اخر الاخبار

تحدّث الرفيق رائد فهمي، سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي الى شبكة رووداو الإخبارية، أول من أمس الثلاثاء (22 تشرين الأول 2024) عن الانتخابات الأخيرة لمجلس نواب إقليم كردستان، والتي بلغت نسبة المشاركة فيها 72 في المائة وهو ما يعد مؤشراً مهماً قياساً إلى الانتخابات على مستوى العراق.

وفي حديثه نبّه الرفيق فهمي إلى أنه “في بدايات الحملة الانتخابية ربما طغت عليها خطابات فيها شعبوية وتبادل الاتهامات، على القضايا الرئيسية التي يواجهها شعب إقليم كردستان، ولم تتم مناقشتها خاصة من قبل الأطراف الرئيسية”.

وقال فهمي في حديثه، إنّ “اللوحة السياسية التي فرزتها هذه الانتخابات هي ظهور قوى سياسية جديدة يمكن أن تُحسب على المعارضة، مثل (الجيل الجديد) وقوى أخرى صار لها حضور سياسي، وبالتالي أصبح التنوع في إبداء الرأي أكثر حضوراً من السابق”.

وأكد أهمية وضرورة العمل على إجراء انتخابات عاجلة ومنظمة، وكلما تحقق ذلك “تتمكن الآراء المختلفة في المجتمع من أن تجد تمثيلها، ومن يعبر عنها على صعيد البرلمان”.

وواصل حديثه: “هذا على المستوى الكمي أو التنوع. أما على مستوى الجوهر ـ وأعني على مستوى السياسات الأكثر ظهوراً وبروزاً وهذا الموضوع الأكثر أهمية ـ فهل هذه القوى ستهتم بمعالجة مشاكل إقليم كردستان؟ أنا غير متأكد من هذا الموضوع لأن الطروحات والحملات الانتخابية كانت ذات هدف سياسي مباشر. بمعنى انها اهتمت بفضح الآخر والسعي للتقدم على حساب الآخر أكثر مما هو تقديم أفكار جوهرية في ما يتعلق باقتصاد كردستان ومعالجة المشاكل المهمة مثل إظهار الموقف الموحد في إقليم كردستان، واستقرار الإقليم أمام المؤثرات الخارجية، خصوصاً أن هناك نسبة كبيرة من البطالة بين الشباب، أدت إلى حدوث الهجرة إلى الخارج، وتفاوت كبير بالثروات، إضافة إلى حدوث استقطاب داخل الإقليم بين الحزبين الرئيسيين”.

ولاحظ الرفيق أن “القضايا الجوهرية لم تأخذ حقها الكامل في البرامج والطروحات الانتخابية، وبالتالي نحن الآن إذا نفكر بالحكومة الجديدة فلا بد أنه سيصار إلى معالجتها، وستظهر تحالفات تفضي إلى سياسات ومعالجات أكثر عمقاً، وتستخلص الدروس من تجارب السنوات الماضية ومعالجة هشاشة الوضع الاقتصادي الكردستاني، وتعرضه للضغوطات الخارجية واستكمال مقومات تماسك وضعه”، معرباً عن اعتقاده بأنه “كان يُفترض أن تكون هذه القضايا الكبيرة محور البرامج الانتخابية والنقاش، خاصة وأن إقليم كردستان كان متقدماً على صعيد الطروحات المدنية والحريات والموقف من المرأة. يعني هناك جملة من القضايا التي نتمنى أن تُكرس لصالح المواطن”.

وقال “لاحظنا أن حصة الأصوات للقوى الرئيسية، الحزبين الرئيسيين: الديمقراطي والاتحاد الوطني الكردستانيين قد انخفضت مقابل ارتفاع نسبة أصوات قوى المعارضة، وهذا عكس المزاج العام المتوقع في إقليم كردستان، وعلينا أن نحسب حساب العوامل التي لعبت دورها، منها النفوذ السياسي وهذا سيبقى عاملاً مؤثراً”.

وأضاف، أن “اللهجة بين الحزبين الرئيسيين، البارتي واليكيتي، كانت حادة جداً، وإذا بقي هذا الوضع فهذا يعني أن على الديمقراطي أن يبحث عن قوى أخرى للتحالف معها، بدلاً من الاتحاد الوطني، وهذا يعني أن عملية تشكيل الحكومة ستأخذ وقتاً طويلاً وهذا سيفرض وضعاً جديداً في الإقليم وهو تشكيل حكومة بعيداً عن التحالف التقليدي بين البارتي واليكيتي”.

وبين رائد فهمي، أنه “إذا حدث ذلك فسوف تبرز مخاطر أخرى توسع الفجوة بين السليمانية وأربيل. ونخشى أن تتعمق، وبالتالي سيقود ذلك إلى تصدع أو تهشيم وحدة إدارة الإقليم. أما إذا ابتعدوا عن اللهجة الانتخابية الحادة والخطاب الذي تقتضيه المنافسة وتعاملوا وفق نظرة استراتيجية للحفاظ على مصلحة إقليم كردستان ـ هذا إذا كانوا يريدون تعزيز وحدة الإقليم وموقعه ـ فالمفروض أن يفكروا جيداً بهذا الموضوع”.

وأضاف، “أما إذا كرسوا هذا الانقسام وابتعد الاتحاد الوطني عن تشكيلة الحكومة، فعليهم أن يفكروا كيف ستكون التداعيات وموقف اليكيتي وموقف الإقليم من الحكومة الاتحادية؟ وهل سيكون هناك موقف موحد أم مختلف؟ فهذا يضعف موقف الإقليم عراقياً وإقليمياً وحتى دولياً. وهذا لا يشكل انقساما قويا إذا بقي في إطاره سياسي، لكنه أحياناً يمتد إلى أبعاد جوهرية تتعلق بالإقليم وعلاقاته عراقياً وخارجياً، وموقف في قضايا ملحة مثل الموازنة والرواتب”.

ولفت إلى أنّ “الموقف لا ينحصر بالحصول على 51 في المائة من الأصوات، بل بالموقف الاستراتيجي للإقليم، وستكون حلقة جديدة ضمن مسار ظهور فاعلين جدد، واتساع الشُقّة بين الحزبين قد تتخذ منحىً أكثر حدة، وهذه ستنعكس على مستوى إدارة إقليم كردستان، وسيفرض تحديات جديدة أمام الإقليم”.

وتوقع بأن “القيادات الرئيسية ستبقى هي الفاعلة في صناعة القرار في إقليم كردستان، لكن بالنسبة للفروع والوزراء فسيكون هناك تغيير بالتأكيد”.

مقارنة بين انتخابات إقليم كردستان بدورتها السادسة والانتخابات التشريعية العراقية، رأى الرفيق فهمي أنه “على مستوى المؤشرات فإن انتخابات إقليم كردستان أفضل من الانتخابات التشريعية العراقية؛ بمعنى أنها أمنت مشاركة أفضل، وهذا ما تؤكده الأرقام الرسمية، ففي الانتخابات التشريعية العراقية عام 2021، شارك 20% من الناخبين على مستوى العراق، بينما في انتخابات إقليم كردستان هناك أكثر من 70% من الناخبين شاركوا فيها”.

وأوضح، أن “المال والنفوذ السياسي والتهديد ووجود المليشيات ما زالت عوامل مخيبة لآمال الناخبين العراقيين ورادعة في الانتخابات التشريعية في العراق، ولا تشجع قطاعًا كبيرًا من الناخبين على المشاركة”.

وأعرب سكرتير اللجنة المركزية للحزب عن أمله بأن “تكون التجربة الانتخابية في إقليم كردستان محفزة للناخب العراقي لأن يخرج من حالة السلبية المطلقة، والمنظم للانتخابات لتطوير آلية العملية الانتخابية”، ملاحظا أن هناك “إرادة لدى أوساط الناخبين وأنهم يتطلعون إلى مشهد سياسي مختلف والمراهنة على التغيير”.