه لعملية الكتابة، قائلا “أعتقد أن ما أحبه ليس الكتابة نفسها، بل إعادة الكتابة، الحذف والتصحيح.. وأعتقد أن ذلك، هو أكثر أجزاء العمل، إبداعية”.

ــــــــــــــــــــــــــــــ

“الجزيرة” – 27 آب 2024

******************************************************

تحولات غريبة في صورة الكاتب العربي

أمين الزاوي

كيف تأسست وكيف تحولت صورة الكاتب العربي في المخيال الجمعي خلال قرن من الزمن الثقافي والإبداعي والسياسي؟

الكاتب في جبة الديني

منذ مطلع القرن الـ 20، كانت صورة الكاتب شاعراً أو روائياً في التهيؤات الجمعية تنحت بعض ملامحها من صورة النبي أو من صورة المجنون، ففي عيون المجتمع أن يكتب الواحد كتاباً فهذا من باب الخارق واللاعادي، فصورة الكتاب الإبداعي تحيل مباشرة إلى صورة الكتاب المقدس، فالكتابة مهما كان مضمونها، بخاصة باللغة العربية، تنتمي إلى فضاء المقدس، كانت جداتنا إذا ما عثرن على قطعة ورقة مكتوبة بالعربية ملقاة على الأرض، بغض النظر عمّن كان كاتبها وأيّاً كان مقصدها أو مضمونها، ترفع وتوضع في شق الجدار حتى لا تطأها أقدام المارة، فالكتابة مقدسة والمكتوب كذلك. من هذا المنطلق تنزاح صورة الكاتب في المخيال الجمعي إلى سلالة ليست زمنية أو بشرية.

في السابق، كانت هناك كتب قليلة وكتّاب أقل، وأن يحظى واحد من القراء البسطاء بلقاء كاتب حقيقي، من لحم وعظم، فهذه من المناسبات واللحظات النادرة جداً.

في ذلك الزمن القديم كانت صورة الكاتب مشكلة داخل هالة دينية حتى لو كان هذا الأخير ملحداً أو غير متدين، فلكل قرية مجنونها وشاعرها، وفي المرات الكثيرة مجنونها هو نفسه شاعرها!.

الكاتب في جبة الزعيم

ثم تغير الزمن الثقافي والاجتماعي والإعلامي، فمع منتصف خمسينيات القرن الماضي وبداية توسع حركات التحرر الوطنية في العالم العربي وفي أفريقيا، ودخول فكرة الحزب كتنظيم معاصر بديل عن تنظيم القبيلة، حتى إن ظلت القبيلة قائمة حتى الآن، إلا أن هذا التفكير التنظيمي الحزبي الغربي سيهزّ العقل الجمعي ويمنحه تصورات أخرى عن المجتمع وعن النخب، ومن بينها صورة الكاتب التي ستتعرض لإعادة صياغة في الذهنية الجماعية.

كان الفكر الماركسي بصورة عامة هيمن هيمنة سياسية كبيرة على المدينة وبالأساس على نخبها السياسية في البداية ثم الأدبية في وقت لاحق.

وتغيرت الأشياء، ومعها تغيرت وسائل الاتصال، تعددت الجرائد والمجلات وكثرت محطات الإذاعات، ثم وصل الهاتف العمومي، ثم دخل الأسود والأبيض البيوت شيئاً فشيئاً، وظهرت دور نشر في كثير من البلدان العربية والأفريقية، وأصبح المواطن ينعم بهذه الخيرات التقنية والمعرفية والإعلامية، وتشكلت الطبقة الوسطى المدينية كعامل فاعل ووازن في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وأصبح لها صوت سياسي واضح، وتبعاً لذلك تغيّرت صورة الكاتب، وانزاحت من مكانها شكلاً ومضموناً، فتحررت الصورة أو تم تحريرها، وانتقلت من طابعها النبوي لتتقمص ملامح الصورة الثورية، هكذا عوض الالتزام الوحي أو الإلهام وأخذ مكانه، وبدت صورة الكاتب في عيون القراء متماهية مع صورة السياسي، فهما يقومان بالدور ذاته، أو أنهما متقاربان في ذلك أو متقاطعان، وهكذا أيضاً لم يعُد الكتاب ذلك “الشيء” الخارق الذي يفتح من خلال حل كودات معقدة بل إنه انتقل إلى ذلك الشيء الواضح الذي يؤدي دور تبليغ الرسائل السياسية المفضوحة المحتوى، وأصبح المكتوب عادياً وسقطت هالة المقدس منه، وأصبحت الجرائد المكتوبة بالعربية يلفّ فيها السردين والفول السوداني!. واقتربت صورة الكتاب الشعري أو النثري (القصيدة والرواية) من صورة المنشور الأيديولوجي السياسي، وأضحى الكاتب مناضلاً من خلال نصوصه ومن خلال سلوكه، أي من خلال انتمائه السياسي التنظيمي أو غير التنظيمي، وتسللت صورة الكاتب إلى جبة صورة الزعيم السياسي، وسقطت هالة التقديس عنه ولم يعد يوشوش نصوصه بل يصرخ بها من على المنصات والتجمعات السياسية والحزبية. لقد ابتذلت صورة الكاتب ونزلت من عليه جميع الأقفال، واختفى الغموض، وكانت كلما تعددت الإخفاقات السياسية بدت صورة الكاتب قريبة من صورة المواطن العادي.

الكاتب في جبة “الروبوت”

ثم حلّ زمن آخر، زماننا هذا، بكل ما فيه من جنون تكنولوجي متهافت، حل بالبيوت الإنترنت - الشبكة العنكبوتية،، ثم أجيال الهواتف الذكية، ووسائط التواصل الاجتماعي المختلفة والمتنافسة، نحن في بداية الألفية الثالثة، فانقلاب جذري يضرب كل شيء، زلزال مدمر للقيم، تسونامي يعصف بتفاصيل اليومي، كل شيء متغير، لا ثبات ولا ثابت، حتى الهاتف الثابت اختفى، ووسائل الإعلام التقنية القديمة كالجرائد الورقية التي لم يعُد أحد يقرأها إلا القلة الناجية اختفت، ولم يعُد التلفزيون ذلك الصندوق العجيب، وفقدت الإذاعة سحرها ببرامجها المثيرة ولم نعُد نسمع الراديو إلا في السيارات وبصورة متقطعة بشلال إعلانات الهاتف الذكي، لقد تغيرت مفاتيح العالم وتبدل إيقاع الحياة اليومية رأساً على عقب، وتبعاً لذلك أصبحت صورة الكاتب غامضة، فضاع الكاتب في الزحام وتعرضت صورته للانتهاك، جيل يسكن في وسائل التواصل أكثر ما يسكن في البيوت، كل شيء يمرّ ويعاش عبر وسائل التواصل الاجتماعي، القراءة والحب والاستهلاك وصناعة الذوق تنمو على الشاشة، وأصبح البشر متشابهين كثيراً، وساد التنميط والنسخ البشري وفقدت الحياة الاجتماعية دفئها الإنساني، فثقافة الصورة تغطي على كل أشكال الثقافات الأخرى، وأصبح المجتمع ضحية ثقافة الاستهلاك المتوحشة، واختفى وإلى الأبد زمن الرسائل الورقية وساعي البريد، ويحاصر الفرد برسائل إلكترونية بلا طعم ولا روح. وفي ظل هذه القيامة البشرية يبحث الكاتب عن نفسه داخل متاهة من القيم المخترقة التي أنتجتها التكنولوجيا الرقمية والذكاء الاصطناعي الذي ينافس الكاتب في الإبداع، “تشات جي بي تي”  يكتب بديلاً عن الكاتب أو كما يكتب، فلقد ضاع الطريق وضاع معه الكلام والمتكلم والحرف والكاتب واختلطت المنصات.

أصبحت وسائط التواصل الاجتماعي في متناول الجميع، أكتب ما بدا لك، أكتب ما شئت، أكتب باللغة التي ترغب فيها، أشتم، أقذف، مارس السياسة والمعارضة كما يحلو لك، قيم أخلاقية جديدة تشكل ماهية إنسان الجيل الجديد، ويدخل الساحة “روبوت” - نصف إنسان، ويختلط الإنسان بـ “الروبوت”، فلم يعُد الكاتب وحده من له الحق في أخذ الكلمة كما كان في زمن الإعلام التقني التقليدي، الجميع يعبر بلا حدود ومن دون حرج ومن دون رقابة، الرقابة نفسها تغيرت، من رقابة البوليس والفقيه إلى رقابة مالك وسيلة التواصل الذي يمنع بحسب ميوله السياسية والجنسية والعرقية، وتغيرت بصورة جذرية علاقة الكاتب بالقارئ، وكثر الكتاب وقلّ عدد القراء، وأصبحت صورة الكاتب جزءاً من الفرجة، يستعرض الكاتب أو الكاتبة نفسه من خلال الفيديوهات أو الصور أكثر ما يعرض نصوصه، ولم يعُد صوت الكاتب مسموعاً، المجتمع يغير من رموزه ومن قيمه.

ها نحن ندخل زمن البؤس السعيد أو السعادة الشقية!. الجميع يلعب مقابلة ولا من متفرج.

إن الحيّز الاجتماعي والسياسي الذي كان يمثله حضور الكاتب بمفهومه القديم استولى عليه المؤثرون والنجوم، وأصبح الكاتب إما معزولاً أو مضطراً إلى مجاراة الواقع بأن يجرب هو الآخر ثقافة المؤثر أو النجم، وفي مثل هذه الحالة تفقد الكتابة تأملها ويتم اختراقها بمرض الاستهلاك.

في هذا الزمن الاستهلاكي التكنولوجي الرقمي، ها نحن نحضر ساعة انمحاء صورة الكاتب الإنساني الحقيقي الواقعي أمام سيادة صورة كاتب افتراضي مفبرك وهجين.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

“اندبندنت عربية” – 29 آب 2024

*************************************************

«بودلير فيرلين رامبو» لستيفان زفايغ بترجمة عربية

صدر حديثا عن دار دلمون الجديدة للطباعة والنشر والتوزيع في سورية كتاب “بودلير فيرلين رامبو” للأديب والكاتب النمساوي ستيفان زفايغ في 79 صفحة، من اختيار وترجمة وتقديم إسكندر حبش، وصمّم الغلاف مهند المهنا.

ومما جاء في مقدمة المترجم:

هذه النصوص التي سوف نقرأها في هذا الكتاب، وهي خمسة، تدور حول الشعر والشعراء- وهي نصوص تترجم للمرة الأولى على حد علمي- وتمتد على ما يزيد قليلًا من عشر سنوات، من 1902 إلى 1914. نصوص حساسة، نقدية، تسلط الضوء على الأسلوب بقدر ما تسلط الضوء على الواقع الإنساني. وهي تقدّم ثالوثا فرنسيا (بودلير، فيرلين، رامبو) مثلما تدافع عن فكرة معينة من الشعر، حيوية إلى حد ما، وعن الشعراء الذين يعرفون كيفية التقاط “الحركات السرية” للكائنات والحشود والعناصر، لنقل “نسمة الثروات الحميمة”.

وستيفان زفايغ (1881-1942):  من أبرز كتّاب أوروبا في بدايات القرن العشرين. اشتهر بدراساته المسهبة التي تتناول حياة الأدباء. كتب تسفايغ عددا من المسرحيات والروايات والمقالات. صدر عمله الذي تناول فيه سيرته الذاتية “عالم الأمس” بعد انتحاره بجرعة زائدة من العقاقير المنومة هو وزوجته. وإسكندر حبش: شاعر ومترجم وناقد لبناني. صدرت له سبع مجموعات شعرية، وعشرات الكتب المترجمة لأبرز أدباء أوروبا في القرن الماضي.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ضفة ثالثة” – 28 آب 2024

*******************************************************

الصفحة الحادية عشر

الجديد في الحياة الثقافية

- الناقدة المعروفة نادية هناوي، أصدرت كتاباً جديداً بعنوان: “قصيدة النثر العابرة/ دراسة في مطولات منصف الوهابي وقصائد أخر” عن دار غيداء/ عمان.

- في الحلقة الأخيرة من برنامج “أضواء على العراق” الذي يقدمه وينشره على الفيس بوك الأستاذ كمال يلدو، قدم حلقة خاصة عن المترجمين العراقيين الراحلين انيس زكي حسن و د. ضياء نافع. اتسمت الحلقة بقدر وافٍ من المعلومات الحية عن الاديبين التقدميين الراحلين.

- “طلايب جاسمية وأبو جاسم/ مشاهد من الادب الساخر” كتاب للأستاذ مؤيد عبد الستار المقيم حالياً في السويد. رافق الكتاب رسوم كاريكاتيرية للفنان أسامة عبد الكريم. الكتاب باللهجة العامية العراقية وتناول جملة من القضايا السياسية والاجتماعية والثقافية الساخرة. اصدار مكتبة هاشم/ بغداد.

***********************************************

«ارتقاء لأجل الهواء» رواية اورويل المشاكسة

سعد الحسني

شكل اورويل بصمة لا تمحى من ذاكرة المثقفين الاحرار المتعبين في روايات مثل “مزرعة الحيوانات” و “1984”، غادر عالمنا بصمت لكنه ترك وراءه صخباً لن يتوقف. وقد توفر الأستاذ سعد الحسني على ترجمة رواية جديدة له بعنوان “ارتقاء لأجل الهواء” صدرت مؤخراً عن مكتبة عدنان/ بغداد. هنا تقديم كتبه المترجم لهذه الرواية الفذة.

كنت قد نشرت ترجمة لرواية ( تسكعاً في باريس ولندن) لجورج أورويل بعد ان ترجمها في الستينات من القرن الماضي الشاعر الكبير سعدي يوسف. كان ذلك بمثابة تحدٍ لي في أن اضع نفسي بمقارنة غير عادلة مع شاعر كبير عاش بشكل او بأخر حياة مريرة لم أعشها أنا مماثلة لحياة أورويل. وظهرت الترجمة وحظيت ما حظيت به من أطراء ونقد وهجوم لم يفتأ لحد الان ، الأمر الذي جعلني مسروراً لأني بذلك قد أثرت صخباً نقدياً بناءاً في زمن أقل ما يقال عنه أنه زمن “ التفاهة”. ومن منطلق ان يكون لدينا أدب جاد أقنعت نفسي مرة أخرى بالعناية بكلمات أورويل مرة أخرى وأترجم روايته المشاكسة الأخرى ( أرتقاءً لأجل الهواء). ليست هذه الرواية هي من أهم ما كتب أورويل ولكنها يقيناً تلقي ضوءاً ساطعاً على نقطتين مهمتين في حياة كل كاتب مرهف الأحساس مثل جورج أورويل : الحنين الى  الماضي والقلق من المستقبل. وربما يتفق العديد من النقاد بأن هذه الرواية كروايته ( تسكعاً في باريس ولندن) ، لتقع في أطار الأدب الأعترافي او أدبيات السيرة الذاتية. هذا صحيح ولكن الرواية من خلال توازنات مختلفة في أطار تشكيلها كانت تبتعد تارة وتقترب تارة اخرى من السيرة الذاتية لكنها تمثل في الأطار العام عملاً أدبياً مرموقاً يمثل لفترة ما قبل  الحرب العالمية حين كان المزاج العام المشوب بالقلق قد أثر بشكل نفسي عميق على الناس عموماً وعلى الأدباء والمثقفين بشكل خاص. في ( أرتقاءً لأجل الهواء ) تتصاعد الأحداث تباعاً بطريقة درامية تاركة وراءها أهتمامات معينة يلقيها الكاتب مرة على عائلته ومرة على عمله ومرة على حياته الخاصة ومرة على بلده المعرض والمتاح للغارات الجوية الوشيكة التي قام بها النازيون بقيادة هتلر. أورويل لم يتخلى عن يساريته في التعامل مع سياق الأحداث التي بدأت براعمها في الظهور منذ نشأة بطل روايته مع عائلته الفقيرة في منطقة (باينفيلد) وعمله مع أبيه ثم بلوغه السن التي أتاحت له العمل بمفرده ثم زواجه وتكوين عائلته ثم توقه الكبير وحنينه الى الماضي بعد ان كبلته قيود الزواج والمستقبل الغامض بالف قيد.

هذه الرواية محاولة لأسترجاع الماضي ليس فقط من خلال الأسلوب النوستالجي بل من خلال اللجوء الى الديالكتيك المادي في أستحضار الماضي. فهل أستطاع أورويل حقا أن يستحضر الماضي ؟ هذا سؤال لم يدركه هو الا بعد أن خاض بطل روايته تجربة شخصية في الكذب على زوجته للذهاب الى مسقط رأسه مع شك كبيرشوش حياتها بانه كان مع أمرأة أخرى.

كل شيء قد تغير والأهم ليس البعد المكاني الذي أصابه التغيير بل البعد النفسي الذي جعل الكاتب في حزن نبيل بسبب غربته في المكان الذي ولد وترعرع فيه. هذا الأحساس ضَمِن عدم مطابقة الأزمنة مع بعضها فنحن غالباً ما نعيش غربة الدار في العصر الحديث. كان أورويل واعياً لذلك الأحساس الذي أقض مضجعه وتركه يدور في فلك الضياع، فهو لم يكن لجانب السلطة ولم تكن السلطة الى جانبه، كما لم يبق الى جانب الوطن ولم يحتضنه الوطن فأثر الرحيل ليحارب في أسبانيا فيكتشف، لأيمانه فيما بعد، انه كان يحارب من أجل الأنسان الحر في كل مكان . لقد أصبح أورويل مثل سابقه (أيرنست هيمنغواي) أيقونة للتمرد الصامت على الواقع المعاش في محاولة للخروج من عنق الزجاجة التي هي الحياة. وبينما أنهي (هيمنغواي) حياته بيده أنهت الحياة أورويل بيدها.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*مقدمة ترجمة الرواية الصادرة اخيرا في بغداد

***************************************************

غازي السعودي: الفن ورؤية الحياة

خضير الزيدي

لا يختلف اثنان من دارسي تاريخ الفن ومتذوقي جماليات الفن العراقي على ان الفنان غازي السعودي واحد من ابرز الاسماء العراقية في الفن الجداري ولد في بغداد عام 1935 انصب اهتمامه بهذا النوع في بداية مشواره الفني منذ ان دخل معهد الفنون الجميلة في خمسينيات القرن المنصرم وبدت خطواته الاولى راسخة منذ ان تعلم الدرس الاكاديمي في اكثر من مكان وكان من بينها التحاقه في بعثة دراسية الى روما عام 1962قدم الفنان السعودي اعمالا راسخة في بغداد لم تزل قائمة ليومنا هذا وبدا الغالب من تصوراته الفنية والجمالية تشير الى ابراز الرموز الحية للتراث العراقي وتأخذ من التاريخ القديم سمة تكوينية ومعالم واضحة في ابراز الجانب الفني وقد عرف عنه منذ ستينيات القرن المنصرم ولعه بالفن وقدم لنا تجارب تثير في داخل منظومتها الاهتمام بالأصول الحضارية واللافت حتي في تأكيد هذه السمة ثمة ما يشير الى الحياة والوقائع اليومية فهذا الفنان الحي لم يضمر ما يراه سبيلا ليخوض تجربته معززها بالاهتمام بالأصول من جهة والتأكيد على خطاب الحداثة وانتقائية التصور التعبيري الجديد للفن من جهة اخرى وبقيت ذائقته تتعامل مع اليومي والمحلي بما يفسر ولعه الشديد في خوض الصراع من اجل اعلاء كلمة (الحياة) ولكنها الكلمة الواثقة والمخطط لها لهذا اخذ على عاتقه اتساع نطاق طرائق اسلوبه الفني فتارة تراه مصرا على الفن الجداري واخرى في التخطيطات ومرة في الرسم بمكونات مختلفة وما هذه الطريقة الا دليلا على سعيه في التجريب وتخليه عن الدرس الاكاديمي لتعزيز مفاهيم حية داخل العمل وهو هنا كمن يغذي لوحاته بلمسات من معرفة الجمال الخالص ..ما فعله الفنان في اعماله مثّل لنا درسا حقيقيا في احياء الفن وتجسيد اليوميات واعاد الثقة بمظاهر التعبير الفني عبر خليط مختلف من المدارس فهو يقترب من التعبيرية ويمارس التجريد ويغور عميقا في المزج بين الواقعي والتكعيبي وكل هذا الاختلاف كان مشروطا بإبداء الجمال ونجاح العملية الفنية التي اسس لها قواما ثابتا بفعل بصيرته واسهامه المشدد على اعطاء الفن قيمة تصويرية وهي مليئة بصدق المشاعر ومن الملفت ان الفنان غازي السعودي كان حريصا في عمله حتى وهو يتلاعب بالسمة التخيلية للوحدات الصورية داخل منظومة عمله لتراها ممتلئة بطاقة رمزية تجعل العمل اقرب للحضور اليومي وهناك ما يلفت ايضا ان تعبيريته فيها من الاثارة البصرية ما تتقدم على غيره من اقرانه الفنانين .لقد انجز الفنان عشرات الاعمال المختلفة ولم يتنصل عن واقعه العراقي وبقى محافظا على ما تفيض به روحه من جمال وبعد معاينة للكثير من اساسيات الفن التعبيري .واجزم ان خطابه لم يتشكل بعيدا عن العودة لإحياء الموروث العراقي القديم منه والتراثي واصبحت فكرة ان تكون اللوحة حاملة لهذه السمة من اساسيات التفكير الملح على عقله ووجدانه وشعر بالانتصار والتواجد الكامل لكل ما احتواه فنه من مظاهر ليوميات صادقة او عودة لجذور قديمة وحية عينت مساره الفني فيما بعد

كيف فهم الفن والحياة ؟

غازي السعودي فنان حافظ على هويته العراقية واتخذ من الرسم ميداناً لمواجهة كل طارئ في الحياة فكان ينظر للغرض المثالي للفن وعمق جدليته بما استأثر به الفن العراقي القديم ( السومري والبابلي والاشوري ) من مكانة ولعل منطق مسار الفن والانتصار للإنسان في حياته امام الجهل كان من ميدان اهتمامه فالحياة عنده لم تكن مجازفة وجود بل حقيقة أراد ان يثبت فيها أسمه بما يخلقه من مسافة بين وجود فن ينتصر للإنسان وحياة تسودها الطمأنينة وقد وجدنا من الفن عنده ما يعزز من الجانب الرمزي في هذا التصور الشيء الكثير وهو بالفعل سمة بارزة حملت من آثاره الفنية ما تعطينا انطباعا صادقة عن اهتمامه بالفن ومسؤوليته الاخلاقية اتجاه خطابه التعبيري والجمالي ..لقد فهم الفن على انه رسالة وجود وانتصار للإنسانية وتعامل مع الحياة بمضاعفة احلامه ووجوده ولهذا سعى ان تكون منجزاته الفنية شاخصة امام اعين الجميع مثلما رأيناها في بوابة مدينة متنزه الزوراء وهي ست جداريات كبيرة تحقق نصبها وسط العاصمة بغداد منها  ”جدارية الزوراء” بالموزاييك و”جدارية بغداديات” في مدخل المتحف البغدادي، واخرى تم تشيدها في القصور الرئاسية وغيرها من الاعمال التي ما ان نراها حتى ترشدنا لاسم غازي السعودي.

***************************************************

حميد قاسم عالم تروعه اللزوجة

“للشاعر حميد قاسم صدرت المجاميع الشعرية الآتية: “رقيم ايمين/ ليس ثمة هواء/ وهذا صحيح ايضاً/ ألعب في الحديقة وافكر/ كراس قديم اصفر ومبلل/ قداس الطفولة الهرمة”. كما اصدر مؤخراً رواية “ظهر السمكة” والتي تتحدث عن فترة تاريخية للعراق والتي أعقبت الحرب العراقية- الإيرانية. هنا قراءة لعدد من قصائد الشاعر”

 المحرر الثقافي

إسماعيل نوري الربيعي

بوعي كامل يصطف حميد قاسم مع القلق، الذي أثاره حادث الحصول على كراس؛ ( في الثانية عشرة من عمري وقع بيدي كراسٌ قديمٌ..أصفر ُ ومبللٌ.. وجدته في صندوق العتاد الاخضر الذي جاء به أخي من “معسكر الوشاش”..) قلق مشوب بخوف من هذا العالم الهش، المتهالك القديم، الذابل المهزول، الضاوي   الذاوي الضعيف.  قلق يسعى من خلاله الكشف عن الوجود الأصيل والحقيقي، سعيا للأخذ بزمام المبادرة حول الجوهر الأصيل والمسؤولية في الإختيار. توّجه ينطوي على محاولة للتعبير عن الوعي أزاء الواقع المحيط الذي يسوّر الذات العارفة، حيث محنة الحياة وتجليّات ( الوجود والعدم)، باعتبار ( القلق الوجودي) بالتعبير الهايدغري، انطلاقا من القلق من الوجود والقلق على الوجود؟!  هاهو ذا يفصح عن الخشية والخوف الذي اصطلاه؛ ( هالني ماوجدت من الرعب والقسوة، ثم جاء الشيخ احمد آل فرج إبن عمة أبي، وأكمل الأنباء السيئة). مترصدا الحيرة  والخشية من التفريط بقيمة الذات إزاء مغريات الانغمار في تجليات الجميع. ليكون الفقد المريع للذات، ليصبح الكائن مجرد صدى لتقاعلات الآخرين.  ليكون الوجود مجرد أوهام وأباطيل وزيف لا جوهر فيه.

كينونة لا إبصار فيها ولانور، ذهول يغطي بظلاله على كل شيء. باعتبار الخضوع للآخر. فيما يسعى حميد قسم بكراسه المبلل إلى عقد حالة من التوازن من خلال منظومة ( الوجود هناك) ، حيث يتمثل الوجود الأصيل من خلال تحقيق الكينونة القائمة على الوجود الإنساني و الكينونة  المنفتحة على الآخر. المستند إلى البحث عن المعنى المرتكز على البحث عن أصالة الوجود، سعيا نحو تمييز الذات الإنسانية ، عن البقية من الأنوات التي توجد في العالم. ليكون السؤال الجوهري و قد تعالق عند النقطة الفاصلة و المتمثلة في الطريقة التي يمكن للذات أن تتعايش مع الآخرين في العالم ، دون أن تخضع للأنماط التي يفرضها الآخر على الذات.

إنه السؤال القائم على أهمية تمييز التفّرد، و العمل على تحقيق الوجود الأصيل، النائي بنفسه عن السقوط الهايدغري في تفاعلات و تجليات الآخر، و سلبه لإرادته.  (لم جعلتني أشكو إليك ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس ؟) السقوط هنا يتخذ أحوال الوجود في العالم، و هو يتمثل البعد التداولي في صميم العالم. حيث المسعى للتحقق من العلاقات التي تتفاعل في الواقعي و المعاش. سقوط ينطوي على تفاعل و حضور ، لا ضياع أو تغييب أو انهيار. حيث الموّجه الأهم المستند إلى القلق بحساب الوجود في العالم. ومن هنا تحديدا يكون مسعى حميد قاسم للبحث عن جوهر وجوده من خلال اجتراح مرثية للروح؛ ( ولما كانت روحي تهم بالخطايا وتشتهيها منذ صباي.. فقد بكيت كثيرا لأني لن أكون مع أمي في الجنة...!!) .

الشاعر هنا يلفظ أحوال الاستغراق في اليومي المبتذل، متطلعا بكل ما فيه للنأي بنفسه عن المكرور و الشائع و البسيط و السهل. ساعيا في مناكب أسئلة شديدة التعقيد قوامها الغور في تفصيل النشأة و التكوين  و أصل الوجود و الحياة و الثواب و العقاب . شاعر يتجاهل الوجود الزائف، حيث النبذ لكل ما هو  صوري و دعي و كاذب و مغشوش و متظاهر. مسعى يقوم على ازاحة كل ما هو مدع و مزور و مزيف و منخدع و رديء و مغشوش. الشاعر مؤمن حد اللعنة بأهمية  مواجهة سؤال الحياة و الموت ، حتى لو كلفه كل ما يملك . يخوض في نعمة السؤال الجوهري  دون الالتفات إلى ما توفره حصانات الجماعة .  ( بكيت كثيراً لاني لم أرد لكَ ان تكونَ قاسيا..فلم أنت قاسٍ يا أبانا... ؟) مستعد هذا الشاعر أن يبذل روحه من أجل رسوخ الجوهري و العميق و الدال في صلب قوام الوجود الأصيل. إذ لا تنفك الوصايا تفعل فينا الافاعيل، و تعمل فينا تمزيقا و تقطيعا لا يعرف التوقف أو السكون. إذ يحضر الميتذل و السطحي و الزائف بكل ما فيه، عامدا إلى تمزيق الجوهري و الحقيقي و الأصيل. سوح يقوم على كسر التابوهات وتمزيق نسيج الجاهز من الأنماط الراسخة. حتى لو كلف الشاعر الخروج إلى العالم بما يستر العورة. بلى لا مكان للشاعر في هذا العالم دون مشاركة الآخرين الأفراح و الأتراح ، الأحزان و المسرات. و لكن دون استلاب الإرادة، بعيدا عن الوصاية و القهر و الهيمنة و الأبوية المفرطة.

إنها الصرخة التي يطلقها الشاعر،  سعيا نحو تحقيق الوجود المنقّى من شوائب تحويل العالم إلى مجرد ( ذاتي و موضوعي) الأمر هنا يقوم على تحديات أكثر انفتاحا و أشد اتساعا، من دون السقوط في جلبة البحث عن الذات. بقدر ما يكون التطلع نحو تمييز مفصل الخيط الرفيع الذي يحقق معادل الوجود،  بكل جوهره و رسوخه و تأثيره. حميد قاسم في كراسه الأصفر القديم المبلل، يتملى في المحمولات الثقافية، يتفرسها بعين الأنثروبولوجي تارة، و الفيلسوف الوجودي تارة أخرى، و المحلل النفسي و الناقد الأدبي صاحب الدربة و الخبرة. و المبدع المستند إلى الخيال، و المثقف العضوي المشتغل في الفضاء العام.

إنه يجترح عملا من نوع ( قصيدة السؤال المركز) . حيث التوجه بكل تبسيط و واقعية للإمساك بخيط السؤال الشائع و المتداول، و العمل على تمييز مدارك العلاقات الجوهرية فيه، بعيدا عن المواراة و التزييف. قصيدة تنطوي على تفعيل مجال الرمزي، و السعي نحو تثمير الإنساني بعيدا عن الرؤى و التصورات و الأيديولوجيات و الرهانات و التحديات. بقدر ما يقف حميد قاسم تحديدا على تمييز مفاصل لحظة ( الشعور الوجودي) . إنه البحث في صميم اللحظة القائمة بين الوجود و العدم. هذا الأخير الذي يحكم نهاياتنا، و جلّ الحقائق التي تقوم عليها الحقيقة التي نؤمن بها، و تتجلى فيها ذواتنا التي تعيش تفاصيل العالم.

تلك اللحظة الفاعلة التي يتجسد فيها قلقنا و طريقة تعاطينا حول مسألة ( الوجود في العالم) . هذا بحساب أن وجودنا مرهون بلحظة الموت اليقينية. وهكذا تتبدى للعيان أحوال ( قلق الوجود) الذي يتبدى في كراس قديم أصفر ومبلل. كما هي أوضاعنا ودنيا العيش التي تخترقنا في الصميم. حيث الأحوال والأهوال. والنفرة و الهجوع. في الملاذات التي نحسبها آمنة، حيث المسعى نحو استجماع أحوال الحنين إلى الماضي، و التشبث بالأماني المجهضة، ليجعل منّا الوجود مجرد طرائد سهلة المنال للوقوع في حبائل الزائف و الوقتي و المبتذل. ( في نهاية خمسينياتي، وقع بيدي كراس قديم، يرشح دما وأنيناً لاينقطع، وروائح لاتطاق..) .

**************************************************

باب غرفتي

  فيصل جاسم

لن أغلق بابي

بابي مفتوح لهواء يسعدني

و يؤانسني

و ينث على وجهي

رائحة المطر القادم من غيمة روحي

بابي لا مفتاح له ، لا قفل ،

 و لا مزلاج

و يبقى ، اكثر مني ، بسعادته

في ان يسمح للضوء و للاحباب

الباب الباب

احيانا اتوجس خيفة إن يأتي العسس القادم من زنزانة موت

كي يقبض روحي

لكنني حين أمس الخشب اليابس فيه

يسلمني كتبت و احاديث

عن العشاق المعتوهين

هو الباب المفتوح على مصراعيه

يسمح للانوار تمر عليه

و الرياح ، و من أتمنى أن يحضر في هذا المكان الاروع من بين منازلنا

الخشب الأحمر سوف ارش عليه

اللون الأبيض

في يوم ما

فالابيض من بين جميع الألوان

هو المحبوبة لدي

هو الارقى

و هو العملة و المعلول

السائل و المسؤول

فلا شيء يعادل اي نقاء فيه

سادلف ذات مساء في اللون الأبيض

خلف الباب ، أمام الباب ،

و انادي بعض الاصحاب

كي تحتفل الغرفة بالصمت

القادم من خشب الأبواب الأخرى

من دون سؤال عن سبب

أو عن اسباب

الباب ... الباب .

*************************************************

الصفحة الثانية عشر

في اربيل وبحضور جماهيري مميز..  مراسيم أربعينية القائد الأنصاري "ملازم خضر"

أربيل – طريق الشعب

بحضور جماهيري مميز، احتضنت "قاعة بيشوا" في مبنى وزارة الثقافة والشباب في مدينة أربيل، الأحد الماضي، مراسيم أربعينية القائد الأنصاري الفقيد نعمان علوان سهيل (ملازم خضر)، والتي دعت إليها اللجنة التنفيذية لرابطة الأنصار الشيوعيين العراقيين، والرفيق رائد نعمان سهيل، نجل الفقيد.

وحضر المراسيم وكيل وزارة البيشمركة عبد الخالق بابيري، ممثلا عن الرئيس مسعود بارزاني، ورئيس دائرة العلاقات العامة في رئاسة إقليم كردستان د. حميد دربندي، ممثلا عن رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني، وسكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي الرفيق رائد فهمي، وسكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الكردستاني الرفيق كاوة محمود. 

وبعد ان استمع الحاضرون إلى النشيدين الوطنيين العراقي والكردستاني، قُرأت برقية في المناسبة مرسلة من السيد نيجيرفان بارزاني، أشادت بخصال الفقيد ودوره في الحركة الأنصارية. ثم ألقى الرفيق رائد فهمي كلمة باسم الحزب الشيوعي العراقي، أعقبه الرفيق كاوة محمود بكلمة باسم الحزب الشيوعي الكردستاني.   

وكانت لجمعية البيشمركة القدامى للحزب الشيوعي الكردستاني، كلمة ألقاها الرفيق كاروان مورتكة. ثم ألقى الرفيق مغديد حاجي كلمة مؤثرة استذكر فيها أحداث "معركة هندرين" ودور الفقيد فيها.

بعدها ألقى الشاعر ادم كوركيس قصيدة مؤثرة، تلاه سكرتير اللجنة التنفيذية لرابطة الأنصار الشيوعيين العراقيين الرفيق النصير شاكر عبد جابر، بكلمة باسم اللجنة التنفيذية، تناول فيها محطات مهمة من مسيرة الفقيد، ودوره النضالي في الحزب والحركة الأنصارية.

واختتم الحفل بكلمة ألقاها الرفيق رائد نعمان سهيل، نجل الفقيد، وسرد فيها بعض ذكريات عائلته عن مسيرة والده، وعن الصعاب التي جابهتها في خضم نضاله الوطني والأنصاري.

************************************************

الجمعية العراقية للتصوير تفتتح معرضها الـ 46

متابعة – طريق الشعب

افتتحت الجمعية العراقية للتصوير، السبت الماضي على قاعة كولبنكيان في بغداد، معرضها السنوي الـ46، بحضور جمع من الفنانين والمثقفين والمسؤولين الثقافيين.

ضم المعرض 200 عمل فوتوغرافي لـ200 مصور من بغداد وبقية المحافظات، من أصل ألفي عمل قُدمت للمشاركة. وقد توزعت الأعمال على محاور مختلفة، منها الأبيض والأسود، والملون (عام وخاص) والجاف.

وتضمن المعرض مسابقات في محاوره. حيث خصصت لكل محور جوائز عبارة عن ميداليات ذهبية وفضية وبرونزية، وشهادات تقدير. وقد بلغ عدد الفائزين بالجوائز 56 مصورا من بغداد ومحافظات أخرى – حسب ما ذكره في حديث صحفي رئيس الجمعية هادي النجار، الذي أكد ان المشاركة في المعرض أتيحت للمصورين من أعضاء الجمعية ومن غير أعضائها. 

**********************************************

بمبادرة من برج بابل 5 سنوات من التوعية بأهمية الآثار والحث على حمايتها

متابعة – طريق الشعب

منذ نحو 5 أعوام، أطلق ناشطون عراقيون مبادرة لحماية آثار البلاد، والتي تعاني إهمالا واضحا من الجانب الحكومي، والمجتمع أيضا. وقد لفتت تلك المبادرة الأنظار إلى الكثير من الكنوز التاريخية، من خلال تنظيم جولات ميدانية في مواقعها، وتصويرها ونشر معلومات موثقة عن الاضرار التي تعانيها.  

الناشطة ذكرى سرسم، عضو مجلس إدارة "مؤسسة برج بابل" للتطوير الإعلامي، تقول في حديث صحفي أن مؤسستها أطلقت في العام 2019 مبادرة للدفاع عن الآثار، عبر حملات هي الأولى من نوعها في البلاد، مبينة أن المبادرة ساهمت في إنعاش السياحة في مناطق لم تكن مقصداً للسائحين.

وترى أن المواقع التراثية والأثرية المنتشرة في معظم مدن البلاد، لها أهمية كبيرة من الجانب الاقتصادي، في حال جرى تأهيلها "فهي من الممكن أن تكون مصدراً للدخل وتوفر فرص عمل للأهالي". المبادرة التي تتبناها الناشطة وزملاؤها لا تفرض شروطاً على الانضمام إليها. إذ ان المشاركين موظفون في مؤسسات حكومية وخاصة، وطلبة ومتقاعدون، إضافة إلى مهتمين بالآثار والتوثيق – حسب سرسم التي تشير إلى ان مبادرتهم تتضمن تنظيم جولات على الدراجات الهوائية، في المواقع الأثرية القريبة من بغداد.

ويشكل توثيق الآثار بالصور ومقاطع الفيديو، ونشر ما يتم توثيقه على مواقع التواصل الاجتماعي، أهمية في تحقيق أثر إيجابي، لا سيما أن فريق المبادرة يضم مصورين محترفين.

وعن أهمية التوثيق تقول سرسم، أنهم زاروا مرة مرقد الشيخ عمر السهروردي في بغداد، والذي يضم قبة أثرية عمرها أكثر من 700 عام. وخلال الزيارة اكتشفوا وجود تشققات في القبة، تهدد بانهيارها، فسارعوا إلى تصويرها ونشر التصوير على مواقع التواصل، ما دفع وزير الثقافة حينها إلى زيارة المكان والتوجيه بإطلاق حملة لصيانة القبة.  لكنها تعرب عن أسفها لكون "أغلب المواقع التراثية في بغداد تعاني الإهمال وعدم وجود علامات دالة للوصول إليها. وفي أغلب الأحيان لا تكون متاحة للزائرين. لذلك نضطر إلى التنسيق المسبق إذا أردنا زيارة كنيسة أو جامع أثري أو غيرهما".

ولا يقتصر نشاط هذه المبادرة على بغداد، بل انها نظمت جولات في محافظات أخرى. حيث زار الفريق مواقع أثرية مهمة في الديوانية، ونشر صورا وفيديوهات عنها، فاكتشف أن الكثيرين من الناس ليس لديهم علم بأن الديوانية غنية بالمواقع الاثرية.

ولا تكتفي المبادرة بزيارة المواقع الأثرية، إنما تلفت النظر أيضا إلى ضرورة حماية البيئة – حسب سرسم التي تؤكد أنهم سبق أن زاروا بحيرة الرزازة في كربلاء، وقاموا بتنظيف شاطئها.

************************************************

حملة بناء مقر الحزب الشيوعي العراقي

دعماً للحملة الوطنية لبناء مقر الحزب الشيوعي العراقي، تبرع الرفاق والأصدقاء:

  • أسرة الفقيدة ثمينة ناجي يوسف (ام ايمان) 5000 دولار كندي.
  • فلاح المعروف (ابو سمير) مليون دينار للمرة الثانية.

الشكر والتقدير للرفاق والأصدقاء على دعمهم واسنادهم حملة الحزب لبناء مقره المركزي في بغداد.

معاً حتى يكتمل بناء بيت الشيوعيين.. بيت العراقيين.

***********************************************

أما بعد.. مشروع الألف دينار وحلم الألف بيت

منى سعيد

تعجُّ مواقع التواصل الاجتماعي بفضائح وأخبار مريعة تؤرق الناس بكوابيس تنغص حياتهم بل وتقلبها رأسا على عقب..

و الأسوأ ان هذا الأمر لا يخص الكبار حسب، بل كذلك الأطفال ممن باتوا لا يفارقون أجهزة النقال حتى في أوقات النوم ، وكأن الحياة أصبحت كلها تُشاهَد عبر هذا المنظار الضيق .

مناسبة الحديث هو ما يُنشر هنا وهناك ،على قلّته، من أخبار مضيئة تجعلنا نتقبل ظروفنا على علاتها .. ففعل الخير هو الدافع الأسمى للبشر ممن يمدون يد العون للآخرين دونما تحسّب لمصلحة ما .. فتأتي بعض المبادرات كقطرات ندى تنعش الأرواح وتطفيء نيران الحقد والفاقة.

قبل أيام أخبرتني الصبية الشابة زهراء عماد الربيعي المتخرجة توا من كلية الطب، عن مصادفة واجهتها أخيرا بعد عودتها من السفر، وأثناء تسلم الحقائب في صالة مطار بغداد، حيث تعرض رجل مسن أمامها لوعكة صحة طارئة كادت تفقده حياته، بعدما اختنق وتوقفت نبضات قلبه للحظات. أسرعت زهراء لإجراء كل الإسعافات الأولية في أول درس تطبيقي عملي لها خارج أروقة الجامعة أو المستشفيات.. ومرت لحظات حرجة كانت الصبية والرجل في صراع محتدم مع الموت، وبذلت زهراء اقصى طاقتها في إجراء عملية التنفس الاصطناعي وغيرها من الإسعافات، حتى استعاد الرجل وعيه وانتظمت نبضات قلبه، وسط ذهول المسافرين وإدارة المطار، ممن تجمعوا حولهما مصفقين مشجعين ومحيين بسالة الصبية في إنقاذ روحٍ قبل مفارقتها الحياة .

نقطة مضيئة أخرى عرضتها أحدى قنوات التلفزيون عن مجموعة تدعى "سنابل المستقبل" أخذت على عاتقتها إدامة الظلال في حزام أخضر يحيط بقضاء سنجار في نينوى، متبرعة بزراعة ألف شجرة بهدف مكافحة التصَّحر وإيقاف الكثبان الرملية وإشاعة الجمال، على حد قول منظمها الشاب فؤاد حجي..

أما مشروع الألف دار مجانا للفقراء من الأرامل والأيتام، فقد بدأ من مبلغ ألف دينار فقط تبرع بجمعه المفوض في الشرطة الاتحادية سيف عباس كطوف، ضمن مشروع "الألف دينار" الذي انطلق في عام 2019 بمبادرة شخصية لا تعتمد تمويلا حزبيا أو دينيا، لمساعدة العوائل التي لا تمتلك رواتب ولا معيل.

أعتمد سيف عباس هذه المرة على الوجهة الايجابية لوسائل التواصل الاجتماعي، فأطلق نداءه بتبرع الألف دينار، وفعلا تمكن عبر تجاوب الناس من بناء خمسين دارا في مناطق متفرقة من مدينة الشوملي – محافظة بابل، في أول سنة. وفي هذا العام اشترى دونمين طابولأرض زراعية وشيد عليها مجمعا سكنا مؤلفا من 25 دارا بمساحة 120 متر مربع لكل دار، وسعى لتزويدها بجميع الأجهزة الكهربائية اللازمة. وبالتعاون مع الدوائر الخدمية في المحافظة جُهزت المنطقة بشوارع مبلطة مع توفير الماء والكهرباء.

هكذا يحقق سيف حلمه ببناء ألف "وطن" لمواطنين فقراء، موجها دعوة للميسورين من الخيرين لدعم المشروع، الذي لا تزيد كلفة بناء البيت الواحد فيه على ما بين 10 و15 مليون دينار.

************************************************

يوميات

  • تضيّف اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في البصرة، غدا الجمعة، الرفيق النصير هشام عبد الواحد خلف (أبو صبا)، ليقدم محاضرة بعنوان "الشيوعيون ودورهم في المرحلة الراهنة".

تبدأ المحاضرة في الساعة 10 صباحا على "قاعة الشهيد هندال" في مقر اللجنة المحلية.

  • يضيّف منتدى "بيتنا الثقافي" في بغداد، بعد غد السبت، الباحث في التراث الإسلامي السيد علاء الوردي، ليلقي محاضرة بعنوان "من تاريخ الحركات الثورية في الإسلام – ثورتا الزنج والقرامطة".

تبدأ المحاضرة في الساعة 11 ضحى على قاعة المنتدى في ساحة الأندلس.

  • يضيّف نادي السرد في الاتحاد العام للأدباء والكتّاب، بعد غد السبت، الروائية د. تهاني محمد، للحديث عن روايتها الموسومة "انتحار تكتيكي"، في جلسة يساهم فيها أكاديميون ونقاد، ويديرها الروائي حسين محمد شريف.

تبدأ الجلسة في الساعة 11 ضحى على قاعة الجواهري في مقر الاتحاد بساحة الأندلس.

*********************************************

في كربلاء.. فنان فطري يفتتح معرضا للمنحوتات الخشبية

كربلاء – سلام القريني

افتتح عصر السبت الماضي على قاعة البيت الثقافي في كربلاء، معرض شخصي للنحات الفطري ثامر شاكر العامري، ضم 18 منحوتة خشبية بأحجام وموضوعات مختلفة.

وعلى هامش المعرض الذي حضره جمع من محبي فن النحت، أجرت "طريق الشعب" لقاء قصيرا مع النحات العامري. فحدثها عن بداياته الفنية، التي كانت في العام 1990.

وقال انه يتخصص في النحت على الخشب، وينفذ أعماله على أصناف عديدة من الأخشاب، منها الصنوبر والجوز والزيتون والبلوط.

والعامري فنان فطري. إذ لم يدرس الفن أكاديميا، لكنه اجتهد في تطوير مهاراته ذاتيا في فن النحت على الخشب الذي يُعد قديما، ويتطلب مهارة حِرَفية وإبداعا – حسب ما يذكره لـ "طريق الشعب"، مشيرا إلى أن الأعمال التي ينجزها، بعضها مجسّم وآخر مسطّح. 

وعن مشاركاته الفنية، قال العامري أنه شارك في أكثر من 12 معرضا في كربلاء وبغداد.

*******************************************

المنصورية تقرأ وتحتضن فعاليات فنية وثقافية

المنصورية – طريق الشعب

احتضن قضاء المنصورية في محافظة ديالى، الاثنين الماضي، مهرجانا ثقافيا منوعا حمل عنوان "المنصورية تقرأ".

المهرجان الذي أقامه "فريق المنصورية 15 الواعي" على حديقة عامة وسط القضاء، حضره جمع كبيرة من العائلات والشباب وممثلي منظمات مدنية ودوائر حكومية.

وتضمن المهرجان معرضا للكتاب المجاني، وبازارات للأعمال اليدوية والمأكولات، فضلا عن معارض رسم وفقرات شعرية وفنية منوعة.

وشارك في المهرجان وفد من اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في ديالى واتحاد الشبيبة الديمقراطي العراقي في المحافظة، ضم كلا من الرفاق طاهر أحمد وحمد الخياط وسالم عباس وعلي عبد الستار، وذلك تلبية لدعوة وجهها المنسق العام للمهرجان أحمد القره غولي.

وعرض الوفد مجموعة كبيرة من الكتب، ووزعها مجانا على الزائرين. كما وزع عليهم منشورات تتضمن بيانات رافضة لتعديل قانون الأحوال الشخصية، إضافة إلى منشورات صادرة عن الشبيبة.