قانون ينذر بالويل
نشر موقع مركز ويلسن مقالاً لكيفين ميرتاخان حول محاولات القوى المتنفذة تعديل قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959، والذي أثار جدلاً كبيراً في المجتمع، جراء القلق الذي سببه إزاء مستقبل حقوق المرأة في العراق، والخوف من فقدانها ما أنجزته في هذا الصدد طيلة اجيال، إضافة إلى مشاعر الغضب وعدم التصديق التي سرت جراء ما ينطوي عليه هذا التعديل من سلب طفولة الفتيات وتجريدهن من تعليمهن وأحلامهن.
تراجع خطير
وذكر المقال بأن قانون الأحوال الشخصية الحالي والذي صدر في عام 1959، كان موضع ترحاب الأغلبية الساحقة باعتباره أحد أكثر القوانين تقدماً في المنطقة. وعلى الرغم من أنه لم يكن مثالياً، فأنه حدد سناً مناسباً للزواج ووفر الحماية للنساء في حالات الطلاق وحضانة الأطفال، فيما سيؤدي تمرير القانون الجديد، إلى تخفيض سن الزواج إلى تسع سنوات وحرمان الأمهات من حضانة الأطفال إذا تزوجن مرة أخرى، بغض النظر عن الظروف، وتشريع الزيجات التي تُعقد خارج النظام القضائي، والتي غالبًا ما تمرر دون تسجيل، مما يترك النساء عرضة للخطر دون حماية قانونية.
وأكد المقال على أن قلق النساء والفتيات العراقيات من هذه التغييرات المراد تمريرها في البرلمان العراقي يأتي من شعورهن من أن تفسيرات الأفراد للنصوص الدينية، وليست مباديء العدالة والمساواة، هي من سيتحكم بحياتهن في المستقبل، كما في إضفاء الشرعية على الزواج خارج المحكمة وخفض سن الزواج وإضفاء الطابع المؤسسي على زواج الأطفال وغياب العدالة في حالة انتهاك حقوق المرأة وحرمان الفتيات المتزوجات قبل بلوغ سن الرشد من الوصول إلى التعليم والرعاية الصحية وحقوق الإنسان الأساسية.
زواج الأطفال
وأشارت الكاتبة إلى أن الاقتراح الحالي سيزيد الأمر سوءاً، حيث يشرعن زواج الأطفال ويمحو أي أمل في حماية هؤلاء الفتيات المستضعفات، خاصة وأن العراق هو بلد يتزوج 28 في المائة من الفتيات فيه قبل بلوغهن الثامنة عشرة وفق إحصائيات منظمة اليونيسيف. وتنذر التعديلات المقترحة بحرمان الفتيات العراقيات من حقهن في أن يتمتعن بطفولة خالية من عبء المسؤوليات وبفرصة متابعة أحلامهن وبحماية قانونية مهابة ويضع مصيرهن في أيدي الآخرين، ويعزز نظاماً يتم فيه إسكات أصواتهن، ويرهن حياتهن بعادات وأعراف قديمة.
وأكدت الكاتبة على أن التعديلات تشكل قلقاً شديداً للمنظمات والأفراد الملتزمين بالدفاع عن الحقوق الإنسانية للمرأة لأنهم يتوقعون أن تؤدي إلى إعاقة عملهم، الذي يهدف للتوعية والتدريب وتزويد النساء، وخاصة الصغيرات، بالأدوات والمعرفة للتغلب على التحديات التي يواجهنها، والتأثير على القرارات، وبناء الأعمال التجارية، وفهم حقوقهن، وتحسين صحتهن. إن كل هذا التقدم يمكن أن يخرج عن مساره إذا تم تمرير هذا التعديل.
انتهاكات صارخة
وذكر المقال بأن التعديلات لا تمثل انتهاكاً واسعاً لحقوق النساء فحسب بل وعودة إلى مرحلة كانت فيها حقوق المرأة ثانوية بالنسبة للرجل، وكانت قيمتها تقاس بحالتها الزوجية بدلاً من مساهماتها في المجتمع. كما ترسل رسالة إلى الفتيات الصغيرات مفادها أن مستقبلهن ليس ملكهن ولا يتم تقييمهن على أساس ذكائهن أو مواهبهن أو إمكاناتهن، ولكن لقدرتهن على الوفاء بالأدوار التقليدية، مما سيحدث تأثيراً مؤلماً طويل الأمد في المجتمع ويحرمه من دور النساء كقائدات وصانعات قرار ومسؤولات.
وعبرت الكاتبة عن إعجابها بالاحتجاجات الواسعة التي قامت بها العراقيات لإحباط مشروع التعديلات وأكدت على ضرورة مواصلتها والعمل بقوة وبإرادة موحدة لمنع تمرير التعديلات، مطالبة المجتمع الدولي بالوقوف مع النساء العراقيات في هذه المعركة، لمنع وقوع مأساة لكل امرأة وفتاة عراقية تحلم بمستقبل تكون فيه حرة في اتخاذ خياراتها والمساهمة في تنمية مجتمعها فجميع بنات العراق يستحقن الأفضل، على أمل أن يتمّكنّ معاً من ضمان تحول ذلك إلى حقيقة واقعة.