نشر الخبير الاقتصادي عماد عبد اللطيف سالم، مؤشرات وبيانات رسمية من الحكومة العراقية لحسابات النصف الأول من العام 2025، تظهر بلوغ العراق أعلى نسبة ديون داخلية في تاريخه، إذ ارتفع الدين العام الداخلي من 70.575 ترليون دينار نهاية عام 2023، إلى 92.200 ترليون نهاية آب 2025 وفقاً للبيانات. وبحسب البيانات فإن إجمالي إيرادات النفط بلغت 45.2 تريليون دينار بينما إجمالي الرواتب المدفوعة هو 44.9 تريليون دينار، ما يعني انخفاض الإيرادات النفطية 43.6% مقارنة بالنصف الأول من العام 2024، فالعراق باع 606 ملايين برميل ودفع كل الإيرادات للرواتب، ولم يتبقى شيئاً لأي نفقات تشغيلية أو استثمارية، وتشير البيانات إلى بلوغ النفقات العامة مع مبالغ الاتفاقية الصينية وجولات التراخيص 69.5 ترليون دينار، ما يعني عجزاً حقيقياً فعلياً. ويؤكد سالم أن قيمة الاستيرادات السنوية للعراق تقدر بـ 70 مليار دولار، لكن “المسجل” منها لدى الهيئة العامة للكمارك لا يزيد عن 19 مليار دولار فقط بفارق “ضائِع” قدره 50 مليار دولار، وفقاً للبيانات الرسمية.
التفاصيل
العراق 2025: مؤشرات وبيانات اقتصادية ومالية رئيسة
في الاقتصاد أيضاً، هناك توقعات متفائلة وتشاؤمية، بل أنّ هناك نظرية اقتصادية تُدعى “نظرية التوقعات الرشيدة” Rational Expectations Theory.
لذا فإنّ هذه “التوقعّات” لا تعكس مواقف سياسية – شخصيّة لأصحابها، بل تستند إلى “الأرقام”. لا اقتصاد بدون “أرقام”.
الاقتصاد ليس “فَزعة” شعبيّة، ولا “دكَّة” عشائريّة، ولا “مشاريع مظهرية”، ولا أوهام “إنجاز” لا قيمة ولا معنى لها على أرض الواقع.
في أدناه مؤشرّات وبيانات “رسمية”، لم نحصل عليها من “قوى معادية” للنظام السياسي في العراق، بل من حكومة العراق ذاتها.. ومع الأسف الشديد فإنها مؤشّرات وبيانات لا تُعزِّز “الأمل”، ولا تبعث على “التفاؤل” بأداء اقتصادي أفضل في هذا البلد، على الأقلّ في المدى المنظور.
واليكم “أهمّها” بالتفصيل:
إجمالي الرواتب المدفوعة (بأنواعها كافّة) للنصف الأوّل من عام 2025، هو 44.946 ترليون دينار، واجمالي إيرادات صادرات النفط الخام هو 45.283 ترليون دينار، بنسبة تغطية بلغت 99.2%.
انخفضت الإيرادات غير النفطية من 7.118 ترليون دينار في النصف الأول من عام 2024، إلى 4.951 ترليون دينار في النصف الأول من عام 2025، أي بمبلغ قدره 2.167 ترليون دينار، وبنسبة انخفاض قدرها 43.6%.. علماً بأنّ الإيرادات غير النفطية المُخطّطة في الموازنة العامة الثلاثية كانت قد قُدِّرت بـ 27 ترليون دينار.
وبذلك انخفضت مساهمة الإيرادات غير النفطية في اجمالي الإيرادات العامة إلى 8% فقط في عام 2025، في حين كانت تساهم بنسبة 11% للمدة ذاتها من عام 2024.. وهذه النسبة بعيدة جداً عن النسبة المُستهدَفة في البرنامج الحكومي، البالغة 20%.
هناك فائض “وهمي” و”مُضلِّل” في حسابات الدولة للنصف الأوّل من عام 2025.
فالنفقات العامة مع السلف تبلغ 58.925 ترليون دينار، والإيرادات العامة تبلغ 62.003 ترليون دينار، والفائض “الوهمي” في هذه الحالة هو 3.078 ترليون دينار.
لماذا هذا الفائض “وهمي” ؟
لأننا بطريقة الاحتساب هذه قد استبعدنا نفقات جولات التراخيص النفطية (7.485 ترليون دينار)، والمبالغ الخاصة بما يُسمّى “الاتّفاقية الصينية” (التي قد تصل إلى 3.132 ترليون دينار).. وبإضافة هذه النفقات إلى مبلغ النفقات العامة المذكور في أعلاه سترتفع النفقات العامة إلى 69.542 ترليون دينار، وسيكون لدينا “عجز” حقيقي- فعلي (وليس فائض وهمي) بمبلغ قدره 7.539 ترليون دينار.
أكثر من 606 مليون برميل من النفط الخام قام العراق باستخراجها من باطن الأرض (في النصف الأول من عام 2025)، وحصل في مقابلها على 40 مليار دولار.. ذهبت كلها لتغطية الرواتب (بأنواعها كافة)، ولم يتبق منها شيء، لا للنفقات التشغيلية الأخرى، ولا للنفقات الاستثمارية بطبيعة الحال.
ارتفع الدين العام الداخلي من 70.575 ترليون دينار في نهاية عام 2023، إلى 92.200 ترليون دينار في نهاية آب 2025 (وهو الأعلى في تاريخ المالية العامة في العراق)..وارتفعت أعباء أقساط خدمة الدين الداخلي نتيجةً لذلك إلى أكثر من 3 ترليون دينار (للفصل الأول من عام 2025).. بينما كان أجمالي أقساط خدمة الدين الداخلي قد بلغ 9.342 ترليون دينار في عام 2024.
قيمة الاستيرادات السنوية للعراق تُقدّر بـ 70 مليار دولار.. ولكنّ “المُسجَّل” منها لدى الهيئة العامة للكَمارك لا يزيد عن 19 مليار دولار فقط.. أي بفارق “ضائِع” قدره 50 مليار دولار.
العراق الذي شهد (في الشهرين الأخيرين بالذات) تأخيراً في دفع رواتب المتقاعدين في مواعيدها المحددة.. هذا العراق ذاته هو من يستورِد ذَهَباً بقيمة 13 مليار دولار في عام 2024، من دولة واحدة فقط، هي الإمارات العربية المتحدة!
هذه البيانات والأرقام والمؤشّرات لا يعكسُ عرضها للعراقيّين “موقفا مُعادياً” للدولة أو للحكومة أو للنظام السياسي في العراق.. ولا تهدف إلى إثارة “البلبلة” بين الناس و”تخويفهم” في مرحلة حسّاسة وحِرِجة، كهذه المرحلة التي يمُرُّ بها العراق الآن.
هذا “عرضٌ” يهدفُ إلى الحثّ على المراجعة والمُكاشَفة (على جميع المستويات) من أجل ايجادِ “نمط إدارة بديل”، لنمط الادارة السيّء والفاشل للموارد الاقتصادية (المادية والبشرية)، المعمول به حاليّاً في العراق.
مصدر البيانات الرئيس:
وزارة المالية، حسابات الدولة للنصف الأول من عام 2025.