اخر الاخبار

عودة داعش حقيقة أم تهويل مقصود

نشرت صحيفة الواشنطن بوست، المقربة من دوائر البيت الأبيض الأمريكي مقالاً للكاتب ماكس بوت حول خطط الإنسحاب الأمريكي من العراق أشار فيه إلى أن الجماعة الإرهابية (داعش) كانت قد استثمرت اندلاع الحرب الأهلية السورية وانسحاب القوات الأميركية من العراق في عام 2011 لشن هجوم كبير عبر البلدين، سيطرت فيه على حوالي 30 بالمائة من سوريا و40 بالمائة من العراق، ونفذت مجازر وفظائع مروعة ضد المدنيين.

انتصار ولكن!

وبعد أن ذّكر البيان بالنجاحات التي حققتها قوات الجيش العراقي وقوات سوريا الديمقراطية وبمساعدة قوات التحالف الدولي في القتال ضد تنظيم داعش والإنتصارات الحاسمة عليه، أشار إلى أن من الصعب السيطرة على هذه الجماعة الإرهابية، التي تستعيد – حسب تعبير الكاتب – بعضاً من مواقعها ببطء شديد، وتتمدد نسبياً في أفغانستان وأفريقيا، حيث تقدر الأمم المتحدة أعداد مقاتليها ما بين 3000 و5000 مقاتل في سوريا والعراق، وحيث يعّد العام الحالي أسوأ عام منذ هزيمة التنظيم حسب تصريح القائد المشارك لقوات سوريا الديمقراطية لصحيفة وول ستريت جورنال.

كما ينقل الكاتب بوت عن تقرير لمجموعة صوفان الاستشارية الأمنية، قولها بأن تنظيم داعش يعمد إلى الاستفادة من اهتمام الجميع بقضايا أخرى مهمة في المنطقة، مثل غزة وأوكرانيا، لإعادة تجميع صفوفه، ليس فقط في أفغانستان، بل وأيضاً في أجزاء من أفريقيا وسوريا، داعية إلى الانتباه لذلك من قبل دول المنطقة والتحالف الدولي.

الإنسحاب من العراق

وأشار المقال إلى أن بغداد نجحت في إبرام اتفاق مع واشنطن حول سحب القوات الإمريكية من العراق في موعد أقصاه خريف 2026، هذه القوات المتمثلة بحوالي 2500 جندي أمريكي، أغلبهم من الخبراء والمستشارين، والذين يركزون في الغالب على تقديم المشورة والاستخبارات والغطاء الجوي والخدمات اللوجستية وأشكال أخرى من الدعم لقوات الأمن العراقية وقوات سوريا الديمقراطية، لكنهم يشاركون في بعض الأحيان في العمليات القتالية، كما جرى في الأنبار في أواخر أب الماضي.

وأبدى الكاتب مخاوفه من أن يشجع الإنسحاب تعزيزاً لمواقع داعش وأن يكون له تأثيرات سلبية على القدرات العملياتية لقوات سوريا الديمقراطية، التي ترتبط مساعدتها بالدعم اللوجستي للقوة الأميركية الأكبر في العراق، معرباً عن اعتقاده من ضرورة الحذر الشديد، كي لا تتكرر مأساة 2014 في العراق وكي يتوقف التهديد المتزايد الذي يشكله تنظيم الدولة الإسلامية في أفريقيا وأفغانستان، فتحويل الإنتباه لقضايا مختلفة لا يعني بالضرورة أن التهديدات قد اختفت، حسب تعبير كاتب المقال.

لا عودة في المستقبل

وفي الصحيفة نفسها كتب أندريو يونغ مقالاً أشار فيه إلى أن الاتفاق المبدئي حول انسحاب القوات الأميركية من العراق سيتضمن بقاء قوة صغيرة في إقليم كوردستان لعام آخر، تكون من مهامها، ليس فقط مكافحة داعش، بل وايضاً المساهمة في حماية الإقليم. وادعى الكاتب بأن البيت الأبيض ووزارة الدفاع الأميركية رفضتا الإجابة عن سؤال حول تفاصيل هذا الإتفاق، فيما أعرب هو عن تصوره بأن الإنسحاب سيتم من بلد يعاني من نقاط ضعف أمنية ومن استقطابات طائفية وعرقية ومن فساد شامل، وأن الخبراء الذين حاورهم كاتب المقال حول الموضوع أعربوا عن شكوكهم من قيام أي رئيس أميركي قادم بإرسال قوات إلى العراق مرة أخرى في المستقبل، مما يتطلب من بغداد أن تمنع التدخلات الإقليمية في شؤونها الداخلية وتقضي على الفساد وتبني قوات أمنية فاعلة، لتتمكن من الحفاظ على استقرار البلاد.