لا لقانون يهين العراقيين
نشرت صحيفة (ذي ناشينول) الناطقة بالإنكليزية مقالاً للكاتبة مينا الدروبي، تحدثت فيه عن الصراع الذي يشهده مجتمعنا العراقي حول محاولات بعض القوى المتنفذة تشريع قانون جديد للأحوال الشخصية، والذي قد يقنون زواج الأطفال ويعيد تنظيم مسائل الأحوال الشخصية على أساس الفقه السني والشيعي، مما يثير الخشية من تأجيج الطائفية في البلاد وتمكين رجال الدين من المحاكم المدنية.
أنانية نيابية
وفي الوقت الذي رفضت فيه أغلبية كبيرة مشروع القانون واعتبرته خطوة مهينة لكل من الرجال والنساء العراقيين على حد سواء، ذكر المقال بأن الرافضين يتهمون بعض النواب المؤيدين لمشروع القانون بالعمل انطلاقا من «مصالحهم السياسية»، لاسيما وقد تم الكشف في وسائل التواصل الاجتماعي من خلال السياسيين، عن حدوث مساومات سياسية داخل البرلمان، لمقايضة التصويت على مشروع القانون بالتصويت على قانون العفو العام.
القانون الأفضل في المنطقة
وذكر المقال بأن قانون الأحوال الشخصية في العراق، والذي يراد تعديله، يعتبر القانون الأكثر حماية لحقوق المرأة في الشرق الأوسط، منذ أن وضع في عام 1959 من قبل متخصصين ومحامين، واعتمد على جميع المذاهب الإسلامية، حيث ينص القانون على أن السن القانوني للزواج لكل من الرجال والنساء هو 18 عاماً، ويفرض قيوداً شديدة على الزواج من امرأة ثانية ويسمح للرجل المسلم أن يتزوج من امرأة غير مسلمة دون شروط أو قيود، ويمّكن المرأة من رفض زوجها إذا أضر بها من خلال عدم توفير السكن اللائق أو الرعاية إذا مرضت.
التعديلات المجحفة
وأشار المقال إلى أن مشروع القانون المراد اقراره، بدون التشاور مع الخبراء والمنظمات للوصول إلى تعديل مقبول وغير متحيز يأخذ في الاعتبار حقوق الأطفال والنساء، يمنح رجال الدين الحق في إبرام الزواج والطلاق خارج المحاكم، ويسمح بتزويج الفتيات في سن التاسعة والصبيان في سن الخامسة عشرة، وغير ذلك من الفقرات التي ستمثل انتهاكاً لحقوق الانسان ولالتزامات العراق الدولية، وخاصة ما ورد في اتفاقية حقوق الطفل.
معارضة شعبية ونيابية
وإلى جانب الحراك الشعبي الكبير الذي تقوده مجموعة من النشطاء ومنظمات المجتمع المدني والنخب العلمية والثقافية، ركزت الكاتبة على تحالف نيابي في مجلس النواب، بدأ تحركاً واسعاً مستنداً إلى ملاحظات قانونية ودينية ومهنية واجتماعية، وينبع من حرص صادق على حماية الأسرة العراقية. ونقلت عن السيدة ربا الحسني، عالمة الاجتماع القانوني في جامعة لانكستر، قولها إن تشكيل مثل هذا التحالف يهدف للدفاع عن حقوق المرأة والطفل من التعديلات التي ستغير في حضانة الأطفال لصالح الآباء وستُحرم المرأة من بعض المواريث، مما سيعرض الأجيال القادمة للخطر ويعّمق الطائفية في المجتمع في وقت سئم فيه العراقيون من ذلك.
تقنين الانقسام الطائفي
ولموقع «ميدل إيست آي» البريطاني، كتب اليكس ماكدولاند مقالاً حول الموضوع أشار فيه إلى أن مشروع القانون سيرسخ الطائفية في العلاقات الأسرية، ويمنح رجال الدين المزيد من السلطة في الأمور العائلية، ويفتح الباب أمام تشريع الزواج للأطفال الذين لا تتجاوز أعمارهم تسع سنوات، ويعيد حسم الخلافات بين الزوجين إلى ما يحدده الفقه الخاص بمذهب الزوج، وسيشرع الاغتصاب الزوجي ويفرض طاعة عمياء للزوج.
فاسدون يدعون القدسية
وأكد المقال على أن هناك محاولات من أصحاب مشروع القانون لإضفاء قدسية على خطوتهم وشيطنة معارضيهم وتكفيرهم، لأنهم «يقفون في معارضتهم للمشروع ضد شريعة الله»، في مسعى واضح لإسكات هؤلاء المعارضين وحتى ارعابهم. كما نقل الكاتب عن هؤلاء المعارضين قولهم بأن اصحاب مشروع القرار يسعون لإثارة أكبر ضجة في المجتمع كي يغطون بها على صفقات الفساد الهائلة، والتي جعلت العراق، أحد أكثر البلدان فساداً في العالم، وكي يحرموا المرأة العراقية من كل ما حققته من مكتسبات في العصر الحديث، ويحولونها لأداة للمتعة والتكاثر.