اخر الاخبار

العربي الجديد

تسود الأوساط السياسية في العراق حالة من الترقب بعد تسريبات من جهات حكومية، أبرزها وزارة الخارجية، بشأن عقوبات أميركية مرتقبة، تستهدف أفراداً وجهات مختلفة، بينها شركات مالية واستثمارية ومصارف، وشخصيات سياسية وأخرى فصائلية، بتهم ترتبط بالغالب في ملف التعاون مع إيران وخرق العقوبات المفروضة عليها، إلى جانب ارتكاب انتهاكات حقوقية.

العقوبات الأميركية المرتقبة ورغم أنها ليست الأولى إذ شهدت السنوات السبع الماضية، وتحديدا منذ نهاية عام 2018 حزما متفرقة من العقوبات طاولت بنوكا ومصارف وشركات بالقطاع الخاص وأفرادا بينهم زعماء فصائل وسياسيون، إلا أنها تأتي في وقت حساس مع مشاورات تشكيل الحكومة وتصاعد الانتقادات الأميركية للنظام السياسي العراقي، وضغوط ما بات يُعرف محلياً بـ"فك الارتباط مع إيران"، وملف أسلحة الفصائل وحصرها بيد الدولة.

وبحسب ثلاثة مصادر حكومية وأخرى سياسية عراقية تحدثت لـ"العربي الجديد"، على مدى الأيام الخمسة الماضية، فإن مسؤولين أميركيين أكدوا في زيارات أخيرة للعراق، أن عقوبات ستطاول جهات وأفرادا متورطين بعمليات غسل الأموال وتمويل أنشطة لصالح أطراف إيرانية أو حليفة لإيران بالمنطقة.

وقال مسؤول في الخارجية العراقية لـ"العربي الجديد"، إن القائمة الأميركية المرتقبة "قد تضم أسماء بارزة في فصائل مسلحة، بات لها حضور في البرلمان الجديد الذي أفرزته الانتخابات، مشيراً إلى أن العقوبات ستكون عبر عدة قرارات تصدرها وزارة الخزانة الأميركية، بينها ما سيكون ردا على عمليات قصف حقول الغاز والنفط المتكررة بإقليم كردستان، وأخرى مرتبطة بتمويل وتعامل مع أذرع وواجهات إيرانية". فيما أكد مصدر سياسي آخر أن "المعلومات عن العقوبات المرتقبة تصل من عدة جهات"، متسائلاً: "هل هي ضمن التخويف والضغط الأميركي المتواصل، أم أنها حقيقية وقادمة؟ هذا ما لا يمكن معرفته على وجه الدقة".

وقال عائد الهلالي، وهو سياسي بارز مقرب من رئيس الوزراء العراقي الحالي، لـ"العربي الجديد"، إن "حالة ترقب تُلحظ داخل الوسط السياسي العراقي، بشأن حزمة عقوبات أميركية جديدة تستهدف جهات عراقية سياسية واقتصادية وتجارية بالقطاع الخاص وشخصيات"، مضيفاً أن "واشنطن تتهمهم بالتورط في التعامل مع إيران وخرق العقوبات". وتابع أن المعلومات التي تسربت خلال الأيام الماضية تشير إلى أن الإدارة الأميركية استكملت سلسلة مراجعات تتعلق بملفات مالية وأمنية تخص شخصيات سياسية ورجال أعمال وقادة فصائل، بالإضافة إلى شركات تعمل في مجالات النقل والطاقة والخدمات اللوجستية.

ووفقاً للهلالي فإن "الجانب الأميركي أوضح عبر قنوات غير معلنة أن جزءا من العقوبات يأتي في إطار سياسة جديدة تسعى لإعادة ضبط العلاقة بين بغداد وواشنطن، ووقف ما تعتبره الولايات المتحدة "تغلغلاً متزايداً لنفوذ طهران داخل المؤسسات العراقية". وأضاف أن التسريبات تشير إلى أن الحزمة المرتقبة قد تكون الأوسع منذ سنوات، وأنها ستعلن تدريجيا لضمان عدم إحداث صدمة سياسية أو اقتصادية داخل العراق، مؤكدا أن "الحكومة العراقية تتابع الملف بحساسية عالية، خصوصاً في ظل الخشية من أن تؤدي هذه العقوبات إلى توترات إضافية داخل البيئة السياسية والأمنية، أو إلى تضرر قطاعات اقتصادية مرتبطة بشركات يعتقد أنها مشمولة بالقائمة، كما يجري نقاش داخلي حول إمكان فتح قنوات حوار مباشرة مع واشنطن لتوضيح بعض الملابسات واحتواء أي تداعيات قد تطاول مؤسسات الدولة أو تؤثر على التزامات العراق في ملفات الطاقة والتمويل والتجارة".

وبين المقرب من رئيس الوزراء العراقي الحالي أن "التصعيد الأميركي يأتي في لحظة تعتبرها واشنطن مناسبة للضغط، وسط الانتقادات الموجّهة للعملية السياسية العراقية واتهامات لبعض القوى بتوجيه القرار الوطني بما يخدم مصالح خارجية". وأضاف أن المعطيات تشير إلى أن بغداد تسعى إلى اعتماد سياسة توازن دقيقة تمنع الانزلاق نحو مواجهة مباشرة، وتحافظ على علاقاتها مع واشنطن دون التفريط بشبكة علاقاتها الإقليمية.