رغم انتهاء الموجة المطرية، لا تزال العديد من مناطق العاصمة بغداد تعاني من غرق شوارعها بالمياه نتيجة الفيضانات التي خلفتها الأمطار الأخيرة؛ فقد تجاوزت كميات المياه الهاطلة قدرة شبكة تصريف مياه الأمطار والصرف الصحي، ما أدى إلى طفح المياه في عدة مناطق، الأمر الذي أثار سخط المواطنين.
وعلى الرغم من الحديث المتكرر عن جهود الجهات المختصة في تصريف مياه الأمطار، لا تزال شوارع العاصمة تعاني من تجمعات كبيرة للمياه، ما أدى الى إغلاق كثير من الطرق في الأحياء السكنية. ولم تعد هذه الظاهرة مقتصرة على المناطق الشعبية فحسب، بل شهدت أحياء راقية مشاهد غرق الشوارع وتكدس المياه.
حكومة الخدمات؟
هذا الواقع يثير التساؤلات حول جدوى شعار “حكومة الخدمات” الذي أطلقته الحكومة الحالية على نفسها، ويعكس التحديات الكبيرة التي تواجهها العاصمة في إدارة أزمة مياه الأمطار وتقديم الخدمات الأساسية للمواطنين.
وبعد انتهاء الموجة المطرية، أكد المتحدث الرسمي باسم أمانة بغداد عدي كاظم، أن كوادر الأمانة تحتاج إلى ساعات قليلة فقط، كي يتم تصريف المياه وعودة الشوارع إلى حالتها الطبيعية بعد انتهاء الأمطار.
وبيّن، أن “الفيضانات التي شهدتها العاصمة هي بسبب الشدة المطرية الكبيرة التي حصلت في وقت قصير”، مضيفا أنه “خلال الليل تساقطت كميات كبيرة جدًا من الأمطار، أدت إلى حدوث طفح في بعض الشوارع في مدينة بغداد، تجاوزت القدرة الاستيعابية لشبكة التصريف”.
وأشار المتحدث إلى، أن “جميع محطات الصرف الصحي عملت بطاقتها القصوى خلال تساقط الأمطار، وتم تشغيل خطوط الطوارئ التي أُنشئت في وقت سابق، والتي تعمل بفاعلية كبيرة أثناء هطول الأمطار”.
ورغم حديث امانة بغداد، إلا ان مناطق عديدة في بغداد ما تزال تغمرها المياه في مشهد يتكرر سنويا مع بدء موسم الأمطار، حيث تجد بغداد نفسها غير قادرة على مواجهة غزارة الأمطار، ما يطرح تساؤلات حول مدى كفاءة البنية التحتية وضرورة تطويرها للتكيّف مع الظروف الجوية المتغيرة.
حلول ترقيعية
وفي هذا السياق، أكد عضو لجنة الخدمات النيابية، محما خليل، أن ما تقوم به الجهات التنفيذية حاليًا، من أمانة العاصمة ومحافظة بغداد ووزارة الإعمار، لا يتعدى كونه “جهودا ترقيعية” لمحاولة حل أزمة غرق الشوارع،
وأضاف قائلًا: “أصبح من المعتاد، بعد كل موجة أمطار، أن نشاهد مناظر غرق المدن والأحياء في العاصمة بغداد، حيث تتحول الشوارع إلى مستنقعات مياه بفعل تقادم شبكات التصريف، وعدم وجود مشاريع حديثة لتصريف مياه الأمطار، خصوصًا في الأحياء الجديدة التي تفتقر للبنية التحتية اللازمة”.
وأوضح خليل، أن “التداخلات في العمل بين محافظة بغداد وأمانة العاصمة ووزارة الإعمار تؤدي إلى تعطيل مشاريع حيوية، ما يبرز الحاجة إلى مشروع قانون ينظم عمل أمانة بغداد، ويضع حدا لهذه التداخلات، ويدفع نحو إنجاز مشاريع عمرانية لتطوير البنية التحتية المتدهورة في العاصمة”.
وبيّن خليل، أن “مشهد الغرق لم يعد يقتصر على الأحياء الفقيرة، بل امتد ليشمل حتى المناطق المترفة في بغداد، حيث يلقي الجهاز التنفيذي، المتمثل بمحافظة بغداد وأمانة العاصمة، المسؤولية على الطرف الآخر، ما أسفر عن تقصير في تقديم الخدمات”.
وأكد، أن “الأحياء الحديثة والمتزايدة سكانيًا لم تحظَ بالتخطيط العمراني المطلوب، وبالتالي، فإن هناك حاجة إلى ثورة خدمية وتغيير جذري في إدارة المشاريع”، على حد تعبيره.
وتابع، أن “البنية التحتية في بغداد، والتي لم تشهد أي تحديث أو صيانة منذ فترات طويلة، غير قادرة على استيعاب كميات الأمطار”، لافتًا إلى أن “شوارع العاصمة تحولت إلى مسطحات مائية مع أول زخة مطر هذا الموسم”.
وزاد بالقول أن “انعدام صيانة شبكات الصرف الصحي وشبكات تصريف مياه الأمطار، كان له دور كبير في هذا الغرق الذي شهدته بغداد”، داعيا الحكومة إلى “اتخاذ إجراءات عاجلة وجذرية، بدلا من اللجوء إلى الحلول المؤقتة التي تكرر المشكلة مع كل موسم أمطار جديد”.