اخر الاخبار

وكالات

فجّر تسريب مكالمة هاتفية بين أبرز قادة الاتحاد الأوروبي نقاشًا غير مسبوق حول مستقبل الدور الأمريكي في إدارة الملف الأوكراني. 

الجدل لم يعد مقتصرًا على خلافات في الأسلوب، بل تحول إلى البحث في طريق تعامل أوروبا مع واشنطن باعتبارها "طرفًا غير موثوق" يسعى لفرض تسوية سريعة تتجاهل ثمنها الأمني والسياسي على القارة.

المكالمة التي خرجت للعلن لم تكشف فقط عن تباين المواقف، بل أظهرت قلقًا أوروبيًا متصاعدًا من احتمال أن تقود إدارة ترامب أوكرانيا إلى اتفاق غير محمي، وربما غير عادل.

وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأكثر صراحة، حين تحدث عن احتمال أن "تخون" الولايات المتحدة أوكرانيا عبر إجبار كييف على تنازلات إقليمية لا تحظى بأي مظلة أمنية.

ورغم قوة التحذير الفرنسي، جاءت المفاجأة من برلين، إذ قال المستشار الألماني فريدريش ميرتس بوضوح للرئيس الأوكراني فلودومير زيلينسكي إن الأمريكيين يمارسون "ألعابًا" مع كييف ومع أوروبا. 

وحذر المستشار الألماني من أن الأيام المقبلة قد تحمل ضغوطًا غير مسبوقة على أوكرانيا لقبول خطة سلام أعدتها واشنطن دون التشاور الحقيقي مع شركائها الأوروبيين.

والأخطر، وفق دبلوماسيين شاركوا في المكالمة، أن واشنطن تضغط للوصول إلى اتفاق قبل الانتخابات الأمريكية، فيما تتحمل أوروبا التكلفة الأمنية والاقتصادية لأي تنازل غير محسوب.

في اليوم التالي مباشرة للتسريب، خرج الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي برسالة واضحة، قائلًا: "المهم أن يكون كل شيء عادلاً وشفافًا وألا تُدار أي أعمال من وراء ظهر أوكرانيا"، وهو ما يمثل تعبيرًا غير مباشر عن تجاهله أو ربما رفضه لمحاولات التفاهمات الثنائية بين واشنطن وموسكو بعيدًا عن كييف.

وما بين التحذيرات الأوروبية، والاندفاع الأمريكي نحو سلام بأي ثمن، والتوتر الأوكراني من الوقوع في تسوية مفروضة، يبدو أن الغرب للمرة الأولى منذ بدء الحرب يواجه تصدعًا حقيقيًا داخل جبهته الموحدة.

ويرى خبراء أن التسريب الأخير يعكس انقسامًا أوروبيًا داخليًا حول مستقبل الحرب الأوكرانية، خاصة أن أمريكا تعمل على إدارة الصراع بما يحقق مصالحها العسكرية والسياسية دون السماح بتراجع نفوذها.