اخر الاخبار

في ظل التحسن النسبي في الأوضاع الأمنية، تتزايد التساؤلات حول استمرار وجود الشركات الأمنية الخاصة في العراق، ودورها المشبوه الذي يتجاوز أحيانًا حدود تقديم الحماية إلى الانخراط في أنشطة غير قانونية أو مشبوهة.

على الرغم من أن هذه الشركات نشأت في فترة غياب الأمن عقب الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 لتلبية الحاجة الملحة للحماية الخاصة، إلا أن المبررات لبقائها تلاشت مع عودة الاستقرار الأمني، وقدرة الأجهزة الأمنية على توفير الحماية اللازمة للمواطنين ومؤسسات الدولة.

ونظرا لما تملكه هذه الشركات من سجل حافل بالانتهاكات في العراق او  العديد من دول العالم، تثار المخاوف من خطرها وادوارها المشبوهة.

حصانة دبلوماسية

وبالنسبة لأعداد هذه الشركات العاملة في العراق، لا توجد ارقام معلنة دقيقة او حتى تقريبية عن أعدادها. فيما اكد عضو لجنة الامن والدفاع البرلمانية محمد مهدي امرلي عدم امتلاك لجنته إحصائية دقيقة عنها، مشيرا إلى أن هناك شركات عديدة في بغداد وأخرى في جنوب العراق وغربه: بعضها يحظى بالحصانة الدبلوماسية.

فيما قال الخبير الامني عدنان الكناني: ان "الشركات الامنية الخاصة تحمي بعض المصالح الاجنبية والسفارات بضمنها السفارة الامريكية. كذلك بعض الشخصيات والمؤسسات الدولية العاملة في العراق، تحت غطاء شركات تعمل لإسناد الجيش او التعاون معه".

وأضاف قائلاً لـ"طريق الشعب"، أن "هذه الشركات هي في الحقيقة جهات مخابراتية دولية وعناصرها مدربون بمستوى عال جدا"، مبيناً انه "على الرغم من تأسيس مديرية حماية المنشآت والشخصيات في وزارة الداخلية عام 2006-2007 لكن بقيت هذه الشركات تعمل وتجني أرباحاً خيالية، وربما يصل الأمر الى ابتزازها جهات حكومية والقيام بأدوار قذرة في بعض الأحيان من أجل تحقيق مصالحها".

ولفت العميد المتقاعد الى أن هذه الشركات "تلعب دوراً في إثارة النزاعات في الدول وتغيير الحكومات ودعم الانقلابات، او إسناد حكومات حسب سياسة الدولة الراعية للشركة. كما انه تحت هذا الغطاء (شركة أمنية) اسست شركات عراقية، وهي جهات عسكرية لبعض الأحزاب المتنفذة".

وبيّن أن "بعض الشركات الدولية أسست وبنيت على هذا الاساس، لان تلعب دورا استخباراتيا مخابراتيا عبثيا. وفي بعض الاحيان يقومون بإثارة بعض المشاكل، وينظمون عمليات خطف واغتيال وجمع معلومات وتجسس".

وعد الكناني السماح لهذه الشركات بالعمل داخل العراق من قبل الحكومة العراقية هو "خطأ كبير"، مضيفا "لدينا دائرة حماية المنشآت والشخصيات وهي معنية بهذا الشأن، ولو افترضنا جدلاً ان بعض الشركات العالمية ترغب في تأمين الحماية اكثر، فمن الممكن ان تتعاقد مع هذه المديرية وتؤمن الحماية بواسطة منتسبي هذه المديرية لتلك الشركات".

ما أهميتها للولايات المتحدة؟

وفي مقال سابق نشرته الرابطة الدولية للخبراء والمحللين السياسيين، ذكر كاتبه أن الحكومات الأمريكية المتعاقبة لديها رغبة قوية في التواجد النشط لهذه الشركات في العراق، إذ تشمل شركات الأمن أشخاصاً يقدمون خدمات احترافية، أي أنهم يدربون الجنود حيث يصبحون أشخاصا عسكريين معروفين فيما بعد في العالم.

ويشير المقال الى ان "هذه الشركات تقدم مجموعة واسعة من الخدمات، بما في ذلك الدعم الدبلوماسي، والعمليات التجارية، والأنشطة العسكرية والاستخباراتية، والمرافق الأمنية، وتقديم المشورة لقوات الأمن، وما شابه ذلك. كما تولت الشركات الأمنية الأمريكية مسؤولية حماية ومرافقة كبار الضباط العسكريين الأمریكيين، ونفذت العديد من المهام على مختلف المستويات في العراق".

ويلخص المقال اهتمام حكومة الولايات المتحدة باستخدام شركات الأمن في أربع قضايا مهمة كان اهمها هو ان: تأسيسها لا يتطلب أخذ موافقة الكونغرس، اضافة لارتباطها بعلاقات قوية مع الجهاز السياسي، كما انها الخيار الافضل لإرسال  العسكريين الرسميين.

تشديد ورقابة

الى ذلك، قال الخبير الأمني فاضل ابو رغيف انه "في الآونة الاخيرة، جرى التشديد من قبل وزارة الداخلية على منح الاجازات لعمل هذه الشركات"، مبيناً انه "حين تمنح اي شركة اهلية خاصة اجازة ممارسة عمل الحماية الامنية، فأنها تمر بأشواط من بينها المعلومة الاستخبارية والمعلومة الامنية وسلامة الموقف والسلامة الامنية والتدقيق". واضاف ان "الاجازة لا تمنح للعمل الا بعد شروط متعددة وقيود كبيرة، فالتشدد اصبح مضاعفاً، لغرض فلترة وتنقية عديد الشركات التي تتقدم بطلب موافقات على عملها داخل العراق"، مشيراً الى ان "بعض الشركات مثل بلاك ووتر وغيرها عفى عليها الزمن، والوضع بعد العام 2014 قد تغير برمته".

وأوضح بالقول ان "مبرر تواجد هذه الشركات هو ان تكون عناصر داعمة، لتخفيف الثقل والحمل عن الاجهزة الامنية، وهناك  بنوك ومصارف وشركات، ترغب في ان تؤمن وجودها ورعاياها وبيوتها في العراق بواسطة هذه الشركات"، مضيفاً ان "عملها يحظى برقابة مشددة، من قبل الاجهزة الاستخبارية والامنية لا سيما من قبل وزارة الداخلية".