اخر الاخبار

تواجه بساتين النخيل في العراق تهديدًا كبيرًا من حشرة سوسة النخيل الحمراء، والتي تعد من أخطر الآفات التي تصيب النخيل على مستوى العالم، نظرًا لقدرتها على التسلل داخل النخلة والتغذي على قلبها الداخلي، ما يجعلها "عدوًا خفيًا" يصعب اكتشافه مبكرًا. لذلك، وضعت وزارة الزراعة العراقية، ممثلة بدائرة وقاية المزروعات، استراتيجية وطنية لمكافحة هذه الحشرة للسنوات 2023-2025، تعتمد على نظام الإدارة المتكاملة للآفات (IPM)، بالتعاون الوثيق مع المزارعين. تهدف هذه الاستراتيجية إلى الاحتواء والحد من انتشار الإصابة من المناطق الموبوءة إلى المحافظات الخالية أو ذات الإصابة الطفيفة، إلى جانب المكافحة المباشرة للآفة.

أولاً: خط الدفاع الأول – الحجر الزراعي الصارم

يعد الحجر الزراعي حجر الزاوية في الاستراتيجية العراقية، نظرًا لأن نقل الفسائل المصابة يمثل السبب الأول لانتشار السوسة. وتشمل التدابير:

1. حظر النقل: يمنع نقل الفسائل وأجزاء النخيل من المناطق المصابة إلى المناطق السليمة إلا بعد الحصول على شهادة رسمية تثبت خلوها من الإصابة.

2. نقاط التفتيش: تفعيل سيطرات مشتركة بين الجهات الزراعية والأمنية لمصادرة وإتلاف أي شحنات فسائل غير مرخصة، وفرض غرامات وعقوبات قانونية على المخالفين وفق قانون الحجر الزراعي رقم 76 وتعديلاته.

3. الشهادة الصحية: إلزام أصحاب المشاتل بالحصول على شهادة تؤكد خلو الفسائل من الإصابة قبل بيعها.

ثانيًا: الرصد والاكتشاف المبكر – نظام الإنذار

نظرًا لخطر الحشرة الخفية، تعتمد الاستراتيجية على المصائد الفرمونية (Pheromone Traps)، والتي تحتوي على فرمون تجميعي ومادة غذائية لجذب الحشرات البالغة، وتحقق هدفين:

• تقليل أعداد الحشرات في البستان.

• توفير مؤشر حيوي لقياس شدة الإصابة في المنطقة.

إضافة إلى ذلك، يتم الفحص البصري الدوري، حيث يُدرب المزارعون على ملاحظة العلامات المبكرة للإصابة، مثل سيلان العصارة البنية، تساقط نشارة الخشب، أو موت سعف القلب.

ثالثًا: المكافحة العلاجية والميكانيكية داخل البستان

عند اكتشاف الإصابة، يتم اتباع البروتوكولات التالية:

1. الحقن (Injection): يتم حقن المبيدات الجهازية أو الغازية مثل فوسفيد الألمنيوم بحذر داخل الجذع، للوصول إلى اليرقات العميقة التي لا تصل إليها المبيدات السطحية.

2. التكريب والعلاج الموضعي: إزالة الأنسجة التالفة، ثم تغطية المنطقة بالمبيد والطين أو الأسمنت لمنع وضع البيوض الجديدة.

3. الإزالة والحرق (Sanitation): في حال الإصابة الشديدة التي تصل إلى قلب النخلة، يتم قطع النخلة وتقطيعها ورشها بالمبيد ثم حرقها أو دفنها بعمق لمنع انتشار الحشرات.

رابعًا: العمليات الزراعية الوقائية – النظافة البستانية

تقع هذه المسؤولية على عاتق المزارع، وتشمل:

1. تجنب الجروح: لا يُنصح بقص السعف أو التكريب في مواسم نشاط السوسة (الربيع والخريف)، ويفضل إجراؤه في الشتاء البارد.

2. التعفير: رش أو تعفير أماكن قص السعف والفسائل بالمبيدات أو الكبريت لإغلاق أبواب الدخول أمام الحشرة.

3. التحكم في الري: تجنب الغمر الزائد حول الجذع الذي يزيد الرطوبة ويخلق بيئة مناسبة للسوسة. 

خامسًا: التوعية والإرشاد

تقوم وزارة الزراعة بحملات إرشادية مكثفة، لتعليم المزارعين كيفية اكتشاف الإصابة مبكرًا، وتوزيع نشرات تعريفية بصور السوسة وأطوارها المختلفة: البيضة، اليرقة، الشرنقة، والحشرة الكاملة.

تؤكد الاستراتيجية الوطنية أن التعاون بين الوزارة والمزارعين، مع الالتزام بالإجراءات الوقائية والعلاجية، هو السبيل الأمثل للحد من انتشار حشرة سوسة النخيل الحمراء وحماية بساتين النخيل في العراق.

ــــــــــــــــــــــــــــــ

*مهندس زراعي استشاري، وقاية مزروعات