بغداد – أنقرة: تعاون أم غلبة؟
حول اتفاقيات التعاون الإستراتيجي، التي وقعها العراق مع تركيا مؤخراً، كتب سوات دولغي مقالاً لصحيفة (The Cradle) اعتبر فيه الأمر تحولاً مفاجئاً يأتي بعد خلافات حادة بين الجانبين، كرفض بغداد وجود القوات التركية على أراضيها بشكل ينتهك سيادتها، واعتراضها على سماح تركيا بتصدير نفط إقليم كردستان من موانئها، والتقليص المتزايد لحصة العراق الحيوية من مياه دجلة والفرات.
تغيير المصطلحات والسياسات
وذكر المقال بأن الجارتين اتفقتا على إعادة تعريف الوجود العسكري التركي، بحيث بات يسمى اليوم (مجموعة المستشارين لتدريب القوات العراقية)، فيما ستُسمى القواعد العسكرية التركية بما فيها قاعدة بعشيقة (منشأت التدريب المشترك) التي ستعود ملكيتها لاحقاً لبغداد. ورغم الحذر الذي شاب حديث وزير الخارجية العراقي وهو يذكر ذلك، فقد أُعتبر الأمر تعاونا استراتيجياً وتاريخياً، تنظمه نصوص كتبت بدقة ووضوح، على حد تعبير الموقعين عليها.
ووصف الكاتب ما حدث بالتحول الكبير في علاقات البلدين، والذي يأتي بعد تضاؤل دور داعش الإرهابي وتقدم الحلول لاستعادة الدولة السورية لمكانتها وتزايد مشاريع النقل واتفاقيات التعاون التجاري بين دول من داخل وخارج المنطقة، يستبعد بعضها العراق وتركيا، بل ويمكن أن يشكل خطراً جدياً على مشروع طريق التنمية الذي يتبناه البلدان، في إطار حماية مصالحهما وضمان استمرار أهميتهما في التجارة الإقليمية.
منافع تركيا
وحسب المقال فإن هذا التعاون سيخدم أنقرة في العديد من القضايا منها إفشال مساعي إبعادها عن مشاريع طرق التجارة الدولية والإقليمية، وكذلك إطلاق يدها في كردستان العراق للقضاء أو تقليص نفوذ معارضيها الكرد وخاصة حزب العمال، والسماح لقواتها بالبقاء في العراق بموجب تفويض جديد وقانوني، وتواجدها في بغداد بمركز مشترك للأمن والتنسيق العسكري والمخابراتي، إضافة إلى أمل تمكين تلك القوات من الحصول على عقود تدريب وتسليح العراقيين أو أن تحل محل المستشارين والقوات الأمريكية، إذا ما نجحت مساعي إخراجهم من البلاد.
منافع العراق
وأعرب الكاتب عن اعتقاده بأن العراق سيستفيد أيضاً من التعاون في تعزيز قواته الأمنية ودعم اقتصاده من خلال زيادة التجارة والاستثمار، خاصة في مشروع طريق التنمية، الذي ربما يحسن من البنية الأساسية ويخلق المزيد من فرص العمل ويؤمن الاتصال البري المباشر مع أوروبا، ولكن دون أن يتمكن من حل مشاكله الأخرى مع جارته.
تحديات سيادية
وكتب كل من نجاة تومزوك لموقع (اوراسيا ريفيو) ودانا طالب لموقع (نيو اراب) مقالات حول الموضوع، اتفقا فيه على أنه ورغم ما تروج له حكومتا البلدين للاتفاقية باعتبارها خطوة تاريخية نحو تحسين العلاقات الثنائية، فإن المخاوف تبقى قوية من زيادة النفوذ التركي في المنطقة، بما فيها الخشية من ضم بعض الأراضي التي لم تنفك الجارة الشمالية للعراق من الحنين اليها.
كما تطرقت المقالات إلى السؤال المركزي عما إذا كانت تركيا تخطط لسحب قواتها من الأراضي العراقية، لاسيما وإن مذكرة التفاهم، على الرغم من اتساعها، لا تلزم صراحة بانسحاب القوات التركية، الأمر الذي يثير قلق الناس، ممن يرون في التواجد التركي احتلالاً وانتهاكاً لسيادة البلاد، لاسيما بعد ما نفت أنقرة وجود بنود في الإتفاقيات تنص على هذا الانسحاب.
قتل صحفيتين كرديتين
وكمثال على أول خرق بعد الأتفاقيات، نشر موقع MEE تقريراً للكاتب اليكس ماكدولاند عن قيام طائرة مسيرة تركية بقتل صحفيتين كرديتين، جولستان تارا وهيرو بهاء الدين، أثناء عدوانها على السليمانية. وأضاف التقرير بأن الضحيتين تعملان في شركة تشاتر الإعلامية وفي قناة ستيرك الناطقة بالكردية والتي تبث من النرويج منذ 2009، مشيراً إلى أن مصدراً أمنياً عراقياً قد ألقى باللوم على تركيا التي نفت تورطها بالأمر.
كما نقل التقرير أخبار التظاهرات التي خرجت في السليمانية وبيانات الإدانة التي اصدرتها منظمة حقوق الإنسان في تركيا واتحاد العاملين في الصحافة ومنظمة مراسلون بلا حدود، للجريمة ودعوتهم إلى المساءلة والتحقيق المستقل حولها.